الحمد لله الذي أعزّ بالتقوى أهلها وأعزّ بالإيمان ، وألبسَ الحائدين عنها لباس الذلِّ والهوان ؛ فكرّم أهل التقوى على سائر البشر ، ووعدهم بالنصر والظفر ، وعظيم التوفيق والأجر ..
والصلاة والسلام على رسول ربّه وصفوة خلْقه ، العظيم في خُلُقه ، الكريم في طبعه ، محمد سيد الأنبياء والأتقياء ، وعلى آله وصحبه العظماء ، ومَنْ تبعهم بإحسانٍ إلى دار البقاء ..
أمّا بعدُ :
سرى اليوم ونما في أحشاء الفكر والقلب شعور يقينٍ جازمٍ ، قد عاين عين اليقين ، بل حقُّها ، يُفصِح ويُنبئ ثم يُقرِّر ويُصدِّقُ ما جاء به الصادق عن ربه : أنْ ليس للإنسان البتة عزّة إلا : بالله ، وتحقيق تقواه ..
أيقن الآن استحقاق (التقيّ) للعزّة ، والشرف بين الناس والمعزّة ، آمن وجزم باستحقاقه للخيرية والاصطفاء ، فإنَّ دار (التقوى) غاليةُ السعر ، نادرة الوجود ، لا يلج بابها إلا مَن للجنة ربه اصطفاه ، وإنْ كان السير على رصيف دربها مُضني الجسد مُوجعه ، لكن إذا ما جاءت النهاية ، واستوت الأعضاء راجية العُقبى ، وجدتِ النفسُ ما به الآلام تضمحلُّ وتزول ، في روضٍ قد ظلله نورُ الهداية ، يالله من سعادةٍ وحبور ..!
فأبشر يا مَن حصّلت (التقوى) ! ، وإنْ آثرتها واشتريتها بالدنيا مُجتمعة ..
ربح البيع !! ، ربحَ البيع ..!
أبشر يا مَنْ قد سرت في لاحبِ سبيلها ، وعلوتَ تخطو في رفيع مقامها ، يكفيك أنها غاية العبادات ، وسبب نيل رضا ربّ البريات ، ثم الفوز بأعالي الجنات ..
* وقبل هذا وذاك : قد كفاك الله يا تقيُّ الذلَّ ..
قال الله تعالى : " إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ " ..
وقال : " وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى " ..
والحمد لله ربّ العالمين ..
-------------------------
(*) : انسكبتْ هذه الكلماتُ تدفقًا مِن ثنايا الفؤاد دون تكلّفٍ ، لموقفٍ قد حصلَ معي استشعرتُ فيه معنى فقدان (العزّة) ، ولمَ خصّ الله بها التقيّ دون غيره ـ خصّه بعزّ الدنيا والآخرة ـ ، فرددتِ النفس قائلةً : إنْ كان تجرّع غير التقيّ لذلّ موقف (دنيا) فقط هكذا مرارته ! وإنْ نال كُلّ اللذات مُجتمعة ؛ فكيف بذلّ الآخرة وهوانها ..؟!
ربوع الإسـلام ..