لا أرى أصرح وأنصف من هذا :
" أحاديث ضعيفة لا تقبل في الاستشهاد ، وإنما تستعمل للاستئناس . فلا يثبت بها علم "
فإن سمي ذلك لجاجا فليسم لجاجا ولا ضير !
قلتم :
"هل نتفق قبل بدء الكلام أنه لن نقبل أحاديث أو آثار سواء في النفي أو الإثبات إلا بأسانيد يقبل مثلها أئمة هذا الشأن العالمون بأحوال الرواة والأسانيد أم هناك من يعترض على ذلك؟"
قلت : "نتفق معكم في عدم قبول الأسانيد الضعيفة في باب الاستشهاد وإنشاء علم جديد ، وأما في باب الاستئناس والتقوية للأدلة الأخرى ، فله كلام آخر " .
ماذا تقصد بالأدلة الأخرى؟
أدلة نصية أم عقلية؟
الثانية لا تصلح؛ لاختلاف العقول في أصل القضية، فإلى عقل مَن في الفريقين سنتحاكم؟
وإذا كانت الأولى:
فهل هي صريحة أم غير صريحة؟
الثانية لا تُسلّم؛ لأن الخصم لا يسلّم بمفهومها ابتداء.
وإذا كانت الأولى:
فهل هي صحيحة أم غير صحيحة؟
الثانية لا تقبل للاتفاق على عدم قبول الضعيف في الاستشهاد والإنشاء.
وإذا كانت الأولى:
فهي حجة قاطعة لأحد الفريقين ملزمة للآخر حاسمة للنزاع فاصلة في القضية؛ فلا تحتاج لضم الضعيف إليها لانتهاء الخلاف عندها إن وجدت.
فكيف إذا كان الفريقان يختلفان ابتداء في ذلك اللزوم؟
ونحن هنا نضع المقدمات التي سنرجع إليها، فجعلك للدليل المختلف فيه جزءا منها يؤدي إلى الدَّوْر
المسألة مفترضة في عدم وجود دليل حجة بمفرده لأحد الفريقين، فلو وُجد لكفى ولحسم النزاع، ويكون تزويده بأشياء ضعيفة استطراد لا يتناسب في المحاجّة التنظيرية وإن كان يتناسب في المدارسة العلمية
حتى لا يطول بنا الجدال ، أقول مختصرا :
"أحاديث ضعيفة لا تقبل في الاستشهاد ، ولا يثبت بها علم"
ما زلت تضع القيود كأنك تعلم مسبقا أنك لن تستدل بأدلة سالمة من المقال، فلا تريد الالتزام بالرجوع لأهل الذكر في هذا العلم -وهم أهل الحديث- لعلمك بإجماعهم على ردّ مثل هذه الأدلة ورفض مثل هذه الأسانيد وعدم قبولها لا في العقائد ولا في الأحكام.
وهذا لعمر الله هو المراء الذي نهينا عنه، وانتصار المرء لرأيه وإن علم بطلانه.
إلا أن الظنون الضعيفة - فضلا عما لا أصل لها - غير مقبولة في الاستشهاد . ولا يثبت بها علم ، وإن كان الناس قد يسنأنسون بها .
وكم كنت - يا شيخنا الحبيب - أرجوا الله تعالى أن يكون الحق معكم ، حتى سهل المسير إليه . . . ولكن السداد مطلوب ، فالله يغفر لنا ولكم .
ولحسم مادة الخلاف في هذه الجزئية بالتحديد، سنضيف خاتمة المقدمات
المقدمة السابعة: عند الاختلاف في مسألة تتعلق بفن من فنون العلم يُرجع فيها إلى أهل الاختصاص في ذلك العلم فإن اتفقوا فيها على قول يكون اتفاقهم حجة ملزمة للجميع ولا يجوز الخروج عن قولهم باستطرادات جدلية وحجج كلامية واهية وتعليلات عليلات.
هل ثَمّ اعتراضات أُخر على هذه المقدّمات قبل إعادة صياغتها للبدء في ذكر الوجوه؟
حسنا ، لندخل الآن في ذكر الوجوه . .
وقبل ذلك أضيف مقدمة أخرى للتتمة :
(( الحكمة والعدل والرحمة تعلم بالعقل ، ويستدل بذلك على العلم والخبر والقضاء ؛ كما أن العلم والخبر والقضاء يعلم بإخبار الأنبياء في نصوصهم الصحيحة ، ويستدل بذلك على العدل والحكمة والرحمة )) .
واصلوا بارك الله فيكم . .
فتح الله لكم شيخنا الحبيب . . ونسأل الحي القيوم الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو رب السموات والأرض ورب العرش الكريم : أن يفرج كربكم ويذهب عنكم الهم والغم ويجعلكم من الصادقين الصالحين . . إنه ولي ذلك والقادر عليه ، آمين .
نسأل الله لنا ولكم ذهاب الهم والكرب والحزن وأن يعينكم على كل خير هممتم به. آمين
نحن في انتظار اتحافكم لنا ها هنا بما وعدتمونا، بارك الله فيكم
. . . لا زلنا في انتظار الوجوه . . .