تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 89

الموضوع: تحت العشرين

  1. #61
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1212


    الفرقان



    رمضان فرصة فاغتنمها
    رمضان فرصة حقيقية للاستثمار، واللبيب يدرك بصدق أن الفرص تلوح، وقد لا تعود، وكم من متمنٍّ فاته بالأماني حظه من الغنائم ما فات! وإن تجار الدنيا لا يألون جهدًا، ولا يدّخرون وسعًا في اغتنام أي فرصة، وسلوك أيِّ سبيل يدرُّ عليهم الربح الكثير، والمكسب الوفير، فلماذا لا تتاجر مع الله؟ فتسابق إلى الطاعات والأعمال الصالحات، لتفوز بالربح الوفير والثواب الجزيل منه -سبحانه وتعالى-، ورمضان من أعظم الفرص لهذه التجارة الرابحة.
    ثلاثة وعود نبوية لا تفرط فيها
    إن البدايات الصحيحة من شأنها أن تورث النتائج الصحيحة، فابدأ شهرك بطاعة الله -تعالى- ولا تكن من الغافلين، ولقد وعدنا النبي - صلى الله عليه وسلم -، في هذا الشهر بثلاثة وعود، ينبغي ألا نفرط فيها: الوعد الأول: (من قام رمضان إيمانًا، واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
    الوعد الثاني: (من صام رمضان إيمانًا، واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
    الوعد الثالث: (من قام ليلة القدر إيمانًا، واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
    هذه ثلاثة وعود، إذا أخطأ الإنسان في واحدة أصابته الأخرى، وإذا أخطأته الأخرى أصابته الثالثة، والمغبون، والخاسر من أخطأ هذه جميعًا، فانصرم رمضان، ولم يغفر له؛ ولذلك لما رقى النبي - صلى الله عليه وسلم - درجات المنبر الثلاث، فقال: آمين، آمين، آمين فقيل له: يا رسول الله، ما كنت تصنع هذا؟ فقال: قال لي جبريل: أرغم الله أنف عبد دخل رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين. من ضيع هذه الفرص فلا شك أنه مضيع، وليس العيد بلبس الجديد، وليس العيد بأن يفرح الإنسان، ولم يخرج برحمة الله -تعالى- والقبول والمغفرة، إنما يفرح الناس بالعيد بما منَّ الله به عليهم من الصيام، والقيام، وحق لهم أن يفرحوا بذلك.
    أحسن إلى المسيء تملك قلبه
    قاعدة مهمة في حسن الخلق تختص بالتعامل مع المسيء، وهي عدم مقابلة السيئة بالسيئة، ولكن مقابلة السيئة بالحسنة؛ مما يترتب عليه سيادة هذا المسيء واحتواء الإساءة، فعلى الإنسان والشباب على الأخص أن يقابل الكلمة الطائشة بالكلمة الطيبة، والنبرة الصاخبة بالنبرة الهادئة، والجبين المقطب بالبسمة الحانية، ولو قوبل المسيء بمثل فعله، ازداد هياجًا وغضبًا، وخلع حياءه نهائيًّا، وأفلت زمامه، وأخذته العزة بالإثم، قال -تعالى-: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34)، قال ابن كثير: - رحمه الله تعالى-: أي من أساء إليك فادْفَعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر - رضي الله عنه -: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.
    موقف شبابي مفرح
    ما إن يحل شهر رمضان، حتى ترى المساجد قد امتلأت بالشباب مقبلا على ربه، متبتلا راكعا ساجدا، شباب تنسم من روح الهداية وريحانها، بعدما غشيته نفحات رمضان شهر القرآن، وخففت من وطأة ثقل النفس أسرار الصيام، شباب عقد العزم على ختم القرآن، والحفاظ على الصلوات الخمس في المساجد، وحضور صلاة التراويح، والقيام في الثلث الأخير، والاجتهاد في الطاعات والقربات، والإحسان للفقراء والمحتاجين، والإفطار مع جموع الأخيار، شباب صحا في رمضان، وتطلع للاستقامة بعد رمضان، فرمضان لما بعده.
    نصائح رمضانية

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: أحث إخواني على قراءة القرآن في رمضان بتمهل وتدبر لمعانيه؛ فإن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، فتعلموا القرآن والعلم والعمل جميعًا، وأحذر إخواني المسلمين من إضاعة وقت هذا الشهر المبارك، فإن أوقاته ثمينة، وجملة القول: إنني أحث المسلمين على كل عمل صالح يقربهم إلى الله -عزوجل-، وأحذرهم من كل عمل سيء يكون سببًا في آثامهم ونقص إيمانهم.
    كيف نحقق التقوى؟
    تحقيق التقوى التي أشار الله -تعالى- إليها في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة 183)، بين أهل العلم -رحمهم الله- أن التقوى: هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله -تعالى- وقاية بفعل ما أمر، واجتناب ما نهى، هذان هما قطبا رحى التقوى التي أشار القرآن إلى تحقيقها في الصيام، فتأمّل نفسك، واعمل على تحقيق هذه التقوى، في هذا الشهر الفضيل فهو فرصة عظيمة لذلك.
    خمسُ خصال موجبةٌ لدخول الجنة
    قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلُّوا خمسَكم، وصوموا شَهرَكم، وأدُّوا زَكاةَ أموالِكم، وأطيعوا ذا أمرِكم، تدخُلوا جنَّةَ ربِّكم»، هذه وصية جامعة في ذكر موجبات دخول الجنة، وأسباب الظفر بنعيمها، والفوز بخيراتها وملذاتها، وهي الدار التي أعدها الله لعباده المطيعين وأوليائه الصالحين، وجعل فيها من النعيم الكريم والثواب العظيم، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (السجدة:17)، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: «تدخُلوا جنَّةَ ربِّكم» إضافة الجنة إلى الرب -سبحانه-، وهذا فيه تشريفٌ لها، وتعليةٌ لشأنها، ورفعٌ لقدرها.
    تقوى الله في السر والعلانية

    قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -سبحانه- في السر والعلانية، والشدة والرخاء؛ فإنها وصية الله ووصية رسوله - صلى الله عليه وسلم -، كما قال -تعالى-: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} (النساء:131)، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبه: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ»، والتقوى حقيقتها أداء ما أوجب الله -تعالى-، واجتناب ما حرمه الله -تعالى- على وجه الإخلاص له والمحبة، والرغبة في ثوابه، والحذر من عقابه!.
    موقف شبابي محزن
    محزن أن ترى الجمع الغفير من الشباب يتخذ رمضان زمنا للهو واللعب، مسرفا فيما يغضب الرحمن، فمنهم من يقضي الليالي متتبعا الملاهي في الشوارع والساحات، منهمكا في التنقل بين الشاشات، فإذا نادى منادي الثلث الأخير من الليل خلد إلى النوم ولم يستفق إلا على منبه الثلث الأخير من النهار! ومنهم يسرح نهاره في التفاهات، منتظرا ساعة الإفطار، مسرفا في المعاصي، معللا النفس بتضييع الأوقات، أي صيام لهؤلاء؟! وأي رمضان حل بهم؟! ماذا جنوا من شبابهم؟! وكيف استقام لهم أن يواجهوا المنح الإلهية بالمعصية؟! قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش»، إنهم لم يدركوا حقيقة رمضان؛ فهم يحرمون أنفسهم من فضائله ونفائسه.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1213


    الفرقان




    حاجة الشباب للقرآن الكريم
    إذا كانت الأمة بأسرها مطالبة باتباع سيد الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه الكرام -رضوان الله عليهم-؛ لسلامة دينهم وعقيدتهم ومنهجهم ولشهادة الله لهم ورضاه عنهم، فإن شباب اليوم أحوج ما يكونون إلى الاقتداء بشباب الصحابة -رضوان الله عليهم- في كل أحوالهم عموما، وفي تعاملهم مع القرآن خصوصا؛ ففي ذلك السلامة من الفتن، والانتصار على الشهوة، وعلو الهمة ورفعة الدرجة في الحياة وبعد الوفاة.
    الشباب والعناية بالقرآن الكريم
    القرآن دستور الأمة وأساس نهضتها، به أخرجها الله من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى، وفي كل زمان هو المخرج لها من الفتن والهادي لها من الضلال والحافظ لها من موارد الشبهات والشهوات. ومع كثرة الفتن وتتابعها في زماننا وانفتاح أبواب الشهوات أمام الشباب خصوصا، على مصارعها، كان لابد لكل شاب يريد التمسك بأسباب النجاة والعصمة أن يعتني بكتاب الله -تعالى- الذي من تمسك به فلن يضل أبدا، ولقد حرص شباب الصحابة - رضوان الله عليهم - على هذا الكتاب حتى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باستقراء القرآن من أربعة، ثلاثة منهم من الشباب وهم: معاذ، وابن مسعود، وسالم - رضي الله عنهم -؛ إذ يقول: «استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالم مولى أبي حذيفة، وأُبَيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل»، ولم يتوقف الاهتمام بالقرآن عند هؤلاء وإنما كان هذا الاهتمام في كل شباب الصحابة، فكان عمرو بن سلمة - رضي الله عنه وهو من صغار الصحابة- حريصًا على تلقي القرآن، فكان يتلقى الركبان ويسألهم ويستقرئهم حتى فاق قومه أجمع، وأهَّله ذلك لإمامتهم، ولنستمع لذلك من روايته - رضي الله عنه -؛ إذ يقول: «كنا على حاضر فكان الركبان يمرون بنا راجعين من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدنو منهم فأسمع حتى حفظت قرآنًا، وكان الناس ينتظرون بإسلامهم فتح مكة، فلما فتحت جعل الرجل يأتيه فيقول: يا رسول الله، إنا وافد بني فلان، وجئتك بإسلامهم، فانطلق أبي بإسلام قومه فرجع إليهم. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قدموا أكثركم قرآنًا» قال: فنظروا وإني لعلى حِواء عظيم (أي مكان فيه عدد كبير من الناس)، فما وجدوا فيهم أحدًا أكثر قرآنًا مني، فقدموني وأنا غلام.
    علاقة عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - بالقرآن
    علاقة عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - بالقرآن كانت علاقة وطيدة ومنزلته به عند النبي - صلى الله عليه وسلم - رفيعة، وهو الذي استقرأه النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن كما في الصحيحين أن النبي قال له: «اقرأ علي، قال: قلت: اقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري. قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}. قال لي: كف، أو أمسك. فرأيت عينيه تذرفان، إنها شهادة تدل على حسن القراءة مع الإتقان مع جمال الصوت وخشوع القلب وإلا فلماذا اختاره هو دون غيره ليسمع منه، وهذه الشهادة أكدتها شهادة أخرى وزينها قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ رَطْباً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ». وهو سيدنا ابن مسعود - رضي الله عنه -، وهو الذي قال عن نفسه: «مَا نَزَلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ وَأَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ نَزَلَتْ، وَفِيْمَا نَزَلَتْ».
    أعلم أمتي بالحلال والحرام
    بلغ معاذ بن جبل - رضي الله عنه - بالقرآن الكريم مكانا فاق به كبار الصحابة وصغارهم في الفقه والعلم، ولك أن تتخيل ذلك الأثر حين تسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول عنه: «أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل»، وأخبر عنه أنه يأتي يوم القيامة إماما للعلماء قد سبقهم جميعا برتوة، أي رمية سهم أو رمية حجر، لقد قاده القرآن للخير كل الخير، فعن ابن كعب بن مالك قال: كان معاذ بن جبل شابًّا جميلا سمحًا من خير شباب قومه لا يسأل شيئا إلا أعطاه.
    حقيقة التقوى
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: التقوى أن يتخذ الإنسان وقاية من عذاب الله، وقيل في تعريفها التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك ما نهى الله على نور من الله تخشى عقاب الله، ولكن أجمع ما قيل فيها هي ما ذكرناه أولا إيش؟ امتثال أمر الله واجتناب نهي الله وتصديق أخبار الله.
    المسلم الذي يرجو العتق من النار
    قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: المسلم الذي يرجو عتق رقبته من النار في هذا الشهر المبارك ينبغي أن يكون فيه عاملا كعمل سلفه الصالح؛ طامعًا في بلوغ ما بلغوا، فيحفظ وقته ويشغله في طاعة ربه والحرص على استغلال ليله في الصلاة والقراءة والذكر والعبادات.
    فضل القرآن على أهله
    من فضل القرآن على أهله وحملته أن صاحبه مع السفرة الكرام البررة: كما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران»، وحامل القرآن الحافظ له العامل به تعلو درجته يوم القيامة حين يدخل الجنة كما في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: «يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها».
    أنفع شيء للعبد
    قال ابن القيم -رحمه الله-: « فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن وإطالة التأمل له، وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما، وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما ومآل أهلهما، وتظل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة، وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتشيد بنيانه وتوطد أركانه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه.
    التفريط في الآخرة
    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: كم يحصل للمرء من ندامة على ما يقع منه من تفريط في بعض مصالحه الدنيوية! والجاد من الناس يعمل بجد حتى لا تقع له هذه الندامة، لكنَّ الكثير منهم يغفل عن العمل الجاد للدار الآخرة؛ فيبوء في ذلك اليوم بندامة وحسرة لا تجدي {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا}.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1214


    الفرقان



    احذر هذه العوائق الثلاث!
    الواجب على الشباب أن يحذروا من العوائق التي تعوقهم في السير إلى الله -تعالى- وبلوغ رضوانه، وهي عوائق ثلاثة خطيرة: الشرك بالله، والبدعة في الدين، والمعاصي بأنواعها، أما عائق الشرك فإن التخلص منه يتم بإخلاص التوحيد لله وإفراده -جلّ وعلا- بالعبادة، وأما عائق البدعة فيتم التخلص منه بلزوم السنة والاقتداء بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما عائق المعصية فيتم التخلص منها بمجانبتها وبالتوبة النصوح منها عند الوقوع فيها.
    شبابنا والإيجابية
    القرآن الكريم جاء ليغرس الفضائل في نفوس المؤمنين، ويشحذ الهمم إلى معالي الأمور، وينهى عن السلبية وعن سفاسف الأمور، ومن الأمور التي دعا إليها القرآن الكريم وربى المؤمنين عليها الإيجابية، وهي حالةٌ في النفس تجعل صاحبها مهمومًا بأمر ما، ويرى أنه مسؤول عنه تجاه الآخرين. ولا يألو جهدًا في العمل له والسعي من أجله، ومن مظاهر الإيجابية في القرآن الكريم الدعوة إلى التعاون على البر والتقوى: قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ} (المائدة: 2)، فهو يدعو إلى أن يكون المجتمع مجتمعا مثاليا يتعاون الجميع في رقيه والنهوض به، ولا يكون ذلك إلا بالبر والتقوى، ومن أقوى المشاعر الإيجابية أن المسلم يتربى على الإيمان بأن المسلمين جميعًا إخوانه يقول -تعالى-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10)، ومن مظاهر الإيجابية في القرآن الكريم أن يعمل المسلم ولا يكون كلاًّ على غيره؛ فالإسلام يدعونا للنشاط والحيوية وحب العمل يقول -تعالى-: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الجمعة:10) وفي هذا المعنى يقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «لأن يأخذ أحدكم أحبله، ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه».
    إِنَّمَا الْخَيْرُ فِي الشَّبَابِ
    عن مالك بن دينار -رحمه الله- أنه قال: «إِنَّمَا الْخَيْرُ فِي الشَّبَابِ»؛ وهذا تنبيهٌ عظيم منه -رحمه الله- لأهمية هذه المرحلة، وأن الشاب إذا أحسن استغلال هذه المرحلة حصَّل خيرًا عظيمًا، وأصبح ما حصَّله في شبابه ركيزةً وعمدةً وأصلًا ثابتا يبقى معه إلى مماته نفعًا لنفسه ونفعًا لأمته ونصحًا لغيره، بينما إذا لم يحسِن ذلك أضاع على نفسه خيرية هذه المرحلة وبركتها.
    لماذا يقع بعض الشباب في السلبية؟
    الوقوع في السلبية يرجع إلى أسباب عدة، أهمها: عدم الفهم الصحيح للعقيدة الإسلامية، كمن يظن أن الإسلام والالتزام هو الانزواء جانبا والجلوس في المساجد وترك العمل، وهذا هو الفهم الخطأ للإسلام؛ فالتدين الصحيح هو الذي يدفع صاحبه للعمل والسعي في الأرض، قال الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الجمعة: 9-10).
    الواجب على الشباب المسلم

    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: الواجب على الشباب المسلم هو الجد والاجتهاد في طلب العلم، والتفقه في الدين بنية صالحة وقصد صالح، كما أن هذا هو الواجب على الشيوخ من المعلمين والمرشدين ومن غيرهم أن يتفقهوا في دين الله، وأن يعنوا بتطبيق كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم - على أنفسهم وعلى غيرهم في أقوالهم وأفعالهم، حتى يكون الجميع قدوة صالحة، وحتى يكونوا هداة مهتدين، وحتى يرشدوا الناس إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.
    إيجابية نملة
    ضرب الله تعالى لنا مثلاً عجيبًا يلفت أنظار الناس إلى الإيجابية وأهميتها في حياة المسلم، ففي سورة النمل ذكر -تعالى- قصة النمل مع سليمان، يقول -سبحانه-: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ(17)، حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} من فوائد هذه القصة ما يلي: هذه النملة شعرت بالخطر المحدق بقومها، فلم تهتم بنفسها فقط، وتذهب، بل حملت هم قومها.
    لم تهتم فقط بمن حولها من مئات النمل، ولكنها تجاوزت ما هو أكثر من ذلك فإذا هي تنادي جميع النمل {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ} تنبههم للخطر القادم.
    الجيش كبير: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} فما ضعفت لما رأته، ولكنها قامت بما يجب عليها وفق إمكاناتها، فيا لها من نملة عجيبة لها همّة عالية!
    العبد سائر لا واقف
    قال ابن القيم -رحمه الله-: العبد سائر لا واقف؛ فإما إلى فوق وإما إلى أسفل، إما إلى أمام وإما إلى وراء، وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار، فمسرعٌ ومبطئ، ومتقدمٌ ومتأخر، وليس في الطريق واقف البتة، وإنما يتخالفون في جهة المسير، وفي السرعة والبطء {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}(الم دثر:35-37) ولم يذكر واقفًا؛ فمن لم يتقدم إلى هذه بالأعمال الصالحة فهو متأخرٌ إلى تلك بالأعمال السيئة.
    من وصايا السلف للشباب
    قال أَيُّوبُ السختياني -رحمه الله-: «يَا معشر الشباب احْتَرِفُوا، لَا تَحْتَاجُونَ أَنْ تَأْتُوا أَبْوَابَ هَؤُلاءِ»، فانظر هذه الوصية التي تؤكد للشباب أن يكون لهم حرفة يكتسب بها مالًا ينفق به على نفسه وعلى أهله وولده، وألا يكون عالة على الآخرين، وأبرك الرزق وأنفعه وأطيبه ما كان من كسب يد المرء؛ فيجعل له في مرحلة شبابه حرفةً يتقنها ويمضي في هذه الحرفة أو هذا العمل أو هذه الصناعة يكتسب منها رزقا وأيضا يمضي في طلبه للعلم وتحصيله له.
    من وصايا السلف من آثر الكسل أضر بنفسه
    للشباب عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «إِنِّي لأَمْقُتُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغًا لا فِي عَمِلِ دُنْيَا، وَلا آخِرَةٍ». المعجم الكبير للطبراني (8461)، هذه هي البطالة، ومن آثر البطالة والكسل وترك العمل أضر بنفسه مضرة عظيمة وخسر بسببها دنياه وأخراه.
    نموذج للإيجابية والسعي في الخير
    قال -تعالى-: {وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} ولنركّز معًا على كلمة (يسعى) وما تحمله من معاني بذل هذا الرجل من جهده لإنقاذ قومه من الهلاك، {إنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ}، ولنتأمل كلمة «فاسمعون» التي تدل على شخصية هذا المؤمن الصالح؛ فإنها تضمنت الإيجابية الفاعلة ومعاني الشعور بالمسؤولية والرحمة والإشفاق وإرادة الخير للناس.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1215


    الفرقان



    المرء مع من أحب
    ينبغي للشباب أن يتأسّى بالقدوات من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم بإحسان؛ فالمرء مع من أحب يوم القيامة، والمرء يحشر مع من أحبّ، ومن تشبه بقوم حشر معهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المرء مع من أحب يوم القيامة»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يحب رجل قومًا إلا حشر معهم».
    الشباب الذين يُقتدى بهم
    بين النبي - صلى الله عليه وسلم - فضل الشاب الذي ينشأ في طاعة ربه -عزوجل- ويخالف الهوى والنفس الأمارة بالسوء ويعرف مكائد الشيطان وحبائله وإغواءاته، قال - صلى الله عليه وسلم -: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ، ..». فتأمل كيف كانت منزلة الشاب الذي نشأ في طاعة الله بعد الإمام العادل مباشرة قبل الأصناف السبعة؛ ليبين لنا النبي - صلى الله عليه وسلم بما لا يدع مجالاً للشك- أنّ الشاب الذي ينشأ في طاعة الله رجل عظيم، ذو همة عالية، قد طلَّق الدنيا والهوى والشيطان والشهوات والشبهات، وأقبل على ربه -عز وجل-؛ ولذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك»، ولقد كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - شبابًا نشؤوا على طاعة الله -عز وجل- منذ عرفوا الإسلام، نشروا الدين، وذادوا عن حياضه، ورسموا لنا أوضح القدوات في التاريخ، فمن منا ينسى عبدالله بن عمر وعبدالله بن عباس وعبدالرحمن بن عوف وسمرة بن جندب ورافع بن خديج -رضي الله عنهم أجمعين-، وغيرهم كثير من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين لم يكن يتجاوز عمر أحدهم عشرين عاما، وكانوا قدوات في دينهم وفي عبادتهم وفي جهادهم وفي صلاتهم وفي ذكرهم وفي دفاعهم عن محمد - صلى الله عليه وسلم .
    حكم الشرع في المراسلة بين الشباب والشابات

    سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: ما حكم الشرع في المراسلة بين الشباب والشابات علمًا بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام؟
    فقال -رحمه الله-: لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه؛ لما في ذلك من فتنة، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ويغريها به، وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - من سمع الدجال أن يبتعد عنه، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه، ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير ويجب الابتعاد عنها، وإن كان السائل يقول: إنه ليس فيها عشق ولا غرام.
    نماذج من الرعيل الأول
    تعالوا معي إلى الصفحات العطرة، وقبس من حياة شباب الرعيل الأول الذين أفنوا أعمارهم في عبادة الله وطاعته، فهذا نجم النجوم الزاهرة، أقسم له النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه يحبه، إنه معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، إنه يوم مات لم يتجاوز عمره ثلاثا وثلاثين عامًا وقد حصّل ما حصّل، وسبق الأمة في الفقه وعلم الحلال والحرام في تسع سنوات، وكان في الوقت نفسه مجاهدًا مغوارًا فارسًا مشتاقا إلى ربه في ميادين الجهاد كافة.
    الصحبة السيئة من أخطر المشكلات
    إن الصحبة السيئة من أخطر المشكلات التي تواجه الشباب؛ ولذا يقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: «المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل»، وقال أبو حاتم بن حبان: وما رأيت شيئا أدل على شيء، ولا الدخان على النار، مثل الصاحب على الصاحب! ولخطورة ذلك يوضح النبي- صلى الله عليه وسلم - صفات الصديق الطيب فيقول: «لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقيٌّ»، ويحذر القرآن من مصاحبة الأشرار وترك مصاحبة الأخيار، فقال الله -تعالى-: {وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيْدُ زِيْنَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتََّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف 28)، فالصحبة السيئة تجلب المفسدة في الدنيا والندم في الآخرة، كما قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً(27) يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً} (الفرقان: 27- 29).
    احذروا هذه العلاقات المحرمة!
    ليست هناك في الإسلام علاقةٌ بين الرجل والمرأة اسمها الصداقة والمصاحبة البريئة؛ فالعلاقات منها ما أحلها الله -تعالى- إما بالزواج أو علاقات الأرحام والمحارم، ومنها ما حرمها الله -تعالى- مثل ما يسمَّونه بعلاقة الخل، والخدن، أو الرفيق، وهذه العلاقات والألفاظ لا تمتُّ للإسلام بصلةٍ، وإنما تصب في مصبِّ العلاقات المحرمة، التي ربما قادت إلى ما لا يحمد عقباه من الكبائر.
    الوقت رأس مال العبد
    الشباب مطالبون بأن يستغلوا أوقاتهم وأن يحولوها إلى عمل صالح، وإلى إنتاج مثمر، يعود عليهم وعلى أمتهم بالخير والتوفيق، ولا سيما وهم مقبلون على إجازة طويلة؛ فالشباب على أبواب كفاح طويل، يحاولون أن يؤكدوا به وجودهم وهويتهم في مواجهة فتن الشبهات والشهوات، ولا سلاح لهم إلا استغلال رأس مالهم الحقيقي وهو الوقت في النافع المفيد.
    خطورة انحراف الشباب
    إن الانحراف في مرحلة الشباب خطير ومخيف، ومن الانحراف ما يهدد الأخلاق، ويحطم القيم، ويكون له أضرار جسيمة على المجتمع وسلامته، والانحراف قد يكون فكريا، وهذا من أخطر أنواع الانحرافات، وقد يكون أخلاقيا وهذا أيضا من الخطورة بمكان؛ لأن سلامة القاعدة الأخلاقية في حياة الأمة سبيل استقرارها، ومناط قوتها، وإذا انحرف سلوك الأفراد، كادت الأمة أن تشرف على الهلاك وآذنت بالزوال، قال -تعالى-: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (الاسراء: 16).
    الوعي بالأخطار المحدقة بالشباب
    لابد للشباب أن يكون لديهم وعي وتصور بالأخطار التي تحدق بهم وبأمتهم، وألا يُستغفلوا، من خلال ما يكاد لهم عبر مواقع الإنترنت ووسائل التواصل، بأساليب معاصرة ومتعددة، وغزو فكري وعقدي وأخلاقي أقوى وأشدّ بكثير من الغزو العسكري، إنها جيوش تسعى للتأثير على الشباب في: عقيدتهم وقيمهم ومبادئهم وأخلاقهم.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1216


    الفرقان




    دور الشباب في النهوض بالأمة
    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: الشباب عليه واجب عظيم، وهو أمل الأمة بعد الله، إذا استقام على دين الله، وجاهد في سبيله، وبدأ بنفسه فأصلح شأنه، واستقام على أمر ربه، وتطلع لإصلاح الأمة.
    الشباب وتحمل المسؤولية
    دور الشباب في المجتمع دور حيوي ومؤثر؛ فالشباب هم رأس المال الأغلى لأي مجتمع، وهم المورد الأكثر قدرة على التغيير والابتكار؛ لذا على كل شاب أن يدرك قيمة نفسه وأهمية دوره، وأن يعمل بجد وإخلاص لخدمة مجتمعه ووطنه. وقد اهتم الإسلام بتنمية الشباب وتوجيههم نحو ما يفيد أنفسهم ومجتمعاتهم؛ فالإسلام يربي الشباب على الأخلاق الحسنة والسلوك الراشد والتعاون مع الآخرين والتسامح والعدل، ويوجههم إلى استغلال طاقاتهم ومواهبهم في مجالات العلم والإبداع، كما يحذر الإسلام الشباب من الانحرافات والمخاطر التي تهدد سلامتهم وأمنهم ودينهم، مثل المخدرات والجريمة والإرهاب والفساد؛ فسن الشباب في الإسلام أمانة في أعناقهم، يجب أن يحافظوا عليها، وأن يؤدوا دورهم في بناء حضارة إسلامية رائدة تنير العالم بنور الإيمان، والسيرة النبوية وكتب التاريخ الإسلامي مليئة بالنماذج المضيئة والمشرقة لشباب تحملوا مسؤوليتهم تجاه دينهم وأمتهم، منهم على سبيل المثال: محمد بن مسلمة -رحمه الله- فهو واحد من أبرز القادة العسكريين في العصر الإسلامي الأول، فقد قاد حملات عدة في خراسان والسند والهند، وأسس الحكم الإسلامي في هذه المناطق، وكان -رحمه الله- رجلاً شجاعاً وذكيا ومخلصاً لدينه، استطاع أن ينشر الإسلام من خلال الفتوحات الإسلامية بالحكمة والرفق، ويعد محمد بن مسلمة من أعظم الفاتحين في التاريخ الإسلامي، وقد ترك إرثاً عظيماً في الحضارة الإسلامية رغم صغر سنه.
    الشباب هم مصابيح الهدى ومشاعل النور
    أيها الشباب، إذا لم تكونوا حفظة القرآن وحملة السنة، فمن؟
    إذا لم تكونوا مصابيح الهدى ومشاعل النور وسط هذا الواقع الذي تعيشه الأمة، فمن؟
    إذا لم تكونوا عمار المساجد والذاكرين الله فيها، فمن؟
    إذا لم تكونوا حماة الدين والأوطان، فمن؟
    إذا لم تكونوا العلماء والمخترعين، فمن؟
    إذا لم تكونوا بُناة مجد هذه الأمة ورعاة عزتها وأساس نهضتها، فمن؟
    حري بكم يا شباب، أن تكونوا في همة هذا الشاب الذي يقول: إِذا القَومُ قالوا مَن فَتىً خِلتُ أَنَّني عُنيتُ فَلَم أَكسَل وَلَم أَتَبَلَّدِ
    شباب رباهم النبي صلى الله عليه وسلم
    في المدرسة النبوية نشأ جيل من الشباب المسلم الذين استفادوا من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن توجيهاته التربوية، منهم على سبيل المثال، على بن أبي طالب - رضي الله عنه - الذي شب وترعرع في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فورث عنه الأخلاق الحميدة، والشمائل المجيدة، والرأي الصائب، والشهامة الإسلامية من شجاعة ونجدة وإغاثة، وهو الذي أعطاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - راية القيادة يوم غزوة بدر، فحمل مسؤولية الجهاد في سبيل الله وهو شاب، وهو الذي كافح وجاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أغلب حروبه، واهبا قوته وشبابه في سبيل الله، ومثل الصحابي الجليل العالم المجاهد زيد بن ثابت - رضي الله عنه - الذي كان قائدا في غزوة تبوك وهو في العشرين من عمره، والصحابي الجليل أسامة بن زيد حب وابن حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تحمل المسؤولية وهو ابن السابعة عشرة من عمره، وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- الصحابي الفاضل العابد الزاهد الذي شهد له الرسول -عليه السلام- بالصلاح، ودعاه إلى قيام الليل، فعاش متشبثا بآثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طول حياته، ومعاذ بن جبل - رضي الله عنه -، الشاب الصحابي الجليل الوسيم الجميل الذي خاطبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: يا معاذ، إني لأحبك، فقل في دبر كل صلاة: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» رواه الإمام أحمد في المسند.
    اليأس مما في أيدي الناس
    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: مَن كان يائسًا ممَّا في أيدي النَّاس عاش حياتَه مهيبًا عزيزًا، ومَن كان قلبه معلَّقًا بما في أيديهم، عاش حياته مهينًا ذليلًا، ومَن كان قلبه معلَّقًا بالله لا يرجو إلَّا الله، ولا يطلب حاجته إلَّا من الله، ولا يتوكَّل إلَّا على الله، كفاه اللهُ في دنياه وأخراه، والله - جلَّ وعلا - يقول: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} (الزمر: 36)، ويقول - جلَّ وعلا -: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (الطلاق: 3)، والتَّوفيق بيد الله وحده لا شريك له.
    احذروا هذه العوائق!
    على الشباب أن يحذروا في كلِّ حين من العوائق التي تعوق استقامتهم وسيرهم إلى الله وبلوغهم رضوانه، وهذه العوائق كثيرة أخطرها ثلاثة: الشرك بالله، والبدعة في الدين، والمعاصي بأنواعها، أما عائق الشرك فإن التخلص منه يتم بإخلاص التوحيد لله وإفراده -جلّ وعلا- بالعبادة، وأما عائق البدعة فيتم التخلص منه بلزوم السنة والاقتداء بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما عائق المعصية فيتم التخلص منها بمجانبتها وبالتوبة النصوح منها عند الوقوع فيها.
    تَمَيُّزُ الأنْبِيَاءِ في شَبَابِهِمْ
    من تأمل أنبياء الله -تعالى- وجدهم بعثوا على أوج الشباب في سن الأربعين، فما بعث الله -تعالى- نبيا إلا على رأس هذه السنِّ إلا عيسى ابن مريم -عليه السلام-، وكان شبابهم ملؤه الكفاح والعمل والنشاط، وكانوا لا يـأنفون من أي عمل ما دام في دائرة الحلال فكلهم قد رعوا الأغنام، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم؛ فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة».
    الاستغناء عن الناس هو العز
    إن الاستغناء عن الناس هو العز وصيانة النفس وحفظ ماء الوجه، قال لقمان لولده: يا بني، إياك والسُّؤالَ! فإنه يُذهِب ماءَ الحياء مِن الوجه، وأعظمُ مِن هذا استخفافُ الناسِ بك، وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: لَنَقلُ الصخر من قُلَلِ الجبالِ أخفُّ عليَّ من مِنَنِ الرجالِ
    يقول الناس لي في الكسب عارٌ فقلت العار في ذُل السؤالِ
    وذقت مرارة الأشياء طرا فما طعمٌ أَمَرُّ من السؤال
    تفكر في كلامك قبل أن تنطق به
    من الجميل بالمرء أن يتفكر في كلامه قبل أن يتكلم به؛ فإذا تفكر وجد أنَّه لا يخرج عن ثلاث أحوال: إما أن يتبين له أنه خير بيِّن واضح فليتكلم به ولا حرج.
    وإما أن يتبين له أنه شرٌّ بيِّن من غيبة أو كذب أو سخرية أو نميمة أو غير ذلك فليمنع نفسه من التكلم به.
    وإما أن يكون مشتبهاً عليه لا يدري أهو من الخير أو الشر، فليمنع نفسه من التكلم به أيضًا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ»، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَالا يَرِيبُكَ».




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1217


    الفرقان





    العقيدة أوَّل واجبٍ على المكلف
    العقيدة هي أهم علوم الدين على الإطلاق؛ إذ هي أوَّل واجبٍ على المكلف، فعند دخول الشخص الإسلامَ يجب عليه معرفة التوحيد قبل تعلُّم العبادات، وعندما بعَث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذًا إلى نحو أهل اليمن، قال له: «فليَكن أوَّل ما تدعوهم إليه أن يُوحدوا الله -تعالى-، فإذا عرَفوا ذلك، فأخْبِرهم أن الله فرَض عليهم خمس صلوات».
    ما لا يسع الشباب جهله في العقيدة
    لماذا خلقنا الله؟ خلقنا لعبادته، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56)، ومعنى {يعبدون}: يوحِّدون.
    من ربك؟ ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنِعَمه، وهو معبودي ليس لي معبود سواه، والدليل قوله -تعالى-: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة: 2).
    كيف عرفت ربك؟ عرَفته بآياته ومخلوقاته، ومن آياته: الليل، والنهار، والشمس، والقمر، ومن مخلوقاته السماوات السبع والأرضون السبع، ومَن فيهنَّ، وما بينهما.
    ما معنى العبادة؟ كل عمل يحبه الله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، ومنها: الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستعاذة، والاستغاثة، والذبح، والنذر.
    ما معنى (لا إله إلا الله)؟ لا معبود بحق إلا الله.
    ما معنى (السنة النبوية)؟ طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو دينه.
    ما معنى (الصمد)؟ المقصود في الحوائج.
    ما البدعة؟ هي العبادة التي اخترعها الناس ولم يفعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا، فهو رَدٌّ» رواه مسلم، رد: يعني مردودًا.
    ما مراتب الدين؟ مراتب الدين: الإسلام، والإيمان، والإحسان.
    ما أركان الإسلام الخمسة؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام.
    ما أركان الإيمان؟ أركان الإيمان ستة: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
    ما واجبنا تجاه القرآن؟ محبته، وقراءته، وفَهْم معانيه، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر عليه.
    الحث على العلم والعمل به
    قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: تعلموا ما أنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي؛ فإن العلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء ما ورثوا درهمًا ولا دينارًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر من ميراثهم، تعلموا العلم فإنه رفعة في الدنيا والآخرة، وأجر مستمر إلى يوم القيامة، قال الله -تعالى-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة:11) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، من بعده أو ولد صالح يدعو له».
    رسولي قدوتي
    لكل أمّة رسول تقتدي به في جميع شؤونها، ولكل فرد شخصية تكون مثله الأعلى في هذه الحياة ويحب أن يكون مثلها، ونحن المسلمين نملك أفضل قدوة، وأعظم مُعَلّم، وهو الشخصية المثالية التي يجتهد الجميع للاقتداء بها، فصاحب هذه الشخصية رمز الصدق والأمانة والأخلاق الفاضلة وقد جاء - صلى الله عيله وسلم - بدين الإسلام الذي هو خاتم الأديان، وقد أرسله الله -تعالى- ليأمرنا بالأخلاق الحسنة وينهى عن الأخلاق السيئة، وكان صادقاً أميناً يحب الخير لجميع الناس، وكان متواضعًا رحيمًا، فكان أحسن الناس خلقاً وأشجع الناس، لذلك نحن نسير على سنته ونهتدي بهديه في حياتنا كلها وفي جميع شأننا، قال الله -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
    من أخطاء بعض الشباب
    مِن المؤسف أن نرى كثيرًا مِن الشباب لا يعرف الفرقَ بين أركان الإسلام وأركان الإيمان، ومنهم من لا يعرف إلا القليل عن آداب الطعام والشراب، والنوم، وآداب معاملة الكبير، وأدب الحوار مع الناس، ومِن الشباب مَن لا يعرف آداب تلاوة القرآن الكريم، ولا آداب المساجد واستماع دروس العلم، ولقد حثَّنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - على التفقه في أمور الدين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا، يُفقِّهه في الدين»، قال الإمام النووي -رحمه الله-: هذا الحديث فيه فضيلةُ العلم والتفقُّه في الدين والحث عليه، وسببه أنه قائدٌ إلى تقوى الله -تعالى.
    مواقف من حياة الصحابة -رضوان الله عليهم
    عندما سأل النجاشي جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن الدين الذي اعتنقوه، فقال له جعفر - رضي الله عنه -: أيها الملك، كنا قومًا على الشرك: نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم، بعضنا من بعض في سفك الدماء، وغيرها لا نحل شيئًا ولا نحرمه، فبعث الله إلينا نبيًّا من أنفسنا، نعرف وفاءه، وصدقه، وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونصل الرحم، ونحسن الجوار، ونصلي، ونصوم، ولا نعبد غيره.
    من أدب الحديث
    قال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه، وسلامتك من العجب بنفسك، وسلامتك من سوء الأدب؛ فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
    أنواع التوحيد
    (1) توحيد الربوبية: يعني: لا رب سوى الله -تعالى-؛ فهو الخالق المالك المدبر. (2) توحيد الألوهية: يعني: لا معبود بحق إلا الله. (3) توحيد الأسماء والصفات: يعني أن الله -تعالى- ليس كمثله شيء في أسمائه وصفاته.
    الإيمان قول وعمل
    من عقيدة أهل السنة والجماعة أنَّ الإيمان قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شُعبة من الإيمان».
    جماع الخلق الحسن
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «جماع الخلق الحسن مع الناس أن تصل من قطعك بالسلام والإكرام والدعاء له والاستغفار والثناء عليه والزيارة له، وتعطي من حرمك من التعليم والمنفعة والمال، وتعفو عمن ظلمك في دم أو مال أو عرض، وبعض هذا واجب وبعضه مستحب».
    لماذا ندرس العقيدة الصحيحة؟
    نحن ندرُس العقيدة؛ لكي ننجوَ من فِتن الشُّبهات التي تَموج كموج البحر، فالعالم مليء بال مذاهب الباطلة الهدَّامة، والأفكار المنحلة، والمناهج الفاسدة، فلابدَّ للمسلم أمام هذه المذاهب والأفكار والمناهج، أن يكون لديه علمٌ صحيح بالعقيدة، وأن يكون لديه فَهمٌ صحيح بها؛ حتى يَميز الخبيث من الطيِّب، والضعيف من الصحيح، والباطل من الحق.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1218


    الفرقان




    الأخلاق ثمرة من ثمرات العقيدة
    إنَّ الأخلاق للعقيدة كالثِّمار للشجرة، فثمرة العقيدة ونتاجها هو خُلقٌ قويمٌ، وتصرّفات نبيلة، وهذا مصداق لقول النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: «أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا».
    تكامل أركان الإسلام والإيمان
    من الأصول التي يجب على الشباب معرفتها وتعلمها واليقين بها، أن لكل أمة معتقدات خاصة بها تميزها عن الآخرين، ولقد منّ الله علينا بنعمة الدين الإسلامي بعقيدته السامية وركائزه القوية الثابتة. وذلك فضلٌ من الله علينا، وتعتمد ركائز عقيدتنا وديننا الإسلامي على التوحيد، بمعنى عبادة الله -عز وجل- وحده لا شريك له والإيمان بذلك، ودعونا يا شباب نتخيل الدين الإسلامي كأنه بناء، أركانه هي أركان الإسلام الخمسة: (قول الشهادتين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا)، فهذه هي الأركان التي يقام بها البناء، وأركان الإيمان الستة هي الركائز التي تدعم البناء، ولقد بقي بناء الإسلام قويا ثابتا على مر العصور لتكامل أركان الإسلام وأركان الإيمان؛ لنقف أمام صرح عظيم مترابط متكامل الأركان والأجزاء، ألا وهو الدين الإسلامي، ومراتب الدين الإسلامي ثلاثة هي الإسلام والإيمان والإحسان.
    معنى الإيمان وحقيقته
    الإيمان هو التصديق والاطمئنان وأركانه ستة: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، قال -تعالى-: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } (سورة البقرة).
    الركن الأول من أركان الإيمان
    الإيمان بالله هو الركن الأول من أركان الإيمان، وهو أن الإنسان يؤمن بالله الواحد الأحد الفرد الصمد، قال -تعالى- في سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، وسورة الإخلاص هي أساس التوحيد والعقيدة في الإسلام؛ فيجب على كل مسلم أن يعرف أسماء الله الحسنى، ويشعر بمعانيها؛ حتى يصل إلى درجة عالية من الإيمان بالله ثم إلى درجة الإحسان، وهي أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وعلينا أن نتعلم الشهادتين؛ لأنها أساس التوحيد والعقيدة، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله، فليس هناك من يستحق العبادة غير الله -سبحانه وتعالى- ولا أحد يشارك الله -عز وجل- في الحكم.
    عقيدتنا منبع الأخلاق
    تُعَدُّ العقيدة الإسلامية المنبع الرَّئيسي لكلِّ ما يَصدر عن الإنسان من أفعالٍ وتصرّفات؛ فالشاب الذي يَمتلك العقيدة الصحيحة التي تدعوه إلى الصِّدق، والأخلاق النَّبيلة، والعفو، والتسامح، والأمانة، لا تكون تصرُّفاته بخلاف ذلك؛ إذ إنَّ الأخلاق والآداب التي يتحلَّى بها في حياته وتعاملاته مع الآخرين هي التَّجسيد الفعلي والحقيقي لما يُؤمن به من عقائدَ وأفكارٍ دينيَّة، والدَّليل الفعليُّ على صِدق إيمانه، فلا انفكاك بين العقيدة والأخلاق، بل هُما يسيران جنبًا إلى جنب، ويدعم كلٌّ منهما الآخر، كما أنَّ هذه العقيدة هي الرَّادع الأول للمسلم والمانع الأقوى له الذي يَصرفه عن الشَّهوات المُحرَّمة، والأفعال الخطأ، ويتجلَّى دور العقيدة وانعكاسها على الأخلاق في كل جانبٍ من جوانب حياة المسلم اليوميَّة مع أهله وجيرانه وأصدقائه، ومع من يخالفونه الرَّأي، بل حتى مع أعدائه إن وُجدوا.
    التَّمسك بالأخلاق الفاضلة
    يُعدُّ التَّمسك بالأخلاق الفاضلة أحد العبادات المُهمَّة في الإسلام، ويبلُغ بها المسلم مَبلغ الصَّائم القائم، كما جاء في قول الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن المؤمنَ لَيُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجةَ الصائمِ القائمِ»، ويَحظى المسلم الخلُوق يوم القيامة بشرف القُرب من الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث الصَّحيح: «إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا»، وتكون أخلاقه الحميدة من أثقل ما يُوضع في ميزانه يوم القيامة، كما قال الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِن شيءٍ أثقل في الميزانِ مِن حُسْنِ الخُلُقِ».
    هذا ما توجبه معرفة الله -تعالى

    قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: إن الواجب على العبد أن يعبد الله وحده لا شريك له، وأن نفرد الله -جل وعلا- بالعبادات القولية والفعلية والقلبية، ولا نلتفت إلى غيره، كما يفعل المشركون قديما وحديثا؛ حيث يتعلقون بغير الله من الأموات والأضرحة ويدعونهم من دون الله {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ} (يونس: 18).
    الفرق بين الأنبياء والرسل
    الرسول: هو الذي جاءه وحي من السماء، وأمره الله -تعالى- بتبليغه إلى الناس، مثل سيدنا موسى -عليه السلام-، أمره الله -عز وجل- بتبليغ رسالة التوراة، أما النبي: فهو الذي جاءه وحي السماء ولم يؤمر بتبليغه مثل أنبياء بني إسرائيل؛ حيث دعوا جميعًا إلى شريعة واحدة وهي التوراة، وأيّد الله -سبحانه وتعالى- الرسل والأنبياء بالمعجزات؛ حتى تكون حجة على الناس، وكانت معجزة كل نبي تناسب بيئته والزمن المرسل فيه.
    من علامات السعادة

    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: من علامات السعادة على العبد: تيسير الطاعة عليه، وموافقة السنة في أفعاله، وصحبته لأهل الصلاح، وحسن أخلاقه مع الإخوان، وبذل معروفه للخلق واهتمامه للمسلمين، ومراعاته لأوقاته.
    معاملة الناس باللطف
    قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به».
    أخطاء يقع فيها الشباب
    مِن المؤسف أن تنتشر ظاهرة عقوق الشباب لآبائهم في المجتمع المسلم، وبعض الشباب قد يتطاول على والدَيْه بالقول أو بالفعل، والكثير من الآباء يشتكون مِن عدم طاعة أبنائهم لهم، مما يترتَّب عليه كثير من المشكلات داخل الأسرة، فليحذر الشباب من الوقوع في هذه الكبيرة العظيمة، وليحرِصوا على طاعةِ آبائهم، طالَما يأمرونهم بما فيه طاعةُ الله -تعالى- ورسولِه - صلى الله عليه وسلم -، وليحذَروا مِن سوء عاقبة عقوق آبائهم في الدنيا والآخرة، وليعلَموا أنهم كما يفعلون مع آبائهم سيُفعَل بهم في المستقبل.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1219


    الفرقان




    التوحيد شرط لدخول الجنة
    اعلموا يا شباب المسلمين، أن الله -عز وجل- جعل التوحيد شرطا في دخول الجنة، ومانعا من الخلود في النار، قال الله -تعالى-: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}(المائ دة:72)، وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومَن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار» رواه البخاري.
    أقسام التوحيد ثلاثة
    التوحيد من أهم العلوم التي يجب على الشباب معرفتها حتى يحققوا العبودية لله -تعالى- التي تنجيهم من النار وتكون سببًا في دخولهم الجنة، والتوحيد أقسام ثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. القسم الأول: توحيد الألوهية وهو إفراد الله -تعالى- بجميع أنواع العبادة، فلا يصلي ولا يصوم الإنسان إلا لله، ولا يدعو إلا الله، ولا يتوكل على غير الله، وقد أشار الله -تعالى- إلى أن الهدف الأساسي من خلق الإنسان هو عبادة الله وحده وذلك في قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
    القسم الثاني: توحيد الربوبية وهو إفراد الله -سبحانه وتعالى- بمجموعة من الأعمال التي لا يستطيع أحد أن يفعلها غيره، فهو وحده مالك الكون، وهو وحده الخالق، ووحده الرازق، ووحده الذي يحيي ويميت، وقد أشار القرآن الكريم إلى توحيد الربوبية في قوله -تعالى-: {قُل مَن رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرضِ قُلِ اللَّـهُ}.
    القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات ويقصد به إثبات أسماء الله -تعالى- وصفاته، التي أثبتها وبينها في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومنها قوله -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ (1) اللَّـهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، وعلى الإنسان يؤمن بها.
    يا شباب احفظوا أسماعكم وألسنتكم
    يا شباب الإسلام، احفظوا أسماعكم، وألسنتكم عن سماع الغيبة والنميمة والكلام المحرم أو قوله! واحذروا من سوء الظن بالآخرين! قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} (الحجرات: 12).
    من فضائل المسجد الأقصى
    من فضائل المسجد الأقصى المبارك أن الصلاة فيه مضاعفة، قال أبو ذر - رضي الله عنه -: أيهما أفضل: مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو مسجد بيت المقدس؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم الْمُصَلَّى»، وهذا معناه أن الصلاة في المسجد النبوي أربعة أضعاف الصلاة في المسجد الأقصى، ويعني أن الصلاة في المسجد الأقصى بمائتين وخمسين صلاة.
    ثمرات التوحيد
    التوحيد له فضائل وثمرات عظيمة وكثيرة في الدنيا والآخرة، وهو حق الله الأعظم على عباده، وبالتوحيد يدخل الإنسان الجنة، وبضده وهو الشرك يدخل به النار، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه -: «يا مُعاذ، أتَدْرِي ماحَقُّ اللَّه على العِباد؟ قال: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلم، قال: أنْ يَعْبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئا، أتَدْرِي ما حَقُّهُمْ عليه؟ قال: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلم، قال: أنْ لا يُعَذِّبَهُمْ» رواه البخاري.
    تعلمت من مشايخي

    تعلمت من الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: أنّ الإسلام ليس تقييدًا للحريات، ولكنه تنظيم لها، وتوجيه سليم، حتى لا تصطدم حرية شخص بحرية آخرين عندما يعطى الحرية بلا حدود؛ لأنه ما من شخص يريد الحرية المطلقة بلا حدود إلا كانت حريته هذه على حساب حريات الآخرين، فيقع التصادم بين الحريات وتنتشر الفوضى، ويحل الفساد؛ ولذلك سمى الله الأحكام الدينية حدودًا، فإذا كان الحكم تحريما قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا}، وإن كان إيجابا قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا}.
    الإيمان أجلّ النعم وأعظمها

    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ أجلّ النعم وأعظمها، وأعظم الأهداف وأرفعها نعمةُ الإيمان؛ فبه ينال العبد سعادة الدنيا والآخرة، ويظفر بنيل الجنَّة ورضى الله -عز وجل-، وينجو من النار وسخط الجبار -سبحانه-، والإيمان هو الغاية التي خُلقنا لأجلها وأُوجدنا لتحقيقها، فأهل الإيمان هم أهل السعادة، والبعيدون عن الإيمان هم أهل الشقاء قال الله -تعالى-: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
    الفراغ داء قاتل فاحذروه!
    اعلموا يا شباب، أنَّ الفراغ داء قاتل للفكر والعقل والطاقات الجسمية؛ إذ النفس لابد لها من حركة وعمل، فإذا كانت فارغة من ذلك تبلد الفكر وتعطل العقل، وضعفت حركة النفس، واستولت الوساوس والأفكار الرديئة على القلب، وربما حدث له إرادات سيئة شريرة يُنَفِّس بها عن هذا الكبت الذي أصابه من الفراغ، وعلاج هذه المشلكة، أن يسعى الشاب في تحصيل عمل يناسبه من قراءة أو تجارة أو كتابة أو غيرها، مما يحول بينه وبين هذا الفراغ، ويستوجب أن يكون عضوًا سليما عاملاً في مجتمعه لنفسه ولغيره.
    ما الأشهر الحرم؟
    الأشهر الحرم هي شهور مباركة محددة في التقويم الهجري، اختصها الله ووردت في كتابه العزيز: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} (التوبة: 36)، وهي‏:‏ (شهر رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم)، وسميت حرما لزيادة حرمتها، وتحريم القتال فيها‏.‏
    معرفة الله غاية مطالب البرية
    إن من مقامات دين الإسلام العظيمة ومنازله العلية الرفيعة معرفةَ الرب العظيم والخالق الجليل بمعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلا، وما تعرَّف به إلى عباده في كتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، بل إنّ هذا أساسٌ من أسس الدين العظيمة، وأصل من أصول الإيمان المتينة، وقِوام الاعتقاد وأصلُه وأساسُه.
    هكذا يعلمنا الصحابة -رضي الله عنهم
    عندما سأل النجاشي -رحمه الله- جعفر بن عبدالمطلب - رضي الله عنه - عن الدين الذي اعتنقوه، فقال له جعفر - رضي الله عنه -: أيها الملك، كنا قومًا على الشرك، نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم، بعضنا من بعض في سفك الدماء، وغيرها لا نحل شيئًا ولا نحرمه، فبعث الله إلينا نبيًّا من أنفسنا، نعرف وفاءه، وصدقه، وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونصل الرحم، ونحسن الجوار، ونصلي، ونصوم، ولا نعبد غيره.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1220


    الفرقان




    الإجازة نعمة تحتاج إلى شكر وعمل
    الإجازة الصيفية من النعم التي امتن الله بها علينا، وهي تحتاج إلى شكر وعمل، فلا يضيعها الإنسان في غير ما يقربه إلى الجنة ويباعده عن النار؛ لذلك فإن أبواب استثمار وقت الإجازة كثيرة جدا ولا سيما للشباب والفتيات؛ فعليهم أن يجتهدوا في تحصيل أكبر فائدة دينية ودنيوية مباحة في تلك الأوقات الثمينة.
    الشباب واستثمار الإجازات
    ها هو ذا العام الدارسي على وشك الانتهاء بما فيه من تعب ونصب، وجد اجتهاد، وجميع الشباب الآن يفكرون في كيفية قضاء الإجازة الصيفية، وكيف يستفيدون من أوقاتهم الكثيرة؟ وهنا تختلف الهمم والإرادات. فبعضهم يستغل الإجازة في اللعب واللهو والنوم، وبعضهم الآخر يقسم وقته فيما يعود عليه بالفائدة في دينه ودنياه، وإذا عرف المسلم قيمة الوقت وأهميته حرص عليه وعزَّ عليه ضياعه وفواته، ولأهمية الوقت فقد أقسم الله -تعالى- به في آيات عديدة منها: {وَالعَصْر}، {والضُّحَى}، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} (الليل: 1، 2)، {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (التكوير: 18)، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (الشمس: 1)، {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} (التكوير: 17)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ منَ الناس: الصِّحة والفراغ»؛ لذلك فإن الاستغلال الأمثل للإجازة يكون في طاعة الله -عزوجل-، من: تلاوة القرآن وحفظه، وطلب العلم، والمشاركة في الدورات الشرعية، والدعوة إلى الله، وزيارة العلماء والدعاة، والصالحين والأقارب والأرحام، وإخوانك المسلمين، والمشارَكة في الأنشطة التعليميَّة المُفيدة، ولا بأس بالترفيه المباح إذا انضبط بضوابط الشرع، والسفر المباح للترويح عن لنفس، والاشتراك في النوادي الإسلامية، والبرامج الصيفية النافعة والمفيدة.
    أفكار لإجازة مفيدة
    (1) تعلم مهارة جديدة: لكل منا مهارات حياتية معينة يرجو إتقانها، وتُمثل الإجازة فرصة لاكتساب هذه المهارات وتطويرها. (2) تعلم البرمجة: تُعدّ البرمجة من أكثر المهن التي ستزداد أهميتها في المستقبل، وفي أيامنا هذه لم يعد الأمر صعبًا؛ فالأطفال الصغار يتعلمونها في المدارس وعلى الإنترنت. (3) شاهد محتوى مفيدا: فلا تقع فريسة للمحتوى التافه على يوتيوب، وشاهد محتوى ينمي معارفك ويوسع أُفقك. (4) تطوع في أعمال خيرية: إذا أردت صقل خبراتك الإنسانية ومساعدة الفئات الأكثر احتياجًا في مجتمعك، اشترك في إحدى الأعمال التطوعية المنتشرة في بلدك وهي كثيرة ولله الحمد. (5) مارس الرياضة: تُعدّ ممارسة الرياضة بمختلف أنواعها إحدى أكثر الأساليب المُهمّة والفعّالة لضمان الحفاظ على الصحة البدنية والعقلية؛ إذ تتعدّد فوائد الرياضة على الصعيدين النفسي والجسدي.
    أهم محاذير الإجازة
    أخطر ما في الإجازة الصيفية مرافقة أصدقاء السوء، فكَمْ مِن إنسان كان صالحاً ناجحاً مُسدَّداً أَخْلَد إلى الدَّعة والكَسَل بسبب صديقه ورفيقه! وكَمْ مِن إنسان مُهذَّب مُؤدَّب تَغيَّرتْ أخلاقُه، وفَسَدَتْ طِباعُه بسبب جليسه وصديقه! قال - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجليس السَّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحاً خَبِيثَةً».
    نصيحة الشيخ ابن باز للشباب

    قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: أنصح أبنائي في الإجازة أن يستغلوها في كل ما يرضي الله: في حفظ القرآن الكريم والإكثار من تلاوته، وفي عمارة المكتبات للمطالعة والاستفادة بحضور المحاضرات العلمية والندوات المفيدة، وفي التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه، وفي النصائح، إلى غير هذا من وجوه الخير، كالتزاور في الله فيما بينهم في أنحاء هذه البلاد؛ لأنها فرصة ينبغي أن تستغل في الخير.
    محطات من تاريخ المسجد الأقصى
    في عام 583هـ استطاع السلطان صلاح الدين الأيوبي أن يخلص مدينة القدس من أيدي الصليبيين ويرجعها إلى حوزة المسلمين، وحمل معه إلى المسجد العديد من المصاحف، وأوقف عليه أوقافًا لإصلاحه وترميمه، وسجَّل هذه الأعمال على المحراب الأصلي للمسجد، وكان السلطان نور الدين محمود قد بنى منبرًا للمسجد الأقصى، لكن المنية وافته قبل أن يحضره إلى المسجد، فلما انتصر صلاح الدين الأيوبي، وعادت القدس للدولة الإسلامية أحضر صلاح الدين هذا المنبر من حلب ووضعه في مكانه إلى جدار المحراب، ومن المؤسف أن اليهود قاموا بإحراق هذا المنبر عام 1969م، فبيت المقدس فتحه عمر - رضي الله عنه -، وحرره صلاح الدين -رحمه الله-، فمن له اليوم؟
    اعرف شرف زمانك
    يقول ابن الجوزي - رحمه الله -: «ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل».
    فن التواصل مع الآخرين
    يُعد التواصل مع الآخرين بأمانة وصدق من الأخلاقيات التي حثَّ عليها الإسلام؛ حيث أكد ضرورة إحياء الروابط الإنسانية وزرع المحبة وتنميتها في النفوس، لتؤدي بدورها إلى تقوية التعاون في إطار العلاقات الطيبة البناءة، ومن ثم خَلق مجتمعات فاضلة متماسكة ومتمسكة بدينها وقيمها، وفي الوقت نفسه تخلو من المنازعة والمشاجرة.
    الاستجمام باللهو غير المحرم
    قال أبو الدرداء: «إني لأستجم نفسي بشيء من اللهْو غير المحرَّم، فيكون أقوى لها على الحق»، وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: «روِّحوا القلوب، فإنها إذا أكرهتْ عميتْ»، وقال - أيضًا -: «أجمُّوا (روِّحوا) هذه القلوب، والتمسوا لها طرائفَ الحكمة؛ فإنها تملُّ كما تمل الأبدان».
    وقت الإنسان هو عمره الحقيقي
    قال الإمام ابن القيم - رحمه الله يبين لنا هذه أهمية الوقت-: «وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمرُّ مرَّ السحاب، فمن كان وقته لله، وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوباً من حياته.... فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير من حياته».



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1221


    الفرقان




    الدعاء من أسباب الثبات
    من أهم أسباب الثبات والاستقامة في زمن الفتن والمتغيرات، سؤال الله -عزوجل-، والإلحاح عليه بطلب الهداية والاستقامة والثبات؛ فهو القائل لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} (الإسراء: 74).
    من محفزات الشباب للاستقامة
    روى الإمام مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبدالله الثّقفيّ قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك، قال - صلى الله عليه وسلم -: «قل: آمنت بالله، ثمّ استقم»؛ لذلك على الشباب أن يحرص على هذه الاستقامة بكل الوسائل والسبل، وأهم هذه الوسائل أن يدرك حقيقة الاستقامة وأهميتها، ويضع نصب عينيه بعض الأمور الآتية: الشاب المستقيم في ظل عرش الرحمن يوم القيامة: قال رسول -صلى الله عليه وسلم -: «سبعةٌ يظلُّهم الله -تعالى- في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: وذكر منهم: وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله».
    أن ندرك أنَّ مَن شَبَّ على شيء شاب عليه: ومَن شاب على شيء مات عليه؛ لذلك قال الشافعي:
    وَمَن فاتَهُ التَعليمُ وَقتَ شَبابِهِ فَكَبِّر عَلَيهِ أَربَعًا لِوَفاتِهِ الشباب سريع الزوال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه-: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».
    الصحة نعمة ينبغي أن تغتنم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ».
    الشباب موضع سؤال يوم القيامة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربِّه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟ وماله من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم».
    العوامل المعينة على الاستقامة والثبات
    من العوامل المعينة للشباب على الاستقامة والثبات ما يلي: تقوية الوازع الديني، وحسن الصلة بالله، والتحصُّن بالإيمان بغرس العقيدة الصحيحة في نفوس الناشئة.
    الفهم السليم للدين، والتصوُّر الصحيح للاستقامة، والتسلُّح بالعلم النافع وفهم السلف خيرُ معين، والتعلُّق بالقرآن صمام الأمان.
    الوسطية والاعتدال، واجتناب الغلوِّ والتنطُّع.
    فهم الواقع، ومعرفة مكائد الأعداء ومصائدهم.
    مجالسة أهل الخير، والحرص على الرُّفقة الصالحة؛ فالإنسان ابن بيئته.
    قراءة سير الأنبياء والمرسلين، وتصفُّح حياة شباب الإسلام من الصحابة والتابعين وعلماء الأمة، والاقتداء بهم، وجعلهم مثلًا أعلى.
    حقيقة الاستقامة
    إنَّ الاستِقامة هي لُزُوم طاعة الله -عزوجل-، وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن جوامِع كلامه -صلى الله عليه وسلم -: قولُه -للصحابي سفيان بن عبدالله - رضي الله عنه - حين سألَه قائلًا: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرَك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «قُلْ: آمنتُ بالله، ثم استقِمْ»، أي: استَقِم بعد الإيمان بالله، وهو لُزُوم طاعة الله؛ حيث لا يجدك حيث نَهاك، ولا يفقدك حيث أمرك.
    حافظ على فرائض الإسلام
    من وصايا الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر للشباب: عليك -أيها الشاب-، أن تكون محافظًا تمام المحافظة غلى فرائض الإسلام وواجبات الدين ولاسيما الصلاة؛ فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل، ومعونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل، وعليك -أيها الشاب- أن تكون مؤديا حقوق العباد التي أوجبها الله عليك، وأعظمها حق الأبوين؛ فإنه حق عظيم أوجبه الله -عز وجل- على عباد
    الشباب وقضاء حوائج الناس
    أكد الله- عز وجل- في القرآن الكريم أن قضاء حوائج الناس من أبواب الفلاح، فأوصى بذلك في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج: 77)، وقضاء الحاجة للآخرين من أبواب التعاون على الخير، قال -سبحانه-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة: 2)، ولا شك أن الشباب لديه من الطاقة والقوة والحماس ما يجعله أولى الناس بهذا الخلق العظيم، والقيمة السامية.
    مواقف خالدة لصحابة النبي - صلى الله عليه وسلم
    عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أنه قال: كنت بارًّا بأمي، فأسلمت، فقالت: لتدعنَّ دينك، أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتُعيَّر بي، ويقال: يا قاتل أمه، وبقيت يومًا ويومًا، فقلت: يا أماه، لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، ونزلت: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (العنكبوت: 8).
    من الأخطاء التي يقع فيها الشباب
    من الأخطاء التي يقع فيها الشباب إساءة استخدام وسائل الاتصال الحديثة؛ مما يترتَّب عليه كثير من المفاسد في الدين والدنيا، فيجلس أحد الشباب بمفردِه في غرفته ويُغلِق الباب على نفسه، ليشاهد المواقع الإباحية التي تنشر الرذيلة بين الناس، وينسى هذا الشابُّ أن الله -تعالى- يراه، قال -سبحانه-: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (غافر: 19).
    عطِّر فمك بذكر الله
    ذِكر الله من أعظم الأعمال المُثبتة للعبد، فبذكر الله يتجدَّد الإيمان وتجدَّد الصِّلة بالله -تعالى-، أخرج الإمام أحمد والنسائي وابن حبان في «صحيحه» من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «استكثِروا من الباقيات الصالِحات» قيل: وما هنَّ يا رسول الله؟ قال: «التكبير والتسبيح والتهليل والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله». قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: «إذا انكشف الغطاء يوم القيامة عن ثواب أعمال البشر، لم يروا ثوابًا أفضل من ذكر الله -تعالى-، فيتحسر عند ذلك أقوام فيقولون: ما كان شيء أيسر علينا من الذكر».
    يا شباب: احذروا التكبر على الناس!
    بعضُ الشباب يُعجَب بنفسه، فيتكبَّر على الناس بعائلته، أو بعلمه، أو بماله، أو بجماله، أو بقوَّته، أو بغير ذلك، هذا أمر خطير؛ لأنه ينشر الحقد والحسد والكراهية بين الناس، وليَعلَمِ الشابُّ أن كل هذه الأمور هبةٌ مِن عند الله -تعالى-، فيجب عليه أن يشكر الله -تعالى- على فضله، ولا يستخدم نعمة الله في التكبُّر على غيره من الناس، ولقد حذَّرنا نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم - من التكبر على الناس، روى مسلم عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يدخلُ الجنةَ مَن كان في قلبه مثقال ذرة مِن كِبْرٍ»، قال رجلٌ: إن الرجل يحبُّ أن يكونَ ثوبُه حسنًا ونعله حسنةً؟ قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكِبْر بَطَرُ الحقِّ، وغَمْطُ الناس».



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #71
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1222


    الفرقان




    قاعدة مهمة في حسن الخلق
    من القواعد المهمة في حسن الخلق عدم مقابلة السيئة بالسيئة، ولكن مقابلة السيئة بالحسنة، مما يترتب عليه احتواء المسيء وتجاوز الإساءة، فعلى الشباب أن يضبطوا انفعالاتهم وردود أفعالهم، فيقابلوا الغضب بالهدوء، والكلمة الطائشة بالكلمة الطيبة، والنبرة الصاخبة بالنبرة الهادئة، والجبين المقطب بالبسمة الحانية، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «ليسَ الشَّديدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّديدُ الَّذي يملِكُ نفسَه عندَ الغَضبِ».
    صفات يجب أن يتحلى بها الشاب المسلم
    الشابُّ المسلم الدَّيِّن لابد أن يكون رحيمًا في كلامه، مُهذَّبًا في أقواله، حليما في أفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، لقول الله -عز وجل- لنبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم -: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: 159)، «ولَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا»، ولا يغضب، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم - أَوْصِنِي، قَالَ: «لَا تَغْضَب، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ»، وإذا غضب لا يغضب إلَّا لدين الله -عز وجل. والشاب المسلم الدَّيِّن متواضَع، لأنه يعلم أن التواضُع من شِيَم الكِبار، وما تواضَعَ عبدٌ إلَّا رَفَعَه الله، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ»، وإذا تكلَّم لا يتكلم إلا بالحقِّ والصِّدْق، لقول الله -عز وجل-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق: 18). وشعاره الرفق واللين، فالله يقول لموسى وهارون -عليهما السلام لما أرسلهما إلى طاغية الأرض فرعون- قال -تعالى-: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه: 44)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - مادِحًا للرِّفْق ذامًّا لغيره: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ»، فلا يقابل السيئة بالسيئة، وإنما يقابلها بالحسنة؛ لأنه يريد أن يكون من ذوي الحظ العظيم، كما قال الله: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34، 35)، ولا يرفع صوته على أبٍ أو أمٍّ، لقوله -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23).
    قدوتنا في مكارم الأخلاق
    الشابُّ المسلم لابد له أن يقتدي بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل شؤونه وأحواله، ومن ذلك اقتداؤه به في مكارم الأخلاق ورفيع الآداب، فهو شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، الذي كان خُلُقه عظيمًا بشهادة الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، وكان -صلى الله عليه وسلم - خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ»، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال في التفضيل بين الصحابة: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ - أي: أفضلكم - أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا»، فالشابُّ الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم -، لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول -صلى الله عليه وسلم - كما قال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا».
    الشباب والفراغ
    الفراغ هو ذلك الغول المخيف الذي يفترس الإنسان العاطل، وهو من أقوى أسلحة الشيطان ضد الشباب، ولا سيما في فترة الإجازة الصيفية، التي تعد من أهم الأوقات التي ينبغي للشباب استغلالها استغلالا حسنا، ولكن المشكلة تكمن في عدم وجود خطط أو برامج نافعة، حتى يستغل الشباب هذه الأيام وتلك الساعات الاستغلال الأمثل، فعليهم أن يدركوا أن الوقت من النعم التي لا يشعر بها الإنسان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»، وأن هذا الوقت إذا لم تشغله بالحق والأمور النافعة، سيشغل بالباطل والأمور التافهة، فالشاب الرابح في الإجازة هو مَن عمَّرها بالنافع المفيد، فاكتسب علما، أو تعلم حِرفة، أو أتقن مِهنة، أو حفظ آية، أو علم حديثا، أو قرأ كتابا نافعا، أو التحق بمركز صيفي يزيده إيمانا وثقافة، ويكسبه مهارة، ويملأ وقته بالمفيد.
    من مقاصد العيد

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من المقاصد المهمة للعيد: تقوية الأخوة الإيمانية بين المسلمين، وطرح الخلافات جانبًا؛ فإنّه يوم الصَّفاء، يوم النَّقاء، يوم الإخاء، يوم الصِّلات، يوم السَّلام؛ فواجب على كلِّ مسلم وعلى الشباب خاصة في هـذا اليوم المبارك أن يحرصوا أشدّ الحرص على تقوية صلتهم بإخوانهم، زيارةً ومودّةً ومحبّةً ودعاءً واطّراحًا لما قد يكون بين المتآخين من شقاق وخلاف، وإذا لم يُطّرح الشِّقاق والخلاف في مثل هـذا اليوم المبارك فمتى يطّرح؟!
    بر الوالدين سعادة في الدنيا والآخرة
    اعلموا -يا شباب-، أنَّ من أحب ما أنفقت فيها الأيام والليالي بر الوالدين؛ فإن المسلم يحرص ولا سيما في العطلة وفي هذه الأوقات التي لديه فيها متسع على إدخال السرور على الوالدين، وأن يقضوا حوائجهما وأن يستغلوا هذه الفترة من الفراغ في القرب منهم، حتى ولو فاتك الأصحاب والأحباب، ولو فاتتك الزيارات والسفرات، عليك أن تحرص على إرضائهما؛ فذلك خير لك في الدين والدنيا.
    أفكار لاستثمار الإجازة الصيفية
    الحرص على الدورات في المراكز الصيفية والمساجد.
    مزاولة الرياضة مع الالتزام بالآداب الشرعية.
    وضع أهداف محددة لحفظ القرآن الكريم وعدد من الأحاديث النبوية.
    المشاركة في الرحلات الدعوية.
    اختيار عدد من الكتب النافعة لقراءتها وجعلها خير جليس.
    كن طالب علم نافعا
    إنّ خير ما ينفق فيه الشباب أعمارهم وأحب ما يمضي فيه ليلهم ونهارهم طلب العلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة»، فطلب العلم رحمة من الله -سبحانه وتعالى- ومنَّة وفضيلة إذا اصطفى الله-عزوجل - لها العبد، فقد اختاره لخير الدنيا والآخرة، قال -صلى الله عليه وسلم -: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين»، فأنت أيها الشاب طالب علم ما جالست العلماء، وذاكرت طلاب العلم والفضلاء، وأنت طالب علم ما فتحت كتابًا تستفيد منه حكمةً أو تقرأ فيه آية أو يُشرح لك فيه حديث من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم .
    ما أجمل أعياد المسلمين!
    من الأمور المهمة التي يجب أن يعلمها الشباب، أن لكل أمة من الأمم أعيادًا مختصة بهم، تتناسب مع عقائدهم، ويبقى أن أعياد المسلمين تتميز بأنها عبادة لله -تعالى-، تتلألأ بصفاء الإيمان ونقاء العقيدة والتوحيد وكمال الطاعة لله -عزوجل-، شُرع لنا فيها مظاهر مباركة، منها: الاجتماع والألفة، والتحاب في الله، والاجتماع لصلاة العيد، والتواصل والتزاور والتصافي والتحاب، فما أجملَ هذا العيد! وما أحسنَ كماله! وما أروعَ بهاءه وحسنه وجماله! فشتان بين أعياد المسلمين وبين أعياد غيرهم.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #72
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1223


    الفرقان



    غض البصر عفة
    إن إطلاق البصر إلى ما حرم الله من أعظم أسباب الوقوع في الفواحش، ولهذا أمر الله بغض البصر: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (النور:30)، ولما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نظر الفجأة قال: «اصرف بصرك». فمن غض بصره عف فرجه.
    الشباب وخلق العــفاف
    العفاف كلمةٌ عظيمة ومطلبٌ جليل، أمر الله -عزّ َوجل- عباده به، وأمر به نبيُه - صلى الله عليه وسلم -، ويترتب على العفاف من الآثار والخيرات الغِزار في الدنيا والآخرة ما لا يحصيه إلا الله -تعالى- قال الله -عز وجل-: وَلْيَسْتَعْفِف ِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (النور:33)، أي ليعمل كلُّ مسلم وليسْعَ لتحقيق العفاف والبعد عن نواقضه ونواقصه، وليجاهد نفسه على ذلك، والله معه مُعِينًا ومسدِّدًا وحافظاً ومغْنيا، فجاهد نفسك يا بني واستعن بالله، وتوكل عليه وكفى بالله وكيلاً، وهذه بعض النصائح المهمة التي سوف تعينك - بعد توفيق الله - على العفاف وهي كما يلي: اللجوء إلى الله -تعالى- فهو يجيب المضطر إذا دعاه.
    الإخلاص لله فإنه -سبحانه- يصرف عن المخلصين السوء والفحشاء.
    الحرص على غض البصر ومراقبة الله في السر والعلن.
    شغل النفس بالمفيد قبل أن تشغلك بالسوء.
    تجنب الوحدة، فإن الشيطان مع الواحد، والوحدة خير من جليس السوء فابحث عن الصالحين وصاحبهم.
    توجيه طاقاتك إلى الخير والعلم والعمل.
    المواظبة على الصلاة والإكثار من تلاوة القرآن.
    الإكثار من الصيام وكثرة الصلاة والذكر والقيام.
    من أسس النجاح في الحياة
    عليك بتقوى الله -تعالى- فهي خير زاد، وأفضل وصية، فالله -تعالى- يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (1) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} (الطلاق 1-2)، ويقول -تعالى- أيضا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } (الطلاق:4).
    املأ قلبك بمحبة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثم محبة أبويك ومن حولك، فالحب يورث الطمأنينة، والكراهية تملأ القلوب تعاسة وشقاء.
    اجعل حبك لنفسك يتضاءل أمام حبك لغيرك، فالله -تعالى- يقول: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (الحشر 9)، والسعداء يوزعون الخير على الناس، فتتضاعف سعادتهم.
    لا تذرف الدموع على ما مضى، ولا تبك على اللبن المسكوب، بل ابذل جهدا إضافيا حتى تعوض الذي ضاع منك، وتذكر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان».
    سلامة العقيدة
    على الشباب أن يدركوا أن من أهم أسباب اكتساب محاسن الأخلاق سلامة العقيدة، فالسلوك- في الغالب- ثمرة لما يحمله الإنسان من فكر، وما يعتقده من معتقد، وما يدين به من دين، والانحراف في السلوك إنما هو ناتج - في الغالب - عن خلل في المعتقد، ولا شك أن هناك ارتباطا وثيقا بين الأخلاق والإيمان، فأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا، فالعقيدة الصحيحة تحمل صاحبها على مكارم الأخلاق من صدق، وكرم، وحلم، وشجاعة، ونحو ذلك، وهذه العقيدة الصحيحة تمنع صاحبها من كثير من مساوئ الأخلاق من طغيان وكذب وكبر وجهل وظلم، وغيرها.
    نصائح مهمة للشباب
    من النصائح المهمة التي يجب على الشباب أن يتحلى بها ولا سيما في هذه الفترة الحركة التي تمر بها الأمة هي التحلّي بالوعي، والانطلاق في سبيل الدّعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والخوض في النّقاشات المعرفيّة المثمرة والهادفة، وتغليب مصلحة الإسلام على ما عداها، وعدم الانشغال بالأمور الهامشيّة والجزئيّة على حساب قضايا الأمَّة، فالشّباب يمثّلون طاقة الأمَّة، وعليهم توظيف كلّ ذلك في خدمة الإسلام، فلا يضيّعوا أوقاتهم في الفراغ والعبث واللّهو واللاجدّيّة، فيصبحوا بالفعل من قاتلي الوقت المحترفين، بدل أن يكونوا العاملين على استنفاده بكلّ خير ووعي.
    عبرة وعظة

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: رأيتُ في قريةٍ صغيرةٍ شرق المدينة حبلًا ممدودًا من بيت إلى باب المسجد فسألتُ عنه، فقيل: هذا بيتُ رجلٍ كبير سنٍّ كفيفِ البصر ليس له قائدٌ، فيُمسك بهذا الحَبل عند كلِّ صلاةٍ ذهابًا للمسجد وإيابًا لبيته، فما حال معاشِر الشَّباب الأصِحَّاء الأقوياء المبصِرين؟!
    الإجازة استراحة لا بطالة
    كثير من الشباب يفهم الإجازة الصيفية فهمًا خطأ، فمفهومُها عندهم مرتبط باللهو واللعب، والنوم والمرح، والسفر والسهر، أو تسكع في الأسواق وأماكن التجمعات، أو جلوس وقبوع أمام الشاشات والفضائيات، أو حتى جلوس على المقاهي إلى أول ساعات النهار، إلا أنَّ الإجازة في حقيقتها استراحةُ محارب يطلب فيها إراحةُ الأبدان، وتصفيةُ الأذهان، وتعليلُ النفس، واستعادةُ النشاط، ودفعُ الكآبة، ورفعُ الملل والسَّآمة، ليعودَ بعدَها الطالبُ إلى مقاعِدِ الدِّراسة، والموظف إلى كرسي العمل بهمَّة وقَّادة، وعزيمةٍ وثَّابة، وإقبال ونشاط، في غير كلل ولا ملل.
    الفراغ داء قاتل للفكر والعقل

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الفراغ داء قتَّال للفكر والعقل والطاقات الجسمية؛ إذ النفس لابد لها من حركة وعمل، فإذا كانت فارغة من ذلك تبلد الفكر وثخن العقل، وضعفت حركة النفس، واستولت الوساوس والأفكار الرديئة على القلب، وربما حدث له إرادات سيئة شريرة يُنَفِّس بها عن هذا الكبت الذي أصابه من الفراغ.
    الإجازة جزء من حياتك
    إن الإجازة جزء من حياة الإنسان، وإن كان لا يذهب فيها إلى الدراسة والعمل، فهي محسوبة من عمره، مكتوب عليه عمله، ومسجل عليه قوله، ومرصود عليه فعله وجميع أمره، وسيحاسب عليها أمام الله كما سيحاسب عن بقية عمره ففي الحديث الشريف «لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه».
    حافظ على صديقك الصالح
    قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: « الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، وإذا حاز الشاب صاحبًا صالحًا فعليه أن يتمسك به وأن يتجنب كل ما يفسد علاقته به، فعليه ألا يعاتبه في كل صغيرة وكبيرة، وأن يغض الطرف عن زلاته؛ فإن الكمال لله -تعالى- وحده، حافظ عليه فإنك إن ضيعته فقد لا تجد من يشاركك هموم الحياة ويدلك على الخير، قال أحد الصالحين: «عليك بصحبة من إذا صحبته زانك، وإن غبت عنه صانك، وإن احتجت إليه عانك، وإن رأى منك خلة سدها أو حسنة عدها وأصلحها».

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #73
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1224


    الفرقان




    كمال الأخلاق من كمال الإيمان
    كمال الأخلاق من كمال الإيمان، ونقصها من نقص الإيمان؛ فالمؤمن حين يتحلى بحسن الخلق طاعة لله -تعالى-، فإنما يدفعه لذلك إيمانه بأنه مأمور بحسن الخلق، مثاب عليه، معاقب على تركه. وارتباط الأخلاق بالإيمان وثيق جدا؛ ولذا نُفي كمال الإيمان عن جملة من الناس ساءت أخلاقهم.
    عمرك هو رأس مالك
    على الشباب أن يعلموا أن أعمارهم هي رأس مالهم الذي يتاجرون فيه مع ربهم، وهو كنزهم الذي يشترون به جنة الخلد ورضا الرب. فإذا ضاع هذا العمر في غير ما وضع له كانت هي الخسارة التي لا تعوض ولا تضاهيها خسارة أصلا، وعند السؤال يظهر الربح من الخسران، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تزولُ قدَمُ ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ من عندِ ربِّهِ حتَّى يسألَ عن خمسٍ: عن عمرِهِ فيمَ أفناهُ؟ وعن شبابِهِ فيم أبلاَهُ؟ وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ؟ وماذا عملَ فيما علِمَ؟»، فأصل العمر أنه وعاءُ العمل، أعطاه الله للإنسان ليعمل فيه ما يربح به عند لقاء الله، فقيمة ما عاشه الإنسان هو قيمة ما استعمله من العمر في طاعة ربه، فليس طول العمر بكثرة الشهور والأعوام، وإنما بقدر الوقت الذي أطيع الله فيه.
    الإجازة والفراغ
    لئن كان الإنسان يحصل في الإجازة شيئًا من الفراغ، فينبغي أن يعلم أن الفراغ نعمة من الله كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، والنعم ينبغي أن تشكر لا أن تكفر، وشكر هذه النعمة بأن تستغل في طاعة الله، وتحصيل رضاه، وفيما يقرب من جنته ويبعد عن ناره، وفيما يحقق سعادة الدنيا والآخرة. وإلا كانت الخسارة والغبن، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نِعمتانِ مغبونٌ فيهِما كثيرٌ من النَّاس: الصِّحَّة والفراغ».
    كيف تختار تخصصك الجامعي؟
    يصعب على كثير من الطلاّب اختيار المسار الجامعي؛ مما تراهم يبحثون بطريقة مكثّفة في مواقع الويب المختلفة عن طرائق سليمة في اختيار المسار الجامعي؛ لذا عندما تقرّر في اختيار تخصصك احرص دائما على اختيار المجال الذي تفضّله؛ لأن الإنسان -بطبعه- يبدع في الشيء الذي يحب، وهذه أهم الإرشادات اللازمة عند اختيار التخصّص الجامعي: التعرّف على القيم والاهتمامات قبل اختيار تخصص ما.
    القيام بتحديد المهارات الشخصيّة والقدرات الذهنية والمادية.
    البحث عن المجالات الوظيفية المترتبة على التخصص المختار.
    قياس درجة صعوبة دراسة التخصص المختار.
    الأخذ بالاستشارات السليمة من المختصّين الأكاديميين.
    بين الطاعة والمعصية
    لما كانت الطاعة بتوفيق الله -سبحانه وتعالى-، ويحبها ويأمر بها، فإن كل ما اتصل به -سبحانه- فهو مبارك، والعكس بالعكس، فالمعصية متصلة بالشيطان، ويدعو إليها، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ}(ال نور:21)، وكل شيء تعلق بالشيطان فهو ممحوق البركة.

    أعظم أنواع العبادة
    قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: أعظم أنواع العبادة أداء ما فرضه الله -تعالى- وتجنب ما حرمه، قال - صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزوجل-: «وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه»، فأداء الفرائض أفضل الأعمال كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «أفضل الأعمال أداء ما افترض الله، والورع عما حرم الله وصدق الرغبة فيما عند الله»، وأعظم فرائض البدن التي تقرب إلى الله -تعالى- الصلاة، ولكن هذه الصلاة خف ميزانها اليوم عند كثير من الناس كما قال -تعالى-: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} (مريم:59-60).

    الوقت غنيمة فلا تضيعه
    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: يتضايق بعض الناس من الوقت، فيعمل على تضييعه حتى في الحرام؛ ولهذا تجد عند بعض الغافلين التعبير بكلمة «قتل الوقت» كأنه عدو!، والوقت غنيمة وما ذهب منه لا يعود، والعاقل هو من يغتنم أوقاته ويحاذر من قتلها وتضييعها.
    من حقوق الطريق كف الأذى
    كف الأذى، كلمة جامعة تتناول كل أذى بالقول أو الفعل أو الإشارة أو حتى مجرد النظر، ومنه أذى الناس بالسيارات، وترويعهم بها، والاعتداء على حقوقهم، كمن يتجاوزهم وهم منتظمون صفا عند إشارة أو في زحام فيحشرهم بسيارته، ويتقدم عليهم ويعطلهم، فهذا من الأذى، وكذلك أذية الناس باللعب في طرقهم، وإزعاجهم بالصراخ أو الصفير، أو رفع أصوات المذياع، فتوقظ النائم، وتضجر المريض، ولا سيما إذا كان صوتا محرما من غناء وموسيقى صاخبة.
    المعاصي تمحق البركة
    المعاصي والذنوب لها أثر عجيب على قلب العبد وجسده، وعلى دينه ودنياه، وعقله، وعمره وعمله، وأثرها في القلب أعظم من أثر المرض على البدن؛ فالمعاصي تمحق البركة من كل ما حولها، حتى لا تكاد تجد أقل بركة في عمر الإنسان ودينه ودنياه.
    ضرر المعاصي وأخطارها
    من أَضرار المعاصي وأخطارها أنها يولِّد بعضُها بعضا، ويدعو بعضُها إلى بعض، حتى يألفها القلب، فتصير له عادة ثابتة، وهيئة راسخة، وصفة لازمة، فيعز على العبد مفارقتها والخروج منها، ولو أنه عطَّلها وغاب عنها وأقبل على الطاعة، لضاقت عليه نفسُه وضاق صدره، إلى أن يعاودها، حتى إن كثيرا من الفسَّاق ليواقع المعصيةَ من غير لذةٍ يجدها، ولا داعيةٍ إليها، إلا ما يجد من ألم فقدها، فتتولد عن المعصية معصية، ومع الذنب ذنب، وهذا معناه ضياع عمر أطول وفوات زمن أكثر، وخسران أوقات أكبر في غير طاعة.
    أخطاء يقع فيها الشباب
    من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الشباب إساءة استخدام وسائل الاتصال الحديثة، مما يترتَّب عليه كثير من المفاسد في الدين والدنيا، فيجلس الشباب بمفردِه في غرفته الساعات الطوال يقلب الصفحات والمواقع، وينسى هذا الشابُّ أن الله -تعالى- يراه، ويعلم سره ونجواه، قال -سبحانه-: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (غافر:19)، في الوقت الذي يستطيع هذا الشاب أن يستخدم تلك الوسائل فيما ينفعه في أمور دينه ودنياه.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #74
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1225


    الفرقان




    نفسك على ما عودتها
    إن النفس إذا عودتها المعالي تعوَّدَتْها، وإذا نزلت بها إلى السفاسف ربما رضيتها وقبلتها، فاسمُ إلى المعالي والقمم، وإياك والرضى بالدون فإن الراضي بالدون دنيء، واعلم أن أعلى المطالب وأزكاها أن تطلب الله ورضاه، وتسعى لتحصيل جواره ليس في الجنة فحسب، بل في الفردوس الأعلى، فإنه أوسط الجنة وأعلاها، وسقفه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة.
    الشباب وطلب المعالي
    قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ يُحِبُّ معاليَ الأمورِ وأشرافَها ويكرَهُ سَفْسافَها»، ومعالي الأمور: هي الأمور رفيعة القدر عالية الشأن، سميت بذلك؛ لأنها تُعلي شأنَ أصحابها في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا. والسفاسف أو السفساف: هي التوافه، والأمور الحقيرة والدنيئة، وهي الحقير والتافه من الأقوال والأعمال والمطالب والاهتمامات، ولا يهتم الشاب بمعالي الأمور إلا إذا علت همته وسمت نفسه وروحه، ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم - يربي أصحابه على علو الهمة وطلب المعالي والسعي إلى المراتب الجليلة، وكان يحزنه أن يجد أحدا من أمته على خلاف ذلك، ومما يروى في طلب المعالي أنَّ عكاشة بن محصن - رضي الله عنه - كان في مجلس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعه يقول: «يَدْخُلُ مِن أُمَّتي الجَنَّةَ سَبْعُونَ ألْفًا بغيرِ حِسابٍ»، فتطلعت همته ليكون واحدًا منهم، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت منهم، ففاز بها ونجا من الحساب ببركة نيته وعلو همته، ومما يجب أن يعلمه الشباب أنَّ المعالي إنما تنال بالسعي والعمل، لا بالأماني والكسل، فالأماني رأس مال المفاليس، قال ربيعة للنبي -صلى الله عليه وسلم -: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: «أعني على نفسك بكثرة والسجود»، وقال لابن عمر: «نعم الرجل عبدالله.. لو كان يقوم الليل»، وإنما كان أبو بكر - رضي الله عنه - أفضل هذه الأمة؛ لأنه كان أعلاهم همةً وأحسنَهم عملا، قال علي وعمر -رضي الله عنهما-: ما سابقنا أبا بكر إلى خير إلا سبقنا إليه، فإذا أردت أن يحبك الله فاطلب المعالى واسعَ إليها، ودعِ السفاسفَ وترفعْ عنها، فـ «إنَّ اللهَ يُحِبُّ معاليَ الأمورِ وأشرافَها ويكرَهُ سَفْسافَها».
    التوازن والوسطية في حياة الشباب
    رّبَّىَ النبي - صلى الله عليه وسلم- أصحابه ولا سيما الشباب منهم على الوسطية والاعتدال، وكان - صلى الله عليه وسلم - يُقَوِّم كل توَّجّه غير صحيح، أو تفكير خطأ، أو ممارسة سلبية، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «جاء ثلاثة رهط -جمع دون العشرة من الرجال- إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم-، فلمّا أخبروا كأنّهم تقالّوها (استقلوها)، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم-، قد غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر؟! قال أحدهم: أمّا أنا فإنّي أصلّي اللّيل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدّهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النّساء فلا أتزوّج أبدا، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال: أنتم الّذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوّج النّساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي» رواه البخاري.
    حقائق وواجبات
    على الشباب أن يعلموا أن أمتهم هي خير أمة أخرجت للناس، وأن هذه الخيرية ثابتة لها ما دامت متمسكة بدينها، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.
    على الشباب أن يكون همهم -بعد إصلاح أنفسهم- إصلاح الآخرين، وتعبيد الناس لرب العالمين، وليحذروا أن يكونوا دعاة سوء؛ فيكون عليهم وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
    على الشباب أن يعرفوا ما لوطنهم من الحق فهو بلد الإسلام الذي ولدوا فيه، وعلى أرضه نشؤوا، وأن عليهم لولاة أمره الطاعة في المعروف، وليحذروا أن يكونوا مصدرًا للفساد والإفساد.
    على الشباب أن يكونوا دائمي الارتباط بالله -تعالى-، من خلال أدائهم الصلاة في وقتها، وكثرة الذكر والدعاء، والاستعانة بالله -تعالى- في الأمور جميعها، والتوكل عليه، والمحافظة على الأوراد والأذكار الشرعية.
    الإيمان المستحق للنصر
    قال الشيخ عبدالله بن باز {رحمه الله-» الإيمان الشرعي الذي علَّق الله به النصر وحسن العاقبة يتضمن الإخلاص لله في العمل، والقيام بأوامره وترك نواهيه، كما يتضمن وجوب تحكيم الشريعة في كل أمور المجتمع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله -عزوجل- وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم، كما يتضمن أيضًا وجوب إعداد ما يستطاع من القوة للدفاع عن الدين.
    إكرام كبار السن من الأخلاق النبيلة
    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إنَّ من الأخلاق النبيلة والخصال الكريمة التي دعا إليها الإسلام: مراعاة قدر كبار السن ومعرفة حقهم وحفظ واجبهم؛ فالإسلام أمر بإكرام المسن وتوقيره واحترامه وتقديره، ولاسيما عندما يصاحب كبر سنه ضعفه العام وحاجته إلى العناية البدنية والاجتماعية والنفسية، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا»، وفي هذا وعيد لمن يهمل حق الكبير ويضيع الواجب نحوه بأنه ليس على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- وغيرُ ملازم لطريقته.
    من أخطاء الشباب في الصلاة
    يتساهل بعض الشباب في الصلاة بالملابس التي فيها صوَر، والصوَر منهيٌّ عنها على وجه العموم، فكيف بالمسجد! روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ» .
    أخطاء يقع فيها الشباب
    بعض الشباب لا يراعون أحوال آبائهم الماديةَ، فيحاولون تقليدَ غيرهم من الشباب في الطعام والشراب والكساء، فيُكلِّفون آباءهم فوق طاقتهم، وقد حثَّنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - على القناعة والرضا بما قسَمه الله -تعالى- لنا مِن الرزق، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «انظروا إلى من هو أسفلَ منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقَكم ، فإنه أجدَرُ أن لا تزدَروا نعمةَ اللهِ عليكم»، هذه وصية عظيمة ترسم منهجًا للمسلم ينبغي أن يلتزم به؛ لأنه بهذه النظرة سيعرف قدر نعم الله عليه، وهذا سيدعوه إلى شكرها، وعدم تقليد الآخرين في أفعالهم.
    الصديق الحقيقي
    الصديق الحقيقي لا يقتصر نفعه عليك في الدنيا وحسب، بل يتعدى نفعه عليك إلى الآخرة، وذلك عندما يلتقي أصدقاء التقوى وأصدقاء الإيمان في الجنّة، قال -تعالى-: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ} فقد جاؤوا إلى الآخرة وليس في قلوبهم أيّ حقد، بل كانت المحبّة تغمر قلوبهم، فالمحبة الحقيقية حينما تملأ قلبك فلن تجد فيه مكانًا للحقد، فالذين لا يحملون الغلّ في قلوبهم هم الأتقياء حقّاً، الذين يحبّون الله -سبحانه وتعالى- فيحبّون خلقه، {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (الحجر:47). متحابّين، يعيشون سعادة الإيمان ورضوان الله {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} (التوبة:72).



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #75
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1226


    الفرقان




    المروءة عشر خصال
    المروءة عشر خصال: الحلم، وصدق اللهجة، وترك الغيبة، وحسن الخلق، والعفو عند المقدرة، وبذل المعروف، وإنجاز الوعد، وأن تعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وألا تعمل في السرّ ما يستحيا منه في العلانية.
    المروءة من الأخلاق التي يحتاجها الشباب
    المروءة زينة للمؤمن عموما وللشباب خصوصا، بها تعلوه الهيبة والوقار، ويقبل الناس عليه محبة وألفةً ووفاءً، فالشباب صاحب المروءة لا يفعل إلا ما يزينه ويعلي شأنه، يترفع عن التصرفات المزرية؛ لأن الحياء حارس يصونه. وأول محطات المروءة للشاب هي مروءته مع خالقه -سبحانه-، الذي أحسن إليه بنعمه التي لا تعد ولا تحصى، فهل من المروءة أن يجاهر بالمعصية، أو يستكبر عن الهداية؟ ثم تأتي المروءة مع النفس، حينما يرتضي لها أجل المواضع وأزكاها، فغدت نفسه كريمة زكية نبيلة، طاهرة صافية نقية، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}، والمروءة مع الخلق، حينما يكون معهم كلؤلؤة في وسط عقد، يزينهم ولا يشينهم، يقابل إساءتهم بالعفو، ويعرض عن جهلهم عليه، ولا تستثيره طباعهم، بل يختار لهم أجمل الحديث، وطلاقة المحيا، وأحلى الابتسامات، وأرق المشاعر. إن صاحب المروءة قوي الإرادة مع الناس حينما يدعوه بعضهم إلى الحرام فيمتنع عن المسير معهم، وإن صاحب المروءة لين الجانب مع الناس حينما يوصونه بسُنَّة ويعلِّمونه هديًا.
    من أصدق مظاهر المروءة
    أيها الشباب، إن من أصدق مظاهر المروءة أن يحفظ المرء لسانه من الخوض في أعراض الناس، بل وعرض نفسه أيضًا، ويصون لسانه من الاستهزاء والسخرية والتعليق على أخطائهم وزللهم، فليس هذا من شيم الرجال أو أصحاب العقول الراجحة.
    من سبل صلاح الشباب
    إن من أول سبل صلاح الشباب أن يتربوا على سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى سيرة الرعيل الأول من الصحابة -رضوان الله عليهم-، كأمثال: (حمزة) و(مصعب) و(جعفر) و(ابن رواحة) و(ابن عمر) و(ابن عباس) و(أسامة ابن زيد) وغيرهم -وهم كثير ولله الحمد- وأن يتأدبوا بآدابهم ويتخلقوا بأخلاقهم من الصغر، فالصحابة -رضي الله عنهم- جيل فريد متميِّز في كلِّ شيءٍ، في عقيدتهم، وعبادتهم، وأخلاقهم، وتعامُلهم، فينبغي للشباب أن يترسموا خطى ذلك الجيل الفريد، إن راموا أن يعود لهم عِزُّهم، ومكانتهم بين الأُمَم، فالفرق كبير والبون واسع بين واقع المسلمين وحال الصحابة -رضي الله عنهم.
    مظاهر المروءة
    من أهم مظاهر المروءة إتقان الأعمال؛ فإنه إذا أحب أحدكم أن يعمل عملاً فليتقنه، وتظهر حقيقة المروءة في المنازعات والخصومات، لتتضح المعادن الأصيلة من المزيفة، فلا يغير الخصام في ذي المروءة وجهًا، ولا يسف فيه لسانًا، بل يزيده بهاءً وحكمةً وروية، {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}، {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}، وقيل لسفيان بن عيينة -رحمه الله-: قد استنبطت من القرآن كل شيء، فأين المروءة في القرآن؟ قال في قول الله -تعالى-: {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ}.
    لماذا يتجرأ هؤلاء على الله؟

    قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: الإنسان إذا جهل عظمة الله -جل وعلا- فإنه يتجرأ على ربه -جل وعلا- {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً} (الفرقان: من الآية 55)، فالمشرك حينما دعا غير الله وعبد غير الله هذا لم يقدر الله حق قدره {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (الزمر: من الآية 67)، ولذلك عبد غيره معه -سبحانه.
    من أدب الحديث
    عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد»، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه، وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك وسلامتك من سوء الأدب؛ فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
    احذروا التعصب!

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: التعصبُ آفةٌ تثور عن الجهل، تغلق فكرَ صاحبها وعقلَه وتحجُبُه عن عقلِ الأمور على وجهها الصحيح، فلربما نصر باطلا أو رد حقا أو دافع عن ظالم أو اتهم مظلوما إلى غير ذلك من التصرفات الخطأ، وكل تعصب لأمر من الأمور بلا هدى من الله فهو من عمل الجاهلية.
    تعلم أسماء الأنبياء
    عن الضحاك -رحمه الله- قال: «عَلِّمُوا أَوْلاَدَكُمْ وَأَهَالِيَكُمْ وَخَدَمَكُمْ أَسْمَاءَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِهِمْ، وَيُصَدِّقُوا بِمَا جَاءُوا بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}» سنن سعيد بن منصور(221).
    من أخطاء الشباب التهاون في صلة الأرحام
    كثير مِن الشباب لا يحرِصُ على صلة أقاربه، ولا يعرف شيئًا عنهم، وهذه ظاهرة خطيرة؛ لأنها تؤدي إلى انتشار الجفاء بين الأقارب في العائلة الواحدة، ولعل أحدَهم يقابل بعض أقاربه في مكان ما فلا يعرِفهم، إلا بعد أن يذكروا أسماءهم، ولقد حثنا الإسلام على صلة الأرحام، والتعرف على أحوالهم، وزيارة مرْضاهم، وقضاء حوائجهم، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّحِم مُعلَّقة بالعرش، تقول: مَن وصلني وصله الله، ومَن قطعني قطعه الله»، وقال - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقِه، أو يُنسَأ له في أثره، فليَصِلْ رَحِمَه»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليَصِلْ رَحِمَه».



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #76
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1227


    الفرقان




    مفهوم العبادة
    العبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، فمثال الأفعال الظاهرة الصلاة، ومثال الأقوال الظاهرة التسبيح، ومثال الأقوال والأفعال الباطنة الإيمان بالله وخشيته والتوكل عليه، والحب والبغض في الله، والعبادة تتضمن غاية الذل لله وغاية المحبة له؛ فيجب أن يكون الله أحبَّ إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله عنده أعظم من كل شيء .
    حاجة الشباب إلى منهج الإسلام الصافي
    من أهم الواجبات التي تقع على عاتق الشباب في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وتعدد فيه التيارات والفرق، البحث بدقة عن منهج الإسلام الصافي، منهج القرآن والسنة بفهم سلف الأمة؛ للخروج من هذه الفتن الحالكة المحيطة بهم. والأهواء والأفكار الباطلة من حولهم، والمغريات والمستغربات، من الشهوات والشبهات الباطلة؛ وذلك لأسباب منها: أن الشباب المسلم في حاجةٍ مُلحَّة وماسة إلى منهج يُصحح لهم عقائدهم وأخلاقهم، التي ربما يشوبها شيء من الشُّبهات والانحرافات؛ بسبب تعدُّد مناهج التربية، وربما تناقضها كثيراً، واضطرابها في عرض تصور صحيح عن مفاهيم العقيدة الإسلامية ومباحثها، وبيان سبل الوقاية من خطر الزيغ والانحراف عنها، ذلك أننا نرى حولنا من الفرق والمذاهب المختلفة والمتناقضة، وهي اتجاهات مُعادية ومحاربة للإسلام وشريعته، فمنها ما هو علماني مادي، ومنها ما هو فكري تصوري، ومنها ما هو وجودي إلحادي، ومنها ما هو متحلل إباحي، وهكذا مخاطر كثيرة ومتعددة المناهج والمعتقدات، ولا ريب أن العاصم من كل ذلك ملازمة منهج القرآن الصحيح الصافي، الذي جعله الله -تعالى- عصمةً من كل ضلالة وزيغ وفتنة، وفي متابعة السنة النبوية: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15 - 16).
    الصحبة الصالحة كنز لا ينفد
    مما يكسب الشباب الصلاح والتقوى، ويرقى بهم إلى مدارج القرب من الله -تعالى-، صحبة أهل الصدق والتقوى والحرص على مجالستهم، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة:119)، وقال -تعالى- أيضًا: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (الكهف: 28)، وقد أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة إلى ضرورة اختيار الجليس الصالح وصحبته، والبعد عن جلساء السوء وترك مصاحبتهم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، وقال - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة»، فالصحبة الصالحة كنز لا ينفد، وكلما كان صلاح الأصحاب أكبر، ازدادت ثمرات تلك الصحبة، وعظمت آثارها في مختلف المجالات.
    احذروا يا شباب!
    على الشباب الحذر البالغ من مكر الأعداء بهم، والكيد لهم في الليل والنهار؛ بُغيةَ إفسادهم وإبعادهم عن حقيقة دينهم ومَحاسنه السامية؛ وما كل ذلك إلا ليتمكنوا من خلق أجيال تنتسب إلى الإسلام شَكلاً، ولا تعرفُ عن حقيقة الإسلام شيئًا يُذكر، وتتخلق بأخلاقه، ومن ثَمَّ تُحقق أمثال هذه الأجيال مآرب الأعداء، بلا جهد منهم ولا مَشقة ولا عناء، فتنقلب مَوازينُ الأخلاق والقيم في النفوس.
    الاعتزاز بدين الإسلام
    من أهم ما يجب على الشباب في ظل الفتن المحيطة بهم أن يكونوا على يقين بأن الدين الإسلامي، هو شريعة الله -تعالى- التي ارتضاها للناس كافة، فالإسلام هو المنهج التربوي الشامل، الكامل، والمحفوظ من كل تغيير، أو تحريف، أو تبديل، أو نقص، أو خلل، ولأنَّه المنهج المنزل من عند الله -تعالى- الذي يعلم النفسَ البشرية، ويعلم ما يهذبُها ويصلحها، ويعلم ما ينفعها ويضرها، ويعلم ما يهديها ويقومها، وما يغويها ويشقيها، ولأنَّه ليس من عند أفكار أو تصورات قاصرة، وليس من عند مناهج بشرية تُغلِّب النفسَ وشهواتِها على مرضاة ربها وموجدها، الذي أقام به وفيه كل مقومات البناء العقدي، والأخلاقي، والتعبُّدي، والحياتي، كلها على أحسن وأكمل وجوهِها، بل كان ذلك واقعًا مرئيًّا وبشريًّا، أقامه الله وجعله حقًّا في حياةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضوان الله عليهم - فحملوا هداياته وإشراقاتِه، وعلومه وأخلاقه، وتشريعاته الكاملة الشاملة، ففتحوا به الدنيا، ونالوا به حسن الثواب في الآخرة، فما أجله وأكرمه من منهج رَبَّاني محفوظ! {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9).
    أخطاء يقع فيها الشباب
    وسائل الاتصال الحديثة جعَلَتِ العالم قريةً واحدة، وأصبح الناس متقاربين، وليس في هذا ضررٌ، بل فيه منفعةٌ، ولكن الضرر يكمُنُ في أن يتحوَّل التقارب إلى ذوبان، يفقد الناس معه دينهم وأخلاقَهم وتراثهم، وإن الكثير مِن شبابنا اليوم قد انصرف إلى تقليد أهل الباطل في شتى مجالات الحياة، وتركوا جوانبَ الخير المفيدة، وقد ترتب على ذلك آثارٌ سيئة على الشباب وعلى مجتمعهم؛ فاحذروا يا شباب من تقليد هؤلاء الذين يخالفون الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم !؛ فإنهم لن ينفعوكم يوم القيامة، وسوف يتبرَّؤون من أعمالكم، قال الله -تعالى-: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (الفرقان: 27 - 29).
    أهمية العمل الصالح
    العمل الصالح هو الذي يمد المسلم بالهمة على مجاهدة نفسه والارتقاء بها في منازل التقوى والقرب من الله -تعالى-، وكلما ازداد تمسك الشاب بالفرائض ومسارعته إلى النوافل، كان ذلك زادًا له على تحقيق التقوى، أما إذا ترك بعض الطاعات أو تكاسل عن بعض النوافل، فإن زاده سيضعف، وجواده سيتعثر؛ ولذلك أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن القليل الدائم من العمل خير من الكثير المنقطع، فقال: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل».
    تدبر القرآن يورث الهدى
    قال الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير: تدبر القرآن يورث الهدى، والنور الإلهي، واليقين والطمأنينة، قال -جلَّ وعلا-: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} (ص: 29)، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: «فإن قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب الإيمان العظيم، وتزيده يقينًا وطمأنينةً وشفاءً كما قال -جلَّ وعلا-: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} (الإسراء: 82)».

    حقيقة مفهوم الثقة بالنفس
    قال الشيخ عبد الرزاق عبدالمحسن البدر: من الأخطاء الشائعة الدعوة إلى الثّقة بالنّفس، والثقةُ في أصلها هي توكل، بل هي خلاصةُ التوكل ولبُّه، وهو لا يكون إلاّ بالله، وفي الدعاء المأثور: «اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو؛ فَلاَ تَكِلْنِى إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِى شَأْنِى كُلَّهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ». قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله في جواب من سأل عن قول من قال: تجب الثقة بالنفس؟- قال: «لا تجب ولا تجوز الثّقة بالنفس، في الحديث فَلاَ تَكِلْنِى إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ».



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #77
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1228


    الفرقان




    مجاهدة النفس لاكتساب محاسن الأخلاق
    من أسباب تحصيل الأخلاق الحسنة مجاهدة الإنسان نفسه، قال -عزوجل-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت:69)، فمن جاهد نفسه على التحلي بالفضائل، وجاهدها على التخلي من الراذئل، حصل له خير كثير، واندفع عنه شر مستطير، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:»إِنَّما العلمُ بِالتَّعَلُّمِ، وإِنَّما الحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، ومَنْ يَتَحَرَّ الخَيْرَ يُعْطَهُ، ومَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ».
    الوفاء بالوعد قيمة قرآنية ووصية نبوية
    الوفاء أهم القيم الأخلاقية في الإسلام، التي يجب أن يتحلى بها الشباب في عصرنا الحالي، ويتربون عليها، وتتجلى أهمية هذا الخلق بوصفه قيمة أساسية تحكم العلاقات الإنسانية والاجتماعية المستقيمة، فهو وصية نبوية، وقيمة قرآنية. حيث أولى القرآن الكريم هذه القيمة عناية فائقة؛ لما لها من عظيم الدلالة في تزكية النفوس، وصفاء الفطرة، وسلامة الإيمان، وقد رغب الله -تعالى- في الوفاء بالعهود؛ بما أعد الله للمتمسكين بهذا الخلق من الثواب، وبما أثنى به عليهم في محكم الكتاب، قال -تعالى-: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح: 10)، فمن حُسن أخلاق المسلم أن يفي بعهده ووعده الذي قطعه على نفسه، ولا يغدر ولا يخون ما دام هذا العهد لا يخالف الشريعة، ومن فوائد الوفاء بالوعود ما يلي: أولا: كسب رضا الله -عزوجل- ومحبته؛ فقد أثبت الله محبته للمتقين الذين يوفون بعهدهم، والمستقيمين على عهودهم ومواثيقهم حتى مع أعدائهم.
    ثانيا: حسن السمعة عند الناس؛ فالوفاء بالوعد والعهد هو أساس بناء الثقة بين الناس، وانعدام الوفاء سببٌ لتنافر القلوب وانعدام الثقة بين الناس.
    ثالثًا: الالتِزامُ بالمَواعيدِ والوفاءُ بها يحفظُ الأوقاتَ من الضَّياعِ، ويُعينُ على قَضاءِ المَصالحِ.
    من أخطاء الشباب انتشار الحسد بينهم
    الحسد: هو أن يرى الإنسانُ لأخيه نعمةً فيتمنَّى أن تزول عنه وتكون له دونه، وكثير من الشباب يحسُد بعضهم بعضًا على ما أنعم الله -تعالى- عليهم مِن فضله العظيم، وهذا أمر خطير؛ لأن الشاب بحسده قد سخِط على قضاء الله -تعالى-، وكرِه نعمته التي قسمها بين عباده، وقد حذَّرنا نبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - من الحسد؛ لِما يترتب عليه مِن مفاسد في الدين والدنيا: قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَباغضوا، ولا تَحاسدوا، ولا تَدابروا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليالٍ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا»، فاحرص أخي الشاب، أن تكون مِن أصحاب القلوب السليمة، الذين لا يحسُدون أحدًا على نعمةٍ أنعَمَ الله -تعالى- بها عليه، فإذا رأيت شيئًا، فقل: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله -تعالى.
    شهامة النبي - صلى الله عليه وسلم
    النبي - صلى الله عليه وسلم - رغم عداوة قريش وإيذائها للمؤمنين، عندما جاءه أبو سفيان يطلب منه الاستسقاء لم يرفض لحسن خلقه، وشهامته، ورغبته في هدايتهم، فإنَّ الشهامة ومكارم الأخلاق مع الأعداء، لها أثر كبير في ذهاب العداوة، أو تخفيفها؛ فالشهامة من مكارم الأخلاق الفاضلة، وهى من صفات الرجال العظماء، فبها تشيع المحبة في النفوس، وتزيل العداوة بين الناس، فيها حفظ الأعراض، ونشر الأمن في المجتمع، إنَّها علامة على علو الهمة، وشرف النفس.
    الحياة تضيع مع العبث والغفلة
    قال الشيخ محمود شاكر -رحمه الله-: إنَّ الشباب لا يضيع مع طول العمر، ولكنَّه يضيع مع طول العبث، والحياة لا تفنى مع شدة الجهد، ولكنها تفنى في شدة الغفلة، والعقل لا يكلُّ مع طول الفكر، ولكنَّه يكلُّ مع طول الاستخفاف بالفكر، وشباب الشعوب وجهودها وأفكارها هو الحضارة كلها، وأصل الحضارة في القلب الشابِّ العامل المفكِّر الذي لا يسكن، ولا ييأس، ولا يقسو حتى يتحجر.
    الرجولة الحقيقية

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من معالم الرجولة الحقيقية شهود الصَّلاة مع الجماعة في بيوت الله ومساجد المسلمين كما أمر بذلك ربُّ العالمين، وكما أمر بذلك رسوله الكَريم - صلى الله عليه وسلم -، فهي شعيرةٌ عظيمَةٌ من شعائر الإسلام، ومعلَمٌ عظيم من معالم الرُّجولة، قال الله -تعالى-: {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} (النُّور:37)، فأين هذه الرُّجولة ممَّن يتخلَّف عن الصَّلاة مع الجماعة أو يهون من شأنها ويقلِّل من مكانتها؟
    لا تيأس من إصلاح نفسك!
    بعض الشباب إذا ابتلي بمساوئ الأخلاق، ظن أن ذلك الأمر يصعب التخلص منه، وهناك من إذا حاول التخلص من عيوبه مرة أو أكثر فلم يفلح، أيس من إصلاح نفسه، وترك المحاولة إلى غير رجعة، وهذا الأمر لا يحسن بالمسلم، ولا يليق به أبدا؛ فلا ينبغي له أن يرضى لنفسه بالدّون، وأن يترك رياضة نفسه زعما منه أن تبدّل الحال من المحال، بل ينبغي له أن يقوّي إرادته، ويشحذ عزمته، وأن يسعى لتكميل نفسه، وأن يجدّ في تلافي عيوبه؛ فكم من الناس من تبدّلت حاله، وسمت نفسه، وقلّت عيوبه؛ بسبب دربته، ومجاهدته وسعيه، وجدّه، ومغالبته لطبعه.
    وقتك ليس عدوك حتى تقتله

    قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-: وأما قول الجاهل: (نقتل الوقت)، فالوقت ليس عدواً تقتلُه، الوقت هو رأس مالك وذخيرتك عند الله -سبحانه وتعالى-، فهو ليس عدوا تقتله بالفراغ، تقتله باللهو واللعب والمرح، الواقع أنك تكون قد قتلتَ نفسك بهذه الأفعال، ولم تكن قتلتَ الوقت.
    مفاهيم أخلاقية يحتاجها الشباب «الشهامة»
    الشهم: هو الذكي الفؤاد المتوقد، والجمع «شهام».
    وقيل: الشهم معناه في كلام العرب: (الحمول، الجيد القيام بما يحمل، طيب النفس بما حمل). أما معنى الشهامة اصطلاحًا: قال ابن مسكويه: «الشهامة هي: الحرص على الأعمال العظام توقعًا للأحدوثة الجميلة». وقيل الشهامة هي: (الحرص على الأمور العظام؛ توقعًا للذكر الجميل عند الحقِّ والخلق). وقيل هي: (عزة النفس وحرصها على مباشرة أمور عظيمة، تستتبع الذكر الجميل).



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #78
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1229


    الفرقان




    نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتْكَ بالباطل
    النفس - كما قال الإمام الشافعي رحمه الله-: إن لم تشغلها بالحق شغلتْكَ بالباطل، والشابُّ إن لم ينشغل بالخير وبما ينفعه، تخطَّفَتْهُ الأفكار الطائشة، وعاش في دوامة من التُّرَّهَاتِ والتَّوَافِهِ، ومن المعلوم أن مشاعر الخوف والقلق وسوء الطَّوِيَّةِ لا تغزو النفس الإنسانية إلا حينما تكون فارغةً وغير مشغولة، والهوى -كما قيل- لا يدخل إلا على ناقص.
    ظاهرة العنف بين الشباب
    من الظواهر السلبية التي انتشرت بين الشباب ظاهرة العنفُ، سواء في الشارع أم في المدارس والجامعات، ويظهر هذا العنف في القول أو الفعل، حتى يصل الأمر إلى أن يعتدي بعضهم على بعض بالضرب الشديد، الذي قد يؤدي إلى إصابة بعضهم بجروحٍ خطيرة. وقد يفقد أحدُ الشباب حياته في بعض المشاجرات، ولا شك أن استخدام الرفق في معاملة الناس مِن أخلاق الإسلام السامية، وقد حثنا الله -تعالى- في القرآن، وكذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه على ذلك: قال -جل شأنه-: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (الفرقان: 63)، وقال -تعالى-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ} (النحل: 125)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عائشة، إن الله رفيقٌ يحب الرفق، ويُعطِي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه»، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزَع مِن شيء إلا شانه»، وعنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: «مَن أُعطِي حظَّه مِن الرفق، فقد أُعطي حظَّه مِن الخير، ومَن حُرِم حظَّه مِن الرفق، فقد حُرِم حظه من الخير»، ولقد حثنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - على أن نتحلَّى بالأخلاق الكريمة، التي تنشر المحبة بين الناس: فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «إن المؤمن لَيُدْرِكُ بحُسْن خُلُقه درجةَ الصائم القائم»، وعنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ما مِن شيءٍ أثقلُ في الميزان مِن حُسْن الخُلُق»، وعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إن مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنَكم أخلاقًا».
    من وسائل الوقاية من العنف المحافظة على عبادة الله -تعالى
    إن المحافظة الدائمة على عبادة الله -تعالى- لها أثر فعال وسريع في تهذيب القلوب والسلوك، وهذه العبادة تربط المسلم بالله -تعالى-، وتلزمه باتباع أوامره -سبحانه-، فتجعل سلوك المسلم يتسم بالرفق واللين في معاملاته مع الآخرين؛ قال الله -تعالى-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت: 45)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم». وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيومَ ولدته أمه».
    وصية لقمان
    لقمان الحكيم رجلٌ صالح، وولي من أولياء الله وحكيمٌ من الحكماء، وهبه الله -جلّ وعلا- الحكمة؛ لأنه كان صادقاً مع الله في أقواله وأعماله، جادا في التقرب إلى الله -عزوجل- بزاكي الطاعات وجميل العبادات، وكان قليل الكلام كثير الفكرة والتدبر، منَّ الله عليه بالحكمة ووهبه إياها، ومن عظيم مكانته ورفيع شأنه أن الله -عزوجل- ذكر لنا في القرآن خبره وأنبأنا عن وصيته لابنه وموعظته لولده وفلذة كبده منوها بها، وذكر ألفاظها لتكون نبراسًا وأنموذجًا نحتذي حذوه ونسير على نهجه، فما أحوجنا إلى تدبر هذه الوصايا والعمل بها!
    مرحلة الشباب مرحلة عظيمة وخطيرة
    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: مرحلة الشباب مرحلة عظيمة وخطيرة، إن استغلت في الخير والطاعة فيافوز من وفق لذلك! وإن استغلت في الشر والمعصية فيا خيبة من فاتته هذه المرحلة! واستغلالها في الطاعة يكون بالعناية والاهتمام بالقرآن والسنة حفظاً وتفقهاً، مع استغلال الأوقات حتى لا تذهب سدى، مع طلب المعالي في جميع الخيرات والترفع والتنزه والابتعاد عن الموبقات والمهلكات.
    أثر العقيدة في منع العنف
    إن للعقيدة الإيمانية أثرها في منع انتشار سلوكيات العنف؛ وذلك لأن العقيدة هي أساس بناء الإنسان المسلم؛ فالعقيدة الصحيحة هي الأساس الذي بدأ به الإسلام في تربية المسلم على السلوكيات الرشيدة التي تتسم بالرفق والرحمة، وتعد العقيدة قاعدة بناء الإنسان المسلم في كل مكان وزمان.
    وصايا للشباب
    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: عليك -أيها الشاب- أن تعمل على صيانة شبابك وحفظه بأن تتجنب الشرور والفساد بأنواعه، مستعينا في ذلك بالله متوكلًا عليه وحده -جل في علاه-، وكلّ باب أو مدخلٍ أو طريقٍ يفضي بك إلى شر أو فساد فاجتنبه واحذره غاية الحذر، وعليك أن تكون محافظًا تمام المحافظة على فرائض الإسلام وواجبات الدين ولاسيما الصلاة؛ فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل، فإن الصلاة معونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل.
    رفقاء السوء أسرع طريقٍ إلى العنف
    الصديق له أثر واضح على صديقه؛ ولذلك حثنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - على حسن اختيار الصديق، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه، أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك، أو ثوبك، أو تجد منه ريحًا خبيثةً»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الرجل على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي»، فالاقتران برفقاء السوء هو أسرع طريقٍ إلى العنف والانحراف بجميع أشكاله؛ ولذلك فإن الاقتران بالرفقة الصالحة يؤدي إلى القضاء على أهم العوامل المؤدية إلى العنف.
    شباب الصحابة والتعلم من النبي - صلى الله عليه وسلم
    كان الشباب من الصحابة- رضي الله عنهم- يقصدون مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهدف التعلم، فيقيمون الأيام العديدة يتعلمون العلم والسلوك، وعندما يشعر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنهم في مستوى المسؤولية يأمرهم بالعودة إلى أهليهم قصد نشر الإسلام وتعاليمه وتولي موقع القيادة، ففي صحيح مسلم عن مالك بن الحويرث قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن سببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا رقيقًا، فظن أنا قد اشتقنا أهلنا، فسألنا عمن تركنا من أهلنا، فأخبرناه فقال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم، ومروهم، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم».



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #79
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1230


    الفرقان




    حقيقة العبادة وتعريفها
    العبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، فمثال الأفعال الظاهرة الصلاة، ومثال الأقوال الظاهرة التسبيح، ومثال الأقوال والأفعال الباطنة الإيمان بالله وخشيته والتوكل عليه، والحب والبغض في الله، والعبادة تتضمن غاية الذل لله وغاية المحبة له، فيجب أن يكون الله أحبَّ إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله عنده أعظم من كل شيء.
    وصية نوح عليه السلام لابنه
    عَنْ عبداللهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى لله عليه وسلم -: «إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِنِّي مُوصِيكَ، فَقَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ، آمُرُكَ باثْنَتَيْنِ وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ وُضِعْنَ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَتْ بِهِنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً، لقَصَمَتْهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأُوصِيكَ بِسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإِنَّهَا صَلاَةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّركِ وَالْكِبْرِ». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ الشِّرك قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الْكِبْرُ؟ قَالَ: «أَنْ تُسَفِّهَ الْحَقَّ، وَتَغْمَصَ النَّاسَ»، هذه الوصية مهمة؛ لأنها وصية نبي ورسول من أولي العزم، والرسل هم أنصح الناس للناس وأحرصهم على نجاة الخلق، وأبصرهم بما يرضي الحق -جل جلاله-؛ ولأنها وصية والد شفيق لولده؛ وحرص الوالد على ولده مركوز في الفِطر والنفوس، ولأنها جمعت بين أعظم الأوامر وهو توحيد الله وتنزيهه، وبين أعظم النواهي وهو الشرك وقرينُة الكبْر؛ لذلك كان حقيقا على الشباب أن يقفوا مع هذه الوصية وقفة تدبر وعبرة.
    الوصية الأولى: الوصية بلا إله إلا الله
    وذلك في قوله -عليه السلام-: «آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»، يعني آمرك بالتمسك بلا إله إلا الله، وذلك يقتضي معرفة معناها والعمل بمقتضاها إلى أن تلقى الله -تعالى- عليها، فكلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، هي حق الله على جميع العباد، فهي كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام، وعنها يسأل الأولون والآخرون، فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ فجواب الأولى بتحقيق «لا إله إلا الله» معرفة وإقرارا وعملا، وجواب الثانية بتحقيق «أن محمدا رسول الله» معرفة وإقرارا وانقيادا وطاعة، وقال سفيان بن عيينةَ: ما أنعمَ اللَّهُ على عبدٍ من العبادِ نعمةً أعظمُ من أن عرَّفهم «لا إلهَ إلا اللَّهُ.
    أخطاء يقع فيها الشباب: لبس حظَّاظة اليد
    من الأخطاء التي يقع نفيها الشباب وضع حَلْقةً مصنوعة من الجلد أو غيره في يده، تُسمَّى (الحظاظة)، ويعتقد أنها تجلِبُ الحظ، وهذا اعتقادٌ فاسد، ويجب على الشباب أن يعتقد اعتقادًا جازمًا أن الله -تعالى- هو الذي يتصرَّف في هذا الكون، ولا يحدث شيء فيه إلا بإرادته -سبحانه-، قال -سبحانه-: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة: 51)، وقال الله -تعالى-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القمر: 49)، قال الشيخ أبو بكر الجزائري -رحمه الله-: أي إنا خلقنا كل شيء بتقدير سابقٍ لخَلْقِنا له، وذلك بكتابته في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض، فهو يقع كما كتب، كميةً وصورةً، وزمانًا ومكانًا، لا يتخلَّف في شيء من ذلك.
    خصال التائبين
    قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: «وخصال التائب قد ذكرها الله في آخر سورة براءة، فقال: {*التَّائِبُونَ *الْعَابِدُونَ}، فلابد للتائب من العبادة والاشتغال بالعمل للآخرة، وإلا فالنفس همامة متحركة، إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل، فلابد للتائب من أن يبدل تلك الأوقات التي مرت له في المعاصي بأوقات الطاعات، وأن يتدارك ما فرط فيها، وأن يبدل تلك الخطواتِ بخطوات إلى الخير، ويحفظ لحظاتِه وخطواتِه، ولفظاتِه وخطراتِه.
    من علامات السعادة

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من علامات السعادة على العبد: تيسير الطاعة عليه، وموافقة السنة في أفعاله، وصحبته لأهل الصلاح، وحسن أخلاقه مع الإخوان، وبذل معروفه للخلق واهتمامه للمسلمين، ومراعاته لأوقاته.
    أريد أن أصلح نفسي.. ولكن!
    كثير من الشباب يرغب في صلاح نفسه لكنه يعجز عن ذلك ويجد كثيرا من المعوقات، ولا شك أنَّ إصلاح النفس البشريَّة مهمَّة صعبة تَحتاج إلى مثابرة ومجاهدة وصدق وإخلاص، ومعونة من الله -تعالى-، ولا سيما في زمانَنا المليء بالفتَن، وهناك أمور تعين الشباب على سلوك طريق الصَّلاح، من أهمها: الصحبة الصالحة، والاستفادة من الوقت، وشغله بالأمور النافعة، ثم لابد لمن يرغب في صلاح نفسه أن يسعى في طلب العلم، فلقد حذَّر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم - من الجهْل وأهله، وأخبر أنَّ الجهل داءٌ وأنَّ العلم شفاء، ومن المعِينات على الإصْلاح أن يَجعل الإنسان لنفسه وِردًا من الطَّاعة؛ فإنَّ القلب إذا امتلأ بالطَّاعة نفرَ من المعصِية، وإذا امتلأ بالذِّكْر نفَرَ من الكلام الخبيث، جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وقال: ادْعُ الله أن أكون معك في الجنَّة فقال: «أعنِّي على نفسِك بكثرة السجود»، فمنَّ أراد الصَّلاح والاستِقامة، فليقبل على الله، والله -تعالى- في معيَّته، وليحذَرِ التَّسويف، ولقد صدق القائل: تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ طَرِيقَتَهَا إِنَّ السَّفِينَةَ لا تَمْشِي عَلَى اليَبَسِ
    كف بصرك والزم طاعة ربك
    قال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي: الشاب الذي يقول لك: والله هناك فتن، وأحس بالفتن، نعم، كف بصرك، واخرج وأنت لا تنظر إلى حرمات الله، وادخل وأنت لا تنظر إلى حرمات الله -عزوجل-، واسمع ما يرضي الله، واقرأ ما يرضي الله، واشغل وقتك بما يرضي الله، لن ترى فتنة أبدًا، ولن تشعر بفتنة لا في نفسك، ولا أهلك؛ لأن الله يتولى جميع أمرك.
    نصائح ثمينة
    من نصائح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

    1- احرص على أن تكون دائماً مع الله -عزوجل- مستحضرًا عظمته متفكرًا في آياته الكونية وما أودع فيها من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته.
    شروط صحة العبادة
    لصحة العبادة شرطان: الشرط الأول: وهو الإخلاص، ومعناه أن يقصد العبد بعبادته وجه الله -سبحانه-، قال -تعالى-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}(ال بينة:5)، وقال - صلى الله عليه وسلم - قال الله -تبارك وتعالى-: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه».

    الشرط الثاني: موافقة هذه العبادة للشرع، بمعنى أن يعبد الله بما أمر وشرع لا بغير ذلك من الأهواء والبدع، قال -تعالى-: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}(الشورى: 21)، وقال -تعالى-: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(الكهف:110 ) وقال - صلى الله عليه وسلم-: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #80
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,308

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1231


    الفرقان





    الأمة لا تتقدم إلا بصلاح شبابها
    لا يمكن للأمة أن تتقدم إلا إذا تكاتف شبابها، وتعاونوا فيما بينهم على البر والتقوى، وتسلحوا بالعلم والمعرفة وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله، وانتهوا عما نهاهم الله عنه ورسوله؛ فإن السعادة كلها في طاعة الله ورسوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 71)، والشقاوة كلها في معصية الله ورسوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا} (الأحزاب: 36).
    واجبات الشباب المسلم اليوم
    1- إخلاص الدين لله وحده لا شريك له في القول والاعتقاد والعمل والحب والبغض والفعل والترك {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162). 2- العناية بالقرآن الكريم تلاوة وحفظًا وتدبرًا وتفسيا وعملاً؛ فهو خير كتاب أنزل على أشرف رسول إلى خير أمة أخرجت للناس بأفضل الشرائع وأسمحها وأسماها وأكملها، كما قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} (المائدة: 3)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» 3- العناية بالسنة المطهرة والسيرة النبوية؛ فلنا فيهما عظة وعبرة، ولنا فيهما قدوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا. 4- المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة؛ فهي عماد الدين والصلة برب العالمين والفارقة بين الإسلام والكفر. 5- العمل بشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة القولية والاعتقادية والعملية، وفي مقدمة ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره والإيمان بالبعث والجزاء والثواب والعقاب والجزاء والثواب والعقاب والجنة والنار، وتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، بمعرفة معناها والعمل بمقتضاها والقيام بشروطها ولوازمها، وبر الوالدين وطاعتهم في غير معصية الله وصلة الأقارب والإحسان إليهم، والإحسان إلى الجيران وعدم أذيتهم، والبعد عما حرمه الله ورسوله من المطاعم والمشارب والملابس والملاهي المحرمة وعدم تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل وعدم التشبه بالكفار في السلام واللباس وغير ذلك مما هو مختص بهم.
    مظاهر الجدية في حياة الشباب
    أن يكون جادًّا في أمور دنياه، في معاملته مع أهله وجيرانه وأفراد مجتمعه: «مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ».
    أن يكون جادًّا في أمور دينه، في عباداته ونسكه، وفي العمل على تطبيق أحكام الله في أرضه، وأن يكون حريصًا على الوقت، ويغتنمه في طاعة الله، وخدمة دعوته، وتفقد إخوانه، وصلة أرحامه، وقضاء حوائج الناس، ولا يؤجل عمل اليوم إلى الغد، فلا تراخِيَ، ولا تسويف حتى لا تتراكم الأعمال، ويقع ما لا تحمد عقباه.
    ومن مظاهر الجد في حياة الشباب، مغالبة الأعذار والعراقيل، وعدم الاستسلام لها، فالمسلم الجاد لا يستسلم أمام المشقات، ولا يضعف أمام العقبات.
    ثلاث وصايا جامعة
    كان أهل الخير إذا التقوا يوصي بعضهم بعضا بثلاث، وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض «من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح فيما بينه وبين الله كفاه الله الناس، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته».
    الجدية في حياة الشباب
    الجدية من صفات أهل الإيمان، الذين امتدحهم الله بقوله: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُون} (المؤمنون: 61)، قال القرطبي -رحمه الله-: {يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} أي: الطاعات، كي ينالوا أعلى الدرجات والغرفات، والله -سبحانه وتعالى- أمرنا بالجد كما أمر من قبلنا، وقال: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} (البقرة: 63) أي: بجد واجتهاد؛ لذا لابدّ للشباب من المبادرة، والعمل، وأن يحذروا من التفريط، والإهمال، والكسل، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُوصي أصحابه بقوله: «بادروا بالأعمال، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حثنا على الجد بقوله: «الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ».
    تعظيم المناهي والسلامة منها

    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: مما يعين العبد على تعظيم المناهي والسلامة منها خمسة أمور: الحرص على التباعد عن أسبابها وكلِّ ما يدعو إليها.
    مجانبة كلِّ وسيلة تقرب منها.
    ترك ما لا بأس به حذرًا مما به بأس.
    مجانبة الفضول من المباحات خشية الوقوع في المكروهات.
    مجانبة من يجاهر بارتكابها ويحسنها ويدعو إليها ويتهاون بها ولا يبالي ما ركب منها.
    لا اعتزاز إلا بالإسلام

    قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: نحن أمة أعزنا الله بالإسلام؛ فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، فلا اعتزاز إلا بالإسلام ولا انتماء إلا إلى الإسلام، قال أبو بكرة - رضي الله عنه -: «أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم». فالانتماء والاعتزاز بغير الإسلام من أمور الجاهلية؛ لما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - من يقول: يا للأنصار! ومن يقول: يا للمهاجرين! قال - صلى الله عليه وسلم -: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟! » وقال: «دعوها فإنها منتنة».
    أسباب ضعفنا وتفرقنا
    إن ما نعانيه معشر المسلمين من ضعف وتفرق وتشتيت وهوان، إنما مرده للتهاون والتساهل في الأخذ بالإسلام وعدم تطبيقه كما يريد الله ورسوله والنقص والقصور، وليس في ديننا كما يردد ذلك أعداؤنا ومن دار في فلكهم واتبع مذاهبم وسننهم فقد أكمل الله لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة، قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} (المائدة: 3).
    من الأخطاء التي يقع فيها الشباب:
    عدم احترام الكبير
    بعض الشباب لا يحترم الكبير، فتراهم يرفعون أصواتَهم في حضورهم، ويتطاوَلون عليهم في الكلام، وهذه ظاهرةٌ خطيرة؛ لأنها تؤدي إلى الكراهية وانقطاع الصلة بين الكبار أصحاب الخبرة في الحياة، وبين الشباب الذين لا خبرة لديهم، وليعلمِ الشبابُ أن احترام الكبير من أخلاق الإسلام الكريمة، وقد حثَّنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -، على احترام الكبير في أحاديثه المباركة قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن لم يَرْحَم صغيرنا ويَعرِفْ حقَّ كبيرنا، فليس منا».
    ثلاث وصايا جامعة
    كان أهل الخير إذا التقوا يوصي بعضهم بعضا بثلاث، وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض «من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح فيما بينه وبين الله كفاه الله الناس، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته».

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •