الثبـــات وأسبــابه..



- الثبات على الاستقامة والخير والدين بالقول والعمل والاعتقاد ليس بالأمر الهين والسهل؛ ولذلك قال تعالى: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله مايشاء} (إبراهيم: 27). وكان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويقول: «اللهم يامقلب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك».
فمع مدلهمات الفتن يتغير الإنسان، وينحرف عن الطريق، ويترك الأتقياء الأنقياء إلى أهل الفساد؛ فتتصدع أكبادنا حسرة عليه.
ففي الحديث: «فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها» متفق عليه. فمن أسباب الثبات على الحق والهدى والدين والتقى:
- الشعور بالفقر إلى تثبيت الله وحاجتك إليه عز وجل، قال تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا}(الإسرا ء: 74).
- الالتزام بالعبادة الظاهرة والباطنة والرفقة الصالحة، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}(النس اء: 66).
- ترك الذنوب والمعاصي صغيرها وكبيرها؛ لأنها وراء زيغ القلوب، ففي الحديث: «إياكم ومحقرات الذنوب... كقوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه».
- معرفة الحق لتعرف أهله، والالتفاف حول حلقات العلم؛ لتطرد الشبهات فلا تعلق في قلبك، وتبتعد عن الشهوات التي يهتز فيها كيان الفرد ويضعف. {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}(الكهف: 28).
- الدعاء إلى الله عز وجل بأن يثبتك على الحق؛ فكان من دعاء المؤمنين: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}(آل عمران: 8). وأيضا { رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(ا لبقرة: 250).
نصر الله عز وجل بالقول والقلم والموعظة والدفاع عن الدين وتوخي مخططات الأعداء ومكر الخصوم والذب عن حياض الدين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }(محمد: 7).
- الرجوع دوما إلى أهل الحق والعلماء ومعرفة السيرة العطرة وخير القرون؛ لأنهم أوتاد الأرض ومفاتيح للخير ومغاليق للشر.
قال ابن القيم رحمه الله: «وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت بنا الظنون، وضاقت بنا الأرض أتيناه - أي شيخ الإسلام ابن تيمية - فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله عنا وينقلب انشراحا وقوة ويقينا وطمأنينة».
- كثرة الذكر لله تعالى؛ لأن كثرة الذكر لله عز وجل تزيل الغم والهم والجهل ومكر الماكرين من شياطين الإنس والجن بقوله تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرع د: 28).
- الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على أقدار الله عز وجل، قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}( يوسف: 90).
والصبر غير محدد بزمن؛ ولذلك جاء في الحديث: «وما أعطى أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر» رواه البخاري ومسلم.
- التوكل على الله والاعتماد عليه وإحسان الظن به، والرضا بأقدار الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }(الطلاق: 3). أي كافيه.
- الابتعاد عن الإعلام الباطل والإعلام العاطفي والإعلام من أهل البدع والضلال، ولاتغرك الكثرة والغالبية؛ فهي ليست مقياسا للحق؛ لأنهم أعداء ولايظهرون الحقيقة، بل يجعلون الباطل حقا. نسأل الله السلامة والثبات على الدين.



اعداد: د.بسام خضر الشطي