^
فقط احب ان انوه اني اتراجع قليلاً واعترف باني راي الاخ ناصر الاسلام في ان قوله تعالى"وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَ ّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ " الاحزاب 53
ليس خاص بنساء النبي ولا يعني حجب شخوصهن وان كن مستترات هو الراي الصواب او الاقرب للحق , واقترب هنا من رأي الالباني .
فاللشيخ الالباني رحمه الله قول مهم هنا حيث يقول انها اية عامة للنساء فهي لا تتكلم عن ستر الوجه بل نبه رحمه الله ان النساء في البيوت عادةً ما يكن مبتذلات ومتزينات وفي هذا يستوي الحال فيه بين نساء النبي ونساء المؤمنين فلا يجوز الدخول عليهم من قبل الرجال الاجانب.
وفي هذا نبهنا رحمه الله ان القول بان الحجاب الوارد في الاية سببه ان كل بدن المرأة عورة فيه نوع من الغفلة وتجاهل بان المرأة فعلاً تكون مبتذلة ومتزينة في بيتها فليس من الادب في هذه الحالة مخاطبة النساء الا من وراء حجاب . وهنا نستحضر الحديث الذي في الصحيحن اياكم والدخول على النساء ...الخ .
واستشهد الشيخ بقول لابن تيمية في " الفتاوى" (15/448): قال ابن تيمية" فآية الجلابيب في الأدرية عند البروز من المساكن، وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن".مع ان هذا الكلام ربما يكون ليس على اطلاقه .
والمهم هنا ان الحجاب الوارد في الاية لا يعني ستر الابدان للنساء بل يعني نهي الرجال عن الدخول على نساء بيوت الغير ووجوب مخاطبتهن من وراء حاجب او حجاب كجدار او ستار ووجوب ان يلتزموا ما نسميه في الوقت الحاضر اللبث في الصالون"المجلس" الرجالي وعدم تعديه والدخول الى النساء .
فالحجاب هنا يعني حائل من ستار او جدار ونحوه وليس ستر الابدان وهناك قرينة قوية في الاية تدل على ذالك وهي قوله تعالى"من وراء حجاب". وكما هو معروف ان النساء بشكل عام يشرع في حقهن حجب اشخاصهن وان كن متسترات الابدان لكن ليس ذالك على سبيل الوجوب في هذه الحالة"اي حجب اشخاصهن" خاصةً اذا كان مع المراة محرم او من زارها من الرجال يزدن عن واحد منعاً للخلوة والا فيجب .
و اذا تاملنا قليلاً في الاية الكريمة ربما لم ياتي الامر منه سبحانه وتعالى بصيغة"المطلقية" فالخطاب ليس للنساء بل للرجال اذ زرن بيوت النبي بوجه خاص وبيوت غيره بشكل عام وعدم مطلقية الاية ياتي من ان النساء لا يتوجب عليهن حجب شخوصهن عن الرجال اذا كن متسترات بالحجاب البدني الشرعي اذا وجد معهن محرم وربما بما في ذالك نساء النبي لما ورد في الصحيحن وغيرهما "لا يخلون رجل بامراة الا مع ذي محرم .
وقد يؤكد عدم مطلقية الاية"اي انها مقيدة"ان الاسلام لم يحرم على الرجال الاجانب من مؤاكالة نساء المؤمنين بوجود محرم . قال تعالى
"وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ الى قوله أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا"النو 61 ولم يقل ولا تأكلوا مع نسائهن.
وجاء في البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَنِي الْجَهْدُ فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا رَجُلٌ يُضَيِّفُهُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ ضَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَدَّخِرِيهِ شَيْئًا قَالَتْ وَاللَّهِ مَا عِنْدِي إِلَّا قُوتُ الصِّبْيَةِ قَالَ فَإِذَا أَرَادَ الصِّبْيَةُ الْعَشَاءَ فَنَوِّمِيهِمْ وَتَعَالَيْ فَأَطْفِئِي السِّرَاجَ وَنَطْوِي بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ فَفَعَلَتْ ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ ضَحِكَ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ{ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } وعند مسلم وابن حبان "وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُل, وفي المطالب العالية "كتاب لابن حجررواية "ثم جعلوا يضربون بأيديهم في الطعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون ، حتى شبع ضيفهم.وفي الطبراني" وَأَرِيهِ كَأَنَّا نَطْعَمُ مَعَهُ".
فكل هذه العبارات التي تحتها خط تؤكد ان المراة كانت تؤاكل الضيف على مائدة واحدة وعلم النبي بذالك لان الله تعالى اخبره بهذه القصة ولم ينكر عليهما الله تعالى ولا نبيه فعلهما بالجملة ..
يجدر القول هنا ان قصة الضيف رواها ابو هريرة وهو قد صحب النبي في السنة السابعة هـ اي كانت صحبته بعد فرض الحجاب ووليست ناقلة عن الاصل .
وجاء في "الموطأ" رواية يحيى (2|935): "سئل مالك: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله".
وطبعاً اعيد هذا الحديث الذي في الصحيحن لا يخلون رجل بامراة الا مع ذي محرم .
وجاء في حديث رواه مسلم في صحيحه عن النبي عليه السلام "لا يدخلن احدكم بمغيبة الا ومعه الرجل والاثنان" .فلم يفرض على نساء المؤمنين حجب اشخاصهن عن الرجال .
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم على هذا الحديث "فَيَتَأَوَّل الْحَدِيث عَلَى جَمَاعَة يَبْعُد وُقُوع الْمُوَاطَأَة مِنْهُمْ عَلَى الْفَاحِشَة لِصَلَاحِهِمْ ، أَوْ مُرُوءَتهمْ ، أَوْ غَيْر ذَلِكَ . وَقَدْ أَشَارَ الْقَاضِي إِلَى نَحْو هَذَا التَّأْوِيل" انتهى قوله .
وارجع هنا الى راي الْقَاضِي عِيَاض في ان نساء النبي فرض عليهن ان يتحجبن باشخاصهن ولو كن مستترات الابدان حيث نقل النووي قوله في كتابه شرح صحيح مسلم قال القاضي عياض : فَرْض الْحِجَاب مِمَّا اُخْتُصَّ بِهِ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَهُوَ فَرْض عَلَيْهِنَّ بِلَا خِلَاف فِي الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ ، فَلَا يَجُوز لَهُنَّ كَشْف ذَلِكَ لِشَهَادَةٍ وَلَا غَيْرهَا ، وَلَا يَجُوز لَهُنَّ إِظْهَار شُخُوصهنَّ ، وَإِنْ كُنَّ مُسْتَتِرَات إِلَّا مَا دَعَتْ إِلَيْهِ الضَّرُورَة مِنْ الْخُرُوج لِلْبَرَازِ . قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنّ َ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } . وَقَدْ كُنَّ إِذَا قَعَدْنَ لِلنَّاسِ جَلَسْنَ مِنْ وَرَاء الْحِجَاب ، وَإِذَا خَرَجْنَ حُجِبْنَ وَسَتَرْنَ أَشْخَاصهنَّ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث حَفْصَة يَوْم وَفَاة عُمَر ، وَلَمَّا تُوُفِّيَتْ زَيْنَب رَضِيَ اللَّه عَنْهَا جَعَلُوا لَهَا قُبَّة فَوْق نَعْشهَا تَسْتُر شَخْصهَا . هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي عياض .
وكا بين احد الاخوة تلك الرواية التي أخرجها ابن سعد في الطبقات عن الزهري قال : قيل له من كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه و سلم فقال كل ذي رحم محرم من نسب أو رضاع قيل فسائر الناس قال كن يحتجبن منه حتى إنهن ليكلمنه من وراء حجاب وربما كان سترًا واحدًا إلا المملوكين والمكاتبين فإنهن كن لا يحتجبن منهم .وحديثه له شواهد منها الاتي
وجاء في المدنة الكبرى حيث نقل عن امام دار الهجرة الامام مالك قال
وقد كان الناس يدخلون على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته وبينهم حجاب يسمعون منهن ويحدثون عنهن ، وقد سأل أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وأبوه عائشة ، وأم سلمة وهما من وراء الحجاب ، ثم أخبرا عنهما .
وفي تحفة الاحوذي قال الطبري وكانت عائشة لا تأذن لأحد من الرجال أن يدخل عليها إلا بإذن، ومن دخل كان بينه وبينها حجاب إلا إن كان ذا محرم منها، ومع ذلك لا يدخل عليها حجابها إلا بإذنها.
فيرى القاضي عياض ان نساء النبي ومن خلال هذه الاية الكريمة غلض عليهن اكثر في هذا بحيث يتوجب عليهن حجب شخوصهن عن الرجال وان كن مستترات الابدان . ولعل مما يؤيد هذا الراي حديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه البخاري في الادب المفرد والنسائي في سننه الكبرى والطبراني في معجمه الكبيرى والاوسط وابن كثير في تفسيره عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم حَيساً فمر عمر، فدعاه فأكل، فأصابت يده إصبعي، فقال: حسَّ! لو أطاع فيكُنَّ ما رأتكن عينٌ، فنزل الحجاب" . وصححه الالباني .
وفي رواية للطبري قال حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن ليث، عن مجاهد، أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يطعم ومعه بعض أصحابه، فأصابت يد رجل منهم يد عائشة، فكره ذلك رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ؛ فنزلت آية الحجاب.
وهذا قد يعني تحريم مؤاكلة نساء النبي مع الصحابة حتى بحضور النبي ..
وقد يؤيد ايضا راي القاضي عياض ويشهد له ماجاء في صحيح البخاري عن عطاء بن ابي رباح قوله"وَكُنْتُ آتِي عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيرٍ قُلْتُ وَمَا حِجَابُهَا قَالَ هِيَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ لَهَا غِشَاءٌ وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذَلِكَ وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا مُوَرَّدًا ". وفي رواية وانا صبي .فهذه عائشة رضي الله عنها تضع قبة تحجب شخصها عن الرجال .
ولكن راي القاضي عياض ايضاً يتصادم مع نصوص كثيرة في الصحاح وغيرها من ان نساء النبي كن يكلمن الصحابة وبعض التابعيين في بيوتهن بعد وفاة النبي بدون ان يحجبن اشخاصهن .