اسمح لي أن أذكر هنا نفثة من صدري بجوار نفثاتك:
أسرَّ لي صاحبي يومًا ببعض آلامه وأوجاعه ... فقلت له: يا صاحبي الدنيا ليست دار للسعادة والتلذذ، وإنما الأصل فيها أنها دار للبتلاء والاختبار ... فاصبر يا صاحبي واعلم أن الكون كونه والأمر أمره ولا يكون في كونه إلا ما شاء وأراد ... وأن الخير كل الخير في الرضا بقضائه وقدره وأن السعادة في اتباعه أمره والبعد عن نهيه ... ولا تسأل عن أشياء خفية عليك لا تعلمها ... فالله لا يُسأل عمَّ يفعل وإنما نحن المسؤولون.
صاحبي: هذا كلام ليس للتصبير وليس لتسكين ما أنت فيه من أوجاع وآلام، وإنما هي حقيقة ثابتة لا مرية ولا شك فيها ... فهي نصيحة من رفيق يرجو لك السعادة ويحرص على أن تصل لك ... صاحبي السعادة أنت جزء منها ... فلا تبحث عنها عند غيرك.
قال لي صاحبي: كل ما قلته من صبر على أقدار الله وأن كل شيء بقدر، أعلمه؛ لكن كيف العمل؟
قلت: يا صاحبي أول العلاج معرفة الداء، وما دمت علمت الداء، فالعمل يحتاج إلى صدق، وإلى النظر في العواقب والمآلات، ومعرفة ثواب الأعمال، ولا تنسى يا صاحبي: ما أعطي المرء عطاء خيرا له من الصبر، وأن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب.