تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: هل يقضي المفطر عمدا ما فاته من رمضان بغير عذر؟

  1. #1

    افتراضي هل يقضي المفطر عمدا ما فاته من رمضان بغير عذر؟

    إختلف العلماء في ذلك على قولين:ـ الأول: يقضي. والثاني: لا يقضي.
    قال العلامة الألباني رحمه الله في تمام المنة ص(425ـ426): والظاهر الثاني، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقد قال في الاختيارات ص(65): لا يقضي متعمد بلا عذر صوما ولا صلاة ولا تصح منه، وما روي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر المجامع في رمضان بالقضاء ضعيف لعدول البخاري ومسلم عنه". وهو مذهب ابن حزم ورواه عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي هريرة رضي الله عنهم، فراجع المحلى (6 /180ـ185).
    لكن تعليل ابن تيمية رحمه الله ضعف حديث أمر المجامع في رمضان بالقضاء بعدول البخاري ومسلم عنه ليس بشيء عندي، فكم من حديث عدل الشيخان عنه وهو صحيح، والحق أنه ثابت صحيح بمجموع طرقه ـ كما قال الحافظ ابن حجر ـ وأحدها صحيح مرسل كما كنت بينته في تعليقي على رسالة ابن تيمية في الصيام ص (25ـ27) ثم في إرواء الغليل (4/90ـ92)، فقضاء المجامع من تمام كفارته فلا يلحق به غيره من المفطرين عمدا، ويبقى كلام الشيخ في غيره سليما".أهـ المقصود.
    قلت: صح بلا ريب أمر المجامع بالقضاء وكذا من تعمد القيء وهذا يدلّ على أن من باشر الصيام ـ بأن يكون قد شرع فيه ثم أفسده بإتيان مفطر عمدا ـ فهذا يلزمه القضاء ولو تعمد الفطر، بخلاف الرجل الذي لم يصم ذلك اليوم أصلاً وتركه متعمداً، فإن الراجح ما ذهب إليه شيخ الإسلام من أنه لا ينفعه القضاء.
    والفرق بين هذه المسألة وبين من شرع في الصوم: أن من شرع في الصوم فقد التزمه وألزم نفسه به، فإذا أفسده أُلزِم بقضائه كالنذر بخلاف من لم يصم أصلاً". وانظر الشرح الممتع.
    قال ابن حزم رحمه الله في المحلى في تقرير مسألة عدم وجوب القضاء على المفطر المتعمد:" وإنما افترض تعالى رمضان لا غيره على الصحيح المقيم العاقل البالغ، فإيجاب صيام غيره بدلا منه إيجاب شرع لم يأذن الله تعالى به فهو باطل.
    ولا فرق بين أن يوجب الله صيام شهر مسمى فيقول قائل: إن صوم غيره ينوب عنه. بغير نص وارد في ذلك، وبين من قال: إن الحج إلى غير مكة ينوب عن الحج إلى مكة، والصلاة إلى غير الكعبة تنوب عن الصلاة إلى الكعبة، وهكذا في كل شيء، قال الله تعالى:"تلك حدود الله فلا تعتدوها". وقال تعالى:"ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه".أهـ
    قلت: وذلك بناء على القاعدة التي دلّت عليها النصوص وهي: "أن كل عبادة مؤقتة إذا تعمد الإنسان إخراجها عن وقتها لم تقبل إلا لعذر شرعي مبني على نص صحيح". فكما أنه لا يصح أن تصلى الفجر بعد طلوع الشمس لغير المعذور فكذلك لا يصح صيام رمضان بعد مضي وقته لمن لا عذر له.
    ويقال أيضا: أن العبادة إذا أخّرها الإنسان عن وقتها لغير عذر فقد فعلها على وجه لم يؤمر به، وقد ثبت عند مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". وهذا نص صريح عام "من عمل عملا" عملاً: أي عمل يكون؛ لأنه نكرة في سياق الشرط يدل على العموم؛ "فهو رد" أي: مردود على عامله غير مقبول منه.
    ويقال أيضا: أنه لو صام الإنسان قبل رمضان متعمدا فصيامه لا يجزئه بالاتفاق، فأي فرق بين ما إذا صام قبل الوقت أو صام بعده؟!.فإن كل واحد منهما قد تعدّى حدود الله عز وجل، وأخرج العبادة عن وقتها:"ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون". [البقرة: 229] .
    واما استدلال من استدل على إيجاب القضاء بما جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر ـ وفي رواية: صوم نذر ـ أفأقضيه عنها؟. فقال: أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضيه عنها؟!. قال: نعم. قال:" فدين الله أحق أن يقضى".
    فيجاب بأن ذلك في حق المعذور لا المفرط، يدل على ذلك قوله"وعليها" أي قد وجب عليها، فهي إما أن تكون قد حاضت أو مرضت أو نحو ذلك من الأعذار التي أباحت لها الإفطار، ثم أنها ماتت قبل أن تقضي ما كان قد وجب عليها، ونحن نقول إن مثل هذا الدين يقبل القضاء، وهذا بَيّنٌ ظاهرٌ لمن تأمله.
    وأيضا فهذا إنما قاله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النذر المطلق الذي ليس له وقت محدود الطرفين، وفي الحج الذي لا يفوت وقته إلا بنفاد العمر، فرجعت حقيقته إلى عبادة غير مؤقتة بوقت فلا يعمم الاستدلال به فيما كان مؤقتا بوقت محدود معلوم.
    قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع:"وأما قولهم: إنه وجب على المعذور القضاء بعد الوقت؛ فغير المعذور من باب أولى؛ فممنوعٌ، لأن المعذورَ معذورٌ غير آثم، ولا يتمكن من الفعل في الوقت، فلما لم يتمكن، لم يكلف إلا بما يستطيع، أما هذا الرجل غير المعذور فهو قادر على الفعل مكلف به، فخالف واستكبر ولم يفعل، فقياس هذا على هذا من أبعد القياس، إذاً فهذا قياسٌ فاسدٌ غير صحيحٍ مع مخالفته لعموم النصوص:" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد".أهـ.
    واعلم ـ علّمك الله ـ أن القول بعدم وجوب القضاء على من أفطر متعمدا في نهار رمضان ليس تخفيفا عنه، ولكن تنكيلا به وسخطا لفعله، وهناك فرق بين التخفيف وبين التنكيل والسخط، فنحن نقول لمن ترك الصوم عمدا: لا تقض؛ لأنك لو تقضي ألف مرة ما قَبِل الله منك حتى ولو تبت، لكن إذا تبت فأحسن العمل.
    تنبيهان:ـ
    1/ وأما ما جاء عند أحمد وأبي داود والترمذي وابن ماجة والنسائي في الكبرى عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا"من أفطر يوما من رمضان في غير رخصة رخصها الله له، لم يقض عنه صيام الدهر كله وإن صامه". فهو حديث ضعيف بيانه في تمام المنة ص (396) ضعيف أبي داود (الأم) رقم(413).
    2/ وكذلك ما جاء عن جابر رضي الله عنه مرفوعا:"من أفطر يوما في شهر رمضان في الحضر فليهد بدنة، فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعا من تمر المساكين". فهو حديث موضوع بيانه في السلسلة الضعيفة (623).
    (التمام في بيان أحكام الصيام)

  2. #2

    افتراضي رد: هل يقضي المفطر عمدا ما فاته من رمضان بغير عذر؟

    جزاك الله خيراً ونفع بك

  3. #3

    افتراضي رد: هل يقضي المفطر عمدا ما فاته من رمضان بغير عذر؟

    وأنت فجزاك الله خيرا أخي الكريم ورزقنا واياك العلم النفع والعمل الصالح والاخلاص في ذلك

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي رد: هل يقضي المفطر عمدا ما فاته من رمضان بغير عذر؟

    جزاكم الله خيرًا
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •