تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 25 من 80 الأولىالأولى ... 15161718192021222324252627282930313233343575 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 481 إلى 500 من 1591

الموضوع: ثمرات التوحيد

  1. #481

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************


    المبحث الثاني: ظلمات الشرك

    المطلب الأول: مفهوم الشرك:


    الشِّرْكُ، والشِّرْكَةُ، بمعنى


    وقد اشتركا، وتشاركا، وشارك أحدهما الآخر،


    وأشرك بالله: كفر

    فهو مشركٌ ومشركي،


    والاسم الشرك فيهما،


    ورغبنا في شرككم:

    مشاركتكم في النسب ([1])،


    وأشرك بالله:

    جعل له شريكًا في ملكه،

    أو عبادته،


    فالشرك:

    هو أن تجعل لله ندًا
    وهو خلقك
    ،


    وهو أكبر الكبائر،

    وهو
    الماحق للأعمال،
    والمبطل لها،


    والحارم المانع من ثوابها،

    فكل من عدل بالله غيره:

    بالحب،
    أو التعظيم،
    أو اتبع خطواته،


    ومبادئه المخالفة لملة إبراهيم

    صلّى الله عليه وسلّم
    فهو مشرك ([2]).


    والشرك شركان:


    شرك أكبر يخرج من الملة،

    وشرك أصغر لا يخرج من الملة ([3]).

    وذكر العلامة السعدي رحمه الله


    أن حد الشرك الأكبر

    الذي يجمع أنواعه وأفراده


    أن يصرف العبد نوعًا أو فردًا
    من أفراد
    العبادة
    لغير
    الله
    ،


    فكل: اعتقاد، أو قول،
    أو عمل
    ثبت أنه مأمور به من الشارع


    فصرفه لله وحده
    توحيد
    وإيمان
    وإخلاص
    ،


    وصرفه لغيره
    شرك وكفر
    ،


    وهذا ضابط للشرك الأكبر لا يشذ عنه شيء


    وأما حد الشرك الأصغر فهو:


    كل وسيلة وذريعة يتطرق منها إلى الشرك الأكبر،

    من: الإرادات، والأقوال، والأفعال

    التي لم تبلغ رتبة العبادة ([4]).


    ************************
    ([1]) انظر: القاموس المحيط، باب الكاف، فصل الشين، ص1240.
    ([2]) الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة، لعبد الرحمن الدوسري، ص41.
    ([3]) انظر: قضية التكفير، للمؤلف، ص119.
    ([4]) انظر: القول السديد في مقاصد التوحيد، لعبد الرحمن بن ناصر السعدي، ص31، 32، 54.



    الحمد لله رب العالمين

  2. #482

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    المطلب الثاني:

    البراهين الواضحات
    في
    إبطال الشرك:

    الأدلة القاطعة الواضحة في
    إبطال الشرك،
    وذمِّ أهله
    كثيرة،
    منها ما يأتي:


    1 ـ كل من دعا نبيًّا، أو وليًّا، أو ملكًا، أو جنيًّا،
    أو صرف له شيئًا من العبادة
    فقد اتخذه إلهًا
    من دون
    الله ([1])،

    وهذا هو حقيقة الشّرك الأكبر

    الذي قال الله تعالى فيه:

    { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ
    أَن يُشْرَكَ بِهِ

    وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء

    وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ
    فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا }([2]).

    2 ـ من البراهين القطعية التي ينبغي تبيينها وتوضيحها

    لمن اتَّخَذَ من دون الله

    آلهة أخرى،

    قوله تعالى:

    { أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ،
    لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ
    إِلا
    اللَّهُ لَفَسَدَتَا
    فَسُبْحَانَ اللَّهِ
    رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ
    ،
    لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ
    وَهُمْ يُسْأَلُونَ
    } ([3]).


    فقد أنكر سبحانه
    على من اتخذ من دونه آلهة من الأرض،

    سواء كانت أحجارًا أو خشبًا،
    أو غير ذلك من الأوثان
    التي
    تُعبد من دون الله!

    فهل هم يحيون الأموات
    ويبعثونهم
    ؟


    الجواب: كلا،

    لا يقدرون على شيء من ذلك،

    ولو كان في السَّماوات والأرض
    آلهة تستحق العبادة غير الله لفسدتا
    وفسد ما فيهما من المخلوقات؛

    لأن تعدد الآلهة
    يقتضي التمانع والتنازع والاختلاف،

    فيحدث بسببه الهلاك،

    فلو فُرِضَ وجود إلهين،

    وأراد أحدهما أن يخلق شيئًا
    والآخر لا يريد ذلك،


    أو أراد أن يُعطي
    والآخر أراد أن يمنع،


    أو أراد أحدهما تحريك جسم
    والآخر يريد تسكينه،


    فحينئذ يختل نظام العالم،
    وتفسد الحياة!


    و ذلك :
    * لأنه يستحيل وجود مرادهما معًا،
    وهو من أبطل الباطل؛

    فإنه لو وجد مرادهما جميعًا للزم اجتماع الضدين،
    وأن يكون الشيء الواحد حيًّا ميتًا، متحركًا ساكنًا.

    * و إذا لم يحصل مراد واحد منهما
    لزم عجز كل منهما
    ،
    وذلك يناقض الربوبية.

    * وإن وُجِدَ مراد أحدهما ونفذ
    دون مراد الآخر،


    كان النافذ مراده هو
    الإله القادر


    والآخر عاجز ضعيف مخذول.

    * واتفاقهما على مراد واحد
    في جميع الأمور
    غير ممكن.

    وحينئذ يتعين
    أن
    القاهر الغالب على أمره
    هو الذي يوجد مراده وحده
    غير مُمانع
    ولا مُدافع،

    ولا مُنازع
    ولا مُخالف
    ولا شريك،

    وهو
    الله الخالق
    الإله الواحد
    ،

    لا إله إلا هو،
    ولا رب سواه
    ؛

    ولهذا ذكر سبحانه دليل التمانع
    في قوله عز وجل:

    {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ
    وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ
    إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ
    وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ

    سُبْحَانَ اللَّهِ
    عَمَّا يَصِفُونَ
    ،

    عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
    فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }([4]).

    وإتقان العالم العلوي والسفلي،
    وانتظامه منذ خلقه، واتساقه،
    وارتباط بعضه ببعض في غاية الدقة والكمال:
    {مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ }([5]).

    وكل ذلك مسخر،
    ومدبر بالحكمة لمصالح الخلق كلهم
    يدل على أن
    مدبره واحد،
    وربه واحد،
    وإلهه واحد
    ،

    لا معبود غيره،
    ولا خالق سواه
    ([6]).

    ************************
    ([1]) انظر: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، ص242.
    ([2]) سورة النساء، الآية: 48.
    ([3]) سورة الأنبياء، الآيات: 21-23.
    ([4]) سورة المؤمنون، الآيتان: 91، 92.
    ([5]) سورة الملك، الآية: 3.

    ([6]) انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 9/352، 354، 337-382، 1/35-37،
    وتفسير البغوي 3/241، 316، وابن كثير 3/255، 176،
    وفتح القدير للشوكاني، 3/402، 496،
    وتفسير عبد الرحمن السعدي، 5/220، 374،
    وأيسر التفاسير لأبي بكر جابر الجزائري 3/99،
    ومناهج الجدل في القرآن الكريم
    للدكتور زاهر بن عواض الألمعي ص 158-161.



    الحمد لله رب العالمين

  3. #483

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    3 ـ من المعلوم عند جميع العقلاء

    أن كل ما عُبِدَ من دون الله
    من الآلهة ضعيف
    من كل الوجوه،
    وعاجز
    ومخذول،

    وهذه الآلهة
    لا تملك
    لنفسها ولا لغيرها
    شيئًا من ضر
    أو نفع،
    أو حياة
    أو موت
    ،
    أو إعطاء
    أو منع،
    أو خفض
    أو رفع،
    أو عزّ
    أو ذلّ
    ،

    وأنها لا تتصف بأي صفة من الصفات
    التي يتصف بها
    الإله الحق،
    فكيف يُعْبدُ مَنْ هَذه حَالُه ؟
    وكيف يُرجى أو يُخاف من هذه صفاته ؟
    وكيف يُسئَل من لا يسمع
    ولا يبصر
    ولا يعلم شيئًا
    ([1]).

    وقد بيّن الله عز وجل
    ضعف وعجز
    كل ما عبد من دونه

    أكمل بيان،


    فقال سبحانه:

    {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
    مَا
    لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا
    وَلاَ نَفْعًا

    وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
    } ([2])،

    وقال عز وجل:

    { أَيُشْرِكُونَ
    مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً
    وَهُمْ يُخْلَقُونَ،

    وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا
    وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ،

    وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى
    لاَ يَتَّبِعُوكُمْ
    سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُ
    أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ،

    إِنَّ الَّذِينَ
    تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
    عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ
    فَادْعُوهُمْ
    فَلْيَسْتَجِيبُ واْ لَكُمْ
    إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ،

    أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا
    أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا
    أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا
    أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا
    قُلِ ادْعُواْ
    شُرَكَاءَكُمْ
    ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ،

    إِنَّ وَلِيِّـيَ اللَّهُ
    الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ
    وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ،

    وَالَّذِينَ
    تَدْعُونَ مِن دُونِهِ
    لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ
    وَلا أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ،

    وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى
    لاَ يَسْمَعُواْ

    وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ
    وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } ([3])،

    وقال عز وجل:

    { وَاتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً
    لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا
    وَهُمْ يُخْلَقُونَ

    وَلا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرًّا
    وَلا نَفْعًا
    وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا
    وَلا حَيَاةً
    وَلا نُشُورًا } ([4]).

    وهي مع هذه الصفات
    لا تملك كشف الضر عن عابديها
    ولا تحويله إلى غيرهم

    { قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ
    فَلاَ يَمْلِكُونَ
    كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ

    وَلاَ تَحْوِيلاً } ([5]).

    ************************
    ([1]) انظر: تفسير ابن كثير 2/83، 219، 277، 417، 3/47، 211، 310،
    وتفسير السعدي 2/327، 420، 3/290، 451 ،5/279 ، 457 ،6/153 ،
    و أضواء البيان للشنقيطي ، 2/482، 3/101، 322، 598، 5/44، 6/268.

    ([2]) سورة المائدة، الآية: 76.
    ([3]) سورة الأعراف، الآيات: 191-198.
    ([4]) سورة الفرقان، الآية: 3.
    ([5]) سورة الإسراء، الآية: 56.



    الحمد لله رب العالمين

  4. #484

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    4 ـ ومن المعلوم يقينًا
    أن
    ما يعبده المشركون من دون الله:
    الأنبياء، أو الصالحين، أو الملائكة،
    أو الجن الذين أسلموا،
    أنهم في شغل شاغل عنهم
    باهتمامهم

    بالافتقار إلى الله

    بالعمل الصالح،
    والتنافس في القُرْبِ من ربهم
    يرجون رحمته
    ويخافون عذابه،
    فكيف يُعبَدُ من هذا حاله ؟ ([1])

    قال تعالى:

    { أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ
    يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ
    وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ
    وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ
    إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } ([2]).

    5 ـ وقد أوضح وبيّن سبحانه
    أن
    ما عُبِدَ من دونه
    قد توفرت فيهم
    جميع أسباب العجز
    وعدم إجابة الدعاء من كل وجه؛

    فإنهم
    لا يملكون مثقال ذرة
    في السَّمَاوات ولا في الأرض
    لا على وجه الاستقلال،
    ولا على وجه الاشتراك،

    وليس لله من هذه
    المعبودات
    من ظهير يساعده على ملكه وتدبيره،
    ولا تنفع الشفاعة عنده
    إلا لمن أذن له ([3])،

    قال عز وجل:
    { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ
    لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
    فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ

    وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ
    وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ،

    وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ
    إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } ([4])،

    وقال سبحانه تعالى:

    { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ

    وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ
    مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ،
    إِن تَدْعُوهُمْ
    لا يَسْمَعُواْ دُعَاءَكُمْ
    وَلَوْ سَمِعُواْ
    مَا اسْتَجَابُواْ لَكُمْ

    وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ
    بِشِرْكِكُمْ
    وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }([5]).
    ************************
    ([1]) انظر: تفسير ابن كثير 3/48، وتفسير السعدي 4/291.
    ([2]) سورة الإسراء، الآية: 57.
    ([3]) انظر: تفسير ابن كثير 3/37، وتفسير السعدي 6/274.
    ([4]) سورة سبأ، الآيتان: 22، 23.
    ([5]) سورة فاطر، الآيتان: 13، 14.


    الحمد لله رب العالمين

  5. #485

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    6 ـ وقال عز وجل:

    { قُلْ أَفَرَأَيْتُم
    مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
    إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ
    هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ

    أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ

    هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ
    قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ
    عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُو نَ } ([1]).

    7 ـ وقال سبحانه وتعالى:

    { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ
    مَا لاَ يَنفَعُكَ
    وَلاَ يَضُرُّكَ

    فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ
    الظَّالِمِينَ ،

    وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ

    فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ

    وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ

    فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ
    يُصيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
    وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } ([2])،

    وهذا وصف
    لكل مخلوق،
    وأنه لا ينفع ولا يضر

    وإنما النافع الضار
    هو الله
    ،

    ومن دعا ما لا يضره ولا ينفعه
    فقد ظلم نفسه
    بالوقوع في الشرك الأكبر،


    وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام
    لو دعا غير الله لكان من الظالمين المشركين،
    فكيف بغيره ([3]) ؟،

    فالنافع الضار
    هو المستحق للعبادة
    وحده


    { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ
    فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ

    وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ
    فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ } ([4]).

    ************************
    ([1]) سورة الزمر، الآية: 38.
    ([2]) سورة يونس، الآيتان: 106-107.
    ([3]) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص331.
    ([4]) سورة الأنعام، الآية: 17.



    الحمد لله رب العالمين

  6. #486

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    8 ـ وقال عز وجل:

    { وَمَنْ أَضَلُّ ممن يَدْعواْ مِن دُونِ اللَّهِ

    مَن لاَ يَسْتَجِيب لَه إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

    و هم عن دعائهم غَافِلونَ

    وَإِذَا حشََِر الناس كانوا لهم
    أعداء
    و كانوا بعبادتهم كافرين }([1])

    فهل هناك أضل من هؤلاء
    الذين يعبدون
    من
    لا يستجيب لهم
    مدة مقامهم في الدنيا،

    لا ينتفعون بهم
    مثقال ذرة،
    وهم
    لا يسمعون منهم دعاء،
    ولا يجيبون لهم نداء،
    وهذا حالهم في الدنيا،

    ويوم القيامة
    يكفرون بشركهم،
    ويكونون لهم
    أعداء يلعن بعضهم بعضًا،
    ويتبرأ بعضهم من بعض ([2]).

    ************************
    ([1]) سورة الأحقاف، الآيتان: 5-6.
    ([2]) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص724.



    الحمد لله رب العالمين

  7. #487

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    9 ـ ضرب الأمثال من أوضح وأقوى أساليب الإيضاح والبيان
    في إبراز الحقائق المعقولة
    في صورة الأمر المحسوس،

    وهذا من أعظم ما يُردُّ به
    على الوثنيين في إبطال عقيدتهم
    وتسويتهم المخلوق
    بالخالق في العبادة والتعظيم؛

    ولكثرة هذا النوع في القرآن الكريم
    سأقتصر على ثلاثة أمثلة توضح المقصود
    على النحو الآتي:


    ( أ ) قال الله عز وجل:

    { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ
    إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
    لَن يَخْلُقُواْ ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُواْ لَهُ

    وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا
    لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ
    ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ،

    مَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
    إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
    } ([1]).

    حق على كل عبد أن يستمع لهذا المثل،
    ويتدبره حق تدبره،
    فإنه يقطع مواد الشرك من قلبه،

    فالآلهة التي تُعبَد من دون الله
    لن تقدر على خلق الذباب
    ولو اجتمعوا كلهم لخلقه،

    فكيف بما هو أكبر منه،

    بل لا يقدرون على
    الانتصار من الذباب
    إذا سلبهم شيئًا مما عليهم من طيب ونحوه،
    فيستنقذوه منه ،

    فلا هم قادرون على خلق الذباب
    الذي هو أضعف المخلوقات،

    ولا على الانتصار منه واسترجاع ما سلبهم إياه،

    فلا أعجز من هذه الآلهة الباطلة،
    ولا أضعف منها،

    فكيف يستحسن عاقل
    عبادتها من دون الله ؟!

    وهذا المثل من أبلغ ما أنزل الله تعالى
    في بطلان الشرك
    وتجهيل أهله
    ([2]).

    ************************
    ([1]) سورة الحج، الآيتان: 73، 74.
    ([2]) انظر: أمثال القرآن، لابن القيم، ص47، والتفسير القيم، لابن القيم، ص368،
    وتفسير البغوي، 3/298، وتفسير ابن كثير، 3/236،
    وفتح القدير للشوكاني، 3/470، وتفسير السعدي، 5/326.



    الحمد لله رب العالمين

  8. #488

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    (ب) ومن أحسن الأمثال
    وأدلَّها على
    بطلان الشرك،

    وخسارة صاحبه
    وحصوله على ضد مقصوده،


    قوله تعالى:

    { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ
    أَوْلِيَاءَ
    كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا

    وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ
    لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ،

    إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ
    وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ،

    وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ

    وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ } ([1]).

    فهذا مثل ضربه الله لمن عَبَدَ معه غيره
    يقصد به التعزز والتقَوِّي والنفع،

    فبين سبحانه أن هؤلاء ضعفاء،

    وأن الذين اتخذوهم أولياء من دون الله
    أضعف منهم ،

    فهم في ضعفهم وما قصدوه من اتخاذ الأولياء
    كالعنكبوت التي هي من أضعف الحيوانات،

    اتخذت بيتًا وهو من أضعف البيوت،
    فما ازدادت باتخاذه إلا ضعفًا،

    وكذلك من اتخذ من دون الله أولياء،
    فإنهم ضعفاء،
    وازدادوا باتخاذهم
    ضعفًا إلى ضعفهم ([2]).

    ************************
    ([1]) سورة العنكبوت، الآيات: 41-43.
    ([2]) انظر: تفسير البغوي 3/468،
    وأمثال القرآن لابن القيم ص21،
    وفتح القدير للشوكاني 4/204.


    الحمد لله رب العالمين

  9. #489

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************
    ( ج ) ومن أبلغ الأمثال التي تُبيّن أن المشرك
    قد تشتت شمله واحتار في أمره،

    ما بيّنه تعالى بقوله:

    {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً
    رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ
    وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ
    هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً
    الْحَمْدُ لِلَّهِ
    بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ } ([1]).

    فهذا مثل ضربه الله تعالى للمشرك والموحد،
    فالمشرك لَمَّا كان يعبد آلهة شتى
    شُبِّهَ بعبد يملكه جماعة متنازعون مختلفون،
    سيئة أخلاقهم، يتنافسون في خدمته،
    لا يمكنه أن يبلغ رضاهم أجمعين،
    فهو في عذاب.

    والموحد لَمَّا كان
    يعبد الله
    وحده لا شريك له
    ،

    فمثله كمثل عبد لرجل واحد،
    قد سلم له، وعلم مقاصده،
    وعرف الطريق إلى رضاه،
    فهو في راحة من تشاحن الخلطاء فيه واختلافهم،
    بل هو سالم لمالكه من غير تنازع فيه،
    مع رأفة مالكه به،
    ورحمته له،
    وشفقته عليه،

    وإحسانه إليه،
    وتوليه لمصالحه،

    فهل يستوي هذان العبدان ؟
    والجواب: كلا،
    لا يستويان أبدًا ([2]).

    ************************
    ([1]) سورة الزمر، الآية: 29.
    ([2]) انظر: تفسير البغوي 4/78، وابن كثير 4/52،
    والتفسير القيم، لابن القيم، ص423،
    وفتح القدير للشوكاني 4/462،
    وتفسير السعدي 6/468، وتفسير الجزائري 4/43.



    الحمد لله رب العالمين

  10. #490

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************
    10 ـ الذي يستحق العبادة
    وحده من يملك القدرة على كل شيء،
    والإحاطة بكل شيءٍ،
    وكمال السلطان
    والغلبة

    والقهر
    والهيمنة

    على كل شيءٍ،

    والعلم بكل شيء،
    ويملك الدنيا والآخرة،
    والنفع
    والضر،
    والعطاء
    والمنع

    بيده وحده،


    فمن كان هذا شأنه
    فإنه حقيق بأن
    يُذكَر فلا يُنسى،
    ويُشكر فلا يُكفر،
    ويُطاع فلا يُعصى،
    ولا يُشرك معه غيره ([1]).

    وصفات الكمال المطلق لله تعالى،
    لا يحيط بها أحد،

    ولكن منها على سبيل المثال:

    ( أ ) المتفرد بالألوهية:
    لا يستحق الألوهية إلا الله وحده ،
    الحي الذي لا يموت أبدًا،
    القيوم الذي قام بنفسه
    واستغنى عن جميع المخلوقات،
    وهي مفتقرة إليه في كل شيء،

    ومن كمال حياته وقيوميته
    أنه لا تأخذه سنة ولا نوم،

    وجميع ما في السَّماوات والأرض عبيده،
    وتحت قهره وسلطانه:

    { إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
    إِلّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا،
    لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا } ([2]).

    ومن تمام ملكه
    وعظمته
    وكبريائه

    أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه ،
    فكل الوجهاء والشفعاء عبيد له،
    لا يقدمون على شفاعة حتى يأذن لهم،
    ولا يأذن إلا لمن ارتضى،
    وعلمه تعالى محيط بجميع الكائنات،
    ولا يطلع أحد على شيء من علمه
    إلا ما أطلعهم عليه،
    ومن عظمته
    أن كرسيه وسع السَّماوات والأرض،

    وأنه قد حفظهما وما فيهما من مخلوقات،
    ولا يثقله حفظهما،
    بل ذلك سهل عليه يسير لديه،

    وهو القاهر لكل شيء،
    العلي بذاته على جميع مخلوقاته،
    والعلي بعظمته وصفاته،
    العلي
    الذي قهر المخلوقات
    ودانت له الموجودات،
    العظيم الجامع لصفات العظمة والكبرياء،

    وقد دلّ على هذه الصفات العظيمة
    قوله تعالى:
    { اللَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
    لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ
    لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
    مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ

    يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
    وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء

    وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
    وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا
    وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ
    } ([3]).

    ************************
    ([1]) انظر: تفسير البغوي 1/237، 3/71، 2/88، 372،
    وابن كثير 1/309، 2/572، 3/42، 2/127، 435، 570، 1/344، 2/138،
    وتفسير السعدي 1/313، 7/686، 2/381، 3/397، 4/204، 6/364، 1/356، 2/372،
    وأضواء البيان 2/187، 3/271.

    ([2]) سورة مريم، الآيتان: 93، 94.
    ([3]) سورة البقرة، الآية: 255.

    الحمد لله رب العالمين

  11. #491

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    (ب) وهو الإله الذي خضع كل شيء لسلطانه،
    فانقادت له المخلوقات بأسرها:
    جماداتها، وحيواناتها، وإنسها، وجنّها، وملائكتها


    { وَلَهُ أَسْلَمَ
    مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
    طَوْعًا وَكَرْهًا
    وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
    }([1]).

    ( ج ) وهو الإله الذي
    بيده النفع والضر،

    فلو اجتمع الخلق على أن ينفعوا مخلوقًا
    لم ينفعوه
    إلا بما كـتبه الله له ،

    ولو اجتمعوا على أن يضروه بشيء
    لم يضروه
    إذا لم يُرِد الله ذلك :

    {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ
    فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ
    وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ
    فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ
    يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
    وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
    } ([2]).

    ( د ) وهو القادر على كل شيء،
    ولا يعجزه شيء :

    { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا

    أَنْ يَقُولَ لَهُ
    كُنْ فَيَكُونُ } ([3]).

    (هـ) إحاطة علمه بكل شيء،
    شامل للغيوب كلها:

    يعلم ما كان،
    وما يكون،
    وما لم يكن
    لو كان كيف يكون
    ([4]):

    { إِنَّ اللَّهَ
    لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ
    فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ }([5])،

    { وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ
    مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ
    فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ
    وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ
    إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }([6])،

    { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ
    وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
    وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ
    إِلاَّ يَعْلَمُهَا
    وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ
    وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ
    إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }([7])،

    { إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }([8]).

    ولا شك أن من عرف هذه الصفات
    وغيرها من صفات
    الكمال والعظمة،
    فإنه سيعبد الله وحده ؛
    لأنه الإله
    المستحق للعبادة
    .


    ************************
    ([1]) سورة آل عمران، الآية: 83.
    ([2]) سورة يونس، الآية: 107.
    ([3]) سورة يس، الآية: 82.
    ([4]) انظر: تفسير ابن كثير 1/344، 2/138، والسعدي 2/356، 2/372.

    ([5]) سورة آل عمران، الآية: 5.
    ([6]) سورة يونس: الآية: 61.
    ([7]) سورة الأنعام، الآية: 59.
    ([8]) سورة الأنفال، الآية: 75.




    الحمد لله رب العالمين

  12. #492

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************
    المطلب الثالث: الشفاعة:

    أولاً:

    مفهوم الشفاعة

    لغة:


    يُقال شفع الشيء:
    ضمَّ مثله إليه، فجعل الوتر شفعًا ([1]).


    واصطلاحًا:

    التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرّةٍ ([2]).

    من الحكمة القولية في دعوة من يتعلّق بغير الله تعالى

    ويطلب الشفاعة منه

    أن يبيّن له
    أن الشفاعة
    ملك لله وحده
    :

    { قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا
    لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
    ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }([3]).

    ************************
    ([1]) انظر: القاموس المحيط، باب العين، فصل الشين ص947،
    والنهاية في غريب الحديث، 2/485، والمعجم الوسيط 1/487.
    ([2]) انظر: شرح لمعة الاعتقاد للشيخ محمد صالح العثيمين، ص80.
    ([3]) سورة الزمر، الآية: 44.




    الحمد لله رب العالمين

  13. #493

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    ثانيًا:

    يُرد على من طلب الشفاعة من غير الله تعالى
    بالأقوال الحكيمة الآتية:
    1 ـ ليس المخلوق كالخالق،

    فكل من قال:
    إن الأنبياء والصالحين والملائكة
    أو غيرهم من المخلوقين
    لهم عند الله جاهٌ عظيمٌ ومقاماتٌ عاليةٌ


    فهم يشفعون لنا عنده
    كما يتقرّب إلى الوجهاء والوزراء عند الملوك والسّلاطين،
    ليجعلوهم وسائط لقضاء حاجاتهم،

    فهذا القول من أبطل الباطل؛

    لأنه شبَّه الله العظيم ملك الملوك
    بالملوك الفقراء المحتاجين للوزراء والوجهاء
    في تكميل ملكهم ونفوذ قوتهم،

    فإن الوسائط بين الملوك وبين الناس
    على أحد وجوه ثلاثة:

    الوجه الأول:
    إما لإخبارهم عن أحوال الناس بما لا يعرفونه.

    الوجه الثاني:
    أو يكون الملِكُ عاجزًا عن تدبير رعيته
    فلا بد له من أعوان؛
    لذُلِّهِ وعجزه.

    الوجه الثالث:
    أو يكون الملك لا يريد نفع رعيته والإحسان إليهم،
    فإذا خاطبهم من ينصحه ويعظه
    تحركت إرادته وهمّته في قضاء حوائج رعيته.

    والله عز وجل
    ليس كخلقه الضعفاء،
    فهو تعالى لا تخفى عليه خافية،
    وغني عن كل ما سواه،
    وأرحم بعباده من الوالدة بولدها،

    ومعلوم أن الشافع عند ملوك الدنيا
    قد يكون له ملك مستقل،
    وقد يكون شريكًا لهم،
    وقد يكون معاونًا لهم،

    فالملوك يقبلون شفاعته لأحد ثلاثة أمور:
    أ ـ تارة لحاجتهم إليه.
    ب ـ وتارة لخوفهم منه.
    جـ ـ وتارة لجزاء إحسانه إليهم.

    وشفاعة العباد بعضهم عند بعض
    من هذا الجنس،

    فلا يقبل أحد شفاعة أحد
    إلا لرغبة أو رهبة،

    والله عز وجل
    لا يرجو أحدًا
    ولا يخافه،
    ولا يحتاج إليه ([1])،

    ولهذا قطع الله جميع أنواع التعلّقات بغيره، وبيّن بطلانها،

    فقال تعالى:
    { قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ
    لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
    فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ

    وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ
    وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ،

    وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ
    إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ

    حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ
    قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ
    قَالُوا الْحَقَّ
    وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }([2]).

    فقد سدّت هذه الآية على المشركين
    جميع الطرق التي دخلوا منها إلى الشرك
    أبلغ سدٍّ وأحكمه،


    فإن العابد إنما يتعلّق بالمعبود لِمَا يرجو من نفعه،
    وحينئذ فلا بد أن يكون المعبود
    مالكًا للأسباب التي ينتفع بها عابده،
    أو يكون شريكًا لمالكها،
    أو ظهيرًا أو وزيرًا أو معاونًا له،
    أو وجيهًا ذا حرمة وقدر يشفع عنده،

    فإذا انتفت هذه الأمور الأربعة من كل وجه
    انتفت أسباب الشرك
    وانقطعت مواده
    (
    [3]).
    ************************
    ([1]) انظر: فتاوى ابن تيمية 1/126-129.
    ([2]) سورة سبأ، الآيتان: 22، 23.
    ([3]) انظر: التفسير القيم، لابن القيم ص408.




    الحمد لله رب العالمين

  14. #494

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    2 ـ الشفاعة: شفاعتان:

    ( أ ) الشفاعة المثبتة:

    وهي التي تطلب من الله ولها شرطان:

    الشرط الأول: إِذْن الله للشّافع أن يشفع،

    لقوله تعالى:
    { مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ
    إِلاَّ بِإِذْنِهِ } ([1]).

    الشرط الثاني: رضا الله عن الشّافع والمشفوع له،

    لقوله تعالى:
    {وَلا يَشْفَعُونَ
    إِلا لِمَنِ ارْتَضَى } ([2])،

    { يَومَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ
    إلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ
    وَرَضِيَ لَهُ قَولاً
    } ([3]).

    ( ب ) الشفاعة المنفية:

    وهي التي تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله،

    والشفاعة بغير إذنه ورضاه والشفاعة للكفار:

    { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ }([4])،

    ويستثنى شفاعته صلّى الله عليه وسلّم
    في تخفيف عذاب أبي طالب ([5]).


    3 ـ الاحتجاج على من طلب الشفاعة من غير الله
    بالنص والإجماع،

    فلم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا الأنبياء من قبله
    شرعوا للناس أن يدعوا الملائكة،
    أو الأنبياء، أو الصالحين،

    ولا يطلبوا منهم الشفاعة،

    ولم يفعل ذلك
    أحد من الصحابة
    ولا التابعين لهم بإحسان،


    ولم يستَحِبّ ذلك
    أحد من أئمة المسلمين،
    لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم،
    ولا مجتهد يعتمد على قوله في الدين،
    ولا من يعتبر قوله في مسائل الإجماع،

    فالحمد لله رب العالمين ([6]).

    ************************
    ([1]) سورة البقرة، الآية: 255.
    ([2]) سورة الأنبياء، الآية: 28.
    ([3]) سورة طه، الآية: 109.
    ([4]) سورة المدثر، الآية: 48.

    ([5]) انظر: البخاري مع الفتح، مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب 7/193، برقم 3883،
    ومسلم، كتاب الإيمان، باب أهون أهل النار عذابًا، 1/195، برقم 211.

    ([6]) انظر: فتاوى ابن تيمية 1/112، 158، 14/399-414، 1/108-165،
    14/380، 409، 1/160-166، 195، 228، 229، 241،
    ودرء تعارض العقل والنقل، له، 5/147، وأضواء البيان 1/137.





    الحمد لله رب العالمين

  15. #495

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************


    المطلب الرابع:

    مُسْبِغ النعم المستحق للعبادة:


    من الحكمة في دعوة المشركين إلى الله تعالى
    لفت أنظارهم وقلوبهم إلى نعم الله العظيمة:
    الظاهرة والباطنة، والدينية والدنيوية.


    فقد أسبغ على عباده جميع النعم:

    {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ }([1])،

    وسخر هذا الكون وما فيه من مخلوقات لهذا الإنسان.

    وقد بيّن سبحانه هذه النعم،
    وامتن بها على عباده،

    وأنه المستحق للعبادة وحده ،

    ومما امتن به عليهم ما يأتي:


    أولاً: على وجه الإجمال:

    قال الله عز وجل:

    {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً...}([2])،

    { أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم
    مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ

    وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ
    ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً
    }([3])،


    { وَسَخَّرَ لَكُم
    مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ
    إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } ([4]).

    فقد شمل هذا الامتنان جميع النعم:
    الظاهرة والباطنة، الحسّيّة والمعنوية،

    فجميع ما في السماوات والأرض
    قد سُخِّر لهذا الإنسان،

    وهو شامل لأجرام السماوات والأرض،
    وما أودع فيهما من:
    الشمس والقمر والكواكب،

    والثوابت والسيارات،

    والجبال والبحار والأنهار،

    وأنواع الحيوانات،
    وأصناف الأشجار والثمار،

    وأجناس المعادن،

    وغير ذلك مما هو من مصالح بني آدم،

    ومصالح ما هو من ضروراتهم
    للانتفاع والاستمتاع والاعتبار.


    وكل ذلك دالّ
    على أن
    الله وحده
    هو المعبود


    الذي لا تنبغي العبادة
    والذلّ
    والمحبة
    إلا له،


    وهذه أدلة عقلية لا تقبل ريبًا ولا شكًا
    على أن
    الله هو الحق،

    وأن ما يدعى من دونه هو الباطل ([5]):

    { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ
    هُوَ الْحَقُّ

    وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ
    وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ
    الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }([6]).


    ثانيًا: على وجه التفصيل:


    ومن ذلك قوله تعالى:

    { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
    وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
    فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ

    وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ
    وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ،

    وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ
    وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ،

    وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ

    وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ
    لاَ تُحْصُوهَا

    إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }([7]).

    وقال عز وجل بعد أن ذكر نعمًا كثيرة:


    { وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا
    وَتَسْتَخْرِجُو اْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا

    وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ
    وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ،

    وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ
    وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً
    لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ،

    وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ،
    أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ
    أَفَلا تَذَكَّرُونَ ،

    وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ
    لاَ تُحْصُوهَا

    إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }([8]).

    أفمن يخلق هذه النعم
    وهذه المخلوقات العجيبة

    كمن لا يخلق شيئًا منها ؟

    ومن المعلوم قطعًا
    أنه لا يستطيع فرد من أفراد العباد
    أن يحصي ما أنعم الله به عليه
    في خلق عضو من أعضائه،
    أو حاسة من حواسه،

    فكيف بما عدا ذلك من النعم
    في جميع ما خلقه في بدنه،

    وكيف بما عدا ذلك من النعم الواصلة إليه
    في كل وقت على تنوعها واختلاف أجناسها ؟ ([9]).

    ولا يسع العاقل بعد ذلك
    إلا أن يعبد الله

    الذي أسدى لعباده هذه النعم
    ولا يشرك به شيئًا؛
    لأنه
    المستحق للعبادة
    وحده سبحانه
    .



    ************************
    ([1]) سورة النحل، الآية: 53.
    ([2]) سورة البقرة، الآية: 29.
    ([3]) سورة لقمان، الآية: 20.
    ([4]) الجاثية: الآية: 13.

    ([5]) انظر: تفسير البغوي 1/59، 3/72،
    وابن كثير 3/451، 4/149، والشوكاني 1/60، 4/420،
    والسعدي 1/69، 6/161، 7/21،
    وأضواء البيان للشنقيطي 3/225-253.

    ([6]) سورة الحج، الآية: 62، وانظر: سورة لقمان، الآية: 30.
    ([7]) سورة إبراهيم، الآيات: 32-34.
    ([8]) سورة النحل، الآيات: 14-18، وانظر: الآيات: 3-12 من السورة نفسها.
    ([9]) انظر: فتح القدير 3/154، 3/110، وأضواء البيان 3/253.




    الحمد لله رب العالمين

  16. #496

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************


    المطلب الخامس:

    أسباب ووسائل الشرك:

    حذر النبي صلّى الله عليه وسلّم
    عن كل ما يوصل إلى الشرك ويسبب وقوعه،
    وبين ذلك بيانًا واضحًا،
    ومن ذلك على سبيل الإيجاز ما يأتي:

    1 ـ الغلو في الصالحين
    هو سبب
    الشرك بالله تعالى،

    فقد كان الناس منذ أُهبِطَ آدم صلّى الله عليه وسلّم
    إلى الأرض على الإسلام،

    قال ابن عباس رضي الله عنهما:
    كان بين آدم ونوح عشرة قرون
    كلهم على الإسلام
    ([1]).

    وبعد ذلك
    تعلَّق الناس بالصالحين،
    ودبَّ الشرك في الأرض،

    فبعث الله نوحًا صلّى الله عليه وسلّم
    يدعو إلى
    عبادة الله وحده ،
    وينهى عن عبادة ما سواه ([2])،

    وردّ عليه قومه:
    { وَقَالُواْ لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ
    وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا
    وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا
    }([3]).

    وهذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح،
    فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم
    أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا،
    وسموها بأسمائهم، ففعلوا،
    ولم تُعبد حتى إذا هلك أولئك
    ونُسِيَ العلم
    عُبِدت ([4]).
    وهذا سببه
    الغلو في الصالحين
    ؛

    فإن الشيطان يدعو إلى الغلو في الصالحين
    وإلى
    عبادة القبور،
    ويُلقي في قلوب الناس
    أن البناء
    والعكوف عليها
    من محبة أهلها
    من الأنبياء والصالحين،

    وأن الدعاء عندها مستجاب،

    ثم ينقلهم من هذه المرتبة
    إلى الدعاء بها
    والإقسام على الله بها،


    وشأن الله أعظم
    من أن يُسأل
    بأحد من خلقه
    ،


    فإذا تقرر ذلك عندهم
    نقلهم إلى
    دعاء صاحب القبر
    وعبادته
    وسؤاله الشفاعة من دون الله،
    واتخاذ قبره وثنًا
    تُعلَّق عليه الستور،

    ويطاف به ،
    ويُستلم ويُقبَّل ،
    ويُذبَح عنده ،


    ثم ينقلهم من ذلك
    إلى مرتبة رابعة:


    وهي دعاء الناس إلى
    عبادته
    واتخاذه عيدًا
    ،

    ثم ينقلهم إلى أن
    من نهى عن ذلك
    فقد تَنَقَّصَ أهل هذه الرتب العالية
    من الأنبياء والصالحين،

    وعند ذلك يغضبون ([5]).

    ولهذا حذّر الله عباده من الغلو في الدين،
    والإفراط بالتعظيم بالقول أو الفعل أو الاعتقاد،
    ورفع المخلوق عن منزلته التي أنزله الله تعالى،

    كما قال تعالى:

    { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ
    لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ

    وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقِّ

    إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ
    وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ }([6]).


    ************************
    ([1]) أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب التاريخ، 2/546،
    وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ووافقه الذهبي،
    وذكره ابن كثير في البداية والنهاية 1/101، وعزاه إلى البخاري،
    وانظر: فتح الباري 6/372.

    ([2]) انظر: البداية والنهاية لابن كثير 1/106.
    ([3]) سورة نوح، الآية: 23.
    ([4]) البخاري مع الفتح، كتاب التفسير، سورة نوح، 8/667، برقم 4920.
    ([5]) انظر: تفسير الطبري 29/62، وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص246.
    ([6]) سورة النساء، الآية: 171.




    الحمد لله رب العالمين

  17. #497

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    2 ـ الإفراط في المدح والتجاوز فيه،
    والغلو في الدين:

    حذَّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الإطراء
    فقال:

    لا تطروني
    كما أطرت النصارى ابن مريم،

    فإنما أنا عبده ،
    فقولوا:
    عبدُ الله ورسوله([1])،

    وقال صلّى الله عليه وسلّم:
    إياكم والغلو في الدين،
    فإنما أهلك من كان قبلكم
    الغلو في الدين([2]).

    3 ـ بناء المساجد على القبور،
    وتصوير الصور فيها:

    حذَّر صلّى الله عليه وسلّم عن اتخاذ المساجد على القبور،
    وعن اتخاذها مساجد؛
    لأن عبادة الله عند قبور الصالحين
    وسيلة إلى عبادتهم ؛

    ولهذا لَمَا ذكرت أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما
    لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم
    كنيسة في الحبشة فيها تصاوير

    قال:
    إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات
    بنوا على قبره مسجدًا
    وصوروا فيه تلك الصور،
    أولئك
    شرار الخلق
    عند الله يوم القيامة([3]).

    ومن حرص النبي صلّى الله عليه وسلّم على أمته
    أنه عندما نزل به الموت قال:
    لَعْنَةُ الله على اليهود والنصارى،
    اتخذوا قبور
    أنبيائهم
    مساجد
    ”.

    قالت عائشة رضي الله عنها:
    يُحذِّر ما صنعوا
    ([4]).

    وقال قبل أن يموت بخمس:
    ألا وإن من كان قبلكم
    كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد،
    ألا فلا تتخذوا القبور مساجد،
    فإني أنهاكم عن ذلك([5]).

    ************************
    ([1]) البخاري مع الفتح بلفظه، كتاب الأنبياء،
    باب قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ...}، 6/478، 12/144،
    وانظر: شرحه في الفتح 12/149.

    ([2]) النسائي، كتاب مناسك الحج، باب التقاط الحصى 5/260،
    وابن ماجه، كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي 2/1008، وأحمد 1/347.

    ([3]) البخاري مع الفتح،
    كتاب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد 1/523، 3/208، 7/187،
    وأخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة،
    باب النهي عن بناء المساجد على القبور 1/375.

    ([4]) البخاري مع الفتح، كتاب الصلاة، باب:
    حدثنا أبو اليمان 1/532، 3/200، 6/494، 7/186، 8/140، 10/277،
    ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة،
    باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها 1/337.

    ([5]) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة،
    باب النهي عن بناء المساجد على القبور 1/377.






    الحمد لله رب العالمين

  18. #498

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    4 ـ اتخاذ القبور مساجد:

    حذَّر صلّى الله عليه وسلَّم أمته
    عن اتخاذ قبره وثنًا يُعبد من دون الله،

    ومن باب أولى غيره من الخلق،

    فقال:

    اللهم لا تجعل قبري
    وثنًا يُعبد،
    اشتدَّ غضب الله على قوم
    اتخذوا
    قبور أنبيائهم مساجد ([1]).

    5 ـ إسراج القبور وزيارة النساء لها:

    حذِّر صلّى الله عليه وسلّم عن إسراج القبور؛
    لأن البناء عليها، وإسراجها،
    وتجصيصها والكتابة عليها،
    واتخاذ المساجد عليها
    من وسائل الشرك،

    فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

    لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زائرات القبور
    والمتخذين عليها المساجد والسرج ([2]).

    6 ـ الجلوس على القبور والصلاة إليها:

    لم يترك صلّى الله عليه وسلّم بابًا من أبواب الشرك
    التي تُوصِّل إليه إلا سدَّه ([3])،

    ومن ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم:
    لا تجلسوا على القبور،
    ولا تصلوا إليها([4]).


    ************************
    ([1]) الموطأ للإمام مالك، كتاب قصر الصلاة في السفر،
    باب جامع الصلاة 1/172، وهو عنده مرسل،
    ولفظ أحمد 2/246:
    "
    اللهم لا تجعل قبري وثنًا،
    ولعن الله قومًا اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد

    وأبو نعيم في الحلية 7/317، وانظر: فتح المجيد ص150.

    ([2]) النسائي، كتاب الجنائز، باب التغليظ في اتخاذ السرج على القبور 4/94،
    وأبو داود، كتاب الجنائز، باب في زيارة النساء القبور 3/218،
    والترمذي، كتاب الصلاة، باب كراهية أن يتخذ على القبر مسجدًا 2/136،
    وابن ماجه في الجنائز، باب النهي عن زيارة النساء للقبور 1/502،
    وأحمد 1/229، 287، 324، 2/337، 3/442، 443، والحاكم 1/374،
    وانظر ما نقله صاحب فتح المجيد في تصحيح الحديث عن ابن تيمية ص276.

    ([3]) انظر: فتح المجيد ص281.

    ([4]) مسلم، كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه 2/668.









    الحمد لله رب العالمين

  19. #499

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************

    7 ـ اتخاذ القبور عيدًا، وهجر الصلاة في البيوت،

    بيَّن صلّى الله عليه وسلّم
    أن القبور ليست مواضع للصلاة،


    وأن من صلى عليه وسلم
    فستبلغه صلاته سواء
    كان بعيدًا عن قبره أو قريبًا،

    فلا حاجة لاتخاذ قبره عيدًا:

    لا تجعلوا بيوتكم قبورًا،
    ولا تجعلوا قبري عيدًا،
    وصلوا عليّ
    فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم
    ([1]).


    وقال صلّى الله عليه وسلّم:

    إن لله ملائكة سياحين يبلغوني من أمتي السلام([2]).

    فإذا كان قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم
    أفضل قبر على وجه الأرض
    وقد نهى عن اتخاذه عيدًا،
    فغيره أولى بالنهي
    كائنًا من كان
    ([3]).

    8 ـ الصور وبناء القباب على القبور:

    كان صلّى الله عليه وسلّم يطِّهر الأرض من وسائل الشرك،
    فيبعث بعض أصحابه
    إلى هدم
    القباب المشرفة على القبور،
    وطمس الصور،

    فعن أبي الهياج الأسدي قال:
    قال لي علي بن أبي طالب:

    ألا أبعثك على ما بعثني عليه
    رسول الله
    صلّى الله عليه وسلّم ؟

    ألا تدع تمثالاً
    إلا طمسته،
    ولا قبرًا مشرفًا
    إلا سويته([4]).

    ************************
    ([1]) أبو داود، كتاب المناسك، باب زيارة القبور، 2/218 بإسناد حسن،
    وأحمد 2/357،
    وانظر: صحيح سنن أبي داود 1/383.
    ([2]) النسائي في السهو، باب السلام على النبي صلّى الله عليه وسلّم 3/43،
    وأحمد 1/452،
    وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم برقم 21، ص24،
    وسنده صحيح.
    ([3]) انظر: الدرر السنية في الأجوبة النجدية لعبد الرحمن بن قاسم 6/165-174.
    ([4]) مسلم، كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر 2/666.












    الحمد لله رب العالمين

  20. #500

    افتراضي

    *****************************
    نورالتوحيد
    وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة
    http://islamhouse.com/ar/books/1941/

    *****************************


    9 ـ شدّ الرّحال إلى غير المساجد الثلاثة:

    وكما سدَّ صلّى الله عليه وسلّم
    كل باب يوصّل إلى
    الشرك
    فقد حمى
    التوحيد عما يقرب منه ويخالطه
    من
    الشرك وأسبابه،

    فقال صلّى الله عليه وسلّم:
    لا تشدوا الرحال
    إلا إلى ثلاثة مساجد:
    مسجدي هذا،
    والمسجد الحرام،
    والمسجد الأقصى
    ([1]).

    فدخل في هذا النهي
    شدّ الرحال
    لزيارة القبور والمشاهد،

    وهو الذي فهمه الصحابة رضي الله عنهم
    من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم،

    ولهذا عندما ذهب أبو هريرة رضي الله عنه إلى الطور،
    فلقيه بصرة بن أبي بصرة الغفاري:

    فقال: من أين جئت؟
    قال: من الطور.
    فقال:
    لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت إليه،

    سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
    لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد…”([2]).

    ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

    " وقد اتفق الأئمة
    على أنه لو نذر أن يسافر إلى قبره
    صلّى الله عليه وسلّم
    أو غيره من الأنبياء والصالحين
    لم يكن عليه أن يوفي بنذره،
    بل يُنهى عن ذلك " ([3]).


    ************************
    ([1]) البخاري مع الفتح، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة 3/63،
    ومسلم بلفظه، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره 2/976.

    ([2]) النسائي، كتاب الجمعة، باب الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة 3/114،
    ومالك في الموطأ، كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة 1/109،
    وأحمد في المسند 6/7، 397، وانظر: فتح المجيد ص289، وصحيح النسائي 1/309.

    ([3]) انظر: فتاوى ابن تيمية 1/234.
    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •