نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتْكَ بالباطل
النفس - كما قال الإمام الشافعي رحمه الله-: إن لم تشغلها بالحق شغلتْكَ بالباطل، والشابُّ إن لم ينشغل بالخير وبما ينفعه، تخطَّفَتْهُ الأفكار الطائشة، وعاش في دوامة من التُّرَّهَاتِ والتَّوَافِهِ، ومن المعلوم أن مشاعر الخوف والقلق وسوء الطَّوِيَّةِ لا تغزو النفس الإنسانية إلا حينما تكون فارغةً وغير مشغولة، والهوى -كما قيل- لا يدخل إلا على ناقص.
ظاهرة العنف بين الشباب
من الظواهر السلبية التي انتشرت بين الشباب ظاهرة العنفُ، سواء في الشارع أم في المدارس والجامعات، ويظهر هذا العنف في القول أو الفعل، حتى يصل الأمر إلى أن يعتدي بعضهم على بعض بالضرب الشديد، الذي قد يؤدي إلى إصابة بعضهم بجروحٍ خطيرة. وقد يفقد أحدُ الشباب حياته في بعض المشاجرات، ولا شك أن استخدام الرفق في معاملة الناس مِن أخلاق الإسلام السامية، وقد حثنا الله -تعالى- في القرآن، وكذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه على ذلك: قال -جل شأنه-: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (الفرقان: 63)، وقال -تعالى-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ} (النحل: 125)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عائشة، إن الله رفيقٌ يحب الرفق، ويُعطِي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه»، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزَع مِن شيء إلا شانه»، وعنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: «مَن أُعطِي حظَّه مِن الرفق، فقد أُعطي حظَّه مِن الخير، ومَن حُرِم حظَّه مِن الرفق، فقد حُرِم حظه من الخير»، ولقد حثنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - على أن نتحلَّى بالأخلاق الكريمة، التي تنشر المحبة بين الناس: فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «إن المؤمن لَيُدْرِكُ بحُسْن خُلُقه درجةَ الصائم القائم»، وعنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ما مِن شيءٍ أثقلُ في الميزان مِن حُسْن الخُلُق»، وعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إن مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنَكم أخلاقًا». من وسائل الوقاية من العنف المحافظة على عبادة الله -تعالى
إن المحافظة الدائمة على عبادة الله -تعالى- لها أثر فعال وسريع في تهذيب القلوب والسلوك، وهذه العبادة تربط المسلم بالله -تعالى-، وتلزمه باتباع أوامره -سبحانه-، فتجعل سلوك المسلم يتسم بالرفق واللين في معاملاته مع الآخرين؛ قال الله -تعالى-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت: 45)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم». وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيومَ ولدته أمه». وصية لقمان
لقمان الحكيم رجلٌ صالح، وولي من أولياء الله وحكيمٌ من الحكماء، وهبه الله -جلّ وعلا- الحكمة؛ لأنه كان صادقاً مع الله في أقواله وأعماله، جادا في التقرب إلى الله -عزوجل- بزاكي الطاعات وجميل العبادات، وكان قليل الكلام كثير الفكرة والتدبر، منَّ الله عليه بالحكمة ووهبه إياها، ومن عظيم مكانته ورفيع شأنه أن الله -عزوجل- ذكر لنا في القرآن خبره وأنبأنا عن وصيته لابنه وموعظته لولده وفلذة كبده منوها بها، وذكر ألفاظها لتكون نبراسًا وأنموذجًا نحتذي حذوه ونسير على نهجه، فما أحوجنا إلى تدبر هذه الوصايا والعمل بها! مرحلة الشباب مرحلة عظيمة وخطيرة
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: مرحلة الشباب مرحلة عظيمة وخطيرة، إن استغلت في الخير والطاعة فيافوز من وفق لذلك! وإن استغلت في الشر والمعصية فيا خيبة من فاتته هذه المرحلة! واستغلالها في الطاعة يكون بالعناية والاهتمام بالقرآن والسنة حفظاً وتفقهاً، مع استغلال الأوقات حتى لا تذهب سدى، مع طلب المعالي في جميع الخيرات والترفع والتنزه والابتعاد عن الموبقات والمهلكات. أثر العقيدة في منع العنف
إن للعقيدة الإيمانية أثرها في منع انتشار سلوكيات العنف؛ وذلك لأن العقيدة هي أساس بناء الإنسان المسلم؛ فالعقيدة الصحيحة هي الأساس الذي بدأ به الإسلام في تربية المسلم على السلوكيات الرشيدة التي تتسم بالرفق والرحمة، وتعد العقيدة قاعدة بناء الإنسان المسلم في كل مكان وزمان. وصايا للشباب
قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: عليك -أيها الشاب- أن تعمل على صيانة شبابك وحفظه بأن تتجنب الشرور والفساد بأنواعه، مستعينا في ذلك بالله متوكلًا عليه وحده -جل في علاه-، وكلّ باب أو مدخلٍ أو طريقٍ يفضي بك إلى شر أو فساد فاجتنبه واحذره غاية الحذر، وعليك أن تكون محافظًا تمام المحافظة على فرائض الإسلام وواجبات الدين ولاسيما الصلاة؛ فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل، فإن الصلاة معونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل. رفقاء السوء أسرع طريقٍ إلى العنف
الصديق له أثر واضح على صديقه؛ ولذلك حثنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - على حسن اختيار الصديق، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه، أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك، أو ثوبك، أو تجد منه ريحًا خبيثةً»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الرجل على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي»، فالاقتران برفقاء السوء هو أسرع طريقٍ إلى العنف والانحراف بجميع أشكاله؛ ولذلك فإن الاقتران بالرفقة الصالحة يؤدي إلى القضاء على أهم العوامل المؤدية إلى العنف. شباب الصحابة والتعلم من النبي - صلى الله عليه وسلم
كان الشباب من الصحابة- رضي الله عنهم- يقصدون مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهدف التعلم، فيقيمون الأيام العديدة يتعلمون العلم والسلوك، وعندما يشعر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنهم في مستوى المسؤولية يأمرهم بالعودة إلى أهليهم قصد نشر الإسلام وتعاليمه وتولي موقع القيادة، ففي صحيح مسلم عن مالك بن الحويرث قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن سببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا رقيقًا، فظن أنا قد اشتقنا أهلنا، فسألنا عمن تركنا من أهلنا، فأخبرناه فقال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم، ومروهم، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم».