137
وإنما شهرة العالم بمصنفاته والرواية عنه.
137
وإنما شهرة العالم بمصنفاته والرواية عنه.
138
كردين يقول: سمعت أبا عبيدة يقول: نسخ العلم على لسان كيسان؛ لأنه يسمع مني غير ما أقول، ويقول غير ما يسمع، ويكتب في ألواحه غير ما يقول، ويقرأ غير ما في الألواح.
139
وقد أخذ [الفراء] علمه عن الكسائي وهو عمدته، ثم أخذ عن أعراب وثق بهم مثل أبي الجراح وأبي ثروان وغيرهما، وأخذ نبذا عن يونس، وأهل الكوفة يدعون أنه استكثر منه، وأهل البصرة يدفعون ذلك، وقد أخذ أيضا عن أبي زياد الكلابي.
141
وكان الفراء يخالف على الكسائي في كثير من مذاهبه، فأما على مذاهب سيبويه فإن [فإنه] يتعمد خلافه، حتى ألقاب الإعراب وتسمية الحروف.
143
وقد أخذ اللحياني عن أبي زيد وأبي عبيدة والأصمعي، إلا أن عمدته على الكسائي، وكذلك أهل الكوفة كلهم يأخذون عن البصريين ولكن أهل البصرة يمتنعون من الأخذ عنهم؛ لأنهم لا يرون الأعراب الذين يحكون عنهم حجة، ويذكرون أن في الشعر الذي يروونه ما قد شرحناه فيما مضى ويحملون غيره عليه.
143
أخبرنا جعفر بن محمد قال أخبرنا إبراهيم بن حميد قال قال أبو حاتم: فإذا فسرت حروف القرآن المختلف فيها أو حكيت عن العرب شيئا فإنما أحكيه عن الثقات عنهم؛ مثل أبي زيد، والأصمعي، وأبي عبيدة، ويونس، وثقات من فصحاء الأعراب وحملة العلم، ولا ألتفت إلى رواية الكسائي والأحمر والأموي والفراء ونحوهم وأعوذ بالله من شرهم.
[هذه عصبية لا تنبغي لأهل العلم، والعلماء لا يلتفتون إلى نزاع المتعاصرين]
144
قال أبو الطيب اللغوي: فلم يزل أهل المصرين على هذا حتى انتقل العلم إلى بغداد قريبا، وغلب أهل الكوفة على بغداد وحدثوا الملوك فقدموهم، ورغب الناس في الروايات الشاذة، وتفاخروا بالنوادر، وتباهوا بالترخيصات، وتركوا الأصول، واعتمدوا على الفروع، فاختلط العلم.
145
وأما كتاب الجيم فلا رواية له؛ لأن أبا عمرو [إسحاق بن مرار الشيباني] بخل به على الناس فلم يقرأه عليه أحد.
147
وأما أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي فإنه أخذ العلم عن المفضل الضبي وكان ربيبه، ومحمد أحفظ الكوفيين للغة، وقد أخذ علم البصريين وعلم أبي زيد خاصة من غير أن يسمعه منه، وأخذ عن أبي زيد وجماعة من الأعراب مثل الصقيل وعجرمة وأبي المكارم وقوم لا يثق بأكثرهم البصريون.
وكان أبو نصر الباهلي يتعنت ابن الأعرابي ويكذبه ويدعي عليه التزيد ويزيفه، وابن الأعرابي أكثر حفظا للنوادر منه، وأبو نصر أشد تثبتا وأمانة وأوثق.
149
وكان أبو عبيد يسبق بمصنفاته إلى الملوك فيجيزونه عليها فلذلك كثرت مصنفاته
150
[قال أبو سعيد الغاضري:] وكانت فيه [أي أبو محمد سلمة بن عاصم] دعابة، فسألته يوما عن شيء فقال: على السقيط خبرت، وهو يضحك، يريد على الخبير سقطت.
154
وقد نظرت في كتبه [المفضل بن سلمة] فوجدته مخلطا متعصبا، ورد شيئا كثيرا من كتاب العين أكثره غير مردود، واختار اختيارات في اللغة والنحو ومعاني القرآن غيرها المختار.
155
ولا علم للعرب إلا في هاتين المدينتين.
فأما مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فلا نعلم بها إماما في العربية.
/ قال الأصمعي: أقمت بالمدينة زمانا ما رأيت بها قصيدة واحدة صحيحة إلا مصحفة أو مصنوعة.
160
وأما بغداد فمدينة ملك وليس بمدينة علم وما فيها من العلم فمنقول إليها ومجلوب للخلفاء وأتباعهم ورعيتهم ونيتُهم بعد ذلك في العلم ضعيفة لأن العلم جد وهم قوم الهزل أغلب عليهم واللعب أملك لهم فإن تعاطى بعضهم شيئا أو شدا منه فإنما همه المساماة به وبغيته المباهاة فيه فترى أحدهم يتكلم بغير علم ويهمز ليعد في العلماء ويذكر رغبته في أطراف العلم ودواوينه وفروعه وغرائبه ويسامح نفسه في أصوله وسهله وذلوله فهو يبني على غير أس ويحب الرياسة بأهون مس فلا جرم أنهم يوهمون ولا يفهمون ويسألون فيستبهمون.
قال أبو حاتم: أهل بغداد حشو عسكر الخليفة ولم يكن بها من يوثق به في كلام العرب ولا من ترتضى روايته، فإن ادعى أحد منهم شيئا رأيته مخلطا صاحب تطويل وكثرة كلام ومكابرة، ولا يفصل بين علماء البصرة بالنحو وبين الرؤاسي والكسائي، ولا بين قراءة أهل الحرمين وقراءة حمزة، ويتحفظ أحدهم مسائل من النحو بلا علل ولا تفسير، فيكثر كلامه عند من يختلف / إليه وإنما هَمّ أحدهم إذا سبق إلى العلم أن يسير اسما يخترعه لينسب إليه؛ فيسمي الجر خفضا والظرف صفة، ويسمون حروف الجر حروف الصفات والعطف النسق ومفاعيلن في العروض فعولان [فعولاتن] ونحو هذا من التخليط.
قال اللغوي: والأمر في زماننا هذا أصلحك الله على أضعاف ما عرف أبو حاتم.
[قلت: والأمر في زماننا هذا أضعاف أضعاف ما قاله أبو الطيب، ولو رأى ما نحن فيه لقال:
رب يوم بكيت منه فلما .............. صرت في غيره بكيت عليه]
انتهت الفوائد المنتقاة من هذا الكتاب النفيس.
والحمد لله رب العالمين.
حقًّا استفدت من هذه الدرر
جزاكم الله خيرًا على جهدكم الضخم يا أستاذي
أدعو الله أن يجعل كل حرف في ميزان حسناتكم
جزاك الله خيرا أستاذنا الكريم على هذه النفائس المنتقاة ...
شدني هذه الفائدة :
أهو العوضي ؟! ( ابتسامة )وقال ابن مناذر: كان الأصمعي يجيب في ثلث اللغة وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها، وكان أبو زيد يجيب في ثلثيها، وكان أبو مالك يجيب فيها كلها.
وإنما عنى ابن مناذر توسعهم في الرواية والفتيا، لأن الأصمعي كان يضيق، ولا يجوز إلا أفصح اللغات، ويلج في ذلك ويمحك، وكان مع ذلك لا يجيب في القرآن وحديث النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى هذا يزيد بعضهم على بعض.
أبو مالك عمرو بن كركرة الأعرابي، من أعلم الناس باللغة في عصره.
أما أبو مالك العوضي فهو طفل صغير ما زال يحبو، وليس التوافق في التسمية إلا من باب قول تأبط شرا:
فهبه تسمى اسمي وسماني اسمه ............... فأين له صبري على معظم الخطب؟
وأين له بأس كبأسي ونجدتي .............. وأين له في كل فادحة قلبي؟
حشاك شيخنا فيك الخير والبركة أطال الله عمرك في طاعته وأنت عندنا أولى بالأبيات
لَعَمْرُكَ مَا إِنْ أَبُومالكٍ *** بِوَانٍ ولا بِضَعِيفٍ قُواهْ
وَلاَ بِأَلَدَّ لَـهُ نَازِعٌ *** يُعَادي أَخَاهُ إِذَامَا نَهَاهْ
وَلَكِنَّـهُ هَيِّنٌ لَيّـنٌ *** كَعَالِيةِ الرُّمْحِ عَرْدٌ نَسَاهْ
إِذَا سُدْتَهُ سُدتَ مِطْواعَة***ومَه مَا وكلَّتَ إِلِيهِ كَفَاهْ
أبومالك ..إلى آخِرِهَا
أقول أضحك الله سنك
دخل رجل على أبي حاتم وعلى كتفه صبي، فقال له: يا أبا حاتم ما تسمي العرب الرجل إذا كان في فرد رجله خف وفي الأخرى نعل؟
قال: لا أدري.
قال: صدقت، لأن فوق كل ذي علم عليم
يقال له: مخفنعل يا غلام.
فضحك أبو حاتم حتى شرق بريقه.
جزيت وكفيت وأحسن الله إليك