تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 28 من 28

الموضوع: ماحكم قول:يا رسول الله اشفع لنا

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    544

    افتراضي رد: ماحكم قول:يا رسول الله اشفع لنا

    إذن مادام الأمر مترددا بين كونه شركا أو بدعة فالواجب تركه والأحرى بالمسلم أن يبتعد عن مواطن الشبهات استبراءا لدينه
    أثاب الله من سأل ومن أجاب فأفاد

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,277

    افتراضي رد: ماحكم قول:يا رسول الله اشفع لنا

    جزاكم الله خيرا أخي (محرز). ما تفضلتَ به من تفريق لا تأثير له على الحكم، بناء على المناط الذي استخرجناه، بارك الله فيك. بل لو تأملت لوجدتَ أن عظم شأن النبي عليه السلام في نفوس المسلمين يزيد من تحقق المناط، كما حررته آنفا، والله المستعان.
    علما بأن حديث عرض الأعمال لا يصح بوجه من الوجوه، ولا يصح أن نتخذ من جملة ما ورد في سماعه بعد موته (صحيحه وضعيفه) مستندا لتسويغ ما يجري من "دعاء" الناس له بالغيب واعتقاد أنه يسمع ويجيب! فإن السماع الوارد في حقه عليه السلام، سماع مقيد لا مطلق (كما هو الشأن في سماع عامة الأموات)، لأنه على خلاف الأصل، فمن فتح القيد وأطلق الأمر فهو المطالب بالدليل الشرعي.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    26

    Post رد: ماحكم قول:يا رسول الله اشفع لنا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    ولكن الواقع أن مخاطبة الميت بالطلب والسؤال حتى وإن كانت في حضرة قبره، وحتى وإن كان يسمعها، لا تخلو من خضوع وتذلل وانكسار وتعظيم ومهابة وأعمال قلبية تنصرف لكائن مغيب مع كونها من جنس لا يُصرف إلا لله تعالى
    أخي أبو الفداء لو كان طلب الشفاعة من النبي لا يخلو من صرف كل هذه الأعمال القلبية له فيلزم من هذا أن طلب هذه الشفاعة يوم القيامة يكون شركا أيضا فالناس يوم القيامة أشد حاجة للنجاة
    ولزم منه أيضا أن الرجل الذي يطلب الدعاء والشفاعة من صالح حي (الحالة الأولى) يكون أشرك أو عرضة أن يقع في الشرك فلماذا أثبتت أعمال القلوب للميت ولم تثبتها للحي
    ولا يخفى أن هذا غير صحيح فبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم.

    إنما الأصوب أن نقول:
    أن الشفاعة ليست مقصد في ذاتها مثل الرزق و الشفاء و النصر الخ بل هي دعاء إلى الله من المُشَفَّع في حق المُشفع فيه مثلها مثل دعاء الحي لأخيه

    فلا فرق بين طلب الشفاعة من النبي في الدنيا و طلب الشفاعة منه يوم القيامة إلا مسألة الحياة و الموت و التي اتفقنا أنها ليست هي في ذاتها مناط الحكم على الفعل في كونه شركا بل لأن الطلب من الحي يكون في الأسباب فقط و يبقى الدعاء لله و تعلق أعمال القلب به في تحقيق الغايات كطلب الكشف و وصف الدواء من الطبيب (السبب) و طلب الشفاء (المقصد) من الله و كطلب العمل في مؤسسة (السبب) و طلب الرزق (المقصد) من الله
    أما إذا مات العبد فلا معنى لطلب سبب من الأسباب منه لأنه انقطعت عنه أسباب الدنيا فلا يتصور أن شخصا يطلب من ميت أن يكشف عليه أو يبني له بيتا فلا يبقى إلا المقاصد فإذا طلب مقصدا من ميت أشرك
    أما الشفاعة فهي سبب ثابت شرعا
    فعلى هذا يكون طلب الشفاعة من النبي ليس عبادة له

    و الله أعلم

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,277

    افتراضي رد: ماحكم قول:يا رسول الله اشفع لنا

    الشفاعة الثابتة شرعا، إنما هي في الآخرة، فليس لها تأثير على تصورنا لمناط المسألة، بارك الله فيك.
    ولم نقل إن مطلق طلب الشفاعة من مخلوق أو طلب الدعاء منه = شرك.
    طلب الدعاء من الميت له أكثر من صورة، قد ذكرتها في مشاركتي الآنفة، لكل منها تخريجه، فلا يستوي الحكم على تلك الصور جميعا، بناء على المناط الذي تقدم تحريره.
    أخي أبو الفداء لو كان طلب الشفاعة من النبي لا يخلو من صرف كل هذه الأعمال القلبية له فيلزم من هذا أن طلب هذه الشفاعة يوم القيامة يكون شركا أيضا فالناس يوم القيامة أشد حاجة للنجاة
    ولزم منه أيضا أن الرجل الذي يطلب الدعاء والشفاعة من صالح حي (الحالة الأولى) يكون أشرك أو عرضة أن يقع في الشرك فلماذا أثبتت أعمال القلوب للميت ولم تثبتها للحي
    اللازم الأول لا يصح، لأن عامل التغييب بالموت لن يكون متحققا يومها، وإنما يكون الخطاب وجها لوجه، وهذا فرق مؤثر فيما أرى، بالنظر إلى المناط الذي تقدم تحرير في آخر فقرة من المبحث.
    اللازم الثاني لا يصح كذلك، لنفس السبب.
    أن الشفاعة ليست مقصد في ذاتها مثل الرزق و الشفاء و النصر الخ بل هي دعاء إلى الله من المُشَفَّع في حق المُشفع فيه مثلها مثل دعاء الحي لأخيه
    لم نختلف في هذا.
    فلا فرق بين طلب الشفاعة من النبي في الدنيا و طلب الشفاعة منه يوم القيامة إلا مسألة الحياة و الموت و التي اتفقنا أنها ليست هي في ذاتها مناط الحكم على الفعل في كونه شركا
    تقدم أن الموت ليس مناطا في نفسه، وإنما ما ينشأ عنه ويتعلق به في نفس المستشفع.
    وقد أقررت للمخالف بأن مذهبه قوي في صورة واحدة فقط من صور طلب الدعاء من الميت، ألا وهي طلبه عند القبر، لقوة الشبهة في مسألة السماع، ولكني ما زلت أميل إلى أن الطلب من الميت الغائب (لا سيما إن كان ذا منزلة رفيعة عند الطالب) يستلزم أعمالا في القلوب تصيره إلى دعاء العبادة، وشرك النصارى خير شاهد على ذلك، والله أعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    26

    افتراضي رد: ماحكم قول:يا رسول الله اشفع لنا

    أحسن الله إليك أخي أبو الفداء
    ردي كان مبنيا على المناط الذي بنيت عليه الحكم في أنه شرك وهو حسب فهمي:
    انصراف أعمال قلبية من خضوع وتذلل وانكسار وتعظيم ومهابة لغير الله (حاضرا أم غائبا)
    لكن يبدو أنه لم يصلني مقصدك جيدا فأنت تقول أن المناط هو:
    انصراف أعمال قلبية من خضوع وتذلل وانكسار وتعظيم ومهابة لكائن غائب

    إذن هناك فرق عندك بين الحاضر و الغائب في مناط الحكم و لا أظن أن هذا له اعتبار لأن هذه الأعمال القلبية لا يجوز صرفها بإطلاق لغير الله سواء لحاضر أو غائب

    لكن لقولك وجه قوي أيضا وهو أن القدرة في حالة الحاضر محدودة بما يناسب الاسباب الكونية التي يأخذ بها فالحاضر لا يسمع إلا شخص أو عدد قليل من الأشخاص في وقت واحد و يتكلم لغة أو اثنين
    أما في حالة الغائب فقد يناديه آلاف الأشخاص في وقت واحد كل شخص من مكانه و بلغته وهذا فيه اعتقاد قدرة سماع و إدراك في المنادى الغائب تفوق قدرة أي بشر أو مخلوق في ذلك و بالتالي يكون هذا شركا

    فيكون المناط هو: اعتقاد القدرة المطلقة في السمع

    لكن يرد هنا إشكالا و هو حديث:
    "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام"
    رواه أحمد و أبو داود
    قال ابن حجر: رواته ثقات
    و صححه النووي
    و صححه الألباني
    فما يقال في السلام - بأي توجيه توجه به الحديث - يقال في طلب الشفاعة
    إلا إذا ثبت ضعف الحديث

    ولا يُفهم من هذا النقاش أننا نبحث هل نقول ذلك أو لا نقول فلن يخرج عن كونه بدعة لا تجوز

    لكن البحث هو في الحكم على قائل هذا نحكم له بالاسلام أم بالشرك و ينبني على هذا الحكم المعاملات الظاهرة في الدنيا

    و قد يقال أنها تخرج عن كونها شركا إذا كان طالب الشفاعة بقرب قبر النبي ولا يجزم بسماعه له

    و الله أعلم

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,277

    افتراضي رد: ماحكم قول:يا رسول الله اشفع لنا

    المناط، بارك الله فيك، وأرجو أن أحرره تحريرا أوضح هذه المرة: هو اجتماع تلك الأعمال القلبية المرتبطة بتنزيل بعض خصائص الربوبية على المسؤول سواء كان حيا أو ميتا. هذه الخصائص تستتبع انتهاء الغاية في نفس السائل في طلب الرضى والقبول، عند المسؤول المتوجه إليه بالطلب حال بذل ذلك الطلب. وهذه من أخص خصائص الربوبية: أن الله متفرد بالحق في أن يكون هو الغاية في طلب الرضا والقبول بالغيب، لا شريك له في ذلك. فكل سؤال يوجه إلى مخلوق، أمكن تصور خلو نفس السائل فيه من تلك الأمور، فليس بشرك، وليس من دعاء غير الله.
    والذي أراه أن غيبة الموت يلزم منها تحقق تلك الأمور أيا ما كانت صورة الطلب من الميت (على تفاوت في مقدارها باختلاف تلك الصور).
    فعندما سبرنا الصور الممكنة في مسألتنا وقسمناها إلى أقسام، خرجت لنا ثلاث صور، منها صورتان نجزم بأن تلك الأمور واقعة في قلب فاعلهما لا محالة، لأنها - كما ذكرتَ - ملازمة لاعتقاد أن ذلك الميت يسمع كل أحد في كل مكان وفي كل وقت، وهذا شرك بين أرجو أننا لا نختلف فيه.
    أما الصورة الثالثة فهي محل النزاع، وهي طلب الدعاء عند القبر وفي حضرته.
    فالذي أراه أنه وإن كانت دواعي اعتقاد الاشتراك مع الخالق في بعض صفات الربوبية في تلك الصورة أقل منها في الصورتين السابقتين، لقوة شبهة السماع عند القبر، إلا أنها متحققة كذلك، لكون الطالب يقف بإزاء القبر لا يرى ولا يدري شيئا من أمر المقبور فيه (بسبب تغييبه التام) إلا أنه يسمعه، فمع اعتقاده علو منزلة المسؤول عند الله، يتحقق المناط في نفسه ولابد، فتراه يبذل أعمال الدعاء التعبدي لذلك المقبور المغيب الذي لا يراه إذ يرجو - غاية الرجاء - قبوله أن يكون شفيعا له عند الله ولا يدري هل قبل أم لم يقبل. وكلما عظم شأن المقبور في نفسه، زاد حرصه على استرضائه بالغيب حتى يقبل أن يكون شفيعا! فكان التغييب بالموت سببا في تحقق المناط هنا حتى وإن كان موضوع المسألة عند ذلك السائل أن "يا فلان اطلب لي من الله كذا وكذا"، وليس أنه يقصد ذلك المسؤول بحاجته مباشرة. فتصبح صورة ذلك الطلب، وإن كان عند القبر: دعاء تعبديا محضا للميت المقبور أن يرفع إلى الله مسألة الداعي رجاء القبول، ويصبح شريكا لله تعالى عند السائل في كونه طريقا غيبيا مقصودا لإجابة المسألة، فتأمل هذا الأمر بارك الله فيك فإنه دقيق المأخذ.
    بل أقول إن طلب الشفاعة من النبي عليه السلام في قبره، يتحقق فيه ذلك المناط كما لا يكون في غيره، لأن الداعي يجزم بأن النبي عليه السلام مجاب الدعاء عند الله تعالى (وهذا حق لا مرية فيه)، وأنه لا أحد من المخلوقين أعلى منزلة عند الله منه. فمع الجزم بأنه يسمع، لزم أن تتوجه غاية الرجاء والطمع في الرضا والقبول بالغيب إليه صلى الله عليه وسلم، وليس إلى الله تعالى، ولزم أن يعتقد في ذلك المخلوق أنه طريق مضمون لنيل المطالب والحاجات، لا يرد سائلا ولا يرفض طالبا، فيصبح شريكا لله تعالى في إرادة الإجابة، بل تصبح إرادة الله مرهونة بإرادته، لذا فهو صرف كلي للدعاء إلى المخلوق من دون الخالق، وعبادة محضة للنبي عليه السلام، والله أعلم.
    ثم إنك ترى السائل عند القبر لا يرفع صوته بالطلب إلى الميت المقبور رجاء إسماعه، وإنما يجري الأمر عنده جريان الدعاء السري سواء بسواء، لماذا؟ لأن غيبة الموت لا ندري لقدرة الميت على السماع فيها حدا، ولا نعلم لها سببا معتادا كما نعلم لأسماع الأحياء (وإن كنا نثبت السبب الغيبي مع تفويض العلم به إلى الله)، وعالم الأرواح له أحوال لا سبيل لمعرفتها إلا بالنص. لهذا وجب الوقوف على ما ورد التنصيص عليه من السماع بلا زيادة. فإن قيل إن هذا يقع كذلك عند إلقاء السلام على الميت في قبره ولا فرق، إذ لا نجد تنصيصا على رفع الصوت به لإسماعهم أو أن الإسرار يكفي، قلنا هذا أمر جاءنا النص على أنهم يسمعونه، ولم يأتنا النص على كيفية أدائه إليهم حتى يتحقق الإسماع، أي لم يأت الأمر مقيدا بصورة معينة، ونحن نقول إنه لا يتحقق منه مناط الشرك عند فاعله، حتى مع كونه سريا، فإنه لا تداخله معاني التعبد كما يكون الحال عند الطلب.
    والحاصل من ذلك أنه حتى مع اعتقاد سماع الميت لطلب الشفاعة، فإن التغييب المطلق لروحه التي نعتقد سماعها، يفتح الباب لتحرك أعمال التعبد في قلوب الطالبين لذلك المغيب، كما يكون لله تعالى، والله أعلم.
    لكن يرد هنا إشكالا و هو حديث:
    "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام"
    رواه أحمد و أبو داود
    قال ابن حجر: رواته ثقات
    و صححه النووي
    و صححه الألباني
    فما يقال في السلام - بأي توجيه توجه به الحديث - يقال في طلب الشفاعة
    بل لا تستوي المسألتان بارك الله فيك. نعم النص صحيح في أن الله تعالى قد خصص ملائكة تنقل إلى النبي عليه السلام سلام المسلمين عليه، وهذا أمر من محارات العقول ولا شك، ولكنه لا يستتبع إشراكا في نفوس من يعتقدونه في خصائص الربوبية، وأنت ترى بجلاء أن الفعل المرتبط بذلك الاعتقاد لديهم لا يقاس على طلب الشفاعة والدعاء وما يرتبط به من تذلل وخشوع وأمور قلبية يتحقق بها معنى "التعبد"، وتكون بابا لاعتقاد الوساطة بين الله وخلقه وإيجاب القبول على الله من طريق النبي عليه السلام، إلى آخر تلك الأشياء.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    642

    افتراضي رد: ماحكم قول:يا رسول الله اشفع لنا

    بارك الله فيكم الله لايحرمكم الأجر..
    ربنا لاتجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    129

    افتراضي رد: ماحكم قول:يا رسول الله اشفع لنا

    بسم الله، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه
    وبعد ..
    فالمسألة الأولي وهي :
    طلب الدعاء من الغائب ميتا أو حيا .
    الثانية : طلب الدعاء من الميت عند قبره .

    فأما المسألة الأولى : وهي طلب الدعاء من الغائب فهي أم لعدة عظائم من الشرك الأكبر ، ويظهر ذلك من تصور هذه المسألة .
    (( أن يطلب الداعي من الغائب ميتا كان أو حيا أن يدعو له ، كأن يكون رجل في وسط البحر في حالة غرق فينادي شيخه الحي وهو في بلد أخرى أو ينادي ميتا يعتقد ولايته قائلا : يا بدوي يا دسوقي يا حسين ادع الله لي أن ينجيني )).
    فهذا كما ترى شرك أكبر بإجماع العلماء ، فيه من أمهات الشرك :
    1- أن هذا الذي طلب الدعاء اعتقد أن الذي دعاه له سمع أحاط بأصوات العباد ، وإلا فكيف يدعوه وبينه وبينه آلاف الكيلو مترات ولا يعتقد أنه يسمع دعاءه؟
    2- أن هذا الذي طلب الدعاء اعتقد أن الذي دعاه علم بحاله وأدرك أنه في حالة غرق حقيقي لا يدعي ذلك ، ولذلك يتوجه بالدعاء لله لنجاة هذا العبد .
    3- ما يتبع ذلك من شرك الاعتقاد واعتقاد قدرة وتصرف من طلب منه الدعاء ، وهذا كله من انواع الشرك الأكبر .
    4- كون العبد لا يلجأ إلى الله مباشرة ويطلب منه النجاة إلا عن طريق هذه الواسطة التي جعلها بينه وبين الله ، هذا الذي كان عليه أهل الجاهلية من إثبات الواسطة الشركية .
    5- أن هذا العبد شبه الله بالملوك الجائرين في الدنيا الذين لا يقضون حاجة العباد وغن كانوا في ضيق شديد وكرب عظيم إلا مع الواسطة .
    وكل هذه المعتقدات شرك اكبر مخرج من ملة الإسلام بإجماع علماء المسلمين.
    قال فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله :
    (( سؤال حي لميت وهو غائب عن قبره بأن يدعو الله له . وهذا النوع لا يختلف المسلمون بأنه شرك أكبر ، وأنه من جنس قول النصارى في مريم وابنها ـ عليهما السلام ـ بدعائهما وأنهما يعلمان ما يفعله العباد حسب زعم النصارى ))(1).
    وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله :
    (( معلوم قول النصارى : يا والدة المسيح اشفعي لنا إلى الإله . نداء إذا جهر به المنادي ، ولا يخرجه ذلك عن كونه دعاء وعبادة بإجماع المسلمين ، ولو كان المطلوب مجرد شفاعتها فإباحة هذا النوع وجعله لا محذور فيه هو عين الجهل والضلال ))(2)
    ثم قال : (( وقد تقدم أن قول النصارى : يا والدة المسيح اشفعي لنا عند الإله . شرك بإجماع المسلمين ))(3)
    قلت : وهذا الحكم لا يمكن أن يخالف فيه أحد ممن يفهم العقيدة الإسلامية فهمًا سلفيًا صحيحًا .

    قال الشيخ محمد بن إسماعيل الدهلوي ـ رحمه الله :
    ((فإنهم وإن لم يشركوا عن طريق طلب قضاء الحاجة فإنهم أشركوا عن طريق النداء فقد ظنوا أنهم يسمعون نداءهم عن بعد كما يسمعون نداءهم عن قرب))(4).

    وبمثل هذا القول قال الشيخ بشير السهسواني الحنفي وغيره من محققي الحنفية كما نقل عنهم العلامة الدكتور شمس الدين السلفي الأفغاني في كتابه الماتع (( جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية )) .
    قال العلامة ابن عبد الهادي رحمه الله :
    (( وليس أحد من البشر بل ولا من الخلق يسمع أصوات العباد كلهم ، ومن قال هذا في بشر فقوله من جنس قول النصارى الذين يقولون : إن المسيح هو الله ، وأنه يعلم ما يفعله العباد ويسمع أصواتهم ويجيب دعاءهم ، قال تعالى : }كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ** [ المائدة : 72ــ 76 ] ))(5)

    المسألة الثانية : طلب الدعاء من الميت عند قبره :
    وصورة هذه المسألة شرك أكبر على الصحيح من أقوال أهل العلم وذلك لعدة أسباب :
    1- أنه جعل هؤلاء الموتى وسائط بينه وبين الله رب العالمين .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    (( ومن أثبت للأنبياء ومن سواهم من مشايخ العلم والدين وسائط بين الله وبين خلقه كالحجاب الذين بين الملك ورعيته بحيث يكونون هم يرفعون الى الله حوائج خلقه وأن الله تعالى إنما يهدى عباده ويرزقهم بمعنى أن الخلق يسألونهم وهم يسألون الله كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك حوائج الناس لقربهم منهم والناس يسألونهم أدبًا منهم أن يباشروا سؤال الملك أو لأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك، ولأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك لكونهم أقرب من الملك إلى الطالب فمن أثبت وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل ... ))(6).
    ثانيا : أنه جعل للميت بعض خصائص الربوبية مثل علم الغيب ؛ وذلك لأن من يذهب ليطلب الدعاء من الميت يعلم أن هذا الميت لا يستحق أن يطلب منه الدعاء إلا وهو يعلم اضطرار هذا العبد وحاجته واحتياجه ولذلك ذهب إليه ليطل منه الدعاء ولما كان الميت قد انتقل إلى دار الدنيا فيكون علمه بحال العبد من جنس علم الغيب ، فإثبات طالب الدعاء علم الغيب للميت شرك أكبر ، وإن لم يصرح بذلك ففعله يدل على ذلك ـ وكذلك من يذهب إلى قبور الصالحين يطلب منهم الدعاء يثبت لهم سمعًا فوق طاقة البشر ، وذلك لأنه على القول بأن الموتى يسمعون في قبورهم وهو قول ضعيف فقد (( ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في رده على البكري قاعدة مهمة في فحوى كلامه ، وهو أن الميت على القول بسماعه ، وسماع النبي صلى الله عليه وسلم بخصوصه فإنه لا يسمع بقوة هي أكبر من قوته في الدنيا ))(7)
    وكما هو معلوم أن الحي لو كان تحت الأرض بهذه الصورة وبينه وبين من فوق الأرض هذه الحواجز من التراب والطوب والبناء وغير ذلك ،ما استطاع أبدًا أن يسمع كلامه فكيف به وهو ميت ؟ فمن أثبت للميت أنه يسمع طلبه من خلف هذه الحواجز فقد أثبت له ما لا يجوز لبشر ، واما على القول الصحيح وهو أن الموتى لا يسمعون في قبورهم فإن إثبات هذا السمع لهم بلا شك هو من جنس إثبات السمع المحيط بأصوات العباد وهو سمع رب العالمين .
    ثالثًا : أن من طلب من الميت عند قبره الدعاء قد شبه الله بخلقه حيث شبهه عز وجل بملوك الدنيا الجائرين الذين لا يغيثون الملهوف إلا إذا كان معه من يشفع له عند الملك ، وهذا من الشرك الأكبر .
    سئل فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ ـ حفظه الله :
    (( من سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له وأن يطلب له المغفرة من الله بعد موته هل هذا شرك ؟
    فأجاب :
    الجواب نعم هو شرك أكبر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعى بعد موته ، فطلب الدعاء من الميت وطلب الدعاء بالإغاثة أو الاستسقاء ، يعني أن يدعو الله أن يغيث أو أن يدعو الله أن يغفر أن يدعو الله أن يعطي ونحو ذلك ، هذا كله داخل في لفظ الدعاء ، والله عز وجل قال وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا( [ الجن : 18 ] والذي يقول : إن هذه الصورة وهي طلب الدعاء يخرج عن الطلب الذي به يكون الشرك شركًا . فإنه ينقض أصل التوحيد كله في هذا الباب ، فكل انواع الطلب ، طلب الجعاء ، يعني طلب الدعاء من الميت ، طلب المغفرة من الميت ، أو طلب الإعانة أو نحو ذلك كلها باب واحد هي طلب ، والطلب جعاء فداخلة في قوله تعالى :}وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ** [ المؤمنون : 117 ] وفي قوله : }وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ** [ فاطر : 13 ] ونحو ذلك من الآيات ، فالتفريق مضاد للدليل . ومن فهم من كلام بعض أئمتنا التفريق ، أو أن هذا ـ طلب الدعاء من الميت ـ أنه بدعة ، لا يعني أنه ليس بشرك ، بل بدعة شركية يعني ما كان اهل الجاهلية يفعلونه ، وإنما كانوا يتقربون ليدعوا لهم لكن أن يطلب من الميت هذا بدعة ما كانت اصلا موجودة لا عند الجاهلين ولا عند المسلمين فحدثت فهي بدعة ولا شك ، ولكنها بدعة شركية كفرية ، وهي معنى الشفاعة ، إيش معنى الشفاعة التي من طلبها من غير الله فقد أشرك ؟
    الشفاعة طلب الدعاء ، طلب الدعاء من الميت هو الشفاعة ))(8).
    وسئل إمام أهل السنة رحمه الله شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله
    : كثير من الطلبة يفهم من الشرك أنه طلب قضاء الحاجة من الأموات ، وأنه إذا طلب من الميت الشفاعة والدعاء ، يعني يدعو له ، فيقول هذا ليس من الشرك لكن يكون بدعة ؟
    فأجاب رحمه الله :
    (( هذا من الشرك الأكبر لا يستطيعون أن يدعوا له ولا يشفعوا له ، كلهم مرتهنون بأعمالهم ، والدعاء والشفاعة تكون في حياته ، ولهذا لما استسقى عمر بالصحابة لم يستسق بالنبي صلى الله عليه وسلم يشفع لهم إنما استسقوا بالعباس وبيزيد بن الأسود وبالدعاء ، ولو كان هذا شرعيًا لاستسقوا بالنبي وقالوا : ادع لنا يا رسول الله ))(9).
    فسئل رحمه الله : صرح بعض الناس أن هذا قول ابن تيمية ؟
    فأجاب : صرح ابن تيمية بأن هذا شرك أكبر(10).

    قال شيخ الإسلام : (( وقد يخاطبون الميت عند قبره : سل لي ربك . أو يخاطبون الحي وهو غائب كما يخاطبونه لو كان حاضرًا حيا ، وينشدون قصائد يقول احدهم فيها : يا سيدي فلان أنا في حسبك ، أنا في جوارك ،اشفع لي إلى الله ، سل الله لنا أن ينصرنا على عدونا ، سل الله أن يكشف عنا هذه الشدة ، أشكو إليك كذا وكذا فسل الله أن يكشف هذه الكربة . أو أن يقول أحدهم : سل الله أن يغفر لي ... فهذه الأنواع من خطاب الملائكة والأنبياء والصالحين بعد موتهم عند قبورهم وفي مغيبهم وخطاب تماثيلهم هو من أعظم أنواع الشرك ... ))(11)
    فتأمل رحمك الله في هذا الكلام الصريح من شيخ الإسلام تجده سوى بين طلب الدعاء من الغائب وطلب الدعاء من الميت عند قبره وطلب الشفاعة منه ، وجعل الثلاثة من أعظم أنواع الشرك ، وهذا هو قول شيخ الإسلام الواضح الذي لا لبس فيه ، وهو الذي فهمه أهل العلم كما صرح بذلك الشيخ ابن باز رحمه الله وقد نقلنا قوله .
    وكذلك فضيلة الشيخ الدكتور شمس الدين السلفي الأفغاني ـ حفظه الله :
    بعد قول : إن قول القبوري : يا فلان الولي ادع الله لي ، أو اشفع لي عند الله ، أو يكشف كربتي ، ويقضي حاجتي ، ويغفر حوبتي ن ومثل ذلك : هو إشراك صريح بل هو أم لعدة أنواع من الإشراك بالله العظيم .
    قال : وأصل هذا التحقيق من كلام المجاهد المجتهد الهمام الإمام أبي العباس تقي الدين أحمد بن تيمية شيخ الإسلام ))(12)



    وخلاصة القول :
    أن طلب الدعاء من الغائب ومن الميت عند قبره شرك اكبر مخرج من ملة الإسلام ، والصورة الأولى شرك اكبر بالإجماع لم ينازع فيها أحد من أهل السنة ، وهي طلب الدعاء من الغائب ، والثانية حدث فيها خلاف (مابين مبدع ومكفر) ، والصحيح أنها شرك أكبر مخرج من ملة الإسلام .


    ـــــــــــــــ ـ
    (1) تصحيح الدعاء ( ص 250 ) .


    (2) مصباح الظلام ( ص 211)


    (3) المصدر السابق ( ص 259 )


    (4) رسالة التوحيد ( ص 67 ) .


    (5) نقلا من مصباح الظلام ( ص 254 ) .
    (6) مجموع الفتاوى ( 1/ 126 )


    (7)نقلا من شرح الطحاوية (2/644) .


    (8) شرح الطحاوية ( 2 / 1437 ) .


    (9) شرح كشف الشبهات للشيخ ابن باز ( ص 52 ) .


    (10) المصدر السابق ( ص 64 ) .


    (11) مجموع الفتاوى ( 1/ 158 ) .

    (12) جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية ( 3/ 1487_1488) .
    منقول من كتاب لأحد طلبة العلم بتصرف يسير

    تنبيهٌ :لماذا أطلق بعض العلماء أن طلب الدعاء من الأموات بدعة؟
    قال الشيخ صالح آل الشيخ
    لأن "المشركين لم يكونوا يطلبون من آلهتهم الدّعاء، لم يكونوا يطلبون من أوثانهم لتشفع ولكن كانوا يتقربون إليها لتشفع.
    فإذن صورة طلب الشفاعة من الميّت محدثة.
    ولهذا يُعَبِّر كثير من أهل العلم عن طلب الشفاعة من الأموات بأنها بدعة محدثة؛ لأنّها لم تكن فيما قبل الزمان الذي أُحدثت فيه تلك المحدثات في هذه الأمة.
    فإذاً تعبير بعض أهل العلم عنها بأنها بدعة، لا يعني أنها ليست بشرك؛ لأنَّ البِدَعَ منها ما هو كفري شركي ومنها ما هو دون ذلك".شرح العقيدة الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •