بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد السابع
الحلقة (489)
سُورَةُ الْأَحْقَافِ
صـ 219 إلى صـ 226
[ ص: 219 ] وبعض العلماء يقول : إن أرأيتم بمعنى أخبروني . والعلم عند الله - تعالى - .
قوله - تعالى - : وشهد شاهد من بني إسراءيل على مثله .
التحقيق - إن شاء الله - أن هذه الآية الكريمة جارية على أسلوب عربي معروف ، وهو إطلاق المثل على الذات نفسها ، كقولهم : مثلك لا يفعل هذا ، يعنون لا ينبغي لك أنت أن تفعله .
وعلى هذا فالمعنى : وشهد شاهد من بني إسرائيل على أن هذا القرآن وحي منزل حقا من عند الله ، لا أنه شهد على شيء آخر مماثل له; ولذا قال - تعالى - : فآمن واستكبرتم .
ومما يوضح هذا تكرر إطلاق المثل في القرآن مرادا به الذات ، كقوله - تعالى - : أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات الآية [ 6 \ 122 ] .
فقوله : كمن مثله في الظلمات ، أي كمن هو نفسه في الظلمات ، وقوله - تعالى - : فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا [ 2 \ 137 ] أي فإن آمنوا بما آمنتم به ، لا بشيء آخر مماثل له - على التحقيق - .
ويستأنس له بالقراءة المروية عن ابن عباس وابن مسعود فإن آمنوا بما آمنتم به الآية .
القول بأن لفظة ( ما ) في الآية مصدرية ، وأن المراد تشبيه الإيمان بالإيمان ، أي فإن آمنوا بإيمان مثل إيمانكم فقد اهتدوا ، لا يخفى بعده .
والشاهد في الآية هو عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - كما قال الجمهور ، وعليه فهذه الآية مدنية في سورة مكية .
وقيل : إن الشاهد موسى بن عمران - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - وقيل غير ذلك .
قوله - تعالى - : وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه .
[ ص: 220 ] أظهر أقوال العلماء في هذه الآية الكريمة أن الكافرين الذين قالوا للمؤمنين لو كان خيرا ما سبقونا إليه ، أنهم كفار مكة ، وأن مرادهم أن فقراء المسلمين وضعفاءهم : كبلال وعمار وصهيب وخباب ونحوهم - أحقر عند الله من أن يختار لهم الطريق التي فيها الخير .
وأنهم هم الذين لهم عند الله عظمة وجاه واستحقاق السبق لكل خير ; لزعمهم أن الله أكرمهم في الدنيا بالمال والجاه ، وأن أولئك الفقراء لا مال لهم ولا جاه ، وأن ذلك التفضيل في الدنيا يستلزم التفضيل في الآخرة .
وهذا المعنى الذي استظهرناه في هذه الآية الكريمة - تدل له آيات كثيرة من كتاب الله ، وخير ما يفسر به القرآن القرآن .
أما ادعاؤهم أن ما أعطوا من المال والأولاد والجاه في الدنيا ، دليل على أنهم سيعطون مثله في الآخرة ، وتكذيب الله لهم في ذلك - فقد جاء موضحا في آيات كثيرة ، كقوله - تعالى - : أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون [ 23 \ 55 - 56 ] . وقوله - تعالى - : أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا الآية [ 19 \ 77 - 79 ] . وقوله - تعالى - : وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين [ 34 \ 35 ] مع قوله : وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى الآية [ 34 \ 37 ] . وقوله - تعالى - : ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ [ 41 \ 50 ] .
وقد أوضحنا الآيات الدالة على هذا في سورة " الكهف " في الكلام على قوله - تعالى - : ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا [ 18 \ 36 ] .
وأما احتقار الكفار لضعفاء المؤمنين وفقرائهم ، وزعمهم أنهم أحقر عند الله من أن يصيبهم بخير ، وأنما هم عليه لو كان خيرا لسبقهم إليه أصحاب الغنى والجاه والولد من الكفار - فقد دلت عليه آيات أخر ، كقوله - تعالى - في " الأنعام " : وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا [ 6 \ 53 ] .
فهمزة الإنكار في قوله : أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ، تدل على إنكارهم أن الله يمن على أولئك الضعفاء بخير .
[ ص: 221 ] وقد رد الله عليهم بقوله : أليس الله بأعلم بالشاكرين وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم الآية [ 6 \ 53 - 54 ] . وقوله - تعالى - في " الأعراف " : ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون [ 7 \ 48 - 49 ] . وقوله - تعالى - في " ص " : وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار أأتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار [ 38 \ 62 - 63 ] .
فقد قال غير واحد : إن الرجال الذين كانوا يعدونهم من الأشرار هم ضعفاء المسلمين الذين كانوا يسخرون منهم في دار الدنيا ، ويزعمون أنهم أحقر من أن ينالهم الله بخير ، ويدل له قوله : أأتخذناهم سخريا وسيسخر ضعفاء المسلمين في الجنة من الكفار الذين كانوا يسخرون منهم في الدنيا وهم في النار ، كما قال - تعالى - : إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون إلى قوله - تعالى - : فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون [ 83 \ 29 - 36 ] . وقوله - تعالى - : زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة الآية [ 2 \ 212 ] .
قوله - تعالى - : وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا .
قد قدمنا الآيات الموضحة في سورة " الشعراء " في الكلام على قوله - تعالى - : لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين [ 26 \ 194 - 195 ] وفي سورة " الزمر " في الكلام على قوله - تعالى - : قرءانا عربيا غير ذي عوج الآية [ 39 \ 28 ] .
قوله - تعالى - : لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين .
قد قدمنا الآيات الموضحة له مع بيان أنواع الإنذار في القرآن في أول سورة " الأعراف " في الكلام على قوله - تعالى - : فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به الآية [ 7 \ 2 ] . وفي أول سورة " الكهف " في الكلام على قوله - تعالى - : لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الآية [ 18 \ 2 ] .
قوله - تعالى - : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
[ ص: 222 ] قد قدمنا الكلام عليه في سورة " فصلت " في الكلام على قوله - تعالى - : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الآية [ 41 ] .
قوله - تعالى - : ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا .
قرأ هذا الحرف نافع وابن كثير وابن عامر وأبو عمرو : حسنا بضم الحاء وسكون السين ، وكذلك هو في مصاحفهم .
وقرأه عاصم وحمزة والكسائي : إحسانا بهمزة مكسورة وإسكان الحاء ، وألف بعد السين .
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذه الآية في سورة " بني إسرائيل " في الكلام على قوله - تعالى - : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا [ 17 \ 23 ] . وقال أبو حيان في البحر : قيل : ضمن ووصينا معنى ألزمنا ، فيتعدى لاثنين ، فانتصب حسنا وإحسانا على المفعول الثاني لوصينا .
وقيل : التقدير إيصاء ذا حسن أو ذا إحسان ، ويجوز أن يكون حسنا بمعنى إحسان ، فيكون مفعولا به ، أي ووصيناه بها لإحساننا إليهما ، فيكون الإحسان من الله - تعالى - .
وقيل : النصب على المصدر على تضمين معنى أحسنا بالوصية للإنسان بوالديه إحسانا . ا هـ منه ، وكلها له وجه .
قوله - تعالى - : حملته أمه كرها ووضعته كرها .
قرأ هذا الحرف نافع وابن كثير وأبو عمرو وهشام عن ابن عامر : كرها بفتح الكاف في الموضعين .
وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وابن ذكوان عن ابن عامر : كرها بضم الكاف في الموضعين .
وهما لغتان كالضعف والضعف .
ومعنى حملته كرها أنها في حال حملها به تلاقي مشقة شديدة .
[ ص: 223 ] ومن المعلوم ما تلاقيه الحامل من المشقة والضعف ، إذا أثقلت وكبر الجنين في بطنها .
ومعنى وضعته كرها : أنها في حالة وضع الولد تلاقي من ألم الطلق وكربه مشقة شديدة ، كما هو معلوم .
وهذه المشاق العظيمة التي تلاقيها الأم في حمل الولد ووضعه ، لا شك أنها يعظم حقها بها ، ويتحتم برها والإحسان إليها ، كما لا يخفى .
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من المشقة التي تعانيها الحامل ، ودلت عليه آية أخرى ، وهي قوله - تعالى - في " لقمان " : ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن [ 31 \ 14 ] أي تهن به وهنا على وهن ، أي ضعفا على ضعف; لأن الحمل كلما تزايد وعظم في بطنها ، ازدادت ضعفا على ضعف .
وقوله في آية " الأحقاف " هذه كرها في الموضعين - مصدر منكر ، وهو حال ، أي حملته ذات كره ووضعته ذات كره ، وإتيان المصدر المنكر حالا كثير ، كما أشار له في الخلاصة بقوله :
ومصدر منكر حالا يقع بكثرة كبغتة زيد طلع
وقال بعضهم : كرها في الموضعين نعت لمصدر ، أي حملته حملا ذا كره ، ووضعته وضعا ذا كره . والعلم عند الله - تعالى - .
قوله - تعالى - : وحمله وفصاله ثلاثون شهرا .
هذه الآية الكريمة ليس فيها بانفرادها تعرض لبيان أقل مدة الحمل ، ولكنها بضميمة بعض الآيات الأخرى إليها يعلم أقل أمد الحمل ; لأن هذه الآية الكريمة من سورة " الأحقاف " صرحت بأن أمد الحمل والفصال معا - ثلاثون شهرا .
وقوله - تعالى - في " لقمان " : وفصاله في عامين . وقوله في " البقرة " : والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين [ 2 \ 233 ] - يبين أن أمد الفصال عامان ، وهما أربعة وعشرون شهرا ، فإذا طرحتها من الثلاثين بقيت ستة أشهر ، فتعين كونها أمدا للحمل ، وهي أقله ، ولا خلاف في ذلك بين العلماء .
[ ص: 224 ] ودلالة هذه الآيات على أن ستة أشهر أمد الحمل - هي المعروفة عند علماء الأصول بدلالة الإشارة .
وقد أوضحنا الكلام عليها في مباحث الحج ، في سورة " الحج " في مبحث أقوال أهل العلم في حكم المبيت بمزدلفة ، وأشرنا لهذا النوع من البيان في ترجمة هذا الكتاب المبارك .
قوله - تعالى - : حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة .
قد قدمنا الكلام عليه في سورة " الأنعام " في الكلام على قوله - تعالى - : حتى يبلغ أشده [ 6 \ 152 ] وفي ترجمة هذا الكتاب المبارك .
قوله - تعالى - : والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين أولئك الذين حق عليهم القول .
التحقيق - إن شاء الله - أن الذي في قوله : والذي قال لوالديه بمعنى الذين ، وأن الآية عامة في كل عاق لوالديه مكذب بالبعث .
والدليل من القرآن على أن ( الذي ) بمعنى الذين ، وأن المراد به العموم - أن الذي في قوله : والذي قال لوالديه مبتدأ خبره قوله - تعالى - : أولئك الذين حق عليهم القول الآية .
والإخبار عن لفظة الذي في قوله : أولئك الذين حق عليهم القول بصيغة الجمع - صريح في أن المراد بالذي العموم لا الإفراد . وخير ما يفسر به القرآن القرآن .
وبهذا الدليل القرآني تعلم أن قول من قال في هذه الآية الكريمة أنها نازلة في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - ليس بصحيح ، كما جزمت عائشة - رضي الله عنها - ببطلانه .
وفي نفس آية " الأحقاف " هذه دليل آخر واضح على بطلانه ، وهو أن الله صرح بأن الذين قالوا تلك المقالة حق عليهم القول ، وهو قوله : ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين [ 32 \ 13 ] .
[ ص: 225 ] ومعلوم أن عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما - أسلم وحسن إسلامه ، وهو من خيار المسلمين وأفاضل الصحابة - رضي الله عنهم - .
وغاية ما في هذه الآية الكريمة هو إطلاق ( الذي ) وإرادة ( الذين ) ، وهو كثير في القرآن وفي كلام العرب ; لأن لفظ الذي مفرد ومعناها عام لكل ما تشمله صلتها ، وقد تقرر في علم الأصول أن الموصولات كالذي والتي وفروعهما من صيغ العموم ، كما أشار له في مراقي السعود بقوله :
صيغة كل أو الجميع وقد تلا الذي التي الفروع
فمن إطلاق الذي وإرادة الذين في القرآن - هذه الآية الكريمة من سورة " الأحقاف " . وقوله - تعالى - في سورة " البقرة " : مثلهم كمثل الذي استوقد نارا الآية [ 2 \ 17 ] . أي كمثل الذين استوقدوا ، بدليل قوله : ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون [ 2 \ 17 ] بصيغة الجمع في الضمائر الثلاثة التي هي بنورهم و تركهم ، والواو في لا يبصرون .
وقوله - تعالى - في " البقرة " أيضا : كالذي ينفق ماله رئاء الناس [ 2 \ 264 ] أي كالذين ينفقون ; بدليل قوله : لا يقدرون على شيء مما كسبوا [ 2 \ 264 ] . وقوله في " الزمر " : والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون [ 39 \ 33 ] . وقوله في " التوبة " : وخضتم كالذي خاضوا [ 9 \ 69 ] أي كالذين خاضوا بناء على أنها موصولة لا مصدرية ، ونظير ذلك من كلام العرب قول أشهب بن رميلة :
فإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد
وقول عديل بن الفرخ العجلي :
وبت أساقي القوم إخوتي الذي غوايتهم غيي ورشدهم رشدي
وقول الراجز :
يا رب عبس لا تبارك في أحد في قائم منهم ولا في من قعد
إلا الذي قاموا بإطراف المسد
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : أف لكما كلمة تضجر . وقائل ذلك عاق [ ص: 226 ] لوالديه غير مجتنب نهي الله في قوله : إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف الآية [ 17 \ 23 ] . وقوله : أتعدانني فعل ، مضارع وعد ، وحذف واوه في المضارع مطرد ، كما ذكره في الخلاصة بقوله :
فا أمر أو مضارع من كوعد احذف وفي كعدة ذاك اطرد
والنون الأولى نون الرفع ، والثانية نون الوقاية ، كما لا يخفى .
وقرأ هذا الحرف أبو عمرو وابن عامر في رواية ابن ذكوان وعاصم وحمزة والكسائي : أتعدانني ، بنونين مكسورتين مخففتين وياء ساكنة .
وقرأه هشام عن ابن عامر بنون مشددة مكسورة وبياء ساكنة .
وقرأه نافع وابن كثير بنونين مكسورتين مخففتين وياء مفتوحة ، والهمزة للإنكار .
وقوله : أن أخرج أي أبعث من قبري حيا بعد الموت .
والمصدر المنسبك من أن وصلتها هو المفعول الثاني لتعدانني ، يعني أتعدانني الخروج من قبري حيا بعد الموت ، والحال قد مضت القرون ، أي هلكت الأمم الأولى ، ولم يحي منهم أحد ، ولم يرجع بعد أن مات .
وهما ، أي والداه ، يستغيثان الله ، أي يطلبانه أن يغيثهما بأن يهدي ولدهما إلى الحق والإقرار بالبعث ، ويقولان لولدهما : ويلك آمن ، أي بالله وبالبعث بعد الموت .
والمراد بقولهما : ويلك - حثه على الإيمان . إن وعد الله حق ، أي وعده بالبعث بعد الموت حق لا شك فيه ، فيقول ذلك الولد العاق المنكر للبعث : ما هذا إن الذي تعدانني إياه من البعث بعد الموت إلا أساطير الأولين .
والأساطير جمع أسطورة . وقيل : جمع إسطارة ، ومراده بها ما سطره الأولون ، أي كتبوه من الأشياء التي لا حقيقة لها .
وقوله : أولئك ترجع الإشارة فيه إلى العاقين المكذبين بالبعث المذكورين في قوله : والذي قال لوالديه أف لكما الآية .