رابعاً بقراءة القرآن الكريم نرجو النجاة من النار :
نحتسب في قراءته النَّجاة من نار جهنم ، وهو من أعظمِ مطلوبات المؤمنين ، ومن زُحزح عن النَّار ، وأُدخل الجنةَ فقد فاز ، كما قال ربنا تعالى .
1- فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لو جُمع القرآنُ في إهَابٍ ، لم يَحرقه اللهُ بالنَّار” . رواه الدارمي في سننه (2/522) وصححه الألباني .
قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله : فقوله : ” لو جُعل القرآن في إهاب ما احترق ” المعنى : أنَّ حافظ القرآن ممتنع من النار ” غريب الحديث (1/48) .
وقال ابن الأثير رحمه الله : ومنه الحديث ” لو جُعل القرآن في إهاب ، ثم ألقى في النار ما احترق ” . قيل : كان هذا معجزة للقرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما تكون الآيات في عصور الأنبياء .
وقيل المعنى : مَن علّمه الله القرآن لم تَحرقه نار الآخرة ، فجعل جسم حافظ القرآن ، كالإهاب له . النهاية في غريب الأثر (1/83) .
2- وأيضاً : أن القرآن فيه من الأوامر الربانية ، ما تُقرب العبد من الجنة ، ومن النواهي الإلهية ما يباعده من النار .
خامساً نحتسب بقراءته ارتقاء الدَّرجات ، فننال به أرفعها في الجنَّات ، وأكرمها عند الرب الكريم من المنازل العاليات :
1- لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يُقال لقارئ القرآن : اقرأْ وارتقِ ، ورتِّل كما كنتَ تُرتّل في الدنيا ، فإنَّ منزلتَك عند آخرِ آيةٍ تقرأها ” .رواه أبو داود ( 1464 ) والترمذي ( 2914 ) وصححه الألباني .
قال الشيخ محمد شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله : ” يُقَالُ ” أَيْ : عند دُخولِ الجَنَّة ” لِصَاحِبِ الْقُرْآن ” أَي :” مَنْ يُلازمُه بالتِّلَاوَةِ والْعمل ، لَا مَنْ يَقْرَؤُهُ ولَا يَعملُ بِهِ .اِقْرَأْ وَارْتَقِ ” أَي : إِلَى درجات الجنَّة ، أَو مَراتِب الْقُرَب .
” وَرَتِّلْ ” أَيْ : لَا تَسْتَعْجِلْ في قِرَاءَتِك فِي الجَنَّة ، التي هي لمجرد التلذُّذ ، والشهود الأكبر ، كعبادة الملائكة . قال الطيبي : … وهذه القراءة لهم كالتسبيح للملائكة ، لا تَشغلهم من مسلتذاتهم ، بل هي أعظم مسلتذاتهم . انتهى .
” كَما كُنْت تُرَتِّلُ ” أَيْ : في قِرَاءَتِك ، وفيه إشارة إلى أنّ الجزاء على وفق الأعمال ، كميةً وكيفية . “في الدُّنْيا ” من تجويد الحروف ، ومعرفة الوقوف .
” فإنَّ منزلتك عند آخرِ آيةٍ تقرأها ” وقد ورد في الحديث أن درجات الجنة ، على عدد آيات القرآن … قال الداني : وأجمعوا على أن عدد آي القرآن : ستة آلاف ثم اختلفوا فيما زاد …
وقال الخطابي : ” جاء في الأثر : عدد آي القرآن ، على قَدر دَرج الجنة ، يقال للقاري : اقرأ وارتق الدرج ، على قَدر ما تقرأ من آي القرآن ، فمن اسْتوفى قراءة جميع القرآن ، اسْتولى على أقصى درج الجنة ، ومن قرأ جزءاً منها ، كان رُقيُّه من الدرج على قدر ذلك ، فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة ” انتهى .
قال آبادي : ويُؤْخَذ مِنْ الحديث : أَنَّه لَا يُنَالُ هذَا الثَّواب الْأَعظَم ، إِلَّا مَنْ حَفِظَ الْقُرآنَ ، وأَتْقَنَ أَداءَهُ وقِراءَتَه كَما يَنْبغي لَه ” .
عون المعبود شرح سنن أبي داود (4/338) باختصار .
وقول الخطابي : ” أنّ عدد آي القرآن ، على قَدر دَرج الجنة ..” لم يثبت مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
ولا بد أنْ نعلم : أنَّ هناك أعمالاً أخرى يتفاضل الناس بها ، كالإيمان ، والعلم بالقرآن والسنة ، وبر الوالدين ، والجهاد ، والصدقات وغيرها ، فعليه لا يلزم أنْ يكون صاحب القرآن الحافظ ، في أعلى درجات الجنة على الإطلاق .
وأعلى درجات الجنة هي الفردوس ، كما ثبت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “.. فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فإنه أوسط الجنة ، وأعلى الجنة ، فوقه عرشُ الرحمن ، ومنه تفجَّر أنهارُ الجنة ” . رواه البخاري ( 2637) ومسلم ( 2831 ) .
ومعنى ” أوسط الجنة ” أي : أفضلها وأعدلها ، ومثله قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أُمة وسطاً ) البقرة :143.
2- وفي الحديث أيضاً : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إنَّ اللهَ يَرفعُ بهذا الكتابِ أقواماً ، ويَضعُ به آخرين ” . رواه مسلم .
ورفعة الدرجات ورفعها ، تشمل المعنوية منها في الدنيا ، بعلو المنزلة ، وحسن الصيت ، والحسية في الآخرة ، بعلو المنزلة في الجنة .
وقد ورد لهذا الحديث قصة عجيبة ، كما في صحيح مسلم : عن نافع بن عبد الحارث الخزاعي وكان عامل عمر رضي الله عنه على مكة ، أنه لقيه بعسفان ، فقال له : من استخلفت ؟ فقال : استخلفت ابن أبزى مولى لنا ، فقال عمر رضي الله عنه : استخلفت مولى ؟! قال : إنه قارئٌ لكتاب الله ، عالم بالفرائض ، فقال عمر : أما إنَّ نبيكم قد قال :” إنَّ الله يَرفع بهذا الكتابِ أقواماً ، ويضعُ به آخرين ” .
وقال المباركفوري رحمه الله في “تحفة الأحوذي” : كما قال صلى الله عليه وسلم ” ومَن أبطأ به عملُه ” : من التبطئة وهما ضد التعجّل ، والبطء نقيض السرعة ، والمعنى : من أخَّره عمله عن بلوغ درجة السعادة ” لم يُسْرع به نسبه ” أي : لم يقدمه نسبه ، يعني لم يجبر نقيصته لكونه نسيباً في قومه ، إذْ لا يَحصل التقرّب إلى الله تعالى بالنسب ، بل بالأعمال الصالحة ، قال تعالى ( إنّ أكْرمَكم عند اللهِ أتقاكم) الحجرات : 13.
قال : وشاهد ذلك أنّ أكثر علماء السلف مَوَال ، ومع ذلك هم ساداتُ الأمة ، وينابيع الرحمة ، وذوو الأنساب العلية الذين ليسوا كذلك ، في مواطن جهلهم نسياً منسياً ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : ” إن الله يَرفع بهذا الدين أقواماً ، ويضع به آخرين “. انظر المرقاة للقاري .
3- عن أبي هريرة قال رضي الله عنه : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : ” يَجيءُ القرآنُ يومَ القيامة كالرجُلِ الشَّاحب ، يقول لصاحبه : هل تعرفني ؟ أنا الذي كنتُ أُسْهرُ ليلك ، وأُظمئ هَوَاجرك ، وإنَّ كل تاجرٍ من وراء تجارته ، وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر ، فيُعطى المُلك بيمينه ، والخُلد بشماله ، ويُوضع على رأسه تاجُ الوقار ، ويُكسى والداه حُلَّتين لا تُقوَّم لهما الدنيا وما فيها ، فيقولان : يا ربّ ، أنَّى لنا هذا ؟ فيقال لهما : بتعليم ولدكما القرآن ” . رواه الطبراني في الأوسط ، وصححه الألباني في الصحيحة (2829) .
وأما معنى الحديث : فقوله : كالرجل الشَّاحِب ، قال السيوطي في شرح ابن ماجة : هو المتغير اللون والجسم ، لعارضٍ من العوارض ، كمرض ، أو سفر ، ونحوهما ، وكأنه يجيء على هذه الهيئة ؛ ليكون أشبه بصاحبه في الدنيا ، أو للتنبيه له على أنه كما تغير لونه في الدنيا لأجل القيام بالقرآن ، كذلك القرآن لأجله في السعي يوم القيامة ، حتى ينال صاحبه الغاية القصوى في الآخرة . انتهى .
والمعنى : أنه كما أتعب نفسه بصوم النهار ، والهَوَاجر : وهي جمع هاجرة ، وهو نصف النهار عند زوال الشمس إلى العصر ، عند اشتدادِ الحر ، وقيام الليل ، فكَأَنَّ الصيام يتَمَثَّل بِصُورَة قارئه الَّذِي أتعب نَفسه َبالصَّوْم فِي النَّهَار ، وبالسهر فِي اللَّيْل .
قال السِّنْدي : قوله ” وراء تجارته ” أي : قدامه تجارته ، كأنه متحفّظ بها . انتهى .
فالمعنى أنّ القرآن يتقدم صاحبه ، ويتقدم كل تاجر ، فقد سبق صاحب القرآن كل من قدّم أي عمل .
وقوله : ” فيعطى الملك بيمينه ، والخُلد بشماله ” قال البغوي في شرح السنة : وقَوله : ” يُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينه ” لَمْ يُرِدْ به أَنَّ شيئًا يُوضَعُ في يديه ، وإِنَّما أَرادَ به : يُجْعَلُ لَه الْمُلْكُ والخُلْدُ ، ومَنْ جُعِلَ لَه شيءٌ مِلْكًا ، فَقَدْ جُعِلَ في يده ، ويُقَالُ : هو في يدكَ وكَفِّك ، أَيِ : اسْتَولَيْتَ علَيه . انتهى .
وقوله ” تاج الوقار ” في النهاية : التاج ما يُصاغ للملوك من الذهب والجواهر . انتهى . والوقار ، أي : الحلم والرزانة .
والحلتان : مثنى حُلة ، والْحُلَّةُ : إِزَارٌ ورِداءٌ ، ولَا تُسَمَّى حُلَّةً حتَّى تَكُونَ ثَوْبَيْنِ .
وهاتان الحلتان لا تُعدلان بالدنيا وما فيها .
وقوله ” بأخذ ولدكما ” أي : بتعلّمه القرآن ، أي : بتعليمكما ولدكما القرآن ، فهو مصدر مضاف إلى مفعوله ، ويحتمل أنْ تكون : أي بتعليم ولدكما الناسَ القرآن ، وتكون مصدرًا مضافا إلى فاعله ، ويحتمل أن يكون المعنى : أي: بتعلم ولدكما القرآن ، وهذا يدل على أن تعليم القرآن للناس من أجل العبادات ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :” خيركم من تعلم القرآن ، وعلّمه “. أخرجه البخاري .
سادساً قراءته بنيّة العمل به ، فإنّ الله تعالى أوجبَ علينا العمل بالقرآن الكريم ؛ لأنَّ العمل به ، هو الغاية الكبرى من إنزاله ، والمقصد الأعلى من تلاوته
1- كما في قوله سبحانه : ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ ص : 29.
والعمل بالقرآن : هو تصديقُ أخباره ، واتباعِ أحْكامه ، بفعل جميع ما أمر الله به ، وتركِ جميعَ ما نهى الله عنه ؛ وعلى هذا سار السلف الصالح رضي الله عنهم ، فكانوا يتعلمون القرآن ، ويصدِّقون به وبجميع ما جاء فيه ، ويُطبقون أحكامه إيمانا بها ، واتباعاً لها .
قال بعض العلماء : مَنْ عَمِل بالقرآن ، فكأنما يقرؤه دائماً وإنْ لم يقرأه ، ومَن لم يعمل بالقرآن ، فكأنه لم يقرأه ، وإنْ قرأه دائماً ؟! ( انظر عون المعبود 4/339) .
2- والتلاوة هي أحدُ معاني : الاتْباع والعمل بالقول ، فتلا في اللغة ، تأتي بمعنى : اتبع . كما في قول الله تعالى : ( والقَمَر إذا تَلاها ) الشمس : 2 . أي : أتبعها .
وكما قال تعالى : ( الذين آتيناهم الكتاب يَتْلونه حقَّ تلاوته أولئك يُؤمنونَ به ومَن يَكفر به فأولئك هم الخاسرون ) التوبة : 121 .
فقوله ( الذين آتيناهم الكتاب ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت في أهل السفينة الذين قدموا مع جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وكانوا أربعين رجلا .. ، وقال الضحاك : هم من آمن من اليهود عبد الله بن سلام .. ، وقال قتادة وعكرمة : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : هم المؤمنون عامة .
وقوله ( يتلونه حق تلاوته ) قال الكلبي : يَصفونه في كتبهم حقّ صفته لمن سألهم من الناس ، والهاء راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال الآخرون : هي عائدة إلى الكتاب ، واختلفوا في معناه : فقال ابن مسعود رضي الله عنه : يقرءونه كما أُنزل ولا يحرفونه ، ويُحلون حلاله ويحرمون حرامه .
وقال الحسن : يعملون بمُحْكمه ، ويُؤمنون بمتشابهه ، ويَكلون علم ما أشكلَ عليهم إلى عالمه .
وقال مجاهد : يتبعونه حقّ اتباعه .
وقال القرطبي : واختُلف في معنى ( يتلونه حق تلاوته ) فقيل : يتبعونه حقَّ اتباعه ، باتباع الأمر والنهي ، فيحللون حلاله ، ويَحرمون حرامه ، ويَعملون بما تضمّنه ، قاله عكرمة .
قال عكرمة : أما سمعت قول الله تعالى : ( والقَمَر إذا تَلاها ) أي : أتبعها ، وهو معنى قول ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما .انتهى .
ومن معاني ( حقّ تلاوته ) في الآية , معنى التفاعل وحضور القلب أثناء تلاوة كتاب الله , ولا يخفى ما لهذا المعنى من أهمية , لا سيما في هذا الزمن الذي أضحى فيه الكثير من المسلمين ممن يتلون كتاب الله عز وجل , يتلونه تلاوة صورية شكلية ، لا روح فيها ولا حياة ، بل بقلب ساهٍ لاه .
وهو معنى يتوافق مع حديث حذيفة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلى ، فكان إذا مرَّ بآيةِ رحمة سأل , وإذا مرَّ بآية عذاب استجار , وإذا مرَّ بآية فيها تنزيه لله سبَّح . رواه ابن ماجة ، وصححه الألباني (1111) .
3- وقال التابعي الجليل أبوعبدالرحمن السُّلمي رحمه الله : حدثنا الذين كانوا يُقرؤننا القرآن : عثمان بن عفان ، وعبد الله بن مسعود ، وغيرهما رضي الله عنهم : أنهم كانوا إذا تَعلَّموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يتجاوزوها ، حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن ، والعلم ، والعمل جميعًا . وهذا هو الذي عليه مدار السعادة والشقاوة في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى : ﴿ فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَي وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ طه : 123- 126.
4- وقد ورد بيان عقوبة تارك العمل بالقرآن العظيم في البرزخ ، نعوذ بالله من غضبه وعقابه ، ففي صحيح البخاري : عن سمرة بن جندب رضي الله عنه : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث الرؤيا الطويل : “إنه آتاني الليلة آتيان ،… قال : وإنهما قالا لي : انطلق وإني انطلقت معهما ، وإنا أتينا على رجلٍ مضطجع ، وإذا آخر قائمٌ عليه بصخرة ، وإذا هو يهوي بالصَّخرة لرأسه فيَثْلغ رأسه ، فيَتَدهْده الحَجر ها هنا ، فيتبع الحَجر فيأخذه فلا يرجع إلى الرجل ، حتى يصحّ رأسُه كما كان ، ثم يعود عليه ، فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى ” قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” فقلت سبحان الله ! ما هذا ؟ فقالا لي انطلق ” .
فذكر الحديث ، وفيه : “أما الرجل الذي أتيتَ عليه ، يُثلغ رأسه بالحَجر ، فهو الرجل يأخذُ القرآن فيَرفُضُه ، وينامُ عن الصلاة المكتوبة …” . البخاري برقم ( 7047) .والحديث فيه : الوعيد لمن ينام عن الصلاة المكتوبة .
ولمن يأخذ القرآن فيرفضه ، أي : يقرأ القرآن ولا يعمل به .
وقال ابن بطال في شرح البخاري : “يأخذ القرآن فيرفضه ” يعنى : يترك حفظ حروفه ، والعمل بمعانيه .
5- وثبت في صحيح مسلم : عن أبي مالك الأشعري يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : “…والقرآنُ حُجةٌ لك ، أو عليك ” .
فالقرآن حُجةٌ لمن اتَّبعه ، وعَمِل بما فيه ، وحُجة على مَن أعرض عنه ، ولم يعمل به ويتبعه .
قال المناوي في فيض القدير : والقرآن “حُجة لك” ، يدلك على النَّجاة إنْ عملتَ به ، أو “عليك” إنْ أعرضت عنه ، فيدل على سوء عاقبتك . انتهى
6- وسبق حديث جابر رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” القرآنُ شَافعٌ مُشفَّع ، ومَاحلٌ مُصدَّق ، مَنْ جَعَله أمامَه ، قادَه إلى الجنة ، ومَن جَعله خَلف ظَهْره ، ساقه إلى النار”. رواه ابن حبان والطبراني وغيرهما .
والمعنى : مَنْ عمل بما فيه ، ساقه إلى الجنة ، ومَن تركه وأعرض عنه ، ونسيه وغفل وتغافل عنه ، ساقه إلى النار ، والعياذ بالله تعالى .ومعنى ” ماحل ” أي : شاهد .
7- وقال النبي عليه صلى الله عليه وسلم في حَجَّة الوداع : “… تركتُ فيكم ما لن تضلوا بعده ، إنْ اعتصمتم به : كتاب الله [وسُنَّة نبيه]” . رواه مسلم برقم ( 2408) والزيادة للحاكم في المستدرك .