يا أبا فهر وفقك الله، لماذا تصر على جعل قضية اثبات ونفي المجاز هذه قضية علم وجهل، أو بالأحرى قضية تسنن وابتداع؟؟ الضابط الذي يربطنا جميعا في فهم الكلام هو معرفة ما اذا كان هذا الذي فهمناه بمعهود اللغة عندنا هو مراد قائله منه بحسب فهم ومعهود قومه هو الذين خاطبهم به من تلك اللغة! فان كان فلا اشكال والا استقرأنا من الأشباه والنظائر في كلام المخاطبين وتوجيههم لأمثال تلك الألفاظ والمعاني في زمانهم ما به نحسن الفهم.. وانتهت القضية!
يعني لا اشكال في أن يكون معهودنا نحن عن معنى كلمة أسد مثلا اذا جاءت منفردة واذا جاءت مقترنة يخالف معهود الأوائل من انفراد واقتران اللفظة ذاتها ما دمنا نعلم ذلك من تتبع ما جاءنا من كلامهم!
وان كان لن يأتي يوم في ظني يطلق أحفادنا من بعدنا كلمة أسد على ما نسميه نحن بالفأر، مثلا، الا أنه حتى لو فرضنا حدوث مثل ذلك تنزلا، فحفظ الله لدينه يقتضي أن يظل في الأرض أدلة تعين المتأخرين على فهم مرادات المتقدمين من كلماتهم ومعانيها!
فلتسمه أنت توسعا وليسمه غيرك مجازا وليسمه غيركما حقيقة أخرى فلا مشاحة ولا اشكال في تلك التصانيف ما دمنا نستطيع أن نميز معنى الكلام من تتبع نظائره عند المخاطبين به!
فان كنت تخاف من أثر اثبات المجاز عند المبتدعة في الأسماء والصفات فأقول فليفعلوا ما بدا لهم، فما دام عندنا ما به نميز فهم السلف - أول المخاطبين بالقرءان وبكلام النبي - لتلك المعاني فهو يلزمنا ويلزمهم والقضية محسومة ولا اشكال ولله الحمد..
فهل نستطيع جميعنا - المثبتون منا وغير المثبتين - أن نخرج من هذا النزاع العريض بهذا القدر من الفهم سالمين، وننصرف الى مباحثنا غانمين غير مفتونين؟
والا فلن نسلم بعد ذلك من أن نصاب بمثل ما ذكره أخونا أبو شيماء بارك الله فيه
(ابتسامة)
وبالمناسبة فأنا أعتبر كثرة الخوض في مستنقع فلسفة اللغة والنزاع في اثبات ونفي المجاز هو في حد ذاته من الجنايات على العلم والمنهج .. (ابتسامة عريضة لأبي فهر بارك الله فيه)