صفــات المعـلم المـؤثر



كل معلم له خصائص وصفات تميزه عن بقية المعلمين، إلا أن هناك قدرا من الخصائص والصفات المشتركة تجمع بين المعلمين المؤثرين، وتكون ذات أثر فيما يحمله طلابهم عنهم من تصورات وأفكار، ومن هذه الصفات: البشاشة والحيوية والحماسة والعدل والأمانة والفطنة والقدرة والكفاية في العمل والإنجاز، وهذا النوع من المعلمين يكون - عادة - متمكنا من مادته التي يدرسها، قادرا على مواجهة المواقف الطارئة واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وعاملا على تطوير أدائه باستمرار.
الواجبات المنزلية
المعلم الجيد يولي الواجبات المنزلية العناية الخاصة بها، ويتوخى التوسط في أمرها، فلا يهملها ولا يغرقهم فيها، ويراعي ظروف كل طالب من الجوانب المعيشية والصحية والعقلية، كما يتأكد من أن الطالب قد قام بعمله بنفسه، ويقوم بتصحيح الواجبات أولاً بأول حتى لا يعود الطلاب الإهمال.
ما بال أقوام...؟
المعلم الناجح يلجأ - في أغلب الأحيان - إلى أسلوب التلميح، بدلا من التصريح، وهو إجراء فاعل يستخدمه المعلم ليقطع الطريق على السلوك غير المرغوب فيه باستخدام أسلوب التلميح دون اللجوء إلى استخدام التعبيرات اللفظية؛ فإذا علت الضجة مثلا في الصف، يمكنه أن يوقفها بنظرة خاصة إلى الطلاب مصدر الضجة، يفهمون مغزاها ومعناها دون أن يبوح بأي كلمة.
ويقوم المعلم الناجح بأمور ثلاثة تساعد طلابه على تنظيم عملهم واختيار الأسلوب الذي يحققون به أهدافهم، وهذه الأمور تتلخص فيما يلي:
1 - تقديم حوافز معنوية، كالثناء لمن يحسن من الطلاب تعزيزا لما يقوم به الطلاب.
2 - الربط بين ما سيقوم به الطالب وبين ما سينجم عنه من نتائج.
3 - تقديم خيارات عدة يختارون منها ما يريدون.
وبهذا الأسلوب يتحمل الطلاب مسؤولية إعداد الخطوات اللازمة لتنفيذها، وبالتالي يضعون التوقعات والحلول المحتملة لأي عمل يعهد إليهم مستقبلا.
ويراعي المعلم المتقن عند توجيه الأسئلة لطلابه مجموعة من الأسس، أهمها:
- أن يوجه السؤال لجميع الطلاب، ثم يختار من يجيب بعد فترة قصيرة، حتى يفكر الجميع في الإجابة.
- أن يخصص بعض الأسئلة السهلة للضعفاء من الطلاب.
- ألا يهمل من لا يرفع يده للإجابة، فقد يكون منصرفا عن الدرس أو يعرف الجواب، إلا أنه خجول... إلخ.
- ألا يقاطع الطالب أثناء الإجابة وأن يعطيه الفرصة كاملة ليعبر عن نفسه، إلا إذا أسهب فيوقفه بأسلوب ودي.
- إذا أخطأ الطالب في الجواب يعطي طالبا آخر فرصة الإجابة، وإذا لم يوفق يذكر المعلم الإجابة ويناقشها مع الطلاب ليطمئن إلى أن الجميع قد أدركوا الصواب.
كيف تطرح أسئلتك؟
عندما توجه أسئلة إلى طلابك، حاول أن تتوخى فيها الأمور التالية:
1 - أن يكون السؤال واضح الصياغة مناسباً لمستوى الطلاب.
2 - لا يحتوي على معلومات جديدة على الطلاب.
3 - أن يكون موجزاً وقصيراً.
4 - أن يكون محدداً دقيقاً.
5 - أن تعتمد الإجابة عنه على التفكير السليم لا على التخمين.
كيف تتعامل مع أخطاء طلابك؟
لا ينبغي أن تتخذ الأخطاء التي يقع فيها الطلاب ذريعة لعقابهم بأي شكل من أشكال العقاب، ولاسيما حينما يتعلق الأمر بالدارسين الكبار؛ فالخطأ قد يكون وسيلة نكتشف بها قصوراً في المادة التعليمية، أو في أسلوب التدريب، كما قد يكون عجزا لدى الطالب، وعند تصحيح أخطاء الطالب، ينبغي أن يتم ذلك دون إحراجه أمام زملائه، وينبغي ألا نصوب كل الأخطاء التي يقع فيها الطلاب، فليس من الضرورة أن نقف عند كل خطأ، إذا لم يكن الخطأ جوهريا، ولاسيما عند التدريب على المحادثة، وهناك أخطاء أخرى يشاركه زملاؤه في تصويبها وبعضها لا يصوبه إلا المعلم.
كيف تصحح الاختبارات؟
عند تصحيحك للاختبارات حاول مراعاة ما يلي:
- استخدم قلما مغاير لأقلام الطلاب.
- لا تنظر لاسم الطالب أثناء التصحيح؛ حتى لا تتأثر بفكرتك عنه داخل الصف، فيؤثر ذلك في الدرجة التي تعطيها له سلبياً أو إيجابياً.
- صحح سؤالا واحدا في جميع الأوراق، حتى تضع تقديرات عادلة على أساس شبه موحد، ثم انتقل لتصحيح السؤال التالي، ولاسيما في الاختبارات ذاتية التصحيح.
- عالج النتائج إحصائيا للكشف عن نقاط الضعف والقوة في أداء طلابك، ثم أعد لطلابك أوراق الإجابة، وناقش معهم الإجابات للتأكد من أن الذي أخطأ قد أدرك الصواب.
كيف تستخدم الوسائل التعليمية؟
المعلم الناجح يستخدم الوسائل التعليمية ويعلم أنها جزء مكمل للدرس وليست بدلا عنه، كما يدرك أنها ليست غاية، وإنما وسيلة يستعين بها لتحقيق أهداف الدرس، والمعلم الناجح يعرف لماذا يستخدم الوسيلة التعليمية وكيف يختارها، وأين موضعها من الدرس، وكيف يستعمل كل نوع من أنواع الوسائل.
كيف تستخدم السبورة؟
المعلم الناجح هو الذي يعرف شروط استخدام السبورة التي تعد الوسيلة الرئيسة لشرح جميع المواد، ومن أهم هذه الشروط:
- نظافة السبورة.
- تقسيمها إلى قسمين أو أكثر.
- اقتصار الملخص على أهم نقاط الدرس.
- عدم شغل الأجزاء السفلى من السبورة بالرسم أو الكتابة.
- استخدام الطباشير الملونة أحيانا لزيادة الإيضاح.
- يكون وجه المعلم دائماً متجها نحو الطلاب، ولا يتحدث إليهم أثناء الكتابة إلا عند الضرورة.
كيف تقيس نجاح درسك؟
إن المعلم الجيد هو أفضل من يعرف ما إذا كان درسه الذي انتهى منه للتو ناجحاً أو لا، وأفضل ما ينير الطريق للمعلم الناجح في هذا الصدد ما نسميه الملاحظات العامة على الدرس الذي انتهى، حيث يسأل المعلم نفسه الأسئلة التالية:
- هل حقق الدرس أهدافه؟
- هل تجاوب الطلاب مع الدرس؟
- هل تحتاج بعض الأجزاء إلى مراجعة؟
- هل المادة مناسبة للتلاميذ؟
- هل أنا راض عن أدائي عموماً؟
لماذا يوصى بتحضير الدروس؟
إن المعلم الناجح يولي تحضير الدرس عناية خاصة؛ لأن ذلك يساعد على اكتساب ثقة طلابه واحترامهم له ويمنح المعلم الثقة بنفسه، ويحميه من النسيان ويجنبه التكرار، كما يقلل التحضير من مقدار المحاولة والخطأ في التعليم ويحمله على الارتباط بالمقرر ويمكنه من نقده ومعرفة ما فيه من عيوب.
كيف تستخدم لغة الجسد؟
يمكن للمعلم الناجح أن يتواصل مع طلابه بأكثر مما يقوله من كلمات، وذلك من خلال النغمة الصوتية، والتعبيرات التي تظهر على وجهه والإشارات، فكلها تساعد على توصيل الهدف المنشود ونحقق المشاركة، كما أن التوجيهات المفصلة مع الابتسامة واللطف والهدوء يتقبلها الطلاب عندما يشعرون بالرضا والقبول، والطلاب في حاجة إلى محبة المعلمين لهم، وهذه المحبة تكون مصدر الدافعية عندهم، ومصدرا للتفاعل والمشاركة والنقاش(1).
من أهم ما يؤثر في دافعية الطلاب للتعلم، تجنب المعلم إثارة العواطف السلبية لديهم، وتنمية العواطف الموجبة؛ كالثقة في قدرتهم على الإنجاز، واحترامهم وتقدير إجاباتهم وأعمالهم، كما أن ذلك يهيئ في الوقت نفسه المناخ التعليمي داخل الصف الدراسي.
ما الأهداف التي ينبغي تحقيقها عند تدريس اللغة؟
ينبغي أن يحقق تدريس اللغة أربعة أهداف أساسية، هي:
- فهم اللغة حين سماعها (فهم المسموع).
- فهمها حين قراءتها (فهم المقروء).
- إفهامها للآخرين بواسطة الكلام.
- إفهامها لهم بواسطة الكتابة.
ومن ثم ينبغي أن تضع المهارات الأربع (فهم المسموع، وفهم المقروء، والتعبير بشقيه الشفوي والكتابي) نصب عينيك لتحقيق تلك الأهداف.
المعلم ومحيطه
المعلم ومديره:
- احترام دون نفاق.
- طاعة في حدود التعليمات والمصلحة.
- تعاون في دائرة العمل.
- لا تكن عند مديرك جاسوسا على زملائك.
- لا تقبل الأوامر التي تسيء إلى الزملاء في غير مصلحة العمل.
- لا تعترض على مديرك في وجود الآخرين.
- لا تستغل طيبته للسيطرة عليه.
المعلم وزملاؤه
- احترام شعور زميلك.
- احترام حقوقه.
- اعمل واترك الفرصة لغيرك كي يعمل.
- ساعد الزميل الجديد.
المعلم وطلابه
- بسّط العلم وقدمه للطلاب.
- قيّم الطلاب على أساس تحصيلهم العلمي.
- اكتشف المواهب وشجعها.
- حل مشكلات الطلاب الخاصة (2).
شخصية المدرس
لا نبالغ إذا قلنا إن شخصية مدرس اللغة العربية، هي المفتاح إلى التعلم، فلا يكفي أن يلم المدرس باللغة وعلومها وأساليب تدريسها إن لم يكن صاحب شخصية مرحة فكهة تعلو وجهه دائماً ابتسامة مشرقة، وذا خطاب مهذب رقيق، يجعله يدخل إلى قلوب طلابه في يسر، فيحبونه ويحترمونه، وبهذه الطريقة يسهل عليه إدارة الصف ومن ثم تحقيق أفضل النتائج، أما إذا اتصفت شخصية المدرس بالعبوس والتجهم والصرامة، فستكون النتائج سيئة ومخيبة للآمال.
المقومات الشخصية للنجاح:
- المستوى العلمي.
- الثقافة العامة وسعة الاطلاع.
- الذكاء وسرعة البديهة.
- الاتزان النفسي والتسامح وعدم الانفعال.
- التفاؤل والحماس للعمل.
- قوة الشخصية.
- العناية بالمظهر.
- الإيجابية وروح التعاون مع الآخرين.
- استشعاره لرسالته.
- العمل المنظم والكامل والدقيق.
- توصيل المعلومات لطلابه.
- حب النفع للآخرين.
اللقاء الأول ودوره في تصور الطلاب لمعلمهم
لقاؤك الأول بالطلاب له أهمية قصوى في تشكيل مستقبل العلاقة بينك وبينهم، فكثيرا ما تؤثر نتيجة هذا اللقاء في نظرة الطلاب للمدرس، بحيث يصبح من الصعب بعد ذلك تغيير هذه النظرة أو تصحيحها؛ لذا يجب عليك أن تكون حذراً، وأن تخطط بكل دقة وعناية لهذا اللقاء.
المدرس القدوة
يرى الطالب في أستاذه المثل الأعلى ويتمنى أن يكون نسخة منه، يحتذي خطواته في خلقه وعلمه ونبله وفضله وفي جميع حركاته وسكناته، وإذا كانت هذه نظرة الطلاب إلى أساتذتهم؛ فإنه من الواجب على هؤلاء أن يكونوا قدوة صالحة لأبنائهم الطلاب ونماذج رفيعة لما يقررون من مبادئ وما يشرحون من قيم وما يصورون من فضائل وما يرسمون من مثاليات نابعة من مكارم الأخلاق، وأن يكونوا صورا حية تعكس حقيقة السلوك الأمثل الذي ينادون به ويهيبون بالطلاب على ضرورة التزامه كخط سير في الحياة وشعار يرفعونه في سرهم وعلانيتهم.
إن المرء ليعذر الطلاب حين يرون الأستاذ الذي يدعوهم إلى التحلي بفضيلة الصدق وهو يكذب، وحين يرونه يمجد الإخلاص ويشيد بالأمانة ومع ذلك يستهتر بواجبه فلا يحضر الدروس ولا يتمم الوقت المحدد ويقضي الفترة التي يقضيها داخل الفصل فيما لا يجدي ولا يفيد، فما عسى أن يتوقع من الطالب في هذه الحال؟! هل ننتظر منه أن يقتدي بأستاذه وهو يراه يعبث بالفضيلة ويناقض فعله قوله؟! ذلك لأن الأستاذ المربي يؤثر في الطلاب بسلوكه أكثر من تأثيره بإرشاداته.
يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}.
ويقول الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك إذا فعلت عظيم
الثقافة العامة وسعة الاطلاع
يعتقد بعض المدرسين أن مادتهم العلمية تكفي لجعلهم من المدرسين الناجحين دون حاجة إلى قدر من الثقافة العامة، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ من أساسه، فالثقافة العامة ضرورية للمعلم مهما كان تخصصه، وذلك أن الطلاب يفترضون دائماً في معلمهم أنه دائرة معارف كاملة وعنده في كل وقت إجابة صحيحة من كل سؤال في أي موضوع، وإذا أخفق المعلم في الإجابة عن أسئلة هؤلاء الطلاب زالت هيبته من قلوبهم وشككوا في علمه عامة بما في ذلك في مجال تخصصه.
احرص على القراءة
لكي يكسب المعلم احترام طلابه وزملائه، يجب أن ينمي باستمرار مستواه العلمي بالقراءة والاطلاع على كل ما يستجد في مجال تخصصه، فالمستوى العلمي الرفيع هو السلاح الأول للمدرس الذي يريد أن يحقق النجاح في عمله، وتذكر دائماً أن قدرك بين طلابك يساير مستواك العلمي؛ فإذا ارتفع ارتفعت، وإذا انخفض انخفضت.
والطالب يفترض دائماً أن أستاذه ما هو إلا دائرة معارف، يجد لديه في كل وقت الإجابة الصحيحة لكل سؤال يطرحه، ومن هنا كان لزاماً على المعلم الناجح أن ينمي ثقافته العامة إلى جانب مستواه العلمي.
مظهر المدرس
على المدرس أن يعتني بمظهره وهيئته، فالمظهر الحسن له أثر طيب في نفوس الطلاب، وهو عنصر من عناصر البيئة التعليمية الصحيحة، ومن ناحية أخرى يتأثر الطلاب بمدرسهم، فإذا اهتم بمظهره فعلوا ذلك، وإن أهمله اتبعوه في ذلك.
ولا يعني الاهتمام بالمظهر المبالغة في الزينة وارتداء الثياب الغالية، وإنما المطلوب الاعتدال، ومن ناحية أخرى فإن النظافة في البدن والثوب من الأمور التي ترتبط مباشرة بمظهر المدرس وهيئته.
ثقة المدرس بنفسه وقدراته
لا يؤدي المدرس عمله أداء طيبا إلا إذا كان واثقا من نفسه، متمكنا من مادته، عارفا بطرائق تدريسها، متمسكا بالأخلاق الطيبة والسلوك الحسن.
أما إذا كان قليل الثقة في نفسه وقدراته ومهاراته، فإن ذلك ينعكس على عمله وعلى علاقاته بطلابه، فإذا كان مترددا متقلبا لا يثبت على حال، شكك الطلاب فيما يعرضه عليهم من مادة، ومن الصعب على مثل هذا المدرس إدارة العملية التعليمية إدارة صحيحة سليمة.
الهوامش:
1 - انظر: د. عبدالرحمن بن إبراهيم الفوزان، ود. مختار الطاهر حسين، ود. محمد عبدالخالق محمد فضل، العربية بين يديك (كتاب المعلم1).
2 - انظر: المدرس الناجح: شخصيته ومواقفه (بتصرف).



اعداد: د. عبدالرحمن بن إبراهيم الفوزان - الرياض