كتاب الجدول في إعراب القرآن
محمود بن عبد الرحيم صافي
الجزء الثالث والعشرون
سورة الصافات
الحلقة (482)
من صــ 79 الى صـ 92
[سورة الصافات (37) : الآيات 114 الى 122]
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ (114) وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115) وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (116) وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (117) وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (118)
وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ (119) سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ (120) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121) إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (على موسى) متعلّق ب (مننّا) .
جملة: «منّنا..» لا محلّ لها جواب القسم المقدّر.
(115) - (الواو) عاطفة في الموضعين (قومهما) معطوف على ضمير المفعول في (نجّيناهما) ب (الواو) منصوب (من الكرب) متعلّق ب (نجيناهما) .
وجملة: «نجيناهما ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة مننا.
(116) - (الواو) عاطفة وكذلك (الفاء) ، (هم) ضمير فصل (الغالبين) خبر كانوا منصوب، وعلامة النصب الياء.
وجملة: «نصرناهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة مننا..
وجملة: «كانوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة نصرناهم..
(117- 118) - (الواو) عاطفة (الكتاب) مفعول به ثان منصوب (الصراط) مفعول به ثان عامله هديناهما- أو منصوب على نزع الخافض وجملة: «آتيناهما ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
وجملة: «هديناهما ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
(119- 122) (وتركنا ... المؤمنين) آيات سبق إعراب نظائرها مفردات وجملا «1» .
الصرف:
(117) المستبين: اسم فاعل من السداسيّ استبان، وزنه مستفعل بضمّ الميم وكسر العين.. وفيه إعلال بالتسكين، أصله مستبين- بسكون الباء وكسر الياء- استثقلت الكسرة على الياء فسكّنت ونقلت الحركة إلى الباء.
[سورة الصافات (37) : الآيات 123 الى 132]
وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127)
إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (130) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (اللام) المزحلقة للتوكيد (من المرسلين) متعلّق بخبر إنّ.
وجملة: «إنّ إلياس لمن المرسلين» لا محلّ لها استئنافيّة.
(124) (إذ) ظرف للزمن الماضي متعلّق بالمرسلين «2» ، (لقومه) متعلّق ب (قال) ، (ألا) أداة عرض لا عمل لها.
وجملة: «قال ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «ألا تتّقون ... » في محلّ نصب مقول القول.
(125) (الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ (الواو) عاطفة.
وجملة: «تدعون ... » في محلّ نصب بدل من جملة تتّقون.
وجملة: «تذرون..» في محلّ نصب معطوفة على جملة تدعون.
(126- 128) (الله) لفظ الجلالة بدل من أحسن منصوب- أو عطف بيان عليه- (ربّكم) نعت للفظ الجلالة- أو بدل منه- منصوب (الفاء) عاطفة والثانية رابطة لجواب شرط مقدّر (اللام) المزحلقة للتوكيد. (إلّا) للاستثناء (عباد) مستثنى بإلّا منصوب.
وجملة: «كذّبوه ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة قال ...
وجملة: «إنّهم لمحضرون..» في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن جاء حسابهم فإنّهم ...
(129- 132) (وتركنا ... من عبادنا المؤمنين) مرّ إعراب نظائرها «3» مفردات وجملا.
الصرف:
(123) إلياس: اسم علم لنبيّ من أنبياء بني إسرائيل، وقيل هو إدريس، وقال ابن عبّاس هو ابن عمّ اليسع، وقيل هو ابن أخي هارون، وهو علم أعجميّ لا يعرف وزنه.
(125) بعلا: اسم بمعنى إله، وزنه فعل بفتح فسكون.
(130) إلياسين: قيل هو اسم آخر لإلياس فهو مفرد، وقيل جمع مذكّر سالم لكلّ من آمن مع إلياس على طريقة التغليب كما يقال المهالبة والأشاعرة نسبة إلى المهلّب والأشعريّ، وهو في الأصل جمع إلياسيّ- نسبة إلى إلياس- ثمّ استثقلت الشدّة على الياء فحذفت إحدى الياءين،فلمّا جمع جمع مذكّر سالما التقى ساكنان إحدى الياءين وياء الجمع، فحذفت أولاهما لالتقاء الساكنين فصار إلياسين.. والقول بإفراده أصحّ.
الفوائد
- قصة إلياس عليه الصلاة والسلام:
قال قتادة ومحمد بن إسحاق: إلياس هو إدريس، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبيدة بن ربيعة عن عبد الله ابن مسعود- رضي الله عنه- قال: إلياس هو إدريس. وكذا قال الضحاك.
وقال وهب بن منبه: هو إلياس بن (ياسين) بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران، بعثه الله في بني إسرائيل بعد حزقيل عليهما الصلاة والسلام. وكانوا قد عبدوا صنما يقال له «بعل» فدعاهم إلى الله، ونهاهم عن عبادة ما سواه. وكان قد آمن به ملكهم ثم ارتد، واستمروا على ضلالتهم، ولم يؤمن به منهم أحد، فدعا الله عليهم، فحبس عنهم القطر ثلاث سنين، ثم سألوه أن يكشف ذلك عنهم، ووعدوه بالإيمان به إن هم أصابهم المطر. فدعا الله لهم، فجاءهم الغيث، فاستمروا على أخبث ما كانوا عليه من الكفر، فسأل الله أن يقبضه إليه، وكان قد نشأ على يديه اليسع بن أخطوب- عليه الصلاة والسلام- فأمر إلياس أن يذهب إلى مكان كذا وكذا، فهما جاءه فليركبه ولا يخفه، فجاءته فرس من نار فركب، وألبسه الله النور وكساه الريش، وكان يطير مع الملائكة ملكا إنسيا سماويا أرضيا، هكذا حكاه وهب عن أهل الكتاب. والله أعلم بصحته.
[سورة الصافات (37) : الآيات 133 الى 138]
وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133) إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137)
وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (138)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (لمن المرسلين) مزحلقة وخبر إنّ.
جملة: «إنّ لوطا لمن المرسلين» لا محلّ لها استئنافيّة.
(135- 136) (إذ) ظرف للزمن الماضي متعلّق بالمرسلين «4» ، في محلّ نصب (الواو) عاطفة (أهله) معطوف على ضمير الغائب في (نجيناه) منصوب (أجمعين) توكيد معنوي لضمير لوط وأهله (إلّا) للاستثناء (عجوزا) مستثنى بإلّا منصوب (في الغابرين) نعت ل (عجوزا) .
وجملة: «نجّيناه ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «دمّرنا ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة نجّيناه.
(137) - (الواو) عاطفة (اللام) المزحلقة للتوكيد (عليهم) متعلّق ب (تمرّون) ، (مصبحين) حال منصوبة من فاعل تمرّون.
وجملة: «إنّكم لتمرّون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّ لوطا لمن المرسلين.
وجملة: «تمرّون..» في محلّ رفع خبر إنّ.
(138) (الواو) عاطفة (بالليل) متعلّق بحال معطوفة على الحال السابقة (الهمزة) للاستفهام التوبيخيّ (الفاء) عاطفة (لا) نافية.
وجملة: «لا تعقلون ... » لا محلّ لها معطوفة على مقدّر أي:
أتغفلون عن ذلك فلا تعقلون..
الفوائد
- الضمير:
ينقسم الضمير إلى ثلاثة أنواع:
1- الضمير المنفصل: وهو الذي يأتي مستقلا، غير متصل بشيء وهو نوعان:
آ- ضمائر الرفع: أنا- نحن- أنت- أنت- أنتما- أنتم- أنتن- هو- هي- هما- هم- هن.
ب- ضمائر النصب: إيّاي- إيّانا- إيّاك.. إلخ.
2- الضمير المستتر: وهو الذي لا يظهر في الكلام، وإنما يقدر تقديرا، وهو:
للغائب: هو- هي. للمتكلم: أنا- نحن. للمخاطب: أنت.
أما بقية الضمائر مثل: أنتما- هما- هم فلا تأتي مستترة، وإنما يستتر الضمائر التي ذكرناها فقط. يستتر الضمير جوازا مع الغائب: هو- هي. ويستتر وجوبا مع المتكلم والمخاطب: أنا- نحن- أنت.
3- الضمير المتصل، وهو الضمير الذي يتصل بكلمة، ولا يأتي مستقلا. وقد يتصل بالاسم مثل (كتابك) ، أو بالفعل مثل (جاؤوا) أو بالحرف مثل (عليه) . وينقسم إلى ثلاثة أنواع:
آ- ضمائر تختص بالرفع وهي: ألف الاثنين- واو الجماعة- ياء الخطاب- التاء المتحركة- نون النسوة.
وهذه الضمائر لا تتصل إلا بالفعل فإن كان الفعل تاما (غير ناقص) فهي في محل رفع فاعل، كما في الآية التي نحن بصددها قوله تعالى أَفَلا تَعْقِلُونَ
فواو الجماعة ضمير متصل في محل رفع فاعل. أما إن اتصلت بفعل ناقص (كان وأخواتها) فهي في محل رفع اسمها.
ب- ضمائر تختص بالنصب والجر، وهي: هاء الغائب، وياء المتكلم، وكاف الخطاب. وتشترك باتصالها بالفعل أو الاسم أو الحرف أو بالحروف المشبهة بالفعل (إن وأخواتها) ، فإن اتصلت بالفعل، فهي في محل نصب مفعول به، مثل (أكرمتك) ، وإن اتصلت بالحرف المشبه بالفعل، فهي في محل نصب اسمها، وإن اتصلت بالاسم فهي في محل جر بالإضافة، وإن اتصلت بالحرف (أي حرف جر) فهي في محل جر بحرف الجر.
ج- وضمير يختص بالرفع أو النصب أو الجر، وهو (نا) ، فيأتي أحيانا في محل رفع مثل (سمعنا وأطعنا) ، وأحيانا في محل جر مثل (ربنا) ، وأحيانا في محل نصب مثل (لا تؤاخذنا) .
ملاحظة: إذا اتصلت ياء المتكلم بأحد حرفي الجر: (من) و (عن) أو بالفعل، أتي بنون الوقاية فاصلا بين الياء وبين ما قبلها، مثل: منّي- عنّى- أكرمني- يكرمني- أكرمني..
[سورة الصافات (37) : الآيات 139 الى 148]
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (148)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (لمن المرسلين) مثل السابقة «5» .
جملة: «إنّ يونس لمن المرسلين» لا محلّ لها استئنافيّة.
(140) (إذ أبق) مثل إذ نجّيناه «6» ، (إلى الفلك) متعلّق ب (أبق) .
وجملة: «أبق ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
(141) (الفاء) عاطفة في الموضعين (من المدحضين) متعلّق بخبر كان.
وجملة: «ساهم ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة أبق.
وجملة: «كان من المدحضين..» في محلّ جرّ معطوفة على جملة ساهم.
(142) (الفاء) عاطفة و (الواو) حالية.
وجملة: «التقمه الحوت ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة كان ...
وجملة: «هو مليم» في محلّ نصب حال.
(143) (الفاء) استئنافيّة- أو عاطفة- (لولا) حرف شرط غير جازم (من المسبّحين) متعلّق بخبر كان.
والمصدر المؤوّل (أنّه كان من المسبّحين) في محلّ رفع مبتدأ خبره محذوف تقديره موجود.
وجملة: «لولا (تسبيحه) موجود» لا محلّ لها استئنافيّة- أو معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «كان من المسبّحين» في محلّ رفع خبر أنّ.
(144) (اللام) واقعة في جواب لولا (في بطنه) متعلّق ب (لبث) «7» ، (إلى يوم) متعلّق ب (لبث) ، و (الواو) في (يبعثون) نائب الفاعل.
وجملة: «لبث ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «يبعثون» في محلّ جرّ مضاف إليه.
(145) (الفاء) استئنافيّة (بالعراء) متعلّق ب (نبذناه) و (الباء) للظرفيّة (الواو) حالية..
وجملة: «نبذناه ... » لا محلّ لها استئنافيّة في معرض قصّة يونس.
وجملة: «هو سقيم» في محلّ نصب حال.
(146) (الواو) عاطفة (عليه) متعلّق ب (أنبتنا) بتضمينه معنى ظلّلنا (من يقطين) متعلّق بنعت لشجرة.
وجملة: «أنبتنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة نبذناه.
(147) (الواو) عاطفة (إلى مائة) متعلّق ب (أرسلناه) ، (أو) للإضراب «8» ..
وجملة: «أرسلناه ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة نبذناه..
وجملة: «يزيدون..» لا محلّ لها استئنافيّة.
(148) (الفاء) عاطفة في الموضعين (إلى حين) متعلّق ب (متّعناهم) .
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أرسلناه.
وجملة: «متّعناهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة آمنوا.
الصرف:
(141) المدحضين: جمع المدحض، اسم مفعول من أدحض المبنيّ للمجهول، وزنه مفعل بضمّ الميم وفتح العين.
(142) مليم: اسم فاعل من الرباعيّ ألام فلان إذا أتى بما يلام عليه، وزنه مفعل بضمّ الميم وكسر العين، وفيه إعلال بالقلب وإعلال بالتسكين، أصله ملوم بضمّ فسكون فكسر، استثقلت الكسرة على الواو فسكّنت- إعلال بالتسكين- ونقلت حركتها إلى اللام قبلها، ثمّ قلبت الواو ياء لانكسار ما قبل الواو فأصبح مليم.
(143) المسبّحين: جمع المسبّح اسم فاعل من الرباعي سبّح وزنه مفعّل بضم الميم وكسر العين المشددة..
(145) العراء: اسم لوجه الأرض، جامد، والهمزة فيه منقلبة عن ياء أصله العراي لأنه من عري يعرى باب فرح، فلمّا تطرّفت الياء بعد ألف ساكنة، قلبت همزة.
(146) يقطين: اسم جامد لنبات القرع وزنه يفعيل بفتح الياء مأخوذ من قطن بالمكان إذا قام فيه لا يبرح.
الفوائد
- يونس صلى الله عليه وسلم والفلك:
قال ابن عباس ووهب: كان يونس- عليه الصلاة والسلام- وعد قومه العذاب، فتأخر العذاب عنهم، فخرج كالمستور منهم، فقصد البحر، فركب السفينة، فاحتبست السفينة، فقال الملّاحون: هاهنا عبد آبق من سيّده. فاقترعوا فوقعت على يونس ثلاث مرات، فقال: أنا الآبق، وزج نفسه في الماء. هذا ما قاله ابن عباس. ثمّ التقمه الحوت، وكان يسبح الله عز وجلّ ويذكره كثيرا. وقال ابن عباس: كان من المصلين. قال بعضهم: اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة. واختلفت الأقوال في مدة لبثه في بطن الحوت، فقيل: ثلاثة، وقيل: سبعة، وقيل: عشرين، وقيل: أربعين، وبعد أن لفظه الحوت أنبت الله عليه شجرة من يقطين (يعني القرع) ، وتختص هذه الشجرة بعدم اقتراب الذباب منها، ثم أرسله الله إلى مائة ألف أو يزيدون، أي بل يزيدون. وورد في الحديث أنهم يزيدون (عشرين ألفا) فآمنوا به.
روي عن أبي بن كعب- رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) عن قوله تعالى وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ قال: يزيدون عشرين ألفا. أخرجه الترمذي.
وقال: حديث حسن.
- (أو) :
تضاربت أقوال النحاة حول معنى (أو) في قوله تعالى: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ. وقد ذكر ابن هشام في المغنى هذا الخلاف، وأورد هذه الآراء. قال الفراء: المعنى (بل يزيدون) هكذا جاء في التفسير مع صحته في العربية، وقال بعض الكوفيين: بمعنى الواو، وللبصريين فيها أقوال: قيل: للإبهام، وقيل:
للتخيير، أي إذا رآهم الرائي تخير بين أن يقول: هم مائة ألف أو هم أكثر، نقله ابن الشجري عن سيبويه، وفي ثبوته عنه نظر، ولا يصح التخيير بين شيئين، الواقع أحدهما، وقيل: هي للشك مصروفا إلى الرائي، ذكره ابن جني، وأورد الإمام النسفي في التفسير قوله: (أو يزيدون) في مرأى الناظر، أي إذا رآهم الرائي قال:هم مائة ألف أو أكثر. وقال الزجاج: قال غير واحد: معناه بل يزيدون. قال ذلك الفراء وأبو عبيدة، ونقل عن ابن عباس كذلك، وهذا القول هو أظهر. هذه الأقوال والله أعلم.
[سورة الصافات (37) : الآيات 149 الى 157]
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ (150) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (153)
ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (156) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (157)
الإعراب:
(الفاء) استئنافيّة، وضمير الغائب في (استفتهم) يعود على كفّار مكّة (الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ، (لربّك) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ البنات (الواو) للاستفهام الإنكاريّ، لربّك) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ البنات (الواو) عاطفة (لهم البنون) مثل لربك البنات.
جملة: «استفتهم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ألربّك البنات..» لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «لهم البنون» لا محلّ لها معطوفة على الاستئناف البيانيّ.
(150) (أم) عاطفة معادلة للهمزة «9» ، (إناثا) حال منصوب من الملائكة، (الواو) حالية.
وجملة: «خلقنا....» لا محلّ لها معطوفة على الاستئناف البيانيّ.
وجملة: «هم شاهدون» في محلّ نصب حال.
(151) (ألا) أداة تنبيه (من إفكهم) متعلّق ب (يقولون) ومن سببيّة (اللام) المزحلقة للتوكيد ...
وجملة: «إنّهم ... ليقولون» لا محلّ لها استئنافيّة.
(152) (الواو) حالية (اللام) المزحلقة للتوكيد.
وجملة: «ولد الله ... » في محلّ نصب مقول القول «10» .
وجملة: «إنّهم لكاذبون» في محلّ نصب حال.
(153) (الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ (على البنين) متعلّق ب (اصطفى) .
وجملة: «اصطفى ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
(154) (ما) اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ (لكم) متعلّق بمحذوف خبر ما (كيف) اسم استفهام في محلّ نصب حال عامله (تحكمون) .
وجملة: «ما لكم....» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تحكمون ... » لا محلّ لها بدل من جملة ما لكم.
(155) (الهمزة) للاستفهام التوبيخيّ (الفاء) عاطفة (لا) نافية.
وجملة: «تذكّرون» لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي:
أغفلتم فلا تذكّرون.
(156) (أم) هي المنقطعة بمعنى بل والهمزة (لكم) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ (سلطان) .
وجملة: «لكم سلطان ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
(157) (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (بكتابكم) متعلّق ب (ائتوا) ، (كنتم) فعل ماض ناقص في محلّ جزم فعل الشرط.
وجملة: «ائتوا ... » في محل جزم جواب شرط مقدّر أي: إن كنتم صادقين فأتوا «11» .
وجملة: «إن كنتم صادقين ... » لا محلّ لها تفسير للشرط المقدّر ... «12» .
الصرف:
(أصطفى) ، حذفت همزة الوصل لدخول همزة الاستفهام على الفعل، والطاء مبدلة من تاء الافتعال.
(تذكّرون) ، حذفت إحدى التاءين تخفيفا، وأصله تتذكّرون.
الفوائد
- دخول همزة الاستفهام على همزة الوصل:
1- إذا دخلت همزة الاستفهام على همزة وصل (مكسورة) فإننا نحذف همزة الوصل، كقوله تعالى في الآية التي نحن بصددها أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ وقولك (أسمك خالد) (أستغفرت الله) .
2- أما إن دخلت على همزة وصل مفتوحة، فتدغم الهمزتان وتصبحان ألفا ممدودة مثل آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ
[سورة الصافات (37) : الآيات 158 الى 160]
وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة- أو عاطفة- (بينه) ظرف منصوب متعلّق بمحذوف مفعول به ثان (بين) ظرف معطوف على الأول ومتعلّق بما تعلّق به (الواو) عاطفة (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (اللام) المزحلقة.. والضمير في (إنهم، محضرون) يعود على المشركين.
وجملة: «جعلوا....» لا محلّ لها استئنافيّة- أو معطوفة على استئناف سابق.
وجملة: «علمت الجنّة ... » لا محلّ لها جواب القسم.. وجملة القسم المقدّرة معطوفة على جملة جعلوا ...
وجملة: «إنّهم لمحضرون..» في محلّ نصب سدّت مسدّ مفعولي علمت المعلّق ب (إنّ) ، وقد كسرت الهمزة لمجيء اللام بالخبر.
(159) (سبحان) مفعول مطلق لفعل محذوف (ما) حرف مصدريّ «13» .
المصدر المؤوّل (ما يصفون) في محلّ جرّ متعلّق بالفعل المحذوف.
وجملة: « (نسبّح) سبحان..» لا محلّ لها اعتراضيّة دعائيّة.
وجملة: «يصفون» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ.
(160) (إلّا) للاستثناء (عباد) مستثنى بإلّا من فاعل جعلوا أو من الضمير في محضرون «14» .
الصرف:
(الجنّة) ، هم الملائكة هنا، وسمّوا بذلك لاستتارهم عن الأنظار، وزنه فعلة بكسر الفاء وسكون العين.
__________
(1) في الآيات (78، 79، 80، 81) من هذه السورة.
(2) أو مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر.
(3) في الآيات: (78، 79، 80، 81) ، من هذه السورة.
(4) أو هو اسم ظرفيّ في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر.
(5) في الآية (133) [.....]
(6) في الآية (134) من هذه السورة.
(7) أو متعلّق بمحذوف حال من فاعل لبث.
(8) اختلف المفسّرون كثيرا في معنى (أو) ، فقيل هو للإضراب، وقيل للإبهام، وقيل لمطلق الجمع، وقيل للتخيير وقيل للإباحة.
(9) أو هي المنقطعة بمعنى بل والهمزة، والجملة بعدها استئنافيّة.
(10) لم يقولوا هذا الكلام صراحة، وإنّما هو لازم لقولهم الملائكة بنات الله.
(11) أو إن كان لكم حجّة فأتوا ...
(12) وجواب الشرط محذوف تقديره فأتوا بكتابكم ...
(13) أو اسم موصول في محلّ جرّ، والعائد محذوف.
(14) وهو استثناء متّصل، ويجوز أن يكون منفصلا إذا كان المستثنى منه ضمير (يصفون) .