تدري ما العلم النافع ؟
هو ما نزل به القرآن وفسره الرسول
صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً ولم يأت نهي عنه .
قال عليه السلام :
" من رغب عن سنتي فليس مني " .
فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله ،
وبإدمان النظر في الصحيحين ،
وسنن النسائي ، ورياض النواوي وأذكاره ،
تفلح وتنجح .
وإياك وآراء عباد الفلاسفة
ووظائف أهل الرياضات وجوع الرهبان
وخطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات ،
فكل الخير
في متابعة الحنيفية السمحة .
فواغوثاه بالله
اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم ...
ثم إن المازري أثنى على أبي حامد في الفقه ،
وقال هو بالفقه أعرف منه بأصوله ،
وأما علم الكلام الذي هو أصول الدين
فإنه صنف فيه وليس بالمُتَبَحِر فيها ،
ولقد فطنت لعدم استبحاره فيها ،
وذلك أنه قرأ علوم الفلسفة قبل استبحاره في فن الأصول
فأكسبته الفلسفة جرأة على المعاني ،
وتسهلاً للهجوم على الحقائق ؛
لأن الفلاسفة تمر مع خواطرها ،
لا يردعها شرع .
وعرَّفني صاحب له أنه كان له عكوف على رسائل إخوان الصفا
وهي إحدى وخمسون رسالة ،
ألفها من قد خاض في علم الشرع والنقل وفي الحكمة ،
فمزج بين العلمين ،
وقد كان رجلٌ يعرف بابن سينا ملأ الدنيا تصانيف ،
أدته قوته في الفلسفة
إلى أن حاول رد أصول العقائد إلى علم الفلسفة
وتلطف جهده حتى تم له ما لم يتم لغيره ،
وقد رأيت جملا من دواوينه ،
ووجدت أبا حامد يعول عليه
في أكثر ما يشير إليه من علوم الفلسفة .
وأما مذاهب الصوفية
فلا أدري على من عَوَّل فيها ،
لكني رأيت فيما علق بعض أصحابه
أنه ذكر كتب ابن سينا وما فيها ،
وذكر بعد ذلك كتب أبي حيان التوحيدي ،
وعندي أنه عليه عول في مذهب التصوف ،
وأُخبرت أن أبا حيان ألف ديوانا عظيماً
في هذا الفن
وفي الإحياء من الواهيات كثير...
ثم قال: ويستحسن أشياء مبناها على مالا حقيقة له ،
كقص الأظفار أن يبدأ بالسبابة
لأن لها الفضل على باقي الأصابع ؛
لأنها المسبحة ،
ثم قص ما يليها من الوسطى ؛
لأنها ناحية اليمين ،
ويختم بإبهام اليمنى وروى في ذلك أثراً .
قلت ( القائل هو الذهبي ) :
هو أثر موضوع ...
قال أبو الفرج ابن الجوزي
صنف أبو حامد الإحياء وملأه بالأحاديث الباطلة ولم يعلم بطلانها ،
وتكلم على الكشف وخرج عن قانون الفقه ،
وقال عن المراد بالكوكب والقمر والشمس اللواتي رآهن إبراهيم
أنوار هي حُجُبُ الله عز وجل ، ولم يُرِد هذه المعروفات ،
وهذا من جنس
كلام الباطنية . "
السير ج19 ص340