تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 9 من 12 الأولىالأولى 123456789101112 الأخيرةالأخيرة
النتائج 161 إلى 180 من 223

الموضوع: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

  1. #161
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (158)
    صـ 545 إلى صـ 551



    والدليل إنما دل على أن الممكنات لها مبدع واجب بنفسه خارج عنها، أما كون ذلك المبدع مستلزما لصفاته، أو لا يوجد إلا متصفا بصفات الكمال، فهذا لم تنفه حجة أصلا (1) ، ولا هذا التلازم - سواء سمي فقرا أو لم يسم - مما ينفي كون المجموع واجبا قديما أزليا لا يقبل العدم بحال.
    وأيضا، فتسمية الصفات القائمة بالموصوف جزءا له ليس هو من اللغة المعروفة وإنما (2) هو اصطلاح لهم، كما سموا (3) الموصوف مركبا، (4 بخلاف تسمية الجزء صفة، فإن هذا موجود في كلام كثير من الأئمة والنظار كالإمام أحمد وابن كلاب وغيرهما 4) (4) ، وإلا فحقيقة الأمر أن الذات المستلزمة للصفة لا توجد إلا وهي متصفة بالصفة، وهذا حق. وإذا تنزل إلى اصطلاحهم المحدث وسمى هذا جزءا، فالمجموع لا يوجد إلا بوجود جزئه الذي هو بعضه.
    وإذ قيل: هو مفتقر إلى بعضه، لم يكن هذا إلا دون قول القائل: هو مفتقر إلى نفسه الذي هو المجموع، وإذا كان لا محذور فيه فهذا أولى.
    وإذا قيل: جزؤه (5) غيره، والواجب لا يفتقر إلى غيره.
    قيل: إن أردت أن جزأه مباين له وأنه يجوز مفارقة أحدهما الآخر بوجه من الوجوه، فهذا باطل، فليس جزؤه غيره (6) بهذا التفسير، وإن أردت

    **_________
    (1) ب، أ: فهذا لم ينف حجة أصلا.
    (2) ب، أ: إنما.
    (3) ب: يسمون ; أ: يسموا، وهو تحريف.
    (4) : (4 - 4) ساقط من (ب) ، (أ) .
    (5) أ، ب: أجزاؤه.
    (6) ع: غيرا له
    ============================== ==
    أنه يمكن العلم بأحدهما دون العلم بالآخر، كما نعلم (1) أنه قادر قبل العلم بأنه عالم، ونعلم الذات قبل العلم بصفاتها، فهو غيره بهذا التفسير. وقد علم بصريح العقل أنه لا بد من إثبات معان هي أغيار (2) بهذا التفسير، وإلا فكونه قائما بنفسه ليس هو كونه عالما، وكونه عالما ليس هو (3) كونه حيا، وكونه حيا ليس هو (4) كونه قادرا، ومن جعل هذه الصفة هي الأخرى، وجعل الصفات كلها هي الموصوف، فقد انتهى في السفسطة إلى الغاية، وليس هذا إلا كمن قال: السواد هو البياض، والسواد والبياض هو الأسود والأبيض.
    ثم هؤلاء الذين نفوا المعاني التي يتصف بها كلهم متناقضون يجمعون في قولهم بين النفي والإثبات، وقد جعلوا هذا أساس التعطيل والتكذيب بما علم بصريح المعقول وصحيح المنقول.
    فالذين ينفون علمه بالأشياء يقولون: لئلا يلزم التكثر (5) . والذين ينفون علمه بالجزئيات يقولون: لئلا يلزم التغير، فيذكرون لفظ " التكثر " و " التغير " وهما لفظان مجملان: يتوهم السامع أنه تتكثر الآلهة، أو أن (6) الرب يتغير ويستحيل من حال إلى حال، كما يتغير الإنسان إما بمرض وإما بغيره، وكما تتغير الشمس إذا اصفر لونها، ولا يدري أنه عندهم (7)
    **_________

    (1) ع: يعلم.
    (2) ب، أ: أعيان.
    (3) هو: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (4) هو: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (5) ع: التكثير.
    (6) ب، أ: وأن.
    (7) عندهم: ساقطة من (ع)
    ============================== =======

    إذا أحدث ما لم يكن محدثا سموه تغيرا، وإذا سمع دعاء عباده (1) سموه تغيرا، وإذا رأى ما خلقه سموه تغيرا، وإذا كلم موسى بن عمران سموه تغيرا، وإذا رضي عمن أطاعه وسخط على من عصاه سموه تغيرا، إلى أمثال (2) هذه الأمور.
    ثم إنهم ينفون ذلك من غير دليل (3) أصلا، فإن الفلاسفة يجوزون أن يكون القديم محلا للحوادث، (لكن) من نفى منهم ما (نفاه) (4) فإنما هو لنفيه الصفات مطلقا، وكذلك المعتزلة. ولهذا كان الحاذق (5) من هؤلاء وهؤلاء كأبي الحسين البصري وأبي البركات صاحب " المعتبر " وغيرهما قد خالفوهم في ذلك، وبينوا أنه ليس لهم دليل عقلي ينفي ذلك، وأن الأدلة العقلية والشرعية توجب ثبوت ذلك، وهذا كله قد بسط في موضع آخر.
    والمقصود هنا أن من نفى الجسم وأراد به نفي التركيب من الجواهر المفردة (6) أو من المادة والصورة فقد أصاب في المعنى، ولكن منازعوه يقولون: هذا الذي قلته ليس هو مسمى الجسم في اللغة، ولا هو أيضا حقيقة الجسم الاصطلاحي، (7 فإن الجسم ليس مركبا لا من هذا ولا من هذا، وهو يقول: هذا حقيقة الجسم الاصطلاحي 7) (7) .

    **_________
    (1) ع: عبده.
    (2) ب، أ: مثل.
    (3) ع: بغير دليل.
    (4) أ: من نفى منهم من نفاه، وهو تحريف ; ب: ومن نفاه منهم.
    (5) ب (فقط) : الحذاق.
    (6) ب: الفردة.
    (7) (7 - 7) : في (ع) فقط
    ==============================

    وإذا كان منازعوه من (لا) ينفي (1) التركيب من هذا وهذا، فالفريقان متفقان على تنزيه الرب عن ذلك، لكن أحدهما يقول: نفي لفظ (2) الجسم لا يفيد هذا التنزيه، وإنما يفيده لفظ التركيب ونحوه (3) ، والآخر يقول: بل (نفي) (4) لفظ الجسم يفيد هذا التنزيه.
    ومن قال: هو جسم، فالمشهور عن نظار الكرامية وغيرهم ممن يقول: هو جسم، أنه يفسر ذلك بأنه الموجود أو القائم بنفسه، لا بمعنى المركب.
    وقد اتفق الناس على أن من قال: إنه جسم، وأراد هذا المعنى، فقد أصاب في المعنى، لكن إنما يخطئه من يخطئه في اللفظ.
    أما من يقول: الجسم هو المركب، فيقول: أخطأت (حيث) (5) استعملت لفظ " الجسم " في القائم بنفسه أو الموجود.
    وأما من (لا) (6) يقول بأن كل جسم مركب، فيقول: تسميتك لكل موجود أو قائم بنفسه جسما ليس هو موافقا للغة العرب المعروفة، ولا تكلم بهذا اللفظ أحد من السلف والأئمة، ولا قالوا (7) : إن الله جسم،

    **_________
    (1) ب، أ: ممن ينفي، والصواب ما في (ع) ، والمقصود هنا من أثبت الجواهر الفردة مثل الأشاعرة، أو المادة والصورة مثل الفلاسفة فإنهم جميعا متفقون على تنزيه الرب عن الجسمية.
    (2) لفظ: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (3) ب، أ: وإنما يفيده لفظ هذا التركيب ونحوه ; ع: وإنما يفيد لفظ التركيب ونحوه. ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته.
    (4) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
    (5) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
    (6) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
    (7) ع: وقالوا
    ==============================
    فأنت مخطئ في اللغة والشرع، وإن كان المعنى الذي أردته صحيحا.
    فيقول: أنا تكلمت (1) بالاصطلاح الكلامي، فإن الجسم عند النظار من المتكلمين والفلاسفة هو ما يشار إليه، ثم ادعى طائفة منهم أن كل ما كان كذلك فهو مركب من الجواهر المنفردة أو من المادة والصورة، ونازعهم طائفة أخرى في هذا المعنى، وقالوا: ليس كل ما يشار إليه هو مركب لا (2) من هذا ولا من هذا، فإذا أقام صاحب هذا القول دليلا عقليا على نفي تركيب المشار إليه خصم منازعيه، إلا من يقول: إن أسماء الله تعالى توقيفية فيقول له: ليس لك أن تسميه بذلك.
    وأما أهل السنة المتبعون للسلف فيقولون: كلكم مبتدعون في اللغة والشرع حيث سميتم كل ما يشار إليه جسما، فهذا اصطلاح لا يوافق اللغة، ولم يتكلم به أحد من سلف الأمة.
    قال المدعون أن الجسم هو المركب: بل قولنا موافق للغة، والجسم في اللغة هو المؤلف المركب، والدليل (3) على ذلك أن العرب تقول: هذا أجسم من هذا عند زيادة الأجزاء، والتفضيل إنما يقع بعد الاشتراك في الأصل، فعلم أن لفظ الجسم عندهم هو المركب، وكلما (4) زاد التركيب قالوا: أجسم.

    **[بطلان القول بأن العرب أطلقوا اسم الجنس على المركب من الأجزاء من وجوه]
    فيقال: لهم أما كون العرب تقول لما كان أغلظ من غيره أجسم فهذا

    **_________
    (1) ع: فإن كان المعنى الذي أردته صحيحا، فنقول: إنما تكلمت. . إلخ.
    (2) لا: في (ع) فقط.
    (3) ب، أ: فالدليل.
    (4) ب، أ: فكلما
    ============================== ==

    صحيح، (مع أن بعض أهل اللغة أنكروا هذا) (1) . وأما دعواكم أنهم يقولون هذا (2) لأن الجسم مركب من الأجزاء المفردة، وكل ما يشار إليه فهو مركب فيسمونه جسما، فهذه دعوى باطلة عليهم من وجوه: أحدها: أنه قد علم (3) بنقل الثقات عنهم والاستعمال الموجود في كلامهم أنهم لا يسمون كل ما يشار إليه جسما، ولا يقولون للهواء اللطيف جسما، (4) وإنما يستعملون لفظ " الجسم " كما يستعملون لفظ الجسد، وهكذا نقل عنهم أهل العلم بلسانهم كالأصمعي وأبي زيد الأنصاري وغيرهما، كما (5) نقله الجوهري في " صحاحه " وغير الجوهري، (6) فلفظ " الجسم " عندهم يتضمن معنى الغلظ والكثافة، لا معنى كونه يشار إليه.
    الوجه الثاني: أنهم لم يقصدوا بذلك كونه مركبا من الجواهر المفردة (7) أو من المادة والصورة، بل لم يخطر هذا بقلوبهم، بل إنما قصدوا معنى الكثافة والغلظ. وأما كون الكثافة والغلظ تكون بسبب كثرة الجواهر المفردة، (8) أو بسبب كون الشيء في نفسه غليظا كثيفا، كما يكون حارا وباردا وإن لم تكن حرارته وبرودته (9) بسبب كونه مركبا من

    **_________
    (1) ما بين القوسين في (ع) فقط.
    (2) هذا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (3) ب، أ: أنه قد علم من وجوه. . . إلخ.
    (4) ب (فقط) : جسم، وهو خطأ.
    (5) كما: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) انظر ما سبق 2/525 (ت 3، 4) .
    (7) ب (فقط) : الفردة.
    (8) ب (فقط) : الفردة.
    (9) وبرودته: ساقطة من (أ) ، (ب)
    ============================== =====

    الجواهر الفردة، فالجسم له قدر وصفات، وليست صفاته لأجل الجواهر، فكذلك قدره. فهذا ونحوه من البحوث العقلية الدقيقة لم تخطر ببال عامة من تكلم بلفظ " الجسم " من العرب وغيرهم.
    الوجه الثالث: أنه من المعلوم أن اللفظ المشهور في اللغة الذي يتكلم به الخاص والعام ويقصدون معناه لا يجوز أن يكون معناه مما يخفى تصوره على أكثر الناس، ويقف (1) العلم بصحة ذلك المعنى (2) على أدلة دقيقة عقلية، ويتنازع فيها العقلاء، فإن الناطقين به جميعهم متفقون على إرادة المعنى الذي يدل اللفظ عليه في اللغة، (وما كان دقيقا لا يفهمه أكثر الناس لا يكون مراد الناطقين به وكذلك ما كان متنازعا فيه. ولهذا قال من قال من الأصوليين: اللفظ المشهور لا يجوز أن يكون موضوعا لمعنى خفي لا يعلمه إلا خواص الناس، كلفظ " الحركة " ونحوه. ومعلوم أن لفظ " الجسم " مشهور في لغة العرب) (3) ، مع عدم تصور أكثرهم للتركيب، وعدم علمهم بدليل التركيب، وإنكار كثير منهم للتركيب من الجواهر الفردة والمادة والصورة. وهذا مما يعلم به قطعا أنه ليس موضوعه في اللغة ما تنازع فيه النظار، ومعرفته تتوقف (4) على النظر والأدلة الخفية.

    **_________
    (1) ب (فقط) : ويتوقف.
    (2) المعنى: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
    (4) ع، أ: تقف
    ============================== ====




  2. #162
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (159)
    صـ 552 إلى صـ 558





    الوجه (1) الرابع: أنهم لو قصدوا التركيب (2) فإنما قصدوه فيما كان غليظا كثيفا، فدعوى المدعي عليهم أنهم يسمون كل ما يشار إليه جسما، ويقولون مع ذلك: إنه مركب دعوتان باطلتان.
    وجمهور المسلمين الذين يقولون: ليس بجسم، يقولون: من قال: إنه جسم وأراد بذلك أنه موجود أو قائم بنفسه (أو نحو ذلك، أو قال: إنه جوهر وأراد بذلك أنه قائم بنفسه) (3) فهو مصيب في المعنى، لكن أخطأ في اللفظ.
    وأما إذا أثبت (4) أنه مركب من الجواهر الفردة (5) ونحو ذلك فهو مخطئ في المعنى، وفي تكفيره نزاع بينهم.
    ثم القائلون بأن الجسم مركب من الجواهر الفردة (6) قد تنازعوا في مسماه، فقيل: الجوهر الواحد بشرط انضمام غيره إليه يكون جسما وهو قول القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى وغيرهما. (7) وقيل: بل الجوهران فصاعدا. وقيل: بل أربعة فصاعدا. وقيل: بل ستة فصاعدا. وقيل: بل ثمانية فصاعدا. وقيل: بل ستة عشر. وقيل: بل اثنان وثلاثون. وقد ذكر عامة هذه الأقوال الأشعري في كتاب " مقالات الإسلامين ن (8) واختلاف المصلين " (9) .

    **_________
    (1) الوجه في (ع) فقط.
    (2) ب: أنهم لو قصدوه ; أ: أنهم قصدوا. والمثبت من (ع) .
    (3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
    (4) ب، أ: ثبت، وهو تحريف.
    (5) ع: المنفردة.
    (6) ع: المنفردة.
    (7) انظر: الباقلاني: التمهيد، ص [0 - 9] 7، 191، 195 ; الإنصاف، ص 15.
    (8) أ، ب: المسلمين.
    (9) في (ع) المضلين، وهو تحريف وانظر: المقالات 2/4 - 6
    ============================== =====

    فقد تبين أن في هذا اللفظ من المنازعات اللفظية (1) اللغوية والاصطلاحية والعقلية والشرعية ما يبين أن الواجب على المسلمين الاعتصام بالكتاب والسنة، كما أمرهم الله تعالى بذلك في قوله: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} [سورة آل عمران: 103] ، وقوله تعالى: {المص - كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين - اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون} [سورة الأعراف: 1 - 3] ، وقوله: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} [سورة الأنعام: 153] ، وقوله: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [سورة البقرة: 213] ، وقوله: {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا - ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا - وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} [سورة

    **_________
    (1) اللفظية: زيادة في (ع)
    =============================

    النساء: 59 - 61] ، وقوله: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى - ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى - قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا - قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [سورة طه: 123 - 126] . قال ابن عباس رضي الله عنهما: تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ هذه الآية، ومثل هذا كثير من الكتاب والسنة، وهذا مما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها.
    **[القاعدة الواجب اتباعها في مسألة الصفات]
    فالواجب أن ينظر في هذا الباب، فما أثبته الله ورسوله أثبتناه، وما نفاه الله ورسوله نفيناه، والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي، فنثبت ما أثبتته النصوص من الألفاظ والمعاني. وننفي ما نفته (1) النصوص من الألفاظ والمعاني. وأما الألفاظ التي تنازع فيها من ابتدعها من المتأخرين، مثل لفظ " الجسم " و " الجوهر " (2) و " المتحيز " و " الجهة " ونحو ذلك فلا تطلق نفيا ولا إثباتا حتى ينظر في مقصود قائلها، فإن كان قد أراد بالنفي والإثبات معنى صحيحا موافقا لما أخبر به الرسول صوب المعنى الذي قصده بلفظه، ولكن ينبغي أن يعبر عنه بألفاظ النصوص، لا يعدل (3) إلى هذه الألفاظ المبتدعة المجملة إلا عند الحاجة، مع قرائن تبين المراد بها، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها، وأما إن أريد (4) بها معنى باطل نفي ذلك المعنى،

    **_________
    (1) ع: تنفيه.
    (2) أ، ب: مثل لفظ الجوهر.
    (3) ع: نعدل.
    (4) ع: إن أراد
    ============================== ====
    وإن جمع بين حق وباطل، أثبت الحق وأبطل الباطل.
    وإذا اتفق شخصان على معنى وتنازعا هل يدل ذلك اللفظ عليه أم لا، عبر عنه بعبارة يتفقان على المراد بها، وكان أقربهما إلى الصواب من وافق اللغة المعروفة، كتنازعهم في لفظ " المركب " هل يدخل فيه الموصوف بصفات تقوم به، وفي لفظ " الجسم " هل مدلوله في اللغة المركب أو الجسد أو نحو ذلك.

    وأما لفظ " المتحيز " فهو في اللغة اسم لما يتحيز إلى غيره، كما قال تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة} [سورة الأنفال: 16] ، وهذا لا بد أن يحيط به حيز وجودي، ولا بد أن ينتقل من حيز إلى حيز، ومعلوم أن الخالق جل جلاله لا يحيط به شيء من مخلوقاته، فلا يكون متحيزا بهذا المعنى اللغوي.
    وأما أهل الكلام فاصطلاحهم في المتحيز أعم من هذا، فيجعلون كل جسم متحيزا، والجسم عندهم ما يشار إليه، فتكون السماوات والأرض وما بينهما (1) متحيزا على اصطلاحهم، وإن لم يسم ذلك متحيزا في اللغة.
    والحيز تارة يريدون به معنى موجودا وتارة يريدون به معنى معدوما، ويفرقون بين مسمى الحيز ومسمى المكان، فيقولون: المكان أمر وجودي (2) ، والحيز تقدير مكان عندهم. فمجموع الأجسام ليست في شيء موجود، فلا تكون في مكان، وهي عندهم متحيزة. ومنهم من

    **_________
    (1) عبارة وما بينهما ": ساقطة من (ع) .
    (2) ب، أ: موجود
    ============================== ======

    يتناقض (1) فيجعل الحيز تارة موجودا وتارة معدوما، كالرازي (2) وغيره، كما (قد) (3) بسط الكلام على ذلك في غير هذا الموضع.
    فمن تكلم باصطلاحهم وقال: إن الله متحيز بمعنى (أنه) (4) أحاط به شيء من الموجودات فهذا مخطئ، فهو سبحانه بائن من خلقه، وما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق. وإذا كان الخالق بائنا عن المخلوق امتنع أن يكون الخالق في المخلوق، وامتنع أن يكون متحيزا بهذا الاعتبار. "
    وإن أراد بالحيز أمرا عدميا فالأمر العدمي لا شيء، وهو سبحانه بائن عن (5) خلقه، فإذا سمى العدم الذي فوق العالم حيزا، وقال: يمتنع أن يكون فوق العالم لئلا يكون متحيزا، فهذا معنى باطل لأنه ليس هناك موجود غيره حتى يكون فيه وقد علم بالعقل والشرع أنه بائن عن (6) خلقه، كما قد بسط في غير هذا الموضوع.
    وهما مما احتج به سلف الأمة وأئمتها على الجهمية - كما احتج به الإمام أحمد في رده على الجهمية - وعبد العزيز الكناني (7) وعبد الله بن

    **_________
    (1) ب، أ: يناقض.
    (2) انظر ما سبق 2/351 وما بعدها، وقد أورد ابن تيمية نص كلام الرازي في كتابه " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين " (ص [0 - 9] 5) وذكر تعليق الطوسي في تلخيص المحصل ثم علق على كلامهما.
    (3) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
    (4) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
    (5) ع: من.
    (6) ع: من.
    (7) ع: الكتاني، وهو خطأ. وهو عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز بن مسلم الكناني المكي، كان يلقب بالغول لدمامته، سمع من سفيان بن عيينة وكان من تلاميذ الشافعي، وناظر بشرا المريسي أمام المأمون وله كتاب الحيدة، وقد توفي سنة 240. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 6/363 ; العبر للذهبي 1/334 ; الأعلام 4/154 - 155. وانظر كتاب " الحيدة " له، ص 27 - 28 ط. مطبعة الإمام بالقاهرة بدون تاريخ
    ============================== =====

    سعيد بن كلاب والحارث المحاسبي وغيرهم، وبينوا (1) أنه سبحانه كان موجودا قبل أن يخلق السماوات والأرض، فلما خلقهما (2) فإما (3) أن يكون قد دخل فيهما (4) أو دخلت فيه، وكلاهما ممتنع، فتعين أنه بائن عنهما (5) وقرروا ذلك بأنه يجب أن يكون مباينا لخلقه أو مداخلا له.
    والنفاة يدعون وجود موجود لا يكون مباينا لغيره (6) ولا مداخلا له، (7) وهذا ممتنع في بداية العقول، لكن يدعون أن القول بامتناع ذلك هو من حكم الوهم لا من حكم العقل. ثم إنهم تناقضوا فقالوا: لو كان فوق العرش لكان جسما، لأنه لا بد أن يتميز ما يلي هذا الجانب عما يلي هذا الجانب.
    فقال لهم أهل الإثبات: معلوم بضرورة العقل أن إثبات موجود فوق العالم ليس بجسم، أقرب إلى العقل من إثبات موجود قائم بنفسه ليس بمباين للعالم ولا بمداخل له، فإن جاز إثبات الثاني فإثبات الأول أولى.
    وإذا قلتم: نفي هذا الثاني من حكم الوهم الباطل؛ قيل لكم: (8) فنفي الأول أولى أن يكون من حكم الوهم الباطل.

    **_________
    (1) ع: ويثبتون.
    (2) فلما خلقهما: في (ع) فقط.
    (3) ب، أ: إما.
    (4) ب، أ: فيها.
    (5) ب، أ: عنها.
    (6) ب: لا مباين لغيره ; أ: لا مباينا لغيره.
    (7) ب (فقط) : ولا مداخل له.
    (8) لكم: في (ع) فقط
    ==============================

    وإن قلتم: إن نفي الأول من حكم العقل المقبول ; فنفي الثاني أولى أن يكون من حكم العقل المقبول.
    وقد بسط الكلام على هذه الأمور في غير هذا الموضع، والمقصود هنا التنبيه.
    وكذلك الكلام في لفظ " الجهة " فإن مسمى لفظ الجهة يراد به أمر وجودي (1) كالفلك الأعلى، ويراد به أمر عدمي كما وراء العالم.
    فإذا أريد الثاني (أمكن) (2) أن يقال: كل جسم في جهة. وإذا أريد الأول امتنع أن يكون كل جسم في جسم آخر.
    فمن قال: الباري في جهة، وأراد بالجهة أمرا موجودا، فكل ما سواه مخلوق له، (ومن قال: إنه) (3) في جهة بهذا التفسير فهو مخطئ.
    وإن أراد بالجهة أمرا عدميا، وهو ما فوق العالم، وقال: إن الله فوق العالم، فقد أصاب. وليس فوق العالم موجود غيره، فلا يكون سبحانه في شيء من الموجودات.
    وأما إذا فسرت (4) الجهة بالأمر العدمي، فالعدم (5) لا شيء.
    وهذا ونحوه من الاستفسار، وبيان ما يراد باللفظ من معنى صحيح وباطل يزيل عامة الشبه.
    فإذا قال نافي الرؤية: لو رؤي لكان في جهة، وهذا ممتنع، فالرؤية ممتنعة.

    **_________
    (1) ع: موجود.
    (2) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
    (3) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
    (4) ع: وإذا فسرت. . إلخ.
    (5) ب (فقط) : فالعدمي
    ============================== ============




  3. #163
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (160)
    صـ 559 إلى صـ 565




    قيل له: إن أردت بالجهة أمرا وجوديا، فالمقدمة الأولى ممنوعة، وإن أردت بها أمرا عدميا فالثانية ممنوعة، فيلزم بطلان إحدى المقدمتين على كل تقدير، فتكون الحجة باطلة.
    وذلك أنه إن أراد بالجهة أمرا وجوديا، لم يلزم أن يكون كل مرئي في جهة وجودية، فإن سطح العالم الذي هو أعلاه ليس في جهة وجودية، ومع هذا تجوز رؤيته فإنه جسم من الأجسام. فبطل قولهم: كل مرئي لا بد أن يكون في جهة وجودية، (1 إن أراد بالجهة أمرا وجوديا 1) . (1) وإن أراد بالجهة أمرا عدميا منع المقدمة الثانية، فإنه إذا قال: الباري ليس في جهة عدمية، وقد علم أن العدم ليس بشيء، كان حقيقة قوله: إن الباري لا يكون موجودا قائما بنفسه، حيث لا موجود إلا هو، وهذا باطل.
    وإن قال: هذا يستلزم (2) أن يكون جسما أو متحيزا، عاد الكلام معه في مسمى الجسم والمتحيز. (3) فإن قال: هذا يستلزم أن يكون مركبا من الجواهر المنفردة، أو من المادة والصورة، وغير ذلك من المعاني الممتنعة على الرب، لم يسلم له هذا التلازم.
    وإن قال: يستلزم أن يكون الرب مشارا إليه ترفع الأيدي إليه في الدعاء (4) ، وتعرج الملائكة والروح إليه، وعرج بمحمد - صلى الله عليه

    **_________
    (1) : (1 - 1) ساقط من (ع) .
    (2) ب، أ: وإذا قال أحد يستلزم. . إلخ، وهو تحريف.
    (3) ب، أ: المتحيز.
    (4) ب: أن يكون والرب يشار إليه برفع الأيدي في الدعاء ; أ: أن يكون الرب يشار إليه برفع الأيدي إليه في الدعاء
    ============================== ========
    وسلم - إليه (1) ، وتنزل الملائكة من عنده، وينزل (2) منه القرآن، ونحو ذلك من اللوازم التي نطق بها الكتاب والسنة وما كان في معناها.
    قيل له: لا نسلم انتفاء هذه اللوازم. (3) فإن قال: ما استلزم هذه اللوازم فهو جسم.
    قيل: إن أردت أنه يسمى جسما في اللغة أو في الشرع (4) ، فهذا باطل.
    وإن أردت أنه يكون جسما مركبا من المادة والصورة، أو من الجواهر المفردة (5) ، فهذا أيضا ممنوع في العقل، فإن ما هو جسم باتفاق العقلاء - كالأحجار (6) - لا نسلم أنه (7) مركب بهذا الاعتبار، كما قد بسط في موضعه، فما الظن بغير ذلك! ؟
    وتمام ذلك بمعرفة البحث العقلي في تركيب الجسم الاصطلاحي من هذا وهذا، وقد بسط في غير هذا الموضع، وبين فيه (8) أن قول هؤلاء وهؤلاء باطل مخالف للأدلة العقلية القطعية، ولكن هذا الإمامي لم يذكر هنا من الأدلة ما يصل به إلى آخر البحث، وقد ذكر في كلامه ما يناسب

    **_________
    (1) ب، أ: ويعرج محمد - صلى الله عليه وسلم - إليه.
    (2) ع: وتنزل.
    (3) أ، ب: هذا اللازم.
    (4) ب، أ: والشرع.
    (5) أ، ب: الجواهر المركبة.
    (6) ب، أ: كالأجسام، وهو تحريف.
    (7) ع: لا نسلم فيه أنه.
    (8) ب، أ: وتبين فيه
    ==============================
    هذا الموضع، ومن شرع في تقرير ما ذكره بالمقدمات الممنوعة (1) ، شرع معه في نقضها وإبطالها بمثل ذلك، ولكل مقام مقال.
    وقد بسط الكلام على هذه الأمور في موضع، وبين أن ما تنفيه نفاة الصفات التي نطق بها الكتاب والسنة في (2) علو الله سبحانه وتعالى على خلقه وغير ذلك، كما أنه لم ينطق بما ذكروه (3) كتاب الله ولا سنة رسوله (4) ، ولا قال بقولهم أحد من المرسلين ولا الصحابة والتابعين، ولم يدل (5) عليه أيضا دليل عقلي، بل الأدلة العقلية الصريحة موافقة للأدلة السمعية الصحيحة، ولكن هؤلاء ضلوا بألفاظ متشابهة ابتدعوها، ومعان عقلية لم يميزوا بين حقها وباطلها.
    وجميع البدع: كبدع الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية، لها شبه في نصوص الأنبياء، بخلاف بدع (6) الجهمية النفاة، فإنه ليس معهم فيها دليل سمعي أصلا، ولهذا كانت آخر البدع حدوثا في الإسلام، ولما حدثت (أطلق) السلف والأئمة (7) القول بتكفير أهلها لعلمهم بأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق، ولهذا يصير محققوهم إلى مثل قول. (8) فرعون مقدم المعطلة، بل وينتصرون له ويعظمونه

    **_________
    (1) ب، أ: المسوغة، وهو تحريف.
    (2) ب (فقط) : من.
    (3) ب: لم ينطق به ; أ: لم ينطق بها.
    (4) ب، أ: كتاب ولا سنة.
    (5) ب، أ: فلم يدل.
    (6) ب، أ: بدعة.
    (7) ب: ولما أحدثت السلف والأمة ; أ: ولما أحدثت السلف والأئمة.
    (8) قول: ساقطة من (ب) ، (أ)
    ============================== ==

    وهؤلاء المعطلة ينفون نفيا مفصلا، ويثبتون شيئا مجملا يجمعون فيه (1) بين النقيضين. وأما الرسل صلوات الله (وسلامه) (2) عليهم أجمعين فيثبتون إثباتا مفصلا وينفون نفيا مجملا: يثبتون (لله) (3) الصفات على (وجه) (4) التفصيل، وينفون عنه التمثيل.
    وقد علم أن التوراة مملوءة بإثبات الصفات التي تسميها النفاة تجسيما، ومع هذا فلم ينكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على اليهود شيئا من ذلك، ولا قالوا: أنتم مجسمون. (5) بل كان أحبار اليهود إذا ذكروا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا من الصفات أقرهم الرسول على ذلك (6) وذكر ما يصدقه، كما في حديث الحبر الذي ذكر له إمساك الرب سبحانه وتعالى للسماوات والأرض المذكور في تفسير قوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره} الآية [سورة الزمر: 67] .
    وقد ثبت ما يوافق حديث الحبر في الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه من حديث ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما. (7)

    **_________
    (1) ب، أ: ويجمعون فيه.
    (2) ما بين القوسين في (ع) فقط.
    (3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
    (4) ما بين القوسين في (ع) فقط.
    (5) ب، أ: أنتم تجسمون.
    (6) على ذلك: في (ع) فقط.
    (7) روى البخاري 6/126 (كتاب التفسير، سورة الزمر) ومسلم 4/2147 - 2148 (أول كتاب صفة القيامة والجنة والنار) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك. فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) . والحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه في: سنن الترمذي 5/48 - 49 (كتاب التفسير، سورة الزمر) ; المسند (ط. المعارف) الأرقام 3590، 4087، 4368، 4369 وهو مروي بمعناه عن عدد من الصحابة. وانظر مسلم 4/2147 - 2148 ; الدر المنثور 5/334 - 336 ; المسند (ط. المعارف) : الأحاديث رقم 2267، 2990
    ============================== =====

    ولو قدر بأن النفي حق (1) ، فالرسل لم تخبر به ولم توجب على الناس اعتقاده، (فمن اعتقده وأوجبه) (2) فقد علم بالاضطرار (من دين الإسلام) أن دينه (3) مخالف لدين النبي - صلى الله عليه وسلم - (*) (4)
    **[استطراد في مناقشة نفاة الصفات]
    (فصل)
    ومما يبين الأمر في ذلك (5) أن المسلمين متفقون على تنزيه الله تعالى عن العيوب والنقائص وأنه متصف بصفات الكمال، لكن قد ينازعون في بعض الأمور: هل النقص إثباتها أو نفيها؟ وفي طريق العلم بذلك.
    فهذا المصنف الإمامي اعتمد على طريق المعتزلة ومن تابعهم من أن الاعتماد في تنزيه الرب عن النقائص على نفي كونه جسما، ومعلوم أن

    **_________
    (1) ب، أ: فلو قدر أن النفي حق.
    (2) ما بين القوسين في (ع) فقط، وفي (ب) ، (أ) بدلا منه: وواجبه.
    (3) ب: فقد علم بالاضطرار أن دينهم ; أ: فقد علم بالاضطرار أن دينه.
    (4) الكلام الذي يلي عبارة: مخالف لدين النبي - صلى الله عليه وسلم - والذي يوجد بعد القوس كله ساقط من (ب) ، (أ) . وهو كذلك ساقط من (ن) ، (م) . مع ما سبق الإشارة إليه ص 526. ويستمر السقط حتى ص 562.
    (5) في الأصل (ع) : ومما يبين أن الأمر في ذلك
    ============================== =

    هذه الطريقة لم ينطق بها كتاب ولا سنة ولا هي مأثورة عن أحد من السلف، فقد علم أنه لا أصل لها في الشرع، وجمهور أصحابها يسلمون ذلك، لكن يدعون أنها معلومة من جهة العقل.
    فقال لهم القادحون في طريقهم: هذا أيضا باطل، فإنه لا يمكن تنزيه الله تعالى عن شيء من النقائص والعيوب لاستلزام ذلك كونه جسما، فإنه ما من صفة يقول القائل: إنها تستلزم التجسيم (1) ، إلا والقول فيما أثبته كالقول فيما نفاه.
    وهو لا بد أن يثبت شيئا، وإلا لزم أن ينفي الموجود القديم الواجب بنفسه، وحينئذ فأي صفة قال فيها: إنها لا تكون إلا لجسم، أمكن أن يقال له مثل ذلك فيما أثبته. وإن كانت تلك صفة نقص، فلو أراد أن ينزه الله تعالى عن الجهل والعجز والنوم وغير ذلك، فإن هذه الصفات لا تكون إلا للأجسام ; قيل له: وما تثبته أنت من الأسماء أو الأحكام أو الصفات لا تكون إلا للأجسام.
    ولهذا كان من رد بهذه الطريق على الواصفين لله بالعيوب والنقائص كلامهم متناقض، ولهذا لم يعتمد الله ولا رسوله ولا أحد من سلف الأمة فيما ينكرونه على اليهود وغيرهم - ممن وصف الله تعالى بشيء من النقائص كالبخل والفقر واللغوب والصاحبة والولد والشريك - على هذه الطريق.
    ثم إن كثيرا ممن يسلك هذه الطريق حتى من الصفاتية يقولون:

    **_________
    (1) في الأصل أنه يستلزم التجسيم
    ============================== ====

    إن كون الرب منزها عن النقص متصفا بالكمال مما لا نعرفه بالعقل بل بالسمع، وهو الإجماع الذي استند إليه.
    وهؤلاء لا يبقى عندهم طريق عقلي ينزهون الله تعالى به عن شيء من النقائص، والإجماع الذي اعتمدوا عليه إنما ينفع في الجمل دون التفاصيل التي هي (1) محل نزاع بين المسلمين، فإنه يمتنع أن يحتج بالإجماع في موارد النزاع، ثم الإجماع يستندون فيه إلى بعض النصوص، ودلالة النصوص على صفات الكمال أظهر وأكثر وأقطع من دلالة النصوص على كون الإجماع حجة.
    وإذا عرف ضعف أصول النفاة للصفات فيما ينزهون عنه الرب، فهؤلاء الرافضة طافوا على أبواب المذاهب، وفازوا بأخس المطالب، فعمدتهم في العقليات على عقليات باطلة، وفي السمعيات على سمعيات باطلة. ولهذا كانوا من أضعف الناس حجة وأضيقهم محجة، وكان الأكابر من أئمتهم متهمين بالزندقة والانحلال، كما يتهم غير واحد من أكابرهم.
    والمقصود هنا أن هذا الباب تكلم الناس فيه بألفاظ مجملة مثل التركيب والانقسام والتجزئة والتبعيض ونحو ذلك. والقائل إذا قال: إن الرب تعالى ليس بمنقسم ولا متجزئ ولا متبعض ولا مركب ونحو ذلك، فهذا إذا أريد به ما هو المعروف من معنى ذلك في اللغة، فلا نزاع بين المسلمين أن الله منزه عن ذلك، فلا يجوز أن يقال: إنه مركب من أجزاء متفرقة، سواء قيل: إنه مركب بنفسه أو ركبه غيره، ولا أنه مركب يقبل

    **_________
    (1) في الأصل: الذي هي. والكلام هنا عن الإجماع عند ابن المطهر وعند الإمامية والنفاة
    ==============================




  4. #164
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (161)
    صـ 566 إلى صـ 572





    التفريق والتجزئة والتبعيض، وإن لم يكن كان متفرقا فاجتمع، كما يقال ذلك في الأجسام، فإنه سبحانه وإن كان خلق الحيوان والنبات فأنشأه شيئا بعد شيء، لم تكن يد الإنسان ورجله ورأسه متفرقة فجمع بينها (1) ، بل خلق هذه الأعضاء جملة، لكن يمكن تفريق بعضها عن بعض، فيمتنع أن يقال: إن الله سبحانه وتعالى يقبل التفريق والتجزئة والتبعيض بهذا الاعتبار. فهذان معنيان متفق عليهما، لا أعلم مسلما له قول في الإسلام قال بخلاف ذلك.
    وإن قال: إن المراد بالتركيب أنه مركب من الجواهر المنفردة أو من المادة والصورة، وبالانقسام والتجزئة أنه مشتمل على هذه الأجزاء، فجمهور العقلاء يقولون: إن هذه المخلوقات المشار إليها، كالشمس والقمر والأفلاك والهواء والنار والتراب، ليست مركبة (2) لا هذا التركيب ولا هذا التركيب، وكيف برب العالمين؟ !
    فإنه من المعلوم بصريح العقل أن المخلوق المشار إليه، الذي هو عال على غيره كعلو السماء على الأرض، إذا كان جمهور العقلاء يقولون: إنه ليس مركبا من الأجزاء التي لا تتجزأ - وهي الجواهر المنفردة - عند القائلين بها، ولا من المادة والصورة، كان منعهم أن يكون رب العالمين مركبا من هذا وهذا أولى.
    وأما من قال: إن هذه الأعيان المشار إليها مركبة من هذا وهذا، فكثير منهم - كالمعتزلة والأشعرية - ينفون عن الرب تعالى هذا التركيب. ولكن

    **_________
    (1) في الأصل: بينهما.
    (2) في الأصل: ليس مركبا
    ============================== =====
    كثير من شيوخ الكلام يقولون: إن الله تعالى جسم، فإذا كان من هؤلاء من يقول: إن الجسم مركب من الأجزاء المنفردة أو من المادة والصورة، فقد يقول: إنه مركب بهذا الاعتبار وبهذا.
    وهذا القول باطل عند جماهير المسلمين، لكن جمهور العقلاء ينكرون هذا التركيب في المخلوقات، فهم في الخالق أشد إنكارا.
    ومن قال: إن المشار إليه المخلوق مركب هذا التركيب، فهؤلاء يحتاجون في نفي ذلك عن الرب إلى برهان عقلي يبين امتناع مثل ذلك، فإن منازعيهم الذين يقولون بثبوت مثل هذا المعنى الذي جعلوه تركيبا، يقولون: إنه لا برهان لهم على نفيه، بل المقدمات التي وافقونا عليها من إثبات مثل هذا التركيب في الشاهد، يدل على ثبوته في الغائب، كما في نظائر ذلك مما يستدل به على الغائب بالشاهد.
    وبين الطائفتين في هذا منازعات عقلية ولفظية ولغوية، قد بسطت في غير هذا الموضع.
    وأما جمهور العقلاء، مع السلف والأئمة، فعندهم أن الطائفتين مخطئتان، وتنزيه الرب عن ذلك تبين بالعقل مع الشرع، كما بين من غير سلوك الشبهات الفاسدة.
    وأما إذا قيل: المراد بالانقسام أو التركيب أن يتميز منه شيء عن شيء، مثل تميز علمه عن قدرته، أو تميز ذاته عن صفاته، أو تميز ما يرى منه عما لا يرى، كما قاله السلف في قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار} [سورة الأنعام: 103] ، قالوا: لا تحيط به. وقيل لابن عباس رضي الله عنه: أليس الله تعالى يقول: {لا تدركه الأبصار} قال: ألست ترى

    ============================== =========
    السماء؟ قال: بلى. قال: أفكلها ترى؟ قال: لا (1) ; فذكر أن الله يرى ولا يدرك، أي لا يحاط به، ونحو ذلك.
    فهذا الامتياز على قسمين: أحدهما: امتياز في علم العالم منا بأن نعلم شيئا ولا نعلم الآخر، فهذا أيضا لا يمكن العاقل أن ينازع فيه بعد فهمه، وإن قدر أن فيه نزاعا، فإن الإنسان قد يعلم أنه موجود قبل أن يعلم أنه عالم، ويعلم أنه قادر قبل أن يعلم أنه (مريد) ، ونحو ذلك. (2) فما من أحد من الناس إلا وهو يعلم شيئا ولا يعلم الآخر، فالامتياز في علم الناس بين ما يعلم وما لا يعلم مما لا يمكن عاقلا المنازعة فيه، إلا أن يكون النزاع لفظيا، أو يتكلم الإنسان بما لا يتصور حقيقة قوله.
    فهذا الوجه من الامتياز متفق على إثباته، كما أن الأول متفق على نفيه. وأما الامتياز في نفس الأمر من غير قبول تفرق وانفصال، كتميز العلم عن القدرة، وتميز الذات عن الصفة، وتميز السمع عن البصر، وتميز ما يرى منه عما لا يرى، ونحو ذلك، وثبوت صفات له وتنوعها، فهذا مما تنفيه الجهمية نفاة الصفات، وهو مما أنكر السلف والأئمة نفيهم له، كما ذكر ذلك أئمة المسلمين المصنفين في الرد على الجهمية، كالإمام أحمد رضي الله عنه في رده على الجهمية (3) ، وغيره من أئمة المسلمين. ولكن (ليس) (4) في أئمة المسلمين من قال: إن
    **_________
    (1) انظر ما سبق 2/316 - 320، وانظر ص 320 (ت [0 - 9] ) .
    (2) في الأصل: قبل أن يعلم أنه ونحو ذلك. وأضفت كلمة (مريد) ليستقيم الكلام.
    (3) انظر مثلا رسالة " الرد على الجهمية " للإمام أحمد بن حنبل، ص [0 - 9] 1 - 32.
    (4) في الأصل: ولكن في أئمة المسلمين، وزيادة " ليس " يقتضيها السياق
    ============================== ===========
    الرب مركب من الجواهر المنفردة ولا من المادة والصورة. وقد تنازع النظار في الأجسام المشهودة: هل هي مركبة من جواهر أو من أجزاء، أو لا من هذا ولا من هذا؟ على ثلاثة أقوال.
    فمن قال: إن المخلوق ليس مركبا لا من هذا ولا هذا، فالخالق أولى أن لا يكون مركبا.
    ومن قال: إن المخلوق مركب، فهو بين أمرين: إما أن ينفي التركيب عن الرب سبحانه، ويحتاج إلى دليل، وأدلتهم على ذلك ضعيفة. وإما أن يثبت تركيبه من هذا وهذا، وهو قول سخيف. فكلا القولين - النفي والإثبات - ضعيف لضعف الأصل الذي اشتركوا فيه.
    وهذا الموضع من محارات كثير من العقلاء في صفات المخلوق والخالق. مثال ذلك الثمرة، كالتفاحة والأترجة (1) لها لون وطعم وريح، وهذه صفات قائمة بها، ولها أيضا حركة. فمن النظار من قال: صفاتها ليست أمورا زائدة على ذاتها، ويجعل لفظ " التفاحة " يتناول هذا كله. ومنهم من يقول: بل صفاتها زائدة على ذاتها.
    وهذا في التحقيق نزاع لفظي، فإن عنى بذاتها ما يتصوره الذهن من الذات المجردة، فلا ريب أن صفاتها زائدة على هذه الذات. وإن عنى بذاتها الذات الموجودة في الخارج، فتلك متصفة بالصفات، لا تكون ذاتا موجودة في الخارج إلا إذا كانت متصفة بصفاتها اللازمة لها.

    **_________
    (1) في " المعجم الوسيط " (نشر مجمع اللغة العربية) : " الأترج شجر يعلو، ناعم الأغصان والورق والثمر، وثمره كالليمون الكبير، وهو ذهبي اللون، ذكي الرائحة، حامض الماء ". وفي اللسان: " واحدته ترنجة وأترجة. . وفي الحديث: نهى عن لبس القسي المترج، هو المصبوغ بالحمرة صبغا مشبعا "
    ============================== ===========

    فتقديرها في الخارج منفكة عن الصفات - حتى يقال: هل الصفات زائدة عليها أو ليست زائدة - تقدير ممتنع، والتقدير الممتنع قد يلزمه حكم ممتنع.
    وقد حكي عن طائفة من النظار كعبد الرحمن بن كيسان الأصم (1) وغيره أنهم أنكروا وجود الأعراض في الخارج، حتى أنكروا وجود الحركة. والأشبه - والله أعلم - أنه لم ينقل قولهم على وجهه، فإن هؤلاء أعقل من أن يقولوا ذلك (2) وعبد الرحمن الأصم - وإن كان معتزليا - فإنه من فضلاء الناس وعلمائهم، وله تفسير. ومن تلاميذه إبراهيم بن

    **_________
    (1) في لسان الميزان 3/427: " عبد الرحمن بن كيسان، أبو بكر الأصم المعتزلي، صاحب المقالات في الأصول. ذكره عبد الجبار الهمداني في طبقاتهم، وقال: كان من أفصح الناس وأورعهم وأفقههم وله تفسير عجيب. ومن تلامذته إبراهيم بن إسماعيل بن علية، قلت: وهو من طبقة أبي الهذيل العلاف وأقدم منه ". وذكر عنه الأشعري في المقالات 1/311 أنه يخالف إجماع المعتزلة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الإمكان والقدرة باللسان واليد والسيف، كما يذكر رأيه في الإنسان 2/25: بأنه " هو الذي يرى وهو شيء واحد لا روح له وهو جوهر واحد ونفى إلا ما كان محسوسا مدركا " وأنه كان يقول 2/28: " ليس أعقل إلا الجسد الطويل العريض العميق الذي أراه وأشاهده، وكان يقول: النفس هي هذا البدن بعينه لا غير، وإنما جرى عليها هذا الذكر على جهة البيان والتأكيد لحقيقة الشيء لا على أنها معنى غير البدن " وذكر عنه الشهرستاني (نهاية الإقدام، ص [0 - 9] 81) أنه يقول بأن الإمامة غير واجبة في الشرع بل هي مبنية على معاملات الناس. وانظر ترجمة أبي بكر الأصم وآراءه في: المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل لابن المرتضي، ص 32 - 33 ; ط. حيدر آباد، 1316 ; فضل الاعتزال، ص [0 - 9] 67 - 268.
    (2) قال الأشعري في المقالات 2 " واختلف الناس في الحركات والسكون والأفعال، فقال الأصم: لا أثبت إلا الجسم الطويل العريض العميق ولم يثبت حركة غير الجسم، ولا يثبت سكونا غيره، ولا فعلا غيره، ولا قياما غيره، ولا قعودا غيره، ولا افتراقا ولا اجتماعا، ولا حركة ولا سكونا، ولا لونا غيره، ولا صوتا ولا طعما غيره، ولا رائحة غيره. فأما بعض أهل النظر ممن يزعم أن الأصم قد علم الحركات والسكون والألوان ضرورة، وإن لم يعلم أنها غير الجسم، فإنه يحكى عنه أنه كان لا يثبت الحركة والسكون وسائر الأفعال غير الجسم، ولا يحكى عنه أنه كان لا يثبت حركة ولا سكونا ولا قياما ولا قعودا ولا فعلا. فأما من زعم أن الأصم كان لا يعلم الأعراض على وجه من الوجوه فإنه يحكى عنه أنه كان لا يثبت حركة ولا سكونا ولا قياما ولا قعودا ولا اجتماعا ولا افتراقا على وجه من الوجوه، وكذلك يقول في سائر الأعراض ". وفي أصول الدين لابن طاهر، ص 36 - 37: " الخلاف في إثبات الأعراض مع الأصم ومع طوائف من الدهرية والسمنية نفوها كلها وزعموا أن المتحرك متحرك لا بحركة، والأسود أسود لا لسواد يقوم به، ونفوا جميع الأعراض ". وانظر أيضا: الملل والنحل 1 ; فضائح الباطنية للغزالي (تحقيق د. عبد الرحمن بدوي) ، ص 170 - 171
    ============================== ========

    إسماعيل بن علية، ولإبراهيم مناظرات في الفقه وأصوله مع الشافعي وغيره. (1) وفي الجملة فهؤلاء من أذكياء الناس وأحدهم أذهانا، وإذا ضلوا في مسألة لم يلزم أن يضلوا في الأمور الظاهرة التي لا تخفى على الصبيان.
    وهذا كما أن الأطباء وأهل الهندسة من أذكياء الناس، ولهم علوم صحيحة طبية وحسابية، وإن كان ضل منهم طوائف في الأمور الإلهية، فذلك لا يستلزم أن يضلوا في الأمور الواضحة في الطب والحساب.

    **_________
    (1) في لسان الميزان 1 - 35: " إبراهيم بن إسماعيل بن علية جهمي هالك كان يناظر ويقول بخلق القرآن، مات سنة ثمان عشرة ومائتين. . وذكر البيهقي في مناقب الشافعي عن الشافعي أنه قال: أنا أخالف ابن علية في كل شيء حتى في قول: لا إله إلا الله فإني أقول لا إله إلا الله الذي كلم موسى، وهو يقول: لا إله إلا الله الذي خلق كلاما سمعه موسى. وله كتاب في الرد على مالك نقضه عليه أبو جعفر الأبهري. . وأرخ ابن الجوزي وفاته في " المنتظم " في سنة 18. قال: وهو ابن 67 سنة ". وانظر أيضا: النجوم الزاهرة 2/228. (حيث ذكر في وفيات سنة 218) . وقارن الفهرست لابن النديم، ص 201. وانظر فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، ص 75، 80، 267، 316
    ============================== ============

    فمن حكى عن مثل أرسطو أو جالينوس أو غيرهما قولا في الطبيعيات (1) ظاهر البطلان، علم أنه غلط في النقل عليه، وإن لم يكن تعمد الكذب عليه.
    بل محمد بن زكريا الرازي مع إلحاده في الإلهيات والنبوات، ونصرته لقول ديمقراطيس والحرنانيين (2) القائلين بالقدماء الخمسة - مع أنه من أضعف أقوال العالم وفيه من التناقض والفساد ما هو مذكور في موضع آخر، كشرح الأصبهانية والكلام على معجزات الأنبياء والرد على من قال: إنها قوى نفسانية المسماة بالصفدية وغير ذلك - فالرجل من أعلم الناس بالطب (3) حتى قيل له: جالينوس الإسلام، فمن ذكر عنه في الطب قولا يظهر فساده لمبتدئ الأطباء، كان غالطا عليه.

    **_________
    (1) في الأصل: في الطبيعات.
    (2) في الأصل: حرنانين.
    (3) في هامش (ع) لخص مستجي زاده كلام ابن تيمية عن محمد بن زكريا الرازي حتى هذا الموضع، ثم كتب التعليق التالي: " قلت: وقد اطلعت على تأليف لابن الخطيب المشتهر بالإمام الرازي يقال له " المطالب العالية " أنه ذكر فيه أنه ليس في القرآن دليل يدل بصريحه على حدوث العالم، ثم أخذ يعدد من القرآن ما هو مظنة ذلك - أعني حدوث العالم - فركب على كل صعب وذلول على نفي الدلالة في تلك المظان، ثم قال: ليس في التوراة أيضا دليل يدل بصريحه على ذلك فذهب في ذلك كله على قول ديمقراطيس من إثبات الأجزاء القديمة وهي أجزاء العالم، فالعالم قديم بذواتها وحادث بصفاتها. ولا شك أن القول بقدم أجزاء العالم مخالف للضروريات الدينية لم يذهب إليه أحد من أهل الإسلام، من الفرق الثلاث والسبعين وإنما ذهب (إليه) طوائف ثلاث: الباطنية، ومن ينتمي إلى الإسلام من الفلاسفة المشائين، ومن ينتمي إلى الإسلام من ديمقراطيسية - وهم ليسوا من أهل القبلة. وقد كتبت في هذا الباب رسالة بينت فيها فساد قول ابن الخطيب وأنه مخالف لفرق أهل الإسلام. وقد كان المشهور بذلك ممن ينتمي إلى الإسلام زكريا الرازي، ثم اطلعت على أن ابن الخطيب أيضا ذهب إلى ذلك، حتى ادعى أن من نفى ذلك - أعني حدوث العالم - أو تردد وتذبذب فيه فهو معذور. ولعل الشارح ابن تيمية - قدس سره - لم يطلع (على) هذا القول من ابن الخطيب إذ الظاهر أنه لو اطلع لم يقصر (في الأصل: يقتصر) نصرة مذهب ديمقراطيس على محمد بن زكرياء الرازي، بل ذكر معه أيضا ابن الخطيب الذي اشتهر عند الناس بالإمام فخر الدين الرازي، وألف تفسيرا يقال له " التفسير الكبير " وفيه غير واحد من المواضع يخاف من الكفر، لكن قومه أهالي الري شديدو الاعتقاد فيه (لكن. . إلخ غير واضحة بالأصل) فحملوا كلامه في جميع المواضع كأن جبرئيل أوحى إليه لعظمة الرجل عندهم، مع أن الرجل بعيد عن صناعة الحديث وأصوله وقواعده، مع أن التفسير لا يصح إلا بالحديث، لا بالفلسفة. وقد غلب عليه الفلسفة والفلسفيات، فأراد تطبيق القرآن على قواعد الفلسفة، مع أن القرآن وعامة الكتب المنزلة من السماء لإبطال أصول الفلسفة - سيما فلسفة اليونانيين (الذين) يقال لهم المشاءون (فقولهم) مبني على إبطال حدوث العالم وإثبات قدمه، وقد خالف أكثر المتقدمين منهم في ذلك، إذ أصول غالبهم لا تأبى عن حدوث العالم "
    ============================== =====




  5. #165
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (162)
    صـ 573 إلى صـ 579





    وكذلك عبد الرحمن بن كيسان وأمثاله لا ينكر أن يكون للثمرة طعما ولونا وريحا، وهذا من المراد بالأعراض في اصطلاح النظار، فكيف يقال: إنهم أنكروا الأعراض؟
    بل إذا قالوا: إن الأعراض ليست صفات (1) زائدة على الجسم بمعنى أن الجسم اسم للذات التي قامت بها الأعراض، فالعرض داخل في مسمى الجسم، وهذا مما يمكن أن يقوله هؤلاء وأمثالهم.
    ثم رأيت أبا الحسين (2) البصري - وهو أحذق متأخري المعتزلة - قد ذكر (في) " تصفيح الأدلة والأجوبة " (3) هذا المعنى، وذكر أن مرادهم هو

    **_________
    (1) في الأصل: صفاتا، وهو خطأ.
    (2) في الأصل: أبا الحسن.
    (3) في الأصل: قد ذكر تصفيح الأدلة والأجوبة، وزدت (في) ليستقيم الكلام وسبقت ترجمة أبي الحسين البصري 1/397. وانظر فضل الاعتزال، ص 387 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 6 - 87. وذكر الكتاب ابن المرتضى في كتابه المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل ص 70، د. حيدر آباد، 1316 ; معجم المؤلفين 11/20
    ============================== ======
    هذا المعنى، وذكر من كلامهم ما يبين ذلك، فاختار هو هذا، وأثبت الأحوال التي يسميها (1) غيره أعراضا زائدة، وعاد جمهور النزاع إلى أمور لفظية.
    وإذا كان كذلك فمن المعلوم أنا نحن نميز بين الطعم واللون والريح بحواسنا، فنجد الطعم بالفم، ونرى اللون بالعين، ونشم الرائحة بالأنف، كما نسمع الصوت بالأذن، فهنا الآلات التي تحس بها هذه الأعراض مختلفة فينا، يظهر اختلافها في أنفسها لاختلاف الآلات التي تدركها، بخلاف ما يقوم بأنفسنا من علم وإرادة وحب، فإنا لا نميز بين هذا وهذا بحواس مختلفة، وإن كان أدلة العلم بذلك مختلفة، فالأدلة قد تكون أمورا منفصلة عن المستدل.
    فهذا مما يقع به الفرق بين الصفات المدركة بالحس والصفات المعلومة بالعقل، وإلا فمعلوم أن اتصاف الأترجة والتفاحة بصفاتها المتنوعة هو أمر ثابت في نفسه سواء وجدنا ذلك أو لم نجده. ومعلوم أن طعمها نفسه ليس هو لونها، ولونها ليس هو ريحها، وهذه كلها صفات قائمة بها متنوعة بحقائقها، وإن كان محلها الموصوف بها واحدا.
    ثم الصفات نوعان: نوع لا يشترط فيه الحياة: كالطعم واللون والريح، ونوع يشترط فيه الحياة: كالعلم والإرادة والسمع والبصر.
    فأما الأول فحكمه لا يتعدى محله، فلا يتصف باللون والريح والطعم إلا ما قام به ذلك.
    **_________
    (1) في الأصل: ينفيها، وصوبت في الهامش بكلمة لم يظهر منها إلا (ميها) ورجحت أن تكون كما أثبت
    ============================== ===
    وأما هذا الثاني فقد تنازع فيه النظار لما رأوا أن الإنسان يوصف بأنه عالم قادر مريد، والعلم والإرادة لم تقم بعقبه ولا بظهره، وإنما هو قائم بقلبه.
    فمنهم من قال: الأعراض المشروطة بالحياة يتعدى حكمها محلها، فإذا قامت بجزء من الجملة وصف بها سائر الجملة، كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة وغيرهم.
    ومنهم من يقول: بل الموصوف بذلك جزء منفرد في القلب.
    ومنهم من يقول: بل حكمها لا يتعدى محلها، وإنه بكل جزء من أجزاء البدن حياة وعلم وقدرة.
    ومن هؤلاء من يقول: لا يشترط في قيام هذه الأعراض بالجوهر الفرد البنية المخصوصة، كما يقوله: الأشعري ومن اتبعه من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، وهؤلاء بنوا هذا على ثبوت الجوهر الفرد، وهو أساس ضعيف، فإن القول به باطل، كما قد بسط في موضعه.
    ثم من المتفلسفة المشائين من ادعى أن محل العلم من الإنسان ما لا ينقسم، ومعنى ذلك عندهم أن النفس الناطقة لا يتميز منها شيء عن شيء، ولا يتحرك ولا يسكن، ولا يصعد ولا ينزل، ولا يدخل في البدن ولا غيره من العالم ولا يخرج منه، ولا يقرب من شيء ولا يبعد منه.
    ثم منهم من يدعي أنها لا تعلم الجزئيات وإنما تعلم الكليات، كما يذكر ذلك عن ابن سينا وغيره. وكان أعظم ما اعتمدوا عليه من المعلومات ما لا ينقسم، فالعلم به لا ينقسم، لأن العلم مطابق للمعلوم

    ============================== =======
    فمحل العلم لا ينقسم، لأن ما ينقسم لا يحل في منقسم. (1) \ 1975. وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبين بعض ما في هذا الكلام من الغلط، مع أن هذا عندهم هو البرهان القاطع الذي لا يمكن نقضه. وقواهم على ذلك أن بعض من عارضهم كأبي حامد والرازي لم يجيبوا عنه بجواب شاف، بل أبو حامد قد يوافقهم على ذلك.
    ومنشأ النزاع إثبات ما لا ينقسم بالمعنى الذي أرادوه في الوجود الخارجي.
    فيقال لهم: لا نسلم أن في الوجود ما لا يتميز منه شيء عن شيء. فإذا قالوا: النقطة؟ قيل لهم: النقطة والخط والسطح الواحد والاثنان والثلاثة: قد يراد بها هذه المقادير مجردة عن موصوفاتها، وقد يراد بها ما اتصف بها (من) (2) المقدرات في الخارج.
    فإذا أريد الأول فلا وجود لها إلا في الأذهان لا في الأعيان، فليس في الخارج عدد مجرد عن المعدود، ولا مقدار مجرد عن المقدر (3) : لا نقطة ولا خط ولا سطح ولا واحد ولا اثنان ولا ثلاثة بل الموجودات

    **_________
    (1) انظر كتاب الشفاء لابن سينا، الفن السادس من الطبيعيات 1 وما بعدها، ط براغ، تشيكوسلوفاكيا، 1956 ص [0 - 9] 87 وما بعدها، ط. الهيئة العامة للكتاب، تحقيق جورج قنواتي، سعيد زايد، القاهرة، 1395
    (2) (من) : ليست في الأصل وزدتها ليستقيم الكلام.
    (3) في الأصل: مقدرا مجردا عن المقدر، ولعل الصواب ما أثبته
    ============================== =========
    المعدودات كالدرهم والحبة والإنسان، والمقدرات كالأرض التي لها طول وعرض وعمق، فما من سطح إلا وله حقيقة يتميز بها عن غيره من السطوح، كما يتميز التراب عن الماء، وكما يتميز سطوح كل جسم عن سطوح الآخر.
    وإن قالوا: ما لا ينقسم هي العقول المجردة التي تثبتها الفلاسفة.
    كان دون إثبات هذه خرط القتاد (1) ، فلا يتحقق منها إلا ما يقدر في الأذهان، لا ما يوجد في الأعيان.
    والملائكة التي وصفتها الرسل وأمروا بالإيمان بها، بينها وبين هذه المجردات من أنواع الفرقان، ما لا يخفى إلا على العميان، كما قد بسط في غير هذا المكان.
    وإن أرادوا بما لا ينقسم واجب الوجود، وقالوا: إنه واحد لا ينقسم ولا يتجزأ.
    قيل: إن أردتم بذلك نفي صفاته، وأنه ليس لله حياة وعلم وقدرة تقوم به، فقد علم أن جمهور المسلمين وسائر أهل الملل، بل وسائر عقلاء بني آدم من جميع الطوائف يخالفونكم في هذا.
    وهذا أول المسألة، وأنتم - وكل عاقل - قد يعلم بعض صفاته دون بعض، والمعلوم هو غير ما ليس بمعلوم، فكيف ينكر أن يكون له معان متعددة؟
    وأدلة إثبات الصانع كثيرة، ليس هذا موضعها، فلم قلتم بإمكان وجود مثل هذا في الخارج، فضلا عن تحقيق وجوده؟

    **_________
    (1) في الأصل: حرظ العتاد
    ============================== ====
    وقد عرف فساد حجتكم على نفي الصفات، وإن سميتم ذلك توحيدا، فحينئذ الواحد الذي لا يتميز منه شيء عن شيء لم يعلم ثبوته في الخارج حتى يحتج على أن العلم به كذلك، والعالم به كذلك.
    وقد احتج بعضهم على وجود ما لا ينقسم - بالمعنى الذي أرادوه - بأن قالوا: الوجود في الخارج: إما بسيط وإما مركب، والمركب لا بد له من بسيط.
    وهذا ممنوع، فلا نسلم أن في الوجود ما هو مركب من هذا البسيط الذي أثبتموه، وإنما الموجود الأجسام البسيطة، وهو ما يشبه بعضه بعضا، كالماء والنار والهواء ونحو ذلك.
    وأما ما لا يتميز منه شيء عن شيء، فلا نسلم أن في الوجود ما هو مركب منه، بل لا موجود إلا ما يتميز منه شيء عن شيء.
    وإذا قالوا: فذلك الشيء هو البسيط.
    قيل لهم: وذلك إنما يكون بعضا من غيره، لا يعلم مفردا ألبتة، كما لا يوجد مفردا ألبتة.
    ثم يقال: من المعلوم أن بدن الإنسان ينقسم بالمعنى الذي يذكرونه ويتميز منه شيء عن شيء، والحياة والحس سار في بدنه، فما المانع أن تقوم الحياة والعلم بالروح، كما قامت الحياة والحس بالبدن، وإن كان البدن منقسما عندكم؟
    وإن قلتم: الحياة والحس منقسم عندكم؟
    قيل: إن أردتم بذلك أنه يمكن كون البعض حيا حساسا مع مفارقة البعض

    ============================== =========
    قيل: هذا لا يطرد، بل قد يذهب بعضه وتبقى الحياة والحس في بعضه، وقد تذهب الحياة والحس عن بعضه بذهاب ذلك عن البعض، كما في القلب.
    وعلى التقديرين فالحياة والحس يتسع باتساع محله، والأرواح متنوعة، وما يقوم بها من العلم والإرادة وغير ذلك يتنوع بتنوعها، فما عظم من الموصوفات عظمت صفاتها، وما كان دونها كانت صفاته دونه.
    وأيضا، فالوهم عندهم قوة جسمانية قائمة بالجسم، مع أنها تدرك في المحسوس ما ليس بمحسوس، كالصداقة والعداوة، وذلك المعنى مما لا ينقسم بانقسام محله عندهم.
    وأيضا، فقوة الإبصار التي في العين قائمة بجسم ينقسم عندهم، مع أنها لا تنقسم بانقسام محلها، بل الاتصال شرط فيها، فلو فسد بعض محلها فسدت، ولا يبقى بعضها مع فساد أي بعض كان، فما كان المانع أن يكون قيام الحياة والعلم والقدرة والإرادة ببعض الروح - إذا قيل: يتميز بعضها عن بعض - مشروطا بقيامه بالبعض الآخر، بحيث يكون الاتصال شرطا في هذا الاتصاف؟ (1) كما يوجد ذلك في الحياة والحس في بعض البدن، لا تقوم به الحياة والحس إلا إذا كان متصلا نوعا من الاتصال.
    وبسط الكلام في (كثير من) (2) هذه الأمور يتعلق بالكلام على روح الإنسان، التي تسمى النفس الناطقة، وعلى اتصافها بصفاتها، فبهذا
    **_________
    (1) في الأصل: في هذه الاتصاف.
    (2) بعد حرف (في) توجد إشارة إلى الهامش، ولم تظهر الكلمات الساقطة في المصورة، ورجحت أن تكون هي ما أثبته
    ============================== ====




  6. #166
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (163)
    صـ 580 إلى صـ 586





    يستعين الإنسان على الكلام في الصفات الإلهية، وبذلك يستعين على ما يرد عليه من الشبهات، وقد تكلمنا على ذلك في مواضع.
    والناس قد تنازعوا في روح الإنسان: هل هي جسم مركب من الجواهر المنفردة، أو من المادة والصورة، أو جوهر لا يقبل الصعود والنزول والقرب والبعد ونحو ذلك؟ وكلا القولين خطأ، كما ذكر في غير هذا الموضع؟ (1) وأضعف من ذلك قول من يجعلها عرضا من أعراض البدن كالحياة والعلم.
    وقد دخل في الأول قول من قال: إن الإنسان ليس هو إلا هذه الجمل المشاهدة، وهي البدن، ومن قال: إنها الريح التي تتردد في مخاريق البدن ; ومن قال: إنها الدم، ومن قال: إنها البخار اللطيف الذي يجري في مجاري الدم، وهو المسمى بالروح عند الأطباء ; ومن قال غير ذلك.
    والثاني: قول من يقول بذلك من المتفلسفة ومن وافقهم من النظار.
    وقد ينظر الإنسان في كتب كثيرة من المصنفة في هذه الأمور، ويجد في المصنف أقوالا متعددة، والقول الصواب لا يجده فيها.
    ومن تبحر في المعارف تبين له خلاصة الأمور، وتحقيقها: هو ما أخبر به الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، في جميع هذه الأمور، لكن إطالة القول في هذا الباب، لا يناسب هذا

    **_________
    (1) انظر رسالة في العقل والروح لابن تيمية، المنشورة في الجزء الثاني من مجموعة الرسائل المنيرية، ط. القاهرة، 1343. ونشرت بعد ذلك في مجموع فتاوى الرياض 4/216 - 231
    ============================== ====
    الكتاب، وإنما المقصود التنبيه على أن ما تشنع به الرافضة على أهل السنة من ضعيف الأقوال هم به أخلق، والضلال بهم أعلق، ولكن لا بد من جمل يهتدى بها إلى الصواب.
    وباب التوحيد والأسماء والصفات مما عظم فيه ضلال من عدل عما جاء به الرسول إلى ما يظنه من المعقول، وليست المعقولات الصريحة إلا بعض ما أخبر به الرسول، يعرف ذلك من خبر هذا وهذا.

    **[تنازع الناس في الأسماء التي تسمى الله بها وتسمى بها عباده]

    (فصل) ] (1) وهذا الموضع أشكل على كثير من الناس لفظا ومعنى. أما اللفظ فتنازعوا في الأسماء التي تسمى الله بها وتسمى بها (2) عباده كالموجود والحي والعليم والقدير، فقال بعضهم: (3) هي مقولة بالاشتراك اللفظي (4) حذرا من إثبات قدر مشترك بينهما، لأنهما إذا اشتركا في مسمى الوجود لزم أن يمتاز الواجب عن الممكن بشيء آخر فيكون مركبا. وهذا قول بعض المتأخرين كالشهرستاني والرازي في أحد قوليهما، وكالآمدي مع توقفه أحيانا (5) . وقد ذكر الرازي والآمدي ومن اتبعهما هذا القول عن الأشعري وأبي الحسين البصري وهو غلط عليهما، وإنما ذكروا (6) ذلك

    **_________
    (1) هنا ينتهي السقط الموجود في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وقد بدأ ص 566.
    (2) ب، أ: ويسمي بها.
    (3) ب، أ: وقال بعضهم ; ع: فقال (وسقطت: بعضهم) .
    (4) اللفظي: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (5) أحيانا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) ب: ذكرا ; أ: ذكر، وهو خطأ
    ============================== ======
    لأنهما لا يقولان بالأحوال، ويقولان: وجود كل شيء عين حقيقته، فظنوا أن من قال: وجود كل شيء عين حقيقته يلزمه أن يقول: إن (1) لفظ الوجود يقال بالاشتراك اللفظي عليهما، لأنه لو كان متواطئا لكان بينهما قدر مشترك [فيمتاز أحدهما عن الآخر بخصوص حقيقته، والمشترك ليس هو المميز، فلا يكون الوجود المشترك] (2) هو الحقيقة المميزة. والرازي والآمدي ونحوهما ظنوا أنه ليس في المسألة إلا هذا القول وقول من يقول بأن اللفظ متواطئ (3 ويقول: وجوده زائد على حقيقته، كما هو قول أبي هاشم وأتباعه من المعتزلة والشيعة، أو قول ابن سينا بأنه متواطئ 3) (3) [أو مشكك] (4) مع أنه (5) الوجود المقيد [بسلب كل أمر ثبوتي عنه] (6) .
    وذهب من ذهب من القرامطة الباطنية وغلاة الجهمية إلى أن هذه الأسماء حقيقة في العبد مجاز في الرب. [قالوا: هذا في اسم الحي] (7) ونحوه، [حتى في اسم الشيء كان الجهم وأتباعه لا يسمونه شيئا (8) ، وقيل عنه إنه لم يسمه إلا بالقادر الفاعل لأن العبد عنده ليس بقادر ولا

    **_________
    (1) إن: ساقطة من (ع) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) : (3 - 3) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (4) أ: ومشكل ; ب: ومشكك. وسقطت الكلمة من (ن) ، (م) . وانظر تعريف المتواطئ والمشكك في " التعريفات " للجرجاني.
    (5) ب، أ: مع أن.
    (6) ب، أ: يسلب كل أمر ثبوتي عنه وسقطت العبارة من (ن) ، (م) .
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (8) ذكر الأشعري (المقالات 1/312) ما تفرد به جهم من الأقوال، ومن ذلك " أنه كان يقول: لا أقول إن الله سبحانه شيء لأن ذلك تشبيه له بالأشياء "
    ============================== ==========
    فاعل، فلا يسميه باسم يسمى به العبد (1) ] (2) . وذهب أبو العباس الناشئ (3) إلى ضد ذلك فقال: إنها حقيقة للرب مجاز للعبد (4) .
    وزعم ابن حزم أن أسماء الله تعالى الحسنى لا تدل على المعاني، فلا يدل عليم على علم، ولا قدير على قدرة، بل هي أعلام

    **_________
    (1) قال الشهرستاني (الملل والنحل 1/79) عن الجهم: " وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية وزاد عليهم بأشياء: منها قوله: لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه لأن ذلك يقتضي تشبيها، فنفى كونه حيا عالما، وأثبت كونه قادرا فاعلا خالقا، لأنه لا يوصف شيء من خلقه بالقدرة والفعل والخلق ".
    (2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (3) أبو العباس عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مالك الناشئ الأنباري، كان يقال له ابن شرشير، وتوفي سنة 293 قال ابن حجر (لسان الميزان 3/334) : " كان من أهل الأنبار ونزل بغداد ثم انتقل إلى مصر ومات بها، وكان متكلما شاعرا مترسلا وله قصيدة أربعة آلاف بيت في الكلام. قال ابن النديم: يقال إنه كان ثنويا فسقط من طبقة أصحابه المتكلمين. قلت: ولا تغتر بقول ابن النديم فإن هذا من كبار المسلمين، وكان سبب تلقيبه بالناشئ أنه دخل وهو فتى مجلسا فناظر على طريقة المعتزلة فقطع خصمه فقام شيخ فقبل رأسه وقال: لا أعدمنا الله مثل هذا الناشئ، فبقي علما عليه. وله رد على داود بن علي رده عليه ابنه محمد بن داود، وغير ذلك ". وأما ابن النديم فذكره ضمن رؤساء المنانية (نسبة إلى ماني) المتكلمين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة، فقال (338) : " وممن تشهر أخيرا أبو عيسى الوراق وأبو العباس الناشئ ". وانظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/277 - 279 ; إنباه الرواة 2/128 - 129 ; تاريخ بغداد 1/92 - 93 ; شذرات الذهب 2/214 - 215 ; العبر للذهبي 2/95 ; الأعلام 4/261. وانظر ما ذكره عنه ابن حزم في: التقريب لحد المنطق والمدخل إليه، ص 43، تحقيق د. إحسان عباس، بيروت 1959. وانظر مقدمة المحقق (ص ط) ; وانظر أيضا: المنية والأمل لابن المرتضى، ص 54، فضل الاعتزال، ص 299.
    (4) ع: مجاز في العبد
    ============================== ==
    محضة (1) . وهذا يشبه قول من يقول بأنها تقال بالاشتراك اللفظي (2) .
    وأصل غلط هؤلاء شيئان: إما نفي الصفات والغلو في نفي التشبيه، وإما ظن ثبوت الكليات المشتركة في الخارج.
    فالأول هو مأخذ الجهمية ومن وافقهم على نفي الصفات. قالوا: إذا قلنا عليم يدل على علم، وقدير يدل على قدرة لزم من إثبات الأسماء إثبات الصفات، وهذا مأخذ ابن حزم، فإنه من نفاة الصفات (3) مع تعظيمه للحديث والسنة والإمام أحمد، ودعواه أن الذي يقوله: في ذلك هو مذهب أحمد وغيره.
    وغلطه في ذلك بسبب أنه أخذ أشياء (4) من أقوال الفلاسفة والمعتزلة عن بعض شيوخه، ولم يتفق له من يبين له خطأهم (5) ، ونقل المنطق بالإسناد عن متى الترجمان (6) . وكذلك قالوا: إذا قلنا: موجود وموجود، وحي وحي لزم التشبيه، فهذا أصل غلط هؤلاء.

    **_________
    (1) يقول ابن حزم (الفصل 2/296) : " إننا لا نفهم من قولنا قدير عالم - إذا أردنا بذلك الله تعالى - إلا ما نفهم من قولنا الله فقط، لأن كل ذلك أسماء أعلام لا مشتقة من صفة أصلا، لكن إذا قلنا: الله تعالى بكل شيء عليم، ويعلم الغيب، فإنما يفهم من كل ذلك أن هاهنا له تعالى معلومات، وأنه لا يخفى عليه شيء، ولا يفهم منه ألبتة أن له علما هو غيره، وهكذا نقول في: يقدر، وفي غير ذلك كله ".
    (2) ب، أ: أنها تقال. . إلخ، والعبارة في (ع) مضطربة.
    (3) انظر الفصل 2/283 وما بعدها.
    (4) ب، أ، ن، م: شيئا.
    (5) ب: ولم يتفق من بين له خطأهم ; أ، م: ولم يتفق من يبين له خطأهم ; ن: ولم يبين لهم من يبين لهم خطأهم ; ع: ولم يتفق له من يبين له خطاوهم.
    (6) ب: ونقل المنطق الأستاذ عن متى الترجمان ; أ: ونقل المنطق الإسناد عن متى الترجمان ; ن، م: ونقل المنطق بالإسناد عن متى. ومتى الترجمان هو أبو بشر متى بن يونس (أو ابن يونان) المنطقي النصراني، نزل بغداد ومات بها سنة 328 وإليه انتهت رياسة المنطقيين في عصره. انظر ترجمته ومصنفاته في: تاريخ الحكماء لابن القفطي، ص [0 - 9] 23 ; تاريخ حكماء الإسلام لظهير الدين البيهقي، ص 28 - 29 ; طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 2/227 ; الفهرست لابن النديم ص 263 - 264. وقد ذكر ابن تيمية في أكثر من موضع ما نسبه هنا إلى ابن حزم، انظر مثلا: الرد على المنطقيين، ص 131 - 132. ويقول الدكتور إحسان عباس (مقدمة التقريب لحد المنطق لابن حزم، ص ح - ط) إن عبارة ابن تيمية هذه هدته إلى بيان معنى ما يذكره ابن حزم في كتابه من قوله: " قال الشيخ: هذه عبارات المترجمين وفيها تخليط. . . إلخ " إذ جعله كلام ابن تيمية يعتقد أن كلمة " الشيخ " ربما كانت تشير إلى متى المنطقي نفسه، وإن كان ابن حزم لم يذكر شيئا عن متى في النسخة التي نشر عنها الكتاب
    ============================== ============

    وأما الأصل الثاني فمنه غلط الرازي (1) ونحوه، فإنه ظن أنه إذا (2) كان هذا موجودا وهذا موجودا، والوجود شامل لهما، كان بينهما وجود مشترك كلي في الخارج، فلا بد من مميز يميز هذا عن هذا، والمميز إنما هو الحقيقة، فيجب أن يكون هناك وجود مشترك وحقيقة مميزة.
    ثم إن (3) هؤلاء يتناقضون فيجعلون الوجود ينقسم (4) إلى واجب وممكن أو قديم (5) ومحدث، كما تنقسم سائر الأسماء العامة الكلية. لا كما تنقسم الألفاظ المشتركة كلفظ " سهيل " القول على [سهيل] (6) الكوكب وعلى سهيل بن عمرو، فإن تلك لا يقال فيها: إن هذا ينقسم إلى كذا

    **_________
    (1) ب، أ: الدين، وهو تحريف.
    (2) ب (فقط) : إن.
    (3) إن: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (4) ب، أ: منقسما ; ن: جسم، وهو تحريف.
    (5) ب، أ: وقديم.
    (6) سهيل: زيادة في (ع)
    ============================== =====
    وكذا، ولكن يقال: إن هذا اللفظ يطلق على هذا المعنى وعلى هذا المعنى، وهذا أمر لغوي لا تقسيم عقلي.
    وهناك تقسيم عقلي: تقسيم المعنى الذي هو مدلول اللفظ العام، مورد التقسيم مشترك بين الأقسام. وقد ظن بعض الناس أنه يخلص من هذا بأن يجعل (1) لفظ الوجود مشككا لكون (2) الوجود الواجب أكمل، كما يقال: في لفظ " السواد " و " البياض " المقول على سواد القار وسواد الحدقة وبياض الثلج وبياض العاج.
    ولا ريب أن المعاني الكلية قد تكون متفاضلة في مواردها، بل أكثرها كذلك، وتخصيص هذا القسم بلفظ المشكك أمر اصطلاحي. ولهذا كان من الناس من قال: هو نوع من المتواطئ (3) لأن واضع اللغة لم يضع اللفظ العام بإزاء التفاوت الحاصل لأحدهما، بل بإزاء القدر المشترك.
    وبالجملة فالنزاع في هذا لفظي، فالمتواطئة العامة تتناول المشككة، وأما المتواطئة التي تتساوى معانيها فهي قسيم المشككة، وإذ جعلت المتواطئة نوعين: متواطئا (4) عاما وخاصا، كما جعل الإمكان نوعين: عاما وخاصا، زال اللبس.
    والمقصود هنا أن يعرف أن قول جمهور الطوائف من الأولين والآخرين

    **_________
    (1) ب، أ، ن، م: جعل.
    (2) ب، أ: ككون.
    (3) ع، ن: التواطي.
    (4) ع، ن، م: تواطئا
    ============================== =




  7. #167
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (164)
    صـ 587 إلى صـ 593





    أن هذه الأسماء عامة كلية - (1 سواء سميت متواطئة أو مشككة 1) (1) - ليست ألفاظا (2) مشتركة اشتراكا لفظيا فقط. وهذا مذهب المعتزلة والشيعة والأشعرية والكرامية، وهو مذهب سائر المسلمين: أهل السنة والجماعة والحديث وغيرهم، إلا من شذ (3) .
    وأما الشبه التي أوقعت هؤلاء (4) ، فجوابها من وجهين: تمثيل وتخييل (5) . أما التمثيل فأن يقال: القول في لفظ " الوجود " كالقول في لفظ " الحقيقة " و " الماهية " و " النفس " و " الذات "، وسائر الألفاظ التي تقال على الواجب والممكن، بل تقال على كل موجود.
    فهم إذا قالوا: يشتركان في الوجود، ويمتاز أحدهما عن الآخر بحقيقته.
    (6 قيل لهم: القول في لفظ " الحقيقة " كالقول في لفظ " الوجود "، فإن هذا له حقيقة وهذا له حقيقة، كما أن لهذا وجودا ولهذا وجودا، وأحدهما يمتاز عن الآخر بوجوده المختص به، كما هو ممتاز عنه بحقيقته 6) (6) التي تختص به فقول القائل: إنهما يشتركان (7) في مسمى الوجود، ويمتاز كل

    **_________
    (1) (1 - 1) سقطت " سميت " من (ب) ، (أ) . وفي (ن) : سواء كانت هذه الأسماء متواطئة أو كانت مشكلة.
    (2) ألفاظا: ساقطة من (ع) .
    (3) عبارة " إلا من شذ " ليست في (ع) .
    (4) ب، أ: وأما الشبهة التي وقعت لهؤلاء ; ن، م: وأما الشبهة التي أوقعت هؤلاء.
    (5) ب، أ، م: وتحليل.
    (6) : (6 - 6) ساقط من (ب) ، (أ) ، وهو في (ع) ، (ن) ، (م) ولكن بعض كلماته في (ن) ، (م) محرفة.
    (7) ن، م، أ: مشتركان
    ============================== ====
    [واحد] (1) منهما بحقيقته التي تخصه (2) ، (* كما لو قيل: هما مشتركان في مسمى الحقيقة ويمتاز كل منهما *) (3) بوجوده الذي يخصه.
    وإنما وقع الغلط لأنه أخذ الوجود مطلقا لا مختصا، وأخذت الحقيقة مختصة لا مطلقة، ومن المعلوم أن كلا منهما يمكن أن يوجد (4) مطلقا ويمكن أن يوجد (5) مختصا، فإذا أخذا مطلقين تساويا في العموم، وإذا أخذا مختصين تساويا في الخصوص، وأما (6) أخذ أحدهما عاما والآخر مختصا فليس هذا بأولى من العكس.
    وأما حل الشبهة فهو أنهم توهموا (7) [أنه] (8) إذا قيل إنهما مشتركان في مسمى الوجود، يكون في الخارج وجود مشترك هو نفسه في هذا، وهو نفسه في هذا، فيكون نفس المشترك فيهما، والمشترك لا يميز، فلا بد له من مميز.
    وهذا غلط فإن قول القائل: يشتركان في مسمى الوجود، أي يشتبهان في ذلك (9) ويتفقان فيه، فهذا (10) موجود وهذا موجود، ولم يشرك أحدهما الآخر في نفس وجوده ألبتة.

    **_________
    (1) واحد: في (ع) فقط.
    (2) ب، أ: بحقيقة تخصه.
    (3) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (ب) ، (أ) .
    (4) ب (فقط) : يؤخذ.
    (5) ب (فقط) : يؤخذ.
    (6) ب، أ، ن، م: أما.
    (7) ع: فإنهم توهموا.
    (8) أنه في (ع) فقط.
    (9) ع: أي يشتبهان فيه.
    (10) ع: وهذا
    ============================== =====
    وإذا قيل: يشتركان في الوجود المطلق الكلي، فذاك المطلق الكلي لا يكون مطلقا كليا إلا في الذهن، فليس في الخارج مطلق كلي يشتركان فيه، بل هذا له حصة منه، وهذا له حصة منه، وكل من الحصتين (1) ممتازة عن الأخرى.
    ومن قال: المطلق جزء من المعين، (* والموجود جزء من هذا الموجود (2) ، والإنسان جزء من هذا الإنسان: إن أراد به أن المعين *) (3) يوصف به، فيكون صفة له، ومع كونه صفة له، فما هو صفة له (4) لا توجد عينه لآخر (5) ، فهذا معنى صحيح، ولكن تسمية الصفة جزء الموصوف ليس هو المفهوم منها عند الإطلاق.
    وإن أريد أن نفس ما في المعين من وجود أو إنسان هو في ذلك بعينه، فهذا مكابرة.
    وإن قال: إنما أردت أن النوع في الآخر عاد الكلام في النوع، فإن النوع أيضا كلي (6) .
    والكليات الخمسة: كليات الجنس، والنوع، والفصل، والخاصة، والعرض العام ; والقول فيها واحد، فليس فيها ما يوجد في الخارج كليا مطلقا، ولا تكون كلية مطلقة إلا في الأذهان لا في الأعيان.
    **_________
    (1) ب، أ: الحقيقتين.
    (2) ب (فقط) : والوجود جزء من هذا الوجود.
    (3) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (م) فقط.
    (4) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (5) ن، م: لا يوجد عنه الآخر.
    (6) ب، أ: وإن قال: إنما أردت النوع الآخر عادم الكلام في النوع أيضا كلي، وفيه سقط وتحريف
    ============================== ====
    وما يدعى فيها من عموم وكلية أو من تركيب كتركيب النوع من الجنس والفصل، هي أمور عقلية ذهنية لا وجود لها في الخارج، فليس في الخارج شيء يعم هذا وهذا، [ولا في الخارج إنسان مركب من هذا وهذا] (1) ، بل الإنسان موصوف بهذا وهذا [وهذا] (2) بصفة يوجد نظيرها في كل إنسان، وبصفة يوجد نظيرها في كل حيوان، وبصفة يوجد نظيرها في كل نام.
    وأما نفس الصفة التي قامت به (3) ، ونفس الموصوف الذي قامت به الصفة، فلا اشتراك فيه أصلا ولا عموم، ولا هو (4) مركب من عام وخاص.
    وهذا الموضع منشأ زلل كثير من المنطقيين في الكليات، وكثير من المتكلمين في مسألة الحال. وبسبب ذلك (5) غلط من غلط من هؤلاء وهؤلاء في الإلهيات (6) فيما يتعلق بهذا، (7 فإن المتكلمين أيضا رأوا أن الأشياء تتفق بصفات وتختلف بصفات 7) (7) ، والمشترك عين المميز (8) ، فصاروا حزبين: حزبا أثبت هذه الأمور في الخارج، لكنه قال: لا موجودة ولا معدومة، لأنها لو كانت موجودة لكانت أعيانا موجودة أو

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (2) وهذا: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (3) ن، م: بها.
    (4) هو: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (5) ب، أ: وسبب ذلك، وهو خطأ.
    (6) ب، أ: في الهيئات، وهو تحريف.
    (7) (7 - 7) : الكلام في (ن) ، (م) في هذه العبارات ناقص ومضطرب.
    (8) ب، أ: والمشترك غير المميز
    ============================== =====
    صفات للأعيان، ولو كانت كذلك لم يكن فيها اشتراك وعموم، [فإن صفة الموصوف الموجودة لا يشركه فيها غيره.
    وآخرون علموا أن كل موجود مختص بصفة فقالوا: لا عموم] (1) ولا اشتراك إلا في الألفاظ دون المعاني.
    والتحقيق أن هذه الأمور العامة المشترك فيها هي ثابتة في الأذهان، وهي معاني الألفاظ العامة، فعمومها بمنزلة عموم الألفاظ، فالخط يطابق اللفظ، واللفظ يطابق المعنى، والمعنى عام، وعموم اللفظ يطابق عموم المعنى، وعموم الخط يطابق عموم اللفظ.
    وقد اتفق الناس على أن العموم يكون من عوارض [الألفاظ، وتنازعوا هل يكون من عوارض المعاني؟ فقيل: يكون أيضا (2) من عوارض] (3) المعاني، كقولهم مطر عام، وعدل عام، وخصب عام.
    وقيل: بل ذلك مجاز ; لأن المطر الذي حل بهذه البقعة ليس هو المطر الذي حل بهذه البقعة، وكذلك الخصب والعدل (4) .
    والتحقيق أن معنى المطر القائم بقلب المتكلم عام كعموم (5) اللفظ سواء، بل اللفظ دليل على ذلك المعنى، فكيف يكون اللفظ عاما دون معناه الذي هو المقصود بالبيان؟ فأما (6) المعاني الخارجية (7) فليس فيها
    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ب، أ: أيضا يكون.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ب: وكذا العدل. وفي (أ) العبارة مضطربة هكذا: بهذه البقعة والعدل.
    (5) ن، م: لعموم.
    (6) ب، أ، ن، م: وأما.
    (7) ب، أ: الخارجة
    ============================== =======
    شيء بعينه عام، وإنما العموم للنوع: كعموم الحيوانية للحيوان، والإنسانية للإنسان.
    فمسألة الكليات والأحوال وعروض العموم (1) لغير الألفاظ من جنس واحد ; ومن فهم الأمر على ما هو عليه، تبين له أنه ليس في الخارج شيء هو بعينه موجود في هذا وهذا.
    وإذا قال: نوعه موجود، أو الكلي (2) الطبيعي موجود، أو الحقيقة موجودة، أو الإنسانية من حيث هي موجودة، ونحو هذه العبارات، فالمراد به (3) أنه وجد في هذا نظير ما وجد في هذا أو شبهه (4) ومثله ونحو ذلك.
    والمتماثلان يجمعهما (5) نوع واحد، وذلك النوع هو الذي بعينه يعم هذا ويعم هذا، لا يكون عاما مطلقا كليا إلا في الذهن. وأنت إذا قلت: الإنسانية موجودة في الخارج، والكلي الطبيعي موجود في الخارج، كان صحيحا: بمعنى أن ما تصوره الذهن كليا يكون في الخارج، لكنه إذا كان في الخارج لا يكون كليا ; كما أنك إذا قلت: زيد في الخارج، فليس المراد هذا اللفظ ولا المعنى القائم في الذهن، بل المراد المقصود بهذا اللفظ موجود في الخارج.

    **_________
    (1) ن: وعموم العروض.
    (2) ب، أ، ن: والكلي.
    (3) به: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (4) ب، أ، ن، م: وشبهه.
    (5) ن، م: والمتماثلات يجمعها
    ============================== ======
    ومن هنا تنازع الناس في مسألة (1) الاسم والمسمى، ونزاعهم شبيه (2) بهذا النزاع، وأنت (3) إذا نظرت في [الماء أو] المرآة (4) فقلت: هذه الشمس أو هذا القمر فهو صحيح، وليس مرادك أن نفس ما في السماء حصل في الماء أو المرآة (5) ، ولكن ذلك شوهد في المرآة، وظهر في المرآة، وتجلى في المرآة.
    فإذا قلت: الكليات في الخارج [فصحيح] (6) ، أو الإنسان من حيث هو في الخارج فصحيح، لكن لا يكون في الخارج إلا مقيدا مخصوصا لا يشركه في نفس [الأمر] (7) شيء من الموجودات الخارجية (8) .
    وبهذا ينحل كثير من المواضع التي اشتبهت على [كثير من] (9) المنطقيين وغلطوا فيها، مثل زعمهم أن الماهية الموجودة في الخارج غير الوجود (10) ، فإنك تتصور المثلث قبل أن تعلم وجوده، وبنوا على ذلك الفرق بين الصفات الذاتية واللازمة العرضية، وغير ذلك من مسائلهم.
    ولا ريب أن الفرق ثابت بين ما هو في الذهن وما هو في الخارج، فإذا

    **_________
    (1) مسألة: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
    (2) أ: ونازعهم مثبتيه ; ب: ونازعهم مثبته، وهو تحريف.
    (3) ب، أ: فأنت.
    (4) ب، أ: في الماء والمرآة ; ن، م: في المرآة.
    (5) ب، أ، ن، م: في الماء والمرآة.
    (6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (7) الأمر: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) ن، م: الخارجة.
    (9) كثير من: في (ع) فقط.
    (10) ع: غير الموجودة، وهو خطأ
    ============================== ====




  8. #168
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (165)
    صـ 594 إلى صـ 600





    جعلت الماهية اسما لما في الذهن، والوجود اسما لما في الخارج (1 فالفرق ثابت، كما لو جعل الوجود اسما لما في الذهن والماهية اسما لما في الخارج 1) (1) .
    لكن لما كان (2) لفظ الماهية مأخوذا من قول السائل: " ما هو؟ "، وجواب هذا هو المقول في جواب: " ما هو " (3) ، وذلك كلام يتصور معناه المجيب، عبر بالماهية (4) عن الصور الذهنية، وأما الوجود فهو تحقق (5) الشيء في الخارج.
    لكن هؤلاء لم يقتصروا على هذا، بل زعموا أن ماهيات (6) الأشياء ثابتة في الخارج وأنها غير الأعيان الموجودة وهذا غلط بالضرورة، فإن المثلث الذي تعرفه قبل أن تعرف وجوده في الخارج، هو المثلث المتصور (7) في الذهن الذي لا وجود له في الخارج، وإلا فمن الممتنع أن تعلم حقيقة المثلث الموجود في الخارج قبل أن تعلم وجوده [في الخارج، فما في الخارج لا تعلم حقيقته حتى تعلم وجوده] (8) ، وما علمت (9) حقيقته قبل وجوده لم يكن له حقيقة بعد إلا في الذهن.

    **_________
    (1) : (1 - 1) ساقط من (ب) ، (أ) .
    (2) لما: ساقطة من (ب) . وسقطت من (ع) عبارة " لما كان ". والكلام تام في (ن) ، (أ) ، (م) .
    (3) ب، أ: وجواب هذا هو القول ما هو ; ن، م: وجواب هذا هو القول في جواب ما هو.
    (4) ب، أ: غير الماهية، وهو تحريف.
    (5) ن، م، ع: تحقيق.
    (6) ن، م، ع: ماهية.
    (7) المتصور: ساقطة من (ع) .
    (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (9) أ: وعلمت ; ب: ولو علمت
    ============================== ===
    ومن هذا الباب ظن من ظن من هؤلاء أن لنا عددا مجردا في الخارج، أو مقدارا (1) مجردا في الخارج، وكل هذا غلط، وهذا مبسوط في موضع آخر. وإنما نبهنا هنا على هذا؛ لأن كثيرا من أكابر أهل النظر والتصوف والفلسفة والكلام، ومن اتبعهم من الفقهاء والصوفية، ضلوا في مسألة وجود الخالق، التي هي رأس كل معرفة، والتبس الأمر في ذلك على من نظر في كلامهم لأجل هذه الشبهة. وقد كتبنا في مسألة " الكليات " كلاما مبسوطا مختصا بذلك (2) ، لعموم الحاجة وقوة المنفعة وإزالة الشبهة بذلك (3) .
    وبهذا يتبين (4) غلط النفاة في لفظ التشبيه، فإنه يقال: الذي يجب نفيه عن الرب تعالى: اتصافه بشيء من خصائص المخلوقين، كما أن المخلوق لا يتصف بشيء من خصائص الخالق، أو أن (5) يثبت للعبد شيء يماثل فيه الرب، وأما إذا قيل حي وحي، وعالم وعالم، وقادر وقادر، أو قيل: لهذا قدرة ولهذا قدرة، ولهذا علم ولهذا علم، كان نفس علم الرب لم يشركه فيه العبد، ونفس علم العبد لا يتصف به الرب، تعالى عن ذلك، وكذلك في سائر الصفات، [بل ولا يماثل هذا هذا] (6) ،

    **_________
    (1) ب، أ، ن، م: مقدرا.
    (2) ذكر ابن قيم الجوزية في رسالة " أسماء مؤلفات ابن تيمية " (تحقيق د. صلاح الدين المنجد) ، ص 24 أن لابن تيمية: " قاعدة في الكليات، مجلد لطيف "، وذكرها أيضا ابن عبد الهادي في " العقود الدرية "، ص 41.
    (3) بذلك: ليست في (ع) .
    (4) ب، أ: تبين.
    (5) ب، أ، ن، م: وأن.
    (6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
    =============================
    وإذا اتفق العلماء (1) في مسمى العلم، والعالمان في مسمى العالم (2) ، فمثل هذا التشبيه ليس هو المنفي (3) لا بشرع ولا بعقل، ولا يمكن نفي ذلك إلا بنفي وجود الصانع.
    ثم الموجود والمعدوم قد يشتركان في أن هذا معلوم مذكور وهذا معلوم مذكور (4) ، وليس في إثبات هذا محذور، فإن المحذور إثبات شيء من خصائص أحدهما للآخر، وقولنا: إثبات الخصائص إنما يراد إثبات مثل تلك الخاصة، وإلا فإثبات عينها ممتنع مطلقا.
    فالأسماء والصفات نوعان: نوع يختص به الرب، مثل الإله ورب العالمين ونحو ذلك، فهذا لا يثبت (5) للعبد بحال ; ومن هنا ضل المشركون الذين جعلوا لله أندادا.
    والثاني: ما يوصف به العبد في الجملة، كالحي والعالم والقادر، فهذا لا يجوز أن يثبت للعبد مثل ما يثبت للرب أصلا، فإنه لو ثبت له مثل ما يثبت له (6) للزم أن يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر، ويجب له ما يجب له ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، وذلك يستلزم اجتماع النقيضين، كما تقدم بيانه.

    **_________
    (1) ب، أ: العلمان، وهو خطأ.
    (2) ع: العلم.
    (3) ب، أ: المنع، وهو تحريف.
    (4) ب: في هذا وهذا معلوم مذكور ; أ: في هذا معلوم مذكور وهذا معلوم مذكور ; ن، م: في أن هذا معلوم مكذوب وهذا معلوم مذكور.
    (5) ع: لا يثبت فيه.
    (6) ع: لو ثبت له مثل ما يثبت ; أ: لو ثبت ما ثبت له ; ب، ن: لو ثبت مثل ما ثبت له. والمثبت من (م)
    =============================
    وإذا قيل: فهذا يلزم (1) فيما اتفقا فيه، كالوجود والعلم والحياة.
    قيل: هذه الأمور لها ثلاثة (2) اعتبارات: أحدها: ما يختص به الرب، فهذا ما يجب له ويجوز ويمتنع عليه، ليس للعبد فيه نصيب.
    والثاني: ما يختص بالعبد، كعلم العبد وقدرته وحياته، فهذا إذا جاز عليه الحدوث والعدم (3) لم يتعلق ذلك بعلم الرب وقدرته وحياته، فإنه لا اشتراك فيه.
    والثالث: المطلق الكلي، وهو مطلق الحياة والعلم والقدرة، فهذا المطلق ما كان واجبا له كان واجبا فيهما، وما كان جائزا عليه كان جائزا عليهما، وما كان ممتنعا عليه كان ممتنعا عليهما.
    فالواجب أن [يقال] (4) : هذه صفة كمال حيث كانت، فالحياة والعلم (5) والقدرة صفة كمال لكل موصوف، والجائز عليهما اقترانهما (6) بصفة أخرى كالسمع والبصر والكلام. فهذه الصفات يجوز أن تقارن هذه في كل محل، اللهم إلا إذا كان هناك مانع من جهة المحل لا من جهة الصفة. وأما الممتنع عليهما (7) فيمتنع أن تقوم هذه الصفات إلا بموصوف

    **_________
    (1) ن، م: فهل لزم.
    (2) في جميع الأصول: ثلاث.
    (3) ب، أ: والقدم، وهو خطأ.
    (4) يقال: في (ع) فقط.
    (5) والعلم: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) ب، أ، ن، م: والجائز عليها اقترانها، والمقصود الله تعالى والإنسان.
    (7) ب، ن، م: عليها ; والمثبت عن (ع) ، (أ)
    ============================
    [قائم بنفسه، وهذا ممتنع عليها (1) في كل موضع، فلا يجوز أن تقوم صفات الله بأنفسها بل بموصوف] (2) ، وكذلك صفات العباد لا يجوز أن تقوم بأنفسها بل بموصوف.

    **[عود إلى الكلام على لفظي المشبهة والحشوية]
    وإذا تبين هذا فقول هذا المصنف وأشباهه: " قول المشبهة ": إن أراد بالمشبهة من أثبت من الأسماء ما يسمى به الرب والعبد فطائفته (3) وجميع الناس مشبهة.
    وإن أراد به من جعل صفات الرب مثل صفات العبد: فهؤلاء مبطلون ضالون، وهم في الشيعة (4) أكثر منهم في غيرهم، وليس هؤلاء طائفة معينة من أهل السنة والجماعة.
    وإن قال: أردت به من يثبت الصفات الخبرية (5) كالوجه واليدين والاستواء ونحو ذلك.
    قيل له أولا: ليس في هؤلاء (6) من التشبيه ما امتازوا به عن غيرهم، فإن هؤلاء يصرحون بأن صفات الله ليست كصفات الخلق، وأنه منزه عما يختص بالمخلوقين من الحدوث والنقص وغير ذلك، فإن كان [هذا] تشبيها (7) لكون العباد لهم ما يسمى بهذه الأسماء، كان جميع الصفاتية

    **_________
    (1) ب، أ: يمتنع عليها، وسقطت هذه العبارة من (ن) ، (م) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) ب، أ: فطائفة، وهو تحريف.
    (4) ب: وهم فيهم ; ع: وهؤلاء في الشيعة ; أ: وهم في (وسقطت كلمة الشيعة) .
    (5) ب، أ: الجزئية، وهو تحريف.
    (6) ن: ليس هذا في ; ع: ليس في هذا.
    (7) ب، أ، ن، م: وإن كان تشبيها
    ============================== ====
    مشبهة، بل (1) والمعتزلة والفلاسفة أيضا مشبهة لأنهم يقولون: حي عليم قدير، ويقولون: موجود وحقيقة وذات ونفس، والفلاسفة تقول: عاقل ومعقول وعقل، ولذيذ وملتذ (2) ولذة، وعاشق ومعشوق وعشق، وغير ذلك من الأسماء الموجودة في المخلوقات.

    **[الرد على قول: سموا مشبهة لأنهم يقولون إنه جسم من وجوه]

    وإن قال: سموا مشبهة لأنهم يقولون: إنه جسم، والأجسام متماثلة، بخلاف من أثبت الصفات، ولم يقل: هو جسم.
    قيل أولا هذا باطل (3) لأنك ذكرت الكرامية قسما غيرهم والكرامية تقول إنه جسم وقيل لك ثانيا: لا يطلق لفظ الجسم (4) إلا أئمتك الإمامية ومن وافقهم.
    وقيل لك ثالثا: فهذا مبني على تماثل الأجسام، وأكثر العقلاء يقولون (5) : إنها ليست متماثلة، والقائلون بتماثلها من المعتزلة ومن وافقهم من الأشعرية، وطائفة من الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية ليست لهم حجة على تماثلها أصلا، كما [قد] بسط ذلك في موضعه (6) .

    **_________
    (1) بل: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (2) ب، ا: ومتلذذ
    (3) ن: هذا ممتنع. والكلام في (م) مضطرب.
    (4) ع: لا ينطق بلفظ الجسم ; ن، م: لا يبطل لفظ الجسم، وهو تحريف.
    (5) ب، أ، ن: تقول.
    (6) ب: ليست لهم حجة على تماثلها كما مر بسط ذلك في موضعه ; أ: ليست لهم حجة على تماثلها كما أقر بسط ذلك في موضعه ; ن: ليست لهم حجة على تماثلها أصلا كما بسط ذلك في موضعه ; ع: ليست لهم حجة أصلا كما قد بسط ذلك في موضعه ; م: مثل (ن) ولكن لم تسقط " قد " منها
    ============================== ==

    وقد اعترف بذلك فضلاؤهم، حتى الآمدي في [كتاب] " أبكار الأفكار " (1) اعترف بأنه (2) لا دليل لهم على تماثل الأجسام إلا تماثل الجواهر، ولا دليل لهم على تماثل الجواهر، والأشعري في " الإبانة " جعل هذا القول من أقوال المعتزلة التي أبطلها (3) .
    وسواء كان تماثلها حقا أو باطلا فمن قال: إنه جسم كهشام [بن الحكم] (4) وابن كرام لا (5) يقول بتماثل الأجسام، فإنهم يقولون: إن حقيقة الله تعالى ليست مثل شيء (6) من الحقائق، فهم أيضا ينكرون التشبيه، فإذا وصفوا [به] (7) لاعتقاد الواصف أنه لازم لهم، أمكن كل طائفة أن يصفوا الأخرى بالتشبيه لاعتقادها أنه لازم لها، فالمعتزلة والشيعة توافقهم [على] أن أخص وصف الرب (8) هو القدم، وأن ما شاركه في القدم فهو مثله، فإذا أثبتنا (9) صفة قديمة لزم التشبيه، وكل من أثبت صفة قديمة فهو مشبه، وهم يسمون جميع من أثبت الصفات مشبها بناء على هذا.

    **_________
    (1) كتاب: في (ع) فقط. وعلي بن محمد بن سالم الثعلبي، سيف الدين الآمدي، سبقت ترجمته 1/250.
    (2) ب، أ، ن، م: بأنهم.
    (3) انظر " الإبانة "، ص [0 - 9] 7 - 38.
    (4) بن الحكم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) لا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) ب: ليست كشيء ; أ: ليست شيء (وسقطت: مثل) .
    (7) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) ب، أ: توافقهم أن أحصب والرب، وهو تحريف. وسقطت " على " من (ن) ، (م) .
    (9) ب، أ: فإذا أثبتنا ; ن، م: وإذا أثبتنا
    ========================




  9. #169
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (166)
    صـ 601 إلى صـ 608





    فإن قال هذا (1) الإمامي: فأنا ألتزم هذا.
    قيل له: تناقضت، لأنك أخرجت الأشعرية والكرامية عن المشبهة في اصطلاحك، فأنت تتكلم بألفاظ لا تفهم معناها (2) ولا موارد استعمالها، وإنما تقوم بنفسك صورة تبني [عليها] (3)
    وكأنك - والله أعلم - عنيت بالحشوية المشبهة (4) من ببغداد والعراق من الحنبلية ونحوهم، أو الحنبلية دون غيرهم. وهذا من جهلك، فإنه ليس للحنبلية قول انفردوا به عن غيرهم من [طوائف] (5) أهل السنة والجماعة، بل كل ما يقولونه قد قاله غيرهم من طوائف أهل السنة، بل يوجد في غيرهم من زيادة الإثبات ما لا يوجد فيهم.
    ومذهب (6) أهل السنة والجماعة مذهب قديم [معروف] (7) قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد، فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم، ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة والجماعة، فإنهم متفقون على أن إجماع الصحابة حجة، ومتنازعون في إجماع من بعدهم.

    **[أحمد بن حنبل ومحنة خلق القرآن]
    وأحمد بن حنبل، وإن كان قد اشتهر بإمامة السنة (8) والصبر في
    **_________
    (1) هذا: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (م) .
    (2) ب، أ، ن، م: فإنك تتكلم بألفاظ لا يفهم (ن: لا تفهم) معانيها.
    (3) عليها: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ع: بالمشبهة الحشوية.
    (5) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (6) ب، أ: ومن، وهو تحريف.
    (7) معروف: ساقطة من (ن) فقط.
    (8) ب: بأمة السنة، وهو تحريف ; ن: بإمامة أهل السنة. والمثبت عن (أ) ، (م)
    =========================
    المحنة، فليس ذلك لأنه انفرد بقول أو ابتدع قولا، بل لأن السنة التي كانت موجودة معروفة قبله علمها ودعا إليها وصبر على من امتحنه ليفارقها (1) ، وكان الأئمة قبله (2) قد ماتوا قبل المحنة، فلما وقعت محنة الجهمية نفاة الصفات في أوائل المائة الثالثة (3) - على عهد المأمون وأخيه المعتصم ثم الواثق - ودعوا الناس إلى التجهم وإبطال صفات الله
    **_________
    (1) ب: على ما امتحن به ليفارقها ; أ: على ما امتحنه ليفارقها.
    (2) ب، أ: قبل.
    (3) ع: في أول المائة الثالثة. وفي (ع) فوق عبارة " في أول المائة الثالثة " إشارة إلى الهامش حيث كتب التعليق التالي: " قلت: والعجب أن الشارح ابن تيمية مع تبحره وتتبعه وإحاطته بأخبار الأولين أخطأ بهذا، إذ التجهم كان أقدم من هذا التاريخ بكثير. وكان من ولادة إمامنا أبي حنيفة سنة ثمانين ووفاته سنة خمسين ومائة، وقد اشتهر مذهب جهم بن صفوان الترمذي في عهد أبي حنيفة رضي الله عنه، وتصدى المناظرة مع الإمام بعض متبعي جهم والموافقة معه - رضي الله تعالى عنه - وظني أنه فشا هذا المذهب في أواخر المائة الأولى، فمذهب الخوارج والاعتزال ظهرا وبعض الصحابة في الحياة، مثل سيدنا علي وابن عباس وابن عمر، حتى تصدى لرد الخوارج علي كرم الله وجهه وابن عباس، وتصدى لرد الاعتزال عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما. فبعد مدة قليلة فشا هذا المذهب، لعل ذلك سنة ستين، إذ ظهر له أشياع وأتباع حتى تصدى المناظرة والموافقة مع الإمام بعض متبعيه، حتى ذكر في الطبقات أن واحدة من النسوة من شيعته تصدت لإلزام الإمام ادعاء الاستقامة لمذهب جهم وفساد مذهب أهل الحق، فأظهرت تشنيعات قبيحة على وجه الإمام، ونسبت إياه - رضي الله عنه - إلى العظائم. وغاية الكلام من طرف الشارح أن المعتزلة موافقة في نفي الصفات لهم، مع ما يخالفهم مخالفة بينة في الأفعال الاختيارية، وكذا يخالفهم في أن أفعاله تعالى معللة بالأغراض، إذ الجهمية على الجبر المحض وعلى نفي العلل والأغراض في أفعاله تعالى ". قلت: وابن تيمية يقول إن الجهمية حدثت في أواخر عصر التابعين وإن أول الجهمية الجعد بن درهم (المقتول نحو سنة 118) وإنما صار للجهمية ظهور وشوكة في أوائل المائة الثالثة. وانظر كلامه في " درء تعارض العقل والنقل " 5/244 - 245
    ============================== ==

    تعالى، وهو المذهب الذي ذهب إليه متأخرو الرافضة، وكانوا قد أدخلوا معهم من أدخلوه من [ولاة الأمور (1) ، فلم يوافقهم أهل السنة والجماعة، حتى تهددوا (2) بعضهم بالقتل، وقيدوا بعضهم، وعاقبوهم (وأخذوهم) (3) بالرهبة والرغبة، وثبت] (4) الإمام أحمد بن حنبل (5) على ذلك [الأمر] (6) حتى حبسوه مدة، ثم طلبوا أصحابهم لمناظرته، فانقطعوا معه في المناظرة يوما بعد يوم، ولم يأتوا (7) بما يوجب موافقته لهم، [بل] بين خطأهم (8) فيما ذكروه (9) من الأدلة، وكانوا قد طلبوا له (10) أئمة الكلام من أهل البصرة وغيرهم، مثل أبي عيسى محمد بن عيسى برغوث صاحب حسين النجار (11) وأمثاله، ولم تكن المناظرة مع المعتزلة فقط، بل كانت

    **_________
    (1) ب، أ: الأمر.
    (2) ب، أ: هددوا.
    (3) وأخذوهم: في (ع) فقط.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) إلا كلمات متفرقة هي: من ولي فلم يوافقهم.
    (5) ب، أ: وثبت أحمد بن حنبل ; ع: وثبت الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وأرضاه ; ن، م: الإمام أحمد بن حنبل.
    (6) الأمر: ساقطة من (ع) ، (ن) ، (م) .
    (7) ب، أ: ولما لم يأتوا ; ن: ولما يأتوا، م: ولما ولما يأتوا.
    (8) ب، أ، ن، م: وبين خطأهم.
    (9) ب، أ: فيما ذكروا ; ن: فيما ذكره، وهو خطأ.
    (10) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (11) ن، م: أبي عيسى محمد بن عيسى بن برغوث. . إلخ وهو خطأ. ولم أجد فيما بين يدي من مراجع شيئا عن تاريخ مولده ووفاته، ولكن ذكرت كتب الفرق الكثير عن آرائه ومذهبه. فالأشعري يذكر آراءه (المقالات 1/316) ومنها أنه كان يزعم أن الأشياء المتولدة فعل الله بإيجاب الطبع، وأنه كان يقول في التوحيد بقول المعتزلة إلا في باب الإرادة والجود، وأنه كان يخالفهم في القدر ويقول بالإرجاء، وأنه كان يقول إن الله لم يزل متكلما بمعنى أنه لم يزل غير عاجز عن الكلام ولكن كلام الله محدث ومخلوق. وانظر عن آرائه ومذهبه أيضا: المقالات 2/198، 207 - 208 ; الملل والنحل 1/81 - 82 ; الفرق بين الفرق، ص 126 - 127 ; التبصير في الدين ص 62 ; الفصل لابن حزم 3/33 ; الانتصار للخياط، ص 98 ; دائرة المعارف الإسلامية مادة " البرغوثية " ; المنية والأمل لابن المرتضى، ص 27. watt (.) free will، pp -) 111، 110 128 - 129. London، 1948
    ============================== ====

    مع جنس الجهمية من المعتزلة [والنجارية] (1) والضرارية وأنواع المرجئة، فكل معتزلي جهمي وليس كل جهمي معتزليا، [لكن جهم أشد تعطيلا؛ لأنه نفى الأسماء والصفات، والمعتزلة تنفي الصفات دون الأسماء] (2) .
    وبشر المريسي كان من المرجئة، لم يكن من المعتزلة، بل كان من كبار (3) .

    **_________
    (1) والنجارية: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) دون الأسماء: في (ع) فقط. وسقط ما بين المعقوفتين من (ن) ، (م) .
    (3) أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن المريسي، العدوي بالولاء، كان جده مولى لزيد بن الخطاب رضي الله عنه، وقيل إن أباه كان يهوديا قصارا صباغا بالكوفة قال ابن حجر: " تفقه على أبي يوسف فبرع، وأتقن علم الكلام، ثم جرد القول بخلق القرآن وناظر عليه، ولم يدرك الجهم بن صفوان إنما أخذ مقالته واحتج لها ودعا إليها ". وهو رأس طائفة المريسية من المرجئة وكانت تقول إن الإيمان هو التصديق وأن التصديق يكون بالقلب واللسان جميعا، وقال الشهرستاني إن مذهب المريسي كان قريبا من مذهب النجار وبرغوث وأنهم أثبتوا كونه تعالى مريدا لم يزل لكل ما علم أنه سيحدث من خير وشر وإيمان وكفر وطاعة ومعصية. وقد توفي بشر سنة 218 وقيل: 219، واختلف في نسبته فقيل إنه ينسب إلى قرية مريس بصعيد مصر وقيل غير ذلك. انظر ترجمته ومذهبه في: لسان الميزان 2/29 - 31 ; وفيات الأعيان 1/251 - 252 ; تاريخ بغداد 7/56 - 67 ; الأعلام 2/27 - 28 ; الفرق بين الفرق، ص 124 ; التبصير في الدين، ص 61 ; الخطط للمقريزي 2/350 ; الفصل لابن حزم 3/33، 4/80 ; دائرة المعارف الإسلامية، مقالة كارادي فو عن " بشر بن غياث ". وانظر كتاب " الرد على بشر المريسي " للدارمي ; تاريخ الأدب العربي 4/27 - 28 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص 65 - 66 وكتب مستجي زاده في هامش (ع) : " وقد شاع عنه أنه (كان) يلعن المعتزلة لقولهم بخلق الأفعال "
    ============================== =====

    وظهر للخليفة المعتصم أمرهم، وعزم على رفع المحنة، حتى ألح عليه ابن أبي دؤاد (1) يشير عليه: إنك إن لم تضربه [وإلا] انكسر (2) ناموس الخلافة، فضربه (3) ، فعظمت الشناعة من العامة والخاصة، فأطلقوه.
    ثم صارت هذه الأمور سببا في البحث عن مسائل الصفات، وما فيها من النصوص والأدلة والشبهات من جانبي المثبتة والنفاة للصفات (4) ، وصنف (5) الناس في ذلك مصنفات.
    وأحمد (6) وغيره من علماء أهل (7) السنة والحديث ما زالوا يعرفون فساد

    **_________
    (1) ن، م:. . داود، وهو أبو عبد الله أحمد بن أبي داود بن جرير بن مالك الإيادي القاضي، ولد سنة 160 وقدم به أبوه وهو حدث من بلدتهم قنسرين إلى دمشق فطلب العلم وصحب هياج بن العلاء السلمي من أصحاب واصل بن عطاء فصار إلى الاعتزال. اتصل بالمأمون والمعتصم والواثق وكان مقربا عندهم، وهو الذي حملهم على امتحان الناس بخلق القرآن، وتوفي ابن أبي دؤاد سنة 240 ببغداد مفلوجا. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/63 - 75 ; تاريخ بغداد 4/141 - 156 ; لسان الميزان 1/171 ; المنية والأمل لابن المرتضى، ص [0 - 9] 8 - 36 ; الأعلام 1/120.
    (2) ن، م: بأنك إن لم تضربه انكسر.
    (3) انظر خبر الإمام أحمد مع المعتصم في " مناقب الإمام أحمد بن حنبل " لابن الجوزي، الباب التاسع والستون " ص 397 - 420، وفيه (ص 405 - 406) أن المعتصم رق في أمر أحمد فقال له ابن أبي دؤاد: إن تركته قيل إنك تركت مذهب المأمون وسخطت قوله، فهاجه ذلك على ضربه.
    (4) للصفات: زيادة في (م) . وفي (ن) : المثبتة والصفات، وهو تحريف.
    (5) ب، أ: وصنفت.
    (6) ع: وأحمد رضي الله عنه.
    (7) أهل: ساقطة من (ع) ، (م)
    ============================== ======

    مذهب الروافض والخوارج والقدرية والجهمية والمرجئة، ولكن بسبب المحنة كثر الكلام، ورفع الله قدر هذا الإمام، فصار إماما من أئمة السنة (1) ، وعلما من أعلامها، [لقيامه بإعلامها] (2) وإظهارها، واطلاعه على نصوصها وآثارها، وبيانه لخفي أسرارها (3) ، لا لأنه أحدث مقالة أو ابتدع رأيا (4) .
    ولهذا قال بعض شيوخ المغرب (5) : المذهب لمالك والشافعي، والظهور لأحمد ; يعني أن مذاهب الأئمة في الأصول (6) مذهب واحد وهو كما قال فتخصيص (7) الكلام من أحمد وأصحابه في مسائل الإمامة والاعتزال، كتخصيصه (8) بالكلام معه في مسائل الخوارج الحرورية، بل في نبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - والرد على اليهود والنصارى.
    والخطاب بتصديق الرسول فيما أخبر [به] (9) ، وطاعته فيما أمر [به] (10) ، قد شمل جميع العباد، ووجب على كل أحد، فأسعدهم أطوعهم لله وأتبعهم لرسول الله (11) ، وإذا قدر أن في الحنبلية - أو غيرهم من طوائف

    **_________
    (1) ب (فقط) : من أئمة أهل السلف.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (3) ب، أ: وبيان خفي أسرارها ; ن، م: وبيان حسن أسرارها.
    (4) ب، أ: لا أنه أحدث مقالة ولا ابتدع رأيا ; ن، م: لا لأنه أحدث مقالة ولا ابتدع رأيا.
    (5) ب، أ: الغرب.
    (6) علق مستجي زاده في هامش (ع) بقوله: " يعني في الأصول الدينية والاعتقادات ".
    (7) ب، أ: فتخصيصه ; ن: فتخصص.
    (8) ن: المتخصصة، وهو تحريف.
    (9) به: في (ع) فقط.
    (10) به: في (ع) فقط.
    (11) ب، أ: على كل أحد فاسقهم وأطوعهم وأتبعهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    ============================== =======

    أهل السنة - من قال أقوالا باطلة، لم يبطل مذهب أهل السنة والجماعة ببطلان ذلك، بل يرد على من قال ذلك الباطل، وتنصر السنة بالدلائل (1) .
    ولكن الرافضي أخذ ينكت (2) على كل طائفة بما يظن أنه يجرحها به في الأصول والفروع، ظانا أن طائفته هي السليمة من الجرح (3) .
    وقد اتفق عقلاء (4) المسلمين على أنه ليس في [طائفة من] (5) طوائف أهل القبلة أكثر جهلا وضلالا وكذبا وبدعا، وأقرب إلى كل شر، وأبعد عن كل خير من طائفته. ولهذا لما صنف الأشعري كتابه في " المقالات " ذكر أولا مقالتهم، وختم بمقالة أهل السنة والحديث، وذكر أنه بكل ما ذكر من أقوال (6) أهل السنة [والحديث] (7) يقول، وإليه يذهب (8) .
    وتسمية هذا الرافضي - وأمثاله من الجهمية معطلة الصفات - لأهل الإثبات مشبهة كتسميتهم لمن أثبت خلافة [الخلفاء] (9) الثلاثة ناصبيا (10) بناء على اعتقادهم، فإنهم لما اعتقدوا (11) أنه لا ولاية لعلي إلا بالبراءة من

    **_________
    (1) ن، م: بالدليل.
    (2) ن، م: ينكر.
    (3) ن، م: من الجروح.
    (4) ن: علماء.
    (5) طائفة من: في (ع) فقط.
    (6) ن: من قول ; م: من أصول.
    (7) والحديث: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) انظر المقالات 1/65 وما بعدها، 320 - 225.
    (9) الخلفاء: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (10) انظر ما سبق في شرح معنى كلمة " ناصبية " 2/53 (ت 1) .
    (11) ب، أ: بناء على أنهم لما اعتقدوا. . . إلخ
    ============================== ====

    هؤلاء، جعلوا كل من لم يتبرأ من هؤلاء ناصبيا، كما أنهم لما اعتقدوا أن القدمين (1) متماثلان، أو أن الجسمين متماثلان، ونحو ذلك، قالوا: إن مثبتة الصفات مشبهة.
    فيقال لمن قال هذا (2) : إن كان مرادك بالنصب والتشبيه بغض علي وأهل البيت، وجعل صفات الرب مثل صفات العبد (3) ، فأهل السنة ليسوا ناصبية ولا مشبهة.
    وإن كنت تريد (4) بذلك أنهم يوالون الخلفاء (5) ، ويثبتون صفات الله تعالى فسم هذا بما شئت، إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان.
    والمدح والذم إنما يتعلق بالأسماء إذا كان لها أصل في الشرع، كلفظ المؤمن والكافر والبر والفاجر والعالم والجاهل. ثم من أراد أن يمدح أو يذم، فعليه أن يبين دخول الممدوح والمذموم في تلك الأسماء التي علق الله ورسوله بها المدح والذم، فأما إذا كان الاسم ليس له أصل في الشرع ودخول الداخل فيه مما ينازع فيه المدخل، بطلت كل من المقدمتين وكان (6) هذا الكلام مما لا يعتمد عليه إلا من لا يدري ما يقول.

    **_________
    (1) ب، أ، ن، م: القديمين.
    (2) ب: ذلك، وسقطت " هذا " من (أ) .
    (3) ب، أ، ن، م: صفات العبد مثل صفات الرب.
    (4) ن، م: وإن أنت تريد. .
    (5) ن، م: الخلفاء الثلاثة.
    (6) ب، أ، ن، م: فكان
    ===========================




  10. #170
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (167)
    صـ 609 إلى صـ 616



    والكتاب والسنة ليس فيه لفظ " ناصبية " (1) ولا " مشبهة " ولا " حشوية " ولا فيه أيضا لفظ " رافضة ". ونحن إذا قلنا " رافضة " نذكره للتعريف، لأن مسمى هذا الاسم يدخل فيه أنواع مذمومة بالكتاب والسنة: من الكذب على الله ورسوله، وتكذيب الحق الذي جاء به رسوله، ومعاداة أولياء الله - بل خيار أوليائه - وموالاة اليهود والنصارى والمشركين، كما تبين وجوه الذم.
    وأهل السنة والجماعة لا يمكن أن يعمهم معنى مذموم في الكتاب والسنة بحال كما يعم الرافضة. نعم يوجد في بعضهم ما هو مذموم، ولكن هذا لا يلزم منه ذمهم، كما أن المسلمين إذا كان فيهم من هو مذموم لذنب ركبه، لم يستلزم ذلك (2) ذم الإسلام وأهله القائمين (3) بواجباته.

    الوجه الرابع (4) أن يقال: أما القول بأنه جسم أو ليس بجسم، فهذا مما تنازع فيه أهل الكلام والنظر، وهي مسألة عقلية، وقد تقدم أن الناس فها على ثلاثة أقوال: نفي وإثبات، ووقف، وتفصيل (5) ، وهذا هو الصواب الذي عليه السلف والأئمة.
    ولهذا لما ذكر أبو عيسى برغوث لأحمد هذا في مناظرته إياه، وأشار إلى أنه إذا قلت إن القرآن غير مخلوق، لزم أن يكون الله جسما ; لأن

    **_________
    (1) ب، أ: ناصبة.
    (2) ذلك: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (3) ب، أ: القائلين، وهو تحريف.
    (4) ب، أ: الثالث، وهو خطأ. وبدأ الوجه الثالث، ص 594.
    (5) ن: وتفضيل، وهو تحريف
    ============================== ==
    القرآن صفة وعرض، ولا يكون إلا بفعل، والصفات والأعراض والأفعال لا تقوم إلا بالأجسام، أجابه الإمام أحمد بأنا نقول: إن الله أحد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، وأن هذا الكلام لا يدرى مقصود صاحبه به، فلا نطلقه لا نفيا ولا إثباتا. أما (1) من جهة الشرع فلأن الله ورسوله (2) وسلف الأمة لم يتكلموا بذلك لا نفيا ولا إثباتا، فلا قالوا (3) : هو جسم، ولا قالوا: [هو] (4) ليس بجسم.
    ولما سلك من سلك في الاستدلال على حدوث العالم بحدوث الأجسام، ودخلوا في هذا الكلام، ذم السلف (5) الكلام وأهله، حتى قال أبو يوسف: من طلب الدين بالكلام تزندق (6) ، وقال الشافعي: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام (7) ، وقال: لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت مسلما يقوله،

    **_________
    (1) ب، أ: إلا، وهو تحريف.
    (2) ب، أ: فلأن رسول الله.
    (3) ب: فما قالوا ; أ: فلما قالوا ; ن، م: ولا قالوا.
    (4) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) السلف: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) وردت هذه العبارة بنصها هذا في كتاب " ذم الكلام " للهروي الأنصاري ونقلها عنه السيوطي في كتابه " صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام "، ص 60، وسبق ورود هذه العبارة من قبل 2/142. ولكن جاء فيها: من طلب العلم بالكلام تزندق، وانظر (ت 2) .
    (7) سبق ورود هذه العبارة 2/142 وذكرت في (ت 3) مكانها في المرجع السابق. ووردت فيه أيضا، ص 35. وهي واردة كذلك في " تلبيس إبليس " لابن الجوزي، ص 82 - 83
    ============================== ======

    ولأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه (1) ما خلا الشرك بالله خير له من أن يبتلى بالكلام (2) . وقد صنفت (3) في ذمهم مصنفات مثل كتاب أبي عبد الرحمن السلمي (4) ، وكتاب شيخ الإسلام الأنصاري (5) وغير ذلك.
    وأما من جهة العقل فلأن هذا اللفظ مجمل يدخل فيه نافيه (6) معاني يجب إثباتها لله، ويدخل فيه مثبته (7) ما ينزه الله تعالى عنه، فإذا لم يدر مراد المتكلم [به لم ينف ولم يثبت، وإذا فسر] (8) مراده قبل الحق وعبر عنه بالعبارات الشرعية ورد الباطل، وإن تكلم بلفظ لم يرد عن الشارع

    **_________
    (1) م: ولأن يبتلي الله العبد بكل ما نهاه عنه.
    (2) قال ابن عبد البر في كتابه " جامع بيان العلم وفضله "، 2/95: " وقال يونس بن عبد الأعلى، سمعت الشافعي يوم ناظره حفص الفرد قال لي: يا أبا موسى لأن يلقى الله عز وجل العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من الكلام، لقد سمعت من حفص كلاما لا أقدر أن أحكيه ". ونقل هذه العبارات عنه السيوطي في المرجع السابق، ص [0 - 9] 36. كما نقل بعض هذا الكلام (ص [0 - 9] 6) عن الأنصاري الهروي في كتابه " ذم الكلام ". وورد جزء من عبارة الشافعي أيضا في تلبيس إبليس، ص 82.
    (3) ب، أ، م: صنف. وفي (ن) : وهو صنف.
    (4) أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد السلمي النيسابوري، سبقت ترجمته 2/469 وذكر سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 84 من كتبه كتاب " الرد على أهل الكلام " وقال إن نسخة خطية منه في الظاهرية بدمشق.
    (5) هو أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الهروي الأنصاري. وسبقت ترجمته 1/435. والكتاب الذي يقصده ابن تيمية هنا كتاب " ذم الكلام وأهله " وقد لخصه السيوطي في كتاب " صون المنطق. . . ص [0 - 9] 3 - 81 ". ومنه نسخة خطية في مكتبة الظاهرية رقم 337 حديث وصورت المخطوطة في معهد المخطوطات بالجامعة العربية (رقم 97 توحيد) .
    (6) ب، أ، ن، م: ما فيه، وهو تحريف.
    (7) ب، أ: مثبتته.
    (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، وسقطت ولم ينف من (م)
    ============================== ====

    للحاجة إلى إفهام المخاطب بلغته مع ظهور المعنى الصحيح لم يكن بذلك [بأس، فإنه يجوز] (1) ترجمة القرآن والحديث للحاجة إلى الإفهام، وكثير ممن قد تعود عبارة معينة إن لم يخاطب بها لم يفهم ولم يظهر له (2) صحة القول وفساده، وربما نسب المخاطب إلى أنه لا يفهم ما يقول.
    وأكثر الخائضين في الكلام والفلسفة من هذا الضرب: ترى أحدهم يذكر له (3) المعاني الصحيحة بالنصوص الشرعية فلا يقبلونها لظنهم أن في عبارتهم من المعاني ما ليس في تلك، فإذا أخذ المعنى الذي دل عليه الشرع وصيغ (4) بلغتهم، وبين به (5) بطلان قولهم المناقض للمعنى الشرعي، خضعوا لذلك (6) وأذعنوا له، كالتركي والبربري [والرومي] (7) والفارسي الذي يخاطبه بالقرآن العربي ويفسره فلا يفهمه حتى يترجم له شيئا بلغته (8) فيعظم سروره وفرحه، ويقبل الحق ويرجع عن باطله، لأن المعاني التي جاء بها الرسول أكمل المعاني وأحسنها وأصحها، لكن هذا يحتاج إلى كمال المعرفة لهذا ولهذا، كالترجمان الذي [يريد أن] يكون حاذقا في فهم اللغتين (9) .

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (2) ولم يظهر له: سقطت العبارة كلها من (ب) وسقطت عبارة " ولم يظهر " من (أ) .
    (3) له: ساقطة من (ع) .
    (4) ب، أ: وسع ; ن: وضيع، وهو تحريف. والكلمة غير منقوطة في (م) .
    (5) به: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) ع: خضعوا له.
    (7) والرومي: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) ب: الذي تخاطبه بالقرآن العربي وتفسيره فلا يفهم حتى تترجم له شيئا بلغته ; أ: الذي يخاطبه بالقرآن العربي وتفسيره فلا يفهم حتى يترجم له شيئا بلغته ; ن، م: الذي يخاطبه بالقرآن العزيز وتفسيره ولا يفهمه حتى يترجم له شيئا بلغته.
    (9) ن، م: الذي يكون حاذقا في فهم اللغتين
    ============================== =

    وهذا الإمامي يناظر في ذلك أئمته كهشام [بن الحكم] (1) وأمثاله، ولا يمكنه أن يقطعهم بوجه من الوجوه، كما لا يمكنه أن يقطع الخوارج بوجه من الوجوه، وإن كان في قول الخوارج والمجسمة من الفساد ما فيه فلا يقدر أن يدفعه إلا أهل السنة.
    ونحن نذكر مثالا (2) فنقول: أهل السنة متفقون على أن الله لا يرى في الدنيا ويرى في الآخرة، [لم يتنازع أهل السنة إلا في رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع أن أئمة السنة على أنه لم يره أحد بعينه في الدنيا مطلقا] (3) ] ، وقد ذكر عن طائفة أنهم يقولون: إن الله (4) يرى في الدنيا، وأهل السنة يردون على هذا بالكتاب والسنة مثل استدلالهم بأن موسى [عليه السلام] (5) منع منها، فمن هو دونه أولى، وبقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت» " [رواه مسلم في صحيحه. وروي هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه متعددة] (6) ، وبطرق عقلية: كبيانهم عجز الأبصار في الدنيا عن الرؤية ونحو ذلك.

    **_________
    (1) ابن الحكم: في (ع) فقط.
    (2) عبارة " نذكر مثالا ": ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ب، أ: إنه.
    (5) عليه السلام: في (ع) فقط.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وكلمة " متعددة ": في (ع) فقط. وسبق الكلام عن الحديث 2/520. وقد وجدته مرويا عن عبادة بن الصامت في المسند 5/324. ونصه: " حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه، قالا: ثنا بقية. . عن جنادة بن أبي أمية أنه حدثهم عن عبادة بن الصامت أنه قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال: إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا، إن مسيح الدجال رجل قصير أفحج جعد أعور مطموس العين ليس بناتئة ولا حجراء، فإن ألبس عليكم - قال يزيد: ربكم - فاعلموا أن ربكم تبارك وتعالى ليس بأعور، وأنكم لن ترون ربكم تبارك وتعالى حتى تموتوا - قال يزيد: تروا ربكم حتى تموتوا ". والحديث مروي أيضا عن عبادة بن الصامت بألفاظ متقاربة في كتاب السنة لأحمد بن حنبل، ص 138 (ط. المطبعة السلفية، مكة، 1349) ومروي فيه (ص 138 - 139) عن أمامة الباهلي رضي الله عنه. وقد رواه ابن خزيمة عن أبي أمامة أيضا في كتابه " التوحيد " ص 121 - 122
    ============================== =========

    وأما هذا وأمثاله فليست لهم على هؤلاء (1) حجة لا عقلية ولا شرعية، فإن عمدتهم في نفي الرؤية أنه لو رئي لكان في جهة ولكان جسما (2) ، وهؤلاء [يقولون: إنه يرى في الدنيا، بل] (3) يقولون: إنه في جهة (4) وهو جسم.
    فإن أخذوا في الاستدلال على نفي الجهة ونفي الجسم، كان منتهاهم معهم إلى أنه لا تقوم به الصفات (5) ، وهؤلاء يقولون: تقوم به الصفات. فإن استدلوا على ذلك، كان منتهاهم معهم إلى أن الصفات أعراض، وما قامت به الأعراض محدث. وهؤلاء يقولون: تقوم به الأعراض، وهو قديم والأعراض عند هؤلاء تقوم بالقديم.
    فإن قالوا: الجسم لا يخلو عن الحركة أو السكون (6) ، وما لا يخلو

    **_________
    (1) ن: على هذا.
    (2) ب، أ، ن، م: أو لكان جسما.
    (3) ع (فقط) : ولهؤلاء الذين يقولون: إنه يرى في الدنيا، بل يقولون. . . إلخ، وأرجو أن يكون ما أثبته أدل على المقصود.
    (4) ب، أ، ن، م: هو في جهة.
    (5) ب: إلى أنه تقوم به الصفات ; أ: إلى أن تقوم به الصفات، وهو خطأ ; ن، م: إلى أنه لا تقوم الصفات.
    (6) ب، أ، ن، م: والسكون
    ============================== ====
    عنهما فهو محدث لامتناع حوادث لا أول لها، فهذا منتهى ما عند المعتزلة وأتباعهم من الشيعة.
    قال لهم أولئك: لا نسلم أن الجسم لا يخلوا عن الحركة والسكون [الوجوديين] (1) ، بل يجوز خلوه عن الحركة، لأن السكون عدم الحركة [مطلقا (2) ، وعدم الحركة] (3) عما من شأنه أن يقبلها، فيجوز ثبوت (4) جسم قديم ساكن لا يتحرك.
    وقالوا لهم (5) : لا نسلم امتناع حوادث لا أول لها، وطعنوا في أدلة نفي ذلك بالمطاعن المعروفة، حتى حذاق المتأخرين (6) كالرازي وأبي الحسن الآمدي وأبي الثناء الأرموي (7) وغيرهم طعنوا في ذلك (* كله، وطعن الرازي في ذلك في مواضع وإن كان اعتمد عليه *) (8) في

    **_________
    (1) الوجوديين: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ب، أ: عدم الحركة إما مطلقا.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ن، م: إثبات.
    (5) ب، أ، ن، م: أو قالوا لهم.
    (6) ب، أ: المسلمين.
    (7) أبو الثناء سراج الدين محمود بن أبي بكر أحمد الأرموي، صاحب التحصيل مختصر المحصول في أصول الفقه واللباب مختصر الأربعين في أصول الدين والبيان والمطالع في المنطق وغير ذلك، وقيل: إنه شرح الوجيز في الفقه للرافعي، كان الأرموي شافعيا قرأ بالموصل على كمال الدين بن يونس، وولد الأرموي سنة 594 وتوفي بمدينة قونية سنة 682. انظر ترجمته في: طبقات الشافعية 8/371 ; مفتاح السعادة ومصباح السيادة لطاش كبرى زاده 1/245، ط. حيدر آباد ; الأعلام 8/41 - 42. وذكر ابن تيمية في كتابه درء تعارض العقل والنقل 1/323 أن الأرموي صاحب " لباب الأربعين " قد اعترض على إنكار الرازي للقول بحوادث لا أول لها. ومن كتاب " لباب الأربعين في أصول الدين " توجد مصورة في معهد المخطوطات بالجامعة العربية، رقم 201 توحيد.
    (8) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (ب) ، (أ)
    ============================== =

    مواضع (1) . والآمدي طعن (2) في طرق الناس إلا طريقة ارتضاها (3) ، وهي (4) أضعف من غيرها طعن فيها غيره.
    فهذان مقامان من المقامات العقلية لا يقدر هؤلاء أن يغلبوا فيها شيوخهم المتقدمين، فإذا كانوا لا ينفون (5) رؤيته في الدنيا (6) إلا بهذه الطريق، لم يكن لهم حجة إلا على من يقول (7) : إنه يرى ويصافح وأمثال

    **_________
    (1) سبق أن تعرض ابن تيمية بالتفصيل في الجزء الأول من هذا الكتاب (انظر ص 150 وما بعدها) للكلام عن إمكان القول بحوادث لا أول لها، وذكر (ص 178) أن القول بدوام الحوادث في الماضي والمستقبل هو قول أئمة أهل الحديث وأئمة الفلاسفة وغيرهم. كما تعرض ابن تيمية لهذه المشكلة في كتابه " درء تعارض العقل والنقل " 1/321 وما بعدها، وذكر فيه تناقض الرازي في هذه المسألة في كتبه المختلفة مثل " الأربعين في أصول الدين " و " المطالب العالية "، وقال (1/379) إن الأرموي استفاد معارضته للرازي من كلام الرازي نفسه في " المطالب العالية ".
    (2) عبارة " والآمدي طعن ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) ذكر الأستاذ محمد خليل هراس في كتابه " ابن تيمية السلفي "، ص 141 (ط. طنطا 1372/1952) أن الآمدي في كتابه " أبكار الأفكار " 1/476، (مخطوط بدار الكتب رقم 1954 كلام) : " عارض الرازي فيما ادعاه من لزوم هذه المسألة لجميع الطوائف بأن المراد بالحادث الذي يقصد نفي قيامه بذاته تعالى هو الموجود بعد عدم، وأما ما لا يوصف بالوجود كالأعدام المتجددة والأحوال - عند القائلين بها - وكذلك النسب والإضافات فهذه لا يصدق عليها اسم الحادث وإن صدق عليها اسم المتجدد. وحينئذ فلا يلزم من تجدد الإضافات والأحوال في ذات الباري أن يكون محلا للحوادث ". وأشار الأستاذ هراس إلى أن ابن تيمية رد على كلام الآمدي في كتابه " الموافقة " (على هامش منهاج السنة 2/119 - 122) . انظر درء. . 2/232 - 251.
    (4) ب، أ: هي.
    (5) ن، م: لا يقدرون ينفون.
    (6) ب، أ: في الصفات، وهو خطأ.
    (7) ن، م: حجة على قول من يقول
    ============================== ==




  11. #171
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (168)
    صـ 617 إلى صـ 624





    ذلك من المقالات مع أن هذا [من] (1) أشنع المقالات عند أهل السنة والجماعة، ولا يعرف له (2) قائل [معدود] (3) من أهل السنة والحديث.
    وبيان هذا: بالوجه الخامس (4) [وهو] (5) أن يقال: هذه الأقوال حكاها الناس عن شرذمة قليلة أكثرهم من الشيعة، وبعضهم من غلاة النساك، وداود الجواربي (6) . (* قال الأشعري في " المقالات " (7) : وقال داود الجواربي (8) *) (9) ومقاتل بن سليمان: إن الله جسم، وأنه جثة وأعضاء على صورة الإنسان (10) : لحم (11) ودم وشعر وعظم، له

    **_________
    (1) من: في (ع) فقط.
    (2) ن، م: لها.
    (3) معدود: ساقطة من (ن) فقط.
    (4) ب، أ، ن، م: الرابع، وهو خطأ. وبدأ الكلام عن الوجه الرابع ص 612.
    (5) وهو: ساقطة من (ن) .
    (6) ب، أ: وداود الجواهري ; ن: وداود الحواري ; م: وداود الحواربي. وكذا في هذه النسخ فيما بعد. وقال ابن حجر (لسان الميزان 2/427) : " رأس في الرافضة والتجسيم من مرامي جهم. قال أبو بكر بن أبي عوف: سمعت يزيد بن هارون يقول: الحواربي والمريسي كافران ". وذكر ابن حجر أن داود لا تعلم له رواية لحديث. ونقل الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد في تعليقه على المقالات 1/258 عن السمعاني في " الأنساب " أنه قال بعد ذكر هشام بن سالم الجواليقي ما نصه: " وعنه أخذ داود الجواربي قوله إن معبوده له جميع أعضاء الإنسان إلى الفرج واللحية " ونقل نفس العبارة ابن الأثير في اللباب 2/291. وانظر عن داود الجواربي ومذهبه في التجسيم: الملل والنحل 1/167 ; الفرق بين الفرق، ص 140 ; التبصير في الدين، ص 71 ; الانتصار للخياط، ص 54 ; تلبيس إبليس لابن الجوزي، ص 87 ; أصول الدين لابن طاهر، ص 74.
    (7) في " المقالات " 1/258 - 259، وسنقابل كلام ابن تيمية عليه.
    (8) ن: الحواري، م: الحواربي.
    (9) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (10) ورد نص آخر مشابه في المقالات 1/214 فيه: " أن الله جسم وإن له جمة وأنه على صورة الإنسان ".
    (11) ب (فقط) : له لحم
    ============================== ==
    جوارح (1) وأعضاء من يد ورجل (2) ولسان (3) ورأس وعينين (4) وهو مع هذا (5) لا يشبه غيره ولا يشبهه غيره (6) . وحكي عن داود الجواربي (7) أنه كان يقول: إنه (8) أجوف من فيه إلى صدره ومصمت ما سوى ذلك ".
    " وقال هشام بن سالم الجواليقي: إن الله على صورة [الإنسان] (9) ، وأنكر أن يكون لحما ودما، وإنه نور ساطع يتلألأ بياضا (10) ، وإنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان: سمعه غير بصره (11) ، وكذلك سائر حواسه: له يد ورجل [وأذن] (12) وعين وأنف وفم، وإن له وفرة سوداء ".
    قلت: أما داود الجواربي فقد عرف عنه القول المنكر الذي أنكره عليه أهل السنة. وأما مقاتل فالله أعلم بحقيقة حاله. والأشعري ينقل هذه المقالات من كتب المعتزلة، وفيهم انحراف على (13) مقاتل بن سليمان،

    **_________
    (1) ب، ن، م: وله جوارح.
    (2) ورجل: ساقطة من (م) .
    (3) ن، م: وأسنان.
    (4) ع، ن، م: وعين.
    (5) ب، أ: ومع هذا.
    (6) عبارة " ولا يشبهه غيره " ساقطة من (ب) فقط. وفي " المقالات " 1/259: ولا يشبهه.
    (7) ب، أ: داود الجواهري ; ن: داود الحواري ; ع: داود ; م: الحواربي.
    (8) إنه: ليست في " المقالات ".
    (9) الإنسان: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (10) بياضا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (11) ب، أ: سمعه غيره وبصره، وهو خطأ.
    (12) وأذن: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (13) ب، أ، ن، م: عن
    ==============================
    فلعلهم زادوا في النقل عنه، أو نقلوا عنه، أو نقلوا عن غير ثقة، وإلا فما أظنه يصل إلى هذا الحد (1) . وقد قال الشافعي: من أراد التفسير فهو عيال على مقاتل، ومن أراد الفقه فهو عيال على أبي حنيفة (2) .
    ومقاتل بن سليمان، وإن لم يكن ممن يحتج به في الحديث - بخلاف مقاتل بن حيان (3) فإنه ثقة - لكن لا ريب (4) في علمه بالتفسير وغيره واطلاعه (5) ، كما أن أبا حنيفة وإن كان الناس خالفوه في أشياء

    **_________
    (1) علق مستجي زاده في هامش (ع) بقوله: " قلت: لكن الخطيب البغدادي ذكر عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه بإسناده: هذان رجلان خبيثان: أعني جهم بن صفوان ومقاتل بن سليمان، أفرط جهم في التنزيه فجعله تعالى لا من قبيل معنى من المعاني فوقع في التعطيل، وأفرط مقاتل في التشبيه حتى جعل له تعالى لحما ودما وشعرا وعظما، انتهى. فالذي ذكره الخطيب عن أبي حنيفة في شأن مقاتل هو الموافق لما نقله الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه في شأن مقاتل ".
    (2) في وفيات الأعيان 4/341 في ترجمة مقاتل بن سليمان: " حكي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: الناس كلهم عيال على ثلاثة: على مقاتل بن سليمان في التفسير، وعلى زهير بن أبي سلمى في الشعر، وعلى أبي حنيفة في الكلام ".
    (3) ب، أ: مقاتل بن حبان، وهو خطأ. وهو عالم خراسان الحافظ أبو بسطام - وقال ابن سعد: أبو معان - مقاتل بن حيان البلخي الخزاز. قال الذهبي: " كان إماما صادقا ناسكا خيرا كبير القدر صاحب سنة واتباع، هرب في أيام خروج أبي مسلم الخراساني إلى كابل ودعا خلقا إلى الإسلام فأسلموا. وثقه يحيى بن معين وأبو داود، وقال النسائي: ليس به بأس ". وانظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/174 ; طبقات ابن سعد 7/374 ; تهذيب الأسماء واللغات للنووي، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 10 - 111 ; الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 53 - 354.
    (4) ن، م: ثقة، ولا ريب.
    (5) أبو الحسن بن مقاتل بن سليمان بن بشير، الأزدي بالولاء، البلخي، الخراساني، المروزي. أصله من بلخ، وانتقل إلى البصرة ودخل بغداد وحدث بها. ذكره الذهبي في آخر ترجمة ابن حيان (تذكرة الحفاظ 1/174) فقال: " فأما مقاتل بن سليمان المفسر فكان في هذا الوقت، وهو متروك الحديث، وقد لطخ بالتجسيم مع أنه كان من أوعية العلم بحرا من التفسير ". وقد توفي بالبصرة سنة 150. وانظر ترجمته في: الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 54 - 355 ; تهذيب الأسماء واللغات، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 11، طبقات ابن سعد 7/373 ; تهذيب التهذيب 10/279 - 285 ; ميزان الاعتدال 3/196 - 197 ; تاريخ بغداد 13/160 - 169 ; وفيات الأعيان 4/341 - 343 ; الفهرست لابن النديم، ص [0 - 9] 79 (ذكره ضمن الزيدية فقال: من الزيدية والمحدثين والقراء) ; الأعلام 8 (ونقل عن مخطوطة " قبول الأخبار " للبلخي عن الكلبي أنه قال: كذب على مقاتل في التفسير) ; سزكين م [0 - 9] ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 5 - 87. وأما عن مذهبه في التجسيم والإرجاء فقد قال ابن حزم 5: " وقال مقاتل بن سليمان وكان من كبار المرجئة: لا يضر مع الإيمان سيئة جلت أو قلت أصلا، ولا ينفع مع الشرك حسنة أصلا. وكان مقاتل هذا مع جهم بخراسان في وقت واحد وكان يخالفه في التجسيم. . وكان مقاتل يقول: إن الله جسم ولحم ودم على صورة الإنسان. وانظر عن مذهبه أيضا: المقالات للأشعري 1/213 ; الملل والنحل 1/167 ; الانتصار للخياط، ص 54
    ============================== ===

    وأنكروها عليه فلا يستريب أحد في فقهه وفهمه وعلمه، وقد نقلوا عنه أشياء يقصدون بها الشناعة عليه، وهي كذب عليه قطعا، مثل مسألة الخنزير البري ونحوها، وما يبعد (1) أن يكون النقل عن مقاتل من هذا الباب.
    وهذا الإمامي (2) نقل النقل المذكور عن داود الطائي، وهذا جهل منه، أو من نقله [هو] (3) عنه، فإن داود الطائي كان رجلا صالحا زاهدا عابدا

    **_________
    (1) ب، أ، ن، م: وما أبعد.
    (2) ع: وهذا الرافضي.
    (3) هو: ساقطة من (ن)
    ============================== ====

    فقيها من أهل الكوفة، في زمن أبي حنيفة والثوري وشريك وابن أبي ليلى (1) وكان قد تفقه ثم انقطع للعبادة، وأخباره وسيرته مشهورة عند (2) العلماء (3) ، ولم يقل الرجل شيئا من هذا الباطل، وإنما القائل لذلك داود الجواربي، فكأنه اشتبه عليه أو على شيوخه الجواربي بالطائي (4) ، إن لم يكن (5) الغلط في النسخة التي أحضرت [إلي] ، وداود الجواربي أظنه (6)

    **_________
    (1) سبقت ترجمة الثوري (2) وشريك بن أبي ليلى (2/471) . .
    (2) ب، أ: عن، وهو تحريف.
    (3) أبو سليمان بن نصير الطائي الكوفي الزاهد. قال الذهبي (العبر 1/238) " كان أحد من برع في الفقه ثم اعتزل. روى عن عبد الملك بن عمير وجماعة، وكان عديم النظير زهدا وصلاحا ". ورجح الذهبي أن تكون وفاته سنة 162 وأغلب المراجع تجعلها 160 أو 165. وانظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/367 ; تاريخ بغداد 8/347 - 355 ; حلية الأولياء 7/335 - 367 ; وفيات الأعيان 2/29 - 31 ; تقريب التهذيب لابن حجر (ط. دار الكتاب العربي) ص 234، الطبقات الكبرى للشعراني 1/65 ; الأعلام 3/11.
    (4) علق مستجي زاده على كلام ابن تيمية عن داود الطائي بقوله: " قلت: نقل عنه - يعني داود الطائي - أن الكافر الذي اجتهد وسعى في الوصول إلى الحق ولم يتيسر له ومات على الكفر فهو معذور عند الله يرجى له العفو، وهو خارق لإجماع أهل السنة والجماعة وقد مال إلى هذا القول الإمام الغزالي والقاضي بيضاوي في تفسيره وفي كتابه الموسوم بالطوالع، وممن (في الأصل: من) ذهب إلى هذا من قدماء المعتزلة قاضي بصرة المسمى بالعنبري مع مخالفة تلامذته له. ومما ذهب إليه داود الطائي أن دليل الشرع اثنان فقط: الكتاب والسنة، وكان ينكر القياس والإجماع أن يكونا حجة شرعية وهو (مخالف) لإجماع الأئمة الأربعة، وابن حزم الأندلسي ممن تبعه في إنكار القياس والإجماع. وأبو حيان صاحب " البحر " و " النهر " من الظاهرية أيضا من شيعة داود ". وظاهر من هذا الكلام أن مستجي زاده يخلط بين داود الطائي وداود الظاهري.
    (5) ن، م: أو لم يكن. .
    (6) أ: في النسخة التي أحضرت إلى داود الحواري وأظنه. . . إلخ ; ب: في النسخة التي أحضرت إلى داود الجواهري وأظنه. . إلخ ; ن: في النسخة التي أحضرت إلى داود الحواري وأظنه. . ; م: في النسخة التي أحضرت إلى داود الجواربي وأظنه
    ============================== =====
    كان من أهل البصرة متأخرا عن هذا، وقصته معروفة (1) .
    قال الأشعري (2) : " وفي الأمة (3) قوم ينتحلون النسك، يزعمون أنه جائز على الله تعالى (4) الحلول في الأجسام (5) ، وإذا رأوا شيئا يستحسنونه قالوا: لا ندري، لعله، ربما هو (6) .
    ومنهم من يقول: إنه يرى الله في الدنيا على قدر الأعمال (7) ، فمن كان عمله أحسن رأى معبوده أحسن.
    ومنهم من يجوز على الله تعالى المعانقة والملامسة والمجالسة في الدنيا (8) ، ومنهم من يزعم أن الله تعالى ذو أعضاء وجوارح وأبعاض: لحم ودم على صورة الإنسان، له ما للإنسان من الجوارح.
    وكان من الصوفية رجل يعرف بأبي شعيب يزعم أن الله يسر ويفرح بطاعة أوليائه، ويغتم ويحزن إذا عصوه.

    **_________
    (1) م: مشهورة.
    (2) في المقالات 1/319، وسنقابل النص التالي عليه.
    (3) ب: في الإبانة، وهو خطأ ; أ: وفي الآية، وهو تحريف.
    (4) المقالات: الله سبحانه ; ب، أ، م: الله ; ن: عن الله.
    (5) م: الأجساد.
    (6) لعله ربما هو: كذا في (ع) ، (أ) ، (ن) ، (م) ; وفي (ب) لعله ربنا هو ; وفي المقالات: لعله ربنا.
    (7) ب: على حسب الأعمال ; أ: على الأعمال (بسقوط: قدر) ; ن، م: إنه يرى في الدنيا على قدر الأعمال.
    (8) في " المقالات " بعد كلمة " الدنيا ": وجوزوا مع ذلك على الله - تعالى عن قولهم - أن نلمسه
    ==============================

    وفي النساك قوم يزعمون أن العبادة تبلغ بهم إلى منزلة (1) تزول عنهم العبادات، وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم - من الزنا وغيره - مباحات لهم.
    وفيهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم إلى أن يروا الله (2) ، ويأكلوا (3) من ثمار الجنة، ويعانقوا (4) الحور العين في الدنيا ويحاربوا الشياطين.
    ومنهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم [إلى] (5) أن يكونوا أفضل من النبيين والملائكة المقربين ".
    [قلت: هذه المقالات التي (6) حكاها الأشعري - وذكروا أعظم منها - موجودة في الناس قبل هذا الزمان. وفي هذا الزمان منهم من يقول بحلوله في الصور الجميلة، ويقول إنه بمشاهدة الأمرد يشاهد معبوده أو صفات معبوده أو مظاهر جماله، ومن هؤلاء من يسجد للأمرد. ثم من هؤلاء من يقول بالحلول والاتحاد العام، لكنه يتعبد بمظاهر الجمال، لما في ذلك من اللذة له، فيتخذ إلهه هواه، وهذا موجود في كثير من المنتسبين إلى الفقر والتصوف. ومنهم من يقول إنه يرى الله مطلقا ولا يعين الصورة الجميلة. بل يقولون: إنهم يرونه في صور مختلفة. ومنهم من يقول: إن المواضع المخضرة خطا عليها، وإنما اخضرت من وطئه عليها، وفي

    **_________
    (1) ع، ن، م: منزل.
    (2) المقالات: تبلغ بهم أن يروا الله سبحانه.
    (3) ع: ويأكلون. وانظر المقالات (ط. ريتر) 1/289 (ت 4) .
    (4) ع: ويعانقون.
    (5) إلى: في (ع) ، " المقالات ".
    (6) في الأصل (ع) : الذي
    ============================== ===

    ذلك حكايات متعددة يطول وصفها، وأما القول بالإباحة وحل المحرمات - أو بعضها - للكاملين في العلم والعبادة فهذا أكثر من الأول، فإن هذا قول أئمة الباطنية القرامطة الإسماعيلية وغير الإسماعيلية وكثير من الفلاسفة، ولهذا يضرب بهم المثل فيقال: فلان يستحل دمي كاستحلال الفلاسفة محظورات الشرائع. وقول كثير ممن ينتسب إلى التصوف والكلام، وكذلك من يفضل نفسه أو متبوعه على الأنبياء، موجود كثير في الباطنية والفلاسفة وغلاة المتصوفة وغيرهم، وبسط الكلام على هذا له موضع آخر] (1) .
    ففي الجملة هذه مقالات منكرة باتفاق علماء السنة والجماعة وهي وأشنع منها - موجودة (2) في الشيعة.
    وكثير من النساك يظنون (3) أنهم يرون الله في الدنيا بأعينهم، وسبب ذلك أنه (4) يحصل لأحدهم في قلبه بسبب ذكر الله تعالى وعبادته من الأنوار (5) ما يغيب [به] (6) عن حسه الظاهر، حتى يظن أن ذلك [هو] شيء (7) يراه بعينه الظاهرة، وإنما هو موجود في قلبه.
    ومن هؤلاء من تخاطبه تلك الصورة (8) التي يراها خطاب الربوبية

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (2) ب، أ: موجود.
    (3) ب: يزعمون ويظنون ; أ: يزعمون يظنون.
    (4) ب، أ: أن.
    (5) ن، م: من الأمور.
    (6) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ب، أ: أن ذلك في شيء. وسقطت " هو " من (ن) ، (م) .
    (8) ع: تلك الصور
    ============================== =




  12. #172
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (169)
    صـ 625 إلى صـ 632





    ويخاطبها أيضا بذلك، ويظن أن ذلك كله موجود في الخارج عنه، وإنما هو موجود في نفسه، كما يحصل للنائم إذا رأى ربه في صورة بحسب حاله. فهذه الأمور تقع كثيرا في زماننا وقبله، ويقع الغلط منهم حيث يظنون أن ذلك موجود في الخارج.
    [وكثير من هؤلاء يتمثل له الشيطان، ويرى نورا أو عرشا أو نورا على العرش ويقول: أنا ربك. ومنهم من يقول: أنا نبيك، وهذا قد وقع لغير واحد. ومن هؤلاء من تخاطبه الهواتف بخطاب على لسان الإلهية أو غير ذلك، ويكون المخاطب له جنيا، كما قد وقع لغير واحد. لكن بسط (الكلام) (1) على ما يرى ويسمع وما هو في النفس والخارج، وتمييز حقه من باطله ليس هذا موضعه، وقد تكلمنا عليه في غير هذا الموضع] (2) .
    وكثير من الجهال أهل الحال (3) وغيرهم يقولون: إنهم يرون الله عيانا في الدنيا، وأنه يخطوا خطوات (4) .
    [وقد يقولون مع ذلك من المقالات ما هو أعظم من الكفر كقول بعضهم: كل رزق لا يرزقنيه الشيخ فلان لا أريده، وقول بعضهم: إن شيخهم هو شيخ الله ورسوله، وأمثال ذلك من مقالات الغلاة في الشيوخ، لكن يوجد في جنس المنتسبين إلى الشيعة من الإسماعيلية والغلاة من

    **_________
    (1) الكلام: ساقطة من الأصل (ع) ، وبزيادتها يستقيم الكلام.
    (2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (3) ع: وكثير من الجهال أهل الخيال ; ن، م: وكثير من جهال أهل الحال.
    (4) عبارة " وأنه يخطو خطوات " ساقطة من (ع)
    ============================== =
    النصيرية وغيرهم ما هو أعظم غلوا وكفرا من هذه المقالات، فلا يكاد يوجد من المنتسبين إلى السنة مقالة خبيثة إلا وفي جنس الشيعة ما هو أخبث منها] (1) .
    وأهل الوحدة (2) القائلون بوحدة الوجود، كأصحاب ابن عربي وابن سبعين (3) (4) يدعون أنهم يشاهدون الله دائما، فإن [عندهم] (5) مشاهدته في الدنيا والآخرة على وجه واحد، إذ كانت ذاته (6) الوجود المطلق الساري في الكائنات.
    فهذه المقالات وأمثالها موجودة في الناس، ولكن المقالات الموجودة في الشيعة أشنع وأقبح، كما هو موجود في الغالية من النصيرية وأمثالهم، ولهذا كان النصيرية يعظمون القائلين بوحدة [الوجود] (7) . وكان التلمساني (8) شيخ القائلين بالوحدة [الذي شرح " مواقف "

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (2) ع (فقط) : وأهل الحلول والوحدة.
    (3) سبقت ترجمتهما 1/378. وابن الفارض
    (4) أبو حفص عمر بن مرشد بن علي، شرف الدين ابن الفارض، الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، يلقب بسلطان العاشقين. ولد سنة 576 وتوفي سنة 632. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/126 - 127 ; ميزان الاعتدال 2/266 ; شذرات الذهب 5/149 - 153 ; لسان الميزان 4/317 - 319 ; الأعلام 5/216 - 217. وانظر للأستاذ محمد مصطفى حلمي كتاب " ابن الفارض والحب الإلهي "، القاهرة، 1364/1945، وكتاب " سلطان العاشقين "، سلسلة أعلام العرب، مارس 1963.
    (5) عندهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ب، أ: وإذا كانت ذاته، وهو خطأ.
    (7) ع: القائلين بالوحدة ; ن، م: القائل بالوحدة.
    (8) عفيف الدين سليمان بن عبد الله بن علي الكومي التلمساني سبقت ترجمته 1/378. وانظر في ترجمته أيضا: فوات الوفيات 1/363 - 366 (وفيه: " قال قطب الدين اليونيني: رأيت جماعة ينسبونه إلى رقة في الدين والميل إلى مذهب النصيرية) ; البداية والنهاية 13/326، النجوم الزاهرة 8/29 - 31 ; الأعلام 3/193 (وذكر من مؤلفاته " شرح مواقف النفزي " والصواب: النفري)
    ============================== =

    النفري (1) . وصنف غير ذلك] (2) قد ذهب إلى النصيرية وصنف لهم كتابا وهم يعظمونه جدا، وحدثني نقيب الأشراف عنه (3) أنه قال: قلت له: أنت نصيري؟ قال: نصير جزء مني (4) ; والنصيرية يعظمونه غاية التعظيم.
    **[التعليق على ما ذكره الرافضي من رمد الله وبكائه وغير ذلك]
    وأما ما ذكره [هذا الإمامي] (5) من رمده وعيادة الملائكة له وبكائه على طوفان نوح [عليه السلام] ; (6) فهذا قد رأيناهم ينقلونه (7) عن بعض اليهود، ولم أجد هذا منقولا عمن أعرفه من المسلمين (8) ، فإن كان هذا قد قاله

    **_________
    (1) ع: النغزي، وهو خطأ. وهو أبو عبد الله محمد بن عبد الجبار بن الحسن النفري نسبة إلى بلدة النفر من أعمال الكوفة. ترجم له الشعراني في " الطبقات الكبرى " 1/174 - 175 فقال: " كان له رضي الله عنه كلام عال في طريق القوم، وهو صاحب " المواقف " نقل عنه الشيخ محيي الدين بن العربي وتوفي النفري سنة 354. انظر ترجمته في: المقدمة الإنجليزية لكتاب " المواقف " بقلم الأستاذ أربري، ط. دار الكتاب 1934 ; المشتبه للذهبي 2/64، ط. عيسى الحلبي، 1381/1962 ; الأعلام 7 - 56
    (2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (3) ن، م: عنهم، وهو خطأ.
    (4) ن، م: خير مني.
    (5) ب، أ: ما ذكر، وسقطت عبارة " هذا الإمامي ": من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) . وسبق ذكر الكلام التالي بمعناه في (ك) 1/84 (م) ، وهذا الكتاب 2/500.
    (6) عليه السلام: في (ع) فقط.
    (7) ن: يتلقونه.
    (8) علق مستجي زاده هنا بقوله: " قلت تأييدا للمصنف: إن الشهرستاني صاحب " الملل " ذكر فيه أنه قول اليهود "
    ==============================
    بعض أهل القبلة فلا ينكر وقوع مثل ذلك (1) ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال: " «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة (2) حتى لو دخلوا جحر ضب (3) لدخلتموه» " (4) . لكن مشابهة ب (فقط) : لمشابهة. الرافضة لليهود ووجود (5) مثل هذا فيهم أظهر من وجوده في المنتسبين إلى السنة [والجماعة] (6) .
    **[التعليق على قول الرافضي: يفضل عنه العرش من كل جانب أربع أصابع]
    وأما قوله (7) : إنه يفضل عنه العرش (8) من كل جانب أربع أصابع ;

    **_________
    (1) ع: فإن كان وقع مثل ذلك.
    (2) ب، أ: النعل بالنعل. قال ابن الأثير (النهاية في غريب الحديث، مادة: قذذ) : " القذذ ريش السهم واحدتها قذة. ومنه الحديث: لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، أي كما تقدر كل واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع ".
    (3) ب أ: جحر ضب خرب.
    (4) الحديث - مع اختلاف في اللفظ - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في: البخاري 4/169 (كتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل) . والحديث بمعناه عن أبي سعيد الخدري في البخاري: 9 (كتاب الاعتصام، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لتتبعن سنن من كان قبلكم) ; مسلم (كتاب العلم، باب اتباع سنن اليهود والنصارى) ; سنن ابن ماجه 2/1422 (كتاب الفتن، باب افتراق الأمم) ; المسند (ط. الحلبي) 3/84، 89، 94. والحديث بمعناه عن أبي هريرة في المسند (ط. الحلبي) ، 2/327، 450، 511، 527. ونص الحديث في البخاري: " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن "
    (5) ب، أ: وجود، وهو تحريف.
    (6) والجماعة: ليست في (ع) ، (ن) ، (م) .
    (7) في (ك) 1/84 (م) ، وهذا الكتاب 2/400.
    (8) ب، أ، ن، م: يفضل عنه من العرش، وسبق أن رجحت (2/500) ما جاء في ك: وأنه يفضل من العرش
    ============================== ======

    (1 فهذا لا أعرف قائلا له ولا ناقلا، ولكن روي في 1) (1) حديث عبد الله بن خليفة (2) أنه: ما يفضل من العرش أربع أصابع، يروى بالنفي ويروى بالإثبات، والحديث قد طعن فيه غير واحد من المحدثين كالإسماعيلي وابن الجوزي، [ومن الناس من ذكر له شواهد وقواه (3) .
    ولفظ النفي لا يرد عليه شيء، فإن مثل هذا اللفظ يرد (4) لعموم النفي كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «ما في السماء موضع أربع أصابع إلا وملك] (5) قائم أو قاعد أو راكع أو ساجد» (6) "، أي ما فيها موضع.

    **_________
    (1) (1 - 1) : هذه العبارات مضطربة في (ن) ، (م) .
    (2) ذكرت كتب الرجال رجلين بهذا الاسم: الأول: عبد الله بن خليفة الطائي الكوفي الهمداني (انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/121 ; الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 5 ; تقريب التهذيب، ص [0 - 9] 12 ; الخلاصة للخزرجي، ص [0 - 9] 66) ; والثاني: عبد الله بن خليفة أو عكسه (انظر ترجمته في: تقريب التهذيب، ص 412 ; الخلاصة ص 166) . ولم أعرف أيهما المقصود.
    (3) لم أعرف مكان هذا الحديث.
    (4) ع: يراد.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (6) أورد السيوطي في " الدر المنثور " (5/292 - 296) في تفسير قوله تعالى: وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون (سورة الصافات: 164 - 166) أحاديث متعددة متقاربة الألفاظ أخرجها الترمذي وابن ماجه وابن مردويه وابن أبي حاتم وغيرهم عن عدد من الصحابة وكلها تذكر امتلاء السماء بالملائكة المسبحين الساجدين. . والنص الذي أورده ابن تيمية فيه جمع بين هذه الروايات. والحديث الذي جاءت فيه عبارة " موضع أربع أصابع " هو المروي عن أبي ذر رضي الله عنه ونصه - واللفظ للترمذي - " وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون. أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجدا. . . الحديث ". قال السيوطي إن الترمذي أخرجه وحسنه كما أخرجه ابن ماجه وابن مردويه. وهو في سنن الترمذي 3/380 - 381 (كتاب الزهد، باب ما جاء في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو تعلمون ما أعلم. . إلخ) . وقال الترمذي: " وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة وابن عباس وأنس. هذا حديث حسن غريب. . " ; المسند (ط. الحلبي) 5/173 ; سنن ابن ماجه 2/1402 (كتاب الزهد، باب الحزن والبكاء)
    ============================== ==
    ومنه قول العرب: ما في السماء قدر كف سحابا، وذلك لأن الكف تقدر (1) بها الممسوحات كما يقدر بالذراع، وأصغر الممسوحات التي يقدرها الإنسان من أعضائه كفه (2) ، فصار هذا مثلا لأقل شيء.
    فإذا قيل: إنه ما يفضل من العرش أربع أصابع، كان المعنى: ما يفضل منه شيء، والمقصود هنا بيان أن الله أعظم وأكبر من العرش.
    ومن المعلوم أن الحديث إن لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم -[قد] (3) قاله فليس علينا منه، [وإن كان [قد] (4) قاله فلم يجمع بين النفي والإثبات] (5) ] ، وإن (6) كان قاله بالنفي لم يكن قاله بالإثبات ; [والذين قالوه بالإثبات] (7) ذكروا فيه ما يناسب أصولهم، كما قد بسط في غير هذا الموضع.
    فهذا وأمثاله - سواء كان حقا أو باطلا - لا يقدح في مذهب أهل السنة ولا يضرهم، لأنه بتقدير أن يكون باطلا ليس هو قول جماعتهم، بل غايته

    **_________
    (1) ب، أ: يقدر به.
    (2) ب، أ: وأصغر الممسوحات التي يقدر بها الإنسان من أعضائه كف.
    (3) قد: في (ع) فقط.
    (4) قد: في (ع) فقط.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) ب، أ: فإن.
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    ============================== ======

    أنه [قد] (1) قالته طائفة ورواه بعض الناس، وما كان (2) باطلا رده جمهور أهل السنة كما يردون غير ذلك، فإن كثيرا من المسلمين يقول كثيرا من الباطل، فما يكون هذا ضار لدين المسلمين، وفي أقوال الإمامية من المنكرات ما يعرف مثل هذا فيه، لو كان قد قاله [بعض] (3) أهل السنة. (فصل)
    قال الإمامي (4) : " وذهب بعضهم إلى أن الله ينزل كل ليلة جمعة بشكل أمرد (5) راكبا على حمار، حتى أن بعضهم ببغداد وضع على سطح داره معلفا يضع كل (6) ليلة جمعة فيه شعيرا وتبنا، لتجويز أن ينزل الله تعالى على حماره على ذلك السطح، فيشتغل الحمار بالأكل ويشتغل الرب بالنداء: هل من تائب؟ هل من مستغفر؟ (7) تعالى الله عن مثل هذه العقائد الردية في حقه تعالى (8) .
    وحكي عن بعض المنقطعين المباركين (9) من شيوخ الحشوية أنه اجتاز عليه في بعض الأيام نفاط (10) ومعه أمرد حسن الصورة قطط

    **_________
    (1) قد: في (ع) فقط.
    (2) ن، م: وإذا كان.
    (3) بعض: ساقطة من (ن) .
    (4) ع: الرافضي. والكلام التالي ورد من قبل في (ك) 1/84 (م) - 85 (م) .
    (5) ك 1/84 (م) : إلى أنه تعالى ينزل في كل ليلة جمعة على شكل أمرد حسن الوجه.
    (6) ن، م: يضع في كل. .
    (7) ك:. . بالنداء وقال هل من تائب مستغفر يستغفر وأنا أتوب عليه وأغفر له؟ .
    (8) ب: الرديئة في حقه تعالى ; ك: الردية في حق الله تعالى.
    (9) ب: التاركين للدنيا ; أ: النازلين ; ك: التاركين.
    (10) ع: اجتاز بعض الأيام بنفاط
    ==============================

    الشعر على الصفات التي يصفون ربهم بها، فألح الشيخ بالنظر إليه وكرره وأكثر تصويبه إليه (1) فتوهم فيه النفاط فجاء إليه (2) ليلا وقال: أيها الشيخ رأيتك تلح بالنظر (3) إلى هذا الغلام وقد أتيتك به (4) ، فإن كان لك فيه نية فأنت الحاكم (5) . فحرد الشيخ عليه وقال: إنما كررت النظر إليه لأن مذهبي أن الله ينزل على صورته (6) فتوهمت أنه الله تعالى، فقال له النفاط: ما أنا عليه من [النفاطة] (7) أجود مما أنت عليه من الزهد مع هذه المقالة ".
    فيقال: هذه الحكاية وأمثالها دائرة (8) بين أمرين: إما أن تكون كذبا محضا ممن افتراها على بعض شيوخ أهل بغداد (9) ، وإما أن تكون قد وقعت لجاهل مغمور (10) ليس بصاحب قول ولا مذهب، وأدنى العامة أعقل منه وأفقه.
    وعلى التقديرين فلا يضر ذلك أهل السنة شيئا، لأنه من المعلوم لكل

    **_________
    (1) إليه: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (2) ك 1/85 (م) : وجاء إليه.
    (3) ن، م: تلح النظر.
    (4) ك: وقد أتيت به إليك ; م: وقد حبيتك به.
    (5) ن، م: الحاكم فيه.
    (6) ك، ب: على صورة هذا الغلام. وسقطت عبارة " على صورته " من (أ) .
    (7) النفاطة: ساقطة من (ن) .
    (8) ع: هي دائرة.
    (9) ب، أ، ن، م: على أهل بغداد وبعض الشيوخ.
    (10) ب: معذورا ; أ: معفور، وهو تحريف
    =========================



  13. #173
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (170)
    صـ 633 إلى صـ 640




    ذي علم (1) أنه ليس من العلماء المعروفين بالسنة من يقول مثل هذا الهذيان، الذي لا ينطلي على صبي من الصبيان. ومن المعلوم أن العجائب المحكية عن شيوخ الرافضة أكثر وأعظم من هذا، مع أنها صحيحة واقعة.
    وأما هذه الحكاية فحدثني طائفة من ثقات أهل بغداد (2) أنها كذب محض عليهم، وضعها إما (3) هذا المصنف، أو من حكاها له للشناعة، وهذا هو الأقرب، فإن أهل بغداد لهم من المعرفة والتمييز والذهن ما لا يروج عليهم معه (4) مثل هذا.
    ومما يبين كذب ذلك عليهم أن هذا الحديث الذي ذكره لم يروه أحد لا بإسناد صحيح ولا ضعيف (5) ، ولا روى أحد [من أهل الحديث] (6) أن الله تعالى ينزل ليلة الجمعة، [ولا أنه ينزل ليلة الجمعة] (7) إلى الأرض (8) ، ولا أنه ينزل في شكل

    **_________
    (1) ب، أ: لذي علم.
    (2) ع: فحدثني ثقات من أهل بغداد.
    (3) إما: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (4) معه: زيادة في (ن) ، (م) .
    (5) ولا ضعيف: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) من أهل الحديث: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
    (8) ذكر السيوطي في " اللآلئ المصنوعة " 1/26 - 27 والشوكاني في " الفوائد المجموعة "، ص 446 - 447 وابن عراق الكناني في " تنزيه الشريعة " 1/138 حديثا جاء فيه: " إن الله عز وجل ينزل كل ليلة جمعة إلى دار الدنيا في ستمائة ألف ملك فيجلس على كرسي من نور. . . إلخ ". قال الشوكاني: " رواه الجوزقاني عن ابن عباس مرفوعان وقال: كذب موضوع باطل مركب على الشيوخ، وضعه أبو السعادات أحمد بن منصور بن الحسن بن القاسم وهو كذاب كما قال ابن الجوزي، وقال في " الميزان ": إسناد مظلم ومتن مختلق ". وروى السيوطي في " ذيل اللآلئ المصنوعة " ص 2 (ط. حجر، الهند، 1303) حديثا آخر عن قتادة عن النبي مرفوعا: " إذا كان يوم الجمعة ينزل الله تعالى بين الأذان والإقامة عليه رداء مكتوب إني أنا الله لا إله إلا أنا، يقف في قبلة كل مؤمن مقبلا عليه إلى أن يفرغ من صلاته، لا يسأل الله عبد تلك الساعة شيئا إلا أعطاه، فإذا سلم الإمام من صلاته صعد السماء ". قال السيوطي: " أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " وقال: كتب الخطيب هذا عن الأهوازي متعجبا من نكارته وهو باطل "
    ==============================

    أمرد (1) بل لا يوجد في الآثار شيء من هذا الهذيان، بل ولا في [شيء

    **_________
    (1) أورد السيوطي في " اللآلئ المصنوعة ": 1/28 - 31 عدة أحاديث عن رؤية الله في صورة شاب أولها (1/28 - 29) عن أم الطفيل مرفوعا " رأيت ربي في المنام في أحسن صورة؛ شابا موقرا، رجلاه في خضرة، له نعلان من ذهب، على وجهه فراش من ذهب " وأورد هذا الحديث الشوكاني في " الفوائد " ص 447) ، وثانيها (1/29) عن ابن عباس " قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رأيت ربي في صورة شاب له وفرة " وحديثا ثالثا (1: " عن عائشة قالت: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه على صورة شاب جالس على كرسي، رجله في خضرة من نور يتلألأ "، وحديثا رابعا (1 جاء فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه في صورة شاب عليه تاج. . إلخ، وحديثا خامسا " عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رأيت ربي تعالى في صورة شاب أمرد عليه حلة خضراء "، وحديثا سادسا (1/31) : " عن ابن عباس أن محمدا رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدماه من خضرة " وأورد السيوطي أقوال العلماء في هذه الأحاديث، فمنهم من أنكرها وعدها من الموضوعات، ومنهم من حاول تأويلها على أن الرؤية هنا إنما كانت في المنام أو أن الرسول رأى ربه بفؤاده. وقال ابن الديبع الشيباني في كتابه " تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث "، ص [0 - 9] 9 (ط. صبيح، 1347) : " حديث رأيت ربي في صورة شاب أمرد دائر على ألسنة عوام الصوفية وهو الموضوع مفترى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما قاله التاج السبكي وغيره، والله تعالى أعلم ". وانظر: تذكرة الموضوعات للفتني، ص [0 - 9] 2 ; موضوعات القاري، ص [0 - 9] 4 ; تنزيه الشريعة 1/145
    ==============================

    من] (1) الأحاديث الصحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله ينزل إلى الأرض، وكل حديث روي فيه هذا فإنه موضوع كذب، مثل حديث الجمل الأورق، وأن [الله] ينزل (2) عشية عرفة فيعانق الركبان ويصافح المشاة (3) ، وحديث آخر أنه رأى ربه في الطواف، وحديث آخر أنه رأى ربه في بطحاء مكة، وأمثال ذلك، فإن هذه كلها أحاديث مكذوبة باتفاق أهل المعرفة بالحديث، والذين وضعوها منهم طائفة وضعوها على أهل الحديث ليقال: إنهم ينقلون مثل هذا، (* كما وضعوا [مثل] (4) حديث عرق الخيل عليهم (5) ، وطائفة من الجهال والضلال وضعوا مثل هذا *) (6) الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما وضعت الروافض ما هو أعظم وأكثر من هذا الكذب، ولو لم يكن إلا ما ذكره هذا الإمامي في مصنفه هذا من الأحاديث، فإن فيها من الكذب الذي أجمع أهل العلم

    **_________
    (1) شيء من: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: وأنه ينزل.
    (3) سبق الكلام على هذه الأحاديث 2/528 (ت [0 - 9] ) . وانظر: تنزيه الشريعة 1/138 - 139.
    (4) مثل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) عليهم: في (ن) فقط. ونقل السيوطي في (اللآلئ) 1/3 هذا الحديث الموضوع عن الحاكم: " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله: مم ربنا؟ قال: من ماء مرور، لا من أرض ولا من سماء، خلق خيلا فأجراها فعرقت، فخلق نفسه من ذلك العرق ". ثم ذكر السيوطي قول الحاكم: " موضوع، اتهم به محمد بن شجاع ولا يضع مثل هذا مسلم " وأضاف السيوطي: " قلت: ولا عاقل "، ثم نقل كلام الذهبي عن أبي شجاع الثلجي (وانظر ما جاء في لسان الميزان 6/692 عن أبي شجاع) وذكر ابن عراق هذا الحديث في " تنزيه الشريعة " 1/134.
    (6) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (أ) ، (ب)
    ============================== ==

    بالحديث (1) على كذبه، ومن الكذب (2) الذي لا يخفى أنه كذب إلا على مفرط في الجهل، ما قد ذكره في " منهاج الندامة ".
    وقد قدمنا القول بأن أهل السنة متفقون على أن الله لا يراه أحد بعينه في الدنيا: لا نبي ولا غير نبي، ولم يتنازع الناس في ذلك إلا في نبينا [محمد] (3) - صلى الله عليه وسلم - خاصة (4) ، مع أن أحاديث المعراج المعروفة (5) ليس في شيء منها أنه رآه أصلا، وإنما روي ذلك بإسناد [ضعيف] (6) موضوع من طريق أبي عبيدة ذكره الخلال والقاضي أبو يعلى في كتاب " إبطال التأويل "، وأهل العلم بالحديث [متفقون] (7) على أنه حديث موضوع [كذب] (8) .
    وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر [رضي الله عنه] (9) قال: «قلت

    **_________
    (1) ع: أهل الحديث.
    (2) الكذب: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) محمد: في (ع) فقط.
    (4) انظر ما سبق 2/315 وما بعدها.
    (5) ب، أ: مع أن الأحاديث المعروفة.
    (6) ضعيف: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) متفقون: ساقطة من (ن) فقط.
    (8) كذب: في (ع) فقط. ولم أجد الحديث الذي يشير إليه ابن تيمية، ولكني وجدت حديثا لم يذكر في إسناده أبو عبيدة أورده السيوطي في اللآلئ: (1/12 - 13) والشوكاني في الفوائد، ص 441 ونصه (كما في اللآلئ) : " عن أنس مرفوعا: ليلة أسري بي إلى السماء أسريت فرأيت ربي بينه وبيني حجاب بارز من نار، فرأيت كل شيء منه، حتى رأيت تاجا مخصوصا من اللؤلؤ ". ونقل السيوطي والشوكاني أقوال ابن الجوزي والذهبي وغيرهما عن الحديث، وكلها على أنه موضوع مكذوب. وذكره ابن عراق في: تنزيه الشريعة 1/137 وقال: " وفيه قاسم بن إبراهيم الملطي ".
    (9) رضي الله عنه: ساقطة من (ن) ، (م)
    ============================== ====

    يا رسول الله هل رأيت ربك؟ قال: " نور أنى أراه» (1) . ولم يثبت أن أحدا من الصحابة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرؤية إلا ما (2) في الحديث.
    وما يرويه بعض العامة أن أبا بكر سأله، فقال: رأيته، وأن عائشة سألته فقال: لم أره، كذب باتفاق أهل العلم، لم يروه أحد من أهل العلم بإسناد صحيح ولا ضعيف ; ولهذا اعتمد الإمام أحمد على قول أبي ذر في الرؤية، (3) وكذلك عثمان بن سعيد الدارمي (4) .
    وأما أحاديث النزول (5) إلى السماء الدنيا (6) كل ليلة فهي الأحاديث المعروفة الثابتة عند أهل العلم بالحديث (7) ، وكذلك حديث دنوه عشية

    **_________
    (1) الحديث في: مسلم 1/161 (كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: نور أنى أراه، وفي قوله: رأيت نورا) . وقال النووي (شرح مسلم 3/12) : " وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: نور أنى أراه، فهو بتنوين (نور) وبفتح الهمزة في (أنى) وتشديد النون وفتحها، و (أراه) بفتح الهمزة ; هكذا رواه جميع الرواة في جميع الأصول والروايات، ومعناه: حجابه نور فكيف أراه؟ ! قال الإمام أبو عبد الله المازري رحمه الله: الضمير في (أراه) عائد على الله سبحانه وتعالى، ومعناه أن النور منعني من الرؤية، كما جرت العادة بإغشاء الأنوار والأبصار ومنعها من إدراك ما حالت بين الرائي وبينه ". وانظر أيضا بقية الكلام: 12 - 13.
    (2) ما: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (3) ن: في الرواية، وهو تحريف.
    (4) ذكر حديث أبي ذر الدارمي في كتابه " الرد على بشر المريسي " (ط. الفقي) ، ص 57 - 58.
    (5) ب، أ، ن، م: حديث النزول.
    (6) ب، أ، ن، م: سماء الدنيا.
    (7) سبق الكلام على أحاديث النزول 2/323 (ت 6)
    ============================== ==

    عرفة " رواه مسلم في صحيحه (1) ، وأما النزول ليلة النصف من شعبان ففيه حديث اختلف في إسناده (2) .
    ثم إن جمهور أهل السنة يقولون: إنه ينزل ولا يخلو منه العرش، كما نقل مثل ذلك عن إسحاق بن راهويه (3) وحماد بن زيد وغيرهما، ونقلوه

    **_________
    (1) روى مسلم في صحيحه 2/982 - 983 (كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ ". قال المنذري بعد أن أورد هذا الحديث (الترغيب والترهيب 2/327) : " رواه مسلم والنسائي وابن ماجه. وزاد في جامعه فيه: اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم ". وذكر المنذري (الترغيب والترهيب 2/323) حديثا آخر عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما من أيام عند الله أفضل من عشر ذي الحجة. قال: فقال رجل: يا رسول الله هن أفضل أم من عدتهن جهادا في سبيل الله؟ قال: هن أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله، وما من يوم أفضل عند الله تبارك وتعالى من يوم عرفة: ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء فيباهي بأهل الأرض من أهل السماء. . . الحديث " وقال المنذري: رواه أبو يعلى والبزار وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه واللفظ له. وانظر أحاديث أخرى في النزول يوم عرفة في الترغيب والترهيب 2/327 - 328 ; الرد على الجهمية للدارمي، ص 35.
    (2) روى الدارمي (الرد على الجهمية، ص [0 - 9] 4 - 35) وابن خزيمة (التوحيد، ص [0 - 9] ) - واللفظ له - " عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ينزل الله عز وجل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لكل شيء إلا لإنسان في قلبه شحناء أو مشرك بالله " قال ابن خزيمة " ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: حدثني عمي، ثناه عمرو بن الحارث ". وانظر أحاديث أخرى في نزول ليلة النصف من شعبان في: سنن ابن ماجه 1/444 - 445 (كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان) ; الترغيب والترهيب 2/241 - 243 ; المسند (ط المعارف) 10/166 - 167 (رقم 6642) وانظر تعليق المحقق رحمه الله.
    (3) سبقت ترجمته 2/462
    ============================== =

    عن أحمد بن حنبل في رسالته إلى مسدد (1) [يقول] (2) : " وهم متفقون على أن الله (3) ليس كمثله شيء، وأنه لا يعلم كيف ينزل، ولا تمثل صفاته بصفات خلقه ".
    وقد تنازعوا في النزول هل هو [صفة] (4) فعل منفصل عن الرب في المخلوقات (5) أو فعل من يقوم به، على قولين معروفين لأهل السنة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد (6) وأبي حنيفة وغيرهم من أهل الحديث والتصوف.
    وكذلك تنازعهم في الاستواء على العرش هل هو فعل (7) منفصل عنه

    **_________
    (1) ب: أبي مدر ; أ: إلى مدر ; وهو تحريف. ونص ابن تيمية في رسالة " شرح حديث النزول "، ص [0 - 9] 4، على أنه مسدد بن مسرهد، وقال ص (49) إن بعض العلماء طعن في هذه الرسالة انظر: ص 49 وما بعدها، ط. مطبعة الإمام 1366/1947. ومسدد هذا هو أبو الحسن مسدد بن مسرهد بن مسربل الأسدي البصري. قال ابن حجر (تقريب التهذيب، ص [0 - 9] 42) : " ثقة حافظ، يقال إنه أول من صنف المسند بالبصرة. . . ويقال اسمه عبد الملك بن عبد العزيز ومسدد لقبه: وتوفي مسدد سنة 228. انظر ترجمته في: طبقات الحنابلة 1/341 - 345 (أورد ابن أبي يعلى في هذه الصفحات نص رسالة أحمد بن حنبل إليه) ; تذكرة الحفاظ 2/421 - 422 ; طبقات ابن سعد 7/307 ; الأعلام 8/108.
    (2) يقول: في (ع) فقط. والعبارة التالية ليست في الرسالة في ترجمة مسدد في " طبقات الحنابلة ".
    (3) ن: على أنه.
    (4) صفة: في (ع) فقط.
    (5) ب، أ: في المخلوق.
    (6) وأحمد: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (7) ب، أ: يفعل
    ===========================

    يفعله بالعرش كتقريبه إليه، أو فعل يقوم بذاته على قولين. والأول قول ابن كلاب والأشعري والقاضي أبي يعلى وأبي الحسن التميمي وأهل بيته (1) وأبي سليمان الخطابي (2) وأبي بكر البيهقي (3) وابن الزاغوني وابن عقيل (4) وغيرهم ممن يقول: إنه لا يقوم بذاته ما يتعلق بمشيئته وقدرته.
    والثاني قول أئمة الحديث (5) وجمهورهم كابن المبارك وحماد بن زيد (6) والأوزاعي (7) والبخاري وحرب الكرماني (8) وابن خزيمة (9) ويحيى بن عمار السجستاني (10) وعثمان بن سعيد الدارمي (11) وابن حامد (12) وأبي بكر عبد العزيز (13) وأبي عبد الله بن منده (14) [وأبي] إسماعيل الأنصاري (15)

    **_________
    (1) سبق الكلام عن أبي الحسن عبد العزيز بن الحارث التميمي والتميميين 2/322.
    (2) أبو سليمان أحمد بن إبراهيم البستي الخطابي سبقت ترجمته 1/313.
    (3) سبقت ترجمته 2/365.
    (4) سبقت ترجمة ابن عقيل وابن الزاغوني 1/142 - 143.
    (5) ب، أ: أئمة أهل الحديث.
    (6) سبقت ترجمتهما 2/143، 144.
    (7) سبقت ترجمته 2/462.
    (8) سبقت ترجمته 1/433.
    (9) سبقت ترجمته 2/365.
    (10) أبو زكريا يحيى بن عمار السجستاني، الواعظ نزيل هراة، كان بارعا في التفسير والسنة، توفي 422. انظر ترجمته في العبر للذهبي 3/151 ; شذرات الذهب 3/326.
    (11) سبقت ترجمته 1/433، 2/364.
    (12) سبقت ترجمته 1/433.
    (13) سبقت ترجمته 1/434.
    (14) سبقت ترجمته 1/435.
    (15) ب، أ: وإسماعيل الأنصاري. وسبقت ترجمته 1/433، 2/610
    ============================== =




  14. #174
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (171)
    صـ 641 إلى صـ 648






    وغيرهم، وليس هذا موضعا لبسط الكلام في هذه المسائل، وإنما المقصود التنبيه على أن ما ذكره هذا مما يعلم العقلاء أنه لا يقوله أحد من علماء أهل السنة، ولا يعرف أنه قاله لا جاهل ولا عالم، بل الكذب عليه ظاهر.

    **[قول ابن المطهر إن قول الكرامية بالجهة يعني الحدوث والاحتياج إلى جهة ورد ابن تيمية]
    (فصل) قال الرافضي المصنف: (1) " وقالت الكرامية: إن الله (2) في جهة فوق ; ولم يعلموا أن كل ما هو في جهة (3) [فهو محدث] (4) ومحتاج إلى تلك الجهة ".
    فيقال له أولا: لا الكرامية ولا غيرهم يقولون: إنه في جهة موجودة تحيط به (5) أو يحتاج إليها، بل كلهم متفقون على أن الله تعالى غني (6) عن كل ما سواه: سمي جهة أو لم يسم (7) .
    نعم قد يقولون: " هو في جهة " ويعنون بذلك أنه فوق العالم، فهذا مذهب الكرامية وغيرهم (8) ، وهو أيضا مذهب أئمة الشيعة وقدمائهم (9) كما

    **_________
    (1) في (ك) منهاج الكرامة 1/85 (م) .
    (2) ك: الله تعالى.
    (3) ك (فقط) : كل ما هو في جهة فوق.
    (4) فهو محدث: ساقطة من (ن) فقط.
    (5) ب، أ: يحيط بها، وهو خطأ.
    (6) ب، أ: على أن الله تعالى مستغن ; ن، م: على أنه غني.
    (7) ب، أ: سمي جهة أو لم يسم جهة ; ن: سواء سمي جهة أو لم يسم.
    (8) ب أ: يعنون بذلك أنه فوق، قيل له: هذا مذهب الكرامية وغيرهم.
    (9) وقدمائهم: ساقطة من (ب) ، (أ)
    ============================== ======
    تقدم ذكره، وأنت لم تذكر حجة على إبطاله، فمن شنع على الناس بمذاهبهم (1) ، فلا بد أن يشير إلى إبطاله (2) ، وجمهور الخلق (3) على أن الله فوق العالم، وإن كان أحدهم لا يلفظ بلفظ " الجهة " فهم يعتقدون بقلوبهم [ويقولون] (4) بألسنتهم أن (5) ربهم فوق، ويقولون إن هذا أمر فطروا عليه وجبلوا عليه، كما قال الشيخ أبو جعفر الهمذاني (6) لبعض
    **_________
    (1) ب: فمن شنع على مذهبهم ; أ: فمن شنع على مذاهبهم.
    (2) ب، أ: إلى بطلانه.
    (3) ب، أ: وجمهور الخلف.
    (4) ويقولون: ساقطة من (ن) فقط.
    (5) أن: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) ن، م: أبو الفضل الهمداني ; ب، أ: أبو جعفر الهمداني. وذكر الذهبي في " العبر " 4/85 في وفيات سنة 531: " أبا جعفر الهمذاني محمد بن أبي علي الحسن بن محمد الحافظ الصدوق. رحل وروى عن ابن النقور وأبي صالح المؤذن والفضل بن المحب وطبقتهم بخراسان والعراق والحجاز. قال ابن السمعاني: ما أعرف أن في عصره أحدا سمع أكثر منه. توفي في ذي القعدة " ونقل هذا الكلام ابن العماد في " شذرات الذهب " 4/97 وزاد بقوله: وقال ناصر الدين: كان حافظا من المكثرين "، كما نقل بعضه اليافعي في " مرآة الجنان " 3/259، ولكنهما جعلا نسبته: الهمداني، بالدال المهملة. وفي " المنتقى من منهاج الاعتدال " ذكر الذهبي العبارة كما يلي: " كما قال أبو جعفر الهمداني لأبي المعالي. . . إلخ ". وقد ورد في " طبقات الشافعية " للسبكي وفي ترجمة الجويني في كتاب " مختصر العلو للعلي الغفار " للذهبي (ط. المكتب الإسلامي، دمشق، 1/1401 \ 1981 (بتحقيق الألباني) ما يثبت أن الحوار التالي دار بين الجويني وبين أبي جعفر الهمذاني ; ففي " طبقات الشافعية "، 5/190: ". . . عن أبي العلاء الحافظ الهمذاني أخبره، قال: أخبرني أبو جعفر الهمذاني الحافظ، قال: سمعت أبا المعالي الجويني وقد سئل عن قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) فقال: كان الله ولا عرش، وجعل يتخبط في الكلام، فقلت: قد علمنا ما أشرت إليه فهل عند الضرورات من حيلة؟ فقال: ما تريد بهذا القول وما تعني بهذه الإشارة؟ قلت: ما قال عارف قط يا رباه إلا قبل أن يتحرك لسانه قام من باطنه قصد لا يتلفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوقية. فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة؟ فبينها نتخلص من الفوق والتحت. وبكيت وبكى الخلق، فضرب بيده على السرير وصاح بالحيرة وخرق ما كان عليه، وصارت قيامة في المسجد فنزل ولم يجبني إلا بتأفيف الدهشة والحيرة، وسمعت بعد هذا من أصحابه يقولون: سمعناه يقول: حيرني الهمذاني، انتهى ". وانظر: مختصر العلو للعلي الغفار، ص 276 - 277
    ============================== =====
    من أخذ ينكر الاستواء ويقولون (1) : لو استوى على العرش لقامت به الحوادث، فقال أبو جعفر (2) ما معناه: إن الاستواء علم بالسمع، ولو لم يرد به لم نعرفه، وأنت قد تتأوله، فدعنا من هذا وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا، فإنه ما قال عارف قط: يا الله، إلا وقبل أن ينطق بلسانه (3) ، يجد في قلبه معنى يطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فهل عندك من حيلة في دفع هذه الضرورة عن قلوبنا؟ فلطم المتكلم رأسه (4) وقال: حيرني الهمداني، [حيرني الهمداني، حيرني الهمداني] (5) .
    ومضمون كلامه (6) أن دليلك على النفي لو صح فهو (7) نظري، ونحن نجد عندنا علما ضروريا بهذا (8) ، فنحن مضطرون إلى هذا العلم (9) وإلى

    **_________
    (1) ب، أ: ويقول.
    (2) ع، ن، م: أبو الفضل.
    (3) ب، أ، ن، م: ينطق لسانه.
    (4) ب: رأيته، وهو خطأ. والكلمة في (أ) غير واضحة.
    (5) ما بين المعقوفتين في (ع) .
    (6) ب، أ: ومعنى كلامه.
    (7) عبارة " لو صح فهو ": ساقطة من (ع) ، (أ) ، (ب) .
    (8) ع: ونحن عندنا علم ضروري بهذا.
    (9) ن: إلى العلم بالإثبات ; م: إلى هذا الإثبات
    ============================== ====
    هذا القصد، فهل عندك [من] حيلة (1) في دفع هذا العلم الضروري والقصد الضروري الذي يلزمنا لزوما لا يمكننا دفعه عن أنفسنا ; ثم بعد ذلك قرر نقيضه.
    وأما دفع الضروريات بالنظريات فغير ممكن، لأن النظريات (2) غايتها أن يحتج عليها بمقدمات ضرورية. فالضروريات أصل النظريات، فلو قدح في الضروريات بالنظريات لكان ذلك قدحا في أصل النظريات، فتبطل الضروريات والنظريات، (3 فيلزمنا بطلان قدحه على كل تقدير 3) (3) ، إذ كان قدح الفرع في أصله يقتضي فساده في نفسه، وإذا فسد بطل قدحه، (* فيكون قدحه باطلا على [تقدير] صحته (4) وعلى تقدير فساده *) (5) ، فإن صحته مستلزمة لصحة أصله، فإذا صح كان أصله صحيحا، وفساده لا يستلزم فساد أصله، إذ قد يكون الفساد منه، ولو قدح في أصله للزم فساده، وإذا كان فاسدا لم يقبل قدحه، فلا يقبل قدحه بحال.
    (* وهذا [لأن] (6) الدليل النظري الموقوف على مقدمات وعلى تأليفها قد يكون فساده من فساد هذه المقدمة، ومن فساد الأخرى، ومن فساد النظم، فلا يلزم إذا كان باطلا أن يبطل كل واحد من المقدمات، بخلاف المقدمات، فإنه متى كان واحد منها باطلا بطل الدليل *) (7) .

    **_________
    (1) ع: فهل عندك علم ; ب، أ، ن، م: فهل عندك حيلة.
    (2) ن: الضروريات.
    (3) : (3 - 3) ساقط من (ب) ، (أ) .
    (4) ن: على صحة.
    (5) ما بين النجمتين ساقط من (ن) فقط.
    (6) لأن: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (ب) ، (أ)
    ============================== ==========
    وأيضا، فإن هؤلاء قرروا ذلك (1) بأدلة عقلية، كقولهم: كل موجودين إما متباينان وإما متداخلان (2) ، وقالوا: إن العلم بذلك ضروري، وقالوا: إثبات موجود لا يشار إليه مكابرة للحس والعقل.
    وأيضا، فمن المعلوم أن القرآن نطق (3) بالعلو في مواضع كثيرة [جدا] (4) ، حتى قد قيل (5) إنها نحو (6) ثلاثمائة موضع، والسنن متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك، وكلام السلف المنقول عنهم بالتواتر يقتضي اتفاقهم على ذلك وأنه لم يكن فيهم (7) من ينكره.
    ومن يريد التشنيع على الناس، ودفع هذه الأدلة الشرعية والعقلية لا بد أن يذكر حجة. ولنفرض أنه لا يناظره إلا أئمة أصحابه (8) ، وهو لم يذكر دليلا إلا قوله: " ولم يعلموا أن كل ما هو في جهة فهو محدث ومحتاج إلى تلك الجهة ".
    فيقال له: لم يعلموا ذلك ولم تذكر ما به يعلم ذلك (9) ، فإن قولك: ما هو محتاج إلى تلك الجهة، إنما يستقيم إذا كانت الجهة أمرا وجوديا وكانت لازمة له لا يستغني عنها، فلا ريب أن من قال: إن الباري لا يقوم

    **_________
    (1) ب، أ: قرروا في ذلك، وهو خطأ.
    (2) ع، أ: إما متباينين وإما متداخلين ; ن، م: إما متباينين أو متداخلين.
    (3) ب، أ، ن، م: ينطق.
    (4) جدا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ع، م: حتى قيل.
    (6) نحو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) ب، أ: وإن لم يكن فيهم. وسقطت " يكن " من (ع) .
    (8) أصحابه: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (9) ب: ما به يعلمون ذلك ; أ: ما به يعلموا ذلك
    ============================== ========
    إلا بمحل يحل فيه لا يستغني عن ذلك وهي مستغنية عنه، فقد جعله محتاجا إلى غيره، وهذا لم يقله أحد.
    وأيضا لم نعلم أحدا قال: إنه محتاج إلى شيء من مخلوقاته، فضلا عن أن يكون محتاجا إلى غير مخلوقاته. ولا يقول أحد: إن الله محتاج إلى العرش، مع أنه خالق العرش، والمخلوق مفتقر إلى الخالق، لا يفتقر الخالق إلى المخلوق، وبقدرته قام العرش وسائر المخلوقات، وهو الغني عن العرش، وكل ما سواه فقير إليه.
    فمن فهم عن الكرامية وغيرهم من طوائف الإثبات أنهم يقولون: إن الله محتاج إلى العرش فقد افترى عليهم، كيف وهم يقولون: إنه كان موجودا قبل العرش؟ فإذا كان موجودا قائما بنفسه قبل العرش لا يكون إلا مستغنيا عن العرش.
    وإذا كان الله فوق العرش لم يجب أن يكون محتاجا إليه، فإن الله قد خلق العالم بعضه فوق بعض، ولم يجعل عاليه محتاجا إلى سافله، فالهواء فوق الأرض وليس محتاجا إليها، وكذلك السحاب فوقها وليس محتاجا إليها، وكذلك السماوات فوق السحاب والهواء والأرض وليست محتاجة إلى ذلك، فكيف يكون العلي الأعلى خالق كل شيء محتاجا إلى مخلوقاته (1) لكونه فوقها عاليا عليها؟ !

    **_________
    (1) نقل مستجي زاده كلام ابن تيمية الذي يبدأ بقوله: فمن فهم عن الكرامية إلى هذا الموضع، ثم كتب التعليق التالي: " قلت أنا: ولا شك أن سلفنا الصالحين مثل الصحابة والتابعين ومتبعي التابعين أتقى الناس وأورعهم، وأشدهم اتباعا لرسول الله واقتداء به، وأعرفهم لمراد الله ورسوله، فهم عن آخرهم مجمعون على أنه تعالى على عرشه بذاته، وكذلك المجتهدون مثل إمامنا أبي حنيفة والإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أحمد وغيرهم مجمعون ومتفقون على أنه تعالى فوق عرشه بذاته، وأن القول بالتأويل والاستيلاء إنما حدث بعد رجل خبيث جاء في عصر بني أمية، فشاعت فتنة الجهمية بعد هذا الخبيث في الناس، حتى ينقل عن هذا الخبيث أنه كان يقول: وددت أني لو محوت قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) عن القرآن. فانظر إلى جسارة هذا الخبيث وغلوه في التنزيه! وقد ذكر الخطيب في تاريخه الكبير أن أبا يوسف يروي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: إن سليمان الأعمش أخلف رجلين خبيثين: أحدهما مقاتل بن سليمان حيث إنه يقول بأنه تعالى من قبيل الأجسام، والآخر جهم بن صفوان حيث جعله سبحانه وتعالى من قبيل لا شيء "
    ============================== =======
    ونحن نعلم أن الله خالق كل شيء، وأنه لا حول ولا قوة إلا به، وأن القوة التي في العرش وفي حملة العرش هو خالقها، بل نقول: إنه خالق أفعال (1) الملائكة الحاملين للعرش (2) ; فإذا كان هو الخالق لهذا كله، ولا حول ولا قوة إلا به، امتنع أن يكون محتاجا إلى غيره.
    ولو احتج عليه سلفه مثل يونس [بن عبد الرحمن] القمي (3) وأمثاله ممن يقول بأن العرش يحمله بمثل هذا، لم يكن له (4) عليهم حجة، فإنهم يقولون: لم نقل إنه محتاج إلى غيره، بل ما زال غنيا عن العرش وغيره، ولكن قلنا: إنه على كل شيء قدير، فإذا جعلناه قادرا على هذا، كان ذلك وصفا له بكمال الاقتدار، لا بالحاجة إلى الأغيار.

    **_________
    (1) ن، م: لأفعال.
    (2) للعرش: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) في جميع النسخ: علي بن يونس القمي، وهو سهو من ابن تيمية أو من الناسخ. وسبقت ترجمة يونس بن عبد الرحمن القمي 1/71، 2/235 وفي هذا الموضع الأخير نقل ابن تيمية عن " المقالات " للأشعري كلامه عن حملة العرش.
    (4) له: ساقطة من (ب) ، (أ)
    ============================== ==
    وقد قدمنا فيما مضى أن لفظ " الجهة " يراد به أمر موجود وأمر معدوم ; فمن قال: إنه فوق العالم كله، لم يقل: إنه في جهة موجودة، إلا أن يراد (1) بالجهة (* العرش، ويراد بكونه فيها أنه عليها، كما قد (2) قيل في قوله: إنه في السماء، أي على السماء.
    وعلى هذا التقدير فإذا كان فوق الموجودات كلها، وهو غني عنها، لم يكن عنده جهة وجودية يكن فيها، فضلا عن أن يحتاج إليها.
    وإن أريد بالجهة *) (3) ما فوق العالم، فذاك ليس بشيء، ولا هو أمر موجود (4) حتى يقال: إنه محتاج إليه أو غير محتاج إليه. وهؤلاء أخذوا لفظ الجهة بالاشتراك وتوهموا وأوهموا أنه (5) إذا كان في جهة كان في [كل] (6) شيء غيره، كما يكون الإنسان في بيته [وكما يكون الشمس والقمر والكواكب في السماء] (7) ، ثم رتبوا على ذلك أنه يكون محتاجا إلى غيره، والله تعالى غني عن كل ما سواه، وهذه مقدمات كلها باطلة.
    وكذلك قوله: " كل ما هو في جهة فهو محدث " لم يذكر عليه دليلا، وغايته (8) ما تقدم من أن [الله] (9) لو كان في جهة لكان جسما، وكل جسم

    **_________
    (1) ن، م: يريد.
    (2) قد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (4) ب، أ: وجودي.
    (5) أنه: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) كل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (8) ن، م، ع: وغايتهم.
    (9) ن، م، أ، ب: من أنه
    ============================== =====




  15. #175
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (172)
    صـ 5 إلى صـ 10






    محدث، لأن الجسم لا يخلو من الحوادث [وما لا يخلو من الحوادث] (1) فهو حادث.
    وكل هذه المقدمات فيها نزاع: فمن الناس من يقول: قد يكون في الجهة ما ليس بجسم ; فإذا قيل له: هذا خلاف المعقول، قال: هذا أقرب إلى العقل من قول من يقول: إنه لا داخل العالم ولا خارجه، فإن قبل العقل ذاك قبل هذا بطريق الأولى، وإن رد هذا رد ذاك بطريق الأولى، وإذا رد ذاك تعين أن يكون في الجهة، [فثبت أنه في الجهة] (2) على التقديرين.
    ومن الناس من لا يسلم أن كل جسم محدث، كسلفه من الشيعة والكرامية وغيرهم، والكلام معهم.
    وهؤلاء لا يسلمون [له] (3) أن الجسم لا يخلو من الحوادث، بل يجوز عندهم خلو الجسم عن الحركة وكل حادث، كما يجوز منازعوهم خلو الصانع من الفعل إلى أن فعل (4) .
    وكثير من أهل الحديث والكلام والفلسفة (5) ينازعهم (6) في قولهم: إن ما لا يخلو عن الحادث (7) فهو حادث.

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (ب) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (3) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ن، م: إلى أن يفعل.
    (5) ب، أ: من أهل الكلام والفلسفة.
    (6) ب (فقط) : ينازعونهم.
    (7) ن، م: الحوادث
    ============================== ====
    وكل مقام من هذه المقامات تعجز شيوخ الرافضة [الموافقين] للمعتزلة (1) عن تقرير قولهم فيه على إخوانهم القدماء من [الرافضة] (2) فضلا، عن غيرهم من الطوائف.
    تم الجزء الثاني بحمد الله ويليه الجزء الثالث إن شاء الله وأوله: (فصل) : قال الرافضي: وذهب آخرون إلى أن الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العبد.

    **_________
    (1) ب، أ، ن، م: شيوخ الرافضة والمعتزلة.
    (2) من الرافضة: في (ع) فقط
    =============================
    **[فصل قول الرافضي إن الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العباد والرد عليه]
    فصل.
    قال الرافضي (1) : " وذهب آخرون إلى أن الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العباد " (2) .
    فيقال له: هذه المسألة من دقيق الكلام، وليست من خصائص أهل السنة ولا القائلون (3) بخلافة الخلفاء متفقون عليها (4) [بل بعض القدرية يقول بذلك، وأما أهل السنة المثبتون للقدر فليس فيهم من يقول بذلك، وإنما يقوله من يقوله من شيوخ القدرية الذين هم شيوخ هؤلاء الإمامية المتأخرين في مسائل التوحيد والعدل (5) ، (فإن جميع ما يذكره هؤلاء الإمامية المتأخرون في مسائل التوحيد والعدل) (6) ، كابن النعمان والموسوي الملقب بالمرتضى وأبي جعفر الطوسي (7) وغيرهم، هو (8) مأخوذ من

    **_________
    (1) قال الرافضي: كذا في (ع) والكلام التالي في (ك) منهاج الكرامة، ص 85 (م)
    (2) ب: العبد ; م: على مثل مقدورات العباد، وفي (أ) سقطت عبارة: لا يقدر على مثل مقدور العباد ; وفي (ك) في 85 (م) : على مثل مقدور العبد، وآخرون إلى أنه لا يقدر على عين مقدور العبد، وليست " تعالى " في ك.
    (3) ع: ولا القائلين
    (4) الكلام بعد عبارة (متفقون عليها) وإلى بداية الفصل التالي ساقط من (ن) وفي (م) عبارة واحدة بدلا من كل الكلام التالي وهي: بل منهم من يقول بذلك ومنهم من لا يقول به
    (5) ع: العدل والتوحيد
    (6) ما بين القوسين في (ع) فقط.
    (7) ابن النعمان هو محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام البغدادي الملقب بالشيخ المفيد. والمرتضى هو علي بن الحسين بن موسى بن محمد، والطوسي هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي شيخ الإمامية ورئيس الطائفة وسبقت ترجمة الثلاثة 1/58، 2/83
    (8) هو: كذا في (أ) وفي (ب) : وهو ; و " هو " ساقطة من (ع)
    ==============================
    كتب المعتزلة، بل كثير منه منقول نقل المسطرة وبعضه قد تصرفوا فيه.
    وكذلك ما يذكرونه من (1) تفسير القرآن في آيات الصفات والقدر ونحو ذلك، هو منقول من تفاسير المعتزلة كالأصم (2) والجبائي (3) وعبد الجبار بن أحمد الهمذاني (4) والرماني (5) وأبي مسلم الأصبهاني (6) وغيرهم، لا ينقل عن قدماء الإمامية من هذا حرف واحد، لا في الأصول العقلية ولا في

    **_________
    (1) من: كذا في (ع) وفي (ب) ، (أ) : في.
    (2) ب، أ: كالاسم، وهو تحريف، وهو أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصم، ذكره القاضي عبد الجبار ضمن الطبقة السادسة من طبقات المعتزلة في كتابه: (فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة) ص 267 - 268، تحقيق الأستاذ فؤاد سيد، طبعة الدار التونسية للنشر، تونس 1393 1974 وسبقت ترجمة الأصم والكلام على آرائه 2/569.
    (3) يطلق اسم الجبائي على أبي علي محمد بن عبد الوهاب، والفرقة التي تنسب إليه هي الجبائية، سبق الكلام عليه 1/395، كما يطلق على ابنه أبي هاشم عبد السلام بن أبي علي محمد، والفرقة التي تنتسب إليه هي البهشمية، وسبق الكلام عليه 1/270، 2/124، وذكر القاضي عبد الجبار أبا علي ضمن الطبقة الثامنة في المرجع الذي سبق ذكره، ص 287 - 296، وذكر ابنه أبا هاشم في الطبقة التاسعة، ص 304 - 308.
    (4) هو القاضي أبو الحسين عبد الجبار بن أحمد الهمذاني الأسدآبادي، المتوفى سنة 415، سبقت ترجمته 1/15، وانظر ترجمته أيضا في كتاب " فضل الاعتزال " ص 121 - 127، وانظر كتاب (قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الهمذاني) تأليف الدكتور عبد الكريم عثمان (رحمه الله) ، ط. دار العربية، بيروت 1386 1967.
    (5) أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني، من مفسري المعتزلة، ومن كبار النحاة، ولد ببغداد سنة 296 وتوفي بها 384، انظر ترجمته في: المنية والأمل لابن المرتضى، ص 65 - 66، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، ص 333 ; بغية الوعاة للسيوطي، 344 - 345 ط الخانجي، 1326، وفيات الأعيان 2/461، تاريخ بغداد 12/16 - 17، الأعلام 5/134.
    (6) هو أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني، ذكره القاضي عبد الجبار في كتابه المشار إليه مرتين ص 299، 323: وذكره ابن المرتضى اليماني في ((المنية والأمل)) ص 53، وقال عنه: ((صاحب التفسير والعلم الكبير)) وقد ولد الأصفهاني عام 254 وتوفي سنة 322، وله شعر، وولي أصفهان وبلاد فارس للمقتدر العباسي، وانظر ترجمته في الأعلام 6/273، معجم المؤلفين 9/97 لسان الميزان 5/89 ; بغية الوعاة للسيوطي ص 23، وقد علق مستجى زاده عند هذا الموضع بقوله: ((وعندي تفسير يقال له تفسير (الكلمة غير واضحة) ينقل عن الأصم والجبائي، وقد كان الإمام الرازي ينقل في تفسيره الكبير عن أبي مسلم الأصفهاني أشياء ويستحسن أكثرها ويروجها ويؤيدها حتى إنه نقل عنه في تفسير قوله تعالى رب أرني كيف تحي الموتى كلمات هي خارجة عن إجماع المسلمين، بل عن إجماع اليهود والنصارى، واستحسنها الإمام وأيدها، وقد بينت فسادها وبطلانها وكونها خارقة لإجماع أهل التفسير في حاشيتي على تفسير القاضي))
    ============================== =========
    تفسير القرآن، وقدماؤهم كانوا أكثر اجتماعا بالأئمة من متأخريهم، يجتمعون بجعفر الصادق وغيره، فإن كان هذا هو الحق فقدماؤهم كلهم ضلال، وإن كان ضلالا (1) فمتأخروهم هم الضلال] (2) .
    **[فصل كلام الرافضي في القضاء والقدر أن الله عز وجل يفعل القبائح]
    [فصل] قال الرافضي (3) : " وذهب الأكثر منهم إلى أن الله عز وجل (4) يفعل القبائح، وأن جميع أنواع المعاصي والكفر وأنواع الفساد واقعة بقضاء الله وقدره، وأن العبد لا تأثير له في ذلك، وأنه لا غرض لله في أفعاله، وأنه لا يفعل (5) لمصلحة العباد (6) شيئا،

    **_________
    (1) ع: وإن كانوا ضلالا.
    (2) هنا ينتهي السقط في نسختي (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: الإمامي. والكلام التالي في (ك) ص [0 - 9] 5 (م) .
    (4) عز وجل: في (ع) فقط، وفي (ك) : إلى أنه تعالى.
    (5) ك: ولا يفعل.
    (6) ن، م: العبد
    ============================== ===
    وأنه تعالى يريد المعاصي من الكافر ولا يريد منه الطاعة وهذا يستلزم أشياء شنيعة ".
    فيقال: الكلام على هذا من وجوه.
    أحدها: أنه قد تقدم غير مرة أن مسائل القدر والتعديل والتجوير (1) ليست ملزومة (2) لمسائل الإمامة ولا لازمة، فإن كثيرا من الناس يقر بإمامة الخلفاء الثلاثة، ويقول (3) ما قاله في القدر، وكثير من الناس بالعكس، وليس أحد من الناس (4) مرتبطا بالآخر أصلا وقد تقدم النقل (5) عن الإمامية: هل أفعال العباد خلق الله [تعالى] ؟ على قولين (6) ، وكذلك الزيدية.
    قال الأشعري (7) : " واختلفت الزيدية في [خلق] الأفعال (8) وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن أفعال (9) العباد مخلوقة لله، خلقها وأبدعها واخترعها بعد أن لم تكن، فهي (10) محدثة له مخترعة. والفرقة الثانية

    **_________
    (1) ب، أ، ع، م: والتجويز، وهو خطأ.
    (2) ب، أ: مستلزمة.
    (3) ب، أ: ويقولون.
    (4) ع: وليس واحد من الناس، م: وليس أحد التأثير، وهو تحريف.
    (5) النقل: ساقطة من (ب) ، (أ) ، وفي (م) : العقل وهو تحريف.
    (6) ن، م: خلق لله على قولين.
    (7) في مقالات الإسلاميين (ط ريتر، استانبول، 1929) 1/72.
    (8) ن، م: في الأفعال ; المقالات: في خلق الأعمال.
    (9) المقالات: أعمال.
    (10) ع: وهي
    ============================== ==
    منهم يزعمون أنها غير مخلوقة لله (1) ولا محدثة، وأنها كسب (2) للعباد (3) أحدثوها واخترعوها [وابتدعوها] (4) وفعلوها ".
    قلت: بل غالب الشيعة الأولى كانوا مثبتين للقدر، وإنما ظهر إنكاره في متأخريهم كإنكار الصفات، فإن غالب متقدميهم كانوا يقرون بإثبات الصفات، والمنقول عن أهل البيت في إثبات الصفات والقدر لا يكاد يحصى، وأما المقرون بإمامة الخلفاء [الثلاثة] (5) مع كونهم قدرية فكثيرون في (6) المعتزلة وغير المعتزلة. (7) فعامة القدرية تقر بإمامة الخلفاء (8) ، ولا يعرف أحد من متقدمي القدرية كان ينكر خلافة الخلفاء، وإنما ظهر هذا لما صار بعض الناس رافضيا قدريا جهميا، فجمع أصول البدع كصاحب هذا الكتاب وأمثاله.
    والزيدية المقرون (9) بخلافة الخلفاء الثلاثة هم (10) من الشيعة، وفيهم قدرية وغير قدرية، والزيدية خير من الإمامية، وأشبههم بالإمامية هم (11)

    **_________
    (1) لله: كذا في (ع) ، (أ) ، و ((المقالات)) وفي (ن) ، (م) : لله تعالى وفي (ب) : له.
    (2) المقالات: ولا محدثة له مخترعة وإنما هي كسب.
    (3) للعباد: كذا في (ع) ، (ن) ، (م) والمقالات: وفي: أ: العبد، ب: العبيد.
    (4) وابتدعوها: ساقطة من (ن) . وفي المقالات: وأبدعوها. وفي (م) : أحدثوها واخترعوها وفعلوها وأبدعوها.
    (5) الثلاثة: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (6) ب، أ: من.
    (7) وغير المعتزلة: زيادة في (ن) ، وفي (م) : وغيرهم.
    (8) ب، أ: يقرون بخلافة الخلفاء: م: مقرون بإمامة الخلفاء.
    (9) ب (فقط) : مقرون.
    (10) ب، أ: وهم.
    (11) هم: ساقطة من (ع) ، (م)
    ============================== ==
    الجارودية أتباع أبي الجارود (1)
    الذين يزعمون (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي [بالوصف لا بالتسمية، فكان هو الإمام من بعده] (3) ، وأن الناس ضلوا وكفروا بتركهم الاقتداء به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الحسن هو الإمام، ثم الحسين.
    ثم من هؤلاء من يقول: إن عليا نص على إمامة الحسن، والحسن نص على إمامة الحسين، ثم هي شورى في ولدهما، فمن خرج منهم يدعو إلى سبيل ربه، وكان عالما (4) فاضلا، فهو الإمام (5)

    **_________
    (1) ب، أ، ن، م: ابن الجارود ; ع: ابن أبي الجارود. والصواب ما أثبته، وهو أبو الجارود زياد بن أبي زياد المنذر الهمذاني الخراساني العبدي ويكنى أبا النجم ويقال له أحيانا النهدي والثقفي الكوفي توفي ما بين سنة 150، 160 هـ، وهو رأس فرقة الجارودية من الزيدية. ويذكر الشهرستاني أن جعفر الصادق سماه سرحوبا، وفسر الباقر ذلك بأن سرحوبا شيطان أعمى يسكن البحر، وكان أبو الجارود - كما يقول النوبختي - أعمى البصر أعمى القلب. ويزعم الجارودية أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي بالوصف دون التسمية، فكان الإمام من بعده، وأن الناس ضلوا وكفروا بتركهم الاقتداء به بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. والإمام بعد علي عندهم هو الحسن ثم الحسين، ثم إن الإمامة شورى في أولاد الحسن والحسين، وقال الجارودية بالمهدية، وقال بعضهم: إن علم أولاد الحسن والحسين كعلم النبي صلى الله عليه وسلم.
    انظر عن الجارود والجارودية: فرق الشيعة للنوبختي (ط. الحيدرية، النجف، 1379/1959) ص 75 - 78؛ مقالات الإسلاميين 1/66 - 67؛ الملل والنحل 1/140 - 141؛ الفرق بين الفرق، ص 22 - 24؛ نشأة الفكر الفلسفي لعلي سامي النشار 2/177 - 181.
    (2) ب، أ: الذين زعموا.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) عالما: ساقطة من (ب) ، وفي (أ) : وكان فصلا، وهو تحريف.
    (5) ب، أ: فهو إمام
    ============================== ====



  16. #176
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (173)
    صـ 11 إلى صـ 18




    والفرقة الثانية (1) من الزيدية: السليمانية أصحاب (2) سليمان بن جرير، يزعمون أن الإمامة شورى، وأنها تصلح (3) بعقد رجلين من خيار المسلمين، وأنها قد تصلح في المفضول (4) ، وإن كان الفاضل أفضل في كل حال، ويثبتون إمامة الشيخين أبي بكر وعمر، وقد قيل إنها كانت خطأ لا يفسق صاحبها لأجل التأويل (5) .
    والثالثة: (6) البترية أصحاب كثير النواء، قيل: (7) سموا بترية ; لأن كثيرا (8) كان يلقب بالأبتر. يزعمون أن عليا أفضل الناس (9) بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاهم بالإمامة، وأن بيعة أبي بكر وعمر ليست بخطأ ; لأن عليا ترك ذلك لهما، ويقفون في عثمان وقتله، ولا يقدمون عليه بإكفار، كما يحكى عن السليمانية. وهذه الطائفة أمثل الشيعة، [ويسمون

    **_________
    (1) م، ن: الثالثة.
    (2) م فقط: هم السليمانية أتباع. . .
    (3) م فقط: وأن الإمامة تصلح. . .
    (4) ب، أ: للمفضول.
    (5) السليمانية أو الجريرية أصحاب سليمان بن جرير الرقي، وقد ظهر في أيام المنصور، ومن آرائهم زيادة على ما ذكره ابن تيمية: أن سليمان طعن في عثمان رضي الله عنه للأحداث التي أحدثها وأكفره بذلك، وأكفر عائشة والزبير وطلحة رضي الله عنهم لإقدامهم على قتال علي رضي الله عنه، وطعن سليمان في الإمامية الرافضة في أمور. انظر عن سليمان والسليمانية أو الجريرية: فرق الشيعة للنوبختي، ص 30، 85 - 87، مقالات الإسلاميين 1/68، 70، 71 - 72، 73 ; الفرق بين الفرق، ص 24، الملل والنحل 1/141 - 142، نشأة الفكر الفلسفي 2/186 - 188.
    (6) م فقط: والرابعة.
    (7) ب، أ: الكثيرية أصحاب كثير التوصل ; ن، م: البترية: أصحاب النواقيل.
    (8) ب (فقط) : سموا أبترية لأن كثيرا منهم وهو خطأ.
    (9) ع فقط: أن عليا كان أفضل الناس
    ============================== =
    أيضا الصالحية ; لأنهم ينسبون (1) إلى الحسن بن صالح بن حي الفقيه] (2) .
    وهؤلاء الزيدية فيهم من هو في القدر على قول أهل السنة والجماعة وفيهم من هو على قول القدرية.
    الوجه الثاني: أن يقال: نقله عن الأكثر أن العبد لا تأثير له في الكفر والمعاصي نقل باطل، بل جمهور أهل السنة المثبتة (3) للقدر من جميع الطوائف يقولون (4) : " إن العبد فاعل لفعله (5) حقيقة، وأن له قدرة حقيقية واستطاعة حقيقية، وهم لا ينكرون تأثير الأسباب الطبيعية، بل يقرون بما دل عليه الشرع والعقل (6) من أن الله يخلق السحاب بالرياح، وينزل الماء بالسحاب، وينبت النبات بالماء، ولا يقولون: إن القوى والطبائع (7) الموجودة في المخلوقات لا تأثير لها، بل يقرون أن لها تأثيرا (8) لفظا ومعنى، حتى جاء لفظ " الأثر " في (* مثل قوله تعالى {ونكتب ما قدموا وآثارهم}

    **_________
    (1) ع فقط: ينتسبون.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) والبترية هم أصحاب كثير النواء الأبتر، ويتفقون مع الصالحية في مذهبهم، وانظر عن البترية والصالحية: فرق الشيعة ص 34 - 35، 77 - 78 مقالات الإسلاميين 1/68 - 69 الفرق بين الفرق، ص 24 - 25، الملل والنحل 1/142 - 143 نشأة الفكر الفلسفي 2/182 - 168.
    (3) ع: المثبتون.
    (4) ع: يقول، ن: تقول. وفي (م) الياء غير المعجمة.
    (5) لفعله: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) أ: بما يدل عليه، والعقل: ب: بما يدل عليه العقل.
    (7) ب: قوى الطبائع، أ: القوى الطبائع.
    (8) م: بل يقولون إن لها أثرا، ن: بل يقرون إن لها أثرا
    ============================== =====
    [سورة يس: 12] ، وإن كان التأثير هناك أعم منه في الآية، لكن يقولون: هذا التأثير هو تأثير الأسباب في مسبباتها، والله تعالى *) (1) خالق السبب والمسبب، ومع أنه خالق السبب فلا بد له من سبب آخر يشاركه، ولا بد له من معارض يمانعه، فلا يتم أثره مع خلق الله له إلا بأن يخلق الله (2) السبب الآخر ويزيل الموانع (3) .
    ولكن هذا القول الذي حكاه هو قول بعض المثبتة للقدر كالأشعري، ومن وافقه من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد، حيث لا يثبتون في المخلوقات قوى ولا طبائع (4) ، ويقولون إن الله فعل عندها لا بها، ويقولون: إن قدرة العبد لا تأثير لها في الفعل.
    وأبلغ من ذلك قول الأشعري: إن الله فاعل فعل العبد، وإن عمل (5) العبد ليس فعلا للعبد بل كسبا له (6) ، وإنما هو فعل الله فقط (7) وجمهور

    **_________
    (1) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
    (2) ب: فلا يتم أثره إلا مع خلق الله له لا به بأن يخلق الله تعالى ; أ: فلا يتم أثره إلا مع خلق الله له إلا به بأن يخلق الله تعالى ; ن: فلا يتم أثره إلا مع خلق الله له بأن يخلق الله ; م: فلا يتم الأثر إلا مع خلق الله له بأن يخلق الله.
    (3) م فقط: المانع.
    (4) ب، أ: قوى الطبائع.
    (5) ن، م: فعل.
    (6) ب: بل كسب له، م: بل ولا كسبا له.
    (7) ن: فعل لله فقط، وقد لخص مستجى زاده كلام ابن تيمية الذي يبدأ بعبارة: ولكن هذا القول الذي حكاه هو قول بعض المثبتة للقدر، إلى هذا الموضع ثم علق بقوله: قلت والعجب أن المعتزلة مع أنهم يقولون إن قدرة العبد على الإيجاد والتأثير ليست من الله تعالى فبذلك ينسبهم أكثر أهل الحق إلى الإشراك بالله، حتى قالوا: إن المجوس إنما يثبتون شريكا واحدا فقط وهو أهرمان، وأما المعتزلة فهم يثبتون لله تعالى شركاء لا تحصى من الإنس والجن والحيوانات لقولهم بأن لهم إيجاد أفعالهم الاختيارية
    =============================
    الناس من أهل السنة من جميع الطوائف على خلاف ذلك، وعلى أن (1) العبد فاعل لفعله حقيقة (2) .
    وأما ما نقله من (3) نفي الغرض الذي هو الحكمة، وكون الله لا يفعل لمصلحة العباد، فقد قدمنا أن هذا (4) هو قول قليل منهم، كالأشعري، وطائفة توافقه في موضع، ويتناقضون في قولهم في موضع آخر (5) .
    وجمهور أهل السنة يثبتون الحكمة في أفعال الله تعالى، وأنه يفعل لنفع عباده ومصلحتهم، ولكن لا يقولون بما تقوله المعتزلة ومن وافقهم: [بأن ما حسن منه حسن من خلقه، وما قبح من خلقه قبح منه] (6) فلا هذا ولا هذا. [وأما لفظ " الغرض " فتطلقه المعتزلة وبعض المنتسبين لأهل السنة، (7) ويقولون: إنه يفعل لغرض أي حكمة، وكثير من أهل السنة يقولون: " يفعل " (8) لحكمة ولا يطلقون لفظ " الغرض "] (9) .
    وأما قوله: " وأنه تعالى يريد المعاصي من الكافر، ولا يريد منه الطاعة " فهذا قول طائفة منهم، وهم الذين يوافقون القدرية، فيجعلون

    **_________
    (1) ب، أ: وأن.
    (2) بعد كلمة: حقيقة. جاءت في (ب) ، (أ) عبارة: والله تعالى أعلم.
    (3) ن، م: عن.
    (4) م فقط: أن ذلك.
    (5) ن، م: يوافقونه في موضع، ويناقضون قولهم في موضع آخر.
    (6) أ: بأن ما حسن منه حسن من خلقه وما قبح من خلقه قبح من خلقه، ب: بأن ما حسن من خلقه حسن منه وما قبح من خلقه قبح منه، وسقطت هذه العبارات من (ن) ، (م) .
    (7) ع: وبعض المنتسبين إلى السنة.
    (8) يفعل: في (ع) فقط.
    (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    ==============================
    المشيئة والإرادة والمحبة والرضا نوعا واحدا (1) ، ويجعلون المحبة والرضا والغضب بمعنى الإرادة، كما يقول ذلك الأشعري في المشهور عنه، وأكثر أصحابه، وطائفة ممن يوافقهم من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد.
    وأما جمهور أهل السنة من جميع الطوائف، وكثير من أصحاب الأشعري وغيرهم (2) ، فيفرقون بين الإرادة وبين المحبة والرضا، فيقولون: إنه وإن كان يريد المعاصي فهو لا يحبها ولا يرضاها، بل يبغضها ويسخطها وينهى عنها، وهؤلاء يفرقون بين مشيئة الله وبين محبته. وهذا قول السلف قاطبة.
    وقد ذكر أبو المعالي الجويني أن هذا قول القدماء من أهل السنة وأن الأشعري خالفهم فجعل (3) الإرادة هي المحبة (4) ، فيقولون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فكل ما شاء الله فقد خلقه. وأما المحبة فهي متعلقة بأمره (5) ، فما أمر به فهو يحبه ولهذا اتفق الفقهاء (6) على أن الحالف لو قال: (7)

    **_________
    (1) وهم الذين يوافقون القدرية. . . والمحبة والرضا نوعا واحدا: بدل هذه العبارات جاء في (ن) ، (م) : وهم الذين يجعلون الإرادة نوعا واحدا.
    (2) وغيرهم: ساقط من (ب) ، (أ) ، (م) .
    (3) م: وأن الأشعرية خلافهم فجعل، ن: وأن الأشعرية خالفتئهم فجعل.
    (4) علق مستجى زاده على هذا الكلام بقوله: " وقد رأيت في كلام إمام الحرمين أن الله تعالى يحب الكفر ويرضاه، تعالى الله عن ذلك، وله - تجاوز الله [عنه]- آراء متباينة فيصرح في تأليف له بعقيدة وفي تأليف آخر بعقيدة متباينة لها فصرح في الإرشاد: أنا ندين الله تعالى بأن الأفعال الاختيارية للعبد ليس لقدرة العبد تأثير فيها، وإنما هي محض خلق الله تعالى وإيجاده وصرح في الرسالة النظامية بأن للعبد قدرة وتأثيرا فيها، حتى أن شارح " المقاصد " أنكر وقوع ذلك عن الإمام احتجاجا بكلامه في " الإرشاد " ولعله لم ير الرسالة النظامية
    (5) ب، أ: فهي منفعلة من أمره، ن، م: فمتعلقة بأمره
    (6) ب، أ، ن: العلماء.
    (7) ب، أ: إذا قال
    ============================== ==
    " والله لأفعلن كذا إن شاء الله " لم يحنث إذا لم يفعله (1) وإن كان واجبا أو مستحبا ولو قال (2) إن أحب الله حنث إذا كان واجبا أو مستحبا.
    والمحققون من هؤلاء يقولون: الإرادة في كتاب الله تعالى نوعان: إرادة خلقية (3) قدرية كونية، وإرادة دينية [أمرية] شرعية (4) فالإرادة الشرعية الدينية هي المتضمنة للمحبة والرضا والكونية هي [المشيئة] (5) الشاملة لجميع الحوادث، كقول المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وهذا كقوله تعالى {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} [سورة الأنعام: 125] وقوله عن نوح {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون} [سورة هود: 34] .
    فهذه الإرادة (6) تعلقت بالإضلال والإغواء وهذه هي المشيئة فإن ما شاء الله كان.
    [ومنها قوله: {ولكن الله يفعل ما يريد} [سورة البقرة: 253] أي ما شاء خلقه (7) لا ما يأمر به] (8) .
    وقد يريد (9) بالإرادة المحبة، كما يقال لمن يفعل الفاحشة: هذا فعل (10) ما

    **_________
    (1) أ، ن: والله لأفعلن هذا كذا إن شاء الله وفعله لم يحنث.
    (2) بدلا من " ولو قال " جاء في (م) : وإن كان.
    (3) خلقية: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (م) . وفي (ن) : نوعية، وهو تحريف.
    (4) ن، م: وإرادة شرعية دينية.
    (5) المشيئة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ب، أ، م: فهذه الآية خطأ.
    (7) ع (فقط) : أي ما يشاء خلقه.
    (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (9) ب (فقط) : وقد يراد ; ن، م: فقد يريد.
    (10) ن: يفعل ; م: الفعل
    ============================== ====
    لا يريده الله تعالى وقد يريد المشيئة كما يقولون لما لم يكن: [هذا لم] يرده الله (1) .
    وأما الدينية فقول الله: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [سورة البقرة: 185] . وقوله: {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم - والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما - يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} [سورة النساء: 26، 28] . وقوله: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم} [سورة المائدة: 6] . وقوله {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [سورة الأحزاب: 33] . (2)
    فهذه الإرادة في هذه الآيات ليست هي التي يجب مرادها (3) ، كما في قوله {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} [سورة الأنعام: 120] وقول المسلمين: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، بل هي المذكورة في مثل قول الناس لمن يفعل القبائح: هذا يفعل (4) ما لا يريده الله، أي لا يحبه ولا يرضاه ولا يأمر به.
    وهذا التقسيم في الإرادة قد ذكره غير واحد من أهل السنة وذكروا أن

    **_________
    (1) ن: لم يكن يرده الله ; وسقطت كلمة الجلالة من (أ) ، (ب) .
    (2) بعد هذه الآية في (ب) ، (أ) : " وقوله: (ولكن الله يفعل ما يريد) أي ما شاء خلقه ". أقحمه الناسخ سهوا. وقد نبه محقق نسخة (ب) على ذلك فقال: ولا محل لهذه الآية هنا فإنها ذكرت قبل في الإرادة الكونية فلعلها هنا مكررة من الناسخ
    (3) ن: ليست هي بحيث يجب مرادها ; م: ليست هي بحسب مرادها.
    (4) ب، أ: فعل
    ============================== =========
    المحبة والرضا ليست هي الإرادة الشاملة لكل المخلوقات، كما ذكر ذلك من ذكره من أصحاب أبي حنيفة [ومالك والشافعي] وأحمد وغيرهم (1) كأبي بكر عبد العزيز وغيره، وإن كان طائفة أخرى يجعلون المحبة والرضا هي الإرادة والأول أصح.
    وأيضا فالفرق ثابت بين إرادة المريد (2) أن يفعل، وبين إرادته من غيره أن يفعل (3) ، والأمر لا يستلزم الإرادة الثانية (4) دون الأولى ; فالله تعالى إذا أمر العباد بأمر (5) ، فقد يريد إعانة المأمور على ما أمره به (6) وقد لا يريد ذلك وإن كان مريدا منه فعله (7) .
    وتحقيق هذا مما يبين فصل النزاع في أمر الله: هل هو مستلزم لإرادته أم لا؟ فلما زعمت المعتزلة أنه لا بد أن يشاء ما يأمر به فيريده، وزعموا أن ما نهى عنه ما شاء وجوده ولا أراده قابلهم كثير (8) من متأخري المثبتين للقدر (9) ممن اتبع أبا الحسن من المصنفين في أصول الفقه [وغيرهم (10) ] من أصحاب

    **_________
    (1) وأحمد: ساقطة من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : أحمد وأبي حنيفة وغيرهما ; وفي (ع) اختلف ترتيب الأسماء.
    (2) ب، أ: بين الإرادة والمريد، وهو خطأ.
    (3) ب، أ: من غير أن يفعل، وهو خطأ.
    (4) ع، م: الثابتة.
    (5) م (فقط) : إذا أقر العباد بأمر، وهو تحريف.
    (6) ن: على فعل ما أمره به ; م: على فعل ما أمر به.
    (7) ع: وإن كان مريدا فعله منه ; م: وإن كان مريدا منه لفعله.
    (8) ب: ما شاء وجوده لإرادة ما قابله وكثير. . ; أ: ما شاء وجوده لإرادة قابلة وكثير. . . ; ن، م: فما شاء وجوده ولا إرادة قابلهم كثير.
    (9) للقدر: ساقطة من (ب) فقط.
    (10) ب، أ: وغيره. وهي ساقطة من (ن) ، (م)
    ============================== =======



  17. #177
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (174)
    صـ 19 إلى صـ 26




    مالك والشافعي وأحمد، فقالوا: إن الله يأمر بما لا يريده (1) ، كالكفر والفسوق والعصيان.
    واحتجوا على ذلك بما أنه لو حلف على واجب ليفعلنه (2) وقال: " إن شاء الله " [فإنه] لا يحنث (3) ، وبأن الله أمر إبراهيم بذبح ولده ولم يرده منه (4) ، بل نسخ ذلك قبل فعله، وكذلك الخمسون صلاة ليلة المعراج.
    وحقيقته أنه يأمر بما لا يشاء أن يخلقه، لكن لا يأمر إلا بما يحبه ويرضاه فيريد من العبد أن يفعله، بمعنى أنه يحب ذلك ولا يريد (5) هو أن يخلقه فيعين العبد عليه، [وهذا كالكفر والفسوق والعصيان] (6) ، ولو حلف الحالف: " ليفعلن كذا إن شاء الله " لم يحنث وإن كان واجبا.
    ولو قال: " إن أحب الله " (7) حنث، كما لو قال: [إن أمر الله، ولو قال] لأفعلنه إذا أراد الله (8) ، [فقد يريد بالإرادة المحبة، كما يقولون لمن يفعل القبائح: يفعل ما لا يريده الله (9) ، وقد يريد المشيئة كما يقولون لما لم يكن: هذا لم يرده الله تعالى (10) ، فإن أراد هذا حنث 0

    **_________
    (1) ب، أ: إن الله يأمر بما لا يريد، ن: إن الله لا يأمر بما لا يريده ; م: إن الله لا يأمر بما لا يريد.
    (2) ب، أ: ليفعله.
    (3) ب، أ: إن شاء الله لا يحنث ; ن: إن شاء الله لم يحنث ; م: إن شاء الله لم يجب.
    (4) ن، م: وبأن الله أمر إبراهيم بذبح ابنه ولم يرده.
    (5) ع، م: لا يريد.
    (6) وهذا كالكفر والفسوق والعصيان: هذه الكلمات ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ع: وإن قال إن أحب الله ; م: ولو كان إن أحب الله.
    (8) إن أمر الله ولو قال: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (9) ن، م: لا أفعله إن أراد الله. وبعد هذه العبارات يوجد سقط في (ن) ، (م) حتى كلمة " فصل " وتوجد عبارة قبل ذلك هي: " والكلام على هذا مبسوط في موضع آخر ".
    (10) الله تعالى: في (ع) فقط
    ============================== ===
    وأما أمر إبراهيم صلى الله عليه وسلم بذبح ابنه، فإنه كان الذي يحبه ويريده منه في نفس الأمر: أن قصد إبراهيم الامتثال وعزم (1) على الطاعة، فأظهر (2) الأمر امتحانا له وابتلاء، فلما أسلما وتله للجبين ناداه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. وكذلك الأمر بالخمسين] (3) .
    **[فصل كلام للرافضي في مسألة القدر يستلزم أشياء شنيعة منها أن يكون الله أظلم من كل ظالم والرد عليه]
    [فصل]

    قال المصنف (4) الرافضي (5) : " وهذا يستلزم أشياء شنيعة منها: أن يكون الله أظلم من كل ظالم، لأنه يعاقب الكافر على كفره وهو قدره عليه، ولم يخلق فيه قدرة على الإيمان، فكما أنه يلزم الظلم لو عذبه على لونه وطوله وقصره لأنه لا قدرة له فيها، كذا (6) يكون ظالما لو عذبه على المعصية التي فعلها فيه ".
    فيقال: الظلم قد تقدم أن للجمهور المثبتين للقدر في تفسيره قولين: (7) أحدهما: أن الظلم ممتنع لذاته غير مقدور، كما يصرح بذلك الأشعري، والقاضي أبو بكر، وأبو المعالي، والقاضي أبو يعلى، وابن الزاغوني (8) ، وغير

    **_________
    (1) ع: وعزمه.
    (2) ب، أ: وأظهر.
    (3) وكذلك الأمر بالخمسين: في (ع) فقط. وما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) المصنف: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (5) ن، م: الإمامي. والعبارات التالية في (ك) 1/85 (م) - 86 (م) .
    (6) ب، أ: كذلك.
    (7) ع، أ: قولان، وهو خطأ.
    (8) م (فقط) : وابن الزعفراني، وهو تحريف
    ============================== ====
    هؤلاء: (1) يقولون: (2) إنه يمتنع أن يوصف بالقدرة على الكذب (3) والظلم وغيرهما من أنواع (4) القبائح، ولا يصح وصفه بشيء من ذلك.
    قالوا: والدلالة على استحالة وقوع الظلم والقبيح (5) منه [أن الظلم والقبيح] (6) ما شرع الله وجوب ذم فاعله، وذم الفاعل لما ليس له فعله، ولن يكون كذلك حتى يكون متصرفا فيما غيره أملك به وبالتصرف فيه منه، فوجب استحالة ذلك في حقه من حيث [إنه] (7) لم يكن آمرا لنا (8) بذمه، ولا كان ممن يجوز دخول أفعاله تحت تكليف من نفسه لنفسه (9) ، ولا يكون فعله تصرفا في شيء غيره أملك به (10) ، فثبت [بذلك] (11) استحالة تصوره في حقه.
    وحقيقة قول هؤلاء أن الذم إنما يكون لمن تصرف في ملك غيره ومن عصى الآمر (12) [الذي فوقه] (13) ، والله سبحانه وتعالى يمتنع أن يأمره أحد، ويمتنع أن يتصرف في ملك غيره، فإن له كل شيء.

    **_________
    (1) ب، أ: وغيرهم.
    (2) ب، أ: ولا يقولون، وهو خطأ.
    (3) ن، م: ويقولون إنه غير قادر على الكذب.
    (4) أنواع: زيادة في (ن) ، (م) .
    (5) ع: والقبح.
    (6) والقبيح: في (ع) ، (م) فقط. وسقطت عبارة " أن الظلم والقبيح " من (ن) .
    (7) إنه: في (ع) فقط.
    (8) ب، أ: لم يكن أمر الناس ; ن، م: لم يكن لنا آمرا.
    (9) لنفسه: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (10) ن: منه.
    (11) بذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (12) ب (فقط) : أمر.
    (13) الذي فوقه: ساقطة من (ن) ، (م)
    ============================== ====
    وهذا القول يروى عن (1) إياس بن معاوية (2) ، قال: ما خاصمت بعقلي كله إلا القدرية، قلت: لهم (3) أخبروني ما الظلم؟ قالوا: (4) أن يتصرف الإنسان في ما ليس له. قلت: فلله كل شيء.
    وهم (5) لا يسلمون أنه لو عذبه بسبب لونه وطوله وقصره كان ظالما حتى يحتج عليهم بهذا القياس، بل يجوزون التعذيب لا بجرم (6) سابق ولا لغرض لاحق. وهذا المشنع لم يذكر دليلا على بطلانه، فلم يذكر دليلا على بطلان قولهم.
    والقول الثاني: أن الظلم مقدور، والله تعالى منزه عنه. وهذا قول الجمهور [من المثبتين للقدر ونفاته، وهو قول كثير من النظار المثبتة للقدر، كالكرامية، وغيرهم، وكثير من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم، وهو قول القاضي أبي خازم (7) . (8) وغيره وهذا] (9) كتعذيب الإنسان بذنب غيره، كما قال تعالى: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما} [سورة طه 112] .

    **_________
    (1) ب، أ: يرد على، وهو تحريف.
    (2) أبو واثلة إياس بن معاوية بن قرة المزني، سبقت ترجمته 2/304.
    (3) لهم: زيادة في (ب) ، (أ) فقط.
    (4) ع: قال، وهو خطأ.
    (5) ن، م: وهؤلاء.
    (6) ع: بلا ظلم ; م: بلا جرم.
    (7) ب، أ، ع،: أبي حازم. وهو محمد بن محمد بن الحسين بن الفراء. سبقت ترجمته 1/143، 2/286
    (8) بن القاضي أبي يعلى
    (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    ============================
    وهؤلاء يقولون: الفرق بين تعذيب الإنسان على فعله الاختياري وغير فعله الاختياري مستقر في فطر العقول، فإن الإنسان لو كان له ابن (1) في جسمه مرض (2) أو عيب خلق فيه لم يحسن (3) ذمه ولا عقابه على ذلك، ولو ظلم ابنه أحدا لحسن (4) عقوبته على ذلك.
    ويقولون: الاحتجاج بالقدر على الذنوب مما يعلم بطلانه بضرورة العقل، فإن الظالم لغيره لو احتج بالقدر لاحتج ظالمه بالقدر أيضا (5) ، فإن كان القدر حجة لهذا فهو حجة لهذا، وإلا فلا. (6)
    والأولون أيضا يمنعون الاحتجاج بالقدر، فإن الاحتجاج به باطل باتفاق أهل الملل وذوي العقول، وإنما يحتج به على القبائح والمظالم من هو متناقض القول متبع لهواه، كما قال بعض العلماء: أنت عند الطاعة قدري، وعند المعصية جبري، أي مذهب وافق هواك تمذهبت به.
    ولو كان القدر حجة لفاعل الفواحش والمظالم لم يحسن أن يلوم (7) أحد أحدا، ولا يعاقب أحد أحدا، فكان (8) للإنسان أن يفعل في دم غيره وماله وأهله ما يشتهيه (9) من المظالم والقبائح، ويحتج بأن ذلك مقدر عليه (10) .

    **_________
    (1) له ابن: ساقطة من (ب) ، (أ) . وفي (م) ، (ن) : له أثر، وهو تحريف.
    (2) ب، أ: برص.
    (3) ب، أ: يستحسن.
    (4) ب، أ: يحسن.
    (5) ب، أ: أيضا بالقدر.
    (6) عبارة: " وإلا فلا " ساقطة من (ع) فقط.
    (7) ن: أن يلزم ; م: أن يلزمه.
    (8) ن، م، ب: وكان.
    (9) م: ما شاء.
    (10) ع، م: مقدر علي ; ن: مقدور علي
    ============================== =====
    والمحتجون على المعاصي بالقدر أعظم بدعة وأنكر قولا وأقبح طريقا من المنكرين للقدر، فالمكذبون بالقدر من المعتزلة والشيعة وغيرهم المعظمون للأمر (1) والنهي والوعد والوعيد، خير من الذين يرون القدر حجة لمن ترك المأمور وفعل المحظور، كما يوجد ذلك (2) في كثير من المدعين للحقيقة (3) الذين يشهدون القدر (4) ، ويعرضون عن الأمر والنهي، من الفقراء والصوفية والعامة وغيرهم، فلا عذر لأحد في ترك مأمور ولا فعل محظور (5) بكون ذلك مقدرا (6) عليه، بل لله الحجة البالغة على خلقه.
    والقدرية المحتجون بالقدر على المعاصي شر من القدرية المكذبين بالقدر، وهم أعداء الملل. وأكثر ما أوقع الناس في التكذيب بالقدر احتجاج هؤلاء به. ولهذا اتهم بمذهب القدر غير واحد ولم يكونوا قدرية، بل كانوا (7) لا يقبلون الاحتجاج على المعاصي بالقدر (8) ، كما قيل للإمام أحمد: كان ابن أبي ذئب قدريا، فقال: الناس (9) كل من شدد عليهم المعاصي، قالوا هذا قدري (10) وقد قيل إنه بهذا السبب (11) نسب إلى

    **_________
    (1) ن، م: المعطلون الأمر، ع: المعصمون للأمر، وهو تحريف.
    (2) ذلك: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (3) للحقيقة: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (4) ب، أ: للقدر، وهو تحريف.
    (5) ب، أ: في ترك المأمور ولا فعل المحظور.
    (6) ب، أ، م: مقدورا.
    (7) ن، م، ع: ولكن كانوا.
    (8) ع: على المعاصي للمعاصي بالقدر.
    (9) الناس: ساقطة من (ع) فقط.
    (10) ن، م: هو قدري، وابن أبي ذئب من أهل المدينة، وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن الحارث بن أبي ذئب القرشي العامري، توفي سنة 158، قال مالك بن أنس: لو برئ ابن أبي ذئب من القدر، ما كان على وجه الأرض خير منه، انظر ترجمته في فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، ص [0 - 9] 8، 335، تهذيب التهذيب 9/303 - 307 الأعلام 7/61.
    (11) ب، أ: وقد قيل لهذا السبب
    ============================== =
    الحسن (1) القدر، لكونه كان شديد الإنكار للمعاصي ناهيا عنها، ولذلك نجد الواحد من هؤلاء ينكر على من ينكر المنكر، ويقول: هؤلاء قدر عليهم ما فعلوه (2) . فيقال لهذا (3) : وإنكار هذا المنكر أيضا بقدر الله، فنقضت قولك بقولك.
    وهؤلاء يقول بعض مشايخهم: أنا كافر برب يعصى، ويقول: لو قتلت سبعين نبيا لم أكن مخطئا (4) ويقول بعض شعرائهم: أصبحت منفعلا لما يختاره مني ففعلي كله طاعات (5) .
    ومن الناس من يظن أن احتجاج آدم على موسى بالقدر كان من هذا الباب، وهذا (6) جهل عظيم، فإن الأنبياء من أعظم الناس أمرا بما أمر الله به، ونهيا عما نهى الله عنه، وذما لمن ذمه الله، وإنما بعثوا بالأمر بالطاعة لله (7) ، والنهي عن معصية الله، فكيف يسوغ أحد منهم (8) أن يعصي عاص لله محتجا بالقدر؟ ولأن آدم عليه السلام كان قد تاب من الذنب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولأنه لو كان القدر حجة لكان حجة لإبليس وفرعون وسائر الكفار، ولكن كان ملام موسى لآدم [عليهما السلام] (9) لأجل المصيبة (10)

    **_________
    (1) وهو الحسن البصري.
    (2) ما فعلوه: زيادة في (ب) ، (أ) .
    (3) أ: فيقال هذا المنكر، ب: فيقال لهذا المنكر.
    (4) ن، م، ع: ما كنت مخطئا.
    (5) ع فقط: طاعاتي.
    (6) ب: وهو. وسقطت من (أ) .
    (7) ن، م، ع: بطاعة الله.
    (8) ب، أ: واحد منهم.
    (9) عليهما السلام: زيادة في (ع) فقط.
    (10) ب، أ: لأجل المعصية، م: بسبب المصيبة
    ============================== =====



  18. #178
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (175)
    صـ 27 إلى صـ 34






    تعالى (1) ، بل عليه أن لا يفعلها، وإذا فعلها فعليه أن يتوب منها، كما فعل (2) آدم. ولهذا قال بعض الشيوخ: (3) اثنان أذنبا ذنبا: آدم وإبليس (4) فآدم تاب فتاب الله عليه [واجتباه وهداه] ، وإبليس (5) أصر واحتج بالقدر، فمن تاب من ذنبه أشبه أباه آدم، ومن أصر واحتج بالقدر أشبه إبليس.
    وإذا كان الفرق بين الفاعل المختار (6) وبين غيره مستقرا في بدائه (7) العقول، حصل المقصود. وكذلك إذا كان مستقرا في بدائه (8) العقول أن الأفعال الاختيارية تكسب نفس الإنسان صفات محمودة وصفات مذمومة، بخلاف لونه وطوله وعرضه، فإنها لا تكسبه ذلك.
    فالعلم النافع، والعمل الصالح، والصلاة الحسنة، وصدق الحديث، وإخلاص العمل لله، وأمثال ذلك: تورث القلب صفات محمودة. كما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إن للحسنة لنورا في القلب، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة لسوادا في الوجه، وظلمة (9) في القلب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضا في قلوب الخلق.

    **_________
    (1) بالقدر قدر الله تعالى.
    (2) ع: فعله.
    (3) ن، م:. . . آدم قال بعض السلف.
    (4) ب، أ: إبليس وآدم.
    (5) ن: تاب فتاب الله عليه وإبليس؛ م: تاب وإبليس؛ ب، أ: تاب فتاب الله عليه واختاره وهداه، وإبليس.
    (6) ب، أ، ن: بين تعذيب الفاعل المختار.
    (7) ب، أ، ن: بداية.
    (8) ب، أ، ن: بداية.
    (9) ع: وظلما
    ============================== ======
    ففعل الحسنة له آثار محمودة موجودة (1) في النفس وفي الخارج، وكذلك فعل (2) السيئات. والله تعالى جعل الحسنات سببا لهذا، [والسيئات سببا لهذا، كما جعل أكل السم سببا للمرض والموت. وأسباب الشر لها أسباب تدفع بمقتضاها] (3) ، فالتوبة والأعمال الصالحة تمحى بها السيئات، والمصائب في الدنيا تكفر بها السيئات، كما أن السم تارة يدفع موجبه بالدواء، وتارة يورث مرضا يسيرا، ثم تحصل العافية.
    وإذا قيل: خلق الفعل مع حصول العقوبة عليه (4) ظلم، كان بمنزلة أن يقال: خلق أكل (5) السم ثم حصول الموت به ظلم. والظلم وضع الشيء في غير موضعه، واستحقاق هذا الفاعل لأثر فعله الذي هو معصية الله، كاستحقاقه لأثره إذا ظلم العباد (6) .
    وهذا الآن ينزع (7) إلى مسألة التحسين والتقبيح، فإن الناس متفقون على أن كون الفعل يكون سببا لمنفعة العبد وحصول ما يلائمه، وسببا لحصول مضرته، وحصول ما ينافيه، قد يعلم بالعقل، وكذلك كونه قد يكون صفة كمال وصفة نقص، وإنما تنازعوا في كونه [يكون] (8) سببا للعقاب والذم على قولين مشهورين.

    **_________
    (1) موجودة: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (2) فعل: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (3) ع: تدفع مقتضاها، والكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) م: ثم العقوبة عليه.
    (5) ن: آكل، م: كل، وسقطت الكلمة من (ب) ، (أ) .
    (6) ن، م: العبد.
    (7) ب، أ: وهذا إلا أن ينزع.
    (8) يكون: زيادة في (م)
    ============================== ====
    والنزاع في ذلك بين أصحاب أحمد، وبين أصحاب (1) مالك، وبين أصحاب (2) الشافعي وغيرهم. وأما أبو حنيفة وأصحابه فيقولون بالتحسين والتقبيح، وهو قول جمهور الطوائف من المسلمين وغيرهم، وفي الحقيقة فهذا النزاع (3) يرجع إلى الملاءمة والمنافرة (4) ، والمنفعة والمضرة، فإن الذم والعقاب مما يضر العبد ولا يلائمه، فلا يخرج الحسن (5) والقبح عن حصول المحبوب والمكروه، فالحسن ما حصل المحبوب المطلوب المراد لذاته (6) ، والقبيح ما حصل المكروه البغيض، فإذا كان الحسن يرجع إلى المحبوب، والقبيح يرجع إلى المكروه، بمنزلة النافع والضار، والطيب والخبيث، ولهذا يتنوع بتنوع الأحوال، فكما أن الشيء الواحد يكون نافعا إذا صادف حاجة، ويكون ضارا في موضع آخر، كذلك الفعل كأكل الميتة يكون قبيحا تارة ويكون حسنا أخرى.
    وإذا كان كذلك فهذا الأمر لا يختلف، سواء كان العبد هو الفاعل (7) بغير أن يخلق الله له القدرة والإرادة، أو بأن يخلق الله له ذلك، كما في سائر ما هو نافع وضار ومحبوب ومكروه.
    وقد دلت الدلائل اليقينية على أن كل حادث فالله خالقه، وفعل العبد من جملة الحوادث، وكل ممكن يقبل الوجود والعدم، فإن شاء الله كان وإن لم يشأ

    **_________
    (1) ب، أ: وأصحاب.
    (2) ب، أ: وأصحاب.
    (3) ن، م، ب، أ: النوع.
    (4) ب، أ، ع: والمنافاة.
    (5) ب، أ: للحسن.
    (6) ع (فقط) : المراد له.
    (7) ع (فقط) : سواء الفاعل العبد
    ============================== ===
    لم يكن، وفعل العبد من جملة الممكنات ; وذلك لأن (1) العبد إذا فعل الفعل فنفس الفعل حادث بعد أن لم يكن، فلا بد له (2) من سبب.
    وإذا قيل: حدث بالإرادة، فالإرادة أيضا حادثة، فلا بد لها من سبب. وإن شئت قلت (3) : الفعل ممكن فلا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح. وعلى طريقة بعضهم (4) فلا (5) يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح. وكون العبد فاعلا له حادث ممكن، فلا بد له من محدث مرجح، ولا فرق في ذلك بين حادث وحادث. (* [والمرجح لوجود الممكن لا بد أن يكون تاما مستلزما (6) وجود الممكن، وإلا فلو كان مع وجود المرجح يمكن وجود الفعل تارة وعدمه أخرى، لكان ممكنا بعد حصول المرجح، يمكن وجوده وعدمه، وحينئذ فلا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح، وهذا المرجح إما أن يكون تاما مستلزما وجود الفعل، (وإما أن يكون الفعل) (7) معه يمكن (8) وجوده وعدمه، فإن كان الثاني لزم أن لا يوجد الفعل بحال، ولزم التسلسل الباطل.

    **_________
    (1) ب، أ، م: أن.
    (2) له: ساقطة من (ب) ، (أ) ، وفي (ن) : ولا بد له.
    (3) ب، أ: وإن سبب قلب، وهو تصحيف.
    (4) ب، أ: وعلى طريقة أحدهم، ن، م: وطريقة بعضهم.
    (5) ع: لا.
    (6) ع: يستلزم.
    (7) ما بين القوسين في (ع) فقط.
    (8) ب، أ: بل، وهو تحريف
    ============================== =

    فعلم أن الفعل لا يوجد إلا إذا وجد مرجح تام يستلزم وجوده، وذلك المرجح التام هو الداعي التام (والقدرة) (1) وهذا مما سلمه طائفة من المعتزلة كأبي الحسين البصري وغيره؛ سلموا أنه إذا وجد الداعي التام والقدرة التامة لزم وجود الفعل، وأن الداعي والقدرة خلق لله عز وجل، وهذا حقيقة قول أهل السنة (2) الذين يقولون: (إن الله خالق أفعال العباد كما أن الله خالق كل شيء، فإن أئمة أهل السنة يقولون (3) إن الله خالق الأشياء بالأسباب، وأنه خلق للعبد قدرة (4) يكون بها فعله، وأن (5) العبد فاعل لفعله حقيقة، فقولهم في خلق فعل العبد بإرادته وقدرته (6) كقولهم في خلق سائر الحوادث بأسبابها، ولكن ليس هذا قول من ينكر الأسباب والقوى التي في الأجسام وينكر تأثير القدرة (التي للعبد) (7) التي بها يكون الفعل، ويقول: إنه لا أثر لقدرة العبد أصلا في فعله (8) ، كما يقول ذلك جهم وأتباعه (9) ، والأشعري ومن وافقه.
    وليس قول هؤلاء قول أئمة السنة ولا جمهورهم، بل أصل هذا القول هو قول الجهم بن صفوان، فإنه كان يثبت مشيئة الله تعالى، وينكر أن يكون له

    **_________
    (1) والقدرة: في (ع) فقط.
    (2) ع: أئمة السنة.
    (3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
    (4) ب، أ: والله خلق العبد وقدره. . . إلخ.
    (5) ب، أ: فإن.
    (6) ب، أ: بإرادة وقدرة.
    (7) التي للعبد: في (ع) فقط.
    (8) ع فقط: أصلا في فعله أصلا.
    (9) ب، أ: كما يقول ذلك ما يقوله جهم وأتباعه
    ============================== =
    حكمة أو رحمة، وينكر أن يكون للعبد فعل أو قدرة مؤثرة. وحكي عنه أنه كان يخرج إلى الجذمى ويقول: أرحم الراحمين يفعل (مثل) (1) هذا؟ إنكارا لأن تكون له رحمة يتصف بها، وزعما منه أنه ليس إلا مشيئة محضة لا اختصاص لها بحكمة، بل يرجح أحد المتماثلين بلا مرجح.
    وهذا قول طائفة من المتأخرين، وهؤلاء يقولون: إنه لم يخلق لحكمة، ولم يأمر لحكمة، وأنه ليس في القرآن " لام " كي، لا في خلق الله ولا في أمر الله. (2) وهؤلاء الجهمية المجبرة هم والمعتزلة والقدرية في (3) طرفين متقابلين (4) .
    وقول سلف الأمة وأئمة السنة وجمهورها ليس قول هؤلاء ولا قول هؤلاء، وإن كان كثير من المثبتين للقدر يقول بقول جهم، فالكلام (5) إنما هو في أهل السنة المثبتين لإمامة أبي بكر وعمر وعثمان والمثبتين للقدر. وهذا الاسم يدخل فيه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وأئمة التفسير والحديث والفقه

    **_________
    (1) مثل: زيادة في (ع) .
    (2) ب، أ: ولا في أمره.
    (3) ب، أ: من.
    (4) كتب مستجى زاده في هامش (ع) : وهؤلاء الجهمية هم والمعتزلة القدرية في طرفين متقابلين، لأن عند المعتزلة أفعال العباد بقدرتهم وإيجادهم لا مدخل لقدرته وخلقه فيها، وعند المجبرة أنها بمحض قدرة الله تعالى وإيجاده وخلقه لا مدخل لقدر العبد وإيجاده فيها. قلت: إلا أنه فرق بين قول جهم وبين قول الأشعري بأنه وإن قال بقدرة غير مؤثرة في العبد إلا أن للعبد قدرة يخلق الله تعالى عندها، كالنار التي يخلق عندها الإحراق، كذلك القدرة المتحققة في العبد يترتب عليها الفعل الاختياري، فالنار والقدرة هما سببان ماديان لأثرهما من الإحراق والفعل، لا سببان حقيقيان لهما، والمؤثر الحقيقي والسبب الحقيقي هو الله تعالى.
    (5) ب، أ: والكلام
    ============================== ====
    والتصوف، وجمهور المسلمين، وجمهور طوائفهم، لا يخرج عن هذا إلا بعض الشيعة، وأئمة هؤلاء وجمهورهم على القول الوسط الذي ليس هو قول المعتزلة ولا قول جهم وأتباعه الجبرية، فمن قال إن شيئا من الحوادث أفعال الملائكة والجن والإنس لم يخلقها الله تعالى، فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع السلف والأدلة العقلية] (1) *) (2) .
    ولهذا قال بعض السلف من قال: إن كلام الآدميين أو أفعال (3) العباد غير مخلوقة، فهو بمنزلة من قال: إن سماء الله وأرضه غير مخلوقة.
    والله تعالى يخلق ما يخلق (4) لحكمة كما تقدم، ومن جملة المخلوقات ما قد يحصل به (5) ضرر عارض لبعض الناس، كالأمراض والآلام وأسباب ذلك، فخلق الصفات والأفعال التي هي أسبابه (6) من جملة ذلك. فنحن نعلم أن لله في ذلك حكمة، (* وإذا كان قد فعل ذلك لحكمة خرج عن أن يكون سفها، وإذا كان العقاب على فعل العبد الاختياري لم يكن ظلما. فهذا الحادث بالنسبة إلى الرب له فيه حكمة *) (7) يحسن (8) لأجل تلك الحكمة وبالنسبة (9) إلى العبد عدل، لأنه عوقب على فعله، فما ظلمه الله ولكن هو ظلم نفسه.

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط (ن) ، (م) .
    (2) ما بين النجمتين (والمرجح لوجود الممكن (ص [0 - 9] 0) . . . . . السلف والأدلة العقلية (ص 33) : ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: وأفعال.
    (4) ن، م، ب، أ: ما يخلقه.
    (5) م (فقط) : ما يحصل منه.
    (6) ب (فقط) : أسباب.
    (7) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
    (8) ب، أ، ن: تحسن، وفي (م) الكلمة غير معجمة.
    (9) ب، أ: بالنسبة
    ============================== ==
    واعتبر ذلك بأن يكون غير الله هو الذي عاقبه على ظلمه، لو (1) عاقبه ولي أمر على عدوانه على الناس فقطع (2) يد السارق، أليس ذلك عدلا (3) من هذا الوالي؟ وكون الوالي مأمورا بذلك يبين (4) أنه عادل.
    لكن المقصود هنا أنه مستقر في فطر الناس وعقولهم أن ولي الأمر إذا أمر الغاصب برد المغصوب إلى مالكه، وضمن التالف بمثله، أنه يكون حاكما بالعدل، وما زال العدل معروفا في القلوب والعقول. ولو قال هذا المعاقب: أنا قد قدر علي هذا، لم يكن هذا (5) حجة له، ولا مانعا لحكم الوالي أن يكون عدلا.
    فالله تعالى أعدل العادلين إذا اقتص (6) للمظلوم من ظالمه في الآخرة أحق بأن يكون ذلك عدلا منه، فإن (7) قال الظالم: هذا كان مقدرا علي، لم يكن هذا عذرا صحيحا ولا مسقطا لحق المظلوم، وإذا كان الله هو الخالق لكل شيء فذاك (8) لحكمة أخرى له في الفعل، فخلقه حسن بالنسبة إليه لما [له] (9) فيه من الحكمة، والفعل القبيح المخلوق قبيح من فاعله (10) ، لما عليه

    **_________
    (1) ب، أ: ولو.
    (2) ن، م: فيقطع.
    (3) ع: أليس في ذلك عدلا ; ن، م: أليس ذلك عدل.
    (4) ن: يتبين، أ، ع: تبين.
    (5) هذا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) ب، أ: إذا اقتضى.
    (7) ب، أ: فإذا.
    (8) ب، أ: فذلك.
    (9) له: في (ع) فقط.
    (10) ن، م: والفعل القبيح من المخلوق هو قبيح من فاعله
    ============================== ===




  19. #179
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (176)
    صـ 35 إلى صـ 42






    فيه من المضرة، كما أن أمر الوالي بعقوبة الظالم يسر الوالي لما فيه من الحكمة (1) ، وهو عدله وأمره بالعدل، وذلك يضر المعاقب لما عليه فيه من الألم.
    ولو قدر أن هذا الوالي كان سببا في حصول ذلك الظلم، على وجه لا يلام عليه، لم يكن عذرا للظالم، مثل حاكم شهد عنده بينة (2) بمال لغريم (3) ، فأمر بحبسه أو عقوبته، حتى ألجأه ذلك إلى أخذ مال آخر بغير حق ليوفيه إياه، فإن الحاكم أيضا يعاقبه [فيه] (4) ، فإذا قال: أنت (5) حبستني وكنت عاجزا عن الوفاء، ولا (6) طريق لي إلى الخلاص إلا أخذ مال هذا، لكان حبسه الأول ضررا عليه، وعقوبته ثانيا على أخذ مال [الغير] (7) ضررا عليه والوالي يقول: أنا حكمت بشهادة العدول، فلا ذنب لي في ذلك، وغايتي أني أخطأت، والحاكم إذا أخطأ له أجر. وقد يفعل كل من الرجلين بالآخر (8) من الضرر ما يكون فيه (9) معذورا، والآخر معاقبا، بل (10) مظلوما لكن بتأويل.

    **_________
    (1) ن، م: لما له في ذلك من الحكمة.
    (2) البينة هنا الشاهدان، قال الأصفهاني في غريب القرآن: والبينة الدلالة الواضحة عقلية كانت أو محسوسة، وسمي الشاهدان بينة لقوله عليه السلام: البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
    (3) ن، م: للغريم.
    (4) فيه: في (ع) فقط.
    (5) أنت: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) ع: لا، وسقطت من (أ) .
    (7) ن، م، ع: على أخذ المال.
    (8) بالآخر: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (9) ع: ما لا يكون فيه. أ، ب: ما يكون.
    (10) بل: ساقطة من (ب) ، (أ)
    ============================== =
    وهذه الأمثال ليست مثل فعل الله تعالى، فإن الله ليس كمثله شيء: لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإنه سبحانه يخلق الاختيار في المختار، والرضا في الراضي، والمحبة في المحب. وهذا لا يقدر عليه إلا الله.
    ولهذا أنكر الأئمة على من قال: جبر الله العباد، كالثوري والأوزاعي والزبيدي وأحمد بن حنبل وغيرهم، وقالوا: الجبر لا يكون إلا من عاجز، كما يجبر الأب ابنته على خلاف مرادها.
    والله خالق الإرادة والمراد، فيقال: جبل، كما جاءت به السنة، ولا يقال: جبر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم [في الحديث الصحيح] (1) . (2) . (3) .
    ومما يبين هذا أن الله سبحانه وتعالى جهة خلقه وتقديره غير جهة أمره وتشريعه، فإن أمره وتشريعه، مقصوده بيان ما ينفع العباد إذا فعلوه وما يضرهم، بمنزلة أمر الطبيب للمريض بما ينفعه، فأخبر الله على ألسن رسله بمصير السعداء والأشقياء، وأمر بما يوصل إلى السعادة، ونهى عما يوصل إلى الشقاوة.

    **_________
    (1) في الحديث الصحيح: زيادة (ع) فقط
    (2) قال لأشج عبد القيس: " إن فيك لخلقين يحبهما الله: الحلم والأناة " فقال: أخلقين تخلقت بهما أم خلقين جبلت عليهما؟ قال: " بل خلقين جبلت عليهما " فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله
    (3) الحديث عن ابن عباس وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم في مسلم 1/48 - 49 (كتاب الإيمان، باب الأمر بالإيمان بالله تعالى) ؛ سنن ابن ماجه 2/1401 (كتاب الزهد باب الحلم) المسند ط الحلبي 3/23، 4/206. سنن أبي داود 4/483 (كتاب الأدب باب في قبلة الرجل) . والحديث فيها عن أم أبان بنت زارع عن جدها زارع، سنن الترمذي 3/247 (كتاب البر والصلة، باب ما جاء في التأني والعجلة)
    ============================== =
    وخلقه وتقديره يتعلق به وبجملة المخلوقات، فهو يفعل لما فيه حكمة متعلقة بعموم خلقه، (1) وإن كان في ضمن ذلك مضرة لبعض الناس، كما أنه ينزل المطر لما فيه من الرحمة والنعمة العامة والحكمة (2) وإن كان في ضمن ذلك تضرر (3) بعض الناس بسقوط منزله وانقطاعه عن (4) سفره وتعطيل معيشته وكذلك يرسل نبيه [محمدا] صلى (5) الله عليه وسلم لما في إرساله من الرحمة العامة، وإن كان في ضمن ذلك سقوط رياسة قوم وتألمهم بذلك. فإذا قدر على الكافر كفره، قدره الله لما له في ذلك من الحكمة والمصلحة العامة، وعاقبه لاستحقاقه ذلك بفعله الاختياري وإن كان مقدرا (6) ، ولما له في عقوبته من الحكمة والمصلحة العامة.
    وقياس أفعال الله على أفعال العباد خطأ ظاهر، لأن السيد إذا أمر عبده بأمر أمره لحاجته إليه ولغرض السيد فإذا أثابه على ذلك كان من باب المعاوضة، وليس له حكمة يطلبها إلا حصول ذلك [المأمور به] (7) وليس هو الخالق لفعل المأمور. فإذا قدر أن السيد لم يعوض المأمور، أو لم (8) يقم بحق عبده الذي يقضي حوائجه كان ظالما كالذي يأخذ سلعة ولا يعطي (9) ثمنها، أو يستوفي منفعة الأجير ولم يوفه أجره.

    **_________
    (1) ساقطة من (ب) ، (أ) ، ومكانه فيها كلمة " كالمطر ".
    (2) ساقطة من (ب) ، (أ) ، ومكانه فيها كلمة كالمطر.
    (3) ن: يتضرر، م: ضرر.
    (4) ن، م، ع: من.
    (5) ن، م: يرسل نبيه صلى. . .، ب: رسالة نبيه صلى، أ: برسالة نبيه صلى. . .
    (6) ب، أ، م: مقدورا.
    (7) المأمور به: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) ب، أ: ولم.
    (9) ب، أ: ولم يعط
    ============================== =
    والله تعالى غني عن العباد، إنما أمرهم بما ينفعهم، ونهاهم عما يضرهم فهو محسن إلى عباده بالأمر لهم، محسن (1) لهم بإعانتهم على الطاعة ولو قدر أن عالما صالحا أمر الناس بما ينفعهم، ثم أعان بعض الناس (2) على فعل ما أمرهم به ولم يعن آخرين، لكان محسنا إلى هؤلاء إحسانا تاما، ولم يكن ظالما لمن لم يحسن إليه. وإذا قدر أنه عاقب المذنب (3) العقوبة التي يقتضيها عدله وحكمته (4) ، لكان [أيضا] محمودا على هذا وهذا، وأين هذا من حكمة [أحكم الحاكمين] ، وأرحم الراحمين (5) ؟ ! .
    فأمره (6) لهم إرشاد وتعليم وتعريف (7) بالخير، فإن أعانهم على فعل المأمور كان قد أتم النعمة على المأمور، وهو مشكور على هذا وهذا، وإن لم يعنه وخذله حتى فعل الذنب كان له في ذلك حكمة أخرى، وإن كانت مستلزمة تألم هذا، فإنما تألم بأفعاله الاختيارية التي من شأنها أن تورثه نعيما أو ألما، وإن كان ذلك الإيراث بقضاء الله وقدره فلا منافاة بين هذا وهذا، فجعله المختار (8) مختارا من كمال قدرته وحكمته، وترتيب آثار الاختيار عليه من تمام حكمته وقدرته.

    **_________
    (1) أ، ع: محسنا، وفي (م) ، (ن) : بالأمر لهم وبإعانتهم. ن: وبإعانته.
    (2) ن، م: ثم أعان بعضهم.
    (3) ن، م: المذنبين.
    (4) ب، أ: وحكمه.
    (5) ن، م: لكان محمودا على فعل هذا وهذا، وأين هذا من حكمة أرحم الراحمين.
    (6) ب، أ: وأمره.
    (7) ب، أ: وتعريفهم.
    (8) ب، أ: للمختار
    ============================== ====
    لكن يبقى الكلام في نفس الحكمة الكلية (1) في هذه الحوادث، فهذه ليس على الناس معرفتها، ويكفيهم التسليم لما قد علموا أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه أرحم بعباده من الوالدة بولدها.
    ومن المعلوم (2) ما لو علمه كثير من الناس لضرهم علمه، ونعوذ بالله من علم لا ينفع. وليس اطلاع كثير من الناس بل أكثرهم على حكم (3) الله في كل شيء نافعا لهم بل قد يكون ضارا. قال تعالى: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [سورة المائدة: 101] .
    وهذه المسألة (4) : مسألة غايات أفعال الله ونهاية حكمته مسألة عظيمة، لعلها أجل المسائل الإلهية، وقد بسط الكلام عليها في غير هذا الموضع، وكذلك بسط الكلام على مسائل القدر، وإنما نبهنا تنبيها لطيفا على امتناع أن يكون خلق الفعل (5) ظلما، سواء قيل: إن الظلم ممتنع من الله، أو قيل (6) : إنه مقدور، فإن الظلم الذي هو ظلم أن يعاقب الإنسان على عمل غيره، فأما عقوبته على فعله الاختياري، وإنصاف المظلومين من الظالمين، فهو من كمال عدل الله تعالى.
    وهذا التفصيل في باب التعديل والتجوير (7) بين مذهب القدرية الذين

    **_________
    (1) ب، أ: الكمية وهو تحريف.
    (2) ب (فقط) : العلوم.
    (3) ب، أ: حكمة
    (4) ب، أ: وفي هذه المسألة.
    (5) الفعل: ساقطة من (ع) .
    (6) قيل: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (7) ب، أ، ع: والتجويز، وهو خطأ
    ===========================
    يقيسون الله بخلقه في عدلهم وظلمهم، وبين مذهب الجبرية الذين لا يجعلون لأفعال (1) الله حكمة (2) ، ولا ينزهونه عن ظلم يمكنه فعله، ولا فرق عندهم بالنسبة إليه بين ما يقال: هو عدل وإحسان، وبين ما يقال هو ظلم.
    وقول هؤلاء من الأسباب التي قويت بها شناعات (3) القدرية، حتى غلوا في الناحية الأخرى، وخيار الأمور أوسطها، ودين الله عدل بين الغالي فيه والجافي عنه، وقد ظهر الفرق بين عقوبته على الكفر وغيره من المعاصي، وبين عقوبته على اللون والطول (4) ، كما يظهر الفرق بينهما إذا كان المعاقب بعض الناس، فإن الكفر وإن كان خلق فيه إرادته وقدرته عليه، فهو الذي فعله باختياره وقدرته، وإن كان كذلك كله (5) مخلوقا، كما يعاقبه (6) غيره عليه مع كون ذلك كله مخلوقا.
    وأما قوله: " ولم يخلق فيه قدرة على الإيمان " فهذا قاله على قول من يقول من أهل الإثبات: إن القدرة لا تكون إلا مع الفعل، فكل (7) من لم يفعل شيئا لم يكن قادرا عليه، ولكن يكون (8) عاجزا عنه. وهؤلاء قد (9) يقولون لا يكلف

    **_________
    (1) ب، أ: أفعال.
    (2) ب (فقط) : لحكمة.
    (3) ب، أ: ساعات، وهو تحريف.
    (4) ب، أ: اللون والقصر والطول.
    (5) ب، أ، م: وإن كان كل ذلك.
    (6) ب، أ: كما يعاقب.
    (7) ع: وكل.
    (8) ب، أ، ن، م: ولكن لا يكون، وهو خطأ.
    (9) قد: ساقطة من (ب) ، (أ)
    ============================== ==
    العبد (1) ما يعجز عنه، ولكن يكلف ما يقدر عليه (2) بناء على أن القدرة لا تكون إلا مع الفعل (3) .
    وحقيقة قولهم أن كل من ترك واجبا لم يكن قادرا عليه. و [ليس] هذا (4) قول جمهور أهل السنة، بل جمهور أهل السنة (5) يثبتون للعبد قدرة هي مناط الأمر والنهي، وهذه قد تكون قبله لا يجب أن تكون معه، ويقولون أيضا: إن القدرة التي يكون بها الفعل لا بد أن تكون مع الفعل، لا يجوزون (6) أن يوجد الفعل بقدرة معدومة [ولا بإرادة معدومة] (7) ، كما لا يوجد بفاعل معدوم.
    وأما القدرية فيزعمون أن القدرة لا تكون إلا قبل الفعل، ومن قابلهم من المثبتة يقولون: لا تكون إلا مع الفعل.
    وقول [الأئمة] والجمهور (8) هو الوسط: أنها لا بد أن تكون معه، وقد تكون مع ذلك قبله (9) [كقدرة المأمور العاصي] (10) ، فإن تلك القدرة تكون متقدمة (11) على الفعل بحيث تكون لمن لم يطع (12) ، كما قال تعالى:

    **_________
    (1) العبد: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (2) ع: ولكن يكلف ما لا يقدر عليه، ن، م: ولكن لا يكلف ما لا يقدر عليه.
    (3) م فقط: بناء على أن القدرة إنما تكون مع الفعل.
    (4) ن، م: وهذا، وهو خطأ.
    (5) عبارة ((بل جمهور أهل السنة)) ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) ن، م، ع: لا يجوز.
    (7) ولا بإرادة معدومة: هذه العبارة ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) ن، م: وقول الجمهور.
    (9) ن، م: وقد تكون قبل ذلك.
    (10) عبارة ((كقدرة المأمور العاصي)) ساقطة من (ن) ، (م) .
    (11) ب، أ: مقدمة ; ن: مقدرة.
    (12) ن، م: على الفعل تكون لمن يطيع
    ============================== ====
    {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [سورة آل عمران 97] فأوجب الحج على المستطيع، فلو لم يستطع إلا من حج لم يكن الحج قد وجب إلا على من حج، ولم يعاقب أحد (1) على ترك الحج. وهذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام.
    وكذلك قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [سورة التغابن 16] ، فأوجب التقوى بحسب الاستطاعة، فلو كان من لم يتق الله لم يستطع التقوى لم يكن قد أوجب التقوى إلا على من اتقى، ولا يعاقب من لم يتق (2) ، وهذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام.
    وهؤلاء إنما قالوا هذا لأن القدرية والمعتزلة (3) والشيعة وغيرهم قالوا: القدرة لا تكون إلا قبل الفعل، لتكون صالحة للضدين: الفعل والترك، وأما حين الفعل (4) [فلا يكون إلا الفعل، فزعموا أو من زعم منهم أنه حينئذ] (5) لا يكون قادرا ; لأن القادر لا بد أن (6) يقدر على الفعل والترك، وحين الفعل لا يكون قادرا على الترك فلا يكون قادرا.
    وأما أهل السنة فإنهم يقولون: لا بد أن يكون قادرا حين الفعل، ثم أئمتهم قالوا: ويكون أيضا قادرا قبل الفعل. وقالت (7) طائفة منهم لا يكون

    **_________
    (1) ب، أ: ولم يعاقب أحدا.
    (2) م فقط: ولم يعاقب الله من لم يتق.
    (3) ن، م، ع: القدرية من المعتزلة.
    (4) ب، أ: وأما من حين الفعل.
    (5) ب، أ: وزعموا أن من زعم منهم، وسقطت العبارات بين المعقوفتين من (ن) ، (م) إلا كلمات قليلة في (م) .
    (6) ع: لا بد وأن.
    (7) ب، أ، ن: وقال
    ============================== ======




  20. #180
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (177)
    صـ 43 إلى صـ 50






    قادرا إلا حين الفعل. وهؤلاء يقولون: إن القدرة لا تصلح للضدين عندهم (1) فإن القدرة المقارنة للفعل لا تصلح إلا لذلك الفعل، وهي مستلزمة له لا توجد بدونه، إذ لو صلحت للضدين على وجه البدل أمكن وجودها مع عدم (2) أحد الضدين، والمقارن للشيء مستلزم له (3) لا يوجد مع عدمه، فإن وجود (4) الملزوم بدون اللازم ممتنع، وما قالته القدرية [فهو] بناء على أصلهم (5) الفاسد، وهو أن إقدار الله المؤمن (6) والكافر والبر والفاجر سواء، فلا يقولون: إن الله خص المؤمن (7) المطيع بإعانة حصل بها الإيمان، بل يقولون: إن إعانته للمطيع (8) والعاصي سواء، ولكن هذا بنفسه رجح الطاعة ; وهذا بنفسه رجح المعصية. كالوالد الذي أعطى (9) كل واحد من ابنيه (10) سيفا، فهذا جاهد به في سبيل الله، وهذا قطع به الطريق، أو أعطاهما مالا، فهذا أنفقه في سبيل الله، وهذا أنفقه في سبيل الشيطان.
    وهذا القول فاسد باتفاق أهل السنة والجماعة المثبتين للقدر، فإنهم متفقون على أن لله على عبده المطيع [المؤمن] (11) نعمة دينية خصه بها دون

    **_________
    (1) عندهم: زيادة في (ن) ، (م) .
    (2) عدم: ساقطة من (ع) فقط.
    (3) ب، أ: المستلزم له.
    (4) م فقط: فإن وجد.
    (5) ن: وهذا قالته القدرية بناء على أصلهم، م: وهذا قالته القدرية على أصلهم.
    (6) ع: وهو إقدار الله للمؤمن.
    (7) المؤمن: ساقطة من (ع) .
    (8) ب، أ: إعانة المطيع.
    (9) ب، أ: يعطي.
    (10) م فقط: كلا من ولديه.
    (11) المؤمن: زيادة في (ب) ، (أ)
    ============================== =====
    الكافر، وأنه أعانه على الطاعة إعانة لم يعن بها الكافر، كما قال تعالى: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون} [سورة الحجرات: 7] ، فبين أنه حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم.
    فالقدرية تقول: (1) هذا التحبيب والتزيين عام في كل الخلق (2) ، أو هو (3) بمعنى البيان وإظهار دلائل الحق. والآية تقتضي أن هذا خاص بالمؤمنين، ولهذا قال: (أولئك هم الراشدون) ، والكفار ليسوا راشدين.
    وقال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} [سورة الأنعام: 125] .
    وقال: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون} [سورة الأنعام: 122] .
    وقال تعالى: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين} [سورة الأنعام: 53] .
    وقال تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} [سورة الحجرات: 17] .

    **_________
    (1) ب، أ، م: يقولون.
    (2) ب، أ: والتزيين على كل الخلق.
    (3) ن، م: إذ هو
    ==============================
    وقد أمر الله عباده أن (1) يقولوا: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم} .
    والدعاء إنما يكون لشيء مستقبل غير حاصل يكون (2) من فعل الله تعالى. وهذه الهداية المطلوبة غير الهدى الذي هو بيان الرسول صلى الله عليه وسلم وتبليغه.
    وقال تعالى: {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام} [سورة المائدة] .
    وقال تعالى: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم} [سورة النور: 21] .
    وقال الخليل صلى الله عليه وسلم: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا} [سورة البقرة: 128] .
    وقال تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [سورة السجدة: 24] .
    وقال تعالى: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} [سورة القصص: 41] .
    ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة يبين سبحانه وتعالى اختصاصه (3) عباده المؤمنين بالهدى والإيمان والعمل الصالح، والعقل يدل على ذلك، فإنه إذا (4) قدر أن جميع الأسباب الموجبة للفعل من الفاعل كما هي من التارك، كان

    **_________
    (1) ب: بأن وسقطت من (أ) .
    (2) ب، أ: غير حاصل بل يكون.
    (3) ب: يبين اختصاص، أ: يبين اختصاصه، ن: تبين تعالى اختصاص ; م: يبين الله اختصاص.
    (4) ب، أ: فإذا
    =============================
    اختصاص الفاعل بالفعل ترجيحا لأحد (1) المثلين على الآخر بلا مرجح، وذلك معلوم الفساد بالضرورة. وهو الأصل الذي بنوا عليه إثبات الصانع، فإن قدحوا في ذلك انسد عليهم طريق إثبات الصانع.
    وغايتهم أن قالوا: القادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح، كالجائع والخائف. وهذا فاسد، فإنه مع استواء الأسباب (2) الموجبة من كل وجه يمتنع الرجحان.
    وأيضا فقول القائل: يرجح بلا مرجح، إن كان لقوله " يرجح " معنى زائد على وجود الفعل (3) فذاك هو السبب المرجح، وإن لم يكن له معنى زائد، كان حال الفعل قبل وجود الفعل (4) كحاله (5) عند الفعل (6) ، ثم الفعل حصل في إحدى الحالتين دون الأخرى (7) بلا مرجح، وهذا (8) مكابرة للعقل.
    فلما كان أصل قول القدرية أن فاعل الطاعات وتاركها كلاهما في الإعانة والإقدار سواء، امتنع على أصلهم (9) أن يكون مع الفعل قدرة تخصه (10) ;

    **_________
    (1) ب، أ: ترجيح أحد.
    (2) ع، أ، ب: فإنه مع الأسباب.
    (3) ع، أ، ب، فإنه مع الأسباب
    (4) ساقط من (ب) ، (أ) ، والعبارة الأخيرة في (ع) فيها. . كان حال الفعل قبل وجود الفعل، وهو خطأ.
    (5) ب، أ: لحاله.
    (6) م فقط: كحاله بعد وجود الفعل.
    (7) ب: أحد الحالين دون الآخر ; أ: إحدى الحالين دون الآخر ; م: أحد الحالين دون الأخرى، ع: إحدى الحالين دون الأخرى.
    (8) ب، أ: فهذا.
    (9) م فقط: امتنع عليهم.
    (10) ب: أن تكون القدرة مع الفعل قدرة تخصه ; أ: أن يكون القدرة مع الفعل قدرة تخصه
    ============================== ====
    لأن القدرة التي تخص الفعل لا تكون للتارك وإنما تكون للفاعل، والقدرة لا تكون إلا من الله، وما كان من الله لم يكن مختصا بحال وجود الفعل. ثم لما رأوا أن القدرة لا بد أن تكون قبل الفعل، قالوا: لا تكون مع الفعل، لأن القدرة هي التي يكون بها الفعل والترك، وحال وجود الفعل يمتنع الترك. فلهذا قالوا: القدرة لا تكون إلا قبل الفعل، وهذا باطل قطعا ; لأن (1) وجود الأثر مع عدم (2) بعض شروطه الوجودية ممتنع، بل لا بد أن يكون جميع ما يتوقف عليه الفعل من الأمور الوجودية موجودا عند الفعل، فنقيض قولهم حق، وهو أن الفعل (3) لا بد أن يكون معه قدرة، لكن صار أهل الإثبات هنا (4) حزبين؛ حزبا قالوا: لا تكون القدرة إلا معه، ظنا منهم أن القدرة نوع واحد [لا تصلح للضدين (5) ] ، وظنا من بعضهم (6) أن القدرة عرض فلا تبقى زمانين فيمتنع وجودها قبل الفعل.
    والصواب الذي عليه أئمة الفقه والسنة أن القدرة نوعان: نوع مصحح للفعل يمكن معه الفعل والترك، وهذه هي التي يتعلق بها الأمر والنهي، فهذه تحصل (7) للمطيع والعاصي وتكون قبل الفعل، وهذه تبقى (8) إلى حين

    **_________
    (1) ن، م، ع: فإن.
    (2) عدم ساقطة من (ع) .
    (3) ساقط من (ب) فقط.
    (4) هنا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (5) لا تصلح للضدين: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ع فقط: وظنا منهم.
    (7) ب، أ: تصلح.
    (8) ب، أ: وهذا يبقى
    ============================== ==========
    الفعل: إما ببقائها (1) عند من يقول ببقاء الأعراض (2) ، وإما بتجدد أمثالها عند من يقول: إن الأعراض لا تبقى، وهذه قد تصلح (3) للضدين.
    وأمر الله لعباده مشروط بهذه الطاقة، فلا يكلف الله من ليست معه هذه الطاقة، وضد هذه العجز، وهذه المذكورة في قول الله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات} [سورة النساء: 25] ، وقوله تعالى: {وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون} [سورة التوبة: 42] ، وقوله في الكفارة: {فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا} [سورة المجادلة: 4] فإن هذا نفي لاستطاعة من لم يفعل، فلا يكون مع الفعل.
    ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: " «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا (4) ، فإن لم تستطع فعلى جنب» " (5) ، فإنما نفى استطاعة لا فعل معها.

    **_________
    (1) ب، م: إما بنفسها ; أ، ن: إما بنفيها، وهو خطأ.
    (2) ن، م: عند من يقول إن الأعراض تبقى.
    (3) ب، أ، م: وهذا قد يصلح.
    (4) ن، م: فجالسا.
    (5) الحديث عن عمران بن حصين رضي الله عنه في: البخاري 2/48
    ============================== =======
    وأيضا فالاستطاعة المشروطة في الشرع أخص من الاستطاعة التي يمتنع (1) الفعل مع عدمها، فإن الاستطاعة الشرعية قد تكون مما يتصور الفعل مع عدمها وإن لم يعجز عنه (2) ، فالشارع ييسر (3) على عباده، ويريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر، وما جعل عليهم (4) في الدين من حرج.
    والمريض قد يستطيع القيام مع زيادة مرضه وتأخر برئه، فهذا في الشرع غير مستطيع لأجل حصول الضرر عليه، وإن كان يسميه [بعض] الناس مستطيعا (5) .
    فالشارع لا ينظر في الاستطاعة الشرعية إلى مجرد إمكان الفعل، بل ينظر إلى لوازم ذلك، فإذا كان الفعل ممكنا مع المفسدة الراجحة لم تكن هذه استطاعة شرعية، كالذي يقدر أن يحج مع ضرر يلحقه في بدنه أو ماله، أو يصلي قائما مع زيادة مرضه، أو يصوم الشهرين مع انقطاعه عن معيشته، ونحو ذلك (6) فإن كان الشارع قد اعتبر في المكنة عدم المفسدة الراجحة، فكيف يكلف مع العجز؟ ! .
    ولكن هذه الاستطاعة مع بقائها إلى حين الفعل لا تكفي في وجود الفعل، ولو كانت كافية لكان التارك كالفاعل، بل لا بد من إحداث إعانة

    **_________
    (1) ن، م: تمنع.
    (2) ب، أ: قد تكون ما يتصور بالعقل مع عدمها فإن لم يعجز عنه ; ع: قد تكون مما يتصور بالفعل مع عدمها وإن لم يعجز عنه ; ن، م: قد تكون ما يتصور الفعل مع عدمها وإن لم يعجز عنه. ولعل الصواب ما أثبته.
    (3) ن، م: فإن الشارع ميسر.
    (4) أ، ب، ع: عليكم.
    (5) ن، م: وإن كان قد يسميه الناس مستطيعا ; ع: وإن كان يسميه بعض الناس مطيعا.
    (6) ونحو ذلك: ساقطة من (ب) ، (أ)
    ============================== =========
    أخرى تقارن هذه (1) ، مثل جعل الفاعل مريدا، فإن الفعل لا يتم (2) إلا بقدرة وإرادة.
    والاستطاعة المقارنة للفعل تدخل فيها الإرادة الجازمة، بخلاف المشروطة في التكليف، فإنه لا يشترط فيها الإرادة، والله تعالى (3) يأمر بالفعل من لا يريده، لكن لا يأمر به من لو (4) أراده لعجز عنه (5) .
    وهذا الفرقان هو فصل الخطاب في هذا الباب. وهكذا أمر الناس بعضهم لبعض، فإن الإنسان (6) يأمر عبده بما لا يريده العبد، لكن لا يأمره بما يعجز عنه العبد. وإذا اجتمعت الإرادة الجازمة والقوة التامة (7) لزم وجود الفعل، ولا بد أن يكون هذا المستلزم للفعل مقارنا له، لا يكفي تقدمه عليه إن لم يقارنه، فإنه العلة التامة للفعل، والعلة التامة تقارن المعلول، لا تتقدمه. ولأن القدرة شرط في وجود الفعل [وكون الفاعل قادرا] ، والشرط في وجود الشيء [الذي به القادر يكون قادرا] لا يكون [الشيء] مع عدمه بل مع وجوده (8) ، [وإلا فيكون الفاعل (9) فاعلا حين لا يكون قادرا، أو غير (10) القادر لا يكون قادرا] (11) .

    **_________
    (1) ب، أ: هذا.
    (2) لا يتم: ساقطة من (ع) .
    (3) ب، أ: فالله تعالى ; ن، م: والله سبحانه.
    (4) لو ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (5) ب (فقط) : فعجز عنه.
    (6) ب، أ: فالإنسان ; ن، م: والإنسان.
    (7) م (فقط) : والإرادة التامة.
    (8) ن، م: شرط في وجود الفعل، والشرط في وجود الشيء لا يكون مع عدمه بل مع وجوده.
    (9) ب، أ: ولا يكون الفاعل.
    (10) أ، ب: وغير.
    (11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    ============================== =




الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •