عدم سماع عائشة رضي الله تعالى عنها لا يلزم منه عدم تصديقها لقول سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلها
ومقام إخبارها المرأة بالأمر بقتل الوزغ مختلف تماما من مقام إخبارها ابن أختها أنها لم تسمع
فلا تعارض بين الروايتين، فكانها تقول: أنا لم أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل الوزغ، لكن سعدا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرها فصدقته، فروت تارة بأنه لم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر، وعملت بأمره الذي بلغها عنه صلى الله عليه وسلم بواسطة.
فلما رأته المرأة، وسألتها عن صنيعها لم يكن المقام مقام إخبار عما سمعت أو ما لم تسمعه، بل المقام بيان الحكم، وهو ما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينت ذلك.
ألا ترى أنهم ذكروا أن ابن عباس لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أحاديث قيل أربعة، وقيل دون العشرين، قال الحافظ في فتح الباري (11/ 383): (وَقَدِ اعْتَنَيْتُ بِجَمْعِهَا فَزَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ مَا بَيْنَ صَحِيحٍ وَحَسْنٍ خَارِجًا عَنِ الضَّعِيفِ وَزَائِدًا أَيْضًا عَلَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ السَّمَاعِ كَحِكَايَتِهِ حُضُورَ شَيْءٍ فُعِلَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، والمروي في كتب السنة أكثر من ذلك بكثيرٍ، هي سماعه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فكذلك الحال هنا، إخبار عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يلزم منه سماعه منه، فليتأمل.
أما ما يكرره كثير من الإخوة وهو قولهم
فهذا خطأ عظيم، ومزلق من مزالق طلبة الحديث، وقد نبَّهت عليه أكثر من مرة، وكذا فهمهم لمعنى قول الحافظ: (مقبول)
فذكرتُ ما جاء في في أجوبة الحافظ العراقي على أسئلة تلميذه الحافظ ابن حجر العسقلاني، وكان قد سأله: ذكره ص 136:
(ما يقول سيدي في أبي حاتم ابن حبان إذا انفرد بتوثيق رجل لا يُعرف حاله إلا من جهة توثيقه له؟)
وهل ينهض توثيقه بالرجل إلى درجة من يُحتج به؟
وإذا ذكر ذلك الرجل بعينه أحد الحفاظ -كأبي حاتم الرازي- بالجهالة ، هل يرفعها عنه توثيق ابن حبان له وحده أم لا؟
فأجابه الحافظ العراقي: ص 141 بجواب منه:
(إن الذين انفرد ابن حبان بتوثيقهم لا يخلو:
إما أن يكون الواحد منهم لم يرو عنه إلا راوٍ واحد.
أو روى عنه اثنان ثقتان وأكثر بحيث ارتفعت جهالة عينه.
فإن كان روى عنه اثنان فأكثر ووثَّقه ابن حبان، ولم نجد لغيره فيه جرحا: فهو ممن يحتج به...
فأما من وثقهم ولا يعرف للواحد منهم إلا راوٍ واحد: فقد ذكر ابن القطان في كتاب بيان الوهم والإيهام: أن من لم يرو عنه إلا واحد ووثق: فإنه تزول جهالته بذلك.
وذكر ابن عبدالبر: أن من لم يرو عنه إلا واحد، وكان معروفا في غير حمل العلم، كالنجدة والشجاعة الزهد: احتج به.
وأما إذا تعارض توثيق ابن حبان، بتجهيل أبي حاتم الرازي لمن وثّقه: فمن عرف حال الراوي بالثقة مقدم على من جهل حاله، ...)، فليرجع إلى كلامه فإنه مهم.
http://majles.alukah.net/t66877-2/#post883692
وبيَّنتُ ذلك تطبيقًا في غير ما مرة في هذا المنتدى المبارك، منها قديما
ومن آخرها ما كان في حواري معكم مع أخينا الفاضل أبي البراء في
http://majles.alukah.net/t171537-2/#post899166
ومنه:
فأرى أن حديث دخول امرأة على عائشة رضي الله عنها وعن أبويها، فوجدت الرمح: لا ينزل عن رتبة الحسن، ويصل للصحة بطرقه
فكثير عبيد روى عنه أكثر من ثقتين، منهم ابنه سعيد، وابن ابنه عنبسة، وشعيب بن الحباب، ومطرف، وكلهم ثقات.
والله أعلم