قال الفيلسوف أبو الحسن العامري (ت 381)
"وليس يُشَك أن أصحاب الحديث هم المعنيّون بمعرفة التواريخ العائدة بالمنافع والمضار ، وهم العارفون لرجال السلف بأنسابهم وأماكنهم ، ومقادير أعمارهم ، ومن اختلف إليهم وأخذ العلم عنهم . بل هم المتحققون لما يصِحّ من الأحاديث الدينية وما يسْقَم ، وما يقوى منها وما يضعف ؛ بل هم المتجشمون للحِلّ والترحال في أقاصي البلدان وأدانيها ، ليأخذوا عن الثقات سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل هم المجتهدون أن يصيروا نُقَّاد الآثار ، وجهابذة الأخبار ، فيعرفوا الموقوف منها والمرفوع ، والمسند والمرسل ، والمتصل والمنقطع ، والنسيب والمُلْصق ، والمشهور والمدلس ، وأن يصونوا صناعتهم صيانة لو رام أحد أن يفتعل حديثا مُزَوَّرا ، أو يغير إسنادا ، أو يحرف متنا ، أو يروج فيها ما روج في الأخبار الأدبية ، كالفتوح والسير والأسمار والوقائع للحقه من جماعتهم أعنف النكير.
وإذا كان هذا سعيهم ، وعليه مدار أمرهم، فمن الواجب أن نعتقد لهم فيما أكَّدوا من العناية أعظم الحق ، وأوفر الشكر ، وأتم الإحماد ، وأبلغ التقريظ "
الإعلام بمناقب الإسلام .