بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد : إلى كل مخلص موحد إلى كل باحث عن الحق مجتهد إلى كل غيورعلى دين الله قطّع قلبه ما يراه من منكرات وموبقات وما يشاهده من كفر وزندقة وانحرافات فاننشد قائلا:قد عرف المنكر واستنكر ... المعروف في أيامنا الصعبة
صار أهل العلم في وهدة ... وصار أهل الجهل في رتبة
فقلت للأبرار أهل التقى ... والدين لما اشتدت الكربة
لا تنكروا أحوالكم قد أتت ... نوبتكم في زمن الغربة
قال الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله :وأعظم خصال التقوى، وآكدها، وأصلها، ورأسها: إفراد الله تعالى بالعبادة، وإفراد رسوله صلى الله عليه وسلم بالمتابعة فلا يدعى مع الله أحد من الخلق، كائنا من كان، ولا يتبع في الدين غير الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يحكم غير ما جاء به صلى الله عليه وسلم ولا يرد عند التنازع إلا إليه، وهذا هو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
فيفرد الرب سبحانه وتعالى بجميع أنواع العبادة من غاية الحب، وكمال الذل له جل شأنه، وخشيته، ومخافته، ورجائه، والتوكل عليه، والرهبة، والرغبة، والإنابة إليه والخشوع له، إلى غير ذلك من أنواع العبادة الواجب صرفها له، وحده لا شريك له، دون كل من سواه، من الأنبياء والملائكة، والصالحين، وغيرهم.
ويفرد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمتابعة، والتحكيم عند التنازع؛ فمن دعا غير الله، من الأنبياء، والأولياء، والصالحين، فما شهد أن لا إله إلا الله، شاء أم أبى؛ ومن أطاع غير الرسول صلى الله عليه وسلم واتبعه في خلاف ما جاء به الرسول، عالما، وحكّم القوانين الوضعية، أو حكم بها، فما شهد أن محمدا رسول الله، شاء أم أبى.
بل إما أن يكون كافرا، أو تاركا لواجب شهادة أن محمدا رسول الله، ويتبع هذين الأصلين العظيمين، فعل بقية فرائض الدين وواجباته التي أوجبها الله تعالى في كتابه، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مما هو داخل في واجب التقوى.
ومن أهم خصال التقوى: الصلاة، والجهاد في سبيل الله; والجهاد على مراتب عديدة; من أشهرها وآكدها: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ولا قوام للعباد والبلاد بدونهما; والمعروف: اسم عام يتناول التوحيد، فما دونه من الطاعات. وكذا المنكر، يشمل الشرك فما دونه، من البدع والمعاصي.
ومن أعظم الجرائم: تعاطي المسكرات من الخمور وغيرها. ومن المنكرات: جميع أنواع الميسر، وهو: القمار، كالشطرنج بجميع أنواعه; ومن أنواعه: اللعب بالورق، المسمى "الزنجفة"سواء كان اللعب به على عوض أو لا.
قال تعالي يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [سورة المائدة آية: 90-91] .
والأحاديت في تغليظ تحريم الخمر والميسر، ووجوب الحد في الخمر، وشدة الوعيد فيه معلومة.