أثر الرسوم المتحركة على القيم العقدية للطفل
مستشارة مدير عام التربية والتعليم للبنات بمنطقة القصيم
.............................. ..................
القيم ووسائل الإعلام
تعريف القيم :
"هي مجموعة المعايير والمثل والمبادئ التي وردت في الكتاب والسنة ودعا الإسلام إلى الالتزام بها" وهي "الأحكام التي يصدرها المرء على أي شيء مهتديًا في ذلك بقواعد ومبادئ مستمدة من القرآن والسنة وما تفرع عنهما من مصادر التشريع الإسلامي ..."
تصنيف القيم :
لقد صنف الباحثون القيم الأخلاقية إلى أقسام عدة منها :
القيم المرتبطة بمقاصد الشريعة مثل حفظ الدين _حفظ النفس ......
القيم المرتبطة بالعقيدة الإسلامية مثل الإيمان بالله _ الإيمان بالملائكة ....
وهذا القسم هو مجال دراستنا .
وبما أن سعادة الفرد في الدنيا والآخرة مرتهن بسلامة عقيدته , ولما للرسوم المتحركة من تأثير في توجيه سلوك الأطفال والأبناء لذاكان من المهم دراسة ما تحققه هذه الوسيلة التربوية لدى الطفل , فما هي القيم التي غرستها وماذا عززت في هذا الجانب ؟؟؟
وللإجابة على هذا التساؤل كانت الدراسة الآتية :
أثر الرسوم المتحركة على القيم العقدية للأطفال
تمهيد:
إن بإمكان إعلام الطفل إنجاز الكثير في مجال تثبيت القيم العقدية لدى الأطفال ,لما له من تأثير في توجيه سلوك الأطفال , وبما أن مرحلة الطفولة هي حجر الأساس في بناء وتكوين القاعدة العقدية ، حيث يولد الطفل على الفطرة سهل الانقياد سريع التأثر هيِّنا ليِّنا ، يستطيعُ المربي توجيهه كيفما أراد ، لذا كان لزاما علينا العناية بهذه الشريحة وبنائها عقديا على أُسُسٍ متينةٍ مِن العقيدة الصحيحة ؛ لأن الطفل يتشرب عقائده من الجو المحيط به تشربا تلقائيا.
وأطفالنا هم اللبنة الأولى للمجتمع المسلم ،لذلك أوجب الله تعالى علينا الاهتمام بهم منذ أولى مراحل خلقهم ،كي نحيطهم بسياج رباني ونحميهم به بإذن الله تعالى من الشيطان الرجيم لأنهم ولدوا على كماقال تعالى{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}(الروم:30)
وهم أمانة استرعانا الله إياها ونحن مسئولون عنها قال تعالى : {وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}(المعارج:32)
وغير خافٍ على أحد ما استجد في عصرنا الحاضر من انتشار وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ومالها من عظيم أثر على خُلُقيَّاتِ وسلوك الأطفال ، حيثُ باتت تلعبُ دورًا مُهِمًّا في صياغةِ العقولِ والتوجُّهَاتِ والمعتقداتِوكذل ك إنَّ " مرحلةَ الطفولةِ المبكِّرَة ، وهي عُمُرِيًّا مِن سِنِّ الثالثةِ حَتَّى السادسةِ ، وتربويًّا هي مرحلةُ رياضِ الأطفالِ أو ما قبلَ المدرسة تُرْسِي إلى حَدٍّ بعيدٍ الدعائمَ الرئيسيةَ التي يقوم عليها تطوُّر نُمُوِّ شخصيةِ الطفلِ ، وهي الأساسُ التكوينيُّ الذي يقومُ عليه بناءُ الشخصيّةِ حيثُ تتحدَّدُ السماتُ الرئيسيّةُ للشخصيّة "
مقدمة الدراسة:
إنَّ الدور الكبير الذي تلعبه الرسوم المتحركة في جذب أطفالنا ، وشَدِّ انتباههم ، والقدرة على إمتاعهم بالساعاتِ جعلهم ينصرفون عن أساسيات عِدَّة ، مِنها : التعاملُ الأسريُّ ، حيثُ أثَّرَتْ الرسومُ المتحرِّكةُ على مشاهديها الصغارِ فاتخذوها سَلْوَةً عن الأهل والإخوان ، وصرفوا عليها أوقاتًا لم يصرفوها على كتبهم الدراسية ، حتى أصبحت رسومه المتحركة " تحتلُّ المركز الأول في الأساليب الفكريَّة المؤثِّرة على عقله " ، وكذلكَ غمس الطفلُ في بيئةٍ غير بيئتهِ ، وثقافةٍ غير ثقافته مِمَّا قد يخلق لدى الطفلِ عَدَمَ توافقٍ مع الحياةِ مِن حوْلـه ؛ لأنَّها تُخَالِفُ قناعاته ، وهذه فكرةٌ خطيرةٌ جِدًّا لو خُلِّيَ بينها وبينَ الطفلِ ، كما وأنَّ النسبةَ الأعلى لِمَا يُتَابِعُهُ الأطفالُ هو الرسومُ المتحرّكة المستوردة من بلاد غير عربية ، وليسَ هذا فقط هو مَكْمَنُ الخطورةِ ؛ بلْ إنَّ " قطاعًا كبيرًا مِن الآباءِ ، والأمَّهَاتِ لا ينتبه لخطورةِ أثرها على الأطفالِ، فيلجأُ إلى شغلِ أوقاتِ الصغارِ بها هَرَبًا مِن عُرِيِّ الفضائيات وتفسخها، والتماسًا لملاذٍ أمين وحِصْنٍ حصينٍ يَجِدُ فيه الأمنَ على أبنائه ، وتأتي مِن سرعة تفاعل الأطفالِ مع مادتها ، وشِدَّة حرصهم على متابعتها ، وزيادة ولعهم بتقليد أبطالها ".
مُجْمَلُ الأمور السابقةِ جَعَلَتْ مِن المناسب أنْ تكونَ الدراسةُ عن الرسوم المتحرّكة ؛ لا سِيَّمَا وأنَّ انشغالَ الوالدين في الغالب وتقصيرهم في دورهم في تربية النشء ؛ جَعَلَ مِن الواجبِ علينا تَجْلِيَةُ هذا الخطر ، ومعرفةُ طرقِ علاجه والوقايةِ مِنه ، واستثمارُ مَحَبَّةِ الأطفالِ للرسوم المتحركة بانتقاءِ ما هو هادفٌ وتربويٌّ مِمَّا وَافَقَ عقيدتنا الإسلامية ،
وأسباب اختيار الموضوع تتمثل فيما يلي :
1- أن الطفولة هي فترة تهيئ الإنسان لاستقبال القيم و العقائد .
2- أن الأطفال يتأثرون بما يرون بنسبة تَفُوقُ الكبار ، بسبب مستوى قدراتهم العقلية المحدودة وقلة تجربتهم .
3 - أنه لا يختلف اثنان على أهمية بناء أساس قوي للفرد المسلم وبهذا نتمكن من غرس العقيدة الصحيحة التي يستطيع معها الطفل نقد وصد ما يخالفها عندما يكبر .
4 - أن ما يكتسبه الطفل من قيم و عقائد له أثر عظيم في تكوين شخصيته بحيث لا يمكن إغفاله.
5 - أن العقيدة التي ترتبط بفكر الطفل عن الله تعالى في طفولته ستبقى وتعلق وترسخ وسيقوم عليها بناء عقدي سليم .
6 – أنْ نَعِي الاقترانَ الواضحَ بينَ العقيدةِ الصحيحةِ والأخلاقِ الفاضلةِ مِن جهة وبينَ العقيدةِ المنحرفةِ والأخلاقِ المرذولةِ مِن جهة أخرى .
7 - أنه كلما بدأنا بتقويم الانحرافات العقدية مبكرا زادت أمامنا فرص الإصلاح .
8 - الدور الكبير الذي تقوم به وسائل الإعلام وعظيم أثرها في ترسيخ العقائد ومحاربة الانحرافات والعقائدِ الفاسدة .
9 - أن معرفة الوالدين لآثار وسائل الإعلام على عقيدة الطفل وقيمه يقلل من الآثار السلبية لها ويساعد على الاستفادة من الجوانب الحسنة فيها.
10 - يوجد في وسائل الإعلام المتعلقة بالطفل ما هو جيد وما هو رديء ، وخاصة وقد بدا هذا الانفتاح بين شعوب العالم الذي نشهده اليوم ، ومن المهم جدا سَبْرُ وتتبع آثار وسائل الإعلام في أفكارنا وسلوكنا ، وخاصة ما يتعلق بالطفل المسلم .
11 – العنايةُ بأثر وسائل الإعلام على الطفلِ تِعْنِي الاهتمامَ بوسيلةٍ تؤثر في القادر على القراءة وغير القادر على القراء ة .
12 – أنَّ وسائلَ الإعلامِ إذا أُحْسِنَ توجيهها وإعمالها مِن حيث مستوى العرض ، وقَبْلَهُ فَنِّيَّةُ قَوْلَبَتِهِ بما يناسب الطفلَ له أثرٌ عاجلٌ وآجل على عقلية الطفل .
13 – أنَّ الأثرَ الذي تُخَلِّفُهُ وسائلُ الإعلامِ المرئيةُ ليسَ ظاهرًا على كُلِّ حالٍ وقابلاً للقياسِ كَيْ نُلْغِي ما لا يناسب ونَبُثَّ ما هو جَيِّدٌ ، وإنَّما أثرها تراكميٌّ متفاوتٌ مِن طفلٍ لآخَر ، ومِن وسيلةٍ لأُخْرَى ، لذا كانَ مِن الضروريِّ دراسةُ الرسائلِ الموجَّهَةِ للطفلِ فَمِن خلالها نعلم مَدَى فائدتها له أو إضرارها به .
14- أن الحاجة ماسة لطرق هذا الموضوع لخطورته على القيم العقدية لأبنائنا وأجيالنا
15 – الأملُ في أنْ يُوَلِّدَ اختيارُ مثل هذا الموضوعِ ليسَ فقط الاهتمام بالطفلِ في بلادنا بل آمل أنْ ننافس كُبْرَى الدول المعنية بأدب الطفل المقروء والمرئي ، والتي تكتب في قضايا الأطفالِ وتترجمها إلى معظم لغات العالم ، أَوَ لَيْسَتْ رسالةُ الإسلامِ أحَقَّ بهذا الجهد مِن أبناءها ؟
منهج البحث:
القسم النظريُّ :
أ / دراسة العقيدة المراد جَعْلها مقياسًا تُعْرَضُ عليه كافة مخرجات العينة .
ب / مقارنة مخرجات عينة الدراسة مع عقيدة أهل السنة والجماعة للوقوف على مدى موافقتها أو مخالفتها لها ، وأثر ذلك على القيم العقدية للطفل .
أما القسم العمليِّ :
فيتعلَّق هذا بكيفية اختيار عينة الدراسة ، وطرق جمعها ، والنظام الذي تم اتباعه في جمعها ، وقد تم العمل فيه على النحو التالي :
أولاً : تحديد مجتمع البحث الكلِّي : وقد كانَ عبارة عن أفلام الرسوم المتحركة التي تَمَّ بَثُّهَا عام ( 1425 هـ ) على فترات متفاوتة ، وذلكَ في كُلٍّ مِن :
- قناة spaceToonللأطفال
- قناة ARTللأطفال
- قناة المجد للأطفال
- القناة الأولى في تلفزيون المملكة العربية السعودية
- عينة مِن أفلام الفيديو تم اختيارها وَفْقَ الضوابط الآتية :
1 / نتائج استطلاع الرأي الذي تم توجيهه لبعض أصحاب محلات بيع أشرطة الفيديو .
2 / نتائج استطلاع الرأي الذي تم توجيهه لبعض أمَّهاتِ الأطفال .
3 / تكرار بَثِّ المادة في القناة الأولى في تلفزيون المملكة العربية السعودية .
ثانيًا : طريقة اختيار العيِّنة : شَمِلَتْ عَيِّنَةُ الدراسةِ نوعين مِن طرق اختيار العيِّنة وهي العينة " الفرضية أو القصدية ،حيثُ قامُ الباحثُ باختيار هذه العينة اختيارًا حُرًّا على أساس أنَّها تحقِّقُ أغراض الدراسة التي يقوم بها الباحث ، في مثل هذه الحالة يُقَدِّر حاجته إلى المعلوماتِ ويختارُ عَيِّنَةً بما يُحَقِّقُ غرضه " ، هذا مِن حيث الكفاية وعدمها ، أمَّا مِن حيث طريقة اختيار العينة الفرضية مِن مجتمع البحث فقد تَمَّت بأسلوب العيِّنة المنتظمة " وهي شكلٌ مِن أشكالِ العيِّنة العشوائية ، يتم اختيارها في حالة تجانس المجتمع الأصلي ، فهذه العينة تُسمَّى مُنتَظِمَة ،وذلكَ إذا اخترنا مسافةً ثابتةً منتظمة بين كُلِّ رقمٍ والرقم الذي يليه" والرقمُ المنتظم الذي حَدَّدْتُه لمتابعة عينة الدراسة لَدَيَّ وتسجيلهاكانَ : ثمانيةُ أيَّامٍ بين كُلِّ تسجيلٍ والذي يليه .
ثالثًا : تقسيم العينة : تم تقسيم عينة البحث وَفْقَ المعايير التي تسير عليها الجهةُ المقدِّمة لها، وقد قُسِّمَتْ إلى قسمين :
- القسم الأول : الرسوم المتحركة المقدَّمة في قناة spacetoon وقناة ARTللأطفال وأفلام الفيديو من شركة والت ديزني والأفلام المدبلجة .
- القسم الثاني : الرسوم المتحركة المقدَّمة في قناة المجد للأطفال ، الْمُعَاد إنتاجها وَفْقَ ضوابط محددة تشمل : خلوها مِن الموسيقى ، والمشاهد المخلَّة بالآداب.
يتبع