قَالَ: حَدَّثنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجَنَّةِ، كَانَ رَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ، وَرِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ مِثْلُ الْفَلَكِ مِنْ رَعْدَتِهِ، قَالَ: فَطَأْطَأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا، فَقَالَ: يَا رَبِّ، مَا لِي لَا أَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلَائِكَةِ، وَلَا أَحَسُّهُمْ؟ قَالَ: «خَطِيئَتُكَ يَا آدَمُ، وَلَكِنِ اذْهَبْ، فَابْنِ لِي بَيْتًا، فَطُفْ بِهِ، وَاذْكُرْنِي حَوْلَهُ، كَنَحْوِ مَا رَأَيْتَ الْمَلَائِكَةَ تَصْنَعُ حَوْلَ عَرْشِي» ، قَالَ: فَأَقْبَلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَتَخَطَّا، فَطُوِيَتْ لَهُ الْأَرْضُ، وَقُبِضَتْ لَهُ الْمَفَاوِزُ، فَصَارَتْ كُلُّ مَفَازَةٍ يَمُرُّ بِهَا خُطْوَةً، وَقُبِضَ لَهُ مَا كَانَ مِنْ مَخَاضِ مَاءٍ، أَوْ بَحْرٍ فَجَعَلَ لَهُ خُطْوَةً، وَلَمْ تَقَعْ قَدَمُهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا صَارَ عُمْرَانًا وَبَرَكَةً حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَّةَ، فَبَنَى الْبَيْتَ الْحَرَامَ، وَأَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ضَرَبَ بِجَنَاحِهِ الْأَرْضَ فَأَبْرَزَ عَنْ أُسٍّ ثَابِتٍ عَلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى، فَقَذَفَتْ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ مِنَ الصَّخْرِ مَا لَا يُطِيقُ حَمْلَ [ص:37] الصَّخْرَةِ مِنْهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا، وَأَنَّهُ بَنَاهُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ مِنْ لُبْنَانَ، وَطُورِ زَيْتَا، وَطُورِ سِينَا، وَالْجُودِيِّ، وَحِرَاءٍ، حَتَّى اسْتَوَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ أَسَّسَ الْبَيْتَ، وَصَلَّى فِيهِ، وَطَافَ بِهِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ الطُّوفَانَ، قَالَ: وَكَانَ غَضَبًا وَرِجْسًا، قَالَ: فَحَيْثُمَا انْتَهَى الطُّوفَانُ ذَهَبَ رِيحُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: وَلَمْ يَقْرَبِ الطُّوفَانُ أَرْضَ السِّنْدِ وَالْهِنْدِ، قَالَ: فَدَرَسَ مَوْضِعُ الْبَيْتِ فِي الطُّوفَانِ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ فَرَفَعَا قَوَاعِدَهُ، وَأَعْلَامَهُ، وَبَنَتْهُ قُرَيْشٌ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ بِحِذَاءِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، لَوْ سَقَطَ مَا سَقَطَ إِلَّا عَلَيْهِ "
الكتاب: أخبار مكة وما جاء فيها من الأثار
المؤلف: أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق الغساني المكي المعروف بالأزرقي