.............................. ............
اسم الله عز وجل القدوس و السلام . هل الصفة التي يتضمنها الاسمين من الصفات الثبوتية ام السلبية ؟
و هل دلالة الاسمين على الكمال المثبت بالتضمن ام باللزوم ؟
.............................. ............
اسم الله عز وجل القدوس و السلام . هل الصفة التي يتضمنها الاسمين من الصفات الثبوتية ام السلبية ؟
و هل دلالة الاسمين على الكمال المثبت بالتضمن ام باللزوم ؟
بارك الله فيك اخى الطيبونى
قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الحشر: 23].
قال ابن القيم رحمه الله:
القدوس:
المنزه من كل شر ونقص وعيب كما قال أهل التفسير هو الطاهر من كل عيب المنزه عما لا يليق به وهذا قول أهل اللغة.
وأصل الكلمة من الطهارة والنزاهة ومنه بيت المقدس لأنه مكان يتطهر فيه من الذنوب ومَنْ أَمَّهُ لا يريد إلا الصلاة فيه رجع من خطيئته كيوم ولدته أمه ومنه سميت الجنة حظيرة القدس لطهارتها من آفات الدنيا ومنه سمي جبريل روح القدس لأنه طاهر من كل عيب ومنه قول الملائكة ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك فقيل المعنى ونقدس أنفسنا لك فعدى باللام وهذا ليس شيء والصواب أن المعنى نقدسك وننزهك عما لا يليق بك هذا قول جمهور أهل التفسير.
وقال ابن جرير: (ونقدس لك ننسبك إلى ما هو من صفاتك من الطهارة من الأدناس ومما أضاف إليك أهل الكفر بك. قال وقال بعضهم: "نعظمك ونمجدك" قاله أبو صالح، وقال مجاهد: "نعظمك ونكبرك") انتهى.
وقال بعضهم ننزهك عن السوء فلا ننسبه إليك واللام فيه على حدها في قوله: رَدِفَ لَكُمْ لأن المعنى تنزيه الله لا تنزيه نفوسهم لأجله قلت ولهذا قرن هذا اللفظ بقولهم نسبح بحمدك فإن التسبيح تنزيه الله سبحانه عن كل سوء، قال ميمون بن مهران: (سبحان الله كلمة يعظم بها الرب ويحاشى بها من السوء).
وقال ابن عباس: (هي تنزيه لله من كل سوء).
وأصل اللفظة من المباعدة من قولهم سبحت في الأرض إذا تباعدت فيها ومنه كل في فلك يسبحون فمن أثنى على الله ونزهه عن السوء فقد سبحه ويقال سبح الله وسبح له وقدسه وقدس له
وقال أيضاً:
وأما السلام :
فإنه الذي سلم من العيوب والنقائص ووصفه بالسلام أبلغ في ذلك من وصفه بالسالم ومن موجبات وصفه بذلك سلامة خلقه من ظلمه لهم فسلم سبحانه من إرادة الظلم والشر ومن التسمية به ومن فعله ومن نسبته إليه فهو السلام من صفات النقص وأفعال النقص وأسماء النقص المسلم لخلقه من الظلم ولهذا وصف سبحانه ليلة القدر بأنها سلام والجنة بأنها دار السلام وتحية أهلها السلام وأثنى على أوليائه بالقول السلام كل ذلك السالم من العيوب
وقال في موضع آخر: ولما كان السلام اسما من أسماء الرب تبارك وتعالى، وهو اسم مصدر في الأصل - كالكلام والعطاء – بمعنى السلامة كان الرب تعالى أحق به من كل ما سواه ; لأنه السالم من كل آفة وعيب ونقص وذم، فإن له الكمال المطلق من جميع الوجوه، وكماله من لوازم ذاته، فلا يكون إلا كذلك، والسلام يتضمن سلامة أفعاله من العبث والظلم وخلاف الحكمة، وسلامة صفاته من مشابهة صفات المخلوقين، وسلامة ذاته من كل نقص وعيب، وسلامة أسمائه من كل ذم،
فاسم السلام يتضمن إثبات جميع الكمالات له وسلب جميع النقائص عنه.
وهذا معنى:
سبحان الله والحمد لله، ويتضمن إفراده بالألوهية وإفراده بالتعظيم،
وهذا معنى: لا إله إلا الله والله أكبر،
فانتظم اسم (السلام) الباقيات الصالحات التي يثنى بها على الرب جل جلاله.
ومن بعض تفاصيل ذلك أنه الحي الذي سلمت حياته من الموت والسنة والنوم والتغير،
القادر الذي سلمت قدرته من اللغوب والتعب والإعياء والعجز عما يريد،
العليم الذي سلم علمه أن يعزب عنه مثقال ذرة أو يغيب عنه معلوم من المعلومات،
وكذلك سائر صفاته على هذا.
فرضاه سبحانه سلام أن ينازعه الغضب،
وحلمه سلام أن ينازعه الانتقام،
وإرادته سلام أن ينازعها الإكراه،
وقدرته سلام أن ينازعها العجز
ومشيئته سلام أن ينازعها خلاف مقتضاها،
وكلامه سلام أن يعرض له كذب أو ظلم، بل تمت كلماته صدقا وعدلا،
ووعده سلام أن يلحقه خلف،
وهو سلام أن يكون قبله شيء أو بعده شيء أو فوقه شيء أو دونه شيء،
بل هو العالي على كل شيء وفوق كل شيء وقبل كل شيء وبعد كل شيء،
والمحيط بكل شيء،
وعطاؤه ومنعه سلام أن يقع في غير موقعه،
ومغفرته سلام أن يبالي بها أو يضيق بذنوب عباده أو تصدر عن عجز عن أخذ حقه كما تكون مغفرة الناس،
ورحمته وإحسانه ورأفته وبره وجوده وموالاته لأوليائه وتحببه إليهم وحنانه عليهم وذكره لهم وصلاته عليهم سلام أن يكون لحاجة منه إليهم أو تعزز بهم أو تكثر بهم.
وبالجملة
فهو السلام من كل ما ينافي كلامه المقدس بوجه من الوجوه.
وأخطأ كل الخطأ من زعم أنه من أسماء السلوب،
فإن السلب المحض لا يتضمن كمالا،
بل اسم السلام متضمن للكمال السالم من كل ما يضاده،
وإذا لم تظلم هذا الاسم ووفيته معناه وجدته مستلزما لإرسال الرسل،
وإنزال الكتب وشرع الشرائع، وثبوت المعاد وحدوث العالم، وثبوت القضاء والقدر،
وعلو الرب تعالى على خلقه ورؤيته لأفعالهم وسمعه لأصواتهم واطلاعه على سرائرهم وعلانياتهم، وتفرده بتدبيرهم وتوحده في كماله المقدس عن شريك بوجه من الوجوه فهو السلام الحق من كل وجه كما هو النزيه البريء عن نقائص البشر من كل وجه.
قالَ - ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ- في الصواعقِ المُرسَلَةِ (4/1368)
(ومما يَنبغِي أن يُعلَمَ أنَّ كلَّ سَلْبٍ ونفيٍ لا يَتَضمَّنُ إثباتًا، فإنَّ الله لا يُوصَفُ به، لأنه عدمٌ مَحْضٌ، ونفيٌ صِرفٌ لا يَقتضِي مدحًا ولا كمالاً ولا تعظيمًا، ولهذا كان تَسبيحُه وتقديسُه -سُبحانَه- مُتضمنًا لعظَمَتِه، ومُستلزِمًا لصفاتِ كمالِه، ونعوتِ جَلالِه، وإلا فالمدحُ بالعدمِ المَحْضِ كلا مَدْحٍ، والعدمُ في نفسِه ليس بشيءٍ يُمْدَحُ به، ويُحْمَدُ عليه، ولا يُكْسِبُ القلبَ عِلْمًا بالمذكورِ، ولا مَحَبَّةً ولا قَصدًا له، ولهذا كان عدمُ السِّنَةِ والنَّوْمِ مَدْحًا وكمالاً في حقِّه سُبحانَهُ لتضمُّنِهِ واستلزامِهِ كمالَ حياتِه وقَيُّومِيَّتِه ِ، ونَفْيُ اللُّغوبِ عنه كمالٌ لاستلزامِه كمالَ قُدرتِه وقوتِه، ونفيُ النسيانِ عنه كمالٌ لتضمنِه كمالَ علمِه، وكذلك نفيُ عُزوبِ شيءٍ عنه، ونفيُ الصاحبةِ والولَدِ كمالٌ لتضمنِهِ كمالَ غِناهُ وتَفَرُّدِه بالربوبيةِ وأن مَن في السماواتِ والأرضِ عَبِيدٌ له، وكذلك نَفْيُ الكُفُؤِ والسَّمِيِّ والمِثْلِ عنه كمالٌ: لأنه يَسْتَلْزِمُ ثُبوتَ جَمِيعِ صِفاتِ الكَمالِ له على أَكملِ الوُجوهِ واستحالةَ وجودِ مشاركٍ له فيها، فالذين يَصِفُونَهُ بالسُّلوبِ فَقَطْ من الجَهْميَّةِ والفلاسفةِ لم يَعْرِفُوهُ مِنَ الوجهِ الذي عَرَفَتْهُ به الرُّسُلُ وعَرَّفُوهُ به إلى الخلقِ وهو الوجهُ الذي يَحْمَدُه به ويُثنِي عليه به، ويُمَجَّدُ وتُعرَفُ به عَظَمَتُه وجلالُه، وإنَّما عَرَفُوهُ من الوجهِ الذي يَقُودُهم إلى تعطيلِ العلمِ والمعرفةِ والإيمانِ به بعدمِ اعتقادِهِمُ الحقَّ، واعتقادِهِم خِلافَ الحَقِّ، وحقيقةُ أمرِهم أنهم لم يُثبِتُوا للهِ عظمةً إلا ما تخيلُوه في نفوسِهم من السُّلوبِ والنفيِ الذي لا عَظمةَ فيه ولا مدحَ فضلاً عن أن يكونَ كَمالاً، بل ما أَثْبَتُوهُ مُسْتَلْزِمٌ لنفيِ ذاتِه رأسًا.
وأما الصفاتيةُ الذين يؤمنونَ ببعضٍ ويَجْحَدُونَ بعضًا، فإذا أَثْبَتُوا عِلمًا وقدرةً وإرادةً وغيرَها تَضمَّنَ ذلكَ إثباتَ ذاتٍ تَقُومُ بها هذه الصفاتُ، وتتميزُ بحقيقتِها وماهيَّتِها سواءٌ سَمَّوْهُ قَدَرًا أو لم يُسمُّوه، فإن لم يُثْبِتُوا ذاتًا مُتميِّزَةً بحقيقَتِها وماهيَّتِها كانوا قد أَثْبَتُوا صفاتٍ بلا ذاتٍ، كما أثبتَ إِخوانُهم ذاتًا بلا صفاتٍ وأثبتُوا أسماءً بلا معانٍ ولا حقائِقَ، وذلك كُلُّه مخالَفةٌ لصريحِ المعقولِ، وهم يَدَّعُونَ أنهم أربابُ عَقليَّاتٍ فلا بُدَّ من إثباتِ ذاتٍ مُحقَّقَةً لها الأسماءُ الحُسْنَى التي لا تَكُونُ حُسْنَى إلا إذا كانَتْ دَالَّةً على صفاتِ كَمالِهِ، وإلا فالأسماءُ فَارِغَةٌ لا مَعْنَى لها، لا تُوصَفُ بحُسْنٍ، فضلاً عن كونِها أحسنَ من غيرِها).
وقال ابن القيم رحمه الله
صِفَاتِ السَّلْبِ الْمَحْضِ... لا تَدْخُلُ في أوصافِهِ تعالى إلاَّ أنْ تكونَ متضمِّنَةً لِثُبُوتٍ، كالأحَدِ المتضمِّنِ لانفرادِهِ بالربوبيَّةِ والإلهيَّةِ، والسلامِ المتضمِّنِ لبراءتِهِ مِنْ كلِّ نَقْصٍ يُضَادُّ كمالَهُ، وكذلكَ الإخبارُ عنهُ بالسُّلُوبِ هوَ لِتَضَمُّنِهَا ثُبُوتَاً ؛ (([لـ] أنَّ كلَّ ما يُنَـزَّهُ الربُّ عنهُ إن لم يكنْ مُتَضَمِّناً لإثباتِ كمالِهِ ومُسْتَلْزِماً لأمرٍ ثبوتيٍّ، يُوصَفُ بهِ لم يكنْ في تنـزيهِهِ عنهُ مَدْحٌ ولا حَمْدٌ ولا تَمجيدٌ ولا تَسبيحٌ؛ إذ العَدَمُ المحضُ كاسمِهِ لا حَمْدَ فيهِ ولا مَدْحَ، وإِنَّمَا يُمْدَحُ سُبحانَهُ بِنَفْيِ أمورٍ تَستلْزِمُ أموراً هيَ حقٌّ ثابتٌ موجودٌ يَسْتَحِقُّ الحمدَ عليها، وذلكَ الحقُّ الموجودُ يُنافِي ذلكَ الباطلَ الْمَنْفِيَّ، فيُسْتَدَلُّ برفعِ أحدِهما على ثبوتِ الآخَرِ، فتارةً يُسْتَدَلُّ بثبوتِ تلكَ المحامدِ والكمالاتِ على نفيِ النقائصِ التي تُنَافِيهَا، وتارةً يُسْتَدَلُّ بِنَفْيِ تلكَ النقائصِ على ثبوتِ الكمالاتِ التي تُنافِيهَا، فهوَ سُبحانَهُ القُدُّوسُ السَّلامُ
نعم
( السلام ) ذو السلامة من كل ما لا يليق
الدرر الكامنة فيما تضمنه اسم الله السلام من المعانى [ من بدائع الفوائد]