[عبادة الله وحده لا شريك له هي أصل الدين]
ثم ذكر ﵀ تعالى آيات، ثم قال: وعبادة الله وحده لا شريك له، هي أصل الدين، وهو التوحيد الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب، قال تعالى: ﴿ولَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أنِ اعْبُدُوا اللَّهَ واجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ﴾ [سورة النحل آية: ٣٦]، وقال تعالى: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ إلاَّ نُوحِي إلَيْهِ أنَّهُ لا إلَهَ إلاَّ أنا فاعْبُدُونِ﴾ [سورة الأنبياء آية: ٢٥]، وكان ﷺ يحقق التوحيد، ويعلمه أمته، حتى قال له
رجل: ما شاء الله وشئت، قال: «أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده»، ونهى عن الحلف بغير الله، فقال: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشر ك» ١ وقال في مرض موته: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ٢ يحذر ما صنعوا؛ وقال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد»، وقال: «لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني» ٣.
ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء المساجد على القبور، ولا الصلاة عندها، وذلك لأنه من أكبر أسباب عبادة الأوثان، وتعظيم القبور؛ ولهذا اتفق العلماء، على أنه من سلم على النبي ﷺ عند قبره، أنه لا يتمسح بحجرته، ولا يقبلها، لأنه إنما يكون ذلك لأركان بيت الله، فلا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق؛ كل هذا لتحقيق التوحيد، الذي هو أصل الدين، ورأسه، الذي لا يقبل الله عملا إلا به، ويغفر لصاحبه، ولا يغفر لمن تركه، قال تعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشاءُ﴾ [سورة النساء آية: ٤٨] الآية.
ولهذا كانت كلمة التوحيد، أفضل الكلام، وأعظمه، فأعظم آية في القرآن آية الكرسي ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ﴾ [سورة البقرة آية: ٢٥٥]. وقال ﷺ: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، دخل الجنة» ٤ والإله هو الذي تألهه القلوب، عبادة
١ الترمذي: النذور والأيمان (١٥٣٥)، وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٥١)، وأحمد (٢/٣٤،٢/٦٩،٢/٨٦،٢/١٢٥).
٢ البخاري: الجنائز (١٣٣٠)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٣١)، والنسائي: المساجد (٧٠٣)، وأحمد (١/٢١٨،٦/٣٤،٦/٨٠،٦/١٢١،٦/٢٥٢،٦/٢٥٥،٦/٢٧٤)، والدارمي: الصلاة (١٤٠٣).
٣ أبو داود: المناسك (٢٠٤٢)، وأحمد (٢/٣٦٧).
٤ أبو داود: الجنائز (٣١١٦)، وأحمد (٥/٢٣٣،٥/٢٤٧).
له، واستعانة به، ورجاء له، وخشية، وإجلالا، انتهى كلامه ﵀.
فتأمل أول الكلام وآخره، وتأمل كلامه فيمن دعا نبيا أو وليا، مثل أن يقول: يا سيدي فلان اغثني، ونحوه، أنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، هل يكون هذا إلا في المعين؟ والله المستعان؛ وتأمل كلامه في اللات والعزّى ومناة، وما ذكر بعده، يتبين لك الأمر، إن شاء الله تعالى.