تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 6 من 6 الأولىالأولى 123456
النتائج 101 إلى 115 من 115

الموضوع: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

  1. #101
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحُميدي مشاهدة المشاركة
    إني أعتذر للشيخ -رحمه الله- ولتلامذته، ومحبيه، مما قلتُه في حق تحقيقه (أو قراءته) بغير بحق، وكذا أعتذر من بعض ألفاظي الحادَّة، ونسأله تعالى العصمة من الخلل والزلل.
    الحمد لله ، الآن بردت علىَّ جلدتى وإن كانت ذمة المدين لا تبرأ إلا بالسداد
    أما وقد اعتذرت فأظننى الآن أستطيع أن أعود إلى حياتى التى أفسدتها علىَّ قبلُ وإلى امتحاناتى التى أوشك أن أرسب فيها بسبب هذه الفتنة التى حدثت والتى ما كانت إلا بسبب الكثير من التهاون بما يلقى إلى الناس من غير تقدير للعواقب فغفر الله لك ما تسببت فيه وسامح من انضم إلى إلى فسطاطك متهاونا ومن غير نظر ورحم الله أبا فهر ورضى عنه
    ولكنى أقول لك إنه لا ينفعك أن تعتذر إلى الشيخ كما اعتذرت إلى محبيه فإن الرجل ليس بيننا ولكنه ينفعك إن شاء الله أن تدعو له فى سرك وعلانيتك مخلصا له فى الدعاء وهذا إنما تفعله إن كنت حقا مخلصا في اعتذارك
    ولقد كنت على وشك أن أكتب [ أبو فهر رجل فى أمة وأمة فى رجل ] فأبين كيف عاش هذا الرجل فى أمة دافع عنها بما لا نستطيعه جميعنا وكيف وقف وحده فى وجه المستشرقين والمبشرين وصبيانهم ممن أفسدوا على الأمة حياتها وأدبها وثقافتها وحضارتها حتى صارت مسخا من الحضارة الغربية الوثنية حتى كادوا أن يفسدوا على الأمة دينها إلا من رحم الله
    ثم كان ماذا ؟ كيف كان حال الأمة مع هذا الرجل =الذى هو أمة وحده والذى أحاط بتراث الأمة جميعه فى مختلف العلوم والفنون واجتمع فيه من العلم والمعرفة ودقة النظروحدته مالا يجتمع فى غيره إلا الأفراد الواحد تلو الآخر ولا يكون إلا على تطاول السنين = هل نصفته حيا ؟ لقد ألقى فى السجن بضع سنين وعانى معاناة شديدة جعلته يعتزل الناس ويعض بأصل بيته ويكتفى بأن يرشد من جاءه فى بيته مسترشدا أو يذكر بعض ذلك فى كتبه وتحقيقاته
    وربما قال البعض : بلى لقد اختير عضوا مراسلا فى مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1981 وعضوا عاملا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1982 قلت : أى تقدير هذا الذى جاءه بعد أن طعن فى العمر وجاوز السبعين . رحمه الله ورضى عنه وجزاه خير الجزاء وفاق ما دافع عن أمته
    ثم جئت على قدر أيها الأخ الحميدى طاعنا فى الشيخ بعد وفاته لقد عمدت إلى رجل هو علم كله فنسخت علمه وهو فهم كله فمسخت فهمه وهو بصيرة كله فأزلت بصيرته لقد كان للشيخ عليك حقا أن كنت من هذه الأمة العربية الإسلامية التى دافع عنها كما لم تدافع عنها الجيوش العرمرم لقد كان للشيخ عليك حقا لو علمته لدافعت عنه بكل ما أوتيت من قوة لا أن تسفه من علمه وفهمه ولك الآن أن تدعو له ثم تعيد نظرا فى نظراتك فربما كنت على خطأ ولا بد للمرء أن يتأنى قبل أن يتجنى.
    ألا إنها نفثة مصدور قد كتبتها ولا بد للمصدور أن ينفث
    ولا بد بعد هذه النفثة أن أشارك فى النظر فى نظراتك من غير حيف عليك ولا ميل إلي الشيخ -رحمه الله ورضى عنه - ولكن لضيق وقتى وشغلى بالامتحانات فإنى سأنظر فى أول مشاركة وآخر مشاركة فإلى أن أنظر فيهما فإنى أدعو الله لى ولك ولمن مال إلى فسطاطك بالهداية والمغفرة وحب الحق وأهله
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  2. #102
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    6

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    بارك الله فيك

  3. #103
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

    ** تصدير **

    "ولو كان النّاسُ إذا عنَّ لهم القولُ نظروا في مؤدّاه، وتَبيّنُوا عاقبته، وتذكّروا وصيّةَ الحكماء حين نَهوا عن الوُرُود حتّى يُعرَف الصّدَرُ، وحَذِروا أن تجيء أعجازُ الأمور بغير ما أَوْهَمت الصدورُ؛ إذًا لَكُفُوا البلاءَ، ولَعدم هذا وأشباهُه مِن فاسد الآراء. ولكن يأبى الذي في طباع الإنسان مِن التسرّع، ثم مِن حُسن الظنّ بنفسه، والشغف بأن يكون متبوعًا في رأيه، إلا أن يخدعه ويُنسيَه أنّه موصى بذلك ومدعُوّ إليه، ومُحَذّر مِن سوء المغبّة إذا هو تركه وقصّر فيه. وهي الآفة لا يسلم منها ومِن جنايتها إلا مَن عصم الله."

    (صاحب السر)


    وبعد،
    ماذا عسانا نقول في هذه "النظرات"؟
    ينطلق أخونا الحميدي من مسلّمة ملخّصها أنّ الشيخ أبا فهر، رحمه الله، حرّف في مواضع من "أسرار البلاغة"، وتسلّط على متنه، وأغار عليه بالتغيير والتبديل، مخضعًا إياه لعقله وذكائه، متجاهلاً لما "أجمعت عليه النسخ".

    ونظراته تلك لا تستند إلى منهج واضح المعالم، بَيّنِ القسمات؛ بل إنّ تأمّلها ليشي بأنّ صاحبها لم يقرأ الكتاب كلّه، واكتفى بــ "النطّ" عبر هوامش الكتاب، مُخرِجًا مجهرَه كلّما قرأ عبارة: "في المخطوطة والمطبوعتين". وحكمُنا هذا يستند إلى قرائن عدّة، أوْلاها بالذّكر أنّ المواضع التي صرّح فيها المحقّق بمخالفته الأصولَ المتاحة أربعون ونيّف، اكتفى منها صاحبنا بذكر الربع، متجاهلا الباقي. ولو التزم بواجب الأمانة العلمية، لذكرها كلّها، مشيرًا إلى ما لها وما عليها؛ ليدرك القارئ مدى إساءتها أو إحسانها إلى الكتاب.

    و"النظرات" كلّها تفتقر إلى منهج في الاستدلال من شأنه إقناع القارئ بخطأ المحقّق؛ بل اكتفى صاحبها بحجج "ذوقية" "انطباعية"، يكاد يلخّصها جميعًا قوله: "لو تُرك المتن كما هو ، لكان في غاية الجودة والاستقامة"، أو "قارنْ بينهما، يَلُحْ لك وجه الصباحة"! وهذا النهج، سَمّه ما شئتَ، إلا أن يكون نقدًا. إذ صاحبه يكتفي بإلقاء الشبهة والتشكيك في صواب ما ذهب إليه المحقق دون أدنى حجّة معتبرة، ثم يدعو غيره إلى إبداء رأيه في "انطباعاته" تقريرًا أو نفيًا. ولو صاغ نظراته تلك بأسلوب استفساري يزينه توقير مقام المحقّق، لكان لها حظ من نظر العقلاء؛ ولكنه قرّرها بتلك اللهجة التي نفّرتنا منها، ثم شفع ذلك بأحكام شاملة على منهج المحقق، شأوها الاستفزاز، لا غير.

    (يتبع...)

  4. #104
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    (... تابع)

    وقد عجب صاحب "النظرات" من إحجام العقلاء عن تعقُّب ما سطرت كفّه، وظلّ يناشد القرّاء الخوض معه في الذي خاض فيه. وهذا دأب مبعثري الشبَه في مجالس المنصِفين، وغايتهم الظفر ولو بتقرير واحدة منها؛ لأنّ ذلك –في نظرهم القاصر- يفي بالغاية. والغاية في مقامنا هذا: الطعن في عِلم العلّامة محمود شاكر، وفهمه، ومنهجه. ولو أقسم صاحب النظرات بالأيمان المغلّظة أنه لم يرد ذلك ولا خطر بباله، لما سلّمنا له به، إذ كلامه المرقوم شاهد عليه.
    ومجاراة منتهجي هذه السبيل مزلّة ما بعدها مزلة، لأنها لا تحقق سوى أمنية سالكيها، وأمنيّتهم: زرع الشك، لا غير.
    والنهج الأقْوَم أن يطالَب هؤلاء بنقد علميّ شامل للتحقيق، لا الاكتفاء بنظرات مختلسات، لم يسعفها نور الإنصاف، فأتت بالعجائب. والنقد العلمي الشامل يقتضي:
    _ قراءة الكتاب المحقّق قراءة متأنيّة عدّة مرّات، لاستيعاب أسلوبه وعبارته، والإحاطة بمضمونه.
    _ قراءة كلّ ما كتب المؤلّف، لسبر مذهبه وآرائه، واستقراء ديباجته ونظم كلامه.
    _ قراءة كلّ ما له صلة بالكتاب والفنّ الذي كُتِب فيه، سواء ممّن سبقه أو من جاء بعده.
    _ استحضار الكتب التي نقلت عن الكتاب، والاستناد إليها في تقويم نصّه، إذا لم تكن إحدى نسخه بخطّ المؤلف.
    _ تمحيص تخريج المحقق للنصوص، لمعرفة مدى صحّته، ودقّته، واستيعابه.
    _ قراءة التحقيق على ضوء النسخة أو النّسَخ التي اعتمد عليها المحقّق، لتَبَيُّن مدى سلامة قراءته ودقة ضبطه. فإذا لم يتسنّ هذا للناقد، اكتفى بنقد المتاح، أو تناوَل الغائبَ بصيغة الاحتمال لا الجزم.
    _ رصْد المحاسن والمساوئ، وبيان نسبة أثر ذلك على الكتاب كلّه؛ ثم استخلاص حكم شامل على قيمة التحقيق، استنادًا إلى تقييم كَمّي وكيفيّ دقيق، يصرّح بمنهجه، ويعلّل انتقاداته.
    _ استصحاب سيرة المحقّق وأعماله، وما قيل عن علمه ومنجزاته المعرفيّة. وهذا من صميم العلم، ولا علاقة له بالعاطفة أو المحاباة.

    (يتبع...)

  5. #105
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    (... تابع)

    والعجيب في أمر صاحب النظرات أنّه يثور كلّما خالف أبو فهر "المخطوطة والمطبوعتين"، ثم يحاكمه إلى ما أثبت لتصويب ما نفى! فالرجل لم يقف لا على المخطوطة، ولا على المطبوعتين. ومستنده الوحيد هو ما أثبته المعترض على ما ورد في هذه الأصول، أي الشخص الذي يشكّك في صحة فهمه للنص وسوء قراءته للمخطوط! وهذا حقًّا من العجائب!
    ولو سلّمنا أنه اطّلع على المطبوعتين، فإنّ النص المثبت فيهما، وكذا الإحالات على النّسَخ؛ إنّما هو نتيجة اجتهاد الشيخ رشيد رضا والمستشرق ريتر في قراءة الأصل المخطوط. وإذا لم نطّلع على الأصول المخطوطة، فإنّه لا يحق لنا الجزم بصحة قراءة المحقق ونحن في مقام النقد. وفي مطبوعة الشيخ رشيد رضا أخطاء عديدة، لم يتتبّعها الشيخ شاكر بالنقد في تحقيقه ولم يُشِر إليها؛ ومردُّ ذلك إلى أنّ الغاية من استخدامه لمطبوعة صاحب المنار لم تكن تمحيصها بالنقد، بل الاستئناس بها أصلاً إضافيا، لغياب النسخة الأم. ولو فعَلَ ذلك، لأعاد صاحبنا الحميديُّ النظرَ في تقديسه للمطبوعتين واعتبار ما أجمعتا عليه إجماعًا ملزِمًا. والشيخ محمود شاكر لا يشير في الغالب إلى المطبوعتين إلا إذا تطابق مضمونهما مع ما في نسخته هو.
    ولِيَعلمَ أخونا الحميدي أنّ الرجوع إلى الأصل المخطوط أمرٌ ضروري لنقد المطبوع بشكل دقيق، أنصحه بمراجعة تحقيق الشيخ محمود شاكر لشافية الجرجاني، وتعقيباته على تحقيق محمد خلف الله ومحمد زغلول سلام.

    (يتبع...)

  6. #106
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    (... تابع)


    وبعد هذا كلّه،
    هل لجأ صاحب "النظرات" إلى أدوات نقد التحقيق؟ الجواب: لا.
    وهل زعم أنّه فعلَ ذلك؟ الجواب أيضًا: لا. بل طالَبَنا فقط بالنظر في نظراته. أي: بنقد ما ليس نقدًا!
    هو إذن لم يلجأ إلى النقد العلميّ الصارم، ولم يزعم أنه فعل ذلك؛ وإنّما اكتفى بنظرات "ليست كالنظرات"، واستخلص منها أحكامًا ذات طابع شامل تُدين علمَ المحقّق، وفهمَه للغة المؤلّف، ومنهجه في التحقيق. ومن لطيف الاتفاقات أنّ صاحبنا كتَب في إحدى مشاركاته: "الجرناني"، بدل "الجرجاني"؛ وجرجان لا يمكن اختزالها "جرنان" (والأصل "جرنال" (أي: جريدة)، لكن طرأ عليها الإبدال كما طرأ على "حلك الغراب"). وهذا من أسرار زلات القلم وفلتات اللسان التي نبّه عليها فرويد وأولاها اهتمامًا خاصًّا...
    ونقد النقد، يؤدّي ضرورةً إلى نقد العمل المنتقد. هذا إذا كان النقد نقدًا، أي إذا التزم صاحبه بضوابط هذا الفنّ ومقتضياته. أمّا إذا لم يكن نقدًا، فإنّ مؤدّى الانجرار إلى نقده هو: نقد ما لم ينتقَد، نيابةً عمّن يتمنّى نقدَه وفْق الشكل الذي يراه والغاية التي يتمنّاها. ولهذا السبب لم نُجار صاحبَنا بالخوض في نظراته.
    والنقد الشامل لأي تحقيق يتطلّب الالتزام التام بالمعايير التي ذكرنا أمرها. وقد استغرق تحقيق الشيخ محمود شاكر لأسرار البلاغة عدّة سنوات. والشيخ هو الشيخ، إحاطةً بشوارد العربية، ورسوخَ قَدمٍ في علوم شتّى، وتمكّنًا من فنّ تمحيص النصوص وإخراجها على الوجه اللائق بها وبأصحابها... إلخ. ولسنا ندّعي أنّه "فوق النقد"، أو نزعم له العصمة من الزلل، كما قد يظنّ ظانّ، أو كما قد يوهم به إيماء صاحب النظرات. لكن ممّا لا ريب فيه أنّ العزم على نقده يقتضي استكمال العدّة، ونُبل المقصد، والتحوّط في القراءة والنقد على السواء.
    وقبل ذلك كلّه، لا بدّ أن تكون للنقد علّة أو غاية. فما هي الغاية من نقد تحقيق أسرار البلاغة؟ هبنا وقفنا على نقد التحقيق الوقتَ اللازم، بِعُدّة كاملة وكفاءة مستوفاة، ثم خلصنا إلى رصد عدد من الهفوات، أو الهنات، أو الأخطاء، تذوب في بحر حسناته ولا يلتفت إليها أهلُ هذا الشأن. ماذا عسانا نجني من ذلك؟ وما هي الإضافة المرجوّة من هذا الجهد؟
    إنّني لعلى يقين أنّه لو تفرّغ جهبذ منصف لقراءة تحقيق أبي فهر السنوات ذوات العدد، لخلص إلى عدد محصور من الهفوات، ولصنَّفها إلى: متنازَع فيه، وهو الغالب؛ ومقطوع بخطئه، وهو نادر، وسببه السهو الذي يعرفه كل من يتعاطى هذا الفن، لا ما أوهمنا به الحميدي من اعتداد أبي فهر بذكائه والسعي إلى إبرازه ولو بطمس المتن وتشويهه!
    وهذا المسعى قد يتعاطاه مَن بورك في وقته، فوجد له متّسَعًا. وقصاراه: الوصول إلى استدراكات معدودة محدودة، لا تنقص من جبل شامخ في دنيا التحقيق اسمه: محمود شاكر. أما والحال الغالبة على معظم المشتغلين بهذا الفن غير ذلك، فإنّك تجدهم يسجّلون استدراكاتهم على نسخهم، أو يشيرون إليها عرَضًا في مجالسهم، أو يتناولون البعض منها في كتاباتهم، إذا اقتضى الأمر ذلك.

    (يتبع...)

  7. #107
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    (... تابع)
    أقول هذا لأؤكّد لصاحب النظرات أنه لم يكتشف القمر بنظراته، بل الحديث عن بعض هفوات الشيخ متداوَل بين تلاميذه ومحبّيه والأوفياء لمنهجه، قبل خصومه وحاسديه. والجامع بين هؤلاء وأولئك من المنصفين أنّه لم يجرؤ أحد منهم على اتخاذ تلك الهفوات سُلّما للتطاول عليه، أو ذريعةً للتشكيك في علمه أو منهجه. وقد قرأنا لخصوم الشيخ افتراءات على طبعه، أو أفكاره، أو مواقفه السياسة؛ لكنّنا لم نجد أحدًا شكّك في علمه، أو استيعابه للغة العربية، أو أمانته، بشكل فجّ مبتذل قاصر متنطّع كالذي صدمنا به صاحب النظرات.

    وآفة نظرات الحميدي أنه ترك السّنَن اللاحب، وسلك طريقا يغمض؛ وهذا مِن ضَعف الرأي، على حدّ عبارة الإمام الجرجاني. إذ رأيناه لم ينتبه إلى هفوات لا تقبل النزاع، والتفت إلى مواطن تظل كلّها محلّ نظر، لارتباطها بمراجعة الأصول المعتمدة. وفي التحقيق مواضع هي أوْلَى بالتنبيه عليها من تلك التي تشبّث بها صاحبنا. ولن أشير إلى جميع ما اهتديتُ إليه منها، أو ما دلّني عليه أستاذتي؛ لا كتمانًا للعلم، أو ضنّا به على غير أهله، بل لاقتناعي أنّها لا تؤثّر البتّة على القراءة السليمة لمتن الكتاب، ولتفويت الفرصة على مَن يجعلون مِن سقطات الأكابر جسرًا لهدم تراثهم وتراث الأمّة.

    وسأكتفي بذكر مثال واحد، ليدرك أخونا الحميدي الفرقَ بين المتنازَع فيه وما لا يقبل النزاع:
    يقول الجرجاني في "أسرار البلاغة"، بقراءة محمود شاكر:
    " ومثالُه قول لبيد:
    وغدَاةَ ريحٍ قد كَشَفْتُ وقِرَّةٍ ** إذ أَصبحَتْ بيَدِ الشَّمالِ زِمامُها
    وذلك أنه جعل للشمال يدًا، ومعلوم أنه ليس هناك مُشار إليه يمكن أن تُجرَى اليد عليه، كإجراء "الأسد" و"السيف" على الرجل في قولك "انبرَى لي أسدٌ يَزْئِرُ" و"سللتُ سيفا على العدوّ لا يُفَلُّ"، = و"الظباءِ" على "النساء" في قوله:
    * الظباءِ الغِيدِ *" (ص 45)
    في مطبوعة الشيخ رشيد رضا (ص 34) تقرأ: " في قوله "من الظباء الغيد"
    وقد أورد العبارة وكأنها جزء من كلام مرسل. وهذا خطأ، لكنه ليس بالفاحش الذي يشهّر لأجله بالمحقق.
    وفي الحاشية رقم 2 في الصفحة 45 من تحقيق الشيخ محمود شاكر نقرأ:
    "في المخطوطة والمطبوعتين: "من الظباء الغيد"، وزيادة "من" خطأ مفسد، والصواب ما أثبت، وهو في قصيدة البحتري في ديوانه، يقول أول القصيدة:
    شُغْلان من عَذْلٍ ومن تَفنِيدِ --- ورَسِيسُ حُبٍّ طارِفٍ وتلِيدِ
    وَأَمَا وأَرْآم الظباء، لقد نأتْ --- بهواكَ أرْآم الظباءِ الغيدِ".
    وهنا بيت القصيد!
    إذ التفت ذهن الشيخ إلى تلك القصيدة من ديوان البحتري، لأنّها أوّل قصيدة في قافية الدال، فتوقّف عندها. وظَنّها الموضع الوحيد المتضمّن عبارة "الظباء الغيد"، فجزَم أنّ "مِن" زيادةٌ من الناسخ، وحَكَم أنّها خطأ مُفسِد.
    وبمراجعة ديوان البحتري، نجد له قصيدةً مطلعُها:
    مَنْ عَذِيري مِن الظّباء الغِيدِ --- ومُجِيري مِن ظُلْمهنّ العَتِيدِ
    ورقم القصيدة في الديوان بتحقيق حسن كامل الصيرفي هو: 286. وهي مثبَتة أيضًا في طبعتَي البرقوقي والجوائب.
    وهي التي أرادها الجرجاني.
    وبهذا يتبيّن أنّ "مِن" ليست مقحمة في المخطوط ولا زائدةً، بل هي في موضعها الذي أراده البحتريّ والجرجانيّ على السواء.
    ولو أحببنا استعارة أسلوب الشيخ، لقلنا: "وهذا هو الصواب المحض". وقد قلنا...

    وكلّما وقعت عيني على هفوة من هذا الجنس لأكابر المحقّقين، ابتسمتُ ودعوتُ لهم بالخير؛ إذ لولا نهجهم الصارم في نقد النصوص وتقويمها، لما اهتدى بعضنا إلى الاستدراك عليهم. فالفضل يعود إليهم أوّلاً وأخيرًا؛ وهذا من فضل الله عليهم، رحمهم الله.

    وأنت لو تأمّلت حاشية الشيخ محمود شاكر على كلام الجرجاني، لأدركت صرامته ودقّته في قراءة النصوص، وتفانيه في ردّها إلى أصولها. وبيان ذلك أنّ قول الشيخ عبد القاهر: "و"الظباء" على "النساء" في قوله: "من الظباء الغيد"، ما كان ليستوقف أيّ محقّق. ولو تركه كما ورد، دون تعليق أو تخريج، لما ليم على ذلك. ولكن هيهات أن يستهوي هذا "النمطُ السهل" أبا فهر. فقد لفتت انتباهه "من"، وحضورها أعطى للعبارة موسيقى ألحقتها بالشعر، فقاده حدسُه إلى أنّها جزء من بيت شعري. فعاد إلى ذاكرته الشعرية، ولعلّه راجع دواوين كلّ الشعراء الذين سبقوا عصر الجرجاني. واهتدى إلى البحتري. ولولا حدسه، وجهده، ثم اجتهاده، لما صحّ لمستدرك أن يهتدي إلى البيت الصحيح الذي اجتزأ منه الشيخ عبد القاهر.
    وما هذا بمستغرَب من رجلٍ استوقفته إشارة الجرجاني إلى "قوم لهم نباهة وصيت" في "دلائل الإعجاز"، وظلّ يتساءل عن حقيقتهم ما يقارب الثلاثين عامًا، إلى أن طُبع جزءٌ من "المغني" للقاضي عبد الجبّار، فتيقّنَ أنه هو المقصود، لا غير!
    (يتبع...)

  8. #108
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    . وقد أقرّها الشيخ منصور مهران. وإذا أقرّ الشيخ منصور أمرًا له تعلّق بهذا الفنّ، لم يسع المنصِف إلاّ أن يقول: آمين!
    وهذه خلاصة لائمتي للأخ الحميدي:
    _ تسرّع في خوضه هذا الخِضَمّ. ولو تأنّى لجاء منه الخير المرتجى.
    _ لم يتزوّد بما يكفي لنقد التحقيق من أدوات لغوية ومعرفية وإجرائية تتعلّق بأصول فن التحقيق وضوابطه ومناهجه.
    _ أظهر جرأةً شنيعة في نقده لعلَم مِن أعلام العربية وفذّ مِن أفذاذ التحقيق. وهذا مِن شأنه أن يحجب عنه كنوز ولطائف هذا الفن؛ إذ استصغار الأكابر في أيّ فن عاقبته الحرمان.
    _ كلّ الذي تعرّض له بالنقد يتعلّق بمواضع صرّح الشيخ شاكر فيها بمخالفته لأصول الكتاب. وكان على الناقد أن يتساءل بدءًا: لماذا فعل الشيخ ذلك؟ أو: ما الذي اضطرّه إلى ركوب هذا المركب؟ ولو اهتدى إلى الجواب، لأعفانا من كثيرٍ مِن "نظراته"، ولصاغ ما تبقّى منها بأسلوب يتفق ومناهج النقد وعباراته.
    _ خلَتْ كلّ اعتراضاته مِن حجج مقنعة؛ بل لفّها في عبارات فضفاضة موهمة، لا تفي بغرض قائلها، بله غرض قارئها. وكان في كلّ مرة يعيدنا إلى ما جاء في المطبوعتين، فيتغزّل بحسن اتّساقه، ويهجو ما اقترحه الشيخ محمود شاكر. وكأنه يكفي قولك عن كلام ما إنه خطأ ليصبح خطأ في أعين الناس! وردّ كلام جبل شامخ في دنيا اللغة والتحقيق لا يكتفى فيه بالإحالة إلى "مختار الصحيح"، وبشكل مختزَل فيه إخلال بالأمانة العلمية التي ثار صاحبنا للدفاع عنها!
    وخلاصة الخلاصة أننا إزاء أمثال نظرات أخينا الحميدي في نقد فحول المحققين نستعير منهج المحامي "جاك فيرجيس" في مرافعاته عن القضايا العادلة، وترجمَتُه: "منهج القطيعة". وهذا تنزيلُه على ما نحن فيه:
    دعواك ضد الشيخ مرفوضة جوهرًا وشكلاً. وذلك لعدّة أسباب، أهمّها: عدم أهلية المدّعي، قصور الدعوى، إخلالها بالأشكال الإجرائية المعتمدة، سواء في اللغة أو المنهج.
    فإذا أردت أن تناقَش نظراتك نقاشا علميًّا، صغها أوّلاً صياغة علميّة. واحرص على أن تكون مستوعبةً للكتاب كلّه، مستوفيةً لشروط النقد الجادّ، ملتزمة بأسلوب علمِيّ.
    إذا التزمت بذلك، ورأينا فيك شروط الناقد الجاد، صحّ منّا النظر الجادّ في نقدك والتعقيب بما له أو عليه. أمّا أن تسرد مواطن دوّختك من تحقيق الشيخ، ثم تسخّفها بغير علم لتستفز غيرك عساه يضيء لك ما كمن من أسرارها؛ فهذا ممّا لا يستحق الرد، لأنه غير ملتزم بشروط النقد.
    وقد يرِد على بالك أنّ هذا الجواب ضربٌ من الحيدة... كما قد تقول في نفسك: لو استطاعوا الرد عليّ لفعلوا، فسكوتهم دليل على عجزهم، وتأكيد على أنّي على حق في نظراتي.. فإذا ورد على بالك ذاك الجواب، أو قلت في نفسك مثل هذا الكلام، فثق أنّك لم تستوعب بَعْد ما سبق تقريره.
    ولأزيل عنك كل شك أو ارتياب إزاء هذه المسألة، أعدك بمناقشة نظراتك المتعلّقة بثلاثة مواطن ممّا ذكرت؛ لا لإثبات أنّك أخطأت فيها أو أصبت، فهذه مزلّة لن أنزلق فيها، بل لتبيين منهج الشيخ وتعليل لجوئه إلى مخالفة الأصل في بعض المواضع من تحقيقاته.
    وأرجو أن تتحلّى بالصبر، لأنني لن أحرّر ما وعدتك به إلا بعد أسبوع، بإذن الله؛ إذ لنا في شؤوننا الخاصة نظراتٌ أخرى، ولكلٍّ نظراته...
    والله الهادي إلى سواء السبيل.
    (يتبع...) + (ابتسامة)

  9. #109
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    (... تابع)
    ** خاتمة **


    "اعلمْ أنّ البلاء والداءَ العياء أنْ ليس عِلمُ "التحقيق" بالذي تستطيع أن تُفهِمَه مَن شئتَ ومتى شئتَ، وأنْ لستَ تملك من أمرك شيئا حتى تظفر بمن له طبع إذا قدحْتَه وَرِي، وقلبٌ إذا أَرَيتَه رأى. فأمّا وصاحبُك مَن لا يَرى ما تريه ولا يهتدي للذي تهديه، فأنت معه كالنافخ في الفحم من غير نار، وكالملتمس الشمّ مِن أخشم. وكذلك لا يفهَم هذا البابَ مَن لم يؤتَ الآلةَ التي بها يفهم، إلا أنّه إنّما يكون البلاء إذا ظَنّ العادم لها أنه قد أوتيها، وأنّه ممّن يَكمُل لِلحكم ويصحّ منه القضاء. فجَعَل يَخبط ويقول القولَ لو عَلِم غِبَّه لاستحيا منه."

    (
    دليل الدليل)

  10. #110
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    2,225

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د:ابراهيم الشناوى مشاهدة المشاركة
    أستطيع أن أعود إلى حياتى التى أفسدتها علىَّ قبلُ وإلى امتحاناتى التى أوشك أن أرسب فيها بسبب هذه الفتنة التى حدثت والتى ما كانت إلا بسبب الكثير من التهاون بما يلقى إلى الناس من غير تقدير للعواقب فغفر الله لك ما تسببت فيه وسامح من انضم إلى إلى فسطاطك متهاونا ومن غير نظر ورحم الله أبا فهر ورضى عنه
    الأخ إبراهيم الشناوي
    وفَّقك الله في امتحاناتك، وأنالَك ما تريد، وجعلك طبيبا ماهرًا حاذقًا في الطب، كما أشهد لك أنك ماهر في كتابتك الأدبية.
    وما كان ينبغي لك أن تحبس وتكتم كل هذا الألم في نفسك، وتسكت إلى أن تتجاوز المشاركات في الموضوع (مائة) مشاركة .... يعني حرام عليك نفسك ...
    ثم جئت بعد المشاركات المائة لتثور على الأخ الحميدي وعلى من انضم إلى فسطاطه - تَعنيني - مزايدًا على المحبة والتبجيل للعلامة (محمود محمد شاكر) أخي العلامة المحدث (أحمد محمد شاكر) ....
    فأقول لك: هوِّن عليك أخي؛ فالمقامات محفوظة، ولن يغضَّ شيء مما في هذا الموضوع من قدر العلامة المحقق، ولا أنا جحدت فضله أو قللتُ.... وإنما كلّ ما سبق مدارسة، تذكرة للعاقل ومنبهة للغافل.
    مع أنك مشكورٌ في محبتك للرجل، وثنائك عليه، وحفظِك له ما أسداه إلى الأمة بوقوفه في وجه المستشرقين وتلاميذهم.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د:ابراهيم الشناوى مشاهدة المشاركة
    ولا بد بعد هذه النفثة أن أشارك فى النظر فى نظراتك من غير حيف عليك ولا ميل إلي الشيخ -رحمه الله ورضى عنه - ولكن لضيق وقتى وشغلى بالامتحانات فإنى سأنظر فى أول مشاركة وآخر مشاركة فإلى أن أنظر فيهما فإنى أدعو الله لى ولك ولمن مال إلى فسطاطك بالهداية والمغفرة وحب الحق وأهله
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    وننتظر منك النظر في تلك النظرات من غير حيف ولا ميل، ولا تلميح إلى الفسطاط
    صورة إجازتي في القراءات العشر من الشيخ مصباح الدسوقي

  11. #111
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    518

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    لي عودة لنفثات الأخ دإبراهيم الشناوي، والتي هيجتْ نفثات (وفلتات) الأخ الواحدي..،

    فلله الحمد الذي جعل اعتذاري مفتاحا لقيود كبلت تلك النفثات، ولعل المُقام (وكذا الكلام) سيحلو..،
    قال الإمام الأشم نادرة الأزمان أبو محمد ابن حزم الظاهري - رحمه الله و رضي عنه- :
    (((و الإنصاف في الناس قليل )))
    نقلا عن " التقريب لحد المنطق،329" ، تـ: إحسان عباس رحمه الله .

  12. #112
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    * تصويب للمشاركة رقم: 108:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة
    . وقد أقرّها الشيخ منصور مهران. وإذا أقرّ الشيخ منصور أمرًا له تعلّق بهذا الفنّ، لم يسع المنصِف إلاّ أن يقول: آمين!
    [/color]
    والكلام جاء مبتور الأوّل، كما هو واضح. وكنت أدخلتُ تعديلاً على المشاركة، فحذفتُ سهوا رأس النص. وتمامه:

    "وليس في النيّة استصغار أمر "نظرات" أخينا الحميدي، أو التهوين من كفاءته وعلمه، أو التثبيط من عزيمته؛ لكن وددت لو تأمّل مليًّا ملاحظات الأخ عادل بن حزمان (رقم 51). وقد أقرّها الشيخ منصور مهران. وإذا أقرّ الشيخ منصور أمرًا له تعلّق بهذا الفنّ، لم يسع المنصِف إلاّ أن يقول: آمين!"

  13. #113
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    1,125

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    ما أعجب المصادفات!

    بعيداً عن الجدل، ولكن في صميم الموضوع!
    كنتُ أحضرتُ طبعات الأسرار إلى غرفة الجلوس لأجل هذا الموضوع، فلما نظرت في ص 391 من طبعة الشيخ لأجل كلمة (يهرف)، وجدتُ أنني استدركت بقلمي شيئاً على الشيخ في الصفحة التي بعدها 392 !
    فلننظر ما هو!

    استشهد عبدالقاهر بقول الشاعر:
    أتيناهمُ من أيمن الشقّ عندهم *** ويأتي الشقيَّ الحَيْنُ من حيث لا يدري
    فكتب الشيخ في الحاشية: غاب عني موضعه وقائله.
    وكتبتُ أنا في أيمن الصفحة: شتيم بن خويلد الحيوان 5/516

    والشيخ يخرِّج الأشعار أحياناً بمثل هذه العبارة، فيقول: أذكر البيت ولا أعرف مكانه.
    فبدا لي، والحاسوب أمامي، أن أمتحن علم الشيخ وتحقيقه وتخريجه وذاكرته!
    كما امتحنوا حفظ البخاري!
    فلعل الشيخ توهَّم أن البيت نادر وهو مشهور سائر!
    أو غاب الموضع عنه وهو يوجد في عشرات المواضع!
    وليس لهذا الامتحان موضع أحسن من هذا المقام!

    فلم أجد في (موسوعة الشعر العربي)، وفيها أمهات كتب التراث، مورداً لهذا البيت إلا كتاب الحيوان!
    فرحم الله أبا فهر، وبرَّد مضجعه، وأسبغ عليه شآبيب الرحمة والرضوان!
    كأنما زُويت له كتب التراث، أو جُمعت له في ذاكرته، فعلم أن البيت إنما يوجد في موضع واحد، ولم يذكر ما هو!
    أستاذ جامعي (متقاعد ولله الحمد)

  14. #114
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    518

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    الحوْرُ بعد الكوْرِ !!


    فقد قال شيخنا العلامة أديب العلماء وعالم الأدباء محمد بن الأمين بوخبزة -شفاه الله وحفظه-، في مطلع قصيدة، وأكتفي بصدر البيت:

    ومن العجائب والعجائب جمة ... ((ثم ذكر عجيبة)

    وإن حال صاحبي -وأخي- الواحدي مع هاته "النظرات" من تيك العجائب الجمة، فقد قال معتذرا في المشاركة رقم: (98)
    اقتباس:

    وإنّي لأعتذر إليك أيضًا عن كل لفظ سطرتُه وأشعَرَك بالسوء.

    وكأني به عضَّ أنملتيْهِ تحسُّرا وتندُّما على اعتذراه، فهرول لينقُض ما أبرمه، ويحُلَّ ما أحكمَه، ويسْتَرِدَّ ما أسْلمَه،

    أو كأني بصاحبي -وهو المتؤدِّب- أنستَه "نفثات" أخينا الشناوي اعتذاري للشيخ -رحمه الله-ومن شايعه، فهيَّجتْ بلباله، وأقلقتْ باله، فأربى على الشناوي، وعلى صاحب "الكاوي"، بل على مؤلِّف "المداوي"،

    فكان كالمعتذر بوجه تعلوه إشراقة، وابتسامة برَّاقة، حتى إذا طَمِع في الدنو والاقتراب، وصاقبك مصاقبة الحِب للأحباب، رأى في الغدر نبعا صافيا، فهرع إليه ساعيا، فلم يغادر صاحبَه إلى بعد أن شفى نفسه بـ"طعنات" الغادر،

    وكأني بكَ أعدتَ النظر في تلك "النظرات"، فعاودتك الضغينة والموجدة، فحرَّكتْ من صدركَ كوامنه، وأثارتْ من غَيظكَ ساكنَه، فطفقتَ تُعكِّر من هذا الموضوع جَوَّه، وتُزيح بمرارة "ثرثرتك" حُلوَه،

    ولنعُد لاعتذراك لي "الهش" و"الراشي": فقد ظلمتَ نفسك عندما أرغمتها على الاعتذار لي وهي غير راضية، فما كان منها -بسبب إرغامك- إلا الانتكاس،
    وكيف يَقِرُّ قرارها، ويُشْرِقُ نهارها، وذاك الاعتذار لم ينبعت من صادق خوالجها، وخالص لواعجها؟، وكيف تثبُتُ على شيء تلفُظُه لفْظ صاحب الوليمة للطُّفيلي الدخيل،؟

    ولكن اعتذاري لك عما بدر مني من إساءة، كان عن طيب خاطر وهناءة، لا زلتُ مُجددا له إن اقتضى الأمر ذلك، والله يشهد على صدق مقالتي،

    وكذا اعتذاري للشيخ -رحمه الله- فقد آمنتْ وصدَّقتْ به جوانحي، قبل أن تقيده جوارحي، فقلتَ حينها في المشاركة رقم: (98):

    اقتباس:

    بارك الله فيك، أخي الحميدي. وهكذا كان الظن بك.
    وكان القصد من الاعتذار من تلك الألفاظ الحادة والعبارات الغليظة التي بدرت مني، أن أخلص لناقشك الموعود، حيث قلتَ في المشاركة رقم: (94):

    اقتباس:

    وعندئذ يصفو الجوّ، وتعود المذاكرة إلى ما كان ينبغي أن تبدأ به؛ بعلمٍ، وعن العلم.

    فلماذا الجفا بعد الصفا ؟،
    وكنتَ الجدير بالذب عن صفاء الجو، لا المُعكِّر لصفائه (الذي دعوتَ إليه) ؟
    ثم أخلفتَ وما وَفَيت..،!!
    نعم، أبديتَ القناعة والرضا بما أبديتُ من اعتذار، ولكن أتتْ مشاركاتكَ مُبديةً لما خلف الأستار، مفصحةً عما يخالج مكمن الأفكار والأسرار، قاضية على قناعتك بالضَّعف، وعلى رضاك بالزيف !!
    نفسَك فاصدُقْها قبل أن تصدُقني.

    وحتى لا أطيل على الناظر، فإني أنبهكَ إلى عودة موعودة ، لم توفِ بها، بينما أقحمتَ نفسك فيما لا يعود عليك بطائل، وهي:

    عودتك لتلك "النظرات" بالرد والنقض ؟؟

    وإني أدعوك لذلك أمام الناظرين،

    وحتى يوضع الحقُّ في نِصابه، ويؤتَى الإنصاف من بابه، فإنني سأردف "ثرثرة" صاحبنا الواحدي، بردِّ مفصل، و أُوفِّيه كلاما بكلام، وقولا بقول، ونظما بنظم، وحرفا بحرف، حتى يلوح الصبح لذي العينين، ويتجلى الكذب والمين،

    وإنني قادر على أن أجرِّعه الغُصص، التي تشرِق بريقه، وتٌذهب بريقَه، وتورثه الهمَّ والحَزَن، وتطرد عن لواحظه الوسن، بقوارصي اللاذعة، و حرِّ ألفاظي اللاسعة، ولكنني أعدل عن تلك الترهات الضيقة، إلى السبيل الأمَم، في بيان شنيع أباطيله، وكذب أقاويله، التي رماني -ورامني- بها، حتى تتجلى للناظرين براءتي، وبُعدَ تلك التُّهم عن ساحتي، غير طاعن في شخص صاحبي ومتهمي الواحدي، بل بعلم وعن علم -كما قال هو-، إذ أنني اعتذرت من الإساءة إليه،ونعوذ بالله من الحور بعد الكور.

    وبعدها ستستمرُّ "النظرات"..،

    )...يتبع)
    قال الإمام الأشم نادرة الأزمان أبو محمد ابن حزم الظاهري - رحمه الله و رضي عنه- :
    (((و الإنصاف في الناس قليل )))
    نقلا عن " التقريب لحد المنطق،329" ، تـ: إحسان عباس رحمه الله .

  15. #115
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    518

    افتراضي رد: نظرات في تحقيق العلامة محمود شاكر لـ(أسرار البلاغة)

    ظَنٌّ أم ظَنَّيْن ؟!

    أبدأ بالرَّقِمِ الرقْماء، والداهية الدهياء، التي أعظمتها وأكبرتها، وهي قول صاحبي الواحدي متهما نيتي وقصدي وغايتي من هذا الموضوع:
    والغاية في مقامنا هذا: الطعن في عِلم العلّامة محمود شاكر، وفهمه، ومنهجه. ولو أقسم صاحب النظرات بالأيمان المغلّظة أنه لم يرد ذلك ولا خطر بباله، لما سلّمنا له به، إذ كلامه المرقوم شاهد عليه.
    لاأدر هل بنيتَ كلامك هذا على ظنك بي الذي صرَّحتَ به في المشاركة رقم: (98)، فقلتَ:

    بارك الله فيك، أخي الحميدي. وهكذا كان الظن بك.

    وإني سائلك: كيف تغيَّر ظنك بي عند اتهامك لي بتلك العضيهة والأفيكة ؟
    أم أن ظنك الأول بي نسختَه بظنِّ ثانٍ ؟
    أبنْ للناظرين على أي الظنين يعتمدون ؟

    وأقول: من يعلم أنه محاسب على قوله وفعله، لا يأتي ما أتيتَ، ولا يقترف ما اقترفت، وإلى الله تعالى مآلنا.

    ولنذَرْ تناقض ظنيك، ولنعرِّج على تُهمتك:

    فبماذا أدفع عني تلك التهمة، والأيمان المغلظة ليست بمجدية ؟
    أي أن صاحبها كاذب مُكذَّبٌ قبل وبعد إتيانه بها !

    ولكن لنَعُد إلى كلامي المرقوم (كما نبهنا عليه الواحدي):

    المشاركة الأولى، قلتُ:

    سأنقلها -أي التنبيهات على أخطاء المحقق - طلبا للإفادةو الإنباه ، و راجيا النوال من عند الله ، و سائلا الرحمة لي و للمحقق يومالتلاق.
    قد صرَّحتُ بقصدي وغايتي، وهذا من كلامي المرقوم الذي نبه عليه الواحدي.

    المشاركة الثانية، قلتُ:

    لما يسر الله لي الوقوف على كتاب "أسرار البلاغة" للشيخ الإمام عبد القاهرالجرجاني -رحمه الله-،بتحقيق الشيخ العلامة الأديب محمود شاكر -رحمهالله-،اغتبطت بهذا العلق النفيس و سررت به، و قرأته قراءى المشوق إلى لقطدرره و فوائده، و الشغوف بحمع شعث غرره و عوائده، و أثناء تيك القراءة،ألفيت بعض الأخطاء في التحقيق ، منها ما أقطع بخطئه و اعوجاجه، و منها ماأرجح كونها كذلك، لعدم وقوفي على النسخ المخطوطة للكتاب،و وقوع هذهالأخطاء في تحقيقات الأكابر، ليس بمنقص من أقدارهم، و لا بغامز في صحةأنظارهم، و لكن الجواد المجلي يكبو، والسيف العضب ينبو، و نسأل الله تعالىالعصمة من الزلل و الخلل، و الإخلاص في القول و العمل.
    هل هذا كلام شخص متلبِّس بتلك التُّهمة التي نسجها صاحبي الواحدي ؟
    وذاك من كلامي المرقوم الذي نبه عليه الواحدي،

    وقلتُ في المشاركة رقم: (32):

    و للشيخ محمود شاكر رحمه الله على تراث الأمة أفضال و أثاريد لا يجازيه عنها إلا الله تعالى.

    وهذا من كلامي المرقوم المنبَّه عليه، فهل تلك البَهتية تصح على من هذا كلامه المرقوم؟

    وقلتُ في المشاركة رقم: (83):

    وبخصوص تقديس النسخ، فليس كما ذهب بك ظنك، فالمواطن المتعقبة على الشيخ رحمه الله بينتْ أن ذكاءه وذوقه في تلك المواطن لم يكن بالصائب، كما بينت أن ما ظنه غير "صواب" أو "جيد" أو "لا معنى له" في الأصول المعتمدة هو الصحيح، كما أنني أميل إلى ذوق وذكاء الشيخ رحمه الله في تحقيقه لـ"أسرار البلاغة" في مواطن عديدة، منها:
    الموطن الأول: قال المؤلف (ص:73): " ...حتى ينبئ عن مساواة ما في إحدى الكفتين [ما في] الأخرى،"
    قال المحقق:" ما بين القوسين: زيادة يقتضيها السياق".
    الموطن الثاني: قال المؤلف (ص: 125): "ونحن بنوع من التسهُّل والتسامح".
    قال المحقق:" في المطبوعتين: ((التسهيل والتسامح))، والأجود ما أثبت".
    الموطن الثالث: قال المؤلف (ص:179):" وفتحت باب التفاضُل".
    قال المحقق: " في المطبوعتين: (باب التفاصيل) وفي المخطوطة كتب: (باب التفاضيل)، ووضع ضمة على الضاد المعجمة، والذي أثبته هو الصواب المحض.
    وغيرها من المواضع، التي أرى أن ذوق وذكاء المحقق رحمه الله كان مصيبا، ولكن الكمال لله وحده.


    وهذا من كلامي المرقوم المنبَّه عليه، فهل من يطعن في علم وفهم وذكاء رجل يتبع علمه وفهمه وذكاءه ؟؟

    ولعل للناظر أن يقول: لكنك في المواطن التي سُقتها شدَّدتَ القول، وقسوتَ في الرد، ولم تلن العبارة.

    فأقول: هذا صحيح، وقد قلتُ معتذرا لنفسي في ذلك، في المشاركة رقم: (15):

    هذه "النظرات" لا تخل من أدب ، و إن شيبت بحِدة و شدة، و لعل برد الانتصار لهذا الكتاب الجليل في بابه و لصاحبه، يغالب وقع تلك العبارات الممزوجة بالقسوة و الحدة، و هذا يحتاج لمنصف لا غير ...،

    و كذا الغيرة على التراث، و أما حبي لذاك الإمام فله بذور غرست منذ بلغت ست عشرة سنة، عندما ابتدأت دراسة البلاغة بضروبها


    ثم أعقبت ذلك باعتذار للشيخ -رحمه الله- ومحبيه قائلا في المشاركة رقم: (96):

    إني أعتذر للشيخ -رحمه الله- ولتلامذته، ومحبيه، مما قلتُه في حق تحقيقه (أو قراءته) بغير بحق، وكذا أعتذر من بعض ألفاظي الحادَّة، ونسأله تعالى العصمة من الخلل والزلل.


    فها هو ذا كلامي الذي يشهد على اتهام صاحبي الواحدي (وهو الذي نبهنا عليه) بالكذب والزور، وإني أبرأ إلى الله مما اتهمني به، وهو العليم سبحانه بأن ذاك القصد لم يطرُق خاطري قط، ولكني أكِل أمر مُتَّهمي إليه سبحانه وتعالى
    قال الإمام الأشم نادرة الأزمان أبو محمد ابن حزم الظاهري - رحمه الله و رضي عنه- :
    (((و الإنصاف في الناس قليل )))
    نقلا عن " التقريب لحد المنطق،329" ، تـ: إحسان عباس رحمه الله .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •