السؤال الثالث والعشرون: اذكر خلاف أهل العلم في حكم جلد الميتة.
- قال الحنابلةُ: جلدُ الميتةِ لا يطهرُ بالدباغ؛ لأنه نجسُ العَينِ، ونجسُ العين لا يمكنُ أن يطهرَ بخلافِ النجاسةِ الْحُكمية.
فقيل لهم: إنه قد ورد نصٌ صريح أن جلدَ الميتةِ إذا دُبِغَ فقد طهر، وهو حديث ميمونةَ -رضي الله عنها-: "هلَّا أخذتم إهابَها فدبغتموه".
قالوا: هذا حديث منسوخ بحديث عبدِ اللهِ بن عُكَيمٍ -رضي الله عنه-، وفيه: أنه قال قبل وفاتِهِ بشهر: " لا تنتفعوا من الميتة بإهابٍ ولا عَصَبٍ".
فقيل الجواب من وجوه:
الأول: أن حديثَ عبدِ الله بن عكيم ليس بناسخ، فمن شرط النسخِ العلمُ بالتاريخين، فقد يكون حديثُ ميمونةَ قبل وفاته -صلى الله عليه وسلم- بأقلَّ من شهر.
الثاني: حتى لو ثبت أنه متأخِرٌ -أي حديث عبد الله بن عكيم- فلا يُعارِضُ حديثَ ميمونة؛ لأن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تنتفعوا من الميتة بإهابٍ ولا عصب" يُحملُ على الإهاب قبل الدبغ، أما بعده فيجوز.
الثالث: الجلد قبل الدبغ إهابٍ، وبعده شَنٌّ.
قال الإمامُ أبو داودَ عقب روايته للحديث في سننه: "فإذا دبغ فلا يقال له إهاب، إنما يسمى شنًا أو قربة".
وقال النضر بن شميل: "يسمى إهابًا ما لم يدبغ".
والراجح أن جلدَ الميتة إذا دبغ فقد طهر ما عدا جلدَ الكلبِ والخنزير؛ لأن نجاستهما عينية.
قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا دبغ الإهاب فقد طهر"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: " أيما إهاب دبغ فقد طهر".
وهذا قول الشافعي، ورواية عن الإمام أحمدَ -رحمهما الله-.