إلى الذين تفجرت محبة الله في قلوبهم ينابيع فياضة, وأنت في رمضان وكل أوان: لك أنت هذه البشرى العظيمة, العظيمة حقا!:
لما حرمت قلوب العاطلين أمثالي في مذلة الحرمان هذا الفضل إلا أن يتغمدنا الله برحمته رأيت تنبيه أهل هذه البشارة عليها، والطمع في أن الجزاء من جنس العمل لعل الله يبشر من بشر، وهو الودود. إمامان من أهل السنة يذكران لك ذلك، فلا تعجل.
هل تعلم أخي المحب لله أن حبك لله محفوف بمحبتين من الله الجليل!, لك أنت، نعم أنت، أحبك فأحببته فأحبك, فينابيع محبة الله في قلبك إنما تفجرت باصطفاء سابق بمحبة الله لك في الأزل، وبها تفجرت ينابيع المحبة في قلبك لله، فلما أحببته أثابك المنان بحب آخر منه, }ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}، فمحبتك لله محفوفة بمحبتين تفضلا ومنا منه عليك, محبة قبل محبتك له, اصطفاء وتوفيقا، ومحبة بعد محبتك له ثوابا وجزاء، لست الذي قال، بل ربنا عز وجل يقول: {يحبهم ويحبونه}، ويقول: {فاتبعوني يحببكم الله}، فسبق محبته للعبد في الآية الأولى، وجعل محبته في الآية الثانية جزاء لشرط، قال ابن القيم رحمه الله في طريق الهجرتين, ص41-42:
"وذكرك سبحانه بالإٍِسلام فوفقك له واختارك له دون من خذله، قال تعالى: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: 78]
فجعلك أهلاً لما لم تكن أهلاً له قط، وإِنما هو الذى أَهلك بسابق ذكره، فلولا ذكره لك بكل جميل أَولاكه لم يكن لك إِليه سبيل، ومن الذى ذكرك سواه باليقظة حتى استيقظت وغيرك فى رقدة الغفلة مع النوام؟ ومن الذى ذكرك سواه بالتوبة حتى وفقك لها، وأَوقعها فى قلبك، وبعث دواعيك عليها، وأَحيى عزماتك الصادقة عليها، حتى تُبْتَ إِليه وأَقبلت عليه، فذقت حلاوة التوبة وبردها ولذاتها؟ ومن الذى ذكرك سواه بمحبته حتى هاجت من قلبك لواعجها وتوجهت نحوه سبحانه ركائبها، وعمر قلبك بمحبته بعد طول الخراب، وآنسك بقربه بعد طول الوحشة والاغتراب ومن تقرب إِليك أَولاً حتى تقربت إِليه، ثم أَثابك على هذا التقرب تقرباً آخر فصار التقرب منك محفوفاً بتقربين منه تعالى: تقرب بعده وتقرب قبله، والحب منك محفوفاً بحبين منه: حب قبله وحب بعده، والذكر منك محفوفاً بذكرين: ذكر قبله وذكر بعده، فلولا سابق ذكره إِياك لم يكن من ذلك كله شيء، ولا وصل إِلى قلبك ذرة مما وصل إِليه من معرفته وتوحيده ومحبته وخوفهورجائه والتوكل عليه والإِنابة إِليه والتقرب إِليه، فهذه كلها آثار ذكره لك"
وقال في نونيته ال
فصل
وهو الودود يحبهم ويحبه ... أحبابه والفضل للمنان
وهذا الذي جعل المحبة في قلو ... بهم وجازاهم بحب ثان
هو هو الإحسان حقا لا معا ... وضة ولا لتوقع الشكران
لكن يحب شكورهم وشكورهم ... لا لاحتياج منه للشكران
وهو الشكور فلن يضيع سعيهم ... لكن يضاعفه بلا حسبان
ما للعباد عليه حق واجب ... هو أوجب الأجر العظيم الشأن
كلا ولا عمل لديه ضائع ... إن كان بالإخلاص والإحسان
قال الشيخ ابن عثيمين في التعليق على هذه الأبيات:
"يقول المؤلف رحمه الله :
"وهو الودود يحبهم ويحبُه *** أحبابُه والفضل للمنان "
قال : " يحبهم ويحبه أحبابه " كلمة فعول على كلام المؤلف بمعنى فاعل وبمعنى مفعول بمعنى فاعل لقوله : " يحبهم" فهو واد بمعنى مفعول لقوله: " ويحبه أحبابه" فهو مودود فهو عزّ وجل مُحب لأحبابه وأحبابه محبون له وقد قال الله تبارك وتعالى : (( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه )) وهذا من أسمائِه الودود من أسمائه الودود كما قال الله تعالى : (( وهو الغفور الودود )) وهذا معناه معناه المحب لأحبابه وش بعد؟ المحبوب لهم فهو وادٌ ومودود قال:
" وهو الذي جعل المحبة في قلو*** بهمُ وجازاهم بحب ثان "
اللهم اجعل محبتك في قلوبنا
الطالب : آمين
الشيخ : هو الذي جعل محبته في قلوبهم فأحبوه وإذا أحبوه عملوا له بطاعتِه ثم جازاهم بحبٍ ثان ما هو؟ حبه إياهم فتفضل عليهم أولاً بإلقاء المحبة في قلوبهم له ثم جازاهم بمحبته لهم هذا هو الإحسان حقاً إي والله هذا هو الإحسان أن يحسن أولا ثم يحسن ثانياً يحسن أولا بوضع المحبة في قلوب عباده ثم ثانياً بمحبته لهم لا معاوضة ولا لتوقعِ الشكران أي لا يرجو بذلك أن يعاوضوه ولا يتوقع منهم أن يشكروه بمعنى أنه لا ينتظر أن يشكروه فهو سبحانه وتعالى يحبهم ويلقي في قلوبهم المحبة تفضلاً
قال : " لكن يحب شُكورهم وشَكورهم *** " شُكور الفعل شَكور الفاعل الفاعل يعني يحب منهم الشكر ويحب من شكر
" *** لا لاحتياج منه للشكران " لأنه غني عن كل من سواه
" وهو الشَكور فلن يضيِّع سعيهم*** لكن يضاعفه بلا حسبان "
اللهم لك الحمد أيضاً هو الشكور من جهة أنه لن يُضيع سعيهم بل إيش؟ يضاعفه بلا حسبان الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
فهذه بشارة عظيمة لمن تأملها، والله الموفق