مقاومة الصعوبات العوائق
حسين عبد الرازق
الجانب الأهم في شخصية كل قدوة لا ينحصر فيما أنجز من الأعمال
بل في قدر العوائق والابتلاءات والمِحن التي تعرّض لها في طريقه ومع ذلك استمرّ وسعى
وأعلى الناس مقاما من حيث المطالب والوسائل والصبر والسعي هم أولو العزم من الرسل، ومِن بعدهم سائر الأنبياء وأتباعهم وهم درجاتٌ عند الله.
وأحسنُ الناس اتباعا لهم ذلك الذي يطلبُ الطريق الذي سلوكها كلَّها فيعرف واقع كلٍّ منهم وحال قومه، وإلى ماذا دعاهم وكيف، ومن أين بدأ، وكيف تلقوا دعوته، وماذا لاقاه من المحن والابتلاءات، وكيف تصرَّف فيها، وبماذا كان يتصبّرْ، وبماذا كان يدعو الله ويسأله إياه، وحالُه في السراء والضراء..
فمن طلب ذلك كلّه من كتاب الله وحديث رسوله والتمس منه الهدى، واستقام عليه، وأخذ أحسنه مما يناسبه وفعَْله في مطالبه وصبر عليه، فليس في هذه الدنيا أهدى سبيلا منه وهو الذي كان له في قصصهم عِبرة.
ثم أي ناجح بعدهم في أي مجال نافع تريد أن تنتفع منه فلا تقتصر على التعرُّف على حاله بخصوص مجاله فحسب، بل في ظروفه والصعوبات التي كانت في طريقه ورغم ذلك أنجز ما أنجز
وكثير من الناس: يُقدّر أن الناجحين حوله أناسٌ مخصوصون، أو موهوبون بالفطرة، أو محظوظون، وليس عندهم مشاكل، ولا يواجهون عقبات، ومفطورون على قوة العزم، ولا يحتاجون عناء الصبر الذي يحتاجه هو
فمن وجهةٍ يُقلل من قيمة إنجازهم حيث إن طريقهم مفروشة بالورود
ومن جهة: يُبرّر لنفسه قعودَها حيث إن ظروفة صعبة، ومحدّش في الدنيا بيعاني مثله، ولو أحد عنده خمسة بالمائة من مشاكله كان زمانه انتحر
فالحمد لله إنه لسه عايش
فيريد منك أن تشكره وتُثمّن له أنه - رغم كل ما يمُر به- ما يزال على قيد الحياة!
وهذا الصنف من الناس اغسلْ يدك منه، ولا تُكثر معه الكلام في تغيير نفسه، لأنه ميّت.. فعلا
فأنت تنفخ في رماد
واجعل نُصحك فيمن يستحق، ذلك الذي يعلم أن سبيل التغيير يشقُّه بيده، ويسعى ويصبر، وأنه سبيلٌ ممكن، وأن الله مع المحسنين الذين يجاهدون أنفسهم
ومَن لا يُكرّمْ نفسه لا يُكرَّمِ