تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 6 من 13 الأولىالأولى 12345678910111213 الأخيرةالأخيرة
النتائج 101 إلى 120 من 244

الموضوع: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

  1. #101

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الثامن‏:‏

    حكم الانتماء إلى المذاهب الإلحادية
    والأحزاب الجاهلية


    الانتماء إلى المذاهب الإلحادية
    كالشيوعية، والعلمانية، والرأسمالية،
    وغيرها من مذاهب الكفر،
    ردّة عن دين الإسلام،


    فإنْ كانَ المنتمي إلى تلك المذاهب يدّعي الإسلام،
    فهذا من النفاق الأكبر،

    فإن المنافقين ينتمون إلى الإسلام في الظاهر،
    وهم مع الكفار في الباطن،


    كما قال تعالى فيهم‏:‏

    ‏{‏ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ
    قَالُواْ آمَنَّا
    وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ
    قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ
    إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ ‏}‏

    ‏[‏البقرة/14‏]‏‏.‏


    وقال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ
    فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ
    قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ

    وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ
    قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ
    وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ }‏

    ‏[‏النساء/141‏]‏‏.‏


    فهؤلاء المنافقون المخادعون؛
    لكل منهم وجهان‏:‏

    وجهٌ يلقى به المؤمنين،

    ووجه ينقلب به إلى إخوانه من الملحدين،


    وله لسانان‏:‏

    أحدُهما يقبله بظاهره المسلمون،

    والآخر يُترجم عن سِرّه المكنون‏:‏

    ‏{ ‏وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ
    قَالُواْ آمَنَّا
    وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ
    قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ
    إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ ‏}‏‏.‏


    قد أعرضوا عن الكتاب والسنة؛
    استهزاءًا بأهلهما واستحقارًا،

    وأبوَا أن ينقادوا لحكم الوحيين،
    فرحًا بما عندهم من العلم
    الذي لا ينفع الاستكثار منه
    إلا أشرًا واستكبارًا،


    فتراهم أبدًا بالمتمسكين بصريح الوحي
    يستهزئون‏:‏

    ‏{ ‏اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ
    وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ‏}‏ ‏‏‏.‏


    وقد أمرَ الله بالانتماء إلى المؤمنين‏:‏

    ‏{ ‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ
    وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ‏}‏

    ‏[‏التوبة/119‏]‏‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  2. #102

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وهذه المذاهب الإلحادية مذاهبُ متناحرة؛
    لأنها مؤسسة على الباطل،


    فالشيوعية تنكر وجود الخالق
    - سبحانه وتعالى -
    وتحارب الأديان السماوية،

    ومن يرضى لعقله أن يعيش بلا عقيدة،
    وينكر البدهيات العقلية اليقينية؛
    فيكون مُلغيًا لعقله‏ ؟


    والعلمانية تنكر الأديان،
    وتعتمدُ على المادية التي لا موجِّه لها،
    ولا غاية لها في هذه الحياة
    إلا الحياة البهيمية‏ ؟‏


    والرأسماليةُ همها جمع المال من أي وجه
    ولا تتقيد بحلال ولا حرام،
    ولا عطف ولا شفقة على الفقراء والمساكين،

    وقوام اقتصادها على الرِّبا
    الذي هو محاربة لله ولرسوله؛
    والذي هو دمارُ الدول والأفراد،
    وامتصاصُ دماء الشعوب الفقيرة،


    وأي عاقل - فضلًا عمن فيه ذرة من إيمان -
    يرضى أن يعيش على هذه المذاهب،
    بلا عقل ولا دين،
    ولا غاية صحيحة من حياته يهدف إليها،
    ويُناضل من أجلها


    وإنما غزت هذه المذاهبُ بلاد المسلمين؛
    لمَّا غاب عن أكثريتها الدين الصحيح،
    وتربت على الضياع
    وعاشت على التبعية‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  3. #103

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    والانتماء للأحزاب الجاهلية،
    والقوميات العنصرية،
    هو الآخر
    كُفرٌ وردَّة عن دين الإسلام؛

    لأنَّ الإسلام يرفُضُ العصبيات،
    والنعرات الجاهلية،

    يقول تعالى‏:‏

    { ‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم
    مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى
    وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا

    إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ
    أَتْقَاكُمْ}‏

    ‏[‏الحجرات/13‏]‏‏.‏


    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:

    ‏ ‏( ‏ليس منا من دعا إلى عصبية،
    وليس منا من قاتل على عصبية،
    وليس منا من غضب لعصبية‏ )‏

    ‏[‏رواه الترمذي وغيره‏]‏‏.‏


    وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏

    ‏(‏ إن الله قد أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية،
    وفخرها بالآباء،

    إنما هو مؤمن تقي
    أو فاجر شقي،

    الناس بنو آدم،
    وآدم خلق من تراب،

    ولا فضل لعربي على عجمي
    إلا بالتقوى ‏)‏

    ‏[‏رواه مسلم‏]‏‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  4. #104

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وهذه الحزبيات تفرق المسلمين،
    والله قد أمر بالاجتماع والتعاون على البر والتقوى،
    ونهى عن التفرق والاختلاف،


    وقال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا
    وَلاَ تَفَرَّقُواْ
    وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
    إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
    فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا‏ }

    ‏ ‏[‏آل عمران/103‏]‏‏.‏


    إن الله سبحانه يريد منا
    أن نكون مع حزب واحد،
    هُم حزبُ الله المفلحون؛


    ولكن العالم الإسلامي
    أصبح بعدما غزته أوروبا سياسيًّا، وثقافيًّا،
    يخضع لهذه العصبيات الدموية،
    والجنسية والوطنية،
    ويؤمن بها كقضية علمية وحقيقية مقررة،
    وواقع لا مفرَّ منه،

    وأصبحت شعوبه تندفع اندفاعًا غريبًا
    إلى إحياء هذه العصبيات
    التي أماتها الإسلام،
    والتغني بها وإحياء شعائرها،
    والافتخار بعهدها الذي تقدم على الإسلام،
    وهو الذي يُلحُّ الإسلام على تسميته بالجاهلية،

    وقد مَنَّ الله على المسلمين بالخروج عنها،
    وحثهم على شكر هذه النعمة‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  5. #105

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    والطبيعي من المؤمن
    أن لا يذكر جاهليةً تقادمَ عهدُها أو قارب؛
    إلا بمقت وكراهية وامتعاض واقشعرار،


    وهو يذكر السجين المعذَّب
    الذي يطلق سراحه أيام اعتقاله وتعذيبه وامتهانه؛
    إلا وَعرتهُ قشعريرة‏ ؟‏

    وهل يذكُرُ البريء من عِلَّة شديدة طويلة
    أشرَفَ منها على الموت أيامَ سُقمه،
    إلا وانكسف بالُهُ وانتقع لونه؟‏


    والواجبُ أن يُعلمَ أنَّ هذه الحزبيات عذاب؛
    بعثه الله على من أعرض عن شرعه،
    وتَنكر لدينه،


    كما قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ
    عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ
    أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ
    أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا
    وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ‏}‏

    ‏[‏الأنعام/65‏]‏‏.‏


    وقال صلى الله عليه وسلم‏:
    ‏ ‏
    ( ‏وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله
    إلا جعل الله بأسهم بينهم‏ )‏

    ‏[‏من حديث رواه ابن ماجه‏]‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  6. #106

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    إنَّ التعصب للحزبيات،
    يسبب رفض الحق الذي مع الآخرين،


    كحال اليهود الذين قال الله فيهم‏:‏

    ‏{ ‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ

    قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا
    وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءَهُ

    وَهُوَ الْحَقُّ
    مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ‏ }‏

    ‏[‏البقرة/91‏]‏‏.‏


    وكحال أهل الجاهلية،
    الذين رفضوا الحق الذي جاءهم به
    الرسول صلى الله عليه وسلم
    تعصبًا لما عليه آباؤهم‏:‏ ‏

    { ‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ

    قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ
    مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ‏}‏

    ‏[‏البقرة/170‏]‏‏.‏


    ويريد أصحاب هذه الحزبيات
    أن يجعلوها بديلة
    عن الإسلام
    الذي مَنَّ الله به على البشرية‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  7. #107

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل التاسع‏:

    ‏ النظرية المادية للحياة
    ومفاسد هذه النظرية


    هناك نظرتان للحياة،
    نظرة مادّيّة للحياة،
    ونظرة صحيحة،
    ولكل من النظرتين آثارها‏:‏

    أ ـ فالنظرة الماديّة للحياة معناها

    أن يكون تفكير الإنسان مقصورًا
    على تحصيل ملذاته العاجلة،
    ويكون عمله محصورًا في نطاق ذلك،

    فلا يتجاوز تفكيره ما وراء ذلك من العواقب،
    ولا يعمل له،
    ولا يهتم بشأنه،

    ولا يعلم أن الله جعل هذه الحياة الدنيا
    مزرعة للآخرة،

    فجعل الدُّنيا دارَ عمل،
    وجعل الآخرة دار جزاء،

    فمن استغل دنياه بالعمل الصالح
    ربحَ الدارين،
    ومن ضيّع دنياه ضاعت آخرته‏:‏

    ‏{‏ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ
    ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ‏}

    ‏ ‏[‏الحج/11‏]‏‏.‏


    فالله لم يخلق هذه الدنيا عبثًا
    بل خلقها لحكمة عظيمة،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ
    لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا‏ }‏

    ‏[‏الملك/2‏]‏‏.‏


    وقال تعالى‏:‏

    ‏{‏ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا
    لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا‏ }‏

    ‏[‏الكهف/7‏]‏‏.‏


    أوجد سبحانه في هذه الحياة من المتع العاجلة،
    والزينة الظاهرة من الأموال والأولاد،
    والجاه والسلطان،
    وسائر المستلذات،
    ما لا يعلمه إلا الله‏.‏


    فمن الناس - وهم الأكثر -
    من قَصَر نظرهُ على ظاهرها ومفاتنها،
    ومتَّع نفسَهُ بها،
    ولم يتأمل في سرها،

    فانشغل بتحصيلها وجمعها والتمتع بها
    عن العمل لما بعدها؛

    بل ربما أنكر أن يكون هناك حياة غيرها،

    كما قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا
    وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ }

    ‏ ‏[‏الأنعام/29‏]‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  8. #108

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وقد توعد الله تعالى مَنْ هذه نظرتُهُ للحياة؛

    فقال تعالى‏:‏

    ‏{‏ إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا
    وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا
    وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا
    وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ *

    أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ
    بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ‏}‏

    ‏[‏يونس/7، 8‏]‏‏.‏


    وقال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا
    نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا
    وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ *

    أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ
    وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا
    وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ‏ }‏ ‏

    [‏هود/15، 16‏]‏‏.‏


    وهذا الوعيد يشمل أصحابَ هذه النظرة؛
    سواء كانوا من الذين يعملون عمل الآخرة؛
    يريدون به الحياة الدنيا،
    كالمنافقين والمرائين بأعمالهم،

    أو كانوا من الكُفَّارِ
    الذين لا يؤمنون ببعث ولا حساب،

    كحال أهل الجاهلية والمذاهب الهدامة
    من رأسمالية وشيوعية،
    وعلمانية إلحادية،


    وأولئك لم يعرفوا قدرَ الحياة،
    ولا تعدو نظرتهم لها أن تكون كنظرة البهائم،
    بل هم أضل سبيلًا؛
    لأنهم ألغَوا عقولهم،
    وسخروا طاقاتهم،
    وضيعوا أوقاتهم فيما لا يبقى لهم،
    ولا يبقون له،
    ولم يعملوا لمصيرهم
    الذي ينتظرهم ولابُدَّ لهم منه‏.‏

    والبهائم ليس لها مصيرٌ ينتظرها،
    وليس لها عقول تفكر بها،

    بخلاف أولئك،
    ولهذا يقول تعالى فيها‏:‏

    ‏{ ‏أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ
    يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ
    إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ
    بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا‏ }‏

    ‏[‏الفرقان/44‏]‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  9. #109

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وقد وصف الله أهل هذه النظرة بعدم العلم،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{‏ وَعْدَ اللَّهِ
    لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ
    وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ *

    يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
    وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ‏ }‏

    ‏[‏الروم/6، 7‏]‏‏.‏


    فهم وإن كانوا أهل خبرة
    في المخترعات والصناعات؛

    فهم جُهَّالٌ لا يستحقون أن يُوصَفوا بالعلم؛
    لأن علمهم لم يتجاوز ظاهر الحياة الدنيا،

    وهذا علم ناقص
    لا يستحق أصحابه أن يطلق عليهم
    هذا الوصف الشريف،

    فيقال‏:‏ العلماء،


    وإنما يطلق هذا
    على أهل معرفة الله وخشيته،

    كما قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ
    مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ‏}‏

    ‏[‏فاطر/28‏]‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  10. #110

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ومن النظرة المادية للحياة الدنيا‏:‏

    ما ذكره الله في قصة قارون،
    وما آتاه الله من الكنوز‏:‏

    ‏{‏ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ

    قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا
    يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ
    إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ‏}‏

    ‏[‏القصص/79‏]‏‏.‏


    فتمنَّوا مثله وغبطوه،
    ووصفوه بالحظ العظيم؛
    بناءً على نظرتهم المادية،

    وهذا كما هو الحال الآن في الدول الكافرة،
    وما عندها من تقدّم صناعي واقتصادي،
    فإنَّ ضعافَ الإيمان من المسلمين
    ينظرون إليهم نظرة إعجاب

    دون نظر إلى ما هم عليه من الكفر،
    وما ينتظرهم من سوء المصير،


    فتبعثهم هذه النظرة الخاطئة
    إلى تعظيم الكفار واحترامهم في نفوسهم،
    والتشبه بهم في أخلاقهم وعاداتهم السيئة،

    ولم يقلدوهم في الجد
    وإعداد القوة
    والشيء النافع
    من المخترعات والصناعات،


    كما قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ‏}‏

    ‏[‏الأنفال/60‏]‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  11. #111

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ـ النظرة الثانية للحياة‏:

    ‏ النظرة الصحيحة


    وهي‏:‏ أن يعتبر الإنسان ما في هذه الحياة
    من مال وسلطان وقوى مادية‏:‏
    وسيلةً يُستعان بها لعمل الآخرة‏.‏

    فالدنيا في الحقيقة لا تُذَمُّ لذاتها،
    وإنما يتوجه المدح والذّمّ إلى فعل العبد فيها،

    فهي قنطرة ومعبر للآخرة،
    ومنها زادُ الجنة،


    وخيرُ عيش ينالُه أهل الجنة
    إنَّما حصل لهم بما زرعوه في الدنيا‏.‏

    فهي دار الجهاد،
    والصلاة والصيام،
    والإنفاق في سبيل الله،
    ومضمار التسابق إلى الخيرات‏.‏


    يقول الله تعالى لأهل الجنة‏:

    ‏ ‏{ ‏كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا
    بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي
    الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ‏ }‏

    ‏[‏الحاقة/24‏]‏

    يعني‏:‏ الدنيا‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  12. #112

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل العاشر‏:‏

    في الرقى والتمائم

    أ ـ الرقى

    جمع رُقية،
    وهي‏:‏ العُوذَةُ التي يُرقى بها صاحبُ الآفة
    كالحمَّى والصَّرع،
    وغير ذلك من الآفات،
    ويُسمونها العزائم،

    وهي على نوعين‏:‏

    النوع الأول‏:‏

    ما كان خاليًا من الشِّرك،

    بأن يُقرأ على المريض شيء من القرآن،
    أو يُعَوَّذ بأسماء الله وصفاته؛
    فهذا مُباح؛

    لأن النبي صلى الله عليه وسلم
    قد رَقى وأمر بالرُّقية وأجازها،


    فعن عوف بن مالك قال‏:‏
    كنا نرقي في الجاهلية فقلنا‏:‏

    يا رسول الله،
    كيف ترى في ذلك‏؟‏

    فقال‏:‏

    ‏( ‏اعرِضوا عليَّ رُقاكُم،
    لا بأسَ بالرُقى
    ما لم تكن شِركًا ‏)‏

    ‏[‏رواه مسلم‏]‏‏.‏


    قال السيوطي‏:‏

    وقد أجمعَ العلماء على جواز الرقى،

    عند اجتماع ثلاثة شروط ‏:‏

    أن تكون بكلام الله،
    أو بأسماء الله وصفاته،
    وأن تكون باللسان العربي،
    وما يُعرفُ معناه،

    وأن يُعتقَدَ أن الرقية لا تؤثر بذاتها؛
    بل بتقدير الله تعالى ‏،

    وكيفيتها‏:‏

    أن يُقرأ وينفثَ على المريض،
    أو يقرأ في ماءٍ ويُسقاهُ المريض،

    كما جاء في حديث ثابت بن قيس‏:‏

    ‏( ‏أن النبي صلى الله عليه وسلم
    أخذ تُرابًا من بُطحان،
    فجعله في قدحٍ،
    ثم نفثَ عليه بماءٍ وصبَّه عليه ‏)‏

    ‏[‏رواه أبو داود‏]‏‏.‏


    النوع الثاني‏:

    ‏ ما لم يخلُ من الشّرك‏:‏

    وهي الرقى التي يُستعانُ فيها بغير الله،
    من دعاء غير الله والاستغاثة والاستعاذة به،
    كالرقى بأسماء الجن،
    أو بأسماء الملائكة والأنبياء والصالحين؛
    فهذا دعاء لغير الله،
    وهُوَ شركٌ أكبر‏.‏

    أو يكون بغير اللسان العربي،
    أو بما لا يُعرف معناه؛
    لأنه يُخشى أن يدخلها كفر أو شرك
    ولا يُعلمُ عنه؛
    فهذا النوع من الرقية ممنوع‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  13. #113

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    2 ـ التمائم


    وهي جمع تميمية،
    وهي‏:‏ ما يعلق بأعناق الصبيان؛
    لدفع العين،
    وقد يعلق على الكبار من الرجال والنساء،

    وهو على نوعين‏:‏

    النوع الأول من التمائم

    ما كان من القرآن؛
    بأن يكتب آيات من القرآن،
    أو من أسماء الله وصفاته،
    ويعلقها للاستشفاء بها؛


    فهذا النوع قد اختلف فيه العلماءُ
    في حكم تعليقه على قولين‏:‏

    القول الأول‏:‏

    الجوازُ‏:‏

    وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص،
    وهو ظاهرُ ما رُوي عن عائشة،
    وبه قال أبو جعفر الباقر،
    وأحمد بن حنبل في رواية عنه،

    وحملوا الحديث الوارد في المنع من تعليق التمائم،
    على التمائم التي فيها شرك‏.‏


    القول الثاني‏:‏

    المنع من ذلك،

    وهو قول ابن مسعود وابن عباس،
    وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر،
    وابن عكيم،

    وبه قال جماعة من التابعين،
    منهم‏:‏ أصحابُ ابن مسعود،
    وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه،
    وجزم بها المتأخرون،

    واحتجوا بما رواهُ ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏

    سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

    ‏(‏ إن الرقى والتمائم والتولة شرك ‏)‏

    ‏[‏رواه أحمد وأبو داود
    وابن ماجه والحاكم‏]‏‏.‏


    والتولة‏:

    شيء يصنعونه،
    يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها،
    والرجل إلى امرأته‏.‏


    وهذا هو الصحيح؛
    لوجوه ثلاثة‏:‏

    الأول‏:
    عموم النهي ولا مخصص للعموم‏.‏


    الثاني‏:‏
    سدّ الذريعة
    فإنَّها تفضي إلى تعليق ما ليس مباحًا‏.‏


    الثالث‏:‏
    أنه إذا علق شيئًا من القرآن،
    فقد يمتهنه المعلِّق بحمله معه
    في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك ‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  14. #114

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    النوع الثاني من التمائم


    التي تعلق على الأشخاص
    ما كان من غير القرآن،
    كالخرز والعظام والودع
    والخيوط والنعال والمسامير،
    وأسماء الشياطين والجن والطلاسم،

    فهذا محرّم قطعًا،
    وهو من الشرك؛


    لأنه تعلّق على غير الله سبحانه
    وأسمائه وصفاته وآياته،

    وفي الحديث‏:‏

    ‏(‏ من تعلَّق شيئًا وُكّل إليه‏ )‏

    [‏رواه أحمد والترمذي‏]‏

    أي‏:‏ وكّله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلَّقه،


    فمن تعلّق بالله، والتجأ إليه،
    وفوّض أمره إليه؛
    كـفاه،
    وقرّب إليه كل بعيد،
    ويسّر له كلّ عسير‏.‏


    ومن تعلّق بغيره من المخلوقين
    والتمائم والأدوية والقبور؛

    وكله الله إلى ذلك الذي لا يغني عنه شيئًا،
    ولا يملك له ضرًّا
    ولا نفعًا،

    فـخسر عقيدته
    وانقطعت صلته بربه
    وخذله الله‏.‏


    والواجب على المسلم‏:‏

    المحافظة على عقيدته
    مما يُفسدها أو يُخلّ بها،
    فلا يتعاطى ما لا يجوز من الأدوية،


    ولا يذهب إلى المخرفين
    والمشعوذين
    ليتعالج عندهم من الأمراض؛
    لأنهم يُمرضون قلبه وعقيدته،

    ومن توكّل على الله كفاه‏.‏


    وبعض الناس يعلّق هذه الأشياء على نفسه،
    وهو ليس فيه مرض حسّي،
    وإنما فيه مرض وهمي،
    وهو الخوف من العين والحسد،
    أو يعلقها على سيارته أو دابّته
    أو باب بيته أو دكانه‏.‏


    وهذا كله من ضعف العقيدة،
    وضعف توكله على الله،


    وإنَّ ضعف العقيدة هو المرض الحقيقي
    الذي يَجبُ علاجه
    بمعرفة التوحيد
    والعقيدة الصحيحة‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  15. #115

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الحادي عشر‏:‏

    في بيان حكم الحلف بغير الله
    والتوسل والاستغاثة والاستعانة بالمخلوق



    أ ـ الحلف بغير الله


    الحلف‏:‏ هو اليمين،
    وهي‏:‏ توكيد الحكم بذكر مُعَظَّم على وجه الخصوص‏.‏

    والتعظيم‏:‏ حق لله تعالى،
    فلا يجوز الحلف بغيره،


    فقد أجمع العلماء

    على أن اليمين لا تكون إلا بالله،
    أو بأسمائه وصفاته،

    وأجمعوا على المنع من الحلف بغيره ‏،


    والحلف بغير الله شرك؛

    لما روى ابن عمر - رضي الله عنهما -
    أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

    ‏( ‏من حلف بغير الله
    فقد كفر أو أشرك‏ )

    ‏ ‏[‏رواه أحمد والترمذي والحاكم‏]‏

    وهو شرك أصغر،


    إلا إذا كان المحلوف به معظَّمًا عند الحالف
    إلى درجة عبادته له
    فهذا شرك أكبر،


    كما هو الحال اليومَ عند عُبَّاد القبور،
    فإنَّهم يخافون مَنْ يعظمون من أصحاب القبور،
    أكـثر من خوفهم من الله وتعظيمه،


    بحيث إذا طُلب من أحدهم
    أن يحلف بالولي الذي يعظمه؛
    لم يحلف به إلا إذا كان صادقًا،


    وإذا طلب منه أن يحلف بالله؛
    حلف به وإن كان كاذبًا‏.‏


    فالحلف تعظيم للمحلوف به
    لا يليق إلا بالله،


    ويجب توقير اليمين؛
    فلا يكثر منها،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَّهِينٍ‏ }‏

    ‏[‏القلم/10‏]‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  16. #116

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وقال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ‏ }‏

    ‏[‏المائدة/89‏]‏‏.‏


    أي‏:‏ لا تحلفوا إلا عند الحاجة،
    وفي حالة الصدق والبر؛


    لأن كثرة الحلف أو الكذب فيها
    يدلان على الاستخفاف بالله،
    وعدم التعظيم له،
    وهذا ينافي كمال التوحيد،


    وفي الحديث
    أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:

    ‏ ‏(‏ ثلاثةٌ لا يُكلّمهم الله ولا يُزكّيهم،
    ولهم عذاب أليم‏ )‏

    وجاء فيه‏:‏

    ‏(‏ ورجل جعل الله بضاعته
    لا يشتري إلا بيمينه،
    ولا يبيع إلا بيمينه‏ )‏

    ‏[‏رواه الطبراني بسند صحيح‏]‏‏.‏


    فقد شدَّد الوعيد على كثرة الحلف،
    مما يدلّ على تحريمه احترامًا لاسم الله تعالى،
    وتعظيمًا له سبحانه‏.‏

    وكذلك يحرم الحلفُ بالله كاذبًا وهي‏:‏
    اليمين الغَموسُ ‏‏،

    وقد وصفَ الله المنافقين
    بأنهم يحلفون على الكذب
    وهم يعلمون‏.‏


    فتلخص من ذلك ‏:‏

    1- تحريم الحلف بغير الله تعالى،
    كالحلف بالأمانة أو الكعبة
    أو النبي صلى الله عليه وسلم
    وأن ذلك شرك‏.‏


    2- تحريم الحلف بالله كاذبًا متعمّدًا،
    وهي الغموس‏.‏


    3- تحريم كثرة الحلف بالله
    - ولو كان صادقًا -
    إذا لم تدعُ إليه حاجة؛
    لأنَّ هذا استخفاف بالله سبحانه‏.‏


    4- جواز الحلفِ بالله إذا كان صادقًا،
    وعند الحاجة‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  17. #117

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ب ـ التوسل بالمخلوق إلى الله تعالى


    التّوسّل‏:‏
    هو التقرب إلى الشيء والتوصل إليه،

    والوسيلة‏:‏ القُربة،

    قال الله تعالى‏:‏

    ‏{‏ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ‏ }‏

    ‏[‏المائدة/35‏]‏‏.‏

    أي القُربة إليه سبحانه بطاعته،
    واتباع مرضاته‏.‏


    والتوسل قسمان

    القسم الأول‏:‏
    توسل مشروع،
    وهو أنواع :

    1ـ النوع الأول‏:‏
    التوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته

    كما أمرَ الله تعالى بذلك في قوله‏:‏

    { ‏وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا

    وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ
    سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ‏ }‏

    ‏[‏الأعراف/180‏]‏‏.‏


    2ـ النوع الثاني‏:‏
    التوسل إلى الله تعالى
    بالإيمان والأعمال الصالحة
    التي قام بها المتوسل،

    كما قال تعالى عن أهل الإيمان‏:‏

    { ‏رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ
    أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا

    رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا
    وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا
    وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ ‏}‏

    ‏[‏آل عمران/193‏]‏‏.‏

    وكما في حديث الثلاثة
    الذين انطبقت عليهم الصخرة،
    فسدت عليهم باب الغار،
    فلم يستطيعوا الخروج،
    فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم؛
    ففرج الله عنهم

    ‏[‏هذا مضمون الحديث
    وهو متفق عليه‏]‏

    فخرجوا يمشون‏.‏


    3ـ النوع الثالث‏:‏
    التوسل إلى الله تعالى بتوحيده

    كما توسل يونس عليه السلام‏:‏

    ‏{ ‏فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ
    أَن لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ‏ }‏

    ‏[‏الأنبياء/87‏]‏‏.‏


    4ـ النوع الرابع‏:‏
    التّوسُّلُ إلى الله تعالى بإظهار الضَّعف
    والحاجة والافتقار إلى الله،

    كما قال أيوب عليه السلام‏:‏

    ‏{ ‏أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ
    وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‏ }‏

    ‏[‏الأنبياء/83‏]‏‏.‏


    5ـ النوع الخامس‏:‏
    التوسل إلى الله بدعاء الصالحين الأحياء

    كما كان الصحابة إذا أجدبوا
    طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم
    أن يدعو الله لهم،

    ولما تُوفي صاروا يطلبون من عمه العباس
    - رضي الله عنه -
    فيدعو لهم

    ‏[‏رواه البخاري‏]‏‏.‏


    6ـ النوع السادس‏:‏
    التّوسُّلُ إلى الله بالاعتراف بالذنب

    ‏{ ‏قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي
    فَاغْفِرْ لِي‏ }‏

    ‏[‏القصص/16‏]‏‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  18. #118

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    القسم الثاني‏:
    ‏ توسل غير مشروع


    وهو التوسل بما عدا الأنواع المذكورة
    في التوسل المشروع،

    كالتوسل بطلب الدعاء والشفاعة من الأموات،
    والتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم،
    والتوسل بذات المخلوقين أو حقهم،

    وتفصيل ذلك كما يلي‏:‏


    1ـ طلب الدعاء من الأموات
    لا يجوز

    لأن الميت لا يقدر على الدعاء،
    كما كان يقدر عليه في الحياة،
    وطلب الشفاعة من الأموات لا يجوز؛


    لأن عمر بن الخطاب ومعاوية بن أبي سفيان
    - رضي الله عنهما -،
    ومن بحضرتهما من الصحابة والتابعين لهم بإحسان،
    لمَّا أجدبوا استسقوا وتوسَّلوا
    واستشفعوا بمن كان حيًّا،
    كالعباس وكيزيد بن الأسود،


    ولم يتوسلوا
    ولم يستشفعوا
    ولم يستسقوا
    بالنبي صلى الله عليه وسلم
    لا عند قبره
    ولا عند غيره،

    بل عدلوا إلى البدل كالعباس وكيزيد،


    وقد قال عمر‏:‏

    ‏( ‏اللهم إنّا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا،
    وإنَّا نتوسل بعمّ نبيّنا فاسْقِنا ‏)‏


    فجعلوا هذا بدلًا من ذلك،
    لما تعذر أن يتوسلوا به على الوجه المشروع
    الذي كانوا يفعلونه‏.‏



    وقد كان من الممكن أن يأتوا إلى قبره
    فيتوسلوا به ‏،

    يعني‏:‏ لو كان جائزًا‏.‏


    فتركُهم لذلك
    دليلٌ على
    عدم جواز التوسل بالأموات،
    ولا لطلب الدعاء
    والشفاعة منهم
    وهم أموات،


    فلو كان طلب الدعاء منه والاستشفاع به
    حيًّا وميّتًا سواء؛

    لم يعدلوا عنه إلى غيره
    ممن هو دونه‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  19. #119

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    2ـ والتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم
    أو بجاه غيره
    لا يجوز


    والحديث الذي فيه‏:‏
    ‏(‏ إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي،
    فإن جاهي عند الله عظيم‏ )‏

    حديث مكذوب،
    ليس في شيء من كتب المسلمين التي يُعتمد عليها،
    ولا ذكره أحد من أهل العلم بالحديث ‏‏،

    وما دامَ لا يصح فيه دليل،
    فهو لا يجوزُ؛

    لأن العبادات لا تثبت إلا بدليل صريح‏.‏


    3ـ والتوسل بذوات المخلوقين
    لا يجوز



    لأنه إن كانت الباء للقسم،

    فهو إقسام به على الله تعالى،

    وإذا كان الإقسام بالمخلوق على المخلوق لا يجوز،
    وهو شرك كما في الحديث؛

    فكيف بالإقسام بالمخلوق
    على الخالق جل وعلا‏ ؟‏‏!‏


    وإن كانت الباء للسببية

    فالله سبحانه لم يجعل السؤال بالمخلوق
    سببًا للإجابة،
    ولم يشرعه لعباده‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  20. #120

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    4ـ والتوسل بحق المخلوق
    لا يجوز
    لأمرين


    الأول‏:‏

    أن الله سبحانه لا يجب عليه حقّ لأحد،
    وإنَّما هو الذي يتفضّل سبحانه
    على المخلوق بذلك،

    كما قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا
    نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ‏}‏

    ‏[‏الروم/47‏]‏‏.‏


    فكون المطيع يستحق الجزاء،
    هو استحقاق فضل وإنعام،
    وليس هو استحقاق مقابلة
    كما يستحق المخلوق على المخلوق‏.‏


    الثاني‏:‏

    أن هذا الحق الذي تفضل الله به على عبده
    هو حقٌّ خاص به،
    لا علاقة لغيره به،



    فإذا توسل به غير مستحقه
    كان متوسلًا بأمر أجنبي،
    لا علاقة له به،
    وهذا لا يجديه شيئًا‏.‏

    وأما الحديث الذي فيه‏:

    ‏ ‏"‏أسألك بحق السائلين‏"‏

    فهو حديث لم يثبت؛
    لأن في إسناده عطية العوفي،
    وهو ضعيف مجمع على ضعفه،
    كما قال بعض المحدثين،

    وما كان كذلك ،
    فإنه لا يُحتج به في هذه المسألة المهمة
    من أمور العقيدة،

    ثم إنه ليس فيه توسل بحقّ شخص معيّن،

    وإنما فيه التوسل بحق السائلين عمومًا،
    وحق السائلين الإجابة
    كما وعدهم الله بذلك‏.‏

    وهو حق أوجبه على نفسه لهم،
    لم يوجبه عليه أحد،

    فهو توسل إليه بوعده الصادق
    لا بحق المخلوق‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •