تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 23 من 33 الأولىالأولى ... 1314151617181920212223242526272829303132 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 441 إلى 460 من 643

الموضوع: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

  1. #441
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (439)
    تفسير السعدى
    سورة الاحزاب
    من الأية(64) الى الأية(73)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة الاحزاب


    " إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا "(64)
    إن الله طرد الكافرين من رحمته في الدنيا والآخرة, وأعد لهم في الآخرة نارا موقدة شديدة الحرارة,
    " خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا "(65)
    ماكثين فيها أبدا, لا يجدون وليا يتولاهم ويدافع عنهم, ولا نصيرا ينصرهم, فيخرجهم من النار.
    " يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول "(66)
    يوم تقلب وجوه الكافرين في النار يقولون نادمين متحيرين: يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا رسوله في الدنيا, فكنا من أهل الجنة.
    " وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل "(67)
    وقال الكافرون يوم القيامة: ربنا إنا أطعنا أئمتنا في الضلال وكبراءنا في الشرك, فأزالونا عن طريق الهدى والإيمان.
    " ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا " (68)
    ربنا عذبهم من العذاب مثلي عذابنا الذي تعذبنا به, واطردهم من رحمتك طردا شديدا.
    وفي هذا دليل على أن طاعة غير الله في مخالفة أمره وأمر رسوله, موجبة لسخط الله وعقابه, وأن التابع والمتبوع في العذاب مشتركون, فليحذر المسلم ذلك.

    " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها "(69)
    يا أيها الذين صدقوا الله واتبعوا رسوله لا تؤذوا رسول الله بقول أو فعل, ولا تكونوا أمثال الذين آذوا نبي الله موسى, فبرأه الله مما قالوا فيه من الكذب والزور,, كان عند الله عظيم القدر والجاه.
    " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا " (70)
    يا أيها الذين صدقوا الله واتبعوا رسوله, خافوا الله أن تعصوه, فتستحقوا بذلك العقاب, وقولوا في جميع احوالكم وشؤونكم قولا مستقيما موافقا للصواب خاليا من الكذب والباطل.
    " يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما " (71)
    إذا اتقيتم الله وقلتم قولا سديدا أصلح الله لكم أعمالكم, وغفر ذنوبكم.
    ومن يطع الله ورسوله فيما أمر ونهى فقد فاز بالكرامة العظمى في الدنيا والآخرة.

    " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا " (72)
    إنا عرضنا الأمانة -التي ائتمن الله عليها المكلفين من امتثال الأوامر واجتناب النواهي- على السموات والأرض والجبال, فأبين أن يحملنها, وخفن أن لا يقمن بأدائها, وحملها الإنسان والتزم بها على ضعفه, إنه كان شديد الظلم والجهل لنفسه.
    " ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما " (73)
    (وحمل الإنسان الأمانة) ليعذب الله المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويخفون الكفر, والمنافقات, والمشركين في عبادة الله غيره, والمشركات, ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات بستر ذنوبهم وترك عقابهم.
    وكان الله غفورا للتائبين من عباده, رحيما بهم.


  2. #442
    تاريخ التسجيل
    Mar 2020
    المشاركات
    13

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    السلام عليكم، بفضل الله لدي بحث صغير عن اسس التفسير أود المساهمة به لكنه اكثر نفعا لمن من الله عليه باتمان حفظ كتاب الله هذا بريدي الإلكتروني لمن يرغب فيه
    Hossameldin.khalil@gmail.com

  3. #443
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (440)
    تفسير السعدى
    سورة سبأ
    من الأية(1) الى الأية(7)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة سبأ

    " الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير " (1)
    الثناء الجمبل والشكر الكامل لله وحده الذي له ملك ما في السموات وما في الأرض, وله الثناء التام في الآخرة, وهو الحكيم في فعله, الخبير بشؤون خلقه.
    " يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور "(2)
    يعلم كل ما يدخل في الأرض من قطرات الماء, وما يخرج منها من النبات والمعادن والمياه, وما ينزل من السماء من الأمطار والملائكة والكتب, وما يصعد إليها من الملائكة وأفعال الخلق.
    وهو الرحيم بعباده فلا يعاجل عصاتهم بالعقوبة, الغفور لذنوب التائبين إليه المتوكلين عليه.

    " وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين "(3)
    وقال الكافرون المنكرون للبعث: لا تأتينا القيامة, قل لهم -يا محمد-: بلى وربي لتأتينكم, ولكن لا يعلم وقت مجيئها أحد سوى الله علام الغيوب, الذي لا يغيب عنه وزن نملة صغيرة في السموات والأرض, ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا هو مسطور في كتاب واضح, وهو اللوح المحفوظ;
    " ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم " (4)
    ليثيب الذين صدقوا بالله, واتبعوا رسوله, وعملوا الصالحات.
    أولئك لهم مغفرة لذنوبهم ورزق كريم, وهو الجنة.

    " والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم "(5)
    والذين سعوا في الصد عن سبيل الله وتكذيب رسله وإبطال إياتنا مشاقين الله مغالبين أمره, أولئك لهم أسوأ العذاب وأشده ألما.
    " ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد "(6)
    ويعلم الذين أعطوا العلم أن القرآن الذي أنزل إليك من ربك هو الحق, ويرشد إلى طريق الله, العزيز الذي لا يغالب ولا يمانع, بل قهر كل شيء وغلبه, المحمود في أقواله وأفعاله وشرعه.
    " ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد "(6)
    ويعلم الذين أعطوا العلم أن القرآن الذي أنزل إليك من ربك هو الحق, ويرشد إلى طريق الله, العزيز الذي لا يغالب ولا يمانع, بل قهر كل شيء وغلبه, المحمود في أقواله وأفعاله وشرعه.

  4. #444
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (441)
    تفسير السعدى
    سورة سبأ
    من الأية(8) الى الأية(14)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة سبأ



    " أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد " (8)
    هذا الرجل أختلق على الله كذبا أم به جنون, فهو يتكلم بما لا يدري؟ ليس الأمر كما قال الكفار, بل محمد أصدق الصادقين.
    والذين لا يصدقون بالبعث ولا يعملون من أجله في العذاب الدائم في الآخرة, والضلال البعيد عن الصواب في الدنيا.

    " أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب "(9)
    أفلم ير هؤلاء الكفار الذين لا يؤمنون بالآخرة عظيم قدرة الله فيما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض مما يبهر العقول, وأنهما قد أحاطتا بهم؟ إن نشأ نخسف بهم الأرض, كما فعلنا بقارون, أو ننزل عليهم قطعا من العذاب, كما فعلنا بقوم شعيب, فقد أمطرت السماء عليهم نارا فأحرقتهم.
    إن في ذلك الذي ذكرنا من قدرتنا لدلالة ظاهرة لكل عبد راجع إلى ربه بالتوبة, ومقر له بتوحيده, ومخلص له في العبادة.

    " ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد " (10)
    ولقد أتينا داود نبوة, وكتابا وعلما, وقلنا للجبال والطير: سبحي معه, وألنا له الحديد, فكان كالعجين يتصرف فيه كيف يشاء.
    " أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير "(11)
    أن اعمل دروعا تامات واسعات وقدر المسامير في حلق الدروع, فلا تعمل الحلقة صغيرة فتضعف, فلا تقوى الدروع على الدفاع, ولا تجعلها كبيرة فتثقل على لابسها, واعمل يا داود أنت وأهلك بطاعة الله, إني بما تعملون بصير لا يخفى علي شيء منها.
    " ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير "(12)
    وسخرنا لسليمان الريح تجري صن أول النهار إلى انتصافه مسيرة شهر, ومن منتصف النهار إلى الليل مسيرة شهر بالسير المعتاد, وأسلنا له النحاس كما يسيل الماء, يعمل به ما يشاء, وسخرنا له من الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه, ومن يعدل منهم عن أمرنا الذي أمرنا به من طاعة سليمان نذقه من عذاب النار المستعرة.
    " يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور " (13)
    يعمل الجن لسليمان ما يشاء من مساجد للعبادة, وصور من نحاس وزجاج, وقصاع كبيرة كالأحواض التي يجتمع فيها الماء, وقدور ثابتات لا تتحرك من أماكنها لعظمهن, وقلنا يا آل داود: اعملوا شكرا لله على ما أعطاكم, وذلك بطاعته وامتثال أمره, وقليل من عبادي من يشكر الله كثيرا, وكان داود وآله من القليل.
    " فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين "(14)
    فلما قضينا على سليمان بالموت ما دل الجن على موته إلا الأرضة تأكل عصاه التي كان متكئا عليها, فوقع سليمان على الأرض, عند ذلك علمت الجن أنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما أقاموا في العذاب المذل والعمل الشاق لسليمان.
    ظنا منهم أنه من الأحياء.
    وفي الآية إبطال لاعتقاد بعض الناس أن الجن يعلمون الغيب; إذ لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا وفاة سليمان عليه السلام, ولما أقاموا في العذاب المهين.



  5. #445
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (442)
    تفسير السعدى
    سورة سبأ
    من الأية(15) الى الأية(22)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة سبأ



    " لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور " (15)
    لقد كان لقبيلة سبأ بـ(اليمن) في مسكنهم دلالة على قدرتنا: بستانان عن يمين وشمال, كلوا من رزق ربكم, واشكروا له نعمه عليكم; فإن بلدتكم كريمة التربة حسنة الهواء, وربكم غفور لكم.
    " فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل " (16)
    فاعرضوا عن أمر الله وشكره وكذبوا الرسل, فأرسلنا عليهم السيل الجارف الشديد الذي خرب السد وأغرق البساتين, وبدلناهم بجنتيهم المثمرتين جنتين ذواتي أكل خمط, وهو الثمر المر الكريه الطعم, وأثل وهو شجر شبيه بالطرفاء لا ثمر له, وقليل من شجر النبق كثير الشوك.
    " ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور "(17)
    ذلك التبديل من خير إلى شر بسبب كفرهم, وعدم شكرهم نعم الله, وما نعاقب بهذا العقاب الشديد إلا الجحود المبالغ في الكفر, يجازي بفعله مثلا بمثل.
    " وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين "(18)
    وجعلنا بين أهل (سبا) -وهم (باليمن)- والقرى التي باركنا فيها -وهي (الشام)- مدنا متصلة يرى بعضها من بعض, وجعلنا السير فيها سيرا مقدرا من منزل إلى منزل لا مشقة فيه, وقلنا لهم: سيروا في تلك القرى في أي وقت شئتم من ليل أو نهار, آمنين لا تخافون عدوا, رلا جوعا ولا عطشا.
    " فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور " (19)
    فبطغيانهم ملوا الراحة والأمن ورغد العيش, وقالوا: ربنا اجعل قرانا متباعدة; ليبعد سفرنا بينها, فلا نجد قرى عامرة في طريقنا, وظلموا أنفسهم بكفرهم فأهلكناهم, وجعلناهم عبرا وأحاديث لمن يأتي بعدهم, وفرقناهم كل تفريق وخربت بلادهم, إن فيما حل (بسبأ) لعبرة لكل صبار على المكاره والشدائد, شكور لنعم الله تعالى.
    " ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين "(20)
    ولقد ظن إبليس ظنا غير يقين أنه سيضل بني آدم, وأنهم سيطيعونه في معصية الله, فصدق ظنه عليهم, فأطاعوه وعصوا ربهم إلا فريقا من المؤمنين بالله, فإنهم ثبتوا على طاعة الله.
    " وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ "(21)
    وما كان لإبليس على هؤلاء الكفار من قهر على الكفر, ولكن حكمة الله اقتضت تسويله لبني آدم; لنعلم من يصدق بالبعث والثواب والعقاب ممن هو في شك من ذلك.
    وربك على كل شيء حفيظ, يحفظه ويجازي عليه.

    " قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير "(22)
    قل -يا محمد- للمشركين: ادعوا الذين زعمتموهم شركاء لله فعبدتموهم من دونه من الأصنام والملائكة والبشر, واقصدوهم في حوائجكم, فإنهم لن يجيبوكم, فهم لا يملكون وزن نملة صغيرة في السموات ولا في الأرض, وليس لهم شركة فيهما, وليس لله من هؤلاء المشركين معين على خلق شيء, بل الله -سبحانه وتعالى- هو المتفرد بالإيجاد, فهو الذي يعبد وحده, ولا يستحق العبادة أحد سواه.

  6. #446
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (443)
    تفسير السعدى
    سورة سبأ
    من الأية(23) الى الأية(30)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة سبأ



    " ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير " (23)
    ولا تنفع شفاعة الشافع عند الله تعالى إلا لمن أذن له.
    ومن عظيم قدرة الله عز وجل أنه إذا تكلم سبحانه بالوحي فسمع أهل السموات كلامه أرعدوا من الهيبة, حتى يلحقهم مثل الغشي, فإذا زال الفزع عن قلوبهم سأل بعضهم بعضا: ماذا قال ربكم؟ قالت الملائكة: قال الحق, وهو العلي بذاته وقهره وعلو قدره, الكبير على كل شيء.

    " قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين "(24)
    قل -يا محمد- للمشركين: من يرزقكم من السموات بالمطر, ومن الأرض بالنبات والمعادن وغير ذلك؟ فإنهم لا بد أن يقروا بأنه الله, وإن لم تقروا بذلك فقل لهم: الله هو الرزاق, وإن أحد الفريقين منا ومنكم لعلي هدى متمكن منه, أو في ضلال بين منغمس فيه.
    " قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون "(25)
    قل: لا تسألون عن ذنوبنا, ولا نسأل عن أعمالكم; لأننا بريئون منكم ومن كفركم.
    " قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم "(26)
    قل: ربنا يجمع بيننا وبينكم يوم القيامة, ثم يقضي بيننا بالعدل, وهو الفتاح الحاكم بين خلقه, العليم بما ينبغي أن يقضى به, وبأحوال خلقه, لا تخفى عليه خافية.
    " قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم "(27)
    قل: أروني بالحجة والدليل الذين ألحقتموهم بالله وجعلتموهم شركاء له في العبادة, هل خلقوا شيئا؟ ليس الأمر كما وصفوا, بل هو المعبود بحق الذي لا شريك له, العزيز في انتقامه ممن أشرك به الحكيم في أقواله وأفعاله وتدبير أمور خلقه.
    " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون "(28)
    وما أرسلناك -يا محمد- إلا للناس أجمعين مبشرا بثواب الله, ومنذرا عقابه, ولكن أكثر الناس لا يعلمون الحق, فهم معرضون عنه.
    " ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " (29)
    ويقول هؤلاء المشركون مستهزئين: متى هذا الوعد الذي تعدوننا أن يجمعنا الله فيه, ثم يقضي بيننا, إن كنتم صادقين فيما تعدوننا به؟
    " قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون "(30)
    قل لهم -يا محمد-: لكم ميعاد هو آتيكم لا محالة, وهو ميعاد يوم القيامة, لا تستأخرون عنه ساعة للتوبة, ولا تستقدمون ساعة قبله للعذاب.
    فاحذروا ذلك اليوم, وأعدوا له عدته.



  7. #447
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (444)
    تفسير السعدى
    سورة سبأ
    من الأية(31) الى الأية(38)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة سبأ



    " وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين " (31)
    وقال الذين كفروا: لن نصدق بهذا القرآن ولا بالذي تقدمه من التوراة والإنجيل والزبور, فقد كذبوا بجميع كتب الله.
    ولو ترى -يا محمد- إذ الظالمون محبوسون عند ربهم للحساب, يتراجعون الكلام فيما بينهم, كل يلقي بالعتاب على الآخر, لرأيت شيئا فظيعا, يقول المستضعفون للذين استكبروا -وهم القادة والرؤساء الضالون المضلون-: لولا أنتم أضللتمونا عن الهدى لكنا مؤمنين بالله ورسوله.

    " قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين "(32)
    قال الرؤساء للذين استضعفوا: أنحن منعناكم من الهدى بعد إذ جاءكم؟ بل كنتم مجرمين إذ دخلتم في الكفر بإرادتكم مختارين.
    " وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون " (33)
    وقال المستضعفون لرؤسائهم في الضلال: بل تدبيركم الشر لنا في الليل والنهار هو الذي أوقعنا في التهلكة, فكنتم تطلبون منا أن نكفر بالله, ونجعل له شركاء في العبادة, وأسر كل من الفريقين الحسرة حين رأوا العذاب الذي أعد لهم, وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا, لا يعاقبون بهذا العقاب إلا بسبب كفرهم بالله وعملهم السيئات في الدنيا.
    وفي الآية تحذير شديد من متابعة دعاة الضلال وأئمة الطغبان.

    " وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون " (34)
    وما أرسلنا في قرية من رسول يدعو الى توحيد الله وإفراده بالعبادة, إلا قال المنغمسون في اللذات والشهوات من أهلها: إنا بالذي جئتم به -أيها الرسل- جاحدون.
    " وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين " (35)
    وقالوا: نحن أكثر منكم أموالا وأولادا, والله لم يعطنا هذه النعم إلا لرضاه عنا, وما نحن بمعذبين في الدنيا ولا في الآخرة.
    " قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون "(36)
    قل لهم -يا محمد-: إن ربي يوسع الرزق في الدنيا لمن يشاء من عباده, ويضيق على من يشاء, لا لمحبة ولا لبغض, ولكن يفعل ذلك اختبارا, ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن ذلك اختبار لعباده; لأنهم لا يتأملون.
    " وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون " (37)
    وليست أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا قربى, وترفع درجاتكم, لكن من آمن بالله وعمل صالحا فهؤلاء لهم ثواب الضعف من الحسنات, فالحسنة بعشر أمثالها إلى ما يشاء الله من الزيادة, وهم في أعالي الجنة آمنون من العذاب والموت والأحزان.
    " والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون "(38)
    والذين يسعون في إبطال حججنا, ويصدون عن سبيل الله مشاقين مغالبين, هؤلاء في عذاب جهنم يوم القيامة, تحضرهم الزبانية, فلا يخرجون منها.


  8. #448
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (445)
    تفسير السعدى
    سورة سبأ
    من الأية(39) الى الأية(46)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة سبأ



    " قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين "(39)
    قل -يا محمد- لهؤلاء المغترين بالأموال والأولاد: إن ربي يوسع الرزق على من يشاء من عباده, ويضيفه على من يشاء; لحكمة يعلمها, ومهما أعطيتم من شيء فيما أمركم به فهو يعوضه لكم في الدنيا بالبدل, وفي الآخرة بالثواب, وهو -سبحانه- خير الرازقين, فاطلبوا الرزق منه وحده, واسعوا في الأسباب التي أمركم بها.
    " ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون "(40)
    واذكر -يا محمد- يوم يحشر الله المشركين والمعبودين من دونه من الملائكة, ثم يقول للملائكة على وجه التوبيخ لمن عبدهم: أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون من دوننا؟
    " قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون " (41)
    قالت الملائكة: ننزهك يا ألله عن أن يكون لك شريك في العبادة, أنت ولينا الذي نطيعه ونعبده وحده, بل كان هؤلاء يعبدون الشياطين, أكثرهم بهم مصدقون ومطيعون.
    " فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون "(42)
    ففي يوم الحشر لا يملك المعبودون للعابدين نفعا ولا ضرا, ونقول للذين ظلموا أنفسهم بالشرك والمعاصي: ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون.
    " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين "(43)
    وإذا تتلى على كفار (مكة) آيات الله واضحات قالوا: ما محمد إلا رجل يرغب أن يمنعكم عن عبادة الآلهة التي كان يعبدها آباؤكم, وقالوا: ما هذا القرآن الذي تتلوه علينا -يا محمد- إلا كذب مختلق, جئت به من عند نفسك, وليس من عند الله, وقال الكفار عن القرآن لما جاءهم: ما هذا إلا سحر واضح.
    " وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير "(44)
    وما أنزلنا على الكفار من كتب يقرؤونها قبل القرآن فتدلهم على ما يزعمون من أن ما جاءهم به محمد سحر, وما أرسلنا إليهم قبلك -يا محمد- من رسول ينذرهم بأسنا.
    " وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير " (45)
    وكذب الذين من قبلهم كعاد وثمود رسلنا, وما بلغ أهل (مكة) عشر ما آتينا الأمم السابقة من القوة, وكثرة المال, وطول العمر وغير ذلك من النعم, فكذبوا رسلي فيما جاؤوهم به فأهلكناهم, فانظر -يا محمد- كيف كان إنكاري عليهم وعقوبتي إياهم؟
    " قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد "(46)
    قل -يا محمد- لهؤلاء المكذبين المعاندين: إنما أنصح لكم بخصلة واحدة أن تنهضوا في طاعة الله اثنين اثنين وواحدا واحدا, ثم تتفكروا في حال صاحبكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما نسب إليه, فما به من جنون, وما هو الا مخوف لكم, ونذير من عذاب جهنم قبل أن تقاسوا حرها.

  9. #449
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (446)
    تفسير السعدى
    سورة سبأ
    من الأية(47) الى الأية(54)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة سبأ


    " قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد " (47)
    قل -يا محمد- للكفار: ما سألتكم على الخير الذي جئتكم به من أجر فهو لكم, ما أجري الذي أنتظره إلا على الله المطلع على أعمالي وأعمالكم, لا يخفى عليه شيء فهو يجازي الجميع, كل بما يستحقه.
    " قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب " (48)
    قل -يا محمد- لمن أنكر التوحيد ورسالة الإسلام: إن ربي يقذف الباطل بحجج من الحق, فيفضحه ويهلكه, والله علام الغيوب, لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
    " قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد "(49)
    قل -يا محمد-: جاء الحق والشرع العظيم من الله, وذهب الباطل, واضمحل سلطانه, فلم يبق للباطل شيء يبدؤه ويعيده.
    " قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب " (50)
    قل: إن ملت عن الحق فإثم ضلالي على نفسي, وإن استقمت عليه فبوحي الله الذي يوحيه إلي, إن ربي سميع لما أقول لكم, قريب ممن دعا وسأله.
    " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب " (51)
    ولو ترى -يا محمد- إذ فزع الكفار حين معاينتهم عذاب الله, لرأيت أمرا عظيما, فلا نجاة لهم ولا مهرب, وأخذوا إلى النار من موضع قريب التناول.
    " وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد " (52)
    وقال الكفار -عندما رأوا العذاب في الآخرة-: آمنا بالله وكتبه ورسله, وكيف لهم تناول الإيمان في الآخرة ووصولهم له من مكان بعيد؟ قد حيل بينهم وبينه, فمكانه الدنيا, وقد كفروا فيها.
    " وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد " (53)
    وقد كفروا بالحق في الدنيا, وكذبوا الرسل, ويرمون بالظن من جهة بعيدة عن إصابة الحق, ليس لهم فيها مستند لظنهم الباطل, فلا سبيل لإصابتهم الحق, كما لا سبيل للرامي إلى إصابة الغرض من مكان بعيد.
    " وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب " (54)
    وحيل بين الكفار وما يشتهون من التوبة والعودة إلى الدنيا ليؤمنوا, كما فعل الله بأمثالهم من كفرة الأمم السابقة, إنهم كانوا في الدنيا في شك من أمر الرسل والبعث والحساب, محدث للريبة والقلق, فلذلك لم يؤمنوا.

  10. #450
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (447)
    تفسير السعدى
    سورة فاطر
    من الأية(1) الى الأية(9)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة فاطر

    " الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير " (1)



    الثناء الكامل لله خالق السموات والأرض ومبدعها, جاعل الملائكة رسلا إلى من يشاء من عباده, وفيما شاء من أمره ونهيه, ومن عظيم قدرة الله أن جعل الملائكة أصحاب أجنحة مثنى وثلاث ورباع تطير بها; لتبليغ ما أمر الله به, يزيد الله في خلقه ما يشاء.
    إن الله على كل شيء قدير, لا يستعصي عليه شيء.



    " ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم "(2)


    ما يفتح الله للناس من رزق ومطر وصحة وعلم وغير ذلك من النعم, فلا أحد يقدر أن يمسك هذه الرحمة, وما يمسك منها فلا أحد يستطيع أن يرسلها بعده سبحانه وتعالى.
    وهو العزيز القاهر لكل شيء, الحكيم الذي يرسل الرحمة ويمسكها وفق حكمته.


    " يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون "(3)


    يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم, فلا خالق لكم غير الله يرزقكم من السماء بالمطر, ومن الأرض بالماء والمعادن وغير ذلك.
    لا إله إلا هو وحده لا شريك له, فكيف تصرفون عن توحيده وعبادته؟


    " وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور " (4)


    فإن يكذبك قومك -يا محمد- فقد كذب رسل من قبلك, وإلى الله تصير الأمور في الآخرة, فيجازي كلا بما يستحق.
    وفي هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.



    " يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور "(5)


    يا أيها الناس إن وعد الله بالبعث والثواب والعقاب حق ثابت, فلا تخدعنكم الحياة الدنيا بشهواتها ومطالبها, ولا يخدعنكم بالله الشيطان.

    " إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير " (6)


    إن الشيطان لبني آدم عدو, فاتخذوه عدوا ولا تطيعوه, إنما يدعو أتباعه إلى الضلال; ليكونوا من أصحاب النار الموقدة.

    " الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير "(7)


    الذين جحدوا وحدانية الله وما جاءت به رسله لهم عذاب شديد في الآخرة, والذين صدقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات لهم ستر لذنوبهم وأجر كبير, وهو الجنة.


    " أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون "(8)


    أفمن حسن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر وعبادة ما دونه من الآلهة والأوثان فرأه حسنا جميلا, كمن هداه الله تعالى, فرأى الحسن حسنا والسيئ سيئا؟ فإن الله يضل من يشاء من عباده, ويهدي من يشاء, فلا تهلك نفسك حزنا على كفر هؤلاء الضالين, إن الله عليم بقبائحهم وسيجازيهم عليها أسوأ الجزاء.


    " والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور "(9)


    والله هو الذي أرسل الرياح فتحرك سحابا, فسقناه إلى بلد جدب, فينزل الماء فأحيينا به الأرض بعد يبسها فتخضر بالنبات, مثل ذلك الإحياء يحيي الله الموتى يوم القيامة.



  11. #451
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (448)
    تفسير السعدى
    سورة فاطر
    من الأية(10) الى الأية(18)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة فاطر



    " من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور "(10)


    من كان يطلب عزة في الدنيا أو الآخرة فليطلبها من الله, ولا تنال إلا بطاعته, فلله العزة جميعا, فمن اعتز بالمخلوق أذله الله, ومن اعتز بالخالق أعزه الله, إليه سبحانه يصعد ذكره والعمل الصالح يرفعه.
    والذين يكتسبون السيئات لهم عذاب شديد, ومكر أولئك يهلك ويفسد, ولا يفيدهم شيئا.



    " والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير "(11)


    والله خلق أباكم آدم من تراب, ئم جعل نسله من سلالة من ماء مهين, ثم جعلكم رجالا ونساء.
    وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه, وما يعمر من معمر, فيطول عمره, ولا ينقص من عمره إلا في كتاب عنده, وهو اللوح المحفوظ, قبل أن تحمل به أمه وقبل أن تضعه.
    قد أحصى الله ذلك كله, وعلمه قبل أن يخلقه, لا يزاد فيما كتب له ولا ينقص.
    إن خلقكم وعلم أحوالكم وكتابتها في اللوح المحفوظ سهل يسير على الله.



    " وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "(12)


    وما يستوي البحران: هذا عذب شديد العذوبة, سهل مروره في الحلق يزيل العطش, وهذا ملح شديد الملوحة, ومن كل من البحرين تأكلون سمكا طريا شهي الطعم, وتستخرجون زينة هي اللؤلؤ والمرجان تلبسونها, وترى السفن فيه شاقات المياه; لتبتغوا من فضله من التجارة وغيرها.
    وفي هذا دلالة على قدرة الله ووحدانيته; ولعلكم تشكرون لله على هذه النعم التي أنعم بها عليكم.



    " يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير "(13)


    والله يدخل من ساعات الليل في النهار, فيزيد النهار بقدر ما نقص من الليل, ويدخل من ساعات النهار في الليل, فيزيد الليل بقدر ما نقص من النهار, وذلل الشمس والقمر, يجريان لوقت معلوم, ذلكم الذي فعل هذا هو الله ربكم له الملك كله, والذين تعبدون من دون الله ما يملكون من قطمير, وهي القشرة الرقيقة البيضاء تكون على النواة.


    " إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير "(14)


    إن تدعوا -أيها الناس- هذه المعبودات من دون الله لا يسمعوا دعاءكم, ولو سمعوا على سبيل الفرض ما أجابوكم, ويوم القيامة يتبرؤون منكم, ولا أحد يخبرك -يا محمد- أصدق من الله العليم الخبير.


    " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد "(15)


    يا أيها الناس أنتم المحتاجون إلى الله في كل شيء, لا تستغنون عنه طرفة عين, وهو سبحانه الغني عن الناس وعن كل شيء من مخلوفاته, الحميد في ذاته وأسمائه وصفاته.

    " إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد "(16)


    إن يشأ الله يهلكم أيها الناس, ويأت بقوم آخرين أطوع لله منكم.

    " وما ذلك على الله بعزيز " (17)


    وما إهلاككم والإتيان بخلق سواكم على الله بممتنع, بل ذلك على الله سهل يسير.


    " ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير "(18)


    ولا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى, وإن تسأل نفس مثقلة بالخطايا من يحمل عنها من ذنوبها لم تجد من يحمل عنها شيئا, ولو كان الذي سألته ذا قرابة منها من أب أو أخ ونحوهما.
    إنما تحذر -يا محمد- الذين يخافون عذاب ربهم بالغيب, وأدوا الصلاة حق أدائها.
    ومن تطهر من الشرك وغيره من المعاصي فإنما يتطهر لنفسه.
    وإلى الله سبحانه مال الخلائق ومصيرهم, فيجازي كلا بما يستحق.




  12. #452
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (449)
    تفسير السعدى
    سورة فاطر
    من الأية(19) الى الأية(27)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة فاطر



    " وما يستوي الأعمى والبصير " (19)


    وما يستوي الأعمى عن دين الله, والبصير الذي أبصر طريق الحق واتبعه,

    " ولا الظلمات ولا النور " (20)


    وما تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان,


    " ولا الظل ولا الحرور "(21)


    ولا الظل ولا الريح الحارة,

    " وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور " (22)


    وما يستوي أحياء القلوب بالإيمان, وأموات القلوب بالكفر.
    إن الله يسمع من يشاء سماع فهم وقبول, وما أنت -يا محمد- بمسمع من في القبور, فكما لا تسمع الموتى في قبورهم فكذلك لا تسمع هؤلاء الكفار لموت قلوبهم,



    " إن أنت إلا نذير " (23)


    إن أنت إلا نذير لهم غضب الله وعقابه.

    " إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير " (24)


    إنا أرسلناك بالحق, وهو الإيمان بالله وشرائع الدين, مبشرا بالجنة من صدقك وعمل بهديك, ومحذرا من كذبك وعصاك النار.
    وما من أمة من الأمم إلا جاءها نذير يحذرها عاقبة كفرها وضلالها.



    " وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير "(25)


    وإن يكذبك هؤلاء المشركون فقد كذب الذين من قبلهم رسلهم الذين جاؤوهم بالمعجزات الواضحات الدالة على نبوتهم, وجاؤوهم بالكتب المجموع فيها كثير من الأحكام, وبالكتاب المنير الموضح لطريق الخير والشر.


    " ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير "(26)


    ثم أخذت الذين كفروا بأنواع العذاب, فانظر كيف كان إنكاري لعملهم وحلول عقوبتي بهم؟


    " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود "(27)


    ألم تر أن الله أنزل من السماء ما, فسقينا به أشجارا في الأرض, فأخرجنا من تلك الأشجار ثمرات مختلفا ألوانها, منها الأحمر ومنها الأسود والأصفر وغير ذلك؟ وخلقنا من الجبال طرائق بيضا وحمرا مختلفان ألوانها, وخلقنا من الجبال جبالا شديدة السواد.

  13. #453
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (450)
    تفسير السعدى
    سورة فاطر
    من الأية(28) الى الأية(36)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة فاطر



    " ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور "(28)


    وخلقنا من الناس والدواب والإبل والبقر والغنم ما هو مختلف ألوانه كذلك, فمن ذلك الأحمر والأبيض والأسود وغير ذلك كاختلاف ألوان الثمار والجبال.
    إنما يخشى الله ويتقي عقابه بطاعته واجتناب معصيته العلماء به سبحانه, وبصفاته, وبشرعه, وقدرته على كل شيء, ومنها اختلاف هذه المخلوقات مع اتحاد سببها, ويتدبرون ما فيها من عظات وعبر.
    إن الله عزيز قوي لا يغالب, غفور يثيب أهل الطاعة, ويعفو عنهم.


    " إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور "(29)


    إن الذين يقرؤون القرآن, ويعملون به, وداوموا على الصلاة في أوقاتها, وأنفقوا مما رزقناهم من أنواع النفقات الواجبة والمستحبة سرا وجهرا, هؤلاء يرجون بذلك تجارة لن تكسد ولن تهلك, ألا وهي رضا ربهم, والفوز بجزيل ثوابه.

    " ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور "(30)


    ليوفيهم الله تعالى ثواب أعمالهم كاملا غير منقوص, ويضاعف لهم الحسنات من فضله, إن الله غفور لسيئاتهم, شكور لحسناتهم, يثيبهم عليها الجزيل من الثواب.

    " والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير "(31)


    والذي أنزلناه إليك -يا محمد- من القرآن هو الحق المصدق للكتب التي أنزلها الله على رسله قبلك.
    إن الله بعباده لخبير بصير, لا يخفى عليه شيء.


    " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير " (32)


    ثم أعطينا -بعد هلاك الأمم- القرآن من اخترناهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم: فمنهم ظالم لنفسه بفعل بعض المعاصي, ومنهم مقتصد, وهو المؤدي للواجبات المجتنب للمحرمات, ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله, أي مسارع مجتهد في الأعمال الصالحة, فرضها ونفلها, ذلك الإعطاء للكتاب واصطفاء هذه الأمة هو الفضل الكبير.

    " جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير "(33)


    جنات إقامة دائمة للذين أورثهم الله كتابه يحلون فيها الأساور من الذهب واللؤلؤ, ولباسهم المعتاد في الجنة حرير أي: ثياب رفيقة.

    " وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور " (34)


    وقالوا حين دخلوا الجنة: الحمد لله الذي اذهب عنا كل حزن, إن ربنا لغفور; حيث غفر لنا الزلات, شكور; حيث قبل منا الحسنات وضاعفها.


    " الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب "(35)


    وهو الذي أنزلنا دار الجنة من فضله, لا يمسنا فيها تعب ولا إعياء.


    " والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور "(36)


    والذين كفروا لهم نار جهنم الموقدة, لا يقضى عليهم بالموت, فيموتوا ويستريحوا, ولا يخفف عنهم من عذابها, ومثل ذلك الجزاء يجزي الله كل جحود له ولرسوله.

  14. #454
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (451)
    تفسير السعدى
    سورة فاطر
    من الأية(37) الى الأية(45)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة فاطر

    " وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير "(37)


    وهؤلاء الكفار يصرخون من شدة العذاب في نار جهنم مستغيثين: ربنا أخرجنا من نار جهنم, وردنا إلى الدنيا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمله في حياتنا الدنيا, فنؤمن بدل الكفر, فيقول لهم: أولم نمهلكم في الحياة قدرا وافيا من العمر, يتعظ فيه من اتعظ, وجاءكم النبي صلى الله عليه وسلم, ومع ذلك لم تتذكروا ولم تتعظوا؟ فذوقوا عذاب جهنم, فليس للكافرين من ناصر ينصرهم من عذاب الله.


    " إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور " (38)


    إن الله مطلع على كل غائب في السموات والأرض, فإنه عليم بخفايا الصدور, فاتقوه أن يطلع عليكم, وأنتم تضمرون الشك أو الشرك في وحدانيته, أو في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, أو أن تعصوه بما دون ذلك.

    " هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا " (39)


    الله هو الذي جعلكم -أيها الناس- يخلف بعضكم بعضا في الأرض, فمن جحد الله منكم فعلى نفسه ضرره وكفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا بغضا وغضبا, ولا يزيدهم كفرهم بالله إلا ضلالا وهلاكا.

    " قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا " (40)


    قل -يا محمد- للمشركين: أخبروني أي شيء خلق شركاؤكم من الأرض, أم أن لشركائكم الذين تعبدونهم من دون الله شركا مع الله في خلق السموات, أم أعطيناهم كتابا فهم على حجة منه؟ بل ما يعد الكافرون بعضهم بعضا إلا غرورا وخداعا.

    " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا " (41)


    إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا عن مكانهما, ولئن زالت السموات والأرض عن مكانهما ما يمسكهما من أحد من بعد.
    إن الله كان حليما في تأخير العقوبة عن الكافرين والعصاة, غفورا لمن تاب من ذنبه ورجع إليه.


    " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا "(42)


    وأقسم كفار قريش بالله أشد الأيمان: لئن جاءهم رسول من عند الله يخوفهم عقاب الله ليكونن أكثر استقامة واتباعا للحق من اليهود والنصارى وغيرهم, فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم ذلك إلا بعدا عن الحق ونفورا منه.

    " استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا "(43)


    ليس إقسامهم لقصد حسن وطلبا للحق, وإنما هو استكبار في الأرض على الخلق, يريدون به المكر السيئ والخداع والباطل, ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله, فهل ينتظر المستكبرون الماكرون إلا العذاب الذي نزل بأمثالهم الذين سبقوهم, فلن تجد لطريقة الله تبديلا ولا تحويلا, فلا يستطيع أحد أن يبدل, ولا أن يحول العذاب عن نفسه أو غيره.

    " أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا " (44)


    أو لم يسر كفار (مكة) في الأرض, فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كعاد وثمود وأمثالهم, وما حل بهم من الدمار, وبديارهم من الخراب, حين كذبوا الرسل, وكان أولئك الكفرة أشد قوة وبطشا من كفار (مكة)؟ وما كان الله تعالى ليعجزه ويفوته من شيء في السموات ولا في الأرض, إنه كان عليما بأفعالهم, قديرا على إهلاكهم.

    " ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا " (45)


    ولو يعاقب الله الناس بما عملوا من الذنوب والمعاصي ما ترك على ظهر الأرض من دابة تدب عليها, ولكن يمهلهم ويؤخر عقابهم إلى وقت معلوم عنده, فإذا جاء وقت عقابهم فإن الله كان بعباده بصيرا, لا يخفى عليه أحد منهم, ولا يعزب عنه علم شيء من أمورهم, وسيجازيهم بما عملوا من خير أو شر.

  15. #455
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (452)
    تفسير السعدى
    سورة يس
    من الأية(1) الى الأية(9)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة يس


    " يس " (1)


    " يس " , سبق الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة.

    " والقرآن الحكيم " (2)


    يقسم الله تعالى بالقرآن المحكم بما فيه من الأحكام والحكم والحجج,

    " إنك لمن المرسلين " (3)


    إنك -يا محمد- لمن المرسلين بوحي الله إلى عباده,

    " على صراط مستقيم " (4)


    على طريق مستقيم معتدل, وهو الإسلام.

    " تنزيل العزيز الرحيم " (5)


    هذا القرآن تنزيل العزيز في انتقامه من أهل الكفر والمعاصي, الرحيم بمن تاب من عباده وعمل صالحا.


    " لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون "(6)


    أنزلناه عليك -يا محمد- لتحذر به قوما لم ينذر آباؤهم الأقربون من قبلك, وهم العرب, فهؤلاء القوم ساهون عن الإيمان والاستقامة على العمل الصالح.
    وكل أمة ينقطع عنها الإنذار تقع في الغفلة, وفي هذا دليل على وجوب الدعوة والتذكير على العلماء بالله وشرعه; لإيقاظ المسلمين من غفلتهم.


    " لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون " (7)


    لقد وجب العذاب على أكثر هؤلاء الكافرين, بعد أن غرض عليهم الحق فرفضوه, فهم لا يصدقون بالله ولا برسوله, ولا يحملون بشرعه.

    " إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون " (8)


    إنا جعلنا هؤلاء الكفار الذين عرض عليهم الحق فردوه, وأصروا على الكفر وعدم الإيمان, كمن جعل في أعناقهم أغلال, فجمعت أيديهم مع أعناقهم تحت أذقانهم, فاضطروا إلى رفع رؤوسهم إلى السماء, فهم مغلولون عن كل خير, لا يبصرون الحق ولا يهتدون إليه.


    " وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " (9)


    وجعلنا من أمام الكافرين سدا ومن ورائهم سدا, فهم بمنزلة من سد طريقه من بين يديه ومن خلفه, فأعمينا أبصارهم; بسبب كفرهم واستكبارهم, فهم لا يبصرون رشدا, ولا يهتدون.
    وكل من قابل دعوة الإسلام بالإعراض والعناد, فهو حقيق بهذا العقاب.


  16. #456
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (453)
    تفسير السعدى
    سورة يس
    من الأية(10) الى الأية(18)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة يس



    " وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " (10)


    يستوي عند هؤلاء الكفار المعاندين تحذيرك لهم -يا محمد- وعدم تحذيرك, فهم لا يصدقون ولا يعملون.


    " إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم " (11)


    إنما ينفع تحذيرك من آمن بالقرآن, واتبع ما فيه من أحكام الله, وخاف الرحمن, حيث لا يراه أحد إلا الله, فبشره بمغفرة من الله لذنوبه, وثواب منه في الآخرة على أعماله الصالحة, وهو دخوله الجنة.

    " إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين " (12)


    إنا نحن نحيي الأموات جميعا ببعثهم يوم القيامة, ونكتب ما عملوا من الخير والشر, وآثارهم التي كانوا سببا فيها في حياتهم وبعد مماتهم من خير, كالولد الصالح, والعلم النافع, والصدقة الجارية, ومن شر, كالشرك والعصيان, وكل شيء أحصيناه في كتاب واضح هو أم الكتب, وإليه مرجعها, وهو اللوح المحفوظ.
    فعلى العاقل محاسبة نفسه; ليكون قدوة في الخير في حياته وبعد مماته.



    " واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون " (13)


    واضرب -يا محمد- لمشركي فومك الرادين لدعوتك مثلا يعتبرون به, وهو قصة أهل القرية, حين ذهب إليهم المرسلون,

    " إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون " (14)


    إذ أرسلنا إليهم رسولين لدعوتهم إلى الإيمان بالله وترك عبادة غيره, فكذب أهل القرية الرسولين, فعززناهما وقويناهما برسول ثالث, فقال الثلاثة لأهل القرية: إنا إليكم -أيها القوم- مرسلون.


    " قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون " (15)


    قال أهل القرية للمرسلين: ما أنتم إلا أناس مثلنا؟ وما أنزل الرحمن شيئا من الوحي, وما أنتم -أيها الرسل- إلا تكذبون.

    " قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون " (16)


    قال المرسلون مؤكدين: ربنا الذي أرسلنا يعلم إنا إليكم لمرسلون,


    " وما علينا إلا البلاغ المبين " (17)


    وما علينا إلا تبليغ الرسالة بوضرح, ولا نملك هدايتكم, فالهداية بيد الله وحده.


    " قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم "(18)


    قال أهل القرية: إنا تشاءمنا بكم, لئن لم تكفوا عن دعوتكم لنا لنقتلنكم رميا بالحجارة, وليصيبنكم منا عذاب أليم موجع.

  17. #457
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (454)
    تفسير السعدى
    سورة يس
    من الأية(19) الى الأية(27)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة يس



    " قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون " (19)


    قال المرسلون: شؤمكم وأعمالكم من الشرك والشر معكم ومردودة عليكم, أإن وعظتم بما فيه خيركم تشاءمتم وتوعدتمونا بالرجم والتعذيب؟ بل أنتم فوم عادتكم الإسراف في العصيان والتكذيب.


    " وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين " (20)


    وجاء من مكان بعيد في المدينة رجل مسرع (وذلك حين علم أن أهل القرية هموا بقتل الرسل أو تعذيبهم), قال: يا قوم اتبعوا المرسلين إليكم من الله,

    " اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون " (21)


    اتبعوا الذين لا يطلبون منكم أموالا على إبلاغ الرسالة, وهم مهتدون فيما يدعونكم إليه من عبادة الله وحده.
    وفي هذا بيان فضل من سعى إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.



    " وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون "(22)


    وأي شيء يمنعني من أن أعبد الله الذي خلقني, وإليه تصيرون جميعا؟


    " أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون "(23)


    أأعبد من دون الله آلهة أخرى لا تملك من الأمر شيئا, إن يردني الرحمن بسوء فهذه الآلهة لا تملك دفع ذلك ولا منعه, ولا تستطيع إنقاذي مما أنا فيه؟

    " إني إذا لفي ضلال مبين " (24)


    إني إن فعلت ذلك لفي خطأ واضح ظاهر.

    " إني آمنت بربكم فاسمعون " (25)


    إني آمنت بربكم فاستمعوا إلى ما قلته لكم, وأطيعوني بالإيمان.
    فلما قال ذلك وثب إليه قومه وقتلوه, فأدخله الله الجنة.


    " قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون " (26)


    قيل له بعد قتله: ادخل الجنة, إكراما له.


    " بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين " (27)


    قال وهو في النعيم والكرامة: يا ليت قومي يعلمون بغفران ربي لي وإكرامه إياي; بسبب إيماني بالله وصبري على طاعته, واتباع رسله حتى قتلت, فيؤمنوا بالله فيدخلوا الجنة مثلي.

  18. #458
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (455)
    تفسير السعدى
    سورة يس
    من الأية(28) الى الأية(36)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة يس



    " وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين " (28)


    وما احتاج الأمر إلى إنزال جند من السماء لعذابهم بعد قتلهم الرجل الناصح لهم وتكذيبهم رسلهم, فهم أضعف من ذلك وأهون, وما كنا منزلين الملائكة على الأمم إذا أهلكناهم, بل نبعث عليهم عذابا يدمرهم.


    " إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون "(29)


    ما كان هلاكهم إلا بصيحة واحدة, فإذا هم ميتون لم تبق منهم باقية.

    " يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون " (30)


    يا حسرة العباد وندامتهم يوم القيامة إذا عاينوا العذاب, ما يأتيهم من رسول من الله تعالى إلا كانوا به يستهزئون ويسخرون.


    " ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون "(31)


    ألم ير هؤلاء المستهزئون ويعتبروا بمن فبلهم من القرون التي أهلكناها أنهم لا يرجعون إلى هذه الدينا؟


    " وإن كل لما جميع لدينا محضرون "(32)


    وما كل هذه القرون التي أهلكناها وغيرهم, إلا محضرون جميعا عندنا يوم القيامة للحساب والجزاء.

    " وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون " (33)


    ودلالة لهؤلاء المشركين على قدرة الله على البعث والنشور: هذه الأرض الميتة التي لا نبات فيها, أحييناها بإنزال الماء, وأخرجنا منها أنواع النبات مما يأكل الناس والأنعام, ومن أحيا الأرض بالنبات أحيا الخلق بعد الممات.

    " وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون " (34)


    وجعلنا في هذه الأرض بساتين من نخيل وأعناب, وفجرنا فيها من عيون المياه ما يسقيها.

    " ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون " (35)


    كل ذلك; ليأكل العباد من ثمره, وما ذلك إلا من رحمة الله بهم لا بسعيهم ولا بكدهم, ولا بحولهم وبقوتهم, أفلا يشكرون الله على ما أنعم به عليهم من هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى؟


    " سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون " (36)


    تنزه الله العظيم الذي خلق الأصناف جميعها من أنواع نبات الأرض, ومن أنفسهم ذكورا وإناثا, ومما لا يعلمون من مخلوقات لله الأخرى.
    قد انفرد سبحانه بالخلق, فلا ينبغي أن يشرك به غيره.


  19. #459
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (456)
    تفسير السعدى
    سورة يس
    من الأية(37) الى الأية(45)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة يس



    " وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون "(37)


    وعلامة لهم دالة على توحيد الله وكمال قدرته: هذا الليل ننزع منه النهار, فإذا الناس مظلمون.


    " والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم " (38)


    وآية لهم الشمس تجري لمستقر لها, قدره الله لها لا تتعداه ولا تقصر عنه, ذلك تقدير العزيز الذي لا يغالب, العليم الذي لا يغيب عن علمه شيء.

    " والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم " (39)


    والقمر آية في خلقه, قدرناه منازل كل ليلة, يبدأ هلالا ضئيلا حتى يكمل قمرا مستديرا, ثم يرجع ضئيلا مثل عذق النخلة المتقوس في الرقة والانحناء والصفرة, لقدمه ويبسه.


    " لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون " (40)


    لكل من الشمس والقمر والليل والنهار وقت قدره الله له لا يتعداه, فلا يمكن للشمس أن تلحق القمر فتمحو نوره, أو تغير مجراه, ولا يمكن لليل أن يسبق النهار, فيدخل عليه قبل انقضاء وقته, وكل من الشمس والقمر والكواكب في فلك يجرون.


    " وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون "(41)


    ودليل لهم وبرهان على أن الله وحده المستحق للعبادة, المنعم بالنعم, أنا حملنا من نجا من ولد آدم في سفينة نوح المملوءة بأجناس المخلوفات; لاستمرار الحياة بعد الطوفان.


    " وخلقنا لهم من مثله ما يركبون "(42)


    وخلقنا لهؤلاء المشركين وغيرهم مثل سفينة نوح من السفن وغيرها من المراكب التي يركبونها ونبلغهم أوطانهم.

    " وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون " (43)


    وإن لا نغرقهم, فلا يجدون مغيثا لهم من غرقهم, ولا هم يخلصون من الغرق.


    " إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين " (44)


    إلا أن نرحمهم فننجيهم ونمتعهم إلى أجل, لعلهم يرجعون ويستدركون ما فرطوا فيه.


    " وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون " (45)


    وإذا قيل للمشركين: احذروا أمر الآخرة وأهوالها وأحوال الدنيا وعقابها; رجاء رحمة الله لكم, أعرضوا, ولم يجيبوا إلى ذلك.

  20. #460
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

    الحلقة (457)
    تفسير السعدى
    سورة يس
    من الأية(46) الى الأية(54)
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي

    تفسير سورة يس



    " وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين "(46)


    وما تجيء هؤلاء المشركين من علامة واضحة من عند ربهم, لتهديهم للحق, وتبين لهم صدق الرسول, إلا أعرضوا عنها, ولم ينتفعوا بها.


    " وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين " (47)


    وإذا قيل للكافرين: أنفقوا من الرزق الذي من به الله عليكم, قالوا للمؤمنين محتجين: أنطعم من لو شاء الله أطعمه؟ ما أتسم -أيها المؤمنون- إلا في ذهاب واضح عن الحق, إذ تأمروننا بذلك.


    " ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " (48)


    ولقول هؤلاء الكفار على وجه التكذيب والاستعجال: متى يكون البعث إن كنتم صادقين فيما تقولونه عنه؟


    " ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون " (49)


    ما ينتظر هؤلاء المشركون الذين يستعجلون بوعيد الله إياهم إلا نفخة الفزع عند قيام الساعة, تأخذهم فجأة, وهم يختصمون في شؤون حياتهم.


    " فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون "(50)


    فلا يستطيع هؤلاء المشركون عند النفخ في (القرن) أن يوصوا أحدا بشيء, ولا يستطيعون الرجوع إلى أهلهم, بل يموتون في أسواقهم ومواضعهم.


    " ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون " (51)


    ونفخ في (القرن) النفخة الثانية, فترد أرواحهم إلى أجسادهم, فإذا هم من قبورهم يخرجون إلى ربهم سراعا.


    " قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون " (52)


    قال المكذبون بالبعث نادمين: يا هلاكنا من أخرجنا من قبورنا؟ فيجابون ويقال لهم: هذا ما وعد به الرحمن, وأخبر عنه المرسلون الصادقون.

    " إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون " (53)


    ما كان البعث من القبور إلا نتيجة نفخة واحدة في (القرن), فإذا جميع الخلق لدينا ماثلون للحساب والجزاء.


    " فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون "(54)


    في ذلك اليوم يتم الحساب بالعدل, فلا تظلم نفس شيئا بنقص حسناتها أو زيادة سيئاتها, ولا تجزون إلا بما كنتم تعملونه في الدنيا.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •