من هم العلماء الراسخون ؟ وكيف نعرفهم ؟ والتفريق بينهم وبين من يتشبه بهم وقواعد التعامل معهم


قال الشيخ عبد الرحمن بن معلا اللويحق :
"من هم العلماء ؟
العلماء هم العارفون بشرع الله، المتفقهون في دينه، العاملون بعلمهم على هدى وبصيرة، وهم الذين جعل الله عز وجل عماد الناس عليهم في الفقه والعلم، وأمور الدين والدنيا، فهم أئمة الدين، ثم القيام بواجب الدعوة، ومهمة الإنذار، وهم رأس الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، ورأس جماعة المسلمين التي أمرنا بلزومها، وحذرنا من مفارقتها، وإنما يكون لزومها بلزومهم.

كيف يعرف العلماء؟
معالم عامة يعرف بها العلماء، منها:
- أنهم يعرفون بعلمهم، والعلم المقصود هنا، هو العلم الموروث عن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
- ويعرفون برسوخ أقدامهم في مواطن الشبه، حيث تزيغ الأفهام فلا يسلم إلا من آتاه الله العلم، أو من اتبع أهل العلم.
قلت: والمقصود بمواطن الشبه، المسائل المشكلة سواء كانت علمية أو عملية، وكذلك النوازل والحالات العارضة التي تحل بالأمة.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:"إن الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينه ، ولا قدحت فيه شكاً ، لأنه قد رسخ في العلم فلا تستفزه الشبهات ، بل إذا وردت عليه ردها حرس العلم وجيشه مغلولةً مغلوبة" مفتاح دار السعادة(1/140)
ولا يكون العالم راسخا في العلم حتى "يكون عالما محققا , وعارفا مدققا قد علمه الله ظاهر العلم وباطنه فرسخ قدمه في أسرار الشريعة علما وحالا وعملا" كما قال العلامة ابن سعدي في تفسيره (ص\132) , فتنبه لهذا ولا تدفعك الأهواء لإطلاق أحكام الرسوخ على من لم يكن وصفه على ما تقدم .

- ويعرفون بنسكهم وخشيتهم.
"إنما يخشى الله من عباده العلماء"
- ويعرفون باستعلائهم عن الدنيا وحظوظها.
- ومما يعرف به العالم شهادة مشايخه له بالعلم.
قلت: وهذا أهم المعالم، فقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على أن "العلماء ورثة الأنبياء"، وقد تكفل الله سبحانه بحفظ ميراث نبينا صلى الله عليه وسلم من العلم، فدل ذلك على أن علماء الأمة ما زالوا يتوارثون بينهم هذا الميراث، وبما ان استحقاق ذلك ليس بالنسب، لزم أن تكون هناك قاعدة منضبطة، وما هي إلا شهادة الكبير للصغير، وتوثيق المتقدم للمتأخر. وقد نقل عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال: ".. ليس كل من أحب أن يجلس في مجلس للتحديث والفتيا جلس، حتى يشاور فيه أهل الصلاح والفضل، وأهل الجهة في المسجد، فإن رأوه أهلاً لذلك جلس، وما جلست حتى شهد لي سبعون شيخاً من أهل العلم أني موضع ذلك".
قلت: رحم الله إمام دار الهجرة، فكيف لو رأى أهل زماننا، وفيهم من يتصدر للفتيا، بل يؤسس القواعد، ويضع مناهج وأصولاً، مع أن سبعين شيخاً من أهل العلم يشهدون أنه ليس موضعاً لذلك!؟
- ومما يدل على علم العالم وفضله : دروسه وفتاويه ، ومؤلفاته.
- قال الإمام أبو طاهر السلفي عن الإمام الخطابي:
"وأما أبو سليمان الشارح لكتاب أبي داود ، فإذا وقف منصف على مصنفاته ، واطلع على بديع تصرفاته في مؤلفاته تحقق إمامته وديانته فيما يورده وأمانته ، وكان قد رحل في الحديث وقراءة العلوم ، وطوّف ،، ثم ألّف في فنون من العلم ، وصنف" نقلاً عن الذهبي (سير أعلام النبلاء) : (25/17).
إن العلماء بهذه الصفات وغيرها يعرفهم الناس ، فأيما رجل رأيت المعتبرين في الأمة وجمهورها من أهل الحق قد اعتبره عالماً ورأو له ريادته ، وعلمه فهو عالم.
قال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:
"ومن له في الأمّة لسان صدق عام بحيث يثُني عليه ويُحمد في جماهير أجناس الأمة ، فهؤلاء أئمة الهدى ومصابيح الدجى" الفتاوى (11/43).

التفريق بين العلماء وبين من قد يتشبه بهم:
وهذا مبحث مهم جداً، فإن أكثر تيه وضلال فئات واسعة من الشباب المسلم في هذا العصر، هو بسبب إتباعهم لدعاة، يظنونهم علماء وما هم بعلماء، وقد جعلهم المؤلف في أصناف:
الصنف الأول: القراء. ويقصد بهم فئة من طلبة العلم، أو المثقفين قرؤوا نتفاً من العلم، وهم غير فقهاء بذلك العلم. وهناك بون شاسع بين القارئ للعلوم الشرعية، والفقيه فيها: فالقارئ لديه نتف وجزئيات أمسك بها من خلال قراءته لبعض الكتب، وإطلاعه على أقوال أهل العلم، ولم يشافه العلماء، ولم يزاحمهم بالركب في الحلق، ولذلك فإنه وإن رأيته منطلقاً في موضوع من موضوعات الفقه والشريعة، إلا أنه يُغْلق عليه عندما يسأل في مسألة من مسائل العلم. أما العالم الفقيه فليس كأولئك، بل هو ذو فهمٍ شمولي للإسلام، وإطلاع على مجمل الأحكام الشرعية، فهو لم يقرأ نتفاً، بل درس العلوم الشرعية، دراسة شمولية عامة.
الصنف الثاني: المفكرون الإسلاميون والمثقفون: يقصد بالمفكرين طائفة من المسلمين يفهمون الإسلام فهماً عاماً، ولهم إطلاع على مجمل القضايا التي تعدّ مفرق الطرق بين الإسلام والأديان والمذاهب المعاصرة، مثل: قضية المادية، وفصل الدين عن الدولة، والملكية الفردية، والنظام الاقتصادي بشكل عام، والنظام الاجتماعي، .... قال المؤلف: وهؤلاء ليسوا من علماء الشريعة، وإنما هم (مفكرون) على فرض صحة هذا التعبير، ... كما وجد ـ أيضاً ـ طائفة من المثقفين وهم: فئة من الأخيار الصالحين ذوي تخصصات علمية، .. فهؤلاء وإن حمد لهم تخصصهم في العلوم التجريبية أو الإنسانية، فهم في الاصطلاح الشرعي من جمهور المسلمين وعوامهم، ويجب أن يرجعوا للعلماء في أمور الشريعة، ويكونوا عوناً لهم في شرح واقع تخصصاتهم.
الصنف الثالث: الخطباء والوعاظ: إذ لا يلزم في كون الشخص قاصاً أو واعظاً أو خطيباً أن يكون عالماً، فكم من واعظ يسلب قلوب الناس بحسن حديثه، وليس له من العلم حظ ولا نصيب. والعالم قد يكون عيياً لا يحسن الكلام.
لكن معظم الناس تحكمهم العواطف الآنية، فهم يتسارعون إلى الواعظ والخطيب أكثر من تسارعهم إلى العالم.

ترك المبادرة إلى الاعتراض على العلماء الراسخين
الأصل الذي يردّ إليه الخلاف، ويعرف به الحق من الباطل هو: الكتاب والسنة.
والعصمة ليست لأحدٍ بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فكلّ يؤخذ من قوله ويترك.
ولايعني ذلك أن نبادر إلى تخطئة العلماء وإنما يحسن بطالب العلم أن يتوقف ويسأل فعلى طالب العلم (هذا إن كان طالب علم، ولم يكن عامياً جاهلاً، أو حزبياً موجَّهاً) أن يتهم رأيه عند رأي الأجلَّة من أهل العلم، ولا يبادر بالاعتراض قبل التوثَّق. وليس المراد بترك الاعتراض على العلماء ترك الاعتراض بالكلية، بل المراد ترك الاعتراض في موضع الاحتمال والاجتهاد، (وكذلك في القضايا والنوازل التي تتعلق بالمصالح العامة الأمة)، وترك الاعتراض المقصود لذاته، أو بقصد الوضع منهم وانتقاصهم، وترك المبادرة إلى الاعتراض دون تثبت وتبيّن. أما ترك الاعتراض بالكلية فلا يكون إلا للمعصوم، وقد تقرّر أن العلماء غير معصومين.
قال الإمام الشاطبي –رحمه الله-:
"إن العالم المعلوم بالأمانة والصدق والجاري على سنن أهل الفضل والدين إذا سُئل عن نازلة فأجاب ، أو عرضت له حالة يبعد بمثلها ، أو لاتقع من فهم السامع موقعها أن لايواجه بالاعتراض والنقد ، فإن عرض إشكال فالتوقف أولى بالنجاح وأحرى بإدارك البغية إن شاء الله تعالى" الموافقات : ( /324)
ومن أعظم الشواهد على هذا الأصل العظيم وهو : عدم المبادرة إلى الاعتراض على العلماء قبل التثبت قصة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم معه يوم الحديبية بعد كتابة وثيقة الصلح مع قريش فهنا اعترض بعض الصحابة على أمر ظنوه خطأ وهو صواب وخيرٌ كله.
قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله-:
"وفي الحديث ... وأن التابع لايليق به الاعتراض على المتبوع بمجرد مايظهر له ، بل عليه التسليم ، لأن المتبوع أعرف بمآل الأمور غالباً بكثرة التجربة ، ولاسيما مع من هو مؤيدٌ بالوحي" فتح الباري : (5/352).
وسهل بن حنيف –رضي الله عنه- كان يُحذِرُ من الاعتراض على علماء الصحابة-رضوان الله عليهم- ويأمر باتهام رأي المرء نفسه في مقابل آراء الأجلة ، ويُذكر الناس بموقف الصحابة بل موقف سهل نفسه يوم الحديبية فكان يقول : "أيها الناس اتهموا رأيكم فإنا كنا يوم أبي جندل ولو نستطيع أن نرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لرددناه" رواه البخاري.

وضع الثقة في العلماء
إن من الناس من يطالب العلماء بعمل من الأعمال هم عنه ممتنعون، وما امتناعهم عنه إلا لنظرهم في مآلات الأمور وعواقبها. إذ بعض المصالح قد يمتنع عنه لما يؤدي إليه في المآل من المفاسد العظمى، والدين الإسلامي دين مصالح، فلا يقرّ اعتبار مصلحة دُنيا على حساب مفسدة عظمى. ألا ترون أن قتل المنافق الثابت على نفاقه، المعروف باستهزائه بآيات الله، وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وبالمؤمنين أمر مشروع، بل موجبة للقتل، وهو الردة ومفارقة الدين؟ فقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عنه، لما يفضي إليه هذا القتل من المفاسد.
نعم: لم ينف الحكم الشرعي، ولم يقل بعصمة دم هذا المنافق، وإنما علَّل الأمر برعاية المصالح والمفاسد. ومن ذلك امتناعه صلى الله عليه وسلم عن بناء البيت على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم خشية أن يكون فعله ذلك فتنة لقومه الذين أسلموا حديثاً.
فانظر أيها الأخ المبارك: في هذا، وضَعْ ثقتك في أهل العلم الأمناء على شرع الله، واعرف أنهم لن يمتنعوا عن فعل خيرٍ إلا رجاء خيرٍ أعظم أو خشية من وقوع شر أعظم. إن من الناس من يطالب العلماء ـ مثلا ـ أن يبينوا كل شئ، فيبينوا حيثيات ما يصدرون من قرارات أو آراء أو فتاوى تتعلق بأمور الأمة العامة. وهذه مطالبة فيها مخالفة للشرع والعقل، فليس كل أمر يصلح إخبار الناس به. وليس هذا من كتمان العلم المنهي عنه، فإن الكتمان المنهي عنه هو ما لم يكن لمصلحة شرعية، أما إذا كان لمصلحة شرعية فهو مشروع، كما قرره الإمام الشاطبي رحمه الله.
ومن وضع الثقة في العلماء: العلم بأنهم أعرف الناس بما يصلح للمتعلّم من العلم، فهم الربانيون الذين يعلمون الناس، ويربونهم على صغار مسائل العلم قبل كباره، ويبدأون بالأهم قبل المهم. انتهى.
قلت: ولا يخفى أن الدعوة السلفية، هي دعوة علمية، قيامها بالعلم والعلماء، وبجهودهم ثبت أمرها، وعظم خيرها، واستوت على سوقها، فأغاظ ذلك المبتدعة والحزبيين، واجمعوا أمرهم على مناوأتها بكل سبيل، واتفق رأيهم أن سلب الثقة بالعلماء من قلوب المسلمين، أمضى سلاح في محاربتها، لهذا نجدهم يطعنون فيهم، ويجرؤون الناس على الطعن فيهم، ويصوّرون فتاويهم الرشيدة القائمة على اعتبار المصالح الشرعية، شذوذاً عن المنهج الحق، بل يعتبرونها عمالة للحكام، وبيعاً للدين. فالله حسيبهم، وإليه منقلبهم.


مكانة العلماء ومنزلتهم:
لقد اعتبرت الشريعة الإسلامية للعلماء منزلة ليست لغيرهم من الناس، وجعلت لهم مقاماً رفيعاً، وأقامتهم أدلاء للناس على أحكام الله تعالى. وهذا الاعتبار للعلماء: اعتبار شرعي.
وينبني عليه أمران مهمان:
الأول: أن طاعتهم طاعة لله عز وجل، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فالتزام أمرهم واجب.
الثاني: أن طاعتهم ليست مقصودة لذاتها بل هي تتبع لطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وأدلة هذه المنزلة، وهذا الاعتبار للعلماء في الشريعة غير منحصرة، فمنها:
1- أمر الله ـ عز وجل ـ بطاعتهم.
2- أن الله ـ سبحانه ـ أوجب الرجوع إليهم وسؤالهم عما أشكل.
3- أن الله ـ سبحانه ـ عظم قدرهم وأشهدهم دون غيرهم على أعظم مشهود.
4- أن الله ـ عز وجل ـ نفى التسوية بين العلماء وغيرهم.
5- أنهم أهل الفهم عن الله تعالى.
6- أنهم أهل الخشية.
7- أن أهل العلم أبصر الناس بالشَّر، ومداخل الشر.
8- أن العلماء ورثة الأنبياء، وهم المفضلون بعد الأنبياء على سائر البشر.
9- أن العلماء هم المبلّغون عن الأنبياء.
10- أن الله ـ سبحانه ـ أراد بهم الخير.
11- أن نجاة الناس منوطة بوجود العلماء، فإن يقبض العلماء يهلكوا.
12- أن البشر محتاجون إلى العلماء حاجة عظيمة."

من كتاب قواعد في التعامل مع العلماء (بتصرف)
تأليف: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، الناشر: دار الوراق ـ الرياض

المصدر موقع الشيخ عبد الرحمن بن معلا اللويحق
http://www.turkmani.com


البحث في المسائل النوازل التي تتعلق بالمصالح العامة للأمة من وظيفة خواص أهل العلم:
قال تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَ هُ مِنْهُمْ﴾.
دلت هذه الآية العظيمة على أنه عند حدوث النوازل العظيمة التي تتعلق بالأمن و الخوف يجب أن يرد أمرها إلى أهل الاستنباط الراسخين في العلم وليس إلى كل من اتصف بالعلم وإنما إلى فئة خاصة منهم وهم أهل الاستنباط "لعلمه الذين يستنبطونه منهم" فليس كل من اتصف بالعلم يعلم ذلك ، وفيه دليل على أنه ليس كل أمر يذاع أويشاع ويرجع في ذلك إلى الراسخين في العلم.
قال الشيخ عبد الرحمن السّعدي: " هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق، وأنّه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمّة والمصالح العامة ما يتعلّق بالأمن وسرور المؤمنين أو بالخوف الذي فيه مصيبة، عليهم أن يتثبّتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردّونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم أهل الرّأي والعلم والنّصح والعقل والرّزانة الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدّها، فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك، وإن رأوا ما فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرّته تزيد على مصلحته لم يذيعوه، ولهذا قال:{لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَسْتَنبِطُونَه ُ مِنْهُمْ} أي يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السّديدة وعلومهم الرّشيدة. وفي هذا دليل لقاعدة أدبيّة وهي إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يُوَلَّى من هو أهل لذلك ويُجعل من أهله، ولا يُتقدّم بين أيديهم فإنّه أقرب إلى الصّواب وأحرى للسّلامة من الخطأ وفيه النّهي عن العجلة والتّسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتّأمّل قبل الكلام، والنظر فيه هل هو مصلحة فيقدم عليه الإنسان أم لا فيحجم عنه". تيسير الكريم الرحمن « (2/112ـ114).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض كلامه عن الجهاد: «وفي الجملة فالبحث في مثل هذه الدقائق من وظيفة خواص أهل العلم» [كما في منهاج السنة: (4/504) وقال -أيضاً-: «الواجب أن يُعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا، دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين» [طريق الوصول:(ص138)].
والجهاد مرجعه للدليل الشرعي لا للعاطفة والغيرة ، فعلى المسلم أن لا يندفع لمجـرد العاطفه ليعترض على كبار العلماء دون النظر في الأدلة كلها على ضوء القواعد الكلية ، مع النظر في عواقب الأمور التي لا يحسنها في الغالب إلا من آتاه الله الرسوخ في العلم والفهم من ورثة الرسول  من أهل العلم ، فإنه لا مجال للاستحسانات والتخرصات والأهواء في ما يتعلق بمصالح الأمة الكبرى ، فهذا عمرُ  يعترض على الصلح بالدنية ، وعلي  يمتنع عن محو البسملة والرسالة استعظاماً لذلك ، وسهلٌ  لو كان له من الأمر شيء لرد على رسول الله  أمره ، وهؤلاء الصحابة  يمتنعون عن حلق رؤسهم من شدة غضبهم ، والنبي  صابر على أمر الله  ، صابر على صدّ أعدائه عن البيت الحرام وحميتهم الجاهلية ، وصابر على توقف أصحابه  في الاستجابة لأمره  ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (منهاج السنة النبوية:8/409) : "ولا ريب أن الذي حملهم على ذلك حب الله ورسوله وبغض الكفار ومحبتهم أن يظهر الإيمان على الكفر ، وأن لا يكون قد دخل على أهل الإيمان غضاضة وضيم من أهل الكفر ، ورأوا أن قتالهم لئلا يضاموا هذا الضيم أحب إليهم من هذه المصالحة التي فيها من الضيم ما فيها ، لكن معلوم وجوب تقديم النص على الرأي والشرعِ على الهوى. فالأصل الذي افترق فيه المؤمنون بالرسل والمخالفون لهم تقديم نصوصهم على الآراء وشرعهم على الأهواء ، وأصل الشر من تقديم الرأي على النص والهوى على الشرع ... والقصة كانت عظيمة بلغت منهم مبلغا عظيما لا تحمله عامة النفوس ، وإلا فهم خير الخلق وأفضل الناس وأعظمهم علماً وإيماناً وهم الذين بايعوا تحت الشجرة وقد رضي الله عنهم وأثنى عليهم ، وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار"أ.هـ.
وقد جعل الله تعالى المرجعية في الجهاد لأهل العلم بالدليل من ورثة الرسل كما قال تعالى في سياق السرايا والمغازيوَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَه ُ مِنْهُمْ ، قال الشوكاني(فتح القدير:1/741) : "وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ ، وهم أهل العلم والعقول الراجحة الذين يرجعون إليهم في أمورهم ، أو هم الولاة عليهم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَه ُ مِنْهُمْ أي : يستخرجونه بتدبيرهم وصحة عقولهم"أ.هـ.
وأعلم الناس بمسائل الشرع هم أعلمهم بمسائل النوازل ، وعلى قدر رسوخ القدم في العلم والعمل بمقتضاه يكون الرسوخ في مسائل الجهاد والنوازل كما قال ابن حزم فيما نقله عنه الحافظ الذهبي في طبقات الحفاظ (1\289) وغيره من مصنفاته : "أعلم الناس : من كان أجمعهم للسنن وأضبطهم لها وأذكرهم لمعانيها وأدراهم بصحتها وبما أجمع عليه الناس مما اختلفوا فيه"
ومن هنا يتضح بطلان زعم البعض أن فلانا من أعرف الناس بالواقع بسبب سعة معرفته بالاتجاهات الفكرية والواقع الدولي إن صح أن علمائنا لايعرفون هذا الواقع الذي له تأثير في الأحكام وليس عندهم من طلبة العلم والمشايخ الذين يطلعونهم على هذا الواقع أقول إن صح ذلك مع مافيه من سؤ ظن بالعلماء والعياذ بالله ، فالواجب عليهم حينئذ هو نقل صورة الواقع الذي وقفوا عليه إلى أهل العلم الكبار الراسخين لمعرفة أحكام هذه الوقائع.
فهناك فرق بين أعلم الناس بالواقع وبين أعلمهم بأحكام الواقع فالثاني هم الراسخون في العلم العالمون بالأحكام الشرعية والذين أمرنا بالرجوع إليهم عند الفتن والنوازل.
ولا يكون العالم راسخاً فيه حتى "يكون عالما محققا , وعارفا مدققا قد علمه الله ظاهر العلم وباطنه فرسخ قدمه في أسرار الشريعة علما وحالا وعملا" كما قال العلامة السعدي في تفسيره (ص\132) , فتنبه لهذا ولا تدفعك الأهواء لإطلاق أحكام الرسوخ على من لم يكن وصفه على ما تقدم فإن هذا الأمر دين.
إذاً أعلم الناس في عصرنا الحالي هو أعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) وما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم.
وأيضاً لكون مسائل الجهاد تتسم بالحساسية البالغة من حيث أثرها على استقرار الدعوة لذا لابد أن تضبط فلا يبت فيها إلا العلماء الراسخين الذين جمعوا بين التجربة العملية والعلم بمنهج أهل السنة وأصولهم الاعتقادية والعلمية والعملية وأيضاً يعرفون أصول البدعة مطلعين على شبهات أهلها فلا يفتح الباب لغير المتمكنين من الشباب ذوي العلم القاصر فهذه المسائل عبارة عن فتاوى لحظية تبنى على مجموع عوامل مؤثرة في موقف معين وتقوم على توازنات شرعية وواقعية يخلص من خلالها العالم إلى فتوى مناسبة لهذه الحالة الطارئة لذا فهي غير قابلة للتعدية إلى مكان آخر أو زمان آخر ، فلابد مراعاة الفارق بين التأصيل والتطبيق والحكم والفتوى.

ماذا يعني سكوت العلماء عند الفتن؟!
التكليف بالواجبات الشرعيّة العلميّة والعمليّة مشروط بالممكن من العلم والقدرة؛ لهذا يتعيَّن حَملُ كلام العلماء الربانيّين أو سكوتهم على أفضل الوجوه؛ لا سيَّما توقفهم وسكوتهم في حال التمكّن والاشتباه؛ فممَّا تقرر في الشريعة: (جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة والتمكّن)، و(ما كلُّ حديث تحدَّث به العامّة)، و(من المسائل مسائل جوابها السكوت).

فالعالم ينظر إلى المآلات والعواقب، فيمسك عن الكلام -أحياناً- خشية الفتنة؛ كما قال عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه-: ((ما أنت بمحدِّثٍ قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة)) (1)؛ ويُراعي -أيضاً- ضابط المصلحة، ومراعاة الأولويات، فهو في كلامه وسكوته يمر بمراحل ثلاث:

الأولى: هل الأولى السكوت، أو الأولى الكلام؟

الثانية: ثم هل الكلام على العموم، أم الكلام على الخصوص والتعيين؟

الثالثة: عدم إهمال جانب المصالح، والنَّظر إلى المآلات.

وقد أوضح الشَّاطبي -رحمه الله- هذا الأمر -عند حديثه- على أقسام العلم: منه ما هو مطلوب النَّشر، وهو غالب علم الشريعة، ومنه ما لا يطلب نشره بإطلاق، أو لا يطلب نشره بالنسبة إلى حال، أو وقت، أو شخص؛ فقال:

((وضابطه أنَّك تعرض مسألتك على الشَّريعة، فإن صحت في ميزانها؛ فانظر في مآلها بالنَّسبة إلى حال الزَّمان وأهله، فإنْ لم يُؤَدِّ ذكرها إلى مفسدة، فاعرضها في ذهنك على العقول (2)، فإنْ قَبِلَتْها؛ فلك أن تتكلم فيها: إمّا على العموم إن كانت مما تقبلها العقول على العموم، وإمّا على الخصوص إن كانت غير لائقة بالعموم، وإن لم يكن لمسألتك هذا المساغُ؛ فالسكوت عنها هو الجاري على وفق المصلحة الشرعيّة والعقليّة)) (3) ا. هـ.

والمقصود: أن العالم الرباني تتعدد أجوبته بحسب نوع المسألة أو النَّازلة، وبحسب حال السائل، فتارة يأمر، وتارة ينهى، وتارة ثالثة يسكت ويتوقف، وفي الصورة الأخيرة يقال: إن سكوت العلماء الربانيين الذين لهم لسان صدق في الأمَّة، وموافقة للسُّنّة المحضة في مواضع الفتن والاشتباه يعدُّ قرينة على أنَّه لا يصلح الجواب إلا بالسكوت، فسكوتهم جواب لبيان الحال وما آلت إليه الأحوال؛ فمن المسائل مسائل جوابها السكوت، والمقصود هو تحصيل الخير ودفع الشر، والخوض في حال الفتن واشتباه الأمور لا فائدة منه -في الغالب-؛ بل هو يزيد الشر وينقص الخير، ويضيّع رأس المال في دائرة السعي إلى الأرباح، فما دام أنه ناقض مقصود الشريعة، فتركه هو المقصود.

وقد بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- هذا الأمر بياناً شافياً؛ فقال: ((فالعالم تارة يأمر، وتارة ينهى، وتارة يبيح، وتارة يسكت عن الأمر أو النهي أو الإباحة؛ كالأمر بالصلاح الخالص، أو الراجح، أو النهي عن الفساد الخالص أو الراجح، وعند التعارض يرجح الراجح بحسب الإمكان، فأمّا إذا كان المأمور والمنهي لا يتقيد بالممكن: إما لجهله، وإما لظلمه، ولا يمكن إزالة جهله وظلمه، فربما كان الأصلح الكفّ والإمساك عن أمره ونهيه، كما قيل: إن من المسائل مسائل جوابها السكوت، كما سكت الشارع في أول الأمر عن الأمر بأشياء والنهي عن أشياء، حتى علا الإسلام وظهر.

فالعالم في البيان والبلاغ كذلك؛ قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء إلى وقت التّمكن؛ كما أخر الله -سبحانه- إنزال الآيات، وبيان أحكام إلى وقت تمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيانها)) (4) .

فظهر - من هذا- أن من أوجه جواب العالم: السُّكوت، والعالم لا يسكت إلا في حالتين:

الحالة الأولى: إذا كان السكوت هو الأصلح؛ فيقال: -آنذاك-: ((من المسائل مسائل جوابها السكوت)).

الحالة الثانيّة: أن يسكت العالم لعدم تمكنه من العلم بالمسألة أو النازلة؛ لا سيَّما إذا كانت من المباحث الجزئيّة الدّقيقة، أو أحياناً لعدم قدرته على الحق المشروع، وهو فيه معذور؛ وآنذاك يقال: ((لا ينسب إلى ساكت جواب)) .

والقول: إن سكوت العلماء في مواضع الفتن والملاحم (5) يعدُّ جواباً محرراً وقولاً محققاً، يحتاج إلى تأصيل وتعليل وتفصيل؛ لإنزال هذه القاعدة في محلها؛ لذلك احتاج المقام إلى بيان بعض الأمور:

الأمر الأول: أن العالم غالباً ما يُحذِّر ويتكلم عند إقبال الفتنة وقبل وقوعها؛ فإذا وقعت عجز عن الكلام وأمسك عن الخوض فيها(6) ؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ((والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء عن دفع السفهاء، فصار الأكابر -رضي الله عنهم- عاجزين عن إطفاء الفتنة وكف أهلها، وهذا شأن الفتن، كما قال -تعالى-: ((وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) [الأنفال:25]، وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله)) (7) اهـ.

فالعالم يتكلم قبل وقوع الفتنة؛ فإذا وقعت سكت وأمسك؛ فهو يتحسَّس أسبابها قبل الوقوع، ويتفرس رجالها قبل الشروع، ويتبصَّر مقدماتها قبل فوات الأوان؛ بخلاف غير العالم الذي لا ينشط إلا بعد وقوع الفتنة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ((فلما قتل -رضي الله عنه- [أي: عثمان] تفرقت القلوب، وعظمت الكروب، وظهرت الأشرار، وذلَّ الأخيار، وسعى في الفتنة مَن كان عاجزاً عنها، وعجز عن الخير والصلاح من كان يحبُّ إقامته)) (8) .

الأمر الثاني: أنه إذا لم يكن للأمر والنَّهي مواضع قبول، وآذان صاغيّة عند المخاطبين؛ بل الضد من ذلك؛ فأنذاك يكون الكفُّ والإمساك عن الأمر والنَّهي هو الأصلح، ويشتغل المسلم بالممكن المستطاع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((حتى إذا رأيت شحَّاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مؤثرةً، وإعجاب كلِّ ذي رأي برأيه، فعليك بخاصّة نفسك، ودع العوام)) (9).

الأمر الثالث: أن هذه القاعدة تتنزَّل عند تداخل الخير بالشر، والمنكر بالمعروف، والمصلحة بالمفسدة بالنسبة لبعض الأمور الجزئية المعيّنة؛ فتكون مصلحة السكوت راجحة على مصلحة الكلام؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عند كلامه على مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ((فتارة يصلح الأمر، وتارة يصلح النهي، وتارة لا يصلح أمر ولا نهي؛ حيث كان المعروف والمنكر متلازمين؛ وذلك في الأمور المعيّنة الواقعة)) (10).

الأمر الرابع: ثم إنَّ العالم قد ينوِّع الجواب بحسب الحال فقد يتكلم مع طائفة ويسكت مع أخرى؛ لأن السكوت مع الأخيرة هو الأنفع والأصلح لها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ((فإذا كان العلم (بهذه المسائل) قد يكون نافعاً وقد يكون ضاراً لبعض النّاس، تبيَّن لك أنَّ القول قد ينكَر في حال دون حال، ومع شخص دون شخص، وأن العالم قد يقول القولين الصوابين، كلّ قول مع قوم؛ لأنّ ذلك هو الذي ينفعهم؛ مع أن القولين صحيحان لا منافاة بينهما؛ لكن قد يكون قولهما جميعاً فيه ضرر على الطائفتين؛ فلا يجمعهما إلا لمن لا يضره الجمع)) (11) .

الأمر الخامس: فإن سكوت العالم -أحياناً- يكون مناسباً عندما تتسيّس الآراء والمواقف، وتتحزّب الرجال على غير هدى من الله، وعندما ينطق الرويبضة، وعندما يحرص أهل الضلالة على تحجير دور العلماء، وعندما يكون مدار المنازعات على حظوظ دنيويّة وأغراض نفسيّة، فآنذاك يُعلم الفرق بين سكوت بعض العلماء وثرثرة كثيرٍ مِن الجهال.

وإذا تقرر أنَّ السكوت: -أحياناً- يكون جواباً؛ ففرق بين السكوت الراجح، والتعطيل للعلم والدعوة، والعزلة المذمومة التي تفوِّت على الناس مصالحهم ودينهم وعقيدتهم؛ فالعالم إذا سكت عن مسألة معيّنة لمصلحة راجحة؛ فهو قد اشتغل بغيرها -تعليماً وتصنيفاً-؛ فانتقل من المفضول إلى الفاضل؛ بعد إذ أدرك أن القيام بوظائف العبوديّة -ظاهراً وباطناً-، وإحياء السنن النبويّة، والتطبب بالأدوية القرآنيّة، والتَّفقه على الآثار السلفيّة، فيه الغنية عن الخوض في الأمور المشتبه؛ والتَّعلق بالمصالح المظنونة.

وبهذا يتبين أن السكوت -أحياناً- من صور الجواب الحكيم، فالموفق -في الفتن- يحسن الظن بالعلماء، ويعتبرهم من وسائل حفظ الشريعة، وهو لا يسأل عن مشروعيّة سكوتهم؛ بل يسألُ: لماذا سكتوا؟ ففرق بين السؤال عن مشروعيّة الفعل، وبين السؤال عن حكمة الفعل....

والحمد لله ربِّ العالمين.

بقلم الشيخ أبي عبدالله فتحي بن محمد سلطان.

--------------------------------------------

(1) رواه مسلم.

(2) أي: العقول المحكومة بالفطرة الصحيحة والشرعة المنزّلة.

(3) ((الموافقات)) (5/172)، تحقيق أخينا الشيخ مشهور حسن.

(4) ((المجموع)) (20/58-59).

(5) الفتن: ما يقع بين المسلمين من حروب واشتباه، أما الملاحم: فهي الحروب التي تقع بين المسلمين والكفار.

(6) فاللغة السائدة في الفتنة هي لغة الجهل والظلم، لا لغة العلم والعدل.

(7) ((منهاج السنّة)) (4/343).

(8) ((المجموع)) (25/304) فتأمل كلامه يا رعاك الله.

(9) رواه الترمذي (3058) وأبو داود (4341)، وابن ماجه (4014)، عن أبي ثعلبة الخُشني.

(10) ((المجموع)) (28/130).

(11) ((المجموع)) (6/59-60).