بسم الله الرحمن الرحيم
كانت جزيرة العرب قبل الإسلام تدين بالتوحيد إلا أن سيدا من سادات خزاعة أدخل الشرك إلى جزيرة العرب لأول مرة. حدث هذا التحول التاريخي العقدي عندما سافر عمرو بن لحي إلى الشام فوجد قبيلة تعبد الأصنام بدعوى أنها تقربهم إلى الله وتعينهم فأعجب بذلك وطلب منهم صنماً يأخذه معه لمكة ، فكان هبل من نصيبه وكان أول صنم يُعبد من دون الله في جزيرة العرب، ثم توالى بعد ذلك إدخال الأصنام على يد عمرو بن لحي إلى مكة وجعل لكل قبيلة واحداً.
و مما نتج عن هذه العمل الشيطاني أن المشركين زادوا في التلبية فأصبحوا يقولون: (لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك) فكان يُصدح بهذه الصيغة الشيطانية الكفرية عند الكعبة بفضل عمرو بن لحي والذي مع كونه سيد خزاعة الكريم الذي يطعم الحجيج ويسقيهم إلى أن ذلك لم يشفع له عند الله تعالى، يقول صلى الله عليه وسلم في الصحيح : (رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار. فكان أول من سيب السوائب) وفي لفظ (وغير دين إبراهيم) وفي لفظ عن ابن إسحاق : (فكان أول من غير دين إبراهيم ونصب الأوثان).
أما اليوم فيتكرر المشهد ويعيد التاريخ نفسه من بلاد الحرمين الشريفين ومن بين طيات صحفنا التي نفضت الغبار عن هذا الفكر الكفري على لسان عمروٍ الأول بن بجاد وعمروٍ الثاني أبا الخيل وهما سعوديان من بني جلدتنا أحيوا عقيدة الشرك من جديد تحت شعار (أعل هبل) وبأسلوب جديد يسلمون من خلاله بأنه : ( لا يكفرُ من الخارجين عن الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم ، إلا من حاربه) و أن ( شهادة ألا إله إلا الله لا تقتضي الكفر بما يعبد من دون الله، والبراءة منه ومن عابديه، ولا تقتضي نفيَ كلِّ دينٍ غير دين الإسلام مما يتضمن عدم تكفير اليهود والنصارى وسائر المشركين)
وإن مما يبعث للاستغراب أن هذه النصوص المصادمة لصريح الكتاب والسنة مازالت موجودة على موقع الصحيفة ولم تحذف ولم يحاكم أصحابها في الوقت الذي تمنع فيه وزارة الإعلام جريدة رياضية بحجة أنها (لم تصحح مسارها الإعلامي) فماذا عن المسار العقدي بربكم، والأشد من ذلك أن من أنكر تلك النصوص ورد عليها من العلماء الأفاضل تعرض لحملة شرسة من بعض وسائل الإعلام جهلاً منها وعدم تفريق بين تكفير القول المشروع وإجراءات التكفير الشرعية المعروفة وبين الدعوات الفوضوية للقتل فاختلط الأمر على بعض الصحفيين جهلاً أو قصداً ثم وقعوا في التحريض الذي يحذرون منه زعماً فتجدهم يحرضون على العالم الرباني الشيخ الفاضل عبد الرحمن البراك بأنه تكفيري ويدعوا للقتل وإهدار الدم، وبمثل هذا صنع هؤلاء الإعلاميون لأنفسهم قداسة حتى أصبحوا كسوائب عمرو بن لحي المقدسة لا تُمس ولا تُذبح ويحمى ظهرها.
إن المتتبع لمثل تلك المقالات عموماً يعرف جيداً أنها استغلت حوادث مؤسفة حدثت في بلادنا وأخرى خارجها (غير مبررة) ليصلوا إلى بث أفكار تشوه كلمة التوحيد بحجة أن تفسيرات علمائنا (المحرضين حسب قولهم) هي التي تسببت بزعمهم في تلك الأحداث. إنهم يريدون تمييع الدين وتفسيره على أهوائهم لحاجة في أنفسهم، بل إنهم يعتقدون أن النص ليس حكراً على أحد فالكل له الحق في الفهم بل والفتيا أيضاً صحفياً كان أو إعلامياً أو محرر أخبار حتى لو لم يملك أدوات الفهم والاستنباط الشرعية ونسوا جهلاً أو عمدا قوله صلى الله عليه وسلم : ( من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار).
وأخيراً أقول لمثل هؤلاء ومن عاونهم وأتاح لهم الفرصة لنقد العقيدة وتشويهها:
يا من هربتم من عدالة الأرض ماذا أعددتم ليوم تقفون فيه أمام رب السماء.
محمد الزهراني
الأربعاء 21 ربيع الأول 1430 هـ