بورك فيكم ، ونفع بكم .
بورك فيكم ، ونفع بكم .
قال الشيخ عادل الشوربجي حفظه الله وهو يوضح ذلك
رجل عزم على فعل معصية فلم يعملها يثاب أم لا ؟
ننظر قبل الحكم
لو ترك عمل السيئة لله : يثاب : مثاله (ذهب ليسرق فقال لنفسه اتق الله ورجع )
لو تركها لوجود مانع : يعاقب :مثاله ذهب ليسرق فمات أو مات ولده أو صدمته سيارة
لو تركها لأنه لم يقدر عليها : يعاقب: ذهب ليسرق البيت فوجد صاحب البيت فرجع
فليس مجرد عدم عمل المعصية يثاب عليها بل لا بد أن يكون ترك عملها لله .
والله أعلم
لعل مصدره هنا ما جاء في الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 33، 34)
(ومنها: من عزم على المعصية ولم يفعلها أو لم يتلفظ بها لا يأثم لقوله صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به» .
ووقع في فتاوى قاضي القضاة تقي الدين بن رزين أن الإنسان إذا عزم على معصية فإن كان قد فعلها ولم يتب منها فهو مؤاخذ بهذا العزم لأنه إصرار، وقد تكلم السبكي في الحلبيات على ذلك كلاما مبسوطا أحسن فيه جدا فقال: الذي يقع في النفس من قصد المعصية على خمس مراتب:
الأولى: الهاجس: وهو ما يلقى فيها، ثم جريانه فيها وهو الخاطر، ثم حديث النفس: وهو ما يقع فيها من التردد هل يفعل أو لا؟ ثم الهم: وهو ترجيح قصد الفعل، ثم العزم: وهو قوة ذلك القصد والجزم به، فالهاجس لا يؤاخذ به إجماعا لأنه ليس من فعله ; وإنما هو شيء ورد عليه، لا قدرة له ولا صنع، والخاطر الذي بعده كان قادرا على دفعه بصرف الهاجس أول وروده، ولكنه هو وما بعده من حديث النفس مرفوعان بالحديث الصحيح، وإذا ارتفع حديث النفس ارتفع ما قبله بطريق الأولى.
وهذه المراتب الثلاثة أيضا لو كانت في الحسنات لم يكتب له بها أجر. أما الأول فظاهر، وأما الثاني والثالث فلعدم القصد، وأما الهم فقد بين الحديث الصحيح " إن الهم بالحسنة، يكتب حسنة، والهم بالسيئة لا يكتب سيئة، وينتظر فإن تركها لله كتبت حسنة، وإن فعلها كتبت سيئة واحدة " والأصح في معناه أنه يكتب عليه الفعل وحده ; وهو معنى قوله " واحدة "، وأن الهم مرفوع.
ومن هذا يعلم أن قوله في حديث النفس «: ما لم يتكلم أو يعمل» ليس له مفهوم، حتى يقال: إنها إذا تكلمت أو عملت يكتب عليه حديث النفس ; لأنه إذا كان الهم لا يكتب، فحديث النفس أولى، هذا كلامه في الحلبيات).
وجاء هذا أيضا في مقاصد المكلفين للأشقر (ص: 137، 138)
(والترتيب الذي نختاره هو ذلك الترتيب الذي وضعه السبكي، فقد قسَّم ما يقع في النفس إلى خمس مراتب، وقد رتبها ترتيبا تصاعديا:
الأول: الهاجس: وهو أضعف هذه المراتب، وهو ما يلقى في النفس.
الثاني: الخاطر: وهو ما يجري في النفس ثم يذهب في الحال بلا تردد.
الثالث: حديث النفس: وهو ما يقع من التردد، هل يفعك أم لا؟ فمرة يميل إلى الفعل، وأخرى ينفر عنه، ولا يستقر على حال.
الرابع: الهمُّ: وهو أن يميل إلى الفعل، ولا ينفر عنه، لكنّه لا يصمم على فعله، وقد عرّفه ابن حجر العسقلاني بأنَّه "ترجيح قصد الفعل".
الخامس: العزم: وهو أن يميل إلى الفعل، ولا ينفر مه، بل يصمِّم عليه، وهو قوة ذلك القصد، والجزم به ومنتهى الهم).
جاء في مقاصد المكلفين للأشقر (ص: 136)
(حديث "إن الله عفا لي عن أمتي ... " استدلال في غير محله، فالمعفو عنه حديث النفس، والنيّة في الحج ليست حديث نفس، بل هي عزم مصمم، والعزم المصمم غير معفو عنه).