وقال كُثَيَّر:
إذا مَذَلَتْ رجلي ذكرتُكِ اشتفي
بدعواك من مَذْلٍ بها فيهونُ
وقال كُثَيَّر:
إذا مَذَلَتْ رجلي ذكرتُكِ اشتفي
بدعواك من مَذْلٍ بها فيهونُ
وقال جميلُ بثينةَ:
وأنتِ لعَيْنِيْ قُرَّةٌ حين نَلْتَقِيْوذِكْرُكِ يَشفِيْني إذا خَدَرتْ رجلي
وقالت امرأة:
إذا خدرت رجلي دعوتُ ابنَ مُصْعبٍ
فإنْ قلتُ: عبدَاللهِ أجْلَى فتورَها
وقال الموصلي:
واللهِ ما خَدَرَتْ رجلي وما عَثَرَتْ
إلا ذكرتُكِ حتى يَذْهبَ الخدَرُ
وقال الوليد بن يزيد:
أثيبي هائماً كَلِفاً مُعَنَّى
إذا خَدَرتْ له رجْلٌ دَعاكِ ( 1 )
وغير ذلك من الأشعار،
أفيقال:
إن هؤلاء توسلوا بمن يحبونه،
من نساءٍ وغلمان،
وأُجيب سؤلهم،
وقُبلت وسيلتهم ؟!!
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ): "بلوغ الأرب" (2/320-321).
وقال (ص68) معنونا:
(التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم).
ونقل أحاديث
من "مجمع الزوائد" للهيثمي
(10/ 132).
والهيثمي الحافظ بَوَّب لهذه الأحاديث بقوله:
(باب ما يقول إذا انفلتت دابته،
أو أراد غوثا أو أضل شيئا)
ساقه ضمن أبواب أدعية السفر.
وفِقْهُ الهيثمي في هذا التبويب ظاهر،
وأما من بوب
بـ (التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم)
فليس بفقيه في النصوص،
وسأبين هذا.
استدل صاحب المفاهيم
تحت هذه الترجمة بأحاديث:
قال:
(عن عتبة بن غزوان
عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:
( إذا أضل أحدكم شيئا
أو أراد عونا وهو بأرض ليس بها أنيس
فليقل يا عباد الله أعينوني،
فإن لله عبادا لا نراهم.
وقد جرب ذلك
( ... رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم
إلا أن يزيد بن علي لم يدرك عتبة )
انتهى كلامه.
والكلام عليه من أوجه:
الأول:
ما وقع في نقله من التحريفات،
فمنها
أنه جعل قوله: (وقد جرب ذلك)
من كلام رسول الله،
إذ أدخله بين الحاصرتين
وهو ليس من كلامه،
إنما من قول بعض الرواة المتأخرين
كما سيأتي.
ومنها:
أن (يزيد) محرَّفه
وصوابها زيد بن على،
كما هو في معجم الطبراني.
الثاني:
الحديث رواه الطبراني في "معجمه الكبير"
(17/117)،
من طريق أحمد بن يحيى الصوفي
ثنا عبد الرحمن بن شريك ( 1 )
حدثني أبي عن عبد الله بن عيسى
عن زيد بن علي عن عتبة بن غزوان مرفوعاً.
قال الحافظ ابن حجر
في "نتائج الأفكار":
( أخرجه الطبراني
بسند منقطع ) اهـ.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ):هكذا في نسختي المصورة عن مكتبة أحمد الثالث (9/27/1)،
وقد تحرفت في المطبوعة إلى عبد الرحمن بن سهل.
ويقال:
ومع الانقطاع
ففي إسناده كلام
من وجهين:
1 - عبد الرحمن بن شريك:
قال أبو حاتم:
واهي الحديث،
وذكره ابن حبان في الثقات،
وقال:
ربما أخطأ،
ذكر ذلك ابن حجر في "تهذيب التهذيب"،
ولم يذكر سوى هذين القولين.
2 - شريك والد عبد الرحمن
هو ابن عبد الله النخعي القاضى المشهور،
قال الحافظ في "التقريب":
(صدوق،
يخطئ كثيراً،
تغير حفظه منذ ولي قضاء الكوفة،
وكان عادلاً فاضلاً عابداً،
شديداً على أهل البدع ) اهـ.
فاجتمع في هذا الإسناد
ثلاثُ آفات:
الانقطاع،
وضعف عبد الرحمن،
وضعف شريك.
فالإسناد ضعيف بيقين.
وقال:
(وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( إن لله ملائكة [ في الأرض ]،
سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر،
فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة
فليناد: أعينوني يا عباد الله! ).
رواه الطبراني ورجاله ثقات.
اهـ نقله عن "مجمع الزوائد".
أقول:
وفي نسخة من "مجمع الزوائد" رواه البزار،
ولعله أصوب،
فإن أثر ابن عباس أخرجه البزار
في "البحر الزخار"
وذكره الهيثمي في "كشف الأستار"
(4/33-34)،
قال البزار:
(حدثنا موسى بن إسحاق ثنا منجاب بن الحارث
ثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد
عن أبان بن صالح عن مجاهد
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
فذكره.
قال البزار:
(لا نعلمه يُروى
عن النبي صلى الله عليه وسلم
بهذا اللفظ
إلا بهذا الإسناد) اهـ.
وفي هذا الإسناد نظر:
1 - أسامة بن زيد هو الليثي المدني.
عدَّلَه بعضهم وجرح حديثه آخرون،
قال أحمد بن حنبل:
ليس بشيء رواها الأثرم عنه.
وقال عبد الله بن أحمد لأبيه:
أراه حسن الحديث،
فقال:
إن تدبرت حديثه فستعرف فيه النكرة،
وكان يحيى بن سعيد يضعفه.
وقال أبو حاتم:
يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال النسائي:
ليس بالقوي.
وقال البرقي:
هو ممن يضعف،
وقال: قال لي يحيى:
أنكروا عليه أحاديث.
هذه حكاية أقوال بعض من تكلموا فيه.
وممن وثقه:
ابن معين في رواية أبي يعلى،
وكذا نحوه في رواية عباس.
وفي رواية الدارمي عن ابن معين:
ليس به بأس.
وتبع ابن معين ابنُ عدي فقال:
ليس بحديثه بأس.
ووثقه ابن شاهين،
وابن حبان وزاد: (يخطئ)،
ومن تدبر هذه الأقوال
علم أن ما تفرد به حقه الرد،
فإن توبع قُبل،
ومن أحاديثه التي تفرد بها
حديث ابن عباس.
2 - حاتم بن إسماعيل الراوي عن أسامة بن زيد
قال فيه الحافظ:
( صحيح الكتاب صدوق يهم ) اهـ.
قال الشيخ ناصر الألباني:
(خالفه جعفر بن عون فقال:
ثنا أسامة بن زيد…
فذكره موقوفا على ابن عباس.
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"
(2/455/1)،
وجعفر بن عون أوثق من حاتم بن إسماعيل
فإنهما وإن كانا من رجال الشيخين،
فالأول منهما لم يجرح بشيء،
بخلاف الآخر،
فقد قال فيه النسائي:
ليس بالقوي،
وقال غيره:
فيه غفلة.
ولذلك قال فيه الحافظ:
صحيح الكتاب صدوق يهم.
وقال في جعفر: (صدوق).
ولذلك فالحديث عندي
معلول بالمخالفة ) اهـ.
3 - تفرد أسامة به،
وقد تقدم أن تفرد ضعيف الحفظ
يعد منكراً،
إذا لم تؤيده أصول صريحة صحيحة.
وقال الحافظ ابن حجر:
( هذا حديث حسن الإسناد،
غريب جدا ) اهـ
من "شرح ابن علان للأذكار"
(5/151)،
ومن المعلوم أن حُسن إسناده
لا يدل على حسن الحديث دائماً.
والحديث على ضعفه
من أبواب الأذكار
لا يدل على ما يدعيه المبطلة
من سؤال الموتى ونحوهم،
بل إنه صريح في أن من يخاطبه ضال الطريق
هم الملائكة،
وهم يسمعون مخاطبته لهم،
ويقدرون على الإجابة بإذن ربهم؛
لأنهم أحياء ممكنون من دلالة الضال،
فهم عباد لله، أحياء يسمعون،
ويجيبون بما أقدرهم عليه ربهم،
وهو إرشاد ضالي الطريق في الفلاة،
ومن استدل بهذه الآثار
على نداءِ شخص معين باسمه
فقد كذب
على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولم يلاحظ ويتدبر
كلام النبي صلى الله عليه وسلم،
وذاك سيما
أهل الأهواء.
إذا تبين هذا
فالأثر من الأذكار
التي قد يتساهل في العمل بها مع ضعفها؛
لأنها جارية على الأصول الشرعية،
ولم تخالف النصوص القرآنية،
والأحاديث النبوية،
ثم هو مخصوص
بما ورد به الدليل؛
لأن هذا مما لا يجوز فيه القياس
لأن العقائد مبناها على التوقيف.
ولهذا روى عبد الله بن أحمد في "المسائل"
(ص245)
عن أبيه قال:
(ضللت الطريق في حجة وكنت ماشياً،
فجعلت أقول: يا عباد الله!
دلونا على الطريق،
فلم أزل أقول ذلك
حتى وقعت على الطريق).
فما بَوّبَ به صاحب المفاهيم هذا الحديث وأشباهه
بقوله:
(التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم)
هو من عدم تدبر الأحاديث وفهمهما
كما فهمها أئمة العلماء،
فلم يقل عالم من المتقدمين
إنها دليل في التوسل
بغير النبي صلى الله عليه وسلم،
كيف
وقد أجمعوا على منعه.
وقال ناقلاً عن "مجمع الزوائد"
وعن عبد الله بن مسعود أنه قال:
قال رسول صلى الله عليه وسلم:
( إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة:
فليناد ياعباد الله! احبسوا،
فإن لله حاضراً في الأرض سيحبسه ).
رواه أبو يعلى والطبراني،
وزاد: ( سيحبسه عليكم )
وفيه معروف بن حسان وهو ضعيف اهـ.
أقول:
الحديث في "المعجم الكبير"
(10/267)
حدثنا إبراهيم بن نائلة،
و"مسند أبي يعلي"
(2/244)،
وفي "عمل اليوم والليلة" لابن السني
(ص136)
من طريق أبي يعلى،
كلاهما قال:
حدثنا الحسن بن عمر بن شفيق
حدثنا معروف بن حسان (أبو معاذ) السمرقندي
عن سعيد بن أبى عروبة عن عبد الله بن بريدة
عن عبد الله بن مسعود به مرفوعاً.
وهذا
إسناد ضعيف
لأمور:
1 - معروف بن حسان:
قال أبو حاتم:
(مجهول)،
وقال ابن عدي:
(منكر الحديث)،
قلت:
هو الراوي عن ابن أبي ذئب
عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً:
( من ربى شجرة حتى نبتت
كان له كأجر قائم الليل
صائم النهار )،
وهو حديث موضوع،
رواه الكنجروذي في "الكنجروذيات" .