2 - ومن ذلك وضعه البركة
في أماكن العبادة
كالمسجد الأقصى، والمسجد الحرام،
قال تعالى:
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً
مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى
الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ }
[ الاسراء: 1 ]،
2 - ومن ذلك وضعه البركة
في أماكن العبادة
كالمسجد الأقصى، والمسجد الحرام،
قال تعالى:
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً
مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى
الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ }
[ الاسراء: 1 ]،
وقال تعالى:
{ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ
لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكا }
[ آل عمران: 96 ].
3 - ومن إخباره عن ما أنزله من الذكر أنه مبارك،
قال تعالى:
{ وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ
أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ }
[ الانبياء: 50 ]،
وهذا الذكر هو القرآن العظيم
كما قال تعالى:
{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ }
[ الأنعام: 92 ]،
وقوله:
{ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ
لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ
وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ }
[ ص: 29 ].
فالقرآن الحكيم ذكر مبارك،
وتدبر آياته عمل مبارك،
ومن هذا التدبر علوم القرآن،
والسنة مبينة لمجمل القرآن،
وهي مباركة،
واتباع القرآن والسنة مبارك،
وعلومهما الناشئة
عن تدبر آيات الكتاب وفقه السنة
علوم مباركة.
هذه أنواع ثلاثة فيها بركة خاصة،
دل عليها الذكر الحكيم،
وهناك بركة عامة،
لها أنواع أيضاً:
فمن ذلك:
1 - أن المطر مبارك
لما يحصل به من زيادة في معايش الناس وزروعهم،
ونماء في ذلك،
قال تعالى:
{ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً
فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ }
[ ق: 9 ].
2 - ومن ذلك
مباركته تعالى في الأرض
كما قال:
{ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا
وَبَارَكَ فِيهَا }
[ فصلت: 10 ]،
وقوله:
{ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا
الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا }
[ الأعراف: 137 ].
3 - ومن ذلك مباركته تعالى
ما يأتي من السماء
وما يخرج من الأرض،
كما قال:
{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا
لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ
بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ }
[ الأعراف: 96 ]،
فهذه وأشباهها،
مباركة عامة يحصل بها النفع والخير،
والنماء والزيادة.
ولعله يظهر أن البركة الخاصة اللازمة لذاتٍ
- دون المكان والصفة -
تكون متعدية يحصل التبرك بأعيانها
لما فيها من البركة اللازمة
الدائمة بالذات.
وأما البركة الخاصة بمكان العبادة
كالمسجد الحرام والمسجد النبوي،
فإن البركة
لا تكون متعدية بأجزاء المسجد،
فلا يتمسح بأعمدة المساجد
ولا جدرانها
بإجماع المسلمين ،
والمساجد مباركة،
فعُلم أن بركتها معناها زيادة ونماء
في ما يحصله العابد من الخير،
فالمسجد الحرام صلاة فيه
بمئة ألف صلاةٍ فيما سواه،
والمسجد النبوي بألف صلاة.
وهذا نحو بركة الرسل
- صلوات الله عليهم -،
فإنها في أحد قسميها
بركة اتباع عمل،
فالمتبع لسنتهم
المهتدي بهديهم
يحصل له نماء وزيادة في ثواب عمله
بسبب اتباعهم،
فهذه معنى البركة الخاصة بقسميها،
بخلاف المباركة العامة
فإنها قد تحصل في وقتٍ دون وقت،
أو في نوع دون نوع،
فمما هو بَيَّن أنه ما كل ما جاء من السماء
وخرج من الأرض
يكون مباركاً دائماً،
بل إعطاؤه البركة من الله
متعلق بأمورٍ أخرى،
إن وجدت أعطي البركة،
وإن انتفت زالت البركة،
فهي بركة عامة من حيث ظرفها،
خاصة من حيث وقتها،
غير لازمة للشيء،
إذا تقرَّر هذا،
فالبركة في مواردها من الكتاب والسنة
قسمان:
الأول: بركة ذات،
وأثرها أن يكون ما اتصل بتلك الذات مباركاً،
وهذا النوع
للأنبياء والمرسلين
لا يشركهم فيه غيرهُم ،
حتى أكابر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي
لا يشركونهم في هذه البركة.
ولا يتعدى أثر بركة الأنبياء
إلا لمن كان على
ما دعى به سائرين،
وبعمله مقتدين،
وبأمره ملتزمين
وعن نهيه منتهين،
ولذا فصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
لم تتعدى إليهم بركته في معركة أحد
حين خالفوا أمره وعصوه.
وهذا النوع من تعدي البركة
قد انقطع بعد موت النبي
صلى الله عليه وسلم،
إلا ما كان من أجزاء ذاته باقياً بيقين
بعد موته ،
وقد ذهب ذلك المتيقن
مع انقراض قرن الصحابة
- رضي الله عنهم -.
الثاني:
بركة عمل واتباع:
وهي عامة لكل من وافق عمله سنة النبي
صلى الله عليه وسلم،
فكل مسلم فيه بركة عمل
مقدرة بقدر اتباعه
وموافقته لأمر الله ونهيه،
بالائتمار بالأمر،
والانتهاء عن النهي.
ولذا جاء في الحديث
الذي أخرجه البخاري في "صحيحه"
(9/569)
في النخلة:
( وإن من الشجر
لما بركته كبركة المسلم ).
فلكل مسلم بركة بقدره،
وليست هي بركة ذات،
معلوم هذا باليقين
وما ادعاه مدع،
وإنما هي بركة عمل.
وفي الصالحين من عباد الله المتبعين
بركة عمل واتباع
بقدر ما فيهم من مقتضيات تلك البركة،
فالعالم بالسنة له بركة علم،
والحافظ لكتاب الله الواقف عند حدوده
فيه بركة من أثر ذلك،
وهكذا.
وإن أعلى الصالحين بركة
أشدهم اتباعاً لدين الإسلام،
ومحافظة على واجباته،
ومباعدة عن محرماته،
ومن المحرمات أفعال القلوب،
فكم من مبتعد عن محرمات الجوارح،
خائض في محرمات القلوب،
ولا يبالي.