تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 45

الموضوع: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    قال الإمام البخاري رحمه الله:( بابُ ما جاء في الصحة والفراغ وألا عيش إلا عيش الآخرة )، قال حدثنا المكي بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الله بن سعيد هو بن أبي هند عن أبيه عن بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ:( نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصحة والفراغ) .
    قال البخاري قال عباس العنبري حدثنا صفوان بن عيسي عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه قال سمعت بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم مثله .
    وقال أيضًا: حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا غُندر قال حدثنا شعبة عن معاوية بن قُرة عن أنس عن النبي_ صلي الله عليه وسلم_أنه قال: ( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فأصلح الأنصار والمهاجرة ) .
    وقال البخاري أيضًا في أخر حديث في هذا الباب حدثني أحمد بن المقدام قال حدثنا الفضيل بن سليمان قال حدثنا أبو حازم قال حدثنا سهل بن سعد ألساعدي _ رضي الله عنه _قال كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في الخندق وهو يحفر ونحن ننقل التراب وبصر بنا فقال:( اللهم لا عيشَ إلا عيشُ الآخرة فاغفر للأنصارِ والمهاجرة ) تابعه سهل بن سعد عن النبي_ صلي الله عليه وسلم_ مثله .
    وقد ذكرنا في المرة الماضية أن الإمام رحمة الله عليه بوب على هذه الأحاديث الثلاثة بقوله:(باب ما جاء في الصحة والفراغ وألا عيشَ إلا عيشُ الآخرة )وذكرنا أن الترجمةَ لها أصول ثلاثة وأنا أكرر الكلام في كل مرة حتى يستقيم لنا فهم طريقة الإمام البخاري رحمه الله ، لأنه فيما يُستقبل إن شاء الله_ عز وجل_ من الدروس سنخفف من المسألة على اعتبار أنها فهمت النسبة لمن يستمع إلى هذه الدروس .
    قلنا: أن الترجمة لها ثلاثة أركان ، الركن الأول وأنا أحاول أن نرى الحديث قال الإمام _رحمه الله _باب ما جاء في( الرقاق )وفي بعض النسخ (باب ما جاء في الصحة والفراغ وألا عيش إلا عيش الآخرة ) وقلنا هذه اسمها الترجمة والترجمة هذه هي معني قائم عند الإمام البخاري ينتظم تحته أحاديث فيها نفس المعنى الذي أورده الإمام البخاري في الترجمة .
    فالترجمة لها ثلاثة أركان:
    الركن الأول: المُتَرجِم وهو الإمام البخاري .
    الركن الثاني: الترجمة وهي العنوان الذي يضعه الإمام البخاري على الأحاديث الركن الثالث: المُتَرجَمُ له النص الذي أورده الإمام البخاري تحت هذه الترجمة .
    وعندنا الآن ثلاثة أحاديث :
    الحديث الأول: حديث بن عباس رضي الله عنهما وهو ما جاء في الصحة والفراغ .
    الحديث الثاني: حديث أنس.
    الحديث الثالث: وهو حديث سهل بن سعد ألساعدي والذي فيه المقطع الثاني من الترجمة وأنه (لا عيش إلا عيش الآخرة .)
    وذكرنا أيضا أن الترجمة الصحيحة لابد أن تكون مناسبة لما تحتها من النصوص والإمام البخاري بوب هنا تبويبًا صريحًا ،( باب ما جاء في الصحة والفراغ) وأورد حديث بن عباس الخاص بهذه المسألة ،(وألا عيش إلا عيش الآخرة فعندنا حديث أنس بن مالك و عندنا حيث سهل بن سعد ألساعدي _رضي الله عنهما _، وهذا الحديث حديث بن عباس_ رضي الله عنهما_
    حديث بن عباس_ رضي الله عنهما_لم يكرره الإمام البخاري في صحيحه وهذا هو الموضع الوحيد لهذا الحديث عند الإمام البخاري رحمة الله عليه .
    وذكرنا أيضًا أن الإمام البخاري ربط ما بين (الصحة والفراغ )وما بين( لا عيش إلا عيش الآخرة ،) لأن العيش على الحقيقة هو عيش الآخرة الذي لا يبيد ولا ينتهي وأما الدنيا فلها نهاية .
    وقد قال الفضيل بن عياض: ونعم ما قال ، قال [ لو كانت الآخرة خزفًا يبقى وكانت الدنيا ذهبًا يفني لكان على العاقل أن يقدم الخزف الذي لا يفني علي الذهب الذي يفني فكيف والآخرة ذهبُ لا يفني
    هذا الحديث حديث الإمام البخاري الذي افتتح به كتاب الرقاق تابع فيه عبدا لله بن المبارك الإمام المبارك وكذلك وكيع بن الجراح وكلاهما افتتح كتاب الزهد له بهذا الحديث .
    لماذا افتتح الإمام كتاب الرقاق بهذا الحديث ؟
    لأن العمر هو رأس المال ، وأي رجل يتاجر لا بد أن يكون له رأس مال وهذا المال لابد أن يربح وإلا سيضطر المرء أن يأكل من رأس المال ولا يزال يفعل ذلك حتى يُفلِس ، والعاقل هو الذي يثمر رأس ماله على نحو ما سنذكره إن شاء الله تعالى .
    لكن قبل أن ندخل في الكلام عن المتن كل الذي مضى هو محاولة للتوفيق ما بين الترجمة وما بين الحديث والنصوص التي جاءت تحتها ، لكن الكلام له ترتيب ، نقرأ الإسناد الأول ثم ننظر في حال رجال الإسناد ، إذا كان فيه أي أشياء حديثيه لطيفة سنحاول أن نذكرها بلا تعمق ، لماذا ؟ لأننا إن شاء الله سنحاول أن نعلم الناس علم الحديث من خلال أسانيد الإمام البخاري .
    ولذلك أقول وأنبه لا تستثقلن شيئًا تسمعه لأول مرة ، فأنا زعيم إن شاء الله عز وجل أن أجعل هذا العلم من العلوم المحببة إلى نفسك إن شاء الله تبارك وتعالى وسأحاول كما قلت أن أذكر بعض أصول المصطلح غير مرتبة طبعًا على حسب ورودها في إسناد الإمام البخاري .لكن قبل أن ندخل في الكلام
    ما معني كلمة إسناد ؟
    الإسناد له تعاريف وأنا سأختار تعريفًا واحدًا وكما قلت في مرة سابقة وأنبه الآن أنني أحاول أن أحدث ثقافة حديثيه عند العوام ، ولذلك سوف أتساهل أحيانًا في تعريف المادة العلمية فأرجوا ألا يتعقبني فيها أحد علماء الحديث وأقول أنك لا تتكلم بمصطلحات المحدثين ، فأنني سأتساهل قليلاً في محاولة تيسير المادة العلمية على الجماهير ، أما إذا كنت في وسط علماء الحديث فلن أتكلم بطبيعة الحال إلا بمصطلح أهل الحديث محضًا ودقيقًا إن شاء الله .
    الإسناد: هو سلسلة الرجال الموصلة إلى المتن .
    المتن" أي الكلام نفسه كلام الرسول عليه الصلاة والسلام ، أو الكلام الذي ينتهي به الإسناد سواء كان كلام صحابي أو كان كلام تابعي أو تابع تابعي أو أي إنسان في الدنيا .الكلام اسمه متن وهذا المتن لم يصل إلينا هكذا إنما وصل إلينا عن طريق رجال رجال أدوه ، سلسلة الإسناد هذه أو مجموعة الرجال هذه أسمها الإسناد .
    أي أن كل رجل أسند الكلام إلي قائله ، إلى شيخه مثلاً وشيخُهُ أسند الكلام إلى شيخِهِ وشيخُهُ أسند الكلام إلى شيخِهِ وهكذا لا يزال كل واحد يسند الكلام إلى من سمعه منه حتى يصل الإسناد إلي منتهاه إلى أخر واحد قال الكلام سواء كان الحديث مرفوعًا إلى النبي _عليه الصلاة والسلام_ أو إلى الصحابي أو إلى التابعي أو إلى تابع التابعي أو إلى من دون أتباع التابعين .
    فتكون كلمة إسناد أن كل واحد يسند الكلام إلى قائله ،.
    فلو أنت حدثتني بكلام وأنا ألقيت هذا الكلام على رجل آخر فيقول لي من حدثك ؟ أقول له حدثني فلان ، وأنتم الآن تجلسون أمامي وتسمعون مني ، أخذت الدرس فممكن تذهب إلى مسجد من المساجد أو مجلس من المجالس وتنقل هذا الدرس فتقول حدثني أبو إسحاق أنه قال حدثني فلان قال حدثني فلان ، فأنت بذلك تكون قد أسندت الكلام إلي .
    فإذا كان الكلام كلام منكر وأنكر عليك غيرك فتقول العهدة ليست علي إنما العهدة على من حدثني فلان هو الذي أخبرني بهذا الكلام ، فإن كنت تريد أن تحاسب فحاسب الذي أخبرني ، فأنت أسندت الكلام إلي .
    فكلمة إسناد معناها أن ترتقي بالإسناد حتى تصل إلى قائله ، وأنا الإسناد اليوم أفقي ولا رأسي ؟ الإسناد رأسي هكذا لأن أنت عندما تقول حدثني فلان ، وأنا أقول الإسناد هذا متصل أم لا ؟ متصل لأن هذا طرفه الأول وهذا طرفه الثاني فيكون الإسناد هكذا متصل له جهتان جهة دنيا الجهة التي إلى أسفل ، وجهة عليا التي هي عند الصحابي ، كلما تقول حدثني فلان وهذه المسافة سأقسمها إلى أربع مسافات مسافة هنا ومسافة هنا ومسافة هنا ، كل مسافة من هذه ستعتبر كأنها حِقبةٌ زمنية ، فعندما أقول حدثني فلان فأكون قد أخذتُ هذه المسافة الزمنية ، قال حدثني فلان أخذت المسافة هذه ، قال حدثني فلان أخذت المسافة هذه ، قال حدثني فلان حتى أصل إلى نهاية السند
    فيكون الإسناد رأسي وكلما قلت حدثني فلان تصعد إلى أعلي خمسين سنة والذي فوقك يطلع خمسين سنة ، والذي فوقك يطلع خمسين سنة وهكذا أو مائة سنة أو ثمانين سنة على حسب الفروق التي بين طبقات الرواة .
    فأنا أقول الآن هذا إسناد متصل ، وأنا سأوضح على اللوحة :
    الإسناد رأسي: البخاري يقول حدثني المكي بن إبراهيم عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن سعيد بن أبي هند عن بن عباس وهذا إسناد رأسي وهو إسناد متصل
    والإسناد الثاني عند البخاري: قال عباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا صفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد عن سعيد بن أبي هند قال سمعت بن عباس وهذا يكون إسنادًا رأسيًا .
    فأنت عندما تقول حدثني فلان تطلع لفوق طبقة ، حدثني فلان تطلع لفوق طبقة وهكذا حتى تطلع إلى منتهي الإسناد ،.
    ونخرج من ذلك أننا نقول أن الإسناد هو أن تسند الكلام إلى قائله .
    الإمام البخاري عندما يقول حدثنا المكي بن إبراهيم وهذا شيخ الإمام البخاري_ رحمة الله عليه_ والمكي بن إبراهيم هذا أحد الثقات وثقه الإمام بن معين وثقه أحمد بن حنبل وقال الدار قطني ثقة مأمون والمكي بن إبراهيم هذا من كبار شيوخ البخاري .
    وشيوخ البخار على ثلاثة طبقات :
    الطبقة الأولى: كبار شيوخ البخاري .
    الطبقة الثانية أواسط شيوخ البخاري.
    الطبقة الثالثة: صغار شيوخ البخاري الذين ربما يكونوا من أقران البخاري .
    الطبقة الأولى الكبار الذي لم يدركهم أحد من الأئمة الستة غير البخاري والأئمة الستة :هم (1- البخاري 2-ومسلم3- وأبو داود 4-والنسائي 5-والترمذي 6-وبن ماجه ) .
    (البخاري ومسلم )الصحيحان (والأربعة اسمهم ) السُنن عندما يقول أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما وأهل السُنن أو أصحاب السُنن وهم الأئمة الأربعة الذين سميتهم آنفًا .
    الأئمة الخمسة من أول مسلم والأئمة الأربعة لم يدركوا الطبقة الأولى من شيوخ البخاري ، البخاري تفرد بهم.
    الطبقة الأولي من شيوخ البخاري: كبار الشييوخ ومنهم المكي بن إبراهيم ومنهم عبيد الله بن موسي ومنهم محمد بن عبد الله الأنصاري ومنهم أبو عاصم النبيل ومنهم أبو معين الفضل بن دُكين وآخرون . .
    الطبقة الثانية من شيوخ البخاري : أواسط الشيوخ وهم أكثر شيوخ البخاري وهم أواسط الشيوخ مثل الإمام أحمد بن حنبل ومثل إسحاق بن راهويه ومثل قتيبة بن سعيد ومثل الحُميدي مثل مسدد بن مسرهد وإسحاق بن منصور وإسحاق بن شاهين وعمر بن معين الفلاس وآخرون وأئمة كثيرون وهؤلاء هم الطبقة الوسطى .
    الطبقة الثالثة من شيوخ البخاري:وهي صغار الشيوخ أو من أقران البخاري مثل محمد بن عبد الرحيم الملقب بالصاعقة والبخاري لا يقول الصاعقة يقول حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، بعض الأئمة الآخرون يقول حدثنا الصاعقة .
    ولُقِبَ بالصاعقة قيل1- لأنه كان باقعةً في الحفظ إذا وصل إلى شيخ من الشيوخ يأخذ كل علمه ولا يبقي عنده شيء من العلم ،2- وقيل لأنه كان إذا أراد أن يتوجه إلى شيخ مات هذا الشيخ ، فلذلك قالوا صاعقة أي صعقه وهو من أقران البخاري حدث عنه الإمام البخاري رحمه الله وكذلك محمد بن يحي الذُهِلي هذا من شيوخ البخاري ومن أقرانه أيضًا .
    وهذا الحديث الإمام البخاري يرويه عن المكي بن إبراهيم وهو أحد كبار شيوخ البخاري ، والإمام أحمد بن حنبل قلنا أنه شيخ البخاري من الطبقة الوسطى .
    والإمام أحمد: روى هذا الحديث في مسنده قال حدثنا المكي بن إبراهيم.
    والإمام الدارمي: عبد الله بن عبد الرحمن أحد شيوخ البخاري أواسط شيوخ البخاري روى هذا الحديث في سننه قال حدثنا المكي بن إبراهيم .
    فكأن الإمام البخاري ساوى الإمام أحمد بن حنبل والدارمي وكلاهما من شيوخه في هذا الإسناد ، وكأنهم أصبحوا أقران لأن شيخهم في الإسناد واحد .
    وأنا إنما قلت هذا لتعلم أن المكي من كبار شيوخ البخاري إذ أنه شيخ شيخ أحمد شيخ شيخ البخاري الذي هو أحمد بن حنبل .
    فكون البخاري يدرك شيخ شيخه فيتساوى مع شيخه أحمد بن حنبل فهذا اسمه علو وهذا يوضح لنا أن الإمام البخاري رحمة الله عليه أدرك هذا الإمام وأنه من كبار شيوخه .
    الإسناد الأول: قال حدثنا قال أخبرنا عبد الله بن سعيد يقصد( ابنُ أبي هند) وهذا توضيح من الإمام البخاري عن سعيد بن أبي هند عن بن عباس عن رسول الله _صلي الله عليه وسلم _.
    الإسناد الثاني:قال البخاري فيه وقال عباس بن عبد العظيم حدثنا صفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد عن أبيه سعيد قال سمعت بن عباس .
    نلاحظ مايلي:
    الإسناد الأول اشتمل علي أربعة رواة : وهذا يسمى إسناد رباعي ذلك لأن الإسناد من البخاري إلى الرسول _عليه الصلاة والسلام_ أربعة رواه .
    الإسناد الثاني اشتمل علي خمسة رواة، وهذا يسمي إسناد خماسي ،.
    ويوجد عند أهل الحديث مايُسمي بالعلو ، وهذا العلو أقسام أشرف أقسام العلو أن تكون الوسائط بينك وبين النبي قليلة ، لأن كلما علوت إلى أعلي وتقترب من النبي _عليه الصلاة والسلام_بإسناد نظيف هذا أشرف أنواع العلو .
    وأوضح ذلك بمثال : المصباح لو أن السقف على بعد عشرين متر ويوجد مصباح في أعلى ، فلو أنني أقف على الأرض هنا الضوء يكون خافت ، فلو أردت أن أستمتع بقوة هذا الضوء ماذا أعمل ؟ أطلع إلى أعلى ، فلو أنني طالع علي السلم على درج كلما طلعت إلى أعلى كلما اقتربت وأنعم بضوء هذا المصباح .
    الرسول_ ﷺ_ كما وصفه ربه تبارك وتعالي هو السراج المنير كلما اقتربت من هذا السراج المنير تبصر وتضيء وتستمع ،.
    كما نشبه زمان الرسول عليه الصلاة والسلام مع القرون التي جاءت بعده برأس المثلث ، تصور أن هناك مثلث حاد الزاوية كالهرم والهرم هو عبارة عن نقطة ثم نشد ضلعين ضلع أيمن وضلع أيسر ، هذه النقطة التي هي رأس الهرم لا أبعاد فيها وأن كانت هناك الأبعاد فهي أبعاد ضيقة جدًا لا تكاد تُرى هذه النقطة هي زمان النبي_ صلي الله عليه وسلم_ .
    لم يكون هناك خلافات وحتى الخلافات الموجودة كانت تُرد في النهاية إلى النبي ﷺ فيفصل فيها .
    الضلع الأول: وهو نصوص الوحي قرءانًا وسنة ،.
    الضلع الثاني هو واقع المسلمين .
    وكلما ابتعدت عن رأس الهرم تزيد المسافة بين الضلعين وهذا هو الذي حدث النبي _صلي الله عليه وسلم _قال:( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) كلما تطاول الزمان تجد انفصام واضح بين واقع المسلمين وبين نصوص الوحي كتاباً وسنة . كلما نزلت لأسفل كلما تزداد المسافة بين واقع المسلمين وبين نصوص الوحي كتابا وسنة .
    نحتاج أن نضيق هوة الخلاف ونرجع المسلمين مرة أخري إلى الوحيين كتابًا وسنة ، نصعد إلى أعلي ،كلما صعدت إلى أعلي وطالما توجد نقطة سيلتقي عندها الضلعان كلما صعدنا إلى أعلى كلما تضيق المسافة بين الضلعين .
    فإذا أردت أن أجعل واقع المسلمين منزلاً على النصوص فلابد أن أصعد إلى أعلي ، ومعني أعلي: القرون الثلاثة الأول ، أصعد إلى القرن الثالث ثم القرن الثاني ثم القرن الأول ، فأنت كلما علوت إلى أعلي كان أشرف لك وكان أقرب .
    العلو عند علماء الحديث كان فاكهة :
    كان كل علماء الحديث ينفق الواحد منهم كل ما يملك من أجل أن يرحل من بلد إلى بلد لأن الحديث الذي معه خماسي يريد أن يأخذه رباعي ، بدل من أن يكون بينه وبين الرسول عليه الصلاة والسلام خمسة يجعل بينه وبين الرسول صلي الله عليه وسلم أربعة فإذا علم أن في بلد من البلدان نفس الحديث الذي معه ممكن يكون بينه وبين الرسول ثلاثة يبيع كل ما يملك ويذهب إلى هذا البلد ليأخذ الإسناد العالي .
    المراد بالعلو :تقليل عدد الوسائط وهم الرواة بينك وبين النبي_ صلي الله عليه وسلم_.
    فالبخاري رحمه الله روى حديث بن عباس بإسنادين الإسناد الأول رباعي والإسناد الثاني خماسي .
    وإذا كان العلماء يتهافتون على العلو حتى أنه لما مرض يحي بن معين إمام الجرح والتعديل :ودخلوا عليه وسألوه ما تشتهي ؟ قال (بيت خالي وإسناد عالي ،)
    الاقتراب من المصباح شرف ، والسراج المنير هو رسول الله ﷺ كلما تقترب من زمنه يكون فيه بركة ويكون فيه قلة مخالفة ولا يوجد البدع المحدثات التي ملأت ديار المسلمين ، وكلما نزلت ، إلى تحت وتطاول الزمان ونبعد عن الرسول في المسافة الزمنية يحدث نوع من ضعف الالتزام والتمسك بالنصوص الشرعية .
    الإمام البخاري في الإسناد الأول رباعي ، قال حدثنا المكي بن إبراهيم أخبرنا عبدالله بن سعيد عن أبيه سعيد بن أبي هند عن بن عباس فهذا إسناد رباعي ، في الإسناد الثاني وقال عباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا صفوان بن عيسي عن عبدالله بن سعيد عن أبيه عن بن عباس
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    س:إذا كان كل العلماء يتهافتون على العلو لماذا نزل البخاري في إسناد الحديث الثاني ؟
    لا ينزل المحدث بالإسناد إلا لنكتة وإلا فهو لا يعدل بالعلو شيئا ، وانتبه هل هناك فروق في الإسنادين أم لا ؟ من هو الراوي المشترك في الإسنادين هو عبد الله بن سعيد ، وأنا أشتغل من أول عبدالله بن سعيد ، وانتبه من أول
    عبد الله بن سعيد وأنت صاعد حتى نعرف هل هناك فرق بين الإسنادين جعل الإمام البخاري ينزل بالسند الثاني درجة أم لا ؟
    في الإسناد الأول: يقول عبد الله بن سعيد عن أبيه عن بن عباس .
    في الإسناد الثاني: عبد الله بن سعيد عن أبيه سمعت بن عباس
    فما الفرق بين الإسنادين ؟
    الفرق بين الإسنادين :هذه اللفظة ( سمعت بن عباس ) هذا هو الفرق الذي جعل الإمام البخاري ينزل درجة لكي يأتي بلفظة السماع هذه ، لأن لفظة السماع هذه لها عمل كثير وعليها كلام كثير جدًا جدًا ما بين الإمام البخاري وأئمة كثيرون وبين تلميذه الإمام مسلم رحمة الله تعالى على الجميع .
    2- البخاري قال في الحديث الثاني وقال عباس العنبري ، لماذا لم يقول البخاري حدثنا عباس العنبري ؟ وهذه هي العادة أنه إذا أراد أن ينقل عن شيخه شيئًا أن يستخدم لفظ التحمل مثل حدثنا أو أخبرنا أو غير ذلك .
    البخار عندما يقول (قال) فلان ولا يقول حدثنا فلان فإنه لم يسمع الحديث من شيخه أو من الذي روى عنهم سواء كان من شيوخه مثل عباس العنبري وهو أحد شيوخ البخاري روي البخاري عنه ، لكن لماذا لم يقل البخاري حدثنا ؟ لم يسمع هذا الحديث من عباس العنبري ، فمن هو الذي سمع منه البخاري الحديث ؟ سمعه من واحد نحن لا نعرفه ، وهذا اسمه عند العلماء الحديث المعلق.
    الإسناد إما أن يكون رأسياً هكذا وهذا الإسناد متصل أم لا ؟ متصل لأنه يلمس هنا وهنا وهذان طرفا الإسناد فهذا متصل .
    ما معني الحديث المعلق ؟
    الحديث المعلق عند علماء الحديث ، قالوا أن يحذف راوٍ أو أثنين أو ثلاثة أو السند كله بشرط أن يكون الحذف من أول السند .
    وأول السند من تحت أم من فوق ؟ أول السند من تحت ، البخاري هنا يقول حدثنا فلان عن فلان عن فلان عن بن عباس مثلاً ووصل إلى آخر السند فكل مسافة تمثل مرحلة زمنية أو تمثل راو من رواة الإسناد .
    البخاري يقول حدثنا المكي بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الله بن سعيد عن أبيه عن بن عباس فنقسم هذه المسافة إلى أربعة كل ربع يمثل راوٍ من الإسناد فهذا إسناد متصل .
    الحديث المعلق :قال أن يحذف راو من أول السند ، فمن أول السند عند البخاري ؟ المكي بن إبراهيم وأنا أمثل للحذف بأنني سأعمل هكذا وأرفع القلم والمسافة التي يملأها الهواء فهذه هي المسافة الخاصة بالمكي بن إبراهيم ووقع المكي من الإسناد ، فصار الإسناد معلق لأننا حذفنا راوي من أول الإسناد وليس من عند الصحابي ، أول الإسناد من عند صاحب الكتاب الذي هو الإمام البخاري ، أخر الإسناد هو الصحابي .
    فأنا لما حذفت المكي بن إبراهيم البخاري لن يقول أخبرنا عبد الله بن سعيد لأنه لم يدركه ولو أي إنسان قال أخبرني فلان ولم يدركه العلماء يقولون عليه كذاب ، فلو أن إنسان قال حدثنا الإمام البخاري في الزمان الذي نحيا فيه الآن فهذا يكون كذاب ، لكن لو قال عن الإمام البخاري فلا يقدر أحد أن يكذبه ، لأن كلمة حدثنا أو أخبرنا ضيقة المعنى لا تحتمل إلا معني واحد فقط وهو أنه حدثك من فمه إلى أذنك وهذا معنى حدثنا أو أخبرنا .
    تنبيه لمن لم يمارس علم الحديث من الأدباء.
    لذلك أنا أنبه على شيء يقع فيها من لم يمارس علم الحديث من الأدباء إذا أحب أن ينقل شيء من تاريخ بن جرير الطبري ، فيقول وها هو بن جرير يحدثنا أنه قد حدث كيت وكيت وكيت ، وهذا عند علماء الحديث خطيئة أين بن جرير ؟ بن جرير بعد الثلاثمائة ، فأنت تقول وها هو شيخنا بن جرير بعض الناس الأدباء أو الذين ينقلون في التاريخ يتطاول ويقول هذه الكلمة وها هو شيخنا بن جرير يحدثنا أو شيخنا بن كثير يحدثنا في كتاب البداية والنهاية مثلاً ، أو يحدثنا في تفسيره ويتجوز في المسألة .
    متى يكون الإسناد معلقاً؟
    الإمام البخاري عندما يحذف أول الإسناد ، المكي بن إبراهيم حذفناه ونحذف المسافة خاصته هكذا وهذا من أول الإسناد فصار الإسناد معلق ولو حذفنا الذي فوقه فهذا كله اسمه إسناد معلق .
    وأنت الآن عندما تقول قال رسول الله صلي الله عليه وسلم كذا وكذا فما اسم هذا الإسناد ؟ اسمه إسناد معلق ، ومعني معلق ؟ أي أنك حذفت الإسناد كله من أوله إلى آخره .
    يشترط في الحديث المعلق شيئين :
    الحذف يكون من أول السند إذا كان راوي ، أما إذا كان اثنين أو ثلاثة أو أربعة أن يكون الحذف على التوالي كله حذف وراء بعضه ،.
    وإذا لم يكن الحذف على التوالي يأخذ اسم آخر ، اسم المنقطع أو المعضل وهذا موضوع آخر لن ندخل فيه .
    ما يهمني الآن أن أتكلم عن الحديث المعلق بمناسبة أن هذا أول حديث معلق الإمام البخاري يورده في كتاب الرقاق ،
    فعندما يقول البخاري وقال عباس العنبري ولم يقل حدثنا عباس فتعرف إن البخاري لم يسمع هذا الحديث من شيخه ، إذا كان الذي علق عنه هو شيخه فضلا عن أن يكون شيخ شيخه أو أعلى من هذا ولم يدركه الإمام البخاري رحمة الله عليه .
    ونحن قد انتهينا اليوم شيء من علم الحديث وكما قلت نريد أن نعلم الناس علم الحديث لأن نحن في هذا الزمان في أمس الحاجة أن نفقه هذا العلم ، اليوم الذين يطعنون علي السنة أو الذين يسبون الصحابة على صفحات الجرائد ، من أين أتوا بالكلام الذين يكتبونه ؟ وهو لا يعرف شيء ، لا يعرف إسناد ولا يعرف شروط قبول الرواية ولا يعرف يكشف عن راوي ، وهل هذا الراوي ممكن أن أخذ منه خبر من الأخبار أم لا ، فليس لديه فكرة إطلاقًا عن هذا العلم ، إنما يدخل بهواه حاقد على الصحابة ، بيكره الصحابة ، عنده إحن في صدره على الصحابة ، يتمني أي مصيبة في أي كتاب حتى يتهم بها الصحابة ويقول هؤلاء الصحابة قالوا كذا وكذا وكذا وأنا لم آتي بشيء من عندي ، إنما أن أتيت به من كتب مثل تاريخ بن جرير الطبري وغير ذلك .
    لو عرفوا كيف تنقل الأخبار أو كيف تقبل الأخبار لوقف عند حده ، لكن نحن في زمان كله يتكلم في كله ، كل أهل الفنون يشتكون من المتطفلين عليهم وهذا الكلام ظاهرة عامة ،.
    العلوم الشرعية لابد أن يكون لها حمى :ونحن اليوم نقوم بعمل ثقافة حديثيه ، حتى إذا تكلم أي إنسان أنت تقول له من أين لك هذا ؟ كما أننا نسأل إنسان عن الذمة المالية من أين أتيت بالفلوس ؟ فنحن كذلك نقول له من أن لك هذا الخبر؟ ، إن كنت مدعيًا فالدليل وإن كنت مستدلاً فالصحة ، أنت تدعي أي دعوة هات دليل على هذه الدعوة ، أحضرت الدليل يشترط أن يكون صحيحًا لأن الاستنباط ينبغي أن يكون على دليل صحيح .
    لذلك أنا أقول ولازلت أحض الأخوة والأخوات الذين يسمعونني أنهم يتصبروا لأن خلف هذا العلم خير كثير جدًا ،.
    وأنا أذكر في بداية تجربتي: لما نزلت إلى بلدي وبدأت أشرح علم الحديث كان كثير من الخطباء الذين يعتلون المساجد المتميزة يكثرون من ذكر الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمنكرة ، أي حديث يجده في كتاب يطلع ويقوله ، فلما بدأنا ندرس علم الحديث وعرفه الناس فكلما يطلع واحد على المنبر ويقول حديث ، فأول ما ينزل من على المنبر الناس تقول له صحيح ولا ضعيف ، وطبعًا أول مرة يسمع هذه القصة ، ما صحيح وما ضعيف ؟ هذا حديث موجود في الكتب .
    فهل معني أنه موجود في الكتب أنه صحيح ؟ أنت اليوم عندما تقرأ حديث ( المؤمن حلو يحب الحلاوة ) هذا حديث ولكنه مكذوب على النبي صلي الله عليه وسلم أو ( الهريسة تشد الظهر ) وهذا أيضًا موضوع علي النبي ، وليس المقصود بالهريس الهريسة الحلوة التي نعملها الآن إنما المقصود الثريد الذي يوضع عليه اللحم وهو موجود في بلاد الخليج فهذا مكذوب ، ( ربيع أمتي في العنب والبطيخ ) أيضًا مكذوب ، ( المؤمن كيس فطن ) أيضًا مكذوب ، ( إياكم وخضراء الدمن قالوا وما خضراء الدمن يا رسول الله ؟ قال المرأة الحسناء في المنبت السوء ) موضوع أي مكذوب على النبي وكل هذا موجود في الكتب .
    فهل كل حديث موجود في كتاب أقدر أن أنسبه إلى النبي عليه الصلاة والسلام ؟ فأول مرة هؤلاء يسمعون صحيح وضعيف فاتهموني وقتها بأنني علمت الشباب قلة الأدب ، لماذا ؟ قالوا يعترضوا علينا بسبب أنهم لم يتعودوا شيء مثل هذا من قبل ذلك .
    تعلم علم الحديث هذا هو العلم الذي حمى سنة النبي صلي الله عليه وسلم ولولا هذا العلم لخطبت الزنادقة على المنابر :وكل إنسان كان يمكن أن يقول ما يشتهي .
    كما قال عبد الله بن المبارك الإمام المبارك [ لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ٍ
    قال ابن عباس_ رضي الله عنهما_ [ كان الرجل إذا قال: قال رسول الله تشرئب إليه الأعناق ونصغي إليه بآذاننا ، فلما وقعت الفتنة بدأ يحدث الكذب عل النبي _ عليه الصلاة والسلام_ قلنا سموا لنا رجالكم
    في القرون الأولي ما كان يوجد من يكذب على النبي صلي الله عليه وسلم أبدًا ، وكان أي واحد يقول قال رسول لله صلي الله عليه وسلم نسمع له ونصدقه ولا نسأله أسمع أم لا ، أو إسناده صحيح أم لا ، و عندما وقعت الفتنة واختلف الناس ودخل منافقون وزنادقة في الصفوف ويبحث عن حديث يسنده ولا يجد يؤلف حديث وينسبه للنبي_ عليه الصلاة والسلام_ بأي إسناد يركبه ، فلما وقع مثل هذا الخبث وظهر الكذب والخطأ قال العلماء لن نقبل أي كلام إلا بإسناد
    الأخبار القديمة كلها نحن لا نعلم عنها شيئًا إلا عن طريق المصنفات القديمة والكتب القديمة مثل كتب الأئمة الذين نقلوا لنا كل هذا الكلام بأسانيد فعندما نريد أن نرد على هؤلاء نرد عليهم بهذا العلم ، ما السبب في انتشار هؤلاء يضربون في الدنيا ؟ لعدم وجود علماء حديث ، علماء الحديث أندر من الكبريت الأحمر الذين يقفون على الرصد ويحرسون حدود الإسلام وهم الذين يدافعون عن المصادر الأصلية الآن ، فلا يدافع عن المصادر الأصلية الآن إلا علماء الحديث
    فلذلك هذا العلم علم جليل وعلم خطير وكبير وأنا أحاول أن أيسر المادة العلمية بقدر المستطاع ومع كثرة هذا تكرار الكلام الكريم ستتمتعون فما يأتي من الزمان.
    ______________________________ _______
    ندخل على الكلام ، والكلام الذي هو المتن أصل الموضوع ، علم الحديث كله وضع لأجل تصحيح هذا المتن وتصحيح هذا الكلام وأنه منسوب إلى النبي نسبة صحيحة .
    قال عليه الصلاة والسلام( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) ، مغبون: مأخوذ من الغبن وهو الخسارة ، فأكثر الناس يخسر رأس ماله الحقيقي أغلى سلعة في الدنيا ، أغلي رأس مال في الدنيا هو العمر ، هذا العمر الذي هو أجل المرء من ساعة أن يولد إلى أن يموت ، هذا هو أجله ، يقطع هذا الأجل على مراحل ، هي عبارة عن ثوان ودقائق وساعات وأيام وأسابيع وأشهر وسنوات ، فهذا هو رأس المال .
    يقطع المرء كل يوم وهو سائر إلي الله تبارك وتعالي كل يوم يمر عليه تُطوى فيه صفحة عظيمة من كتاب الموت .
    أمس كنت أطول عمرًا من اليوم ، والإنسان يتقلب في ثلاثة أيام يوم مضى فلا سبيل إلى تداركه ، والذي فات مات لا يستطيع أن يرجعه ، ويوم يأتي لعله لا يكون يومك يمكن ألا تعيش فلا تُجهِد نفسك بحثًا عنه وإنما يومك الذي تعيش فيه هذا هو رأس المال .
    لأن هناك ناس يعيشون في الماضي ، يعيشون في الأحلام ، وناس يعيشون في الأوهام التي سوف تأتي وقد لا يدركه ، إن الرجل ليأكل ويشرب وينكح وهو في عداد الموتى ، نزل الأجل في السماء الدنيا وسينزل على الأرض حتى ينفذ قضاء الله تبارك وتعالى عليه وهو بيأكل أو يشرب ويقول غدًا سنعمل كذا وبعد غد سنعمل كذا وبعد عشر سنين هذا المال سيصير كذا وكذا وكذا وهو ميت وهو لم يبق على عمره أكثر من عشرة دقائق أو خمس دقائق ، وهو يتكلم فيما يأتي من الزمان عشر سنوات ، عشرين سنة ، ثلاثين سنة ، أربعين سنة
    مثل الإمام البخاري ما يتكلم عن الأجل والأمل في الأحاديث القادمة وسنبين هذه المسألة .
    يومك الذي تعيش فيه هذا هو رأس المال :
    الذي مضى انتهى والقادم لا تبحث عنه لأنه قد لا يكون من أيامك ما بقي إلا هذا اليوم ، آخر أجلك من الذي يعرفه ؟ لا يعرفه إلا رب العالمين ،.
    العمر له ثلاثة أطراف:
    طول وعرض وبعد ما تموت ،.
    هل من الممكن أن يكون العرض أطول من الطول ؟
    نعم إذا استثمر المرء عمره استثمارًا جيدًا كان عرضه أطول من طوله
    مثلاً: أن الإنسان سيموت على رأس ستين سنة ، أي يعيش على الأرض ستين سنة ، لكنه إذا استثمر رأس المال كان عمره عند الله تبارك وتعالى ألوف السنين ، أنظر الطول ستين سنة فقط ، وأنت ممكن العرض الذي تتصرف فيه وهو ملكك يكون أطول من الطول بمراحل كيف ذلك ؟
    قال الله تبارك وتعالى:( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) [ القدر:3 ] فلو قدرنا أن إنسانًا يعيش ستين سنة وسيبلغ على رأس خمسة عشر سنة مثلاً ، يبلغ هذا المرء على رأس خمسة عشرة عامًا فيكون عنده خمسة وأربعون سنة وهي فيها خمسة وأربعون رمضان( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) وألف شهر عبارة عن ثلاثة وثمانين سنة وعدة شهور ، نجعلها ثمانين سنة .
    فلو أن هذا الرجل قام العشر الأواخر من رمضان لم ينام أبدًا من أول العشرة الأواخر حتى يظهر هلال العيد ، لم يترك أي عشرة من رمضان إلا وهو قائم ، فكم ليلة قدر أدركها ؟ خمسة وأربعون ليلة قدر ، وخمسة وأربعون ليلة قدر في ثمانين تساوي ثلاثة ألاف وكسر ، هذا يكتب عند الله عز وجل عابد ، ليس ثلاثة ألاف سنة ينام ثلثهم ويلعب الثلثين الآخرين ويلقى الله عز وجل مفلسًا لا ، ثلاثة ألاف عام عند الله عز وجل عابد .
    فهذا الرجل استثمر عمره وطول عمره صار ثلاثة ألاف سنة أكثر من ستين سنة ، فلو أخذنا اليوم الأجل طولي نهاية الأجل هنا فيكون لك تصرف في العرض ، ممكن العرض تظل تمشي تمشي حتى يصير أطول من الطول بكثير ، مثلاً حديث جابر في سنن الترمذي.
    أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة ) عندما تقول سبحان الله وبحمده ، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله وبحمده ، أنا أخذت خمس ثواني فلو قلت ستين ثانية أي دقيقة فيكون عندك ستين ، فلو أخذت في الساعة ستين في ستين بثلاثة ألاف وستمائة ، هذا في ساعة واحدة في اليوم تقول سبحان الله وبحمده ، ويمكن وأنت تمشي أو ذاهب إلى أي مشوار أو مسافر فلا تعطل لسانك .
    وأنت تمشي قل سبحان الله وبحمده ، وأنت تعملين في المطبخ شغلي لسانك ، كلما تقول سبحان الله وبحمده نخلة في الجنة ، والنخلة في الجنة هذا موضوع أخر والنبي قال:( ما من شجرة في الجنة إلا وساقها من ذهب ) .
    فأنت تزيد عن أخيك الذي دخل الجنة معك بالنخل الذي استحوذت عليه بكثرة تسبيحك وتنزيهك لربك تبارك وتعالى والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:( إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر [ أي الذي ليس له بطن ويعدونه للسباق ] فيه [ في هذا الظل ] مائة عام لا يقطعه ) ، مائة سنة يجير هذا الجواد في ظل شجرة واحدة في الجنة لا يقطعها ،.
    قال أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم ﴿ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴾ [الواقعة: 30]
    فعندنا ثلاثة أطراف للحياة :
    1-الطرف الذي هو نهاية الأجل لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالي .
    2-وعندي تصرفي في الحياة ، استثمار فرص العمر ومواسم العمر .
    3- الطرف الثالث بعدما تموت .
    هل الإنسان إذا مات يموت بلا فائدة ، كأنه دابة على وجه الأرض مات وانتهت قصته ولا يترك بصمة في الحياة على ظهر الأرض أنه كان موجودًا .
    ملايين البشر عاشوا في الدنيا كالأنعام السائمة يأكل ويشرب فقط ، كل حياته أكل وشرب ومتع على اختلاف أنواعها كأنه لن يموت ، هذا يموت كأي دابة تموت .
    أما الذين عرفوا نفاثة رأس المال ألا وهو العمر فهؤلاء يتركون بصمة قبل أن يموتوا وأفضل من استثمر العمر هم أهل العلم الذين كانوا يتقربون إلى الله عز وجل بهذا العلم وعلى رأس هذه العلوم ، العلوم الشرعية القرءان الذي أنزله الله تبارك وتعالي ليهدي به الخلق وسنة الرسول صلي الله عليه وسلم التي كانت مبينة لكتاب الله تبارك وتعالى
    العلماء صانوا الكتاب والسنة قعدوا القواعد وأصلوا الأصول حتى لا يُخطئ أحدٌ في الفهم عن الله ورسوله ، هؤلاء العلماء نذروا أعمارهم لصيانة الكتاب والسنة ، له نية صالحة في الموضوع وتحقق الإخلاص فيها فهذا الذي يعيش في الدنيا وينظر إلى الآخرة .
    أفضل من استثمر العمر أهل العلم الذين ينظرون إلى الآخرة .
    لذلك قال الإمام البخاري يقول باب ما جاء في الصحة والفراغ وألا عيش إلا عيش الآخرة ، فمن كان في الدنيا ينظر إلى عيش الآخرة فلن يضيع رأس المال ورأس المال هذا المفترض أي تاجر ناجح عندما يكون عنده رأس مال يكثر رأس المال ، يأتي بالأرباح ويترك الأرباح تتراكم على رأس المال ويحاول أن يجعل نفقاته مضغوطة لأجل أنه كلما كبر رأس المال أتي بربح أكبر .
    الرسول عليه الصلاة والسلام سئل أي الناس خير قال ( من طال عمره وحسن عمله ) إذا طال عمره فهذا رأس مال صار رأس المال كبيرًا ، وهو رجل ينظر بعينه إلى الآخرة ولا ينظر تحت قدميه ، هذا هو المفلح حقًا .
    لذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس) فدل على أن أقل الناس هو الرابح في هذه التجارة كما قال تعالي:( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [ سبأ: 13 ] .
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    نماذج من الذين استثمروا أعمارهم:
    الإمام البخاري صاحب الكتاب الذي نشرحه يذكر محمد بن أبي حاتم الوراق أن البخاري رحمه الله كان يقوم في الليلة أكثر من خمسة عشرة مرة وقال ربما قام عشرين مرة يوقد السراج ويكتب شيئًا ثم يطفئ السراج وينام ثم بعد قليل يستيقظ ويوقد السراج ويكتب شيئًا ثم ينام وهذه المسألة تحدث له في الليلة من خمسة عشر إلى عشرين مرة .
    ماذا يعمل الإمام البخاري ؟ ينام وهو مشغول بمعني من المعاني وقد يرى فتحًا قد يفتح عليه في معنى مغلق فلو نام وواصل نومه لأصبح ناسيًا لهذا المعني الذي خطر على باله , وكثير من الناس الذين يرون الرؤيا يكون متذكر الرؤية جيدًا وأحيانًا يفتح عينه وهو نائم ومستحضر تمامًا للرؤية ويقول أنا حفظتها وأول ما يستيقظ ينسى الرؤية كاملة ، لا يذكر شيئًا منها .
    العلم هذا يحتاج إلى صياد لأن العلم مواهب ، والفهم منحة من رب العالمين وقد يتفاضل الرجلان الكبيران الجليلان في فهم جزئية من الجزئيات والله عز وجل يقول في القرءان( وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ، فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ) [ الأنبياء: 78،79 ] وحتى لا تظن أن المرء إذا فاتته جزئية في الفهم أن ذلك يعود عليه بالنقص ( وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ) .
    وحتى لا يتصور أحد أن داوود عليه السلام أقل من ابنه لا ، هذا العلم لا أخر له معهم أصل الفهم ومعهم أصل العلم
    ولكن قد يفهم الإنسان جزئية لا يفهمها غيره ولا يكون ذلك قادحًا وهذا حدث أكثر من مرة مع سليمان عليه السلام وداود .
    كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله قال اختصمت امرأتان على زمان داود عليه السلام ، اختصمتا في ولد صغير كل واحدة معها ابنها وضعا الولدان في مكان فأتى الذئب فأكل ولد من الاثنين ، فلما رجعت المرأتان اختصمتا على الولد الباقي من التي يمكن أن لا تعرف ابنها ، فيه واحده منهما كاذبة ، لكن هذه تقول هذا ابني والأخرى تقول هذا ابني .
    فاختصمتا إلى داود عليه السلام ، وطبعًا الأنبياء ومن بعدهم القضاة يحكمون على نحو ما يرون يرسل ليحضر أدلة وعلى ضوء هذه الأدلة يحكم ، قد تكون الأدلة خاطئة ، أو أن الذي ذهب يبحث عن الأدلة لم يستوفها أو قصر في فمها سواء الذي أتى بالأدلة أو القاضي نفسه قد يكون قصر في فهمها ، أي خلل عمومًا قد يطرأ على الدليل وبالتالي يطرأ على الحكم .
    المرأة الكبرى بكت وناحت وقالت ولدي وظهر عليها أنها متفجعة فعلاً على هذا الولد والمرأة الصغرى لم يظهر عليها هذا وهناك بعض الناس تنزل عليه المصيبة التي تدك الجبل فلا تحرك ساكنًا من شدة المصيبة عليه حدث له نوع من الخرس الشعوري لا يستطيع التعبير ، لا يستطيع البكاء ولا يعرف أن يعمل شيئًا يدل على أنه حزين .
    لكن الحزن الذي بداخله لو وزع على أمة لملأها الحزن ، لكنه لا يعرف أن يعبر والأمر كأنه كان كذلك ، المرأة الكبرى بكت وأظهرت بعض العلامات والصغرى ساكتة ، فلما حكم داود عليه السلام للمرأة الكبرى بالولد خرجت المرأتان ، الكبرى تحمل الولد والثانية مسكينة ، فلقيتا سليمان عليه السلام ، فالمرأة الصغرى اشتكت لسليمان قالت إن أباك حكم لهذه المرأة بالولد وهو ابني ، فقال سليمان عليه السلام ائتوني بسكين أقسمه نصفين فلا أعلم من أمه الحقيقية فكل واحدة تأخذ نصفه ، حينئذٍ شهقت المرأة الصغرى وقالت لا أريده أعطه لها فحكم به للصغرى .
    هذه حيلة لجأ إليها سليمان ليكشف الحق وهذه مسالة فهوم .
    وفي ساعات الواحد يمر عليه الدليل فيه معنى من المعاني خطر على بالك ، إن لم تدون هذه الفائدة في الحال ذهبت عليك ،.
    ونحن نعرف الإنسان المفلح من غيره بمثل هذا ، وقد استفدنا هذا في الحقيقة من أئمتنا ، كعبد الله بن المبارك رحمه الله كان يقول:
    أيها الطالب علمًا ائت حماد بن زيد __فاستفد حلمًا وعلمًا ثم قيده بقيد .
    أي علم تستفيده قيده بقيد أي أكتبه ولا تتركه إلى الذهن فإن الذهن خوان من الممكن أن تتفلت منه المعلومة .
    الإمام البخاري يوقد السراج في الليلة أكثر من عشرين مرة ، لماذا ؟ لأنه مشغول في استنباط أحكام خفية من أدلة قد لا يظهر لإنسان بادي الرأي مثلاً أن في الدليل هذا فيه دلالة على المسألة .
    مثال ذلك: الإمام البخاري بوب على حديث لميمونة رضي الله عنها بقول (باب المنديل) أي أن الواحد عندما يتوضأ ينشف الوضوء أم لا ؟ المشهور أن أكثر حال النبي صلي الله عليه وسلم وهو المشهور عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا توضأ كان لا ينشف ، إنما كان يفعل هكذا أي ينفض يديه من الماء لأنه من فضائل الوضوء أن ذنوب المرء تخرج مع قطر الماء أو مع أخر قطر الماء .
    فأنت إذا توضأت والماء ينزل من أصابعك ومن لحيتك وغير ذلك ، فالماء النازل هذا ينزل وقد أخذت الذنوب التي ارتكبها الوجه مثلاً مثل العينين أو الأذن أو ارتكبتها اليد أو الرجل ، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان من عادته انه إذا توضأ كان ينفض يديه هكذا .
    الحديث يقول أن النبي عليه الصلاة والسلام توضأ فدفعت إليه ميمونة رضي الله عنها خرقة أو منديلاً ينشف به ، فرده وجعل ينفض هكذا .
    الشاهد من الحديث : استدل بعض أهل العلم أن في هذا الدليل دلالة على جواز أن ينشف المرء بعد الوضوء ,قال لو كان من عادته صلي الله عليه وسلم ألا ينشف أبدًا ما دفعت إليه ميمونة المنديل ، فمعني أنها تعطيه المنديل أي أنها رأته مرة قبل ذلك يتنشف ، فهذا معني قد لا يخطر للمستمع على بال
    والأدلة الشرعية هكذا ، الدليل الواحد يمكن أن يخدم عشرة أو خمسة عشر حكمًا شرعيًا ، لكنه يحتاج إلى رجل سيال الذهن نافذ البصيرة ، دارس للأصول صح ، لكي يستطيع أن يأتي بظاهر النص ويستطيع أن يأتي بمفهوم النص .
    الإمام البخاري كان في الذروة فهمًا وجلالة وسيلان ذهن :
    فكان إذا خطر له ترجمة لحديث من الأحاديث أو فهم لحديث من الأحاديث كان يقوم على الفور ويكتبه ، استثمر الإمام اللحظات وكانت إغماءته كإغفاءة الطائر ، لا يكاد ينام حتى يخطر له ما يسطره فيوقد السراج ويقوم ليكتب هذه الفوائد ، رجل استثمر عمره .
    ونحن اليوم نقول الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، هل بيننا وبينه نسب ؟ هل بيننا وبينه شراكة ، بيننا وبينه تجارة ؟ أبدًا ، ليس بيننا وبينه أي شيء ، نحن الآن نذكر البخاري رحمه الله أكثر من أبائنا وأمهاتنا ونترضى ونترحم عليه وعلى الأئمة أكثر من أبائنا وأمهاتنا ، قبل أن يغادروا الحياة تركوا بصمة أنهم كانوا يعيشون في هذه الحياة .
    هذا الرجل بعدما مات العمر الثاني وهو أن يذكر المرء بعد ما يموت ، لماذا ؟ استثمر رأس ماله استثمارًا صحيحًا فاستفاد بكثرة ترحم الناس عليه .
    أبو يوسف صاحب أبي حنيفة رحمة الله عليهما:يقول أحد أصحابه واسمه إبراهيم ذهبت إليه أعوده فرأيته مغمىً عليه ، فلما أفاق قال يا إبراهيم ما تقول في مسألة كذا وكذا فقلت له يا أبا يوسف وأنت في هذه الحال ، رجل في النزع في آخر حياته ، أي في مرض الموت ، هل أنت حاضر الذهن أنك تأتي مسألة من مسائل العلم وتناقشني فيها .
    انظر إلى الرجل الذي طوال عمره مشغول بالعلم ومشغول بخدمة المسلمين في تنقيح العلوم وإظهار الخفي من معانيها ، فقال يا إبراهيم لعله ينجوا بها ناجٍ .
    هذه المسالة التي أتناقش معك فيها تحل إشكال بلد بأكملها أو تحل إشكال أنس كثيرون
    ولا يلزم أن يكون في هذا العصر ، ممكن يأتي بعد عشرين سنة ، خمسين سنة ، مائة سنة .
    نحن اليوم الأئمة الذين حلوا لنا إشكالات في النصوص من ثلاثمائة ، أو أربعمائة ، أو خمسمائة ، أو ستمائة سنة وأكثر من ذلك نحن الآن نستفيد من استنباطاتهم ،.
    الإمام البخاري نستفيد من فهمه ، الإمام الشافعي ، الإمام أحمد بن حنبل ، الإمام مالك ، أبو حنيفة ، أبو يوسف ، محمد بن الحسن ، الشيباني ، إسحاق بن رهويه ، الأوزاعي ، سفيان بن عيينة ، سفيان الثوري ، أبو داود الظاهري ، أي واحد من هؤلاء الأئمة الذين كان لهم مذاهب مثل مذاهب الأئمة الأربعة لكن اندثرت وصارت حبيسة الكتب ، هؤلاء العلماء كانت لهم فهوم حلت لنا الآن المشاكل .
    فهو يقول يا إبراهيم لما يقول له إبراهيم أفي هذه الحال ، قال لعله ينجوا بها ناجٍ ، ثم قال يا إبراهيم أيهما أفضل أن ترمي الجمار راكبًا أم ماشيًا ؟ فقال له راكبًا ، قال: أخطأت ، قال: ماشيًا ، قال أخطأت ، قال: فما تقول يا أبا يوسف ، وأبو يوسف هذا يموت في النزع ، قال: فما تقول يا أبا يوسف ؟ قال: إن كان سيدعو مثل إن كان يرمي الجمرات فيمر على الجمرة الصغرى يرميها ويدعوا ، يمر على الجمرة الوسطى يرميها ويدعوا ، ويصل إلى جمرة العقبة فيرميها وينصرف .
    فيقول إذا كانت الجمرة مما يدعى بعد الرمي فالأفضل أن يكون ماشيًا وإن كان لا يدعو ولا يقف عندها فالأفضل أن يكون راكبًا وهذا رأي الإمام أبو يوسف ، وربما أخذ هذا الكلام أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يوم عرفه فأغلب فترته كان واقفًا يدعوا ، أي أن الوقوف إذا وقف المرء وهو يدعوا يكون أكثر تبذلاً وأكثر خشوعًا ، فربما يكون هذا هو رأي الإمام وليس القصد أننا نناقش القضية راكب أم ماشي ليس القصد ، لكن هذا كلام أبو يوسف رحمه الله .
    قال إبراهيم فخرجت من عنده فما وصلت إلى باب داره حتى سمعت الصرخة عليه ، مات ، أي قبل أن يموت بدقائق ، الإمام يستثمر الأنفاس ويحرر المسألة ويقول لعله أن ينجوا بها ناجٍ .
    عندنا إمام آخر ، وأنا أذكر لك أفضل من استثمر عمره ، لأن الجماعة الذين يضيعون أعمارهم فيما لا يفيد بل فيما يضر ، وأنا أتعجب والله مثلاً واحد يقعد أمام فيلم أو مسرحية ساعة أو ساعتين أو ثلاثة يرى المناظر المناكير أو أمام مباراة لكرة القدم خاصة لما تكون في كأس العالم ، مضيعين أعمارهم ويذهبوا إلى الإستاد يضيعون الصلاة .
    في يوم الجمعة التي كسبت فيها مصر كأس أفريقيا ، من الصباح الإستاد ليس فيه مكان لإنسان من الصباح الباكر ، هؤلاء ضيعوا الجمعة والنبي صلي الله عليه وسلم يقول:( من ترك ثلاث جمع تهاونًا أسود قلبه ) ، كيف يضيع صلاة العصر مثلاً والنبي صلي الله عليه وسلم يقول:( من ترك صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله ) وتر أي صار وترًا .
    واحد رجع إلى البيت وجد البيت محترق أهله كلهم موتى وماله كله فقده ، وهذا لمن يترك مرة صلاة العصر مرة واحدة وتر أهله وماله .
    فلما يأتي إنسان يضيع عمره ، تطلع على القهاوي اليوم الخاصة بالنت وغير ذلك ، شباب قاعدين ليس لهم أي عمل إلا أن يدخلوا ليكلموا البنات ويعملوا حوارات وغير ذلك .
    تذهب إلى الكورنيش أو إلى أي مكان تجد أمم طالعين يضيعون أعمارهم ، وأنا لا أقول بأنه لا يتفسح ، لا يطلع ، لا ، لكن كل شيء بقدر ، أنا أتكلم عن أناس هذا غالب حياتهم ، زهقان يقول أطلع أشم الهواء وضيع أربع أو خمس ساعات ، أنفق رأس ماله وبدده ولم يستفد .
    نحن نقول أفضل من استثمر رأس المال أهل العلم ، لماذا لأنهم كانوا يعيشون في الدنيا وأعينهم تطل على الآخرة .
    الإمام بن جرير الطبري رحمة الله عليه أبو جعفر: صاحب التفسير وصاحب التاريخ وصاحب كتاب تهذيب الآثار الذي لم ينسج على منواله .
    مرة قال لأصحابه تنشطون لكتابة التفسير قالوا له في كم ورقة يكون ؟ قال في ثلاثين ألفًا ورقة وهذه سيمليها من حفظه ، فقال تلامذته هذا مما تفنى دونه الأعمار ، فقال بن جرير إنا لله ماتت الهمم فأملاه في ثلاثة ألاف ورقة .
    ثم قال لهم يومًا تنشطون لكتابة التاريخ من لدن أدم عليه السلام إلى زماننا ؟ فقالوا في كم ورقة يكون ؟ قال في ثلاثين ألفًا ، قالوا هذا مما تفنى دونه الأعمار ، فقال إنا لله ماتت الهمم ، كيف تفنى الأعمار ؟ ما هو الرجل الذي قال لك أنا أمليك في ثلاثين ألف ما فني عمره وهو الذي جمع وهو الذي رتب وهو الذي تعب ، وأنت فقط تكتب ما يمليه عليك ، ومع ذلك قالوا هذا مما تفنى دونه الأعمار ، قال إنا لله ماتت الهمم ، فأملاه في مثل حجم التفسير في ثلاثة ألاف ورقة .
    أما كتاب تهذيب الآثار فكتاب بديع المثال وحتى لا أشرد لكن لعلي إن شاء الله إذا أتت مناسبة ونحن نتكلم عن بعض تراجم البخاري ويكون بن جرير أخرج هذا الحديث في تهذيب الآثار سنبين أيضًا فقه الإمام بن جرير لأنه كان له مذهب مثل مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وكان اسمه المذهب الجريري ، والإمام بن جرير الطبري إمام مجتهد مطلق .
    وأخيرا ونحن عندنا نماذج للذين استثمروا أعمارهم وكيف استثمروها سنقف معهم وقفة حتى نساعدك على استثمار رأس مالك .
    الإمام حماد بن سلمه: الذي كنت سأذكر خبره قبل خبر الإمام البخاري رحمه الله ، حماد بن سلمه هذا أحد الأئمة الكبار ذكروا في ترجمته أنه لو قيل له القيامة غدًا لا يقدر أن يزيد في عمله شيئًا ، استوفى أقصى ما عنده من جهة الذكر ، من جهة العبادة ، من جهة حفظ العلم ، من جهة تبليغ العلم ، لو قيل له القيامة غدًا لا يقدر أن يزيد في عمله شيئًا .
    نذكر أيضًا بعض النماذج من الأئمة الذين استثمروا أعمارهم عالم وهو:
    بن عقيل الحنبلي وكان يقول( إنه لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا كلٌ لساني عن مناظرة وبصري عن مطالعة استطرحت فأعمل فكري حال استطراحتي فلا أقوم إلا وقد خطر لى ما أسطره حتى أنني أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز لأجل ما بينهما من التفاوت في المضغ .)
    فالمسألة عنده إسكات كلب الجوع وليست مسالة استطعام أو غير ذلك ، لا حتى أنني اختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز لأجل ما بينهما من التفاوت في المضغ .
    بن الجوزي: تكلم في أكثر من موضع من كتاب له اسمه صيد الخاطر ، وصيد الخاطر هذا من أعمل فكري حال استطراحتي ، يصطاد كل ما يأتيه خاطرة معينة فيها إفادة فيها تجربة كان يكتبها ، فكتب أكثر من خاطرة في هذا المعني فيقول كثير من الناس يأتي ويقول لك أنا مشتاق إليك وحشتني وأريد أن أزورك ، فيضيعون لي وقتي ، فلو أنا قلت لهم لأ ، وأغلقت الباب الناس تغضب ولو أنا فتحت الباب ضيعت عمري ، فماذا أعمل في هذه الورطة ؟
    فقال: جهزت أعمال لا تحتاج إلى فكر وأول ما يأتي هؤلاء الناس أبدأ أعمل في هذه الأعمال ، مثل قطع الكاغد ، الورق ، هو يحتاج إلى ورق ذات حجم معين أو يقسم الورقة نصفين فيقول أول ما يأتون هؤلاء الجماعة أعمل في قطع الورق أو بري الأقلام مثلاً أو تحزيم الدفاتر ، أحزم الكتب وأضعها هنا أو أنقل أرفف المكتبة أو أعمل أي حاجة ، فهذه حاجات أنا لازم أعملها بطبيعة الحال وفي نفس الوقت لا تحتاج إلى فكر ، فكان مجهز هذا العمل لهؤلاء الذين يأتونه ويشتكون من لوعة الشوق ، كل هذا حفاظًا على وقته

    دقاتُ قلبُ المرءِ قائلةٌ له
    إن الحياةَ دقائقٌ وثواني

    فهؤلاء استثمروا أعمارهم ، نظر إلى رأس المال ، وعلم أن سعادته وشقاوته في الدنيا مبنية على استثمار حياته وإن الفاجر ليقف على شفير النار يوم القيامة فيقول:( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي )[ الفجر:24] ويعير بطول العمر الذي أنفقه وضيعه ولم يستفد منه قال تعالي:( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ [فاطر: 37] .
    أي ما عذرك أو لم نعمرك وطال عمرك والنبي صلي الله عليه وسلم يقول:[ أعذر الله إلى امرئ بلغه ستين سنة ] ، وأعذر أي قطع عذره ، أنت وصلت ستين سنة ثم أتيت مفلسًا ، لماذا ؟ ماذا كنت تعمل ؟ .
    قال بعض العلماء: في تفسير قول الله عز وجل:( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ) ، النذير في هذه الآية ( وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ) قالوا هو الشيب .
    رجل دب الشيب إلى لحيته وإلى مفرقه ولا يتنبه وكلما خرجت شعرة بيضاء يصبغها ، فهذا نوع من الغفلة ، الشيب نور المؤمن وإنه يذكر الإنسان أنه ما هي إلا خطوات ، والناس تكره الشيب ولا تحبه ، لماذا ؟ نوع من الغفلة كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه والحديث صحيح والمصدر الذي أذكره الآن في مسند أبي يعلى هذا اللفظ (أنه قال لثابت وقتادة وجماعة من أصحابه أو لستم تكرهون الشيب إنكم تصبغونه أو لستم تكرهونه وذلك لأنه يذكر الإنسان بأن شمس حياته أوشكت أن تغيب.
    ويحضرني الآن أبيات لعلي بن جبلة من أحسن الأبيات في الشيب .
    علي بن جبلة عمل حوار ما بين الشيب وواحد ، جعل الشيب إنسانًا يتكلم والرجل الذي غزاه الشيب غزا لحيته أو غدا رأسه الطرف الثاني في الحوار فيقول:
    ألقي عصاهُ وأرخى من عمامتهِ
    وقال ضيفٌ فقلت الشيبُ قال أجل.
    فقلت له أخطأتَ دار الحي قال
    وَلِم قلتُ لك الأربعون التمُ ثم نزل

    الشيب ( ألقى عصاهُ وأرخى من عمامتهِ وقال ضيفٌ ) وفتح له الثاني _الرجل الذي نزل به الشيب_ وعندما نظر إليه قال( فقلت الشيبُ قال أجل)فقال له الرجل صاحب البيت(أخطأتَ داراَ الحي )( أي أنك نزلت مكان ليس بمكانك مازلت صغير السن ومازال عمري أربعون عاماً في أول الكهولة اذهب لشخص بلغ من العمر الستين أو سبعين عاماً كي تُبيض له رأسه ولحيته (قال ولِم قلت لكَ الأربعونَ التمُ )أي أنك بلغت الأربعين التمُ ولم ينتظر أن يأذن له ثم نزل قال صاحب الدار(فما شجيتُ لشيءٍ ما شجيتُ له* كأنما اعتم منه مفرقي بجبل)_ المفرق_ الرأس
    يقول بمجرد نزوله رغماً عني وقال( لكَ الأربعونَ التمُ ) لم ينتظر حتى آذن له نزل من ركوبته وجلس في البيت ( أي علي رأسه لأنه شيب) يقول (فكأنما اعتمَ منه مفرقي بجبل) أي كأنه لما لبس رأسي كأني حملت جبلاً فوق رأسي لأن الشيب نذير المرء .
    لماذا نكره الشيب لأننا نكره الموت كما في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين لما قال النبي_ _: ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) فقالت عائشة يا رسول الله كلنا يكره الموت ، فقال:( لا إن العبد المؤمن إذا كان في إدبار من الدنيا وإقبال على الآخرة رأى ما أعده الله له فأحب لقاء الله فأحب الله لقاءه وإن العبد الفاجر إذا كان في إدبار من الدنيا وإقبال على الآخرة نظر إلى ما أعده الله له فكره لقاء الله فكره الله لقاءه ) .

    انتهي الدرس الخامس
    * *
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  4. #24

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    بارك الله فيكم الأخت الكريمة أم محمد على هذا المجهود ونسأل الله أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    [6]الحديث عن علم مصطلح الحديث .
    ______________________________ ___
    فقد ذكرت في مرة سابقة عندما أكون في المسجد وأدرس مثل هذا الكتاب فإنني من مواجهتي للناس إن كانوا يفهمون أم لا ، وقد استفهمت وقلت آنذاك أنا لا أدري إن كنتم تفهمون كلامي أو أنه أتى ثمرته أم لا ، ولا أدري ما هي الوسيلة التي أعلم بها إن كنت قد وفقت في عرض المادة أم لا ؟ .
    وفي الأسبوع الماضي جاءتني عشرات الرسائل ومئات المكالمات كلها تثني على هذا الدرس وطريقة الطرح ، لا سيما في علم الحديث الجامد الذي تولينا فيه شرح بعض علوم الحديث مما زاد من اغتباطي وفرحتي بفهم الناس لهذا العلم الجديد ، وفي كل مرة إن شاء الله تعالى أعيد شيئًا يتعلق بالأصول ، علم الحديث وعلم أصول الفقه وطبعًا محل علم الحديث أنما يكون من خلال الإسناد علي الطريقة التي درجنا عليها وأذكر بها إن شاء الله اليوم وفي كل مرة حتى يستوعبها من يسمعها .
    طريقتي في الشرح:-
    أولاً: أقرأ نص الحديث سندًا ومتنًا قراءة صحيحة .
    ثانيًا: ننظر في علاقة الترجمة بالحديث وهل الترجمة مناسبة للحديث أم لا ؟
    والمناسبة إما أن تكون جلية وإما أن تكون خفية
    جلية(لا خفاء فيها) كهذا الحديث الذي نشرحه الآن حديث بن عباس_ رضي الله عنهما_لأن البخاري رحمه الله بوب عليه بقوله (باب ما جاء في الصحة والفراغ).
    ومتن الحديث كلام النبي _عليه الصلاة والسلام_: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) فتكون الترجمة مناسبة وجلية كأن البخاري ترجم بنص الحديث جعل الترجمة هي الحديث .
    خفية: مثل الحديث الذي ذكرناه في المرة السابقة في باب المنديل ، أن ميمونة _رضي الله عنها_أعطت النبي _ _منديلاً أو خرقة أو ما يشبه في زماننا هذا الفوطة حتى ينشف بها بعد الوضوء فردها وجعل ينفض بيديه.
    فهذا الباب عندما نقول( باب المنديل )ونذكر مثل هذا الحديث لا ندري ماذا يريد الإمام؟_ رحمة الله عليه _من هذا الحديث ، يريد أن يتنشف أم لا يريد ألا يتنشف .
    فلو كان يريد ألا يتنشف لكانت الترجمة خفية ، لأنه كما قلنا في المرة الماضية لولا أن ميمونة _رضي الله عنها_ رأت النبي _صلي الله عليه وسلم _يتنشف ما دفعت إليه المنديل ، لكن يكون غالب أمره_ _ لا يتنشف إنما ينفض يديه للعلة الذي ذكرناها في المرة الماضية وهي أن الذنوب تسقط مع قطر الماء أو مع آخر قطر الماء كما جاء في الحديث
    ثالثًا: أن ننظر هل الإمام البخاري ذكر هذا الحديث في مواضع من صحيحة أم لا ؟ فإذا كان ذكرها في مواضع على عادة البخاري أنه قد يذكر الحديث الواحد في عدة مواضع لأنه يلتمس الفقه الذي فيه فإن كان البخاري ذكر الحديث في عدة مواضع نذكر المواضع كلها ونذكر تبويب البخاري على هذه المواضع ، فإذا كان لم يكرر الحديث ننبه أنه لم يكرر الحديث مثل حديث بن عباس الذي نشرحه الآن .
    ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) لم يذكره البخاري _رحمه الله إلا في هذا الموضع من صحيحه .
    رابعاً :ثم بعد ذلك ننظر هل أخرج هذا الحديث أحد غير الإمام البخاري أم لا ، فإن كان أحد خرج الحديث غير البخاري لا سيما الإمام مسلم نذكر مواضع الحديث في كتب السنة الأخرى وطبعًا لن نستقصي في المسألة إنما سنذكر على الأقل الكتب الستة ومسند الإمام أحمد ونضم إلى هذه الكتب صحيح بن خزيمة وصحيح بن حبان والمستدرك الحاكم وإذا كان الدار قطني والبيهقي وسنحاول بالقدر المستطاع ألا نطيل في مسألة التخريج ، إلا لو كان أحد ا المخرجين ذكر زيادة على المتن الذي ذكره البخاري _رحمه الله_ وكان يتعلق بالزيادة معني ، فهذه سننبه عليها ونقول الزيادة زادها فلان وإسنادها صحيح أم لا .
    خامساً :ثم بعد ذلك نذكر شيئًا من علم الحديث قواعد المصطلح من خلال السند لأن هذا هو المحضن الطبيعي لعلوم الحديث الإسناد ، وعلم الحديث كله إنما وضع لتصحيح الإسناد وتضعيفه ومن ثم يقبل المتن أو يرد .
    النافذة الوحيدة لنا لنتكلم عن علم الحديث الذي أنا مغتبط شديد الاغتباط أنه دخل قلوب الجماهير وسيزيد ونحن لا نزال على شاطئ البحر إنما إذا دخلت وأحسنت السباحة فهذا موضوع أخر .
    سادساً :ثم بعد ذلك نذكر المتن أي كلام النبي_ صلي الله عليه وسلم _أو كلام الصحابي أو كلام التابعي على حسب ما يذكر الإمام البخاري ونذكر المعاني الذي اشتمل عليها هذا الكلام والمتن هو المحضن الطبيعي لعلم أصول الفقه أيضًا ، لأن علم أصول الفقه هو الذي يسدد لك الفهم ، وهؤلاء الذين يتخبطون عشوائيًا ويعملون كل شيء ، ويتكلمون على الأحاديث بجهل ويقولون هذا مردود وهذا مكذوب وغير ذلك .العلة التي عندهم لم يدرسوا .
    ديننا دين محكم متين كل شيء مربوط بقواعد ، وسنبين هذه القواعد ونبين كيف استللنا هذه الفائدة ، وعلى أي قاعدة بنيناها ، ونحاول بالقدر المستطاع ألا نكثر من ذكر القواعد حتى لا يمل المستمع .
    لكنهم طلبوا مني طلبًا لا أدري كيف أوفيه وهو أن أتحدث عن تاريخ الحديث وكيف بدأ هذا العلم الجليل وكيف يمكن أن يصل المرء إلى مراتب في هذا العلم ، فأنا أقول أن هذا الموضوع يحتاج إلى حلقات مفردة ، وأنا لا أريد أن أخرج عن موضوع الكتاب لأن الكتاب طويل وحتى لا يطول الأمر بنا .
    لكن أنا بدا لي أن أسلك خطة وسطًا وهي أن أوزع الكلام على تاريخ الحديث إذا جاءت مناسبة من خلال الإسناد ، ولأبين الجهد الكبير الذي بذله علماء الحديث
    مارجوليوس وعلم الحديث.
    لدرجة أن أحد المستشرقين المحترقين على الإسلام وأهله وهو مارجوليوس قال: ليفخر المسلمون بعلم حديثهم فإننا لا نعلم في الدنيا كلها أمة وفقت إلى ضبط كلام نبيها أو كلام أي إنسان كما وفقت هذه الأمة التي سددها الله تبارك وتعالي وابتكرت هذا العلم الجليل .
    قال الذهبي رحمه الله عن علم الحدبث
    [ لولا أصحاب المحابر لخطبت الزنادقة على المنابر ] .
    وقال الإمام المبارك عبد الله بن المبارك [ لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ] .
    فالإسناد هو الذي يفضح القائل ، سمي لنا من أي جهة أخذت هذا الكلام ونفحص هذه الجهة وننظر إذا كانت هذه الجهة ثقة أم لا ؟ لأن الأخبار يدخلها الصدق والكذب بخلاف الإنشاء, كيف تعرف أنه صدق ؟ إذا كان الذي أخبرك به من الصادقين ،
    نضع هنا قاعدة : :من الأصل ومن الفرع ؟ عندنا راوي وعندنا رواية واحد قال لك كلام ، من الأصل ؟ هذا الإنسان المتكلم ولا الكلام ؟ بالطبع الأصل المتكلم ، فالراوي هو الأصل والكلام أو الرواية هي الفرع .
    أنا لا أنظر في الفرع إلا إذا نظرت إلى الأصل ، فلا أنظر إلى الكلام ولا إلى الرواية إلا إذا نظرت إلى المتكلم ، هذا المتكلم جدير بأن يستحوذ على تصديقي إياه أم سأطرح كلامه .
    فلذلك نشأ علم كبير جليل اسمه علم الجرح والتعديل ، فهؤلاء العلماء الكبار الذين رحلوا إلى سائر الأقطار وباعوا الحمار والدار واستدانوا وأجر بعضهم نفسه مع نبله ومكانه عند بعض الجمالين والحمالين كأبي حاتم الرازي .
    الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: لأجل أن يشتري الورق كان يرهن بعض أساس المنزل ، ولأجل أن يشتري الدقيق كان يرهن بعض ما يملك مع جلالة أحمد ، البقال الذي أعطى له أحمد بن حنبل الدلو كرهن نحن لا نعرف من هذا البقال مات يوم مات وبقي أحمد بن حنبل رحمه الله اسمه يسير كالشمس عبر القرون ، أتى إلينا اسمه زكيًا كسائر علماء الملة رحمة اله عليهم أجمعين .
    فعلماء الحديث بذلوا جهودًا جبارة في ضبط هذا العلم :
    وأنا ليس هناك مجال لأتكلم لكنني وأنا أفتش ماذا أقول لأبين الجهد الذي بذله علماء الحديث في تقريب هذا العلم وتهذيبه وضبطه فتذكرت منظومة لأحد علماء الحديث قرب بها هذا العلم ، لأن هذا العلم العلماء كتبوه نثرًا ونظموه شعرًا ، فمنهم من نظم ومنهم من اختصر ومنهم من اعترض ومنهم من انتصر ، كل هذا العلماء يعترضوا علي بعض لتحرير المادة العلمية .
    كل هذا جيد لكن أن يتفنن بعض علماء الحديث في عرض المادة العلمية الجافة عن طريق قصيدة غزلية فهذا هو عجب العجاب ، علم جامد يسبقه في قصيدة غزليه لرجل محب أرسل رسالة إلى حبيبه يتوجع من ألم الفراق ، ويبين له أنه على العهد في المحبة وأنه مشتاق إليه بل إنه يهيم به .
    هل يخطر على بال أحد أن يسبك العلم الجامد علم الحديث المقصود بالعلم الجامد علم الآلة في قصيدة غزلية وبأرق لفظ يكون ، وقد رأيت في هذه المرة أن أتحفكم بهذه القصيدة الغزلية التي ذكر فيها هذا العالم عناوين علم الحديث ولم يدخل في القواعد ، إنما ذكر العناوين .
    وهذا العالم هو أحد مشايخ الإمام الذهبي وهو معروف بابن فرح الأشبيلي الأندلسي ، وأنا سأذكر لكم القصيدة وأبين لكم مواضع علم الحديث فيها لتعرف كيف وفق هذا العالم ولانت له الألفاظ كأنها عجينة ، استطاع أن يصرفها كما يحب ، فيقول هذا المشتاق المحب يتكلم مع حبيبه فيقول:
    يقول ابن فرح الأشبيلي الأندلسي:
    غرامي صحيحٌ والرجا فيكَ مُعضَلُ
    ودمعي وحزني مرسلٌ ومسلسلُ
    ووجدي فيك يشهد القلبُ أنــهُ
    ضعيفٌٌٌ وموضوعٌ وذليَ أجمـلُ
    ولا حَسنٌٌٌ إلا استماعُ حَدِيثُكُمُ
    مشافهةً يُمليَ عليَ فأنقــــلُ
    وأمريَ موقوفٌ عليكَ وليس لـي
    علي أحدٍ إلا عليكَ المُعًوَلُ
    ولو كان أمريَ مرفوعًا إليك لكنتَ
    لي على رغم عُزَالي تَرِقُ وتعدِلُ
    وعزل عزولي منكرٌ لا أُسِيغُهُ
    وزورٌ وتدليسٌ يُردُ ويُهملُ
    أُقضي زماني فيكَ متصلَ الأسيَ
    ومنقطعًا عما به أتوصـــلُ
    وها أنا في أكفانِ هجركَ مدرجٌ
    تُكَلِفُني ما لا أُطِيقُ فأحمِلَُ
    وأجريتُ دمعيَ بالدماءِ مُدَبجًـاً
    وما هي إلا مُهجتي تتحلـــلُ
    فمُتَفِقٌ جفني وسُهدي وعبرتـي
    ومفترقٌ صبري وقلبي المبَلبلُ
    ومؤتلفٌ وجدي وشجوي ولوعتي
    ومختلفٌ حظي وما فيك آمُــلُ
    خذ الوجدَ عني مسندًا ومُعَنعناً
    فغيري بموضوعِ الهوى يتجملُ
    وذي نُبَذٌ من مبهمِ الحب فاعتبر ً
    وغامِضُهُ إن رُمتَ شرحًا مُطولُ
    غريبٌ يقاسي البعدَ عنكَ ومالَهُ
    ورَبِكَ عن دارِ القِلى مُتَحَوَلُ
    عزيزٌ بكم صبٌ ذليلٌ لِعِزِكُم
    ومشهورُ أوصافُ المُحبِ التذلـلُ
    فرفقًا بمقطوعِ الوسائلِ مَالَهُ
    إليك سبيلُ لا ولا عنكَ مَعدِلُ
    قلا زلتَ في عزٍِ منيعٍ ورفعةٍ
    ولازلتَ تعلو بالتجني فأنزِلُ
    أوري بُسُعدَيَ والرباب وزينبَ
    وأنت الذي تُعنيَ وأنتَ المُؤَمَلُ
    فخذ أولاً من أخرٍثم أولــاً
    من النصفِ منه فهو فيه مُكَمِلُ
    أَبَرُ إذا أقسمتُ أني بحبــهِ
    أهيمُ وقلبي بالصبابةِ مُشعَلُ
    هذه قصيدة من عشرين بيتًا كما ترى في أرق لفظ يكون ولا يشعر المستمع أو القارئ أن فيها علم أو أن فيها كلام جامد ، فانظر إلى موهبة هذا العالم وكيف أنه تحايل في تقريب هذا العلم بكل ممكن فانظر أين علم الحديث في هذه القصيدة كلها .
    فالذي قصده هذا العالم أن يذكر عناوين الأبحاث الحديثية ، صحيح ، ضعيف ، منقطع مرسل شاذ ، معل ، معضل ، معلق ، مدلس ، فهذه كلها عناوين وتحت كل عنوان من هذه العناوين فيه علم ، فيه قواعد
    وأنك إذا أحببت هذه القصة تذهب إلى كتب مصطلح الحديث وتدرس الحديث فيقول:
    غرامي صحيحٌ والرجا فيك مُعضَلُ ودمعي وحزني مرسلٌ ومسلسلٌ
    غرامي( صحيحٌ ) إشارة إلى الحديث الصحيح .
    والرجا فيك( مُعضَلُ) إشارة إلى الحديث المعضل .
    ودمعي وحزني ( مرسلٌ ) ، إشارة إلى الحديث المرسل .
    ( ومسلسلُ) الحديث المسلسل .
    ووجدي فيك يشهد القلبُ أنــهُ ضعيفٌٌٌ وموضوعٌ وذليَ أجمـلُ
    ( ضعيفٌ ) الحديث الضعيف ( ومتروك ) هذا الحديث المتروك ،
    ولا حسنٌٌٌ إلا استماع حديثكــم
    مشافهةً يُملى علي فأنقــــلُ
    ولا( حسنٌ ) هذا الحديث الحسن .
    إلا استماع حديثكــم ( مشافهةً ) هذه المشافهة ، كما أكلمك الآن فأنا الآن أشافهك .
    (يُملى) علي فأنقل هذا الإملاء وهناك سنة تسمى الإملاء عند المحدثين
    وأمريَ موقوفٌ عليك وليس لـي علي أحد إلا عليكَ المعـــولُ
    وأمري( موقوفٌ) هذا الحديث الموقوف أي كلام الصحابي .
    ولو كان مرفوعًا إليك لكنت لي على رغم عزالي ترق وتعذلُ
    ولو كان ( مرفوعًا) وهذا الحديث المرفوع وهو ما يعزى إلى النبي __ من قول أو فعل أو تقرير ، .
    وعزل عزولي منكرٌ لا أسيغُهُ وزورٌ وتدليسٌ يردُ ويُهملُ
    ( منكرٌ) هذا الحديث المنكر ، ( وتدليسٌ) هذا الحديث المدلس (ويُهملُ وهذا المهمل ، وسيأتي المهمل بعد ذلك .
    أقضي زماني فيكَ متصلَ الأسى ومنقطعًا عما به أتوصـــلُ
    ( متصلٌ ) وهذا الحديث المتصل ، و( منقطعًا ) وهذا الحديث المنقطع
    وها أنا في أكفانِ هجركَ مدرجٌ تكلفني ما لا أطِيقُ فأحمِلَُ
    ( مدرجٌ ) هذا الحديث المدرج ، الكلام الذي يضيفه الراوي على الحديث من جهة التفسير .
    وأجريتُ دمعيَ بالدماءِ مُدَبجًـاً وما هي إلا مهجتي تتحلـــلُ
    وأجريت دمعي بالدماء ( مدبجًـا ) فهناك ما يسمى بالحديث المدبج ورواية الأقران .
    فمُتَفِقٌ جفني وسُهدي وعبرتـي ومفترقٌ صبري وقلبي المبَلبلُ
    فـ ( متفقٌ ) جفني وسهدي وعبرتـي و( مفترق ) صدري وقلبي المبلبل ، المتفق والمفترق والبيت الذي بعد المؤتلف والمختلف
    ومؤتلفٌ وجدي وشجوي ولوعتي ومختلفٌ حظي وما فيك آمــلُ
    و( مؤتلفٌ) وجدي وشجوي ولوعتي و( مختلفٌ ) حظي وما فيك آمــل
    خذ الوجدَ عني مسندًا ومُعَنعناً فغيري بموضوعِ الهوى يتحللُ.
    خذ الوجد عني (مسندًا ومُعَنعناً ) هذا الحديث المسند والحديث المعنعن الذي هو عن فلان عن فلان عن فلان ، .
    وذي نُبَذٌ من مبهمِ الحب فاعتبر وغامِضُهُ رُمتَ شرحًا مُطولُ
    وذي نبذ من ( مبهمِ) الحديث المبهم الذي فيه راوى مبهم .
    غريبٌ يقاسي البعدَ عنكَ ومالَهُ وحقِكَ عن دارِ القِلى مُتَحَوَلُ
    ( غريبٌ ) هذا الحديث الغريب .
    عزيزٌ بكم صبٌ ذليلٌ لِعِزِكُم ومشهور أوصاف المحب التذلـلُ
    ( عزيزٌ) الحديث العزيز . ( ومشهور) الحديث المشهور
    فرفقًا بمقطوعِ الوسائلِ مَالَهُ إليك سبيلُ لا ولا عنكَ مَعدِلُ
    فرفقًا بـ( مقطوعِ ) هذا الحديث المقطوع وهو ما قاله التابعي .
    هكذا هو قد انتهي من ألقاب الحديث ولكنه عمل لنا مفاجأة في الأخر أنه ذكر اسم من يحب لكنه فرقه وجعله بطريقة ألغاز ، فأنت أنظر اسم من يحبه في هذه الأبيات فهو يقول:
    أوري بُسُعدَيَ والربابِ وزينبََ وأنت الذي تُعنيَ وأنتَ المُؤَمَلُ
    وقد انتهى بذلك ولكنه أراد أن يجعلك كيف تعرف أن تعثر على اسم حبيبه في هذه الأبيات ، فيقول:
    فخذ أولاً من أخرٍثم أولــاً من النصفِ منه فهو فيه مُكَمِلُ
    ( فخذ أولاً ) البيت الذي سيأتي بعد هذا من أخر ثم أولــاً ، من النصف منه فهو فيه مكمل
    أَبرُ إذا أقسمت أني بحبــه أهيمُ وقلبي بالصبابةِ مُشعَلُ

    أَبَرُ) اسم حبيبه في أول البيت أول الشطر الأول وتكملته في أول الشطر الثاني ( أهيمُ ) فيكون اسمه إبراهيم .
    أَبَرُ إذا أقسمت أني بحبــه أهيمُ وقلبي بالصبابةِ مشعــل
    علم الحديث علم مر لا يصبر عليه إلا الأحرار وهو كأي علم في الشريعة ولكن علم الحديث له إشكالية ، هذه الإشكالية ربما لا توجد في سائر العلوم
    وهي أي تاجر عندما يكون له رأس مال كبير ، ورأس المال هذا موزع في مائة مشروع فمن أجل أن يراقب رأس المال في هذه المشاريع المتعددة يتعب كثيرًا جدًا ، ثم يستعين بإدارة قوية وكبيرة لأجل أن يلاحق رأس المال في مائة مشروع ، على خلاف أن يضع رأس المال وإن كان كبيرًا في مشروعين أو ثلاثة أو أربعة فيقدر أن يُتابع رأس المال .
    رأس مال المحدث هو الأسانيد :
    هذه الأسانيد لا أبالغ أن قلت أن لها مئات الألوف ، لاسيما الأجزاء الحديثية وكتب التواريخ والمعاجم والمشيخات ، كل هذه عبارة عن أسانيد .
    إذا أردت أن تنظر في أي حديث من الأحاديث وتحتاج أن تعرف أهو صحيح أم لا:
    تجمع كل الأسانيد التي روي بها هذا الحديث وتسلط الأسانيد بعضها على بعض وترى المتابعات والمخالفات والزيادات والنواقص في المتون والأسانيد وغير ذلك وتعمل عملية موازنات وترى الرواة من خالف من ، ومن تابع من ومن انفرد قصة كبيرة .
    فأنا إذا أردت أن أحكم على حديث واحد ومطلوب مني أجمع الأحاديث بقدر ما أستطيع ، فإذا افترضنا أن الكتب المطبوعة مثلاً أربعين ألف كتاب مسند ، فلنجعل هذا الحديث موجود في عشرة ألاف كتاب ، فيكون مطلوب أن يكون عندك عشرة ألاف كتاب ويكون عندك فهارس لهذه العشرة ألاف كتاب ، لأنه ليس من الممكن أنك تقرأ الكتاب ورقة ورقة لترى هل الحديث موجود في كل جزء أم لا ، وإلا بذلك يضيع العمر ، فلابد أن يكون هناك فهارس ، وهذه الفهارس تعرف كيف تتعامل مع الكتاب .
    بعدما صار عندك العشرة ألاف وجمعت الحديث من كل هذه الكتب تبدأ ترتب أسانيد الحديث كلها وترى من تابع من ومن خالف من وترى المتن إذا كان هناك راوي زاد كلمة ، وهذا الراوي ثقة أم غير ثقة ، نقبل الكلمة منه أم نردها عليه ، بعد هذه القصة كلها تكتب كلمة واحدة إسناده صحيح ، إسناده ضعيف ، ممكن تغيب خمسة عشر يومًا تبحث في أسانيد حديث .
    عندما يكون رأس مال المحدث هو الإسناد وهو موزع في مئات الألوف أو عشرات الألوف من الكتب ، فانظر إلى الذل الذي يعانيه من يتعاطى علم الحديث حتى يصل في الأخر إلى أن يقول إسناده صحيح فأنت بمنتهى البساطة تعتقد أن إسناده صحيح أنه يجلس ويشرب الشاي ويضع قدم على الأخرى وأن المسألة مسألة ذوق وغير ذلك وأنا لست مقتنع بهذا الحديث ، هذا لا يعجبني ، وهذا شكله غير طيب ، ويقول نكتب ونرفع قضايا نريد أن ننقي البخاري ومسلم من الأحاديث والباطلة والموضوعة وغير ذلك ، وهؤلاء جميعهم لا يستطيعون فك الخط ، فهذا هو عجب العجاب وقل ما شئت من ألفاظ العجب .
    علم الحديث علم جليل وممتع ولكنه لا يذل إلا لمحب من شعر رأسه إلى أخمص قدمه: ولا يستكثر أي جهد يبذله .
    وكما قلت هذا العلم انفردت به أمة جليلة وهذا دليل على عظمتها وأنها أمة لن تموت: ، يفعل أعداؤنا ما يريدون فيها ، لكن ما بقي هذا العلم والعلوم الأخرى ، علوم الآلات ، مثل علم أصول الفقه ، وعلم أصول العربية وهذه العلوم التي يضبط بها دين الله تبارك وتعالي .
    وبقي لهذه العلوم حراس يقفون على الرصد ولا يسمحون لأي متلاعب أن يتلاعب بهذه الأصول ويردون عليه ردًا قويًا مفحمًا ما بقي حراس الحدود على هذه العلوم فإن هذه الأمة ستظل هي خير الأمم وهي كذلك ولا يغرنكم فترات الضعف التي تمر بها هذه الأمة الجليلة فإنها أمة لا تموت .
    مراجعة لماسبق في الحلقة الماضية:
    ذكرنا في المرة الماضية ما يتعلق بعلم الحديث ذكرنا الإسناد ، معنى الإسناد وأنا اذكر في كل حلقة ما يتعلق بعلم الآلة لأن المعاني التي ذكرتها لا أكررها ثانية ، لكن أكرر القواعد لماذا ؟ لأنه كلما جاءت القاعدة أكررها حتى على سبيل الاختصار ، ممكن القاعدة عندما أذكرها لأول مرة أطول قليلًا حتى تستطيع أن تفهم معي ، وعندما أريد أن أعيدها في المرة الثانية ٍسأذكر كلمة ونصف حتى لا أطيل ولكن تذكرك بالقاعدة .
    ولا نزال نذكر في كل مرة بالقاعدة حتى تحفظ العلم حتى ولو لم تنظر في الكتاب ، ونحن ذكرنا في المرة الماضية ما معني الإسناد ، وقلنا أن
    الإسناد له معاني وأنا اخترت منها( أن كل راو يسند عهدة ما سمع إلى من فوقه ).
    من الذي حدثك ؟ فلان ، وأنت من الذي حدثك ؟ فلان ، البخاري رحمه الله يقول: حدثنا المكي بن إبراهيم عندما أسأل الإمام البخاري وأقول له حديث ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ) من الذي حدثك ؟ من أين أتيت به؟ ، فيقول أنا ما أتيت به من عند نفسي إنما حدثني المكي بن إبراهيم وأنا أقول لإبراهيم من الذي حدثك ؟ أم أتيت به من رأسك ؟ فيقول لا حدثني عبدا لله بن سعيد ، وأنت من حدثك قال حدثني أبي سعيد بن أبي هند وأنت سمعت مِن مَن ؟ قال حدثني بن عباس .
    فالإسناد: عبارة عن أن يرفع كل رجل الكلام إلى من فوقه حتى يصل الكلام إلى منتهاه ، سواء كان منتهاه الرسول صلي الله عليه وسلم أو كان الصحابي أو كان التابعي أو ما دون التابعي ، والإسناد أيضًا أضيف شيء وسيكون سهل عليكم جدًا .
    الإسناد معناه ، الإسناد عليه الاعتماد ، أي كلام مهما كان جليلاً وجميلاً لا يقبل نسبته إلى قائله إلا إذا صح الإسناد ، فيكون العمدة على الإسناد الأول ، عندما تقول فلان سندي ، فما معني سندي ؟ هذا المسند الذي ارتكن عليه أليس اسمه مسند ، وأنا أعتمد عليه ومركون عليه .
    فهذا الإسناد أحد معانيه أن عليه الاعتماد :
    وقلنا في المرة الماضية الإسناد له طرفان :،
    الطرف الأول: من عند البخاري.
    الطرف الأخير: عند بن عباس .
    عندما نقول أول الإسناد وأخره فأول الإسناد من عند البخاري وإياك أن تخطيء وتقول أول الإسناد عند بن عباس .
    خذها قاعدة آخر الإسناد أو أعلى الإسناد من عند الصحابي فيكون الطرف الثاني أوله إذا كان الصحابي آخر واحد في الإسناد فيكون أوله من عند الإمام البخاري ، فدائما أول الإسناد من تحت وأخر الإسناد من فوق .
    فالإسناد: أن يسند كل إنسان كلامه إلى قائله وشيخه يسنده إلى قائله ويظلوا يصعدوا إلى أعلى حتى يصلوا إلى الصحابي ، فيكون معني الإسناد الارتفاع وهذا معني الإسناد الذي ذكرناه في المرة الماضية .
    ثم قلنا الحديث المعلق: وقلنا أن الحديث المعلق هو ما حذف من مبدأ إسناده راوي ، ونحن قلنا أن بداية الإسناد من أين ، وإياك أن تخطيء وتقول من فوق من عند الصحابي ، أول الإسناد من تحت .
    وأنا أريد أن أمثل لكم الحديث المعلق ، نحن قلنا المرة السابقة أن أي إسناد في الدنيا له طرفان ، الطرف الأول الذي هو أول الإسناد من عند الإمام البخاري ، وأخر طرف في الإسناد الصحابي ، ولو قلنا هذه المسافة كلها نقسمها إلى مسافة زمنية البخاري من هنا عند أصبعي هذا ثم إلى هنا المكي بن إبراهيم ثم هنا عبد الله بن سعيد ثم هنا سعيد بن أبي هند ثم هنا بن عباس
    فأنا الآن لما أحذف راوي من أول الإسناد أحذف من بن عباس ؟ وإياك أن تقول بن عباس ، لأن بن عباس أين ؟ بن عباس فوق ، ونحن نشترط في الحديث المعلق أن يكون الحذف من أول الإسناد فنحذف شيخ البخاري ، ولو حذفنا شيخ البخاري وحذفنا مسافته التي قدرناها فيكون الإسناد هكذا معلق ، لأننا حذفنا أول راوي من رواة البخاري
    نعملها على اللوحة ، أنظر عندنا الإمام البخاري ، عندنا الإمام الدارمي ، عندنا أحمد بن حنبل ، كل هؤلاء رووا الحديث عن نفس الشيخ المكي بن إبراهيم بنفس الإسناد وأنت طالع ، فسنقول الإمام الدارمي هذا أول الإسناد طرف الإسناد ، وأنا أريد أن أعلق الإسناد فماذا نعمل ؟ نحذف المكي بن إبراهيم .
    الحديث المعلق قلنا ما حذف من مبدأ إسناده راوٍ وهذا رقم واحد أو أكثر فيكون اثنين أو ثلاثة بشرط على التوالي ، أن يكوموا وراء بعض
    فهذا الحديث الآن صار معلقًا أم لا ، نعم معلق ، لماذا ؟ حذف الراوي الدارمي هذا طرف الإسناد وهذا أول الإسناد ، حذفناه ، عبد الله بن سعيد هذا ، الدارمي هل أدرك عبد الله بن سعيد ؟ لا ، لم يدرك عبد الله بن سعيد ، فماذا يقول الدارمي ، سيقول أخبرنا ، لا يستطيع أن يقول أخبرنا لأنه لم يسمع منه ، إنما سيقول (عن) فهذا معلق .
    فإذا محونا هذا أيضًا عبد الله بن سعيد فنكون حذفنا اثنين من الرواة فكل هذا معلق أم لا ؟ معلق ، ثم حذفنا ذلك ، ما يقي من الإسناد إلا بن عباس رضي الله عنه ، ولو حتى حذف بن عباس فماذا يقول الدارمي ، سيقول قال رسول الله_ .
    نحن الآن لما واحد منا يقول قال رسول الله _صورة هذا الحديث أنه معلق ، حذفنا الإسناد كله ، أنت يمكن أن تحذف الإسناد كله لكن بشرط أن يكون على التوالي ، لكن إذا لم يكون على التوالي فيأخذ أسماء أخري.
    مثل أحمد بن حنبل إذا قال حدثنا المكي بن إبراهيم ثم حذف هذا ، لو البخاري قال حدثنا المكي بن إبراهيم فهذا اسمه إسناد معلق ثم حذفنا سعيد بن أبي هند وتركنا عبد الله بن سعيد ، فهل هذا اسمه معلق ؟ لا طبعًا هذا ليس معلق ، أخذ اسم أخر اسمه منقطع ،.
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    لأننا اشترطنا في الحديث المعلق شرطين:-
    الشرط الأول: أن يكون الحذف من أول الإسناد.
    الشرط الثاني: أن يكون على التوالي .
    إذا لم يكون على التوالي مثل ذلك لا يسمى معلقًا .
    الحديث المعلق :هو: ماحذف من أول إسناده وقلنا أن أول إسناده من تحت وليس من فوق ليس من عند الصحابي ، من أول إسناده أن يحذف راوي أو اثنين أو ثلاثة بشرط أن يكون الحذف على التوالي.
    وأخذنا الحديث العالي والنازل الذي هو عدم الوسائط وحتى لا تكون الحلقة كلها في علم الحديث وأنا لا أريد أن أخوض ، لكن أنا قلت كلامًا مجملاً استشكله بعض الذين اتصلوا فمعذرة هذه أخر حاجة أقولها في علم الحديث ثم ندخل على متن الحديث .
    أنا قلت هنا على اللوحة الإمام البخاري لما قال هنا حدثنا المكي بن إبراهيم عبد الله بن سعيد ثم عن أبيه عن بن عباس ، كم واحد بين البخاري وبين الرسول ، هذا واحد ، اثنين ، ثلاثة ، أربعة ، فهذا يسمى إسناد رباعي عند البخاري .
    والبخاري هنا بعد ما روى هذا الحديث بهذا الإسناد المتصل قال وقال عباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا صفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد عن سعيد بن أبي هند قال سمعت بن عباس ، قال هنا عن بن عباس ، وقال هنا سمعت بن عباس ، وأنا قلت في هذا الكلام كلم طويل جدًا وبحث كبير ، مسألة السماع وعدمه .
    وأنا أريد أن أوضح هذه القصة بمثال بسيط نفهمه كلنا ،.
    هل المعاصرة تقتضي السماع ؟
    أنا وأنت الآن متعاصرين أم أنا من قرن وأنت من قرن ؟ نحن متعاصرين ونعيش في عصر واحد وممكن أن نكون في بلد واحد ، هل معنى أننا الاثنين في بلد واحد أننا لابد أن نكون التقينا ؟ لأ طبعًا ، فضلاً على أن يكون أنا من بلد وصاحبي الأخر من بلد أخرى .
    سُكنى البلد الواحد لاسيما إذا كان متسعًا مثل القاهرة ، هناك ناس من أهل الفنون سواء كان من علوم الشريعة أو كان في علوم الطب والهندسة والصيدلة وغير ذلك يعرفوا بعض فقط بالاسم لكن لم يلتقوا ولكن كل واحد يعرف الثاني ، هم متعاصرين في مكان واحد أم لا ؟
    نعم متعاصرين ، هل التقوا ؟ لم يلتقوا ،.
    لذلك المعاصرة لا تعني اللقاء:
    وهذا الذي أردت أن أقوله ، واحد قال فلان عن فلان ، هل يلزم أن يكون قد سمع منه ؟ لا يلزم أن يكون سمع منه ،.
    والإمام البخاري لأن عنده موضوع إثبات اللقاء وغير ذلك وأنه يلزم أن من يروي عن أحد أن يكون قابله ولو مرة في العمر فيقول أنا لا يكفيني أن يكون جميعًا في عصر واحد ، لأنه يمكن أن يكونوا في عصر واحد ولم يتقابلوا .
    وطالما لم يتقابلوا فمن أين أخذ الحديث ومن أين سمعه ؟ لا بد أن هناك واسطة وقعت في المنتصف ، فمن هذه الواسطة ؟ الله أعلم ، ممكن أن يكون رجل صادق ، ممكن أن يكون رجل كاذب ، ممكن أن يكون أي حاجه ، وهذا حديث النبي عليه الصلاة والسلام وسنلزم الأمة بهذا الحديث ، وأنا لا أقدر أن ألزم الأمة كلها بخبر رجل مجهول أنا لا أعرف عنه شيء ، فلابد أن يكون الذي روى الحديث رجلاً صادقًا لكي ألزم الأمة كلها بالحديث .
    والبخاري رحمة الله عليه كان سماء ، وليس كما يقول الجهلة أن البخاري كان رجلاً طيبًا ويقصدون مغفلاً لا يعرف كيف يختار ولا كيف يأتي بالحديث وغير ذلك ، لا ، شرطه كالمسمار في الساج ، شرط البخاري من أمتن الشروط أو هو أمتنها على الإطلاق .
    لذلك البخاري أتى بالحديث الثاني ونزل درجة لأن الحديث هذا رباعي وحديث عباس العنبري عن صفوان هذا خماسي ، فكيف ينزل البخاري من رباعي إلى خماسي وهم جميعهم كانوا يحاولون أن يقربوا من النبي صلي الله عليه وسلم بتقليل عدد الوسائط والرواة .
    إنما نزل ورضي أن ينزل من أجل أن يأتي بكلمة سمعت بن عباس وليثبت أن عبدالله بن سعيد بن أبي هند سمع هذا من بن عباس ، ونحن جعلنا الحلقة كلها حديث وأنا كنت وضعت في رأسي أن أتكلم كلمتين عن الحديث وحتى لا يهرب الناس سنتكلم شيئًا في متن هذا الحديث .
    قال البخاري رحمه الله حدثنا المكي بن إبراهيم قال أخبرنا عبدالله بن سعيد أي بن أبي هند عن أبيه عن بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) زاد الدارمي وهو أحد مشايخ البخاري وروى هذا الحديث عن المكي بن إبراهيم فكأن البخاري وشيخه أقران في هذا الحديث ، زاد الدارمي في متن هذا الحديث لفظة ( نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ فزاد ( من نعم الله ) .
    وهذا ترجمة لقوله تبارك وتعالي:﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53] فكل نعمة تأتينا فهي من الله تبارك وتعالى وهذا أتى إنما لتبيين المعني ولمعنى آخر كقول النبي عليه الصلاة والسلام ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) وهذا هو المتن المشهور عند الناس كلها وزاد مسلم ( من الخير ) ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير) .
    فإذا قال واحد لماذا هذه الزيادة هل هناك من يتمنى الشر ؟ نعم هناك ناس تكره نفسها ، فيه ناس من أجل يوقع الضر بآخرين يضر نفسه فاشترط زيادة من الخير وربطها بالإيمان ، فالذي يكره نفسه وممكن يضر نفسه ، كالذين يشتكون ضرب واحد فجرحه وقبل أن يذهب المضروب إلى القسم لكي يشتكي فيأتي هو بمطواة ويضرب نفسه بها ويذهب ويبلغ ويشتكي ويقول ضربني بالمطواة ، هل هناك أحد في الدنيا يجرح نفسه .
    وأنا أريد أن أقول أن هناك بعض الناس قد يتمني أن يقع الضر به ليقع بالآخرين ، لذلك جاءت( زيادة من الخير )، بعض الناس قد يقول أن هذا حشو كما نسمع هذه الأيام هذا حشو زائد لا يلزم ، لا ، لكنها تحتاج إلى متأمل ، فزاد الإمام الدارمي ( نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس
    والغَبَنُ :بتحريك الباء يقع في الرأي والفكر الغَبنُ : هو الخسارة فالغَبنُ بتسكين الباء الخسارة في البيع والشراء ، أنك تشتري بأعلى من السعر وتبيع بأقل مما اشتريت به ، فأنت في هذه الحالة خسرت لما اشتريت وخسرت لما بعت فتكون الخسارة في الحالتين .
    ورأس مال الإنسان نحن قلنا أنه العمر ، والحديث هنا أجراه النبي على عادة ما يفهمه الناس ، ما الشيء المتصور عند الناس ، الشيء الحسي هو الشيء المتصور ونحن رأينا في الكتاب والسنة مثلاً في القرءان آيات حسية تبعتها آيات تدل على المعني لا اشتراكهما في معنى ما .
    الإيمان بالشيء فرع عن تصوره:
    لا تستطيع أن تؤمن ولا تصل إلى قناعة إلا إذا وقع هذا الشيء تحت حواسك وحدث لك تصور به وهذا معني الإيمان بالشيء فرع عن تصوره ، وما الشيء الذي أنت متصوره ؟ المكسب والخسارة في البيع والشراء لأنك مارست هذا بنفسك وذقت حلاوة الربح وذقت مرارة الخسران ، لما ننقل هذا الشيء للمحسوس للملموس إلى المعاني يحدث لك تصور بالمعني ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول( نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس ) والغبن لا يكون إلا في البيع والشراء ، الصحة والفراغ فيحدث لك تصور في الغبن في الصحة والفراغ لأن عندك تصور حقيقي في أصل البيع والشراء .
    أنظر مثلاً إلى قول الله تبارك وتعالي:( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) [ النحل:8] فهذا شيء محسوس نركب الخيل والبغال ونحمل عليها الأثقال التي لا نستطيع أن نحملها على أكتافنا ، فهذا شيء محسوس ملموس ، وبعد ذلك مباشرة أشار الله عز وجل إلى طرق الإيمان والكفر وهذه معنوية وليست عرضًا ، أي ليس لها جسم وهذا معني العرض شيء تستطيع أن تمسكه .
    بعد أن قال ربنا عز وجل ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) قال:( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) (النحل:9).
    فأعقب الطرق الحسية بطري ق معنوية حتى يحد ث لك دورًا من التصور للطريق المعنوي ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) قصد السبيل: أي يقيمك على طريق الهدى والإيمان ومن هذه الطرق جائر ، جائر عن الحق ، جائر عن الخير كما قال تعالى:﴿ وهديناه النجدين ﴾ [البلد: 10] ، النجدان طريقا الخير والشر .
    فجاء ذكر طريق الإيمان والخير بعد ذكر الطرق الحسية وكما قال تعالى:
    ( وَتَزَوَّدُوا) هذا هو الشيء الحسي وأنت تذهب إلى الحج أو مسافر إلى أي سفر لابد أن تتزود وأن تأخذ معك زاد ولا تكن كما قال الأولون الذين نزلت الآية لأجل التنبيه على خطأ فعلهم أنهم مضوا بغير زاد وقالوا نحن المتوكلون ، التوكل لا ينافي أن نأخذ بالسبب ، لأن السبب جزء من التوكل لا ينفصل عنه .
    كما خرج النبي من مكة إلى المدينة فلماذا اختبأ في الغار ؟ وكان يمكن أن يقول أنا متوكل على الله وأطلع هكذا ، لماذا اختبأ في الغار ؟ سبب وهذا جزء من التوكل .
    فالإنسان إذا توكل ليس معناها أن يترك الأسباب ، لا ، قد يأخذ بالسبب ويكون متوكلاً فربنا تبارك وتعالى قال لهم ( وَتَزَوَّدُوا) وهذا هو الزاد الحسي ثم قال لهم ( فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى )( البقرة:197) وهذا شيء معنوي ، التقوى شيء معنوي مثل ما أنت تتزود وتعرف أنك إذا مضيت بغير زاد هلكت كحديث أنس وهو في الصحيحين ولكن أذكر لفظ مسلم رحمة الله عن الجميع ، لأن فيه الشاهد الذي أريده عن النبي قال:( لله أفرح بتوبة عبده
    _ أي العاصي _ من أحدكم بأرض فلاة كان معه راحلة عليها طعامه وشرابه أي الزاد ، ثم نام هذا الرجل تحت شجرة استظل بها ونام واستيقظ من نومه لم يجد الراحلة فبحث عنها حتى يأس منها ، فلم يأس منها قال هذا هو الموت محقق .
    واحد في صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء ولا إنس ولا جن لولا يرى شيئًا سيموت ، ليس معه زاد ، فأيقن بالهلاك فقال أرجع إلى مكاني وأموت فلما رجع إلى مكانه الأول تحت الشجرة فإذا به يجد راحلته وعليها طعامه وشرابه ، فمن شدة فرحته بنجاته من الهلاك حيث وجد الزاد ، أراد أن يشكر الله تبارك وتعالي فقال_( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ،) _قال صلي الله عليه وسلم ( أخطأ من شدة الفرح
    انظر غلب عليه الفرح ، لماذا ؟ لأن عدم وجود الزاد معناه الهلاك المحقق فمن فرحته بنجاته غلط هذه الغلطة وهو معذور فيها لغلبة الفرح عليه .
    إذن( وَتَزَوَّدُوا) هذه حاجة نحن جميعًا نعرفها ، ليس معه زاد سيموت في صحراء ، فلما تسمع ( فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ) تعلم أن نجاتك في الآخرة لا تكون إلا بالتقوى كما أن نجاتك في الدنيا لم تكن إلا بالزاد ، فيمكن أن يحصل لك تصور أم لا ؟ ممكن يحصل لك تصور وكذلك قول الله عز وجل ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ) [ الأعراف: 26]وهذا هو الشيء الحسي ، أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم فالإنسان يلبس الملابس حتى يواري عورته .
    لأن العورة اسمها سوءة ، أي يسوء المرء أن ترى لذلك اسمها سوءة وربنا عز وجل يمتن على بني أدم أنه علمنا كيف ننسج ثيابنا وكيف وارينا سوءاتنا ، ولا يلزم أن تكون السوءة هي العورة ، ممكن الإنسان يكون عنده برص ، ممكن يكون عنده شيء منفر في جسمه ، إذا لبس ملابسه فقد ستر عيوبه عن الخلق ، وهذا حاجة نعرفها جميعًا ، ونقول أن الملابس تستر ما تعرفون .
    الإنسان يتجمل للناس وقد لا يكون جميلاً وأنت إذا نظرت إلى جسمه تعطيه ظهرك لأنك لا نستطيع أن تنظر إليه ومع ذلك قد يلبس الثياب الجميلة الذي أنت أول ما تراه يخطف قلبك على الفور ، وأنت لا تعلم ما الذي تحت الملابس ، فها شيء أنت متصوره أم لا ؟ نعم أنت متصوره .
    ﴿ قَدْ أَنزلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ ، أتى بالمعني بعد هذا العرض بعد أن حصل لك تصور ، جاء بالتقوى لأنها هي التي تستر فضيحة المرء إذا لقي الله عز وجل يوم القيامة .
    فكما أنك واريت عورتك عن الناس أو سوءاتك عمومًا عن الناس فاجتهد ألا تظهر سوءتك أمام ملايين البشر أو مليارات البشر في يوم الفضيحة الكبرى في يوم القيامة ، كيف يستتر الإنسان في هذه الدنيا عن الناس وهو يفعل المعصية والله عز وجل يراه فاستقل نظر الله عز وجل إليه وأقدم على المعصية ، وهو يعلم أنه مستتر ممن لا يملك له موتًا ولا حياة ولا نشورا ، وكيف أظهر سوءته لربه تبارك وتعالى .
    يوم القيامة هذه السوءة التي أنت تسترها اليوم ستظهر ، يحشر الناس عرايا يوم القيامة كما في حديث عائشة رضي الله عنها ، ولذلك عائشة رضي الله عنها استغربت المسألة يحشر الرجال والنساء عرايا ، فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم يا عائشة لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ليس عنده قلب لا يرى كما قال تعالي:( وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ )[ الأعراف:198] ، ساعات تجد واحد ينظر بشدة لهدف من الأهداف في حائط في لمبة ، في أي شيء وسرحان ولا يري وأنت تأتي وتعمل له بيديك أمام عينيه لا يرى .
    أين ذهبت عينه ؟ قلبه مشغول والقلب ملك البدن إذا انشغل القلب بالشيء بالكلية نزع قوة الجوارح يسحبها على طول ، لذلك لا تتعجبوا من الأثر الصحيح الذي حدث لعروة بن الزبير أحد الفقهاء السبع وابن الزبير بن العوام حواري رسول الله صلي الله عليه وسلم لما دبت الأكلة في رجله حدث له شيء كالغرغرينا في رجله وبدأت تزحف على بقية البدن قال له الأطباء لابد من قطع رجلك ، وكان في الماضي لا يوجد مخدر ولا غير ذلك ، فقالوا له اشرب خمر حتى تسكر حتى عندما نقطع رجلك بالمنشار لا تشعر ، لأنه كيف سنقطعها وأنت مستيقظ وتشعر بالموضوع ، فقال عروة ما كنت لأستعين على دفع بلاء الله بمعصية الله ولكن دعوني حتى إذا دخلت في الصلاة فاقطعوها فلما دخل في الصلاة قطعوها ونشروها وحسموها بالزيت ، لأنه لو قطع رجله وتركها فإنه سينزف حتى يموت ، فلابد أن يوقف النزيف ، وكان وقف النزيف أن تغلي الزيت ثم تضعه على رجله حتى يمسك اللحم في الشرايين وتنسد الشرايين بذلك .
    فانظر الأول قطعها ثم حسمها بالزيت المغلي ، واحد يقول أنا لست مصدق هذه العملية ، هذا الكلام لا يمكن يحدث هذه خرافة ، لماذا ؟ لأن هذا الإنسان يقيس قدرات عروة بقدرات نفسه .
    ونحن هنا نعطي مثل حسي أنت تنظر لهدف من الهداف وواحد يكلمك فأنت لست تسمع ولست ترى ، يا فلان يا فلان يا فلان ، فيقول هل أنت تنادي ، فيقول لك يا عم أنا منذ خمس دقائق أنادي عليك ، فيقول لك معذرة لم أسمع كنت سرحان ، ما معني سرحان ؟ أي استغرق القلب في معنى من المعاني فسحب قوة الجارحة ، كأن الجارحة مشلولة ،.
    هذا القلب ملك البدن ، فلما يقبل بالكلية على شيء كل الجوارح تتعطل .
    يوم القيامة قال الله عز وجل في بعض الناس( وَأَفْئِدَتُهُم ْ هَوَاءٌ ) [ إبراهيم:43] ، أي لا يوجد قلب ، طار ، القلب طار ترك هذا الصدر وطار فإنسان بلا قلب هل يمكن أن ينظر إلى واحدة بجواره عارية يوم القيامة .
    هذا اليوم كما قال النبي وهو يتكلم عن الأنبياء عندما ذهب الخلائق إلى الأنبياء يستشفعون بهم يوم القيامة وبعد أن حميت الشمس والعباد في كرب عظيم ، فيقول بعضهم لبعض ألا تنظروا ما نحن فيه أليس هناك من يشفع لنا ؟ يقولون ليس هناك أفضل من الأنبياء , .النبي أي نبي صلوات الله وسلامه عليهم إنما هو في مضمار الحياة فقط لكن ليس هناك حيلة ، يذهبون إلى الأنبياء كل نبي من الأنبياء يقول نفسي نفسي ويقول عبارة إن الله غاضب اليوم غضبًا ما غضبه قبل ذلك قط ولا يغضبه بعد ذلك قط ، فلما يكون رب العالمين غضبان غضب الأنبياء أنفسهم يشفقون على أنفسهم وكل نبي يذكر ذنبه ما عدا عيسى عليه السلام ، وما عدا نبينا _صلي الله عليه وسلم _، كل نبي يذكر ذنبه ، كأنما نسي أنه نبي وخشي أن يعاقبه الله عز وجل لما استوفى غضبه يوم القيامة أن يعاقبه بذنبه فهو يبحث على نفسه .غاضب غضب ما غضبه قبل ذلك قط.
    لأن الله عز وجل لو استوفي غضبه في الدنيا ما قبل توبة تائب: ، إنما أخذ كتابًا على نفسه إن رحمتي تغلب غضبى ، لذلك سبقت الرحمة غضب رب العالمين عز وجل ولأجل هذا يقبل توبة التائبين .
    قلنا أن الله تبارك وتعالى لم يستوفي غضبه في الدنيا وإلا لم يقبل توبة تائب .
    ففي هذا اليوم العظيم الذي عاين الناس فيه أعمالهم وفقدوا كل سبب يمكن في الدنيا الأعمال الصالحات سبب أنك أنت تنجوا ، وأما في الآخرة انتهت قصة الأعمال وخُتِمَ على عمل كل إنسان يوم مات ، في هذا اليوم العظيم ممكن أحد أن ينظر إلى أخر ، لذلك النبي _عليه الصلاة والسلام_ قال لعائشة لما تساءلت_رضي الله عنها _كيف يحشر الناس عرايا قال: لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه .
    هذا الإنسان العريان في الآخرة ما الذي سيستره وما الذي يغطيه ؟ التقوى أن يجعل بينه وبين مساخط الله وقاية ، ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ) هذا الذي أنت متصوره وهذا الذي تعرفه ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ أي خير من لباس الدنيا ، أنت إنما سترت سوءتك عن الناس وهم لا يضرونك ولا ينفعونك ، وظاهرت لله عز وجل وبارزته بالعصيان ، فهو يقول لك ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ أي إنك لو تدثرت بلباس التقوى ستنتفع به في الدنيا قبل أن تموت .
    أفضل ما يُحرزه المرء أن يكون تقيا ، فيكسب في الدنيا السمعة الحسنة التي سأل إبراهيم_ عليه السلام_ ربه_ عز وجل_ إياها فقال عليه السلام: ﴿وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ [ الشعراء: ٨٤]أي كل من يأتي بعدي لا يذكرني إذا ذكرني إلا بخير.
    فهمنا من ذلك أن ذكر الأشياء الحسية قد يعقبه ذكر شيء معنوي القصد من هذا أن يتبع هذا ذاك أن يكون هناك تصور صحيح وحقيقي عند الإنسان .
    فلما نأتي للصحة والفراغ الرسول _عليه الصلاة والسلام_ ذكر الغبن الذي لا يكون إلا في البيع ومن المسائل المعنوية التي دخل فيها البيع مثلاً قوله وتعالي:
    ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) [ الصف:١٠ – ١١]هل الإيمان بالله ورسوله هذا تجارة ؟ التجارة في عرفنا بيع وشراء ، لكن أنت كإنسان عندك تصور عن التجارة أنها تكون في العرض ، حاجة تتمسك ، حاجة تبيعها وتشتريها .
    الإيمان بالله ورسوله هذا معنى أم عرض ؟ الإيمان بالله ورسوله معني وحتى يحدث لك تصور صار الإيمان بالله ورسوله تجارة .
    التاجر المفلح لما يكون عنده تجارة أو يريد آن يعمل تجارة ، ماذا يعمل أولاً ؟
    أول شيء يفعله التاجر أن يعمل دراسة جدوى ، وأي إنسان ليس عنده دراسة جدوى فهذا ليس تاجر ، لا ينفع ، دراسة الجدوى لها أكثر من جهة ، جهة تتعلق بالمكان وجهة تتعلق بالبضاعة .
    أنا مثلاً لو ذهبت في بلد أرياف وأحضرت أطقم أطباق للمطبخ وأشياء ثمن الطقم خمسة ألاف جنيه وعملت محل في بلد أرياف وعملت ديكور بثلاثمائة ألف وأضواء وغير ذلك ، فهل هذا يكسب أم يخسر ؟ بالطبع يخسر ، لماذا ؟ أين المشتري الذي يشتري طقم مثلاً بخمسة ألاف جنيه وأنا لا أستطيع أن أعمل هذا في حي من أحياء القاهرة العادية ، لازم أعمل في حي متميز ، الجماعة الذين يدخلون في هيئة عالية ليس للفلوس عندهم قيمة ، المبلغ الذي في جيبه للمصاريف حوالي مليون جنيه أو ما شابه ذلك ، أنا لما أكون في حي من الأحياء الراقية أعمل ذلك وأحلى من ذلك ، لماذا ؟ لأنه سيدخل يشتري
    فأنا الأول أرى المكان الذي أعمل فيه البضاعة ، وأرى المشتري ما قدرته ، الأرياف مثلاً يقول أعمل كشك عبارة عن غرفة ، لا تعمل أي ديكور وبيع أحذية بلاستيك يكسب ذهب مثلاً .
    يقول لك هذه البضاعة تمشي ، أنا اليوم أريد أن أتاجر ، ونحن نقرأ الآية( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) ونجعل الإيمان بالله ورسوله تجارة كرأس مال ، ونريد أن نرى كيف نكسب برأس المال هذا ( تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) ،.
    فأي إنسان يريد أن يعمل جدوى يراعي شيئين ، يراعى نوعية البضاعة ويراعي المكان ويراعي المشتري ، فهذه ثلاثة جهات ثم يبدأ يشتغل .
    عادة أي تاجر أنه يبحث عن أعلى هامش ربح ولا يوجد أحد يأخذ الربح القليل إلا لعلة ، يقول لك أنا أريد أن أتاجر في هذا الصنف ، هذا الصنف الجنيه يكسب مائة ، ولكن عندما يخسر تكون الخسارة كبيرة جدًا ، الجنيه يخسر مائة وزيادة ، فيقول واحد أنا لا أقدر أن أجازف برأس المال ، أكون في الجنيه الذي يكسب عشرة لكن الخسارة ليست واردة أو تكون الخسارة خارج إرادتنا .
    فإذا جنح إنسان إلى هامش ربح قليل فيكون لعلة ، وإلا إذا لم يكن هناك علة فلا يوجد إنسان عاقل يفهم في التجارة ممكن يأخذ هامش ربح قليل ويترك الكثير والكثير مضمون أيضًا .
    الصحابة أفضل من تاجروا بأعمالهم :
    كانوا يسألون النبي سؤالاً دارجًا يسألونه باستمرار وأنا خطر ببالي الآن أن أجمع عينة من هذه الأسئلة ، أذكر مثالاً توضيحيًا لكم لكن من الممكن أن نجمع هذه الأحاديث كلها كنوع من عرض سلعة على الجماهير ،لأجل أهل الخير والبر الذين لا يعرفون كيف يتاجرون في رأس المال نعينهم بذكر النصوص الصحيحة التي إن فعلوها تاجروا تجارة حقيقية رابحة .
    ما هو السؤال الذي كان الصحابة يسألوه كثيرًا للنبي عليه الصلاة والسلام ؟
    كانوا يقولون يا رسول الله ما أحب الأعمال إلى الله ، أحب في مقابلها حبيب أي أخير وخير ، أفضل وفاضل ، ما أحب الأعمال إلى الله ؟ مثلاً: حديث بن مسعود في الصحيحين أنه سأل النبي _عليه الصلاة والسلام _ما أحب الأعمال إلى الله ؟ قال: ( الصلاة على وقتها ، قلت ثم أي ؟ قال بر الوالدين قلت ثم أي ؟ قال: الجهاد في سبيل الله ) .
    هل تعرف لو أن بن مسعود ظل يقول للنبي عليه الصلاة والسلام ثم أي ، ثم أي ، ثم أي ، لكان يقول له ، مثل حديث الذراع واحد دعي النبي _صلي الله عليه وسلم _على شاه والشاه لها كم ذراع ؟ اثنين ، الشاة تمشي على أربع ، الاثنين اللذين في الأمام يسموا يدين ، والاثنين اللذين بالخلف يسموا الرجلين ، فالشاة لها ذراعان .
    والنبي صلي الله عليه وسلم كان يحب الذراع فقال له أعطني ذراع ، أعطاه ذراع ، أعطني ذراع ، أعطاه ذراع ، أعطني ذراع ، أعطاه ذراع ، قال يا رسول الله الشاة لها كم ذراع ؟ فقال والذي نفسي بيده لو وافقني فيما أقول لوجد كلما طلبت ذراعًا لوجد ذراعًا ، لكنه وقف وقال الشاة لها كم ذراع ، لو ظل يقول له مائة مرة ، أعطني ذراع ، لو وضع يده في الإناء لأحضر ذراع
    الصحابة يقولون أي ثم أي ثم أي ، فلماذا يقولون أي ثم أي ؟ ، لأنه ربما يعجز عن تحقيق الخصلة الأولى لأي سبب شرعي فيبادر ويأخذ الثانية لأنها أحب إلى الله سبحانه وتعالى .
    فلما يقول الصحابة أي الأعمال أحب إلى الله ؟ أي أن حاجة تكسب مائة وأخري تكسب خمسين وأخرى تكسب عشرين ، كله مكسب وكله جيد ، وما الذي يجعلني أكسب عشرين وأنا أستطيع أن أكسب مائة لاسيما مع قصر أعمالنا ، لاسيما مع كثرة ذنوبنا ، لاسيما أنه قد يُحَال بين المرء وبين ما يريد وبين ما يشتهي ، فيكون عندي بدائل أقدر أن أعمل هذه أو هذه أو هذه إلى أن أصل .
    هؤلاء هم الصحابة الذين استثمروا أعمارهم ، هنا حققوا هذه الآية ( هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) فيكون عندي الإيمان هو رأس المال وأريد أن أحقق الإيمان وأحصل أعلى مكسب بهذا الإيمان ، فهناك مسارب وهناك طرق كثيرة يمكن للمرء أن يحصل بهذا الإيمان أعلى الدرجات .
    مثلاً: كما قال النبي صلي الله عليه وسلم لما سأل عن أفضل الجهاد قال:( كلمة حق عند سلطان جائر) وهذه لا يقف فيها إلا أفراد من بني أدم ، بعض الناس قد يرى أن يقول كلمة حق وقد يؤذي ويقول أنا أقدر أعمل هذه ، واحد أخر لا يقدر أن يعملها فيقول أنا لا أستطيع أن أعمل هذه ، اجعلني في أحب الأعمال إلى الله حاجة ثانية .
    مثلاً ما أفضل الإسلام ؟ قال: ( أن تطعم الطعام وتفشي السلام وتصلى والناس نيام ) فهذا أيضًا واحد يقدر أن يعملها ، فكل الأفضليات ، ما أفضل ؟ ، ما أفضل ؟ التي وردت في الأحاديث الصحيحة نحاول أن ننشرها على الناس ، لأن هذه أنا أقدر أن أعملها ولا أقد أن أعمل الأخرى ، فخذها وأنت تقدر أن تعمل هذه ولا تقدر أن تعمل هذه فخذها .
    لكن أكثر الناس لا يعرفون النصوص ولذلك نحن سنحاول فيما يأتي إن شاء الله حتى لو نعمل عشرة دقائق فقط نتلوا الأحاديث على الناس وليكتبوها وراءنا حتى يكون عند كل واحد رأس مال يستطيع أن يتصرف فيه ، بشرط الصحة طبعًا ، لأننا لا يمكن أن نكون نتكلم ونشرح البخاري وندرس علم الحديث وفي الآخر نأتي بأحاديث باطلة أو ضعيفة أو منكرة أو شاذة .
    كل ما سأذكره بشرط الصحة ، وإذا كان هناك حديث مختلف فيه بين أهل اعلم فأنا أتبنى ما أعتقد صحته إن شاء الله تعالى .
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    إجابة الأسئلة:
    س: كيف أعرف في الحديث المعلق أنه سقط راوي ؟
    الجواب: هناك حاجة تسمي الطبقات للرواة ، ومعروف كل راوي عمن أخذ ومن أخذ منه ، ترجمة أي عالم من العلماء مثل الإمام البخاري مذكور في كتب الرجال سمع ممَن أو روي عن من ومن الذي روى عنه ، فنحن عارفين أن هذا تلميذ البخاري ، وهذا شيخ البخاري ، فإذا مثلاً في أي سند من الأسانيد ، كيف نعرف أن الإسناد منقطع ؟ ، بأننا ننظر في تراجم كل راوي فنعلم من خلال الكتب الخاصة بتراجم الرواة أن هذا الرجل لم يدركه فلان .
    فلو قلنا مثلاً الإمام البخاري، فننظر في ترجمة الإمام البخاري وننظر هل في شيوخه راوي اسمه عبدالله بن سعيد ، فلا نجد هذه القصة نهائيًا فنحكم بالانقطاع ما بين البخاري وبين عبد الله بن سعيد ونقول لم يدركه أو أدركه ولم يسمع منه ، ونحن في هذه الأزمنة المتأخرة لا نستطيع أن نفتي من رأسنا إنما هناك كتب دونها أهل العلم معروفة بكتب الرجال وهي التي تحل لنا هذا الإشكال .
    وطبعًا لابد أن يكون الرجل عالم بالحديث وعالمًا بطبقات الرواة أن هذه الطبقة أدركت هذه وهذه أدركت هذه ، وكما قلت هذا علم جليل ولا يستغني عنه طالب حديث .
    س: ما حكم الرجل الذي سرق مالاً من ستة سنوات ثم ثمره ونماه ، هل يرجع القيمة النقدية بعدما تاب أم يرجع رأس المال والأرباح ؟
    الجواب: يرجع المال والأرباح إذا كان صادقًا ، لماذا لأن هذا الرجل قد يكون تاجرًا ممكن يقلب رأس المال وفي قصة أصحاب الغار الرجل الثالث الذي قال اللهم إنك كنت تعلم أنه كان عندي أجراء استأجرت أجراء على فرق من أرز أو فرق من ذرة ، وهؤلاء الأجراء كانوا على أجر معلوم وكان من بينهم واحد عمل عمله بالكامل وعندما أراد أن يوزع الأجور قال له لا ، أنا عملت عمل اثنين ، قال له لا أنا اتفقت معك على أنك لن تأخذ إلا أجر معين ، مبلغ معين فسخط الرجل وترك المال .
    هذا الرجل ثمر المال واشترى بقر ورعاءها واشترى راعي غنم وراعي بقر وغير ذلك وامتلأ الوادي بالبقر ، فلما أفلس الرجل .وجد أن له مال عند فلان فقرر أن يذهب إليه ليأخذهم ، فذهب إليه وقال يا فلان اتق الله ولا تجحدني حقي ، قال له اطلع السطح معي ، فلما صعد معه قال له هل ترى هذا البقر والغنم وكل هذا كله لك ، فثمر له المال .
    البخاري وضع فائدة" باب إذا ثمر المال بغير إذن" ، أي واحد أخذ مال من أخر وبدون هذا الأخر ما يطلب منه شغل له الفلوس وكسب بها ، فماذا يعمل ؟
    فهذا لم يعطه واحد ، هذا سرق وعطل مال الواحد ، فأقل حاجة حتى يكون هناك صدق في التوبة ، يعرف رأس المال كم كسب وتأخذ رأس المال والربح وتعطيه لصاحبه حتى تكون صادق في دعوى التوبة
    ربما يقول أنا لا أستطيع أن أعطيه المال حتى لا أفضح نفسي ، فنحن نقول له بأي وسيلة وأي واسطة من الوسائط ، واحد يذهب إلي صاحب رأس المال المنهوب أو المسروق يقول له فيه واحد من الناس أنا قابلته وقال لي تعرف فلان ، قلت له نعم أعرفه ، فقال لي لو سمحت أعطيه هذا وقل له أن هذه كانت أمانة عند واحد ، ويأخذ الرجل الأمانة ويكون بذلك أدي الأمانة وفي نفس الوقت لم يظلم نفسه .
    س: الرد على من يقول أن الإسلام كالاستعمار كلاهما انتشر بالسيف ؟
    الجواب: بالنسبة للفتوحات الإسلامية والاستعمار ، أنا أريد أن أقول حاجة مختصرة ، قال صلى لله عليه وسلم ( عجب ربك من قوم يدخلون الجنة في السلاسل ) تعجب الصحابة من ذلك ، هذه الجنة البطالون يسبقون المؤمنون على أبوابها ، يأتي وقد عمل كل المصائب ويعتقد أنه سيدخل الجنة ، بل إذا ترك المسألة هو يسبق المؤمنين على باب الجنة ، من الذي يمكن أن يجر إلى الجنة بسلاسل ؟ من الذين يدخلون الجنة في السلاسل ؟
    هؤلاء الذين أسلموا بسلاسل الحرب ، الفتوحات الإسلامية كانت خيرًا وبركة على العلم ، نعم يسترق الرجال والنساء ، لكن نحن عندنا كفارات مرتبطة بالعتق ، بل هناك أحاديث رغب النبي صلي الله عليه وسلم فيها أن يعتق الرجل مجردًا بدون أن يكون هناك ذنب وقال:( إن الله ليعتق الرجل بالرجل واليد باليد .. حتى قال والفرج بالفرج ) وفيه أحاديث كثيرة تحض على عتق الرقاب .
    الإسلام لما دخل هذه البلاد وغزاها ما قصد أن يسترق الناس لكي يأخذهم سبايا ويأخذهم عبيد ، لا ، هم لما أخذوا بسلاسل الحرب وجاءوا ديار المسلمين ورأوا سماحة الإسلام ورأوا خلق المسلمين أسلموا ، ولو لم يكن هناك حرب لعل هذا لا يسلم ، فما أسلم هذا إلا بسلاسل الحرب ، يعيروننا بالرق ، الرق عند المسلمين مصلحة لهؤلاء .
    الذين يتكلمون عن الرق ويقولون أن الفتوحات الإسلامية كانت عبارة عن استعباد كالاستعمار ، فليذكروا لنا بلدًا دخله الإسلام ولم ينعم أهله بالإسلام ن اليوم البلاد المستعمرة البلاد الغاشمة تسترق الدول ، لا أقول تسترق الأفراد ، إنما تسترق دولاً بأكملها ، الذي يجري بالعراق الآن والذي يجري في أفغانستان الآن ، أكثر من مليون عراقي قتل بسبب هذه الحرب الفاسدة المفسدة ، ثم يقال الرق وأن الإسلام يدعوا إلى الرق ، لا ، والله كان الإسلام ولا يزال وسيزال خيرًا وبركة علي كل بلد يدخل فيها والكلام متشعب وليس عندنا متسع من الوقت ، وإذا مر بنا في صحيح البخاري أستطيع أن أضع مثل هذه المعاني في مواضعها . انتهي الدرس السادس

    * * *
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  8. #28

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    الأخت الكريمة أم الظن .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    وبعد
    فسلمت يمينكِ , وجزاكِ الله خيراً وحفظكِ ورعاكِ وسدد - على الحق - خطاكِ.
    واصلي أختاه هذا المجهود الممتاز والعمل الرائع , إلى الأمام أكثر وأكثر , نفعكِ الله ونفع بكِ المسلمين , وأكثر في الأمة من أمثالكِ.

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    الدرس السابع من فك الوثاق
    تابع باب (ما جاء في الصحة والفراغ و ألا عيش إلا عيش الآخرة) 1
    ______________________________ ___________
    فقد وصلتني مكالمات كثيرة في الأسبوع الماضي تطلب مني أن أتلوا قصيدة غرامي صحيح مرة أخرى وهذه القصيدة التي ذكرناها في المرة الماضية هي عبارة عن قصيدة غزلية ذكر فيها مؤلفها ألفاظ الحديث ، وذكروا أنهم فوجئوا بالقصيدة وبهرهم جمالها ولم يستطيعوا تسجيلها ، فطلبوا مني أن أذيعها مرة أخرى وأنا أفعل إن شاء الله قبل أن أدخل في موضوع حلقة اليوم .
    كما أنني أرجو من إدارة القناة أن يذيعوا الجزء الخاص بمصطلح الحديث بعلم الحديث وأن يكرروه أكثر من مرة حتى يتسنى لمن يسمعه أن يهضمه ، لأن علوم الآلات أو علوم الأصول تحتاج إلى تكرار بصفة مستمرة .
    قصيدة غرامي صحيح هي لابن فرح الأشبيلي الأندلسي وكما قلت هي قصيدة غزلية قصد بها ناظمها تقريب علم الحديث إلى العامة بذكر عناوين الموضوعات في هذا العلم الجليل .
    يقول ابن فرح الأشبيلي الأندلسي:
    غرامي صحيحٌ والرجا فيكَ مُعضَلُ
    ودمعي وحزني مرسلٌ ومسلسلُ
    ووجدي فيك يشهد القلبُ أنــهُ
    ضعيفٌٌٌ وموضوعٌ وذليَ أجمـلُ
    ولا حَسنٌٌٌ إلا استماعُ حَدِيثُكُمُ
    مشافهةً يُمليَ عليَ فأنقــــلُ
    وأمريَ موقوفٌ عليكَ وليس لـي
    علي أحدٍ إلا عليكَ المُعًوَلُ
    ولو كان أمريَ مرفوعًا إليك لكنتَ
    لي على رغم عُزَالي تَرِقُ وتعدِلُ
    وعزل عزولي منكرٌ لا أُسِيغُهُ
    وزورٌ وتدليسٌ يُردُ ويُهملُ
    أُقضي زماني فيكَ متصلَ الأسيَ
    ومنقطعًا عما به أتوصـــلُ
    وها أنا في أكفانِ هجركَ مدرجٌ
    تُكَلِفُني ما لا أُطِيقُ فأحمِلَُ
    وأجريتُ دمعيَ بالدماءِ مُدَبجًـاً
    وما هي إلا مُهجتي تتحلـــلُ
    فمُتَفِقٌ جفني وسُهدي وعبرتـي
    ومفترقٌ صبري وقلبي المبَلبلُ
    ومؤتلفٌ وجدي وشجوي ولوعتي
    ومختلفٌ حظي وما فيك آمُــلُ
    خذ الوجدَ عني مسندًا ومُعَنعناً
    فغيري بموضوعِ الهوى يتجملُ
    وذي نُبَذٌ من مبهمِ الحب فاعتبر ً
    وغامِضُهُ إن رُمتَ شرحًا مُطولُ
    غريبٌ يقاسي البعدَ عنكَ ومالَهُ
    ورَبِكَ عن دارِ القِلى مُتَحَوَلُ
    عزيزٌ بكم صبٌ ذليلٌ لِعِزِكُم
    ومشهورُ أوصافُ المُحبِ التذلـلُ
    فرفقًا بمقطوعِ الوسائلِ مَالَهُ
    إليك سبيلُ لا ولا عنكَ مَعدِلُ
    فلا زلتَ في عزٍِ منيعٍ ورفعةٍ
    ولازلتَ تعلو بالتجني فأنزِلُ
    أوري بُسُعدَيَ والرباب وزينبَ
    وأنت الذي تُعنيَ وأنتَ المُؤَمَلُ
    فخذ أولاً من أخرٍثم أولــاً
    من النصفِ منه فهو فيه مُكَمِلُ
    أَبَرُ إذا أقسمتُ أني بحبــهِ
    أهيمُ وقلبي بالصبابةِ مُشعَلُ
    وندخل الآن في موضوع الحلقة في كتاب الرقاق وهو حديث بن عباس _رضي الله عنهما_، قال الإمام البخاري_ رحمه الله _حدثنا المكي بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الله بن سعيد يعني بن أبي هند عن أبيه عن بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_:( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) .
    عن عبد الله بن سعيد ، خمسة من الرواة يرون الحديث عن عبد الله بن سعيد المتابعة الكاملة.
    ونريد أن نعرف المتابعة الأول ، نصل وذكرنا أن الإمام أحمد بن حنبل والإمام الدارمي وكلاهما من شيوخ البخاري رويا هذا الحديث جميعًا عن مكي بن إبراهيم عن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن بن عباس .
    الإمام البخاري وبالرغم من أنه تلميذ الإمام أحمد وتلميذ الإمام الدارمي إلا أنه اشترك معهما في الأخذ عن نفس الشيخ ، فيكون البخاري والإمام أحمد والدارمي ثلاثتهم كما في اللوحة ثلاثتهم يقول حدثنا المكي بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الله بن سعيد عن سعيد بن أبي هند عن بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    الإسناد الثاني هذا الراوي المشترك في الإسناد هذا وهذا ، أي راوي مشترك ؟ الراوي المشترك عبد الله بن سعيد ، عبد الله بن سعيد عن سعيد أي أباه عن بن عباس هؤلاء الثلاثة الإسناد فيهم واحد ، وبدأ الإسناد يختلف من بعد عبد الله بن سعيد ، أنا عندي في الإسناد الأول المكي بن إبراهيم وهو شيخ البخاري في الحديث الذي نشرحه .
    يقابل المكي بن إبراهيم مباشرة عندنا وكيع بن الجراح ، عندنا عبد الله بن المبارك ، عندنا يحي بن سعيد القطان ، عندنا إسماعيل بن جعفر ، كل هؤلاء الأربعة وهناك أكثر منهم وأنا لا أريد أن أسهب في التخريج ، كل هؤلاء الأربعة يروون الحديث عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن سعيد بن أبي هند عن عباس ، وهذه عند علماء الحديث تسمى متابعة ، أي أن وكيع بن الجراح تابع المكي بن إبراهيم .
    فإذا قال لي واحد أن المكي بن إبراهيم هنا تفرد بالحديث وحده ورواه عن عبد الله بن سعيد ، أقول له خطأ ، لماذا ؟ لأنه قد تابعه جماعة وكيع بن الجراح عبدالله بن المبارك ، يحي بن سعيد القطان ، إسماعيل بن جعفر وكذلك المكي فصاروا خمسة .
    كم واحد يروون هذا الحديث إلى الراوي المشترك في الإسناد .
    نحن ذكرنا على اللوحة أن الراوي المشترك في الإسناد هو عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، ولا أقدر أن أقول أن عبد الله بن سعيد تابع عبد الله بن سعيد لأنه هو ، هو ، لكن ننظر تحت هذا الإسناد كله أين الراوي المشترك ؟ هذا فيكون ما دون الراوي المشترك من تحت كلهم اسمهم متابعات ، طالما كل هؤلاء يرون الحديث عن عبد الله بن سعيد عن سعيد عن بن عباس إسناد واحد ، فهذه اسمها متابعة كاملة .
    المكي بن إبراهيم تابعه وكيع بن الجراح ، وعبد الله بن المبارك ، ويحي بن سعيد القطان ، وإسماعيل بن جعفر ، كلهم تابعوا المكي بن إبراهيم ، فهذه تسمى عند علماء الحديث اسمها متابعة كاملة ، وأما المتابعة الناقصة سنتكلم عنها فيما بعد .
    لكن نريد أن نقول أن المكي بن إبراهيم شيخ البخاري لم يتفرد برواية هذا الحديث بل تابعه أئمة كثيرون جهابذة .
    وكيع بن الجراح كالنجم: وهو معروف وكان من أثبت الناس ، أثبت أهل الكوفة ، وأبوه الجراح بن مُليح البهراني هذا أحد العلماء الكبار .
    ومما يُستملح في ذكر ترجمة وكيع_ رحمة الله تبارك وتعالي_: وأنا أريد أن أقول لك الفرق بين تصرف أهل العلم وتصرف العوام [سبه رجل فدخل وكيع داره وعفر وجهه بالتراب وخرج فقال للرجل زد وكيع بذنبه فلولاه ما سُلِطتَ عليه ] وهذا لأنه إمام واعٍ فاقه ، رجع إلي نفسه باللوم ولا يزال المرء يلوم نفسه حتى يرتقي .
    [وسبه رجل مرة فَقِيلَ له ألا ترد عليه فقال له ولما تعلمنا العلم إذاً ].
    و وكيع له قصص طويلة في مسائل الزهد ومسائل الورع والعلم ولعلنا إذا جاءت ترجمة وكيع في سند من الأسانيد نقف عنده قليلاً ونعطيه بعض حقه وكذلك الإمام عبد الله بن المبارك الإمام المبارك الذي سمعتموني كثيرًا أتكلم عنه وإن شاء الله سنرجع إلى تراجم هؤلاء العلماء .
    ذكرنا في المرة الماضية مسألة الغبن ، وأن الغبن يقع في البيع والشراء وذكرنا لماذا عُبِرَ عن العمر بالصفقة ، والآن نتمم الكلام عن هذا الموضوع .
    تتمة الكلام عن العمر وكيف أنه صفقة فيها الرابح والخاسر:
    قلت: أن العمر صفقة والرابح الناجح هو الذي يستغل هذه الصفقة إذا دخل السوق ، والحياة سوق كما قال _صلى الله عليه وسلم_ في الحديث الذي رواه مسلم ( كل الناس يغدو [ أي إلى السوق ] فبائع نفسه فموبقها أو معتقها ) رجل يدخل السوق يُوبق نفسه أي يُهلكها بأن يدخل في الخسارة الدائمة ، متخصص في الخسارة لا يخرج من صفقة إلا خاسرًا ، والأخر مُعتِقٌ نفسه أي أنه يخرج من هذه الصفقة رابحًا .
    كثيرٌ من الناس يعجز عن الإجابة لماذا؟ خُلِق؟
    الذي ربح في هذه الصفقة علم لماذا خُلِقَ وهذا السؤال برغم بساطتهويسره إلا أن أغلب الناس يعجز عن الإجابة عنه ، لماذا خُلٍقنَا ؟ كثير من الناس يعيش كأنه لا يموت ، كل همه الطعام والشراب والشهوات ، يجمع الأموال من حلها ومن غير حلها .
    فإذا كان المرء بهذه المثابة فالدابة العجماء مثله أو أفضل منه ، بل هي أفضل منه على الحقيقة وليس هذا كلامي ، هذا كلام ربنا جل ثناؤه ، قال تعالي:
    ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ )[ محمد:12]
    فهم كالأنعام في عدم العقل ، يأكلون ويتمتعون ، ما أقصر هذه الحياة حتى لوعاش المرء فيها ملكا متوجا ، ما أُصيبَ بداءٍ قط ، وما افتقر قط ، وما احتاج لأحد أصلاً ، وإذا أشار وقفت الدنيا على قدم إلى كم سنة يعيش ؟ أجله، عمره ، هي سنوات معدودات:
    آية صدعت قلب ميمون ابن مِهران.
    قال تعالى: ( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) [ الشعراء:205- 207 ]هذه الآية صدعت قلب ميمون ابن مِهران لما ذهب إلى الحسن البصرى يلتمس منه الموعظة، فقال له: يا أبا سعيد إني آنست في قلبي غلظه فاستلن لي أي قول لي شيئا يلينه فتلي عليه الحسن هذه الآيات من آخر سورة الشعراء ( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) فلما سمعها ميمون أُغشِيَ عليه ، فلما أفاق وخرج مع ابنه عمرو ، قال عمرو لأبيه يا أبت أهذا هو الحسن ؟ لم يقل شيئا ، وكان عمرو يتصور أن الحسن سيلقى خطبه عصماء على ما هو مشهور من كلام الحسن البصري الذي قال فيه بعض أهل العلم أن كلامه يشبه كلام الأنبياء، قال عمرو: فضرب أبى صدري بيده ، وقال يا بني لقد تلا عليك آيات لو تدبرتها بقلبك ألفيت لها كلومًا فيه وكلومًا جمع كل كلم وهو الجرح ، أي هذه الآيات لو تدبرتها بقلبك لا تغادر سمعك إلا وقد جرحت هذا القلب لقوتها( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ).
    كل حي سيموت ليس في الدنيا ثبــوت
    حركاتٌ سوف تفني ثم يتلوها خفــوت
    وكلامٌ ليس يحلو بعدَهُ إلا السكـــوت
    أيها السادر قل لي أين ذاك الجبــروت
    كنت مطبوعًا على النطق فما هذا الصموت
    ليت شعري أهمودٌ ما أراه أم قنـــوت
    أين أملاكٌ لهم في كل أفقٍ ملكـــوت
    زالت التيجانُ عنهم وخلت تلك التخـوت
    أصبحت أوطانهم من بعدهم وهي خُبُوت
    لا سميعٌ يفقه القولَ ولا حيٌ يصُـــوت
    عُمِرت منهم قبورٌ وخلت منهم بيــوت
    لم تزُد عنهم نُحوسُ الدهرِ إذ حالت بخوت
    إنما الدنيا خيالٌ باطلٌ سوف يفـــوت
    ليس للإنسان فيها غير تقوى الله قــوت
    العبادة تستغرق الحياة كلها.
    الإنسان العاقل لا يضيع رأس المال ، لماذا خُلِقَ المرء ؟ إنما خُلِقَ المرء على الحقيقة ليعبد ربه تبارك وتعالى ، وليست العبادة كما يظن بعض الناس هي مجرد ركعات أو أنه يصوم شهر في السنة أو أنه يصوم أيام تطوع أو يذهب للعمرة أو يذهب للحج فقط ، لا ، العبادة تستغرق الحياة كلها لا يحرك المرء قدمه ، لا يرفعها إلا ويعلم ألله في وضعها حكم أم لا ؟ .
    لما رفعها هل أمر بذلك أم لا ؟ تصل المسألة إلى درجة الحركة والسكون الحركة لها عبودية والسكون أيضًا له عبودية .
    معاذ الله أن نُغًير بطول العمر:
    قال تعالى:( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ )[ فاطر:37].
    فَعُيرورا بطول العمر وقد صح عن النبي _صلي الله عليه وسلم_ ويأتينا في كتاب الرقاق من صحيح البخاري ( أعذر الله_ عز وجل_ إلى عبدٍ بلغه ستين سنة ) .
    [أعذر]: أي قطع عذره ، وصل سن ستين سنه ماذا ينتظر ؟ ، ستون عامًا لم يتب ستون عامًا ولم يفق ، ستون عامًا ولم يسأل نفسه لماذا خُلِقت ، لماذا وبم كُلِقت؟ لم يبحث عما جاء به النبي _صلى الله عليه وسلم _، بل له خصومات شتى مع حصى الأرض ، باع بيوع الغرر واستحل أموال الناس بالباطل من غير حلها وقطع أرحامًا ، كل هذا لشيء يتركه أو يتمتع به قليلاً في دنياه .هذا لم يجب على هذا السؤال إجابة صحيحة وهو لماذا خلقنا ؟ .
    وهناك طائفة من الناس تتمنى أن تعيش ولو كانت الحياة ذليلة ،:
    طائفة من بني أدم هكذا ، ذكرها ربنا تبارك وتعالي في كتابة:( وَلَتَجِدَنَّهُ مْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ) [البقرة:96]ليس على الحياة ، لا ،[ حياة ]هكذا جاءت نكرة منزوعة الألف واللام منزوعة البركة منزوعة الكرامة يريد أن يعيش أي حياة المهم أن يعيش
    ( وَلَتَجِدَنَّهُ مْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ) ، وهذه الطائفة هم اليهود كما ورد ذلك صريحًا في سورة البقرة ، قال تعالي:( يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ ) [البقرة:96] .
    الإنسان المفلح هو الذي يضع هذا السؤال أمامه ، لماذا نحيا ؟ لماذا نعيش ؟
    إنما نعيش لنعبد الله تبارك وتعالى وقد ذكرت لكم حديث النبي _صلي الله عليه وسلم_ وحسنه أنه_ عليه الصلاة والسلام_ قال:( أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين) ونحن نريد أن نستثمر هذه الحياة القصيرة ونربح فيها أعظم ربح مُستطاع .
    وسنذكر اليوم إن شاء الله كما وعدتكم شيئًا من النصوص التي إن استعملناها طال عمرنا في الطاعة وإن كان عمرنا الحقيقي قصيرًا ، لكن عمرنا في مجال الطاعة يكون طويلاً ، ولكن قبل أن أدخل في ذكر هذا الحديث ، وقد حاولت أن أبوب هذه الأحاديث ، أي أذكر شيئًا في الصلاة ، شيئًا في الصيام شيئًا في الحج ، شيئًا في الجهاد ، شيئًا في الأذكار على سبيل المثال ، وإلا فالمسألة طويلة وأنا بصدد تحقيق مجموعة من الأحاديث التي فيها أحب العمل إلى الله عز وجل ذلك وذلك ، بحيث أننا نتلوا هذه الأحاديث على المسلمين فيستثمروا أعمالهم وكل إنسان يأخذ من الأحاديث الخصلة التي يستطيع أن يحققها في الحال .
    لكن قبل الدخول في هذا نسأل سؤالاً .
    هل يجوز الدعاء بطول العمر مع الدليل؟
    هذا السؤال اختلف فيه أهل العلم فمن كاره لذلك ومن مجوز ، أي من الأدعية التي يدعوا بعضنا لبعض بها ربنا يخليك ، وهي معناها عند المسلمين القدامى أطال الله بقاءك .
    1-الإمام أحمد رحمه الله ,:كره ذلك ، [ لما قال له رجل أطال الله بقاءك فكره ذلك وقال سألت الله لأجال مضروبة ].
    الدليل: أخذ الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله هذا من حديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت:( اللهم أمتعني بزوجي رسول الله _صلي الله عليه وآله وسلم_ وبأبي أبو سفيان و أخي معاوية ، فقال النبي _صلي الله عيه وسلم_ لها سألت الله لأجالٍ مضروبة وأيامٍ معدودة وأرزاقٍ مقسومة ، لا يتقدم منها شيء قبل حِله ولا يتأخر منها شيء قبل حِله ولو كنت سألت ألله أن يُعيذك من النار وأن يُعيذك من عذاب القبر لكان خيرًا وأفضل ) .
    2-وقالت طائفة أخري :بل يجوز أن يُدعي للمرء بطول العمر أو يدعو المرء لنفسه بطول العمر.
    الدليل: واحتجوا بما رواه الإمام البخاري _رحمه الله_ في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال( أن أمه أم سليم جاءت به إلى النبي_ صلى الله عليه وسلم_ وقالت يا رسول الله خُويدمُكَ أنسٌ، [أي أنها جعلته خادمًا للنبي صلي الله عليه وسلم] (فادعوا الله له فقال النبي _عليه الصلاة والسلام: اللهم أكثر ولده وماله وأطل حياته ) .
    [أطل حياته] ليست موجودة في صحيح البخاري ومسلم إنما رواها الإمام البخاري في كتاب الأدب المفرد له .
    تنبيه:
    ونحن نبهنا قبل ذلك أن كتاب الأدب المفرد كتاب مستقل عن صحيح البخاري ، وصحيح البخاري فيه كتاب اسمه كتاب الأدب أيضًا ولأجل ألا يخلط بين الكتابين ميز الكتاب المفرد هذا بهذا الاسم ، يقول كتاب الأدب المفرد أي المفرد عن الصحيح ، الذي أفرده عن الصحيح ، فلو كان هناك حديث في كتاب الأدب المفرد ولم يرويه البخاري في الصحيح فإياك أن تخطئ في التخريج وتقول رواه البخاري وتسكت ، لأنك إذا قلت رواه البخاري هكذا بإطلاق ، فيدل ذلك عند كل العلماء أنه في الصحيح دون غيره .
    إذا أردت أن تعزو حديثًا للبخاري في غير الصحيح لابد أن تسمي هذا الكتاب ، إذا كان في كتاب الأدب المفرد تقول رواه البخاري في كتاب الأدب المفرد ، إذا كان في كتاب الصلاة خلف الإمام فتقول الصلاة خلف الإمام ، إذا كان في كتاب خلق أفعال العباد ، إذا كان في كتاب التاريخ ، أي كتاب من كتب التاريخ الثلاثة للبخاري ، التاريخ الكبير ، التاريخ الأوسط ، التاريخ الأوسط ، إذا كان في كتاب الكُنى والأسماء للإمام البخاري .
    لو أن البخاري روى حديث في هذه الكتب ولم يرويه في صحيحه فاحذر أن تقول رواه البخاري وتسكت ، إنما تقول رواه البخاري إذا كان رواه في صحيحه .
    الإمام البخاري رحمه الله روى هذا الحديث فعلاً هو ومسلم عن أنس لكن لم يذكرا الدعاء بطول العمر في الوقت الذي بوب البخاري على هذا الحديث بقوله[ باب دعاء النبي صلي الله عليه وسلم لخادمه بطول العمر] .
    يقول واحد بطول العمر ، فأين طول العمر في الحديث ؟ ، لأن هذه الزيادة لم تأتي عند البخاري ، فنقول من عادة البخاري رحمه الله أن الحديث إذا كان تامًا فروى جزءًا منه فقد يترجم بالجزء الذي لم يرويه ، في الصحيح دعا له أن يكثر الله ماله وولده ، حتى أنس بن مالك رضي الله عنه علق على هذا الدعاء بقوله [ أنا أكثر أهل المدينة مالاً أو أنا أكثر الأنصار مالاً وإني لأعد من ولدي وولد ولدي المائة ] ، وأنس رضي الله عنه عمر تجاوز المائة ببركة دعوته صلي الله عليه وآله وسلم .
    قول البخاري [باب دعاء النبي _صلي الله عليه وسلم_ لخادمه بطول العمر] دل ذلك على الجواز ، وأنه يجوز أن يدعوا المرء بطول العمر ,
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    لكن العلماء الذين أجازوا ذلك قالوا إذا دعا رجل لأخر بطول العمر فعليه أن يقيد ذلك : لأن طول العمر في معصية الله عز وجل مذمة ، فيقول له: أطال الله بقاءك في طاعته ، وإلا فطول العمر مجرداً ليس ممدوحًا لو لم يكن في طول العمر إلا أن يشهد المرء موت جميع من يحب لكان ذلك كافيًا في ذم طول العمر .
    الإنسان عندما يطول عمره فكل أحبابه يموتون وهو يتفجع عليهم ، كل يوم يشيع حبيبًا يدفنه بيده في التراب ، ثم يأتي ويشيع حبيبًا أخر ، وكلما شيع حبيبًا ترك قطعة من قلبه معه ، فلا يزال هكذا يتفجع يومًا بعد يوم حتى يفقد نفسه كما قال الإمام البخاري رحمه الله لما بلغه موت شيخ الإمام الدرامي عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال:
    إن عشت تُفجعُ بالأحبة كلهم ** وفناءُ نفسِكَ لا أبا لك أفجعُ .
    أي إن عشت ستتفجع على كل الأحبة .
    مارجحه الشيخ حفظه الله :إذن يجوز وهذا هو الأظهر في الدليل يجوز الدعاء بطول العمر إذا كان ذلك مقيدًا كأن يقال أدام الله بقاءك في عافية أو في طاعة أو نحو ذلك .
    الدليل:ويدل على أن طول العمر مع الطاعة محمودٌ حديث أبي بكرة الثقفي الذي رواه الترمذي والنسائي وأحمد وغيرهم وحسنه الإمام الترمذي (أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ سُئِلَ أي الناس خير ؟ فقال _صلى الله عليه وسلم_: من طال عُمُرُهُ وحسن عَمَلُهُ, فقيل له: فأي الناس شر ؟ قال: من طال عُمُرُهُ وساء عَمَلُهُ ) .
    إذن التحرير في هذه المسألة انه يجوز الدعاء بطول العمر ، وليس في حديث أم حبيبة ما يدل على أنه لا يجوز الدعاء بطول العمر ، إنما أرشد النبي _صلى الله عليه وسلم_ أم حبيبة إلى الأفضل .
    أي الآجال مضروبة انتهت ، جف القلم بما أنت لاق كما قال عليه الصلاة والسلام ، فإذا قال رجل لأخر أطال الله عمرك ، فلن يطول عمره أبدا عن الأجل الذي ضربه الله له ، لكن أن يستعيذ من النار ، أن يستعيذ من عذاب القبر فهذا أيضًا مكتوب وواحد ممكن يقول ذلك هذا أيضًا مكتوب وكذلك الأجل مكتوب .
    فلماذا أرشدها النبي _صلى الله عليه وسلم_إلى الدعاء والاستعاذة بالرغم من أن كلاهما مكتوب ؟ .
    أجاب أهل العلم: فقالوا لأن الاستعاذة من النار دعاء والدعاء عبادة والعبادة مطلوبة بخلاف الدعاء بطول العمر ليس عبادة فأرشدها _صلى الله عليه وسلم_ إلى ما ينفعها ، أن تستعيذ من عذاب القبر وأن تستعيذ من عذاب النار .
    وندخل في ذكر بعض الأحاديث التي إن استثمرها المرء في حياته استفاد وطال عمره في الطاعة :
    فعندنا مثلاً في الصلاة : الرسول عليه الصلاة والسلام قال كما في الحديث المتواتر الذي رواه أبو هريرة وبن عمر وسعد بن أبي وقاص وجابر بن عبد الله وميمونة وكذلك جبير بن مطعم وآخرون مثل عبد الله بن الزبير وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( صلاة في مسجدي بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام فالصلاة فيه بمائة ألف ) .
    أي لو أنك حسبت هكذا أنت تصلى في اليوم واللية اثنا عشرة ركعة من السنن الرواتب التي جاء النص بها عن حفصة _رضي الله عنها_عن رسول الله _صلي الله عليه وآله وسلم _، اثنى عشر ركعة في اليوم لو ضربتهم في الشهر ، لو ضربتهم في السنوات ، لو ضربتهم في عشرين في ثلاثين ، أربعين خمسين سنة ، يكون الناتج رقم كبير نعم لكنه لا يساوي أن تصلى عشر ركعات في المسجد الحرام من جهة الثواب ، لأن المسجد الحرام الصلاة فيه بمائة ألف أي لو صليت عشر ركعات في المسجد الحرام بمليون ركعة ، ثواب مليون ركعة في الجزاء وليس في الإجزاء ، وهذه مسألة سأتكلم عنها إن شاء الله ولأحل إشكال وقع عند بعض الناس .
    ولكي واحد يصلى مليون ركعة فهذا يحتاج مائتان وواحد وثلاثون سنة لو أردت أن تصلى عشر ركعات في المسجد الحرام تأخذ منك في حدود ثلث ساعة أو نصف ساعة ، لو أردت أن تفرد هذه الركعات المائة ألف ركعة في عشرة تساوي مليون ركعة ، تأخذ كما قلت لك مائتان وواحد وثلاثين سنة وربما يزيدون عدة أشهر وغير ذلك .
    إذا لم يكن الإنسان مُستطيعاً الذهاب للمسجد الحرام أو المسجد النبوي.
    فهذا تكثير للعمر ، هذه العبادة هذه الطاعة فيها تكثير للعمر ، وأنت غير مستطيع أن تذهب إلى المسجد الحرام أو إلى مسجد النبي_ صلي الله عليه وسلم_ في كل وقت ، فعندك صلاة الجماعة ، النبي _عليه الصلاة والسلام قال كما في حديث أبي هريرة وغيره من الصحابة وروى هذا الحديث أيضا كثيرون من الصحابة( صلاة الجماعة تعدل صلاة الفذ بخمس وعشرين ) كل الأحاديث التي وردت عن سائر الصحابة ذكروا فيها خمسًا وعشرين إلا في حديث بن عمر_ رضي الله عنهما_ فقد ذكرا عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال:( صلاة الجماعة تعدل صلاة الرجل وحده بسبع وعشرين ) .
    لو افترضنا إنسانًا يصلي في بيته دائمًا لا ينزل إلى المسجد وأخر ينزل إلى المسجد فهذا قد فاقه بخمس وعشرين ،وهذا في كل صلاة بخمس وعشرين ولذلك حض النبي_ صلى الله عليه وسلم_ أشد الحض على صلاة الجماعة وقال عليه الصلاة والسلام ( لقد هممت أن آمر رجلاً يصل بالناس ثم آمر فتياني فيحرقون على الذين يصلون في بيوتهم بيوتَهم ) .
    وفي لفظ أخر قال:( لولا النساء والذرية ) ، أي ممن لا تجب عليهم صلاة الجماعة لحرق على هؤلاء بيوتهم ، مع أن هؤلاء يصلون وليسوا تاركين للصلاة كما هو حادث في عصرنا لا يصلي بالكلية ، لا ، هذا لم يكن موجودًا أبدًا ومعروف حديث النبي عليه الصلاة والسلام:( إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) وقال:( بين الرجل والكفر ترك الصلاة
    هؤلاء يصلون في بيوتهم ومع ذلك هم صلي الله عليه وسلم أن يحرق عليهم بيوتهم ،.
    ومن أبلغ ما يحتج به لوجوب صلاة الجماعة صلاة الخوف:
    وصلاة الخوف كما هو معلوم من الآية الكريمة( وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ) [ النساء:102] ، وهذه في ميدان القتال والقبلة تسقط في ميدان القتال ، إنما يصلى المرء في الاتجاه الذي يتصور أو يتوقع أن يأتي منه العدو حتى ولو استدبر القبلة .
    وهذا الموضع أولى أن يصلى كل امرئ وحده ، لماذا ؟ لأن هذا موطن خوف وصلاة الخوف ركعة كما في بعض الأحاديث ، وركعتان كما في بعض الأحاديث الأخرى .
    أي أن الصلاة الرباعية تكون ثنائية وممكن أن تكون ركعة واحدة ، كل هذا لأننا في ميدان قتال ومع ذلك لم يسقط عنهم صلاة الجماعة ، هذا في حال الخوف فكيف في حال الأمن ، فالذي يترك صلاة الجماعة يفوته هذا الثواب الكبير جدًا ،
    يترتب علي ترك صلاة الجماعة ذنب :
    إذا ترك الفعل مترتب عليه ذنب .الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:( أثقل صلاتين على المنافقين الفجر والعشاء ولو أن أحدهم يعلم أنه يأخذ مِرماتين حسنتين لأتاهما حبوًا )، وهذه هي المشكلة ،[المرماة]: هي ظلف الدابة أو رجل الدجاجة ، لو هذا الإنسان يعلم أن كل ما يذهب للمسجد ويأخذ رجل دجاجة لزحف على بطنه كالثعبان حتى يصل إلى المسجد حتى لا تفوته هذه المِرماة الحقيرة .
    لو أننا عملنا جمعية استهلاكية ملحقة بالمسجد وقلنا أن كل واحد سيصلي في الجماعة سيأخذ كيلوا سكر أو زجاجة زيت أو غير ذلك ، سيحبوا على بطنه ولن يترك صلاة الجماعة مع تفاهة ذلك يراؤن الناس كما قال الله تبارك وتعالي .
    صلاة العشاء والفجر لهما ثواب مخصوص .
    قال صلي الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:( من صلي العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله ) ، من الذي يفوت صلاة الجماعة في صلاة العشاء أو صلاة الفجر كأنما قام الليل كله .
    عبيد الله بن عمر القواريري وصلاة الجماعة:
    هناك أحد مشايخ الإمام البخاري ومسلم وهو عبيد الله بن عمر القواريري قال:
    [ ما تركت صلاة الجماعة قط إلا في ليلة جاءني فيها ضيف فشغلت عن هذا الضيف ففاتتني صلاة العتمة [أي صلاة العشاء ]، فالتمست مسجدًا في البصرة لأصلى الجماعة فلم أجد ،[ الناس جميعًا صلوا ، فماذا يعمل ؟] قال فذكرت حديث النبي صلي الله عليه وسلم ( أن ًصلاة الجماعة تعدل خمساً وعشرين وتعدل إحدى وعشرين في رواية ]ولكنها ثبوتها فيه نظر وتعدل سبع وعشرين فعندي ثلاثة درجات وردت في الأحاديث كما يقول عبيد الله بن عمر القواريري ، احدي وعشرون ، وخمسة وعشرون، وسبعة وعشرون ، فأخذ بالأعلى وهو السبعة والعشرين .
    [قال فصليت العشاء سبعًا وعشرين مرة ]، وهو يريد أن يدرك الفضل الذي فاته من ترك صلاة العشاء [ ، قال ثم نمت فرأيت في المنام أنني أركب فرسًا ويركب آخرون أفراسًا معي ونحن نتبارى[ أي نتسابق ،] فجعلت أضرب فرسي وأجهده حتى يلحق بؤلئك، فالتفت إلي فارس منهم وقال لي لا تجهد نفسك فإنك لأن تلحق بنا لأنك ما صليت العتمة ]ما صليت العشاء .
    وهناك بعض العلماء الآخرون: أظن عبيد الله بن عمر القواريرى أو غيره فاتته صلاة العشاء أو أظن أنه غير عبيد الله بن عمر القواريرى لأن القصة مختلفة أنه ما فاتته صلاة الجماعة إلا في اليوم الذي ماتت فيه أمه وشغل بدفنها ولم يدرك أيضًا صلاة العشاء ، [قال فصليت العشاء خمساً وعشرين مرة ثم نمت فجاءني جاءٍ يقول لي نعم صليتها خمساً وعشرين مرة فمن أين لك تأمين الملائكة ].
    تأمين الملائكة وغفران الذنوب:
    افترضنا أنك ستصل إلى درجة الذي صلاها في المسجد ، وانظر لما يكون الواحد يصلي العشاء سبعة وعشرين مرة مسألة طويلة تطول ، أي سبعة وعشرون في أربعة ، هذا ليدرك ثواب من صلاها في المسجد ، فقال له نفترض أنك أخذت ثواب حضور الصلاة في المسجد فمن أين لك تأمين الملائكة لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:( من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ) .
    فأنت عندما تصلي في المسجد ما أحد يعلم أيوافق تأمينه تأمين الملائكة أم لا لأن المساجد تختلف في مسائل انتظار الصلاة ، فبعد الأذان هناك مساجد تصلى بعد خمس دقائق ومساجد تصلي بعد عشرة ومساجد تصلى بعد نصف ساعة أو بعد ساعة إلا ربع مثلاً .
    فالملائكة عندما تؤمن نحن لا نعرف الملائكة متى أقاموا الصلاة بعد الأذان فإذا وافق تأمينك في الأرض تأمين الملائكة في السماء يغفر لك .
    إذن الإنسان إذا صلى الصلاة في جماعة أدرك هذا ، تخيل أن إنسانًا يصلي العشاء والفجر في جماعة ، العشاء يأخذ نصف الليل والغداة يأخذ كأنما قام الليل كله ، فكيف إذا أضيف لهذا قيام الليل أي أنه نفسه يقوم الليل ، فهذا عمر ،.
    هذه المسألة إذا قيست بالثواب فهذه تأخذ أعمارًا كثيرة ، ممكن أن تأخذ مئات السنين لو أن الإنسان واظب على مثل هذا ، وهذا شيء يسير يستطيع المرء أن يفعله بلا مشقة ، ومع ذلك فانظر إلى هذا الأجر الجزيل الكبير العظيم الذي يترتب على حضور الإنسان الجماعة .
    فضل صلاة الجمعة:
    الجمعة مثلاً حديث أوس بن أوس في السنن وهذا الحديث ثوابه لم أجده في نص من النصوص ربما يغيب عني النص ، لكن لم أجده ، وكأني أذكر أن بعض العلماء وهو بن خزيمة ، قال لا أعلم في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أجرًا مثل هذا ، وهذا يوم الجمعة ، الرسول عليه السلام قال:( من غسَّل واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام واستمع ولم يلغوا ) هذه خمسة حاجات فما ثواب هذا الإنسان ؟ قال عليه الصلاة والسلام:( له بكل خطوة أجر عمل سنة أجر صيامها وقيامها ) وهذا شيء عظيم ، كل خطوة بعمل سنة وهذا حديث صحيح .
    هذا الذي ذهب إلى المسجد لصلاة الجمعة ، غسل واغتسل أي أنه أتى أهله فأوجب عليها الغسل واغتسل هو ، وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام ، لأن دنا من الإمام مرتبطة ببكر وابتكر ، لماذا ؟ لأنه ذهب إلى المسجد مبكر ونحن نعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم حديث المهجر إلى الجمعة الذي يأتي في الساعة الأولي كأنما قرب بدنة والذي يأتي في الساعة الثانية كأنما قرب بقرة والساعة الثالثة كأنما قرب كبشًا ثم كمن قرب دجاجة ثم كمن قرب بيضة ، فهذا ثواب كل إنسان على حسب تبكيره وذهابه إلى صلاة الجمعة .
    دنا من الإمام أي يكون في الصف الأول بينه وبين الإمام شيء بسيط أو يكون وراء الإمام مباشرة وهذا لن يحدث إلا إذا دنا ، لاسيما إذا كان المسجد مسجدًا مطروقًًا يطرقه ألوف الخلق وكل يتسابق على الحضور أولاً فهذا يحتم عليه أنه يبكر بالذهاب إلى المسجد ، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغوا ، لم يقع في اللغو .
    مالا يُعدُ من اللغو.
    وطبعًا ليس من اللغو أن يثني المرء على الله عز وجل لأن هناك بعض الناس يتصور أن الإمام لو ذكر الله تبارك وتعالى على المنبر أنه يسكت نهائيًا ويقول أنا لا أتكلم لأن فيه نهي عن الكلام .
    فإذا قال سمع الله يقول عز وجل سبحانه وتعالي يعتبر أن هذا ممنوع أو يسمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يعتبر أن هذا ممنوع وأنه لا يصلي على النبي صلي الله عليه وسلم ، لا ، هذا الكلام غير صحيح لأنه لا قائل إطلاقًا أن ذكر الله لغو أو أن الصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم لغو
    المراد باللغو.
    وحديث النبي عليه الصلاة والسلام ( إذا قلت لأخيك أنصت فقد لغوت ) المسألة مرتبطة بمحاورة بطرفين ، هذا الأخر أتى فعلاً ثم الأخر ، هذا ينهاه عن هذا الفعل ، حصل نوع من المحاورة أو هناك طرفان في هذه المسألة . بخلاف ما إذا ذكر الله سبحانه وتعالي فقال جل ثناؤه ، قال سبحانه وتعالي فقال تبارك وتعالى ، قال جل وعلا ، أي ذكر من الثناء على الله تبارك وتعالى لا يعد من اللغو .
    عقاب من ترك ثلاث جُمع.
    تصور أن إنسانًا لا يصلي الجمعة أصلاً ، فانظر أين نتكلم ونحن وهو أين حديث أبي الجعد الضمري قال صلي الله عليه وسلم فيه ( من ترك ثلاث جمع تهاونًا بها طبع الله على قلبه ) ، وأنت تعرف الطبع والختم ، لا يخرج منه المعصية ولا يدخله إيمان وذلك إذا حصل طبع على القلب ، يطبع على القلب بما هو فيه ، إذا كان بداخله كفر لا يطلع وإذا كان الإيمان خارج لا يدخل .
    فالذي يترك ثلاث جمع تهاونًا بها طبع الله على قلبه وخسر هذا الأجر العظيم الذي لا يستطيع أن يحصله إلا إذا فعل ذلك .
    المرأة إذا سعت إلى الجمعة أخذت أجر الرجل:
    لأن هذا الحديث ليس مخصوصاً بالرجل لأن الأصل في الأدلة العموم ، أي إذا ورد نص في حكم شرعي فالأصل أنه يعم الرجال والنساء معًا إلا أن يقوم دليل يفرق بين الرجال ويفرق ما بين النساء .
    يجوز للمرأة أن تخرج إلى المسجد وتصلي ولكنها إذا صلت في حجرتها كان ذلك أفضل من صلاتها في المسجد.
    بالنسبة للمرأة هناك حديث ، هناك فيه إذن أن تصلى المرأة في المسجد حديث بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( إذا استأذنت أمة أحدكم أن تذهب إلى المسجد فلا يمنعها ) وقال عليه السلام في اللفظ الأخر:( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) .
    ومع هذا الإذن فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أم حميد وهي امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها قالت (يا رسول الله إني لأحب الصلاة معك [أي في المسجد] ، فقال عليه الصلاة والسلام ( قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي هذا ) .
    أنظر إلى الكلام لأجل الجماعة الذين يقولون المرأة تخرج متبذلة والمرأة تخرج تزاحم الرجال وغير ذلك ، هذه الصلاة ، المرأة تتقرب إلى الله عز وجل فيقال لها التمسي أظلم مكان في بيتك وأبعد مكان في بيتك فأدي لله فيه الفريضة وهذه عبادة تقف بين يدي ربها وليست خارجة للفسحة أو تشم الهواء وتخرج وتخالط الرجال ، فضلاً عن هذا التبرج الفاحش والسفور المزري .
    حتى وصل ترقي النبي عليه الصلاة والسلام أو تدرج النبي عليه الصلاة والسلام معها إلى أن قال:( وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي هذا )
    ما الفرق بين الحجرة والدار ؟
    الدار تشتمل على عدة غرف ، لو أن امرأة صلت في الصالة ، صالة البيت والشباك مقفول والباب مقفول وصلت ، صلاتها في حجرتها أفضل ، لأنه أكن وأستر لها وحجرتها هذه لو وجدت مكان بين الدولاب والحائط يسعها وانجمعت في هذا المكان وصلت والتمست مكانًا نائيًا في الغرفة أفضل من أن تصلي في وسط الحجرة .
    حتى أن أم حميد هذه يقول تتمة الحديث (التمست أظلم مكان في بيتها فبنت مسجدًا فيه وكانت تصلي فيه ).
    يجوز للمرأة أن تخرج إلى المسجد وتصلي ولكنها إذا صلت في حجرتها كان ذلك أفضل من صلاتها في المسجد .
    الإمام بن خزيمة رحمة الله جعل هذا الحديث خاصاً بالرجال ، الصلاة في المسجد النبوي هذا خاص بالرجال .
    ولا يفوتني أن أقول فيما يتعلق بالحرمين الشريفين :
    هذا الكلام يلزم أكثر أهل البلد بخلاف أهل الأفاق ، أهل الأفاق الذين هم أمثالنا ليس من أهل البلد ويذهب كل سنة عمرة أو كل كم سنة يذهب إلى الحج أو غير ذلك ،وتحرص المرأة على صلاتها في المسجد النبوي وتحرص المرأة على صلاتها في المسجد الحرام .
    أولـاً: لأنه جائز لها أن تخرج إلى المسجد الحرام ولا تصلي في الفندق .
    ثانيًا: تكثير ثواب الصلاة .
    فهذا الكلام عند بعض أهل العلم يقول أنه يتنزل على أهل البلد أهل مكة المرأة في مكة إذا صلت في دارها أخذت مائة ألف صلاة وزيادة ، وإذا صلت المرأة المدنية في بيتها ولم تصلى في المسجد النبوي أخذت ألف صلاة وزيادة كل هذا مع جواز أن تنزل وتصلي في المسجدين الشريفين .
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    والمرأة أيضًا لها بعض الفضائل :
    فمثلاً صلاة العشاء ، الوقت المستحب لصلاة العشاء نصف الليل كما قال صلي الله عليه وسلم:( لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء إلى نصف الليل ) وفي ذات مرة ترك النبي صلي الله عليه وسلم الصلاة والنساء والصبيان والرجال في المسجد ينتظرون أن يصلوا العشاء فتركهم حتى جاءه جاءٍ فقال يا رسول الله نام الصبيان ونام الرجال في المسجد فخرج النبي عليه الصلاة والسلام وقال: إنه للوقت أي نصف الليل ، أي هو الوقت المستحب لصلاة العشاء ،( إنه للوقت لولا أن أشق على أمتي ) .
    الرجال لا يستطيعون تأخير الصلاة كل على حده ويترك الرجل الجماعة في المنزل ويقول أنا سوف أصليها في نصف الليل لأن هذا وقتها المستحب فنقول له لا ،.
    متى يؤخر الرجال الصلاة إلى نصف الليل ؟
    إذا أخر المسجد كله ، أهل الحي جميعًا اتفقوا على أن يصلوا العشاء في منتصف الليل ، فإن فعلوا ذلك كان هذا هو الوقت المستحب وإن لم يفعلوا ذلك كما هو في زماننا وعصرنا فحينئذٍ الصلاة على وقتها .
    أما المرأة فلأن الجماعة ليست واجبة في حقها فتستطيع أن تتدين بهذا أنها تؤخر العشاء عامدة قاصدة أن تصليها نصف الليل بشرط لا تأتي نصف ولا تستطيع أن تقف على قدمها فتخطف الصلاة أو لأنها ليست متعودة أن تؤخرها إلى نصف الليل فتنساها ، فإذا كان الأمر كذلك فحينئذٍ لا تؤخر المرأة الصلاة إلى منتصف الليل بل تصليها على وقتها لما جاء من حديث بن مسعود وغيره أن النبي صلي الله عليه وسلم سئل عن أحب الأعمال إلى الله قال:( الصلاة على وقتها ) وفي لفظ ( الصلاة في أول وقتها ) .
    والكلام على ثواب الأعمال وسنتكلم عن الصيام وعن الجهاد ونتكلم عن الزكاة ، كل طائفة من هذه العبادات سنأخذ إن شاء الله تبارك وتعالى منها بعض النصوص .
    الإجابة عن الأسئلة
    س: من هي السيدة التي أسري بالرسول صلي الله عليه وسلم من بيتها ؟
    ج: السيدة هي أم هانئ.
    س: ما حكم النساء اللاتي يتصلن بالمشايخ على القنوات وتقول للشيخ أحبك في الله ؟
    ج: هذا الأمر أنا أنكرته عدة مرات ، وقلت أن هذا لا يجوز للمرأة أبدًا أن تقول هذا للرجل مطلقًا وهذا باب فتنة وينبغي لكل شيخ تتصل به امرأة فتقول له هذه العبارة أن يزجرها وأن يتكلم بكلام واضح فصل أن هذا لا يجوز وأنا قد سمعت بعض المشايخ نبهوا على هذا ونسال الله عز وجل أن يهدوا أخواتنا ، فهذه المسألة لم نعهدها عند السلف ولا عند الخلف .
    س: هل المرأة تخرج إلى المسجد لصلاة الجمعة أم تصلى الظهر في بيتها ؟
    ج: أنا قلت أنه يجوز للمرأة أن تخرج لصلاة الجمعة وتدرك هذا الثواب وأيضًا لتجدد إيمانها ن لأن المرأة محبوسة في البيت ، مشاكل الأولاد والخدمة المستمرة وعدم الزيارات المتبادلة مع الأخوات الفاضلات ، لأن جلسات النساء عمومًا يغلب عليها الثرثرة والنميمة ، قل ما تجلس مجموعة من النساء يتذاكرن أمور دينهن أو يذكرن الله تبارك وتعالي ، وحتى لو فعلن شيئًا من هذا ترى أيضًا خلطوا المسألة بالغيبة والنميمة وغير ذلك .
    فالمرأة تحتاج إلى شحن قلبها بالإيمان ولا يكون هذا إلا إذا ذهبت إلى المسجد واستمعت إلى كلام الله تبارك وتعالى وإلى وعظ أهل العلم وإلى تجديد دينها وتجديد قلبها في الخطبة ، فضلاً عن هذا الأجر العظيم الجزيل ، فنقول للأزواج أن يتركوا النساء يذهبن إلى المساجد لتحصيل هذه الفوائد التي ذكرناها .
    س: هل يجوز الاقتراض من الصندوق الاجتماعي الذي يقوم بتمويل المشروعات الصغيرة ؟
    ج: هذا لا يجوز مطلقًا لأن هذا من الربا المحرم ، ومسألة الفائدة قليلة أو كثيرة ؟ لو فلس ممسوح خرج كفائدة فإن المعاملة تحرم كلها ، ولذلك نقول بعض الناس يتصور وهو يضع أمواله في البنوك الربوية أنهم يغيروا له الفائدة فتصور أنه كان الإشكال هو من تثبيت الفائدة ، الإشكال من العملية البنكية نفسها ، المشكلة فيها ، لكن تبديل الفائدة أو تغيريها تطلع مرة تنزل مرة كل هذا لا يدخل في الموضوع ، فالعملية البنكية أصلاً ربوية ونحن نقول لهذا الأخ يتجنب هذه المسألة ويفتتح حياته بالربا وما مات مرابي بخير قط ، أنا لا أعفها حتى اليوم ، ما رأيت رجلاً تعامل بالربا إلا ومات مفلسًا ، وأن الديون التي عليه استهلكت كل التركة ، وأن الجماعة الورثة من خلفه هم الذين يتورطون في هذه المسألة ، فاتقوا الله تبارك وتعالى وذروا ما بقي من الربا .
    س: ما حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور ؟
    ج: الصحيح أن الصلاة في المساجد التي بها قبور محرمة ولكن ليست باطلة فلو أن رجلاً صلى في مسجد فيه قبر فإن هذا لا يبطل صلاته لا نقول له أعد الصلاة مرة أخري ، لكن يحرم عليه أن يصلى في هذه المساجد لقول النبي صلي الله عليه وسلم:( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد ألا إني أنهاكم عن ذلك ، ألا إني أنهاكم عن ذلك ، ألا إني أنهاكم عن ذلك ) قالت عائشة_ رضي الله عنها_ (فلولا ذاك أبرز قبره لكنه خشي أن يتخذ مسجدًا )
    والإمام الشافعي رحمه الله يقول: لا يجتمع مسجد وقبر في دين الإسلام وأنت لو دخلت المساجد التي فيها قبور تجد ما يندى له الجبين حياءً ، لعدم تجريد التوحيد لله تبارك وتعالى وهذا الكلام يعرفه كل من كان يذهب ثم تاب إلى الله تبارك وتعالي والله عز وجل يقول:{ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] .
    س: ما رأيكم في كتيب مفاتيح الفرج وصحة ما في هذا الكتاب ؟
    ج: كناب فمفاتيح الفرج ملأن بالأحاديث الضعيفة والموضوعة وملأن بالسير التي لا تجوز ولذلك ننصح من عنده هذا الكتاب أن يتجنب القراءة فيه .

    انتهي الدرس السابع ص282 في التفريغ
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    الدرس الثامن من فك الوثاق كتاب الرقاق
    (تابع باب (ما جاء في الصحة والفراغ و ألا عيش إلا عيش الآخرة) 2

    فلا زلنا مع فك الوثاق لشرح كتاب الرقاق من صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري – رحمه الله تعالى – قال الإمام رحمه الله تعالى حدثنا المكي بن إبراهيم ، قال أخبرنا عبد الله بن سعيد يعني ابن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – أنه قال ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة ، والفراغ )
    قال البخاري – رحمه الله – وقال عباس العنبري ، حدثنا صفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن أبيه ، قال سمعت ابن عباس – رضي الله عنهما – مثله ، أي بنفس المتن السابق الذي رواه المكي بن إبراهيم ، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند .
    وكنت ذكرت في مرة سابقة ، أن الإسناد الثاني الذي رواه البخاري لهذا الحديث ، معلق ، وهو الإسناد الذي قال فيه البخاري : وقال عباس العنبري وهو عباس بن عبد العظيم العنبري وهو من أواسط شيوخ البخاري قلت : إن هذا الحديث معلق ، وذكرت تعريف المعلق قبل ذلك ، وهو ما المُعلق :سقط من مبدأ إسناده راوي أو اثنان أو ثلاثة أو الإسناد كله بشرط التوالي حتى يصل الإسناد إلى قائل المتن , قائل المتن هذا سواء كان هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كان الصحابي أو كان التابعي ، المهم أن يكون آخر واسطة الإسناد التي قالت الكلام من الأعلى ، وذكرنا قبل ذلك أن مبدأ الإسناد دائما يكون من أسفل ، من عند البخاري ، وأعلى الإسناد يكون من عند الصحابي وهكذا حتى لا يحصل نوع من الارتباك إذا ذكرنا بعض الأنواع الأخرى التي تشبه الحديث المعلق .
    سألني كثيرون ، ولا شك أن هذا السؤال يتردد في أذهان كثيرين ممن لم يسألوه أو ممن لم يستطيع الوصول إلي ، الحديث المعلق الذي سقط من مبدأ إسناده راوي أو أكثر ضعيف , لأن المعلق ضد الاتصال .
    الحديث الصحيح له شروط خمسة ، كنت أريد أن أكتبها ولكن ما خطر ببالي أن أكتبها ، فأنا سأذكرها ويا ليت الأخوة أو الأخوات الذين يتابعونني يكتبون شروط الحديث الصحيح ، لا يحكم على حديث بالصحة إلا إذا استوفى شروطا خمسة : قبل أن تقول الكلمة البسيطة ( إسناده صحيح ) يجب أن يبذل الباحث مجهودا كبيرا مضنيا حتى يحكم على الحديث بالصحة يجب أن يتوفر في الإسناد خمسة شروط .
    شروط الحديث الصحيح:
    الشرط الأول : اتصال السند . الشرط الثاني : عدالة الرواة .
    الشرط الثالث: ضبط الرواة . الشرط الرابع : عدم الشذوذ
    الشرط الخامس : عدم العلة .
    أعلم أن هذا الكلام مبهم بالنسبة لكثيرين لكن مع الوقت إن شاء الله سنوضح هذه المسألة ، العلماء جمعوا هذه الشروط الخمسة في جملة ، عندما يسأل أي إنسان اذكر لي شروط الحديث الصحيح ؟ يقول الآتي والذي ذكره العلماء هو : ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ لا عله .
    تعريف الحديث الصحيح :[ ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة] أي إلى منتهى الإسناد ومنتهى الإسناد لا يشترط أن يكون مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل إلى منتهاه سواء كان منتهاه هو الرسول عليه الصلاة والسلام أو كان الصحابي – رضي الله عنه – أو كان التابعي ، إلى منتهى الإسناد وفقط ، سواء كان مرفوعا أو مقطوعا أو موقوفا .
    تعريف السيوطي للحديث الصحيح:
    السيوطي – رحمه الله – عرف الحديث الصحيح في الألفية ، وهي عبارة عن شعر ، ذكر فيه علم الحديث كله ، يقول :

    حد الصحيحِ مسندٌ بوصلهِ
    بنقل عدلٍ ضابطٍ عن مثلهِ
    ولم يكن شاذاًً ولا معللا




    حد الصحيحِ مسندٌ بوصلهِ ( وهذا اتصال الإسناد ) بنقل عدلٍ ( عدالة الرواة ) ضابطٍ ( ضبط الرواة ) عن مثله .
    ولم يكن شذاً ولا معللا ( أي لا يكون شاذا ولا معللا ) .
    الذي يعنينا في هذه الحلقة هو أول شرط، نحن قلنا الشروط خمسة سنترك أربعة.
    ونأخذ أول شرط ، وهو اتصال السند .
    طيب الحديث المعلق : نحن قلنا يسقط منه راوي في الأول ، سيكون الإسناد متصل أم منقطع ؟ إذا الإسناد صار منقطعا ، كيف يكون صحيح البخاري الذي يقول العلماء فيه أنه أصح كتاب بعد كتاب الله ، وأن كل أحاديث صحيح البخاري صحيحة ، كيف يكون فيه حديث معلق والحديث المعلق يكون ضعيفا ؟ إذا على ذلك أن الناس الذين يدعون أن صحيح البخاري يوجد به أحاديث ضعيفة عندهم حق هذا على مقتضى التعريف الذي ذكرناه
    فالإمام البخاري لماذا يعلق الحديث ؟ وما هي أنواع التعليق في الصحيح ؟ وهل التعاليق الموجودة في البخاري ضعيفة ؟ هذه ثلاث أسئلة سنجيب عنها وستكون هي حصة المصطلح اليوم .
    مثل ما قلت لكم في كل مرة سأذكر شيئا من القاعدة ، لأني إذا أحببت أن أتكلم عن الحديث المعلق وأستوفي الحديث المعلق ممكن آخذ حلقة وحلقتين وثلاثة ، وسنقلبها من أولها إلى آخرها مصطلح وهذه مسألة ثقيلة بالنسبة لكثير من الناس ، وإن كان والحمد لله من المكالمات والرسائل التي تأتي تبشر بالخير الكبير وأن الجماهير مقبلة على علم الحديث ، عندي امرأة من أرحامي وهي بصمجية يعني لا تعرف أي شيء في أي شيء مبسوطة جدا بعلم الحديث وتقول لي أنا فهمت ما ذا يعني الحديث المعلق ، فأنا أعتبر هذه المرأة من أرحامي أعتبرها مقياسا لكل الناس ، لأن آخر شيء كان يخطر على بالي أن هذه المرأة وأمثالها الذين لا يعرفون شيئا في علم الحديث يمكن أن تفهم علم الحديث ، والحمد لله رب العالمين على ما وفق وسدد .
    نحن عندنا ثلاثة أسئلة : سنتكلم في هذه المرة عن المعلق عند البخاري فقط قبل ذلك تكلمنا عن المعلق عموما وبصفة عامة ،.
    سنتكلم هذه المرة عن المعلق عند البخاري ، وهذا مفتاح من مفاتيح فهم كتاب صحيح البخاري – رحمة الله عليه –.
    الإمام البخاري أولا لماذا يعلق ؟ لماذا يحذف بعض الإسناد وأنواع الحذف عند البخاري ما شكلها ؟
    لماذا يعلق البخاري ؟
    الإمام البخاري – رحمه الله – عندما يعلق إنما يعلق عن شيوخه ، وإما عن شيوخ شيوخه ، وإما عن شيوخ ، شيوخ . شيوخه ، وإما عن التابعي وإما عن الصحابي ، وأحيانا يحذف الصحابي .
    المراد بتغليق التعليق عند الحافظ بن حجر العسقلاني.
    الحافظ بن حجر العسقلاني إمام الحديث في زمانه ، وحافظ القرن في هذا الوقت ، له كتاب اسمه[ تغليق التعليق ] ونحن سننظر إلى السبورة لنعرف ماهو تغليق التعلق ، الآن عندنا هذا سند ، هذا البخاري ، [ثم هنا الواسطة ]محذوفة عند البخاري ، ويروي البخاري الحديث معلقا عن الليث بن سعد
    عن جعفر بن ربيعة ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، روى بهذا الإسناد المعلق عدة أحاديث سنذكر بعضها الآن ، نحن مثلنا لكل طبقة من طبقات الإسناد بمسافة معينة ،مغلقة ولذلك أنا مخطط عليها ومسودها حتى تظهر ما معنى مغلقة ؟ أي ممتلئة ، يوجد بها راوي ، هذه الطبقة يوجد بها أبو هريرة ، وهذه فيها الأعرج ، وهذه فيها جعفر بن ربيعة وهذه فيها الليث بن سعد ووضعت أمامها نفس العمود ولكن أبيض من الداخل ، لماذا أبيض من الداخل ؟ لأننا لو حذفنا ، هذا البخاري ، شيخ البخاري غير موجود فيكون محذوف ، سيتبقى الليث بن سعد ، هذا هو ، وجعفر بن ربيعة والليث بن سعد وأبو هريرة ، من سنحذف اسمه ، نسميه تبيض لمكانه ، حذفنا الليث بن سعد وبيضنا مكانه ، وحذفنا جعفر بن ربيعة وبيضنا مكانه ، حذفنا الأعرج من الإسناد ، نحن قلنا الحديث المعلق أننا نحذف من أول الإسناد ، نحذف الواسطة شيخ البخاري ، وشيخ شيخة ونظل نحذف ونحذف ، كل ما نحذف راوي سنبيض مكانه ، وهذا الأعرج إذا هذا معلق أم لا ؟ معلق ، ويمكننا أن نحذف أيضا الصحابي ، ويصبح بذلك بدون إسناد ، إذا البخاري ماذا سيقول ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    الحافظ بن حجر جعل هذه المعلقات ، التي هي البياضات ، فغلقها ،
    ما معنى غلقها ؟
    يعني جاء بالرواة ووضعهم مرة أخرى ، غلقها أي ملئها ، إذا هذا اسمه بياض ، فغلق الحافظ المسافات البيضاء ، فغلقه ، فأصبح الإسناد مذكورا بعد أن كان غير مذكور ، هذا كله اسمه معلق ، مباشرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا أين الإسناد ؟ الحديث لم يطر في الهواء لكي يصل إلي يجب أن يكون يوجد وسائط ، الوسائط هي هذه قال لك غلقنا هذه البياضات كلها مرة أخرى ، ومعنى التغليق أننا أرجعنا الإسناد الذي تراه وقد ظللنا عليه بالسواد .
    الحافظ بن حجر العسقلاني له كتاب اسمه تغليق التعليق ، كل معلقات البخاري التي حذف البخاري جزءا من الإسناد ، سواء كان عن شيخه أو عن شيخ شيخه فصاعدا ، الحافظ بن حجر جاء بالأسانيد التي حذفها البخاري ، مما يدل على أن الأسانيد موجودة ،.
    إذا لماذا يعلق البخاري ؟
    ما اسم كتاب البخاري ، اسمه الجامع الصحيح المختصر ، فالبخاري أراد ألا يعظم حجم الكتاب ، لأن كل معلقات البخاري لو وصلها البخاري لجاء منها مجلد على الأقل ، لأن البخاري المواضع التي علق فيها 1341موضعا في الصحيح ، بخلاف مسلم ، المعلقات في صحيح مسلم 14 موضعا فقط قد تزيد موضعا أو موضعين ، يعني أقصى رقم لمعلقات مسلم 16 موضعا فقط ، البخاري 1341 موضعا علق البخاري فيه المتون ، أو علق الأسانيد فحتى يقول البخاري حدثنا فلان عن فلان عن فلان سيطول الكتاب ، فأراد البخاري ألا يعظم حجم الكتاب ، فجعل المعلقات ، وجعل هذه المواضع واختصر بعض إسنادها ، ويوجد أسباب أخرى جعلت البخاري يعلق ولكني لا أريد أن أضعها مرة واحدة حتى لا تنسى أو تمل مني ، ولأنك ستجد في هذا الكتاب معلقات كثيرة للإمام البخاري ، فكل ما يأتي المعلق نذكر بالحديث المعلق ونضيف معلومة جديدة ، فأنت بذلك لن تمل ، وفي نفس الوقت تستطيع أن تستوعب كل ما يقال عن الأحاديث المعلقة .
    البخاري إما يعلق عن شيخه:
    مثل الحديث الذي نشرحه الآن ، حديث : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة والفراغ " روى الحديث أولا بإسناد موصول ، وهو : قال حدثنا المكي بن إبراهيم ، قال أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ،... " الحديث.
    بعد هذا الإسناد الموصول . قال : وقال عباس العنبري ، وقلنا أن عباس العنبري من أواسط شيوخ البخاري ، ( قد يأتينا سائل ويقول لماذا لم يقل البخاري [حدثنا ]عباس عوضاً عن[قال ]، مع أن عباس العنبري من شيوخه ماذا سيحدث إذا قال ذلك ، لأنها كلمة مكان كلمة ، وهذا ينقض كلامك بقولك أن البخاري يعلق حتى لا يعظم حجم الكتاب فنريد أن نفهم السبب في تعليق البخاري لشيوخه ؟ )
    في الحقيقة أنا أتيت بثلاث أسانيد على سبيل المثال :
    الإسناد الأول : وهو إسناد الحديث الذي نشرحه ، وقال عباس العنبري حدثنا صفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد عن أبيه قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما .
    الحديث الثاني : الإمام البخاري – رحمة الله عليه – رواه في ثلاثة مواضع 1-رواه في كتاب الزكاة ،2- ورواه في كتاب صفة إبليس ، 3-ورواه في كتاب فضائل القرآن .
    وهو : وقال عثمان بن الهيثم أبو عمرو ثنا عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة وساق حديث الجني .
    عن أبي هريرة( قال وكلني رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ بحفظ زكاة رمضان فأتاني آتٍ فجعل يحثو الطعام فأخذته وقلت لأرفعنك إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال إني محتاج وعندي عيال وبي حاجة شديدة قال فخليت عنه فأصبحت فقال النبي _صلى الله عليه وسلم_ يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته فخليت سبيله فقال أما إنه قد كذبك وسيعود فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال دعني فإني محتاجٌ وعندي عيال لا أعود فرحمته فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يا أبا هريرة ما فعل أسيرك قلت يا رسول الله شكا حاجة ً وعيالاً فرحمته فخليت سبيله فقال أما إنه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ هذا آخر ثلاث مرات إنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود فقال دعني فإني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت بلا قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ( الله لا إله إلا هو ) فإنك إن قرأتها لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ما فعل أسيرك البارحة قلت يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال ما هي قلت قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) البقرة وقال لي لا يزال عليك من الله حافظ ولن يقربك شيطان حتى تصبح وكان أحرص شيءٍ على الخير فقال النبي _صلى الله عليه وسلم_ أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث يا أبا هريرة قال لا قال ذاك الشيطان ) هذا الحديث رواه الإمام البخاري في ثلاث مواضع كما تقدم ، وفي الثلاث مواضع يقول: وقال عثمان بن الهيثم أبو عمرو حدثنا عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة ، كما قلت لكم .
    الموضع الثالث الذي اخترته لكم : قال فيه البخاري ، وقال هشام بن عمار [ثنا ]( وهي اختصار حدثنا عند المحدثين ) صدقة بن خالد عن عبد الرحمن بن يزيد يعني ابن جابر ثنا عطية بن قيس عن عبد الرحمن بن غن عن أبي مالك أو أبي عامر الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وساق الحديث المشهور في تحريم الموسيقى وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر [ يعني الزنا ] والحرير والخمر والمعازف "
    الشيوخ الثلاثة الذين علق عنهم البخاري ، هؤلاء من مشايخ البخاري عباس العنبري ، وعثمان بن هيثم ، وهشام بن عمار ، من مشايخ البخاري طيب الإمام البخاري بدل أنه كتب قال ، قال ، قال ، كان يقول حدثنا حدثنا حدثنا ، ويصبح الإسناد موصول وننتهي من هذه القصة .
    فلماذا يعلق البخاري عن شيوخه ؟
    يعلق البخاري عن شيوخه لثلاثة أسباب : انتبه لهذا الكلام الغالي لأن بعض الناس الجهلة الذين لا يعرفون أن يقرءوا إسنادا في صحيح البخاري ويعترضون على الصحيح ويقولون أن به أحاديث موضوعة ومكذوبة وهو لا يعرف أن يقرأ إسناد ولا متن فضلا عن أنه يفهم ، في كل مرة سنعطيكم مفتاح من مفاتيح البخاري
    البخاري إذا علق الإسناد عن شيوخه يعلق لثلاثة أسباب :
    السبب الأول : إما أنه لم يسمعه من شيخه .
    السبب الثاني : وإما أنه سمعه من شيخه وشك فيه.
    السبب الثالث : وإما أنه سمعه من شيخه في المذاكرة فما أحب أن يسوقه مساق الأصل ( كأنه جالس في مجلس تحديث وشيخه يقول حدثنا فلان عن فلان وهو يتلقى عن شيخه ، لا ، هو جالس مع شيخه وهم يتذاكروا ويتناظروا فيمكن أن يقول شيخه هذا الحديث فيأخذه من شيخه في المذاكرة لم يأخذه في حلقة التحديث )
    اعتراض يورده الفاهمون لعلم الحديث.
    وقد يعترض البعض ويقول : إذا كان البخاري لم يسمع ذلك من شيخه ورواه عنه فهو مدلس ، فهل أنت تتهم البخاري بالتدليس ؟
    أقول لا ، وحاشا البخاري ، صحيح أن التدليس لا يقدح في الراوي وإنما يقدح في الرواية ، ويمكن بذلك أن يقولوا عن أناس كبار بأنه مدلس مثل الحسن البصري ، ومن العلماء من يقول أن الحسن البصري مدلس !! الإمام الورع الزاهد العابد مدلس !!
    ولذلك نقول التدليس يقدح في الرواية ولا يقدح في الراوي .
    انتبه لهذا الكلام ، ولذلك نقول البخاري ليس مدلس ، وسنتكلم عنها إن شاء الله فيما بعد ولكني لا أريد الإكثار من حصة المصطلح .
    إذا البخاري – رحمة الله علية – لم تكن عنده القصة في كلمة حدثنا أو أنه يحذف قال ويكتب حدثنا ، إذا فهذا النوع من معلقات البخاري لا يدخل في الكلام السابق وهو أن البخاري أراد ألا يعظم حجم الكتاب ، لا .

    إنما الذي يدخل في هذا الكلام السند الذي في أسفل ، وقد روى البخاري السند المعلق هذا في أكثر من موضع في الصحيح .
    وقد اخترت لكم موضعين انظر البخاري ذكر هذا الحديث في كم موضع في كتاب الزكاة وكتاب البيوع وكتاب الكفالة والاستقراض واللقطة والشروط والاستئذان ، روى البخاري هذا الحديث في سبعة مواضع من صحيحة ، لأن كل موضع في كتابه يورد البخاري فيه هذا الحديث ، فائدة فقهية تختلف عن الفائدة الأخرى
    وهذا الحديث يقول فيه البخاري .
    وقال الليث ،[ وهو ابن سعد المصري إمام المصريين كما كان الإمام مالك إمام المدينة] قال حدثني جعفر بن ربيعة عن الأعرج ، [والأعرج هذا لقب واسمه عبد الرحمن بن هرمز ] عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وساق بهذا الإسناد حديث الخشبة وأعتقد أن الكثيرين يعرفونه ولكن لا بأس أن أذكر به سريعا : وهو عن النبي صلى الله عليه وسلم :
    (أنه ذكر رجلاً من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال ائتني بالشهداء أشهدهم فقال كفى بالله شهيداً قال فائتني بالكفيل قال كفى بالله كفيلاً قال صدقت فدفعها إليه إلى أجل مسمى فخرج في البحر فقضى حاجته ثم التمس مركباً يركبه يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركباً فاتخذ خشبة ً فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة ً منه إلى صاحبه ثم زجج موضعها ثم أتى بها إلى البحر فقال اللهم إنك تعلم أني تسلفت فلاناً ألف دينار فسألني كفيلاً فقلت كفى بالله كفيلاً فرضي بك وسألني شهيداً فقلت كفى بالله شهيداً فرضي بك وإني جهدت أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلم أقدر وإني استودعتكها فرمى بها في البحر حتى ولجت ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركباً يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي أسلفه ينظر لعل مركباً قد جاء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذه لأهله حطباً فلما نشرها وجد المال والصحيفة ثم قدم الذي كان أسلفه وأتى بالألف الدينار فقال والله ما زلت جاداً في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركباً قبل الذي أتيت فيه فقال هل كنت بعثت إلى بشيءٍ قال أخبرك أني لم أجد مركباً قبل الذي جئت فيه قال فإن الله قد أدى عنك الذي بعثته في الخشبة فانصرف بالألف الدينار راشداً)
    في صحيح ابن حبان يقول أبو هريرة رضي الله عنه : لقد رأيتنا نتماري و تتعالى أصواتنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما آمن من صاحبة أيهما أشد إيمانا من صاحبة يعني الذي وضع المال في البحر وجعل الله كفيلا ووكيلا أم الذي لم يجحد المال وقال أنه لم يصله شيء .
    بهذا الإسناد روى البخاري رحمه الله تعالى هذا الحديث .
    الإسناد الثاني أو الحديث الثاني :الذي رواه البخاري بهذا الإسناد وهو الذي رواه في كتاب العمل في الصلاة ، ورواه عن الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة وذكر قصة جريج ، ولن أذكرها لأننا نعرفها جميعا
    ولكن هل البخاري أدرك الليث بن سعد ؟
    نقول لا لم يدرك الليث بن سعد وإنما يروي عن الليث بواسطة ، البخاري له شيوخ أوصلوه إلى الليث مثل عبد الله بن صالح كاتب الليث ، وأيضا آدم بن أبي إياس عن أحمد بن عبد الله بن يونس ، وأيضا قتيبة بن سعيد وأيضا عامر بن خالد الحراني وأناس آخرون ، كل هؤلاء من مشايخ البخاري ومن تلامذة الليث ، وحتى يصل البخاري لليث مرة يقول حدثنا عبد الله بن يوسف التنييسي وهو يروي عنه كثيرا أكثر من أوصل البخاري إلى الليث ، وعندنا قتيبة بن سعيد وأبو رجاء البغلني وعامر بن خالد ،
    البخاري يقول عن أي واحد منهم مثلا يقول حدثنا عامر بن خالد حدثنا الليث وهكذا ، إذا البخاري يصل إلى الليث براوي واحد وهو شيخه . فالبخاري لم يدرك الليث فمثل هذا ، أو ممكن البخاري أن يفعل شيئا آخر . وهو أنه يحذف شيخه ويذكر الذي قبله أو يحذفه أيضا حتى يصل إلى الصحابي ، لأنه لو قال كل لإسناد كما هو لأخذ مجلد كامل على الأقل .
    إذا فالحامل عند البخاري للتعليق ليس عن شيوخه لأننا ذكرنا البحث عن شيوخه ، في غير شيوخ البخاري ، في شيوخ شيوخه فصاعدا ، فالبخاري لماذا يعلق ؟ حتى لا يعظم حجم الكتاب .
    نعود إلى السؤال : اتفقنا أن الحديث المعلق ضعيف لماذا؟
    لأن فيه قادح لأول شرط من شروط الصحة وهو اتصال السند ، الحديث المعلق غير متصل السند ، فالمفترض أن نقول عنه ضعيف ، أقول لك : لا لأن الإسناد معروف ، ونحن نعلم أن البخاري حذف الإسناد عمداً ، وحتى تعرف هذا الإسناد ضعيف أو غير ضعيف ، لا تقول لي محذوف منه الواسطة لأننا نعلم الواسطة .

    فمثلا حديث الخشبة في كتاب البيوع الذي قال فيه البخاري : حدثني عبد الله بن صالح قال حدثني الليث ، فهذا موصول عن البخاري
    وفي حديث جريج أيضا أبو بكر الإسماعيلي في كتاب المستخرج وصل هذا الحديث عن عاصم بن علي ، قال حدثنا الليث ، فكل معلقات البخاري موصولة خارج البخاري .
    ولذلك كتاب تغليق التعليق للإمام الحافظ بن حجر قصد به أن يرد على هذه الفرية : هل يتصور أحد أنه بما أن الإسناد غير موجود بأن الحديث ضعيف ؟ لا ، وصل كل هذه المعلقات بالأسانيد ، كتاب تغليق التعليق منشور في خمسة مجلدات للحافظ بن حجر رحمة الله عليه ،سنفترض أن الواسطة غير موجودة .
    فهل كتاب البخاري يوجد فيه أحاديث ضعيفة ،؟
    نقول نرجع لعنوان الكتاب ، ما هو العنوان : الجامع الصحيح المسند ، إذا أردت أن تحاكم البخاري ، تحاكمه في الأحاديث المسندة فقط . واحذر من أن تحاكمه في الأحاديث المعلقة لأن الأحاديث المعلقة ليست من شرط الكتاب ، لأنه اشترط وقال ( المسند ) .
    إذا ما يسأل البخاري عنه ونناقشه فيه ما أورده بإسناده المتصل ، أما ما لم يورده بإسناده المتصل فليس من موضوع الكتاب ،.
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    ولذلك قلت قبل ذلك عندما يكون البخاري روى الحديث ، انظر إلى الحديث الذي نشرحه وقال عباس العنبري إذا أحببت أن تخرج هذه الرواية من صحيح البخاري احذر من أن تقول رواه البخاري وتسكت بل لا بد أن تقول رواه البخاري معلقا ، إذا الأحاديث المعلقة يجب أن تصفها وأنت تخرج ، لأنه عند العلماء إذا قلت رواه البخاري وسكت فمعناه رواه البخاري مسندا في حين أنه رواه معلقا فيقول لك العلماء أنت أخطأت في التخريج لأن معلقات البخاري ليست هي صحيح البخاري
    صحيح البخاري: هي الأحاديث المسندة ، التي قال فيها حدثني فلان عن فلان عن فلان ، موصولة من أول البخاري إلى منتهى الإسناد ، إنما المعلقات ليست من شرط البخاري .

    فلو فرضنا أن أحد الأحاديث المعلقة بها أسانيد ضعيفة فعلا ، فلا يأتي إنسان ويقول يوجد في صحيح البخاري أحاديث ضعيفة ، لماذا ؟ لأن المعلقات ليست من شرط البخاري .
    ذكرت في المرة الماضية أنني حاولت أن أذكر بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي فيها اغتنام العمر وتكثير الحسنات بقدر المستطاع وحاولت أن أرتب الأحاديث على بعض أبواب الفقه حتى تكون أيسر في الحفظ وفي التذكر وكنت ذكرت في المرة الماضية شيئا عن الصلاة وعن أهمية الصلاة وكيف تكثر الحسنات بالعمل القليل وسنذكر اليوم إن شاء الله
    بعض النصوص الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي فيها اغتنام العمر:
    مثل ما قلت في المرة الماضية وحتى يسمعه من لم يسمعه ويتذكره الناسي حتى يكون كلامنا موصول أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم سؤالا بارزا ، يقول الصحابي يارسول الله ما أحب العمل إلى الله ، لماذا لأنه إذا حدث تزاحم في الأعمال الفاضلة يختار العمل الذي يفيد أكثر ثم إن الإنسان قد يقدر على عمل من البر ولا يقدر على آخر
    مثلا الصيام : صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من صام يوما في سبيل الله إلا باعد الله بينه وبين النار سبعين خندقا )فهذا أجر عظيم جدا فهذا يغري كثيرين بالصيام ، ولكن هناك من لا يستطيع الصيام ، إذا صام يظل نائما طوال النهار لا يستطيع أن يصلي ولا أن يقرأ قرآن ، ولا يستطيع فعل حسنات كل هذه أعمال كثيرة فاضلة في مقابل عمل فاضل ، في هذه الحالة أقول لك أترك الصيام واعمل الأكثر الصحابة كان يفعلون ذلك
    وقد طبق هذا أحد الصحابة الكبار من الطبقة الأولى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا وهو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وقد روى هذا الإسناد الطبراني في معجمه الكبير بإسناد صحيح( أن عبد الله بن مسعود ما كان يصوم إلا لماماَ لماماً )[كل فترة وفترة عندما يصوم ،] قال : (إني أضعف عن الصيام ، والصلاة وقراءة القرآن أحب إلي) ، فانظر هذا رجل رباه النبي صلى الله عليه وسلم ، الأعمار قصيرة وقليلة ، ويريد أن يستكثر من الحسنات ، فينظر يضع الصيام في مقابل الصلاة وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومساعدة الملهوف مثلا ، أو الجري على قوت الأولاد ، أو العمل الذي يعمله الإنسان حتى يطعم الأفواه الجائعة عندما أضع هذه الأعمال الثلاثة أو الأربعة مقابل الصيام ، لا ، أهل الفقه وأهل النظر لا يضيعون كل هذا من أجل الصيام ، الصيام خير صحيح ولكن كل عمل من هذه الأعمال قد تضاهي الصيام وقد تغلب على الصيام
    مثل الصلاة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر الذي رواه مسلم في صحيحه قال عليه الصلاة والسلام ( يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة [ السلامى هي المفاصل ]وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال أنها ثلاثمائة وستون مفصلا) في جسد ابن آدم ينبغي أن تبذل صدقة كل يوم عن كل مفصل ، تخيل إذا توقف مفصل من هؤلاء كيف ستكون حياتك ، الأصابع مثلا كلها مفاصل تخيل أنها أصبحت شيئا واحدا أو كل المفاصل وقفت كيف ستكون حياتك ستقف أو سيقف العضو ذلك عن العمل فحتى تشكر الله سبحانه وتعالى بأنك إذا قمت من نومك تستطيع تحريك يديك ورجليك الحمد لله فلا بد من أن تدفع صدقة ، هناك إنسان ينام ويقوم مشلول لا يتحرك ، وكونك تقوم وتتحرك هذه عبارة عن ملايين الجنيهات مختزنة في هذه الصحة ، لو أي عضو من هذه الأعضاء أصابه عطب وأنت من أصحاب الملايين ستدفع هذه الملايين لترجع هذا العصب أو ترجع هذا المفصل مرة أخرى مطلوب أن تبذل صدقة ، انظر ماذا قال النبي _صلى الله عليه وسلم ،_شيء بسيط جدا ولكنه يحتاج إلى شخص منتبه وليس غافل ناسي الذكر ومشغول بالدنيا قال ( كل تسبيحة صدقة ، وكل تحميده صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزيك عن كل ذلك ركعتان أو ركعتا الضحى " لو صلى ركعتي الضحى يجزئه عن كل ذلك.
    بداية وقت صلاة الضحى ونهايتها.
    بدايتها : تبدأ بعد شروق الشمس بنحو ثلث الساعة عندما تكون الشمس قدر رمح في السماء وترسل أشعتها وتظهر ..
    عددها: من ركعتين إلى ثمان ركعات .
    نهاية وقتها: إلى قبل الظهر بنحو ساعة إلا ربع أو نصف ساعة قبل الزوال لأن الصلاة في هذا الوقت ممنوعة حتى يؤذن الظهر .
    المراد بصلاة الأوابين..
    1-قال بعض العلماء: بأنها صلاة الضحى2- وقال آخرون: بأنها لا ليست صلاة الضحى إنما هي صلاة مخصوصة اسمها صلاة الأوابين
    صلاة الأوابين حديثها أيضا رواه الإمام مسلم من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال _صلى الله عليه وسلم:( صلاة الأوابين حين تَرمَض الفصال ) [والفصيل] هو ابن الناقة التي فصل عنها لم يعد يرضع لبن ، مثل ابن آدم قال الله عنه ( وحمله وفصاله ) يعني عن ثدي أمه ( ثلاثون شهرا ) إذا
    القعود الصغير( الجمل الصغير) الذي كان يرضع من أمه ثم فصل هذا اسمه فصيل جمعه فصال .
    بداية صلاة الأوابين:
    (حين ترمَض الفصال )[ ترمض مأخوذة من الرمضاء وهي شدة الحر ] الصحراء وهي المليئة بالرمل الشمس عندما ترسل أشعتها القوية إلى الأرض تصبح الأرض كأنها كتلة من اللهب ، لا يستطيع أحد وضع يده على الرمل في هذا الوقت ، البعير الصغير الذي فصل عن أمه حديثا لايستطيع تحمل الحرارة .
    وقتها: تقريبا في حدود الساعة التاسعة إلى العاشرة .
    سبب تسميتها بهذا الاسم: قيل لأنه في هذا الوقت أغلب الناس منشغلين بالمعاش . فقل َ من يُثبت لله عبادة في هذا الوقت .
    إذا فيمكن أن أصلي صلاة الضحى في مثل هذا الوقت ، إذا كانت صلاة الضُحي هي صلاة الأوابين علي قول بعض العلماء تكون في وقت فاضل وإذا لم تكن الضحى فأكون بذلك أدركت وقتاً فاضلاً على قول أيضا بعض أهل العلم .
    فانظر كل مفصل من المفاصل مطلوب صدقة ، تقول سبحان الله ثلاثمائة وستون تسبيحه ، و ثلاثمائة وستون تهليله ، فقد أديت ما عليك ، إذا لم تفعل ذلك ، فركعتان من الضحى تجزئان عن كل ذلك ، فهذا اختصار للعمر فالإنسان اليقظ المنتبه هو الذي يستفيد من هذه المسألة .
    كذلك مثلا قراءة القرآن: النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله "
    في المرة الماضية ذكرت لكم عنوان وتركته حتى يأتي وقته
    س: لو أن رجلا قرأ القرآن ما بين الدفتين هل يستوي مع من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات ،؟
    لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله )
    هناك حديث آخر يمكن أن يعمل لك إشكال في ذهنك، وهو قوله عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن مسعود وغيره (اقرءوا القرآن فإنكم تؤجرون بتلاوته ، لا أقول لكم ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ) فأنت إذا قلت بسم الله الرحمن الرحيم فهذه مائة وتسعون حسنه إذا قرأت القرآن من أوله إلى آخره فستخرج بألوف من الحسنات لو قرأت قل هو الله أحد بقدر الحروف ستأخذ بكل حرف حسنة ، فهل استوي الطرفان؟ ، لا لم يستويا، من قرأ القرآن من أوله إلى آخره أفضل ممن قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات .
    تفسير اللغز:
    نريد تفسير لهذا اللغز كيف يكون من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله ، مع أنه لا يستوي مع من قرأ القرآن كله فعلا ؟
    مثالين للتوضيح:
    يقول النبي صلى الله عليه وسلم عند الترمذي من حديث أنس بن مالك وحسنه(من صلى الغداة في جماعة [ يعني صلاة الفجر ]ثم جلس يذكر الله تبارك وتعالى حتى تشرق الشمس فصلى ركعتين ، كان له أجر حجة وعمرة تامتين تامتين تامتين )
    هل من صلي ركعتين وجلس في مصلاه ولم يأخذ هذا الوقت منه ساعة وأخذ أجر حجة ، هل يستوي مع رجل أنفق الألوف من الأموال ، وذهب إلى المشاعر هناك وغاب خمسة أيام يحج ، في الزحام والشمس والطواف والرجم وغيرة ، ، هل يستوي الاثنين. الحديث يقول نعم له أجر حجة وعمرة ، مع أنك ترى بهذا العرض أنه لم يستووا مع بعض .
    مثال ثالث وأخير:
    قال صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان وأتبعه بستٍ من شوال فكأنما صام الدهر كله )أي صام ستة وثلاثين يوما ، هل يستوي هذا مع رجل صام الدهر كله ماعدا يومي العيد ؟ لا يستوون .
    حكم صيام الدهر:
    صيام الدهر على رأي كثير من أهل العلم جائز أنه يصوم السنة كلها ، وبما أنه أفطر يومي العيد فإنه لم يصم الدهر كله لأنه أفطر يومين ،.
    ما هو حل هذا اللغز ؟
    حل هذا اللغز عند أهل العلم في شيء يصفونه في كلمتين يقولون [ الجزاء والإجزاء ]
    الإجزاء : القيام بالعمل يسقطه عنك ، أجزئك فعلك .
    مثال :لو أن رجلا وقف في الصلاة ،قال الله أكبر ثم قرأ الفاتحة ، ولم ينتبه لأي حرف من القراءة لا يتذكر شيئا ، لسانه يتحرك ولكن قلبه لا يعرف ماذا يقول ، ثم مثل الحركات الرياضية ركوع وسجود حركات فقط ، ثم سلم .
    هل أجزأته صلاته أم هي باطلة تلزمه الإعادة ؟
    أجزأته صلاته طالما أنه توضأ ، استقبل القبلة وأتى بالأركان والشروط والواجبات.
    أجزأته: بمعنى [أنه لا يلزمه أن يعيد العمل ]. ولكن ليس له جزاء.
    النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش )لا نلزمه بإعادة اليوم, لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ما تكلم عن الاجزاء إنما تكلم عن الجزاء .
    [ إذا الإجزاء: متعلق بالعمل والجزاء: متعلق بثواب العمل ]
    ( من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله )
    هذا في باب الجزاء ، وهو الثواب ، وليس الاجزاء .
    فمن قرأ [قل هو الله أحد ثلاث مرات], لا يجزئه ، عن قراءة المصحف كله هو في النهاية اسمه قرأ سورة واحدة ثلاث مرات ، لكن لا يمكن أن يقول من قرأ ذلك مثل من قرأ البقرة وآل عمران والنساء و..و...و.... إلى نهاية المصحف ، إذا فالرجل الذي قرأ القرآن من أوله إلى آخره أجزأه ذلك ، أما الذي قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فهذا داخل في باب الجزاء وليس في باب الاجزاء .وهكذا حلت المشكلة ولا يوجد تنافر بين النصوص .
    ______________________________ ______
    لماذا أقول ذلك ؟
    لأن بعض الذين لم يدرسوا أصول العلماء يقولون أن الأحاديث متعارضة فيقولون هذا لا يعجبني فيتركونه ويبقون على الآخر أو الاثنين يسقطوا وما أسهل أن يقول الجاهل كذب ، أو أنه لا وجه له ، أو أن ليس له معنى ما أسهل أن يقول الإنسان ذلك .
    وما أصعب أن يجد من يوفق بين حديثين معنى في حديث ومعنى في حديث آخر ، وهذا باب كبير عظيم في أصول الفقه اسمه باب التعارض والترجيح النصوص المتعارضة التي ظاهرها التعارض هل هي متعارضة لا يمكن الجنع بينها أم يمكن أن نجمع بينها وبين النصوص الأخرى بوجه من الوجوه المعتبرة بنص ثالث مثلا ، أو بمعرفة سبب هذا النص لماذا قيل ؟ أهذا محمول على الخصوص ، أم هو محمول على عموم الأمة ، كل هذه أمور .
    [ العلماء في باب التعارض والترجيح ذكروا مائة وجه وواحد إذا لم يصلح الوجه الأول للتوفيق فيكون الثاني إذا لم يكن الثاني فالثالث فالرابع فالخامس وحتى المائة وواحد ]
    هل هناك نصان صحيحان لا يلتقيان من مائة وجه وواحد هذا مستحيل يجب أن يكون هناك نص خطأ ، نص وهم أو كذب أو خطأ لكن يستحيل أن يكون نصان صحيحان عند أهل العلم ويتعارضان من مائة وجه وواحد لم نرى ذلك أبدا حتى الآن ، فنحن وفقنا ما بين الجزاء وما بين الإجزاء هكذا ظهرت الأمور معنا .
    نأخذ مثلا في الذكر : كما في صحيح مسلم من حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أم المؤمنين( أنها جلست تذكر الله تبارك وتعالى بعد صلاة الصبح والنبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها وهي تذكر الله تبارك وتعالى ثم رجع إليها وقد تعالى النهار فلما رجع وجدها ما زالت جالسة في مكانها تذكر الله تبارك وتعالى فسألها أأنت على هذه الجلسة وهذه القعدة منذ خرجت قالت أجل يا رسول الله فقال لها عليه الصلاة والسلام لقد قلت بعدك كلمة تزن كل ما قلت) وهي جالسة من صلاة الصبح حتى تعالى النهار ساعتين أو ثلاث ساعات تذكر الله تبارك وتعالى قال لها عليه الصلاة والسلام أنا عندما خرجت قلت كلمة واحدة بعدك تزن كل ما قلت نحن في أمس الحاجة لمعرفة هذه الكلمة حتى تغنينا عن كثير من هذا الوقت ويمكن أن أقول هذه الكلمة على مدار الثلاث ساعات إذا كانت جويرية رضي الله عنها ذكرت الله في هذه المدة ألف مرة إذا الجملة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم ستساوي ألف مرة وزيادة هذا في المرة الواحدة فإذا قلتها مرتين ستعدل ألفين مرة وزيادة فتصور أنك جالس ثلاث ساعات تقول هذه الجملة فهذا تكثير العمر وطبعا لا أحد على الإطلاق يعلم ما يحب الله عز وجل ويرضى عنه من الكلم إلا النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك أقول لك لا تترك الأذكار النبوية ، أحيانا واحد مثلا يعجبه دعاء الصالحين فيجمع أدعية الصالحين من الكتب ويقوله طيب أنا أسأل سؤال مع أن هذا الدعاء جميل ولكن من أدراك أنه أحب الكلام إلى الله ؟ طالما أننا قلنا في بداية الكلام أننا نريد أحب وليس حبيب طالما المسألة مسألة استثمار عمر فنقدم الأحب على الحبيب، لأن الأحب أعلى ، فإذا قال إنسان يا رب نجحني فهذا كلام جميل ولكن يمكن أن يكون هناك جملة تغني عن هذا المعنى ولكن في كلامك النبي عليه الصلاة والسلام فإذا أنت قلتها ضمنت مائة بالمائة أن هذا الكلام حبيب إلى الله أو هو أحب الكلام إلى الله ، لأنه قاله الرسول عليه الصلاة والسلام وهو لا يتخير من الكلام إلا ما هو الأحب إلى الله عز وجل فأنت بذلك ضمنت بعدم خروجك عن الأذكار النبوية بأنك لم تخرج عن أحب الكلام إلى الله تعالى لأنه مذكور على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا الجملة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم لجويرية بنت الحارث قال لها أنها لو وزنت بكل الكلام الذي قلتيه لوزنتهن، هي ( سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ . )لم تترك ذرة في هذا الكون ، اجلس سبح هل ستسبح عدد رمال البحار ؟ لا يمكن ذلك ،هل ستسبح عدد كواكب السماء ؟ لا يمكن ذلك .سأخرج أقول حديث وسأرجع مرة أخرى .
    يوجد هناك استثمار فيه كثير من الثواب بكلمة واحدة: كما في حديث رواه الإمام النسائي في السنن الكبرى في كتاب العلم بسند صحيح ( أن رجلا أتى زيد ابن ثابت الأنصاري رضي الله عنه فسأله عن مسألة فقال له زيد: عليك بأبي هريرة فسأله الرجل لم ؟ فحكى له الحكاية الآتية قال فإنه بينما أنا و أبو هريرة و فلان في المسجد ذات يوم ندعو الله تعالى و نذكر ربنا خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى جلس إلينا قال : فجلس و سكتنا فقال عودوا للذي كنتم فيه قال زيد فدعوت أنا و صاحبي قبل أبي هريرة و جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يؤمن على دعائنا قال : ثم دعا أبو هريرة فقال اللهم إني أسألك مثل الذي سألك صاحباي هذان و أسألك علما لا ينسى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : آمين فقلنا يا رسول الله و نحن نسأل الله علما لا ينسى فقال : سبقكما بها الدوسي) فصار حفظ العلم من خصائص أبي هريرة .
    ونقول للجماعة الغلمان الصبيان الذين يسبون أبو هريرة نحن نقذف بهذه النصوص في وجوه هؤلاء هذا مما تفرد به أبو هريرة والإسناد صحيح كالمسمار في الساج ، وصححه أئمة الحديث الذين عليهم المعول ، وهناك أحاديث أخرى في حق أبي هريرة تدل على اختصاصه بذلك في الصحيحين وغيرهما .
    من الأدعية الجامعة أيضاً: دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : (اللهم إني أسألك من كل خير سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، وأستعيذ بك من كل شر استعاذك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ) هل تركت شيئا ، كل خير سأله النبي صلى الله عليه وسلم رب العالمين ، لو أحببت أن تأتي به ستجده فاتك ، وكل شر استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم ، ستجده كذلك ، وهذا في جملتين ، لخصوا لك كل الأذكار ، فأنت إذا تزاحمت عليك الأمور وليس وقت لديك فلا تخلوا من أن تدعوا بالدعاء الجامع ، مثل الدعاء الذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه لجويرية رضي الله عنها وعلمه الأمة أيضا، قال : ( سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ ) أي سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ :كأنني أقول إنني أسبح الله عز وجل ، عدد خلقه من الإنس والجن والطير والحشرات والهوام والكواكب والبحار والرمال والجبال ، كل هذه مخلوقات لله عز وجل ، [كأنما قلت أنا أسبح الله بعدد ما خلق ،] وهذه مسألة غير مطاقة ولا مستطاعه ، أنت جئت بها بكلمة لما تبعت الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
    سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ: هل يستطيع أحد أن يزن رضا الله عز وجل .
    سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ:هل تعرف ما هو العرش ؟ قال صلى الله عليه وسلم ( السموات السبع والأرضون السبع بجانب العرش كحلقة في فلاة ).
    [ فلاة] صحراء ، الصحراء التي لا منتهى لآخرها ، السموات السبع والأرضون السبع بجانب العرش كحلقة في فلاة شاسعة الأطراف إذا كيف يكون هذا العرش ، الذي امتدح الله عز وجل نفسه بأنه استوي عليه (الرحمن على العرش استوي )أي علا وارتفع ، تبارك وتعالى .
    مايبين عظمة الصحابة :
    الرسول عليه الصلاة والسلام لما مات سعد بن معاذ ، قال ( اهتز العرش لموت سعد ) هذا العرش الذي لا يعرف كنهه إلا الله تبارك وتعالى ، من العظمة والجلال ، هذا العرش العظيم يهتز لموت عبد يمشي على الأرض بقدميه ، كم وزن هذا العبد ؟ فسبحان من لا يعرف أقدار خلقه إلا هو وهذا فرد من هذه الأمة المجيدة العظيمة .
    هنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول : سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
    سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ: ما هو مداد كلماته ، يقول الله عز وجل ( قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي )
    بعض علماء البيان ، أظهروا هنا بديعة من البدائع :
    قالوا [ كلمة ] لها جمعان ، جمع قلة وجمع كثرة ، [جمع القلة كلمات ]
    [وجمع الكثرة كلم] ، قالوا طالما أن الآية هنا فيها تكثير وأن كلمات الله عز وجل لا تنتهي ، حتى لو أن هذا البحر مد بسبعة أبحر ،مداد : يعني حبر ، ما نفدت كلمات الله، قالوا الكلم هنا مقام تكثير لا تقليل ، فهلا قيل ما نفد كلم الله ، بدل كلمات الله ، طالما أن كلمات جمع قلة وكلم جمع كثرة وهذا كلام علماء أهل البيان والبديع والنظر في المعاني ، يأتوا به ثم يجاوبون عليه كسؤال وجواب،.
    [قالوا إذا كان البحر وسبعة أبحر لا تفي لكلمات الله فما بالك بكلم الله] إذا كان جمع قلة وسبعة أبحر لا تكفيه فكيف إذا كان الكلم ؟ ، فكلام الله لا منتهى له.
    فأنت عندما تقول : سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ، فهذه الجملة كما قال النبي_ صلى الله عليه وسلم_وزنت ما قالت جويرية بنت الحارث رضي الله عنها منذ قعدت بعد صلاة البكرة يعني صلاة الغداة إلى أن رجع إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
    سنكمل ما تبقى في الحلقة القادمة ، ونختم هذه الحلقة بسؤال:
    كيف تحافظ على عمرك ؟
    لأن الناس ماذا يقولون ؟ إن الوصول إلى القمة سهل ، لكن الصعب هو الاحتفاظ بالقمة ، أليس كذلك ، سهل أنك تتفوق وتصل ، ولكن عسير أنك تظل الأول ، تظل فوق ، لماذا ؟ لأنه سيزاحمك آخرون ، فأنت كيف إذا وصلت إلى القمة تظل على القمة؟ كيف تحافظ على هذا العمر ، وعلى هذا الجهد الذي بذلته ؟
    هناك ثلاثة أو أربعة أو خمسة أسباب إذا سلكناها حافظنا على هذه القمة التي وصلنا إليها بعد توفيق الله عز وجل بالأعمال الصالحات ،
    نأخذ حديث رواه الأمام الترمذي ، في مسألة تكثير الحسنات واستثمار العمل.
    تابع الأعمال التي يُستثمر بها العمر في باب الصيام.
    بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم :" من صام رمضان وأتبعه ست من شوال فكأنما صام الدهر كله "
    هناك حديث ، عن أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر )
    فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها اليوم بعشرة ، فهو يصوم في شهر ثلاثة أيام في عشرة فهذه الثلاثين ، فكأن الثلاث أيام تجزئه عن الشهر كله ، وثلاثة أيام من كل شهر فكأنه صام السنة كاملة .هذا سندخله تحت الإجزاء ، لأن ذلك لن يستوي مع من صام الدهر كله ، ومسألة الجزاء هذه متعلقة بالثواب .
    مثال : رجل صام ثلاثة أيام من كل شهر ، صام الدهر كله ، طبعا العمل له شرائط ، فالرجل يمكن أن يأتي بالعمل في ظاهره ولا يأخذ أجراً ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم :( إن العبد ليصلي ( يعني يدخل في الصلاة ) فيأخذ نصفها ، ثلثها ، خمسها ، سدسها ، حتى قال عشرها )
    ويقول بعض العلماء:[ إن الرجل ليقف بجانب أخيه في الصف وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض]
    ما هو الفرق بين هذا العبد وذاك ؟
    أليس هما الاثنين توضئا واستقبلا القبلة وقرءا الفاتحة وسورة بعدها ، ومع ذلك ما بين صلاتيهما كما بين السماء والأرض ، الفرق أن هذا حقق شرطي العمل ، وهذا أخل بشرط أو اثنين أو أخل بنسبة ما من الواحد من الاثنين وشرطا العمل الصالح مذكوران في قول الله تعالى( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }الكهف
    إذا فالعمل الصالح يحتاج شرطين : لا يشرك بعبادة ربه وهذا هو الإخلاص لله عز وجل ، وليعمل عملا صالحا : أي موافقا للسنة ، إذا لا بد أن يكون مخلصا في العمل لا يشرك مع الله أحدا فيه ، ولا بد أن يكون متابعا فيه لرسول الله _صلى الله عليه وسلم _، فإذا أشرك مع الله سقط وإذا أخلص في العمل وابتدع سقط ، ولا يكون العمل مقبولا حتى يكون خالصا وصوابا كما قال أبو علي الفضيل بن عياض _رحمه الله تبارك وتعالى_
    الإجابة علي أسئلة الحلقة
    س1: هناك مجموعة من الناس تتكلم في العلماء والمشايخ ، فنرجو من حضرتك أن توجه لهم بعض النصائح ؟
    نقول لهذا السائل ليس هناك إنسان معصوم من الخطأ ولكن الميزان الذي عليه علماء السنة هو قياس الحسنات والسيئات ، وتقرأ للإمام الذهبي في ترجمة محمد بن نصر المروزي ومحمد بن جرير الطبري وغيره ممن أخِذَ عليهم بعض الأشياء ،.
    يقول الإمام الذهبي:[ لو قمنا بتبديع بن نصر وابن خزيمة ما سلم لنا أحد] لا هذا ولا ذاك ، طالما أن الإنسان 1-عقيدته صحيحة 2-ومنهجه صحيح فأي خطأ في الفروع مغتفر ، حتى لو كان الخطأ في العقيدة ينبغي أن يُناظر هذا الإنسان ، لاحتمال1- أن يكون عنده قضية مغلوطة ، نصححها له ،أو 2-لاحتمال أن يكون المعترض هو المخطئ ، وهذا الرجل عنده علم زائد على هذا المعترض فيستفيد .
    النصيحة يجب أن تكون في السر ، ما أمكن ذلك، قبل أن نتكلم على العلن إذا كان هذا الإنسان مخلصا فعلا ، فإنه لا يُشهر بأخيه لان هذه الأعراض مصونة، صانها الشرع ،
    حتى أن الشافعي رحمه الله
    تعمدني بنصحك في انفرادِ
    ولا تلقي النصيحةَ في الجماعة
    فإن النصحَ بين الناسِ نوعٌ
    من التوبيخ لا أرضى استماعهَ
    فإن خالفتني وعصيتَ قولي
    فلا تجزع إذا لم تُعطَ طاعة


    وينبغي أن يكون الإنسان حريصا على إخوانه ، هل من كثرة العلماء الموجودين نظل نهدم في هذا ونهدم في هذا ونهدم في هذا ، نحن عندنا قحط بالنسبة للعلماء الربانيين ، الذين فتح الله عز وجل قلوب الناس لهم معدودون ، أنت تستطيع أن تعد هؤلاء ، فنحن الآن مثل رجل فقير عليه ثياب باليه فعنده خيارين إما أن يخلع ثيابه ويمشي عاريا أو يرقع ثوبه ، فحتى لو افترضنا جدلا أنه يؤخذ على بعض أهل العلم شيء ، وأنا لا يعجبني هذا الشيء هذا الرجل كم نفع الله عز وجل به من عباده ، سقى الله به بلاده وعباده ، فأنا في هذه الحالة أرقع هذا الثوب الخلق المقطع ولا أخلعه وأرميه ويمشي المرء عريانا ، لا سيما إذا كان يمكن التواصل ، وهذه القضية نحن نعيش فيها منذ سنين طويلة ونسمع السب بآذاننا ، ونرى الذين يسبوننا بأعيننا ، وما سببناهم وما رددنا عليهم ، وليس معنى سكوتنا أنهم ليس عندهم عورات ، أو ليس عندهم ما يؤخذ عليهم ، لا بل عندهم ما يؤخذ عليهم ، لكن نحن يا إخواننا عندنا ما يشغلنا عندنا عدو متربص ، فنحن نقدم الأخطر فالأخطر ، عندما يكون هناك إنسان يسلط جام غضبه وجهله ومعاول هدمه على السنة مثلا ، وإذا صح له ذلك ، سننزل أنا والذي يخاصمني تحت القدمين ، فأنا أقول لأخي هذا الذي أعترف له بالفضل وإن كان بغى علينا ،.
    أقول ما قال علي بن أبي طالب في الخوارج الذين كفروه لما سئل أكفروا؟ [قال من الكفر فروا ولكنهم قومٌ أصابتهم فتنة فعموا وصموا ثم قال إخواننا بغوا علينا ]، فنحن نتعامل مع إخواننا بهذه الصورة ، ونحن نعلم أنهم بغوا علينا ، ولكننا لم نسلط ألسنتنا يوما من الأيام عليهم وأقول لهم كما قال الله تعالي {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }الزمر46
    وأقول كما قال أبو العتاهية:
    إلي ديان يوم الدين نمضي
    وعند الله تجتمعُ الخصومُ


    س2 : هل الإمام مسئول عن المأمومين وهل يتحمل تبعة هذا الساهي؟، وهل الإمام له فضل؟
    نريد أن نذكر الأخوة أن النبي _صلي الله عليه وسلم _ نهي عن التدافع, إلي الإمامة, لأن الإمامة فيها استشراف, وفيها حظ نفس,لاسيما إذا كان صوته جميلاً, والناس تُحبُ الصلاة وراءه وكلما دخل يطلبون منه أن يؤمهم, فمن الممكن دخول حظ نفسه عليه فيمتنع أن يدخل, أقول له يمتنع إذا كان هناك كفيء يُصلي بالناس وخشيَ هو علي نفسهِ,أما إذا كان لا يخشي علي نفسهِ وكل إنسان أدري بنفسه, لكن لا يتأخر إذا كان يعلم أن كل الموجودون ليس فيهم كفئاً للإمامة, فهذا إذا تأخر وتقدم رجلٌ آخر, يلحنُ لحناً جلياً في القراءة فهذا المُتأخِر آثم, .
    ولا يحمل الإمام مشاكل المأمومين خلفه ((لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) لكن معني قول النبي _صلي الله عليه وسلم _(فإن أصاب فله ولكم, وإن أخطأ فعليه ولكم) فكلمة عليه هنا فليس المقصود أنه يحمل تبعة من قصر في الصلاة, لكن المقصود لو أن رجلاً سهي في الصلاة مثلاً, فهو عند حضوره صلاة الجماعة , سيأخذ قدراً من الدرجات فكأن الثواب الذي حصله هذا المأموم. بصلاة الجماعة خلف هذا الإمام, يجبُر هذا السهو, بخلاف ما إذا صلي وحدهُ وسهي. فالنبي _ صلي الله عليه وسلم يقول (صلاة الرجل في الجماعة تعدلُ صلاة الفذ بخمسِ وعشرين) في حديث الصحابة جميعاً
    وفي حديث ابن عمر وحده (تعدل سبعاً وعشرين) فلو صلي وحده سيأخذ درجة مثلاً,لو سهي تقل هذه الدرجة, بخلاق ما لو صلي جماعة يمكن أن يأُخذ خمسةَ عشر درجةَ, فلو بسبب السهو قلت هذه الخمسة عشر, عشرة فيكون طلع بقدرٍ من الأجر, فكأن ثواب الجناعة يجبُر سهو الساهي, فهذا هو المقصود من الحديث وليس معناهُ أن الإمام يتحمل خطأ من خلفهُ, وإلا لأنسد باب الإمامة, وعندنا النص القرآني,(لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)
    س3: ماصحة حديث( علموا أولادكم حب الصحابة)؟
    هذا لا أعلم ُله أصلاً, بهذا اللفظ.
    س4: ماصحة حديث توسل آدم بالنبي_صلي الله عليه وسلم_؟
    حديث باطل. لايصح من جهة الإسناد.
    س1 : ما هو الأفضل بين الآذان والإقامة ، الدعاء أم قراءة القرآن ؟
    الدعاء فيه نص, ولابأس أن تجمع بين الحسنين,إذا كان مابين الآذان والإقامة فترة طويلة.
    س2: ما أفضل الأعمال التي تصل إلى المتوفى.
    الصدقة والدعاء دعاء الولد أما قراءة القرآن, فلا تصلُ إلي الميتِ علي الصحيح, بعض الناس يقرأ الفاتحة علي أموات المسلمين, الرسول عليه الصلاة والسلام كم دفن من الموتى, دفن مئات الموتى, الصحابة كم دفنوا دفنوا ألوف الموتى, فلو تصورنا أن قراءة الفاتحة تصل إلي الميت وبنتفع بها, الميت لما أغفل النبي _ صلي الله عليه وسلم_ ذكرها أبداً,أما والحدث له مقتضي ولم يفعله النبي _صلي الله عليه وسلم_ مع قدرته علي فعل هذا المقتضي, ففعله بدعة, والنبي عليه الصلاة والسلام يقول ( ماتركتُ عملا يقربكم من الله يقريكم من الجنة يباعدكم من النار,إلا أمرتُكم به,) فنحن علمنا بهذا النص وأشباه هذا النص, من سنة النبي _صلي الله عليه وسلم أنه, ماترك ذرةً من الخير , أو ماتركَ سبيلاً إلي الخير,إلا دل الناسَ عليه,.
    لو رجلاً أحب أن يستثمر كلام الله في نفع الميت ماذا يفعل؟
    يفعل كما فعل أصحاب الغار, يقرأ القرآن كعملٍ صالح, ثم بعد قراءته يقول, اللهم إن كنت تعلم أنني قرأت هذا القرآن ابتغاء مرضاتك,فاغفر لفلان بن فلان,أكرم نزله وسع مدخله اغسله بالماء والثلج والبرد,أبدله داراً خيراً من داره, إلي ماتريد أن تدعو به كأنك جعلت القرآن شفيعاً, بين يدي دعائك توسلت بعملك الصالح. حتى يُقبل.
    س3: ماحكم الآذان عبر المذياع؟
    الصحيح الذي عليه جماهير أهل العلم,أن كل مسجدٍ يؤذن لحاله, لكن جمع الناس كلها علي آذان واحد ,أنا سألت الشيخ الألباني رحمه الله لأنني عندما زرته في الرحلة الأولي, عام 1407 في عمان كان هناك نفس الموضوع,فسألته عن مثل هذا فقال هو بدعة, فالصحيح وهو السنة,أن يؤذن في كل مسجدٍ علي حده.
    هل يجب على المسلم تكرار النية عند كل عمل أم تكفي نية واحدة ؟
    أذا كان العمل واحداً, وله لأفراد متعددة, مثل صيام رمضان مثلاً, هل تكفي نيةٌ واحدة في أول الشهر؟أم لابد أن تنوي كل ليلة؟ فالنية تثبت بأي شيء يدل عليها, لو أن إنسان ما قال أيقظوني للسحور, أو قال لن أتسحر فهذه نية, مما يدل علي أنه ذاكر, ففي هذه الحالة يجزئه نيةً واحدة
    أما لو أراد أن يصلي تحية المسجد, فكلما دخل المسجد لابد أن يكون فيه نية,
    ونسأل الله تبارك وتعالي,أن يجعل ماقلناه وما سمعناه, زاداً إلي حسن المصير إليه, وعتادا إلي يمن القدومِ عليه,إنه بكل جميلٍ كفيل, وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلي الله وسلم وبارك علي نبينا محمد, والحمد لله رب العالمين.
    انتهي الدرس الثامن 326
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    المشاركات
    684

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    السلام عليكم
    شكر الله لكم أختنا الكريمة وبارك في عملكم وأوقاتكم وثقله في ميزان طيباتكم وجزاكم عنا وعن شيخنا العلامة الكريم خيرا عميما
    دمتم بفضل الله ونعمته
    اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، ولا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    ولكم بمثل مادعوتم
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Sep 2009
    المشاركات
    12

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    بارك الله في ما تقومين به من عملٍ طيبٍ وجعله في ميزان حسناتك ... فدروس الشيخ أبي إسحاق الحويني -حفظه الله- لجديرةٌ بالاعتناء -ومنه التفريغ- مع ندرة من يقومون بذلك ..
    بارك الله في وقتك وجهدك ..

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    تقبل الله منا ومنكم ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    يرفع لإكمال الدروس ان شاء الله
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    التاسع فك الوثاق
    فلا زلنا مع فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق من كتاب صحيح البخاري لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالي .
    قال البخاري_ رحمه الله_: حدثنا المكي بن إبراهيم قال حدثنا عبد الله بن سعيد يعني ابن أبي هند عن أبيه عن بن عباس _رضي الله عنهما_ عن رسول الله_ صلي الله عليه وسلم_ قال:( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) .
    قال البخاري: وقال عباس العنبري حدثنا صفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد ابن أبي هند عن أبيه قال سمعت بن عباس _ رضي الله عنهما_ مثله وهذا الإسناد الثاني كما ذكرنا في المرة الماضية هو إسناد معلق ، وهذا من المعلقات التي علقها البخاري عن شيوخه وقد ذكرت العلة في ذلك في المرة الماضية .
    وهذا التعليق وصله الإمام بن ماجة رحمه الله في سننه قال حدثنا العباس بن عيد العظيم العنبري قال حدثنا صفوان بن عيسي بهذا الإسناد عند البخاري رحمه الله تعالي .
    ولا زال حديثنا موصولاً عن استثمار العمر وتكثير الحسنات بالعمل الواحد وقد ذكرنا نماذج لبعض الطاعات كالصلاة وكالصيام وكالذكر وما أشبه ذلك ،
    واليوم سوف أتناول موضوعين :-
    1- ذكر بعض الأعمال التي يحصل المرء منها كثيرًا من الحسنات .
    2- ثم أذكر كيف تحافظ على هذا الحرث وهذا البذر الذي بذرته في حياتك حتى تلقى الله تبارك وتعالى بكل هذه الحسنات ، وكما يقال إن الوصول إلى القمة أمر سهل لكن الاحتفاظ بها هو الذي يتفاضل فيه أفراد بني أدم .
    من الأعمال التي لا تكاد توزن بغيرها الجهاد في سبيل الله تعالي :
    وقد ذكر النبي صلي الله عليه وسلم ذلك فقال بالنسبة للشهيد ( كفى ببارقة السيف على رأسه فتنة ) .
    هذا الجهاد الذي فيه عز الأمة سأل رجل رسول الله _صلي الله عليه وسلم عن عمل يعدله كما في الصحيحين من حديث أبو هريرة_ رضي الله عنه _فقال عليه الصلاة والسلام ( لا أجده ) ثم قال للرجل ( هل تستطيع أن تدخل مسجد قومك تصلي فلا تفتر وتصوم فلا تفطر ؟ فقال الرجل ومن يستطيع ذلك )وكذلك الرباط الذي هو المرابطة على ثغور الإسلام.
    هل يُشترط في الرِباط قتال؟
    ولا يشترط في الرباط أن يكون هناك قتال ، وكان الرباط شيئًا مشهورًا عند السلف ، بعض العلماء مكث عشرين سنة ,وطبعًا لم يمكث في الرباط أو على حدود البلد التي يعيش فيها أو علي الحد الفاصل بين بلده وبين بلاد الكفار إنما كان يذهب يقضي يومًا أو يومين ثم يرجع إلى بلده ثم يرجع مرة أخرى.
    أجر المُرَابِط في سبيل الله.
    وهكذا لأن النبي صلي الله عليه وسلم ذكر أجرًا عظيمًا للمرابط في سبيل الله كما في صحيح مسلم من حديث سلمان الفارس رضي الله عنه أن النبي _صلي الله عليه وسلم_ قال:( من رابط في سبيل الله يومًا وليلة فهو يعدل صيام سنة وقيامها ) .
    فوائد الرِباط في سبيل الله.
    والرسول عليه الصلاة والسلام ذكر من فوائد الرباط أن يأمن المرء الفتان والفتان هو منكر ونكير في القبر ، يثبته الله تبارك وتعالى ، ولذلك كان العلماء من أسلافنا يذهبون إلى الثغور ، و يرابطون عليها من باب الاستعداد والتهيئة ، وإظهار العزة ، وإظهار الاستعداد لأعداء الإسلام حتى لا تغرهم أنفسهم بالهجوم على بلاد الإسلام
    ومما يُستثمرُ به العمر وتكثُر به الحسنات الصدفة.
    عندنا أيضًا الصدقة ، لاسيما الصدقة الجارية التي تشبه الوقوف ، صدقة جارية وسميت جارية لأن ريعها مستمر ، كأن يوقف رجلاً مالاً أو امرأة ثم يثمر هذا المال ويأخذ ربح هذا المال فيسبله في سبيل الله تبارك وتعالي ولذلك سميت جارية لأجل هذا لأنها تجري بخلاف مطلق الصدقة
    في سنن الترمذي وصححه من حديث عائشة رضي الله عنها( أنها ذبحت شاة ثم قسمتها فدخل عليها النبي_صلي الله عليه وسلم_ فسألها كم بقي من الشاة ؟ فقالت ذهبت كلها إلا كتفها ،[ أي وزعت كل الشاة ما عدا الكتف] فقال _عليه الصلاة والسلام_ بل بقيت كلها إلا ذراعها أو إلا كتفها )
    النبي_ عليه الصلاة والسلام_ يسأل سؤال من ينظر إلى الآخرة ، كم بقي من الشاة ، تصدقت عائشة رضي الله عنها بالشاة كلها ما بقي إلا كتف الشاة الذي أبقته عائشة _رضي الله عنها_ للبيت ، فأعلمها رسول الله _صلى الله عليه وسلم _أن الذي ذهب إلى الفقراء والمساكين هو الذي بقي على الحقيقة
    وهذا المعني موجود أيضًا في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ عن رسول الله _صلى الله عليه وآله وسلم_ أنه قال:
    ( يقول بن أدم مالي ، مالي ، وهل لك يا ابن أدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت ) .
    كل صدقة ينفقها المرء في سبيل الله تدخل في حسابه الخاص لا يشاركه فيها أحد ولذلك الرسول_ عليه الصلاة والسلام_ أراد أن يبين هذا المعنى فقال كما في حديث بن مسعود_ رضي الله عنه _قال( أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ) [أي الأحب إليك أن يرث وارثك المال أو أن يكون المال لك ] (فقالوا: يا رسول الله ما منا من أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه ، فقال عليه الصلاة والسلام:فإنما مالك ما قدمت ومال وارثك ما أخرت ).
    أي ما قدمته لنفسك بالصدقة هذا هو مالك على الحقيقة ، إنما الذي أبقيته خلفك بعدما تموت هذا هو مال الورثة .
    فالإنسان إذا من الله عليه تبارك وتعالى بالمال يسبل .
    لأن هذا كما قلت يستفيد به وحده ، وقد صح عن النبي _صلي الله عليه وسلم_ أنه قال:( كل امرئ يوم القيامة في ظل صدقته ) ، في الوقت الذي تدنوا فيه الشمس من رؤوس العباد ولا يتحملها أحد ويصل العرق كما قال _صلي الله عليه وسلم_:( منهم من يصل العرق إلى عرقوبه ومنهم من يصل إلى نصف ساقه ومنهم من يصل إلى سرته ومنهم من يغطيه العرق وجعل النبي صلي الله عليه وسلم يده على رأسه ،) في هذا الجو الرهيب الكبير كل امرئ يكون في ظل صدقته يوم القيامة .
    كذلك مما يكثر المرء به الحسنات أن يعمل العمل في الدنيا فيلحقه أجره بعدما يموت :
    والنبي صلي الله عليه وسلم ذكر ثلاثة أصناف من هذه الأعمال كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو في صحيح مسلم أيضًا ، قال:( إذا مات ابن أدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقةٍ جارية وعلمٍ ينتفع به وولدٍ صالح يدعوا له ) .
    [ الصدقة الجارية ] أفضلها وأشرفها الوقف ، أن توقف مالاً وتشغل هذا المال ويبقي الريع مستمرًا ، أن تحفر بئرًا في مكان تساوي فيه قطرة الماء الحياة ، في مكان منقطع أن تحفر بئر ماء ، وبعض الناس ممكن أن يعمل مبردات في الشوارع ، لكن هذا لا يساوي البئر التي تكون في طريق الصحراء ، لأنه كما قلت القطرة منها تساوي الحياة ، وكلما ازداد احتياج الناس إلى مثل هذا كان الأجر أعظم .
    [علم ينتفع به ] ، كل علوم الشرعية ابتداءً هي على رأس كل العلوم لأنها هي التي توصل إلى الله تعالي ، وكذلك علوم الدنيا مما يستفيد منه العباد ويكون ناظم هذه العلوم أو شارحها ينوي بذلك أن يتقرب إلى الله تبارك وتعالي ، الفيصل في المسألة كلها أن تريد وجه الله ، كل عمل يخلوا من هذا المعني لا قيمة له ، يستوي فيه المسلم والكافر ، لكن الذي يفرق بين المسلم والكافر في هذه المسألة هو أن المسلم يريد وجه الله تعالى ، فكل المباحات تكون في حقه مشروعات ، وتدخل في باب المستحبات ، والاستحباب أحد الأحكام الشرعية التي يجزى المرء بفعلها ، فكل علم بهذه المثابة يوصل أيضًا إلى الله عز وجل يبقى ذخره للمرء بعد مماته .
    [ الولد الصالح ] وكذلك الولد الصالح إذا دعا لوالده وصله دعاؤه ، في سنن بن ماجه وفي مسند الإمام أحمد بسند جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:( إن الله عز وجل ليرفع الرجل الصالح الدرجة في الجنة فيقول يارب بما هذا يقول باستغفار ولدك لك )، لذلك تكثير الذرية فيه مصلحة لأجل هذا المعني ، فإنك لا تدري أي ولدك يلحق بك { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُم ْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } [الطور : 21] .
    هناك شرط وهو الإيمان الذي هو مترجم في هذا الحديث بمعني الصلاح لأن الولد الفاسد يُلحِق اللعنة بأبويه في الدنيا والآخرة إذا كان الوالد قصر في تربية هذا الولد ، إذا فعل الأفعال الشائنة يُلعَنُ و يُلعَنُ أبوه ، لأجل هذا الرسول عليه الصلاة والسلام قيد الولد بذكر الصلاح ولم يقل عليه الصلاة والسلام ولد يدعوا له ، إنما قال: ولد صالح يدعوا له لأن الولد الفاسد لا يلتحق بأبويه ، أي لا ينفعهم وإن كان يلحقهم من جهة النسب .
    وانظر إلى قول الله تبارك وتعالي لنوح عليه السلام لما قال:( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) ،[ هود:46]وفي الروايات المتواترة الأخرى قال:( إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرُ صَالِحٍ ) بكسر ميم عمل ، الرجل إذا بذل التربية في الدنيا للولد ، ولا يستطيع رجل مغفل أو جاهل أو الآخرة ليست من جملة همومه لا يستطيع أن يربي ولده أبدًا ، إنما يربي ولده اليقظ الذي عرف لماذا خُلِق ولماذا تزوج تزوج لأجل أن يخرج من صلبه نسمة توحد الله تبارك وتعالى ، وهذا هو المردود الرئيس في الموضوع كله ، وليس مجرد أن ينجب الأولاد لكي هذا يرث المصنع وهذا يرث المتجر وغير ذلك .
    أنت كوالد لا يذكرك إلا جيل أبناءك فقط ، أحفادك لا يذكرونك أنا لا أذكر إلا أبي ، أما جدي والد أبي أنا لا أعرفه وما رأيته ، أي أن ذكرك في الدنيا إنما هو لأبيك فقط يكون في جيل الآباء ، بخلاف ما إذا كان الولد صالحًا يقظًا فهو يورث هذه اليقظة لأبنائه ، ولا يزال هكذا ، فإذا انضم إلى الصلاح أن يكون طالب علم أو أن يكون عالمًا فهذا شيء كبير .
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: هنا تفريغ فك الوثاق بشرح كتاب الرقاق للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    أطول الناس أعمارًا أهل العلم:
    وليس لأنه يعيش ألف سنة أو مائتين سنة ، لا ، بما يتركونه من التصانيف المفيدة ، يؤلف الكتاب ، يحرره ، لا تزال الأيدي تتداول هذا الكتاب ، فما يستفيد منه إنسان وإن بعد زمانه عن هذا العالم إلا أٌجر العالم بهذه الفائدة التي أخذها منه ذلك المتأخر .
    الإمام البخاري رحمه الله الذي نشرح صحيحه الآن بيننا وبينه مئات السنين أكثر من ألف ومائتي عام وليس بيننا وبينه نسب ولا مصالح ، كم من الرحمات كانت تترى على هذا الإمام من يوم أن مات إلي الآن ؟ ، وإلى أن يبقى كتابه على ظهر الأرض ، الملايين يترحمون عليه ويترضون عنه وكل هذا يصله .
    فالعلماء أطول الناس أعمارًا على قدر بقاء علمهم في الدنيا ، على قدر بقاء ذكرهم في الدنيا الأجر يكبر ، حتى الذين يلعنون البخاري هو مأجور بهذا أيضًا [ وقد قيل لعائشة رضي الله عنها في الذين يسبون أبا بكر وعمر ، قالت وما يعجبكم من ذلك قطع الله عنهم العمل فأحب ألا يقطع عنهم الأجر]
    مما يُحافظ به المرء علي حرثه وبذره الذي بذره في حياته
    أولاً-أن يحذر المظالم:
    وهذه سنتكلم عنها في كيف تحافظ على عملك حتى لا ينفلت من يدك وممكن نجعل هذا مدخلاً إلى هذا الكلام .من أكبر المصائب التي يبتلى بها العبد الاعتداء على الخلق وأنت الآن تريد أن تحافظ على عملك ، وأنت عندما قمت الليل ، قاومت نفسك وكنت تريد أن تنام وذهبت وتوضأت بالماء البارد في اليوم الشاتي وأنت في حاجة إلى النوم قمت فصففت قدميك بين يدي ربك ، وضعت لنفسك عدة حسنات بهذا القيام
    لما صمت في الوقت الشديد الحر وكادت عنقك أن تكسر من العطش ومع ذلك واصلت الصيام ، لما أخرجت الصدقة وأنت محتاج إليها وأنت تحب المال صحيح شحيح ، تأمل الغني وتخشى الفقر ، هذه كلها مجاهدات .
    كل عمل من هذه الأعمال أنت تكسب حسنات توضع في صحيفتك ، بعض الذين لا ينظرون إلا إلي مواضع أقدامهم يضيع الحسنات التي اكتسبها بهذا الجهد الكبير ، يضيعها بمنتهى اليسر ، وقد بين رسول الله صلي الله عليه وسلم ذلك كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه لما سألهم عليه الصلاة والسلام فقال: لهم يومًا( أتدرون من المفلس ؟ قالوا يا رسول الله المفلس منا من لا دينار له ولا درهم ولا متاع ، فقال لهم لا ، المفلس رجل أتي بصيام وصلاة وصدقة أو قال وزكاة ، فأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإذا فنيت أخذ من سيئاتهم ثم طُرحت عليه ثم طُرِحَ في النار ).
    ما أغبنه من عبد ضيع كل الذي جمعه بالاعتداء والبغي والعدوان .
    وينبغي أن يعلم العبد أن الله عز وجل يحاسب بالذرة وبمثقال الذرة{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [الزلزلة: 7، 8] الذين يأتون بالمظالم التي تسد عين الشمس ، ما يدري والله المرء كيف يلقون ربهم ، إذا كان الميزان بالذرة ومثقال الذرة ، بما لا يكاد المرء يراه أو لا يراه المرء ، فيأتي هذا فيضحي بكل الذي جمعه بالجهد والعرق ومكابدة المعارك المستمرة مع الشيطان ومع النفس الأمارة بالسوء ، ومع شياطين الإنس والجن يسمح لهذه الحسنات أنها تتسرب من صحائفه وتدخل في صحائف الآخرين .
    أو أنه يجمع سيئات الناس .
    المرء إذا أراد أن يحافظ على عمله فإياه والبغي :
    قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( خصلتان تعجلان للعبد في الدنيا قبل الآخرة البغي وقطع الرحم ) ، لابد أن يذوق الباغي ثمرة البغي قبل أن يموت بنص هذا الحديث ، تعجلان للعبد في الدنيا قبل أن الآخرة البغي وقطع الرحم والبغي مسالكه كثيرة جدًا ،.
    مسالك الجور.
    كل جور على حق أي أحد حتى ولو كان من أخص أرحامك يسأل العبد عنه يوم القيامة .
    تفضيل بعض الأولاد علي بعض بدون سبب ظاهر.
    *لو فضلت بعض ولدك في العطية بدون سبب ظاهر على قول بعض أهل العلم ممن يجيزون تفضيل بعض الأولاد لبعض الأسباب الملجئة ، وإلا فالأصل ألا يميز رجلٌ ولدًا على ولد في العطية ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم .) عدم العدل بين الزوجات.
    *أو يكون متزوجًا بأكثر من امرأة فيفضل امرأة على أخري ، هذا الرجل يأتي يوم القيامة وشقه مائل وهذه ليس شيئاً يسيراً كون شقه مائل ، لا مصلحة لك على الإطلاق أن تفضل امرأة على امرأة ، ولماذا تفضل ؟ .
    أنت لا تريد معاشرة المرأة بالمعروف خيرها ما بين أن تستقيم معك أو أن تطلقها ، أو أنت تأخذ من حقها ، تقول أنا لا أستطيع أن أعيش , الشرع رخص لك ولكن تتقى الله عز وجل ، لا تكسر المرأة ولا تذل أنفها ، لأنها إنما في حمايتك في رعايتك ، وقد أوصى الله عز وجل الأزواج فقال:( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )[ النساء:19] ، وإن لم تستطيع أن تعاشر بالمعروف نفعل أخف الضررين في المسألة .لكن إذا لم يكن ثمة شيء من الموانع فلا يجوز لك إلا أن تعدل ،.
    والعدل يكون في الهبة المطلقة ، وهذه المسألة لها تفصيلات أنا لا أريد أن أخوض فيها ، وإنما أذكر مثلاً حتى إذا لم يكن للرجل إلا امرأة فليتق الله عز وجل فيها ، فإنه إذا ظلمها وجار عليها يحاسب عليها يوم القيامة ، في حديث عبدالله بن زمعة_ رضي الله عنه_ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم متعجبًا ( يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يأتيها آخر النهار ) .
    حث النبي_ صلي الله عليه وسلم_ علي إكرام النساء.
    امرأة مأسورة أسيرة عندك في الدار وهذا وصف الرسول عليه الصلاة والسلام في أخر خطبة خطبها أو في الخطبة التي خطبها يوم عرفة في حجة الوداع قال:( استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن عوانٌ عندكم ) _ عوان أي_ [مأسورات ]، لا تستطيع أن تخرج من السجن خاصتك إلا بالطلاق طالما هي على ذمتك فهي مسجونة ، فكن رجلاً كريمًا .
    عقوق الوالدين:
    رعاية حق والداك ، السبب في وجودك لا تقل لهما أف ، والذي يضرب أباه هذا مشكلته مشكلة كبيرة جدًا ، هذا لن يموت إلا إذا ذاق مافعله ومن الحكايات التي لا أنساها ، رجل فلاح يعمل في الأرض هو وابنه وحصل بينهم نوع من الشد ، فالولد ضرب أبوه بالقلم واثنين وسيعطيه الثالث فالأب قال له ظلم ، وكان لهم جار فلاح يعمل فض النزاع بينهم .
    الرجل انخرط في بكاء عميق فسأله جاره الذي فض النزاع بين الولد وأبيه قال ما الظلم الذي كنت تقول ، قال أنا ضربت أبي قلمين اثنين ، وهذا يرد أن يضربني ثلاثة أقلام ، هذه لازم ترجع له .
    رجل يصفع أباه ، عبدالله بن عمر بن العاص نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( لا يسب الرجل أباه وأمه فتعجب الصحابة وقالوا يا رسول الله أيسب الرجل أباه وأمه ؟ قال نعم يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه وأمه، )أي ليس الولد هو الذي سب ، لا ، هذا الولد سب ولد ثاني بأبيه ، فشتم الولد الثاني أباه ، أي هذا الولد بسبه لوالد رجل أخر جر السب على والده إنما الولد يسب مباشرة هذه مسألة غير متصورة ، بكل أسف هي موجودة .
    هذه كلها مظالم.
    ومظالم العباد ديوان لا يغفره الله تبارك وتعالى.
    إنما يغفر الله عز وجل الذنب الذي اقترفه العبد وهو من حق الله تعالى أذنب ذنبا تعدى حدود الله عزوجل هذا ممكن يغفر ، إلا الذنب الذي هو في حق العباد لا يغفره الله عز وجل إلا إذا تجاوز العبد عن أخيه ويوم القيامة لا يوجد فيه إيثار واحد يقول خذ هاتان الحسنتين ، لا ، ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس: 34-37]
    بل قال الله عز وجل: ( يُبَصَّرُونَهُم ْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ )(المعارج: 10) ، يريد أن يدخل أولاده النار وهو لا يدخل ( وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ ) ، القبيلة ، إن كان يارب أولادي يدخلون النار وأنا أخرج أنا وموافق ، امرأتي وأخي يدخلون النار مع الأولاد أنا موافق القبيلة كلها تدخل النار وأنا لا أدخل أنا موافق ، ( وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ ) [ المعارج :15 ] ، وصل الأمر به يوم القيامة أنه يريد أن يدخل الناس كلها النار ، لكن هو لا يدخل ، قال الله عز وجل له:( كَلا) انتهى كما قال عز وجل لبعض عباده قال:( عبدي إنه لا يُظلم عندي اليوم أحد ) فإنه بالذرة وبمثقال الذرة .
    منزلة حسن الخلق.
    فالمرء إذا جمع الحسنات يحرص ألا يبغي على أحد حتى تظل الحسنة كما هي ولهذا المعنى أشار النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( أن العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم الصائم الذي لا يفطر ، القائم الذي لا يفتر ) الإنسان حسن الخلق يدرك هذه الدرجة ، لماذا ؟ لأن الرجل الحسن الخلق يمضي إلى الله عز وجل ولا خصوم له ، ونحن قلنا المشكلة أنه يأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وسفك دم هذا ، قذف هذا ، هذا يأخذ من حسناته وهذا يأخذ من حسناته .
    فإن فنيت أخذ من سيئاتهم ، الرجل الحسن الخلق ليس له خصوم ، يرحل عن الدنيا بالثناء العاصف ، الحسنة التي عملها تظل في صحيفته لا أحد يستلبها ولا يأخذها ثم يضع مكانها سيئة ، إن العبد ليدرك بحسن خلقة درجه الصائم القائم
    مما يُحافظ به المرء علي حرثه وبذره الذي بذره في حياته
    ثانياً-:أن يحذر السيئات الجارية:
    لكي تحافظ على حسناتك التي بذلت وسعك فى جمعها فى الدنيا احذر السيئات الجارية وهذه حاجة ربما يتعجب منها بعض الناس ، نحن نعلم الصدقة الجارية هناك سيئات جارية ، ويرحم الله حبيب أبو محمد كما رواه أبو نعيم الأصفهاني فى كتاب الحلية فى ترجمة أبي الربيع الحارثى قال: [ إن من سعادة المرء انه إذا مات ماتت ذنوبه معه ] .
    ويقول الشاطبى رحمة الله قال:[ طوبى لمن مات وماتت ذنوبه معه والويل كل الويل لمن مات وتبقى ذنوبه بعده مائة عام أو مائتي عام ] ، عبد يموتوذنبه ما زال حي.
    من السيئات الجارية:
    1- تصنيف الكتب في رد السنن والاعتداء على الدين.
    مثل أهل البدع الذين يصنفون الكتبفي رد السنن والاعتداء على الدين والتنظير للبدع ، ما ظل هذا الكتاب يتوارث ويقرأه الناس ويطبع إلا وذنوبه تتري ورائه
    2-كتابة القصص الغرامية. والممثلين لادوار الغرام والمغنين والراقصات.
    الذين يكتبون القصص الغراميةالفاجرة الممثلون والممثلات الذين يمثلون أدوار الغرام ماتوا وما زال الأفلام تذاع حتى الآن ، هذه عبارة عن سيئات مستمرة تصل إلي العبد إلا أن يتوب العبد أيضا المغنين والمغنيات والراقصين والراقصات الأحياء منهم والأموات ، كل هذا الآن بكل أسف ونحن أصبحنا في عصرال سى دى ، لم تعد المسألة مقتصرة زمان كان زمان على الواحد يذهب للسينما أو غير ذلك ، لا ، الآن كل هذه الأشياء بيحتفظ الإنسان بها ، المرأة تابت واحتجبت عن الخلق وهى عارية فى أيدي الخلق بسبب الأفلام وهذا الكلام .
    س:ماذا يفعل من تاب من الممثلين والمغنين؟
    المرأة إذا تابت أو الرجل إذا تاب كان ممثل وتاب ، ممثلة وتابت ، مغنى تاب مغنية إلى آخره , ندم وأيقظه الله عز وجل تعالى قبل أن يموت ، وعلم فداحة الجرم كم أضل من خلق ، سعروا جعلوا الشهوات مستعرة عند الناس .
    1- يعلن البراءة العامة في الجرائد انه متبرئ من تاريخه الذي مضى ويناشد المنتجين الذين عملوا هذه القصة أن يتقوا الله تبارك وتعالى ، وكل من يحتفظ بأي سى دى مثلا أو أي شريط فيديو أو غير ذلك لهذا الكلام هذا أنه يجب علية أن يحرقه ، لأنني لا أرخص لأحد ، فعلنا ذلك ونحن غافلون ، تبنا إلى الله عز وجل ، تمموا لنا التوبة .
    يقول واحد أن هذا الكلام سيذهب أدراج الرياح ، لا يوجد أحد سيفعل هذه القصة ، بالعكس لما المرأة تتوب وتحتجب يحدث نوع من النهم أنه يحتاج أن يتفرج عليها ليل نهار ، فلن يستمع أحد إلى هذه النصيحة ، لا المنتج الذي بذل الأموال التي سيسأل عنها لكي يحصل هذه الأموال أضعافًا مضاعفة وبكل أسف يتركها للورثة يتمتعون بها ويسأل عن كل مليم فيها .
    وأنا أقول دائمًا ليس هناك إنسانًا يستحق أن تدخل النار لأجله
    لا يوجد أحد غالي أبدًا تدخل النار لأجله ، ونحن نقرأ الآية( وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ) ، ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ)، لمن تترك هذه الأموال ؟ تتركها لأولادك ، تريد أن تدخلهم النار ، مسألة العاطفة هذه والرفق والشفقة وغير ذلك انتهت ، كل إنسان وافى يوم القيامة لا يوجد عمل ولا شفاعات إلا لمن يأذن رب العالمين تبارك وتعالي .
    أنت ممكن تقول أنا سأعمل هذا ولكن لن يسمع أحد الكلام
    أقول على الأقل يكون معذرة إلى الله ، مثل ما فعل المؤمنين من قوم موسى عليه السلام مع الذين اصطادوا يوم السبت كما قال تعالي:{وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ } [الأعراف : 164] .
    يقول هؤلاء الناس الذين يصطادون يوم السبت واحتالوا ، حبسوا السمك يوم السبت واصطادوه الأحد ، فأهل الصلاح نهوهم عن ذلك وذلك كان في البداية ، ثم اصطادت طائفة منهم يوم السبت ، وطائفة احتالوا حبسوا السمك في البحيرة لكي لا يعود إلى البحر مرة أخري واصطادوه يوم الأحد وقالوا نحن لم نصطاد يوم السبت ونصطاد يوم الأحد ، فيقولون لهم أنتم تكلمون من ؟ هؤلاء لن يستجيبوا لكم ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ) ، إنما أنت تعظ من يستجيب ، لكن إنسان لا يستجيب لماذا تعظه ، ( قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ) ، نحن عملنا ما علينا .
    لذلك لما نزل العذاب نجا الله الذين ينهون عن الفحشاء بسبب أنهم تكلموا وليس من الضروري أن يسمع كلامك ، ولكن لابد أن تثبت موقفك أن هذا لا يجوز وأنت تعلم أنه لا يستمع ، لكن أنا أكون عملت .
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •