تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 7 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة
النتائج 121 إلى 140 من 153

الموضوع: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

  1. #121
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (118)
    صـ 264 إلى صـ 270





    وهؤلاء قد جوزوا ذلك *) (1) ، [ثم الكلابية (2) لا تنفي قيام الحوادث به لانتفاء (3) الصفات، فإنهم يقولون: بقيام أعيان الصفات القديمة به، وإنما ينفون قدم النوع لتجدد أعيانه فإنها حوادث.
    وعمدتهم في نفي ذلك أن ما قبل الحوادث لم يخل منها، وهذه مقدمة باطلة عند العقلاء، وقد اعترف بذلك غير واحد من حذاقهم، كالرازي والآمدي وغيرهما، وأما أبو المعالي وأمثاله فلم يقيموا حجة عقلية على هذا المطلوب، وإنما اعتمدوا على تناقض (4) أقوال من نازعهم من الكرامية والفلاسفة وغيرهما.
    وتناقض أقوال هذه الطوائف يدل على فساد قولها بمجموع الأمرين، لا يدل على صحة أحدهما بعينه، وحينئذ فإذا كان هناك قول ثالث يمكن القول به مع فساد أحدهما أو كليهما (5) لم يلزم صحة قول الكلابية وجميع الطوائف المختلفين المخالفين للكتاب والسنة، وإنما عندهم إفساد بعضهم قول الآخرين وبيان تناقضه، ليس عندهم قول صحيح يقال به.
    ولهذا كانت الفائدة المستفادة من كلامهم نقض بعضهم كلام بعض فلا يعتقد شيء منها، ثم إن عرف الحق الذي جاء به الرسول فهو الصواب الموافق لصريح المعقول، وإلا استفيد من ذلك السلامة من

    _________
    (1) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (2) من أول " عبارة " ثم الكلابية سقط طويل في (أ) ، (ب) ، (م) . وينتهي السقط ص 265.
    (3) في الأصل (ع) : لانتفاع (بدون إعجام) ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته.
    (4) في الأصل (ع) : يناقص.
    (5) في الأصل (ع) : كلاهما، وهو خطأ.
    ******************************

    تلك الاعتقادات الباطلة، وإن لم يعرف الحق فالجهل البسيط خير من الجهل المركب، وعدم اعتقاد الأقوال الباطلة خير من اعتقاد شيء منها] (1) .
    (2 وأما المعتزلة فتنفي 2) (2) قيام الحوادث به؛ لأنها أعراض فلا تقوم به، وهؤلاء يقولون: بل تقوم به الأعراض.
    وعمدة المعتزلة أنه لو قامت به لكان جسما ; وهؤلاء التزموا أنه جسم. وعمدة هؤلاء في نفي كونه جسما أن الجسم لا يخلو من الحوادث. وهؤلاء قد نازعوهم في هذا وقالوا: بل يخلو (3) عن الحوادث، وقالوا: إن البارئ جسم قديم ; كما تقولون أنتم: إنه (4) ذات قديمة، وإنه فعل بعد أن لم يكن فاعلا، [وتجعلون مفعوله هو فعله] (5) . لكن هؤلاء يقولون: له (6) فعل قائم به ومنفصل عنه ; وهؤلاء يقولون: [له] (7) مفعول منفصل عنه، ولا يقوم به فعل.
    وعمدة هؤلاء أنه في الأزل: إن كان ساكنا لم تجز عليه الحركة (8) ; لأن السكون معنى وجودي أزلي فلا يزول، وإن كان متحركا لزم حوادث لا تتناهى، وهؤلاء يقولون: بل كان ساكنا في الأزل، ويقولون: إن (9)

    _________
    (1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله في الصفحة السابقة.
    (2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب) . وفي (ن) ، (م) : والمعتزلة فتنفي.
    (3) بل: ساقطة من ب، أ، وفي (ن) ، (م) : بل لا يخلو، وهو خطأ.
    (4) إنه: ساقطة من (ع) .
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (6) ع، م: إنه.
    (7) له: ساقطة من (ن) .
    (8) ع: الحركة عليه.
    (9) إن: ساقطة من (ع) ، (أ) ، (ب) .
    ****************************** ****

    السكون عدم الحركة، (1 أو عدم الحركة عما يمكن تحريكه 1) (1) ، أو عدمها (2) عما من شأنه أن يتحرك، فلا يسلمون أن السكون أمر وجودي، كما يقولون مثل ذلك (3) في العمى والصمم والجهل البسيط.
    (* والقول بأن هذه الأمور عدمية ليس هو قول من يقوله من الفلاسفة وحدهم، كما يظنه بعض المصنفين في الكلام، بل هو قول كثير من النظار المتكلمين أهل القبلة [والصلاة] (4) ، وتنازعهم في هذا كتنازعهم في نظائره، مثل بقاء الأعراض وتماثل الأجسام وغير ذلك *) (5) .
    وإن قالوا: إنه وجودي، فلا يسلمون أن (6) كل أزلي يزول، بل يقولون في تبدل (7) السكون بالحركة ما يقوله مناظروهم في تبدل (8) الامتناع بالإمكان، فإن الطائفتين اتفقتا على أن الفعل كان ممتنعا في الأزل فصار ممكنا، فهكذا يقوله هؤلاء في السكون الوجودي إن (9) كان تبدله بالحركة في الأزل (10) ممتنعا وهو - فيما لا يزال - ممكن فتبدل (11) حيث أمكن التبدل (12) ، كما يقولون جميعا: إنه حدث (13) الفعل حيث كان الحدوث ممكنا.

    _________
    (1) (1 - 1) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (2) ع، ن، م: أو عدمه. ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته وهو " أو عدمها " وهذه العبارة ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) ع: مثل هذا.
    (4) والصلاة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (6) أن: ساقطة من (ع) ، (م) .
    (7) ب، ا: تبديل.
    (8) ب، ا: تبديل.
    (9) ب، ا: أي، وهو خطأ.
    (10) في الأزل: ساقط من ب، أ.
    (11) ع: فتبديل، وهو خطأ.
    (12) التبدل: ساقطة من ب، أ.
    (13) إنه: ساقطة من ب، ا. وفى (ع) : إنه أحدث.
    ****************************** **

    فهذا بحث هؤلاء الإمامية والكرامية مع هؤلاء الإمامية ومن وافقهم من المعتزلة [والكلابية] (1) وأتباعهم (2) في هذه الأمور التي يعتمدون فيها على العقل (3) ، وقد أجابهم طائفة من المعتزلة والشيعة (4) ومن وافقهم بأن الدليل [الدال] (5) على حدوث العالم هو هذا الدليل الدال على حدوث الأجسام، فإن لم يكن هذا صحيحا انسد طريق معرفة (6) حدوث العالم وإثبات الصانع (7) .
    فقال (8) المخالف لهؤلاء: لا نسلم أن هذا هو الطريق إلى معرفة (9) حدوث العالم ولا إلى إثبات الصانع، بل هذا طريق محدث في الإسلام، لم يكن أحد من الصحابة ولا القرابة (10) ولا التابعين يسلك هذه الطريق (11) ، وإنما سلكها الجهم بن صفوان وأبو الهذيل العلاف ومن وافقهما، ولو كان العلم بإثبات الصانع وحدوث العالم (12) لا يتم إلا بهذه الطريق لكان بيانها من الدين، ولم يحصل الإيمان إلا بها.
    ونحن نعلم بالاضطرار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر هذه الطريق لأمته، ولا دعاهم بها ولا إليها (13) ولا أحد من الصحابة. فالقول بأن (14) الإيمان موقوف عليها مما يعلم بطلانه بالضرورة من دين الإسلام،

    _________
    (1) والكلابية: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) وأتباعهم: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (3) ب، ا: الفعل، وهو تحريف.
    (4) ن: من المعتزلة وأتباعهم والشيعة. . إلخ.
    (5) الدال: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ب، ا: أنسد معرفة طريق.
    (7) ن: إلى إثبات الصانع.
    (8) ب، ا: وقال ; ن، م: قال.
    (9) معرفة: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (10) أ، م، ب: والقرابة.
    (11) ب، أ: من الصحابة والقرابة ولا التابعين يسلك هذا الطريق.
    (12) ب، ا: بحدوث العالم وإثبات الصانع.
    (13) ع: ولا دعاهم إليها.
    (14) ن، م: أن.
    ****************************** ******

    وكل أحد يعلم أنها طريق محدثة لم يسلكها السلف، والناس متنازعون في صحتها، فكيف يقولون: إن العلم بالصانع والعلم بحدوث العالم موقوف عليها؟
    وقالوا: (1) [بل هذه الطريقة تنافي العلم بإثبات الصانع، وكونه خالقا للعالم آمرا بالشرائع، مرسلا للرسل، فالذين ابتدعوها من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم قالوا: إنها صحيحة في العقل، وإن العلم بالنبوة وصحة دين الإسلام لا يتم إلا بها.
    وقولهم: إن العلم بذلك لا يتم إلا بها، مما أنكره عليهم جماهير الأمة من الأولين والآخرين، لا سيما السلف والأئمة، وكلامهم في تبديع أهل هذا الكلام وذمه وذم أهله ونسبتهم إلى الجهل وعدم العلم من الأمور المتواترة عن السلف.
    وكذلك القول بصحتها من جهة العقل هو مما أنكره جمهور أئمة الأمة (2) ، لكن سلم ذلك طوائف من الكرامية والكلابية وغيرهم، ونازعوهم في موجب هذه الطريق، ونازعوهم أيضا في توقف صحة دين الإسلام عليها، كما ذكر ذلك غير واحد ; مثل ما ذكره أبو الحسن الأشعري في " رسالته إلى أهل الثغر بباب الأبواب " (3) ، وذكره الخطابي

    _________
    (1) ب، ا: قالوا، وما بعدها من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ويستمر الكلام حتى الصفحة التالية.
    (2) في الأصل (ع) : أئمة الأئمة.
    (3) ذكرها ابن عساكر في " تبيين كذب المفتري " ص 136 فقال: " وجواب مسائل كتب بها إلى أهل الثغر في تبيين ما سألوه عنه من مذاهب أهل الحق ". ومن الرسالة نسخة خطية في مكتبة روان كشك ومنها صورة في الجامعة العربية، وانظر فهرس المخطوطات المصورة، 1/125. وسبقت الإشارة إليها.
    ****************************** ************

    وأبو عمر الطلمنكي الأندلسي (1) والقاضي أبو يعلى (2) وغير واحد.
    وأما أئمة السنة وطوائف من أهل الكلام فبينوا أن هذه طريقة باطلة في العقل أيضا، وأنها تنافي صحة دين الإسلام، فضلا عن أن تكون شرطا في العلم به، وأين اللازم لدين الإسلام من المنافي له؟ !
    وبينوا أن تقدير ذات لم تزل غير فاعلة ولا متكلمة بمشيئتها وقدرتها، ثم حدوث ما يحدث من مفعولات - مثل كلام مؤلف منظوم وأعيان وغير ذلك - بدون سبب حادث، مما يعلم بطلانه بصريح المعقول، وهو مناقض لكونه سبحانه خلق السماوات والأرض، ولكون القرآن كلام الله، وغير ذلك مما أخبر به الرسل، بل حقيقته أن الرب لم يفعل شيئا ولم يتكلم بشيء لامتناع ما ذكروه من أن يكون فعالا أو مقالا له، كما قد بسط في غير هذا الموضع، إذ المقصود هنا التنبيه على مجامع الطرق والمقالات.
    قالت النفاة: فإذا كانت طرقنا في إثبات العلم بالصانع وحدوث السماوات والأرض وإثبات العلم بالنبوة طرقا باطلة] (3) فما الطريق إلى ذلك؟ (4)
    قالوا: [أولا] : لا يجب (5) علينا في هذا المقام بيان ذلك، بل المقصود [ههنا] (6) أن هذه طريق محدثة مبتدعة يعلم أنها ليست هي

    _________
    (1) سبقت ترجمتهما 1/303، 304.
    (2) سبقت ترجمته 1/142.
    (3) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (4) ن، م: بل هذه الطريق إلى ذلك.
    (5) م: قالوا: ولا يجب.
    (6) ع: إذ المقصود هنا ; ن، م: بل المقصود.
    ****************************** **************

    الطريق (1) التي جاء بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فيمتنع أن تكون واجبة أو يكون العلم الواجب أو الإيمان [بصدقه] (2) موقوفا عليها.
    وقالوا: (3) كل من العلم بالصانع وحدوث العالم له طرق كثيرة متعددة.

    [طرق إثبات وجود الله عند أهل السنة]

    أما إثبات الصانع فطرقه لا تحصى، بل الذي عليه جمهور العلماء (4) أن الإقرار بالصانع فطري ضروري مغروز (5) في الجبلة، (6) ، [ولهذا كانت دعوة عامة الرسل إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وكان عامة الأمة مقرين بالصانع مع إشراكهم به بعبادة ما دونه، والذين أظهروا إنكار الصانع كفرعون خاطبتهم الرسل خطاب من يعرف أنه حق، كقول موسى لفرعون: {لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر} [سورة الإسراء: 102] ، ولما قال فرعون: {وما رب العالمين} [سورة الشعراء: 23] ، قال له موسى: {رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون} [سورة الشعراء: 24 - 28] .

    _________
    (1) ب: فعلم أنها ليست هي الطريقة ; أ: فعلم أنها ليست في الطريقة ; م: فعلم أنها ليست هي الطريق.
    (2) بصدقه: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (3) ع: فقالوا.
    (4) ن، م: العقلاء.
    (5) ب، أ، م: معروف.
    (6) بعد هذا القوس يرد كلام طويل ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ونهايته بعد صفحتين.
    ****************************** *********


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #122
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (119)
    صـ 271 إلى صـ 277





    ولما قال فرعون: {فمن ربكما ياموسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} [سورة طه: 49 - 50] ، فكان جواب موسى له جوابا للمتجاهل الذي يظهر أنه لا يعرف الحق وهو معروف عنده، فإن سؤال فرعون بقوله: {وما رب العالمين} استفهام إنكار لوجوده، ليس هو استفهام طلب لتعريف ماهيته كما ظن ذلك بعض المتأخرين، وقالوا: إن فرعون طالبه ببيان الماهية، فعدل عن ذلك لامتناع الجواب بذكرها، فإن هذا غلط منهم، فإن فرعون لم يكن مقرا بالصانع ألبتة، بل كان جاحدا له، وكان استفهامه استفهام إنكار لوجوده، ولهذا قال: {ما علمت لكم من إله غيري} [سورة القصص: 38] ، وقال: {أنا ربكم الأعلى} [سورة النازعات: 24] ، ولو كان مقرا بوجوده طالبا لمعرفة ماهيته لم يقل هذا، ولكان موسى ما أجابه إجابة لم تذكر فيها ماهيته (1) .
    مع أن القول بأن الماهية هي ما يقوله المنطقيون من ذكر الذاتي المشترك والذاتي المميز، وهما الجنس والفصل، كلام باطل قد بسط الكلام عليه في غير هذا الموضع، وبين أن الماهية المغايرة للوجود الخارجي إنما هي ما يتصور في الذهن، فإن ما في الأذهان من الصور الذهنية ليس هو نفس الموجودات الخارجية.
    وأما دعوى أهل المنطق اليوناني أن في الخارج ماهية ووجودا غير

    _________
    (1) في الأصل (ع) : لم يقل هذا و، وبعد حرف الواو إشارة إلى الهامش حيث كتب: لكان موسى، وبعد ذلك في الأصل: لما أجابه بما أجابه لم تذكر ماهيته، وتوجد في الهامش أمام هذه العبارة كلمة أخرى هي " لقال ". وأرجو أن يكون ما أثبته موفيا بالمعنى الذي قصده ابن تيمية.
    ****************************** *****

    الماهية، وأن الصفات اللازمة تنقسم إلى لازمة مقومة داخلة في الماهية، ومفارقة عرضية لها غير مقومة، وإلى لازمة لوجودها الخارجي دون ماهيتها الخارجية، فكلام باطل من وجوه متعددة، كما قد بسط هذا في موضعه، وبين أن الصفات تنقسم إلى لازمة للموصوف وعارضة له فقط، كما عليه نظار المسلمين من جميع الطوائف، وبين كلام نظار المسلمين في الحد والبرهان، وأن كلامهم في صريح المعقول أصح من كلام المتفلسفة اليونان ومن اتبعهم من المنتسبين إلى الملل] (1) .
    وأيضا فنفس حدوث الإنسان يعلم (2) به (3) صانعه، وكذلك حدوث كل ما يشاهد (4) حدوثه، وهذه الطريقة مذكورة في القرآن (5) .
    وأيضا، فالوجود يستلزم إثبات موجد قديم واجب بنفسه (6) ، ونحن نعلم أن من الموجودات ما هو حادث، فقد علم بالضرورة انقسام الموجود (7) إلى قديم واجب بنفسه وإلى محدث.

    [طرق إثبات حدوث العالم]
    وأما حدوث العالم فيمكن علمه (8) بالسمع وبالعقل، فإنه يمكن العلم بالصانع إما بالضرورة والفطرة، وإما بمشاهدة حدوث المحدثات (9) ،

    _________
    (1) هنا ينتهي السقط الموجود في (ب) ، (ن) ، (أ) ، (م) وقد بدأ في ص 270.
    (2) م: حكم.
    (3) ع: أنه ; ن، م: فيه.
    (4) ب، ا: شاهد.
    (5) ب، ا: وهذه الطريقة المذكورة في القرآن ; ن، م: وهذه هي الطريقة مذكورة.
    (6) ب، أ: موجود واجب قديم بنفسه ; ن، م: موجود قدم واجب بنفسه.
    (7) ب، أ: الوجود.
    (8) أ: فيمكن عليه بالسمع. . ; ب: فيمكن أن يستدل عليه.
    (9) ن، م: الحوادث.
    ****************************** ********

    وإما بغير ذلك، ثم يعلم صدق الرسول بالطرق الدالة على ذلك وهي كثيرة، ودلالة المعجزات طريق من الطرق، وطريق التصديق لا تنحصر في المعجزات، ثم يعلم بخبر الرسول حدوث العالم.
    وأما بالعقل فيعلم (1) أن العالم لو كان قديما لكان: إما واجبا بنفسه، وهذا باطل كما تقدم التنبيه عليه (2) من أن كل جزء من أجزاء العالم مفتقر إلى غيره، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه ; وإما واجبا بغيره فيكون المقتضي له موجبا بذاته بمعنى (3) أنه مستلزم لمقتضاه، سواء كان شاعرا مريدا أم (4) لم يكن، فإن القديم الأزلي إذا قدر أنه معلول مفعول (5) ، فلا بد من أن تكون علة (6) تامة مقتضية له في الأزل، وهذا هو الموجب بذاته، ولو كان مبدعه موجبا بذاته (7) علة تامة لم يتأخر عنه شيء من معلوله (8) ومقتضاه، والحوادث مشهودة في العالم، فعلم أن فاعله ليس علة تامة، [وإذا لم يكن علة تامة] (9) لم يكن قديما.
    وهذه (10) الحوادث التي في العالم إن قيل: إنها من لوازمه امتنع أن

    _________
    (1) ن: فيعلمون.
    (2) ن: البينة عليه ; ع: تقدم التنبيه من أن. . . إلخ.
    (3) ن، م: يعنى.
    (4) ن، ع، م: أو.
    (5) ب، أ: مفصول.
    (6) ب، أ: فلا بد أن تكون علته ; ن، م: فلا بد أن يكون علة.
    (7) ن: ولو كان مبدعه بذاته ; ع: ولو كان موجبه مبدعه موجبا بذاته علة. . إلخ.
    (8) ن، م: معلومة.
    (9) وإذا لم يكن علة تامة: ساقط من (ن) فقط.
    (10) ع: وهي.
    ****************************** ****

    تكون العلة الأزلية التامة علة للملزوم (1) دون لازمه، وامتنع أيضا أن يكون علة للازمه ; لأن العلة التامة الأزلية لا تقتضي حدوث شيء، وإن (2) لم تكن الحوادث من لوازمه كانت حادثة بعد أن لم تكن، فإن (3) لم يكن لها محدث لزم حدوث الحوادث (4) بلا محدث، وهذا مما يعلم بطلانه بالضرورة، وإن كان لها محدث غير الواجب بنفسه، كان القول في حدوث إحداثه إياها كالقول في ذلك المحدث، وإن (5) كان الواجب بنفسه هو المحدث فقد حدثت عنه الحوادث بعد أن لم تكن حادثة، وحينئذ فيكون قد تغير (6) وصار محلا للحوادث بعد أن لم يكن، والعلة التامة الأزلية لا يجوز عليها التغير والانتقال من حال إلى حال، وذلك لأن تغيرها لا بد أن يكون بسبب حادث، والعلة التامة [الأزلية] (7) لا يجوز أن يحدث فيها حادث، فإنه إن حدث (8) بها مع أنه لم يتجدد شيء لزم الحدوث بلا سبب (9) ، وإن لم يحدث بها لزم حدوث الحوادث بلا فاعل، فبطل أن تكون علة تامة أزلية، وإن جوز مجوز (10) عليها الانتقال من حال إلى حال، جاز أن يحدث العالم بعد أن لم يكن، فبطل (11) حجة من يقول بقدم العالم.

    _________
    (1) ن: العلة الأزلية علة تامة للملزوم ; م: العلة الأزلية تامة للملزوم.
    (2) ن، م: فإن.
    (3) ن، م: وإن.
    (4) ب، أ، ن، م،: الحادث
    (5) ن، م: فإن.
    (6) ع: فقد يكون قد تغير.
    (7) الأزلية: ساقطة من (ن) .
    (8) ب، أ: أحدث.
    (9) ن: مع أنه لم يتجدد شيء من الوجود بلا سبب ; م: مع العلم أنه لم يتجدد شيء من الحدوث بلا سبب.
    (10) م: فيجوز، وهو تحريف.
    (11) م: فتبطل.
    ****************************** ********

    وأيضا، فإنه على هذا التقدير (1) لا يكون المنتقل (2) من حال إلى حال إلا فاعلا بالاختيار لا موجبا بالذات. وإيضاح هذا (3) أن الحوادث إما أن يجوز دوامها لا إلى أول، وإما أن يجب أن يكون لها أول، فإن وجب أن يكون لها أول بطل مذهب القائلين بقدم العالم القائلين بأن حركات (4) الأفلاك أزلية.
    وأيضا، فإذا وجب أن يكون لها أول لزم حدوث العالم لأنه متضمن للحوادث (5) ، فإنه إما أن يكون مستلزما للحوادث أو (6) تكون عارضة له، فإن كان مستلزما لها ثبت أنه لا يخلو عنها، فإذا (7) كان لها ابتداء كان له (8) (* ابتداء لازما لا يخلو عن الحوادث لا يسبقها ولا يتقدم عليها، فإذا قدر (9) أن الحوادث كلها كائنة بعد أن لم يكن حادث أصلا، كان المقرون بها الذي لم يتقدمها كائنا (10) بعد أن لم يكن قطعا *) (11) ، وإن كانت الحوادث (12) عارضة للعالم (13) ثبت حدوث الحوادث بلا سبب، (* وإذا جاز حدوث الحوادث [كلها] (14) بلا سبب [حادث] (15) ، جاز حدوث العالم بلا سبب حادث *) (16) (17) ، (* فبطلت كل حجة توجب قدمه، وكان القائل بقدمه قائلا بلا حجة أصلا *) (18) .

    _________
    (1) ن، م: فإنه على هذا القول.
    (2) ع: المتحول.
    (3) ن، م: وإيضاح هذا القول.
    (4) ب، أ: حركة.
    (5) ن، م: يتضمن الحوادث.
    (6) ع: وإما أن.
    (7) ن: وإذا.
    (8) ن: لها.
    (9) ن، م: قلت.
    (10) ع: كائن، وهو خطأ.
    (11) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (12) الحوادث: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (13) ب، أ: عارضة له.
    (14) كلها: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) .
    (15) حادث: ساقطة من (ن) ، (ع) .
    (16) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (17) حادث: ساقطة من (ع) فقط.
    (18) الكلام بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) .
    ****************************** *************

    وإذا قيل: يجوز أن يكون العالم قديما عن علته (1) بلا حادث فيه، ثم حدثت فيه الحوادث كان هذا باطلا ; لأنه إذا جاز أن يحدثها (2) بعد أن لم يكن محدثا (3) لم يكن موجبا (4) بل فاعلا باختياره ومشيئته، (5 والفاعل باختياره ومشيئته 5) (5) لا يقارنه مفعوله، كما قد بسط في موضعه.
    ولأنه على هذا يجب أن يقارنه القديم من مفعولاته، ويجب أن (6) يبقى معطلا عن الفعل إلى أن يحدث الحوادث، فإيجاب تعطيله (7) وإيجاب فعله جمع بين الضدين (8) ، وتخصيص (9) بلا مخصص (10) ، فإنه (11) بذاته إما أن يجب أن يكون فاعلا في الأزل. (12 وإما أن يمتنع كونه فاعلا في الأزل، وإما أن يجوز الأمران.
    فإن وجب كونه فاعلا في الأزل، جاز حدوث الحوادث في الأزل، ووجب أن لا يكون لها ابتداء، والتقدير أن لها ابتداء 12) (12) ، وإن امتنع كونه [فاعلا] (13) في الأزل امتنع أن يكون شيء قديم (14) في الأزل غيره، فلا يجوز قدم العالم خاليا عن الحوادث ولا مع الحوادث.

    _________
    (1) ب، أ: علة.
    (2) ب (فقط) : يحدث.
    (3) عبارة: " لم يكن محدثا ": ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (4) ن: واجبا.
    (5) (5 - 5) : ساقط من (ب) ، (أ) .
    (6) ن، م: بأن.
    (7) أ: فعطله، وهو تحريف ; ب: تعطله.
    (8) ع: المتناقضين ; ن، م: المتنافين.
    (9) ن: وتخصص.
    (10) مخصص: ساقطة من (م) .
    (11) ب، أ: لأنه.
    (12) (12 - 12) : ساقط من (ب) فقط
    (13) فاعلا: ساقطة من (ن) فقط.
    (14) ب، أ: قديما، وهو بخلاف المعنى.
    ****************************** *

    وإن جاز أن يكون فاعلا في الأزل (1 وجاز أن لا يكون لم يمتنع أن يكون فاعلا في الأزل 1) (1) ، فجاز (2) حدوث الحوادث في الأزل. (3) [وإن قيل: بل يكون فاعلا لغير الحوادث ثم يحدث الحوادث فيما لا يزال ; كما يقوله من يقول (4) بقدم العقول والنفوس، وأن الأجسام حدثت عن بعض ما حدث للنفس من التصورات والإرادات (5) ، وكما يقوله من يقول بقدم القدماء الخمسة (6) ، كان هذا من أفسد الأقوال ; لأنه يستلزم حدوث الحوادث بلا سبب حادث أوجب حدوثها إذ لم يكن هناك ما يقتضي تجدد إحداث الحوادث، مع أن قول القائل بقدم النفس يقتضي دوام حدوث الحوادث، فإن ما يحدث من تصورات النفس وإراداتها حوادث دائمة عندهم، وإذا كان القول بحدوث الحوادث بلا سبب حادث (7) ، لم يكن هناك سبب يدل على قدم شيء من العالم، والذين قالوا بدوام معلول معين عنه التزموا دوام الفاعلية فرارا من هذا المحذور، فإذا كان هذا لازما لهم على التقديرين، لم يكن لهم حاجة إلى ذلك الممتنع عند جماهير العقلاء.

    _________
    (1) : (1 - 1) ساقط من (ب) ، (أ) .
    (2) ب (فقط) : جاز.
    (3) الكلام التالي بعد القوس المعقوف ساقط بأكمله من (ن) ، (م) . وساقط من (ب) ، (أ) ما عدا جملة واحدة منه هي: " ففي الجملة جواز كونه فاعلا يستلزم حدوث الحوادث في الأزل ".
    (4) في الأصل (ع) : يقوله من يقوله.
    (5) وهم الفلاسفة المشاءون مثل الفارابي وابن سينا. وانظر هذا الكتاب 1/224 - 235.
    (6) وهم الصائبة الحرانيون وديموقريطس وأبو بكر الرازي. وانظر هذا الكتاب 1/209 - 211.
    (7) في الأصل (ع) توجد فوق كلمة " سبب " إشارة إلى الهامش حيث يوجد حرف من كلمة لم تظهر في المصورة، وظاهر من سياق الكلام أن هذه هي الكلمة " حادث ".
    ****************************** *****************


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #123
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (120)
    صـ 278 إلى صـ 284



    ففي الجملة جواز كونه فاعلا في الأزل، يستلزم جواز حدوث الحوادث في الأزل، ولهذا لم يعرف من قال بكونه فاعلا في الأزل مع امتناع دوام الحوادث، فإن القائلين بحدوث الأجسام عن تصور من تصورات النفس يقولون بدوام الحوادث في النفس، والقائلين بالقدماء الخمسة لا يقولون: إنه فاعل لها في الأزل، بل يقولون: إنها واجبة بنفسها، هذا هو المحكي عنهم، وقد يقولون: إنها معلولة له لا مفعولة له] (1) .
    فإذا قدر أنه فاعل للعالم في الأزل، وقدر امتناع الحدوث في الأزل، جمع بين [وجوب] (2) كونه فاعلا، وامتناع كونه فاعلا.

    وإذا قيل (3) : يفعل ما هو قديم ولا يفعل ما هو حادث.
    قيل: فعلى هذا التقدير يجوز تغيير القديم ; لأن التقدير أن المعلول القديم (4) حدثت فيه الحوادث بعد أن لم تكن بلا سبب [حادث] (5) ، والمعلول القديم (6) لا يجوز تغييره فإنه يقتضي (7 تغيير علته التامة الأزلية الموجبة له. ثم على هذا التقدير المتضمن إثبات قديم معلول لله أو 7) (7) إثبات قدماء معلولة (8) عن الله مع حدوث الحوادث (9 الدائمة في ذلك القديم، أو مع تجدد حدوث الحوادث 9) (9) فيها هو (10) قول بحدوث [هذا] (11)

    _________
    (1) هنا ينتهي السقط المشار إليه آنفا في ص 277.
    (2) وجوب: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ع: ثم إذا قيل.
    (4) ب، أ: أن يكون القديم.
    (5) بلا سبب حادث: ساقط من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : بلا سبب.
    (6) ب، أ: بالقديم.
    (7) : (7 - 7) ساقط من (ب) ، (أ) .
    (8) ن، م: معلومة.
    (9) (9 - 9) : ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) .
    (10) ب، أ: وهو ; ن، م: وهذا.
    (11) هذا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    ****************************** ********

    العالم، كما يذكر ذلك عن ديمقراطيس (1) ومحمد بن زكريا الرازي وغيرهما - وهذا مبسوط في موضعه (2) -[وكما هو قول من يقول بحدوث الأجسام كلها، والرازي قد يجعل القولين قولا واحدا، كما أشار إلى ذلك في " محصله " (3) وغير محصله. وذلك أن المعروف عن الحرنانيين (4) هو القول بالقدماء الخمسة، ثم بنوا عليه تصور النفس و (قد حدث لها عشق) تعلقت بسببه بالهيولي ليكون للأجسام سبب اقتضى حدوثها (5) (6) ، لكنه (7) مع هذا باطل، فإن (8) حدوث الحوادث بلا سبب إن كان ممتنعا بطل هذا القول ; لأنه يتضمن حدوث الحوادث بلا سبب، (9 وإذا كانت أحوال الفاعل واحدة، وهو لا يقوم به شيء من الأمور الاختيارية امتنع أن يختص بعض الأحوال بسبب يقتضي حدوث الأجسام 9) (9) ، وإن

    _________
    (1) ب (فقط) : ذيمقراطيس.
    (2) عبارة " وهذا مبسوط في موضعه ": ساقطة من (ع) فقط. . والكلام الذي يلي القوس المعقوف ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (3) وهو كتاب " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين " لفخر الدين الرازي وسبقت ترجمته، والكلام على " محصله ".
    (4) في الأصل (ع) : الجزنانين، وهو تحريف ; وانظر الملل والنحل 2/58 - 61.
    (5) العبارة الأخيرة: " ثم بنوا عليه. . اقتضى حدوثها " فيها نقص رأيت أن تمامه جملة (وقد حدث لها عشق) المكتوبة بين القوسين. وسبق لابن تيمية التعرض لهذا الموضوع ومناقشته في الموضوع الذي أشرت إليه من قبل وهو في هذا الكتاب 1/210 - 211.
    (6) هنا ينتهي الكلام الساقط من (ب) ، (أ) كما أشرت إلى ذلك من قبل ويستمر السقط في (ن) ، (م) سطورا أخر، وسنشير إلى نهايته فيما بعد.
    (7) ب، أ: ولكنه
    (8) ع: لأن.
    (9) : (9 - 9) ساقط من (ب) ، (أ) .
    ****************************** ***********

    كان ممكنا أمكن حدوث كل ما سوى الله بعد أن لم يكن، وكانت هذه القدماء مما يجوز حدوثه.
    وأيضا، فعلى هذا القول يكون موجبا بذاته (1) لمعلولاته (2) ع: لم يصر، وهو خطأ. فاعلا بالاختيار لغيرها، والقول بأحد القولين يناقض الآخر] (3) . .
    وإن قيل: إن الحوادث يجوز دوامها، امتنع أن تكون علة أزلية لشيء منها، والعالم لا يخلو منها على هذا التقدير ع (فقط) : والعالم على التقديرين، وفي العبارة نقص وتحريف. بل هو مستلزم لها، فيمتنع أن يكون علة [تامة] تامة: (4) . لها في الأزل، ويمتنع أن يكون علة للملزوم دون لازمه.
    (7 وأيضا، فإن كل ما سوى الواجب يمكن وجوده وعدمه، وكل ما كان كذلك فإنه لا يكون إلا موجودا بعد عدمه 7) (5) . (6) (7) . [وأيضا، فإن القول بأن المفعول المعين يقارن فاعله أزلا وأبدا مما يعلم بطلانه بضرورة العقل، ولهذا كان هذا مما اتفق عليه جماهير العقلاء من الأولين والآخرين، حتى أرسطو وأصحابه القدماء ومن اتبعه من المتأخرين، فإنهم متفقون على أن كل ما أمكن وجوده وعدمه لا يكون

    _________
    (1) ب، ا: وأيضا فيكون موجبا بذاته على هذا القول.
    (2) ب: لمعلولات ; أ: لمعلومات.، 8 ثم يصير
    (3) هنا ينتهي سقط (ن) ، (م) وهو الذي بدأ بعد عبارة " وهذا مبسوط في موضعه
    (4) ساقط من (ع) ، (ن) ، (م)
    (5) (7 - 7) ساقط من (ن) ، (م)
    (6) .
    (7) الكلام بعد القوس المعقوف ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ويوجد في (ع) ، وينتهي ص [0 - 9] 85
    ****************************** *******

    إلا محدثا مسبوقا بالعدم. وإنما أثبت ممكنا قديما ابن سينا ومن وافقه، وقد أنكر ذلك عليه إخوانه الفلاسفة وبينوا أنه خالف في ذلك قول سلفه، كما ذكر ذلك ابن رشد وغيره، وكذلك عامة العقلاء من جميع الطوائف متفقون على أن كل ما يقال: إنه مفعول أو مبدع أو مصنوع لا يكون إلا محدثا.
    ولهذا كان جماهير العقلاء إذا تصوروا أنه خلق السماوات والأرض تصوروا أنه أحدثها، لا يتصور في عقولهم أن تكون مخلوقة قديمة، وإن عبر عن ذلك بعبارات أخر مثل أن يقال: هي مبدعة قديمة أو مفعولة قديمة ونحو ذلك، بل هذا وهذا جمع بين الضدين عند عامة العقلاء، وما يذكره من يثبت مقارنة المفعول لفاعله من قولهم: حركت يدي فتحرك الخاتم ونحوه، تمثيل غير مطابق ; لأنه ليس في شيء مما يذكرونه علة فاعلة تقدمت على المعلول المفعول، وإنما الذي تقدم في اللفظ شرط أو سبب كالشرط، ومثل ذلك يجوز أن يقارن المشروط، هذا إذا سلم مقارنة الثاني للأول، وإلا ففي كثير مما يذكرونه يكون متأخرا عنه مع اتصاله به، كأجزاء الزمان بعضها مع بعض، هو متصل بعضها ببعض مع التأخر.
    وأما ما ذكره الرازي في " محصله " وغير محصله ; حيث قال (1) .: " اتفق المتكلمون على أن القديم يمتنع استناده (2) . إلى الفاعل، واتفقت

    _________
    (1) الكلام التالي يذكره الرازي في كتابه " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين "، ص [0 - 9] 5، وسنقابل النصوص التالية عليه
    (2) في " المحصل ": يستحيل إسناده
    ****************************** **********

    الفلاسفة على أنه غير ممتنع زمانا، فإن العالم قديم عندهم زمانا مع أنه فعل الله تعالى ".
    فيقال: أما نقله عن المتكلمين فصحيح، وهو قول جماهير العقلاء من جميع الطوائف، وأما نقله عن الفلاسفة، فهو قول طائفة منهم كابن سينا، وليس هو قول جمهورهم: لا القائلين بقدم العالم كأرسطو وأتباعه، ولا القائلين بحدوث صورته، وهم جمهور الفلاسفة، فإن القائلين بقدمه لم يكونوا يثبتون له فاعلا مبدعا كما يقوله ابن سينا، بل منهم من لا يثبت له علة فاعلة. وأرسطو يثبت له علة غائية يتشبه بها الفلك، لم يثبت علة فاعلة، كما يقوله ابن سينا وأمثاله، وأما من قبل أرسطو فكانوا يقولون بحدوث السماوات، كما يقوله أهل الملل.
    ثم قال الرازي: " وعندي أن الخلاف في هذا المقام لفظي؛ لأن المتكلمين يمتنعون من إسناد القديم (1) . إلى المؤثر الموجب بالذات، وكذلك زعم مثبتو الحال (2) . بناء على أن عالمية الله وعلمه (3) . قديمان (4) .، مع أن العالمية والقادرية معللة بالعلم والقدرة المحصل: مع أن العالمية معللة بالعلم. . وزعم أبو هاشم أن العالمية والقادرية والحيية والموجودية (5) معللة بحال (6) . خامسة مع أن الكل

    _________
    (1) المحصل (ص [0 - 9] 5) : لم يمنعوا إسناد القديم
    (2) المحصل: ولذلك زعموا مثبتو الحال. والقائلون بالأحوال هم أبو هاشم الجبائي وأتباعه وسبقت ترجمته 1/270 - 271، والكلام على مذهبه في الأحوال 2/124 - 125
    (3) المحصل: منا أن عالمية الله تعالى وعلمه
    (4) في الأصل: قديما، وهو خطأ، وصوابه من " المحصل "
    (5) في الأصل: الحسية والوجودية، والصواب من " المحصل "
    (6) المحصل: بحالة
    ****************************** **********

    قديم. وزعم أبو الحسين (1) . أن العالمية حال (2) . معللة بالذات، وهؤلاء وإن كانوا يمتنعون عن إطلاق لفظ القديم على هذه الأحوال، ولكنهم يغطون المعنى (3) . في الحقيقة ".
    فيقال: ليس في المتكلمين من يقول بأن المفعول قد يكون قديما: سواء كان الفاعل يفعل بمشيئته، أو قدر أنه يفعل بذاته بلا مشيئة، والصفات اللازمة للموصوف: فإن قيل: إنها قديمة فليست مفعولة عند أحد من العقلاء، بل هي لازمة للذات بخلاف المفعولات الممكنة المباينة للفاعل، فإن هذا هو المفعول الذي أنكر جمهور العقلاء على من قال بقدمه، والمتكلمون وسائر جمهور العقلاء متفقون على أن المفعول لا يكون قديما، وإن قدر أنه فاعل بالطبع كما تفعل الأجسام الطبيعية، فما ذكره عن المتكلمين فليس بلازم لهم.
    ثم قال (4) .: " وأما الفلاسفة فإنهم إنما جوزوا إسناد العالم القديم إلى البارئ لكونه عندهم (5) . موجبا بالذات، حتى لو اعتقدو فيه كونه فاعلا بالاختيار لما جوزوا كونه موجبا (6) . للعالم القديم ".

    _________
    (1) وهو أبو الحسين البصري، وسبقت ترجمته 1/395، 2/125 والإشارة إلى موقفه من الأحوال 2/125 (ت [0 - 9] ) . وفي نهاية الإقدام للشهرستاني (ص [0 - 9] 21) ما يلي: " وقد مال أبو الحسين البصري إلى مذهب هشام بعض الميل، حتى قضى بتجدد أحوال البارئ تعالى عند تجدد الكائنات مع أنه من نفاة الأحوال، غير أنه جعل وجوه التعليقات أحوالا إضافية للذات العالمية "
    (2) المحصل: حالة
    (3) المحصل: لكنهم يعطون المعنى
    (4) في " المحصل " ص [0 - 9] 5 - 56
    (5) المحصل: إسناد العالم إلى البارئ تعالى لكنه عندهم. . إلخ
    (6) المحصل: موجدا
    ****************************** ********

    قال (1) .: " فظهر من هذا اتفاق الكل على جواز إسناد القديم إلى الموجب القديم وامتناع إسناده إلى المختار ".
    فيقال: بل الفلاسفة في كونه يفعل بمشيئته على قولين معروفين لهم. وأبو البركات وغيره يقولون بأنه فاعل بمشيئته مع قولهم بقدم العالم، فتبين أن ما ذكره عن المتكلمين باطل، وما ذكره عن الفلاسفة باطل.
    أما الفلاسفة فعلى قولين، وأما المتكلمون فمتفقون على بطلان ما حكاه عنهم أو ألزمهم به، بل هم وجمهور العقلاء يقولون: يعلم بالضرورة أن كل مفعول فهو محدث، ثم كونه مفعولا بالمشيئة أو بالطبع مقام ثان (2) . .
    وليس العلم بكون المفعول محدثا مبنيا على كون الفاعل مريدا، فإن الفعل عندهم لا يكون ابتداؤه إلا من قادر مريد، لكن هذه قضية قائمة بنفسها، وهذه قضية قائمة بنفسها، وكل منهما دليل على حدوث كل ما سوى الله، وهما أيضا قضيتان متلازمتان.
    وهذه الأمور لبسطها موضع آخر، ولكن المقصود هنا أن المبطلين لأصول الجهمية والمعتزلة من أهل السنة والشيعة وغيرهم يقولون بهذه

    _________
    (1) في " المحصل " ص [0 - 9] 6
    (2) في الأصل: بان، والصواب ما أثبته. ويوجد أمام الكلام السابق على هامش الصفحة التعليق التالي: " لقولنا فاعل مختار وفاعل بالمشيئة معنيان: أحدهما: ما يصح منه الفعل والترك، والثاني: ما لا يصح منه الترك. فجمهور المتكلمين تقول بالمعنى الأول وجمهور الحكماء تقول بالمعنى الثاني، وهو المعنى الذي لا ينافي كونه موجبا بالذات، فالفلاسفة عن آخرهم إنما يقولون بالمشيئة بالمعنى الثاني لا بالمشيئة بالمعنى الأول. وكذا صاحب " المعتبر " أبو البركات البغدادي إنما حكى عن الفلاسفة المشيئة بهذا المعنى "
    ****************************** *****


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #124
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (121)
    صـ 285 إلى صـ 291



    الطرق] (1) .، فهذه الطرق (2) . وغيرها مما يبين (3) . به حدوث كل (4) ما سوى الله [تعالى] (5) .، سواء قيل بأن كل حادث مسبوق بحادث أو لم يقل.
    وأيضا (6) .، فما يقوله قدماء الشيعة والكرامية ونحوهم، لهؤلاء (7) . أن يقولوا: نحن علمنا أن العالم مخلوق بما فيه من آثار الحاجة، كما قد تبين (8) . قبل هذا أن كل جزء من العالم محتاج، فلا يكون (9 واجبا بنفسه، فيكون 9) (9) . مفتقرا إلى الصانع، فثبت (10) . الصانع بهذا الطريق.
    ثم يقولوا (11) .: ويمتنع وجود حوادث لا أول لها، فثبت حدوثه بهذا الطريق.
    ولهذا كان محمد بن الهيصم (12) . ومن وافقه كالقاضي أبي خازم بن
    _________
    (1) هنا ينتهي السقط الكبير في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وبدأ ص 276
    (2) ن: بهذه الطريق ; م: فهذه الطريق
    (3) ن: يتبين
    (4) كل: ساقطة من (ب) فقط
    (5) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م)
    (6) ب، أ: أيضا
    (7) ن، م: لا يجوز لهؤلاء
    (8) ب، أ: بين
    (9) (9 - 9) ساقط من (م)
    (10) ن، م: قلت، وهو تحريف
    (11) ن، م، ع، أ: ثم يقول، ورجحت أن يكون الصواب ما جاء في (ب) ، ويكون الكلام هنا معطوفا على عبارة: لهؤلاء أن يقولوا. . إلخ
    (12) محمد بن الهيصم من رءوس الكرامية إلا أنه، كما قال الشهرستاني (الملل والنحل 1/38) : " مقارب ". وقال عنه أيضا (1/102) : " وقد اجتهد ابن الهيصم في إرمام مقالة أبي عبد الله (ابن كرام) في كل مسألة حتى ردها من المحال الفاحش إلى نوع يفهم فيما بين العقلاء ". ونفى عنه ابن أبي الحديد (شرح نهج البلاغة 3/229 - 230) ما ينسب إليه من تجسيم وفوقية. ولم أجد للرجل ترجمة في كتب الرجال التي بين أيدينا. وانظر عن مذهبه وآرائه ما ورد في: الملل والنحل 1/99، 101 - 103 ; نهاية الإقدام، ص [0 - 9] 05، 112، 114. وانظر: لسان الميزان 5/354 ; التجسيم عند المسلمين للدكتورة سهير محمد مختار، ص 87 - 93 ط. القاهرة، 1971


    ********************
    القاضي أبي يعلى (1) . [في كتابه المسمى " بالتلخيص "] (2) . لا يسلكون في إثبات الصانع الطريق التي يسلكها [أولئك " المعتزلة (3) . ومن وافقهم [حيث يثبتون أولا حدوث العالم بحدوث الأجسام، ويجعلون ذلك هو الطريق إلى إثبات الصانع] (4) .، بل يبتدئون (5) . بإثبات الصانع ثم يثبتون حدوث العالم بتناهي الحوادث ولا يحتاجون أن يقولوا: كل جسم [محدث] (6) . .
    وبالجملة فالتقديرات أربعة، فإن الحوادث: إما أن يجوز دوامها، [وإما أن يمتنع دوامها ويجب أن يكون لها ابتداء] (7) ، وعلى التقديرين:
    _________

    (1) ب، أ: كالقاضي أبي حازم والقاضي أبي يعلى ; ن، م: كالقاضي أبي يعلى ; ع: كالقاضي أبي حازم بن القاضي أبي يعلى. ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته، وسبقت ترجمة أبي حازم 1/143 (ت [0 - 9] ) . وانظر في ترجمته أيضا: شذرات الذهب 4/82 ; الوافي بالوفيات 1/160 ; الأعلام للزركلي 7/249
    (2) عبارة " في كتابه المسمى بالتلخيص " ساقطة من (ن) ، (م) : ولم يذكر هذا الكتاب في ترجمة أبي حازم في المراجع السابق ذكرها
    (3) ن: يسلكها المعتزلة ; ب، أ، م: سلكها المعتزلة
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وفي (ع) كتب في الهامش ما يلي: " قوله: حيث يثبتون أولا. . إلخ مرتبط بقوله: يسلكها أولئك المعتزلة "
    (5) ب: يبدءون
    (6) كلمة " محدث ": ساقطة من (ن) (م)
    (7) ما بين المعقوفتين عن (ع) ، وبدلا منه في (ب) ، (أ) : وإما أن يجب ابتداؤها، وفي (ن) ، (م) : وإما أن يجب إبداؤها.


    *************************
    فإما أن يكون كل جسم محدثا (1) . وإما أن [لا] يكون، [وقد قال] بكل قول طائفة من أهل القبلة وغيرهم (2) . .
    وكل هؤلاء يقولون بحدوث الأفلاك وأن الله أحدثها بعد عدمها، ليس فيهم من يقول بقدمها، فإن ذلك قول الدهرية، سواء قالوا: [مع ذلك بإثبات عالم معقول كالعلة الأولى، كما يقوله الإلهيون منهم، أو لم يقولوا بذلك، كما يقوله الطبيعيون منهم ; وسواء قالوا: إن تلك العلة الأولى هي علة غائية، بمعنى أن الفلك يتحرك للتشبه بها، كما هو قول أرسطو وأتباعه، أو قالوا: إنها علة مبدعة للعالم، كما يقوله ابن سينا وأمثاله ; أو قيل بالقدماء الخمسة كما يقوله الحرنانيون (3) . ونحوهم، أو قيل بعدم صانع لها] (4) .: سواء قيل بوجوب [ثبوت] وجودها (5) . أو حدوثها لا بنفسها، أو وجوب وجود المادة وحدوث الصورة بلا محدث، كما يذكر عن الدهرية المحضة منهم.
    مع أن كثيرا من الناس يقولون (6) .: إن هذه الأقوال من جنس أقوال (7) السوفسطائية التي لا تعرف عن قوم معينين، وإنما هي شيء يخطر لبعض الناس في بعض الأحوال (8) .
    _________

    (1) ع: محدث، وهو خطأ
    (2) ن، م: وإما أن يكون كل قوم طائفة من أهل القبلة وغيرهم، وهو تحريف
    (3) في الأصل: الجزنانيون
    (4) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وتوجد بدلا منه في النسخ الأربع هذه العبارات. . . سواء (ن، م: وإذا) قالوا: " بوجوبها (م: بحدوثها) عن علة تامة كقول الإلهيين (ن: الإلهية منهم) أو قالوا بعدم (ن، م: بقدم) صانعها "
    (5) ن، م: بوجوب وجودها، ع: بموجب وجودها
    (6) ن، م: يقول
    (7) م: قول.
    (8) ب، أ: وإنما هو. . . بعض الأقوال ; ن، م: وإنما هو. . . الأحوال.


    ********************
    وإذا كان كذلك، فقد تبين أنه ليس لهذا الإمامي، وأمثاله من متأخري الإمامية والمعتزلة وموافقيهم حجة (1) . عقلية على بطلان قول إخوانهم من متقدمي الإمامية وموافقيهم (2 الذين نازعوهم في مسائل الصفات والقرآن وما يتبع 2) (2) . ذلك فكيف يكون حالهم (3) مع أهل السنة الذين هم أصح عقلا ونقلا؟ ! (4) . .
    [الرد على قوله عن الإمامية إنهم يقولون إن الله قادر على جميع المقدورات]
    (فصل)
    وأما قوله عن الإمامية: إنهم يقولون (5) .
    فهذا ملبس (6) . لا فائدة فيه. (7) . [فإن قول القائل: إنه قادر على جميع المقدورات يراد به شيئان: أحدهما: أنه قادر على كل ممكن، فإن كل ممكن هو مقدور، بمعنى أنه يقدر القادر على فعله.
    _________
    (1) م: ومن وافقهم بحجة
    (2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب)
    (3) ب، أ، ن، م: فكيف حاله.
    (4) هنا ينتهي تعليق ابن تيمية على جزء من القسم الأول من كلام ابن لمطهر في الوجه الأول من الفصل الثاني في كتاب " منهاج الكرامة ". وقد ذكر ابن تيمية نص كلامه فيما سبق (ص [0 - 9] 7 - 99) ثم علق عليه قسما قسما في الصفحات (102 - 121، 121 - 132، 132 - 134، 134 - 144، 144 - 145، 145 - 288)
    (5) وردت العبارة التالية في منهاج الكرامة 1/82 (م) ، وسبق ورودها في هذا الجزء، ونصها في هذين الموضعين: " وأنه تعالى قادر على جميع المقدورات ".: " إنه قادر على جميع المقدرات "
    (6) م: مسلن (بدون نقط)
    (7) الكلام بعد هذا القول ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ويستمر حتى ص 292


    *********************
    والثاني: أن يراد به أنه قادر على كل ما هو مقدور له، لا يقدر على ما ليس بمقدور له.
    والمعنى الأول هو مراد أهل السنة المثبتين للقدر إذا قالوا: هو قادر على كل مقدور، فإنهم يقولون: إن الله قادر على كل ما يمكن أن يكون مقدورا لأي قادر كان، فما من أمر ممكن في نفسه إلا والله قادر عليه، لا يتصور عندهم أن يقدر العباد على ما لم يقدر الله عليه، وهذا معنى قوله تعالى: {إنه على كل شيء قدير} [سورة فصلت: 39] .
    فأما الممتنع لنفسه فإنه ليس بشيء عند عامة العقلاء. وإنما تنازعوا في المعدوم الممكن: هل هو شيء أم لا؟
    فأما الممتنع، فلم يقل أحد: إنه شيء ثابت في الخارج، فإن الممتنع هو ما لا يمكن وجوده في الخارج، مثل كون الشيء موجودا معدوما، فإن هذا ممتنع لذاته لا يعقل ثبوته في الخارج، وكذلك كون الشيء أسود كله أبيض كله، وكون الجسم الواحد بعينه في الوقت الواحد في مكانين.
    والممتنع يقال على الممتنع لنفسه مثل هذه الأمور، وعلى الممتنع لغيره: مثل ما علم الله تعالى أنه لا يكون وأخبر أنه لا يكون وكتب أنه لا يكون، فهذا لا يكون.
    وقد يقال: إنه يمتنع أن يكون ; لأنه لو كان للزم أن يكون علم الله بخلاف معلومه، وخبره بخلاف مخبره ; لكن هذا هو ممكن في نفسه والله قادر عليه، كما قال: {بلى قادرين على أن نسوي بنانه} [سورة القيامة: 4] ، وقال تعالى: {وإنا على ذهاب به لقادرون} [سورة

    *************************
    المؤمنون: 18] ، وقال تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} [سورة الأنعام: 65] .
    وقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «لما نزل قوله تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} ، قال: " أعوذ بوجهك "، {أو من تحت أرجلكم} ، قال: " أعوذ بوجهك "، {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} ، قال: " هاتان أهون» (1) . .
    ومن ذلك قوله تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها} [سورة السجدة: 13] ، {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة} [سورة هود: 118] ، {ولو شاء الله ما اقتتلوا} [سورة البقرة: 253] ، {إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء} [سورة سبأ: 9] (2) .، وأمثال ذلك مما أخبر الله تعالى أنه لو شاء لفعله، فإن هذه الأمور التي أخبر الله أنه لو شاء لفعلها تستلزم أنها ممكنة مقدورة له.
    وقد تنازع الناس في خلاف المعلوم: هل هو ممكن مقدور، كإيمان
    _________

    (1) الحديث عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - مع اختلاف في اللفظ في: البخاري 6/56 (كتاب التفسير، سورة الأنعام، قوله تعالى: " قل هو القادر. . "، 9/101 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول الله تعالى: أو يلبسكم شيعا) ; سنن الترمذي 4/327 (كتاب التفسير، باب ومن سورة الأنعام) ; المسند (ط. الحلبي) 3/309; تفسير الطبري (ط. المعارف) 11/422، 423، 425 (وانظر التعليقات) ، ولم أجد الحديث في صحيح مسلم
    (2) ذكرت الآية في الأصل (ع) وقد سقطت بعض كلماتها


    *********************
    الكافر الذي علم الله أنه لا يؤمن؟ والذين زعموا أن الله يكلف العبد ما هو ممتنع، احتجوا بتكليفه وزعموا أن إيمانه ممتنع لاستلزامه انقلاب علم الله جهلا.
    وجوابهم أن لفظ " الممتنع " مجمل، يراد به الممتنع لنفسه، ويراد به ما يمتنع لوجود غيره، فهذا الثاني يوصف بأنه ممكن مقدور بخلاف الأول. وإيمان من علم الله أنه لا يؤمن مقدور له لكنه لا يقع، وقد علم الله أنه لا يؤمن مع كونه مستطيع الإيمان، كمن علم أنه لا يحج مع استطاعته الحج.
    ومن الناس من يدعي أن الممتنع لذاته مقدور، ومنهم من يدعي إمكان أمور يعلم بالعقل امتناعها. وغالب هؤلاء لا يتصور ما يقوله حق التصور، أو لا يفهم ما يريده الناس بتلك العبارة، فيقع الاشتراك والاشتباه في اللفظ أو في المعنى.
    وحقيقة الأمر ما أخبر الله به في غير موضع من كتابه: أنه على كل شيء قدير، كما تقدم بيانه، وهذا مذهب أهل السنة المثبتين للقدر.
    وأما القدرية من الإمامية والمعتزلة وغيرهم، فإذا قالوا: إنه قادر على كل المقدورات لم يريدوا بذلك ما يريده أهل الإثبات، وإنما يريدون بذلك أنه قادر على كل ما هو مقدور له، وأما نفس أفعال العباد - من الملائكة والجن والإنس - فإن الله لا يقدر عليها عند القدرية، وإنما تنازعوا: هل يقدر على مثلها؟
    وإذا كان كذلك كان قولهم: إنه قادر على كل مقدور، إنما (1) . يتضمن
    _________

    (1) في الأصل: وإنما


    ***********************


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #125
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (122)
    صـ 292 إلى صـ 298





    أنه قادر على كل ما هو مقدور له، وغيره أيضا هو قادر على كل مقدور له. لكن غاية ما يقولون: إنه قادر على مثل مقدور العباد، والعبد لا يقدر على مثل مقدور قادر آخر.
    وبكل حال، فإذا كان المراد أنه قادر على ما هو مقدور له، كان هذا بمنزلة أن يقال: هو عالم بكل ما يعلمه، وخالق لكل ما يخلقه، ونحو ذلك من العبارات التي لا فائدة فيها] (1) . مثل أن يقول القائل: إنه فاعل لجميع المفعولات، ومثل أن يقال: زيد عالم بكل (2) . ما يعلمه وقادر على كل ما يقدر (3) . وفاعل لكل ما يفعله (4) . .
    فإن (5) . الشأن (6) . في بيان المقدورات: هل هو على كل شيء قدير؟ فمذهب (7) . هؤلاء الإمامية وشيوخهم القدرية أنه ليس على كل شيء قديرا (8) .، وأن العباد يقدرون على ما لا يقدر عليه، ولا يقدر أن يهدي ضالا، ولا يضل مهتديا، ولا يقيم قاعدا باختياره، ولا يقعد قائما باختياره، ولا يجعل أحدا [مسلما] (9) . مصليا ولا صائما ولا حاجا ولا معتمرا، ولا
    _________
    (1) هنا ينتهي الكلام الساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وقد أشرنا إلى أوله ص [0 - 9] 88
    (2) ب (فقط) : لكل، وهو تحريف
    (3) عليه ن، م: عالم بكل ما فعله وقادر بكل ما يقدر عليه
    (4) ب، ا، ن، م: فعله
    (5) ب، أ: وإن
    (6) ن: الثاني ; م: التنافي، وهو تحريف
    (7) ن، م: فذهب، وهو تحريف
    (8) في (ن) ، (م) ، (أ) (ع) : قدير، وهو خطأ
    (9) مسلما: ساقطة من (ن) ، (م)

    ******************************
    يجعل الإنسان لا مؤمنا ولا كافرا ولا برا ولا فاجرا، ولا يخلقه هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا، فهذه الأمور كلها ممكنة ليس فيها ما هو ممتنع لذاته، وعندهم أن الله لا يقدر على شيء منها (1) .، فظهر تمويههم بقولهم [إن الله] قادر (2) . على جميع المقدورات.
    وأما أهل السنة فعندهم أن الله [تعالى] (3) . على كل شيء قدير، وكل ممكن فهو مندرج في هذا.
    وأما المحال لذاته، مثل كون الشيء الواحد [موجودا] (4) . معدوما، فهذا لا حقيقة له، ولا يتصور وجوده (5) .، ولا يسمى شيئا باتفاق العقلاء، ومن هذا الباب: خلق مثل نفسه، وأمثال ذلك.
    _________
    (1) ن، م: عندهم أن لا يقدر منها على شيء. وفي هامش نسخة (ع) كرر المعلق الكلام الذي يبدأ بعبارة: " فمذهب هؤلاء الإمامية وشيوخهم من القدرية. . إلى الموضع. ثم كتب ما يلي: " والعجب أن الماتريدية من الحنفية، مع أنهم يقولون: إنه تعالى على كل شيء قدير، قالوا: إنه يمتنع له تعالى تنعيم الفاسق وتعذيب المطيع وتخليد المؤمن المطيع في النار بمعنى أنه لا يقدر عليه وكذا يمتنع له تعالى السفه والكذب والظلم بمعنى أنه تعالى لا يقدر عليه - والحاصل أنهم يقولون بالحكمة، وأن كل ما هو موافق الحكمة فلا بد وأن يفعله، فيكون ضده سفها، فلا يقدر أن يفعله، حتى قالوا: إن إرسال الرسل لموافقته الحكمة واجب الوقوع، فعدم الإرسال ليس بمقدور له لكونه خلاف الحكمة فيكون سفها، والسفه ليس بمقدور. وقد بنوا على الأصل الفاسد أمورا فاسدة يأبى عنها الأصول الدينية، تجاوز الله عنا وعنهم "
    (2) ب، أ: فظهر تمويههم بقوله قادر، ن: فظهر تمويههم قادر ; م: فظهر تمويههم بقولهم قادر
    (3) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م)
    (4) موجودا: ساقطة من (ن)
    (5) عبارة " ولا يتصور وجوده " ساقطة من (ع) فقط

    ****************************** *****
    [التعليق على قوله إنه عدل حكيم لا يظلم أحدا ولا يفعل القبيح وإلا لزم الجهل أو الحاجة]
    وأما قوله (1) .: إنه " عدل حكيم لا يظلم أحدا، ولا يفعل القبيح - وإلا لزم الجهل أو الحاجة (2) ، تعالى الله عنهما ".
    فيقال له: هذا متفق عليه بين المسلمين من حيث الجملة: أن الله لا يفعل قبيحا ولا يظلم أحدا، ولكن النزاع في تفسير ذلك، فهو (3) . إذا كان خالقا لأفعال العباد هل (4) . يقال: إنه فعل ما هو قبيح منه وظلم أم لا؟
    فأهل السنة المثبتون للقدر (5) . يقولون: ليس هو بذلك ظالما ولا فاعلا قبيحا، والقدرية يقولون: لو كان خالقا لأفعال العباد كان ظالما فاعلا لما هو قبيح (6) . .
    وأما كون الفعل قبيحا من فاعله فلا يقتضي أن يكون قبيحا من خالقه، كما أن كونه أكلا وشربا لفاعله لا (7) . يقتضي أن يكون كذلك (8) . لخالقه ; لأن الخالق خلقه في غيره لم يقم بذاته، فالمتصف به من قام به الفعل لا من خلقه في غيره، كما أنه إذا خلق لغيره لونا وريحا وحركة وقدرة وعلما (9)
    _________
    (1) النص التالي من " منهاج الكرامة " ص 82 (م) ، وسبق وروده - كما قدمنا - في هذا الجزء (ص [0 - 9] 4)
    (2) أ: وإلا للزم الجهل أو الحاجة ; ع، ن، م: وإلا يلزم الجهل والحاجة، والمثبت من (ب) ، (ك) = منهاج الكرامة.
    (3) ب (فقط) : فهذا، وهو تحريف
    (4) ب، أ: فهل
    (5) ب، أ: للقدرة
    (6) [منه] منه: ساقطة من (ن) ، (م)
    (7) ن، م: فلا
    (8) ع: ذلك
    (9) وعلما: ساقطة من (ب) ، (أ) .

    ****************************** **
    كان ذلك الغير هو المتصف بذلك اللون والريح والحركة والقدرة والعلم، فهو المتحرك بتلك الحركة، والمتلون بذلك اللون، والعالم بذلك العلم، والقادر بتلك القدرة، فكذلك (1) . إذا خلق في غيره كلاما أو صلاة أو صياما (2) . أو طوافا كان (3) . ذلك الغير هو المتكلم بذلك الكلام، وهو المصلي، وهو الصائم، وهو الطائف. (4) . [وكذلك إذا خلق في غيره رائحة خبيثة منتنة كان هو الخبيث المنتن، ولم يكن الرب تعالى موصوفا بما خلقه في غيره، وإذا خلق الإنسان هلوعا جزوعا - كما أخبر تعالى بقوله: {إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا} [سورة المعارج: 19 - 21]- لم يكن هو سبحانه لا هلوعا ولا جزوعا ولا منوعا، كما تزعم القدرية أنه إذا جعل الإنسان ظالما كاذبا كان هو ظالما كاذبا، تعالى عن ذلك!
    وهذا يدل على قول جماهير المثبتين للقدر القائلين بأنه خالق أفعال العباد، فإنهم يقولون: إن الله تعالى خالق العبد وجميع ما يقوم به من إرادته وقدرته وحركاته وغير ذلك.
    وذهبت طائفة منهم من الكرامية وغيرهم، كالقاضي أبي خازم (5) . بن القاضي أبي يعلى، إلى أن معنى كونه خالقا لأفعال العباد أنه خالق
    _________
    (1) ن، م: وكذلك
    (2) في (ع) : صائما، وهو خطأ ظاهر. وفي (ن) : كلاما أو قدرة أو صلاة. . إلخ
    (3) ب، أ: لأن، وهو تحريف
    (4) الكلام التالي ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وينتهي في الصفحة التالية
    (5) في الأصل: أبي حازم

    ****************************** ****
    للأسباب التي عندها يكون العبد فاعلا ويمتنع ألا يكون فاعلا، فما علم الله أن العبد يفعله خلق الأسباب التي يصير بها فاعلا، ويقولون: إن أفعال العباد وجدت من جهته لا من جهة الله، ويقولون: إن الله تعالى موجدها كما قالوا: إن الله خالقها، ويقولون: إنه لم يكونها ولم يجعلها، ويقولون: إن العبد تحدث له إرادة مكتسبة. لكن قد يقولون: إنها بإرادة ضرورية يخلقها الله، كما ذكر ذلك القاضي أبو خازم (1) . وغيره، وقد يقولون: بل العبد يحدث إرادته مطلقا، كما قالته القدرية. لكن هؤلاء يقولون إن الرب يسر خلق الأسباب التي تبعث داعية على إيقاع ما يعلم أنه يوقعه] (2) . .
    ولكن [على قول الجمهور] (3) من قال: إن (4) . الفعل هو المفعول -[كما يقوله الجهم بن صفوان، ومن وافقه كالأشعري وطائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد] (5) - يقول: إن أفعال العباد هي فعل الله.
    فإن قال أيضا: وهي فعل لهم (6) . لزمه أن يكون الفعل الواحد لفاعلين، كما يحكى عن أبي إسحاق الإسفراييني (7) وإن لم يقل: هي فعل لهم
    _________
    (1) في الأصل: أبو حازم
    (2) هنا ينتهي السقط الموجود في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وبدأ في الصفحة السابقة
    (3) العبارة بين المعقوفتين ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (4) إن: ساقطة من (ع)
    (5) العبارة بين المعقوفتين ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (6) ب، أ، ن، م: فإن قال: وهو أيضا فعل لهم
    (7) في هامش نسخة (ع) كتب التعليق التالي: " إن أبا إسحاق (في الأصل: أبي إسحاق) الإسفراييني يقول بأن أفعال العباد تكون بفاعلين. قلت: وكذا عامة الحنفية يقولون: إن أفعال العباد ليست بفعل لله تعالى وحده، كما يقول به جهم والأشعري وغيرهما، ولا بفعل للعبد وحده، كما يقول به المعتزلة ومن يحذو حذوهم، بل هي فعل لله تعالى وللعبد معا، فكأنهم هربوا عن الجبر وعن كون العبد خالقا، إلا أنهم وقعوا في هجنة أخرى ". وأبو إسحاق الإسفراييني هو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، الفقيه الشافعي، المتكلم الأصولي، توفي سنة 418. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/8 - 9 ; شذرات الذهب 3/210 - 209; طبقات الشافعية 3 \ - 111 114 ; العبر للذهبي 3/128 ; الأعلام للزركلي 1 \. 59

    ****************************** **********
    لزمه أن تكون أفعال العباد فعلا لله لا لعباده، كما يقوله [جهم بن صفوان] والأشعري (1) ومن وافقه من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم (2) الذين يقولون: إن الخلق هو المخلوق، وإن أفعال العباد خلق لله [عز وجل] (3) .، فتكون (4) هي فعل الله وهي مفعول الله (5) .، كما أنها خلقه وهي مخلوقه.
    (* وهؤلاء [لا] يقولون (6) .: إن العباد فاعلون لأفعالهم حقيقة، ولكن هم مكتسبون لها، وإذا طولبوا (7) بالفرق بين الفعل والكسب لم يذكروا فرقا معقولا. ولهذا كان يقال: عجائب الكلام [ثلاثة] (8) .: أحوال أبي هاشم، وطفرة النظام، وكسب الأشعري *) (9) .
    _________
    (1) ب، أ، ن، م: كما يقوله الأشعري. . إلخ.
    (2) ن، م: من أصحاب أحمد وغيرهم.
    (3) عز وجل: زيادة في (ع)
    (4) فتكون: ساقطة من (ع) .
    (5) ب، أ: هي لله وهي مفعول لله
    (6) ن، م: وهؤلاء يقولون، وهو خطأ
    (7) ن، م: طلبوا، وهو خطأ.
    (8) ثلاثة: ساقطة من (ن) ، (م)
    (9) ما بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) وانظر ما سبق 1/458 - 460، وانظر عن طفرة النظام: الملل والنحل 1/57 - 58; مقالات الإسلاميين 2 \. 18

    ****************************** ********
    وهذا الذي ينكره [الأئمة] وجمهور العقلاء (1) .، ويقولون: إنه مكابرة للحس ومخالفة للشرع والعقل (2) .
    [وأما جمهور] أهل السنة (3) [المتبعون للسلف والأئمة] (4) فيقولون: إن فعل العبد فعل له حقيقة، ولكنه مخلوق لله ومفعول لله ; لا يقولون: هو نفس فعل الله، ويفرقون بين الخلق والمخلوق، والفعل والمفعول. (5) . [وهذا الفرق الذي حكاه البخاري في كتاب " خلق أفعال العباد " عن العلماء قاطبة (6) .، وهو الذي ذكره غير واحد من السلف والأئمة، وهو قول الحنفية وجمهور المالكية والشافعية والحنبلية، وحكاه البغوي (7) \ 284 عن أهل السنة قاطبة، وحكاه الكلاباذي صاحب " التعرف لمذهب التصوف " عن جميع الصوفية (8) .، وهو قول أكثر طوائف أهل الكلام من الهشامية
    _________
    (1) ن: تركوه جمهور العقلاء ; ب، أ: ينكره جمهور العقلاء ; م: يذكره جمهور العقلاء
    (2) ن: فهو مخالف للعقل والشرع ; ع: ومخالف للشرع والعقل ; م: فهو مخالف للشرع.
    (3) عبارة: " وأما جمهور " ساقطة من (ن) ومكانها بياض. وفي (م) : وأما أهل السنة.
    (4) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (5) من هنا يبدأ سقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وينتهي في الصفحة التالية
    (6) يقول البخاري في " خلق أفعال العباد " ص [0 - 9] 12: " واختلف الناس في الفاعل والمفعول والفعل. فقالت القدرية: الأفاعيل كلها من البشر ليست من الله. وقالت الجبرية: الأفاعيل كلها من الله. وقالت الجهمية: الفعل والمفعول واحد، لذلك قالوا لكل مخلوق. وقال أهل العلم: التخليق فعل الله وأفعالنا مخلوقة. . . ففعل الله صفة الله، والمفعول غيره من الخلق "
    (7) هو الحسين بن مسعود المعروف بالفراء، وسبقت ترجمته 1/457، وانظر في ترجمته أيضا: تذكرة الحفاظ 4/1257 ; الأعلام للزركلي 2
    (8) يقول الكلاباذي (المتوفى سنة 380) في كتابه " التعرف لمذهب أهل التصوف " ص [0 - 9] 4، ط. عيسى الحلبي 1380/1960: " أجمعوا أن الله تعالى خالق لأفعال العباد كلها، كما أنه خالق لأعيانهم، وأن كل ما يفعلون من خير وشر فبقضاء الله وقدره ". . ثم يقول (ص [0 - 9] 7) : " وأجمعوا أن لهم أفعالا واكتسابا على الحقيقة، هم بها مثابون وعليها معاقبون، ولذلك جاء الأمر والنهي، وورد الوعد والوعيد ". هذا وقد سبقت إشارة ابن تيمية إلى كلام الكلاباذي 1/458

    ****************************** ***



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #126
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (123)
    صـ 299 إلى صـ 305





    وكثير من المعتزلة والكرامية، وهو قول الكلابية أيضا أئمة الأشعرية فيما ذكره أبو علي الثقفي وغيره على قول الكرامية: " وأثبتوا لله فعلا قائما بذاته غير المفعول، كما أثبتوا له إرادة قديمة قائمة بذاته " (1) ، وذكر سائر الاعتقاد الذي صنفوه لما جرى بينهم وبين ابن خزيمة نزاع في مسألة القرآن، لكن ما أدري هل ذلك قول ابن كلاب نفسه أو قالوه هم بناء على هذا الأصل المستقر عندهم؟] (2) . .
    [مقالات الرافضة في خلق أعمال العباد]
    ثم القدر فيه نزاع بين الإمامية، كما بينهم النزاع في الصفات.
    قال أبو الحسن الأشعري (3) \ 110.: " واختلفت الرافضة في أعمال العباد (4) . هل هي مخلوقة؟ ن: مخلوقة لله تعالى ; م: مخلوقة لله. وهي (5) . ثلاث فرق: فالفرقة الأولى [منهم] وهم هشام بن الحكم (6) :
    _________

    (1) انظر ما سلف 1/323 - 325 عن قول الكلابية والكرامية بالإرادة القديمة الأزلية لله تعالى.
    (2) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله في أول الصفحة السابقة
    (3) في " المقالات " النص التالي في مقالات الإسلاميين 1
    (4) ب، أ: واختلفت الرافضة في أفعال العباد ; ع: اختلف الروافض في أعمال العباد ; م: واختلف الرافضة في أعمال العباد. والمثبت عن (ن) وهو الموجود في " المقالات "
    (5) المقالات: وهم
    (6) ن، م: فالفرقة الأولى وهم هشام بن الحكم ; ب، أ: فالفرقة الأولى منهم هشام بن الحكم ; " المقالات ": فالفرقة الأولى منهم وهو هشام بن الحكم، والمثبت عن (ع) .

    ****************************** *
    [يزعمون أن أعمال (1) . العباد مخلوقة لله ".
    قال: " وحكى جعفر (2) 48. بن حرب عن هشام بن الحكم] (3) . أنه كان يقول: إن [أفعال] (4) الإنسان اختيار له من وجه، اضطرار له من وجه (5) .: اختيار (6) . من وجه أنه أرادها واكتسبها، واضطرار (7) . من جهة أنها لا تكون منه إلا عند حدوث السبب المهيج عليه (8) ".
    قال: " والفرقة الثانية منهم: يزعمون أن لا جبر كما قال الجهمي، ولا تفويض كما قالت المعتزلة ; لأن الرواية عن الأئمة (9) - زعموا - جاءت بذلك، ولم يتكلفوا أن يقولوا في أفعال العباد هل هي مخلوقة أم لا شيئا (10) .
    والفرقة الثالثة منهم: يزعمون أن أعمال (11) . العباد غير
    _________

    (1) ع: أفعال
    (2) ع: وحكي عن جعفر، وهو جعفر بن حرب الهمداني، من كبار معتزلة بغداد، أخذ العلم عن أبي الهذيل العلاف، وتوفي سنة 236، وتنسب إليه وإلى أبي جعفر بن مبشر الثقفي (المتوفى سنة 234) فرقة الجعفرية. . وانظر عنه وعن الجعفرية: تاريخ بغداد 7/162، لسان الميزان 2/113 ; الأعلام للزركلي 2/116 - 117 ; الفرق بين الفرق 101 - 102 ; التبصير في الدين، ص 47 -
    (3) ما بين المعقوفتين وهو: " يزعمون أن أعمال. . هشام بن الحكم ": ساقط من (ن) ، (م)
    (4) أفعال: ساقطة من (ن) . وسقطت عبارة " إن أفعال " من (م) ، " إن " من (ع) .
    (5) ع: اختيارية من وجه اضطرارية من وجه
    (6) له له: ساقطة من " المقالات "، وفي (ع) : اختيارية
    (7) ع: واضطرارية
    (8) ع: حدوث الكسب المهيج عليه ; المقالات: حدوث السبب المهيج عليها.
    (9) عن الأئمة: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (10) المقالات: في أعمال العباد. ن: لا شيء. وسياق الجملة: ولم يتكلفوا أن يقولوا شيئا في أفعال العباد: هل هي مخلوقة أم لا.
    (11) ب، أ: أفعال

    ****************************** ******
    مخلوقة لله، وهذا قول قوم يقولون بالاعتزال والإمامة (1) . ".
    فإذن، كانت الإمامية على ثلاثة أقوال: منهم من يوافق المثبتة، ومنهم من يوافق المعتزلة، ومنهم من يقف.
    [والواقفة معنى قولهم هو معنى قول أهل السنة، ولكن توقفوا في إطلاق اللفظ، فإن أهل السنة لا يقولون بالتفويض - كما تقول القدرية -، ولا بالجبر - كما تقول الجهمية - بل أئمة السنة، كالأوزاعي والثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وغيرهم، متفقون على إنكار قول الجبرية المأثور عن جهم بن صفوان وأتباعه، وإن كان الأشعري يقول بأكثره وينفي الأسباب والحكم، فالسلف مثبتون للأسباب والحكمة.
    والمقصود أن الإمامية إذا كان لهم قولان] (2) . كانوا متنازعين في ذلك (3) . كتنازع سائر الناس، لكنهم [فرع على غيرهم في هذا وغيره] (4) .، فإن مثبتيهم (5) . تبع للمثبتة، ونفاتهم تبع للنفاة، [إلا ما اختصوا به من افتراء الرافضة، فإن الكذب والجهل والتكذيب بالحق الذي اختصوا به لم يشركهم فيه أحد من طوائف الأمة. وأما ما يتكلمون به في سائر مسائل
    _________
    (1) ب، أ، ن، م: والإمامية
    (2) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (ب) ، (أ) ، (م) . إلا العبارة الأخيرة " والمقصود. . . إلخ فهي في (ب) ، (أ)
    (3) في ذلك: ساقطة من (ع)
    (4) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط، وفي (ب) ، (أ) بدلا منه: لكنهم أضل، وفي (ن) ، (م) : لكنهم أجل
    (5) ب: مثبتتهم ; أ، ع، م: مثبتهم

    ****************************** ******
    العلم: أصوله وفروعه، فهم فيه تبع لغيرهم من الطوائف، يستعيرون كلام الناس فيتكلمون به، وما فيه من حق فهو من أهل السنة، لا ينفردون عنهم بمسألة واحدة صحيحة، لا في الأصول ولا في الفروع، إذ كان مبدأ بدعة القوم من قوم منافقين لا مؤمنين] (1) .
    وحينئذ فهذا النافي يناظر أصحابه في ذلك وهو لم يذكر حجة. وقد تقدم تفصيل (2) . مذاهب أهل السنة في ذلك، وقد ذكر أصحابه عن الأئمة [ما] (3) . يخالف قوله في (4) ذلك.

    [التعليق على قوله يثيب المطيع ويعفو عن العاصي أو يعذبه]

    وأما قوله: " إن الله (5) . يثيب المطيع ويعفو عن العاصي أو يعذبه " (6) . .
    فهذا مذهب أهل السنة الخاصة، وسائر من انتسب إلى السنة والجماعة كالكلابية والكرامية والأشعرية والسالمية، وسائر فرق الأمة من المرجئة وغيرهم، والخلاف في ذلك مع (7) . الخوارج والمعتزلة فإنهم يقولون بتخليد أهل الكبائر في النار.
    وأما الشيعة فالزيدية منهم (8) تقول (9) . بقول المعتزلة في ذلك، والإمامية على قولين.
    _________
    (1) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وبدأ في الصفحة السابقة.
    (2) ن: تفضيل
    (3) ما: ساقطة من (ن) فقط
    (4) ب، أ: من.
    (5) ب، أ: إنه
    (6) هذه حكاية ابن تيمية لكلام ابن المطهر، وقد ورد بتمامه من قبل في هذا الجزء، ص 98. وهو في منهاج الكرامة، ص 82 (م) ونصه: " ويثيب المطيع لئلا يكون ظالما، ويعفو عن العاصي أو يعذبه بجرمه من غير ظلم له "
    (7) ب، أ، ن، م: إلا من خالف ذلك من
    (8) [- أو أكثر الزيدية -] أو أكثر الزيدية: ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م)
    (9) ع، ن: يقول

    ****************************** ********
    قال الأشعري (1) \ 140.: " وأجمعت (2) . الزيدية أن أصحاب الكبائر كلهم معذبون في النار (3) . خالدون فيها مخلدون أبدا، لا يخرجون منها ولا يغيبون عنها " (4) .
    [مقالات الروافض في الوعيد]
    قال (5) : " واختلفت الروافض في الوعيد، وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم يثبتون الوعيد على مخالفيهم، ويقولون إنهم يعذبون، (6) ولا (7) يقولون بإثبات الوعيد (8) فيمن قال بقولهم، ويزعمون أن الله (9) يدخلهم الجنة، وإن (10) أدخلهم النار أخرجهم منها ; ورووا (11) في ذلك عن أئمتهم أن ما كان بين الله وبين الشيعة [من المعاصي سألوا الله فيهم فصفح عنهم، وما كان بين الشيعة] (12) وبين الأئمة تجاوزوا عنه، وما كان بين الشيعة وبين الناس من المظالم شفعوا لهم أئمتهم حتى يصفحوا عنهم (13) ".
    _________

    (1) في " المقالات " 1
    (2) ن، م: واجتمعت
    (3) ب، أ: بالنار
    (4) ع (فقط) : عنها بحال.
    (5) في " المقالات " 1/120.
    (6) ن: معذبون.
    (7) لا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (8) ب (فقط) : الوعد، وهو خطأ.
    (9) المقالات: الله سبحانه.
    (10) ب، أ: وإذا.
    (11) ب، أ: وذكروا.
    (12) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (13) ب: شفع لهم. . إلخ ; ع: شفع لهم أئمتهم حتى يصفحوا عنه ; المقالات: شفعوا لهم إليهم حتى يصفحوا عنهم. والمثبت عن (أ) ، (ن) ، (م) .

    ****************************** **
    قال: " والفرقة الثانية (1) منهم: يذهبون إلى إثبات الوعيد، وأن الله [عز وجل] (2) يعذب كل مرتكب للكبائر (3) من أهل مقالتهم كان أو من غير أهل مقالتهم، ويخلدهم في النار ".
    وهذا قول أئمة هذا الإمامي من (4) المعتزلة ونحوهم.
    [القول الأول في معنى الظلم عند مثبتة القدر]
    وأما قوله: " ويثيب المطيع لئلا يكون ظالما " (5) فقد قدمنا [أن] للمثبتين (6) للقدر في تفسير الظلم الذي يجب تنزيه الله عنه قولين (7) أحدهما: أن الظلم [هو] الممتنع لذاته وهو المحال لذاته (8) .
    [وإن كان ما يمكن أن يكون فالرب قادر عليه، وكل ما كان قادرا عليه لا يكون ظالما. وهذا قول الجهم والأشعري وموافقيهما، وقول كثير من السلف والخلف، أهل السنة والحديث.
    ويروى عن إياس بن معاوية (9) قال: ما ناظرت بعقلي كله إلا القدرية،
    _________
    (1) ن: والثانية.
    (2) عز وجل: ساقطة من (ن) .
    (3) المقالات: الكبائر.
    (4) ب، أ: عن.
    (5) أعاد ابن تيمية هنا بعض كلام ابن المطهر السابق بنصه. وفي (ن) ، (م) : لئلا يكون ذلك ظلما.
    (6) أ: فقد قدمنا المثبتين ; ب: فقد قدمنا للمثبتين ; ن، م: فقد قدمنا أن المثبتين.
    (7) سبق ذكر قولي أهل السنة في تفسير الظلم 1/134 - 135.
    (8) ن، م: أن الظلم ممتنع بنفسه وهو محال لذاته.
    (9) إياس بن معاوية بن قرة المزني، أبو واثلة. قال ابن سعد: " كان ثقة، وكان قاضيا على البصرة، وله أحاديث، وكان عاقلا من الرجال فطنا ". ويضرب بإياس المثل في الذكاء، وقد توفي سنة 122. انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 7/234 - 235 ; وفيات الأعيان 1/223 - 226 ; تهذيب التهذيب 1/39 ; الأعلام للزركلي 1/376 - 377.

    ****************************** *******
    قلت لهم: أخبروني عن الظلم ما هو؟ قالوا: التصرف في ملك غيره. قلت: فلله كل شيء.
    وهذا قول كثير من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم] (1) .
    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) . وأمام آخر هذا الكلام يوجد في هامش نسخة (ع) تعليق طويل هذا نصه: " ينبغي أن يعلم أن طائفة من الماتريدية يقولون: إن التصرف في ملكه إنما يحسن إذا كان على مقتضى الحكمة، وإذا كان خارجا عن مقتضى الحكمة يكون سفها يجب تنزيه الله تعالى عنه، وظني أن من يقول من أهل السنة بالعلل والأسباب والحكم والمصالح لا يقول: إن التصرف في ملكه يحسن على الإطلاق، فالقائل بأن التصرف في ملكه على أي وجه كان يحسن لا بد وأن لا يقول بالعلل والأسباب والحكم والمصالح، كالأشعري ومن تبعه من أهل السنة فهم قائلون بالمشيئة المحضة، حتى فسروا الحكمة بما يقع على قصد فاعله، والسفه بما لا يقع على قصده لعلة. وأما من يقول بالحكم والمصالح والعلل والأسباب مثل الحنفية والمعتزلة ومن يحذو حذوهم فليست الحكمة عندهم مفسرة كذلك، بل هي ما يترتب عليه عاقبة حميدة، أو ما له نفع للفاعل أو لغيره. وكذلك من يقول بالحسن والقبح العقليين مثل الماتريدية والمعتزلة يقولون بأن التصرف في ملكه إنما يكون حسنا إذا كان موافقا على قضية العقل، فهم لا يجوزون عقلا تعذيب المطيع وتنعيم العاصي، وكذا لا يجوزون العفو عن الشرك والكفر عقلا. وأما على قول من يقول بأن التحسين والتقبيح من الله، فلو حسن ما قبحه وقبح ما حسنه فله ذلك - مثل الأشعري وأضرابه من أهل السنة والجماعة - فكل ذلك في التجويز العقلي، ولقد كان شمس الأئمة السرخسي وفخر الإسلام البزدوي، مع أنهما من عظماء الحنفية، لم يقولا بما قاله الماتريدية من الحسن والقبح العقليين، بل قالا بما قال به الأشعري من الحسن والقبح العقليين. وقد قال صدر الشريعة: إن الأشعري يجوز المؤاخذة على ما ليس من فعل العبد وأثره ولا إيجاده، يريد أنهم لا يجوزون ذلك بل يقولون بامتناعه، ففعل العبد ليس من الله وحده عندهم، بل من الله ومن العبد معا، حتى يصح التنعيم والتعذيب. وقد قال إمام الحرمين - مع أنه شافعي - أطم من ذلك، فقال في " النظامية ": إن فعل العبد من العبد وحده، ثم ذكر في إثباته قواقع وقوادح على قول الأشعري وتهجينه، مع ذكره في " الإرشاد " مثل قول الأشعري، وادعى أنه مما يدين الله تعالى به، وهو عجيب من الإمام، ولقد أنكر صاحب " المقاصد " ذلك القول من الإمام لاغتراره بقوله في " الإرشاد " ولعدم رؤيته لرسالة الإمام الموسومة بالنظامية لعلة (؟) ولقد صرح تلميذه في شرحه للإرشاد بكون هذا القول قولا أخيرا لإمام الحرمين، وقصد تأييده وتهجين قوله في " الإرشاد "، والإمام الرازي أيضا نقل عن إمام الحرمين ذلك، وكذا الشهرستاني في " الملل ".



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #127
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (124)
    صـ 306 إلى صـ 312





    فعلى هذا القول لا يقال: يثيب الطائع لئلا يكون ظلما (1) .
    [فإن الممتنع لذاته الذي لا يكون مقدورا لا يتصور وقوعه، فأي شيء كان مقدورا وفعل لم يكن ظلما عند هؤلاء، وهؤلاء يجوزون أن يعذب الله العبد في الدنيا والآخرة بلا ذنب، كما يجوزون تعذيب أطفال الكفار ومجانينهم بلا ذنب، ثم من هؤلاء من يقطع بدخول أطفال الكفار النار، ومنهم من يجوزه ويتوقف فيه، وطائفة من أصحاب أحمد يقطعون بذلك وينقلونه عن أحمد، وهو خطاء على أحمد، بل نصوص أحمد المتواترة عنه وعن غيره من الأئمة مطابقة للأحاديث الصحيحة في ذلك.
    وهؤلاء إنما اشتبه عليهم الأمر لأن أحمد سئل عنهم في بعض أجوبته فأجاب بالحديث الصحيح: " «الله أعلم بما كانوا عاملين» ". فظن هؤلاء أن أحمد أجاب بحديث «روي عن خديجة أنها سألت الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أطفال المشركين فقال: " إنهم في النار "، فقالت: بلا عمل؟ فقال: " الله أعلم بما كانوا عاملين» . وهذا الحديث كذب موضوع عند أهل الحديث (2) ، ومن هو دون أحمد من أئمة الحديث يعرف هذا فضلا عن مثل أحمد.

    _________
    (1) في (م) : يثيب المطيع. وفي (ب) (فقط) ظالما. وبعد هذه الكلمة يوجد كلام ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وينتهي السقط في ص 309.
    (2) لم أجد هذا الحديث مرويا عن خديجة رضي الله عنها ولكني وجدت حديثا قريبا منه ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/196 في شرحه لأحاديث باب " ما قيل في أولاد المشركين " فقال: " وروي عن عبد الرزاق من طريق أبي معاذ عن الزهري عن عروة عن عائشة، قالت سألت خديجة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد المشركين فقال: هم مع آبائهم، فسألته بعد ذلك، فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين، ثم سألته بعد ما استحكم الإسلام فنزل (ولا تزر وازرة وزر أخرى) قال: هم على الفطرة، أو قال: في الجنة. وأبو معاذ هو سليمان بن أرقم وهو ضعيف ". وقد تكلم ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 00 - 101) عن سليمان بن أرقم وأورد أقوال الأئمة فيه، وكلها على تضعيفه منها ما ذكره يحيى بن معين: سليمان بن أرقم أبو معاذ ليس يسوى فلسا وليس بشيء، ومنها حديث عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: سليمان بن أرقم: متروك الحديث. وذكر ابن حجر (فتح الباري 3/195) حديثا آخر عن عائشة بنفس المعنى: " وروى أحمد من حديث عائشة: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ولدان المسلمين، قال: في الجنة. وعن أولاد المشركين، قال: في النار. فقلت يا رسول الله لم يدركوا الأعمال؟ قال: ربك أعلم بما كانوا عاملين، لو شئت أسمعتك تضاغيهم في النار ". وعلق ابن حجر على ذلك بقوله: " وهو حديث ضعيف جدا لأن في إسناده أبا عقيل مولى بهية وهو متروك ". وذكر الحديث بألفاظ مقاربة ابن عبد البر في تجريد التمهيد، ص 322، وعلق بقوله: وأبو عقيل هذا صاحب بهية لا يحتج بمثله عند أهل العلم بالنقل ". وانظر ترجمة أبي عقيل يحيى بن المتوكل في: الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 89 - 190 ; لسان الميزان 6/767. ووجدت في المسند (ط. الحلبي) 6/208 جزءا من هذا الحديث، وفي سنده: عن أبي عقيل يحيى بن المتوكل عن بهية عن عائشة.

    ******************************
    وأحمد لم يجب بهذا، وإنما أجاب بالحديث الذي في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ". ثم يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: {فطرة الله التي فطر الناس عليها} [سورة الروم: 30] قالوا: يا رسول الله أرأيت من يموت من أطفال المشركين وهو صغير؟ فقال:

    ****************************** *****
    " الله أعلم بما كانوا عاملين» (1) . وفي صحيح البخاري أيضا عن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أطفال المشركين فقال:
    _________

    (1) روي هذا الحديث عن أبي هريرة مرفوعا من وجوه عدة وبألفاظ متقاربة وجاء مطولا في بعض الروايات ومختصرا في بعض آخر. انظر: البخاري 2/94 - 95 (كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي) ، 2/100 (كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين) ، 6/114 (كتاب التفسير، سورة الروم) ، 8/123 (كتاب القدر، باب الله أعلم بما كانوا عاملين) ; مسلما 4/2048 - 2047 (كتاب القدر، باب معنى: كل مولود يولد على الفطرة) ; سنن أبي داود 4/318 - 316 (كتاب السنة، باب في ذراري المشركين) ; سنن الترمذي 3/303 (كتاب القدر، باب كل مولود. . إلخ) وانظر شرح ابن العربي على سنن الترمذي 8/303 - 306 ; المسند (ط. المعارف) 12/169 - 170 (رقم 7181) ، 13/181 - 182 (الأرقام 7436 - 7438) ، 14/129 - 130 (رقم 7698) ، 207 (رقم 7782) ; الموطأ (ط. فؤاد عبد الباقي) 1/241 ; صحيح ابن حبان 292 - 296 (الأرقام 128 - 130) ، 1/300 (رقم 133) - وانظر تعليقات المحقق ; ترتيب مسند الطيالسي 2/235 (وهو في مسند الطيالسي، رقم 2356 - 2433) . وروى أحمد الحديث عن جابر بن عبد الله في المسند (ط. الحلبي) 3/353. والحديث مروي مع اختلاف في اللفظ عن الأسود بن سريع في: المسند (ط. الحلبي) 3/435، 4/24 ; صحيح ابن حبان 1/297 - 298 (رقم 132) ; تفسير الطبري (ط. المعارف 13/231 - وانظر التعليق 231 - 232) ; الحاكم في مستدركه 3/123 ; البيهقي في السنن 9/77 ; الهيثمي في مجمع الزوائد 5/316 ; الاستيعاب لابن عبد البر (في ترجمة الأسود) . وانظر أيضا عن الحديث برواياته المتعددة: شرح مسلم للنووي 16/207 - 208 ; تفسير ابن كثير (تفسير آية 30 من سورة الروم) ; تجريد التمهيد لابن عبد البر (ط. القدسي، 1350) ص 290 - 332. أما قوله صلى الله عليه وسلم: " كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ": فأكثر أهل اللغة على أن هذا الفعل (نتج) لا يكون إلا مبنيا للمجهول، فيقال: نتجت الناقة تنتج، على ما لم يسم فاعله، بمعنى ولدت. . وقال يقال: نتج الرجل ناقته (بالبناء للمعلوم) إذا ولدها (بتضعيف اللام) . وقال النووي في شرح مسلم 16/209: " (جمعاء) بالمد، أي مجتمعة الأعضاء، سليمة من نقص، لا يوجد فيها (جدعاء) بالمد، وهي مقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء، ومعناه: أن البهيمة تلد البهيمة كاملة الأعضاء، لا نقص فيها، وإنما يحدث فيها الجدع والنقص بعد ولادتها ".

    ****************************** *****
    " الله أعلم بما كانوا عاملين» (1) . وقد بسط الكلام على هذه الأحاديث وأقوال الناس في هذه المسألة ونحوها في غير هذا الموضع، مثل كتاب " رد تعارض العقل والنقل " (2) وغير ذلك] (3) .
    [القول الثاني في معنى الظلم عند مثبتة القدر]
    والقول الثاني (4) : أن الظلم ممكن مقدور، [وأنه] (5) منزه عنه لا يفعله لعلمه وعدله، فهو لا يحمل [على] (6) أحد ذنب غيره (7) . [قال تعالى] : (8) [ {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ]
    [سورة الإسراء: 15] ، [ {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما} ]
    [سورة طه: 112] .
    وعلى هذا فعقوبة الإنسان بذنب غيره ظلم ينزه (9) الله عنه (10) ، وأما
    _________

    (1) الحديث في: البخاري 2/100، 8/123 ; مسلم 4/2047 ; المسند (ط. المعارف) 13/45 (رقم 7321) ، 259 (رقم 7512) ; ترتيب مسند الطيالسي 2/235. والحديث مروي أيضا عن ابن عباس رضي الله عنه من وجوه عدة.
    (2) تحدث ابن تيمية عن هذه الأحاديث بإسهاب في كتاب " درء تعارض العقل والنقل " فارجع إليه وخاصة في الجزء الثامن منه.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) . وبدأ السقط من ص 306.
    (4) بدأ الكلام عن القول الأول في معنى الظلم الذي يجب تنزيه الله عنه ص 304.
    (5) وأنه: ساقطة من (ن) فقط.
    (6) على: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ع: ذنب أحد.
    (8) عبارة: " قال تعالى " ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (9) ب، ا، م: يتنزه ; ن: منزه.
    (10) م (فقط) . . عنه لا يفعله.

    ****************************** ********
    إثابة المطيع ففضل منه وإحسان، وإن كان حقا واجبا بحكم وعده باتفاق المسلمين، وبما كتبه (1) على نفسه من الحرمة، وبموجب أسمائه وصفاته.
    فليس هو من جنس ظلم الأجير الذي استؤجر ولم يوف أجره، فإن هذا معاوضة (2) ، والمستأجر استوفى منفعته، فإن (3) لم يوفه أجره ظلمه.
    والله تعالى هو المحسن إلى العباد بأمره ونهيه، وبإقداره لهم على الطاعة، وبإعانتهم على طاعته. وهم (4) كما قال تعالى في الحديث الصحيح الإلهي: " «يا عبادي [إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، يا عبادي] (5) كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا (6) على أفجر قلب رجل [منكم] (7) ما نقص ذلك من ملكي شيئا، [يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص مما عندي إلا
    _________

    (1) ع، م: كتب.
    (2) ن، م: معارضة، وهو خطأ.
    (3) ب، ا،: وإن.
    (4) ع: وهى.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ،
    (6) كانوا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (7) منكم: ساقطة من (ن) .

    ****************************** ***
    كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر] (1) ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه» (2) .
    فبين (3) أن الخير الموجود من الثواب مما يحمد الله عليه لأنه المحسن به وبأسبابه، وأما العقوبة فإنه (4) عادل فيها فلا يلومن العبد إلا نفسه، كما قيل: كل نعمة منه فضل، وكل نقمة منه عدل.
    [وأصحاب هذا القول يقولون: الكتاب والسنة إنما تدل على هذا القول، والله قد نزه نفسه في غير موضع عن الظلم الممكن المقدور، مثل نقص الإنسان من حسناته، وحمل سيئات غيره عليه.
    وأما خلق أفعال العباد واختصاصه أهل الإيمان بإعانتهم على الطاعة فليس هذا من الظلم في شيء باتفاق أهل السنة والجماعة وسائر المثبتين للقدر من جميع الطوائف، ولكن القدرية تزعم أن ذلك ظلم، وتتكلم في التعديل والتجوير (5) بكلام متناقض فاسد كما قد بين في موضعه] (6) .
    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (2) ذكر ابن تيمية هذا الحديث من قبل 1/91، 93 فارجع إليه هناك. وقال النووي (شرح صحيح مسلم 16/133) : " المخيط - بكسر الميم وفتح الياء - هو الإبرة. قال العلماء: هذا تقريب إلى الأفهام ومعناه لا ينقص شيئا أصلا ".
    (3) م: فتبين.
    (4) ب، ا: فالله.
    (5) في الأصل: التجويز، وهو خطأ.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) . وانظر: رسالة " شرح حديث أبي ذر " مجموعة الرسائل المنيرية 3/205 - 246، القاهرة، 1346. وهي في مجموع فتاوى الرياض 18/136 - 209.

    ****************************** ****
    [التعليق على قوله أو يعذبه بجرمه من غير ظلم له]
    وأما قوله (1) : " أو يعذبه بجرمه من غير ظلم له " فهذا متفق عليه بين المسلمين: [أن] الله [تعالى] ليس (2) ظالما بتعذيب العصاة.
    وهم على ما تقدم من التنازع (3) في مسمى الظلم، هذا يقول: لأن الظلم منه ممتنع (4) ; وهذا يقول: إنه وضع العقوبة موضعها (5) ، والظلم وضع الشيء في غير موضعه، كما تقول (6) العرب: من أشبه أباه فما ظلم. (7) [ومعلوم أن الواحد من العباد إذا عذب الظالم على ظلمه بالعدل لم يكن ظالما له، وإن اعتقد أن الله خلق فعله وأنه تحت القضاء والقدر، فإذا لم يكن المخلوق ظالما للمخلوق إذا عاقبه بظلمه، وإن كان يعلم أن ذلك مقدر عليه فالخالق أولى أن لا يكون ظالما له، وإن كان ما فعله مقدرا. هذا، مع ما أنه يحسن منه سبحانه بحكمته ما لا يحسن من الناس، فإن الواحد من الناس لو رأى مماليكه يزني بعضهم ببعض ويظلم بعضهم بعضا - وهو قادر على منعهم - ولم يمنعهم، لكان مذموما بذلك مستحقا للوم والعقاب. والبارئ تعالى يرى ما يفعله بعض مماليكه من ظلم وفاحشة، وهو قادر على منعهم فلا يمنعهم، وهو سبحانه حميد مجيد منزه عن استحقاق الذم فضلا عن عقاب (8) ، إما لما له في ذلك من
    _________

    (1) العبارة التالية جزء من العبارة التي سبق ورودها ص 302.
    (2) ن، م: الله ليس. .
    (3) ن: الشايع، وهو تحريف.
    (4) ع: ممتنع منه.
    (5) ع: في غير موضعها.
    (6) ن، م: قالت.
    (7) الكلام بعد القوس المعقوف في (ع) فقط وينتهي في الصفحة التالية.
    (8) قوله: " فضلا عن عقاب " متصل بكلامه السابق قبل سطور قليلة عن الواحد من الناس حيث قال: " لكان مذموما بذلك مستحقا للوم والعقاب ".

    ****************************** *



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #128
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (125)
    صـ 313 إلى صـ 319





    الحكمة على قول الأكثرين، وإما لمحض المشيئة والإرادة على قول نفاة التعليل والإرادة من المثبتين للقدر ; فإذا كان يحسن منه من الأفعال ما لا يحسن من البشر بطل قياسه على خلقه، وكان ما يحسن منا من عقوبة الظالم لا يقبح منه بطريق الأولى والأحرى، فإن ما ينزه عنه من النقائص فهو أولى بتنزيهه، وله من الحمد ما لا يستحقه غيره] (1) .
    [التعليق على قوله وأن أفعاله محكمة واقعة لغرض ومصلحة]
    وأما قوله (2) : " وأن (3) أفعاله محكمة واقعة (4) لغرض ومصلحة (5) وإلا لكان عابثا ".
    فقد تقدم أن لأهل (6) السنة الذين ليسوا بإمامية قولين في تعليل أفعال الله [تعالى] (7) وأحكامه، وأن الأكثرين على التعليل (8) ، والحكمة هل هي منفصلة عن الرب [لا تقوم به] (9) ، أو قائمة به مع ثبوت الحكم المنفصلة أيضا؟ [فيه قولان لهم] (10) . وهل (11) تتسلسل الحكم أو لا تتسلسل؟ أو تتسلسل في المستقبل دون الماضي؟ هذا فيه أقوال [لهم] (12) .
    _________

    (1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله في الصفحة السابقة.
    (2) وردت هذه العبارة في " منهاج الكرامة " 1/82 (م) ، وسبق ورودها في هذا الجزء ص 98 وتمام العبارة هناك: " وإلا لكان عابثا، وقد قال الله تعالى: (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين) .
    (3) ع: أن ; ن، م: فإن.
    (4) منهاج الكرامة: محكمة متقنة واقعة، وكذا وردت من قبل في هذا الجزء ص 98.
    (5) ع: لمصلحة وغرض ; ب: لغرض أو مصلحة.
    (6) ن، م: أهل، وهو خطأ.
    (7) تعالي: ساقطة من (ن) ، (أ) ، (ب) .
    (8) انظر ما سبق 143 - 148.
    (9) عبارة " لا تقوم به " ساقطة من (ن) ، (م) .
    (10) عبارة: " فيه قولان لهم " ساقطة من (ن) ، (م) ، (ب) ، (أ) .
    (11) ن، م: وهي، وهو تحريف.
    (12) لهم: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .

    *****************************
    وأما لفظ " الغرض " فتطلقه طائفة من أهل الكلام [كالقدرية. وطائفة من المثبتين للقدر أيضا يقولون: إنه يفعل لغرض، كما ذكر ذلك من يذكره من مثبتة القدر: أهل التفسير والفقه وغيرهم. ولكن الغالب على الفقهاء وغيرهم من المثبتين للقدر أنهم لا يطلقون لفظ " الغرض " وإن أطلقوا لفظ الحكمة لما فيه من إيهام الظلم والحاجة، فإن الناس إذا قالوا: فلان فعل هذا لغرض، وفلان له غرض مع فلان، كثيرا ما يعنون بذلك المراد المذموم من ظلم وفاحشة أو غيرهما، والله تعالى منزه عن أن يريد ما يكون مذموما بإرادته] (1) .
    [التعليق على قوله إنه أرسل الرسل لإرشاد العالم]
    وأما قوله: " إنه (2) أرسل الرسل (3) لإرشاد العالم ".
    فهكذا يقول جماهير أهل السنة أن الله [تعالى] (4) أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، والذين يمتنعون من التعليل يقولون: أرسله وجعل إرساله رحمة في حق من آمن به، (6 أو في حقه وحق غيره 6) (5) .
    (7 ويقولون: هذه الرحمة جعلت عند ذلك، كما يقولون 7) : (6) في سائر الأمور
    _________

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) . وتوجد بدلا من هذه العبارة في (ن) ، (م) : " وأما الفقهاء وغيرهم فيمتنعون عن إطلاقه لما فيه من إيهام الظلم والحاجة " وفي (ب) ; (أ) توجد نفس هذه العبارة دون لفظتي " عن إطلاقه ".
    (2) العبارة التالية وردت في " منهاج الكرامة " 1/82 (م) ، وفي هذا الجزء ص 70.
    (3) الرسل: ساقطة من (ب) ، ا) . وفي: منهاج السنة 2/70: الأنبياء.
    (4) تعالى: زيادة في (ع) .
    (5) (6 - 6) : ساقط من (ب) ، (أ) .
    (6) (7 - 7) : ساقط من (ع) .

    ****************************** **
    التي حصل عندها آثار. [فإن الجمهور المثبتين للحكمة يقولون: فعل كذا لأجل ذلك وفعل كذا بكذا. وأولئك يقولون: فعل عنده لا به ولا له] (1) .
    [التعليق على قوله وأنه تعالى غير مرئي ولا مدرك بشيء من الحواس]
    وأما قوله (2) : " وأنه تعالى غير مرئي ولا مدرك بشيء من الحواس (3) لقوله تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} (4) [سورة الأنعام: 103] ولأنه (5) ليس في جهة ".
    فيقال: [له] (6) : أولا: النزاع في هذه المسألة بين [طوائف] (7) الإمامية كما النزاع فيها بين غيرهم (8) ، فالجهمية والمعتزلة والخوارج (9) وطائفة من غير (* الإمامية (10) تنكرها. والإمامية لهم فيها قولان: فجمهور قدمائهم يثبت (11) الرؤية، وجمهور *) (12) متأخريهم ينفونها. وقد تقدم أن أكثر قدمائهم يقولون بالتجسيم (13) .
    _________

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، والكلام في (ن) ، (م) ناقص ومضطرب.
    (2) وردت العبارة التالية في (ك) 1/82 (م) وهذا الجزء ص 98.
    (3) ن: الحولين ; م: الحق، وهو تحريف.
    (4) في (ع) ، (ب) ، (أ) ، (م) : " لا تدركه الأبصار وفي (ن) ذكر باقي الآية، وكذا هي في الموضعين السابقين.
    (5) ب، ا: لأنه.
    (6) له: زيادة في (ع) .
    (7) طوائف: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) ب، ا: كالنزاع فيها بين غير الإمامية.
    (9) ع: ومن تبعهم من الخوارج.
    (10) ع: وطائفة من الإمامية، ورجحت أن يكون المقصود الكلام على طائفة من الشيعة غير الإمامية، إذ إن ابن تيمية يتكلم بعد ذلك مباشرة على قولين للإمامية في هذه المسألة.
    (11) ب (فقط) : يثبتون ; ن، ع، ا: تثبت.
    (12) الكلام بين النجمتين ساقط من (م) .
    (13) ب، ا، ن، م: بالجسم.

    ****************************** ****
    قال الأشعري (1) : " وكل المجسمة (2) إلا نفرا قليلا (3) يقول (4) بإثبات الرؤية، وقد يثبت الرؤية من لا يقول بالتجسيم ".
    قلت: وأما الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام المعروفون بالإمامة في الدين، كمالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي حنيفة وأبي يوسف وأمثال هؤلاء، وسائر أهل السنة (5) والحديث والطوائف المنتسبين (6) إلى السنة والجماعة كالكلابية والأشعرية والسالمية وغيرهم، فهؤلاء كلهم متفقون على إثبات الرؤية لله تعالى، والأحاديث بها متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أهل العلم بحديثه.
    [وكذلك الآثار بها متواترة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وقد ذكر الإمام أحمد وغيره من الأئمة العالمين بأقوال السلف أن الصحابة والتابعين لهم بإحسان متفقون على أن الله يرى في الآخرة بالأبصار، ومتفقون على أنه لا يراه أحد في الدنيا بعينه، ولم يتنازعوا في ذلك إلا في نبينا - صلى الله عليه وسلم - خاصة: منهم من نفى رؤيته بالعين في الدنيا ومنهم من أثبتها. وقد بسطت هذه الأقوال والأدلة من الجانبين في غير هذا الموضع. والمقصود هنا نقل إجماع السلف على إثبات الرؤية
    _________
    (1) في المقالات 1/265.
    (2) ن، م: الجهمية، وهو خطأ ظاهر.
    (3) المقالات: يسيرا.
    (4) ب، ا، ع، م: يقولون.
    (5) ن، م: أهل البيت.
    (6) ع، ن: المنتسبون.

    ****************************** *******
    بالعين في الآخرة ونفيها في الدنيا، إلا الخلاف في النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة] (1) .
    وأما احتجاجه [واحتجاج النفاة أيضا] بقوله [تعالى] (2) : {لا تدركه الأبصار} [سورة الأنعام: 103] فالآية حجة عليهم لا لهم، لأن الإدراك: إما أن يراد به مطلق الرؤية، أو الرؤية، أو الرؤية المقيدة بالإحاطة، والأول باطل، لأنه ليس كل من رأى شيئا يقال: إنه [أدركه، كما لا يقال:] (3) أحاط به، كما سئل ابن عباس [رضي الله عنهما] (4) عن ذلك فقال (5) : ألست ترى السماء؟ قال: بلى، قال: أكلها ترى (6) ؟ قال: لا.
    ومن رأى جوانب الجيش أو الجبل (7) أو البستان أو المدينة لا يقال: إنه أدركها (8) ، وإنما يقال: أدركها إذا أحاط بها رؤية (9) ، ونحن في هذا المقام ليس علينا بيان ذلك، وإنما ذكرنا هذا بيانا لسند (10) المنع، بل المستدل بالآية عليه أن يبين أن الإدراك في لغة العرب مرادف للرؤية، وأن كل من رأى شيئا يقال في لغتهم إنه أدركه، وهذا لا سبيل إليه، كيف وبين لفظ
    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (2) ب، ا: وأما احتجاج النفاة بقوله تعالى ; ن، م: وأما احتجاجه بقوله.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) رضي الله عنهما: ساقطة من (ن) ، (م) . وفي (ع) : رضي الله عنه.
    (5) ن، م: قال.
    (6) ع: أترى كلها؟
    (7) ن، م: جوانب الخيل أو الجيش ; ': جوانب الجيش أو الجند.
    (8) ع: أدركه.
    (9) ن: ولا يقال إنه أدركها إلا إذا أحاط بها رؤية ; م: إلا إذا أحاط بها رؤية.
    (10) ع: لنسند ; أ: لسد.

    ****************************** *****
    الرؤية ولفظ الإدراك (1) عموم وخصوص [أو اشتراك لفظي] (2) ، فقد تقع رؤية بلا إدراك، [وقد يقع إدراك بلا رؤية] (3) ، فإن الإدراك (4) يستعمل في إدراك العلم وإدراك القدرة، فقد (5) يدرك الشيء بالقدرة وإن لم يشاهد، كالأعمى الذي طلب رجلا هاربا منه (6) فأدركه ولم يره، وقد قال تعالى: {فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون - قال كلا إن معي ربي سيهدين} [سورة الشعراء: 61، 62] فنفى موسى الإدراك مع إثبات الترائي (7) ، فعلم (8) أنه قد يكون رؤية بلا إدراك. والإدراك هنا هو إدراك القدرة، أي ملحوقون (9) محاط بنا وإذا انتفى (10) هذا الإدراك فقد تنتفي (11) إحاطة البصر [أيضا] (12) .
    ومما يبين ذلك أن الله [تعالى] (13) ، ذكر هذه الآية يمدح بها (14) نفسه
    _________

    (1) ن، م: وبين الرؤية والإدراك.
    (2) عبارة " أو اشتراك لفظي " ساقطة من (ن) ، (م) وموجودة في (ب) في غير موضعها بعد عبارة: وقد يقع إدراك بلا رؤية.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ب: وإن الإدراك ; ن، م: والإدراك ; أ: وإن الاستدراك.
    (5) ن، م: يقال.
    (6) منه: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (7) ع: الرؤية.
    (8) ن، م: أي يعلم.
    (9) أ، ب، م: ملحقون.
    (10) ن، م: نفى.
    (11) ن، م: ينفي.
    (12) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (13) تعالى: ساقطة من (ن) .
    (14) ن، م: فيها.

    ****************************** ***
    سبحانه وتعالى، ومعلوم أن كون الشيء لا يرى ليس صفة مدح، لأن النفي المحض لا يكون مدحا إن لم يتضمن أمرا ثبوتيا، ولأن المعدوم (1) أيضا لا يرى، والمعدوم لا يمدح، فعلم أن مجرد نفي الرؤية لا مدح فيه.
    [وهذا أصل مستمر، وهو أن العدم المحض الذي لا يتضمن ثبوتا لا مدح فيه ولا كمال، فلا يمدح الرب نفسه به، بل ولا يصف نفسه به، وإنما يصفها بالنفي المتضمن معنى ثبوت، كقوله: {لا تأخذه سنة ولا نوم} وقوله: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} ، وقوله: {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} ، وقوله: {ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم} [سورة البقرة: 255] وقوله: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض} [سورة سبأ: 3] ، وقوله: {وما مسنا من لغوب} [سورة ق: 38] ، ونحو ذلك من القضايا السلبية التي يصف الرب تعالى بها نفسه، وأنها تتضمن اتصافه بصفات الكمال الثبوتية، مثل كمال حياته وقيوميته وملكه وقدرته وعلمه وهدايته وانفراده بالربوبية والإلهية ونحو ذلك. وكل ما يوصف به العدم المحض فلا يكون إلا عدما محضا، ومعلوم أن العدم المحض يقال فيه: إنه يرى، فعلم أن نفي الرؤية عدم محض، ولا يقال في العدم المحض: لا يدرك، وإنما يقال: هذا فيما لا يدرك لعظمته لا لعدمه] (2) .
    [وإذا (3) كان المنفي هو الإدراك، فهو سبحانه وتعالى (4) لا يحاط به
    _________
    (1) ب، أ: لأن المعدوم ; ن، م: ولأن العدم.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) (م) .
    (3) ب، أ: وإن.
    (4) وتعالى: ساقطة من (أ) ، (ب) .

    ****************************** ****



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #129
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (126)
    صـ 320 إلى صـ 326





    رؤية، كما لا يحاط به علما، ولا يلزم من نفي إحاطة العلم والرؤية نفي العلم (1) والرؤية، بل يكون ذلك دليلا على أنه يرى ولا يحاط به (2 كما يعلم ولا يحاط به 2) (2) فإن تخصيص الإحاطة بالنفي (3) يقتضي أن مطلق الرؤية ليس بمنفي، وهذا الجواب قول أكثر العلماء من السلف وغيرهم، وقد روي معناه عن ابن عباس رضي الله عنهما (4) وغيره] (5) . (6 وقد روي في ذلك حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم 6) (6) . ولا (7) تحتاج
    _________

    (1) العلم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (3) بالنفي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) وجاء في (م) في غير موضعه.
    (6) (6 - 6) ساقط من (أ) ، (ب) . وجاء في الدر المنثور للسيوطي 3/37 (ط. إيران، 1377) : " قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار) الآية. أخرج ابن أبي حاتم والعقيلي وابن عدي وأبو الشيخ وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (لا تدركه الأبصار) قال: لو أن الإنس والجن والشياطين والملائكة - منذ خلقوا إلى أن فنوا - صفوا صفا واحد ما أحاطوا بالله أبدا. قال الذهبي: هذا حديث منكر. وأخرج الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم - وصححه - وابن مردويه واللالكائي في " السنة " عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه، قال عكرمة: فقلت له: أليس الله يقول: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) ؟ قال: لا أم لك، ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء، وفي لفظ: إنما إذا تجلى بكيفيته لم يقم له بصر. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (لا تدركه الأبصار) قال: " لا يحيط بصر أحد بالله ". ثم أورد السيوطي الأثر الذي أورده ابن تيمية آنفا عن ابن عباس وجاء فيه: ألست ترى السماء. . إلخ. فلعل هذا الحديث المرفوع وتلك الآثار عن ابن عباس هي التي عنى ابن تيمية الإشارة إليها.
    (7) ب، أ: فلا.

    ****************************** ***
    الآية إلى تخصيص ولا خروج عن ظاهر الآية، فلا (1) نحتاج أن نقول: لا نراه في الدنيا، أو نقول: لا تدركه الأبصار بل المبصرون، أو لا تدركه كلها بل بعضها، ونحو ذلك من الأقوال التي فيها تكلف.
    [ثم نحن في هذا المقام يكفينا أن نقول: الآية تحتمل ذلك، فلا يكون فيها دلالة على نفي الرؤية، فبطل استدلال من استدل بها على الرؤية، وإذا أردنا أن نثبت دلالة الآية على الرؤية مع نفيها للإدراك الذي هو الإحاطة أقمنا الدلالة على أن الإدراك في اللغة ليس هو مرادفا للرؤية، بل هو أخص منها، وأثبتنا ذلك باللغة وأقوال المفسرين من السلف وبأدلة أخرى سمعية وعقلية] (2) .
    [التعليق على قوله ولأنه ليس في جهة]
    وأما قوله (3) : " ولأنه (4) ليس في جهة ".
    فيقال: للناس في إطلاق لفظ الجهة ثلاثة أقوال: فطائفة تنفيها، وطائفة تثبتها، وطائفة تفصل (5) . وهذا النزاع موجود في المثبتة للصفات من أصحاب الأئمة الأربعة وأمثالهم، [ونزاع] أهل الحديث والسنة (6) الخاصة في نفي (7) ذلك وإثباته
    _________

    (1) ن، م: ولا.
    (2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (3) سبق ورود هذه العبارة من كلام ابن المطهر ضمن العبارة السابقة (ص [0 - 9] 15) ووردت في " منهاج الكرامة " 1/82 (م) ، وفي هذا الجزء ص [0 - 9] 8.
    (4) ع: وأنه ; ب، أ: لأنه. والمثبت في (ن) ، (م) ومنهاج الكرامة.
    (5) ع: وطائفة تفصل، وطائفة تثبتها.
    (6) ونزاع: ساقطة من (ن) ، (م) ; الحديث: ساقطة من (ع) .
    (7) نفي: ساقطة من (ع) .

    ****************************** *********
    نزاع لفظي، ليس هو نزاعا معنويا. ولهذا كان طائفة من أصحاب [الإمام] (1) أحمد - كالتميميين والقاضي [أبي يعلى] (2) في أول قوليه تنفيها (3) ، وطائفة أخرى [أكثر منهم] (4) تثبتها، وهو آخر قولي (5) القاضي.
    [والمتبعون للسلف لا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا تبين أن ما أثبت بها فهو ثابت وما نفي بها فهو منفي، لأن المتأخرين قد صار لفظ الجهة في اصطلاحهم فيه إجمال وإبهام كغيرها من ألفاظهم الاصطلاحية، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي، ولهذا كان النفاة ينفون بها حقا وباطلا، ويذكرون عن مثبتيها ما لا يقولون به، وبعض المثبتين لها يدخل فيها معنى باطلا مخالفا لقول السلف ولما دل عليه الكتاب والميزان] (6) .
    _________

    (1) الإمام: زيادة في (ع) .
    (2) في (ن) ؛ (م) كتبت كلمة " كالتميميين " محرفة، و " أبي يعلى " ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) . وعرف بالتميمي أكثر من واحد من أصحاب أحمد منهم: عبد العزيز بن الحارث بن أسد أبو الحسن التميمي، المتوفى سنة 317 (ترجمته في: طبقات الحنابلة 2/139 ; المنتظم لابن الجوزي 7/110) ، وحفيده: أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد التميمي، المتوفى سنة 488، وهو أشهر التميميين (ترجمته في: طبقات الحنابلة 2/250 - 251 ; الذيل لابن رجب 1/77 - 85 ; المنتظم 9/88 - 89) ، وعبد الوهاب بن عبد العزيز، أبو الفرج التميمي (والد أبي محمد) المتوفى سنة 425 (ترجمته في: طبقات الحنابلة 2/182 ; المنتظم 8/81) ، وعبد الواحد بن عبد العزيز، أبو الفضل التميمي (أخو عبد الوهاب) المتوفى سنة 410 (ترجمته في طبقات الحنابلة 2/179 ; المنتظم 7/295) . قال ابن أبي يعلى في ترجمته: رزق الله بن عبد الوهاب: " أحد الحنابلة المشهورين في الحنبلية، هو وأبوه وعمه وجده " فلعل ابن تيمية قصد الإشارة إليهم.
    (3) ب، أ، ن، م: ينفيها.
    (4) عبارة " أكثر منهم ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: قول.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .

    ****************************** ********
    وذلك أن لفظ " الجهة " قد يراد به ما هو موجود، وقد يراد به ما هو معدوم، ومن المعلوم أنه (1) لا موجود إلا الخالق والمخلوق، فإذا أريد بالجهة أمر موجود غير الله كان مخلوقا، والله تعالى لا يحصره ولا يحيط به شيء من المخلوقات (2 فإنه بائن من المخلوقات 2) (2) .
    وإن أريد بالجهة أمر عدمي، وهو ما فوق العالم (3) ، فليس هناك إلا الله وحده.
    فإذا قيل: إنه في جهة ; [إن] (4) كان معنى الكلام أنه هناك فوق العالم حيث انتهت المخلوقات، فهو فوق الجميع عال عليه. (5) [ونفاة لفظ " الجهة " يذكرون من أدلتهم أن الجهات كلها مخلوقة، وأنه كان قبل الجهة، وأنه من قال: إنه في جهة يلزمه القول بقدم شيء من العالم، أو أنه كان مستغنيا عن الجهة ثم صار فيها.
    وهذه الأقوال ونحوها إنما تدل على أنه ليس في شيء من المخلوقات سواء سمي جهة أو لم يسم. وهذا حق ; فإنه سبحانه منزه عن أن تحيط به المخلوقات، أو أن يكون مفتقرا إلى شيء منها: العرش أو غيره. ومن ظن من الجهال أنه إذا نزل إلى سماء الدنيا - كما جاء الحديث (6) - يكون العرش فوقه، ويكون محصورا بين طبقتين من
    _________
    (1) ب، أ: أن.
    (2) : (2 - 2) ساقط من (ب) ، (أ) .
    (3) . ن، م: ما فوق الفلك.
    (4) إن: في (ع) فقط.
    (5) الكلام التالي بعد القوس في (ع) فقط، وينتهي في الصفحة التالية.
    (6) الإشارة هنا إلى حديث النزول وهو مروي عن أبي هريرة وغيره من الصحابة من وجوه عدة ونص الحديث في إحدى رواياته (البخاري 2/52 - 53، كتاب التهجد، باب الدعاء والصلاة من آخر الليل) : " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ". وهو موجود أيضا في: البخاري 8/71 (كتاب الدعوات، باب الدعاء نصف الليل) ، 9/143 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: يريدون أن يبدلوا كلام الله) ; مسلم 1/521 - 523 (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه) ; سنن أبي داود 2/47 (كتاب الصلاة، باب أي الليل أفضل) ، 4/314 (كتاب السنة، باب الرد على الجهمية) ; المسند (ط. المعارف) الأرقام 967، 968، 3673، 3821، 7500، 7582، 7611، 7779. وهو أيضا في مواضع أخرى كثيرة في المسند، وروي كذلك في سنن الترمذي وسنن ابن ماجه وسنن الدارمي ومسند الطيالسي (وانظر: مفتاح كنوز السنة، مادة: الدعاء) . وأفرد ابن خزيمة فصلا لأحاديث النزول في كتابه " التوحيد "، ص 83 - 90

    *****************************
    العالم، فقوله مخالف لإجماع السلف مخالف للكتاب والسنة، كما قد بسط في موضعه. وكذلك توقف من توقف في نفي ذلك من أهل الحديث فإنما ذلك لضعف علمه بمعاني الكتاب والسنة وأقوال السلف.
    ومن نفى الجهة وأراد بالنفي كون المخلوقات محيطة به أو كونه مفتقرا إليها فهذا حق، لكن عامتهم (1) لا يقتصرون على هذا، بل ينفون أن يكون فوق العرش رب العالمين، أو أن يكون محمد - صلى الله عليه وسلم - عرج به إلى الله، أو أن يصعد إليه شيء وينزل منه شيء، أو أن يكون مباينا للعالم، بل تارة يجعلونه لا مباينا ولا محايثا (2) ، فيصفونه بصفة المعدوم والممتنع، وتارة يجعلونه حالا في كل موجود، أو يجعلونه وجود كل موجود، ونحو ذلك مما يقوله أهل التعطيل وأهل الحلول] (3) .
    _________

    (1) في الأصل (ع) : غايتهم. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
    (2) في الأصل (ع) : محايشا، والصواب ما أثبته.
    (3) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله في الصفحة السابقة.

    ****************************** ****
    [تنازع مثبتة الرؤية في العلو والاستواء]
    وإذا كان كذلك، فهو قد استدل على عدم الرؤية بكونه (1) ليس في جهة. وهذا الموضع [مما] تنازع فيه (2) مثبتو الرؤية، فقال الجمهور (3) بما (4) دل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «إنكم ترون (5) ربكم كما ترون الشمس والقمر لا تضامون في رؤيته» ". وهذا الحديث متفق [عليه] (6) من طرق (7) كثيرة، [وهو] (8) مستفيض بل متواتر عند أهل العلم بالحديث (9) ، اتفقوا على [صحته (10) ، مع] (11) أنه جاء من وجوه كثيرة قد
    _________

    (1) ن، م: لكونه.
    (2) ن، م: وهذا الموضع ينازع فيه.
    (3) ع: جمهورهم.
    (4) بما: ساقطة من (ب) ، (أ) ، وكتبت في (ن) ، (م) : مما، وهو تحريف.
    (5) ع: سترون.
    (6) ب، أ، ن، م: منقول.
    (7) م: جهات.
    (8) وهو: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (9) ب، أ: والحديث منقول. وفي هامش نسخة (ع) كتب ما يلي: " حديث إنكم سترون ربكم. . . وهو مستفيض بل متواتر عند أهل العلم بالحديث. قلت: أشار بذلك إلى أن الحديث المتواتر ليس بعزيز الوجود ولا منحصرا بحديث من كذب علي متعمدا. . إلخ كما زعم بذلك أبو عمرو بن الصلاح في كتابه في علوم الحديث، بل هو كثير الوجود بأن تعدد طريق الحديث وتكثر بحيث يستحيل العقل تواطؤ رواته على الكذب، وقد حقق خاتمة الحفاظ العسقلاني ذلك، وقال الجلال السيوطي في شرح التقريب: جعلت رسالة جمعت فيها مقدار عشرين حديثا من المتواترات، فذكرها فردا فردا ".
    (10) هذا الحديث مروي من وجوه عدة وبألفاظ متقاربة عن عدد من الصحابة، منهم علي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وأبو هريرة في: البخاري 6/44 - 45 (كتاب التفسير، باب قوله: إن الله لا يظلم مثقال ذرة) ، 9/128 - 127 (كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) ; مسلم 1/164 (كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية) ; سنن أبي داود 4/322 - 323 (كتاب السنة، باب في الرؤية) ; سنن الترمذي 4/92 - 93 (كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في رؤية الرب تبارك وتعالى) ; سنن ابن ماجه 1/63 - 64 (المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية) ; المسند (ط. المعارف) الأرقام: 7703، 7914، (ط. الحلبي) 3/16 - 17، 4/11. والحديث في أكثر هذه الكتب في مواضع أخرى ويوجد في كتب أخرى، وانظر: مفتاح كنوز السنة (الله) . وانظر درء تعارض العقل والنقل 7/29 - 31.
    (11) صحته مع: ساقط من (ن) .

    ****************************** ********
    جمع طرقها أكثر (1) أهل العلم بالحديث، كأبي الحسن الدارقطني وأبي نعيم الأصبهاني وأبي بكر الآجري وغيرهم (2) . (* وقد أخرج أصحاب الصحيح (3) ذلك من وجوه متعددة توجب لمن كان عارفا بها العلم القطعي (4) بأن لرسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] (5) قال ذلك *) (6) . وقالت طائفة: إنه يرى [لا] (7) في جهة، لا أمام الرائي ولا خلفه، ولا عن يمينه ولا عن يساره، ولا فوقه ولا تحته. وهذا هو المشهور عند متأخري (8) الأشعرية فإن هذا مبني على اختلافهم في كون البارئ [تعالى] (9) فوق العرش.
    فالأشعري وقدماء أصحابه كانوا يقولون: إنه بذاته فوق العرش، وهو مع ذلك (10) ليس بجسم (11) .
    _________
    (1) أكثر: زيادة في (ن) فقط.
    (2) ذكر بروكلمان (تاريخ الأدب العربي 3/211) أن للدارقطني كتابا جمع فيه ما ورد من النصوص الواردة في كتاب الله والأحاديث المتعلقة برؤية الباري، ومنه نسخة خطية في الإسكوريال، كما ذكر (3/209) أن للآجري كتاب التصديق بالنظر إلى الله في الآخرة، ومنه نسخة خطية في الظاهرية، وفي كتاب " الشريعة " له باب بهذا العنوان، ص [0 - 9] 51 - 270، ط. حامد الفقي 1369/1950.
    (3) ن: أصحاب البخاري ومسلم ; م: أصحاب الصحيح كالبخاري ومسلم.
    (4) القطعي: زيادة في (ن) ، (م) .
    (5) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (ن) .
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (7) لا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) متأخري: ساقطة من (ع) .
    (9) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (10) ب، أ: ومع ذلك.
    (11) كتب مقابلا لهذا الموضع في هامش (ع) : " قلت: وممن يقول بكونه تعالى فوق العرش بذاته أبو زيد في رسالته المشهورة عندهم. وقد ينيف من شرح هذه الرسالة من العلماء على ثلاثمائة، وهي في غاية الشهرة عند المغاربة وكانوا يقولون لمؤلفها مالك الصغير ".

    ******************************



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #130
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (127)
    صـ 327 إلى صـ 333





    وعبد الله [بن سعيد] (1) بن كلاب والحارث المحاسبي وأبو العباس القلانسي كانوا يقولون بذلك، بل كانوا أكمل إثباتا من الأشعري (2) ، [فالعلو عندهم من الصفات العقلية، وهو عند الأشعري من الصفات السمعية] (3) ، (3 ونقل ذلك الأشعري 3) (4) عن أهل السنة والحديث كما فهمه عنهم (5) . [وكان أبو محمد بن كلاب هو الأستاذ الذي اقتدى به الأشعري في طريقه هو وأئمة أصحابه (6) كالحارث المحاسبي وأبي العباس القلانسي وأبي سليمان الدمشقي وأبي حاتم البستي (7) . وخلق كثير يقولون: إن اتصافه بأنه مباين للعالم عال عليه هو من الصفات المعلومة بالعقل كالعلم والقدرة، وأما الاستواء على العرش فهو من الصفات الخبرية، وهذا قول كثير من أصحاب الأئمة الأربعة (8) وأكثر أهل
    _________

    (1) ابن سعيد: زيادة في (ع) .
    (2) ن، م: أكمل الناس إثباتا من الأشعري، وهو خطأ.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط جميعه من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (4) : (3 - 3) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (5) عبارة " كما فهمه عنهم ": زيادة في (ن) ، (م) .
    (6) في هامش نسخة (ع) كتب التعليق التالي: " وقد رأيت كلام الأشعري يصرح بذلك في الإبانة ".
    (7) وأبي سليمان الدمشقي وأبي حاتم البستي: كذا جاء في (ع) ، وأبو حاتم البستي هو محمد بن حبان المحدث المتوفى سنة 354 ولم يذكر ضمن أصحاب الأشعري وكذلك لم يذكر أبو سليمان الدمشقي، وسبق أن ذكرنا الخلاف في أبي العباس القلانسي أهو متقدم عن الأشعري أم معاصر له، وكذا الأمر بخصوص المحاسبي فقد كان معاصرا لابن كلاب وهجرة أحمد بن حنبل بسبب صحبته له، فهؤلاء موصفون بأنهم أصحاب الأشعري. وقد يكون المقصود أنهم من أصحاب ابن كلاب ولكن يلاحظ أن ابن حبان ولد بعد وفاة ابن كلاب بحوالي ثلاثين عاما.
    (8) في الهامش كتب التعليق التالي: " ورأيت صاحب " التبصرة " ينقل عن محمد بن حسن الشيباني أنه يمر أحاديث الصفات جميعا على ظواهرها ولا يئولها، وكذلك الإمام البغوي في " شرح السنة " يقول: جميع ما جاء من أحاديث الصفات لا نئولها بل نبقى على ظواهرها وبالغ فيه وقال إنه يجب ذلك ولا يجوز غيره حتى إن إنكارها تعطيل ومن أنكرها فهو من المعطلة وذلك مثل اليد والقدم والإصبع والوجه والعين والنزول والإتيان والتحول وغير ذلك. قال: وكل ذلك صفات له تعالى بلا كيف، وأما الحنابلة فسداهم ولحمتهم إثبات الصفات الخبرية. ورأيت في كتاب " الرسالة " لأبي زيد، وهو من قدماء أصحاب مالك وعظمائهم حتى يقال له: مالك الصغير، يقول في تلك الرسالة: إنه تعالى على العرش بذاته، وهذه الرسالة في غاية الشهرة عند المغاربة وفي مصر والشام والحجاز، ويقال إن لها شروحا تبلغ إلى مائتين أو أزيد وعندي شرح منها يقال له: ابن زروق
    "
    ****************************** *********
    الحديث، وهو آخر قولي القاضي أبي يعلى وقول أبي الحسن بن الزاغوني (1) ، وهو قول كثير من أهل الكلام من الكرامية وغيرهم. وأما الأشعري فالمشهور عنه أن كليهما صفة خبرية، وهو قول كثير من أتباع الأئمة الأربعة وهو أول (2) قولي القاضي أبي يعلى وقول التميميين وغيرهم من أصحابه] (3) .
    وكثير من متأخري [أصحاب الأشعري] (4) أنكروا أن يكون [الله] فوق العرش [أو في السماء] (5) . وهؤلاء [الذين ينفون الصفات الخبرية كأبي المعالي وأتباعه، فإن الأشعري وأئمة أصحابه يثبتون الصفات الخبرية. (6)
    _________

    (1) وهو علي بن عبيد الله بن نصر السري، وسبقت ترجمته 1/142.
    (2) بعد كلمة " وهو " توجد إشارة إلى الهامش ثم توجد في الأصل كلمة " قولي " ولكن كلمة " أول " ليست ظاهرة في الهامش إذ كتب المعلق فوقها كلاما آخر سبق أن أثبتناه. وقد أضفت كلمة " أول " لاتفاقها مع سياق الكلام
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) : وأوله في الصفحة السابقة.
    (4) ب، أ، ن، م: متأخريهم.
    (5) ن، م: أنكر أن يكون فوق العرش ; ب، أ: أنكروا أن يكون فوق العرش أو في السماء
    (6) في هامش نسخة (ع) كتب التعليق التالي بعد نقل عبارات ابن تيمية السابقة: " فإن الأشعري يثبت النزول والتحول والإتيان في ظلل من الغمام واليد والإصبع والعين والوجه والقدم والجنب وغيرها مما ثبت في الأحاديث، ورأيت كلامه في كتاب " الإبانة " يشعر بأنه من أتباع أحمد بن حنبل وأنه يعتقد كل ما يعتقد أحمد بن حنبل إلا أن المتأخرين غيروا مسلكه وخالفوه في كثير مما قال به فظن الناظرون في كلامهم أن كلام الأشعري كذلك ".

    ****************************** *****
    وهؤلاء ينفونها، فنفوا هذه الصفة ; لأنها - على قول الأشعري - من الصفات الخبرية، ولما لم تكن هذه الصفة عند هؤلاء عقلية] (1) قالوا: إنه يرى لا في جهة (2) .
    وجمهور الناس [من] (3) مثبتة الرؤية ونفاتها يقولون: إن قول هؤلاء معلوم الفساد بضرورة العقل، كقولهم في الكلام. ولهذا يذكر أبو عبد الله الرازي أنه لا يقول بقولهم في مسألة الكلام والرؤية (4) أحد من طوائف المسلمين.
    [ابن تيمية يسلك طريقين من البيان في مسألة الرؤية]
    [الطريق الأول]

    ونحن [نسلك طريقين من البيان: أحدهما: نبين فيه أن هؤلاء الذين رد عليهم من مثبتي الرؤية كالأشعري وغيره أقرب إلى الصواب من قول النفاة. الثاني: نبين في الحق بيانا مطلقا لا نذب فيه عن أحد.
    الطريق الأول: أن] (5) نبين أن هذه الطائفة وغيرها من الطوائف المثبتة للرؤية (6) أقل خطأ وأكثر صوابا من نفاة الرؤية. ونقول لهؤلاء النفاة [للرؤية] (7) : أنتم أكثرتم التشنيع على الأشعرية [ومن وافقهم من أتباع الأئمة] (8) في مسألة الرؤية. ونحن نبين أنهم أقرب إلى الحق منكم [نقلا
    _________

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ن: فقالوا إنه لا يرى في جهة ; م: فقالوا إنه يرى لا في جهة.
    (3) من: ساقطة من (ن) فقط.
    (4) ن: الرؤية والكلام.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) . والطريق الثاني يبدأ ص 348.
    (6) للرؤية: ساقطة من (ع) .
    (7) ع: ونقول لنفاة الرؤية ; ن، م: ونقول لهؤلاء النفاة.
    (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .

    ****************************** *****
    وعقلا] (1) ، وأن قولهم إذا كان فيه خطأ فالخطأ [الذي في] (2) قولكم أعظم وأفحش (3) [عقلا ونقلا] (4) .
    فإذا قلتم: هؤلاء إذا أثبتوا مرئيا لا (5) في جهة كان هذا (6) مكابرة للعقل.
    قيل لكم: لا يخلو (7) إما أن تحكموا في هذا الباب العقل، وإما أن لا تحكموه (8) ، فإن لم تحكموه بطل قولكم، وإن حكمتموه فقول من أثبت موجودا قائما بنفسه يرى أقرب إلى العقل (9) من قول من أثبت موجودا قائما بنفسه لا يرى. ولا يمكن أن يرى. و [ذلك] لأن (10) الرؤية لا يجوز أن يشترط في ثبوتها أمور عدمية بل لا يشترط في ثبوتها (11) إلا أمور وجودية.
    ونحن لا ندعي هنا أن كل موجود يرى كما ادعى (12) ذلك من ادعاه فقامت عليه الشناعات، [فإن ابن كلاب ومن اتبعه من أتباع الأئمة
    _________

    (1) نقلا وعقلا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) الذي في: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن: وأنجس.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (5) لا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) هذا: ساقطة من (ع) .
    (7) لا يخلو: ساقطة من (ع) .
    (8) ن، م: وإما أن لا تحكموا.
    (9) ب، ا، ن، م: الحق.
    (10) ن، م: ولأن.
    (11) ب، ا: وجودها.
    (12) ب، ا: قال.

    ****************************** ****
    الأربعة وغيرهم قالوا: كل قائم بنفسه يرى، وهكذا قالت الكرامية وغيرهم فيما أظن، وهذه الطريقة التي سلكها ابن الزاغوني من أصحاب أحمد.
    وأما الأشعري فادعى أن كل موجود يجوز أن يرى، ووافقه على ذلك طائفة من أصحاب الأئمة الأربعة كالقاضي أبي يعلى وغيره، ثم طرد قياسه فقال: كل موجود يجوز أن تتعلق به الإدراكات الخمس: السمع والبصر والشم والذوق واللمس، ووافقه على ذلك طائفة من أصحابه كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي والرازي، وكذلك القاضي أبو يعلى وغيرهم، وخالفهم غيرهم فقالوا: لا نثبت في ذلك الشم والذوق واللمس، ونفوا جواز تعلق هذه بالبارئ، والأولون جوزوا تعلق الخمس بالبارئ، وآخرون من أهل الحديث وغيرهم أثبتوا ما جاء به السمع من اللمس دون الشم والذوق، وكذلك المعتزلة منهم من أثبت جنس الإدراك كالبصريين، ومنهم من نفاه كالبغداديين. والمقصود هنا بأن المثبتة، ولو أخطئوا في بعض كلامهم فهم أقرب إلى الحق نقلا وعقلا من نفاة الرؤية] (1) .
    فنقول (2) : من الأشياء ما يرى ومنها ما لا يرى، والفارق بينهما لا يجوز أن يكون أمورا عدمية ; لأن الرؤية أمر وجودي [والمرئي لا يكون إلا موجودا، فليست عدمية] (3) لا تتعلق (4) بالمعدوم، ولا (5) يكون الشرط فيه
    _________

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (2) ن: بل يقولون ; (ب) ، (أ) ، (م) : بل نقول.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (4) ب، ا، م: لا يتعلق ; ن: يتعلق.
    (5) ب، ا، ن، م: فلا.

    ****************************** **********
    إلا أمرا وجوديا [لا يكون عدميا، وكل ما لا يشترط فيه إلا الوجود دون العدم كان بالوجود الأكمل أولى منه بالأنقص] (1) ، فكل ما كان (2) وجوده أكمل كان أحق بأن يرى، وكل ما لم يمكن أن يرى فهو أضعف وجودا [مما يمكن أن يرى] (3) ، فالأجسام الغليظة أحق بالرؤية [من الهواء (4) ، والضياء أحق بالرؤية] من الظلام ; لأن النور أولى بالوجود، والظلمة أولى بالعدم، والموجود الواجب الوجود أكمل الموجودات وجودا وأبعد (5) الأشياء عن العدم فهو أحق بأن يرى، وإنما لم نره (6) لعجز أبصارنا عن رؤيته لا لأجل امتناع رؤيته، كما أن شعاع الشمس أحق بأن يرى من جميع الأشياء.
    ولهذا مثل النبي - صلى الله عليه وسلم - رؤية الله به فقال: " «ترون ربكم كما ترون الشمس والقمر» " شبه الرؤية بالرؤية، وإن لم يكن المرئي مثل المرئي، ومع هذا فإذا حدق البصر في الشعاع (7) ضعف عن رؤيته، لا لامتناع في [ذات] (8) المرئي بل لعجز الرائي، فإذا كان في
    _________

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (2) ب، ا، ن، م: وكل ما كان.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) : وكانت العبارة في الأصل مما لا يمكن، وهو ضد المعنى.
    (4) ب، ا: فالأجسام الجامدة أحق بالرؤية من الضياء ; ن، م: الجملة متداخلة مع الجملة التي تليها هكذا: والأجسام الصقيلة (كذا وفي (م) : الصقلية) أحق بالرؤية من الظلام، وهو تحريف ظاهر.
    (5) ب: أبعد ; أ: بعد.
    (6) ب: لم ير ; أ: لم نرى.
    (7) ع: فإذا حذق البصر في الشعاع ; ن: فإذا حدق الشعاع بالبصر ; ب، ا، م: فإذا أحدق البصر في الشعاع.
    (8) ذات: ساقطة من (ن) .

    ****************************** ***************
    الدار الآخرة أكمل الله [تعالى] (1) الآدميين وقواهم حتى أطاقوا رؤيته، ولهذا لما تجلى الله [عز وجل] (2) للجبل خر موسى صعقا {فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} [سورة الأعراف: 143] . قيل: أول المؤمنين (3) بأنه لا يراك حي إلا مات، ولا يابس إلا تدهده (4) ، فهذا للعجز (5) الموجود في المخلوق، لا لامتناع في ذات المرئي، بل كان المانع من ذاته، لم يكن إلا لنقص وجوده حتى ينتهي الأمر إلى المعدوم الذي لا يتصور أن يرى [خارج الرائي] (6) .
    [ولهذا كان البشر يعجزون عن رؤية الملك في صورته إلا من أيده الله، كما أيد نبينا - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون - ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون} [سورة الأنعام: 8، 9] قال غير واحد من السلف: هم لا يطيقون أن يروا الملك في صورته، فلو أنزلنا إليهم ملكا لجعلناه في صورة بشر، وحينئذ كان يشتبه عليهم هل هو ملك أو بشر، فما كانوا ينتفعون بإرسال الملك إليهم، فأرسلنا إليهم بشرا من جنسهم يمكنهم رؤيته والتلقي عنه، وكان هذا من تمام الإحسان إلى الخلق والرحمة، ولهذا قال تعالى: {وما صاحبكم بمجنون} [سورة التكوير: 22] ،
    _________
    (1) تعالى: زيادة في (ع) .
    (2) عز وجل: زيادة في (ع) .
    (3) عبارة: " قيل أول المؤمنين " ساقطة من (ع) فقط.
    (4) في (ن) ، (م) الكلام هنا ناقص ومضطرب.
    (5) ع: (فقط) : العجز.
    (6) ب (فقط) : الرأي، وهو خطأ وجملة " خارج الرائي " ساقطة من (ن) ، (م) .

    ****************************** ***


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #131
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (128)
    صـ 334 إلى صـ 340




    وقال: {ما ضل صاحبكم وما غوى} [سورة النجم: 2] وقال: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} [سورة التوبة: 128] وقال: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} [سورة إبراهيم: 4] ونحو ذلك من الآيات] (1) .
    فإن قلتم: هؤلاء (2) يقولون: إنه يرى لا في جهة، وهذه مكابرة. فيقال: هذا قالوه بناء على الأصل الذي اتفقتم أنتم (3) وهم عليه، وهو أنه ليس في جهة. ثم إذا كان الكلام مع الأشعري وأئمة أصحابه ومن وافقهم من [أصحاب الحديث] (4) ، أصحاب أحمد وغيره كالتميميين وابن عقيل (5) وغيرهم: فيقال: هؤلاء يقولون: إنه فوق العالم بذاته، وإنه ليس بجسم ولا متحيز.
    فإن قلتم: هذا القول مكابرة للعقل، لأنه إذا كان فوق العالم فلا بد أن يتميز (6) منه جانب عن جانب، [وإذا تميز منه جانب عن جانب] (7) كان جسما، فإذا أثبتوا موجودا قائما بنفسه فوق العرش (8) لا يوصف بمحاذاة
    _________

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (أ) ، (م) .
    (2) ب، ا: إن هؤلاء.
    (3) أنتم: ساقطة من (ع) .
    (4) " جملة أصحاب الحديث ": ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) سبقت ترجمة ابن عقيل 1/143.
    (6) ن: يميزه.
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (8) عبارة " فوق العرش " ساقطة من (ع) .

    ****************************** ******
    ولا مماسة (1) ، ولا يتميز (2) منه جانب عن جانب كان هذا مكابرة.
    فيقال: لكم: أنتم [يا نفاة الرؤية] (3) تقولون ومن وافقكم من المثبتين للرؤية: إنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محايث له (4) .
    فإذا قيل لكم: هذا خلاف المعلوم بضرورة العقل (5) ، فإن العقل لا يثبت شيئين موجودين إلا أن يكون أحدهما مباينا للآخر أو داخلا فيه، كما يثبت (6) الأعيان المتباينة والأعراض القائمة. بها وأما إثبات موجود قائم بنفسه لا يشار إليه ولا يكون داخل العالم ولا خارجه، فهذا مما يعلم العقل (7) استحالته وبطلانه بالضرورة.
    قلتم (8) : هذا النفي حكم الوهم لا حكم العقل، وجعلتم في الفطرة حاكمين (9) : أحدهما الوهم والآخر العقل، مع أن المعنى الذي سميتموه الوهم قلتم (10) هو القوة التي تدرك معاني جزئية غير محسوسة في الأعيان المحسوسة، كالعداوة والصداقة، كما تدرك الشاة معنى في الذئب ومعنى في الكبش، فتميل إلى هذا وتنفر عن هذا. وإذا كان الوهم إنما
    _________

    (1) ب، ا: بمماسة ; ن: ميامنة ; م: بمباينة، وهو تحريف.
    (2) ن، م: ولا يميز.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (4) ن، م، ع، ا: ولا مجانب له.
    (5) ب: بالضرورة ; أ: بضرورة ; ن، م: فضرورة العقل (وهو تحريف) .
    (6) ن: ثبتت.
    (7) ع: فهذا إنما يعلم بالعقل.
    (8) ع: وقلتم.
    (9) ن: حالين.
    (10) قلتم: ساقطة من (ب) ، (أ) .

    ****************************** ******
    يدرك أمورا (1) معينة فهذه القضايا التي نتكلم فيها قضايا كلية عامة، والقضايا الكلية العامة هي للعقل لا للحس ولا للوهم الذي يتبع الحس، فإن الحس لا يدرك إلا أمورا معينة، وكذلك الوهم [عندكم] (2) . وقد بسط الرد على هؤلاء (3) في غير هذا الموضع، لكن المقصود هنا بيان أن قول أولئك أقرب من قولهم.
    فيقال: إذا عرضنا على العقل وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محايث له (4) ، ووجود موجود مباين للعالم فوقه وهو ليس بجسم (5) ، كان تصديق العقل بالثاني أقوى من تصديقه بالأول، وهذا موجود في فطرة كل أحد، فقبول (6) الثاني أقرب إلى الفطرة ونفورها عن الأول أعظم فإن وجب تصديقكم في ذلك القول الذي هو عن الفطرة أبعد كان تصديق هؤلاء في قولهم أولى. وحينئذ فليس لكم أن تحتجوا على بطلان (7) (8 قولهم بحجة إلا وهي على بطلان قولكم أدل 8) (8) .
    فإذا قلتم: [وجود موجود فوق العالم ليس بجسم لا يعقل.
    قيل لكم: كما أن [ (9) ] وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه لا يعقل.
    _________
    (1) ب: ينكر أمورا ; أ: يذكرون أمورا ; ن، م: يدرك قوى.
    (2) ع: عندهم، وهي ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: هذا.
    (4) ن، م، ع، ا: ولا مجانب له.
    (5) ع: وليس بجسم.
    (6) ب، ا، م: فقول ; ن: فيقول (وهو تحريف) .
    (7) ب، ا: إبطال.
    (8) (8 - 8) : هذا الكلام في نسخة (ن) ناقص ومضطرب. وفي (م) : قولكم بحجة. . أولى.
    (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .

    ****************************** ******
    فإذا قلتم: نفي هذا من حكم الوهم.
    قيل لكم: إن كان هذا النفي من حكم الوهم وهو غير مقبول فذلك (1) النفي من حكم الوهم، وهو غير مقبول بطريق الأولى.
    فإذا قلتم: حكم الوهم الباطل أن يحكم في أمور غير محسوسة حكمه في أمور محسوسة (2) .
    قيل: لكم (3) (* أجوبة: أحدها (4) : أن هذا يبطل حجتكم على بطلان قول هؤلاء، لأن قولكم إنه يمتنع (5) وجود موجود فوق العالم ليس بجسم ليس (6) أقوى من قول القائل يمتنع (7) وجود موجود قائم بنفسه لا يشار إليه، [ويمتنع وجود موجودين لا متباينين ولا متحايثين، ويمتنع وجود موجود ليس داخل العالم ولا خارجا عنه] (8) ، فإن كنتم لا تقبلون هذا الأقوى لزعمكم أنه من حكم الوهم (9) الباطل لزمكم أن لا تقبلوا ذلك الذي هو أضعف منه بطريق الأولى، فإن كليهما على قولكم من حكم الوهم الباطل، وفساد قولكم أبين في الفطرة من فساد (10) قول منازعيكم، فإن كان قولهم (11) مردودا
    _________

    (1) ن، م: فكذلك.
    (2) ن، م: الأمور المحسوسة.
    (3) الكلام بين النجمتين ساقط من (ن) ، (م) ، وينتهي في الصفحة التالية.
    (4) ب، ا: جوابان أحدهما.
    (5) ب: قولهم إنه لا يمتنع ; أ: قولهم إنه يمتنع.
    (6) ليس: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (7) ب: من قول من يقول لا يمتنع ; أ: من قول من يقول يمتنع.
    (8) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط، وفي الأصل: ولا خارج عنه.
    (9) الوهم: ساقطة من (ع) .
    (10) فساد: ساقطة من (ع) .
    (11) ع: هذا القول.

    ****************************** ***
    فقولكم أولى بالرد، وإن كان قولكم مقبولا فقولهم أولى بالقبول.
    الجواب الثاني: أن يقال: *) : أنتم لم تثبتوا وجود أمور (1) لا يمكن الإحساس بها [ابتداء] (2) حتى يصح هذا الكلام، بل إنما أثبتم ما ادعيتم أنه لا يمكن الإحساس به [ابتداء] (3) بإبطال هذا الحكم الفطري (4) الذي يحيل وجود ما لا يمكن الإحساس به بحال (5) ، فإن كان (6) هذا الحكم لا يبطل حتى يثبت (7) الأمور التي ليست بمحسوسة (8) لزم (9) الدور فلا يبطل هذا الحكم حتى يثبت ما لا يمكن الإحساس به، ولا يثبت ذلك حتى يبطل هذا الحك، فلا يثبت ذلك.
    [و] يقال: [لكم] : إن (10) جاز وجود أمور لا يمكن الإحساس بها (11) فوجود ما يمكن الإحساس به أولى (12) وإن لم يمكن بطل قولكم. فمن أثبت موجودا فوق العالم ليس بجسم يمكن الإحساس به، كان قوله
    _________
    (1) ع: أنتم أثبتم وجود أمور ; ن: أنتم لم تثبتوا وجودا ثم (وهو تحريف) .
    (2) ابتداء: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ابتداء: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (4) ن، م: النظري.
    (5) ب: الإحساس به وهو محال ; أ: الإحساس به محال.
    (6) كان: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (7) ب، ا: تثبت.
    (8) ع: ليست محسوسة ; ن، م: ليست غير محسوسة.
    (9) ب (فقط) : فيلزم.
    (10) ن، م: يقال إن. .
    (11) ب: وجود أمر لا يمكن الإحساس به ; أ: وجود أمر يمكن الإحساس بها.
    (12) ن، م: مع وجود ما لا يمكن الإحساس به ; ع: فوجود ما لا يمكن الإحساس به أولى، وهو تحريف.

    ****************************** ************
    : أقرب إلى العقل ممن أثبت موجودا لا يمكن الإحساس به وليس بداخل العالم ولا خارجه.
    ففي الجملة أنه (1) ما من حجة يحتجون بها على بطلان قول منازعيهم (2) إلا ودلالتها على بطلان قولهم أشد ولكنهم يتناقضون. والذين وافقوهم على بعض غلطهم صاروا (3) يسلمون (4) لهم تلك المقدمة الباطلة النافية [وهو إثبات موجود قائم بنفسه لا يشار إليه ولا يكون مباينا لغيره ولا محايثا له (5) ولا داخل العالم ولا خارجه] (6) ويطلبون (7) طردها، وطردها يستلزم الباطل المحض.
    فوجه المناظرة أن تلك المقدمة لا تسلم (8) ، لكن يقال: إن كانت باطلة بطل أصل قول النفاة، [وإن كانت صحيحة فهي أدل على إمكان قول (9) أهل الإثبات، فإن كان إثبات موجود ليس بجسم ولا هو داخل العالم ولا خارجه ممكنا، فإثبات موجود فوق العالم وليس بجسم أولى بالإمكان، وإن لم يكن ذلك ممكنا بطل أصل قول النفاة] (10) ، وثبت أن الله [تعالى] (11) إما داخل العالم وإما خارجه فيكون قولهم بإثبات موجود
    _________

    (1) ب، ا: ففي الجملة أن ;، م: فحاصله أن.
    (2) ع: تحتجون بها على قول منازعيكم.
    (3) ب، ا: ما داوا، وهو تحريف ظاهر.
    (4) ن، م: مسلمين.
    (5) ب، ا: مماثلا له.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) م، ن: ويظنون.
    (8) ع: أن تلك المقدمة لا تستلزم ; ن، م: أن تلك المناظرة لا تسلم.
    (9) ب، ا: فهي أولى على قول.
    (10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (11) تعالى: زيادة في (ع) .

    ****************************** *******
    ليس بداخل العالم ولا خارجه أبعد عن الحق على التقديرين، وهو المطلوب.
    ثم يقال: رؤية ما ليس بجسم ولا في جهة إما أن يجوزه العقل وإما أن يمنعه، فإن جوزه فلا كلام، وإن منعه كان منع العقل لإثبات موجود لا داخل العالم ولا خارجه، بل هو حي بلا حياة، عليم بلا علم، قدير بلا قدرة، أشد وأشد.
    فإن (1) قلتم: هذا المنع من حكم الوهم.
    قيل لكم: والمنع من رؤية مرئي ليس في جهة من حكم الوهم، وهذا هو الجواب الثالث.
    وبيان ذلك أن [يقال:] (2) : حكم الوهم الباطل عندكم أن يحكم في أمور غير محسوسة (3) بما يحكم به في الأمور المحسوسة.
    فيقال: (4) : الباري تعالى إما أن تكون رؤيته ممكنة، وإما أن لا تكون (5) . فإن كانت ممكنة بطل قولكم بإثبات موجود (6) غير محسوس، ولم يبق هنا (7) وهم باطل يحكم في غير المحسوس (8) بحكم باطل، فإنكم لرؤية الباري أشد منعا من رؤية الملائكة والجن وغير ذلك، فإذا
    _________
    (1) ن، م: وإن.
    (2) يقال: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (3) ع (فقط) : أمور غير المحسوسة.
    (4) ن، م: فقال، وهو تحريف.
    (5) ب (فقط) : وإما أن لا تكون ممكنة.
    (6) ن، م: وجوده.
    (7) ب، ا: ولم يبق هناك ; ع: فلم يبق هنا.
    (8) ب، ن، م: بحكم في غير محسوس ; أ: يحكم في غير محسوس.

    ****************************** ****



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #132
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (129)
    صـ 341 إلى صـ 347




    جوزتم رؤيته فرؤية الملائكة والجن أولى، وإن قلتم: بل رؤيته غير ممكنة. قيل: فهو حينئذ (1) غير محسوس فلا يقبل فيه (2) حكم الوهم، والحكم بأن كل مرئي لا بد أن يكون في جهة من حكم الوهم.
    وأما إذا قدرنا (3) موجودا غير محسوس يرى لا في جهة [رؤية] (4) غير الرؤية المتعلقة بذوات الجهة (5) ، كان إبطال هذا مثل إبطال موجود لا داخل العالم ولا خارجه، [وإلا] فإذا (6) ثبت وجود هذا الموجود كانت الرؤية (7) المتعلقة به مناسبة له، ولم تكن كالرؤية المعهودة للأجسام.
    فهذه الطريق ونحوها من المناظرة العقلية إذا سلك يتبين به أن كل من كان إلى السنة أقرب كان قوله إلى العقل أقرب، وهو يوجب نصر (8) الأقربين إلى السنة بالعقل لكن لما كان [بعض] الأقربين (9) إلى السنة سلموا للأبعدين (10) عنها مقدمات بينهم، وهي في نفس الأمر باطلة مخالفة للشرع والعقل، لم يمكن أن يكون قولهم مطابقا للأمر في نفسه، ولا يمكن نصره لا بشرع صحيح ولا بعقل صريح (11) ، لمن غرضه معرفة الحق في نفسه لا بيان رجحان بعض الأقوال على بعض.
    _________

    (1) ب، ا، ن، م: قيل لكم فحينئذ فهو.
    (2) ن: ولا يقال فيه ; م: ولا فيه.
    (3) ب، ا: وإذا قدرتم.
    (4) رؤية: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ع: بذوات الجهات.
    (6) ب، ن، م: وإذا ; أ: ولا إذا.
    (7) ن: الوجود كانت الرواية، وهو تحريف ; م: الوجود كانت الرؤية.
    (8) ن، م: نظر، وهو تحريف.
    (9) ن، م، ب، ا: لما كان الأقربون.
    (10) ع: سلموا للأبعد ; ن: يتلوا الأبعدين ; م: سلوا للأبعدين (وهو تحريف) .
    (11) ن، م: لا بشرع صريح ولا بعقل صحيح ; ع: ولا عقل صريح.

    ****************************** ****
    (1) [وأما إذا كان المقصود بيان رجحان بعض الأقوال فهذا ممكن في نفسه، وهذا هو الذي نسلكه في كثير مما عاب به الرافضة كثير من الطوائف المنتسبين إلى السنة في إثبات خلافة الخلفاء الثلاثة (2) ، فإنهم عابوا كثيرا منهم بأقوال هي معيبة مذمومة، والله قد أمرنا ألا نقول عليه إلا الحق، وألا نقول عليه إلا بعلم، وأمرنا بالعدل والقسط، فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني - فضلا عن الرافضي - قولا فيه حق أن نتركه أو نرده كله، بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق.
    ولهذا جعل هذا الكتاب: " منهاج أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيع والقدرية " فإن كثيرا من المنتسبين إلى السنة ردوا ما تقوله المعتزلة والرافضة وغيرهم من أهل البدع بكلام فيه أيضا بدعة وباطل، وهذه طريقة يستجيزها كثير من أهل الكلام، ويرون أنه يجوز مقابلة الفاسد بالفاسد، لكن أئمة السنة والسلف على خلاف هذا، وهم يذمون أهل الكلام المبتدع الذين يردون باطلا بباطل وبدعة ببدعة، ويأمرون ألا يقول الإنسان إلا الحق، لا يخرج عن السنة في حال من الأحوال. وهذا هو الصواب الذي أمر الله تعالى به ورسوله، ولهذا لم نرد ما تقوله: المعتزلة والرافضة من حق بل قبلناه، لكن بينا أن ما عابوا به مخالفيهم من الأقوال ففي أقوالهم من العيب ما هو أشد من ذلك.
    _________

    (1) الكلام بعد القوس في (ع) فقط وينتهي ص 343.
    (2) في الأصل: وهذا هو الذي نسلكه في كثير ما عابت الرافضة كثير من الطوائف. . إلخ. وهو كلام مضطرب وأرجو أن يكون ما أثبته وافيا بالمقصود. والطوائف المنتسبون إلى السنة في إثبات خلافة " الخلفاء الثلاثة " هم المتفقون مع أهل السنة في القول بإثبات خلافة الخلفاء الثلاثة، وانظر ما سبق، ص 221.

    ****************************** *
    فالمنتسبون إلى إثبات خلافة الأربعة وتفضيل الشيخين، وإن كان بعضهم يقول أقوالا فاسدة فأقوال الرافضة أفسد منها، وكذلك المناظر للفلاسفة والمعتزلة من المنتسبين إلى السنة كالأشعري وأمثاله وإن كانوا قد يقولون أقوالا باطلة، ففي أقوال المعتزلة والفلاسفة من الباطل ما هو أعظم منها، فالواجب إذا كان الكلام بين طائفتين من هذه الطوائف أن يبين رجحان قول الفريق الذي هو أقرب إلى السنة بالعقل والنقل، ولا ننصر القول الباطل المخالف للشرع والعقل أبدا، فإن هذا محرم ومذموم، يذم به صاحبه، ويتولد عنه من الشر ما لا يوصف، كما تولد من الأقوال المبتدعة مثل ذلك، ولبسط هذه الأمور مكان آخر، والله أعلم.
    والمقصود هنا التنبيه على وجه المناظرة العادلة التي يتكلم فيها الإنسان بعلم وعدل، لا بجهل وظلم. وأما مناظرات الطوائف التي كل منها يخالف السنة ولو بقليل، فأعظم ما يستفاد منها بيان إبطال بعضهم لمقالة بعض.
    وأبو حامد الغزالي وغيره يعتقدون أن هذه الفائدة هي المقصودة بالكلام دون غيرها، لكن يعتقد مع ذلك أن ما ذكره هو العقيدة التي تعبد الشارع الناس باعتقادها، وأن لها باطنا يخالف ظاهرها في بعض الأمور، وما ذكره من الاعتقاد يوافق الشرع من وجه دون وجه، وما ثبت عن صاحب الشرع فلا يناقض باطنه ظاهره، والمقصود هنا أن يكون المقصود بالمناظرة بيان رجحان بعض الأقوال على بعض] (1)
    _________

    (1) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) : وبدأ في ص 342.

    ******************************
    ولهذا كان كثير من مناظرة أهل الكلام إنما هي في بيان فساد (1) مذهب المخالفين وبيان تناقضهم، لأنه يكون كل من القولين باطلا، فما (2) يمكن أحدهم نصر قوله مطلقا فيبين فساد قول خصمه. وهذا يحتاج إليه إذا كان صاحب المذهب (3) حسن الظن بمذهبه، قد بناه على مقدمات يعتقدها صحيحة، فإذا أخذ الإنسان معه في تقرير نقيض تلك المقدمات لم يقبل ولا يبين الحق (4) ، ويطول الخصام كما طال بين أهل الكلام.
    فالوجه في ذلك أن يبين لذلك (5) رجحان مذهب غيره عليه أو فساد (6) مذهبه بتلك المقدمات وغيرها، فإذا رأى تناقض قوله أو رجحان قول [غيره] على قوله (7) اشتاق حينئذ إلى معرفة الصواب وبيان جهة الخطأ، فيبين له (8) فساد تلك المقدمات التي بنى عليها وصحة نقيضها، ومن أي وجه وقع الغلط.
    وهكذا في مناظرة الدهري (9) واليهودي والنصراني والرافضي
    _________

    (1) ن، ا، ع، إفساد.
    (2) ب، ا: فلا.
    (3) ن: إذا كان هذا المذهب ; م: إذا كان المذهب.
    (4) ب، ا: في تقرير نقيض تلك المقدمات لا يتبين الحق.
    (5) ب، ا: فالوجه لذلك أن يبين لذلك ; ن، م: فالوجه من ذلك أن يتبين لذلك.
    (6) ع، م: وفساد.
    (7) ع: تناقض أو رجحان قول غيره على قوله ; ن: تناقض قوله أو رجحان قوله على قوله ; م: تناقض قوله أو رجحان قوله على.
    (8) ب، ا: فيتبين له ; ن، م: فتبين له.
    (9) الدهري: ساقطة من (ع) .

    ****************************** *******
    وغيرهم (1) ، إذا سلك معهم هذا الطريق نفع في موارد النزاع فتبين لهم (2) ، وما من طائفة إلا ومعها حق وباطل، فإذا خوطبت بين لها أن الحق الذي ندعوكم إليه (3) هو أولى بالقبول من الذي وافقناكم عليه، ونبوة (4) محمد - صلى الله عليه وسلم - أولى بالقبول من نبوة موسى وعيسى [عليهما السلام] (5) ، وخلافة أبي بكر وعمر أولى بالصحة (6) من خلافة علي، فما [ذكر] (7) من طريق صحيح يثبت بها نبوة هذا [وهذا] (8) إلا وهي تثبت [بها] (9) نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - بطريق الأولى، (10 وما من طريق صحيح يثبت بها خلافة علي إلا وهي تثبت خلافة هذين بطريق الأولى 10) (10) ، ويبين (11) لهم أن ما يدفعون به هذا الحق يمكن أن يدفع به الحق (12) الذي معهم، فما يقدح شيء (13) في (* موارد النزاع إلا كان قدحا (14) في موارد الإجماع، وما من شيء يثبت به موارد الإجماع إلا وهو يثبت به (15) موارد النزاع *) (16) ، وما من سؤال يرد على نبوة محمد [صلى
    _________

    (1) ع: وغيرهما، وهو تحريف ظاهر.
    (2) ب، ا: عبارة " فتبين لهم " ساقطة ; ع: كلمة " فتبين " ساقطة.
    (3) ع: تبين لها أن الحق الذي تدعوهم إليه ; ن، م: بين لها أن الحق الذي يدعوكم إليه.
    (4) ب، ا، ن، م: فنبوة.
    (5) عليهما السلام: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) بالصحة: ساقطة من (م) .
    (7) ذكر: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (8) ب: نبوة هذين.
    (9) بها: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (10) : (10 - 10) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (11) ب، ا: ويتبين ; ن: وتبين.
    (12) الحق: ساقطة من (ع) .
    (13) ب، ا: بشيء ; ن: في شيء ; م: لشيء.
    (14) ب، ا، ن، م: إلا كان قد جاء.
    (15) به: ساقطة من (ع) .
    (16) الكلام بين النجمتين في نسخة (ن) ناقص ومضطرب.

    ****************************** *
    الله عليه وسلم] (1) وخلافة الشيخين (2) إلا ويرد على نبوة غيره (3) وخلافة غيرهما ما هو مثله أو أعظم (4) منه، [وما من دليل يدل على نبوة غير محمد - صلى الله عليه وسلم - وخلافة غيرهما إلا والدليل على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وخلافتهما أقوى منه] (5) .
    وأما الباطل الذي بأيدي المنازعين (6) فتبين (7) أنه يمكن معارضته بباطل مثله، وأن الطريق الذي يبطل به ذلك الباطل يبطل به باطلهم، فمن ادعى الإلهية في المسيح أو علي أو غيرهما عورض بدعوى الإلهية في موسى وآدم وعمر بن الخطاب، فلا يذكر شبهة يظن بها الإلهية إلا ويذكر في الآخر نظيرها وأعظم منها، فإذا تبين له فساد أحد المثلين (8) تبين له فساد الآخر، فالحق يظهر صحته بالمثل المضروب له والباطل يظهر فساده بالمثل المضروب له، لأن الإنسان قد لا يعلم ما في نفس محبوبه أو مكروهه من حمد وذم إلا بمثل يضرب له، فإن حبك الشيء يعمي ويصم.
    [والله سبحانه ضرب الأمثال للناس في كتابه لما في ذلك من البيان، والإنسان لا يرى نفسه وأعماله إلا إذا مثلت له نفسه بأن يراها في مرآة،
    _________

    (1) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: وخلافة المستحق ; ب، ا: وخلافة الشيخين رضي الله عنهما.
    (3) ب، ا: غيره عليه السلام.
    (4) ن، م: وأعظم.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) ن، م: الذي بأيديهم ; ع: الذي بأيدي المتنازعين.
    (7) ب، ع: فيبين.
    (8) ن، م: المسألتين.

    ****************************** ********
    وتمثل له أعماله بأعمال غيره] (1) ، ولهذا ضرب الملكان المثل لداود [عليه السلام] (2) بقول أحدهما: {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب - قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} [سورة: ص: 23 - 24] الآية. وضرب الأمثال مما يظهر به الحال، وهو القياس العقلي الذي يهدي به الله من يشاء من عباده. قال (3) تعالى: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون} [سورة الروم: 27] ، وقال تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} [سورة العنكبوت: 43] . (4) [وهذا من الميزان الذي أنزله (5) الله، كما قال تعالى: {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} [سورة الشورى: 17] ، وقال: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} [سورة الحديد: 25] .
    وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبين أن كل قياس عقلي شمولي سواء كان على طريقة المنطق اليوناني أو غير طريقه فإنه من جنس القياس التمثيلي وأن مقصود القياسين واحد، وكلاهما داخل في معنى الميزان الذي أنزله الله تعالى، وأن ما يختص به أهل المنطق اليوناني بعضه باطل وبعضه تطويل لا يحتاج إليه، بل ضرره في الغالب أكثر من نفعه كما قد بسط الكلام على المنطق اليوناني
    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) عليه السلام: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ع: فقال.
    (4) الكلام بعد القوس في (ع) فقط وينتهي في الصفحة التالية.
    (5) في الأصل: أنزلها. وجاء في " المصباح المنير " أن الميزان مذكر.

    ****************************** *****



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #133
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (130)
    صـ 348 إلى صـ 354






    وما يختص به أهل الفلسفة من الأقوال الباطلة في مجلد كبير.

    [الطريق الثاني]
    وأما الطريق الثاني (1) : فيقال: لهذا المنكر للرؤية المستدل على نفيها بانتفاء لازمها وهو الجهة: قولك ليس في جهة، وكل ما ليس في جهة لا يرى، فهو لا يرى، وهكذا جميع نفاة الحق ينفونه لانتفاء لازمه في ظنهم، فيقولون لو رئي للزم كذا، واللازم منتف فينتفي الملزوم.
    والجواب العام لمثل هذه الحجج الفاسدة بمنع إحدى المقدمتين إما معينة وإما غير معينة فإنه لا بد أن تكون إحداهما باطلة أو كلتاهما باطلة (2) ، وكثيرا ما يكون اللفظ فيهما مجملا يصح باعتبار ويفسد باعتبار، وقد جعلوا الدليل هو ذلك اللفظ المجمل، ويسميه المنطقيون الحد الأوسط، فيصح في مقدمة بمعنى، ويصح في الأخرى بمعنى آخر، ولكن اللفظ مجمل، فيظن الظان لما في اللفظ من الإجمال وفي المعنى من الاشتباه أن المعنى المذكور في هذه المقدمة هو المعنى المذكور في المقدمة الأخرى، ولا يكون الأمر كذلك.
    مثال ذلك في مسألة الرؤية] (3) [أن يقال: له] (4) : أتريد بالجهة أمرا وجوديا أو أمرا عدميا؟
    _________

    (1) الطريق الأول هو الذي يقوم على عدم جحود الحق في مذهب المخالفين، وعلى بيان أن الحق الذي ندعوهم إليه أولى بالاتباع، وانظر ما سبق ص 329.
    (2) في الأصل: أو كلاهما باطلة.
    (3) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله في الصفحة السابقة. ويوجد بدلا منه هذه العبارة: " ويقال لهذا المنكر: ما تعني بقولك: ولأنه ليس في جهة؟ فإن قال: معناه أن كل ما ليس بجهة فلا يرى وهو ليس بجهة فلا يرى ". وقد سقطت كلمتان من هذه العبارات في نسخة (ن) ، (م) .
    (4) ع: أن يقال، وهي ساقطة من (ن) ، (م) . وفي (ب) ، (أ) : فيقال له. والضمير عائد على الإمامي المنكر للرؤية.

    ******************************
    فإذا أردت به أمرا وجوديا كان التقدير: كل ما ليس في شيء موجود لا يرى. وهذه المقدمة [ممنوعة ولا دليل على إثباتها بل هي] (1) [باطلة] (2) فإن سطح العالم يمكن أن يرى وليس العالم في عالم آخر.
    وإن أردت بالجهة أمرا عدميا كانت المقدمة الثانية ممنوعة، فلا نسلم أنه ليس بجهة بهذا التفسير.
    وهذا مما خاطبت (3) به غير واحد من الشيعة والمعتزلة فنفعه (4) الله به، وانكشف بسبب هذا التفصيل (5) ما وقع في هذا المقام من الاشتباه والتعطيل (6) . وكانوا يعتقدون (7) أن ما (8) معهم من العقليات النافية للرؤية قطعية لا يقبل في نقيضها (9) نص الرسل، فلما تبين (10) لهم أنها (11) شبهات مبنية على ألفاظ مجملة ومعان مشتبهة، تبين أن الذي ثبت عن الرسول [- صلى الله عليه وسلم -] (12) هو الحق المقبول، ولكن ليس هذا [المكان] (13) موضع بسط هذا، فإن هذا النافي إنما أشار إلى قولهم إشارة (14) . \ 0 5
    _________

    (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط. وفي (ن) ، (م) توجد كلمة واحدة بدلا منه هي " عليها ".
    (2) باطلة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ب، ن، م: ما خاطبت ; أ: ما خوطبت.
    (4) ب، ا، ن، م: فنفع.
    (5) ب، ا: بسبب هذا التفسير ; ن، م: بهذا التفصيل.
    (6) ب، ا: والتضليل ; ن، م: والتعليل.
    (7) ب، ا، ن، م: يقولون.
    (8) ما: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (9) ن، م: بعضها.
    (10) ب، ا: بين.
    (11) أنها: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (12) ب، ا: الرسل ; ن، م: الرسول.
    (13) ب، ا: ليس هنا ; ن، م: ليس هذا.
    (14) إشارة: ساقطة من (ب) ، (أ) . وما يلي هذه الكلمة ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، وينتهي ص 358.

    ****************************** *****
    [لفظ الحيز]
    [وكذلك لفظ " الحيز " قد يراد به معنى موجود ومعنى معدوم. فإذا قالوا: كل جسم في حيز، فقد يكون المراد بالحيز أمرا عدميا، وقد يراد به أمر وجودي.
    والحيز في اللغة هو أمر وجودي ينحاز إليه الشيء، كما قال تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة} [سورة الأنفال: 16] .
    وعلى الأول فإنه يراد بالمتحيز ما يشار إليه ; ولهذا كان المتكلمون يقولون: نحن نعلم بالاضطرار أن المخلوق: إما متحيز وإما قائم بالمتحيز، فكثير منهم يقول: بل نعلم أن كل موجود إما متحيز وإما قائم بالمتحيز ويثبتون ما يذكره بعض الفلاسفة من إثبات المجردات المفارقات التي لا يشار إليها، بل هي معقولات مجردة، إنما تثبت في الأذهان لا في الأعيان.
    وما يذكره الشهرستاني والرازي ونحوهما من أن متكلمي الإسلام لم يقيموا دليلا على نفي هذه المجردات ليس كما زعموا، بل كتبهم مشحونة بما يبين انتفاءها (1) كما ذكر في غير هذا الموضع.
    والرازي أورد في " محصله " سؤالا على الحيز فقال (2) : " أما الأكوان
    _________

    (1) في هامش نسخة (ع) نقل مستجي زاده العبارة التي أولها: " وما يذكره الشهرستاني. . " إلى كلمة " انتفاءها " ثم كتب التعليق التالي: " قلت: والإمام الغزالي ممن يروج هذا القول ويقيم براهين على تحقق المجردات، حتى ادعى في بعض منها الضرورة والبداهة، وأنى له ذلك لأن المطلب نظري ومحل نزاع بين أهل الشرع والفلاسفة. والفلاسفة أيضا يعترفون بنظرية المطلب، وظواهر النصوص من الكتاب والسنة تدل على نفي المجردات ".
    (2) النص التالي من كلام الرازي موجود في كتابه " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين " ص [0 - 9] 5.

    ****************************** ****
    فقد اتفقوا على أن حصول الجوهر في حصول الحيز (1) أمر ثبوتي. فقيل: هذا الحيز إن كان معدوما فكيف يعقل حصول الجوهر في المعدوم؟ وإن كان موجودا فلا شك أنه أمر يشار (2) إليه. فهو إما جوهر وإما عرض، فإن كان جوهرا كان الجوهر حاصلا في الجوهر، وهو قول بالتداخل، وهو محال اللهم إلا أن يفسر ذلك بالمماسة، ولا نزاع فيها. وإن كان عرضا فهو حاصل في الجوهر فكيف يعقل حصول الجوهر فيه؟ ".
    وقد رد الطوسي هذا فقال (3) : " هذا غلط من جهة اشتراك اللفظ، فإن لفظة (4) " في " يدل في قولنا: الجسم في الجسم - بمعنى التداخل - والجسم في المكان، والعرض في الجسم، على معان مختلفة ; فإن الأول يدل على كون الجسم مع جسم آخر في مكان واحد، والثاني يدل على كون الجسم في المكان، والثالث يدل على كون العرض حالا في الجسم.
    والمكان هو القابل للأبعاد القائم بذاته الذي لا يمانع الأجسام عند قوم، وعرض هو سطح الجسم [الحاوي] (5) المحيط بالجسم ذي المكان عند قوم وهو بديهي الأينية (6) خفي الحقيقة.
    _________

    (1) في " المحصل ": في الحيز.
    (2) في " المحصل ": مشار.
    (3) ما يلي من كلام نصير الدين الطوسي هو من كتابه " تلخيص المحصل " وقد طبع بذيل كتاب " المحصل ". ويوجد هذا النص في ذيل صفحتي 65 - 66.
    (4) في " تلخيص المحصل ": لفظ.
    (5) كلمة " الحاوي " ساقطة من نسخة (ع) وهي في " تلخيص المحصل ".
    (6) في (ع) : الأبنية، والتصويب من " تلخيص المحصل ".

    ****************************** ********
    والمكان إن كان عدميا لم يكن حصول الجوهر في الأمر العدمي (1) حصوله في المعدوم، بمعنى أنه في العدم وإن كان جوهرا، فالجوهر عند القوم الأول ينقسم إلى مقاوم للداخل عليه ممانع إياه، وهو الذي لا يجوز عليه التداخل، وإلى (2) غير مقاوم يمتنع عليه الانتقال وهو المكان والجوهر الممانع (3) يمكن أن يداخل غير الممانع، وذلك هو كون الجوهر في المكان.
    وأما عند القوم الثاني فحصول الجوهر في المكان الذي هو عرض بمعنى غير المعنى (4) الذي يراد به في قولهم حصول العرض في الجوهر، بمعنى الحلول فيه ".
    قلت: قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبين أن ما ذكره الرازي من قوله: " قد اتفقوا على أن حصول الجوهر في الحيز أمر ثبوتي " ليس كما قاله ; بل يقال: إن أراد بقوله: إن حصول الجوهر في الحيز أمر ثبوتي، أنه صفة ثبوتية تقوم بالمحيز، فلم يتفقوا على هذا، بل ولا هذا قول محققيهم، بل التحيز عندهم لا يزيد على ذات المتحيز. قال القاضي أبو بكر بن الباقلاني: " المتحيز هو الجرم، أو الذي له حظ من المساحة، والذي لا يوجد بحيث وجوده جوهر " (5) .
    _________

    (1) في (ع) : لم يكن حصول الجوهر إلا في الأمر العدمي، ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته، وهو الذي في " تلخيص المحصل ".
    (2) ع: إلى، والصواب من " تلخيص المحصل ".
    (3) ع: المانع، والصواب من " تلخيص المحصل ".
    (4) في " تلخيص المحصل ": غير العين، والصواب ما أثبته وهو الذي في (ع) .
    (5) لم أجد هذا النص فيما بين يدي من كتب الباقلاني، ولكن الجويني نقله عنه في كتاب " الشامل في أصول الدين " 1/59 - 60 (ط. هلموت كلويفر، القاهرة، 1959) فقال: " والأصح في ذلك عبارات ارتضاها القاضي رضي الله عنه منها أنه قال: المتحيز هو الجرم، ولا معنى سواه. وقال: إنما هو الذي له حظ من المساحة، وقال أيضا: هو الذي لا يوجد بحيث وجوده جوهر ". وانظر: الإنصاف للباقلاني، ص 15، ط. عزت العطار، القاهرة، 1369/1950.

    ****************************** *****
    وقال أبو إسحاق الإسفراييني (1) : " ما هو في تقدير مكان ما وما يشغل الحيز، ومعنى شغل الحيز أنه إذا وجد في فراغ أخرجه عن أن يكون فراغا ".
    وقال بعضهم: " الحيز تقدير مكان الجوهر ".
    وقال أبو المعالي الجويني - الملقب بإمام الحرمين -: " الحيز هو المتحيز نفسه، ثم إضافة الحيز إلى الجوهر كإضافة الوجود إليه " (2) .
    قال: " فإن قيل: فهلا قلتم: إن المتحيز متحيز بمعنى، كما أن الكائن كائن بمعنى. قلنا: تحيزه نفسه أو صفة نفسه - عند من يقول بالأحوال - وكونه متحيزا راجع إلى نفسه، وكذلك كونه جرما، وذلك لا يختلف وإن اختلفت أكوانه بأعراضه، ولو كان تحيزه حكما معللا لوجب أن يثبت له حكم الاختلاف عند اختلاف الأكوان، فلما لم يختلف كونه جرما دل على أنه ليس من موجبات الأكوان والاختصاص بالجهات، فما كان بمقتضى الأكوان كان في حكم الاختلاف ".
    _________

    (1) أبو إسحاق بن محمد بن إبراهيم بن مهران الإسفراييني، سبقت ترجمته 2/296 وانظر عنه أيضا: تبيين كذب المفتري، ص [0 - 9] 43 - 244.
    (2) يقول الجويني (الشامل، ص [0 - 9] 56، تحقيق د. فيصل بدير عون، د. سهير محمد مختار، ط. المعارف، الإسكندرية، 1969) : " وأحسن ما يقال في الحيز أنه المتحيز بنفسه، وقد سبق معنى المتحيز، ثم لا تبعد إضافة الحيز إلى الجوهر، كما لا تبعد إضافة الوجود إليه ".

    ****************************** **
    قال: " فإن قيل: الجوهر لا يخلو عن الأكوان كما لا يخلو عن وصف التحيز. قلنا: قد أوضحنا أن تحيزه صفة نفسه، فنقول: صفة النفس تلازم للنفس ولا تعقل النفس دونها، وكون الجوهر متحيزا بمثابة كونه ذاتا أو شيئا. والتحيز قضية واحدة يجب لزومها ما بقيت النفس، والكون اسم يقع على أجناس مختلفة " (1) . ثم بسط الكلام في ذلك.
    وهذا يبين أن التحيز عندهم ليس قدرا زائدا على المتحيز، فضلا عن كونه وصفا ثبوتيا. وإن أراد بكونه ثبوتيا أنه أمر إضافي إلى الحيز فالأمور الإضافية عند أكثرهم عدمية إذا كانت بين موجودين، فكيف إذا كانت بين موجود ومعدوم! ؟ وقوله: " إن الحيز إذا كان معدوما، فكيف يعقل حصول الجوهر في المعدوم؟ ".
    فيقال: له: إنهم لم يريدوا بكونه في المعدوم إلا وجوده وحده من غير وجود آخر يحيط به، لم يريدوا أنه يكون معدوما مع كونه موجودا.
    وأيضا، فمن لم يعرف مرادهم: هل الحيز عندهم وجود أو عدم، كيف يحكى عنهم أنهم اتفقوا على أن كل ما سوى الله متحيز أو قائم بالمتحيز، مع علمه وحكايته عنهم أنهم اتفقوا على أن كل ما سوى الله محدث، فيمتنع مع هذا أن يكون ما سواه إما متحيزا أو حالا في المتحيز، مع أن المتحيز هذا في حيز وجودي سوى الله، وهو محدث، فإن هذا تناقض ظاهر لأنه يستلزم أن يكون هنا ثلاثة موجودة محدثة:
    _________

    (1) أكثر هذا الكلام موجود بمعناه وإن لم يكن بلفظه في " الشامل " ص [0 - 9] 57.

    ****************************** *****


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #134
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (131)
    صـ 355 إلى صـ 361



    متحيز وحيز وقائم بالمتحيز، فتكون الموجودات سوى الله ثلاثة وهي محدثة عندهم. وهذا يناقض قولهم: إن ما سوى الله: إما متحيز، وإما قائم بمتحيز.
    وأما اعتراض الطوسي عليه فإنه مني على أن التحيز هو المكان، وليس هذا هو المشهور عند المتكلمين، بل المشهور عندهم الفرق بينهما. وما ذكره من القولين في المكان هو نزاع بين المتفلسفة أصحاب أفلاطن وأصحاب أرسطو، فأولئك يقولون: هو جوهر قائم بنفسه تحل به الأجسام، وليس هذا قول كثير من المتكلمين، بل كل ما قام بنفسه فهو عندهم جسم، إذ الجوهر الذي له هو جسم، ليس عندهم جوهر قائم بنفسه غير هذين، ومن أثبت منهم جوهرا غير جسم فإنه محدث عندهم، لأن كل ما سوى الله فإنه محدث مسبوق بالعدم باتفاق أهل الملل، سواء قالوا بدوام الفاعلية وأنه لا يزال يحدث شيئا بعد شيء، أو لم يقولوا بدوام الفاعلية.
    والمتكلمون الذين يقولون: كل ما سوى الله فهو جسم أو قائم بجسم قد يتناقضون، حيث يثبت أكثرهم الخلاء أمرا موجودا، ويقولون: إنه لا يتقدر بل يفرض فيه التقدير فرضا، وهذا الخلاء هو الجوهر الذي يثبته أفلاطن.
    ولكن يمتنع عند أهل الملل أن يكون موجود قديم مع الله فإن الله خالق كل شيء، وكل مخلوق مسبوق بعدم نفسه، وإن قيل مع ذلك بدوام كونه خالقا، فخلقه شيئا بعد شيء دائما لا ينافي أن يكون كل ما

    ****************************

    سواه مخلوقا محدثا كائنا (1) بعد أن لم يكن، ليس من الممكنات قديم بقدم الله تعالى مساويا له، بل هذا ممتنع بصرائح العقول مخالف لما أخبرت به الرسل عن الله، كما قد بسط في موضعه.
    وأرسطو وأصحابه يقولون: إن المكان هو السطح الباطن من الجسم الحاوي الملاقي للسطح الظاهر من الجسم المحوي، وهو عرض عند هؤلاء.
    وقوله: " إنه بديهي الأينية (2) خفي الحقيقة " أي عند هؤلاء، وأما علماء المسلمين فليس عندهم - ولله الحمد - من ذلك ما هو خفي، بل لفظ " المكان " قد يراد به ما يكون الشيء فوقه محتاجا إليه، كما يكون الإنسان فوق السطح، ويراد به ما يكون الشيء فوقه من غير احتياج إليه، مثل كون السماء فوق الجو، وكون الملائكة فوق الأرض والهواء، وكون الطير فوق الأرض.
    ومن هذا قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
    تعالى علوا فوق عرش إلهنا ... وكان مكان الله أعلى وأعظما (3) مع علم حسان وغيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله غني عن كل ما سواه، وما سواه من عرش وغيره محتاج إليه، وهو لا يحتاج إلى شيء، وقد أثبت له مكانا.
    والسلف والصحابة، بل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمع مثل

    _________
    (1) في الأصل: أن يكون كل ما سواه مخلوق محدث كائن.
    (2) في الأصل: الأبنية، وسبق تصويب الكلمة عن " تلخيص المحصل ".
    (3) لم أجد البيت في ديوان حسان المطبوع.
    ******************************

    هذا ويقر عليه، كما أنشده عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
    شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا
    وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا

    وتحمله ملائكة شداد ... ملائكة الإله مسومينا (1) في قصته المشهورة التي ذكرها غير واحد من العلماء لما وطئ سريته ورأته امرأته فقامت إليه لتؤذيه فلم يقر بما فعل، فقالت ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «لا يقرأ الجنب القرآن "؟» فأنشد هذه الأبيات فظنت أنه قرآن فسكتت وأخبر - صلى الله عليه وسلم - فاستحسنه.
    وقد يراد بالمكان ما يكون محيطا بالشيء من جميع جوانبه ; فأما أن يراد بالمكان مجرد السطح الباطن، أو يراد به جوهر لا يحس بحال، فهذا قول هؤلاء المتفلسفة، ولا أعلم أحدا من الصحابة والتابعين وغيرهم من أئمة المسلمين يريد ذلك بلفظ " المكان ". وذلك المعنى الذي أراده أرسطو بلفظ " المكان " عرض ثابت، لكن ليس هذا هو المراد بلفظ " المكان " في كلام علماء المسلمين وعامتهم، ولا في كلام جماهير الأمم: علمائهم وعامتهم. وأما ما أراده أفلاطن فجمهور العقلاء ينكرون وجوده في الخارج، وبسط هذه الأمور له موضع آخر.
    وكذلك القول في تداخل الأجسام فيه نزاع معروف بين النظار. وقول الرازي في التداخل: " ذلك محال " هو موضع منع، مشهور ولكن لم يقل أحد من النظار: إن الجوهر في الحيز بمعنى التداخل، سواء فسر الحيز

    _________
    (1) الأبيات مروية في ترجمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه في " الاستيعاب " لابن عبد البر. ورويت أيضا فيه القصة التي قيلت الأبيات بسببها.
    ******************************

    بالأمر العدمي كما هو المعروف عند أئمة الكلام، أو فسر بالمكان الوجودي الذي (هو) (1) سطح الحاوي، أو جوهر عقلي كما يقوله من يقوله من المتفلسفة (2) ، أو فسر الحيز بالمعنى اللغوي المعقول في مثل قوله: {أو متحيزا إلى فئة} [سورة الأنفال: 16] وهذا الحيز هو جسم يحوز المتحيز، ليس هو عدميا ولا عرضا، ولا يجوز الجوهر العقلي المتنازع في وجوده.
    والمقصود أنه أي معنى أريد بلفظ الحيز فقول النظار: " إن الجوهر في الحيز ليس بمعنى التداخل المتنازع فيه وفي وجوده، فلهذا لم يحتج إلى ذكر الكلام في مسألة التداخل في هذا المقام] (3) .
    [فصل التعليق على قوله وأن أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره]
    (فصل) وأما قوله (4) : " وأن (5) أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره ".
    فيقال: هذه مسألة كلام الله تعالى، والناس فيها مضطربون، وقد بلغوا فيها إلى تسعة (6) أقوال: [وعامة الكتب المصنفة في الكلام وأصول

    _________
    (1) بعد كلمة " الذي " توجد إشارة إلى الهامش، ولكن لا تظهر الكلمة الساقطة في المصورة، ورجحت أن تكون " هو ".
    (2) بعد كلمة " المتفلسفة " كلمة كأنها " أمر " ورجحت أن تكون زيادة من الناسخ.
    (3) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله ص 349.
    (4) سبق ورود كلام ابن المطهر الثاني في " منهاج الكرامة " 1/82 (م) ، وفي هذا الجزء، ص [0 - 9] 9.
    (5) ب، أ: فإن ; ع: إن ; والمثبت عن (ن) ، (م) وهو الذي في " منهاج الكرامة ".
    (6) ب، أ: سبعة، وهو خطأ.
    ******************************

    الدين لم يذكر أصحابها إلا بعض هذه الأقوال إذ لم يعرفوا غير ما ذكروه، فمنهم من يذكر قولين، ومنهم من يذكر ثلاثة، ومنهم من يذكر أربعة، ومنهم من يذكر خمسة، وأكثرهم لا يعرفون قول السلف] (1)
    - أحدها: قول من يقول: إن كلام الله ما يفيض على النفوس من المعاني التي تفيض: إما من العقل الفعال عند بعضهم، وإما من غيره ; وهذا قول الصابئة والمتفلسفة الموافقين لهم [كابن سينا وأمثاله] (2) ، ومن دخل مع هؤلاء من متصوفة الفلاسفة ومتكلميهم كأصحاب وحدة الوجود. وفي كلام صاحب الكتب " المضنون بها على غير أهلها " (* بل " المضنون الكبير والمضنون الصغير " *) (3) ورسالة " مشكاة الأنوار " وأمثاله ما (4) قد يشار به إلى هذا، وهو في غير ذلك من كتبه يقول ضد هذا، لكن كلامه يوافق هؤلاء تارة وتارة يخالفه (5) ، وآخر أمره استقر على مخالفتهم ومطالعة (6) الأحاديث (7) النبوية.
    وثانيها: قول من يقول: (* إنه مخلوق خلقه الله منفصلا عنه (8) . وهذا

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) ما بين النجمتين في (ع) وساقط من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : " بل المضنون الصغير والكبير ".
    (4) ع: مما.
    (5) ع: ويخالفه تارة.
    (6) ب، أ: ومطابقة.
    (7) ع: الأخبار.
    (8) م: من يقول إن كلام منفصلا عنه.
    ****************************** ***

    قول هذا الإمامي وأمثاله من الرافضة المتأخرين والزيدية والمعتزلة والجهمية.
    وثالثها: قول من يقول *) (1) : إنه (2) معنى واحد قديم قائم بذات الله هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالعبرية (3) كان توراة (4) ، وهذا قول ابن كلاب ومن وافقه كالأشعري وغيره (5) .
    ورابعها: قول من يقول: إنه حروف وأصوات أزلية مجتمعة في الأزل، وهذا قول طائفة من أهل الكلام وأهل الحديث. ذكره الأشعري في " المقالات " عن طائفة (6) . وهو الذي يذكر عن السالمية ونحوهم. وهؤلاء قال طائفة منهم: إن تلك الأصوات القديمة هي الصوت

    _________
    (1) ما بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) .
    (2) ب: بأنه.
    (3) ب، أ، م: بالعبرانية.
    (4) ع: إن عبر عنه بالعبرية كان توراة وإن عبر عنه بالعربية كان قرآنا.
    (5) يقول الأشعري في المقالات 2/233: " قال عبد الله بن كلاب. . وإنه (القرآن) معنى واحد بالله عز وجل، وإن الرسم هو الحروف المتغايرة، وهو قراءة القرآن، وإنه خطأ أن يقال: كلام الله هو هو أو بعضه أو غيره، وإن العبارات عن كلام الله سبحانه تختلف وتتغاير، وكلام الله سبحانه ليس بمختلف ولا متغاير، كما أن ذكرنا لله عز وجل يختلف ويتغاير والمذكور لا يختلف ولا يتغاير، وإنما سمي كلام الله سبحانه عربيا لأن الرسم الذي هو العبارة عنه وهو قراءته عربي فسمي عربيا لعلة، وكذلك سمي عبرانيا لعلة، وهو أن الرسم الذي هو عبارة عنه عبراني، وكذلك سمي أمرا لعلة، وسمي نهيا لعلة، وخبرا لعلة، ولم يزل الله متكلما قبل أن يسمي كلامه أمرا، وقبل وجود العلة التي لها سمي كلامه أمرا، وكذلك القول في تسمية كلامه نهيا وخبرا. . ".
    (6) انظر " المقالات " 2/234.
    ***************************

    المسموع (1) من القارئ (2) ، أو هي بعض الصوت (3) المسموع من القارئ، وأما جمهورهم مع جمهور العقلاء (4) فأنكروا ذلك، قالوا: هذا مخالف (5) لضرورة العقل.

    وخامسها (6) : قول من يقول: إنه حروف وأصوات لكن تكلم به (7) بعد أن لم يكن متكلما، وكلامه حادث (8) في ذاته كما أن فعله حادث في ذاته بعد أن لم يكن متكلما ولا فاعلا. وهذا قول الكرامية وغيرهم، وهو (9) قول هشام بن الحكم وأمثاله من الشيعة. (* وهؤلاء منهم من يقول: هو حادث وليس بمحدث، ومنهم من يقول: بل هو محدث [أيضا] (10) . وقد ذكر القولين الأشعري عنهم في " المقالات " وذكر الخلاف بين أبي معاذ التومني وبين زهير الأثري (11) . والكرامية يقولون: حادث لا محدث *) (12) .

    _________
    (1) ن: المجموع المسموع.
    (2) ب: النار، وهو تحريف.
    (3) ن: أو هي نقر الأصوات، وهو تحريف ; م: أو هي بعض الأصوات.
    (4) ع: وأما جمهور العقلاء.
    (5) ب، ا: هذا مخالفة ; ن، م: هذه مخالفة.
    (6) ب، ا: وخامسها وسادسها، وهو خطأ.
    (7) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) ب، ا: حادث به.
    (9) ن، م: وأظنه.
    (10) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (11) انظر " المقالات " 2/231 - 232. وسبقت ترجمة أبي معاذ التومني 1/422. وانظر عنه أيضا ما ذكره الأشعري في المقالات 1/326. وأما زهير الأثري فلم أعرف من هو، ولكن الأشعري يتكلم عن آرائه بالتفصيل في المقالات 1/326.
    (12) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    ************************


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #135
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (132)
    صـ 362 إلى صـ 368






    وسادسها (1) : قول من يقول: إنه لم يزل متكلما إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء (2) بكلام يقوم به وهو يتكلم [به] بصوت (3) يسمع، وأن نوع الكلام [أزلي (4) ] قديم، م وإن لم يجعل نفس (5) الصوت المعين قديما. وهذا هو المأثور عن أئمة الحديث والسنة. (6)
    (* وسابعها: قول من يقول: كلامه يرجع إلى ما يحدث من علمه وإرادته القائم بذاته. ثم من هؤلاء من يقول: لم يزل ذاك حادثا في ذاته، كما يقوله أبو البركات صاحب " المعتبر " وغيره، ومنهم من لا يقول بذلك، و [أبو عبد الله] الرازي يقول بهذا القول (7) في مثل " المطالب العالية ".

    وثامنها: قول من يقول: كلامه يتضمن معنى قائما بذاته وهو ما خلقه في غيره. ثم من هؤلاء من يقول في ذلك المعنى بقول ابن كلاب، وهذا قول أبي منصور الماتريدي (8) . ومنهم من يقول بقول المتفلسفة وهذا قول طائفة من الملاحدة الباطنية متشيعهم ومتصوفيهم.

    _________
    (1) ب، ا: وسابعها، وهو خطأ.
    (2) : (2 - 2) ساقط من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : وكيف شاء ومتى شاء.
    (3) ب، ا: وهو متكلم بصوت ; ن، م: وهو يتكلم بصوت.
    (4) أزلي: في (ع) فقط.
    (5) نفس: ساقطة من (ع) .
    (6) في هامش (ع) كتب التعليق التالي: " وهذا القول السادس هو ما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه ومن تمذهب بمذهبه ".
    (7) ن، م: والرازي يميل إلى هذا القول.
    (8) محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي (نسبة إلى ماتريد بسمرقند) ، توفي سنة 333. من أئمة المتكلمين ورأس الماتريدية، وقد خالف الأشعري في مسائل أوردها أبو عذبة في كتابه. " الروضة البهية فيما بين الأشاعرة والماتريدية "، ط. حيدر آباد سنة 1322. وانظر عن الماتريدي: تاج التراجم لابن قطلوبغا، ص 59، ط المثنى، بغداد، 1962 ; طبقات الفقهاء لطاش كبرى زاده، ص 56، ط. الموصل، 1961 ; الأعلام 7/242 ; تاريخ الأدب العربي 4/41 - 43 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ع [0 - 9] ، ص [0 - 9] 0 - 42.
    **************************

    وتاسعها: قول من يقول: [كلام الله] (1) مشترك بين المعنى القديم القائم بالذات وبين ما يخلقه في غيره من الأصوات. وهذا قول أبي المعالي ومن اتبعه من متأخري الأشعرية *) (2) .
    [تفصيل القول في مقالة أهل السنة]
    وبالجملة أهل السنة والجماعة، أهل الحديث ومن انتسب إلى السنة والجماعة [من أهل التفسير والحديث والفقه والتصوف كالأئمة الأربعة وأئمة أتباعهم] (3) ، والطوائف المنتسبين إلى الجماعة (4) كالكلابية والكرامية والأشعرية والسالمية يقولون: إن كلام الله (5) غير مخلوق [والقرآن كلام الله غير مخلوق] (6) . وهذا هو المتواتر (7) [المستفيض] (8) عن السلف والأئمة [من أهل البيت وغيرهم] (9) . (10) [" والنقول بذلك متواترة مستفيضة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وتابعي تابعيهم، وفي ذلك مصنفات متعددة لأهل الحديث والسنة يذكرون فيها مقالات السلف بالأسانيد الثابتة عنهم، وهي معروفة عند أهلها، وذلك مثل كتاب " الرد على الجهمية " لمحمد بن عبد الله

    _________
    (1) عبارة " كلام الله ": ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .
    (4) : (-) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (5) ب، ا: إن الكلام.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (7) ن، م: المأثور.
    (8) المستفيض: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) .
    (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ب) ، (أ) : من أهل البيت وغير أهل البيت.
    (10) الكلام الوارد بعد القوس في (ع) فقط وينتهي ص 367.
    ***************************

    الجعفي (1) ولعثمان بن سعيد الدارمي، وكذلك " نقض عثمان بن سعيد على بشر المريسي (2) والرد على الجهمية " لعبد الرحمن بن أبي حاتم (3) ، وكتاب " السنة " لعبد الله بن الإمام أحمد - رضي الله عنه - (4) ولأبي بكر الأثرم (5) وللخلال (6) ، وكتاب " خلق

    _________
    (1) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي الكوفي القاضي المعروف بالهرواني أو بابن الهرواني، أحد الأئمة الأعلام في مذهب أبي حنيفة. ولد سنة 305 وتوفي سنة 402. ترجمته في: العبر للذهبي 3/81 ; اللباب لابن الأثير 3/289 ; تاريخ بغداد 5/472 - 473 ; شذرات الذهب 3/165 ; الجواهر المضية في طبقات الحنفية لأبي محمد القرشي 2/65، ط. حيدر آباد، 1332. ولم تذكر هذه المراجع كتاب " الرد على الجهمية ". وقارن: " درء " 7/108.
    (2) سبقت ترجمته 1/423. وانظر ترجمته أيضا في: تذكرة الحفاظ 3/621 - 622 ; الأعلام 4/366. وقد طبع كتابه " الرد على الجهمية " حديثا في ليدن سنة 1960 بتحقيق المستشرق جوستا ويتستام. وطبع كتاب " نقض عثمان بن سعيد على بشر المريسي " بتحقيق محمد حامد الفقي، القاهرة، 1358، وطبع الكتابان ضمن مجموعة عقائد السلف ط. المعارف، الأسكندرية، 1971 م.
    (3) سبقت ترجمته ونقل نصوص من كتابه هذا 2/251 - 254. وذكر الكتاب حاجي خليفة في كشف الظنون 1/838.
    (4) أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، ولد سنة 213 وتوفي سنة 290. ترجمته في: طبقات الحنابلة 1/180 - 188 ; تذكرة الحفاظ 2/665 - 666. وذكر له بروكلمان (تاريخ الأدب العربي 3/313) : " كتاب السنن في الرد على المعتزلة والجهمية وفرق أخرى " وقال إن منه نسخة خطية في بنكيبور 10/491، وسماه سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ص [0 - 9] 32 كتاب " السنة ". وقد طبع الكتاب بالقاهرة، سنة 1349.
    (5) أبو بكر أحمد بن محمد بن هاني، الطائي الإسكافي الأثرم صاحب الإمام أحمد ومن أئمة المحدثين، توفي حوالي سنة 261. ترجمته في: طبقات الحنابلة 1/66 - 74 ; تذكرة الحفاظ 2/570 - 572 ; الأعلام 1/194 ; سزكين م [0 - 9] ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 29. ولا يوجد كتابه " السنة " بين أيدينا.
    (6) سبقت ترجمته 1/424، وذكره الزركلي (الأعلام 1/196) وبروكلمان (تاريخ الأدب العربي \ 313 - 314) وذكرا كتابه " السنة " ولكنهما لم يتكلما عن نسخ خطية منه. وانظر ترجمته في: سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 33 - 234.
    **********************

    أفعال العباد " للبخاري (1) وكتاب " التوحيد " لأبي بكر بن خزيمة (2) ، وكتاب " السنة " لأبي القاسم الطبراني (3) ، ولأبي الشيخ الأصبهاني (4) ، ولأبي عبد الله بن منده (5) ، " والأسماء والصفات " لأبي بكر البيهقي (6) .،

    _________
    (1) طبع كتاب " خلق أفعال العباد " للبخاري بدهلى سنة 1306. وقد أشار إليه ابن تيمية من قبل 2/253، ومنه نسخة خطية في مكتبة عاشر رئيس رقم 139 ذكرها بروكلمان 3/179. وقد طبع الكتاب ضمن مجموعة " عقائد السلف " السالفة الذكر.
    (2) أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري إمام نيسابور في عصره، ولقبه السبكي بإمام الأئمة، حدث عنه الشيخان خارج صحيحهما، ولد سنة 223 وتوفي سنة 311. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2/720 - 731 ; طبقات الشافعية 3/109 - 119 ; الأعلام 6/235. وقد طبع كتاب " التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل " بالمطبعة المنيرية، القاهرة، 1353.
    (3) أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني (منسوب إلى طبرية الشام) ، من كبار المحدثين، ولد سنة 260 وتوفي بأصبهان سنة 360. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/141 ; مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي، (ط. الخانجي) ص 619 ; الأعلام 3/181 ; سزكين م [0 - 9] ; ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 93 - 396. ولم أجد ذكرا لكتابه الذي أشار إليه ابن تيمية ضمن ما ذكر من كتبه وكتب المعلق مستجي زاده فوق عبارة " وكتاب السنة " ما يلي: " وعندي - لله الحمد - هذا الكتاب وطالعته كرارا مرارا "
    (4) أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ الأنصاري الأصبهاني، كان من المكثرين، ولد سنة 274 وتوفي سنة 396. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/945 - 947 ; شذرات الذهب 3 ; اللباب لابن الأثير 1 ; الأعلام 4/264 وذكره بروكلمان 3/226 - 227. وسزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 04 - 406 ولم يذكرا كتابه " السنة " وكتب مستجي زاده فوق اسم كتابه: " وعندي هذا الكتاب وطالعته "
    (5) سبقت ترجمة ابن منده (محمد بن إسحاق بن محمد) 1/425. وترجم له بروكلمان 3/228 - 229 وسزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 38 - 440 ولكنهما لم يذكرا كتابه هذا.
    (6) أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الشافعي، شيخ خراسان ومن أئمة المحدثين. ولد سنة 458. انظر ترجمته في: طبقات الشافعية 4 - 16 ; شذرات الذهب 3/304 - 305 ; الأعلام 1/113. وقد طبع كتابه " الأسماء والصفات " (بتحقيق محمد زاهد الكوثري) ، القاهرة، 1358
    ***************************

    و " السنة " لأبي ذر الهروي (1) \ 65.، و " الإبانة " لابن بطة (2) .، و " شرح أصول السنة " لأبي القاسم اللالكائي (3) .، و " السنة " لأبي حفص بن شاهين (4) .، و " أصول السنة " لأبي عمر

    _________
    (1) أبو ذر عبد بن أحمد بن محمد الهروي المالكي الحافظ الثقة، توفي سنة 434. ترجمته في: شذرات الذهب 3/254 ; تبيين كذب المفتري 255 - 256 ; الأعلام 4/41. وذكر الزركلي من كتبه " السنة والصفات " وذكره عمر كحالة في معجم المؤلفين 5
    (2) سبقت ترجمة ابن بطة والكلام عن كتابيه " الإبانة الكبرى " و " الإبانة الصغرى " 1/61، 2/22 - 23. وكتب مستجي زاده فوق اسم كتابه: " وعندي هذا الكتاب وطالعت أكثر مواضيعه وهو كتاب جليل ". وانظر: سزكين، م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 39 - 240.، وقبله " الشريعة " لأبي بكر الآجري أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله البغدادي الآجري، الإمام المحدث القدوة، توفي بمكة سنة 360. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/936 ; وفيات الأعيان 3/419 ; طبقات الشافعية 3/149 ; شذرات الذهب 3/35 ; تاريخ بغداد 2/203 ; سزكين، م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 89 - 392 ; الأعلام 6/328. ونشر كتاب " الشريعة " بتحقيق محمد حامد الفقي 1369/1950، ومنه نسخة خطية في آصفية رقم 377 (ذكرها بروكلمان 3/209)
    (3) هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي، أبو القاسم اللالكائي، الفقيه الشافعي المحدث، توفي سنة 418. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/1085 - 1087 ; شذرات الذهب 3/211 ; الأعلام 9/57. ذكر له بروكلمان 3/305 - 306 كتابين: " حجج أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة " ومنه نسخة خطية بليبزج رقم 1، 318 ; " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين من بعدهم والمخالفين لهم من علماء الأمة " ومنه نسخة خطية بالظاهرية رقم 3، 124، 37. ذكره سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 11 - 212. وقد طبع قسم من الكتاب بتحقيق الدكتور أحمد سعد حمدان، مكة المكرمة، 1402 (وانظر مقدمة التحقيق)
    (4) سبقت ترجمته 1/23. وفي فهرس المخطوطات المصورة بالجامعة العربية 1/136 - 137 أنه توجد نسخة خطية من الجزءين 20، 19 من كتابه " اللطيف لشرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع السنن " في الظاهرية برقم 164/56 حديث، 146 حديث. وانظر: سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 26
    ***********************

    الطلمنكي (1) . .
    ولكن بعد ذلك تنازع المتأخرون على الأقوال السبعة المتأخرة (2) .
    وأما (3) . القولان الأولان: فالأول: قول الفلاسفة الدهرية القائلين بقدم العالم والصابئة المتفلسفة ونحوهم، والثاني: قول الجهمية من المعتزلة ومن وافقهم [من] النجارية (4) . والضرارية. وأما الشيعة فمتنازعون (5) . في هذه المسألة، وقد حكينا النزاع عنهم فيما تقدم (6) .، وقدماؤهم كانوا يقولون: القرآن غير مخلوق، كما يقوله: أهل السنة والحديث. وهذا [القول] (7) . هو المعروف عن (8) . أهل البيت كعلي

    _________
    (1) سبقت ترجمته 1/304. وانظر في ترجمته أيضا: تذكرة الحفاظ 3/1098 - 1100 ; الديباج المذهب لابن فرحون (ط. ابن شقرون، القاهرة، 1351) ص [0 - 9] 9 - 40 ; الأعلام 1. ولم تذكر هذه المراجع كتابه " أصول السنة ". وكتب مستجي زاده في هامش (ع) أمام أسماء الكتب السابقة ما يلي: " انظر إلى كثرة الكتب التي صنفها أئمة الحديث في رد كلام من يقول: إن كلام الله تعالى مخلوق، مثل أهل الاعتزال والجهمية ومن تابعهم من الروافض وغيرهم ".، وأمثال هذه الكتب ومصنفوها من مذاهب متبوعة: مالكي وشافعي وحنبلي ومحدث مطلق لا ينتسب إلى مذهب أحد] هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله، ص [0 - 9] 63
    (2) ب، ن، م: ولكن تنازعوا بعد ذلك على الأقوال الخمسة المتأخرة. وفي (أ) : على أن أقوال. . إلخ.
    (3) ب، ا: أما
    (4) ب، ا، ن، م: ومن وافقهم كالنجارية
    (5) ن: فيتنازعون
    (6) انظر ما سبق 2/248 - 249
    (7) القول: زيادة في (م) فقط
    (8) ب، ا: عند
    ******************************

    بن أبي طالب [رضي الله عنه] (1) . وغيره، مثل أبي جعفر الباقر وجعفر [بن محمد] (2) . الصادق وغيرهم.
    [ولهذا كانت الإمامية لا تقول: إنه مخلوق لما بلغهم نفي ذلك عن أئمة أهل البيت، وقالوا: إنه محدث مجهول، ومرادهم بذلك أنه مخلوق، وظنوا أن أهل البيت نفوا أنه غير مخلوق، أي مكذوب مفترى.
    ولا ريب أن هذا المعنى منتف باتفاق المسلمين: من قال: إنه مخلوق، ومن قال: إنه غير مخلوق. والنزاع بين أهل القبلة إنما كان في كونه مخلوقا خلقه الله، أو هو كلامه الذي تكلم به وقام بذاته. وأهل البيت إنما سئلوا عن هذا، وإلا فكونه مكذوبا مفترى مما لا ينازع مسلم في بطلانه] (3) .
    ولكن الإمامية تخالف أهل البيت في عامة أصولهم، فليس في (4) . أئمة أهل البيت - مثل علي بن الحسين، وأبي جعفر الباقر وابنه جعفر بن محمد الصادق من كان ينكر الرؤية، أو يقول بخلق القرآن (5) .، أو ينكر القدر، أو يقول بالنص على علي، أو بعصمة الأئمة الاثني عشر، أو يسب أبا بكر وعمر (6) . .

    _________
    (1) رضي الله عنه: زيادة في (ع) فقط
    (2) ابن محمد: زيادة في (ع) فقط
    (3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (4) ب، ا، ن، م: من
    (5) ع: ولا يقول القرآن مخلوق
    (6) في النسخ الخمس: من كان ينكر الرؤية ولا يقول بخلق القرآن ولا ينكر القدر ولا يقول بالنص على علي ولا بعصمة الأئمة الاثني عشر ولا يسبون أبا بكر وعمر، وهو نقيض المقصود
    *************************


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #136
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (133)
    صـ 369 إلى صـ 375





    والمنقولات الثابتة المتواترة عن هؤلاء معروفة موجودة، وكانت مما يعتمد عليه أهل السنة (1) .
    وشيوخ الرافضة معترفون بأن هذا الاعتقاد في التوحيد والصفات والقدر لم يتلقوه لا عن كتاب ولا سنة ولا عن أئمة أهل البيت، وإنما يزعمون أن العقل دلهم عليه، كما يقول ذلك المعتزلة، [وهم في الحقيقة إنما تلقوه عن المعتزلة وهم شيوخهم في التوحيد والعدل] (2) .، وإنما يزعمون أنهم تلقوا عن الأئمة الشرائع. وقولهم في الشرائع غالبه موافق لمذهب أهل السنة -[أو بعض أهل السنة] (3) . -[ولهم مفردات شنيعة لم يوافقهم عليها أحد] (4) .، ولهم مفردات عن المذاهب الأربعة قد قال بها غير [الأربعة] (5) .، من السلف وأهل الظاهر وفقهاء المعتزلة وغير هؤلاء، فهذه ونحوها من مسائل الاجتهاد التي يهون الأمر فيها، بخلاف الشاذ الذي يعرف أنه لا أصل له في كتاب الله (6) . ولا سنة رسوله [- صلى الله عليه وسلم -] (7) . ولا سبقهم إليه (8) . أحد.
    [ولم يقل أحد من علماء المسلمين إن الحق منحصر في أربعة من علماء المسلمين كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، كما يشنع

    _________
    (1) ع: أئمة السنة.
    (2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
    (3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    (5) ب، ا، ن، م: غيرهم
    (6) ع: لا أصل له من كتاب الله ; م: لا أصل له في كتاب الله
    (7) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (ع)
    (8) ع: إليها
    *********************

    بذلك الشيعة على أهل السنة، فيقولون: إنهم يدعون أن الحق منحصر فيهم. بل أهل السنة متفقون على أن ما تنازع فيه المسلمون وجب رده إلى الله والرسول، وأنه قد يكون قول ما يخالف قول الأربعة: من أقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وقول هؤلاء الأربعة (1) . مثل: الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه وغيرهم أصح من قولهم.
    فالشيعة إذا وافقت بعض هذه الأقوال الراجحة كان قولها في تلك المسألة راجحا، ليست لهم مسألة واحدة فارقوا بها جميع أهل السنة المثبتين لخلافة الثلاثة (إلا) (2) . وقولهم فيها فاسد. وهكذا المعتزلة وسائر الطوائف كالأشعرية والكرامية والسالمية ليس لهم قول انفردوا به عن جميع طوائف الأمة إلا وهو قول فاسد، والقول الحق يكون مأثورا عن السلف وقد سبق هؤلاء الطوائف إليه] (3) .
    وإذا عرفت المذاهب فيقال: لهذا: قولك (4) .: " إن أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره ": أتريد به أنه حادث في ذاته؟ أم حادث منفصل عنه؟

    _________
    (1) قوله: " وقول هؤلاء الأربعة. . إلخ " لعله يقصد هنا الأربعة التالين: الثوري، والأوزاعي. . إلخ
    (2) إلا: غير موجودة في الأصل وزدتها ليستقيم الكلام
    (3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (4) العبارة التالية من كلام ابن المطهر وردت في (ك) 82 (م) ، وفي هذا الجزء ص [0 - 9] 03 وفيهما: وأن أمره ونهيه. . إلخ
    *********************

    والأول قول أئمة الشيعة (1) . المتقدمين [والجهمية] (2) . والمرجئة والكرامية مع كثير من أهل الحديث وغيرهم.
    ثم إذا قيل: " حادث " أهو حادث النوع فيكون الرب قد صار متكلما بعد أن لم يكن متكلما؟ أم حادث الأفراد وأنه لم يزل متكلما إذا شاء؟ والكلام الذي كلم به موسى مثلا (3) . هو حادث وإن كان نوع كلامه قديما لم يزل؟ .
    فهذه ثلاثة أنواع تحت قولك، وقد علم أنك إنما (4) . أردت النوع الأول، وهو قول [متأخري الشيعة] (5) . الذين جمعوا بين التشيع والاعتزال، فقالوا: إنه مخلوق خلقه الله منفصلا عنه (6) .
    ] والإمامية وإن قالوا: هو محدث، وامتنعوا أن يقولوا: هو مخلوق، فمرادهم بالمحدث هو مراد هؤلاء بالمخلوق، وإنما النزاع بينهم لفظي] (7) .
    فيقال: لك (8) .: إذا كان الله قد خلقه [وأحدثه] (9) . منفصلا عنه لم يكن كلامه، فإن الكلام والقدرة والعلم وسائر الصفات إنما يتصف بها من

    _________
    (1) ن: الأئمة المتشيعة ; م: أ: الأئمة الشيعة
    (2) والجهمية: ساقطة من (ع) ، (ن) ، (م)
    (3) مثلا: ساقطة من (ب) ، (أ)
    (4) إنما: ساقطة من (ب) ، (أ)
    (5) متأخري الشيعة: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م)
    (6) ب، ا: منفصل عنه.
    (7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
    (8) ن: فيقال له
    (9) وأحدثه: في (ع) فقط
    ***************************

    قامت به لا من خلقها في غيره وأحدثها (1) ، ولهذا إذا خلق الله حركة وعلما وقدرة في محل (2) كان ذلك المحل (3) هو المتحرك العالم القادر بتلك الصفات، ولم تكن تلك صفات لله (4) بل مخلوقات له، ولو كان متصفا بمخلوقاته المنفصلة عنه لكان إذا أنطق الجامدات، كما قال: {ياجبال أوبي معه والطير} [سورة سبأ: 10] . وكما قال: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} [سورة النور: 24] ، {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} [سورة فصلت: 21] وكما قال: {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون} [سورة يس: 65] ; ومثل تسليم الحجر على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتسبيح الحصى بيده، وتسبيح الطعام وهم يأكلونه، فإذا كان كلام الله لا يكون إلا ما خلقه في غيره وجب أن يكون هذا كله كلام الله فإنه خلقه في غيره، وإذا تكلمت الأيدي فينبغي أن يكون ذاك كلام الله. كما يقولون: إنه خلق كلاما في الشجرة كلم به (5) موسى بن عمران.
    وأيضا،، فإذا كان الدليل قد قام على أن الله تعالى خالق أفعال العباد وأقوالهم، وهو المنطق لكل ناطق، وجب أن يكون كل كلام في الوجود كلامه، وهذا قالته الحلولية (6) من الجهمية كصاحب " الفصوص " ابن عربي، قال:

    _________
    (1) ب، ا، ن، م: خلقها وفعلها في غيره.
    (2) ب، ا: في جسم ; ن، م: وجسما.
    (3) ب، ا، ن، م: الجسم.
    (4) ب، ا: صفات الله.
    (5) ب، ا: كلم الله به.
    (6) ب (فقط) : وهذا ما قالته.
    ****************************** **

    وكل كلام في الوجود كلامه ... سواء علينا نثره ونظامه (1) وحينئذ فيكون قول فرعون: {أنا ربكم الأعلى} [سورة النازعات: 24] كلام الله، كما أن الكلام المخلوق في الشجرة: {إنني أنا الله لا إله إلا أنا} [سورة طه: 14]
    [يقولون: إنه مخلوق في الشجرة، أو غيرها، وهو] (2) كلام الله.
    وأيضا، فالرسل الذين خاطبوا الناس وأخبروهم أن الله قال، ونادى، وناجى، ويقول، لم يفهموهم أن هذه مخلوقات منفصلة عنه، بل الذي أفهموهم إياه (3) أن الله نفسه هو الذي تكلم، والكلام قائم به لا بغيره، ولهذا عاب (4) الله من يعبد إلها لا يتكلم فقال: {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا} [سورة طه: 89] ، وقال: {ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا} [سورة الأعراف: 148] ولا يحمد شيء بأنه يتكلم ويذم بأنه لا يتكلم (5) إلا إذا كان الكلام قائما به.
    وبالجملة لا يعرف في لغة ولا عقل قائل متكلم إلا من يقوم به القول والكلام، [لا يعقل في لغة أحد - لا لغة الرسل ولا غيرهم - ولا في عقل أحد أن المتكلم يكون متكلما بكلام لم يقم به قط بل هو بائن عنه أحدثه في غيره، كما لا يعقل أنه متحرك بحركة خلقها في غيره، ولا يعقل أنه

    _________
    (1) البيت لابن عربي وقد ذكره في كتابه " الفتوحات المكية " 4/141، ط. مصطفى الحلبي، دار الكتب العربية، القاهرة، 1329.
    (2) ما بين القوسين في (ع) فقط.
    (3) ع، ن، م: أفهموه إياه.
    (4) ن: ولهذا عاتب ; م: فلهذا أعاب، وهو تحريف.
    (5) ب، ا: بأنه متكلم ويذم بأنه غير متكلم ; ن، م: بأنه يتكلم ويذم بأنه غير متكلم.
    *************************

    متلون بلون خلقه في غيره، ولا متروح برائحة خلقها في غيره. وطرد ذلك أنه يعقل أنه مريد بإرادة أحدثها في غيره، ولا محب وراض وغضبان وساخط برضى ومحبة وغضب وسخط خلقه في غيره.
    وهؤلاء النفاة يصفونه بما لا يقوم به: تارة بما يخلقه في غيره كالكلام والإرادة، وتارة بما لا يقوم به ولا بغيره كالعلم والقدرة، وهذا أيضا غير معقول] (1) ; فلا (2) يعقل حي إلا من تقوم به الحياة، ولا عالم إلا من يقوم به العلم، [كما لا يعقل باتفاق العقلاء] (3) متحرك إلا من تقوم به الحركة، [وطرد هذا أنه لا يعقل] (4) فاعل إلا من يقوم به الفعل.
    [وقد سلم الأشعرية - ومن وافقهم كابن عقيل وغيره - فاعلا لا يقوم به الفعل: كعادل لا يقوم به العدل، وخالق ورازق لا يقوم به الخلق والرزق.
    وهذا مما احتجت به عليهم المعتزلة، فقالوا: كما جاز أن يكون عادلا خالقا رازقا بعدل وخلق ورزق لا يقوم به، فكذلك عالم وقادر ومتكلم.
    والسلف رضي الله عنهم وجمهور أهل السنة يطردون أصلهم، ولهذا احتج الإمام أحمد رضي الله عنه وغيره على أن كلام الله غير مخلوق بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعوذ بكلمات الله تعالى التامات التي

    _________
    (1) ما بين القوسين في (ع) فقط، وبدأ السقط في الصفحة السابقة.
    (2) ب، ا، ن، م: كما لا.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وفيها: إلا من يقوم به العلم ولا متحرك. . إلخ.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وفيها ولا فاعل. . إلخ.
    *************************

    لا يجاوزهن بر ولا فاجر» (1) ". قالوا: لا يستعاذ بمخلوق. وكذلك ثبت عنه أنه قال: " «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك» (2) . وقالوا: لا يستعاذ بمخلوق، وقد استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرضا والمعافاة ; فكان ذلك عند أئمة السنة مما يقوم بالرب تعالى كما تقوم به كلماته، ليس من المخلوقات التي لا تكون إلا بائنة عنه] (3) .

    _________
    (1) في الموطأ 2/950 - 951 (كتاب الشعر، باب ما يؤمر به من التعوذ) : " وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة، كلما التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه. فقال له جبريل: أفلا أعلمك كلمات تقولهن، إذا قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه؟ فقال رسول الله صلى الله وسلم: بلى، فقال جبريل: فقل: أعوذ بوجه الله الكريم، وبكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء، وشر ما يعرج فيها، وشر ما ذرأ في الأرض وشر ما يخرج منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن طوارق الليل والنهار، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن ". وورد الحديث مرسلا أيضا عن كعب الأحبار بعده بقليل 2/951 - 952. ولم أجد في رسالة " الرد على الجهمية والزنادقة " للإمام أحمد استشهادا بهذا الحديث. ولكن جاء في كتاب " الرد على الجهمية " للدارمي وفي كتاب " التوحيد " لابن خزيمة وغيرهما الاستشهاد بأحاديث أخرى عاذ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمات الله التامات كالذي روي في صحيح مسلم 4/2081 (كتاب الذكر والدعاء باب التعوذ من سوء القضاء) عن أبي هريرة أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة. قال: " أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك ". وانظر: الرد على الجهمية للدارمي، ص [0 - 9] 0 ; كتاب التوحيد لابن خزيمة، ص [0 - 9] 08 - 109 ; كتاب الأسماء والصفات للبيهقي، ص [0 - 9] 84 - 186 ; المسند (ط. المعارف) 15/15 (رقم 7885 - وانظر التعليق) ; الأذكار للنووي، ص 121.
    (2) الحديث في: مسلم 1/352 (كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود) وسبق ورود الحديث والتعليق عليه 2/159.
    (3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    *************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #137
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (134)
    صـ 376 إلى صـ 382





    فمن قال: إن المتكلم هو الذي يكون كلامه منفصلا عنه، [والمريد والمحب والمبغض والراضي والساخط ما تكون إرادته ومحبته وبغضه ورضاه وسخطه بائنا عنه لا يقوم به بحال من الأحوال] (1) ، قال ما لا يعقل، ولم يفهم الرسل للناس هذا، بل كل من سمع ما بلغته الرسل عن الله يعلم بالضرورة أن الرسل لم ترد بكلام الله ما هو منفصل] عن الله وكذلك لم ترد بإرادته ومحبته ورضاه ونحو ذلك ما هو منفصل [ (2) عنه (3) بل ما (4) هو متصف به.
    قالت الجهمية والمعتزلة (5) : المتكلم من فعل الكلام، والله [تعالى] (6) لما أحدث الكلام في غيره صار متكلما.
    فيقال: لهم: للمتأخرين المختلفين هنا ثلاثة أقوال (7) قيل: المتكلم من فعل الكلام ولو كان منفصلا، [وهذا إنما قاله هؤلاء] (8) .
    وقيل: المتكلم من قام به الكلام، ولو لم يكن بفعله (9) ولا [هو] بمشيئته و [لا] قدرته (10) ، وهذا قول الكلابية والسالمية ومن وافقهم.

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (3) عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ما: ساقطة من (ع) .
    (5) ن، م: والجهمية والمعتزلة قالوا ; ب، ا: قالوا (وسقطت كلمتا: الجهمية والمعتزلة) .
    (6) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (7) ن: الناس هنا على ثلاثة أقوال.
    (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (9) أ، م: يفعله.
    (10) ن، م: ولا بمشيئته وقدرته.
    **********************

    وقيل: المتكلم من تكلم بفعله ومشيئته وقدرته وقام به [الكلام] (1) ، وهذا قول أكثر أهل الحديث وطوائف من الشيعة والمرجئة والكرامية وغيرهم.
    فأولئك يقولون: هو صفة فعل منفصل عن الموصوف لا صفة ذات. والصنف الثاني يقولون: صفة ذات لازمة للموصوف لا تتعلق بمشيئته ولا قدرته. والآخرون يقولون هو صفة ذات وصفة فعل، وهو قائم به متعلق (2) بمشيئته وقدرته. وإذا (3) كان كذلك فقولهم (4) : إنه صفة فعل ينازعهم (5) فيه طائفة وإذا لم ينازعوا في هذا، فيقال: هب أنه صفة فعل منفصلة عن القائل الفاعل، أو قائمة به (6) . أما الأول فهو قولكم الفاسد، وكيف تكون الصفة غيره قائمة بالموصوف، أو القول غير قائم بالقائل.
    [وقول القائل: الصفات تنقسم إلى صفة ذات وصفة فعل - ويفسر صفة الفعل بما هو بائن عن الرب كلام متناقض كيف يكون صفة للرب وهو لا يقوم به بحال، بل هو مخلوق بائن عنه؟
    وهذا وإن كانت الأشعرية قالته تبعا للمعتزلة فهو خطأ في نفسه، فإن إثبات صفات الرب وهي مع ذلك مباينة له جمع بين المتناقضين

    _________
    (1) ب، ا: فقام به الكلام وسقطت كلمة " الكلام " من (ن) ، (م) .
    (2) ب، ا، ن، م: يتعلق.
    (3) ب، ا: إذا.
    (4) ب، (فقط) : فقولكم.
    (5) ب، ا، ن، م: ينازعكم.
    (6) ب، ا: هب أنه صفة فعل لكن صفة فعل منفصل (م: منفصلة) عن القائل (ساقطة من (م) الفاعل أو قائم (م: قائمة) به.
    *************************

    المتضادين، بل حقيقة قول هؤلاء: إن الفعل لا يوصف به الرب، فإن الفعل هو المخلوق، والمخلوق لا يوصف به الخالق، ولو كان الفعل الذي هو المفعول صفة له لكانت جميع المخلوقات صفات للرب، وهذا لا يقوله: عاقل فضلا عن مسلم] (1) .
    فإن قلتم: هذا بناء على أن فعل الله لا يقوم به، لأنه لو قام به لقامت به الحوادث.
    قيل: والجمهور ينازعونكم في هذا الأصل، ويقولون: كيف يعقل فعل لا يقوم بفاعل، ونحن نعقل الفرق بين نفس الخلق والتكوين (2) وبين المخلوق المكون؟
    وهذا قول جمهور الناس كأصحاب أبي حنيفة. وهو الذي حكاه البغوي (3) وغيره من أصحاب الشافعي عن أهل السنة، وهو قول أئمة أصحاب أحمد كأبي إسحاق بن شاقلا (4) وأبي بكر عبد العزيز (5) وأبي عبد الله بن حامد (6) [والقاضي أبي يعلى في آخر قوليه] (7) [وهو] قول (8) أئمة الصوفية وأئمة أصحاب الحديث، [وحكاه

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (2) ب، ا: بين نفس التكوين.
    (3) وهو أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد البغوي المعروف بالفراء، وسبقت ترجمته
    (4) ن، م: وأبي إسحاق بن شاقلا. وسبقت ترجمته 1/458.
    (5) ب، ا: أبو بكر بن عبد العزيز، وهو خطأ. وسبقت ترجمته 1/424.
    (6) وهو الحسن بن حامد. وسبقت ترجمته 1/423.
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (8) ن، م: وقول.
    **************************

    البخاري في كتاب " خلق أفعال العباد " عن العلماء مطلقا] (1) وهو قول طوائف من المرجئة والشيعة والكرامية وغيرهم (2) . ثم القائلون بقيام فعله به، منهم من يقول: فعله قديم والمفعول متأخر، كما أن إرادته قديمة والمراد متأخر، كما يقول ذلك من يقوله من أصحاب أبي حنيفة وأحمد وغيرهم، [وهو الذي ذكره الثقفي وغيره من الكلابية لما وقعت المنازعة بينهم وبين ابن خزيمة] (3) .
    [ومنهم من يقول: بل هو حادث النوع، كما يقول ذلك من يقوله من الشيعة والمرجئة والكرامية] (4) .
    ومنهم من يقول: هو يقع (5) بمشيئته وقدرته شيئا فشيئا لكنه لم يزل متصفا به، فهو حادث الآحاد قديم النوع، كما يقول ذلك من يقوله من أئمة أصحاب الحديث وغيرهم من أصحاب الشافعي وأحمد
    وسائر الطوائف [منهم من يقول: بل الخلق حادث قائم بالمخلوق، كما يقوله هشام بن الحكم وغيره، ومنهم من يقول: بل هو قائم بنفسه لا في محل، كما يقوله: أبو الهذيل العلاف وغيره، ومنهم من يقول بمعان قائمة بنفسها لا تتناهى، كما يقوله: معمر بن عباد (6) وغيره] (7) .

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) وغيرهم: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ع) سقطت كلمة " والمرجئة ".
    (5) هو يقع: ساقط من (ب) ، (أ) .
    (6) سبق الكلام على معمر بن عباد ومذهبه في المعاني 2/128 - 129.
    (7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    **********************

    وإذا كان الجمهور ينازعونكم فتقدر (1) المنازعة بينكم وبين أئمتكم من الشيعة ومن وافقهم ; فإن هؤلاء يوافقونكم على أنه حادث لكن يقولون: هو قائم بذات الله فيقولون: قد جمعنا بين حجتنا وحجتكم (2) ، فقلنا العدم لا يؤمر (3) ولا ينهى، وقلنا: الكلام لا بد أن يقوم بالمتكلم.
    فإن قلتم لنا: قد قلتم بقيام الحوادث بالرب. قالوا لكم (4) : نعم، وهذا قولنا الذي دل عليه الشرع والعقل، ومن لم يقل إن البارئ يتكلم، ويريد، ويحب ويبغض ويرضى، ويأتي ويجيء، فقد ناقض كتاب الله [تعالى] (5) . ومن قال: إنه لم يزل (6) ينادي موسى في الأزل، فقد خالف كلام الله مع مكابرة العقل، لأن الله يقول: {فلما جاءها نودي} [سورة النمل: 8] ، وقال: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [سورة يس: 82] ، فأتى بالحروف الدالة على الاستقبال. قالوا: وبالجملة فكل ما يحتج به المعتزلة والشيعة مما يدل على أن كلامه متعلق بمشيئته [وقدرته] (7) ، وأنه يتكلم (8) إذا شاء، وأنه يتكلم شيئا بعد شيء فنحن نقول به، وما يقول به من يقول: إن كلام الله قائم بذاته، وإنه صفة له، والصفة لا تقوم إلا بالموصوف فنحن نقول به، وقد أخذنا

    _________
    (1) ن، م: فقدر.
    (2) ع: قد جمعنا بين حجتكم وحجتنا ; أ، ب: قد جمعنا حجتنا وحجتكم.
    (3) ن، م: لا يؤثر، وهو تحريف ظاهر.
    (4) ب، ا، ن، م: قلنا لكم.
    (5) تعالى: زيادة في (ع) .
    (6) لم يزل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) وقدرته: ساقطة من (ن) .
    (8) ن: وأنه يتكلم به.
    ****************************

    بما في قول كل من الطائفتين من الصواب، وعدلنا عما يرده الشرع والعقل من قول كل منهما.
    فإذا قالوا لنا: فهذا يلزم (1) أن تكون الحوادث قامت به. قلنا: ومن أنكر هذا قبلكم من السلف والأئمة؟ ونصوص القرآن والسنة تتضمن ذلك مع صريح العقل، وهو قول لازم لجميع الطوائف، ومن أنكره فلم يعرف لوازمه وملزوماته. ولفظ " الحوادث " مجمل، فقد يراد به الأمراض (2) والنقائص، والله [تعالى] (3) منزه عن ذلك [كما نزه نفسه عن السنة والنوم واللغوب، وعن أن يئوده حفظ السماوات والأرض وغير ذلك مما هو منزه عنه بالنص والإجماع. ثم إن كثيرا من نفاة الصفات - المعتزلة وغيرهم - يجعلون مثل هذا حجة في نفي قيام الصفات، أو قيام الحوادث به مطلقا، وهو غلط منهم، فإن نفي الخاص لا يستلزم نفي العام، ولا يجب إذا نفيت عنه النقائص والعيوب أن ينتفي عنه ما هو من صفات الكمال ونعوت الجلال] (4) . ولكن يقوم به
    ما يشاؤه (5) ويقدر عليه من كلامه وأفعاله (6) ونحو ذلك مما دل عليه الكتاب والسنة.
    _________
    (1) ب (فقط) : فهذا يلزم منه.
    (2) ب، م: الأعراض.
    (3) تعالى: زيادة في (ع) .
    (4) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (5) ب، ا، م: ما شاءه ; ن: ما شاء.
    (6) ع، ن، م: وفعاله.
    ****************************

    ونحن (1) نقول لمن أنكر قيام ذلك به: أتنكره (2) لإنكارك قيام الصفة به كإنكار المعتزلة؟ أم تنكره لأن من قامت به الحوادث لم يخل منها، ونحو ذلك مما يقوله الكلابية؟
    فإن قال بالأول كان الكلام في أصل الصفات وفي كون الكلام قائما بالمتكلم لا منفصلا عنه (3) كافيا في هذا الباب. وإن كان الثاني قلنا لهؤلاء (4) : أتجوزون حدوث الحوادث بلا سبب حادث أم لا؟ فإن جوزتم ذلك - وهو قولكم - لزم أن يفعل الحوادث من (5) لم يكن فاعلا لها ولا لضدها (6) فإذا جاز هذا [فلم] لا يجوز أن تقوم الحوادث بمن لم تكن (7) قائمة به هي ولا ضدها؟
    ومعلوم أن الفعل أعظم من القبول (8) ، فإذا جاز فعلها بلا سبب حادث فكذلك قيامها بالمحل (9) ، فإن قلتم: القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده. (10 قلنا: هذا ممنوع ولا دليل لكم عليه 10) (10) ، [ثم إذا سلم ذلك فهو كقول

    _________
    (1) ن، م: فنحن.
    (2) ن، م: تنكره.
    (3) ب، ا: لا منفصلا منه.
    (4) ع: قالوا لهؤلاء.
    (5) ب، ا: ما.
    (6) ن، م: ولا قصدها.
    (7) ن: فلا يجوز بمن لم تكن. . إلخ ; م: فلا يجوز أن تقوم الحوادث بمن لم تكن. . ; ع: فلم لا يجوزوا أن تقوم الحوادث. . وهو خطأ.
    (8) ع، م: القول.
    (9) ن، م: بالفعل.
    (10) : (10 - 10) ساقط من (أ) ، (ب) .
    *****************************


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #138
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (135)
    صـ 383 إلى صـ 389



    القائل: القدر على الشيء لا يخلو عن فعله وفعل ضده، وأنتم تقولون: إنه لم يزل قادرا، ولم يكن فاعلا ولا تاركا، لأن الترك عندكم أمر وجودي مقدور، وأنتم تقولون: لم يكن فاعلا لشيء من مقدوراته في الأزل مع كونه قادرا، بل تقولون: إنه يمتنع وجود مقدوره في الأزل مع كونه قادرا عليه.
    وإذا كان هذا قولكم فلأن لا يجب وجود المقبول في الأزل بطريق الأولى والأحرى، فإن هذا المقبول مقدور لا يوجد إلا بقدرته، وأنتم تجوزون وجود قادر مع امتناع مقدوره في حال كونه قادرا] (1) .
    (2 ثم نقول: إن كان القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده 2) (2) لزم تسلسل الحوادث، وتسلسل الحوادث إن كان ممكنا كان القول الصحيح قول أهل الحديث الذين يقولون: لم يزل متكلما إذا شاء كما قاله ابن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما من أئمة السنة. وإن لم يكن جائزا [أمكن أن يقوم به الحادث بعد أن لم يكن قائما به، كما يفعل الحوادث بعد أن لم يكن فاعلا لها] (3) وكان (4) قولنا هو الصحيح، فقولكم أنتم باطل على [كلا] (5) التقديرين. فإن قلتم لنا: أنتم توافقونا على امتناع تسلسل الحوادث، وهو حجتنا وحجتكم على [نفي] (6) قدم العالم.

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (2) : (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (4) ب، ا، ن، م: كان.
    (5) كلا: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) نفي: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    ****************************** *****

    قلنا لكم: موافقتنا لكم حجة جدلية، وإذا كنا قد قلنا بامتناع تسلسل الحوادث موافقة لكم، وقلنا (1) بأن القابل (2) للشيء قد يخلو عنه وعن ضده مخالفة لكم. وأنتم تقولون: إن قبل الحوادث (3) لزم تسلسلها وأنتم لا تقولون بذلك (4) .
    قلنا: إن صحت هاتان المقدمتان - ونحن لا نقول بموجبهما (5) - لزم خطؤنا: إما في هذه وإما في هذه. وليس خطؤنا فيما سلمناه لكم بأولى من خطئنا فيما خالفناكم فيه، فقد يكون خطؤنا في منع تسلسل الحوادث لا في قولنا: إن القابل للشيء يخلو عنه وعن ضده، فلا يكون خطؤنا في إحدى المسألتين دليلا على صوابكم (6) في الأخرى التي خالفناكم فيها.
    أكثر ما في هذا (7) الباب [أنا نكون] (8) متناقضين، والتناقض (9) شامل لنا ولكم ولأكثر من تكلم في هذه المسألة ونظائرها. وإذا كنا متناقضين، فرجوعنا إلى قول نوافق [فيه] العقل والنقل (10) ، أولى من رجوعنا إلى قول

    _________
    (1) ن، م: قد قلنا.
    (2) ب (فقط) : الفاعل.
    (3) ب: إن قبل بالحوادث ; ن، م: فإذا قيل الحوادث.
    (4) ع: وأنتم لا تقولون به ; م: وأنتم لا تقولون تلك.
    (5) ع، ن، م: بموجبها.
    (6) ب (فقط) : جوابكم.
    (7) هذا: ساقطة من (ع) .
    (8) عبارة " أنا نكون " ساقطة من (ن) ، (م) .
    (9) ن (فقط) : والمتناقضين، وهو خطأ.
    (10) ن، م: يوافق العقل والنقل.
    ****************************** ***

    نخالف فيه العقل والنقل. فالقول بأن المتكلم يتكلم (1) بكلام لا يتعلق بمشيئته وقدرته، أو منفصل عنه لا يقوم به مخالف للعقل والنقل، بخلاف تكلمه بكلام يتعلق بمشيئته وقدرته قائم به فإن هذا لا يخالف لا عقلا ولا نقلا، لكن قد نكون [نحن] (2) لم نقله بلوازمه فنكون متناقضين، وإذا كنا متناقضين كان الواجب أن نرجع عن القول الذي أخطأنا فيه لنوافق ما أصبنا فيه، لا نرجع عن الصواب لنطرد (3) الخطأ، فنحن نرجع عن تلك [المناقضات] (4) ونقول بقول أهل الحديث.
    فإن قلتم: إثبات حادث بعد حادث (5) لا إلى أول (6) قول الفلاسفة الدهرية. (* قلنا: بل قولكم: إن الرب تعالى لم يزل معطلا لا يمكنه أن يتكلم بشيء ولا أن يفعل شيئا، ثم صار يمكنه أن يتكلم وأن يفعل (7) بلا حدوث سبب يقتضي ذلك، قول مخالف لصريح العقل ولما عليه المسلمون، فإن المسلمين يعلمون أن الله لم يزل قادرا، وإثبات القدرة مع كون المقدور ممتنعا غير ممكن جمع بين النقيضين، فكان فيما عليه

    _________
    (1) ن، ا: فنقول إن المتكلم يتكلم ; ب: فنقول إن كون المتكلم يتكلم، م: فنقول إن المتكلم.
    (2) نحن: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (3) ب، ا: ليطرد.
    (4) المناقضات: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ع: إثبات حوادث بلا حادث ; ن، م: إثبات حوادث بعد حادث.
    (6) ن: أولى أول ; م: لا أولى أول، وكلاهما تحريف.
    (7) ع: أن يفعل ويتكلم.
    ****************************** **

    المسلمون من أنه لم يزل قادرا ما يبين أنه لم يزل قادرا على الفعل والكلام بقدرته ومشيئته (1) .
    والقول بدوام كونه متكلما ودوام كونه فاعلا بمشيئته منقول عن السلف وأئمة المسلمين من أهل البيت وغيرهم، كابن المبارك (2) وأحمد بن حنبل والبخاري وعثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم، وهو منقول عن جعفر بن محمد الصادق في الأفعال المتعدية - فضلا عن اللازمة - وهو دوام إحسانه (3) ، *) (4) [وذلك قوله: وقول المسلمين: يا قديم الإحسان إن عني بالقديم قائم به] (5) .
    والفلاسفة الدهرية قالوا: بقدم [الأفلاك وغيرها من] (6) العالم، وأن الحوادث فيه لا إلى أول، وأن البارئ موجب بذاته للعالم (7) ليس فاعلا بمشيئته وقدرته ولا يتصرف بنفسه. [ومعلوم بالاضطرار من دين الرسل أن الله تعالى خالق كل شيء، ولا يكون المخلوق إلا محدثا، فمن جعل مع الله شيئا قديما بقدمه فقد علم مخالفته لما أخبرت به الرسل مع مخالفته لصريح العقل] (8) . وأنتم وافقتموهم (9) على طائفة من باطلهم حيث قلتم: إنه لا يتصرف

    _________
    (1) ع: بمشيئته وقدرته.
    (2) ع: جاء عن ابن المبارك.
    (3) ع: دوام الإحسان.
    (4) ما بين النجمتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (7) ع: موجب بذاته العالم ; ن: الموجب لذاته للعالم ; م: الموجب بذاته للعالم.
    (8) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (9) ن، م: وافقتمونا.
    *************************

    بنفسه، ولا يقوم به أمر يختاره ويقدر عليه، بل جعلتموه (1) كالجماد الذي لا تصرف (2) (* له ولا فعل، وهم جعلوه كالجماد الذي لزمه وعلق به ما لا يمكنه دفعه عنه ولا قدرة له على التصرف *) (3) فيه، فوافقتموهم على بعض باطلهم. ونحن قلنا بما يوافق العقل والنقل من كمال قدرته ومشيئته، وأنه قادر على الفعل بنفسه [وعلى التكلم بنفسه] (4) كيف شاء، وقلنا: إنه لم يزل موصوفا بصفات الكمال متكلما إذا شاء (5) ، فلا نقول: إن كلامه مخلوق منفصل عنه، فإن حقيقة هذا القول أنه لا يتكلم، ولا نقول: إن كلامه شيء واحد (6) : أمر ونهي وخبر (* وأن معنى التوراة والإنجيل واحد، وأن الأمر والنهي صفة لشيء واحد *) (7) ، فإن هذا مكابرة للعقل (8) ، ولا نقول: إنه أصوات مقطعة (9) متضادة أزلية، فإن الأصوات لا تبقى زمانين. وأيضا، فلو قلنا بهذا القول والذي قبله لزم أن يكون تكليم الله

    _________
    (1) ب، ا، ن، م: وجعلتموه.
    (2) في (ن) ، (م) : كالجماد الذي لا ينصرف، وبعد هذه العبارة كتبت في (ن) تسعة سطور تبين لي أنها تقابل سطورا في ص 233 في (ب) ، وأخطأ الناسخ في كتابتها في هذا الموضع.
    (3) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (4) ما بين المعقوفتين في (ع) ، (م) .
    (5) ب، ا: متكلما ذاتا.
    (6) ب: ولا نقول إنه شيء واحد ; ن، ا، م: ولا يقول إنه شيء واحد.
    (7) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (8) ن، م: العقل.
    (9) ب، ا: منقطعة.
    ********************

    للملائكة ولموسى ولخلقه يوم القيامة ليس إلا مجرد خلق إدراك (1) لهم لما كان أزليا لم يزل. ومعلوم أن النصوص دلت على ضد ذلك، ولا نقول إنه صار متكلما بعد أن لم يكن متكلما، فإن هذا وصف له (2) بالكمال بعد النقص، وأنه صار محلا للحوادث التي كمل بها بعد نقصه. ثم حدوث ذلك الكمال (3) لا بد له من سبب، [والقول في الثاني كالقول في الأول ففيه تجدد (* كمال بلا سبب] (4) ، ووصف له بالنقص الدائم من الأزل إلى أن تجدد له ما لا سبب لتجدده (5) ، وفي ذلك تعطيل له عن صفات الكمال.
    وأما دوام الحوادث فمعناه [هنا] (6) دوام كونه متكلما (7) إذا شاء، وهذا دوام كماله ونعوت *) (8) جلاله ودوام أفعاله، وبهذا يمكن أن يكون العالم، وكل ما فيه مخلوق له حادث (9) بعد أن لم يكن، لأنه يكون سبب الحدوث هو ما قام بذاته من كلماته وأفعاله (10) وغير ذلك، فيعقل

    _________
    (1) ب، ا، ن، م: الإدراك.
    (2) ب: فإنه وصف له ; أ: فإن وصف له (بسقوط: هذا) . وسقطت " له " من (ع) .
    (3) ع: الكلام.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: إلى تجدد ما لا سبب لنحوه، وهو تحريف.
    (6) هنا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ن: مكلما.
    (8) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (9) ب (فقط) : مخلوقا له حادثا. والذي في باقي النسخ صواب، وفي عبارة " وبهذا يمكن أن يكون العالم " الفعل " يكون " تام.
    (10) ب، ا: لأنه يكون بسبب الحدوث وهو ما قام بذاته من كلماته وأفعاله، وهو خطأ ; ن، م: لأنه يكون سبب الحوادث هو ما قام به من كلماته وأفعاله.
    **************************

    سبب (1) حدوث الحوادث، ويمتنع مع هذا (2) أن يقال: بقدم شيء من العالم، لأنه لو كان قديما لكان مبدعه (3) موجبا بذاته ليلزمه (4) موجبه ومقتضاه، وإذا كان الخالق فاعلا بفعل يقول بنفسه بمشيئته واختياره امتنع أن يكون موجبا بذاته لشيء من الأشياء، فامتنع قدم شيء من العالم، وإذا امتنع من الفاعل المختار أن يفعل شيئا منفصلا [عنه] (5) مقارنا له مع أنه لا يقوم به فعل اختياري، فلأن يمتنع ذلك إذا قام به فعل اختياري بطريق الأولى والأحرى، لأنه على هذا التقدير (* لا يوجد المفعول حتى يوجد الفعل الاختياري الذي حصل بقدرته ومشيئته، وعلى التقدير *) (6) الأول يكفي فيه نفس المشيئة والقدرة والفعل الاختياري (7) .
    [ومعلوم أن ما توقف على المشيئة والقدرة] (8) والفعل الاختياري القائم به يكون، أولى بالحدوث والتأخر مما لم يتوقف (9) إلا على بعض ذلك.
    والكلام على هذه الأمور مبسوط في غير هذا الموضع، وأكثر الناس

    _________
    (1) ن، م: فيفعل بسبب، وهو تحريف.
    (2) ب، ا: ومع هذا يمتنع.
    (3) ن: مبتدعة مقتضيه.
    (4) ب، ا: يلزمه.
    (5) عنه: ساقطة من (ع) ، (ن) ، (م) .
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) وموجود في (ن) لكن بعض كلماته محرفة.
    (7) ب، ا: يكفي في نفس المشيئة والفعل الاختياري والقدرة ; ع: يكفي نفس المشيئة والقدرة.
    (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وسقطت كلمة " القدرة " من (ب) ، (أ) .
    (9) ن، م: ما لم يتوقف.
    *********************


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #139
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (136)
    صـ 390 إلى صـ 396



    لا يعلمون كثيرا من هذه الأقوال ; ولذلك كثر بينهم القيل والقال، وما ذكرناه إشارة إلى مجامع المذاهب. (1) [والأصل الذي باين به أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، من أهل البيت وغيرهم وسائر أئمة المسلمين للجهمية والمعتزلة وغيرهم من نفاة الصفات: أن الرب تعالى إنما يوصف بما يقوم به، لا يوصف بمخلوقاته، وهو أصل مطرد عند السلف والجمهور. ولكن المعتزلة استضعفت الأشعرية - ومن وافقهم - بتناقضهم في هذا الأصل حيث وصفوه بالصفات الفعلية مع أن الفعل لا يقوم به عندهم. والأشعري تبع في ذلك للجهمية والمعتزلة الذين نفوا قيام الفعل به، لكن أولئك ينفون الصفات أيضا، بخلاف الأشعرية.
    والمعتزلة لهم نزاع في الخلق: هل هو المخلوق، أو غير المخلوق؟ وإذا قالوا: هو غير المخلوق، فقد يقولون: معنى قائم لا في محل، كما تقوله البصريون في الإرادة. وقد يقولون: معاني لا نهاية لها في آن واحد. كما يقوله معمر منهم وأصحابه، ويسمون أصحاب المعاني، وقد يقولون: إنه قائم بالمخلوق.
    وحجة الأشعري ومن وافقه على أن الخلق هو المخلوق، أنهم قالوا: لو كان غيره لكان إما قديما وإما محدثا، فإن كان قديما لزم قدم المخلوق، وهو محال بالاضطرار فيما علم حدوثه بالاضطرار، والدليل فيما علم حدوثه بالدليل. وإن كان محدثا كان مخلوقا، فافتقر الخلق إلى

    _________
    (1) الكلام بعد القوس في (ع) فقط وينتهي ص 393.
    *************************

    خلق ثان ولزم التسلسل، وأيضا، فيلزم قيام الحوادث به، وهذا عمدتهم في نفس الأمر.
    والرازي لم يكن له خبرة بأقوال طوائف المسلمين، إلا بقول المعتزلة والأشعرية وبعض أقوال الكرامية والشيعة، فلهذا لما ذكر هذه المسألة ذكر الخلاف فيها مع فقهاء ما وراء النهر، وقول هؤلاء هو قول جماهير طوائف المسلمين.
    والجمهور لهم في الجواب عن عمدة هؤلاء طرق: كل قوم بحسبهم. فطائفة قالت: بل الخلق الذي هو التكوين والفعل قديم والمكون المفعول محدث لأن (الخلق) (1) عندهم لا تقوم به الحوادث، وهذا قول كثير من هؤلاء من الحنفية والحنبلية والكلابية والصوفية وغيرهم. فإذا قالوا لهؤلاء: فيلزم قدم المكون قالوا: نقول في ذلك مثل ما قلتم في الإرادة الأزلية، قلتم: هي قديمة فإن (2) كان المراد محدثا، كذلك التكوين قديم، وإن كان المكون محدثا.
    وطائفة قالت: بل الخلق والتكوين حادث إذا أراد الله خلق شيء وتكوينه، وهذا قول أكثر أهل الحديث وطوائف من أهل الكلام والفقه والتصوف. قالوا: لأن الله ذكر وجود أفعاله شيئا بعد شيء كقوله تعالى: (خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) [سورة الأعراف: 54] وقوله: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} [سورة فصلت 11] ، وقوله:

    _________
    (1) كلمة " الخلق " غير موجودة بالأصل وزدتها ليستقيم الكلام.
    (2) فإن: كذا في الأصل، ولعل الصواب: وإن.
    ***************************

    {ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} [سورة الأعراف: 11] وقوله: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين - ثم جعلناه نطفة في قرار مكين - ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} [سورة المؤمنون: 12 - 14] ، وأمثال ذلك.
    وهؤلاء يلتزمون أنه تقوم به الأمور الاختيارية، كخلقه ورضاه وغضبه وكلامه وغير ذلك مما دلت عليه النصوص. وفي القرآن أكثر من ثلاثمائة موضع توافق قولهم، وأما الأحاديث فكثيرة جدا، والآثار عن السلف بذلك متواترة، وهو قول أكثر الأساطين من الفلاسفة. ثم هؤلاء في التسلسل على قولين، وهم يقولون: المخلوق يحصل بالخلق، والخلق يحصل بقدرته ومشيئته، لا يحتاج إلى خلق آخر. 0 ويقولون لمنازعيهم: إذا جاز عندكم وجود المخلوقات المنفصلة بمجرد القدرة والمشيئة من غير فعل قائم به، فلأن يجوز الفعل بمجرد القدرة الإرادة أولى وأحرى. ومن لم يقل بالتسلسل منهم يقول: نفس القدرة القديمة والإرادة القديمة أوجبت ما حدث من الفعل والإرادة وبذلك يحصل المخلوق فيما لا يزال.
    ومن قال بالتسلسل منهم قال: التسلسل الممتنع إنما هو التسلسل في المؤثرات، وهو أن يكون للفاعل فاعل، وهلم جرا إلى غير نهاية، سواء عبر عن ذلك بأن للعلة علة وللمؤثر مؤثرا، أو عبر عنه بأن للفاعل فاعلا،

    ****************************

    فهذا هو التسلسل الممتنع في صريح العقل، ولهذا كان هذا ممتنعا باتفاق العقلاء، كما أن الدور الممتنع هو الدور القبلي.
    فأما التسلسل في الآثار وهو أن لا يكون الشيء حتى يكون قبله غيره، أو لا يكون إلا ويكون بعد غيره فهذا للناس فيه ثلاثة أقوال: قيل: هو ممتنع في الماضي والمستقبل. وقيل: بل هو جائز في الماضي والمستقبل. وقيل ممتنع في الماضي جائز في المستقبل. والقول بجوازه مطلقا هو معنى قول السلف وأئمة الحديث وقول جماهير الفلاسفة القائلين بحدوث هذا العالم والقائلين بقدمه. وقد بسط الكلام على أدلة الطائفتين في موضع آخر، فإنا قد بسطنا الكلام فيما ذكره من أصول الدين أضعاف ما تكلم به هو ونبهنا على مجامع الأقوال] (1)

    [التعليق على قوله وأن الأنبياء معصومون من الخطأ والسهو]
    [الوجه الأول اختلافهم في عصمة الأنبياء]

    (فصل)
    وأما قوله (2) : " وأن (3) الأنبياء معصومون من (4) الخطأ والسهو والمعصية صغيرها وكبيرها من أول العمر إلى آخره، وإلا لم يبق وثوق بما يبلغونه، فانتفت فائدة البعثة ولزم التنفير عنهم ". فيقال: أولا: [إن] (5) الإمامية متنازعون في عصمة الأنبياء.

    _________
    (1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله ص 390.
    (2) سبق ورود الكلام التالي في " منهاج الكرامة " (ك) 1/82 (م) ، وفيما سبق 2/99.
    (3) ب، ا، ن، م: إن.
    (4) ك: عن.
    (5) إن: زيادة في (ب) ، (أ) .
    *************************

    قال الأشعري في " المقالات " (1) : واختلفت (2) الروافض في الرسول (3) هل يجوز عليه أن يعصي أم لا؟ وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم: يزعمون أن الرسول جائز عليه أن يعصي الله، وأن النبي قد عصى في أخذ الفداء يوم بدر، فأما الأئمة فلا يجوز ذلك عليهم، فإن الرسول إذا عصى فإن الوحي يأتيه من قبل الله، والأئمة لا يوحى إليهم ولا تهبط الملائكة عليهم، وهم معصومون، فلا يجوز عليهم أن يسهوا و [لا] يغلطوا (4) وإن جاز على الرسول العصيان ". قال (5) : " والقائل بهذا القول هشام بن الحكم. والفرقة الثانية منهم: يزعمون أنه لا يجوز على الرسول أن يعصي الله عز وجل، ولا يجوز ذلك على الأئمة، لأنهم جميعا حجج الله، وهم معصومون من الزلل ولو جاز عليهم السهو واعتماد المعاصي وركوبها (6) لكانوا قد ساووا المأمومين في جواز ذلك عليهم، كما جاز (7) على المأمومين ولم يكن المأمومون (8) أحوج إلى الأئمة من الأئمة لو كان ذلك جائزا عليهم جميعا (9) ". (10)
    [وأيضا، فكثير من شيوخ الرافضة من يصف الله تعالى بالنقائص

    _________
    (1) (مقالات الإسلاميين) 1/115 - 116.
    (2) ب، ا، م: واختلف.
    (3) المقالات 1/115: الرسول عليه السلام.
    (4) ن، م: ويغلطوا.
    (5) قال: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) وركوبها: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (7) ع: جاز ذلك.
    (8) ب، ا: المأموم.
    (9) ن: لو جاز عليهم ذلك ; م: لو جاز ذلك عليهم وبعد هذا الكلام توجد في (ب) ، (أ) عبارة: " فلا يجوز أن يقرهم الله على الخطأ في شيء مما بلغوه منهم "، وهي في غير موضعها وسترد فيما بعد (ص 396) وسنشير إليها بإذن الله.
    (10) الكلام بعد القوس في (ع) فقط وينتهي ص 396.
    **************************

    كما تقدم حكاية بعض ذلك، فزرارة بن أعين وأمثاله يقولون: يجوز البداء عليه وأنه يحكم بالشيء ثم يتبين له ما لم يكن علمه فينتقض حكمه لما ظهر له من خطئه. فإذا قال مثل هؤلاء بأن الأنبياء والأئمة لا يجوز أن يخفى عليهم عاقبة فعلهم، فقد نزهوا البشر عن الخطأ مع تجويزهم الخطأ على الله، وكذلك هشام بن الحكم وزارة بن أعين وأمثالهما ممن يقول إنه يعلم ما لم يكن عالما به.
    ومعلوم أن هذا من أعظم النقائص في حق الرب، فإذا قالوا مع ذلك: إن الأنبياء والأئمة لا يبدو لهم خلاف ما رأوا فقد جعلوهم لا يعلمون ما لم يكونوا يعلمونه في مثل هذا، وقالوا: بجواز ذلك في غيره.
    وأما ما تقوله: غلاتهم من إلاهية علي، أو نبوته، وغلط جبريل بالرسالة فهو أعظم من أن يذكر هنا. ولا ريب أن الشرك والغلو يخرج أصحابه إلى أن يجعلوا البشر مثل الإله، بل أفضل من الإله في بعض الأمور، كما ذكر الله عن المشركين حيث قال: {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون} [سورة الأنعام: 136] ، وقال تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم} [سورة الأنعام: 108] .
    فهؤلاء لما سبت آلهتهم سبوا الله مقابلة، فجعلوهم مماثلين لله وأعظم في قلوبهم، كما تجد كثيرا من المشركين يحب ما اتخذه من دون الله أندادا أكثر مما يحب الله تعالى، وتجد أحدهم يحلف بالله ويكذب،

    ****************************** ***

    ويحلف بما اتخذه ندا من إمامه، أو شيخه، أو غير ذلك ولا يستجيز أن يكذب، وتسأله بالله والله فلا يعطي، وتسأله بما يعظمه من إمامه، أو شيخه، أو غير ذلك فيعطي ويصلي لله في بيته ويدعوه فلا يكون عنده كبير خشوع فإذا أتى إلى قبر من يعظمه ورجا أن يدعوه، أو يدعو به، أو يدعو عنده فيحصل له من الخشوع والدموع ما لا يحصل في عبادة الله ودعائه في بيت الله، أو في بيت الداعي العابد، وتجد أحدهم يغضب إذا ذكر ما اتخذه ندا بعيب، أو نقص ويذكر الله بالعيوب والنقوص فلا يغضب له. ومثل هذا كثير في المشركين شركا محضا وفي من فيه شعبة من الشرك في هذه الأمة والنصارى ينزهون البشر عن كثير مما يصفون به الرب فيقولون لله ولد وينزهون كثيرا من عظمائهم أن يكون له ولد ويقول كثير منهم إن الله ينام، والباب عندهم لا ينام، ومثل هذا كثير] (1) .
    [الوجه الثاني العصمة قبل البعثة غير واجبة]
    ثم يقال: ثانيا (2) : قد اتفق المسلمون على أنهم معصومون فيما يبلغونه (3) عن الله [فلا يجوز أن يقرهم على الخطأ في شيء مما يبلغونه عنه] (4) ، وبهذا يحصل المقصود من البعثة.
    [وأما وجوب كونه قبل أن يبعث نبيا لا يخطئ، أو لا يذنب فليس في

    _________
    (1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله ص 394.
    (2) الوجه الأول في الرد على ابن المطهر سبق ص 393.
    (3) ب، ا: يبلغون.
    (4) الكلام بين المعقوفتين في (ع) فقط وكان في غير موضعه في (ب) ، (أ) كما أشرت من قبل (ص 394) .
    *****************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #140
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,993

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (137)
    صـ 397 إلى صـ 403



    النبوة ما يستلزم هذا وقول القائل: لو لم يكن كذلك لم تحصل ثقة فيما يبلغونه عن الله كذب صريح فإن من آمن وتاب حتى ظهر فضله وصلاحه ونبأه الله بعد ذلك كما نبأ إخوة يوسف ونبأ لوطا وشعيبا وغيرهما وأيده الله تعالى بما يدل على نبوته فإنه يوثق فيما يبلغه كما يوثق بمن لم يفعل ذلك وقد تكون الثقة به أعظم إذا كان بعد الإيمان والتوبة قد صار أفضل من غيره والله تعالى قد أخبر أنه يبدل السيئات بالحسنات للتائب كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح ومعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم من عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقبل أن يصدر منهم ما يدعونه من الأحداث كانوا من خيار الخلق وكانوا أفضل من أولادهم الذين ولدوا بعد الإسلام.
    [الوجه الثالث التوبة بعد الذنب ترفع الدرجات]
    ثم يقال: وأيضا، فجمهور المسلمين على أن النبي لا بد أن يكون من أهل البر والتقوى متصفا بصفات الكمال، ووجوب بعض الذنوب أحيانا مع التوبة الماحية الرافعة لدرجته إلى أفضل مما كان عليه لا ينافي ذلك] (1) . وأيضا، فوجوب (2) كون النبي لا يتوب إلى الله فينال محبة الله وفرحه بتوبته وترتفع درجته بذلك ويكون بعد التوبة التي يحبه الله منه خيرا مما كان قبلها فهذا مع ما فيه من التكذيب للكتاب والسنة غض من مناصب الأنبياء وسلبهم هذه الدرجة ومنع إحسان الله إليهم وتفضله عليهم بالرحمة والمغفرة (3) .

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (2) ب، ا: وأيضا فوجب ; ن، م: وأما وجوب.
    (3) ع، ن، م: بالمغفرة والرحمة.
    *******************

    ومن اعتقد أن كل من لم يكفر ولم يذنب أفضل من كل من آمن بعد كفره وتاب بعد ذنبه (1) فهو مخالف ما علم بالاضطرار من دين الإسلام، فإنه من المعلوم أن الصحابة الذين آمنوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد كفرهم وهداهم الله به (2) بعد ضلالهم، وتابوا إلى الله بعد ذنوبهم أفضل من أولادهم الذين ولدوا (3) على الإسلام. وهل يشبه بني الأنصار بالأنصار، أو بني (4) المهاجرين بالمهاجرين إلا من لا علم له؟ وأين المنتقل بنفسه (5) من السيئات إلى الحسنات بنظره واستدلاله وصبره (6) واجتهاده ومفارقته عاداته [ومعاداته] (7) لأوليائه (8) [وموالاته لأعدائه] (9) إلى آخر لم (10) يحصل له (11) مثل هذه الحال؟ وقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية. وقد قال تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما - يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا - إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} [سورة الفرقان: 68 - 70] .

    _________
    (1) ب، ا: أو تاب بعد ذنب.
    (2) به: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (م) .
    (3) ع: في.
    (4) ن: بنو الأنصار الأنصار أو بنو ; م: بنو الأنصار بالأنصار وبنو.
    (5) بنفسه: ساقطة من (ع) .
    (6) ن: واصطباره.
    (7) ومعاداته: ساقطة من (ن) .
    (8) ب، ا، ن: لأصدقائه.
    (9) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (10) ب، ا: ما.
    (11) ن، م: منه.
    *******************

    وقد ثبت في صحيح مسلم (1) عن أبي ذر [رضي الله عنه] (2) قال: [قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة، وآخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال (3) : اعرضوا عليه صغار ذنوبه (4) وارفعوا عنه كبارها، فتعرض عليه (5) صغار ذنوبه فيقال: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا (6) ، وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا (7) ، فيقول: نعم: لا يستطيع أن ينكر، وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه. فيقال له: فإن (8) لك مكان كل سيئة حسنة. فيقول: يا رب (9) قد عملت أشياء لا أراها هاهنا " فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجذه] » (10) .

    _________
    (1) مسلم 1/177 (كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها) . والحديث - مع اختلاف يسير في الألفاظ - بنفس السند في: سنن الترمذي 4/112 - 113 (كتاب صفة جهنم، باب ما جاء أن للنار نفسين وما ذكر من يخرج من النار من أهل التوحيد) .
    (2) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) ع: فيقال له، و " له " ليست في مسلم.
    (4) ع: سيئاته. والمثبت في (ب) ، (أ) ; وهو الذي في مسلم.
    (5) ع: فيعرض الله عليه ; والمثبت هو الذي في مسلم.
    (6) ع: يوم كذا كذا وكذا.
    (7) ع: يوم كذا كذا وكذا.
    (8) ع: إن.
    (9) ع: أي رب.
    (10) نص الحديث بأكمله ساقط من (ن) ، (م) وبعض كلماته ساقطة من (أ) .
    **********************

    فأين من يبدل [الله] سيئاته (1) حسنات إلى من لم تحصل له تلك الحسنات (2) ؟ ولا ريب أن السيئات لا يؤمر بها، وليس للعبد أن يفعلها ليقصد بذلك التوبة منها، فإن هذا مثل من يريد أن يحرك العدو عليه ليغلبهم بالجهاد، أو يثير (3) الأسد عليه ليقتله، ولعل العدو يغلبه والأسد يفترسه، بل مثل (4) من يريد أن يأكل السم ثم يشرب الترياق وهذا جهل، بل إذا قدر من ابتلي بالعدو فغلبه كان أفضل ممن لم يكن كذلك، وكذلك من صادفه الأسد وكذلك من اتفق أن شرب (5) السم فسقي ترياقا [فاروقا] (6) يمنع [نفوذ] سائر السموم فيه (7) كان بدنه أصح من بدن من لم يشرب ذلك الترياق. والذنوب إنما تضر أصحابها إذا لم يتوبوا منها، والجمهور الذين يقولون بجواز الصغائر عليهم. [يقولون] (8) إنهم معصومون من الإقرار عليها.
    وحينئذ فما وصفوهم (9) إلا بما فيه كمالهم، فإن الأعمال بالخواتيم،

    _________
    (1) ب، ا، ن، م: فأين من تبدل سيئاته.
    (2) ن، م: إلى من لا حسنة له
    (3) ن، م: ينفر.
    (4) ب: بل كمن ; أ: بل كان من (وهو تحريف) .
    (5) ع: وكذلك من شرب ; ب: وكذا من اتفق أنه شرب ; أ: وكذلك من اتفق أن يشرب.
    (6) فاروقا: ساقطة من (ب) . وفي (أ) . فسقي ترياقا دوقا (وهو تحريف) . وفي (ن) العبارة مضطربة هكذا: فارو فامتنع. وفي (م) : فسقي ترياقا فاروقا فامتنع. وفي القاموس: والترياق الفاروق أحمد التراييق وأجل المركبات لأنه يفرق بين المرض والصحة.
    (7) ع: يمنع نفوذ سائر السم إليه ; ن، م: فامتنع سائر السموم إليه.
    (8) يقولون: ساقطة من (ن) .
    (9) ع: فما وصفهم.
    ************************

    مع أن القرآن والحديث وإجماع السلف معهم [في تقرير هذا الأصل] (1) .
    [معنى قوله تعالى ليغفر لك الله]
    فالمنكرون (2) لذلك يقولون في (3) تحريف القرآن ما هو من جنس قول أهل البهتان، ويحرفون الكلم عن مواضعه [كقولهم في قوله تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [سورة الفتح: 2] أي: ذنب آدم وما تأخر من ذنب أمته (4) ، فإن هذا ونحوه من تحريف الكلم عن مواضعه] (5) . أما أولا: فلأن آدم تاب وغفر [له] (6) ذنبه قبل أن يولد نوح وإبراهيم، فكيف يقول [له] (7) : {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} ليغفر الله لك ذنب آدم (8) ؟ وأما ثانيا: فلأن الله يقول: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [سورة الإسراء: 15] فكيف يضاف ذنب أحد إلى غيره؟
    وأما ثالثا: فلأن في حديث الشفاعة الذي في الصحاح (9) أنهم يأتون

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (2) ب، أ: والمنكرون.
    (3) ن: يقولون بل.
    (4) ع: من ذنبك (أي ذنب آدم) وما تأخر (ذنب أمته) .
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) له: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (8) عبارة " الله لك ": ساقطة من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك} .
    (9) ع: في الصحيح. وحديث الشفاعة مروي من وجوه عدة عن عدد من الصحابة بألفاظ متقاربة. انظر: البخاري 6/84 - 85 (كتاب التفسير، سورة بني إسرائيل: باب ذرية من حملنا مع نوح) ; مسلما 1/180 - 187 (كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة) . المسند (ط. المعارف) 1/161 - 163 (رقم 15) . وانظر أيضا: الترغيب والترهيب 5/398 - 406 ; جامع الأصول لابن الأثير 11/123 - 133 ; ابن القيم في " حادي الأرواح " ص 232 - 227. وسيرد الحديث فيما بعد (ص [0 - 9] 23 وانظر ت 3) وسنذكر هناك جزءا كبيرا منه إن شاء الله.
    ****************************

    آدم فيقولون: أنت آدم أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته (1) ، اشفع لنا إلى ربك، فيذكر خطيئته، ويأتون نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى (2) فيقول لهم (3) : اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فكان سبب قبول شفاعته كمال عبوديته وكمال مغفرة الله له، فلو كانت هذه لآدم لكان يشفع (4) لأهل الموقف.
    وأما رابعا: فلأن هذه الآية لما نزلت «قال أصحابه [رضي الله عنهم] (5) : يا رسول الله هذا لك فما لنا؟ فأنزل الله تعالى: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} » [سورة الفتح: 4] فلو كان ما تأخر ذنوبهم لقال: هذه الآية [لكم] (6) .
    وأما خامسا: فكيف يقول عاقل: إن الله غفر ذنوب أمته كلها، وقد علم أن منهم من يدخل النار؟ وإن خرج (7) منها بالشفاعة؟

    _________
    (1) ن، م: الملائكة.
    (2) ب، أ: وعيسى وموسى.
    (3) ب، أ: فيقولون لهم. والقائل هنا عيسى عليه الصلاة والسلام.
    (4) ب، أ: شفع.
    (5) رضي الله عنهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ب، أ، م:. . . تأخر من ذنوبهم لقال هذه الآية، وهو خطأ، وفي (ن) سقطت كلمة " لكم ".
    (7) ب: ويخرج ; أ: وإن يخرج.
    ************************

    فهذا وأمثاله [من خيار تأويلات] المانعين (1) لما دل عليه القرآن من توبة الأنبياء من ذنوبهم واستغفارهم، وزعمهم أنه لم يكن هناك ما يوجب [توبة] (2) ولا استغفارا، ولا تفضل الله عليه بمحبته، وفرحه بتوبتهم ومغفرته ورحمته لهم. [فكيف بسائر تأويلاتهم التي فيها من تحريف القرآن وقول الباطل على الله ما ليس هذا موضع بسطه] (3) .

    [التعليق على قوله إن هذا ينفي الوثوق ويوجب التنفير]

    وأما قوله (4) : إن هذا ينفي الوثوق ويوجب التنفير، فليس [هذا] (5) بصحيح [فيما قبل النبوة ولا فيما يقع خطأ، ولكن غايته أن يقال: هذا موجود فيما تعمد (6) من الذنب. فيقال] (7) : بل (8) إذا اعترف الرجل الجليل القدر بما هو عليه من الحاجة إلى توبته واستغفاره ومغفرة الله [له] (9) ورحمته دل ذلك على صدقه وتواضعه وعبوديته لله وبعده عن الكبر والكذب، بخلاف من يقول: ما بي (10) حاجة إلى شيء من هذا ولا يصدر [مني] (11) ما يحوجني إلى مغفرة الله لي وتوبته علي، ويصر (12) على كل ما يقوله ويفعله بناء (13) على

    _________
    (1) ن، م فهذه وأمثاله التابعين، وهو تحريف.
    (2) توبة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ع، ن، م: قولهم. والكلام التالي جزء من عبارته السابقة الواردة ص 393.
    (5) هذا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) : ب، أ: يعد، وهو خطأ.
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (8) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (9) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (10) ن، م: في.
    (11) ب، أ: عني ; وسقطت من (ن) ، (م) .
    (12) ن: ذلك على، وهو تحريف.
    (13) ن: معا. وسقطت من (م) .
    *****************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •