يا ليتني قدمت لحياتي ..

الأماني تجارةٌ كاسدة خاسرة في تحقيق المطالب والغايات .. وأعظم الخسارة : حين يرى صاحب الأماني الحالمة : أهل العلم والعمل ، والجد والاجتهاد أناخوا مطايا ترحالهم الطويل في منازل السعادة الأبدية في جنة الرحمن ..

فيحمدون سراهم في دنيا الحركة والعمل ، ويسمعون النداء الأبدي إخباراً بذلك الخلود الذي تسعى إليه < همم العقلاء > إيماناً وطاعةً وعملاً .. ( وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) ..
وصاحب الضياع والمعاصي ، والأماني الكاذبة ، والمعرض عن طاعة ربه عز وجل : يعض أصابع الندم طالباً الرُّجعى إلى دار العمل .. وهيهات ، فهناك لا رجعى ، هناك < كلا > ولا تناوش من مكان بعيد !! ..

فلمَّـا يأتيه يقين الحساب والعقاب ، ينقلب إلى نفسه لائماً وطالباً تحقيق أمنيته الخيرة ، مردداً : ( يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ) ( يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ) ( يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) (يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ) ..

فيُصغي بسمع قلبه إلى جواب الحسرات ، وانقطاع الأمنيات .. ( وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ) ( وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) ..

إِنْ كُنْتَ نِلْتَ مِنَ الحَيَاةِ وَطِيْبِهَا ... مَعَ حُسْنِ وَجْهِكَ عِفَّةً وَشَبَابَا
فَاحْـذَرْ لِنَفْسِكَ أَنْ تُرَى مُـتَمَنِّياً ... يَوْمَ القِيَــامَةِ أَنْ تَكُـــــوْنَ تُرَابَا