تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 6 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة
النتائج 101 إلى 120 من 153

الموضوع: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

  1. #101
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (98)
    صـ 124 إلى صـ 130

    [فهذا الاسم هو اسم للرب (1) الحي العليم القدير، ويمتنع حي لا حياة له، وعليم لا علم له، وقدير لا قدرة له، كما يمتنع مثل ذلك في نظائره.وإذا قال القائل: صفاته زائدة على ذاته، فالمراد أنها زائدة على ما أثبته النفاة، لا أن في نفس الأمر ذاتا مجردة عن الصفات وصفات زائدة عليها، فإن هذا باطل.

    ومن حكى عن أهل السنة أنهم يثبتون مع الله ذواتا قديمة بقدمه، وأنه مفتقر إلى تلك الذوات، فقد كذب عليهم. فإن للنظار في هذا المقام أربعة أقوال: ثبوت الصفات، وثبوت الأحوال، ونفيهما جميعا، وثبوت الأحوال دون الصفات (2)


    (1) فهذا الاسم هو اسم للرب (ص 124) . . وإذا كانت صفة النبي المحدث (ص [0 - 9] 30) . ساقط من (ن) ، (م) وسأشير إليه عند نهايته إن شاء الله.
    (2) القائل بالأحوال هو أبو هاشم الجبائي (انظر ترجمته فيما سبق 1/270 ت [0 - 9] ) . ويلخص الشهرستاني مذهبه في الأحوال في الملل والنحل 1 - 76 كالآتي: " وعند أبي هاشم: هو عالم لذاته، بمعنى أنه " ذو حالة " هي صفة معلومة وراء كونه ذاتا موجودا، وإنما تعلم الصفة على الذات لا بانفرادها، فأثبت " أحوالا " هي صفات: لا موجودة ولا معدومة، ولا معلومة ولا مجهولة، أي هي على حيالها لا تعرف كذلك بل مع الذات. قال: والعقل يدرك فرقا ضروريا بين معرفة الشيء مطلقا وبين معرفته على صفة، فليس من عرف الذات عرف كونه عالما، ولا من عرف الجوهر عرف كونه متحيزا قابلا للعرض. ولا شك أن الإنسان يدرك اشتراك الموجودات في قضية وافتراقها في قضية، وبالضرورة يعلم أن ما اشتركت فيه غير ما افترقت به، وهذه القضايا العقلية لا ينكرها عاقل، وهي لا ترجع إلى الذات ولا إلى أعراض وراء الذات، فإنه يؤدي إلى قيام العرض بالعرض، فتعين بالضرورة أنها " أحوال " فكون العالم عالما " حال " هي صفة وراء كونه ذاتا، أي المفهوم منها غير المفهوم من الذات، وكذلك كونه قادرا حيا. . ثم أثبت للباري تعالى " حالة أخرى أوجبت تلك " الأحوال ".
    وانظر عن " الأحوال " أيضا: أصول الدين لابن طاهر البغدادي، ص [0 - 9] 2 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 17 ; التبصير في الدين، ص [0 - 9] 3 - 54 ; نهاية الإقدام للشهرستاني، ص 131 - 149، المعتزلة لزهدي جار الله، ص 69 - 70 ; فلسفة المعتزلة لألبير نصري نادر 1/225 - 230، دائرة المعارف الإسلامية مادة " الجبائي " ومادة " الحال ".
    ******************************

    فالأول: قول جمهور نظار المثبتة الصفاتية، يقولون: إنه عالم بعلمه، وقادر بقدرته، وعلمه نفس عالميته، وقدرته نفس قادريته.


    وعقلاء النفاة كأبي الحسين البصري (1) وغيره يسلمون أن كونه حيا ليس هو كونه عالما، وكونه عالما ليس هو كونه قادرا، وكذلك مثبتة الأحوال منهم (2) ، وهذا بعينه هو مذهب جمهور المثبتة للصفات دون الأحوال.

    ولكن من أثبت الأحوال مع الصفات، كالقاضي أبي بكر والقاضي


    (1) أ، ب: أبو الحسن البصري، والصواب ما أثبته. وهو أبو الحسين محمد بن علي الطيب البصري، وسبق الكلام عليه 1/395. وانظر ترجمته أيضا في: لسان الميزان 5/298 ; تاريخ بغداد 3/100.
    (2) ذكر الشهرستاني في " نهاية الإقدام " ص [0 - 9] 77: فتمايز المفهومات والاعتبارات عندكم وتمايز الأحوال عند أبي هاشم وتمايز الصفات عند أبي الحسين على وتيرة واحدة وكلكم يشير إلى مدلولات مختلفة الخواص والحقائق ". وانظر أيضا نفس المرجع، ص 175. ويقول ابن طاهر في أصول الدين، ص [0 - 9] 2: " وعلم أبو هاشم بن الجبائي فساد قول أبيه بأن جعل نفس الباري علة لكونه عالما وقادرا، فخالف أباه وزعم أن الله عالم كونه على حال، قادر لكونه على حال، وزعم أن لكونه عالما بكل معلوم حالا دون الحال التي لأجلها كان عالما بالمعلوم الآخر. . . إلخ) وانظر الملل والنحل 1/77.
    *****************************

    أبي يعلى وأبي المعالي في أول قوله (1) ، فهؤلاء يتوجه رد النفاة إليهم (2) .


    وأما من نفى الصفات والأحوال جميعا، كأبي علي وغيره من المعتزلة، فهؤلاء يسلمون ثبوت الأسماء والأحكام، فيقولون: نقول: إنه حي عليم قدير، فيخبر عنه بذلك ويحكم بذلك ونسميه بذلك.

    فإذا قالوا لبعض الصفاتية: أنتم توافقون على أنه خالق عادل، وإن لم يقم بذاته خلق وعدل، فكذلك حي عليم قدير.

    قيل: موافقة هؤلاء لكم لا تدل على صحة قولكم، فالسلف والأئمة وجمهور المثبتة يخالفونكم جميعا، ويقولون: إنه يقوم بذاته أفعاله سبحانه وتعالى.

    ثم هذه الأسماء دلت على خلق ورزق، كما دل متكلم ومريد على كلام وإرادة، ولكن هؤلاء النفاة جعلوا المتكلم والمريد والخالق والعادل يدل على معان منفصلة عنه، وجعلوا الحي والعليم والقدير لا تدل على معان لا قائمة به ولا منفصلة عنه، وجعلوا كل ما وصف الرب به نفسه من كلامه ومشيئته وحبه وبغضه ورضاه وغضبه إنما هي مخلوقات منفصلة عنه، فجعلوه موصوفا بما هو منفصل عنه، فخالفوا صريح العقل والشرع واللغة.


    (1) يقول الشهرستاني في " نهاية الإقدام "، ص [0 - 9] 31 عند كلامه عن الأحوال: " وأثبتها القاضي أبو بكر الباقلاني - رحمه الله - بعد ترديد الرأي فيها على قاعدة غير ما ذهب إليه أبو هاشم، ونفاها صاحب مذهبه الشيخ أبو الحسن الأشعري وأصحابه رضي الله عنهم، وكان إمام الحرمين من المثبتين في الأول والنافين في الآخر ".
    (2) خصص ابن حزم فصلا في كتابه " الفصل " 5/165 - 171 للرد على الأشاعرة في ذلك، عنوانه " الكلام في الأحوال مع الأشعرية ومن وافقهم ".
    ****************************** ***

    فإن العقل الصريح يحكم بأن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل لا على غيره، فالمحل الذي قامت به الحركة والسواد والبياض كان متحركا أسود أبيض لا غيره، وكذلك الذي قام به الكلام والإرادة والحب والبغض والرضا، هو الموصوف بأنه المتكلم المريد المحب المبغض الراضي دون غيره، وما لم يقم به الصفة لا يتصف بها، فما لم يقم به كلام وإرادة وحركة وسواد وفعل، لا يقال له: متكلم ولا مريد ولا متحرك [ولا أسود] (1) ولا فاعل، وأما إذا لم يكن هناك معنى يتصف به، فلا يسمى بأسماء المعاني.


    وهؤلاء سموه حيا عالما قادرا، مع أنه عندهم لا حياة له ولا علم ولا قدرة، وسموه مريدا متكلما مع أن الإرادة والكلام قائم بغيره. وكذلك من سماه خالقا فاعلا، مع أنه لم يقم به خلق ولا فعل، فقوله من جنس قولهم.

    ونصوص الكتاب والسنة قد أثبتت اتصافه بالصفات القائمة به، واللغة توجب أن صدق المشتق مستلزم لصدق المشتق منه، فيوجب إذا صدق اسم الفاعل والصفة المشبهة، أن يصدق مسمى المصدر، فإذا قيل: قائم وقاعد، كان ذلك مستلزما للقيام والقعود، وكذلك إذا قيل: فاعل وخالق، كان ذلك مستلزما للفعل والخلق، وكذلك إذا قيل: متكلم ومريد، كان ذلك مستلزما للكلام والإرادة، وكذلك إذا قيل: حي عالم قادر، كان ذلك مستلزما للحياة والعلم والقدرة.

    ومن نفى قيام الأفعال، وقال: لو كان خالقا بخلق، لكان إن كان


    (1) ولا أسود: ساقطة من (أ) .
    ****************************** ***

    قديما لزم قدم المخلوق، وإن كان حادثا لزم أن يكون له خلق آخر، فيلزم التسلسل، ويلزم قيام الحوادث.


    قد أجابه الناس بأجوبة متعددة، كل على أصله: فطائفة قالت بقدم الخلق دون المخلوق، وعارضوه بالإرادة، فإنه يقول: إنها قديمة مع أن المراد محدث. قالوا: فكذلك الخلق، وهذا جواب كثير من الحنفية والحنبلية والصوفية وأهل الحديث وغيرهم.

    وطائفة قالت: بل الخلق لا يفتقر إلى خلق آخر، كما أن المخلوق عنده كله لا يفتقر إلى خلق، فإذا لم يفتقر شيء من الحوادث إلى خلق عنده، فأن (1) لا يفتقر الخلق الذي به خلق المخلوق إلى خلق أولى، وهذا جواب كثير من المعتزلة والكرامية وأهل الحديث والصوفية وغيرهم.

    ثم من هؤلاء من يقول: الخلق قائم به. ومنهم من يقول: قائم بالمخلوق، ومنهم من يقول: قائم لا في محل، كما يقول البصريون من المعتزلة في الإرادة.

    وطائفة التزمت التسلسل، ثم هؤلاء صنفان: منهم من قال بوجود معان لا نهاية لها في آن واحد، وهذا قول ابن عباد (2) وأصحابه.


    (1) أ: فإنه.
    (2) هو معمر بن عباد السلمي: معتزلي من الغلاة من أهل البصرة، سكن بغداد، وناظر النظام، وكان أعظم القدرية غلوا، وتنسب إليه طائفة تعرف بالمعمرية، توفي سنة 215 ويقال حوالي سنة 220. قال عن مذهبه في المعاني أبو القاسم البلخي في كتابه " مقالات الإسلاميين ". (ضمن كتاب فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة) ص [0 - 9] 1، تحقيق الأستاذ فؤاد سيد، ط. تونس، 1393/1974: " والذي تفرد به القول بالمعاني، وتفسيره أن الحركة إنما خالفت السكون لمعنى هو غيرها، وكذلك السكون إنما خالف الحركة بمعنى هو غيره، وأن ذينك المعنيين إنما اختلفا أيضا بمعنى هو غيرهما، ثم كذلك كل معنيين اختلفا بمعنيين غيرهما إلى ما لا نهاية.، وانظر عن معمر بن عباد وعن آرائه: فضل الاعتزال، ص [0 - 9] 66 - 267 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 1 - 94 ; الملل والنحل 1/65 - 67 ; الانتصار للخياط ص [0 - 9] 5 - 48، (ط. بيروت، 1957) ; لسان الميزان 6/71 (وقال عن اسمه: بالتشديد) ; خطط المقريزي 2/347 ; اللباب 3/161 ; الأعلام 8/190. وانظر عن مذهبه في المعاني: مقالات الإسلاميين للأشعري 1/228 - 229، 2 ; التبصير في الدين، ص 45 الفصل لابن حزم 5/161 - 163 ; الانتصار للخياط، ص [0 - 9] 6 - 47 ; فلسفة المعتزلة للدكتور ألبير نصري نادر 1/221 - 224 ; المعتزلة للأستاذ زهدي جار الله، ص [0 - 9] 7، 67 - 69.
    *****************************

    ومنهم من قال: بل تكون شيئا بعد شيء، وهو قول كثير من أئمة الحديث والسنة وأئمة الفلاسفة.
    وأما التسلسل فمن الناس من لم يلتزمه، وقال: كما أنه يجوز عندكم حوادث منفصلة لا ابتداء لها، فكذلك يجوز قيام حوادث بذاته لا ابتداء لها، وهذا قول كثير من الكرامية والمرجئة والهشامية وغيرهم.
    ومنهم من قال: بل التسلسل جائز في الآثار دون المؤثرات، والتزم أنه يقوم بذاته ما لا يتناهى شيئا بعد شيء، ويقول:
    إنه لم يزل متكلما بمشيئته ولا نهاية لكلماته، وهذا قول أئمة الحديث وكثير من النظار.
    والكلام على قيام الأمور الاختيارية بذاته مبسوط في موضع آخر.(1 فهذا قول المعتزلة والشيعة الموافقين لهم، وهو قول باطل ; لأن صفة الإله لا يجب أن تكون إلها، كما أن صفة النبي لا يجب أن تكون نبيا 1) (1) .



    (1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    *********************

    وإذا كانت صفة النبي المحدث] (1) موافقة (2) له في الحدوث، لم يلزم أن تكون نبيا مثله، فكذلك صفة الرب اللازمة له إذا كانت قديمة بقدمه لم يلزم أن تكون إلها مثله.


    فهؤلاء مذهبهم (3) نفي صفات الكمال (4) اللازمة لذاته، وشبهتهم التي أشار إليها (5) ، أنها لو كانت قديمة لكان القديم أكثر من واحد، كما يقول ابن سينا وأمثاله.

    وأخذ ذلك ابن سينا وأمثاله من المتفلسفة عن المعتزلة، فقالوا (6) : لو كان له صفة واجبة (7) لكان الواجب أكثر من واحد، وهذا تلبيس، فإنهم إن أرادوا أن يكون الإله القديم، أو الإله الواجب، أكثر من واحد، فالتلازم (8) باطل، فليس يجب أن تكون صفة الإله إلها، ولا صفة الإنسان إنسانا، ولا صفة النبي نبيا، [ولا صفة الحيوان حيوانا] (9) .

    وإن أرادوا أن الصفة توصف بالقدم (* كما يوصف الموصوف بالقدم، فهو كقول (10) القائل: توصف صفة المحدث بالحدوث *) (11) ، كما يوصف الموصوف بالحدوث.


    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، وسبق أن أشرت إلى بداية السقط (ص [0 - 9] 24) .
    (2) ن، م: مشاركة.
    (3) ن، م: قصدهم.
    (4) أ، ب: نفي صفاته.
    (5) ن، م: وشبههم التي أشاروا إليها.
    (6) ن، م: وأخذ ابن سينا ذلك من المتفلسفة فقال:. . . وهو تحريف.
    (7) ن: واحدة، وهو خطأ.
    (8) ن، م: فاللازم.
    (9) : ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (10) ن: بقول.
    (11) : ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    ******************************




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #102
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (99)
    صـ 131 إلى صـ 137
    وكذلك إذا قيل: توصف بالوجوب (1 كما يوصف الموصوف بالوجوب 1) (1) ، فليس المراد أنها (2) : توصف بوجوب أو قدم أو حدوث (3) على سبيل الاستقلال، فإن الصفة لا تقوم بنفسها ولا تستقل بذاتها، ولكن المراد أنها (4) قديمة واجبة بقدوم الموصوف ووجوبه، إذا عني بالواجب ما لا فاعل له، وعني بالقديم (5) ما لا أول له، وهذا حق لا محذور فيه.
    [وقد بسط الكلام على هذا بسطا مستوفى في مواضع، بين ما في لفظ " واجب الوجود " و " القديم " من الإجمال، وشبهة نفاة الصفات، وهو لم يذكر هنا إلا شيئا مختصرا، قد ذكرنا ما يناسب هذا الموضع.
    وبينا في موضع آخر أن لفظ " القديم " و " واجب الوجود " فيه إجمال. فإذا أريد بالقديم القائم بنفسه، أو الفاعل القديم، أو الرب القديم، ونحو ذلك، فالصفة ليست قديمة بهذا الاعتبار، بل هي صفة القديم. وإذا أريد مالا ابتداء له، ولم يسبقه عدم مطلقا فالصفة قديمة.
    وكذلك لفظ " واجب الوجود " إن أريد به القائم بنفسه الموجود بنفسه، فالصفة ليست واجبة، بل هي صفة واجب الوجود، وإن أريد ما لا فاعل له، أو ما ليس له علة فاعلة، فالصفة واجبة الوجود، وإن أريد به مالا تعلق له بغيره، فليس في الوجود واجب الوجود بهذا الاعتبار، فإن

    _________
    (1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: بها.
    (3) عبارة " أو حدوث ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ن، م: بها.
    (5) ن (فقط) : بالقدم.
    **********************

    البارئ تعالى خالق لكل ما سواه، فله تعلق (1) بمخلوقاته، وذاته ملازمة لصفاته، وصفاته ملازمة لذاته، وكل من صفاته اللازمة ملازمة لصفته الأخرى.
    وبينا أن واجب الوجود الذي دلت عليه الممكنات، والقديم الذي دلت عليه المحدثات، الذي هو الخالق الموجود بنفسه، الذي لم يزل ولا يزال ويمتنع عدمه، فإن تسمية الرب واجبا بذاته وجعل ما سواه ممكنا، ليس هو قول أرسطو وقدماء الفلاسفة، ولكن كانوا يسمونه مبدءا وعلة، ويثبتونه من جهة الحركة الفلكية، فيقولون: إن الفلك يتحرك للتشبه به.
    فركب ابن سينا وأمثاله مذهبا من قول أولئك وقول المعتزلة، فلما قالت المعتزلة: الموجود ينقسم إلى قديم وحادث، وإن القديم لا صفة له، قال هؤلاء: إنه ينقسم إلى واجب وممكن، والواجب لا صفة له، ولما قال أولئك: يمتنع تعدد القديم، قال هؤلاء: يمتنع تعدد الواجب] (2) .
    [التعليق على قوله أن كل ما سواه محدث]
    وأما قوله: " إن [كل] (3) ما سواه محدث " (4) فهذا حق، والضمير في " ما سواه " عائد إلى الله، وهو إذا ذكر باسم مظهر

    _________
    (1) أ: فله تعالى، وهو تحريف.
    (2) الكلام بين المعقوفتين (ص [0 - 9] 31 - 132) : ساقط من (ن) ، (م) وسقطت العبارات التالية (وأما قوله. . فهذا حق) من (م) أيضا.
    (3) كل: ساقطة من (ن) .
    (4) وردت هذه العبارة من قبل ص 97 وفي: " منهاج الكرامة " 1/82 (م) . وفيهما: وأن.
    ****************************** *

    أو مضمر، دخل في مسمى اسمه (1) صفاته، فهي لا تخرج (2) عن مسمى أسمائه.
    فمن قال: دعوت الله أو عبدته، فهو إنما دعا الحي [القيوم] (3) ، العليم القدير، الموصوف بالعلم والقدرة وسائر صفات الكمال.
    [التعليق على قوله لأنه واحد وليس بجسم ولا جوهر]
    وأما قوله: " لأنه واحد وليس (4) بجسم " (5) .
    فإن أراد بالواحد ما أراده (6) الله ورسوله بمثل (7) قوله: {وإلهكم إله واحد} [سورة البقرة: 163] ، وقوله: {وهو الواحد القهار} [سورة الرعد: 16] (8) [ونحو ذلك] (9) ، فهذا حق.
    وإن أراد بالواحد ما تريده الجهمية نفاة الصفات من أنه ذات مجردة عن الصفات، فهذا " الواحد " لا حقيقة له في الخارج، وإنما يقدر في الأذهان لا في الأعيان، ويمتنع وجود ذات مجردة عن الصفات، ويمتنع

    _________
    (1) ن: اسم، وهو تحريف.
    (2) ن: فهو لا يخرج.
    (3) القيوم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ن، م: ليس.
    (5) اختصر ابن تيمية هنا عبارة ابن المطهر كما فعل من قبل (ص [0 - 9] 02) ووردت العبارة بتمامها قبل ذلك وهي: " لأنه واحد، وأنه ليس بجسم ولا جوهر، وأنه ليس بمركب لأن كل مركب محتاج إلى جزئه لأن جزأه غيره، ولا عرض ". وقد بينت في ص 97 الفروق الموجودة في هذه العبارة بين نص " منهاج السنة " ونص " منهاج الكرامة " ص 82 (م) .
    (6) ن، م: ما أراد.
    (7) ن، م: مثل.
    (8) ن، م، ب، أ: وهو الله الواحد القهار، وهو سهو من الناسخ أو المؤلف.
    (9) عبارة " ونحو ذلك ": ساقطة من (ن) ، (م) .
    ****************************** *

    وجود حي عليم (1) قدير لا حياة له ولا علم ولا قدرة، فإثبات الأسماء دون الصفات سفسطة في العقليات وقرمطة في السمعيات.

    وكذلك قوله: " ليس بجسم "، لفظ الجسم فيه إجمال.
    قد يراد به المركب الذي كانت أجزاؤه مفرقة (2) فجمعت، أو ما يقبل التفريق والانفصال، أو المركب من مادة وصورة، [أو المركب من الأجزاء المفردة التي تسمى الجواهر الفردة] (3) . والله [تعالى] (4) منزه عن [ذلك كله] : عن أن يكون كان متفرقا فاجتمع (5) ، أو أن يقبل التفريق والتجزئة التي هي مفارقة (6) بعض الشيء بعضا وانفصاله عنه، أو غير ذلك من التركيب الممتنع [عليه] (7) .
    وقد يراد بالجسم ما يشار إليه، أو ما يرى، أو ما تقوم به الصفات ; والله تعالى يرى في الآخرة، وتقوم به الصفات، ويشير إليه الناس عند الدعاء بأيديهم وقلوبهم (8) ووجوههم وأعينهم.
    فإن أراد بقوله: " ليس بجسم " هذا المعنى.

    _________
    (1) ن، م: عليم حي.
    (2) ن، م: متفرقة.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م: منزه عن أن يكون كان متفرقا فاجتمع ; أ، ب: منزه عن ذلك كله أو كان متفرقا فاجتمع، ولعل الصواب ما أثبته.
    (6) ن، م: مقارنة.
    (7) عليه: ساقطة من (ن) ، (م) . وفي (أ) : عليهم.
    (8) ن، م: بقلوبهم وأيديهم.
    *************************

    قيل له: (* هذا المعنى الذي قصدت نفيه (1) بهذا اللفظ معنى ثابت بصحيح المنقول وصريح المعقول، وأنت لم تقم دليلا على نفيه.
    وأما اللفظ فبدعة نفيا وإثباتا، فليس في الكتاب ولا السنة ولا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها إطلاق لفظ " الجسم " في صفات الله تعالى، لا نفيا ولا إثباتا.
    وكذلك لفظ " الجوهر " و " المتحيز " ونحو ذلك من الألفاظ التي تنازع أهل الكلام المحدث فيها نفيا وإثباتا.
    وإن قال:. . كل ما يشار إليه ويرى وترفع إليه الأيدي، فإنه لا يكون إلا جسما مركبا من الجواهر الفردة (2) ، أو من المادة والصورة.
    قيل له: هذا محل نزاع، فأكثر العقلاء ينفون ذلك، وأنت لم تذكر على ذلك دليلا، وهذا منتهى نظر النفاة، فإن عامة ما عندهم أن تقوم به الصفات، ويقوم به الكلام والإرادة والأفعال، وما يمكن رؤيته بالأبصار لا يكون إلا جسما مركبا من الجواهر الفردة (3) ، أو من المادة والصورة، وما يذكرونه من العبارة فإلى هذا يعود.
    وقد تنوعت طرق أهل الإثبات في الرد عليهم، فمنهم من سلم لهم أنه يقوم به الأمور الاختيارية من الأفعال وغيرها ولا يكون إلا جسما، ونازعهم فيما يقوم به من الصفات التي لا يتعلق منها شيء بالمشيئة والقدرة.

    _________
    (1) هذا المعنى الذي قصدت نفيه. . وأحمد بن حنبل وغير هؤلاء (ص [0 - 9] 44) : ساقط من (ن) ، (م) . وسأشير إليه عند نهايته بإذن الله.
    (2) أ: المفردة.
    (3) أ: المنفردة.
    *****************************

    ومنهم من نازعهم في هذا وهذا، وقال: بل لا يكون هذا جسما ولا هذا جسما، ومنهم من سلم لهم أنه جسم، ونازعهم في كون القديم ليس بجسم.
    وحقيقة الأمر أن لفظ " الجسم " فيه منازعات لفظية ومعنوية، والمنازعات (1) اللفظية غير معتبرة في المعاني العقلية، وأما المنازعات المعنوية فمثل تنازع الناس فيما يشار إليه إشارة حسية: هل يجب أن يكون مركبا من الجواهر الفردة (2) ، أو من المادة والصورة، أو لا يجب واحد منهما، فذهب كثير من النظار من المعتزلة والأشعرية (3) ومن وافقهم إلى أنه لا بد أن يكون مركبا من الجواهر الفردة (4) ، ثم جمهور هؤلاء قالوا: إنه مركب من جواهر متناهية، وقال بعض (5) النظار: بل من جواهر غير متناهية (6) .
    وذهب كثير من النظار من المتفلسفة إلى أنه يجب أن يكون مركبا من المادة والصورة، ثم من الفلاسفة من طرد هذا في جميع الأجسام كابن

    _________
    (1) أ: والنزاعات.
    (2) أ: المنفردة.
    (3) والأشعرية: زيادة في (ب) .
    (4) أ: المنفردة.
    (5) بعض: زيادة في (ب) .
    (6) سبقت الإشارة إلى قول جمهور المعتزلة والأشاعرة بالجوهر الفرد (هذا الكتاب 1/212) . وقد بحث الأستاذ س. بينيس مذهب المتكلمين في الجوهر الفرد بشيء من التفصيل في كتابه " مذهب الذرة عند المسلمين " ترجمة الأستاذ الدكتور محمد عبد الهادي أبي ريدة (القاهرة، 1946) وانظر بوجه خاص ص 1 - 16. وانظر تعريف الجوهر الفرد في كشاف اصطلاحات الفنون، مادة " الجزء " ; الكليات لأبي البقاء، مادة " الجوهر ". وانظر أيضا عن مذهب الجوهر الفرد عند المكلمين: الفصل لابن حزم 5/223 - 236، أصول الدين لابن طاهر، ص [0 - 9] 5 - 36 ; التمهيد للباقلاني، ص [0 - 9] 7 - 18 ; نهاية الإقدام للشهرستاني، ص 505 - 514 ; مقالات الإسلاميين 2/4 - 18 ; الأربعين في أصول الدين للرازي ص 253 - 264، حيدر آباد، 1353 ; المباحث الشرقية للرازي 2/11 - 38 ; مقاصد الفلاسفة للغزالي، ص 147 - 157، ط. المعارف، 1961.
    ****************************** *****

    سينا، ومنهم من قال بل هذا في الأجسام العنصرية دون الفلكية، وزعم أن هذا قول أرسطو والقدماء.
    وكثير من المصنفين لا يذكر إلا هذين القولين، ولهذا كان من لم يعرف إلا هذه المصنفات لا يعرف إلا هذين القولين.
    والقول الثالث: قول جماهير العقلاء وأكثر طوائف النظار: أنه ليس مركبا لا من هذا ولا من هذا، وهذا قول ابن كلاب إمام الأشعري وغيره، وهو قول كثير من الكرامية، وهو قول الهشامية، والنجارية (1) والضرارية (2) .

    _________
    (1) النجارية هم أتباع أبي عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الله النجار، ولسنا نعرف تاريخ مولده ووفاته ولكن ابن النديم يذكر في الفهرست (ص [0 - 9] 79) أنه مات بسبب العلة التي أصابته عندما أفحمه النظام في جدال جرى بينهما، فيكون بذلك معاصرا للنظام الذي توفي حوالي 231 على الأرجح. وعلى الرغم من أن الشهرستاني يعده من المجبرة إلا أنه يقول إنه يوافق الصفاتية في خلق الأعمال، بل يذكر أنه قال بالكسب على حسب ما يثبته الأشعري من بعده. والنجارية يوافقون المعتزلة في نفي الصفات، وفي القول بأن المعرفة واجبة بالعقل قبل ورود السمع، ويعدهم الأشعري من المرجئة، وينقل الشهرستاني عن الكعبي قوله: إن النجار كان يقول: إن البارئ تعالى بكل مكان وجودا لا على معنى العلم والقدرة. انظر مقالات الأشعري 1/199 - 200، 315 - 316 ; الملل والنحل 1/81 - 82 ; الفرق بين الفرق، ص 126 - 127 ; أصول الدين لابن طاهر، ص 334 ; التبصير في الدين، ص [0 - 9] 1 - 62 ; الفهرست لابن النديم، ص 179 - 180 ; اللباب لابن الأثير، 3/215 ; الأعلام للزركلي 2/276.
    (2) أ، ب: الصرارية، وهو تحريف. والضرارية هم أتباع ضرار بن عمرو (انظر لسان الميزان 3/203) وحفص الفرد (انظر لسان الميزان 2/330 - 331 ; الفهرست لابن النديم، ص [0 - 9] 80) ، وهم يشبهون النجارية في الكثير من أقوالهم فهم ينفون الصفات ويقولون بخلق الله لأفعال العباد ويبطلون القول بالتولد، ولكنهم ينكرون القول بوجوب المعرفة بالعقل قبل ورود السمع انظر: الملل والنحل 1/82 - 83 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 29 - 130 ; أصول الدين لابن طاهر، ص [0 - 9] 39 - 340 ; التبصير في الدين ص [0 - 9] 2 - 63 ; مقالات الإسلاميين 1/313 - 314 ; التنبيه والرد للملطي، ص 43.
    ********************



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #103
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (100)
    صـ 138 إلى صـ 144

    ثم هؤلاء منهم من قال: ينتهي بالتقسيم إلى جزء لا يتجزأ، كقول الشهرستاني وغيره، ومنهم من قال: بل لا يزال قابلا للانقسام إلى أن يصغر فيستحيل معه (1) تمييز بعضه عن بعض، كما قال ذلك من قال من الكرامية وغيرهم من نظار المسلمين، وهو قول من قاله من أساطين الفلاسفة، مع قول بعضهم: إنه مركب من المادة والصورة.
    وبعض المصنفين في الكلام يجعل إثبات الجوهر الفرد هو قول المسلمين، وأن نفيه هو قول الملحدين.
    وهذا لأن هؤلاء لم يعرفوا من الأقوال المنسوبة إلى المسلمين إلا ما وجدوه في كتب شيوخهم أهل الكلام المحدث في الدين الذي ذمه السلف والأئمة، كقول أبي يوسف: من طلب العلم بالكلام تزندق (2) ; وقول الشافعي: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال

    _________
    (1) أ، ب: مع، والصواب ما أثبته، وهو الموافق لسياق الكلام.
    (2) نقل السيوطي في كتابه " صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام " عن الهروي في كتابه ذم الكلام ما أورده في باب إنكار أئمة الإسلام ما أحدثه المتكلمون في الدين من أصحاب الكلام والشبه والمجادلة، ومما ورد في هذا الباب هذه العبارة لأبي يوسف (صون المنطق، ص [0 - 9] 0) ولكن جاء فيها: من طلب الدين بالكلام تزندق، ووردت نفس العبارة قبل ذلك (ص [0 - 9] 7) منسوبة إلى الإمام مالك.
    *****************************

    ويطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على الكلام (1) وكقول أحمد بن حنبل: علماء الكلام زنادقة (2) ، وقوله: ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح (3) ، وأمثال ذلك.
    وإلا فالقول بأن الأجسام مركبة من الجواهر المنفردة قول لا يعرف عن أحد من أئمة المسلمين، لا من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان، ولا من بعدهم من الأئمة المعروفين، بل القائلون بذلك يقولون: إن الله تعالى لم يخلق منذ خلق الجواهر المنفردة شيئا قائما بنفسه، لا سماء ولا أرضا، ولا حيوانا ولا نباتا، ولا معادن، ولا إنسانا ولا غير إنسان، بل إنما يحدث تركيب تلك الجواهر القديمة فيجمعها ويفرقها، فإنما يحدث أعراضا قائمة بتلك الجواهر، لا أعيانا قائمة بأنفسها. فيقولون: إنه إذا خلق السحاب والمطر والإنسان، وغيره من الحيوان والأشجار والنبات والثمار، لم يخلق عينا قائمة بنفسها، وإنما خلق أعراضا قائمة بغيرها. وهذا خلاف ما دل عليه السمع والعقل والعيان، ووجود جواهر لا تقبل القسمة منفردة عن الأجسام مما يعلم بطلانه بالعقل والحس، فضلا عن أن يكون الله تعالى لم يخلق عينا قائمة بنفسها إلا ذلك، وهؤلاء

    _________
    (1) ورد هذا الكلام في المرجع السابق، ص [0 - 9] 5، ولكن فيه: أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل.
    (2) وردت هذه العبارة في " صون المنطق "، ص 150، نقلا عن كتاب " الانتصار لأهل الحديث " لأبي المظفر بن السمعاني ولكن نصها: أئمة الكلام زنادقة.
    (3) نقل السيوطي عبارة مشابهة لهذه العبارة عن كتاب " جامع بيان العلم " لابن عبد البر وفيها: وقال أحمد بن حنبل: لا يفلح صاحب الكلام أبدا. وانظر صون المنطق ص [0 - 9] 36، جامع بيان العلم 2/95.
    *****************************

    يقولون: إن الأجسام لا يستحيل بعضها إلى بعض، بل الجواهر التي كانت مثلا في الأول هي بعينها باقية في الثاني، وإنما تغيرت أعراضها.
    وهذا خلاف ما أجمع عليه العلماء - أئمة الدين وغيرهم من العقلاء - من استحالة بعض الأجسام إلى بعض، كاستحالة الإنسان وغيره من الحيوان بالموت ترابا، واستحالة الدم والميتة والخنزير وغيرها من الأجسام النجسة ملحا أو رمادا، واستحالة العذرات ترابا، واستحالة العصير خمرا، ثم استحالة الخمر خلا، واستحالة ما يأكله الإنسان ويشربه بولا ودما وغائطا ونحو ذلك، وقد تكلم علماء المسلمين في النجاسة: هل تطهر بالاستحالة أم لا؟ ولم ينكر أحد منهم الاستحالة.
    ومثبتة الجوهر الفرد قد فرعوا عليه من المقالات التي يعلم العقلاء فسادها ببديهة العقل ما ليس هذا موضع بسطه، مثل تفليك الرحى والدولاب والفلك وسائر الأجسام المستديرة المتحركة (1) ، وقول من قال منهم: إن الفاعل المختار يفعل كلما تحركت، ومثل قول كثير منهم:

    _________
    (1) يشرح الرازي فكرة المتكلمين في كتابه " الأربعين في أصول الدين " فيقول (262) : " إذا استدار الفلك استدارة منطقية استدارت جميع الدوائر الموازية لتلك المنطقة - إذا عرفت هذا فنقول: إذا تحركت المنطقة جزءا فالدائرة الصغيرة القريبة من القطب الموازية للمنطقة إن تحركت أيضا جزءا، لزم أن يكون مدار تلك الدائرة الصغيرة مساويا لمقدار المنطقة، هذا خلف. وإن لم تتحرك ألبتة، فحينئذ يلزم وقوع التفكك في أجزاء الفلك. . وهذا الكلام قد يفرضونه في حركة الرحى ويلزمون عليه تفكك أجزاء الرحى، والمتكلمون يلتزمونه ويقولون إنه سبحانه وتعالى فاعل مختار فهو يفكك أجزاء الرحى حال استدارتها، ثم يعيد التأليف والتركيب إليها حال وقوفها ". وانظر أيضا شرح ابن تيمية لهذه الفكرة في: مجموعة تفسير ابن تيمية (ط. بمباي 1374/1954) ص 214.
    ***************************

    إن الإنسان إذا مات فجميع جواهره باقية قد تفرقت، ثم عند الإعادة يجمعها الله تعالى.
    ولهذا صار كثير من حذاقهم إلى التوقف في آخر أمرهم، كأبي الحسين البصري (1) وأبي المعالي الجويني وأبي عبد الله الرازي، وكذلك ابن عقيل والغزالي وأمثالهما من النظار الذين تبين لهم فساد أقوال هؤلاء، يذمون أقوال هؤلاء يقولون: إن أحسن أمرهم الشك، وإن كانوا قد وافقوهم في كثير من مصنفاتهم على كثير مما قالوه من الباطل، وبسط الكلام على فساد قول القائلين بتركيب الجواهر الفردة (2) المحسوسة أو الجواهر المعقولة له موضع آخر.
    وكذلك ما يثبته المشاءون من الجواهر العقلية: كالعقول والنفوس المجردة، كالمادة والمدة والمثل الأفلاطونية، والأعداد المجردة التي يثبتها - أو بعضها - كثير من المشائين أتباع فيثاغورس وأفلاطون (3) وأرسطو. وإذا حقق الأمر عليهم لم يكن لما أثبتوه من العقليات وجود إلا في الأذهان لا في الأعيان، وهذا لبسطه موضع آخر (4) ، وهذا المصنف لم يذكر لقوله إلا مجرد الدعوى، فلذلك لم نبسط القول فيه.
    وإنما المقصود التنبيه على أن آخر ما ينتهى إليه أصل هؤلاء - الذي

    _________
    (1) أ، ب: كأبي الحسن البصري، وهو تحريف.
    (2) أ: المنفردة.
    (3) أ: وأفلاطن.
    (4) لابن تيمية كتاب " إبطال قول الفلاسفة بإثبات الجواهر العقلية " ذكره ابن عبد الهادي في كتابه العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، ص 36 ; ابن الجوزية: أسماء مؤلفات ابن تيمية، ص [0 - 9] 0. وهذا الكتاب من كتب ابن تيمية المفقودة.
    ****************************

    نفوا به ما ثبت (1) بالكتاب والسنة وإجماع السلف، بل ولما ثبت بالفطرة العقلية التي اشترك فيها جميع أهل الفطر التي لم تفسد فطرتهم بما تلقنوه من الأقوال الفاسدة، بل ولما ثبت بالبراهين العقلية - فالذي ينتهي إليه أصلهم هو أنه لو كان متصفا بالصفات، أو متكلما بكلام يقوم به، ومريدا بما يقوم به من الإرادة الحسية، وكانت رؤيته (ممكنة) في الدنيا أو في الآخرة (2) ، لكان مركبا من الجواهر المفردة الحسية أو الجواهر العقلية: المادة والصورة.
    وهذا التلازم باطل عند جماهير العقلاء فيما نشاهد، فإن الناس يرون الكواكب وغيرها من الأجسام، وهي عند جماهير العقلاء ليست مركبة لا من هذا ولا من هذا.
    ولو قدر أن هذا التلازم حق، فليس في حججهم حجة صحيحة يوجب انتفاؤها اللازم، بل كل من الطائفتين تطعن في حجج الفريق الآخر وتبين فسادها، فأولئك يقولون: إن كل ما كان كذلك فهو محدث. ومنازعوهم يطعنون في المقدمتين ويبينون فسادهما، والآخرون يقولون: إن كل مركب فهو مفتقر إلى أجزائه، وأجزاؤه غيره، فكل مركب مفتقر إلى غيره، ومنازعوهم يثبتون فساد هذه الحجة وما فيها من الألفاظ المجملة والمعاني المتشابهة، كما قد بسط في موضع آخر.
    ولهذا يقول من يقول من العقلاء العارفين بحقيقة قول هؤلاء وهؤلاء:

    _________
    (1) أ: ما يثبت.
    (2) أ، ب: من الإرادة الحسية وكانت رؤيته في الدنيا أو في الآخرة. . . إلخ. وردت كلمة (ممكنة) ليستقيم الكلام.
    ******************************

    إن الواحد الذي يثبته هؤلاء لا يتحقق إلا في الأذهان لا في الأعيان.
    ولهذا لما بنى (1) الفلاسفة الدهرية على قولهم بأن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، كان من أول ما يبين فساد قولهم أن الواحد الذي ادعوا فيه ما ادعوا لا حقيقة له في الخارج، بل يمتنع (2) وجوده فيه، وإنما يقدر في الأذهان كما يقدر سائر الممتنعات.
    وكذلك سائر الجهمية والمعتزلة نفاة الصفات لما أثبتوا واحدا لا يتصف بشيء من الصفات، كانوا عند أئمة العلم الذين يعرفون حقيقة قولهم، إنما توحيدهم تعطيل مستلزم لنفي الخالق، وإن كانوا قد أثبتوه فهم متناقضون، جمعوا بين ما يستلزم نفيه وما يستلزم إثباته.
    ولهذا وصفهم أئمة الإسلام بالتعطيل، وأنهم دلاسون ولا يثبتون شيئا ولا يعبدون شيئا ونحو ذلك، كما هو موجود في كلام غير واحد من أئمة الإسلام، مثل عبد العزيز بن الماجشون (3) وعبد الله بن المبارك (4) وحماد

    _________
    (1) أ: بين، وهو تحريف.
    (2) أ: وإنما يمتنع.
    (3) عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، أبو عبد الله الماجشون. فقيه ومن أئمة المحدثين، توفي ببغداد سنة 164. ترجمته في تهذيب التهذيب 6/343 - 344 ; تذكرة الحفاظ 1 - 207 ; شذرات الذهب 1/259 ; تاريخ بغداد 10/436 - 439 ; طبقات ابن سعد 5/414 ; الأعلام للزركلي 4/145 - 146.
    (4) أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي بن حنظلة، الحافظ، شيخ الإسلام، ولد سنة 118 وتوفي سنة 181 وقيل سنة 182. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/253 - 257 ; تاريخ بغداد 10/152 - 169 ; وفيات الأعيان 2/237 - 239 ; طبقات ابن سعد 7/372 ; الأعلام للزركلي 4/256.
    ****************************** **

    بن زيد (1) ومحمد بن الحسن (2) وأحمد بن حنبل وغير هؤلاء *) (3) ولا بد للدعوى من دليل.
    [التعليق على قوله ولا في مكان]
    وكذلك قوله: " ولا (4) في مكان " (5) .
    فقد يراد بالمكان (6) ما يحوي الشيء ويحيط به (7) ، [وقد يراد به ما يستقر الشيء عليه بحيث يكون محتاجا إليه، وقد يراد به ما كان الشيء فوقه وإن لم يكن محتاجا إليه] (8) ، وقد يراد به ما فوق [العالم] (9) وإن لم يكن شيئا موجودا.

    _________
    (1) حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل، شيخ العراق في عصره، ولد بالبصرة سنة 98 وتوفي بها سنة 179. ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/9 - 11 ; تذكرة الحفاظ 1/212 ; تهذيب الأسماء واللغات 1/167 - 168 ; الأعلام 2/301.
    (2) محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، أبو عبد الله، من أئمة الحنفية وهو الذي نشر علم أبي حنيفة، ولد سنة 131 وتوفي سنة 189. ترجمته في: الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 27 ; لسان الميزان 5/121 - 122 ; وفيات الأعيان 3/324 - 325 ; تاريخ بغداد 2/172 - 182 ; طبقات ابن سعد 7/336 - 337، الأعلام للزركلي 6/309.
    (3) هذا المعنى الذي قصدت نفيه. . وأحمد بن حنبل وغير هؤلاء: هنا ينتهي السقط في نسخة (ن) وقد بدأ ص 135. ويبدأ الكلام في (ن) بعد هذا السقط كما يلي: قيل له: لا بد للدعوى من دليل. . إلخ.
    (4) ن، م: لا.
    (5) وردت هذه العبارة - كما أشرت من قبل - في " منهاج الكرامة " 82 (م) ، وفي هذه الطبعة من " منهاج السنة " 2/98 - 102.
    (6) ن، م: بالجسم، وهو تحريف.
    (7) ن، م: ويختلط به.
    (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (9) العالم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    *****************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #104
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (101)
    صـ 145 إلى صـ 151

    فإن قيل: هو في مكان بمعنى (1) إحاطة غيره به وافتقاره إلى غيره.
    فالله منزه عن الحاجة إلى الغير وإحاطة الغير به ونحو ذلك.
    وإن أريد بالمكان ما فوق العالم وما هو الرب فوقه؛ قيل: [إذا لم يكن] (2) إلا خالق أو مخلوق، والخالق بائن من المخلوق (3) ، كان هو الظاهر الذي ليس فوقه شيء.
    وإذا قال [القائل] (4) : هو سبحانه فوق سماواته على عرشه (5) بائن من خلقه ; فهذا المعنى حق سواء: سميت ذلك مكانا أو لم تسمه.
    وإذا عرف المقصود فمذهب أهل السنة والجماعة (6) ما دل عليه الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة، وهو القول (7) المطابق لصحيح المنقول وصريح المعقول.
    [الكلام على قوله وإلا لكان محدثا]
    [الرد على دليل الرافضة والمعتزلة]
    وأما قوله: " وإلا لكان محدثا " فمضمونه أنه لو كان جسما أو في مكان لكان محدثا.
    [فيقال له: قد بينا ما ينفى عنه من معاني الجسم والمكان، وبينا ما لا يجوز نفيه عنه، وإن سماه بعض الناس جسما ومكانا، لكن ما الدليل على أنه لو كان كذلك لكان محدثا] (8) وأنت (9) لم تذكر دليلا على ذلك؟

    _________
    (1) ن، م: هو في المعنى بمعنى، وهو تحريف.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: ولا مخلوق بائن من الخالق.
    (4) القائل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: فوق عرشه.
    (6) والجماعة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) ن، م: المعقول.
    (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (9) ن: فأنت ; م: قلت.
    ****************************

    وكأنه (1) اكتفى بالدليل المشهور الذي يذكره [سلفه] وشيوخه (2) المعتزلة: من أنه لو كان جسما لم يخل عن الحركة والسكون، وما لم يخل (3) عن الحوادث فهو حادث لامتناع حوادث لا أول لها. ثم يقولون: ولو [كان] قام به (4) علم وقدرة وحياة وكلام (5) ونحو ذلك من الصفات لكان جسما.
    وهذا الدليل عنه (6) جوابان: أحدهما: أن يقال [له: هو] عندك (7) حي عليم قدير، ومع هذا فليس بجسم عندك، مع أنك لا تعلم حيا عليما قديرا (8) إلا جسما فإن كان قولك (9) حقا أمكن أن يكون له حياة وعلم وقدرة، وأن يكون مباينا للعالم عاليا عليه وليس بجسم.
    فإن قلت: لا أعقل مباينا عاليا إلا جسما؛ قيل لك: ولا يعقل حي عليم قدير إلا جسم، فإن أمكن أن يكون مسمى (10) بهذه الأسماء ما ليس بجسم، أمكن أن يتصف بهذه الصفات ما ليس بجسم، وإلا فلا ; لأن الاسم (11) مستلزم للصفة.

    _________
    (1) ن، م: فكأنه.
    (2) ن، م: الذي يذكره شيوخه.
    (3) ن، م: وما لا يخلو.
    (4) ن، م: ولو قام به.
    (5) وكلام: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) ن، م: فهذا الدليل عليه.
    (7) ن، م: أن يقال عندك.
    (8) ن، م: عالما قادرا.
    (9) ن، م: قوله.
    (10) ن، م: أن يسمى.
    (11) ن، م: الجسم، وهو خطأ.
    *****************************

    وكذلك إذا قال: لو كان فوق العالم لكان جسما، ولكان إما أكبر من العالم وإما أصغر وإما مساويا له، وكل ذلك ممتنع، فيقال له: إن كثيرا من الناس يقولون: إنه فوق العالم وليس بجسم.
    فإذا قال النافي (1) : قول هؤلاء معلوم فساده بضرورة العقل، قيل له: فأنت تقول: إنه موجود قائم بنفسه، وليس بداخل في العالم ولا خارج عنه، ولا مباين له ولا محايث (2) له، وأنه لا يقرب منه شيء ولا يبعد منه شيء، [ولا يصعد إليه شيء] (3) ولا ينزل منه شيء، وأمثال ذلك من النفي الذي إذا عرض على الفطرة السليمة جزمت جزما قاطعا أن هذا باطل وأن وجود مثل هذا ممتنع، وكان جزمها ببطلان هذا أقوى من جزمها ببطلان كونه فوق العالم وليس بجسم.
    فإن كان حكم الفطرة السليمة مقبولا وجب بطلان مذهبك، فلزم أن يكون فوق العالم، وإن كان مردودا بطل ردك لقول من يقول: إنه فوق العالم وليس بجسم، فإن الفطرة الحاكمة بامتناع هذا هي الحاكمة بامتناع هذا، فيمتنع قبول حكمها في أحد الموضعين دون الآخر.

    وذلك أن هؤلاء النفاة يزعمون أن الحكم بهذا المنع من حكم الوهم المردود لا من حكم العقل المقبول، ويقولون: إن الوهم هو أن يدرك في المحسوسات (4) ما ليس بمحسوس، كما تدرك الشاة عداوة الذئب

    _________
    (1) ب (فقط) : فإذا قال لنا.
    (2) ن، م: مجانب.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ن، م: في المحسوس.
    ****************************

    وتدرك السخلة (1) صداقة أمها، ويقولون: الحكم الفطري الموجود في قلوب بني آدم، بامتناع وجود مثل هذا هو حكم الوهم لا حكم العقل (2) ، فإن حكم الوهم إنما يقبل في المحسوسات لا فيما ليس بمحسوس (3) .
    فيقال لهم: إن كان هذا صحيحا فقولكم: إنه يمتنع أن يكون فوق العالم وليس بجسم هو أيضا من حكم الوهم ; لأنه حكم فيما ليس بمحسوس عندكم، وكذلك حكمه بأن كل ما يرى (4) فلا بد أن يكون بجهة من الرائي هو حكم الوهم أيضا.
    وكذلك سائر ما يدعون امتناعه على الرب [هو] (5) مثل دعوى امتناع كونه لا مباينا ولا محايثا (6) ، فإن كان حكم الفطرة بهذا الامتناع مقبولا في

    _________
    (1) في اللسان: السخلة ولد الشاة من المعز والضأن، ذكرا أو أنثى. . أبو زيد: يقال لولد الغنم ساعة تضعه أمه من الضأن والمعز جميعا، ذكرا أو أنثى، سخلة.
    (2) ن: الفعل، وهو تحريف.
    (3) يعرف ابن سينا في كتابه النجاة (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 63، نشر محيي الدين الكردي، الطبعة الثانية 1357/1938) القوة الوهمية بقوله: " ثم القوة الوهمية وهي قوة مرتبة في نهاية التجويف الأوسط من الدماغ تدرك المعاني الغير محسوسة الموجودة في المحسوسات الجزئية كالقوة الحاكمة بأن الذئب مهروب منه وأن الولد معطوف عليه ". وانظر كتاب الشفاء، القسم الخاص بالنفس، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 60 - 161، 177 - 179، نشر يان باكوش، طبع المجمع العلمي التشكوسلوفاكي، براغ، 1956 مبحث عن القوة النفسانية، ضمن مجموعة بعنوان: أحوال النفس، نشرها الدكتور أحمد فؤاد الأهواني، ص [0 - 9] 66 - 167، القاهرة، 1952.
    (4) ن: كل من لا يرى ; م: كل ما لا يرى، وكلاهما خطأ.
    (5) هو: ساقطة من (ن) فقط.
    (6) ن، م: مجانبا.
    ************************

    شيء من ذلك قبل في نظيره، وإلا فقبوله في أحد المتماثلين ورده في الآخر تحكم.
    وهؤلاء بنوا كلامهم على أصول متناقضة، فإن الوهم عندهم قوة في النفس تدرك في المحسوسات ما ليس بمحسوس، وهذا الوهم لا يدرك إلا معنى جزئيا لا كليا كالحس والتخيل، وأما الأحكام الكلية فهي عقلية، فحكم الفطرة بأن كل موجودين إما متحايثان (1) وإما متباينان، وبأن ما لا يكون داخل العالم ولا خارجه لا يكون إلا معدوما، وأنه يمتنع وجود ما هو كذلك، ونحو ذلك، أحكام كلية عقلية، ليست أحكاما جزئية شخصية في جسم معين حتى يقال: إنها من حكم الوهم.
    وأيضا فإنهم يقولون: [إن] (2) حكم الوهم فيما ليس بمحسوس باطل ; لأنه إنما يدرك ما في المحسوسات من المعاني التي ليست محسوسة، أي: لا يمكن إحساسها، ومعلوم أن كون رب العالمين لا تمكن رؤيته أو تمكن مسألة مشهورة، [فسلف الأمة] (3) وأئمتها وجمهور نظارها وعامتها على أن الله يمكن رؤيته ورؤية الملائكة والجن وسائر ما يقوم بنفسه، فإذا ادعى المدعي أنه لا يمكن رؤيته ولا رؤية الملائكة (4) التي يسميها هو (5) المجردات

    _________
    (1) ن، م: متجانبان.
    (2) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) فسلف الأمة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) أ، ب: أنه لا يمكن رؤيته أو لا يمكن رؤيته ولا رؤية الملائكة. . إلخ.
    (5) هو: ساقطة من (ب) فقط.
    ***************************

    والنفوس والعقول، فهو يدعي وجود موجود قائم بنفسه لا يمكن الإحساس به بحال.
    فإذا احتج عليه بالقضايا الفطرية التي تحكم بها الفطرة كما تحكم بسائر القضايا الفطرية، لم يكن له أن يقول: هذا حكم الوهم فيما ليس بمحسوس، فلا يقبل ; لأن الوهم إنما يدرك ما في المحسوس ; فإنه يقال له: إنما يثبت أن هذا مما لا يمكن أن يرى ويحس به إذا ثبت أن هذا الحكم باطل، وإنما يثبت أن هذا الحكم باطل إذا ثبت وجود موجود لا يمكن أن يرى ويحس به، وأنت لم تثبت هذا الموجود، إلا بدعواك أن هذا الحكم باطل، ولم تثبت أن هذا الحكم باطل (1) إلا بدعواك وجود هذا الموجود، فصار حقيقة قولك دعوى مجردة بلا دليل.
    فإذا ثبت امتناع رؤيته بإبطال هذا الحكم، كان هذا دورا ممتنعا، وكنت قد جعلت الشيء مقدمة في إثبات نفسه، فإنه يقال لك: لم تثبت إمكان وجود غير محسوس إن لم تثبت بطلان هذا الحكم، ولا تثبت بطلانه إن لم تثبت موجودا قائما بنفسه لا يمكن رؤيته ولا الإحساس به.
    فإذا قلت: الوهم يسلم (2) مقدمات تستلزم ثبوت هذا، قيل لك: ليس الأمر كذلك، فإنه لم يسلم مقدمة مستلزمة لهذا أصلا، بل جميع ما ينبني عليه ثبوت إمكان هذا، وإمكان وجود ما لا يمكن رؤيته ولا يشار إليه، مقدمات متنازع فيها بين العقلاء، ليس فيها مقدمة واحدة متفق عليها، فضلا عن أن تكون ضرورية أو حسية يسلمها الوهم.

    _________
    (1) ن، م: ولم يثبت به باطل.
    (2) أ: يستلزم.
    ****************************

    ثم يقال لك: إذا جوزت أن يكون في الفطرة حاكمان بديهيان: أحدهما حكمه باطل، والآخر حكمه حق، لم يوثق بشيء من حكم الفطرة، حتى يعلم أن ذلك من حكم الحاكم الحق، ولا يعرف عن ذلك حتى يعرف أنه ليس من الحكم الباطل، ولا يعرف أنه باطل حتى تعرف المقدمات البديهية الفطرية، التي بها يعلم أن ذلك الحكم باطل، فيلزم من هذا (1) أن لا يعرف شيء بحكم الفطرة، فإنه لا يعرف الحق حتى يعرف الباطل، ولا يعرف الباطل حتى يعرف الحق، فلا يعرف الحق بحال.
    وأيضا، فالأقيسة القادحة في تلك الأحكام الفطرية البديهية أقيسة نظرية، والنظريات مؤلفة من البديهيات، فلو جاز القدح في البديهيات بالنظريات لزم فساد البديهيات والنظريات، فإن فساد الأصل يستلزم فساد فرعه، فتبين أن من سوغ القدح في القضايا البديهية الأولية [الفطرية بقضايا] نظرية (2) ، فقوله باطل يستلزم فساد العلوم العقلية بل والسمعية.
    وأيضا لفظ " الوهم " في اللغة العامة يراد به الخطأ، وأنت أردت به قوة تدرك ما في الأجسام من المعاني التي ليست محسوسة، وحينئذ فالحاكم بهذا الامتناع إن كان حكم به في غير جسم فليس هو الوهم، وإن كان إنما حكم به في جسم فحكمه صادق فيه، فلم قلت: إن هذا هو حكم الوهم فيما لا يقبل حكمه فيه؟ .
    ومعلوم أن ما تحكم به (3) الفطرة السليمة من القضايا الكلية المعلومة

    _________
    (1) ن، م: فيعرف من هذا. .
    (2) ن (فقط) : البديهية الأولية النظرية، وهو خطأ.
    (3) ن، م: ما لا تحكم به، وهو خطأ.
    ***************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #105
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (102)
    صـ 152 إلى صـ 158

    لها، ليس فيها ما يحصل (1) بعضه من حكم الوهم الباطل، وبعضه من حكم العقل الصادق، وإنما يعلم أن الحكم من حكم الوهم الباطل إذا عرف بطلانه، فأما أن يدعي بطلانه بدعوى كونه من حكم الوهم، فهذا غير ممكن، [وبسط هذه الأمور له موضع آخر] (2) .
    والمقصود هنا أن هذا المبتدع وأمثاله من نفاة ما أثبته الله ورسوله لنفسه من معاني الأسماء والصفات من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من المتفلسفة والرافضة [وغيرهم] (3) ، لا يعتمدون فيما يقولونه على دليل صحيح لا سمعي ولا عقلي.
    أما السمعيات فليس معهم نص واحد يدل على قولهم [لا قطعا ولا ظاهرا] (4) ، ولكن نصوص الكتاب والسنة متظاهرة على نقيض (5) قولهم، ودالة على ذلك أعظم من دلالتها على المعاد والملائكة وغير ذلك مما أخبر الله به رسوله، ولهذا سلط الله عليهم (6) الدهرية المنكرون للقيامة ولمعاد الأبدان، وقالوا: إذا جاز لكم أن تتأولوا ما ورد في الصفات، جاز لنا أن نتأول ما ورد في المعاد، وقد أجابوهم بأنا قد علمنا ذلك بالاضطرار من دين الرسول.

    _________
    (1) ن (فقط) : ما يحكم، وهو تحريف.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) وغيرهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) ن: بعض، وهو خطأ.
    (6) أ، ب: ولهذا تسلط عليهم ; م: ولهذا سلط عليهم.
    ***********************

    فقال لهم أهل الإثبات: وهكذا العلم بالصفات (1) في الجملة هو مما يعلم بالضرورة مجيء الرسول به، وذكره في الكتاب والسنة أعظم من ذكر الملائكة والمعاد، مع أن المشركين من العرب لم تكن تنازع فيه كما كانت تنازع في المعاد، مع أن التوراة مملوءة من ذلك، ولم ينكره الرسول على اليهود كما أنكر عليهم ما حرفوه وما وصفوا به الرب من النقائص كقولهم: {إن الله فقير ونحن أغنياء} [سورة آل عمران: 181] ، و {يد الله مغلولة} [سورة المائدة: 64]
    [ونحو ذلك] (2) ، وذلك مما يدل على أن الله (3) أظهر في السمع والعقل من المعاد، فإذا كانت نصوص المعاد لا [يجوز] (4) تحريفها فهذا بطريق الأولى، وهذه الأمور مبسوطة في موضع آخر (5) .

    والجواب الثاني: (6) أن يقال: هذا الدليل قد عرف ضعفه ; لأنه إذا كان هذا الحادث ليس بدائم، وهذا ليس بدائم باق، يجب أن يكون نوع الحوادث ليست بدائمة (7) باقية كما أنه إذا كان هذا الحادث ليس بباق، [وهذا الحادث ليس بباق] (8) ، يجب أن يكون نوع الحوادث ليس بباق.

    _________
    (1) ب: فيقال لهم: وهكذا الإثبات وكذا العلم بالصفات ; أ: مثل نسخة (ب) إلا أن فيها. فقال لهم. . . إلخ. وأما المثبت فهو عن (ن) ، (م) .
    (2) ونحو ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) ن، م: على أنه.
    (4) يجوز: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: في موضعها.
    (6) بدأ الجواب الأول على دليل الرافضة والمعتزلة ص 146.
    (7) أ، ب: دائمة.
    (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. وفي (أ) ، (ب) : وهذا ليس بباق.
    ****************************

    بل هي باقية دائمة في المستقبل في الكتاب (1) والسنة وإجماع سلف الأمة وجمهورها (2) ، كما قال تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، والمراد دوام نوعه (3) ، لا دوام كل فرد فرد.
    قال تعالى: {لهم فيها نعيم مقيم} [سورة التوبة: 21] ، والمقيم هو نوعه. وقال: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [سورة ص: 54] ، والمراد أن نوعه لا ينفد وإن كان كل جزء منه ينفد، أي: ينقضي وينصرم (4) .
    وأيضا فإن ذلك يستلزم حدوث الحوادث بلا سبب، وذلك ممتنع في صريح العقل. وهذا الدليل هو أصل الكلام الذي ذمه السلف وعابوه ; لأنهم رأوه باطلا لا يقيم حقا ولا يهدم باطلا، [وقد تقدم الكلام على هذا في مسألة الحدوث] (5) .
    وتمام كشف (6) ذلك أن نقول في: الوجه الخامس (7) : إن الناس عليهم أن يؤمنوا بالله ورسوله، فيصدقوه فيما أخبر، ويطيعوه فيما أمر فهذا أصل السعادة وجماعها.

    _________
    (1) ن، م، أ: بالكتاب.
    (2) ن، م: وإجماع الأئمة.
    (3) ن، م: دوام وقوعه.
    (4) أ، ب: ويتصرم.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) كشف: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) الوجه الخامس: كذا في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ويبدو أن ابن تيمية يصل كلامه هنا أول كلامه في الوجه الخامس من الوجوه التي رد بها على القسم السابق من كلام ابن المطهر (ص [0 - 9] 7 - 99) وأول الوجه الخامس في ص [0 - 9] 02 من هذا الجزء.
    *****************************

    والقرآن كله يقرر هذا الأصل قال تعالى: {الم - ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين - الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون - والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون - أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} [سورة البقرة: 1 - 5] ، فقد وصف سبحانه بالهدى والفلاح المؤمنين الموصوفين في هذه الآيات.
    وقال تعالى لما أهبط آدم من الجنة: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى - ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى - قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا - قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [سورة طه: 123 - 126] ، فقد أخبر أن من اتبع الهدى الذي أتانا منه، وهو ما جاءت به الرسل، فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكره، وهو الذكر الذي أنزله، وهو كتبه التي بعث بها رسله (1) ، بدليل أنه قال بعد ذلك: {كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} .
    والذكر مصدر يضاف تارة (2) إلى الفاعل وتارة إلى المفعول، كما يقال: دق الثوب، ودق القصار (3) ، ويقال (4) : أكل زيد، وأكل الطعام،

    _________
    (1) ن: التي بعثت به الرسل ; م: الذي بعث بها الرسل.
    (2) أ، ب: تارة يضاف.
    (3) قصر الثوب وقصره (بتضعيف الصاد) قصارة وقصرا حوره ودقه بالقصرة، وهي قطعة من الخشب، وفاعل ذلك القصار (انظر: اللسان) .
    (4) ن: نقول ; م: ونقول.
    *************************

    ويقال: ذكر الله أي: ذكر العبد لله (1) ، ويقال: ذكر الله أي: ذكر الله الذي ذكره هو مثل ذكره عبده (2) ، ومثل القرآن الذي هو (3) ذكره.
    وقد يضاف الذكر إضافة الأسماء المحضة، فقوله: {ذكري} إن أضيف إضافة المصادر كان (4) المعنى: الذكر الذي ذكرته، وهو كلامه الذي أنزله، وإن أضيف إضافة الأسماء المحضة، فذكره هو ما اختص به من الذكر، والقرآن مما (5) اختص به من الذكر.
    قال تعالى: {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} [سورة الأنبياء: 50) وقال: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} [سورة الأنبياء: 2] ، وقال: {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين} [سورة يس: 69] ، وقال: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [سورة النحل: 44] ، وقال فيما يذكره من (6) ضمان الهدى والفلاح لمن اتبع الكتاب والرسول: {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} [سورة الأعراف: 157] ، وقال: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد} [سورة إبراهيم: 1] ، ونظائره في القرآن كثيرة.
    [الإثبات المفصل لصفات الكمال والنفي المجمل لصفات النقص]
    وإذا كان كذلك، فالله سبحانه بعث الرسل بما يقتضي الكمال من

    _________
    (1) أ، ب: ذكر العبد الله ; ن: أي ذكر الله، أي ذكر العبد لله.
    (2) ن: ويقول ذكر الله مثل ذكر عبده ; م: ويقول ذكر الله أي ذكر الله الذي هو ذكره وهو مثل ذكر عبده.
    (3) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ن، م: المصدر فكأن.
    (5) ن، م: ما.
    (6) أ، ب: في.
    **************************

    إثبات أسمائه وصفاته على وجه التفصيل، والنفي على طريق الإجمال للنقص والتمثيل، فالرب تعالى (1) موصوف بصفات الكمال [التي لا غاية فوقها، منزه عن النقص بكل وجه ممتنع، وأن يكون له مثيل في شيء من صفات الكمال] (2) ، فأما صفات النقص فهو منزه عنها مطلقا وأما صفات الكمال فلا يماثله - بل ولا يقاربه - (3) فيها شيء من الأشياء.
    والتنزيه يجمعه نوعان: نفي النقص، ونفي مماثلة غيره له في صفات الكمال، كما دل على ذلك سورة: {قل هو الله أحد} وغيرها [من القرآن] (4) ، مع دلالة العقل على ذلك، وإرشاد القرآن إلى ما يدل على ذلك من العقل، بل وقد أخبر الله أن في الآخرة من أنواع النعيم ما له شبه (5) في الدنيا، كأنواع المطاعم والمشارب والملابس والمناكح وغير ذلك، وقد قال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء (6) ، فحقائق تلك

    _________
    (1) ن، م: والرب سبحانه.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (3) ن، م: فلا تماثله بل ولا تقارنه.
    (4) من القرآن: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: ما ليس له شبه، وهو خطأ.
    (6) أورد الطبري هذا الأثر لقول الله تعالى: (وأتوا به متشابها) [سورة البقرة: 25] وقد ذكره بإسنادين (ط. المعارف) 1/391 - 392. وحدثني أبو كريب، قال: حدثنا الأشجعي - ح - وحدثنا محمد بن بشار، قال حدثنا مؤمل، قالا جميعا: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال أبو كريب في حديثه عن الأشجعي: لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا الأسماء. وقال ابن بشار في حديثه عن المؤمل، قال: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء. وأما الإسناد الثاني فهو: حدثنا عباس بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: ليس في الدنيا من الجنة شيء إلا الأسماء. ونقل ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية، وقال: " رواه ابن جرير، من رواية الثوري، وابن أبي حاتم من حديث أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به ". وقال السيوطي في " الدر المنثور " في تفسيره لتلك الآية " وأخرج مسدد وهناد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: " ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء. ".
    *****************************

    أعظم من حقائق هذه بما (1) لا يعرف قدره، وكلاهما مخلوق، والنعيم [الذي] (2) لا يعرف جنسه قد أجمله الله [سبحانه وتعالى] (3) بقوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} [سورة السجدة: 17] .
    وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[أنه] (4) قال: " «يقول الله تعالى: أعددت (5) لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» (6) فإذا كان هذان المخلوقان متفقين في الاسم مع أن بينهما في الحقيقة

    _________
    (1) ن: مما ; م: لما.
    (2) الذي: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) سبحانه وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) أنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: يقول الله إني أعددت.
    (6) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه في: البخاري 4/118 (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة) ، 6/116 (كتاب تفسير القرآن، باب تفسير سورة تنزيل السجدة) ، 9/144 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (يريدون أن يبدلوا كلام الله) ; مسلم 4/2174 (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، أول الكتاب من ثلاثة طرق) ; سنن الترمذي 5/26 (كتاب التفسير، باب تفسير سورة السجدة) ; سنن ابن ماجه 2/1447 (كتاب الزهد، باب صفة الجنة) ; سنن الترمذي 2/335 (كتاب الرقائق، باب ما أعد الله لعباده الصالحين) ; المسند (ط. المعارف) 17/46، 19/104.
    *************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #106
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (103)
    صـ 159 إلى صـ 165

    تباينا لا يعرف في الدنيا قدره (1) ، فمن المعلوم أن ما يتصف به الرب من صفات الكمال مباين لصفات خلقه، أعظم من مباينة مخلوق لمخلوق، ولهذا قال أعلم (2) الخلق بالله في [الحديث] الصحيح (3) : " «لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» " (4)
    وقال في الدعاء [المأثور] (5) الذي رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، عن ابن مسعود - رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «ما أصاب عبدا هم قط ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك [ابن عبدك] (6) وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته (7) أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب

    _________
    (1) ن، م: مع أن بينهما تفاوت في الحقيقة تباينا لا يعرف قدره في الدنيا.
    (2) ن، م: أعظم.
    (3) ن: في الصحيح ; م: في الصحاح.
    (4) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في: مسلم 1/352 (كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود) ، وأوله: فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدمه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ". والحديث في: سنن أبي داود 1/322 (كتاب الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود) ; سنن الترمذي 5/187 (كتاب الدعوات باب حدثنا الأنصاري أخبرنا معن. .) ; سنن ابن ماجه 2/1262 - 1263 (كتاب الدعاء، باب ما تعوذ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم) ; المسند (ط. الحلبي) 6/58، 201. .
    (5) المأثور: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ابن عبدك: ساقطة من (ن) فقط.
    (7) أ، ب: وأنزلته في كتابك وعلمته.
    ***************************

    عندك أن تجعل القرآن (1) ربيع قلبي، ونور صدري (2) ، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي ; إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله مكان حزنه فرحا (3) » . قالوا: يا رسول الله! أفلا نتعلمهن؟ قال: بلى، ينبغي لكل من سمعهن أن يتعلمهن " (4) فبين (5) أن لله أسماء استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك ولا نبي.
    وأسماؤه تتضمن صفاته، ليست أسماء أعلام محضة، كاسمه: العليم، والقدير، والرحيم، والكريم، والمجيد، والسميع، والبصير، وسائر أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى.
    وهو سبحانه مستحق للكمال المطلق ; لأنه واجب الوجود بنفسه، يمتنع العدم عليه، ويمتنع (6) أن يكون مفتقرا إلى غيره بوجه من الوجوه، إذ لو افتقر إلى غيره بوجه من الوجوه كان محتاجا إلى الغير، والحاجة إما إلى (7) حصول كمال له، وإما إلى دفع ما ينقص كماله، ومن احتاج

    _________
    (1) ا، م، ب: القرآن العظيم.
    (2) م: بصري.
    (3) أ، ب: مكانه فرحا.
    (4) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في المسند (ط. المعارف) 5/266 - 268 (رقم 3712) ، 6/153 - 154 رقم (3418) وصححه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - وتكلم عليه طويلا 5/266 - 268. وقال المنذري (الترغيب والترهيب 3/276) : " رواه أحمد والبزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والحاكم ". والحديث في المستدرك للحاكم 1/950 - 510. وانظر تعليقه وتعليق الذهبي. .
    (5) فبين: معطوفة على قوله: ولهذا قال أعلم الخلق. . . وقال في الدعاء المأثور. وفي (ن) ، (م) : فتبين.
    (6) ن (فقط) ويمكن، وهو خطأ.
    (7) ن، م: والحاجة سواء كانت إما إلى. .
    ***************************

    في شيء من كماله إلى غيره لم يكن كماله موجودا بنفسه، بل بذلك الغير، وهو بدون ذلك الكمال ناقص، والناقص لا يكون واجبا بنفسه، بل ممكنا مفتقرا إلى غيره ; لأنه لو كان واجبا بنفسه مع كونه ناقصا مفتقرا إلى كمال من غيره، لكان الذي يعطيه الكمال: إن كان ممكنا فهو مفتقر إلى واجب آخر، والقول في هذا كالقول في الأول، وإن كان واجبا ناقصا، فالقول فيه كالقول في الأول ; وإن كان واجبا كاملا فهذا هو الواجب بنفسه، وذاك الذي قدر واجبا ناقصا فهو مفتقر إلى هذا في كماله، وذاك (1) غني عنه، فهذا هو رب ذاك، وذاك عبده، ويمتنع مع كونه مربوبا معبدا أن يكون واجبا، ففرض كونه واجبا ناقصا محال.
    وأيضا، فيمتنع أن يكون نفس ما هو واجب بنفسه فيه نقص يفتقر في زواله إلى غيره ; لأن ذلك النقص حينئذ يكون ممكن الوجود وإلا لما قبله، وممكن العدم وإلا لكان لازما له لا يقبل الزوال، والتقدير أنه ممكن (2) زواله بحصول الكمال الممكن الوجود، فإن ما هو ممتنع لا يكون كمالا، وما هو ممكن: فإما أن يكون للواجب أو من الواجب، ويمتنع أن يكون المخلوق أكمل من الخالق، فالخالق (3) الواجب بنفسه أحق بالكمال الممكن الوجود الذي لا نقص فيه، فلا تكون ذاته مستلزمة لذلك الكمال ; فيكون ذلك الكمال - إذا وجد - مفتقرا إليه وإلى ذلك الغير الآخر، يحصل بهما جميعا، وكل منهما واجب بنفسه فلا يكون

    _________
    (1) ن، م: وهذا.
    (2) ن: يمكن.
    (3) أ، ب: والخالق.
    ****************************** ******

    ذلك الأثر لا من هذا ولا من هذا، بل هو شيء (1) منفصل عنهما.
    وتحقيق ذلك أن كمال الشيء هو من نفس الشيء وداخل فيه، فالواجب بنفسه لا يكون واجبا إن لم يكن ما هو داخل (2) في نفسه واجب الوجود لا يفتقر فيه إلى سبب منفصل عنه، فمتى افتقر فيما هو داخل فيه إلى سبب منفصل عنه لم تكن نفسه واجبة بنفسه، وما لا يكون داخلا في نفسه، لا يكون من كماله أيضا، بل يكون شيئا مباينا له، وإنما يكون ذلك شيئين: أحدهما واجب بنفسه والآخر شيء قرن به وضم إليه.
    وأيضا، فنفس واجب الوجود هو أكمل الموجودات، إذ الواجب أكمل من الممكن بالضرورة، فكل كمال ممكن له: إن كان لازما له امتنع أن يكون كماله مستفادا من غيره، أو أن (3) يحتاج فيه إلى غيره.
    وإن لم يكن لازما له: فإن لم يكن قابلا له من قبول غيره من الممكنات له، كان الممكن أكمل من الواجب، وما لا يقبله [لا] (4) واجب ولا ممكن ليس كمالا ; وإن كان قابلا له ولم تكن ذاته مستلزمة (5) له، كان غيره معطيا له إياه، والمعطي للكمال هو أحق بالكمال، فيكون ذلك المعطي أكمل منه، وواجب الوجود لا يكون غيره أكمل منه.
    وإذا قيل: ذلك الغير واجب أيضا.

    _________
    (1) ن، م: بل هو من شيء، والصواب من (ب) ، (أ) .
    (2) ب: إن لم يكن هو داخلا ; أ: إن لم يكن هو داخل. وأحسب أن الصواب هو الذي أثبته عن (ن) ، (م) .
    (3) ب: وأن.
    (4) لا: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م: لازمة.
    ****************************** *********

    فإن لم يكن كاملا بنفسه كان كل منهما معطيا للآخر الكمال، وهذا ممتنع ; [لأنه] (1) يستلزم كون كل من الشيئين مؤثرا في الآخر أثرا لا يحصل إلا بعد تأثير الآخر، فإن هذا لا يفيد ذلك الكمال للآخر حتى يكون كاملا، ولا يكون كاملا حتى يفيده الآخر الكمال، وهذا ممتنع، كما يمتنع أن لا يوجد هذا حتى يوجده (2) ذاك، ولا يوجد ذاك حتى يوجده هذا.
    وإن كان ذلك الغير واجبا كاملا بنفسه مكملا لغيره (3) ، والآخر واجب ناقص يحتاج في كماله إلى ذلك الكامل المكمل، كان جزء منه مفتقرا إلى ذاك ; وما افتقر جزء منه إلى غيره لم تكن جملته واجبة بنفسها.
    وإيضاح ذلك: أن الواجب بنفسه: إما أن يكون شيئا واحدا لا جزء له، أو يكون أجزاء. فإن كان شيئا واحدا لا جزء له، امتنع أن يكون له بعض، فضلا عن أن يقال: بعضه يفتقر إلى الغير وبعضه لا يفتقر إلى الغير، وامتنع أن يكون شيئين: أحدهما نفسه، والآخر كماله.
    وإن قيل: هو جزءان أو أجزاء، كان الواجب هو مجموع تلك الأجزاء، فلا يكون واجبا بنفسه حتى يكون المجموع واجبا بنفسه، (* فمتى كان البعض مفتقرا إلى سبب منفصل عن المجموع لم يكن واجبا بنفسه *) (4)

    _________
    (1) لأنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: يوجد.
    (3) ن، م: بكمال لغيره.
    (4) : ما بين النجمتين ساقط من (م) . س.
    ***********************

    وهذا المقام برهان بين لمن تأمله. وبيانه أن الناس متنازعون في إثبات الصفات لله: فأهل السنة يثبتون الصفات لله، وكثير من الفلاسفة والشيعة يوافقهم على ذلك، وأما الجهمية وغيرهم - كالمعتزلة (1) ومن وافقهم من الشيعة والفلاسفة كابن سينا ونحوه - فإنهم ينفون الصفات عن الله تعالى، ويقولون: (2) : إن إثباتها تجسيم وتشبيه وتركيب (3)
    [عمدة الفلاسفة على نفي الصفات هي حجة التركيب]
    وعمدة ابن سينا [وأمثاله] (4) على نفيها هي (5) حجة التركيب، وهو أنه لو كان له صفة لكان مركبا، والمركب مفتقر إلى جزئيه، وجزءاه (6) غيره، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه.
    وقد تكلم الناس على إبطال هذه الحجة من وجوه كثيرة بسبب أن لفظ " التركيب " و " الجزء " و " الافتقار " و " الغير " ألفاظ مجملة.
    فيراد بالمركب ما ركبه غيره، وما كان متفرقا فاجتمع، وما يقبل التفريق، والله سبحانه منزه عن هذا بالاتفاق، وأما الذات الموصوفة بصفات لازمة لها، فإذا سمى المسمي هذا تركيبا، كان هذا اصطلاحا له ليس هو المفهوم من لفظ المركب.
    والبحث إذا كان في المعاني العقلية لم يلتفت فيه إلى اللفظ.

    _________
    (1) ن، م: من المعتزلة.
    (2) ن، م: فهم ينفون الصفات لله ويقولون. .
    (3) ن: تشبيه وتجسيم وتركيب ; م: سنة وتركيب. .
    (4) " وأمثاله " ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: هو.
    (6) ن: وجزؤه.
    ****************************** *

    فيقال: هب أنكم سميتم هذا تركيبا (1) فلا دليل لكم على نفيه. ومن هذا الوجه ناظرهم أبو حامد الغزالي في " التهافت ".
    وكذلك لفظ " الجزء " يراد به بعض الشيء الذي ركب منه، كأجزاء المركبات من الأطعمة والنباتات والأبنية (2) ، وبعضه الذي يمكن [فصله] (3) عنه كأعضاء الإنسان، ويراد به صفته اللازمة له كالحيوانية للحيوان والإنسانية للإنسان والناطقية للناطق، ويراد به بعضه الذي لا يمكن تفريقه كجزء الجسم الذي لا يمكن مفارقته له: إما الجوهر الفرد، وإما المادة والصورة عند من يقول بثبوت ذلك [ويقول: إنه] (4) لا يوجد إلا بوجود الجسم، وإما غير ذلك عند من لا يقول بذلك.
    فإن الناس متنازعون في الجسم: هل هو مركب من المادة والصورة، أو من الجواهر المنفردة، أو لا من هذا [ولا من هذا] (5) ؟ على ثلاثة أقوال. وأكثر العقلاء على القول الثالث كالهشامية والنجارية والضرارية والكلابية [والأشعرية] (6) وكثير من الكرامية، وكثير من أهل الفقه والحديث والتصوف والمتفلسفة وغيرهم.
    والمقصود هنا أن لفظ " الجزء " (7) له عدة معان بحسب

    _________
    (1) ن، م: مركبا.
    (2) ن، م: من الأطعمة والأبنية والثياب.
    (3) فصله: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ويقول إنه: ساقطة من (ن) .
    (5) ولا من هذا: ساقطة من (ن) .
    (6) والأشعرية: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ن، م: الحركة، وهو تحريف من الناسخ.
    **********************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #107
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (104)
    صـ 166 إلى صـ 172

    الاصطلاحات.
    وكذلك لفظ " الغير يراد به ما باين (1) الشيء، فصفة الموصوف وجزؤه ليس غيرا له بهذا الاصطلاح، وهذا هو الغالب على الكلابية والأشعرية، وكثير من أهل الحديث والتصوف، والفقهاء أتباع الأئمة الأربعة، وكثير من الشيعة.
    وقد يقولون: الغيران ما جاز مفارقة أحدهما الآخر (2) بزمان أو مكان أو وجود، وقد يراد بلفظ " الغير " (3) ما لم يكن هو الآخر، وهذا هو الغالب على اصطلاح المعتزلة والكرامية ومن وافقهم من الشيعة والفلاسفة.

    وكذلك لفظ " الافتقار " يراد به [التلازم] (4) ، ويراد به افتقار المعلول إلى علته الفاعلة، ويراد به افتقاره إلى محله وعلته القابلة (5) .
    وهذا اصطلاح المتفلسفة الذين يقسمون لفظ العلة إلى: (* فاعلية وغائية ومادية وصورية، ويقولون: المادة - وهي القابل - والصورة هما علتا الماهية *) (6) ، والفاعل والغاية هما علتا وجود الحقيقة، وأما سائر النظار فلا يسمون المحل الذي هو القابل علة.

    [مناقشة الحجة التي احتج بها هؤلاء الفلاسفة ومن وافقهم على نفي الصفات]
    فهذه الحجة التي احتج بها هؤلاء الفلاسفة ومن وافقهم على نفي الصفات، مؤلفة من ألفاظ مجملة.
    فإذا قالوا: " لو كان موصوفا بالعلم والقدرة ونحو ذلك من الصفات

    _________
    (1) ن، م: ما يباين.
    (2) ن، م: للآخر.
    (3) ن، م: الغيرين.
    (4) التلازم: ساقطة من (ن) .
    (5) ن، م: المقابلة.
    (6) الكلام المقابل لهذه العبارات في نسختي (ن) ، (م) ناقص ومضطرب.
    *************************

    لكان مركبا، والمركب مفتقر إلى جزئه، وجزؤه غيره (1) ، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه ".
    قيل لهم: قولكم: " لكان مركبا ".
    إن أردتم به: لكان غيره قد ركبه، أو لكان مجتمعا بعد افتراقه، أو لكان قابلا للتفريق، فاللازم (2) باطل، فإن الكلام هو في (3) الصفات اللازمة للموصوف التي يمتنع وجوده بدونها، فإن الرب [سبحانه] (4) يمتنع أن يكون موجودا وهو ليس بحي ولا عالم ولا قادر، وحياته وعلمه وقدرته صفات لازمة لذاته.
    وإن أردتم بالمركب الموصوف (5) أو ما يشبه ذلك.
    قيل لكم 11) (6) : ولم 12) (7) قلتم: إن ذلك ممتنع؟
    قولهم: " والمركب مفتقر إلى غيره ".
    قيل: أما المركب بالتفسير الأول فهو مفتقر إلى ما يباينه، وهذا ممتنع على الله. وأما الموصوف بصفات الكمال اللازمة لذاته الذي سميتموه أنتم مركبا، فليس في اتصافه هنا بها ما يوجب كونه مفتقرا إلى مباين له.
    فإن قلتم: هي غيره، وهو لا يوجد إلا بها، وهذا افتقار إليها.

    _________
    (1) ن، م: إلى جزئه وغيره.
    (2) ن: فالتلازم.
    (3) ن، م: من.
    (4) سبحانه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م: للموصوف، وهو تحريف.
    (6) ن: لهم.
    (7) أ، ب: ولو.
    ****************************** *

    قيل لكم (1) : إن أردتم بقولكم: " هي غيره " أنها مباينة له، فذلك باطل (2) . وإن أردتم أنها ليست إياه، قيل لكم (3) : وإذا لم تكن الصفة هي الموصوف فأي محذور في هذا؟
    فإذا قلتم: هو مفتقر إليها.
    قيل: أتريدون بالافتقار أنه مفتقر إلى فاعل يفعله، أو محل يقبله؟ أم تريدون أنه مستلزم لها فلا يكون موجودا إلا وهو متصف بها؟ (4 فإن أردتم الأول، كان هذا باطلا، وإن أردتم الثاني، قيل: وأي محذور في هذا؟
    وإن قلتم: هي مفتقرة إليه 4) (4) .
    قيل: أتريدون أنها مفتقرة إلى فاعل يبدعها، أو (5) إلى محل تكون موصوفة به؟
    أما الثاني فأي محذور فيه؟ وأما الأول فهو باطل (6) ، إذ الصفة اللازمة للموصوف لا يكون فاعلا لها.
    وإن قلتم: هو موجب لها، أو علة لها، أو مقتض لها، فالصفة إن كانت واجبة، فالواجب لا يكون معلولا، ويلزم تعدد الواجب وهو الصفة والموصوف ; وإن كانت ممكنة بنفسها، فالممكن بنفسه لا يوجد

    _________
    (1) ن: لهم.
    (2) ن، م:. . له فباطل.
    (3) لكم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) (4 - 4) : ساقط من (ب) فقط.
    (5) ن، م: أم.
    (6) أ، ب: وأما الأول فباطل.
    *****************************

    إلا بموجب، فتكون الذات هي الموجبة، والشيء الواحد لا يكون فاعلا وقابلا.
    قيل لكم: لفظ الواجب بنفسه والممكن بنفسه قد صار فيه اشتراك في خطابكم، فقد يراد بالواجب بنفسه ما لا مبدع له ولا علة فاعلة، ويراد بالواجب بنفسه (1) ما لا مبدع له ولا محل، ويراد بالواجب بنفسه ما لا يكون له (2) صفة لازمة ولا [يكون] موصوفا ملزوما (3) .
    فإن أردتم بالواجب بنفسه ما لا مبدع له ولا علة فاعلة، فالصفة واجبة بنفسها، وإن أردتم ما لا محل له يقوم به فالصفة ليست واجبة بنفسها بل الموصوف هو الواجب بنفسه، وإن أردتم بالواجب ما ليس بملزوم لصفة ولا لازم فهذا لا حقيقة له، بل هذا لا يوجد إلا في الأذهان لا في الأعيان، وأنتم قدرتم شيئا في أذهانكم ووصفتموه بصفات يمتنع معها (4) وجوده، فجعلتم ما هو واجب الوجود بنفسه ممتنع الوجود، وهذه الأمور قد بسطت في غير هذا الموضع.
    والغرض هنا (5) التنبيه على هذا، إذ المقصود في هذا المقام يحصل على التقديرين، فنقول: واجب الوجود بنفسه سواء قيل بثبوت الصفات له وسمي ذلك تركيبا أو لم يسم، أو قيل بنفي الصفات عنه، يمتنع أن

    _________
    (1) ن، م: بالموجب بنفسه.
    (2) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) في النسخ الأربع: ولا موصوفا ملزوما، وإثبات كلمة (يكون) يقيم العبارة لغة ومعنى.
    (4) ن: بها.
    (5) أ، ب: والمقصود والغرض هنا. . إلخ.
    ********************

    يكون مفتقرا إلى شيء مباين له. وذلك أنه إذا (1) قدر أنه ليس فيه معان متعددة بوجه من الوجوه - كما يظنه من يظنه من نفاة الصفات - فهذا يمتنع أن يكون له كمال مغاير له، وأن يكون شيئين، وحينئذ فلو كان فيه ما هو مفتقر إلى غيره للزم تعدد المعاني فيه، وهذا ممتنع على التقديرين (2) .
    وإن قيل: إن فيه معان متعددة ; فواجب الوجود هو مجموع تلك الأمور المتلازمة، إذ يمتنع وجود شيء منها دون شيء، وحينئذ فلو افتقر شيء من ذلك المجموع إلى أمر منفصل لم يكن واجب الوجود، فهو سبحانه مستلزم لحياته وعلمه وقدرته وسائر صفات كماله، وهذا هو الموجود الواجب بنفسه، وهذه الصفات لازمة لذاته، وذاته مستلزمة لها، وهي داخلة في مسمى اسم نفسه ; وفي سائر أسمائه تعالى، فإذا كان واجبا بنفسه وهي داخلة في مسمى اسم نفسه (3) لم يكن موجودا إلا بها، فلا يكون مفتقرا فيها إلى شيء مباين له أصلا.
    ولو قيل: إنه يفتقر في كونه حيا أو عالما أو قادرا إلى غيره، فذلك الغير: إن كان ممكنا كان مفتقرا إليه، وكان هو سبحانه ربه، فيمتنع أن يكون ذلك مؤثرا فيه ; لأنه يلزم أن يكون هذا مؤثرا في هذا، وهذا مؤثرا في هذا، وتأثير كل منهما في الآخر لا يكون إلا بعد حصول أثره فيه ; لأن التأثير لا يحصل إلا مع كونه حيا عالما قادرا، فلا يكون هذا حيا عالما قادرا

    _________
    (1) ن، م: إن.
    (2) أ: وذلك ممتنع مفتقر ; ب: وذلك ممتنع على التقديرين، وكلمة " مفتقر " لا تتفق مع سياق الجملة.
    (3) ن، م: في مسمى اسمه.
    ****************************** **

    حتى يجعله الآخر كذلك، (1 ولا يكون هذا حيا عالما قادرا حتى يجعله الآخر كذلك 1) (1) فلا يكون أحدهما حيا عالما قادرا إلا بعد أن يجعل الذي جعله حيا عالما قادرا [حيا عالما قادرا] (2) ، ولا يكون حيا عالما قادرا [إلا بعد كونه حيا علما قادرا] (3) بدرجتين.
    وهذا كله مما يعلم امتناعه بصريح العقل، وهو من المعارف الضرورية التي لا ينازع فيها العقلاء، وهذا من الدور القبلي: دور العلل ودور الفاعلين ودور المؤثرين، وهو ممتنع باتفاق العقلاء، بخلاف دور المتلازمين، وهو أنه لا يكون هذا إلا مع هذا (4 ولا يكون هذا إلا مع هذا 4) (4) ، فهذا جائز سواء كانا لا فاعل لهما كصفات [الله] (5) أو كانا مفعولين والمؤثر التام فيهما غيرهما.
    وهذا جائز (6) ، فإن الله يخلق الشيئين معا للذين لا يكون أحدهما إلا مع الآخر: كالأبوة والبنوة، فإن الله إذا خلق الولد فنفس خلقه للولد جعل هذا أبا وهذا ابنا، وإحدى الصفتين لم تسبق الأخرى ولا تفارقها، بخلاف ما إذا كان أحد الأمرين هو من تمام المؤثر في الآخر فإن هذا ممتنع، فإن الأثر لا يحصل إلا بالمؤثر التام، فلو كان تمام هذا المؤثر من

    _________
    (1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (4) (4 - 4) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (5) لفظ الجلالة غير موجود في (ن) .
    (6) وهذا جائز: ساقطة من (ن) .
    ****************************** *****

    تمام ذاك (1) ، وتمام ذاك المؤثر من تمام هذا (2) ، كان كل من التمامين (3) متوقفا على تمام مؤثره، وتمام مؤثره موقوفا عليه نفسه، فإن الأثر لا يوجد إلا بعد تمام مؤثره، فلا (4) يكون كل من الأثرين من تمام نفسه التي تم تأثيرها به، فأن لا يكون من تمام المؤثر في تمامه بطريق الأولى، فإن الشيء إذا امتنع أن يكون علة أو فاعلا أو مؤثرا (* في نفسه، أو في تمام كونه علة ومؤثرا *) (5) وفاعلا له، أو لشيء من تمامات تأثيره ; فلأن يمتنع كونه فاعلا لفاعل نفسه، أو مؤثرا في المؤثر في نفسه وفي تمامات تأثير ذلك، أولى وأحرى.
    فتبين أنه يمتنع كون شيئين كل منهما معطيا للآخر) (6) شيئا من صفات الكمال أو شيئا مما به يصير معاونا له على الفعل (7) ، سواء أعطاه كمال علم أو قدرة أو حياة أو غير ذلك، فإن هذا كله يستلزم الدور في تمام الفاعلين وتمام المؤثرين، وهذا ممتنع.
    وبهذا يعلم أنه يمتنع أن يكون للعالم صانعان متعاونان لا يفعل أحدهما إلا بمعاونة الآخر، ويمتنع أيضا أن يكونا مستقلين ; لأن

    _________
    (1) ن، م: من ذاك.
    (2) ن، م: من هذا.
    (3) ن: المتمامين ; م: المتماثلين، وهو تحريف.
    (4) ا، ب: ولا.
    (5) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (6) أ، ب: يعطي الآخر.
    (7) 6) أ، ب: مما يصير به معاونا على الفعل.
    ****************************** *****

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #108
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (105)
    صـ 173 إلى صـ 179

    استقلال أحدهما يناقض استقلال الآخر، وسيأتي بسط هذا (1) .
    والمقصود هنا أنه يمتنع أن يكون أحدهما يعطي الآخر كماله، ويمتنع أن يكون الواجب بنفسه مفتقرا في كماله إلى غيره، فيمتنع أن يكون مفتقرا إلى غيره بوجه من الوجوه، فإن الافتقار: إما في تحصيل الكمال، وإما في منع سلبه الكمال، فإنه إذا كان كاملا بنفسه ولا يقدر غيره (2) أن يسلبه كماله، لم يكن محتاجا بوجه من الوجوه، فإن ما ليس كمالا له فوجوده ليس مما يمكن أن يقال: إنه يحتاج [إليه] (3) ؛ إذ حاجة الشيء إلى ما ليس من كماله ممتنعة، وقد تبين أنه لا يحتاج إلى غيره في حصول كماله، وكذلك (4) لا يحتاج في منع سلب الكمال كإدخال نقص عليه، وذلك لأن ذاته (5) إن كانت مستلزمة لذلك الكمال امتنع وجود الملزوم بدون اللازم، فيمتنع أن يسلب ذلك الكمال مع كونه واجب الوجود بنفسه، وكون لوازمه يمتنع عدمها.
    فإن قيل: إن ذاته لا تستلزم كماله (6) ، كان مفتقرا في حصول ذلك الكمال إلى غيره، وقد تبين أن ذلك ممتنع.
    فتبين أنه يمتنع احتياجه إلى غيره في تحصيل شيء أو دفع شيء، وهذا هو المقصود، فإن الحاجة لا تكون إلا لحصول شيء أو دفع

    _________
    (1) يتكلم ابن تيمية عن هذا الموضوع بالتفصيل فيما بعد 2/59 - 74 بولاق.
    (2) ن، م: أحد.
    (3) إليه: ساقطة من (ن) فقط.
    (4) ن، م: ولذلك.
    (5) ن: وذلك لا ذاته، وهو تحريف.
    (6) ن (فقط) : إن كماله تستلزم كماله، وهو تحريف.
    *************************

    شيء: إما حاصل يراد إزالته، أو ما لم يحصل بعد فيطلب منعه. ومن كان لا يحتاج (1) إلى غيره في جلب شيء ولا في دفع شيء امتنعت حاجته مطلقا، فتبين أنه غني عن غيره مطلقا.
    وأيضا، فلو قدر أنه محتاج إلى الغير، لم يخل: إما أن يقال: إنه يحتاج إليه في شيء (2) من لوازم وجوده، أو شيء من العوارض له.
    أما الأول فيمتنع، فإنه لو افتقر إلى غيره في شيء من لوازمه لم يكن موجودا إلا بذلك الغير ; لأن وجود الملزوم بدون اللازم ممتنع، فإذا كان لا يوجد إلا بلازمه، ولازمه لا يوجد إلا بذلك الغير، لم يكن هو موجودا [إلا بذلك الغير، فلا يكون موجودا بنفسه، بل يكون: إن وجد ذلك الغير وجد، وإن لم يوجد لم يوجد، ثم ذلك الغير: إن لم يكن موجودا] (3) بنفسه واجبا بنفسه افتقر إلى فاعل مبدع، فإن كان هو الأول لزم الدور في العلل: وإن كان غيره لزم التسلسل في العلل، وكلاهما ممتنع باتفاق العقلاء كما قد بسط في موضع آخر.
    وإن كان ذلك الغير واجبا بنفسه موجودا بنفسه (4) والأول كذلك (5) ، كان كل منهما لا يوجد إلا بوجود الآخر، وكون كل من الشيئين لا يوجد إلا مع الآخر جائز إذا كان لهما سبب غيرهما، كالمتضايفين مثل الأبوة والبنوة،

    _________
    (1) ن، م: منعه وكل من لا يحتاج.
    (2) ن (فقط) : يحتاج إلى شيء.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (4) ا، ب: الغير موجودا بنفسه واجبا بنفسه.
    (5) كذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    *****************************

    فلو كان لهما سبب غيرهما، كانا ممكنين يفتقران (1) إلى واجب بنفسه، والقول فيه كالقول فيهما.
    وإذا كانا واجبين بأنفسهما، امتنع أن يكون وجود كل منهما أو وجود شيء من لوازمه بالآخر ; لأن كلا منهما يكون علة أو جزء علة في الآخر، فإن كلا منهما لا يتم إلا بالآخر، وكل منهما لا يمكن أن يكون علة ولا جزء علة إلا إذا كان موجودا، وإلا فما لم يوجد لا يكون مؤثرا في غيره ولا فاعلا لغيره، فلا (2) يكون هذا مؤثرا في ذاك حتى يوجد هذا، (* ولا يكون ذاك مؤثرا في هذا حتى يوجد ذاك (3) *) (4) ، فيلزم أن لا يوجد هذا حتى يوجد ذاك (5) ولا يوجد ذاك حتى يوجد هذا، ولا يوجد هذا حتى يوجد مفعول هذا، فيكون هذا فاعل فاعل هذا، وكذلك لا يوجد ذاك حتى يوجد فاعل [ذاك] (6) ، فيكون ذاك فاعل فاعل ذاك.
    ومن المعلوم أن كون الشيء علة لنفسه، أو جزء علة لنفسه، أو شرط علة نفسه، ممتنع بأي عبارة عبر عن هذا المعنى، فلا يكون فاعل نفسه، ولا جزءا من الفاعل، ولا شرطا في الفاعل لنفسه، ولا تمام الفاعل لنفسه، ولا يكون مؤثرا في نفسه، ولا تمام المؤثر في نفسه، فالمخلوق

    _________
    (1) ن، م: مفتقرين.
    (2) ن، م: ولا.
    (3) ن، م: هذا، والصواب ما أثبته.
    (4) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م: هذا. وبعد كلمة " هذان " يوجد اضطراب وتكرار في نسختي (ن) ، (م) ، ولذلك حذفت هذه العبارات ولم أثبتها منهما.
    (6) ذاك: ساقطة من (ن) فقط.
    ******************************

    لا يكون رب نفسه، ولا يحتاج الرب نفسه بوجه من الوجوه إليه في خلقه (1) ؛ إذ لو احتاج إليه في خلقه لم يخلقه حتى يكون، ولا يكون حتى يخلقه، فيلزم الدور القبلي لا المعي (2) .
    وإذا لم يكن مؤثرا في نفسه فلا يكون مؤثرا في المؤثر في نفسه (* بطريق الأولى، فإذا قدر واجبان كل واحد منهما له تأثير ما في الآخر، لزم أن يكون كل منهما مؤثرا في المؤثر في نفسه *) (3) وهذا ممتنع [كما تبين] (4) ، فيمتنع تقدير واجبين كل منهما مؤثر في الآخر بوجه من الوجوه، فامتنع أن يكون الواجب بنفسه مفتقرا في شيء من لوازمه إلى غيره، سواء قدر أنه واجب أو ممكن.
    وهذا مما يعلم به امتناع أن يكون للعالم صانعان، فإن الصانعين إن كانا مستقلين كل منهما فعل الجميع، كان هذا متناقضا [ممتنعا] (5) لذاته، فإن فعل أحدهما للبعض يمنع استقلال الآخر به، فكيف باستقلاله به؟ !
    ولهذا اتفق العقلاء (6) على امتناع اجتماع مؤثرين تامين في أثر واحد ; لأن ذلك جمع بين النقيضين؛ إذ كونه (7) وجد بهذا وحده يناقض كونه

    _________
    (1) ن، م: ولا يحتاج إليه ربه بوجه من الوجوه في خلقه.
    (2) ن، م: القبلي العلي، وهو تحريف.
    (3) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (4) كما تبين: ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) ممتنعا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ن، م: العلماء.
    (7) ن، م: أو كونه، وهو تحريف.
    ****************************** *****

    وجد بالآخر وحده، وإن كانا متشاركين متعاونين، فإن كان فعل كل واحد (1) منهما مستغنيا عن فعل الآخر وجب أن يذهب كل إله بما خلق، فتميز مفعول هذا [عن مفعول هذا] (2) ، ولا يحتاج إلى الارتباط به، وليس الأمر كذلك، بل العالم كله متعلق بعضه ببعض، هذا مخلوق من هذا وهذا [مخلوق] من هذا (3) ، وهذا محتاج إلى هذا من جهة كذا، وهذا محتاج إلى هذا من جهة كذا، لا يتم شيء من أمور العالم إلا بشيء [آخر منه] (4) .
    وهذا يدل على أن العالم كله فقير إلى غيره لما فيه من الحاجة، ويدل على أنه ليس فيه فعل لاثنين، بل كله مفتقر إلى واحد.
    فالفلك الأطلس الذي هو أعلى الأفلاك في جوفه سائر الأفلاك، والعناصر والمولدات والأفلاك متحركات بحركات مختلفة [مخالفة] (5) لحركة التاسع، فلا يجوز أن تكون حركته هي سبب تلك الحركات المخالفة لحركته إلى (6) جهة أخرى أكثر مما (7) يقال: إن الحركة الشرقية هو سببها، وأما الحركات الغربية فهي مضادة لجهة حركته، فلا يكون هو سببها، [وهذا] (8) مما يسلمه هؤلاء (9)

    _________
    (1) واحد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (3) أ، ب: هذا مخلوق من هذا، وهذا من هذا، وهذا من هذا.
    (4) ب: لا يتم شيء من أمور شيء من العالم إلا بشيء.
    (5) مخالفة: ساقطة من (ن) فقط.
    (6) أ، ب: على.
    (7) أ، ب: ما.
    (8) وهذا: ساقطة من (ن) فقط.
    (9) كلام ابن تيمية عن فلك الأطلس وسائر الأفلاك التي في جوفه وحركات الأفلاك متصل بنظرية الفلاسفة المعروفة بنظرية الفيض أو الصدور أو العقول العشرة. انظر كلام الفلاسفة عنها في: رسائل الكندي الفلسفية 1/238 - 261 ; الفارابي: آراء أهل المدينة الفاضلة، ص 24 - 25 (ط. مكتبة الحسين، 1368/1948) ; ابن سينا: النجاة، 3/448 - 455 ; الشفاء، قسم الإلهيات 2/393 - 409.
    ****************************** **

    وأيضا فالأفلاك في جوفه بغير اختياره، ومن جعل غيره فيه بغير اختياره كان مقهورا مدبرا، كالإنسان الذي جعل في باطنه أحشاؤه، فلا يكون واجبا بنفسه، فأقل درجات الواجب بنفسه أن لا يكون مقهورا مدبرا، [فإنه إذا كان مقهورا مدبرا] (1) كان مربوبا أثر فيه غيره، ومن أثر فيه غيره كان وجوده (2) متوقفا على وجود ذلك الغير، سواء كان الأثر كمالا أو نقصا، فإنه إذا (3) كان زيادة كان كماله موقوفا على الغير، وكماله منه فلا يكون موجودا بنفسه، وإن كان نقصا [كان غيره قد] (4) نقصه، ومن نقصه غيره لم يكن ما نقصه هو واجب الوجود بنفسه (5) ، فإن [ما] كان (6) واجب الوجود بنفسه يمتنع عدمه، فذاك الجزء المنقوص ليس واجب الوجود (7) ولا من لوازم واجب الوجود، وما لم يكن كذلك لم يكن عدمه نقصا؛ إذ النقص عدم كمال، والكمال الممكن هو من لوازم واجب الوجود كما تقدم، والتقدير أنه نقص، فتبين أن من نقصه غيره شيئا من لوازم وجوده،

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. وفي (م) : فأما إذا. . إلخ.
    (2) وجوده: ساقطة من (ن) فقط.
    (3) ن، م: إن.
    (4) كان غيره قد: ساقط من (ن) فقط.
    (5) بنفسه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) ن، م: فإن كان. . .
    (7) ن، م: والنقص ليس واجب الوجود.
    ****************************** *

    أو أعطاه (1) شيئا من لوازم وجوده، لم يكن واجب الوجود بنفسه.
    فالفلك الذي قد حشي بأجسام كثيرة بغير اختياره محتاج إلى ذلك الذي حشاه بتلك الأجسام، فإنه إذا كان حشوه كمالا له، لم يوجد كماله إلا بذلك الغير، فلا يكون واجبا بنفسه، وإن كان نقصا فيه كان غيره قد سلبه الكمال الزائل (2) بذلك النقص، فلا تكون ذاته مستلزمة لذلك الكمال، إذا لو استلزمته لعدمت بعدمه، وكماله من تمام نفسه، فإذا كان جزء نفسه غير واجب، لم تكن نفسه واجبة كما تقدم بيانه.
    وأيضا، فالفلك الأطلس إن قيل: إنه لا تأثير له (3) في شيء من العالم، وجب أن لا يكون هو المحرك للأفلاك التي فيه، وهي متحركة بحركته، ولها حركة تخالف حركته، فيكون في الفلك الواحد قوة تقتضي حركتين متضادتين، وهذا ممتنع فإن الضدين لا يجتمعان، ولأن المقتضي للشيء لو كان مقتضيا لضده الذي لا يجامعه، لكان فاعلا له غير فاعل [له] (4) ، 8 فإن كان مريدا له [كان مريدا] (5) غير مريد، وهو جمع بين [النقيضين] (6) ، وإن كان له تأثير في تحريك الأفلاك، أو غير ذلك فمعلوم أنه غير مستقل بالتأثير ; لأن تلك الأفلاك لها حركات تخصها من غير تحريكه ; ولأن ما يوجد في الأرض من الآثار لا بد فيه من الأجسام

    _________
    (1) ن، م: وأعطاه.
    (2) ن، م: الزائد، وهو تحريف.
    (3) ن، م: إن له تأثير، وهو تحريف.
    (4) له: ساقطة من (ن) فقط
    (5) كان مريدا: ساقطة من (ن) فقط.
    (6) ن (فقط) : بين الضدين النقيضين.
    ****************************** *



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #109
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (106)
    صـ 180 إلى صـ 186

    العنصرية، وتلك الأجسام إن لم يكن فاعلا لها فهو محتاج إلى ما لم (1) يفعله، وإن قدر أنه المؤثر فيها فليس مؤثرا مستقلا فيها ; لأن الآثار الحاصلة فيها لا تكون (2) إلا باجتماع اتصالات وحركات تحصل بغيره.
    فتبين أن تأثيره مشروط بتأثير غيره، وحينئذ فتأثيره من كماله، فإن المؤثر أكمل من غير المؤثر، وهو مفتقر في هذا الكمال إلى غيره، فلا يكون واجبا بنفسه، فتبين أنه ليس واجبا بنفسه من هذين الوجهين، وتبين [أيضا] أن فاعله (3) ليس مستغنيا عن فاعل تلك الأمور التي يحتاج إليها الفلك، لكون الفلك ليس متميزا مستغنيا من كل وجه عن كل ما سواه، بل هو محتاج إلى ما سواه من المصنوعات، فلا يكون واجبا بنفسه، ولا مفعولا لفاعل مستغن عن فاعل ما سواه.

    [امتناع وجود ربين للعالم]

    وإذا كان الأمر في الفلك الأطلس هكذا، فالأمر في غيره أظهر، فأي شيء اعتبرته من العالم (4) وجدته مفتقرا إلى شيء آخر من العالم، فيدلك ذلك مع كونه [ممكنا مفتقرا ليس بواجب بنفسه] (5) على (6) أنه مفتقر إلى فاعل ذلك الآخر (7) ، فلا يكون في العالم فاعلان فعل كل منهما ومفعوله مستغن عن فعل الآخر ومفعوله، وهذا كالإنسان مثلا فإنه يمتنع أن يكون

    _________
    (1) لم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: لا تحصل.
    (3) ن (فقط) : وتبين أنه فاعله.
    (4) ن (فقط) : العامل، وهو تحريف.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (6) أ، ب: إلى. والمثبت من (م) .
    (7) ن (فقط) : مع كونه مفتقرا إلى فاعل ذلك الآخر، وهو نقص وتحريف.
    **********************

    الذي خلقه غير الذي خلق ما (1) يحتاج إليه، فالذي خلق مادته كمني الأبوين ودم الأم هو الذي خلقه، والذي خلق الهواء الذي يستنشقه والماء الذي يشربه هو الذي خلقه ; لأن خالق ذلك [لو] (2) كان خالقا غير خالقه، فإن كانا خالقين كل منهما مستغن عن الآخر في فعله ومفعوله، كان ذلك ممتنعا ; لأن الإنسان محتاج إلى المادة والرزق، فلو كان خالق مادته ورزقه غير خالقه، لم يكن مفعول أحدهما مستغنيا عن مفعول الآخر.
    فتبين [بذلك] (3) أنه يمتنع أن يكون للعالم فاعلان، مفعول كل منهما مستغن عن مفعول الآخر، كما قال تعالى: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق} [سورة المؤمنون: 91] .
    ويمتنع (4) أن يكونا مستقلين ; لأنه جمع بين النقيضين، ويمتنع أن يكونا متعاونين متشاركين، كما يوجد ذلك في المخلوقين يتعاونون على المفعولات ; لأنه حينئذ لا يكون أحدهما فاعلا إلا بإعانة الآخر له، وإعانته فعل منه لا يحصل إلا بقدرته، بل [وبعلمه] (5) وإرادته، فلا يكون هذا معينا لذاك حتى يكون ذاك معينا لهذا، ولا يكون ذاك (6) معينا لهذا حتى يكون هذا معينا لذاك ; وحينئذ لا يكون هذا معينا لذاك ولا ذاك

    _________
    (1) عبارة " خلق ما ": ساقطة من (ب) وفي (أ) : غير الذي ما يحتاج إليه.
    (2) لو: ساقطة من (ن) فقط.
    (3) بذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ن (فقط) : وممتنع.
    (5) ن، م: وبعمله، وهو تحريف.
    (6) ن، م: هذا.
    **************************

    معينا لهذا، كما لا يكون الشيء معينا لنفسه بطريق الأولى، فالقدرة التي بها يفعل الفاعل لا تكون حاصلة بالقدرة التي يفعل بها الفاعل الآخر، بل إما أن تكون (1) من لوازم ذاته، وهي قدرة الله تعالى، أو تكون حاصلة بقدرة غيره كقدرة العبد، فإذا قدر ربان متعاونان (2) لا يفعل أحدهما حتى يعينه الآخر، لم يكن أحدهما قادرا على الفعل بقدرة لازمة لذاته، ولا يمكن أن تكون قدرته حاصلة من الآخر ; لأن الآخر لا يجعله قادرا حتى يكون هو قادرا، فإذا لم تكن قدرة واحد منهما من نفسه، لم يكن لأحدهما قدرة بحال.
    فتبين امتناع كون العالم له ربان، وتبين امتناع كون واجب الوجود له كمال يستفيده من غيره، وتبين امتناع أن يؤثر في واجب الوجود غيره، وهو سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، وذلك الكمال لازم له ; لأن الكمال الذي يكون كمالا [للموجود] (3) ، إما أن يكون واجبا له، أو ممتنعا عليه، أو جائزا عليه، فإن كان واجبا له فهو المطلوب، وإن كان ممتنعا لزم أن يكون الكمال الذي للموجود ممكنا للممكن ممتنعا على الواجب، فيكون الممكن أكمل من الواجب.
    [عود إلى الكلام على اتصاف الله بصفات الكلام]
    وأيضا، فالممكنات فيها كمالات موجودة، وهي من الواجب بنفسه، والمبدع للكمال المعطي له الخالق له أحق بالكمال؛ إذ الكمال إما وجود، وإما كمال وجود، ومن أبدع الموجود كان أحق بأن يكون موجودا؛ إذ

    _________
    (1) ن، م: بل إنما يكون، وهو تحريف.
    (2) ب: بأن متعاونين، أ، ب: بان متعاونان، والمثبت عن (ن) .
    (3) ن، م: للوجود.
    ****************************** ****

    المعدوم لا يكون مؤثرا في الموجود (1) ، وهذا كله معلوم. فتبين أن الكمال ليس ممتنعا عليه، وإذا كان جائزا أن يحصل وجائزا أن لا يحصل، لم يكن حاصلا إلا بسبب آخر، فيكون واجب الوجود مفتقرا في كماله إلى غيره، وقد تبين بطلان هذا أيضا.
    فتبين أن الكمال لازم لواجب الوجود واجب له يمتنع سلب الكمال عنه، والكمال أمور وجودية، فالأمور العدمية لا تكون كمالا إلا إذا تضمنت أمورا وجودية، إذ العدم المحض ليس بشيء فضلا عن أن يكون كمالا، فإن الله سبحانه إذا ذكر ما يذكره من تنزيهه ونفي النقائص عنه، ذكر ذلك في سياق إثبات صفات الكمال له، كقوله تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} [سورة البقرة: 255] فنفي السنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيومية، وهذه من صفات الكمال.
    وكذلك قوله: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض} [سورة سبأ: 3] ، فإن نفي عزوب ذلك عنه يتضمن علمه به، وعلمه به من صفات الكمال.
    وكذلك قوله: {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} [سورة ق: 38] ، فتنزيهه لنفسه عن مس اللغوب يقتضي كمال قدرته، والقدرة من صفات الكمال، فتنزيهه يتضمن كمال حياته وقيامه وعلمه وقدرته، وهكذا نظائر ذلك.
    فالرب تعالى موصوف بصفات الكمال التي لا غاية فوقها، إذ كل غاية تفرض كمالا إما أن تكون واجبة له أو ممكنة أو ممتنعة. والقسمان

    _________
    (1) أ، ب: الوجود.
    *****************************

    الأخيران (1) باطلان فوجب الأول، فهو منزه عن النقص وعن مساواة شيء من الأشياء له في صفات الكمال، بل هذه المساواة هي من النقص أيضا، وذلك لأن المتماثلين يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر، ويجب له ما يجب له، ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، فلو قدر أنه ماثل شيئا في شيء من الأشياء، للزم اشتراكهما فيما يجب ويجوز ويمتنع [على] (2) ذلك الشيء، وكل ما سواه ممكن قابل للعدم، بل معدوم مفتقر إلى فاعل وهو مصنوع مربوب محدث، فلو ماثل غيره في شيء من الأشياء، للزم أن يكون هو والشيء الذي ماثله فيه ممكنا قابلا للعدم، بل معدوما مفتقرا إلى فاعل، مصنوعا مربوبا محدثا، وقد تبين أن كماله لازم لذاته لا يمكن أن يكون مفتقرا فيه إلى غيره، فضلا عن أن يكون ممكنا أو مصنوعا أو محدثا، فلو قدر مماثلة غيره له في شيء من الأشياء، للزم كون الشيء الواحد موجودا معدوما، ممكنا واجبا، قديما محدثا، وهذا جمع بين النقيضين.
    فالرب تعالى مستحق للكمال على وجه التفصيل كما أخبرت به الرسل، فإن الله [تعالى] (3) أخبر أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه سميع بصير، وأنه عليم قدير، عزيز حكيم، غفور رحيم، ودود مجيد، وأنه يحب المتقين والمحسنين والصابرين، ويرضى عن (4) الذين

    _________
    (1) ن، م: الآخران.
    (2) على: ساقطة من (ن) فقط.
    (3) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) ن، م: على.
    ****************************** *

    آمنوا وعملوا الصالحات، ولا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر، وأنه خلق السماوات والأرض [وما بينهما] (1) في ستة أيام ثم استوى على العرش، وأنه كلم موسى تكليما وناداه وناجاه، إلى غير ذلك مما جاء به الكتاب والسنة.
    وقال في التنزيه: {ليس كمثله شيء} [سورة الشورى: 11] ، {هل تعلم له سميا} [سورة مريم: 65) {فلا تضربوا لله الأمثال} [سورة النحل: 74] ، {ولم يكن له كفوا أحد} ، {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} [سورة البقرة: 22] فنزه نفسه عن النظير باسم الكفء والمثل والند والسمي (2) .
    وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وكتبنا رسالة مفردة في قوله: {ليس كمثله شيء} ، وما فيها من الأسرار والمعاني الشريفة (3) .
    فهذه طريقة الرسل وأتباعهم من سلف الأمة وأئمتها: إثبات مفصل، ونفي مجمل (4) ، إثبات صفات الكمال على وجه التفصيل، ونفي النقص والتمثيل، كما دل على ذلك سورة: {قل هو الله أحد الله الصمد} ، وهي تعدل ثلث القرآن [كما ثبت ذلك في الحديث

    _________
    (1) وما بينهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) أ (فقط) : والمسمى، وهو تحريف.
    (3) ذكر ابن قيم الجوزية في رسالة " أسماء مؤلفات ابن تيمية " ص [0 - 9] 6 أن لابن تيمية " رسالة في تفسير قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) نحو خمسين ورقة ".
    (4) ن (فقط) : محل، وهو تحريف.
    ****************************** ***

    الصحيح] (1) ، وقد كتبنا تصنيفا [مفردا] في تفسيرها (2) وآخر في كونها تعدل ثلث القرآن (3) .
    فاسمه الصمد يتضمن صفات الكمال، كما روى الوالبي، عن ابن عباس [- رضي الله عنهما] (4) أنه قال: [هو] (5) العليم الذي كمل في علمه، والقدير الذي كمل في قدرته، والسيد الذي كمل في سؤدده، والشريف الذي كمل في شرفه، والعظيم الذي كمل في عظمته، والحليم الذي كمل في حلمه، والحكيم الذي كمل في حكمته، وهو الذي كمل في أنواع الشرف والسؤدد، هو الله [سبحانه وتعالى] (6) هذه صفته [لا تنبغي إلا له] (7) .
    والأحد يتضمن نفي المثل عنه (8) ، والتنزيه الذي يستحقه [الرب] (9)

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: مصنفا في تفسيرها.
    (3) لابن تيمية كتاب " تفسير سورة الإخلاص " وقد طبع أكثر من مرة منها الطبعة الأولى بالمطبعة المنيرية، سنة 1352. وله أيضا كتاب " جواب أهل العلم والإيمان بتحقيق ما أخبر به رسول الرحمن من أن (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن " وقد طبع أكثر من مرة، منها طبعة المطبعة السلفية سنة 1376.
    (4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) سبحانه وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ب) : تبتغي، وهو تحريف، والمثبت من (أ) .
    (8) ن، م: له.
    (9) الرب: ساقطة من (ن) ، (م) .
    *************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #110
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (107)
    صـ 187 إلى صـ 193

    يجمعه نوعان: [أحدهما] (1) نفي النقص عنه، والثاني: نفي مماثلة شيء من الأشياء فيما يستحقه من صفات الكمال، فإثبات صفات الكمال له مع نفي مماثلة غيره له يجمع ذلك، كما دلت عليه هذه السورة.
    وأما المخالفون لهم من المشركين والصابئة، ومن اتبعهم من الجهمية والفلاسفة والمعتزلة ونحوهم، فطريقتهم (2) : نفي مفصل وإثبات مجمل، ينفون صفات الكمال، ويثبتون ما لا يوجد إلا في الخيال، فيقولون: [ليس بكذا ولا كذا. فمنهم من يقول] (3) : ليس له صفة ثبوتية، بل إما سلبية، وإما إضافية، وإما مركبة منهما، كما يقوله من يقوله من الصابئة والفلاسفة، كابن سينا وأمثاله، ويقول: هو وجود مطلق بشرط سلب الأمور الثبوتية عنه. ومنهم من يقول: وجود مطلق بشرط الإطلاق.
    وقد قرروا في منطقهم ما هو معلوم بالعقل الصريح: أن المطلق بشرط الإطلاق إنما وجوده في الأذهان لا في الأعيان، فلا يتصور في الخارج حيوان مطلق بشرط الإطلاق، ولا إنسان مطلق بشرط الإطلاق، ولا جسم مطلق بشرط الإطلاق، فيبقى واجب الوجود ممتنع الوجود في الخارج، وهذا مع أنه تعطيل وجهل وكفر فهو جمع بين النقيضين.
    ومن قال: مطلق بشرط سلب الأمور الثبوتية، فهذا أبعد من المطلق بشرط (4) الإطلاق، فإن هذا قيده (5) بسلب الأمور الوجودية (6) دون

    _________
    (1) أحدهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: فطريقهم.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ن: فهو أبعد من المطلق بعد شرط.
    (5) ن، م: قيد.
    (6) أ، ب: الموجودة.
    *****************************

    العدمية، وهذا (1) أولى بالعدم مما قيد (2) بسلب الأمور الوجودية والعدمية (3) ، وهو أيضا أبلغ في الامتناع، فإن الموجود المشارك لغيره في الوجود لا يمتاز عنه بوصف عدمي بل بأمر وجودي، فإذا قدر وجود لا يتمير عن غيره إلا بعدم، كان أبلغ في الامتناع من وجود يتميز بسلب الوجود والعدم.
    وأيضا، فإن هذا يشارك سائر الموجودات في مسمى الوجود، ويمتاز عنها بالعدم، وهي تمتاز عنه بالوجود، فيكون على قول هؤلاء: أي موجود من الممكنات قدر فهو أكمل من الواجب، وهذا [في] غاية [الفساد] والكفر (4) .
    وإن قالوا: هو مطلق لا بشرط، كما يقوله [الصدر] القونوي (5) وأمثاله

    _________
    (1) ن، م: وهو.
    (2) ن (فقط) : قيل، وهو تحريف.
    (3) ن (فقط) : الوجودية دون العدمية، وهو خطأ. وتكررت العبارة مرة أخرى في (ن) وهو سهو من الناسخ.
    (4) ن، م: وهذا غاية الكفر.
    (5) الصدر: ساقطة من (ن) ، (م) . وهو صدر الدين محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن علي القونوي الرومي، من كبار الصوفية القائلين بوحدة الوجود. ومن أصحاب محيي الدين بن عربي، توفي سنة 673 وقيل: 672. انظر ترجمته في " الطبقات الكبرى " للشعراني 1/177 ; الأعلام 6/254. وانظر ما ذكره عنه ابن تيمية في رسالة " السبعينية " ضمن مجموع الفتاوى الكبرى، ط. كردستان العلمية، القاهرة، 1329. وما ذكره الدكتور أبو الوفا التفتازاني في بحثه عن الطريقة الأكبرية، ص 343 - 344، الكتاب التذكاري لابن عربي، ط. الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، 1389/1969.
    ****************************** ***

    من القائلين بوحدة الوجود، فالمطلق لا بشرط هو موضوع العلم الإلهي (1) عندهم، الذي هو الحكمة العليا والفلسفة الأولى عندهم، فإن الوجود المطلق لا بشرط ينقسم إلى: واجب وممكن، وعلة ومعلول، وجوهر وعرض، وهذا موضوع (2) العلم الأعلى عندهم (3) الناظر في الوجود ولواحقه.
    ومن المعلوم أن الوجود المنقسم إلى واجب وممكن لا يكون هو الوجود الواجب المطلق بشرط الإطلاق، وهو الذي يسمونه الكلي الطبيعي، ويتنازعون في وجوده في الخارج، والتحقيق أنه يوجد في الخارج معينا لا كليا، فما هو كلي في الأذهان يوجد في الأعيان، لكن لا يوجد كليا.
    فمن قال: الكلي الطبيعي موجود في الخارج، وأراد هذا المعنى فقد أصاب.
    وأما إن قال: إن (4) في الخارج ما هو كلي في الخارج - كما يقتضيه كلام كثير من هؤلاء الذين تكلموا في المنطق والإلهيات - وادعى أن في الخارج إنسانا مطلقا كليا، [وفرسا مطلقا كليا] (5) ، وحيوانا مطلقا

    _________
    (1) ن (فقط) : فالمطلق لا يوجد فهو العلم الإلهي، وهو تحريف ; ب، أ: فالمطلق لا بشرط هو موضع العلم الإلهي. والمثبت من (م) .
    (2) أ، ب: موضع.
    (3) عندهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    ****************************

    [كليا] (1) ، فهو مخطئ خطأ ظاهرا: سواء ادعى أن هذه الكليات مجردة عن الأعيان أزلية - كما يذكرونه عن أفلاطون (2) ويسمون ذلك " المثل الأفلاطونية " أو ادعى أنها لا تكون إلا مقارنة للمعينات، أو ادعى (3) أن المطلق جزء من المعين - كما يذكرونه عن أرسطو وشيعته، كابن سينا وأمثاله - ويقولون: إن النوع مركب من الجنس والفصل، [وإن] الإنسان (4) مركب من الحيوان والناطق، والفرس مركب من الحيوان والصاهل، فإن هذا إن أريد به أن الإنسان متصف بهذا وهذا فهذا حق، ولكن الصفة لا تكون سبب وجود (5) الموصوف ولا متقدمة عليه لا في الحس ولا في العقل، ولا يكون الجوهر القائم بنفسه مركبا من عرضين.
    وإن أراد به أن الإنسان الموجود في الخارج فيه جوهران قائمان بأنفسهما: أحدهما الحيوان، والآخر الناطق، فهذا مكابرة للعقل والحس.
    وإن أريد بهذا التركيب تركيب الإنسان العقلي المتصور (6) في الأذهان لا الموجود في الأعيان فهذا صحيح، لكن ذلك الإنسان هو بحسب ما يركبه الذهن، فإن ركبه من الحيوان والناطق تركب منهما، وإن ركبه من الحيوان والصاهل تركب منهما، فدعوى المدعي: أن إحدى

    _________
    (1) كليا: ساقطة من النسخ الأربع، وإثباتها يقتضيه سياق الكلام.
    (2) ن، م، أ: أفلاطن.
    (3) ن: وادعى.
    (4) ن، م: والإنسان.
    (5) وجود: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) ن: المصور ; م: المقصور.
    ****************************

    الصفتين (1) ذاتية مقومة للموصوف لا يتحقق بدونها لا في الخارج ولا في الذهن، والأخرى عرضية يتقوم الموصوف بدونها مع كونها مساوية لتلك في اللزوم - تفريق بين المتماثلين.
    والفروق التي يذكرونها بين الذاتي والعرضي - اللازم للماهية - هي ثلاثة، وهي فروق منتقضة وهم معترفون بانتقاضها، كما يعترف بذلك ابن سينا ومتبعوه شارحو " الإشارات "، وكما ذكره صاحب " المعتبر " (2) وغيرهم، والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع (3) .
    وكذلك الكلام على قولهم وقول (4 من وافقهم من 4) (4) القائلين بوحدة الوجود في وجود واجب الوجود مبسوط في غير هذا الموضع، والمقصود هنا كلام جملي على ما جاءت به الرسل صلوات الله [وسلامه] (5) عليهم أجمعين، وهذا كله مبسوط في مواضعه.

    _________
    (1) ن: أحد الصنفين، وهو تحريف.
    (2) وهو أبو البركات هبة الله بن ملكا، وسبق الكلام عليه 1/178.
    (3) قال ابن عبد الهادي في " العقود الدرية " ص [0 - 9] 6 عند ذكره لأسماء مؤلفات ابن تيمية: " وله كتاب في الرد على المنطق، مجلد كبير. وله مصنفان آخران في الرد على المنطق نحو مجلد ". وذكر ابن تيمية نفسه في كتاب " الصفدية " (ورقة 193 ب) أنه له كتابين في الرد على المنطق: أحدهما كبير والآخر صغير، وأن له كتابا في نقض منطق الإشارات لابن سينا كما أنه نقد المنطق في رده على محصل الرازي. وقد لخص ابن تيمية الفروق الثلاثة بين الذاتي والعرضي في كتابه " الرد على المنطقيين " ص [0 - 9] 2 - 64 وقال في آخر كلامه هناك أنه بسط الكلام في بيان هذه الفروق في موضع آخر تكلم فيه على إشارات ابن سينا، ومن ذلك يتضح أنه فصل هذا الرد في كتابه في نقض منطق الإشارات وهو ليس بين أيدينا.
    (4) : (4 - 4) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (5) وسلامه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    *****************************

    لكن هذا الإمامي لما أخذ يذكر عن طائفته أنهم المصيبون في التوحيد دون غيرهم احتجنا إلى التنبيه على ذلك، فنقول: أما [ما] ذكره [من] لفظ (1) الجسم وما يتبع ذلك، فإن هذا اللفظ لم ينطق به في صفات الله تعالى لا كتاب ولا سنة، لا نفيا ولا إثباتا، ولا تكلم به أحد من الصحابة والتابعين وتابعيهم، لا أهل البيت ولا غيرهم.
    ولكن لما ابتدعت الجهمية القول بنفي الصفات في آخر (2) الدولة الأموية، ويقال: إن أول من ابتدع ذلك هو الجعد بن درهم معلم مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، وكان هذا الجعد من حران (3) ، وكان فيها أئمة الصابئة والفلاسفة، والفارابي كان قد أخذ الفلسفة عن متى ثم دخل إلى حران فأخذ ما أخذه منها عن أولئك الصابئة الذين كانوا بحران، وكانوا يعبدون الهياكل العلوية ويبنون (4) : هيكل العلة الأولى، هيكل العقل الأول، هيكل النفس الكلية، هيكل زحل، هيكل المشترى، هيكل المريخ، هيكل الشمس، هيكل الزهرة، هيكل عطارد، هيكل القمر، ويتقربون بما هو معروف عندهم (5) من أنواع العبادات والقرابين والبخورات وغير ذلك (6) .

    _________
    (1) ن، م: أما ذكره لفظ. . .
    (2) ن، م: أواخر.
    (3) سبق الكلام عن الجعد بن درهم 1/7، 309. وقد قتل الجعد حوالي سنة 118. وانظر في ترجمته أيضا لسان الميزان 2/105 ; ميزان الاعتدال 1/185 ; الكامل لابن الأثير 5/160
    (4) ن، م: ويثبتون.
    (5) أ، ب: بما هو عندهم معروف.
    (6) سبق الكلام (هذا الكتاب 1/5 - 6) عن الصابئة القائلين بالحاجة إلى متوسط روحاني من الكواكب أو الأصنام، وأشرت هناك إلى أن مركزهم كان حران. وحران - كما يذكر ياقوت في معجم البلدان -: " مدينة عظيمة مشهورة من جزيرة آقور، وهي قصبة ديار مضر بينها وبين الرها يوم وبين الرقة يومان وهي على طريق الموصل والشام والروم. . وكانت منازل الصابئة وهم الحرانيون الذين يذكرهم أصحاب كتب الملل والنحل ". ويتكلم البيروني (الأثار الباقية عن القرون الخالية، ص [0 - 9] 04 - 208، ط. ألمانيا، 1878) عن الصابئة بالتفصيل، ومن كلامه عنهم: " وكانت لهم هياكل وأصنام بأسماء الشمس معلومة الأشكال كما ذكرها أبو معشر البلخي في كتابه: بيوت العبادات " وانظر أيضا: الخطط للمقريزي 1/344.
    ****************************** **

    وهؤلاء هم أعداء إبراهيم الخليل الذي دعاهم إلى عبادة الله وحده، وكان مولده (1 عند أكثر الناس 1) (1) [إما بالعراق أو] (2) بحران (3 كما في التوراة 3) (3) ، ولهذا ناظرهم في عبادة الكواكب والأصنام، وحكى الله عنه أنه، لما رأى أنه (4) كوكبا {قال هذا ربي} [إلى قوله: {لا أحب الآفلين} ] (5) إلى قوله: {فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال ياقوم إني بريء مما تشركون - إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين} [سورة الأنعام: 76 - 79] الآيات.
    وقد ظن طائفة من الجهمية والمعتزلة وغيرهم أن مراده بقوله: {هذا ربي} أن هذا خالق العالم، وأنه (6) استدل بالأفول - وهو الحركة والانتقال - على عدم ربوبيته، وزعموا أن هذه الحجة هي الدالة على حدوث الأجسام وحدوث العالم.

    _________
    (1) : (1 - 1) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (4) : ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) ن، م: فإنه.
    *****************************


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #111
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (108)
    صـ 194 إلى صـ 200

    [فساد استدلال الفلاسفة بآيات سورة الأنعام]
    وهذا غلط من وجوه: أحدها: أن هذا القول لم يقله أحد من العقلاء، لا قوم إبراهيم ولا غيرهم، ولا توهم أحدهم (1) أن كوكبا أو القمر أو الشمس خلق هذا العالم، وإنما كان قوم إبراهيم مشركين يعبدون هذه الكواكب زاعمين أن في ذلك جلب منفعة أو دفع مضرة، على طريقة الكلدانيين (2) والكشدانيين (3) " [وغيرهم من المشركين أهل الهند وغيرهم] (4) ، وعلى طريقة هؤلاء صنف الكتاب الذي صنفه أبو عبد الله بن الخطيب الرازي (5) في السحر والطلسمات (6) ودعوة الكواكب (7) ، وهذا دين المشركين من

    _________
    (1) ن، م: أحد.
    (2) ن، م: الكذابين، وهو تحريف.
    (3) لم أجد فيما بين يدي من المراجع شيئا عنهم سوى عبارة قصيرة في " تاج العروس " للزبيدي مادة " كشد ": " الكشدانيون بالضم طائفة من عبدة الكواكب
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) ن: أبو عبد الله الطبري، وهو تحريف ; م: أبو عبد الله الرازي.
    (6) قال الشهاب الخفاجي في " شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل " مادة " طلسم ": " لفظ يوناني لم يعربه من يوثق به: وكونه مقلوبا من مسلط وهم لا يعتد به، وفي " السر المكتوم ": هو عبارة عن علم بأحوال تمزيج القوى الفعالة السماوية بالقوى المنفعلة الأرضية لأجل التمكن من إظهار ما يخالف العادة والمنع مما يوافقها ".
    (7) وهو كتاب " السر المكتوم في مخاطبة النجوم ". انظر: وفيات الأعيان 3/318 ; لسان الميزان 4/426 ; الأعلام للزركلي 7/203.
    **************************

    الهند والخطا (1) والنبط (2) والكلدانيين والكشدانيين (3)
    ولهذا قال الخليل: {ياقوم إني بريء مما تشركون} [سورة الأنعام: 77] وقال: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون - أنتم وآباؤكم الأقدمون - فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} [سورة الشعراء: 75 - 77] ، وأمثال ذلك.
    وأيضا، فالأفول في لغة العرب هو المغيب والاحتجاب، ليس هو الحركة والانتقال (4) .

    _________
    (1) يطلق لفظ الخطا أحيانا على الصين بعامة، وأحيانا على الصين الشمالية بخاصة، ويطلق تارة على قبائل الخطا التي كانت تعيش في شمال الصين والتي نزحت من موطنها في القرن السادس الهجري إلى غرب إقليم التركستان حيث كونوا دولة عرفت بمملكة القراخطائيين. انظر: جامع التواريخ لرشيد الدين الهمذاني، المجلد الثاني، 1/109 - 121، ط. الحلبي، 1960 ; المغول في التاريخ للدكتور فؤاد عبد المعطي الصياد، ص [0 - 9] ، 29 - 33، ; دائرة المعارف البريطانية مادة cathay
    (2) في اللسان: " النبيط والنبط كالحبيش والحبش في التقدير: جيل ينزلون السواد، وفي المحكم ينزلون سواد العراق وهم الأنباط. وفي الصحاح: ينزلون البطائح بين العراقين ". وذكر الأستاذ أحمد عطية الله في " القاموس الإسلامي " مادة: " أنباط " أنباط أو نبط: شعب عربي قديم كان يعيش في الإقليم الصحراوي الذي يمتد ما بين شبه جزيرة سيناء وحوران. . وكان للأنباط حضارة مازالت آثارها تتمثل في أطلال مدينة بطرا أو البتراء. . وعند ظهور الإسلام كانت هناك بقايا من الأنباط اختلطت بغيرها من شعوب المنطقة كالسريان والأراميين وللأنباط كتابة خاصة تعرف بالخط النبطي وهو يشبه الخط الحميري "
    (3) ذكرت كلمتا: " الكلدانيين والكشد انيين " محرفتين في (ن) . وغير هؤلاء.
    (4) في اللسان: " أفل أي: غاب، وأفلت الشمس تأفل (بكسر الفاء وضمها) أفلا وأفولا: غربت ".
    **************************

    وأيضا، فلو كان احتجاجه (1) بالحركة والانتقال لم ينتظر [إلى] (2) أن يغيب، بل كان نفس (3) الحركة التي يشاهدها من حين تطلع إلى أن (4) تغيب هي (5) الأفول.
    وأيضا، فحركتها (6) بعد المغيب والاحتجاب غير مشهودة ولا معلومة.
    وأيضا، فلو كان قوله: {هذا ربي} أي (7) : هذا رب العالمين، لكانت قصة إبراهيم [عليه السلام] (8) حجة عليهم ; لأنه (9) حينئذ لم تكن الحركة عنده (10) مانعة من كونه رب العالمين، وإنما المانع هو الأفول (11) .
    ولما (12) حرف هؤلاء لفظ " الأفول " سلك ابن سينا [هذا المسلك] (13)

    _________
    (1) احتجاجه: كذا في (أ) ، (ن) ، (م) ; وفي (ب) : احتجابه. والمعنى: لو كان احتجاج إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - على عدم ربوبية الكواكب أو الشمس أو القمر بحركة كل منها وانتقاله لم يحتج إلى الانتظار حتى يغيب بل كانت الحركة المشاهدة للعيان كافية للدلالة على عدم الربوبية.
    (2) إلى: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: لم ينتظر أن يغيب بل نفس الحركة. . إلخ.
    (4) ن: إلى حين.
    (5) ب: هو.
    (6) ن، م: فحركاتها.
    (7) أي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) عليه السلام: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (9) ن، م: لأنهم.
    (10) ن، م: عندهم.
    (11) انظر تفسير آيات سورة الأنعام 74 - 79 في تفسير ابن كثير.
    (12) ن (فقط) : ولا، وهو تحريف.
    (13) هذا المسلك: ساقط من (ن) فقط.
    ****************************** ****

    في " إشاراته " (1) فجعل الأفول هو الإمكان، وجعل كل ممكن آفلا، وأن الأفول هوي في حظيرة الإمكان (2) وهذا يستلزم أن يكون ما سوى الله آفلا (3) .
    ومعلوم أن هذا من أعظم الافتراء على اللغة والقرآن ومن أعظم القرمطة ولو كان كل ممكن آفلا لم يصح قوله: {فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين} فإن قوله: {فلما أفل} يقتضي حدوث الأفول له، وعلى قول هؤلاء المفترين على اللغة والقرآن: " الأفول " لازم له لم يزل ولا يزال آفلا (4) ، ولو كان مراد إبراهيم بالأفول الإمكان، والإمكان حاصل في الشمس والقمر والكوكب في كل وقت، لم يكن به حاجة إلى أن ينتظر أفولها.
    وأيضا، فجعل القديم الأزلي الواجب [بغيره] (5) أزلا وأبدا ممكنا قول انفرد به ابن سينا ومن تابعه (6) ، وهو قول (7) مخالف لجمهور العقلاء من سلفهم وخلفهم (8) .

    _________
    (1) ب (فقط) : إشارته وهو تحريف.
    (2) ن: في حظيرة الشمس والقمر، وهو خطأ ; م: هو في حظيرة الشمس.
    (3) قال ابن سينا: (الإشارات التنبيهات، ص 531 - 532 ط. المعارف) " قال قوم: إن هذا الشيء المحسوس موجود لذاته، واجب لنفسه، لكنك إذا تذكرت ما قيل لك في شرط واجب الوجود لم تجد هذا المحسوس واجبا، وتلوت قوله تعالى: (لا أحب الآفلين) فإن الهوى في حظيرة الإمكان أفول ما ".
    (4) آفلا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) بغيره: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) أ، ب: اتبعه.
    (7) قول: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) أ، ب: وغيرهم.
    ****************************** *

    [عود إلى الكلام على معاني لفظ الجسم]
    والمقصود هنا أنه لما ظهرت الجهمية نفاة الصفات تكلم الناس في " الجسم " وفي إدخال لفظ " الجسم " في أصول الدين وفي التوحيد، وكان هذا من الكلام المذموم عند السلف والأئمة، فصار الناس في لفظ " الجسم " على ثلاثة أقوال:
    طائفة تقول: إنه جسم، وطائفة تقول: ليس بجسم، وطائفة تمتنع عن إطلاق القول بهذا، وهذا لكونه بدعة في الشرع أو لكونه (1) في العقل يتناول حقا وباطلا، فمنهم من يكف عن التكلم في ذلك، ومنهم من يستفصل المتكلم (2) : فإن ذكر في النفي أو الإثبات (3) معنى صحيحا قبله، وعبر عنه بعبارة شرعية (4) ، لا يعبر عنها بعبارة مكروهة في الشرع ; وإن ذكر معنى باطلا رده.
    وذلك أن لفظ " الجسم " فيه اشتراك بين معناه في اللغة ومعانيه المصطلح عليها، وفي المعنى منازعات عقلية، فيطلقه كل قوم بحسب اصطلاحهم وحسب اعتقادهم، فإن الجسم عند أهل اللغة هو البدن، أو البدن ونحوه مما هو غليظ كثيف، هكذا نقله غير واحد من أهل اللغة.
    ومنه قوله تعالى: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} [سورة المنافقون: 4] وقوله تعالى: {وزاده بسطة في العلم والجسم} [سورة البقرة: 247] .
    ثم قد يعنى به نفس الشيء الغليظ الكثيف، وقد يعنى به نفس غلظه وكثافته.

    _________
    (1) ن: ولكنه، وهو تحريف.
    (2) ن، م: الكلام.
    (3) ن، م: والإثبات.
    (4) ن (فقط) : عنه بغيره شرعه، وهو تحريف ظاهر.
    ****************************** ******

    وعلى هذا فالزيادة في الجسم الذي هو الطول والعرض وهو القدر، وعلى الأول فالزيادة في نفس المقدر الموصوف.
    وقد يقال: هذا الثوب له جسم، أي: غلظ وثخن، ولا يسمى الهواء جسما، ولا النفس الخارج من فم (1) الإنسان ونحو ذلك عندهم (2) جسما.
    وأما أهل الكلام والفلسفة فالجسم عندهم أعم من ذلك، كما أن لفظ " الجوهر " في اللغة أخص من معناه في اصطلاحهم، فإنهم يعنون بالجوهر ما قام بنفسه أو المتحيز أو ما إذا وجد كان وجوده لا في موضع (3) ، أي: لا في محل يستغني عنه ; والجوهر في اللغة الجوهر المعروف.
    ثم قد يعبرون عن الجسم بأنه ما يشار إليه، أو ما يقبل (4) الإشارة الحسية بأنه هنا أو هناك، وقد يعبرون عنه بما قبل الأبعاد الثلاثة: الطول والعرض والعمق، أو بما كان فيه الأبعاد الثلاثة: الطول والعرض والعمق (5) .
    ولفظ البعد: الطول (6) والعرض والعمق في اصطلاحهم أعم من

    _________
    (1) ن (فقط) : نفس.
    (2) عندهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) ن، م: موضوع.
    (4) ن: أو لا يقبل، وهو خطأ.
    (5) يقول ابن سينا: (الشفاء، قسم الإلهيات 1/61، ط. وزارة الثقافة والإرشاد) : " وأما تحقيقه وتعريفه فقد جرت العادة بأن يقال: إن الجسم جوهر طويل عريض عميق ".
    (6) أ، ب: والطول.
    ****************************** *

    معناه في اللغة، فإن أهل اللغة يقسمون الأعيان إلى طويل وقصير، والمسافة والزمان إلى قريب وبعيد، والمنخفض من (1) الأرض إلى عميق وغير عميق.
    وهؤلاء عندهم كل ما يراه الإنسان من الأعيان فهو طويل عريض عميق، حتى الحبة - بل الذرة وما هو أصغر من ذرة - هو في اصطلاحهم طويل عريض عميق.
    وقد يعبرون عن الجسم بالمركب أو المؤلف (2) ، ومعنى ذلك عندهم أعم من معناه في اللغة، فإن المركب (3) والمؤلف في اللغة ما ركبه مركب أو ألفه مؤلف، كالأدوية المركبة من المعاجين والأشربة ونحو ذلك، وبالمركب ما ركب على غيره أو فيه (4) ، كالباب المركب في موضعه ونحوه.
    ومنه قوله تعالى: {في أي صورة ما شاء ركبك} [سورة الانفطار: 8] . وبالتأليف: التوفيق بين القلوب ونحو ذلك. ومنه قوله تعالى:

    _________
    (1) أ، ب: عن.
    (2) يقول ابن الباقلاني (التمهيد، ص [0 - 9] 7، بيروت، 1957) : " فالجسم هو المؤلف "، ويقول (ص 191) : " حقيقة الجسم أنه مؤلف مجتمع بدلالة قولهم: رجل جسيم، وزيد أجسم من عمرو، وعلما بأنهم يقصرون هذه المبالغة على ضرب من ضروب التأليف في جهة العرض والطول ولا يوقعونها بزيادة شيء من صفات الجسم سوى التأليف ". ويقول ابن سينا (الشفاء، قسم الإلهيات 1/71) : " فقد بان أن الأجسام مؤلفة من مادة وصورة ". وانظر دائرة المعارف الإسلامية مادة " جسم " بقلم دي بور.
    (3) ن، م: فالمركب.
    (4) ن، م:. . . ونحو ذلك أو ما ركب على غيره أو فيه.
    ****************************** ******


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #112
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (109)
    صـ 201 إلى صـ 207

    {والمؤلفة قلوبهم} [سورة التوبة: 60] ، وقوله: {وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم} [سورة الأنفال: 63] ، وقوله: {إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} [سورة آل عمران: 103] .
    وللناس اصطلاحات في المؤلف والمركب، كما للنحاة اصطلاح، فقد يعنون بذلك الجملة التامة، وقد يعنون به (1) ما ركب تركيب مزج كبعلبك، وقد يعنون به المضاف وما يشبهه وهو ما ينصب في النداء.
    وللمنطقيين ونحوهم من أهل الكلام اصطلاحات أخر يعنون به ما دل جزؤه على جزء معناه، فيدخل في ذلك المضاف إذا قصد به الإضافة دون العلمية، فلا (2) يدخل فيه بعلبك ونحوه.
    ومنهم من يسوي بين المؤلف والمركب ومنهم من يفرق بينهما، وهذا كله تأليف في الأقوال.
    وأما التأليف في الأعيان، فأولئك إذا قالوا: [إن] (3) الجسم هو المؤلف والمركب، لم يعنوا (4) به ما كان مفترقا فاجتمع ولا ما يقبل التفريق، بل يعنون به ما تميز منه جانب عن جانب، كالشمس والقمر وغيرهما من الأجسام.
    وأما المتفلسفة فالمؤلف والمركب عندهم (5) أعم من هذا، يدخلون

    _________
    (1) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) أ، ب: ولا.
    (3) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) أ: يعنوا، ب: لا يعنون ; م: لم يعنون.
    (5) ن، م: فالمؤلف عندهم والمركب.
    *****************************

    في ذلك تأليفا عقليا لا يوجد في الأعيان، ويدعون أن النوع مؤلف من الجنس والفصل، فإذا قلت: الإنسان حيوان ناطق، قالوا: الإنسان مؤلف من هذين، وإنما هو موصوف بهما.
    ثم تنازع (1) هؤلاء في الجسم: هل هو مركب من أجزاء لا تقبل القسمة، وهي الجوهر الفرد عندهم، وهو شيء لم يدركه أحد بحسه، وما من شيء نفرضه إلا وهو أصغر منه عند القائلين به ; أو مركب من المادة والصورة تركيبا عقليا؟
    وإذا حقق الأمر عليهم في المادة لم يوجد إلا نفس الجسم وأعراضه: تارة يعنى بالمادة الجسم الذي هو جوهر، والصورة شكله واتصاله القائم به. وتارة يعنى بالصورة نفس الجسم (2) الذي هو الجوهر، وبالمادة القدر المطلق الذي يعم الأجسام كلها، أو يعنى بها ما منه خلق الجسم (3) .
    وقد يعنى بالصورة العرضية (4) التي هي الاتصال والشكل القائم به، فالجسم هو المتصل، والصورة هي (5) الاتصال، فالصورة هنا عرض، والمادة الجسم، كالصورة (6) الصناعية: كشكل السرير فإنه صورته (7) والخشب مادته.

    _________
    (1) ن، م: ينازع.
    (2) ن: نفي، وهو خطأ.
    (3) ن: الجسم والصورة.
    (4) أ: العريضة، وهو تحريف.
    (5) ن، م: نفي، وهو خطأ.
    (6) ن، م: كالصور.
    (7) أ، ب: صورة.
    ****************************

    ولفظ المادة والهيولي يعنى به عندهم هذه الصورة الصناعية، وهي عرض يحدث بفعل الآدميين، ويعنى به (1) الصورة الطبيعية وهي نفس الأجسام، وهي جواهر (2) ومادة وما منها خلقت.
    وقد يعنى بالمادة [المادة] (3) الكلية وهي ما تشترك فيه الأجسام من القدر ونحوه.
    وهذه كليات حاصلة في الأذهان، وهي في الخارج معينة: إما أعراض وإما جواهر.
    وقد يعنى بالمادة [المادة] (4) الأزلية وهي المجردة عن الصورة. وهذه يثبتها أفلاطن (5) ، وسائر العقلاء أنكروها، وفي الحقيقة هي ثابتة في الذهن لا في الخارج، والأجسام مشتركة في كون كل واحد (6) منها له قدر يخصه، فهي مشتركة في نوع المقدار لا في عينه، فصارت الأجسام مشتركة في المقدار، فقالوا: بينها مادة مشتركة [وهيولي مشتركة] (7) ، ولم يهتدوا إلى الفرق بين الاشتراك في الكلي المطلق والاشتراك في الشيء المعين، فاشتراك الأجسام في الجسمية والامتداد والمقدار الذي يظن أنه المادة ونحو ذلك، كاشتراك الناس في الإنسانية، واشتراك الحيوانات (8) في الحيوانية.

    _________
    (1) أ، ب: بها.
    (2) ب: جوهر، والمثبت عن (أ) ، (ن) (م) .
    (3) ما بين القوسين زيادة للإيضاح، والذي في الأصل صواب، حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه.
    (4) ما بين القوسين زيادة للإيضاح، والذي في الأصل صواب، حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه.
    (5) ب: أفلاطون، والمثبت عن (أ) ، (ن) ، (م) .
    (6) واحد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (8) ن، م: الحيوان.
    **********************

    وهؤلاء ظنوا أن هذه الكليات (1) موجودة في الخارج مشتركة، وذلك غلط، فإن ما في الخارج ليس فيه اشتراك، بل لكل موجود شيء يخصه لا يشركه فيه غيره، والاشتراك يقع في الأمور العامة الكلية المطلقة، وتلك لا تكون عامة مطلقة كلية إلا في الأذهان لا في الأعيان، فما فيه الاشتراك ليس فيه إلا العلم والعقل (2) ، وما به الاختصاص والامتياز - وهو (3) الموجود في الخارج - لا اشتراك فيه، وإنما فيه اشتباه وتماثل يسمى اشتراكا، كالاشتراك في المعنى العام، والانقسام بحسب الاشتراك، فمن لم يفرق بين قسمة الكلي إلى جزئياته، [والكل إلى أجزائه] (4) ، كقسمة الكلمة إلى: اسم، وفعل، وحرف (5) ، وإلا غلط كما غلط كثير من الناس في هذا الموضع.
    ولما قالت طائفة من النحاة كالزجاجي (6) وابن جني (7) : الكلام ينقسم

    _________
    (1) ن، م: كليات.
    (2) أ، ب: فما فيه الاشتراك إلا في العلم والعقل.
    (3) ن، م: هو.
    (4) ما بين القوسين غير موجود في النسخ الأربع وإثباته يقتضيه سياق الكلام.
    (5) بعد كلمة " وحرف " يوجد تكرار واضطراب في نسختي (ن) ، (م) هكذا. . . وحرف وكقسمة الكل إلى أجزائه، كقسمة الكلمة إلى اسم، وفعل وحرف وإلا غلط.
    (6) عبد الرحمن بن إسحاق ويعرف بالزجاجي، أبو القاسم النهاوندي، شيخ العربية في عصره، توفي بطبرية سنة 337 وقيل 339 وقيل 340. ترجمته في: وفيات الأعيان 2/317 - 318 ; إنباه الرواة للقفطي 2/160 - 161 (ط. دار الكتب، 1952) ; بغية الوعاة للسيوطي، ص 129 (ط. الخانجي، 1326) ; طبقات النحويين واللغويين للزبيدي، ص 129 (ط. الخانجي، 1945) ; الأعلام للزركلي 4.
    (7) عثمان بن جني، أبو الفتح الموصلي، من أئمة الأدب واللغة، صاحب أبا علي الفارسي وروى عنه، توفي ببغداد سنة 392 وقيل 372. ترجمته في: وفيات الأعيان \ 410 - 412 ; إنباه الرواة 2/335 - 340 ; بغية الوعاة، ص [0 - 9] 22 ; الأعلام للزركلي 4/364.
    *************************

    إلى: اسم، وفعل، وحرف، أو الكلام كله ثلاثة: اسم وفعل وحرف، اعترض على ذلك من لم يعرف مقصودهم، ولم يجعل القسمة نوعين كالجزولي (1) ; حيث قال: كل جنس قسم إلى أنواعه أو أشخاصه (2) ، أو نوع قسم إلى أشخاصه، فاسم المقسوم صادق على الأنواع والأشخاص، وإلا فليست أقساما له.
    وكلام أبي البقاء (3) في تفسير ابن جني أقرب ; حيث قال: معناه أجزاء الكلام ونحو ذلك.

    _________
    (1) ن، م: الكزولي. وعيسى بن عبد العزيز بن يللبخت بن عيسى بن يوماريللى الجزولي (أو الكزولي) اليزدكنتي البربري المراكشي، وجزولة قبيلة من قبائل البربر، وربما قالوا: كزولة (بضم الجيم والكاف) ، لزم ابن بري بمصر لما حج وعاد فتصدر للإقراء بالمرية وغيرها وولي خطابة مراكش، توفي سنة 607 وقيل: 605 أو 606. ترجمته في: إنباه الرواة 2/378 - 382 ; بغية الوعاة، ص 269 - 270 ; وفيات الأعيان 3/157 - 159 ; الأعلام للزركلي 5/288.
    (2) ن: كل شيء جنس قسم إلى أنواعه وأشخاص أنواعه ; م: كل جنس قسم إلى أنواعه وأشخاص أنواعه.
    (3) هو عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي، أبو البقاء محب الدين. ولد ببغداد سنة 538 وتوفي بها سنة 616، كان أدبيا نحويا فقيها على مذهب الحنابلة، أصيب في صباه بالجدري فعمي. من كتبه المطبوعة " شرح ديوان المتنبي " ومن تأليفه كتاب " شرح اللمع لابن جني " وكتاب: " تلخيص التنبيه لابن جني ". انظر ترجمته ومؤلفاته في: إنباه الرواة 2/116 - 118 ; بغية الوعاة، ص [0 - 9] 81 ; نكت الهميان للصفدي، ص [0 - 9] 78 ; وفيات الأعيان 2/286 - 287 ; الذيل لابن رجب 2/109 - 120 ; الأعلام للزركلي 4/208 - 209.
    ****************************** **

    ومن المعلوم أن قسمة كل الشيء الموجود في الخارج إلى أبعاضه وأجزائه، أشهر من قسمة المعنى العام الذي في الذهن إلى أنواعه وأشخاصه، كقوله تعالى: {ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر} [سورة القمر: 28] ، وقوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى} [سورة النساء: 8] وقوله عليه الصلاة والسلام: " «والله إني ما أعطي أحدا (1) ولا أمنع أحدا وإنما أنا قاسم أقسم بينكم» " (2) ، وقوله: " «لا تعضية في الميراث (3) إلا ما حمل القسم» " (4) . وقول الصحابة [رضوان الله

    _________
    (1) ن: إني والله لا أعطي أحدا ; م: والله لا أعطي أحدا.
    (2) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، والحديث بمعناه عن أبي هريرة رضي الله عنه في البخاري: 4/85 (كتاب فرض الخمس، باب فإن لله خمسه وللرسول) وانظر (فتح الباري 6/152 - 153) ; المسند (ط. المعارف) 12/180 (رقم: 7193 م) . وانظر درء تعارض العقل والنقل 8/278.
    (3) ب: لا معصبة في الميراث ; ن، م: ولا يعصينه في معروف (وهو خطأ) ; أ: لا ـعصبه (كذا بدون نقط التاء والضاد) في الميراث، والصواب ما أثبته.
    (4) الحديث في سنن البيهقي 10/133 وفيه: " قال أبو عبيد: قوله: لا تعضية في الميراث، يعني أن يموت الميت ويدع شيئا، إن قسم بين ورثته، إذا أراد بعضهم القسمة كان في ذلك ضرر عليهم أو على بعضهم. يقول: فلا يقسم. والتعضية التفريق، وهو مأخوذ من الإعضاء، يقال: عضيت اللحم إذا فرقته: قال الزعفراني: قال الشافعي في القديم: ولا يكون مثل هذا الحديث حجة، لأنه ضعيف. وهو قول من لقينا من فقهائنا. قال الشيخ (البيهقي) : وإنما ضعفه لانقطاعه وهو قول الكافة ". وفي " الجامع الكبير " للسيوطي 1/896: " لا تعضية (كذا) على أهل الميراث إلا ما حمل القسم. أبو عبيد في الغريب ق (البيهقي في سننه) عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مرسلا ". وانظر " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير 3/106 مادة " عضا ".
    *************************

    عليهم] (1) : «قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرض خيبر بين من حضر (2) الحديبية، وقسم غنائم حنين بالجعرانة (3) . مرجعه من الطائف ; وقسم ميراث سعد بن الربيع» (4) .
    وقول الفقهاء: باب (5) . قسم الغنائم والفيء والصدقات (6) ، وقسمة الميراث، وباب القسمة، وذكر المشاع والمقسوم، وقسمة الإجبار والتراضي ونحو ذلك.
    وقول الحاسب: الضرب والقسمة إنما يراد به قسمة الأعيان الموجودة في الخارج، فيأخذ أحد الشريكين قسما والآخر قسما، وليس (7) كل اسم

    _________
    (1) رضوان الله عليهم في (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: شهد.
    (3) في " معجم ما استعجم " للبكري 2/384: " الجعرانة بكسر الجيم والعين وتشديد الراء المهملة. . وقال الأصمعي: هي الجعرانة بإسكان العين وتخفيف الراء، وكذلك قال أبو سليمان الخطابي. وهي ماء بين الطائف ومكة وهي إلى مكة أدنى، وبها قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين ومنها أحرم بعمرته في وجهته تلك ". وانظر أيضا: معجم البلدان
    (4) سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير، شهد العقبة وهو أحد النقباء الاثنى عشر وشهد بدرا وأحدا، وقتل يوم أحد شهيدا وليس له عقب. انظر ترجمته في طبقات ابن سعد 3/522 - 524، 612، الإصابة لابن حجر 2/24 - 52، الاستيعاب لابن عبد البر 2/31 - 32.
    (5) ب: يلي ; أ: الكلمة غير واضحة ويبدو أنها كتبت أولا " باب " ثم حرفت إلى ما يقرب من كلمة " يلي "
    (6) ن، م: الفيء والغنائم والفيء والصدقات.
    (7) ن، م: فليس.
    ****************************** ****


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #113
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (110)
    صـ 208 إلى صـ 214

    من أسماء المقسوم يجب أن يصدق على كل منهما منفردا، فإذا قسم بينهم جزور فأخذ هذا فخذا وهذا رأسا وهذا ظهرا لم يكن اسم الجزور صادقا على هذه الأبعاض، وكذلك لو قسم بينهم شجرة فأخذ هذا نصف ساقها، وهذا نصفا، وهذا أغصانها لم يكن اسم المقسوم صادقا على الأبعاض، ولو قسم بينهم سهم، كما كان الصحابة يقسمون، فيأخذ هذا القدح وهذا النصل، لم يكن هذا [سهما] (1) ولا هذا سهما.
    فإذا كان اسم المقسوم لا يقع إلا حال الاجتماع، (2 زال بالانقسام، وإن كان يقال حال الاجتماع 2) (2) والافتراق، كانقسام الماء والتمر ونحو ذلك، صدق فيهما ; وعلى التقديرين فالمقسوم هنا موجودات (3) في الخارج.
    وإذا قلنا: الحيوان ينقسم إلى ناطق وبهيم، لم نشر إلى حيوان معين موجود في الخارج فنقسمه قسمين (4) ، بل هذا اللفظ والمعنى يدخل فيه ما كان وما لم يكن [بعد] (5) ويتناول جزئيات لم تخطر بالذهن، فهذه المعاني الكلية لا توجد في الخارج كلية.
    فإذا قيل: الأجسام تشترك في مسمى الجسم أو في المقدار المعين (6) أو غير ذلك، كان هذا المشترك معنى كليا، والمقدار المعين

    _________
    (1) سهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (3) ب: موجودان، والصواب من (ن) ، (أ) ، (م) .
    (4) ن، م: فيقسمه نصفين ; أ: فيقسمه قسمين.
    (5) بعد: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) المعين: زيادة في (ن) فقط.
    ************************

    لهذا الجسم ليس هو (1) المقدار المعين لهذا الجسم المعين (2) وإن كان مساويا له، وأما إن كان أكبر منه فهنا اشتركا (3) في نوع القدر لا في هذا القدر، فالاشتراك الذي بين الأجسام هو في هذه الأمور.
    وأما ثبوت شيء موجود في الخارج، هو في هذا الإنسان وهو بعينه في هذا الإنسان، فهو مكابرة سواء في ذلك المادة والحقائق الكلية، ولكن هؤلاء ظنوا ما في الأذهان ثابتا في الأعيان، والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع.
    والمقصود هنا أن هذا (4) الباب التأليف والتركيب في اصطلاح هؤلاء المتفلسفة من المتكلمين والمنطقيين ومن وافقهم [هو] نوع (5) آخر غير تلك الأنواع، والمركب لا بد له من مفرد. وإذا حقق الأمر على هؤلاء لم يوجد عندهم معنى مفرد يتركب منه هذه المؤلفات، وإنما يوجد ذلك في الأذهان لا في الأعيان، فالبسيط المفرد الذي يقدرونه (6) - كالحيوانية المطلقة والجسمية المطلقة وأمثال ذلك - لا يوجد (7) في الخارج إلا صفات معينة لموصوفات معينة، فهذه الأمور مما تدخل في لفظ المؤلف والمركب بحسب الاصطلاحات الوضعية، مع ما فيها من الاعتبارات العقلية.

    _________
    (1) ن، م: هذا:
    (2) المعين: زيادة في (ن) فقط.
    (3) ب: اشتراك ; أ، م: اشتراكا، والمثبت عن (ن) .
    (4) هذا: ساقطة من (ب) ، وهي في (ن) ، (أ) ، (م) .
    (5) ن: وافقهم ونوع، وهو خطأ ; أ، ب: وافقهم نوع. والمثبت من (م) .
    (6) ن، م: يقدر به.
    (7) أ، ب: لا توجد.
    ***************************

    وهم متنازعون في الجسم: هل هو مؤلف من الجواهر المفردة (1) التي لا تقبل الانقسام، كما يقوله كثير من أهل الكلام ; أو مؤلف من المادة والصورة، كما يقوله كثير من المتفلسفة ; أو لا مؤلف لا من هذا ولا من هذا، كما يقوله كثير من الطوائف، على ثلاثة أقوال أصحها الثالث.
    وكل من أصحاب الأقوال الثلاثة متنازعون هل يقبل القسمة إلى غير نهاية، والصحيح أنه لا يقبل الانقسام إلى غير نهاية، لكن مثبتة الجوهر الفرد يقولون: ينتهي إلى حد لا يقبل القسمة مع وجوده، وليس كذلك، بل إذا تصغرت الأجزاء استحالت، كما في أجزاء الماء إذا تصغرت (2) فإنها تستحيل فتصير (3) هواء، فما دامت موجودة فإنه (4) يتميز منها جانب عن جانب، فلا يوجد شيء لا يتميز بعضه عن بعض، كما يقوله مثبتة الجوهر الفرد، ولا يمكن انقسامه إلى ما لا يتناهى، بل إذا صغر (5) لم يقبل القسمة الموجودة في الخارج، وإن كان بعضه غير البعض الآخر (6) ، بل إذا تصرف (7) فيه بقسمة أو نحوها استحال، فالأجزاء الصغيرة - ولو عظم صغرها - يتميز منها شيء عن شيء في نفسه وفي الحس والعقل، لكن لا يمكن فصل بعضه عن بعض بالتفريق، بل يفسد ويستحيل لضعف قوامه عن احتمال ذلك، وبسط هذا له موضع آخر.

    _________
    (1) أ، ب: المنفردة.
    (2) ن، م: تصعدت.
    (3) ن، م: وتصير.
    (4) ن، م: فإنها.
    (5) أ، ب: لا.
    (6) ن، م: غير بعض الآخر.
    (7) ن: انصرف.
    ****************************

    ثم القائلون بأن الجسم مركب من جواهر منفردة تنازعوا (1) : هل هو جوهر واحد بشرط انضمام مثله إليه، أو جوهران فصاعدا، أو أربعة، أو ستة، أو ثمانية، أو ستة عشر، أو اثنان وثلاثون، على أقوال معروفة لهم.
    ففي لفظ الجسم والجوهر والمتحيز من الاصطلاحات والآراء المختلفة ما فيه، فلهذا وغيره لم يسغ إطلاق إثباته ولا نفيه.
    بل إذا قال القائل: إن الباري [تعالى] (2) جسم.
    قيل له: أتريد أنه مركب من الأجزاء كالذي كان متفرقا فركب؟ أو [أنه يقبل] (3) التفريق: سواء قيل: اجتمع بنفسه، أو جمعه غيره (4) ؟ أو أنه من جنس شيء من المخلوقات؟ أو أنه مركب من المادة والصورة؟ أو من (5) الجواهر المنفردة؟
    فإن قال هذا.
    قيل: هذا باطل.
    وإن قال: أريد [به] أنه (6) موجود أو قائم بنفسه - كما يذكر عن هشام ومحمد بن كرام وغيرهما [ممن أطلق هذا اللفظ] (7) - أو أنه موصوف

    _________
    (1) ن: ينازعوا ; م: ينازعون.
    (2) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) أنه يقبل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) بعد كلمة " غيره " في (ن) ، (م) : أو أنه يقبل التفريق أو التفرق، (ن: أو التفريق) .
    (5) من: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) ن: وإن وقيل أريد أنه ; م: وإن قال أريد أنه.
    (7) ن، م: كما يذكر عن هشام ومحمد بن كرام وغيرهما، ب، ا: كما يذكر عن كثير ممن أطلق هذا اللفظ، وما أثبته يجمع ما في النسخ، والمقصود هنا من أجاز إطلاق لفظ الجسم على الله تعالى.
    ****************************** ***

    بالصفات، أو أنه يرى في الآخرة، أو أنه يمكن رؤيته، أو أنه مباين للعالم فوقه (1) ، ونحو هذه المعاني الثابتة بالشرع والعقل.
    قيل له: هذه معان صحيحة، ولكن (2) إطلاق هذا اللفظ على هذا بدعة في الشرع، مخالف للغة. فاللفظ إذا احتمل المعنى الحق والباطل لم يطلق، بل يجب أن يكون اللفظ مثبتا للحق نافيا للباطل.
    وإذا قال: ليس بجسم.
    قيل: أتريد بذلك أنه لم يركبه غيره، ولم يكن أجزاء متفرقة فركب (3) ، أو أنه (4) لا يقبل التفريق والتجزئة كالذي ينفصل بعضه عن بعض؟
    أو أنه ليس مركبا من الجواهر المنفردة، ولا من المادة والصورة ونحو هذه المعاني.؟
    [مناقشة نفاة الصفات إجمالا]
    أو تريد به شيئا يستلزم نفي اتصافه بالصفات بحيث لا يرى، ولا يتكلم (5) بكلام يقوم به، ولا يباين خلقه، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل منه شيء، ولا تعرج إليه الملائكة ولا الرسول، ولا ترفع إليه

    _________
    (1) فوقه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) أ، ب: وأيضا، وهو خطأ.
    (3) ن، م: فتركب.
    (4) ن: أو لأنه ; أ: إلا أنه. والمثبت من (م) .
    (5) ن: ولا تكلم.
    ***********************

    الأيدي، ولا يعلو على (1) شيء، ولا يدنو منه شيء، ولا هو داخل (2) العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محايث (3) له، ونحو ذلك من المعاني السلبية التي لا يعقل أن (4) يتصف بها إلا المعدوم.
    فإن قال: أردت الأول.
    قيل: المعنى صحيح، لكن المطلقون لهذا النفي أدخلوا فيه (5) هذه المعاني السلبية، ويجعلون ما يوصف به (6) من صفات الكمال الثبوتية مستلزمة لكونه جسما، فكل (7) ما يذكر من الأمور الوجودية يقولون: هذا تجسيم ولا ينتفي (8) ما يسمونه تجسيما إلا بالتعطيل (9) المحض.
    ولهذا كل من نفى شيئا قال لمن أثبته: إنه مجسم (10) .
    [فغلاة النفاة من الجهمية والباطنية يقولون لمن أثبت له الأسماء الحسنى: إنه مجسم. ومثبتة الأسماء دون الصفات من المعتزلة ونحوهم يقولون لمن أثبت الصفات: إنه مجسم. ومثبتة الصفات دون

    _________
    (1) على: كذا في (ب) ، (أ) ، (م) وفي (ن) : إليه.
    (2) ن: وهو داخل ; م: ولا داخل.
    (3) ن، م: مجانب.
    (4) ن، م: أنه.
    (5) ن: عليه.
    (6) أ، ب: ما يتصف به.
    (7) ن: وكل.
    (8) ن: فلا ينبغي، وهو خطأ ; م: الكلمة غير منقوطة.
    (9) ب: بالتعليل، وهو تحريف، والصواب من (ن) ، (أ) ، (م) .
    (10) م: جسم.
    **********************

    ما يقوم به من الأفعال الاختيارية يقولون لمن أثبت ذلك: إنه مجسم ; وكذلك سائر النفاة.
    وكل من نفى ما أثبته الله ورسوله بناء على أن إثباته تجسيم يلزمه فيما أثبته الله ورسوله] (1) .
    ومنتهى هؤلاء النفاة إلى إثبات وجود مطلق، وذات مجردة عن الصفات، والعقل الصريح يعلم أن الوجود المطلق والذات المجردة عن الصفات إنما يكون في الأذهان لا في الأعيان، فالذهن يجرد هذا ويقدر هذا التوحيد الذي يفرضونه، كما يقدر إنسانا مطلقا وحيوانا مطلقا، ولكن ليس كل ما قدرته الأذهان كان وجوده في الخارج في حيز الإمكان.
    ومن هنا يظهر غلط من قصد إثبات إمكان هذا بالتقدير العقلي، كما ذكره الرازي (2) ، فقال (3) : العقل يعلم أن الشيء: إما أن يكون متحيزا، وإما أن يكون قائما بالمتحيز، وإما أن يكون لا متحيزا ولا حالا (4) .

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ; (م) . والكلام في نسختي (ب) ، (أ) ناقص أيضا، ومن المرجح أن هناك سقطا، وفي السطور التالية محاولة لكتابة ما يفي بهذا النقص حسب ما أرى من سياق الكلام: " وكل من نفى ما أثبته الله ورسوله بناء على أن إثباته تجسيم (يلزمه ذلك في كل ما أثبته الله ورسوله، فإن المعتزلي إذا أثبت بعض الصفات دون البعض الآخر كالعلم والحياة والقدرة بناء على أن هذه الصفات لا تقتضي تجسيما كان متناقضا، فإن هذه الصفات تقتضي تجسيما أيضا - بحسب مذهبه - فإما أن ينفي هذه الصفات كذلك وإما أن يثبت كل ما أثبته الله ورسوله) .
    (2) أ، ب: الرازي وغيره.
    (3) أ، ب: فيقال، وهو خطأ.
    (4) بالمتحيز يقول الرازي في كتابه: " أساس التقديس في علم الكلام " ص 6، ط. مصطفى الحلبي، 1354/1935: " الثالث أنا إذا قلنا: الموجود إما أن يكون متحيزا، أو حالا في المتحيز، أو لا متحيزا ولا حالا في المتحيز، وجدنا العقل قاطعا بصحة هذا التقسيم ".
    ****************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #114
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (111)
    صـ 215 إلى صـ 221



    فيقال له: تقدير العقل لهذه الأقسام لا يقتضي وجودها في الخارج ولا إمكان وجودها في الخارج، فإن هذا مثل أن يقال: الشيء إما أن يكون واجبا، وإما أن يكون ممكنا، وإما أن يكون لا واجبا ولا ممكنا ; والشيء إما أن يكون قديما وإما أن يكون محدثا، وإما أن يكون لا قديما ولا محدثا ; والشيء إما أن يكون قائما بنفسه، وإما [أن يكون] قائما بغيره (1) ، وإما أن يكون لا قائما بنفسه ولا قائما بغيره، والشيء إما أن يكون موجودا، وإما أن يكون معدوما، وإما أن يكون لا موجودا ولا معدوما.
    فإن أمثال هذه التقديرات والتقسيمات لا تثبت إمكان الشيء ووجوده في الخارج، بل إمكان الشيء يعلم بوجوده أو بوجود (2) نظيره أو وجود ما يكون الشيء أولى بالوجود من ذلك الذي علم وجوده، أو بنحو ذلك من الطرق.
    والإمكان (3) الخارجي يثبت بمثل هذه الطرق، وأما الإمكان الذهني فهو أن لا يعلم امتناع الشيء، ولكن عدم العلم بالامتناع ليس علما بالإمكان.
    فإن قال النافي: كل ما اتصف بأنه حي عليم قدير، أو ما كان له حياة وعلم وقدرة، أو ما يجوز أن يرى، أو ما يكون فوق العالم، أو نحو ذلك

    _________
    (1) ن، م: أو قائما بغيره.
    (2) ن، م: أو وجود.
    (3) ن، م: فالإمكان.
    ****************************** ***

    من المعاني التي أثبتها الكتاب والسنة، لا يوصف بها إلا ما هو [جسم] (1) مركب من الجواهر المنفردة (2) أو من المادة والصورة، وذلك ممتنع.
    قيل: جمهور العقلاء لا يقولون: إن هذه الأجسام المشهودة - كالسماء والكواكب - مركبة لا من الجواهر الفردة (3) ولا من المادة والصورة، فكيف يلزمهم أن يقولوا بلزوم هذا التركيب في رب العالمين؟ !
    وقد بين في غير هذا الموضع فساد حجج الطائفتين وفساد (4) حجج نفيهم لهذين المعنيين، وأن (5) هؤلاء يبطلون حجة هؤلاء الموافقين لهم في الحكم، وهؤلاء يبطلون حجة هؤلاء، فلم يتفقوا على صحة حجة واحدة بنفي ما جعلوه مركبا، بل هؤلاء يحتجون بأن المركب مفتقر إلى أجزائه، فيبطل أولئك هذه الحجة، وهؤلاء يحتجون بأن ما كان كذلك لم يخل عن الأعراض الحادثة، وما لم يخل عن الحوادث فهو محدث، وأولئك يبطلون حجة هؤلاء، بل يمنعونهم المقدمتين، وهذه الأمور مبسوطة في غير هذه الموضع، وإنما نبهنا [هنا] (6) على هذا الباب.
    والأصل الذي [يجب] على المسلمين (7) أن ما ثبت عن الرسول وجب

    _________
    (1) جسم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) جسم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: المفردة.
    (4) ن: بل فساد.
    (5) م: فإن.
    (6) هنا: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (7) ن، م: والأصل الذي عليه المسلمون.
    ****************************** *

    الإيمان به، فيصدق خبره ويطاع أمره، وما لم يثبت عن الرسول فلا يجب الحكم فيه بنفي ولا إثبات حتى يعلم مراد المتكلم ويعلم صحة نفيه أو إثباته.
    وأما الألفاظ المجملة فالكلام فيها بالنفي والإثبات دون الاستفصال يوقع في الجهل والضلال، والفتن والخبال، والقيل والقال، وقد قيل: أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء.
    وكل من الطائفتين نفاة الجسم ومثبتيه موجودون في الشيعة وفي أهل السنة المقابلين للشيعة، أعني الذين يقولون بإمامة الخلفاء الثلاثة.
    وأول ما ظهر إطلاق لفظ الجسم من متكلمة الشيعة كهشام بن الحكم، كذا نقل ابن حزم وغيره.

    [مقالات الرافضة في التجسيم]
    قال أبو الحسن الأشعري في كتاب: " مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين " (1) : " اختلف (2) الروافض أصحاب الإمامة في التجسيم، وهم ست فرق: فالفرقة (3) الأولى الهشامية، أصحاب هشام بن الحكم الرافضي: يزعمون أن معبودهم جسم، وله نهاية وحد، طويل عريض عميق، طوله

    _________
    (1) أشار ابن تيمية من قبل (هذا الكتاب 2/104) إلى كلام الأشعري عن مقالة الروافض في التجسيم وهو في مقالات الإسلاميين 1/102 - 105، وسنقابل نص " منهاج السنة " على نص: " مقالات الإسلاميين ". وفي هامش (م) أمام هذا الموضوع كتب: " قف على اختلاف الروافض في التجسيم وهم ست فرق ".
    (2) مقالات. . (ص 102) : واختلفت.
    (3) ن، م: الفرقة.
    ****************************** ******

    مثل عرضه، وعرضه مثل عمقه، لا يوفى بعضه على (1) بعض (2) ، وزعموا أنه نور ساطع، له قدر من الأقدار، في مكان دون مكان، كالسبيكة الصافية يتلألأ (3) كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها، ذو لون وطعم ورائحة ومجسة " وذكر كلاما طويلا (4) .
    " والفرقة الثانية من الرافضة: يزعمون أن ربهم ليس بصورة ولا كالأجسام، وإنما يذهبون في قولهم: إنه جسم، إلى أنه موجود، ولا (5) يثبتون البارئ ذا أجزاء مؤتلفة وأبعاض متلاصقة (6) ، ويزعمون أن الله (7) على العرش مستو بلا مماسة ولا كيف.
    والفرقة الثالثة من الرافضة (8) : يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان، ويمنعون أن يكون جسما.
    والفرقة الرابعة من الرافضة الهشامية - أصحاب هشام بن سالم الجواليقي -: يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان، وينكرون أن يكون لحما ودما، ويقولون: هو (9) نور ساطع يتلألأ بياضا (10) ، وأنه ذو حواس

    _________
    (1) أ، ب: عن.
    (2) بعد كلمة " بعض " في مقالات. . ما يلي: " ولم يعينوا طولا غير الطويل، وإنما قالوا: طوله مثل عرضه، على المجاز دون التحقيق " وكله لم يرد في " منهاج السنة ".
    (3) أ: تتلألأ ; وفي (ب) : تتلألؤ، وهو خطأ مطبعي.
    (4) وهو الموجود في " مقالات الإسلاميين " ص 102 - 104.
    (5) ن، م: لا.
    (6) ن، م: ملاصقة.
    (7) مقالات (ص 104) : الله عز وجل.
    (8) أ، ب: الروافض.
    (9) أ، ب: إنه.
    (10) ن: ضياء ; م: ضياؤه.
    ****************************** ***

    خمس كحواس الإنسان، له يد ورجل (1) ، وأنف وأذن، وفم وعين (2) ، وأنه يسمع بغير ما به يبصر (3) ، وكذلك سائر حواسه متغايرة عندهم ".
    قال: " وحكى أبو عيسى الوراق أن هشام بن سالم كان يزعم أن لربه وفرة (4) سوداء (5) ، وأن ذلك نور أسود.
    والفرقة الخامسة: يزعمون أن لرب العالمين (6) ضياء خالصا ونورا بحتا (7) ، وهو كالمصباح الذي من حيث جئته يلقاك بأمر واحد (8) ، وليس بذي صورة ولا أعضاء، ولا اختلاف في الأجزاء، وأنكروا أن يكون على صورة الإنسان، أو [على] (9) صورة شيء من الحيوان ".
    قال (10) : " والفرقة السادسة من الرافضة (11) : يزعمون أن ربهم ليس بجسم (12) ولا بصورة (13) ، ولا يشبه الأشياء، ولا يتحرك ولا يسكن ولا يماس.

    _________
    (1) ن، م: له رجل ويد.
    (2) مقالات (ص 105) : وعين فم.
    (3) مقالات. .: وأنه يسمع بغير ما يبصر به ; ن: وأنه سميع بصير ما به يبصر (وهو تحريف) .
    (4) في القاموس المحيط: " والوفرة الشعر المجتمع على الرأس، أو ما سال على الأذنين، أو ما جاوز شحمة الأذن ".
    (5) أ: وفرة سواد.
    (6) مقالات. .: رب العالمين.
    (7) ن: يحب ; م: محت، وهو تحريف. مقالات: ضياء خالص ونور بحت.
    (8) ب: بنور، أ: بأمر (مع سقوط كلمة: واحد) .
    (9) على: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (10) بعد الكلام السابق مباشرة في " مقالات. . " 1/105.
    (11) م: الروافض.
    (12) أ، ب: لا بجسم.
    (13) ن، م: ولا صورة.
    ****************************** ********

    وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة والخوارج ".
    قال أبو الحسن الأشعري (1) : " وهؤلاء قوم من متأخريهم (2) ، فأما أوائلهم فإنهم كانوا يقولون بما حكيناه (3) عنهم من التشبيه ".
    قلت: وهذا الذي ذكره [أبو الحسن] (4) الأشعري عن قدماء الشيعة من القول بالتجسيم قد اتفق على نقله عنهم أرباب المقالات، حتى نفس الشيعة كابن النوبختي وغيره ذكر [ذلك عن] هؤلاء الشيعة (5) .
    وقال أبو محمد بن حزم وغيره: أول من قال في الإسلام: إن الله جسم [هشام بن الحكم] (6) ، وكان الذين يناقضونه في ذلك المتكلمين (7) من المعتزل كأبي الهذيل العلاف.
    فالجهمية والمعتزلة أول من قال: إن الله ليس بجسم.
    فكل من القولين قاله قوم من الإمامية ومن أهل السنة الذين ليسوا بإمامية.
    وإثبات الجسم قول محمد بن كرام وأمثاله ممن يقول بخلافة الخلفاء (8) الثلاثة، والنفي (9) قول أبي الحسن الأشعري وغيره ممن يقول

    _________
    (1) بعد الكلام السابق مباشرة.
    (2) ن: متأخرهم، وهو خطأ.
    (3) مقالات: ما حكينا.
    (4) أبو الحسن: زيادة في أ، ب.
    (5) ن: وذكر هؤلاء الشيعة.
    (6) ابن الحكم: ساقط من (ن) فقط. ولم أستطع العثور على هذا النص في كلام ابن حزم.
    (7) ن، م: وكان الذين يناقضونه في ذلك المتكلمون، وهو تحريف.
    (8) الخلفاء: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (9) أ: ونفاه ; ب: ونفيه.
    ****************************** ******

    بخلافة الخلفاء الثلاثة، وقول كثير من أتباع الأئمة الأربعة: أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم.

    [معنى لفظ أهل السنة وموقفهم من إطلاق لفظ الجسم]
    فلفظ " أهل السنة " يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة، فيدخل (1) في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة، وقد يراد به أهل الحديث والسنة المحضة، فلا يدخل فيه إلا من يثبت (2) الصفات لله تعالى ويقول: إن القرآن غير مخلوق، وإن الله يرى في الآخرة، ويثبت القدر، وغير ذلك من الأصول (3) المعروفة عند أهل الحديث والسنة.
    وهذا الرافضي -[يعني المصنف] (4) - جعل أهل السنة بالاصطلاح الأول، وهو اصطلاح العامة: كل من ليس برافضي، قالوا: هو من أهل السنة. ثم أخذ ينقل عنهم مقالات لا يقولها إلا بعضهم مع تحريفه لها، فكان في نقله من الكذب والاضطراب ما لا يخفى على ذوي الألباب.
    وإذا عرف [أن] مراده (5) بأهل السنة السنة العامة، فهؤلاء متنازعون في إثبات الجسم ونفيه كما تقدم، والإمامية أيضا متنازعون في ذلك.
    وأئمة النفاة هم الجهمية من المعتزلة ونحوهم يجعلون من أثبت الصفات مجسما، بناء عندهم على أن الصفات (6) لا تقوم إلا بجسم

    _________
    (1) م: فدخل.
    (2) ن: أثبت.
    (3) أ، ب: الأمور.
    (4) عبارة " يعني المصنف ": ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: فإذا عرف مراده.
    (6) أ، ب: بناء عندهم على أن الصفات عندهم.
    ***************************


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #115
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (112)
    صـ 222 إلى صـ 228





    ويقولون: إن الجسم مركب من الجواهب المفردة (1) ، أو من المادة والصورة.
    فقال لهم أهل الإثبات: قولكم منقوض بإثبات الأسماء الحسنى، فإن الله حي عليم قدير، فإن (2) أمكن إثبات حي عليم قدير وليس بجسم، أمكن أن يكون له حياة وعلم وقدرة وليس بجسم، وإن لم يمكن إثبات (3) ذلك، فما كان جوابكم عن إثبات الأسماء كان جوابنا عن إثبات الصفات.
    ثم المثبتون للصفات منهم من يثبت الصفات المعلومة بالسمع، كما يثبت الصفات المعلومة بالعقل، وهذا قول أهل السنة الخاصة - أهل الحديث ومن وافقهم - وهو (4) قول أئمة الفقهاء وقول أئمة الكلام من أهل الإثبات، كأبي محمد بن كلاب وأبي العباس القلانسي (5) وأبي الحسن

    _________
    (1) أ، ب: المنفردة.
    (2) أ، ب: وإن.
    (3) إثبات: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ن، م: وهذا.
    (5) لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من كتب الرجال، ولكن ذكره ابن عساكر في " تبيين كذب المفتري " ص [0 - 9] 98 فقال: " أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن خالد القلانسي الرازي من معاصري أبي الحسن (الأشعري) رحمه الله لا من تلامذته كما قال الأهوازي، وهو من جملة العلماء الكبار الأثبات، واعتقاده موافق لاعتقاده في الإثبات (أي: لاعتقاد الأشعري) ". وعلق الشيخ محمد زاهد الكوثري على ذلك بقوله: إن القلانسي كان متقدما على الأشعري. انظر ما ورد عن القلانسي وآرائه في الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 0، 96، 213، 221 ; أصول الدين لابن طاهر، ص [0 - 9] 0، 45، 67، 254 ; الملل والنحل 1/85 ; طبقات الشافعية 2/300 ; الإرشاد للجويني، ص [0 - 9] 99 ; نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام للدكتور علي سامي نشار، ص [0 - 9] 57 - 165، الطبعة الثانية، ط. المعارف، الإسكندرية، 1962 ; نشأة الأشعرية وتطورها: للدكتور جلال محمد عبد الحميد موسى، ص [0 - 9] 8 - 66، ط. دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1395/1975.
    ****************************** **

    الأشعري وأبي عبد الله بن مجاهد (1) وأبي الحسن الطبري (2) والقاضي أبي بكر بن (3) الباقلاني، ولم يختلف في ذلك قول الأشعري وقدماء أئمة أصحابه. لكن المتأخرون من أتباعه كأبي المعالي وغيره لا يثبتون إلا الصفات العقلية، وأما الخبرية فمنهم من ينفيها ومنهم من يتوقف فيها [كالرازي والآمدي وغيرهما] (4) .
    ونفاة الصفات الخبرية منهم [من يتأول نصوصها، ومنهم] (5) من يفوض معناها إلى الله.

    _________
    (1) قال السبكي (طبقات الشافعية 3/368) : إن أخص تلامذة الأشعري أربعة وذكر منهم ابن مجاهد وأبا الحسن الطبري. وابن مجاهد هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن مجاهد الطائي. قال الذهبي (العبر في خبر من غبر 2/358) : " صاحب الأشعري وذو التصانيف الكثيرة في الأصول، قدم من البصرة فسكن بغداد وعنه أخذ القاضي أبو بكر الباقلاني، وكان دينا سنيا خيرا " وجعل الذهبي وفاته بعد الستين وثلاثمائة. وانظر ترجمته أيضا في تبيين كذب المفتري، ص [0 - 9] 77 ; نشأة الأشعرية وتطورها، ص [0 - 9] 17 - 318.
    (2) أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري، قال ابن عساكر في ترجمته (تبيين كذب المفتري، ص [0 - 9] 95 - 196) : " صحب أبا الحسن - رحمه الله - بالبصرة مدة وأخذ عنه وتخرج به واقتبس منه وصنف تصانيف عدة تدل على علم واسع وفضل بارع وهو الذي ألف الكتاب المشهور في تأويل الأحاديث والمشكلات الواردة في الصفات. انظر ترجمته ومؤلفاته في: طبقات الشافعية 3/466 - 468 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 4 - 45 ; معجم المؤلفين 7/234.
    (3) بن: ساقطة من (ب) ، (م) .
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) فقط.
    ****************************** *******

    وأما من أثبتها كالأشعري وأئمة أصحابه. فهؤلاء يقولون: تأويلها بما يقتضي نفيها [تأويل] (1) باطل، فلا يكتفون بالتفويض، بل يبطلون تأويلات النفاة.
    وقد ذكر الأشعري ذلك في عامة كتبه " كالموجز " و " المقالات الكبير " و " المقالات الصغير " و " الإبانة " (2) وغير ذلك، ولم يختلف في ذلك كلامه، لكن طائفة ممن توافقه وممن تخالفه يحكون له قولا آخر، أو تقول (3) : أظهر غير ما أبطن ; وكتبه تدل على بطلان هذين الظنين.
    وأما القول الثالث - وهو القول الثابت عن أئمة السنة المحضة، كالإمام أحمد وذويه (4) - فلا يطلقون لفظ الجسم لا نفيا ولا إثباتا لوجهين:

    _________
    (1) تأويل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) قال ابن عساكر في " تبيين كذب المفتري " ص 129: " وذكر بعده الكتاب الذي سماه كتاب " الموجز " وذلك أنه يشتمل على اثني عشر كتابا على حسب تنوع مقالات المخالفين من الخارجين عن الملة والداخلين فيها " وقال بعد ذلك (ص 130 - 131) : " وألفنا كتابا في مقالات المسلمين يستوعب جميع اختلافهم ومقالاتهم، وألفنا كتابا في جمل مقالات الملحدين وجمل أقاويل الموحدين سميناه كتاب " جمل المقالات ". وكتاب " الموجز " أو " الموجز الكبير " (وانظر تبيين كذب المفتري، ص 140) ليس بين أيدينا، وكذلك كتاب " جمل المقالات " أو " المقالات الكبير " وأما " المقالات الصغير " فهو: " مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ". وأما كتاب " الإبانة " فهو كتاب " الإبانة عن أصول الديانة " المطبوع بحيدر أباد ومصر عدة طبعات. وانظر عن هذه الكتب وغيرها للأشعري ما ورد في: وفيات الأعيان 2/447 ; طبقات الشافعية 3/359 - 361 ; الخطط للمقريزي 2/359 ; دائرة المعارف الإسلامية، مادة الأشعري ; الأعلام للزركلي 5/69 ; تاريخ الأدب العربي لبروكلمان، 4/37 - 41 ; سزكين م [0 - 9] ، ح [0 - 9] ، ص 35 - 39.
    (3) ن، م: ويقولون.
    (4) أ، ب: ودونه.
    ****************************** ********

    أحدهما: أنه ليس مأثورا لا في كتاب ولا سنة، ولا أثر عن أحد من الصحابة والتابعين [لهم بإحسان، ولا غيرهم من أئمة المسلمين] (1) ، فصار من البدع المذمومة.
    الثاني: أن معناه يدخل فيه حق وباطل، فالذين أثبتوه أدخلوا فيه من النقص والتمثيل ما هو باطل، والذين نفوه أدخلوا فيه من التعطيل والتحريف ما هو باطل.

    [موقف النفاة كالمعتزلة وموافقيهم]

    وملخص (2) ذلك أن الذين نفوه أصل قولهم أنهم أثبتوا حدوث العالم بحدوث الأجسام، فقالوا: الجسم لا يخلو عن الحركة والسكون، وما لا يخلو عنهما فإنه لا يخلو عن حادث ; لأن الحركة حادثة شيئا بعد شيء، والسكون إما عدم الحركة وإما ضد يقابل الحركة، وبكل حال فالجسم لا يخلوا عن الحركة والسكون، والسكون يمكن (3) تبديله بالحركة، فكل جسم يقبل الحركة فلا يخلو منها أو مما يقابلها (4) ، فإن كان لا يخلو منها - كما تقوله الفلاسفة في الفلك - فإنه حادث (5) ، وإن كان لا يخلو مما يقابلها (6) فإنه [يقبل] (7) الحركة، وما قبل الحركة أمكن

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: ومخلص.
    (3) أ، ب: على، وهو تحريف.
    (4) م: يقبلها، وهو تحريف.
    (5) م (فقط) : فإنها حادثة، وهو خطأ.
    (6) أ: يقبلها وهو تحريف.
    (7) يقبل: ساقطة من (ن) فقط.
    ****************************** *****

    أن لا يخلو منها، فأمكن أن يخلو من (1) الحوادث، وما أمكن لزوم [دليل] (2) الحدوث له كان حادثا، فإن الرب تعالى لا يجوز أن يلزمه دليل الحدوث.
    ثم منهم من اكتفى بقوله: ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، فإن ما لا يخلو عنها لا يسبقها (3 فلا يكون قبلها 3) (3) ، وما لا يكون إلا مقارنا للحادث لا قبله ولا يكون إلا حادثا.
    وكثير من الكتب المصنفة لا يوجد فيها إلا هذا. وأما حذاق هؤلاء فتفطنوا للفرق بين عين (4) الحادث ونوع الحادث، فإن المعلوم أن ما لا يسبق الحادث المعين فهو حادث، وأما ما لا يسبق نوع الحادث فهذا لا يعلم حدوثه، وإن (5) لم يعلم امتناع دوام الحوادث وأن لها (6) ابتداء، وأنه يمتنع تسلسل الحوادث ووجود حوادث لا أول لها، فصار الدليل موقوفا على امتناع (7) حوادث لا أول لها.
    وهذا الموضع هو المهم الأعظم في هذا الدليل، وفيه كثر (8) الاضطراب، والتبس الخطأ بالصواب.

    _________
    (1) ن، م: عن.
    (2) دليل: ساقطة من (ن) فقط.
    (3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (4) عين: ساقطة من (ب) ، وهي في (أ) ، (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: إن:
    (6) ن، م: له.
    (7) امتناع: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) ن: كثير، وهو تحريف.
    ****************************** ***

    وآخرون سلكوا أعم من هذا فقالوا: الجسم لا يخلو عن الأعراض، والأعراض حادثة لا تبقى زمانين.
    ومنهم من يقول: الجسم لا يخلو عن نوع من أنواع (1) الأعراض لأنه قابل له، والقابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده.
    ومنهم من قال: الجسم لا يخلو عن الاجتماع والافتراق والحركة والسكون، وهذه الأنواع الأربعة هي الأكوان، فالجسم (2) لا يخلو عن الأكوان.
    والكلام في هذه الطرق ولوازمها كثير قد بسط في غير هذا الموضع، والمقصود هنا التنبيه.
    وهذا الكلام، وإن كان أصله من المعتزلة، فقد دخل في كلام [المثبتين للصفات، حتى في كلام] (3) المنتسبين إلى السنة الخاصة: المنتسبين (4) إلى الحديث والسنة، وهو موجود في كلام كثير من أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد (5) وغيرهم.

    [موقف الأشعري من إثبات الصفات]
    وهذا من الكلام الذي بقي على الأشعري من بقايا كلام المعتزلة، فإنه خالف (6) المعتزلة لما رجع عن مذهبهم في أصولهم التي اشتهروا فيها بمخالفة (7) [أهل] (8) السنة كإثبات الصفات والرؤية، وأن القرآن غير

    _________
    (1) ن: نوع من نوع، وهو خطأ.
    (2) ن (فقط) : والجسم.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (4) ن، م: والمنتسبين.
    (5) أ، ب: وأحمد وأبي حنيفة.
    (6) م: يخالف.
    (7) ن: أشهروها بخلاف.
    (8) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    ****************************** *****

    مخلوق، وإثبات القدر، وغير ذلك من مقالات أهل السنة والحديث، وذكر في كتاب " المقالات " أنه يقول بما ذكره عن أهل السنة والحديث (1) .
    وذكر في " الإبانة " أنه يأتم بقول الإمام أحمد. قال (2) : " فإنه (3) الإمام الكامل، والرئيس الفاضل (4) ، الذي أبان [الله] به الحق (5) ، وأوضح به المنهاج (6) ، وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين، وشك الشاكين ".
    وقال (7) : " فإن قال قائل (8) : قد أنكرتم قول الجهمية والمعتزلة والقدرية [والمرجئة] (9) " واحتج في ضمن ذلك بمقدمات سلمها

    _________
    (1) قال الأشعري في كتابه " مقالات الإسلاميين " 1/325 بعد أن عقد فصلا عنوانه " هذه حكاية جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة " (1/320 - 325) : " وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول، وإليه نذهب ".
    (2) وردت العبارة التالية في كتاب " الإبانة عن أصول الديانة " للأشعري، باب في إبانة قول أهل الحق والسنة، ص [0 - 9] ، ط. المنيرية، بدون تاريخ، وسنقابل نص " منهاج السنة " عليها وعلى الطبعة التي حققتها الدكتورة فوقية حسين محمود: ص 70 - 271 دار الأنصار: القاهرة 1397/1977.
    (3) الإبانة: لأنه.
    (4) الإبانة: الإمام الفاضل والرئيس الكامل.
    (5) ن: الذي أبان به الحق (بسقوط لفظ الجلالة) .
    (6) الإبانة: ورفع به الضلال، وأوضح به المنهاج (وفي نسخة الدكتورة فوقية: ودفع) .
    (7) العبارة التالية في الإبانة في أصول الفصل السابق (ص [0 - 9] ) بعد العنوان مباشرة.
    (8) الإبانة: فإن قال لنا قائل.
    (9) الإبانة: " قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة " ; ب، أ: سقطت كلمة " القدرية " ; ن، م: سقطت كلمة " المرجئة ".
    ****************************** *****


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #116
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (113)
    صـ 229 إلى صـ 235





    للمعتزلة مثل هذا الكلام، فصارت المعتزلة [وغيرهم من أهل الكلام] (1) يقولون (2) : إنه متناقض في ذلك.
    وكذلك سائر أهل السنة والحديث يقولون: إن هذا تناقض (3) ، وإن هذه بقية (4) بقيت عليه من كلام المعتزلة.
    وأصل ذلك هو هذا الكلام، وهو موجود في كلام كثير من أصحاب أحمد والشافعي ومالك، وكثير من هؤلاء يخالف الأشعري في مسائل، وقد [وافقه] (5) على الأصل الذي ترجع إليه تلك المسائل، فيقول الناس في تناقضه كما قالوه في تناقض الأشعري، وكما قالوه في تناقض المعتزلة وتناقض الفلاسفة، فما من طائفة فيها نوع يسير من مخالفة السنة المحضة والحديث إلا ويوجد في كلامها من التناقض بحسب ذلك، وأعظمهم تناقضا أبعدهم عن السنة، كالفلاسفة ثم المعتزلة والرافضة.
    فلما اعتقد هؤلاء أنهم (6) أثبتوا بهذا الدليل حدوث الجسم، لزم انتفاء ذلك عن الله ; لأن الله قديم ليس بمحدث، فقالت المعتزلة: ما قامت به الصفات فهو جسم ; لأن الصفات أعراض، والعرض لا يقوم

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: تقول.
    (3) ن، (فقط) : يقول إن هذا يتناقص.
    (4) بقية: ساقطة من (ب) وهي في (ن) ن (أ) ، (م) .
    (5) أ: أوقفه، وهو تحريف.
    (6) ن (فقط) : فلما اعتقدوه لأنهم، وهو تحريف.
    ****************************** *******

    إلا بجسم، فنفت الصفات، ونفت أيضا قيام الأفعال الاختيارية به ; لأنها أعراض ولأنها حوادث، فقالت: القرآن مخلوق ; لأن القرآن كلام وهو عرض ; ولأنه يفتقر إلى الحركة وهي حادثة، فلا يقوم إلا بجسم.
    وقالت أيضا: إنه لا يرى في الآخرة ; لأن العين لا ترى إلا جسما أو قائما بجسم.
    وقالت: ليس [هو] (1) فوق العالم ; لأن ذلك مقام (2) مكان، والمكان لا يكون [به] (3) إلا جسم (4) ، أو ما يقوم بجسم.
    وهذا هو المذهب الذي ذكره هذا الإمامي، وهو لم يبسط الكلام فيه، فلذا (5) اقتصرنا (6) على هذا القدر؛ إذ الكلام على ذلك مبسوط في موضع آخر.
    فقالت مثبتة الصفات للمعتزلة: أنتم تقولون: إن الله حي عليم قدير، وهذا لا يكون إلا جسما، فإن طردتم قولكم لزم أن يكون الله جسما، وإن قلتم: بل يسمى بهذه الأسماء من ليس بجسم (7) ، قيل لكم: وتثبت هذه الصفات لمن ليس بجسم.
    وقالوا لهم أيضا: إثبات حي بلا حياة، وعالم بلا علم، وقادر

    _________
    (1) هو: ساقطة من (ن) فقط.
    (2) مقام: زيادة في (ن) فقط.
    (3) به: ساقطة من (ن) فقط.
    (4) ن (فقط) : الجسم.
    (5) ن، م: فلذلك.
    (6) ن (فقط) : اقتصر.
    (7) ن (فقط) : تسمى بهذه الأسماء وليس بجسم.
    ****************************** ******

    بلا قدرة، مثل إثبات أسود بلا سواد، وأبيض بلا بياض، وقائم بلا قيام، ومصل بلا صلاة، ومتكلم بلا كلام، وفاعل بلا فعل، وهذا (1) مما يعلم فساده لغة وعقلا.
    وقالوا لهم أيضا: أنتم تعلمون أنه حي عالم قادر، وليس كونه حيا هو كونه عالما، ولا كونه عالما هو كونه قادرا.
    فهذه المعاني التي تعقلونها وتثبتونها (2) هي الصفات، سواء سميتموها أحكاما أو أحوالا أو معاني أو غير ذلك، فليس الاعتبار بالألفاظ بل بالمعاني المعقولة.
    ومن تدبر كلام أئمة المعتزلة والشيعة والفلاسفة نفاة الصفات وجدهم في غاية التناقض، كما تقول الفلاسفة: إنه عاقل (3) ومعقول وعقل، وعاشق ومعشوق وعشق.
    ثم يقولون: هذا المعنى هو هذا المعنى، وإن العالم هو العلم، فيجعلون إحدى الصفتين هي الأخرى، ويجعلون الموصوف هو الصفة.
    وأيضا، فما يشنع به هؤلاء على أهل السنة هم يقولون به بغير اختيارهم. ومن تدبر كلام أبي الحسين البصري (4) وأمثاله من أئمة المعتزلة، وجد المعاني التي يثبتها (5) هي قول الصفاتية، لكن ليس هذا موضع بسط ذلك؛ إذ الكلام هنا مختصر بحسب هذا المقام، وقد نبهنا

    _________
    (1) أ، ب: وهذه.
    (2) ن، (أ) : يعقلونها ويثبتونها.
    (3) ن (فقط) : فاعل، وهو خطأ.
    (4) ن، م: أبي الحسن البصري، وهو خطأ.
    (5) ن (فقط) : نثبتها، وهو خطأ.
    ****************************** **

    على أن أهل السنة يقولون (1) بالحق مطلقا، وأنه ما من قول يثبت بشرع (2) وعقل إلا وقد قال به أئمة (3) أهل السنة، وهذا هو المقصود في هذا المقام.

    [الوجه السادس وفيه أن أكثر متقدمي الإمامية كانوا مجسمة]

    الوجه السادس (4) : أن يقال لهذا الإمامي: أنت قلت: مذهب الإمامية أحقها وأصدقها وأخلصها عن شوائب الباطل ; لأنهم اعتقدوا أن الله هو المخصوص بالأزلية والقدم، وأن [كل] (5) ما سواه محدث ; لأنه واحد (6) وليس بجسم ولا في مكان وإلا لكان محدثا.
    وقد تبين أن أكثر [متقدمي] (7) الإمامية كانوا بضد هذا: كهشام بن الحكم، وهشام بن سالم، ويونس (8) بن عبد الرحمن القمي مولى آل يقطين، وزراة بن أعين (9)

    _________
    (1) ن، م: تقول.
    (2) ن (فقط) : ثبت بشرع.
    (3) ن، م: جمهور.
    (4) ن، م: الخامس، وهو خطأ. وبدأ الكلام عن الوجه الخامس في ص 102.
    (5) كل: ساقطة من (ن) فقط.
    (6) ن (فقط) : أحد.
    (7) متقدمي: ساقطة من (ن) فقط.
    (8) م (فقط) : ويوسف، وهو خطأ.
    (9) ن، م: وزرارة بن أبي أعين، وهو خطأ. وزارة بن أعين بن سنسن رأس الفرقة الزرارية من فوق الرافضة، كان أبوه عبدا روميا لرجل من بني شيبان وكان جده راهبا. قال ابن النديم (الفهرست، ص 220) : " زرارة لقب واسمه عبد ربه. . . أكبر رجال الشيعة فقها وحديثا ومعرفة بالكلام والتشيع " وتوفي زرارة سنة 150. ويقال: إنه كان يقول بإمامة عبد الله بن جعفر ثم صار إلى الائتمام بموسى بن جعفر (الكاظم) . وسيذكر ابن تيمية بعد قليل مقالة للزرارية في أصول الدين نقلا عن الأشعري في المقالات. وانظر عن زرارة الرجال للنجاشي، ص 132 - 133 ; رجال الطوسي، ص 123 - 124، 201، 350 ; الفهرست للطوسي، ص 100 ; الرجال للكشي، ص 88 - 107 ; اللباب لابن الأثير 1/498 ; لسان الميزان 2/473 - 474 ; الأعلام للزركلي 3/75 ; وانظر عن الزرارية مقالات الإسلاميين 1/100، 106 - 107 ; الفرق بين الفرق، ص 43 ; الخطط للمقريزي 2/353 ; الملل والنحل 1/150.
    ****************************** ****

    وأبي مالك الحضرمي (1) ، وعلي بن ميثم (2) ، وطوائف كثيرين هم

    _________
    (1) لم أهتد إلى ترجمة مفصلة له ولكن ورد ذكره ضمن أصحاب جعفر الصادق (رجال الطوسي، ص 221) فقال: الضحاك أبو مالك الحضرمي، كوفي وكذا ورد اسمه في أعيان الشيعة 7/110، 111 بدون تفصيلات أخرى. وفي رجال الحلي، ص 90: " الضحاك أبو مالك الحضرمي، كوفي عربي أدراك أبا عبد الله (جعفرا الصادق) عليه السلام. وقال قوم من أصحابنا: روى عنه. وقال آخرون: لم يرو عنه، وروى عن أبي الحسن عليه السلام (موسى الكاظم) ، وكان متكلما ثقة في الحديث ". وسماه النجاشي (الرجال، ص 154) الضحاك بن أبي مالك (كذا وهو تحريف) الحضرمي. وذكر ما نقله عنه الحلي إلا أن فيه: " وله كتاب في التوحيد رواية علي بن الحسن الطاطري " ثم ذكر سند هذه الرواية. وانظر أيضا تنقيح المقال للمامقاني 2/104.
    (2) في النسخ الأربع: علي بن متيم، والصواب ما أثبته. وهو علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمار، أبو الحسن، لم تذكر كتب التراجم التي بين أيدينا تاريخ مولده أو وفاته، ولكن جاء فيها أنه كان من أصحاب علي بن موسى الرضا (المتوفى سنة 203) ، وأنه أدرك موسى بن جعفر الكاظم (المتوفى سنة 183) قال ابن النديم في " الفهرست " (ص 175) : إنه أول من تكلم في مذهب الإمامة وإنه صنف كتابي " الإمامة " و " الاستحقاق " وانظر ترجمته ومذهبه في: أعيان الشيعة 41/73 ; الرجال للنجاشي، ص 189 - 190 ; رجال الطوسي، ص 383 ; لسان الميزان 4/265 - 966 (وسماه العوفي) ; الفصل لابن حزم 5/39 - 40 (وسماه الصابوني) ; الفرق بين الفرق، ص 43 (وفيه علي بن هيثم، وهو تحريف) ; فرق الشيعة للنوبختي، ص 103.
    ****************************** *******

    أئمة الإمامية قبل (1) المفيد والطوسي (2) والموسوي والكراجكي (3) .
    وقد تقدم أن هذا قول قدماء الإمامية فإن (4) قول المعتزلة إنما حدث فيهم متأخرا، وحينئذ فليست الإمامية كلها على ما ذكرته، ثم إن كان ما ذكرته هو الصواب فشيوخ الإمامية المتقدمون على غير الصواب، وإن كان خطأ فشيوخهم المتأخرون على هذا الخطأ، فقد لزم بالضرورة أن شيوخ الإمامية ضلوا في التوحيد: إما متقدموهم وإما متأخروهم.
    [الوجه السابع وفيه عرض لمقالات الرافضة]
    الوجه السابع (5) : أن يقال: أنت ذكرت اعتقادا ولم تذكر عليه دليلا (6) : لا شرعيا ولا عقليا. ولا ريب أن الرافضة أجهل وأضل [وأقل] (7) من أن يناظروا علماء السنة، لكن يناظر بعضهم بعضا، كما يتناظرون دائما في المعدوم: هل هو شيء أو ليس بشيء؟
    فيقال لهذا الإمامي النافي: أنت لم تقم حجة على شيوخك [الإمامية] (8) القائلين بأن الله في مكان دون مكان، وأنه يتحرك، وأنه تقوم به الحوادث.
    قال الأشعري (9) : " واختلفت الروافض (10) في حملة العرش [أيحملون

    _________
    (1) ن، م: مثل، وهو خطأ.
    (2) ن (فقط) : المفيد الطوسي، وهو خطأ.
    (3) ب: والحلي، أ: حلي، والصواب ما أثبته. وسبقت ترجمة الأربعة 1/60.
    (4) ن، م: وأن.
    (5) ن، م: السادس، وهو خطأ.
    (6) ن، م: دليلا عليه.
    (7) وأقل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) الإمامية: ساقطة من (ن) فقط.
    (9) في مقالات الإسلاميين 1/106، وسنقابل النصوص التالية عليه.
    (10) مقالات. .: الرافضة.
    *****************************

    العرش] (1) أم يحملون البارئ عز وجل؟ وهم فرقتان: فرقة يقال لها: " اليونسية " أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمي مولى آل يقطين (2) يزعمون أن الحملة يحملون الباري، واحتج يونس في (3) أن الحملة تطيق حمله وشبههم (4) بالكركي (5) وأن رجليه تحملانه وهما دقيقتان.
    وقالت فرقة أخرى: إن الحملة تحمل العرش، والبارئ (6) يستحيل أن يكون محمولا ".

    قال الأشعري (7) : " واختلف الروافض في القول بأن الله (8) عالم حي (9) قادر سميع بصير إله. وهم تسع (10) فرق: فالفرقة الأولى منهم: " الزرارية " أصحاب زرارة بن أعين الرافضي يزعمون أن الله لم يزل غير سميع ولا عليم ولا بصير حتى خلق ذلك لنفسه، وهم يسمون التيمية (11) ، ورئيسهم زرارة بن أعين.

    _________
    (1) أيحملون العرش: ساقطة من (ن) فقط. وفي " مقالات. . ": هل يحملون العرش؟
    (2) سبقت ترجمته والكلام عن فرقته 1/73. وانظر أيضا أعيان الشيعة 52/101 - 114 ; الرجال للنجاشي، ص 348 - 349 ; رجال الطوسي، 364، 394 ; الفهرست لابن النديم، ص 220. وفي هامش (أ) أمام هذا الموضوع كتب: " في اعتقاد فرق الشيعة ".
    (3) أ، ب: إلى.
    (4) أ، ب، م: وشبهتهم، وهو تحريف.
    (5) الكركي (على وزن كرسي) نوع من الطير دقيق الرجلين طويلهما.
    (6) ن، م: وإن الباري.
    (7) المقالات 1/106 - 108. وفي هامش (م) كتب: " قف على اختلاف. الروافض في كون الله تعالى حيا قادرا سميعا بصيرا ".
    (8) المقالات: إن الله سبحانه.
    (9) عالم حي: ساقطة من (م) فقط.
    (10) ن، م: ثمانية، وهو خطأ.
    (11) م: الشيمه، وهو تحريف.
    ****************************** *********


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #117
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (114)
    صـ 236 إلى صـ 242





    والفرقة الثانية منهم: " السيابية " أصحاب عبد الرحمن بن سيابة (1) يقفون في هذه المعاني، ويزعمون أن القول فيها ما يقول جعفر كائنا قوله [ما كان] (2) ، ولا يعرفون (3) في هذه الأشياء (4) قولا.
    والفرقة الثالثة منهم: يزعمون أن الله تعالى لا يوصف بأنه لم يزل (5) إلها قادرا ولا (6) سميعا بصيرا حتى يحدث الأشياء ; لأن (7) الأشياء التي كانت قبل أن تكون ليست بشيء، ولن (8) يجوز أن يوصف بالقدرة لا (9) على شيء وبالعلم [لا بشيء] (10) . وكل الروافض (11) - إلا شرذمة قليلة - يزعمون أن الله يريد الشيء (12) ثم يبدو له فيه ".

    _________
    (1) أ، ب: السبابية أصحاب عبد الرحمن بن سبابة ; ن، م: السابية أصحاب عبد الرحمن بن سابية، المقالات (ط. النهضة المصرية بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد) : السبابية أصحاب عبد الرحمن بن سبابة ; المقالات 1/136 (ط. استانبول بتحقيق هـ. ريتر) : السيابية أصحاب عبد الرحمن بن سيابة، وهو الصواب. وكذا ورد اسمه ضمن ترجمته في: الرجال للكشي، 247 ; تنقيح المقال للمامقاني 2/144 - 145. وذكر في رجال الطوسي ص 230 ضمن أصحاب جعفر الصادق وفيه: " عبد الرحمن بن سيابة الكوفي البجلي البزاز مولى أسند عنه ".
    (2) ما كان: ساقطة من (ن) فقط.
    (3) المقالات: يصوبون.
    (4) م: الأسماء، وهو تحريف.
    (5) المقالات: يزعمون أن الله عز وجل لا يوصف بأنه لم يزل ; ن، م: يزعمون أن الله لا يوصف أن الله لم يزل. والمثبت من (أ) ، (ب) .
    (6) م، ب، ن، أ: ربا، ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته عن (م) .
    (7) ن: لا أن، وهو خطأ.
    (8) ن، م: ولا.
    (9) لا: ساقطة من (م) .
    (10) لا بشيء: ساقط من (ن) فقط.
    (11) ن (فقط) : قال: وكل الروافض.
    (12) ب: شيئا.
    ****************************** *

    قال (1) : " والفرقة الرابعة من الروافض (2) : يزعمون أن الله لم يزل لا حيا ثم صار حيا.
    والفرقة الخامسة من الروافض: وهم أصحاب " شيطان الطاق " (3) يزعمون أن الله عالم في نفسه ليس بجاهل، ولكنه (4) إنما يعلم الأشياء إذا قدرها وأرادها، فأما قبل أن يقدرها ويريدها (5) فمحال أن يعلمها، لا لأنه ليس بعالم، ولكن الشيء لا يكون شيئا حتى يقدره ويشيئه (6) بالتقدير، والتقدير عندهم الإرادة ".

    _________
    (1) بعد الكلام السابق مباشرة في " المقالات " 1/107.
    (2) أ، ب: من الرافضة.
    (3) أبو جعفر بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي الكوفي الأحول، ويعرف بشيطان الطاق، ويسميه الشيعة بمؤمن الطاق. قال النجاشي: " روى عن علي بن الحسين وأبي جعفر (الباقر) وأبي عبد الله (جعفر الصادق) عليهم السلام. . وكان دكانه في طاق المحامل بالكوفة فيرجع إليه في النقد فيرد ردا يخرج كما يقول فيقال: شيطان الطاق ". ويعترف النجاشي وغيره بأنه كان يقول بالرجعة، وتوفي حوالي 160. انظر عنه وعن مذهبه الرجال للنجاشي، ص [0 - 9] 49 - 250 ; فرق الشيعة للنوبختي، ص 100 ; الخطط للمقريزي 2/348، 353 ; لسان الميزان 5/300 - 301 ; الملل والنحل 1/166 - 168 ; أعيان الشيعة 46/162 ; الفهرست للطوسي، ص [0 - 9] 57 - 158 ; رجال الطوسي، ص [0 - 9] 02 - 303، 359 - 360 ; معالم العلماء لابن شهراشوب (ط. النجف، 1380/1961) ص [0 - 9] 5 ; الفهرست لابن النديم ص [0 - 9] 76، الرجال للكشي، ص [0 - 9] 22 - 126 ; الأعلام للزركلي 7/154.
    (4) ن، م: ولكن.
    (5) ن، م: يريدها ويقدرها.
    (6) ويشيئه: كذا في أ، ب.، وفي ن، م: ينشئه، المقالات: يثبته (وانظر ط. ريتر 10/37 ت [0 - 9] ) .
    ****************************** ***

    قال (1) : " و [الفرقة] السادسة (2) من الرافضة (3) : أصحاب هشام بن الحكم يزعمون أنه محال أن يكون الله لم يزل عالما بالأشياء بنفسه، وأنه إنما يعلم الأشياء بعد أن لم يكن بها عالما، وأنه يعلمها [بعلم] (4) ، وأن العلم صفة له، ليست هي هو (5) ، ولا هي غيره (6) ولا بعضه فلا يجوز (7) أن يقال: العلم (8) محدث أو قديم لأن العلم صفة (9) ، والصفة لا توصف. قال: ولو كان لم يزل عالما لكانت المعلومات لم تزل ; لأنه لا يصح عالم إلا بمعلوم موجود. قال: ولو كان عالما بما يفعله عباده لم تصح المحنة والاختبار (10) ".
    قال (11) : " وقال هشام في سائر صفات الله (12) كقدرته وحياته وسمعه وبصره وإرادته، إنها صفات الله (13) ، لا هي الله، ولا غير الله. وقد

    _________
    (1) بعد الكلام السابق مباشرة في " المقالات " 1/107 - 108.
    (2) ن (فقط) : والسادسة.
    (3) أ، م، ب: من الروافض.
    (4) يعلم: ساقطة من ن، م، أ، ب: وأثبتها من المقالات 1/108.
    (5) ن: وأن العلم منه ليس ليست هي هو ; م: وأن العلم صفة له ليست هي هي.
    (6) المقالات: ولا غيره.
    (7) ب، أ، المقالات: فيجوز، والصواب من (ن) ، (م) ، وانظر المقالات (ط. ريتر 1/37 - ت 11) .
    (8) ن: العالم، وهو خطأ.
    (9) المقالات: لأنه صفة ; ن: لأن العلم محدث صفة، وهو خطأ.
    (10) م: والإحسان، وهو تحريف.
    (11) بعد الكلام السابق مباشرة.
    (12) المقالات: الله عز وجل.
    (13) المقالات: لله.
    ****************************** ******

    اختلف عنه في القدرة والحياة: فمنهم (1) من يحكي عنه أنه كان يقول (2) : إن البارئ لم يزل قادرا حيا، ومنهم من ينكر أن يكون قال ذلك ".
    قال (3) : " والفرقة السابعة من الرافضة: لا يزعمون أن البارئ عالم في نفسه كما قال (4) شيطان الطاق، ولكنهم (5) يزعمون أن الله لا يعلم الشيء حتى يؤثر أثره، والتأثير عندهم الإرادة، فإذا أراد الشيء علمه، وإذا لم يرده لم يعلمه. ومعنى أراد عندهم أنه تحرك حركة (6) هي إرادة، فإذا تحرك علم الشيء، وإلا لم يجز الوصف له بأنه عالم به (7) ".
    قال: " والفرقة الثامنة من الرافضة: يزعمون (8) أن معنى أن الله يعلم أنه يفعل، فإن قيل لهم: أتقولون (9) : [إن] (10) الله سبحانه لم يزل عالما

    _________
    (1) المقالات: فمن الناس.
    (2) المقالات: يزعم.
    (3) بعد الكلام السابق مباشرة.
    (4) ب، أ: قاله.
    (5) ن، م: ولكن.
    (6) ب، أ، م: يحرك حركة ; ن: تحرك بحركة، والمثبت من " المقالات ".
    (7) به: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي " المقالات " بعد هذه العبارة ما يلي: " وزعموا أنه لا يوصف بالعلم بما لا يكون ".
    (8) " المقالات ": يقولون.
    (9) أتقولون: ساقطة من (ب) ، وفي (أ) : يقول، (ن) ، (م) : يقولون. والمثبت من " المقالات ".
    (10) إن: ساقطة من (ن) .
    ****************************** *********

    بنفسه؟ اختلفوا. فمنهم من يقول: لم يزل لا يعلم بنفسه (1) حتى فعل العلم؛ لأنه قد كان ولما يفعل، ومنهم من يقول: لم يزل يعلم بنفسه (2) . فإن قيل لهم: [فلم] (3) يزل يفعل؟ قالوا: نعم، ولا نقول بقدم (4) الفعل ".
    قال: " ومن الرافضة من يزعم أن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون، إلا أعمال العباد فإنه لا يعلمها إلا في (5) حال كونها ".
    قال: " والفرقة التاسعة من الرافضة: يزعمون أن الله تعالى [لم يزل] (6) عالما حيا (7) قادرا، ويميلون إلى نفي التشبيه، ولا يقرون (8) بحدوث العلم (9) ، ولا بما حكيناه من التجسيم وسائر ما أخبرنا به من التشبيه [عنهم] (10) ".
    قال (11) : واختلفت (12) الروافض في إرادة الله سبحانه (13) ، وهم أربع فرق:

    _________
    (1) ب، أ، ن، م: نفسه، والمثبت من " المقالات ".
    (2) ب، أ، ن، م: نفسه، والمثبت من " المقالات ".
    (3) فلم: ساقطة من (ن) . وفي (م) : لم.
    (4) ن: نقدم.
    (5) في: ساقطة من (ب) فقط.
    (6) لم يزل: ساقطة من (ن) .
    (7) أ، ب: حيا عالما.
    (8) المقالات: يقولون.
    (9) ب، أ: العالم، وهو خطأ.
    (10) عنهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (11) في " مقالات الإسلاميين 1/110 - 111: ومن هذه الكلمة تبدأ نسخة ع عاشر أفندي.
    (12) أ، ب: واختلف.
    (13) في هامش (م) أمام هذا الموضع كتب: " قف على اختلاف الروافض في إرادة الله سبحانه وتعالى "
    ****************************** ******

    فالفرقة الأولى منهم: أصحاب هشام بن الحكم وهشام الجواليقي: يزعمون أن إرادة الله حركة وهي معنى (1) ، لا هي الله (2) ولا هي (3) غيره، وأنها (4) صفة لله ليست غيره، وذلك (5) [أنهم] (6) يزعمون أن الله إذا أراد الشيء (7) تحرك، فكان ما أراد (8) .
    والفرقة الثانية منهم: أبو مالك الحضرمي وعلي بن ميثم (9) ومن تابعهما: يزعمون أن إرادة الله غيره، وهي حركة الله، كما قال هشام، إلا أن هؤلاء خالفوه فزعموا أن الإرادة حركة، وأنها غير الله بها يتحرك.
    والفرقة الثالثة منهم: القائلون (10) بالاعتزال والإمامة (11) : يزعمون أن إرادة الله ليست بحركة، فمنهم من أثبتها (12) غير المراد فيقول: إنها مخلوقة لله لا بإرادة (13) ، ومنهم من يقول: إرادة الله (14) لتكوين الشيء هو الشيء،

    _________
    (1) وهي معنى: ساقطة من (ب) ، وفي (أ) وهي معين، وهو تحريف.
    (2) ب (فقط) : لا هي عينه، وهو تحريف.
    (3) هي: ساقطة من (ب) فقط.
    (4) ب، أ: وإنما هي.
    (5) ب (فقط) : ولذلك.
    (6) أنهم: ساقطة من (ن) ، (ب) ، (أ) ، وأثبتها من (ع) ، (م) ، " المقالات " 1/110.
    (7) ع (فقط) : شيئا.
    (8) م: مكان ما أراد. وفي المقالات بعد هذا الكلام عبارة: " تعالى عن ذلك ".
    (9) ب، ع، ن، م: علي بن متيم ; أ: علي بن ميتم، والمثبت عن " المقالات " 1/111. وسبق الكلام عنه وعن أبي مالك الحضرمي، هذا الجزء (ص [0 - 9] 33) .
    (10) " المقالات ": وهم القائلون.
    (11) ب، ن، أ: والإمامية، م: وإلا ما، وهو خطأ، والمثبت عن " المقالات "، (ع) .
    (12) ب، ن، م، أ: يثبتها.
    (13) ن (فقط) : لا بإرادته.
    (14) ن: إنها إرادة الله، وهو خطأ ; المقالات: إرادة الله سبحانه.
    ****************************** ******

    وإرادته لأفعال (1) العباد هي أمره إياهم بالفعل، وهي غير فعلهم، وهم يأبون أن يكون الله أراد المعاصي فكانت.
    والفرقة الرابعة منهم يقولون: لا نقول قبل الفعل: إن الله أراد (2) ، فإذا فعلت (3) الطاعة قلنا: أرادها، وإذا فعلت المعصية (4) فهو كاره لها غير محب لها (5) ".
    قلت: القول الثالث هو قول متأخري الشيعة، كالمفيد وأتباعه الذين اتبعوا المعتزلة، وهم طائفة صاحب هذا الكتاب، والقول الأول (6) قول البصريين من المعتزلة، والثاني قول البغداديين، فصار هؤلاء الشيعة على قول (7) المعتزلة. (8) (* فهذه المقالات التي نقلت في التشبيه والتجسيم لم نر (9) الناس نقلوها عن طائفة من المسلمين أعظم مما نقلوها عن قدماء الرافضة. ثم الرافضة حرموا الصواب في هذا الباب كما حرموه في غيره، فقدماؤهم

    _________
    (1) ن: لفعل.
    (2) المقالات: أراده.
    (3) ن، م: فعل.
    (4) ن: وإذا أراد فعل المعصية ; م: وإذا فعل المعصية.
    (5) لها: ساقطة من (ن) .
    (6) ع: والأول.
    (7) ب، أ: قولي.
    (8) الكلام التالي بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) ، وموجود في (ع) ، (ن) ، (م) . وينتهي السقط من 245.
    (9) م: لم يزل.
    ****************************** *************


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #118
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (115)
    صـ 243 إلى صـ 249



    يقولون بالتجسيم الذي هو قول غلاة (1) المجسمة، ومتأخروهم يقولون بتعطيل الصفات موافقة لغلاة المعطلة من المعتزلة ونحوهم، فأقوال أئمتهم دائرة بين التعطيل والتمثيل (2) ، لم تعرف لهم مقالة متوسطة بين هذا وهذا.
    وأئمة المسلمين من أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم متفقون على القول الوسط (3) المغاير لقول أهل التمثيل [وقول أهل] التعطيل (4) ، وهذا مما يبين مخالفة الرافضة لأئمة أهل بيت رسول الله (5) - صلى الله عليه وسلم - في أصول دينهم، كما هم مخالفون لأصحابه، بل ولكتاب الله وسنة رسوله.
    وهذا لأن مبنى مذهب القوم على الجهل والكذب والهوى، وهم وإن كانوا يدعون اتباع الأئمة الاثني عشر في الشرائع (6) ، فلو قدر من يجوز له التقليد إماما من أئمة أهل البيت (7) - كعلي بن الحسين وأبي جعفر الباقر وجعفر الصادق وأمثالهم - لكان ذلك سائغا (8) جائزا عند أهل

    _________
    (1) ن، م: الغلاة.
    (2) ع: وبين التمثيل.
    (3) ن، م: الوسيط.
    (4) ن: لقول أهل التمثيل والتعطيل.
    (5) ن: لأهل البيت بيت رسول الله ; م: لأهل بيت رسول الله.
    (6) استطرد ابن تيمية بعد العبارات السابقة فلم يذكر جوابا لشرط، ومعنى كلامه أن القوم مع دعواهم اتباع أئمة أهل البيت قد اختلفوا عليهم وافتروا ما لم يقولوا به.
    (7) ن، م: إماما فأئمة أهل السنة، وهو تحريف.
    (8) ن: شائعا ; م: ضائعا.
    ****************************** **

    السنة، لم تقل أهل السنة: إنه لا يجوز لمن يجوز له التقليد تقليد هؤلاء وأمثالهم، بل أهل السنة متفقون على أن تقليد الواحد من هؤلاء وأمثالهم كتقليد أمثالهم، يسوغ هذا لمن يسوغ له ذلك.
    وأكثر علماء السنة على أن التقليد في الشرائع لا يجوز إلا لمن عجز عن الاستدلال ; هذا منصوص (1) الشافعي وأحمد، وعليه أصحابهما، وما حكي عن أحمد من تجويز تقليد العالم للعالم غلط عليه، ولكن هذا القول حكي (2) عن محمد بن الحسن -[صاحب أبي حنيفة] (3) - قيل عنه: يجوز تقليد الأعلم، وقيل: العالم.
    وهذا النزاع إذا لم يكن تبين له (4) القول الموافق للكتاب والسنة، فإن تبين له (5) ما جاء به الرسول لم يجز [له] (6) التقليد في خلافه باتفاق المسلمين، وأما تقليد العاجز عن الاستدلال فيجوزه الجمهور، ومنع منه طائفة من أهل الظاهر.
    وجمهور علماء المسلمين على أن القدرة على الاجتهاد والاستدلال مما ينقسم ويتبعض، فقد يكون الرجل قادرا على الاجتهاد والاستدلال في مسألة أو نوع من العلم دون الآخر، وهذا حال أكثر علماء

    _________
    (1) م: مقصود.
    (2) ن، م: لكن هذا القول يحكى.
    (3) صاحب أبي حنيفة: ساقط من (ن) ، (م) . وسبقت ترجمة محمد بن الحسن (هذا الجزء ص [0 - 9] 44) .
    (4) ن، م: قد بين له.
    (5) ن، م: بين.
    (6) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
    ****************************** *****************

    المسلمين، لكن يتفاوتون في القوة والكثرة، فالأئمة المشهورون أقدر على الاجتهاد والاستدلال في أكثر مسائل الشرع من غيرهم. وأما أن يدعى أن واحدا منهم قادر على أن يعرف حكم الله في كل مسألة من الدين بدليلها، فمن ادعى هذا فقد ادعى ما لا علم له به (1) ، بل ادعى ما يعرف (2) أنه باطل *) (3) .


    [فصل موافقة جعفر الصادق لسائر السلف في مسألة القرآن]

    (فصل) والمقصود هنا أن يقال لهذا الإمامي وأمثاله: ناظروا إخوانكم هؤلاء الرافضة في التوحيد، وأقيموا الحجة على صحة قولكم ثم ادعوا إلى ذلك، ودعوا أهل السنة والتعرض لهم (4) ، فإن هؤلاء يقولون: إن قولهم في التوحيد هو الحق، وهم (5) كانوا في عصر جعفر الصادق وأمثاله، فهم يدعون أنهم أعلم منكم بأقوال الأئمة، لا سيما وقد استفاض عن جعفر الصادق (6) أنه سئل عن القرآن: أخالق هو أم مخلوق؟ فقال: ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله. (7 [وهذا مما اقتدى به الإمام أحمد في المحنة، فإن جعفر 7) (7) بن محمد من أئمة الدين باتفاق أهل السنة

    _________
    (1) م: ما لا علم لديه.
    (2) ما يعرف: ساقطة من (ن) فقط.
    (3) هنا ينتهي السقط في (أ) (ب - ص [0 - 9] 08 س [0 - 9] 4) ; وقد بدأ أوله ص 242.
    (4) ن، م: والتعريض لهم.
    (5) ب، أ: وإن.
    (6) الصادق: ساقطة من (ب) ، (أ)
    (7) (7 - 7) ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، وأثبته من (ع) ، (م) . ويستمر السقط في (ن) إلى الصفحة التالية.
    ****************************** *********

    وهذا قول السلف قاطبة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان (1) وسائر أئمة المسلمين: أن القرآن كلام الله] (2) ليس بمخلوق، ولكنهم لم يقولوا ما قاله ابن كلاب [ومن اتبعه من] أنه (3) قديم لازم لذات الله، وأن (4) الله لا يتكلم (5) بمشيئته وقدرته، بل هذا قول محدث أحدثه ابن كلاب (6) واتبعه عليه طوائف.
    وأما السلف فقولهم (7) إنه لم يزل متكلما، وإنه (8) يتكلم بمشيئته وقدرته (9) .
    (* وكذلك قالوا بلزوم الفاعلية، ونقلوا عن جعفر [الصادق] (10) بن محمد أنه قال بدوام الفاعلية المتعدية، وأنه لم يزل محسنا بما لم يزل

    _________
    (1) عبارة " لهم بإحسان ": زائدة في (ب) ، (أ) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
    (3) ن: ولكنهم يقولون: لم يقل ابن كلاب أنه ; م: ولكنهم لم يقولوا بقول ابن كلاب أنه.
    (4) ب، أ: وبأن.
    (5) ن، م: لم يتكلم.
    (6) أ، ب: بل هذا القول محدث. . إلخ ; ن، م: بل هذا القول أخذ به ابن كلاب ; والمثبت عن (ع) .
    (7) أ، ب: قولهم.
    (8) أ، ب: أو إنه.
    (9) في هامش نسخة (ع) أعاد المعلق كتابة العبارات التي تبدأ بجملة: وهذا قول السلف قاطبة، وتنتهي عند هذا الموضع، ويتكرر نقل المعلق لبعض عبارات الكتاب في هامش نسخة (ع) في بعض المواضع ولن نشير إليها إلا إذا زاد على المنقول بتعليقات من عنده.
    (10) الصادق زيادة في (ع) .
    ****************************** *********

    فيما (1) لم يزل إلى ما لم يزل، كما نقل ذلك الثعلبي عنه [بإسناده] (2) في تفسير قوله: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا} [سورة المؤمنون: 115] ، مع قول (3) جعفر وسائر المسلمين وأهل الملل وجماهير العقلاء من غير أهل الملل أن الله تعالى خالق كل شيء، وأن ما سواه محدث [كائن بعد أن لم يكن] (4) ، ليس [مع] (5) الله شيء من العالم قديم بقدم الله *) (6) .
    وأما هشام بن الحكم وهشام بن سالم وغيرهما من شيوخ الإمامية فكانوا يقولون: [إن] (7) القرآن ليس بخالق ولا مخلوق (7 ولكنه كلام الله 7) (8) ، كما قاله (9) جعفر بن محمد و [سائر] أئمة السنة (10) (* ولكن لا أعرف هل يقولون بدوام كونه متكلما بمشيئته، كما يقوله أئمة أهل السنة، أم

    _________
    (1) ن: فيها.
    (2) بإسناده: ساقطة من (ن) ، (م) . والثعلبي هو أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي المقرئ المفسر الواعظ الأديب اللغوي صاحب كتاب " عرائس المجالس " في قصص الأنبياء وهو مطبوع، و " الكشف والبيان في تفسير القرآن " وهو مخطوط، وقد توفي الثعلبي سنة 427. انظر في ترجمته ابن خلكان 1/61 - 62 ; إنباه الرواة 1/119 - 120 ; بغية الوعاة، ص [0 - 9] 54 ; معجم الأدباء 5/36 - 39 ; اللباب لابن الأثير 1/194 ; روضات الجنات، ص [0 - 9] 8 (وفيه أنه توفي سنة 437) ; الأعلام للزركلي 1/205 - 206.
    (3) قول: ساقطة من (ن) فقط.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) مع: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (7) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) .
    (8) (7 - 7) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (9) أ، ب: يقوله.
    (10) ن: وأئمة السنة ; م: وأئمة السلف.
    ****************************** ****

    يقولون: تكلم بعد أن لم يكن متكلما، كما تقوله الكرامية وغيرهم *) (1) .
    [مقالات الروافض في القرآن]
    قال الأشعري (2) : " واختلفت الروافض في القرآن، وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم هشام بن الحكم وأصحابه: يزعمون أن القرآن لا خالق ولا مخلوق، وزاد بعض من يخبر عن (3) المقالات في الحكاية عن هشام فزعم (4) أنه كان يقول: لا خالق ولا مخلوق، ولا يقال (5) أيضا: غير مخلوق ; لأنه صفة والصفة لا توصف ".
    قال: " وحكى زرقان عن هشام بن الحكم (6) أنه قال: القرآن على ضربين: إن كنت تريد المسموع فقد خلق الله الصوت المقطع وهو (7) رسم القرآن، فأما القرآن (8) فهو فعل الله (9) مثل العلم والحركة، لا هو هو، ولا غيره (10) .
    والفرقة الثانية منهم: يزعمون أنه مخلوق محدث لم يكن ثم كان، كما تزعم المعتزلة والخوارج ".
    قال: " وهؤلاء قوم من المتأخرين منهم (11) ".

    _________
    (1) الكلام بين النجمتين يوجد بعضه في (ب) ، (أ) ولكن في غير موضعه الصحيح، ويوجد أكثره في (ن) ، (م) وجميعه في (ع) .
    (2) في مقالات الإسلاميين 1/109 - 110.
    (3) في النسخ الخمس: عن، وفي " المقالات ": على.
    (4) فزعم: ساقطة من (ع) .
    (5) أ، ب: ولا يقول.
    (6) في (ن) ، (م) زبرقان عن هاشم بن الحكم، وهو خطأ بين.
    (7) ب، أ: ثم.
    (8) فأما القرآن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (9) أ، ب: فهو فعل فعل الله تعالى.
    (10) أ، ب: ولا هو غيره.
    (11) منهم: ساقطة من (ع) فقط، وهي في " المقالات " 1/110.
    ****************************** ****

    قلت (1) : ومعلوم أن قول جعفر [بن محمد] (2) الصادق، وهؤلاء (3 الذين قالوا من السلف 3) (3) : ليس بمخلوق، لم يريدوا أنه ليس بمكذوب، بل أرادوا أنه لم يخلقه (4) ، كما قالت المعتزلة، وهذا قول متأخري الرافضة. (5) (*) فإن [طائفة من متأخري الإمامية] كأبي القاسم الموسوي (6) المعروف بالمرتضى وغيره لما وافقوا المعتزلة على أنه محدث منفصل عن الله، وأنه لم يكن يمكنه أن يتكلم ثم صار متكلما بعد أن لم يكن متكلما، وليس له كلام يقوم به، بل كلامه من جملة مصنوعاته المنفصلة عنه، ثم سمعوا عن السلف من أهل البيت مثل جعفر بن محمد وغيره أنهم قالوا: إنه غير مخلوق (7) . قالوا: لا نقول إنه مخلوق متابعة لهؤلاء، بل نقول: إنه محدث مجعول (8) موافقة (9) لما ظنوه من لفظ القرآن في قوله: {إنا جعلناه قرآنا عربيا} [سورة الزخرف: 3] ، وقوله: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} [سورة الأنبياء: 2] .
    وكثير (10) من الناس - غير الشيعة (11) - يقولون: غير مخلوق،

    _________
    (1) قلت: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) ابن محمد: زيادة في (ع) .
    (3) (3 - 3) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (4) أ، ب: بل أرادوا به أنه لم يخلقه.
    (5) يبدأ من هنا سقط كبير في (ب) ، (أ) ويستمر حتى ص [0 - 9] 57.
    (6) ن، م: فإن أبا القاسم الموسوي. وسبقت ترجمة الموسوي 1/58، 2/101.
    (7) ن، م: غير محدث.
    (8) ن: إنه مجعول مخلوق ; م: أنه مخلوق مجعول.
    (9) ن: موافقا.
    (10) ن: في كثير، وهو تحريف.
    (11) ن: في غير الشيعة.
    ****************************** *****


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #119
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (116)
    صـ 250 إلى صـ 256





    ويقصدون (1) في هذا المعنى أنه غير مكذوب مفترى، فإنه يقال: خلق (2) هذا الحديث واختلقه [إذا افتراه] (3) . قال تعالى عن إبراهيم: {إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا} [سورة العنكبوت: 17] ، وقال عن قوم هود: قالوا: {إن هذا إلا خلق الأولين - وما نحن بمعذبين} [سورة الشعراء: 137 - 138] .
    فيقال لهؤلاء: كل من تدبر الآثار المنقولة عن السلف، وما وقع من النزاع بين الأمة في أن القرآن مخلوق أو غير مخلوق، علم أنه لم يكن نزاعهم في أنه مفترى أو غير مفترى، فإن من يقر بأن محمدا رسول الله لا يقول: إن القرآن مفترى، بل إنما يقول: إنه مفترى من قال (4) : إن محمدا كاذب افترى القرآن، كما قال تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله} [سورة يونس: 38] ، وقال: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات} [سورة هود: 13] ، وقال تعالى: {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا} [سورة الفرقان: 4] ، وقال: {أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون} [سورة هود: 35] .
    والذين تنازعوا في القرآن: هل هو مخلوق أو غير مخلوق، كانوا مقرين بأن محمدا رسول الله وأنه مبلغ للقرآن عن الله [تعالى] (5) لم يفتره

    _________
    (1) ع: ويقصد.
    (2) م: حكى.
    (3) عبارة " إذا افتراه ": ساقطة من (ن) . وسقطت " إذا " من (م) .
    (4) ع: إلا من قال، والصواب عن (ن) ، (م) .
    (5) تعالى: زيادة في (ع) .
    ****************************** *********

    هو، ولكن الجهمية والمعتزلة لما كان أصلهم أن الرب لا تقوم به الصفات والأفعال والكلام، لزمهم أن يقولوا: كلامه بائن عنه مخلوق [من مخلوقاته] (1) . وكان أول من ظهر عنه هذا (2) الجعد بن درهم (3) ثم الجهم [ابن صفوان] (4) ، ثم صار هذا في المعتزلة.

    [أقوال أئمة الإسلام في القرآن]
    ولما ظهر هذا سألوا أئمة الإسلام مثل جعفر الصادق (5) وأمثاله، فقالوا لجعفر [الصادق] (6) : القرآن خالق أم مخلوق؟ (7) فقال: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله. ومعلوم أن قوله: " ليس بخالق ولا مخلوق " لم يرد به [أنه] (8) ليس بكاذب ولا مكذوب، لكن أراد [أنه] (9) ليس هو الخالق للمخلوقات، ولا هو من المخلوقات ولكنه كلام الخالق.

    وكذلك ما نقل عن علي بن أبي طالب -[رضي الله عنه] (10) - لما قيل
    _________
    (1) من مخلوقاته: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: ظهر هذا عنه.
    (3) على هامش نسخة (ع) بعد نقل بعض العبارات السابقة ما يلي: " قلت: جعد بن درهم ذبحه خالد بن عبد الله القسري بيده بعد ما نزل عن الخطبة في عيد الأضحى، فقال في أثناء خطبته: أيها الناس إن جعدا هذا يزعم أن الله تعالى ما اتخذ إبراهيم خليلا ولا كلم موسى تكليما، قوموا وضحوا - تقبل الله منا ومنكم - فإني أريد أن أضحي جعد بن درهم. فنزل عن خطبته وذبحه بيده، والناس ينظرون ". وهذا الخبر في الكامل لابن الأثير 5/104.
    (4) ابن صفوان: زيادة في (ع) .
    (5) م: سألوا عين الأعلام جعفر بن محمد الصادق.
    (6) الصادق: زيادة في (ع) .
    (7) ع: القرآن مخلوق أم خالق.
    (8) أنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (9) أنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (10) رضي الله عنه: ساقطة من (ن) وفي (م) : عليه السلام.
    ****************************** **************

    له: حكمت مخلوقا! ؟ قال: لم أحكم مخلوقا وإنما حكمت القرآن.
    وما رواه ابن أبي حاتم في " الرد على الجهمية " (1) . قال: " كتب إلي حرب الكرماني، ثنا محمد بن المصفى، (2) ثنا عبد الله بن محمد، عن عمرو بن جميع، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال: لما حكم علي الحكمين، قالت الخوارج: حكمت رجلين؟ قال: ما حكمت مخلوقا، إنما حكمت القرآن.
    حدثنا الأشج، ثنا يحيى بن يمان، ثنا حسن بن صالح، عن عبد الله بن الحسن، قال: قال علي للحكمين: احكما بالقرآن كله، فإنه كله لي ".
    وقال ابن أبي حاتم: " ثنا أبي (3) ، ثنا الصهيبي ابن عم علي بن عاصم وعلي بن صالح، عن عمران بن حدير (4) ، عن عكرمة قال: كان ابن

    _________
    (1) الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام أبو محمد عبد الرحمن بن الحافظ الكبير أبي حاتم محمد بن إدريس المنذر التميمي الحنظلي، ولد سنة 240 وتوفي سنة 327. قال الذهبي: " وله مصنف كبير في " الرد على الجهمية " يدل على إمامته ". انظر ترجمته ومصنفاته: تذكرة الحفاظ للذهبي (الطبعة الثالثة بحيدرآباد، 1376/1957) 3/829 - 832، فوات الوفيات لابن شاكر 1/542 - 543 ; طبقات الحنابلة، 2 ; العبر للذهبي (ط. الكويت) 2/208 ; تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 3/223 ; الأعلام للزركلي 4/99 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 52 - 355
    (2) هو محمد بن المصفى بن بهلول الحمصي، توفي سنة 246. ترجمته في: الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 04 ; الخلاصة للخزرجي، ص 307 ; اللباب لابن الأثير 1/319.
    (3) عبارة " ثنا أبي " ساقطة من (ع) ، (م) وهي في (ن) .
    (4) في الخلاصة للخزرجي، ص 250: " عمران بن حدير بمهملات مصغرا. . مات سنة 149 ".
    ****************************** *********

    عباس في جنازة فسمع رجلا يقول: يا رب القرآن ارحمه. فقال ابن عباس: مه، القرآن منه، القرآن كلام الله وليس بمربوب، منه خرج وإليه يعود.
    حدثنا محمد بن عمار بن الحارث، ثنا أبو مروان الطبري بمكة - يعني الحكم بن محمد - ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار: سمعت مشيختنا منذ سبعين سنة يقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق. وفي رواية: منه بدأ وإليه يعود ". وهذا رواه (1) غير واحد عن [سفيان] (2) بن عيينة عن عمرو، ورواه البخاري في كتاب " خلق أفعال العباد " (3) .
    وقال ابن أبي حاتم: " ثنا أبي، ثنا العباس بن عبد العظيم، ثنا رويم بن يزيد المقري، ثنا عبد الله بن عباس، عن يونس بن بكير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: سئل علي بن الحسين عن القرآن، فقال: ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الخالق، ورواه أبو زرعة، عن يحيى بن منصور، عن رويم، فذكره.
    وحدثنا (4) جعفر بن محمد بن هارون، ثنا عبد الرحمن بن مصعب، ثنا موسى بن داود الكوفي عن رجل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أنه سأله: إن قوما يقولون: القرآن مخلوق؟ فقال: ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله.

    _________
    (1) ع: رواية.
    (2) سفيان: زيادة في (ع) .
    (3) هذا الأثر ذكره البخاري في أول كتاب " خلق أفعال العباد " ص [0 - 9] 17: ضمن مجموعة " عقائد السلف "، وفيه:. . وليس بمخلوق ولم يذكر الرواية الثانية.
    (4) ن، م: وقال.
    ****************************** *******

    حدثنا موسى بن سهل الرملي، ثنا موسى بن داود، ثنا معبد أبو عبد الرحمن عن معاوية (1) بن عمار الذهبي، قال: قلت لجعفر بن محمد: إنهم يسألوني عن القرآن: مخلوق أو خالق؟ فقال: إنه ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله.
    وحدثنا أبو زرعة، ثنا سويد بن سعيد، عن معاوية، فذكره.
    وحدثنا أبي (2) ، قال: حدثنا الحسن بن الصباح، ثنا معبد بمثله.
    حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي، قال: قال أبي (3) : وحدثت (4) عن موسى بن داود بهذا الحديث عن معبد، قال (5) : رأيت معبدا هذا ولم يكن به بأس، وأثنى عليه (6) ثم قال: كان يفتي برأي ابن أبي ليلى.
    حدثنا عبد الله مولى المهلب بن أبي صفرة، ثنا علي بن أحمد بن علي بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أخيه موسى بن جعفر، قال: سئل أبي [جعفر بن محمد] (7) عن القرآن: خالق أو مخلوق؟ قال: لو كان خالقا لعبد، ولو كان مخلوقا لنفد ".
    ومثل هذه الآثار كثيرة عن الصحابة والتابعين والأئمة من أهل البيت (8)

    _________
    (1) ن، م: أبو عبد الرحمن معاوية. . إلخ.
    (2) ن: وحدثنا أبي. وسقطت كلمة " وحدثنا " من (م) .
    (3) م: قال لي أبي.
    (4) ع: وجدت، وهو خطأ.
    (5) ن، م: فقال.
    (6) ع: عنه، وهو تحريف.
    (7) بن محمد: زيادة في (ع) .
    (8) ن، م: من أهل السنة.
    ****************************** ****

    وغيرهم. فعلي -[رضي الله عنه] (1) - لم يرد بقوله: ما حكمت مخلوقا وإنما حكمت القرآن، أي: ما حكمت كلاما مفترى ; فإن الخوارج إنما قالوا له: حكمت مخلوقا من الناس! ؟ - وهما أبو موسى وعمرو بن العاص (2) - فقال: لم أحكم مخلوقا، وإنما حكمت القرآن، وهو كلام الله.
    فالحكم لله، وهو سبحانه يصف كلامه بأنه يحكم ويقص (3) [ويفتي] (4) ، كقوله: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل} [سورة النمل: 76] وكقوله (5) : {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} [سورة النساء: 127] أي: وما يتلى عليكم يفتيكم فيهن.
    وقوله: {وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} [سورة البقرة: 213) .
    وإذا أضيف الحكم والقصص والإفتاء (6) إلى القرآن - الذي هو كلام الله - فالله هو الذي (7) حكم به وأفتى به وقص به، كما أضاف ذلك إلى نفسه في غير موضع.

    _________
    (1) رضي الله عنه: زيادة في (ع) .
    (2) م: وهما الحكمان.
    (3) ن، م: ويقضي.
    (4) ويفتي: ساقطة من (ن) .
    (5) ن: وقوله ; م: في قوله، وهو تحريف.
    (6) ن: والإقبال، وهو خطأ.
    (7) ن: الذي هو.
    ****************************** ******

    فهذا هو مراد علي [بن أبي طالب] وجعفر [بن محمد] وغيرهما (1) من أهل البيت -[رضوان الله عليهم] (2) - وسائر سلف الأمة بلا ريب. فتبين أن هؤلاء الرافضة مخالفون لأئمة أهل البيت وسائر السلف في مسألة القرآن كما خالفوهم في غيرها.
    وأما قولهم: إنه مجعول، فالله لم يصفه بأنه مجعول معدى إلى مفعول واحد، بل قال: {إنا جعلناه قرآنا عربيا} [سورة الزخرف: 3] ، فإذا قالوا: هو مجعول قرآنا عربيا، فهذا حق. وأما قوله تعالى: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} [سورة الأنبياء: 2] ، فهذه الآية تدل على أن " الذكر " نوعان: محدث وغير محدث، كما تقول: ما جاءني من رجل عدل إلا قبلت شهادته، وصفة النكرة للتخصيص، وعندهم كل ذلك محدث، والمحدث في القرآن ليس هو المحدث في كلامهم، فلم يوافقوا القرآن.
    ثم إذا قيل: هو محدث (3) ، لم يلزم من ذلك أن يكون مخلوقا بائنا (4) عن الله، بل إذا تكلم الله به (5) بمشيئته وقدرته وهو قائم به، جاز أن يقال: هو محدث، وهو مع ذلك كلامه القائم بذاته وليس بمخلوق.
    وهذا قول كثير من أئمة السنة والحديث. وقد احتج البخاري وغيره على ذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «إن الله يحدث من أمره ما

    _________
    (1) ن، م: علي وجعفر وغيرهما.
    (2) عبارة " رضوان الله عليهم ": زيادة في (ع) .
    (3) ن: إنه محدث.
    (4) ن، م: ثابتا، وهو خطأ.
    (5) ع: بل إذا تكلم به.
    ****************************** ********


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #120
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,090

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (117)
    صـ 257 إلى صـ 263





    يشاء (1) ، وإن مما أحدث أن لا تكلموا (2) في الصلاة» " (3) . ومعلوم أن الذي أحدثه هو أمره أن لا يتكلموا في الصلاة، لا عدم تكلمهم في الصلاة، فإن ذلك يكون باختيارهم. ومنهم من تكلم بعد النهي، لكن نهوا عن ذلك، ولهذا قال: يحدث من أمره ما يشاء (4) .

    [معارضة أدلة الإمامية بأدلة غيرهم من المبتدعة]

    والمقصود هنا (5) أنه (*) (6) يقال لهذا الإمامي (7) : إخوانك هؤلاء يقولون: إن قولهم هو الحق دون قولك، وأنت لم تحتج لقولك إلا بمجرد قولك: إنه ليس بجسم، (7 وهؤلاء إخوانك يقولون: إنه جسم 7) (8) ، فناظرهم فإنهم إخوانك في الإمامة وخصومك في التوحيد.
    وهكذا ينبغي لك أن تناظر الخوارج الذين هم خصومك، وأما (9) أهل السنة فهم وسط بينك وبين خصومك، وأنت لا تقدر على قطع [خصومك لا] هؤلاء ولا هؤلاء (10)

    _________
    (1) ن، م: ما شاء.
    (2) ن: أن لا يكلموا.
    (3) الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه مع اختلاف في اللفظ في البخاري 9/152 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: كل يوم هو في شأن) ; سنن أبي داود 1/335 (كتاب الصلاة، باب رد السلام في الصلاة) ; سنن النسائي 3/16 - 17 (كتاب السهو، باب الكلام في الصلاة) ; المسند (ط. المعارف) 5/200 (رقم: 3575) ، 5/339 - 340 (رقم: 3885) ، 6/21 (رقم: 3944) ، 6/91 (رقم: 4145) .
    (4) ن، م: ما شاء.
    (5) هنا: ساقطة من (ع) .
    (6) هنا ينتهي السقط الكبير في (أ) ، (ب) ، وقد بدأ في ص 249.
    (7) ب: فيقال لهذا الإمامي ; أ: فيقال لهذا الإمام ; ن: يقول لهذا الإمامي. والمثبت عن (ع) ، (م) .
    (8) (7 - 7) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (9) ع: فأما.
    (10) ب، أ: على قطع خصومك هؤلاء وهؤلاء ; ن، م: وأنت لا تقدر على قطع خصومك هؤلاء ولا هؤلاء، والمثبت عن (ع) .
    ****************************** ******

    فإن قلت: حجتي على هؤلاء أن كل جسم محدث قال لك إخوانك: بل الجسم عندنا ينقسم إلى (1) قسمين: قديم ومحدث، كما أن القائم بنفسه والموجود (2) والحي (3) والعالم والقادر ينقسم إلى قديم ومحدث.
    فإن قال النافي: الجسم لا يخلو عن الحوادث، (* وما لم يخل عن الحوادث فهو حادث.
    قال له إخوانه: لا نسلم أنه لا يخلو عن (4) الحوادث، وإن سلمنا ذلك فلا نسلم أن ما لم يخل عن الحوادث فهو حادث.
    فإن (5) قال: الدليل على أنه لا يخلو من الحوادث *) (6) أنه لا يخلو من الأعراض، والأعراض حادثة (7) [فإن العرض لا يبقى زمانين.
    وعلى هذا اعتمد كثير من الكلابية في حدوث العالم، وعليه أيضا اعتمد الآمدي (8) وطعن في كل دليل غيره، وذكر أن هذه طريقة الأشعرية.
    وضعف ذلك من تعقب كلامه، وقال: هذا يقتضي بناء هذا الأصل العظيم على هذه المقدمة الضعيفة،] وقد رأيت كلام الأشعري نفسه،

    _________
    (1) ب، أ: على.
    (2) ن: القائم بنفسه وبالوجود.
    (3) ب، أ: الحي.
    (4) ب، أ: من.
    (5) . فإن: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (7) بعد كلمة حادثة سقط من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .
    (8) سبقت ترجمته 1/248. وانظر في ترجمته أيضا مرآة الجنان لليافعي 4/73.
    ****************************** ************

    فرأيته اعتمد على أن الأجسام لا تخلو من الاجتماع والافتراق بناء على أن الأجسام مركبة من الجواهر المنفردة، فاحتج باستلزامها لهذا النوع من الأعراض، وهذا النوع حادث؛ لأنه من الأكوان لكنه مبني على الجوهر الفرد، وجمهور العقلاء من المسلمين وغيرهم على نفيه.
    والمقصود هنا ذكر ما يبين أصول الطوائف، وأن قول هؤلاء الرافضة المعتزلة من أفسد أقوال طوائف الأمة، فإنه ليس معهم حجة شرعية ولا عقلية يمكنهم الانتصاف بها من إخوانهم أهل البدع، وإن كان أولئك ضالين مبتدعين أيضا (1) ، وهم مناقضون لهم غاية المناقضة، فكيف تكون لهم حجة على أهل السنة الذين هم وسط في الإسلام كما أن الإسلام وسط في الملل؟ !
    فإذا قال النافي: الدليل على حدوثها استلزامها للأعراض (2) ] (3) .
    قالوا له (4) : ليس هذا قولك و [قول] أئمتك (5) المعتزلة وإنما هو قول

    _________
    (1) في الأصل (ع) : وإن كان ذلك أيضا ضالين مبتدعين أيضا. . وهو كلام لا يستقيم، والذي أثبته أقرب إلى المعنى المقصود.
    (2) فإذا قال النافي. . إلخ إعادة للاعتراض الوارد في الصفحة السابقة (ص 258) : فإن قال: الدليل. . إلخ، وما بينهما استطراد.
    (3) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وكتب على هامش (ع) عبارات من هذا السقط تبدأ بجملة: " وقد رأيت كلام الأشعري " وتنتهي عند جملة: " وجمهور العقلاء من المسلمين وغيرهم على نفيه ". . ثم كتب هذا التعليق: " قلت: ليس الأمر كذلك، إذ ليس جمهور العقلاء من المسلمين على نفيه؛ لأن جمهور المتكلمين على إثباته. ثم إنه من قدماء الحكماء قبل أرسطو طائفة إلى إثباته، وليس هو مما اخترعه المتكلمون ".
    (4) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (5) ن، م: قولك وأئمتك.
    ****************************** ******

    الأشعرية (1) ، وأما المعتزلة فعندهم أنه قد يخلو عن كثير من الأعراض، وإنما يقولون ذلك في الأكوان أو في الألوان (2) .
    وقالوا: لا نسلم أن الأعراض حادثة وأنها لا تبقى زمانين، وهذا القول معلوم البطلان بالضرورة عند جمهور العقلاء، مع أنه ليس قولك وقول شيوخك المعتزلة والرافضة.
    [فإن] (3) قال الإمامي النافي: الدليل على أن الجسم لا يخلو من (4) الحوادث أنه لا يخلو من الأكوان، والأكوان حادثة، (* إذ لا يخلو (5) عن الحركة والسكون، وهما حادثان.
    قالوا له: لا نسلم أن الأكوان كلها (6) حادثة *) (7) ، ولا نسلم أن السكون حادث، بل يجوز أن يكون لنا جسم قديم أزلي ساكن، ثم تحرك بعد أن لم يكن متحركا (8) ; لأن السكون إن كان عدميا جاز أن يحدث أمر وجودي، وإن كان وجوديا جاز أن يزول بحادث (9) .
    قال النافي: القديم لا يزول.
    قال إخوانه: القديم إن كان معنى عدميا جاز زواله باتفاق (10) [العقلاء] (11) ، (11 فإنه ما من حادث إلا وعدمه قديم 11) (12) ، والسكون عند كثير

    _________
    (1) ب، أ: الأشعري.
    (2) ب (فقط) : أو في الأكوان.
    (3) فإن: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (4) ب، أ: عن.
    (5) ب، أ: ولا يخلو ; ع: أو لا يخلو. والمثبت عن (ن) .
    (6) كلها: زيادة في (ن) .
    (7) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (8) ب، أ: ثم يتحرك بعد أن لم يكن يتحرك.
    (9) ب، أ: جاز أن يحادث، ن: جاز أن يزول محادث، والصواب من (ع) ، (م) .
    (10) أ، ن، م: بالاتفاق.
    (11) العقلاء: زيادة في (ع) .
    (12) (11 - 11) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    ****************************** *******

    من الناس عدمي، ونحن نختار أنه عدمي فيجوز زواله، وإن كان وجوديا فلا نسلم أنه لا يجوز زواله.
    [فإن] قال النافي (1) : السكون [وجودي] ، وإذا كان (2) وجوديا قديما، فالمقتضي (3) لقدمه قديم من لوازم الواجب، فيكون واجبا بوجوب سببه (4) .
    قال إخوانه المجسمة: هذا الموضع يرد على جميع الطوائف المنازعين (5) لنا من الشيعة والمعتزلة والأشعرية وغيرهم، فإنهم وافقونا على أن البارئ فعل بعد أن لم يكن فاعلا، فعلم جواز حدوث الحوادث [كلها] (6) بلا (7) سبب حادث. [وهم يصرحون بأنه يجوز - بل يجب (8) - حدوث الحوادث كلها بغير (9) سبب حادث] (10) (11 لامتناع حوادث لا أول لها عندهم 11) (11) ، وإذا جاز ذلك اخترنا (12) أن يكون السكون عدميا، والحادث هو (13) الحركة التي هي وجودية، فإذا جاز إحداث جرم بلا سبب حادث فإحداث حركة بلا سبب حادث أولى.
    ولو قيل: إن السكون وجودي، فإذا جاز وجود أعيان بعد أن لم تكن،

    _________
    (1) ع، ن، م: قال ; أ: فإن النافي.
    (2) ن، م: السكون إذا كان. . إلخ.
    (3) ن: والمقتضي.
    (4) ن، م: نفسه.
    (5) ن: المتنازعين ; م: النازعين.
    (6) كلها: زيادة في (ع) .
    (7) ن: بدون.
    (8) م: بأنه يجب.
    (9) م: بدون.
    (10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) .
    (11) (11 - 11) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (12) ب: أجزنا، ن، أ: أخرنا (وهو تحريف) والمثبت عن (ع) ، (م) .
    (13) ع، ن: هي.
    ****************************** ***************

    وذلك تحول (1) من أن لا يفعل إلى أن يفعل ; سواء سمي مثل هذا تغيرا وانتقالا (2) أو لم يسم، جاز أن يتحرك الساكن وينتقل (3) من السكون إلى الحركة (4) [وإن كانا وجوديين (5) .
    وقول القائل: المقتضي لقدمه من لوازم الوجوب.
    جوابه أن يقال: قد يكون بقاؤه مشروطا بعدم تعلق الإرادة بزواله أو بغير ذلك، كما يقولونه في سبب الحوادث، فإن الواجب انتقل من أن لا يفعل إلى أن يفعل، فما كان جوابهم عن ذلك (6) كان جوابا عن هذا، وإن قالوا بدوام الفاعلية بطل قولهم وقولنا.
    وبالجملة (7) هل يجوز (8) أن يحدث عن القديم أمر بلا سبب حادث، وترجيح أحد طرفي الممكن بمجرد القدرة؟ وحينئذ فيجوز أن يحدث القادر ما به يزيل السكون الماضي من الحركة، سواء كان ذلك السكون وجوديا أو عدميا] (9) .
    قال النافي: هذا يلزم منه أن يكون البارئ محلا للحركة وللحوادث (10) أو للأعراض، وهذا باطل.

    _________
    (1) ب، أ: وذلك يجوز ; ن، م: وذلك تغير وانتقال، والمثبت من (ع) .
    (2) ع: تغييرا وانتقالا ; ب، أ، م: تغيرا أو انتقالا، والمثبت من (ن) .
    (3) ب، أ: وينقل، ع: وتنتقل.
    (4) بعد عبارة إلى الحركة سقط من (ن) ، (م) .
    (5) ع: وإن كان وجوديين، وهو تحريف.
    (6) عن ذلك: ساقط من (ب) ، (أ) .
    (7) ع: ففي الجملة.
    (8) ع: هم يجوزون.
    (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (10) ن، م: والحوادث.
    ****************************** **********

    قال إخوانه الإمامية: قد صادرتنا على المطلوب فهذا صريح قولنا، فإنا نقول (1) : إنه يتحرك وتقوم به الحوادث والأعراض، فما الدليل على بطلان قولنا؟
    قال النافي: لأن ما قامت به الحوادث لم يخل منها، وما لا يخلو من الحوادث فهو حادث.
    قال إخوانه: قولك: ما قامت به الحوادث لم يخل منها، فهذا (2) ليس قول الإمامية ولا قول المعتزلة، وإنما هو قول الأشعرية. وقد اعترف الرازي والآمدي وغيرهما بضعفه وأنه لا دليل عليه، وهم وأنتم تسلمون لنا أنه أحدث الأشياء بعد أن لم يكن هناك حادث بلا سبب حادث، فإذا حدثت (3) الحوادث من غير أن يكون لها أسباب حادثة، جاز أن تقوم به بعد أن لم تكن قائمة به.
    فهذا القول الذي يقوله هؤلاء الإمامية، ويقوله (4) من يقوله من الكرامية وغيرهم: من إثبات أنه جسم قديم، وأنه فعل بعد أن لم يكن فاعلا، أو تحرك (5) بعد أن لم يكن متحركا، لا يمكن لهؤلاء الإمامية (6) وموافقيهم من المعتزلة [والكلابية] (7) إبطاله، فإن أصل قولهم بامتناع (* الحوادث به،

    _________
    (1) ن: فإنك تقول ; م: فإنك ستقول.
    (2) أ، ب: فهو.
    (3) ب، أ: أحدثت.
    (4) ع: ويقول.
    (5) ب، أ: متحرك.
    (6) ب، أ: الأئمة، وهو خطأ.
    (7) والكلابية: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    *****************************


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •