من كلام ابن القيم / الفوائد:
أنفع الناس لك رجل مكنك من نفسه حتى تزرع فيه خيرا أو تصنع إليه معروفا فإنه نعم العون لك على منفعتك و كمالك
فانتفاعك به في الحقيقة مثل انتفاعه بك أو أكثر
و أضر الناس عليك من مكن نفسه منك حتى تعصي الله فيه فإنه عون لك على مضرتك ونقصك
================
إذا تصادمت جيوش الدنيا و الآخرة في قلبك و أردت أن تعلم من أي الفريقين أنت فانظر مع من تميل منهما و مع من تقاتل إذ لا يمكنك الوقوف بين الجيشين فأنت مع أحدهما لا محالة
فالفريق الأول استَغَشوا الهوى فخالفوه و استنصحوا العقل فشاوروه و فرغوا قلوبهم للفكر فيما خلقوا له و جوارحهم للعمل بما أمروا به و أوقاتهم لعمارتها بما يعمر منازلهم في الآخرة و استظهروا على سرعة الأجل بالمبادرة إلى الأعمال و سكنوا الدنيا و قلوبهم مسافرة عنها و استوطنوا الآخرة قبل انتقالهم إليها و اهتموا بالله و طاعنه على قدر حاجتهم إليها و تزودوا للآخرة على قدر مقامهم فيها فعجل لهم سبحانه من نعيم الجنة و روحها أن آنسهم بنفسه و أقبل بقلوبهم إليه و جمعها على محبته و شوقهم إلى لقائه و نعمهم بقربه و فرغ قلوبهم مما ملأ قلوب غيرهم من محبة الدنيا و الهم والحزن على فوتها و الغم من خوف ذهابها
فاستلانوا ما استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون
صحبوا الدنيا بأبدانهم والملأ الأعلى بأرواحهم .