تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 16 من 26 الأولىالأولى ... 678910111213141516171819202122232425 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 301 إلى 320 من 510

الموضوع: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

  1. #301
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (298)

    - كتاب قيام الليل وتطوع النهار - باب صلاة القاعد في النافلة، وذكر الاختلاف على أبي إسحاق في ذلك


    جاء الشرع الحكيم بالتوسعة على المكلفين في جواز أداء صلاة النافلة قاعداً بغير عذر، على أن لفاعله نصف أجر القائم، ترغيباً في الإكثار من صلاة النافلة، كما أن من صلاها قاعداً لعذر فله الأجر كاملاً.
    صلاة القاعد في النافلة وذكر الاختلاف على أبي إسحاق في ذلك
    شرح حديث: (... وما مات رسول الله حتى كان أكثر صلاته قاعداً ...)
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صلاة القاعد في النافلة وذكر الاختلاف على أبي إسحاق في ذلك. أخبرنا عمرو بن علي عن حديث أبي عاصم حدثنا عمر بن أبي زائدة حدثني أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتنع من وجهي وهو صائم، وما مات حتى كان أكثر صلاته قاعداً، ثم ذكرت كلمة معناها: (إلا المكتوبة) وكان أحب العمل إليه ما دام عليه الإنسان، وإن كان يسيراً) خالفه يونس رواه عن أبي إسحاق عن الأسود عن أم سلمة].
    يقول النسائي رحمه الله: صلاة القاعد في النافلة، وذكر اختلافه على أبي إسحاق في ذلك، المقصود من هذه الترجمة أن الصلاة عن الجلوس في النافلة أن ذلك سائغ وجائز، ولو كان قادراً، إلا أن الأولى للإنسان مع القدرة أن يصلي عن قيام؛ لأنه أكمل وأفضل؛ ولأن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم في الأجر، فالصلاة عن قيام هي الأفضل والأكمل، أما إذا كان صلى قاعداً لمرضه وهو لا يستطيع أن يصلي قائماً، فله مثل أجر القائم، كما ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم).
    الحاصل: أن صلاة القاعد في حال المرض، هو القيام بما يقدر عليه الإنسان، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (صل قائماً فإن لم تستطع، فقاعداً فإن لم تستطع، فعلى جنب) قال ذلك لـعمران بن حصين رضي الله تعالى عنه.
    وقد أورد النسائي حديث عن عائشة، وعن أم سلمة، وعن حفصة رضي الله تعالى عنهن في ذلك، وأولها حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها قالت: (ما كان يمتنع من وجهي وهو صائم) أي: أنه ما كان يمتنع من تقبيلها وهو صائم، بل كان يقبل وهو صائم عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على أن التقبيل للصائم، إذا كان الإنسان يملك نفسه، ولا يخشى أن يترتب عليه ما يفسد الصيام، فإن ذلك سائغ، ولا بأس به.
    قالت: (وما مات حتى كان أكثر صلاته قاعداً) عليه الصلاة والسلام، وهذا في آخر أمره عليه الصلاة والسلام إما للمرض وإما لوجود مشقة، وإن كان قادراً فليبين الحكم للأمة وهو الجواز، والنبي عليه الصلاة والسلام ما فعل ذلك إلا في آخر عمره عليه الصلاة والسلام، فمع عدم القدرة الأمر في ذلك واضح، وقد عرفنا الدليل الذي يدل عليه ومع القدرة فهو يبين للناس الجواز، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
    (ثم ذكرت كلمة معناها: إلا المكتوبة)، يعني: النبي عليه الصلاة والسلام ما كان يصلي المكتوبة إلا قائماً، والمقصود: أن الذي كان يفعله إنما هو في النافلة، وأما المكتوبة فكان لا يصليها إلا عن قيام عليه الصلاة والسلام، إلا إذا مرض فإنه يصليها عن جلوس كما فعل ذلك عليه الصلاة والسلام في آخر حياته، حيث صلى بالناس جالساً، وأبو بكر عن يمينه يصلي بصلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والناس يصلون بصلاة أبي بكر.
    قالت: (وكان أحب العمل إليه ما داوم عليه الإنسان وإن كان يسيراً ). يعني: ولو كان الذي يداوم عليه يسيراً، فإن هذا هو الأحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، والأحب إلى رسول الله هو الأحب إلى الله كما جاء في الحديث: (وإن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل) ولا يقال: إن الأحب إلى رسول الله يختلف عن الأحب إلى الله، وأن الله تعالى يكون شيء إليه أحب، ويكون غيره أحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل محبته تابعة لمحبة الله، وما كان إلى الله أحب، فهو إلى رسوله عليه الصلاة والسلام أحب.
    ومما يذكر هنا أن النبي عليه الصلاة والسلام لما هاجر من مكة إلى المدينة، لم يهاجر إلى المدينة لأنها أفضل من مكة، بل جاء عنه ما يدل على أن مكة أفضل، حيث قال عندما هاجر كما جاء في الحديث الصحيح: (إنك أحب بلاد الله إلى الله، ولولا أنني أخرجت لما خرجت) وهذا يدل على أن مكة أحب البلاد إلى الله عز وجل، وهناك حديث موضوع بخلاف هذا، وفيه أن الأحب إلى رسول الله غير الأحب إلى الله، وهو الحديث الذي يقال فيه: (إنك أخرجتني من أحب البلاد إليّ، فأسكني بأحب البقاع -أو البلاد- إليك) وهي المدينة، فهذا فيه أن الأحب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مكة، وأن الأحب إلى الله المدينة، وهذا حديث موضوع من جهة أن فيه المخالفة بين ما يحبه الله وما يحبه الرسول وهذا ليس بصحيح، بل الأحب إلى الله هو الأحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام.
    والأمر الثاني: أنه يخالف نص الحديث الثابت الصحيح الذي يدل على أن مكة هي أحب البلاد إلى الله (إنك أحب بلاد الله إلى الله) فالأحب إلى الله هو الأحب إلى رسول الله، وفي الحديث الذي معنا أن أحب العمل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم الدائم ولو كان يسيراً، والحديث الصحيح الذي مر بنا فيه: (عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وأن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل) وإنما كان العمل الدائم، ولو كان قليلاً أحب إلى الله، وأحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه دائم ومستمر، ولأن الإنسان يفعل ذلك في أيامه ولياليه، فهو مستمر على القليل، بخلاف الإنسان الذي يهمل، ثم ينشط في بعض الأحيان، وكثير من الأحيان يهمل ويغفل، فالأجل قد يوافيه وهو في حال الغفلة، لكنه إذا كان على عمل دائم مستمر عليه، فإنه على خير، والأجل إذا وافاه يوافيه وهو على عمل دائم وعلى عمل مستمر، ويقولون: قليل تداوم عليه خير من كثير تنقطع عنه.
    تراجم رجال إسناد حديث: (... وما مات رسول الله حتى كان أكثر صلاته قاعداً ...)
    قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو الفلاس المحدث، الثقة، المتكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، ويأتي ذكره في كتب التراجم يوثق ويجرح، فيقال: وثقه الفلاس، ضعفه الفلاس قال فيه الفلاس: كذا، أو يقول فيه عمرو بن علي: كذا لقبه الفلاس البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن حديث أبي عاصم].

    هو النبيل، أبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني البصري الملقب النبيل، وهو من كبار شيوخ البخاري، والنسائي يروي عنه بواسطة، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا عمر بن أبي زائدة].

    صدوق، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.

    [حدثني أبو إسحاق].

    هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي الكوفي، ينسب إلى قبيلة همدان نسبة عامة، وينسب إلى سبيع، وهو مشهور بالنسبة إلى سبيع، وهم بطن من همدان وهي نسبة خاصة، فهو: أبو إسحاق السبيعي وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن الأسود].
    هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، مخضرم، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والمخضرم: هو الذي أدرك الجاهلية والإسلام، ولم يلق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء يقال لهم: المخضرمون، منهم: الأسود بن يزيد بن قيس، ومنهم: أبو وائل شقيق بن سلمة، ومنهم: الصنابحي، ومنهم: سويد بن غفلة، ومنهم: المعرور بن سويد، وهم عدد يزيدون على العشرين جمعهم الإمام مسلم رحمه الله.

    [عن عائشة].

    هي عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق التي حفظت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا سيما السنن المتعلقة بالبيوت التي لا يطلع عليها إلا النساء، فإنها من أوعية العلم، ممن حفظ الله تعالى بها السنة، وهي واحدة من سبعة أشخاص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
    ثم قال: [خالفه يونس رواه عن أبي إسحاق عن الأسود عن أم سلمة].
    هنا ذكر النسائي رواية أخرى عن أبي إسحاق عن الأسود عن أم سلمة، وسيأتي بيانها في الإسناد التالي الذي فيه هذه الطريق التي أشار إليها.
    شرح حديث: (ما قبض رسول الله حتى كان أكثر صلاته جالساً ...)
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سليمان بن سلم البلخي حدثنا النضر أخبرنا يونس عن أبي إسحاق عن الأسود عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: (ما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صلاته جالساً إلا المكتوبة) خالفه شعبة وسفيان وقالا: عن أبي إسحاق عن أبي سلمة عن أم سلمة].أورد النسائي حديث أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، هند بنت أبي أمية رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهو مثل حديث عائشة، أنه (ما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صلاته جالساً إلا المكتوبة)، يعني: في آخر عمره عليه الصلاة والسلام، وجاء في حديث حفصة أنه قبل أن يموت بعام، وهذا يبين أنه كان في آخر حياته عليه الصلاة والسلام كان كذلك، يعني: أن النوافل أكثر ما كان يصليها وهو جالس، وأما المكتوبة فإنه يصليها وهو قائم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (ما قبض رسول الله حتى كان أكثر صلاته جالساً ...)


    قوله: [أخبرنا سليمان بن سلم البلخي].ثقة، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.

    [حدثنا النضر].

    هو النضر بن شميل، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [أخبرنا يونس].

    هو يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو صدوق، يهم قليلاً، وقد أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، ويونس بن أبي إسحاق هو أبو إسرائيل وأبو عيسى الذين يأتي ذكرهما في بعض الأسانيد هذا أبوهم يونس بن أبي إسحاق.

    [عن أبي إسحاق عن الأسود عن أم سلمة].

    أبو إسحاق، والأسود، قد مر ذكرهما، وأم سلمة هي أم المؤمنين هند بنت أبي أمية رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
    ثم ذكر بعد هذه الطريق طريقين: إحداهما من طريق شعبة، والثانية من طريق سفيان، وهما مخالفان في الرواية لهذه الطريقة السابقة، والطريقة الأولى هي طريق شعبة.
    وجه المخالفة من حيث الرواية، هذا رواه عن طريق أم سلمة، وهذا رواه عن طريق عائشة، والمخالفة ليست مخالفة تؤثر، بل هما حديثان، إلا أن أبا إسحاق رواه من طريقين: عن الأسود عن عائشة، وعن الأسود عن أم سلمة، وهما حديثان كل منهما صحيح.

    حديث: (ما مات رسول الله حتى كان أكثر صلاته قاعداً ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد عن شعبة عن أبي إسحاق سمعت أبا سلمة عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: (ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صلاته قاعداً إلا الفريضة، وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل)].أورد النسائي حديث أم سلمة من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله، فيه (وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل). وهذه الطريق فيها بالإضافة إلى أنه كان يصلي في آخر عمره أكثر صلاته النافلة وهو قاعد إلا المكتوبة، فإنه يصليها عن قيام، وفيه بالإضافة إلى ذلك أن أحب العمل إليه الأدوم وإن كان قليلاً.

    قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].

    هو إسماعيل بن مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا خالد].

    هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن شعبة].

    هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي إسحاق].

    وقد مر ذكره.

    [عن أبي سلمة].

    هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة في عصر التابعين في المدينة على أحد الأقوال في السابع.

    [عن أم سلمة].

    وقد مر ذكرها.
    هذه طريق شعبة، فيها أن أبا إسحاق يرويه من طريق أبي سلمة، والطريق السابقة: أبو إسحاق يرويه من طريق الأسود عن أم سلمة، وهذا يرويه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله تعالى عنها.

    حديث: (ما مات رسول الله حتى كان أكثر صلاته قاعداً إلا المكتوبة) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد حدثنا يزيد حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: (والذي نفسي بيده، ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صلاته قاعداً إلا المكتوبة، وكان أحب العمل إليه ما داوم عليه وإن قل) خالفه عثمان بن أبي سليمان، فرواه عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله تعالى عنها]. وهذه الطريق مثل الطريق السابقة، من حيث رواية أبي إسحاق؛ لأنها عن أبي سلمة عن أم سلمة، ولهذا قال: خالفه شعبة، وسفيان، رووه عن طريق أبي إسحاق عن أبي سلمة عن أم سلمة، يعني: رواية سفيان، ورواية شعبة متفقتان في رواية أبي إسحاق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها، والمتن هو المتن الذي قبل هذا.
    قوله: [أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد].
    هو عبد الله بن عبد الصمد الموصلي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا يزيد].

    يزيد هنا غير منسوب، ولا أدري من هو، ولم يذكر المزي في ترجمة عبد الله بن عبد الصمد في شيوخه من يسمى يزيد، وفي ترجمة سفيان الثوري، ذكر في تلاميذه ثلاثة ممن يسمونه يزيد، وهم: يزيد بن أبي حكيم، ويزيد بن هارون الواسطي، ويزيد بن زريع البصري، فهؤلاء الثلاثة الذين يروون عن سفيان كلهم ثقات.
    فإذا كان أحد هؤلاء الثلاثة الذين يروون عن سفيان الثوري فكيفما دار الحديث، فهو دار على ثقة سواء يكون هذا، أو هذا، أو هذا.
    [حدثنا سفيان].
    هو ابن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ثقة، ثبت، حجة، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي إسحاق عن أبي سلمة عن أم سلمة].

    وقد مر ذكرهم.
    ثم ذكر المخالفة، وقال: [خالفه عثمان بن أبي سليمان فرواه عن أبي سلمة عن عائشة].
    ثم ذكر طريقاً أخرى، ليس فيها أبو إسحاق، وإنما فيها: عثمان بن أبي سليمان عن أبي سلمة عن عائشة.


    شرح حديث: (أن النبي لم يمت حتى كان يصلي كثيراً من صلاته وهو جالس) من طريق رابعة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسن بن محمد عن حجاج عن ابن جريج أخبرني عثمان بن أبي سليمان أن أبا سلمة أخبره أن عائشة رضي الله تعالى عنها أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كان يصلي كثيراً من صلاته وهو جالس].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وقد مر من طريق أبي إسحاق، وهذه ليست من طريق أبي إسحاق، وقد ذكر في الترجمة، واختلاف الناقلين عن أبي إسحاق أي: ليس في جميع الطرق التي جاءت في هذا الباب، وإنما في أكثرها، أنها جاءت من طريق أبي إسحاق، وكلها طرق صحيحة ثابتة ولا تنافي بينها، وهذه طريق أخرى عن عائشة رضي الله عنها، ليست من طريق أبي إسحاق، وهي مثل التي قبلها من جهة أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يمت حتى كان أكثر صلاته قاعداً صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي لم يمت حتى كان يصلي كثيراً من صلاته وهو جالس) من طريق رابعة


    قوله: [أخبرنا الحسن بن محمد]. هو الحسن بن محمد الزعفراني، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن حجاج].
    هو: حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن جريج].

    هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [أخبرني عثمان بن أبي سليمان].

    هو عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم النوفلي المكي، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه.
    [أن أبا سلمة أخبره أن عائشة].
    وقد مر ذكرهم.

    شرح حديث عائشة: (هل كان رسول الله يصلي وهو قاعد؟ قالت: نعم ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو الأشعث عن يزيد بن زريع أخبرني الجريري عن عبد الله بن شقيق قلت لـعائشة رضي الله تعالى عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو قاعد؟ قالت: نعم بعدما حطمه الناس].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أن عبد الله بن شقيق سألها [أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعداً؟ قالت: نعم بعدما حطمه الناس]، يعني: بعدما كبر، وكثرت مشاغله، وأثقال الناس عليه وهذا في آخر حياته كان كذلك، أي: أنه يصلي قاعداً، فالمقصود من ذلك: أنه بعدما كبر، وثقلت أحماله وحطمه الناس، وليس معنى حطمه الناس أنه حصل له شيئاً يؤذيه أو ما إلى ذلك من الناس، وإنما بانشغاله بهم واهتمامه بهم، بقيامه بالأعباء الجسيمة والعظيمة، التي انشغل بها، فصار في آخر حياته يصلي وهو قاعد، يعني: ليس دائماً وإنما في كثير من أحيانه عليه الصلاة والسلام وذلك إنما هو في النافلة.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (هل كان رسول الله يصلي وهو قاعد؟ قالت: نعم ...)


    قوله: [أخبرنا أبو الأشعث].هو أحمد بن المقدام، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

    [عن يزيد].

    هو يزيد بن زريع البصري وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [أخبرني الجريري].

    هو سعيد بن إياس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله بن شقيق].

    هو عبد الله بن شقيق العقيلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [قلت لـعائشة].
    وقد مر ذكرها.

    شرح حديث حفصة: (ما رأيت رسول الله صلى في سبحته قاعداً حتى كان قبل وفاته بعام ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد عن المطلب بن أبي وداعة عن حفصة رضي الله تعالى عنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في سبحته قاعدا قط حتى كان قبل وفاته بعام، فكان يصلي قاعدا يقرأ بالسورة، فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها)].أورد النسائي حديث حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، أنها ما رأت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في سبحته -يعني: نافلته؛ لأن السبحة هي النافلة- إلا قائماً، حتى كان قبل موته بعام، فكان يصلي جالساً، وكان يقرأ السورة، فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها أي: بسبب الترتيل، حتى تكون أطول من أطول منها بسبب ترتيله في القراءة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا الحديث يبين أن كونه يصلي قاعداً، أن ذلك كان في السنة التي بقيت من عمره عليه الصلاة والسلام؛ لأن حفصة تقول: ما رأيته يصلي قائماً إلا قبل موته بعام.
    تراجم رجال إسناد حديث حفصة: (ما رأيت رسول الله صلى في سبحته قاعداً حتى كان قبل وفاته بعام ...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن مالك].
    هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن شهاب].

    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، وهو ثقة، فقيه، مكثر من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن السائب بن يزيد].

    صحابي صغير، حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره سبع سنوات، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن المطلب بن أبي وداعة].

    صحابي، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن حفصة].

    هي أم المؤمنين بنت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنها وعن أبيها وعن الصحابة أجمعين، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
    والحديث فيه رواية ثلاثة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض، وهم: السائب بن يزيد، والمطلب بن أبي وداعة، وحفصة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها.

    الأسئلة



    حكم مداومة الشبع في الطعام
    السؤال: فضيلة الشيخ! هل يختص القول بأن المداومة على الشبع حرام؟ وهل هذا القول له أصل في السنة؟

    الجواب: لا أعلم شيئاً يدل على تحريم الشبع يعني عند الأكل، وكون الإنسان يأكل، ويشبع لا أعلم شيء يدل على تحريمه.
    حكم الوتر بركعة واحدة فقط
    السؤال: فضيلة الشيخ! رجل تعود في صلاة الوتر أنه يصلي واحدة، فهل عليه من إثم في ترك ثلاث ركعات أو أكثر كما ورد؟ أرجو الإفادة؟.

    الجواب: ليس عليه إثم، ولكنه ترك الأفضل والأولى، والأولى للإنسان أن لا يوتر بواحدة فقط لا يسبقها ركعتان أو أربع ركعات، وإذا أوتر بركعة، فذلك سائغ، ولا مانع منه، وقد جاء ما يدل عليه في السنة في صحيح البخاري عن معاوية رضي الله عنه أنه كان يوتر بواحدة، فقيل لـعائشة قالت: إنه لفقيه يعني: أنه لا بأس بذلك، ولا مانع منه، ولكن كونه يضاف إليها ركعتان، أو أربع، أو أكثر من ذلك قبلها لا شك أنه هو الأولى، والأكمل، والأفضل.
    استواء الرجال والنساء في الصلاة قياماً أو قعوداً
    السؤال: فضيلة الشيخ! يقولون إن صلاة المرأة وهي قاعدة أفضل، وذلك لأنه أستر لها، فما وجه ذلك؟ وهل يصح أن تصلي قاعدة؟

    الجواب: في الفريضة لا يجوز لها أن تصلي وهي قاعدة بل هي مثل الرجال، وكذلك بالنسبة للنافلة هي حكمها حكم الرجال، ولا أعلم شيئاً يدل على أنها تصلي وهي جالسة، والأحكام التي تثبت في الرجال تثبت لها، إلا إذا جاء شيء يدل على تمييزها عن الرجال بشيء من الأحكام، أو تمييز الرجال على النساء بشيء من الأحكام، فعند ذلك يصار إلى ما جاءت به الأدلة من التمييز، وإلا فإن الأصل هو تساوي الرجال والنساء في الأحكام، وعدم التفريق في الأحكام.
    وبالنسبة للفريضة: كل يجب عليه أن يصلي قائماً، وأما بالنسبة للنافلة فالكلام الذي قلته آنفاً هو في حق الرجال والنساء، من صلى قاعداً لمرضه فهو مأجور مثل أجر القائم، ومن صلى قاعداً مع صحته وعافيته فعمله صحيح وله مثل أجر نصف القائم.
    منتهى وصول الرسول صلى الله عليه وسلم في الإسراء ومعنى سدرة المنتهى
    السؤال: فضيلة الشيخ! ما هو منتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسراء؟ وهل تجاوز سدرة المنتهى؟ وما هي سدرة المنتهى؟ أفتونا جزاكم الله خير.

    الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم تجاوز السماء السابعة ورأى سدرة المنتهى، ولا ندري إلى أي شيء انتهى بعد ذلك، وأما سدرة المنتهى، فهي: شجرة يقال لها: سدرة المنتهى.
    مدى صحبة محمود بن لبيد
    السؤال: فضيلة الشيخ! محمود بن لبيد هل هو صحابي أم لا؟
    الجواب: نعم، هو صحابي صغير.

    حكم الهجوم الانتحاري على العدو

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز الهجوم الانتحاري على العدو؟ بقصد تكبيده في الأرواح والأموال بعدم القدرة عليه عدةً وعدداً.

    الجواب: ليس للإنسان أن يقتل نفسه، إذا وجد الجهاد في سبيل الله ليجاهد في سبيل الله، ولكن ليس له أن يلقي بنفسه إلى التهلكة.

    حكم الأذان من الشريط للصلاة المكتوبة
    السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز الأذان من الشريط للصلاة المكتوبة؟

    الجواب: ليس للناس أن يتخذوا الأشرطة ليؤذن بواسطتها، وإنما يؤذن مؤذن بصوته، وبنفسه، لا يعتمد الناس على أشرطة، فيفتحونها أمام المكبر ويترك الأذان؛ لأن الأصل هو هذا، وليس هناك ما يقتضيه أو ضرورة تلجئ إليه، وما دام المصلون، ولو كان رجلاً واحداً فإنه يؤذن لنفسه، وليس عن طريق الأشرطة؛ لأن هذا فيه كسل وفيه خمول، وفيه استهانة بالقيام بهذه الشعيرة، ومن المعلوم: أن الأذان له صفة معلومة، وله هيئة، وفيه التفات عند الحيعلة يعني: حي على الصلاة حي على الفلاح، ومثل هذا لا يوجد الأذان في الشريط.

    الجمع بين جواز الزواج بالكتابية وتحريم الزواج بالمشركة مع وقوع أهل الكتاب في الشرك

    السؤال: فضيلة الشيخ، لقد أباح الشارع التزوج بالكتابيين، فهل يدخل في ذلك من يحمل عليه وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ [التوبة:30]؟ مع العلم، أن هذا الصنف يحكم عليه بالشرك، فقد قال الله تعالى: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221]؟

    الجواب: أحل الله تعالى الزواج من الكتابيات، وأباحه؛ لأنهن لهن الارتباط بالدين، وإن كان ذلك الدين حصل فيه تحريف، وحصل فيه تبديل، لكن من يرتبط بدين، ومن ينتمي إلى دين جاء من عند الله، فلا شك أنه خير ممن لا ينتمي إلى دين أصلاً، وإن كان الكل كفاراً، يعني: اليهود والنصارى كفار، والمشركون الذين هم عبدة الأوثان، كفار، والله عز وجل يقول: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِين َ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ [البينة:1] لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة:73] وقد قال: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:17]، فالكفر ملة واحدة، لكن الله عز وجل ميز بين اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب، فأحل نساءهم، وأحل لنا ذبائحهم، ولم يحل لهم نساءنا، ومن المعلوم: أن الكتابية كافرة فهو يتزوجها على أنها كافرة، وليست مسلمة، والله عز وجل قال: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة:30]، عندهم شرك، وهم كفار لكن ليسوا مثل عبدة الأوثان، الذين ما ينتمون إلى السماء، ولا ينتمون إلى الديانات التي جاءت من عند الله، ولهذا صار بعض الكفار أقرب من بعض، ولهذا المسلمون، فرحوا بانتصار الروم على الفرس؛ لأن أولئك مجوس وعبدة أوثان، وأما الروم فينتمون إلى دين، وبعض الشر أهون من بعض، وبعض الكفر أهون من بعض، وإن كان الكل في النار، والكل خارج عن الإسلام، لكن الكفار ليسوا على حد سواء، بعضهم أشد من بعض وأخبث من بعض، ولهذا نجد الفرق بين ملك الفرس وملك الروم، ملك الفرس، مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاء إليه، وأما ملك الروم فاحترم هذا الكتاب، واحتفظ به، وقدره، وجمع جماعة حوله لما كان أبو سفيان وجمع معه في الشام.
    ولهذا: فيه كفار يصدون عن سبيل الله، وكفار لا يصدون عن سبيل الله، والذي يصد عن سبيل الله أشد من الكافر الذي لا يصد عن سبيل الله، والله يقول: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ العَذَابِ [النحل:88].
    لكن مما هو معلوم: هن وإن أحللن لنا إلا أن نكاح المسلمات أولى من نكاح الكتابيات، وإن كان ذلك سائغاً إلا أن نكاح المسلمة أولى.
    سماع الموتى في قبورهم
    السؤال: فضيلة الشيخ! هل الأموات يسمعون في قبورهم دائماً؟

    الجواب: أقول: ما نعلم أنهم يسمعون كل شيء، وأنهم يسمعون دائماً، لكن ورد في السنة ما يدل على أن الكفار الذين هم كفار قريش، الذين قتلوا في بدر وأودعوا في القليب، أن الرسول صلى الله عليه وسلم خاطبهم وكلمهم، فكان يكلمهم، فقيل: تكلمهم وهم نتنى قد جيفوا؟ قال: لستم أسمع لما أقول منهم، وهذا يفيد بأن الله عز وجل أسمعهم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانوا أموات؛ لأن في ذلك زيادة تكبيت لهم.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #302
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (299)

    - كتاب قيام الليل وتطوع النهار - (باب فضل صلاة القائم على صلاة القاعد) إلى (باب فضل السر على الجهر)


    من رحمة الله بهذه الأمة أن خفف عنهم ما لم يخفف عن غيرهم من الأمم، ومن ذلك أن المصلي إذا كان شق عليه القيام دون ضرر كبير فله أن يصلي قاعداً وله نصف أجر القائم، وله أن يضطجع إذا شق عليه القعود، ومن كرمه سبحانه أن يكتب عمل المسافر والمريض تاماً إذا كان محافظاً ومداوماً عليه أثناء عافيته وحضره.

    فضل صلاة القائم على صلاة القاعد

    شرح حديث: (صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم)
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فضل صلاة القائم على صلاة القاعد.أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى عن سفيان حدثنا منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي جالساً، فقلت: حدثت أنك قلت أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم وأنت تصلي قاعداً، قال: أجل، ولكني لست كأحد منكم)].
    فيه أن من أحوال أفعاله عليه الصلاة والسلام أنه يفعل الشيء للتشريع، ولبيان الحكم بأنه جائز، وأنه سائغ، وأنه ليس بممنوع، ولكن أجره عظيم عند الله عز وجل، في جميع الأحوال حالة قعوده، وحالة قيامه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
    تراجم رجال إسناد حديث: (صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم)
    قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].هو السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب، وقيل له سني؛ لأنه أظهر السنة في بلده، وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي.

    [حدثنا يحيى].

    هو ابن سعيد القطان البصري، ثقة، ثبت، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً، وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن سفيان].
    هو سفيان بن سعيد المسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا منصور].

    هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، من أقران الأعمش، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن هلال بن يساف].
    هو هلال بن يساف الكوفي، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن أبي يحيى].
    هو مصدع الأعرج، قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن عبد الله بن عمرو].
    هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي مشهور، وحديثه عنه أصحاب الكتب الستة، والحديث الذي معنا أخرجه مسلم في صحيحه، وهو من رواية أبي يحيى مصدع الأعرج، وهو مقبول في رأي الحافظ ابن حجر وأنه يحتاج إلى متابعة.
    فضل صلاة القاعد على صلاة النائم
    شرح حديث: (... ومن صلى نائماً فله نصف أجر صلاة القاعد)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فضل صلاة القاعد على صلاة النائم.أخبرنا حميد بن مسعدة عن سفيان بن حبيب عن حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه قال: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الذي يصلي قاعداً؟ قال: من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد)].
    ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: فضل صلاة القاعد على صلاة النائم، المقصود بالنائم هو: المضطجع، وليس النائم الذي هو النوم المعروف؛ لأن مثل هذا لا يصلي وليس من أهل الصلاة يعني: في حال نومه، وإنما المقصود من ذلك أنه مضطجع أي: كشأن النائم الذي يضطجع، هذا هو المقصود من الترجمة وبالحديث الذي تحت هذه الترجمة: فضل صلاة القاعد على صلاة النائم.
    وقد أورد النسائي فيه، حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما (أنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن صلاة القاعد فقال: من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر صلاة القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر صلاة القاعد)، فالحديث دال على ما دلت عليه الترجمة السابقة، من جهة تفضيل صلاة القائم على صلاة القاعد، وفيه أيضاً تفضيل صلاة القاعد على صلاة النائم، أي: المضطجع الذي يصلي مضطجعاً، وبعض أهل العلم قال: إن هذا الحديث بعمومه يدل على أن النوافل تصلى حتى في حال النوم، وأنه إذا صلى متنفلاً مضطجعاً فإن صلاته تصح بهذا الحديث، وأنها على النصف من صلاة القاعد، ومن المعلوم أن القاعد على النصف من صلاة القائم فتكون على الربع من صلاة القائم التي هي: صلاة المضطجع.
    ومن العلماء من قال: إن الحديث ليس بما يتعلق بالنسبة للنافلة وإنما هو في الفريضة، وقالوا: إنه لم يعهد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه فعل ذلك أبداً، ولا على أحد من أصحابه أنهم كانوا يصلون مضطجعين، وقالوا: إن هذا الحديث يحمل على صلاة الفريضة، وأن المقصود بذلك: أن الذي يصلي مضطجعاً مع قدرته على الجلوس ولكنه يشق عليه، فإن من يصلي قاعداً مع مشقة القعود عليه فله أن يصلي نائماً -أي: مضطجعاً- فهو أعظم أجراً ممن صلى مضطجعاً مع قدرته على الجلوس مع المشقة، وكذلك قالوا بالنسبة للقاعد أن من عنده قدرة على القيام ولكنه يشق عليه أن يقوم ولكنه تحامل وقام وصلى مع مشقته عليه فإنه يكون أعظم أجراً ممن صلى جالساً، مع حصول المشقة عليه في القيام، فيكون من صلى جالساً مع أنه قادر على أن يصلي قائماً مع المشقة فإنه أجره على النصف من صلاة القائم الذي تحامل وقام للصلاة مع المشقة، وكذلك النائم الذي هو: المضطجع، إذا كان قادراً على القعود، ولكنه لم يكلف نفسه مع وجود المشقة عليه، فإن أجره على النصف من أجر القاعد الذي هو مثله ولكنه تحمّل المشقة وصلى قاعداً، مع وجود المشقة فإنه يكون أعظم أجراً ممن صلى مضطجعاً، مع أنه قادر على القيام أو على الجلوس مع وجود المشقة.
    وقالوا في الحديث الذي أورده البخاري في صحيحه: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم) أن المقصود منه الذي اعتاد شيئاً في حال الصحة، ولكنه لم يتمكن منه في حال المرض فإنه يكتب له من الأجر ما كان يعمل وهو صحيح مقيم، وهو مثل ما جاء في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وفيه أن ابنه أبا بردة بن أبي موسى سافر هو ويزيد بن أبي كبشة، فكان يزيد يصوم في السفر، فقال له أبو بردة أفطر فإنني سمعت أبا موسى يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم).
    والحديث الذي ذكرته في البخاري، يدل على أن من كان يفعل شيئاً وعجز عنه في حال مرضه وكان يعمله في حال صحته فإن الله تعالى يكتب له مثل ما كان يعمل وهو مقيم، لكن لا شك أن من كان قادراً على الجلوس، ولكن عليه مشقة لا تلحق به ضرراً ثم إنه صلى مضطجعاً مع قدرته على الجلوس لا شك أنهما ليسوا سواء، الذي جلس مع حصول المشقة والذي صلى مضطجعاً مع قدرته على الجلوس مع المشقة، قالوا: وعلى هذا يحمل ما جاء في هذا الحديث على أن المراد به من يكون في الفرائض، ويكون قادراً على الجلوس مع المشقة وصلى في حال الاضطجاع.
    وأكثر العلماء قالوا أن الحديث لا يحمل على المتنفل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما علم عنه أنه صلى ولو مرة واحدة في حال اضطجاعه متنفلاً، وكذلك لم يعلم عن أحد من الصحابة والتابعين أنهم فعلوا ذلك أي: الصلاة النافلة في حال الاضطجاع، قالوا: والحديث محمول على الفريضة وأن المقصود به هو من يشق عليه الجلوس ويقدر عليه، ولكنه صلى مضطجعاً فهو يكون على النصف من أجر من كان مثله، ولكنه تحمل المشقة التي لا يلحقه بها ضرر كبير، وصلى جالساً فالمضطجع على النصف من أجر الجالس.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... ومن صلى نائماً فله نصف أجر صلاة القاعد)

    قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة].هو حميد بن مسعدة البصري، وهو صدوق، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن سفيان].

    هو سفيان بن حبيب البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب، وأصحاب السنن.
    [عن حسين المعلم].
    هو حسين بن ذكوان المعلم البصري، وهو ثقة ربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عبد الله بن بريدة].
    هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عمران بن حصين].
    صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنيته أبو نجيد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    كيف صلاة القاعد
    شرح حديث عائشة: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً)
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف صلاة القاعد.أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا أبو داود الحفري عن حفص عن حميد عن عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً)، قال أبو عبد الرحمن: لا أعلم أحداً روى هذا الحديث غير أبي داود، وهو ثقة، ولا أحسب هذا الحديث إلا خطأ. والله تعالى أعلم].
    أورد النسائي كيف يصلي القاعد، أي: كيف حاله في حال القيام، أو ما هي هيئته في حال القراءة، وكيف يكون الجلوس الذي هو بدل القيام، وهذه المسألة ذكر الحافظ ابن حجر ثلاثة أقوال لأهل العلم:
    فقال: منهم من قال: أنه يصلي متربعاً، ومنهم من قال: إنه يصلي مفترشاً، ومنهم من قال: إنه يصلي متوركاً، قال: وبكل واحداً منها ورد أحاديث، لكن أنا ما وقفت على هذه الأحاديث التي أشار إليها، والحاصل أنه ذكر أن الهيئة فيها ثلاثة أقوال، والحديث الذي أورده المصنف وهو: حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً) الحديث واضح الدلالة على أنه يصلي متربع، أو أن المصلي في حال جلوسه الذي هو بدل القيام يصلي متربعاً، والنسائي رحمه الله ذكر أن هذا الحديث عنده شك في صحته، وفي ثبوته، وقال: لا أحسبه إلا خطأ، وهو لا يرويه إلا أبو داود، والشيخ الألباني ذكر هذا الحديث في تعليقه على صحيح ابن خزيمة، والحديث أورده ابن خزيمة في صحيحه من هذه الطريق التي هي طريق أبي داود الحفري، وقال الألباني: إن الإسناد صحيح، وأن هذا الظن من النسائي لا يضعف به الحديث مع وجود صحة الإسناد، وثبوت الإسناد، فمجرد الظن لا يجعل الحديث يكون ضعيفاً.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً)


    قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].هو الحمال البغدادي لقبه الحمال، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن أبي داود الحفري].

    هو عمر بن سعد بن عبيد الحفري، والحفر هي: محلة في الكوفة - بفتح الحاء والفاء -، ينسب إليها فيقال له الحفري، قال الحافظ عنه في التقريب: إنه ثقة، عابد، وأخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن حفص].

    هو حفص بن غياث، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن حميد].

    هو حميد بن أبي حميد الطويل البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله بن شقيق].

    هو عبد الله بن شقيق العقيلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن عائشة].
    هي أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، التي حفظ الله تعالى بها سنة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ستة رجال، وامرأة واحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
    كيف القراءة بالليل

    شرح حديث عائشة: (كيف كانت قراءة النبي بالليل ... ربما جهر وربما أسر)
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف القراءة بالليل. أخبرنا شعيب بن يوسف حدثنا عبد الرحمن عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس سألت عائشة رضي الله تعالى عنها: (كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل يجهر أم يسر؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل ربما جهر، وربما أسر).
    أورد النسائي كيف القراءة في الليل أي: هل تكون جهراً أو تكون سراً؟ يعني: التي هي صلاة النوافل أو صلاة الليل النافلة هذا هو المقصود بالسؤال؛ لأن المقصود القراءة في صلاة الليل التي هي من النوافل، يعني: ماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل؟ هل كان يسر أو كان يجهر؟ قالت: كل ذلك فعله رسول الله عليه الصلاة والسلام ربما جهر وربما أسر، يعني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم، في بعض أحواله يسر وفي بعض أحواله يجهر، وهو يدل على أن كل ذلك سائغ، وأن كلاً منهما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيأتي في الحديث الذي بعد هذا الذي فيه الإشارة إلى تفضيل الإسرار على الجهر، ومن المعلوم أن المصلي في الليل إذا كان يؤذي بقراءته أحداً فإنه لا يجهر بالقراءة، فإنه ليس له أن يجهر بالقراءة مع وجود حصول الأذى على أحد من الناس بسبب قراءته الجهرية التي جهر بها، وإذا كان ليس هناك من يتأذى بجهره فإنه يجهر، وأما من حيث بيان الحكم الشرعي فالحديث دال على أن كلاً من هذا وهذا قد جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن النبي عليه الصلاة والسلام وجد منه الجهر في بعض الأحوال، ووجد منه الإسرار في بعض الأحوال.
    تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل... ربما جهر وربما أسر)

    قوله:
    [أخبرنا شعيب بن يوسف].
    هو شعيب بن يوسف النسائي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
    [حدثنا عبد الرحمن].
    هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، ثبت، عارف بالرجال والعلل، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن معاوية بن صالح].
    هو معاوية بن صالح بن حدير الحمصي، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن عبد الله بن أبي قيس].
    ثقة أخرج له البخاري في الأدب، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن عائشة].
    رضي الله تعالى عنها وأرضاها وقد مر ذكرها.

    فضل السر على الجهر

    شرح حديث: (... والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: فضل السر على الجهر.أخبرنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال حدثنا محمد يعني: ابن سميع حدثنا زيد يعني: ابن واقد عن كثير بن مرة أن عقبة بن عامر رضي الله عنه حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الذي يجهر بالقرآن كالذي يجهر بالصدقة، والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة)].
    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: فضل السر على الجهر في صلاة الليل، مع أن كل منهما سائغ وكل منهما جائز وكل منهما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث السابق، إلا أن الإسرار قد يكون أولى من جهة البعد عن الرياء، وكونه لا يكون هناك مجال للرياء، والنبي عليه الصلاة والسلام قاس ذلك على الصدقة، وأن الذي يجهر بالقرآن كالذي يجهر بالصدقة، والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة.
    ومن المعلوم أن الجهر بالصدقة والإسرار بالصدقة، كل منهما أفضل في بعض الأحيان، فالجهر بالصدقة أفضل فيما إذا كان يقتدى به ويتبع في ذلك كما جاء في قصة الرجل الذي تصدق بصرة وتبعه الناس بالتصدق، فقال عليه الصلاة والسلام على إثره عند ذلك: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها) وجاء عنه ما يدل على فضل الإسرار بالصدقة، وذلك في حديث السبعة الذين (يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وفيهم رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
    والإسرار فيه أيضاً السلامة والبعد عن الرياء، ولكن إذا كان الإنسان ليس عنده أحد وأراد أن يجهر حتى يكون أنشط له في الصلاة، فإن ذلك لا محذور فيه، من جهة أن ليس هناك أحد يسمعه، وقد يدخل في الرياء، أو قد يكون فيه إلحاق ضرر به من حيث أنه يؤذي بقراءته أحداً، فإذا جهر مع كونه لا يسمعه أحد؛ لأنه أنشط له في مواصلة الصلاة وفي الاستمرار في الصلاة، فلا شك أن ذلك حسن، وإذا أسر فإن ذلك أيضاً جاءت به السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
    والحديث واضح الدلالة على فضل الإسرار بالصلاة يعني: صلاة الليل أي: القراءة، ومن المعلوم كما ذكرت أن فيه البعد عن الرياء، وملاحظة الناس.
    تراجم رجال إسناد حديث: (... والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة)

    قوله:

    [أخبرنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال].

    هو دمشقي، أخرج له أبو داود، والنسائي.

    [حدثنا محمد يعني: ابن سميع].

    هو محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع الدمشقي، وهو صدوق يخطئ ويدلس، وحديثه أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا زيد يعني: ابن واقد].
    وفي بعض النسخ يزيد وهو خطأ، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [عن كثير بن مرة].
    ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن عقبة بن عامر رضي الله عنه].

    هو عقبة بن عامر الجهني، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    الأسئلة

    إمامة الرجل بالمرأة وموقعها من ذلك

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل يجوز صلاة الرجل وزوجته أو أمه معاً مع أن كل واحد منهما يصلي لنفسه دون الجماعة؟

    الجواب: على كل كون الرجل يؤم المرأة جائز ولكنها تصف وراءه ولا تصف بجواره؛ لأن الصف بالجوار هو خاص بالرجال إذا كان واحداً فإنه يكون عن يمينه، وأما إذا كانت امرأة فإنها تصف وراءه، ولا تصف بجواره؛ لأن موقف المرأة وراء الرجل وليس بجواره، ويدل على ذلك ما جاء في الحديث الذي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى وراءه أنس ومعه غيره وامرأة وراءهم تصلي وراءهم، فدل هذا على أن موقفها أنها تكون وحدها وأنها تصف وحدها، وليست كالرجال الذين لا يجوز لهم أن يصفوا وحدهم إلا للضرورة، بل صلاة الفذ المنفرد خلف الصف لا تصح، هذا إذا كان رجل، وأما إذا كان امرأة وهي وحدها فإنها تصف وحدها، وليس لها أن تصف مع الرجال لا في صفهم ولا بجوار الإمام، ومن المعلوم أن هذا حتى مع المحارم، يعني: المرأة لا تصف بجوار زوجها والأم لا تصف بجوار ابنها، والأخت لا تصف بجوار أخيها وهكذا، فموقف المرأة وراء الرجل إذا كان واحداً، يعني: هو صف وهي صف.

    أكثر مدة النفاس
    السؤال: فضيلة الشيخ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته يقول: متى يصلح للرجل أن يأتي زوجته إذا سقط جنينها قبل أربعين يوم، وأيضاً النفاس قبل أربعين يوماً فهل يمتنع الزوج إلى تمام هذه المدة أم لا؟

    الجواب: النفاس نهايته أربعون، وما زاد على الأربعين فإنه لا يعتبر نفاساً، وعلى المرأة أن تغتسل عند تمام الأربعين، وتعمل الأمور التي تعملها قبل ولادتها، وأما إذا انقطع الدم قبل الأربعين فهي طاهرة، عليها أن تغتسل وتصلي، ويجامعها زوجها، وتعمل الأعمال التي تعملها النساء الطاهرات، لكن إن عاودها الدم في الأربعين فإنها ترجع إليه، ولكن في حال الطهر الذي حصل في أثناء الأربعين، فإنها تغتسل عند الانقطاع وهي في الأربعين، ثم تصلي وتعمل الأعمال التي تفعلها الطاهرات اللاتي لسن حيض ولا نفساء، فنهاية النفاس أربعين، وإذا طهرت المرأة قبل الأربعين فإنها تغتسل وتصلي، وإن عاد عليها الدم في الأربعين عادت إلى الجلوس.
    السقط قبل نفخ الروح والحكم المترتب على ذلك

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل العلقة قبل نفخ الروح فيها امتناع أيضاً كوقت النفاس؟

    الجواب: لا، هذا ما فيها نفاس، يعني: إذا سقط يعني: حصول السقط يعني لا سيما إذا كان قبل بلوغ نفخ الروح فيه، بكونه سقط قطعاً من لحم أو شيء من الدم، فإن هذا ما يقال له نفاس، هذا لا يقال له نفاس وإنما هذا دم فساد.

    كيفية التخلص من الحسد والرياء
    السؤال: فضيلة الشيخ، لا يخفى عليكم أن الحسد من أمراض القلوب، فكيف أتخلص منه وكيف أتخلص من الرياء أرجو الإفادة؟

    الجواب: الحسد لا شك أن أمره خطير، ويكون في النفوس المريضة، والإنسان لا يحسد أحداً على ما أتاه الله، وإنما يسأل الله عز وجل من فضله، والحسد هو: تمني زوال النعمة عن الغير، وتمنى أن النعمة تزول عن من أعطاه الله عز وجل هذه النعمة، وأما كونه يتمنى أن يكون له مثل فلان، ليحسن، وليتصدق فهذا يقال لها غبطة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين) يعني: لا غبطة، يعني: هذا الشيء الذي يغبط به، وأما الحسد المذموم الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، فهو الذي يتمنى زوال النعمة على الغير لحقد في نفسه، ولسوء في نفسه يحسد غيره على ما أعطاه الله عز وجل من النعم.
    وطريقة التخلص من ذلك أن الإنسان يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسأل الله من فضله، ولا يتمنى زوال النعمة عن الغير، ويبعد هذا البلاء عن نفسه، عن طريق ذكر الله عز وجل، وعن طريق كون الإنسان يعلم أن الله عز وجل هو المعطي المانع، وأن الله عز وجل هو الذي يعطي ويمنع، وأن من أعطاه الله مالاً فقد أعطاه إياه، وتفضل عليه فلا يتمنى زواله.
    أما الحسد الذي هو: بمعنى الغبطة فهذا لا بأس به، وهو أن يرى إنساناً عنده مال، ويتصدق منه، وينفق ويقول، يعني: يود أن له مثله حتى يفعل مثل ما يفعل هذا لا بأس به.
    وأما الرياء، فهو: أنه يعمل الأعمال من أجل رؤية الناس، ومن أجل أن يحمده الناس، وهذا ينافي الإخلاص، ولـابن القيم رحمه الله، كلمة جيدة وفائدة عظيمة ذكرها في كتابه الفوائد، وأنا نقلتها عنه في الفوائد المنتقاة في فتح الباري وكتب أخرى، وهي من أحسن الكلام، وأجمل الكلام، يقول: أنه لا يجتمع في القلب الإخلاص، ومحبة المدح والثناء، إلا كما يجتمع الماء والنار، والضب، والحوت، إنهما لا يجتمعان، يعني: كون الإنسان يخلص ويحب أن يحمده الناس وأن يثنوا عليه وأن يمدحوه، ثم ذكر قال: أن الإنسان إذا ابتلي بشيء من ذلك، فطريق الخلاص منه، أن يعلم أنه ليس هناك أحد ينفع مدحه، وليس هناك أحد يضر ذمه إلا الله عز وجل، فالذي مدحه الله هو الممدوح، والذي ذمه الله هو المذموم، وأما غيره فلا يضر ذمه، ولا ينفع مدحه.
    محبة مدح الناس وثناءهم قال: فتقبل إلى الطمع فتذبحه بسكين اليأس، وتقبل إلى مدح الناس وثناؤهم، فتزهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، وهذا هو الذي يجعل الإنسان يزهد في المدح والثناء، ويعلم أنه ليس هناك أحد ينفع مدحه إلا الله، وليس هناك أحد يضر ذمه إلا الله سبحانه وتعالى، فهي فائدة نفيسة جداً موجودة في كتاب الفوائد لـابن القيم، وهي في الفوائد المنتقاة في فتح الباري وكتب أخرى.
    الضابط فيما يرد على النفس تجاه مدح الناس له

    السؤال: فضيلة الشيخ، فيه ضابط، أنه قد يرد في النفس أحياناً أن الإنسان يعمل عملاً، ويحب أن يحمد عليه أو شيء مثل هذا؟

    الجواب: يبعد هذا عن نفسه، لكن إذا حصل منه العمل، ومدحه الناس عليه، وما كان فعله ليمدح، فهذا هو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل قال: (ذلك عاجل بشرى المؤمن)، يعني: كون الإنسان يعمل العمل وهو ما يريد أن الناس يمدحونه، ولكنهم أثنوا عليه وذكروه، وقال: (ذلك عاجل بشرى المؤمن).
    الدعاء بعد الصلاة ورفع اليدين
    السؤال: فضيلة الشيخ، ما حكم رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة ومسحهما على الوجه، وهل يجهر في الدعاء بصورة الجماعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.

    الجواب: الذكر بعد الصلاة جاءت السنة برفع الصوت به، يعني: بحيث يسمعه الناس ويسمع الناس بعضهم بعضاً، لكن لا على طريقة الصوت الجماعي، بل كل يرفع صوته بالذكر لنفسه، فيتفقون ويختلفون، يعني: ما هم كلهم يقولون بصوت واحد، يعني: هناك واحد يقول لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، وواحد يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كل يذكر من قبله، وليس بصوت واحد؛ لأن هذا لم يؤثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وأما رفع اليدين بالذكر بعد المكتوبة، فهذا من المواضع التي لم تأت بها السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام على كثرة صلاته بالناس الجماعة، ما عهد عنه ولا مرة واحدة أنه رفع يديه، فدل هذا على أن اليدين لا ترفعان في هذا الموطن؛ لأنه على كثرة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالناس في جماعة ما أحد منهم روى عنه أنه رفع يديه في يوم من الأيام، فدل هذا على أن السنة هي عدم رفع اليدين في الذكر أو في الدعاء بعد الصلاة.
    وأما قضية مسح الوجه باليدين بعد رفعهما بالدعاء، فلم تثبت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما ورد فيه أحاديث ضعيفة لا تثبت، فالإنسان إذا رفع يديه حيث يسوغ له أن يرفعهما فإنه ينزلهما دون مسح الوجه بهما.
    رد السلام من الميت على من سلم عليه بين خصوصيته بالرسول وعموم الموتى
    السؤال: فضيلة الشيخ، هل رد السلام خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أم يرد السلام كل ميت إذا سلم عليه؟

    الجواب: في حق الرسول صلى الله عليه وسلم ورد ما يدل عليه: (ما من مسلم يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام) وأما بالنسبة لغيره فالله تعالى أعلم.

    طلب تدريس العقيدة وعلة الشيخ في عدم تدريسها

    السؤال: فضيلة الشيخ، نرجو من سماحتكم التفضل بتدريس كتاب في العقيدة وذلك يكون مرة أو مرتين في الأسبوع؛ لأن ذلك مهم جداً بالنسبة لنا بتزويدنا بالدعوة لما نرجع إلى بلادنا، وجزاكم الله خيراً على اهتمامكم؟

    الجواب: أولاً: الدروس يعني: التي يرغب فيها كثيرة، يعني: فيه من يرغب في العقيدة وفيه من يرغب في الفقه، وفيه من يرغب في الأصول، وفيه من يرغب بكذا، ومن المعلوم أن الأيام التي ندرسها هي هذه الأيام الستة وخمسة منها للحديث وواحد منها للمصطلح، ومن المعلوم أن الإتيان بمثل دروس أخرى، طبعاً يحصل معها التأخر الطويل في الكتب الطويلة مثل هذه التي هي كتب الحديث فالاستمرار على ما نحن فيه، فيه الخير إن شاء الله، وبالنسبة للعقيدة عندما تمر الأحاديث نتعرض للذي تدل عليه أو تشتمل عليه مما يتعلق بالعقيدة، وكذلك بعد الدروس عندما ينتهي الدرس وتأتي الأسئلة يمكن على الإنسان أن يسأل في العقيدة وتحصل الفائدة دون أن يكون هناك تأثير على أن نمشي كثيراً في كتب الحديث التي هي كثيرة وطويلة.

    الاستدلال بنجم معين على نزول المطر وعلاقته بالنهي الوارد في حديث: (مطرنا بنوء كذا)

    السؤال: فضيلة الشيخ، إذا قال الإنسان بعد ما رأى نجماً قد ظهر في الأفق: إن موسم الأمطار هذه السنة كثير جداً يقول ذلك عن علم وتجارب عنده، فهل هذا يكون شركاً أصغر مثل قول الصحابي: مطرنا بنوء كذا وكذا؟.

    الجواب: يعني: النجوم أظن النجوم تظهر في الأفق دائماً وأبداً فهي موجودة، فليست دليل على وجود المطر، والله عز وجل قدر أن المطر يكون في أوقات، وقد مر بنا الحديث الذي فيه أنه إذا أضاف المطر إلى الكواكب، وأنها مؤثرة، وأن المطر بتأثير الكواكب، فهذا كفر، وهو مخرج من الملة، وأما إذا قال: مطرنا بنوء كذا، يعني في النوء الفلاني وفي الوقت الفلاني فهذا كفر دون كفر، وكان الأولى بالإنسان أن يضيف ذلك إلى فضل الله ورحمته ويقول: مطرنا بفضل الله ورحمته في الوقت الفلاني، يعني: إذا أراد أن يقول في الوقت الفلاني، يعني: يأتي بفضل الله ورحمته، مطرنا بفضل الله ورحمته في الزمن الفلاني، أما إذا أضاف المطر إلى الكواكب وإلى تأثير الكواكب وأن هذا من فعل الكواكب فهذا شرك في الربوبية.

    مدى صحة إمامة النساء لجماعة النساء
    السؤال: فضيلة الشيخ، هل تصح إمامة النساء لجماعة النساء؟

    الجواب: نعم تصح إمامة المرأة للنساء، المرأة تؤم النساء لا بأس.
    مدى جواز الجمع بين الاستجمار والاستنجاء

    السؤال: هل يجب مسح الفرج عند الانتهاء من البول أو يكفي غسله؟

    الجواب: الاستنجاء والاستجمار يكون بهما التنزه عند قضاء الحاجة، فإذا استجمر بالحجارة، ولم يتعد الخارج موضع العادة فإنه يحصل بذلك الإنقاء، وإن تجاوز محل العادة فلا بد من الاستنجاء بالماء، وإذا استعمل الماء ولم يستعمل الحجارة، يعني أتى بالشيء الذي به التمام والكمال، لكن الاستجمار إذا وجد حيث لا يوجد الماء ولم يتجاوز الخارج موضع العادة فإنه يكفي.

    مدى قبول رواية ابن إسحاق صاحب السيرة عند المحدثين


    السؤال: فضيلة الشيخ، ما حكم حديث ابن إسحاق صاحب السيرة إذا انفرد، وهل يكون ذلك الحكم واحداً في أحاديث السيرة وفي أحاديث الأحكام؟

    الجواب: ابن إسحاق ليس فيه إلا التدليس، فإذا صرح بالسماع فإن حديثه معتمد، وإن صار مدلساً أي: حديثه مدلساً ولم يأت ما يدل على التصريح بالسماع، فإنه يكون فيه التوقف الذي يكون في غيره.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #303
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (300)

    - كتاب قيام الليل وتطوع النهار - باب تسوية القيام والركوع ... - باب كيف صلاة الليل


    من تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم علم مدى شكره وعبادته وخشوعه لله عز وجل، وأنه كان دائم الصلة بالله سبحانه وتعالى، ومن ذلك قيامه بالليل، فقد كان يقوم الليل بطوال السور من القرآن، ويطيل الركوع والسجود، وصلاة الليل تكون مثنى مثنى، فإذا خشي المصلي طلوع الفجر أوتر بركعة.
    تسوية القيام والركوع، والقيام بعد الركوع والسجود، والجلوس بين السجدتين في صلاة الليل

    شرح حديث: (... فكان ركوعه نحواً من قيامه ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تسوية القيام والركوع، والقيام بعد الركوع والسجود، والجلوس بين السجدتين في صلاة الليل.أخبرنا الحسين بن منصور حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند المائة فمضى، فقلت: يركع عند المائتين فمضى، فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى فافتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فقال: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، فكان قيامه قريباً من ركوعه، ثم سجد فجعل يقول: سبحان ربي الأعلى فكان سجوده قريباً من ركوعه)].
    فيقول النسائي رحمه الله: التسوية في القيام في الركوع، والقيام بعد الركوع، والسجود، والجلوس بين السجدتين في صلاة الليل، أي: التسوية بين هذه الأفعال في صلاة الليل، فأورد النسائي رحمه الله تحت هذه الترجمة حديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما، أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم في الليل (فافتتح البقرة فقال: فقلت: يركع عند المائة)، أي: قلت في نفسي، يعني: ما تكلم بهذا، وإنما قوله قلت في نفسي، يعني: ما حدثته نفسه بأنه يركع عند المائة، أي: عند مائة آية، (ثم قلت: يركع عند المائتين) يعني: قال في نفسه، يعني: حدثته نفسه بأنه يركع عند المائتين فمضى حتى أكملها (ثم أفتتح النساء فأكملها)، (ثم افتتح آل عمران)، قرأ ثلاث سور (مترسلاً إذا مر بتسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع نحواً من ذلك)، يعني: نحواً من قيامه، أي: أنه أطال الركوع حتى صار قريباً ونحواً من ذلك القيام الطويل، ثم رفع وقام بعد ركوعه فأطال قريباً من ركوعه.
    ثم قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم إنه قام قياماً طويلاً قريباً من ركوعه، (ثم إنه سجد وقال: سبحان ربي الأعلى)، وأطال في السجود حتى (كان قريباً من ركوعه).
    الحاصل أن النسائي قال: التسوية بين هذه الأفعال، والحديث فيه أنه (نحواً) من ذلك، يعني: معناه أنه قريباً، أو أن فيه شيء من التقارب بين هذه الأفعال، التي هي: القيام، والركوع، والسجود، والجلوس بين السجدتين، والقيام بعد الركوع، وإن كان الغالب على فعله عليه الصلاة والسلام أن الإطالة إنما هي في القيام، ولكنه أحياناً كان يطيل الركوع، والسجود، والقيام بعد الركوع، والجلوس بين السجدتين حتى تكون هذه الأفعال بعضها قريباً من بعض.
    ثم إن في قوله أنه قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران، يدل على أن الترتيب بين السور ليس بمتعين، يعني: فكونه يقدم سورة على سورة، ولهذا اختلف العلماء في ترتيب السور، هل هو واجب أو بالنص أو أنه بالاجتهاد؟ فبعض العلماء قال: أنه بالنص ومنهم من قال: إنه بالاجتهاد من الصحابة؛ وذلك لأن مصاحف الصحابة متنوعة في ترتيب السور وتقديم بعضها على بعض، لكن المصحف الذي جمعه عثمان رضي الله عنه، كان على هذا الترتيب الذي هو: البقرة ثم آل عمران ثم النساء، وجواز قراءة بعض السور وتقديم بعضها على بعض بمعنى أنه تقرأ السورة المتأخرة ثم يقرأ بعدها سورة متقدمة جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومنها هذا الحديث ومنها الحديث الذي سبق أن مر بنا في قصة الرجل الذي كان يقرأ قل هو الله أحد بعد ما يقرأ الفاتحة أو يقرأ شيء من القرآن أو يقرأ سورة من القرآن يختم بـ(قل هو الله أحد)، ومن المعلوم أن سورة: (قل هو الله أحد) ليس بعدها في المصحف إلا سورة (قل أعوذ برب الفلق)، و(قل أعوذ برب الناس)، فمعنى هذا: أنه لا بد وأن يقرأ شيئاً من السور المتقدمة على (قل هو الله أحد)، وهذا يدل على جواز تقديم قراءة السور بعضها على بعض، وإن كان الأولى هو أن ترتب كما هو موجود في المصحف، لكن الجواز جائز، وهذا الذي في الحديث الذي معنا يدل عليه، وكذلك حديث قصة الرجل الذي كان يقرأ ويختم بـ(قل هو الله أحد).
    أيضاً فيه دليل على أن صلاة النافلة، ولا سيما صلاة الليل، أن المصلي إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، يعني: سأل الله الجنة، أو سأل الله من فضلة إذا كان شيء يتعلق بالجنة سأل الجنة، وإذا كان شيء من فضل الله عز وجل سأل الله من فضله، وكذلك إذا مر بتعوذ تعوذ، يعني: ذكر النار أو ما إلى ذلك يتعوذ بالله من عذاب النار، أو يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فهذه الجمل تدل على أن ذلك سائغ، ولكن يكون في الذي ورد فيه وهي النوافل.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... فكان ركوعه نحواً من قيامه...)

    قوله:
    [أخبرنا الحسين بن منصور].
    هو النيسابوري، وهو ثقة، أخرج له البخاري، والنسائي.

    [حدثنا عبد الله بن نمير].

    هو عبد الله بن نمير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا الأعمش].
    هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والأعمش لقب اشتهر به سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ومعرفة ألقاب المحدثين، نوع من أنواع علوم الحديث فائدة معرفة هذا النوع أن لا يظن الشخص الواحد شخصين، فيما إذا ذكر باسمه وذكر بلقبه، فمن لا يعرف أن الأعمش لقب لـسليمان بن مهران يظن أن الأعمش شخص، وأن سليمان بن مهران شخص آخر.

    [عن سعد بن عبيدة].

    هو سعد بن عبيدة الكوفي أيضاً، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن المستورد بن الأحنف].

    ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن صلة بن زفر].

    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن حذيفة].

    هو حذيفة بن اليمان، صحابي ابن صحابي رضي الله تعالى عنهما وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (... فركع فقال في ركوعه: سبحان ربي العظيم مثل ما كان قائماً ...) من طريق أخرى


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا النضر بن محمد المروزي ثقة حدثنا العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن طلحة بن يزيد الأنصاري عن حذيفة رضي الله تعالى عنه: (أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فركع فقال في ركوعه: سبحان ربي العظيم مثل ما كان قائماً، ثم جلس يقول: رب اغفر لي رب اغفر لي.. مثلما كان قائماً، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى مثل ما كان قائماً، فما صلى إلا أربع ركعات حتى جاء بلال إلى الغداة)، قال أبو عبد الرحمن: هذا الحديث عندي مرسل وطلحة بن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة شيئاً وغير العلاء بن المسيب قال: في هذا الحديث عن طلحة عن رجل عن حذيفة].ثم أورد النسائي حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه من طريق أخرى وهو مختصر وفيه أنه قال في ركوعه: (سبحان ربي العظيم، مثل ما كان قائماً) وقوله: (مثل ما كان قائماً)؛ لأنه مختصر، يعني: ما ذكر القيام لكنه ذكر الركوع وأنه مثل القيام.
    قوله: [(ثم جلس يقول: رب اغفر لي.. رب اغفر لي..)].
    (ثم جلس) أي: بين السجدتين، يقول: (رب اغفر لي رب اغفر لي).
    قوله: [(ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى مثل ما كان قائماً)].
    (ثم سجد فقال سبحان ربي الأعلى مثل ما كان قائماً)، وهذا مثل الذي قبله من حيث أن فيه كما قال النسائي : التسوية بين الأفعال، يعني: بين القيام والركوع، والسجود والجلوس بين السجدتين والقيام بعد الركوع، فأنه يسوى بينها أو يقارب بينها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك أحياناً، وأحياناً تكون الإطالة للقيام والركوع والسجود والقيام بعد الركوع، والجلوس بين السجدتين يكون بعضها قريب من بعض، وكذلك التشهد يكون أطول، وقد جاء في بعض الأحاديث أن ركوعه وسجوده، وقيامه كذا قريب من السواء ما خلا القيام والجلوس، أي: القيام في الصلاة والجلوس الذي هو للتشهد فإنها تكون أطول.
    قوله: [(فما صلى إلا أربع ركعات حتى أتاه بلال للغداة)].
    أي: لصلاة الفجر، يعني: معناه أنه وصل طلوع الفجر فصلى أربع ركعات، فكان يطيل القراءة والذي صلاه أربع ركعات، وعند ذلك جاءه بلال للغداة أي: لصلاة الصبح.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... فركع فقال في ركوعه: سبحان ربي العظيم مثل ما كان قائماً ...) من طريق أخرى


    قوله:
    [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
    هو ابن مخلد بن راهوية الحنظلي، وهو ثقة، ثبت، إمام، مجتهد، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث ،وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.

    [حدثنا النضر بن محمد المروزي].

    هو في الإسناد ثقة، والحافظ ابن حجر قال: صدوق، ربما يهم، وحديثه أخرجه أبو داود في المسائل، والنسائي.

    [حدثنا العلاء بن المسيب].

    ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي.

    [عن عمرو بن مرة].

    ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن طلحة بن يزيد الأنصاري].

    ثقة، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه].

    هو صحابي ابن صحابي حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقال النسائي عقب الحديث: هذا الحديث عندي مرسل، طلحة بن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة شيئاً، وغير العلاء بن المسيب يقول عن طلحة عن رجل عن حذيفة، وقوله: مرسل، يعني: أن طلحة لم يسمع من حذيفة، وأنه بينه وبينه واسطة كما في الطريق الثانية.
    فهذا يفيد بأن فيه واسطة، والنسائي يقول: إنه لا يعلم أن طلحة سمع من حذيفة شيئاً، وغير العلاء يقول: عن طلحة عن رجل عن حذيفة، وعلى هذا ففيه واسطة، وهنا قال: مرسل على الاصطلاح العام الذي فيه أن الشخص إذا روى عن من لم يلقه، أو لم يدرك عصره، أو أدرك عصره، ولكنه لم يسمع منه شيئاً فهذا المرسل الخفي بهذا المعنى، وإلا فإن المشهور في المرسل ما قال فيه التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذا، وهنا الصحابي مذكور ولكن الكلام في رواية ذلك الرجل الذي هو طلحة عن حذيفة، هل روى عنه بواسطة أو بغير واسطة، النسائي يقول: إنه لا يعلم أنه سمع منها شيئاً وغير العلاء بن المسيب يجعل بينه وبينه واسطة، فهذا الذي جعل النسائي يقول: إنه مرسل، لكن وإن كان هذا الاحتمال قائماً فهناك شواهد تدل على ما دل عليه الحديث، فهو ثابت وإن كان فيه ما قال النسائي.
    كيف صلاة الليل
    شرح حديث: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كيف صلاة الليل.أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر، وعبد الرحمن قالا: حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء أنه سمع علياً الأزدي أنه سمع ابن عمر رضي الله تعالى عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) قال أبو عبد الرحمن: هذا الحديث عندي خطأ والله تعالى أعلم].
    ثم أورد النسائي: كيف صلاة الليل، أي: كيف تكون، هل تصلى ركعتين ركعتين، أو تجمع الركعات؟ النسائي هنا اقتصر على ذكر الأحاديث التي فيها ذكر أن (صلاة الليل مثنى مثنى)، ولا شك أن كون صلاة الليل مثنى مثنى هذا هو الأولى وهو الأفضل وهو الثابت من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن قوله؛ لأن قوله: (صلاة الليل مثنى مثنى) هذا قول، وحديث ابن عباس الذي سبق أن مر بنا قريباً عندما بات عند خالته ميمونة (صلى ثنتين ثم اثنتين ثم اثنتين) حتى عد ست مرات اثنتين، أي: اثنا عشر، ثم أتى بركعة، فمعنى هذا: أن النبي عليه الصلاة والسلام فعل هذا الذي أرشد إليه بقوله: (صلاة الليل مثنى مثنى) فهو ثابت من قوله ومن فعله، ولكن جاء في بعض الأحاديث وقد مر بنا بعضها قريباً، أنه صلى ثمانياً لم يجلس إلا في آخرهن، معناه أنه وصلها هذه الثمانية أو الثمان ركعات جعلها موصولة، وعلى هذا فالفصل ثابت من فعله وقوله، والوصل ثابت من فعله عليه الصلاة والسلام، فكل منهما سائغ إلا أن الفصل هو الأولى وهو الأفضل؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أرشد الأمة إليه، وقد فعله أيضاً صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولأنه أيضاً أرفق بالإنسان وأمكن له بأن يستريح بين الركعتين أو بين كل ركعتين إذا كان بحاجة إلى الراحة، بخلاف ما إذا كانت مسرودة، وكانت عديدة متوالية فقد يكون على الإنسان فيها مشقة، ولكن إذا كان يسلم من كل ركعتين، فإن في ذلك فوائد، وفي ذلك مصلحة، وهو أيضاً كما أشرت المتفق مع فعله وقوله عليه الصلاة والسلام.
    ثم أورد النسائي في هذا الباب حديث ابن عمر من طرق عديدة، وكلها تشتمل على أن صلاة الليل مثنى مثنى، وأنه إذا خشي الصبح يوتر بركعة، والحديث الأول منها قال فيه: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)، فأضاف إلى ذلك النهار، وقال النسائي عقبه: هذا الحديث خطأ، والذي أراده من قوله خطأ ذكر النهار؛ لأن هذا لم يأت بالروايات الكثيرة التي جاءت عن ابن عمر ذكر النهار، بل الروايات المتعددة التي جاءت عنه فيها ذكر الليل فقط، أن (صلاة الليل مثنى مثنى)، وقد قال الترمذي: أنه اختلف فيه الرواة، فمنهم من رفعه ومنهم من وقفه، وهذا الإسناد قد تكلم فيه النسائي وأعله، وقال: إنه خطأ، والخطأ فيه زيادة النهار، والترمذي قال: إنه رواه بعضهم مرفوعاً، ورواه بعضهم موقوفاً.
    ومن المعلوم أن صلاة الليل، والنهار هي مثنى مثنى يعني: يصلى ركعتين، ولهذا جاء في الحديث: (إذا دخل أحد المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) التي هي أقل شيء، فالأصل أن الصلوات اثنتين اثنتين، وقد جاء في الليل الوصل في بعض الأحوال من النبي عليه الصلاة والسلام فدل على جوازه، ودل أيضاً على أن الأولى هو الفصل بين كل ركعتين، بأن يصلي ركعتين ثم يجلس ويسلم، وبعض أهل العلم صحح هذا الحديث، ومنهم الشيخ الألباني فإنه صحح الحديث عند النسائي، وعند ابن ماجه، وقال: إنه صحيح، وكما قلت: أن الإنسان يصلي ركعتين ركعتين في الليل والنهار، وحصول ذلك لا شك أنه أرفق، ولا شك أنه أولى للإنسان.

    تراجم رجال إسناد حديث: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)


    قوله:

    [أخبرنا محمد بن بشار].

    هو بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.

    [حدثنا محمد بن جعفر].

    هو غندر الملقب غندر البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [و عبد الرحمن].

    هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، عارف، بالرجال والعلل، متكلم بالرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [قال: حدثنا شعبة].

    هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن يعلى بن عطاء].

    هو يعلى بن عطاء الليثي، وهو ثقة أخرج له من البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [أنه سمع علياً الأزدي].

    هو علي بن عبد الله الأزدي، وهو صدوق ربما أخطأ، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [أنه سمع ابن عمر].

    هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، صحابي ابن صحابي وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


    شرح حديث: (سأل رجل رسول الله عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى..) من طريق ثانية


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن قدامة حدثنا جرير عن منصور عن حبيب عن طاوس قال: قال ابن عمر رضي الله تعالى عنه: (سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فواحدة)].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، وفيه أنه سأله رجل عن صلاة الليل فقال: (مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فواحدة) يعني: فأت بركعة واحدة توتر بها ما مضى من تلك الركعات، فإذا خشيت الصبح فواحدة، وهذا يدل على أن الوتر يكون في آخر الليل فيما إذا كان الإنسان يتمكن من الصلاة في آخر الليل، فإن الوتر يكون في آخر صلاته في آخر الليل، وأما إذا كان يخشى أن لا يقوم في آخر الليل، فإنه يأتي بصلاته قبل أن ينام، ثم بعد ذلك يوتر كما أرشد النبي عليه الصلاة والسلام أبا هريرة، وأبا الدرداء رضي الله تعالى عنهما، أوصاهم بثلاث وصايا، ومنها الوتر قبل النوم، وإذا كان الإنسان سيصلي في آخر الليل، فإنه يؤخر الوتر إلى آخر الليل، وصلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي الصبح أتى بركعة يوتر بها ما مضى.

    تراجم رجال إسناد حديث: (سأل رجل رسول الله عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى..) من طريق ثانية


    قوله: [أخبرنا محمد بن قدامة].هو المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.

    [حدثنا جرير].

    هو جرير بن عبد الحميد البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن منصور].

    هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن حبيب].

    هو حبيب بن أبي ثابت الكوفي، وهو ثقة، ثبت، يرسل، ويدلس كثير التدليس والإرسال، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن طاوس].

    هو طاوس بن كيسان، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [قال: قال ابن عمر].

    وقد تقدم ذكره.

    شرح حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى ...) من طريق ثالثة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن عثمان، ومحمد بن صدقة قالا: حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة)].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله إلا أن الأولى فيها أنه كان سئل وهنا ليس فيه ذكر السؤال، وأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة) فهو مثل الذي قبله.

    تراجم رجال إسناد حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى ...) من طريق ثالثة


    قوله: [أخبرنا عمرو بن عثمان].هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

    [ومحمد بن صدقة].

    هو الحمصي وهو صدوق، أخرج له النسائي وحده.

    [قال: حدثنا محمد بن حرب].

    هو محمد بن حرب الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن الزبيدي].

    هو محمد بن وليد الحمصي وهو ثقة، ثبت، من أثبت الناس في الزهري، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي.

    [عن الزهري].

    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، وهو ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو: من صغار التابعين وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن سالم].

    هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبيه].

    هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.

    حديث: (سمعت رسول الله على المنبر يسأل عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى ...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يسأل عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بركعة)].ثم أورد حديث ابن عمر وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه أنه سمعه وهو: على المنبر وهو يسأل عن صلاة الليل فقال: (مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة) فالحديث يعني لفظه هو اللفظ المتقدم.
    قوله:

    [حدثنا محمد بن منصور].

    هو محمد بن منصور الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.

    [حدثنا سفيان].

    هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، ثبت، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن أبي لبيد].

    هو عبد الله بن أبي لبيد، وهو ثقة، أخرج له الجماعة إلا الترمذي.

    [عن أبي سلمة].

    هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع؛ لأن الأقوال الثلاثة في السابع، سالم الذي مر ذكره، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، والثالث هو: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأما الستة غير هؤلاء الثلاثة فهم متفق على عدهم في الفقهاء السبعة وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.

    حديث: (أن رجلاً سأل رسول الله عن صلاة الليل قال: مثنى مثنى ...) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا موسى بن سعيد حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا زهير حدثنا الحسن بن الحر حدثنا نافع أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أخبرهم: (أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل قال: مثنى مثنى، فإن خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة)].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، والمتن هو: مثل المتن في الطرق السابقة.
    قوله:

    [أخبرنا موسى بن سعيد].

    صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس].

    هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي اليربوعي، ثقة، حافظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا زهير].

    هو زهير بن معاوية بن حديج الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا الحسن بن الحر].

    ثقة، فاضل، أخرج له أبو داود، والنسائي.

    [حدثنا نافع].

    هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما].

    وقد تقدم ذكره مراراً.

    حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى ...) من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة)].
    قوله:
    [أخبرنا قتيبة].
    هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا الليث].

    هو الليث بن سعد المصري، الفقيه، المحدث، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن نافع عن ابن عمر].
    وقد مر ذكرهما.
    وهذا من الرباعيات عند النسائي وهو من أعلى الأسانيد التي عند النسائي؛ لأن أعلى ما عنده الرباعيات وهذا رباعي، يروي فيه قتيبة عن مالك ومالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.

    حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى ...) من طريق سابعة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن محمد بن المغيرة حدثنا عثمان عن شعيب عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: (سأل رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف صلاة الليل؟ فقال: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة)].
    قوله:

    [أخبرنا أحمد بن محمد بن المغيرة].

    صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا عثمان].

    هو ابن سعيد بن كثير بن دينار وهو: حمصي، والد عمرو، الذي مر ذكره قريباً عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، هذا أبوه، وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه مثل الذين أخرجوا لابنه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [عن شعيب].
    هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، يروي عنه الزهري وهو من أثبت الناس في الزهري وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن الزهري].
    وقد مر ذكره.

    [عن سالم عن عبد الله بن عمر].

    وقد مر ذكرهما.

    حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى ...) من طريق ثامنة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن يحيى حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أخبره: (أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة)]. قوله: [أخبرنا محمد بن يحيى].
    هو ابن عبد الله الذهلي النيسابوري، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
    [حدثنا يعقوب بن إبراهيم].
    هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا ابن أخي ابن شهاب].
    هو محمد بن عبد الله بن مسلم بن أخي الزهري، يعني ذاك محمد بن مسلم، وهذا محمد بن عبد الله بن مسلم يعني: عبد الله، ومحمد أخوان، وهذا ابن أخيه ابن أخ الزهري، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عمه].
    هو محمد بن مسلم وقد مر ذكره.
    [أخبرني حميد بن عبد الرحمن].
    هو حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [أن عبد الله بن عمر].
    وقد تقدم.

    حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى ...) من طريق تاسعة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن الهيثم حدثنا حرملة حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن ابن شهاب حدثه أن سالم بن عبد الله وحميد بن عبد الرحمن حدثاه عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قام رجل فقال: (يا رسول الله، كيف صلاة الليل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة)].وهذا المتن أيضاً مثل المتون السابقة.

    قوله: [أخبرنا أحمد بن الهيثم].

    صدوق، أخرج له النسائي وحده.

    [حدثنا حرملة].

    هو حرملة بن يحيى التجيبي، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا ابن وهب].
    هو عبد الله بن وهب المصري، وذاك أيضاً مصري، وحديثه في الكتب الستة.
    [أخبرني عمرو بن الحارث].
    هو عمرو بن الحارث المصري، وهو ثقة، فقيه، أيضاً أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [أن ابن شهاب حدثه أن سالم وحميد بن عبد الرحمن حدثاه عن ابن عمر].

    وقد مر ذكرهم.
    الأسئلة

    تعليق التميمة مع اعتقاد النفع والضر وعلاقتها بالشرك
    السؤال: فضيلة الشيخ، الحديث الذي أورده الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوقيت عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الرقى والتمام والتولة شرك) فهل هذا شرك أكبر، فمتى يكون الشرك أكبر ومتى يكون أصغر؟

    الجواب: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) إذا كان علقها معتقداً بأنها تنفع، وأنها تضر بنفسها وبذاتها فلا شك أنه شرك أكبر إذا كان معتقد أن هذه تنفع، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له) فإذا كان اعتقد فيها هذا الاعتقاد فهو شرك أكبر.


    رواية الزهري عن ابن عمر بدون واسطة وغيره من الصحابة بين النفي والإثبات


    السؤال: فضيلة الشيخ، هل الزهري روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهل روى عن غيره من الصحابة؟

    الجواب: الزهري من صغار التابعين، فالظاهر ما أدرك ابن عمر؛ لأن ابن عمر توفي سنة أظن 73 أو كذا، والزهري 125هـ يعني: ما أعلم، ما أدري هل أدركه أو ماذا، ما أدري عمر الزهري هل هو معمر.
    لكن أظنه سمع من ابن عمر حديثين؛ لأنه مر بنا قريباً أنه قال: أبو عبد الرحمن في الزهري أظن لعله عن ابن عمر لم يسمع إلا حديثين وليس هذا منها، فعلى هذا يكون معمر وأدركه إذا كان هذا هو، وهو مر بنا قريباً في كتاب الصلاة باب صلاة الخوف.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #304
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (301)

    - كتاب قيام الليل وتطوع النهار - (باب الأمر بالوتر) إلى (باب وقت الوتر)



    صلاة الوتر من السنن المؤكدة، وقد حث الشارع على فعلها قبل النوم لمن لا يثق بقيامه آخر الليل، ونهى عن فعل وترين في ليلة واحدة، والليل كله وقت للوتر غير أن آخره أفضل.
    الأمر بالوتر
    شرح حديث: (يا أهل القرآن أوتروا ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الأمر بالوتر. أخبرنا هناد بن السري عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عاصم وهو ابن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال: (أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا أهل القرآن! أوتروا فإن الله عز وجل وتر يحب الوتر)].
    يقول النسائي رحمه الله: باب الأمر بالوتر، المقصود من هذه الترجمة: بيان أن الوتر أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر أمر ندب واستحباب، والوتر من آكد السنن، بل جاء عن بعض أهل العلم كالإمام أحمد رحمة الله عليه أنه قال: (إن الذي لا يصلي الوتر رجل سوء) والنبي عليه الصلاة والسلام ما ترك الوتر لا في حضر، ولا في سفر، ولا في جميع أحواله عليه الصلاة والسلام، وهذا يدلنا على تأكده، وعلى أن المسلم لابد أن يحرص عليه كما يحرص على الرواتب بصورة خاصة، وعلى النوافل الأخرى التي هي دونها.
    وقد أورد النسائي حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه [(أن النبي عليه الصلاة والسلام أوتر وقال: يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر)]، فكان يوتر عليه الصلاة والسلام، والمراد من الوتر ما بعد صلاة الليل التي هي: موضع القراءة، والتي فيها المجال لقراءة القرآن، وختامها الوتر الذي هو: ركعة يوتر بها ما مضى كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر ما مضى).
    وقوله عليه الصلاة والسلام: [(أوتروا يا أهل القرآن)] خص أهل القرآن؛ لاشتغالهم بالقرآن، ولحرصهم على تلاوة القرآن، فإن صلاة الليل فيها مجال واسع لقراءة القرآن، وتدبر القرآن، والتأمل في القرآن، ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (فإن الله وتر يحب الوتر)، فمن أسمائه الوتر، ويحب الوتر، وهذا الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم من الإيتار في الصلاة، وأمره أهل القرآن أن يوتروا، هذا مما يحبه الله عز وجل؛ لأن هذا من الأعمال الصالحة التي يحبها الله، بل إن هذا من آكد النوافل وأهمها كما أشرت.
    وقوله: [(إن الله وتر)] هو: من أسمائه سبحانه وتعالى، فالوتر هو: الواحد بذاته، وبصفاته، وبأفعاله سبحانه وتعالى، والله عز وجل يحب مقتضى أسمائه، ولهذا جاء في متون كثيرة فيها ذكر أسماء الله عز وجل وفيها محبته لمقتضى أسمائه مثل: (إن الله جميل يحب الجمال)، إن الله محسن يحب الإحسان، إن الله رفيق يحب الرفق، وهنا (إن الله وتر يحب الوتر)، فمقتضى أسمائه سبحانه وتعالى مثل ما جاء في هذه الأسماء التي فيها ذكر اسم الله، ثم تعقيبه بكون الله عز وجل يحب مقتضى ذلك الاسم وهذا من هذا القبيل (فإن الله وتر يحب الوتر).
    تراجم رجال إسناد حديث: (يا أهل القرآن أوتروا ...)
    قوله:

    [أخبرنا هناد بن السري].

    هو أبو السري الكوفي ،وكنيته توافق اسم أبيه، فـأبوه السري وكنيته أبو السري، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة هذا النوع أن لا يظن التصحيف، فيما لو كان معروفاً عند البعض بنسبه دون كنيته، فإذا وجده مكنى بدل النسبة بأن كان يعرف أنه هناد بن السري، فوجده هناد أبو السري فيظن أن (أبو) مصحفة عن (ابن)، لكن إذا عرف أن الاسم وافق الكنية، أو أن الكنية توافق الاسم، فإنه لا يلتبس عليه الأمر، سواء جاء هناد بن السري أو جاء هناد أبو السري؛ لأن كل ذلك صواب، وكل ذلك حق.
    وهناد بن السري الكوفي ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وهو من المعمّرين توفي سنة 238هـ وعمره إحدى وتسعون سنة، وهو في الطبقة العاشرة، ويروي عن أبي بكر بن عياش، وهو في الطبقة السابعة، ومن هاهنا يأتي اختصار الطبقات، وكون الشخص يروي عن طبقة متقدمة عنه بطبقتين لكونه معمراً؛ لأنه توفي سنة 238هـ وعمره عند وفاته إحدى وتسعون سنة، فقد أدرك المتقدمين لأنه عاش طويلاً، وهذا مثل قتيبة بن سعيد الذي مر بنا ذكره وأنه توفي 240هـ وولد سنة 150هـ فأدرك المتقدمين، ومن هنا يكون اختصار الطبقات وكون الإنسان يروي لطبقة ثم يروي عن طبقة متقدمة، مثل هذا في العاشرة يروي عن شخص في الطبقة السابعة، وسبب ذلك كون الإنسان عمر وأدرك المتقدمين.

    [عن أبي بكر بن عياش].

    هو الكوفي وهو ثقة، تغير أخيراً، وكتابه صحيح، وقد أخرج له مسلم في مقدمة الصحيح، والبخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
    ثم إن رواية مسلم في المقدمة عنه لا يعني كونه فيه شيء عند مسلم؛ فكم من راوٍ لم يخرج له مسلم، أو خرج له في المقدمة، مع أنه من الثقات الأثبات، ومن هؤلاء عبد الله بن الزبير المكي، شيخ البخاري الذي روى عنه أول حديث في صحيحه: (إنما الأعمال بالنيات) قال: حدثنا عبد الله بن الزبير، فـعبد الله بن الزبير هذا خرج له مسلم في المقدمة وما خرج له في الصحيح، فلا يعني أنه ضعيف عنده، وإنما لعله هكذا اتفق له أن روى عنه شيئاً في المقدمة، ولا يعني أنه إذا لم يرو عنه في الصحيح يكون فيه شيء.
    وهناك أئمة ثقات أثبات ما خرج لهم في الصحيحين، ومنهم: أبو عبيد القاسم بن سلام، فإن هذا ما خرج له في الصحيحين، وهو إمام جليل، وعالم كبير، وذلك أن صاحبي الصحيح لم يلتزما إخراج كل صحيح، ولم يلتزما الرواية عن كل ثقة، أو الإخراج عن كل ثقة، فكم من حديث صحيح لا يوجد في الصحيحين، وكمن ثقة لا يوجد له رواية في الصحيحين.
    [عن أبي إسحاق].
    هو أبو إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي نسبة خاصة، والهمداني نسبة عامة، ينسب إلى قبيلة في اليمن، وسبيع بطن من همدان، ولهذا اشتهر بالنسبة إلى هذه النسبة الخاصة، وهو: مشهور بـأبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن عاصم].
    هو عاصم بن ضمرة، وهو الكوفي، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
    [عن علي].
    هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، وأبو السبطين الحسن، والحسين رضي الله تعالى عنه وعنهما وعن الصحابة أجمعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (الوتر ليس بحتم ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن أبي نعيم عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال: (الوتر ليس بحتم كهيئة المكتوبة ولكنه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم).أورد النسائي حديث علي رضي الله عنه أنه قال: (الوتر ليس بحتم كهيئة المكتوبة ولكنه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وهذا يبين أن الأمر في قوله: (أوتروا) في حديث علي المتقدم، أنه ليس للوجوب وليس للفرض والحتم، وإنما هو للندب والاستحباب المؤكد؛ لأن تعقيب ذلك الحديث لهذا الحديث هو قوله: (إن الوتر ليس بحتم كهيئة المكتوبة) هذا يفيد أن الأمر بقوله: (أوتروا) ليس للوجوب وللحتم، وكلام علي رضي الله عنه يبين هذا حيث قال: (إن الوتر ليس بحتم كهيئة المكتوبة، ولكنه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم) فهو من سنة النبي عليه الصلاة والسلام بل من السنن المؤكدة التي جاء الحث عليها، والترغيب فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه ليس من الأمور التي أوجبها الله عز وجل كالصلوات الخمس؛ فإن الذي أوجبه الله في اليوم والليلة خمس صلوات، ولم يوجب سواها، ولكن الوتر متأكد ومن آكد السنن.
    ومن المعلوم أن السنن سياج للفرائض، ومن تهاون بالسنن تهاون بالفرائض، والسنن يكمل بها الفرض، إذا حصل فيها نقص، وخلل فإنه يكمل من النوافل، وقد سبق أن مر بنا الحديث: (إن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن أحسن فيها وإلا يقول الله عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل به) والحديث في سنن النسائي، فهي وقاية وسياج للفرائض؛ حيث إنه من يحافظ عليها فهو محافظ على الفرائض من باب أولى، ومن تهاون بها فإنه قد يتهاون في الفرائض، ثم أيضاً تكمل بها الفرائض كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
    قوله: [(سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم)] معلوم أن سنة النبي عليه الصلاة والسلام يدخل تحتها كل ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهي: تأتي بمعنى ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن والحديث كل ذلك يقال له سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام لما بلغه أن جماعة من أصحابه تكلموا في صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم وتقالوها، وقال واحد منهم: أنا أصوم الدهر أبداً فلا أفطر، وقال الثاني: أنا أقوم الليل فلا أنام، وقال الآخر: أنا لا أتزوج النساء، فقال عليه الصلاة والسلام: (أما إني أخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصوم، وأفطر، وأصلي، وأنام وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)، المراد بالسنة الطريقة، وطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم هي كل ما جاء به القرآن والسنة، فالسنة تطلق إطلاقاً عاماً يشمل الكتاب والسنة، ومنه ما جاء في هذا الحديث في قوله: (وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي، فليس مني) أي: من رغب عن طريقتي التي هي: السير على منهاج الكتاب والسنة، فليس منه صلى الله عليه وسلم.
    وتأتي السنة يراد بها الحديث، كل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الحديث فإنه يقال له سنة، ومن أمثلة ذلك ما يأتي في كتب الفقه، والحديث، وفي شروح الحديث، عندما يأتي مثلاً يقول: دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، فإذا جاءت السنة معطوفة على الكتاب الذي هو القرآن، فالمراد بها: حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ما أضيف إلى النبي عليه الصلاة والسلام من قول، أو فعل، أو تقرير، أو وصف خلقي أو خلقي، كل هذا يقال له سنة، أي: كل حديث عنه فإنه يطلق عليه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)، يعني: يريد بذلك السنة، ومن المعلوم أن الوحي وحيان: وحي متعبد بتلاوته، ومتعبد بالعمل به، ووحي متعبد بالعمل به، ذاك الذي تعبد بالتلاوة، والعمل القرآن، والذي تعبد بالعمل به هو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
    وتأتي السنة في مقابل البدعة، ولهذا يأتي عند أهل السنة كتب عديدة باسم السنة يريدون بها بيان العقيدة، وبيان ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن صحابته، والتابعين، في العقيدة، فيطلقون على ذلك سنة، ويريدون بذلك في مقابل البدعة، فالسنة يعني: ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم في باب العقائد هذا يقال له سنة، ولهذا يأتي كتب كثيرة باسم السنة، كالسنة للإمام أحمد، والسنة لـعبد الله بن الإمام أحمد، والسنة لـابن أبي عاصم، أو السنة لـمحمد بن نصر المروزي، والسنة للطبراني، كلها بلفظ السنة، وكلها في العقيدة.
    وفي اصطلاح الفقهاء هي: ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه، ويطلبه الشارع طلباً غير جازم، معناه: أنه ليس على الحتم وإنما على الاستحباب، هذا يقال له سنة، مثل المستحب والمندوب، يستحب كذا يندب كذا يسن كذا، هذا هو معناه عند الفقهاء.
    وقوله هنا: (ولكنه سنة سنها رسول الله عليه الصلاة والسلام) هو من السنن التي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه كما جاء في أول الأثر عن علي أنه قال ليس بحتم، ولكنه من السنن التي هي مندوبة، ويرغب فيها وفيها أجر عظيم، بل هي من آكد السنن ومن أهمها التي لم يتركها النبي عليه الصلاة والسلام لا في حضر، ولا في سفر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (الوتر ليس بحتم ...)

    قوله: [أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي الكوفي البصري، وهو المشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده، ومحمد هذا، وأبوه من الثقات، وأبوه مشهور بـابن علية، واسمه: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، وهناك ابن لـإسماعيل أخ لـمحمد هذا ولكنه من المبتدعة ومن أهل الضلال، وقد قال عنه الذهبي في الميزان: جهمي هالك، وهو: إبراهيم بن إسماعيل، ويأتي ذكره في مسائل الفقه الشاذة، يقولون: قال فيها ابن علية كذا، فالمراد: بـابن علية هنا إبراهيم، وقد ذكره ابن رشد في بداية المجتهد عند الإجارة وذكر أنه خالف فيها ابن علية والأصم وقالوا: أنها لا تجوز الإجارة، وابن علية المراد به هو هذا إبراهيم، وأما الأصم فالمراد به أبو بكر بن كيسان الأصم المعتزلي، وليس أبو العباس الأصم شيخ الحاكم؛ لأن ذاك ثقة، ولكن المقصود أبو بكر بن كيسان الأصم المعتزلي.
    [عن أبي نعيم].
    هو الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد قيل عنه أنه يتشيع، لكن نقل الحافظ ابن حجر عنه في مقدمة الفتح أنه قال كلمة تدل على بعده عن مذهب الشيعة وعن طريقة الشيعة، وهي: قوله رحمة الله عليه: (ما كتبت عليّ الحفظة أنني سببت معاوية)، ومن المعلوم: أن سب معاوية من أسهل الأمور عند الرافضة، بل وعند الشيعة من الزيدية الذين هم أخف من الرافضة كلهم يسبون معاوية ويشتمون معاوية، وهذا الفضل بن دكين أبو نعيم الذي قيل أنه يتشيع، يقول: (ما كتبت عليّ الحفظة أنني سببت معاوية)، وهذا يدل على سلامته، وعلى استقامته، وعلى بعده عن الانحراف في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، والفضل بن دكين أبو نعيم حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    وقد اشتهر بهذه الكنية شخص متأخر مؤلف من المؤلفين، صاحب الحلية، وصاحب معرفة الصحابة وهو أبو نعيم الأصبهاني المتوفى سنة ثلاثين بعد الأربعمائة، فذاك متأخر وأما هذا متقدم، بل هذا من كبار شيوخ البخاري، ولهذا النسائي لا يروي عنه إلا بواسطة، وأما البخاري فهو يروي عنه مباشرة، وهو من كبار شيوخه الذين ما أدركهم النسائي.
    [عن سفيان].
    هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي وهو ثقة، ثبت، حجة، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي].

    وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.

    الحث على الوتر قبل النوم


    شرح حديث أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث: النوم على وتر ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الحث على الوتر قبل النوم. أخبرنا سليمان بن سلم ومحمد بن علي بن الحسن بن شقيق عن النضر بن شميل حدثنا شعبة عن أبي شمر عن أبي عثمان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: النوم على وتر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى)].
    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الحث على صلاة الوتر قبل النوم، المراد بهذا هو من يعرف من نفسه أنه لا يستيقظ، أو يخاف أن لا يستيقظ في آخر الليل، فإن المستحب في حقه، والذي ينبغي في حقه، أن يوتر قبل أن ينام حتى لا يطلع عليه الفجر وهو لم يوتر، أما إذا علم من نفسه أنه يقوم آخر الليل، فإنه يؤخر الوتر إلى آخر الليل؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر ما مضى)، وهذا يدلنا على أن من وثق بأنه يقوم آخر الليل فإنه يؤخر الوتر إلى آخر الليل، وأما من خشي أن لا يقوم فإنه يوتر قبل أن ينام، وقد جاء في ذلك أحاديث منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا الذي قال فيه: (أوصاني خليلي)، وهذا هو الذي فيه بيان الحث؛ لأن هذا فيه وصية، أي: معناه: أن فيه حث على الوتر قبل النوم، ولكنه يحمل ما على إذا كان الإنسان يخشى أن لا يستيقظ، أما إذا طمع بأن يستيقظ في آخر الليل، فإنه يجعل الوتر في آخر الليل، ولا يجعله في أول الليل.
    قوله: [(أوصاني خليلي)] هذا كلام أبي هريرة رضي الله عنه، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً) فهذا فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم ما اتخذ خليلاً، وأبو هريرة يقول: (أوصاني خليلي) ولا تنافي بين الحديثين؛ لأن النفي إنما هو من جانب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ما اتخذ خليلاً من أمته، وأما قوله: [(أوصاني خليلي)] فهذا من جانب أبي هريرة رضي الله عنه، وأنه أطلق على النبي صلى الله عليه وسلم أنه خليله.
    فإذاً أبو هريرة يعتبر النبي صلى الله عليه وسلم خليله وقال: (أوصاني خليلي)، والنبي صلى الله عليه وسلم ما اتخذ أبا هريرة، ولا غيره خليلاً، ولو كان متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذ أبا بكر خليلاً كما ثبت في ذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    إذاً لا تنافي بين ما جاء في هذا الحديث وبين حديث: (إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً).
    قوله: [(النوم على وتر)]، يعني: أنه ينام وقد أوتر، وهذا كما قلنا فيما إذا كان يخشى أن لا يستيقظ (النوم على وتر وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى).
    وجاء أيضاً عن أبي الدرداء رضي الله عنه في صحيح مسلم، وحديث أبي هريرة متفق عليه، وأما حديث أبي الدرداء فقد أخرجه مسلم وهو مثل حديث أبي هريرة، ولكنه يقول: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث) يعني: عبر بحبيبي، وأبو هريرة عبر بخليلي، (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد).
    تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث: النوم على وتر ...)
    قوله:
    [أخبرنا سليمان بن سلم].
    هو سليمان بن سلم البلخي، وهو ثقة أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
    [و محمد بن علي].
    هو محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، وهو ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي.

    [عن النضر بن شميل].

    ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا شعبة].

    هو ابن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي شمر].

    هو أبو شمر الضبعي البصري، وهو مقبول، أخرج له مسلم، والنسائي.

    [عن أبي عثمان].

    هو أبو عثمان النهدي وهو عبد الرحمن بن مل (مَل أو مِل أو مُل) مثلث الميم، وهو ثقة، ثبت، مخضرم، عابد، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي هريرة].

    هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة على الإطلاق حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    حديث أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث: الوتر أول الليل ...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة ثم ذكر كلمة معناها: عن عباس الجريري سمعت أبا عثمان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: الوتر أول الليل، وركعتي الفجر، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو: مثل الذي قبله مشتمل على الوصايا الثلاث التي أوصى النبي عليه الصلاة والسلام أبا هريرة بها، والمقصود منه الجملة الأولى وهي: كونه يوتر في أول الليل.
    قوله:
    [أخبرنا محمد بن بشار].
    هو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
    [حدثنا محمد].
    وهو غير منسوب يروي عن شعبة والمراد به محمد بن جعفر الملقب غندر، وكلما جاء محمد غير منسوب يروي عن شعبة، ويروي عن محمد بن بشار، أو محمد بن المثنى، فالمراد به محمد بن جعفر الملقب غندر البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا شعبة].
    هو ابن الحجاج، وقد مر ذكره.
    [ثم ذكر كلمة معناها: عن عباس الجريري].
    يعني: معناها: أن قوله عن عباس الجريري، أنه ما أتقن الكلمة التي قالها عندما ذكر الاسم أو الصيغة التي هي عنه، ولهذا قال معناها عن عباس الجريري، وعباس هو: عباس بن فروخ الجريري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [سمعت أبا عثمان عن أبي هريرة].
    وقد مر ذكرهما.

    نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوترين في ليلة

    شرح حديث: (لا وتران في ليلة)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوترين في ليلة. أخبرنا هناد بن السري عن ملازم بن عمرو حدثني عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق قال: (زارنا أبي طلق بن علي رضي الله تعالى عنه في يوم من رمضان فأمسى بنا وقام بنا تلك الليلة، وأوتر بنا ثم انحدر إلى مسجد فصلى بأصحابه حتى بقي الوتر، ثم قدم رجلاً فقال له: أوتر بهم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا وتران في ليلة)].
    ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوترين في ليلة، والمقصود من هذا: أن الوتر في الليلة الواحدة يكون مرة واحدة ولا يتكرر، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام هذا الحديث الذي أورده هنا طلق بن علي: [(لا وتران في ليلة)]، وكان عليه الصلاة والسلام كما سبق أن مر بنا في حديث عائشة، أنه إذا شغله عن وتره، وصلاته في الليل وجع، أو مرض، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة، يعني: أنه يقضيه، ولكنه يقضيه مشفوعاً لا يقضيه وتراً، فالليلة الواحدة لا يؤتى فيها بالوتر أكثر من مرة واحدة، ومن أوتر أول الليل ثم استيقظ في آخر الليل، فإن له أن يصلي ما أمكنه ولكن لا يوتر مرة أخرى؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا وتران في ليلة).
    وأورد النسائي حديث طلق بن علي رضي الله تعالى عنه، أنه قال عنه ابنه قيس: أن أباه زارهم وأنه صلى بهم وأوتر بهم، ثم انحدر إلى مسجد فصلى بأصحابه، ولما بقي الوتر قدم واحداً منهم وقال: أوتر بهم فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(لا وتران في ليلة)] هو لا يوتر؛ لأنه قد أوتر قبل ذلك، فهو لا يكرر الوتر، ثم استدل بما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من قوله: (لا وتران في ليلة) أي: أن طلق بن علي رضي الله تعالى عنه أوتر بالجماعة الأولى التي زارهم، ثم لما ذهب إلى ذلك المسجد وصلى بأصحابه ولم يبق إلا الوتر قدم شخصاً ليوتر بهم، ثم بين السبب في كونه، لا يوتر بهم لأنه قد أوتر من قبل، وقال: فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(لا وتران في ليلة)].
    والحديث واضح الدلالة على الترجمة، وعلى أنه لا يجوز للإنسان أن يوتر مرتين، وأنه إن كان يثق من نفسه أنه يقوم آخر الليل فليجعل الوتر آخر الليل، وإن كان لا يثق فليوتر أول الليل، لكن إن قام فليصلِ ما شاء لكن لا يوتر مرة أخرى؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(لا وتران في ليلة)] وكلمة: [(لا وتران في ليلة)] الأصل أن يقال: لا وترين في ليلة، لكن قيل هذه على لغة بعض العرب الذين ينصبون المثنى بالألف بدل الياء.
    تراجم رجال إسناد حديث: (لا وتران في ليلة)

    قوله:
    [أخبرنا هناد بن السري].
    وقد مر ذكره قريباً ،كوفي، ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن ملازم بن عمرو اليمامي].
    نسبة إلى اليمامة، صدوق، أخرج له أصحاب السنن الأربعة، وفي نسخة التقريب: اليماني، كما قلت أن كلمة اليمامي واليماني يكون التصحيف فيما بينها، مثل البخاري والنجاري متقاربة يكون التصحيف فيما بينها، وهنا في ترجمة ملازم في نسخة التقريب المصرية قال: اليماني، وهو: اليمامي وليس اليماني، بل هو منسوب لليمامة.

    [حدثني عبد الله بن بدر].

    هو اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
    [عن قيس بن طلق].
    هو قيس بن طلق اليمامي أيضاً، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
    [عن طلق بن علي].
    صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ممن وفد إلى النبي عليه الصلاة والسلام من الوفود التي وفدت إلى النبي عليه الصلاة والسلام، بل وفد إليه في وقت مبكر، فإنه جاء عنه أنه قال: (جئت وهم يؤسسون المسجد)، يعني: مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في أول السنة الأولى من سني الهجرة، فإنه قال: (قدمت وهم يؤسسون المسجد)، وذلك في حديث طلق بن علي مع بسرة بنت صفوان الذي تقول فيه: (من أفضى إلى ذكره فليتوضأ) وحديث طلق بن علي يقول: (وهل هو إلا بضعة منك)، فهو متقدم الوفادة، وحديث بسرة فيه الأمر بالوضوء وذاك متقدم، وطلق بن علي أيضاً جاء عنه أنه ممن روى حديث: (الوضوء من مس الذكر)، وطلق بن علي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج له أصحاب السنن الأربعة، وعلى هذا فهذا الإسناد الذي معنا فيه أربعة من اليمامة، وكل منهم خرج له أصحاب السنن الأربعة، وهم ملازم بن عمرو، وعبد الله بن بدر، وقيس بن طلق، وطلق بن علي، أربعة من اليمامة وكل واحد من هؤلاء الأربعة أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
    شرح حديث: (فإذا كان من السحر أوتر ...)
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب وقت الوتر. حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (كان ينام أول الليل، ثم يقوم فإذا كان من السحر أوتر، ثم أتى فراشه، فإذا كان له حاجة ألم بأهله، فإذا سمع الأذان وثب، فإن كان جنباً أفاض عليه من الماء وإلا توضأ ثم خرج إلى الصلاة)].
    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: وقت الوتر، ووقت الوتر هو الليل كله، كما جاء في الأحاديث، وهذا الحديث فيه الوتر بآخر الليل، هذا الحديث الذي أورده النسائي ،حديث عائشة الأول أنه أوتر في آخر الليل في السحر، قالت أنه ينام، ثم يستيقظ ويصلي. فإذا جاء السحر أوتر، ثم نام، فإن كان له حاجة من أهله ألم بها -يعني: كناية عن الجماع- ثم إذا جاء الوقت وثب مسرعاً، فإن كان عليه جنابة، اغتسل وإلا توضأ وخرج إلى الصلاة، والحديث دال على أن الوتر يكون من أوقاته السحر، بل أفضل أوقاته أن يكون في آخر الليل لمن تمكن من القيام آخر الليل.
    تراجم رجال إسناد حديث: (فإذا كان من السحر أوتر ...)
    قوله:
    [حدثنا محمد بن المثنى].
    هو العنزي الملقب بالزمن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
    [حدثنا محمد].
    هو ابن جعفر، الملقب غندر وقد مر ذكره قريباً.
    [حدثنا شعبة].
    كذلك مر ذكره.
    [عن أبي إسحاق].
    وقد مر ذكره.
    [عن الأسود بن يزيد].
    هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، فقيه، مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن عائشة].
    هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق التي أنزل الله براءتها بآيات تتلى من سورة النور، فمن رماها بالإفك فإنه كافر مكذب بالقرآن، وبما أنزله الله على محمد عليه الصلاة والسلام، من هذه الآيات العشر التي تتلى في سورة النور، وهي: من أوعية السنة، وحفاظها، ولا سيما ما يتعلق بأحكام البيوت التي لا يطلع عليها إلا النساء، فإنها روت الكثير عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة.
    شرح حديث: (أوتر رسول الله من أوله وآخره وأوسطه ...)
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوله، وآخره، وأوسطه، وانتهى وتره إلى السحر)].وهذا فيه بيان وقت الوتر، وأن الليل كله وقت للوتر، أول الليل وأوسطه وآخره، والنبي عليه الصلاة والسلام أوتر في أول الليل، وأوتر في وسطه، وأوتر في آخره، فدل هذا على أن الليل كله وقت للوتر، فإنه أوتر في أول الليل وأوسط الليل وأوتر في آخر الليل، وانتهى وتره إلى السحر، أي: أنه كان في آخر أمره عليه الصلاة والسلام أنه كان يوتر في السحر كما دل عليه الحديث المتقدم، الذي جاء عن عائشة أنه كان ينام، ثم يستيقظ، ثم يصلي ويوتر في السحر، ثم ينام بعد ذلك، فالحديث دال على أن الليل كله وقت للوتر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا، وهذا، وهذا.

    شرح حديث: (من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وتراً ...)
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن نافع أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: (من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وتراً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك)].أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: (من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وتراً؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك)، وهذا فيه بيان أن الوتر يكون في آخر صلاة الليل، سواء كانت الصلاة في أول الليل أو وسطه أو آخره، فإن صلاة الليل تختم بالوتر، والتفصيل كما ذكرت آنفاً من وثق من نفسه أن يقوم فليوتر آخر الليل، ومن لم يثق فإنه يوتر قبل أن ينام كما أوصى النبي عليه الصلاة والسلام بذلك الصحابيين الكريمين أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله تعالى عنهما والله أعلم.
    تراجم رجال إسناد حديث: (من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وتراً ...)
    قوله:
    [أخبرنا قتيبة].
    هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا الليث بن سعد المصري].

    ثقة، ثبت، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن نافع مولى ابن عمر].

    ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله بن عمر].

    رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي وأحد العبادلة الأربعة وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي مر ذكرهم قريباً، وهذا الإسناد من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأنه من الرباعيات؛ لأن بين النسائي وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام أربعة أشخاص: قتيبة، والليث، ونافع، وابن عمر.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #305
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (302)

    - كتاب قيام الليل وتطوع النهار - (باب الأمر بالوتر قبل الصبح) إلى (باب كم الوتر؟)


    الأمر بالوتر قبل الصبح


    شرح حديث: (أوتروا قبل الصبح)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الأمر بالوتر قبل الصبح. أخبرنا عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم أخبرنا محمد وهو ابن المبارك حدثنا معاوية وهو ابن سلام بن أبي سلام عن يحيى بن أبي كثير أخبرني أبو نضرة العوقي أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوتر فقال: أوتروا قبل الصبح)].
    يقول النسائي رحمه الله: باب الأمر بالوتر قبل الصبح، أي: أن الوتر آخر وقته طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر فقد انتهى وقته، وقد سبق أن مر في بعض الأحاديث: (صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر ما مضى) (خشي أحدكم) معناه: أنه كاد أن يظهر عليه الصبح فإنه يصلي ركعة قبل أن يظهر الصبح لتوتر له ما مضى.
    وقد أورد النسائي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن الوتر فقال: [(أوتروا قبل الصبح)] أي: أن نهاية وقته وهو: طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر وظهر الصبح فقد انتهى وقته، فهو يصلى قبل هذا الوقت، ولهذا قال: [(أوتروا قبل الصبح)] أي: قبل أن يطلع الصبح أي: الفجر، هذا هو نهاية وقت الوتر، وقد مر بنا أن النبي عليه الصلاة والسلام أوتر من أول الليل ومن وسطه وآخره وانتهى وتره إلى السحر، ومر في الأحاديث الماضية أنه إذا خشي الصبح فإنه يأتي بركعة توتر ما مضى، وهذا يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: [(أوتروا قبل الصبح)] أي: قبل أن يخرج وقت الوتر الذي هو طلوع الفجر.
    تراجم رجال إسناد حديث: (أوتروا قبل الصبح)

    قوله: [أخبرنا عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم].ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [أخبرنا محمد وهو ابن المبارك].

    ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكلمة: (هو: ابن المبارك) الذي قالها هو النسائي أو من دون النسائي.

    [حدثنا معاوية وهو ابن سلام بن أبي سلام].

    هو معاوية بن سلام بن أبي سلام أبو سلام، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقوله: (هو ابن سلام بن أبي سلام) هذه الذي زادها من دون تلميذه محمد بن المبارك، فالذي قالها هو: عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم أو من دونه.

    [عن يحيى بن أبي كثير].

    هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، هو ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [أخبرني أبو نضرة].

    هو أبو نضرة العوقي، وهو المنذر بن مالك البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وهو مذكور بكنيته أبي نضرة.
    [أنه سمع أبا سعيد].
    هو سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مذكور بكنيته، ونسبته، بكنيته أبي سعيد وبنسبته الخدري، وهو: بيت من بيوت الأنصار، وهو من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر، وأنس وأم المؤمنين عائشة، هؤلاء السبعة عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.

    شرح حديث: (أوتروا قبل الفجر) من طريق أخرى
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن درست حدثنا أبو إسماعيل القناد حدثنا يحيى وهو: ابن أبي كثير عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أوتروا قبل الفجر)].أورد النسائي حديث أبي سعيد من طريق أخرى وهو بلفظ الطريقة السابقة: [(أوتروا قبل الفجر)] أي: قبل خروج الفجر الذي به ينتهي الليل، والذي به يبدأ الصيام في حق من يريد أن يصوم، فنهاية الليل تكون بطلوع الفجر، ولهذا الصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فالوتر هو: عند طلوع الفجر ينتهي، وبعد ذلك يُقضى، ولكن يُقضى بعد طلوع الشمس كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
    تراجم رجال إسناد حديث (أوتروا قبل الفجر) من طريق أخرى

    قوله:

    [أخبرنا يحيى بن درست].

    هو يحيى بن درست البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا أبو إسماعيل القناد].
    هو إبراهيم بن عبد الملك وهو صدوق في حفظه شيء، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
    [حدثنا يحيى].
    هو يحيى بن أبي كثير، وقد مر ذكره.

    [عن أبي نضرة عن أبي سعيد].

    وقد مر ذكرهم.

    الوتر بعد الأذان

    شرح حديث ابن مسعود: (هل بعد الوتر أذان؟ قال: نعم وبعد الإقامة)
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الوتر بعد الأذان.أخبرنا يحيى بن حكيم حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه: (أنه كان في مسجد عمرو بن شرحبيل فأقيمت الصلاة فجعلوا ينتظرونه فجاء فقال: إني كنت أوتر، قال: وسئل عبد الله هل بعد الأذان وتر؟ قال: نعم وبعد الإقامة، وحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ثم صلى)].
    أورد النسائي الوتر بعد الأذان يعني: قضاءً، أي: بعد أذان الصبح قضاءً وليس أداءً؛ لأن الأداء إنما هو ينتهي بطلوع الفجر، وهذه الترجمة يراد بها الوتر بعد الأذان قضاءً، وقد أورد النسائي حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، الذي فيه أنه سئل عن الوتر بعد الأذان قال: (نعم وبعد الإقامة)، ثم حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نام عن صلاة الصبح وقام بعد طلوع الشمس وصلى، أي: أنه قضاها بعد طلوع الشمس، أي: بعد خروج وقتها، فكذلك الوتر يُقضى بعد خروج وقته، هذا هو وجه استدلال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على ما استدل به وهو قضاء الوتر بعد الأذان.
    وقال أيضاً: وبعد الإقامة، وليس المقصود أنه بعد الإقامة يقوم يوتر؛ لأنه جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) ولعل المقصود من ذلك أنه يقضيها بعد الصلاة، وابن مسعود رضي الله عنه ما عنده مستند كما يظهر إلا القياس على قضاء الصلاة بعد خروج وقتها، فقاس الوتر بأنه يُقضى بعد خروج وقته وذلك بعد الأذان، لكن الذي جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام كما مر في حديث عائشة، أنه كان يقضيه ضحى، ولكنه يقضيه مشفوعاً وليس وتراً؛ لأنه كان من عادته أنه يصلي إحدى عشرة ركعة من الليل، فإذا شغله عنها وجع أو غيره فإنه يصلي من الضحى أو من النهار اثنتي عشرة ركعة أي: قضاء، وهذا يدلنا على أنه من فاته الوتر فإنه يقضيه في الضحى مشفوعاً وليس وتراً، عدد الركعات وزيادة ركعة واحدة.
    وعمرو بن شرحبيل تأخر في الخروج إليهم فقالوا له في ذلك فقال: إنه يوتر، وكان هذا بعد الأذان، ثم أسند إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن الوتر بعد الأذان قال: (نعم وبعد الإقامة)، ثم حدث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه نام عن صلاة الصبح، وقام بعد طلوع الشمس فصلاها أي: قضاءً، فكذلك يقاس على ذلك، أن الوتر يقضى بعد خروج وقته.
    لكن القضاء ينبغي أن يكون في الوقت الذي كان يفعله النبي عليه الصلاة والسلام، وهو في الضحى، أي: يصلي مقدار ما كان يصليه من الليل ويزيد على ذلك ركعة واحدة تشفع ذلك العدد.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود: (هل بعد الوتر أذان؟ قال: نعم وبعد الإقامة)

    قوله:
    [أخبرنا يحيى بن حكيم].
    ثقة، حافظ، عابد، مصنف، وقد أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

    [حدثنا ابن أبي عدي].

    هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن شعبة].

    هو ابن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر].
    هو إبراهيم بن محمد بن المنتشر الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبيه].
    هو محمد بن المنتشر الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة أيضاً.

    [عن عمرو بن شرحبيل].

    هو عمرو بن شرحبيل الكوفي الهمداني، ثقة، مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
    [عن عبد الله بن مسعود].
    هو أوتر بعد الأذان، وأخبر بأن ابن مسعود سئل عن الوتر بعد الأذان فقال: نعم وبعد الإقامة، ثم حدث ابن مسعود عن النبي عليه الصلاة والسلام، أنه نام عن صلاة الصبح، ولما قام بعد طلوع الفجر صلاها أي: قضاءً، فيقاس على ذلك قضاء الوتر، ولكن ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من صلاتها من النهار، وأنه يدفعها بحيث يكون المقدار الذي كان يصليه وزيادة ركعة هذا هو الذي يدل عليه فعله الذي هو نص في الموضوع، وأما ابن مسعود رضي الله عنه فاستدلاله إنما هو استنباط وقياس.
    الوتر على الراحلة

    شرح حديث: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يوتر على الراحلة)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الوتر على الراحلة. أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن الأخنس عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على الراحلة)].
    أورد النسائي الوتر على الراحلة، أي: وهو راكب، ولا يلزم أن ينزل إذا كان يصلي في السفر، وهذا لا يكون إلا في السفر؛ لأن صلاة النافلة إنما تكون في السفر على الراحلة، وكذلك الوتر إذا صلى في الليل على الرواحل فإنه يوتر في نهاية صلاته ولا ينزل لأن يأتي بالوتر، وهذا مما يستدل به على أن الوتر ليس بواجب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يتنفل يوتر على الراحلة، ولا ينزل إلا لأداء الصلوات المفروضة، فإنه ينزل ويصلي على الأرض ولا يصلي وهو راكب على الدابة كشأنه في النوافل، وإنما كان صلاته على الراحلة متنفلاً وليس مفترضاً، وكونه يصلي الوتر على الراحلة يفيد أنه من جملة النوافل، وليس من جملة الأشياء الواجبة، بل من جملة ما هو مندوب، بل هو من المندوبات المتأكدة المستحبة المؤكدة، ولم يكن النبي عليه الصلاة والسلام ينزل إلا للفريضة.
    وكما قلت: هذا إنما هو في السفر، ليس للإنسان أن يتنفل وهو راكب في الحضر، وإنما التنفل على الراحلة وهو راكب إنما يكون في السفر، هذا هو الذي ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأن النزول للنوافل وإطالة النوافل يفوت معه المقصود من السير، بخلاف الإنسان الذي هو في البلد فإنه ليس مثل المسافر الذي يريد أن يقطع المسافة، فهو لو نزل، وجلس يصلي، وأطال الصلاة يفوت عليه الوقت، لكن الذي في البلد في أي وقت يشاء ينهي هذا الركوب الذي هو عليه ويصلي متنفلاً على الأرض، لكن في حال السفر لا سيما مع طول المسافة، ومع كثرة الصلاة وإطالة الصلاة، فلو نزل ذهب عليه الليل وهو يصلي في الأرض ولم يقطع مسافة، فجاء في السنة بأن الإنسان يتنفل وهو راكب على دابته.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يوتر على الراحلة)

    قوله:
    [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].
    هو السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.

    [حدثنا يحيى بن سعيد].

    هو يحيى بن سعيد القطان البصري، ثقة، ثبت، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً، وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن عبيد الله بن الأخنس].
    هو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن نافع].

    هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن عمر].

    هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما وقد مر ذكره.
    شرح حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير) من طريق ثانية
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إبراهيم بن يعقوب أخبرني عبد الله بن محمد بن علي حدثنا زهير عن الحسن بن الحر عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يوتر على بعيره ويذكر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك)].أورد حديث ابن عمر، وأنه كان يوتر على البعير، ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، يعني: أنه يقتدي بالنبي عليه الصلاة والسلام بفعله هذا، فهو أوتر على بعيره اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام فإنه كان يوتر على البعير، يعني: لا يحتاج إلى أن ينزل فيوتر على الأرض إذا كان يتنفل وهو راكب، فإنه يوتر وهو راكب، ولا ينزل للوتر كما ينزل للفريضة، بل النزول إنما هو للفرائض وليس للنوافل بما فيها الوتر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير) من طريق ثانية

    قوله:

    [أخبرنا إبراهيم بن يعقوب].

    هو الجوزجاني، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.

    [أخبرني عبد الله بن محمد بن علي].

    هو النفيلي، وهو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري وأصحاب السنن الأربعة.

    [حدثنا زهير].

    هو زهير بن معاوية بن حديج الكوفي، هو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن الحسن بن الحر].

    ثقة، فاضل، أخرج حديثه أبو داود في القدر، والنسائي.

    [عن نافع عن ابن عمر].

    وقد مر ذكرهما.

    حديث: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا مالك عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن سعيد بن يسار قال لي ابن عمر رضي الله عنهما: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير)].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وفيه أن النبي صلى عليه وسلم كان يوتر على البعير وهو مثل الذي قبله.
    قوله:

    [أخبرنا قتيبة].
    هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا مالك بن أنس].
    هو إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام، المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي بكر].
    هو أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
    [عن سعيد بن يسار].
    ثقة، متقن، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن عمر].

    رضي الله تعالى عنه، وقد مر ذكره.
    كم الوتر

    شرح حديث: (الوتر ركعة من آخر الليل)
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كم الوتر.أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن أبي التياح عن أبي مجلز عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الوتر ركعة من آخر الليل)].
    أورد النسائي ترجمة: باب كم الوتر، أي: ما هو مقدار الوتر، ومقداره ركعة، يعني: أقله ركعة واحدة يأتي بها في آخر الليل، فلو أنه نام، واستيقظ، وبقي مقدار ركعة قبل الفجر فإنه يأتي بركعة، وكذلك لو أراد أن يوتر بركعة من أول الليل أو من وسطه، أو آخره، فإن هذا هو أقل الوتر، لكن الذي ينبغي للإنسان أن لا يقتصر عليها، وإنما يضيف إليها ركعتين، ويزيد على ذلك ما شاء، وحصول الوتر بركعة واحدة أو أداء الوتر بركعة واحدة سائغ جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنه هذا الحديث: [(الوتر ركعة من آخر الليل)] وهذا فيما إذا كان يثق بقيامه، أما إذا كان لا يثق بقيامه، ويخشى أن لا يستيقظ فإنه يوتر قبل أن ينام ،كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أوصى بعض أصحابه بالوتر قبل النوم، وهذا محمول على ما إذا لم يتمكن من القيام، أو يخشى أن لا يقوم.

    تراجم رجال إسناد حديث: (الوتر ركعة من آخر الليل)

    قوله:
    [أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله].
    هو الذهلي النيسابوري، وهو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
    [حدثنا وهب بن جرير].
    هو وهب بن جرير بن حازم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا شعبة].
    وقد مر ذكره.
    [عن أبي التياح].
    هو يزيد بن حميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي مجلز].
    هو لاحق بن حميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن ابن عمر].
    وقد مر ذكره.

    حديث: (الوتر ركعة من آخر الليل) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى ومحمد قالا: حدثنا، ثم ذكر كلمة معناها شعبة عن قتادة عن أبي مجلز عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الوتر ركعة من آخر الليل)].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله تماماً، وأن الوتر ركعة من آخر الليل، فالمتن هو المتن.
    قوله:
    [أخبرنا محمد بن بشار].
    هو الملقب بندار البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
    [حدثنا يحيى ومحمد].
    هو ابن سعيد القطان، ثقة، ثبت، مر ذكره قريباً، ومحمد هو ابن جعفر الملقب غندر البصري، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [قالا: حدثنا، ثم ذكر كلمة معناها شعبة].
    هي كلمة (حدثنا) جاءت قبل ذكر الكلمة التي أشار إلى معناها، وقال بعد ذلك: شعبة عن، فلا أدري ما المقصود من قوله بمعناها إلا أن يكون متردداً، هل ذكر بالاسم الذي هو شعبة، أو ذكر بالكنية، أو ذكر بلفظ آخر، يعني: هل ذكر باسمه، أو بكنيته، أو بلفظ آخر غير هذا، وهو مشهور باسمه شعبة.
    [عن قتادة].
    هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    ومما يذكر أن شعبة إذا روى عن مدلس فتدليسه مأمون؛ لأنه لا يروي عن شيوخ مدلسين إلا ما صرحوا فيه بالسماع، أو ما كان مسموعاً لهم، إلا ما كان مسموعاً لهم، فإذا جاء شعبة يروي عن مدلس، فيحمل على أنه متصل وأن شيخه أُمن تدليسه؛ لأنه لا يروي عن شيوخه المدلسين إلا ما هو مسموع لهم.
    [عن أبي مجلز عن ابن عمر].
    وقد مر ذكرهما.


    شرح حديث: (الوتر ركعة من آخر الليل) من طريق ثالثة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسن بن محمد عن عفان حدثنا همام حدثنا قتادة عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رجلاً من أهل البادية سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، قال: مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل)].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، وفيه (أن رجلاً من المسلمين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل) أي: أن الوتر ركعة واحدة يوتر بها ما مضى أو يؤتى بها وحدها ليس قبلها شيء.

    تراجم رجال إسناد حديث: (الوتر ركعة من آخر الليل) من طريق ثالثة

    قوله: [أخبرنا الحسن بن محمد].هو الحسن بن محمد الزعفراني، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن.
    [حدثنا عفان].
    هو عفان بن مسلم الصفار، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة،
    [حدثنا همام بن يحيى البصري].
    هو ثقة أيضاً ،حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا قتادة].
    وقد مر ذكره.
    [عن عبد الله بن شقيق].
    هو العقيلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما].
    وقد مر ذكره.
    الأسئلة

    أفضل وقت قضاء لسنة الفجر لمن فاتته

    السؤال: فضيلة الشيخ، إذا فات الإنسان صلاة سنة الفجر فأيهما أفضل أن يصليها بعد الفريضة، أم في الضحى؟

    الجواب: نعم، جاءت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفريضة، وهو إن كان وقت نهيٍ إلا أنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حيث الإقرار، حيث أقر رجلاً صلاها بعد صلاة الصبح، فأقره على ذلك، فدل على أن الإتيان بها سائغ، وأنها مستثناة مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (لا صلاة بعد الفجر حتى طلوع الشمس)، وكذلك إذا صلاها في الضحى فإن ذلك حسن، والأمر فيه الجواز، إن صلاها بعد الفجر فقد جاء في السنة ما يدل عليه، وإن صلاها في الضحى فإن ذلك سائغ.
    حكم استبدال علبة الحليب بعلبة العصير
    السؤال: هل يجوز للإنسان أن يستبدل علبة حليب بعلبة عصير من البرتقال بحجمٍ واحد وبسعرٍ واحد؟

    الجواب: إذا كان اشترى وكما هو معلوم هذا مبذول يعني: سواء هذا وهذا كله معروض كله للبيع، لكن أن يكون على علم هذا أفضل، حتى يعلم بأنه باعه ثم يجد هذا ناقص، ولا يدري أنه أرجع ذاك وأخذ بدله، فيكون عن إذنه وإلا فإن الأمر في ذلك واضح، الكل معروض للبيع.
    معنى قول ابن مسعود: (وبعد الإقامة)
    السؤال: ما معنى قول ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: (وبعد الإقامة) مع أنه إذا أقيمت الصلاة المكتوبة فلا صلاة غيرها؟

    الجواب: أنا أجبت على هذا، وقلت: لعل المقصود من ذلك بعد الصلاة؛ لأن بعد الإقامة ليس للإنسان أن يصلي شيئاً من النوافل؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، لكن لعل المقصود من ذلك أنه بعد الصلاة وليس والناس في الصلاة.

    مدى صحة أن عائشة كانت تصلي الوتر ما بين الأذان والإقامة
    السؤال: فضيلة الشيخ، ذكر ابن حزم في المحلى أثراً عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت توتر ما بين الأذان والإقامة، فهل يصح هذا الأثر عنها، وهل هذا الأثر يعارض قولها عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته قيام الليل أنه كان يشفع في صلاته إذا قضاها؟

    الجواب: لا أدري هل هذا ثابت عنها أو لم يثبت، لا علم لي بهذا، وروايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأتي بالوتر إذا لم يتمكن من أدائه في الليل أنه يؤديه في الضحى، ويضيف إلى ذلك ركعة حتى لا يكون أوتر في النهار هذا هو المعتبر وهو المعتمد، وذاك لا أدري هل هو صحيح أو غير صحيح.
    حكم صلاة الفريضة على المركبات الحديثة وعلاقة ذلك بالطائرة
    السؤال: فضيلة الشيخ، هل للمسافر أن يصلي فريضة على مركبه كالباصات وغيرها؟

    الجواب: ليس للإنسان أن يصلي على السيارة الفريضة وهو راكب، وإنما عليه أن ينزل ويصلي بالأرض، ومن المعلوم أن السيارة تختلف عن الطائرة؛ لأنه إذا خشي فوات الوقت فإنهم ينزلون ويصلون، وأما الطائرة فالنزول ليس متيسر إلا في المطار الذي هي متجهة إليه، فإذا كان سيخرج الوقت عليه لو أخرها حتى النزول فإنه يصليها على حسب حاله في الطائرة؛ لأن الصلاة لا تؤخر عن وقتها.
    كيفية الركوع والسجود إذا صلى على الدابة أو السيارة
    السؤال: وهل إذا صلى النافلة في السيارة يركع ويسجد أم يكتفى بالإيماء؟

    الشيخ: طبعاً التكبير لا بد منه، وإنما الركوع والسجود يكون بالإيماء، والسجود أخفض من الركوع، هذا على الدابة، وأما على السيارة إذا كان فيه مكان للإنسان أن يركع ويسجد فليركع ويسجد، وأما إذا كان لا يستطيع وإنما جالس في مقعد ما فيه ركوع ولا سجود ما فيه إلا إيماء فإنه يومئ إيماء.
    حكم صلاة من وجد على ثوبه أثر الاحتلام
    السؤال: فضيلة الشيخ، لو أن رجلاً استيقظ من نومه وصلى، وبعد الصلاة تبين له أن في ثوبه أثراً ظاهراً من الاحتلام فما الحكم هل يعيد الصلاة أم لا؟
    الجواب: إذا كان أنه علم بأنه حصل منه احتلام ووجد الماء فإن عليه الاغتسال، وعلى هذا يكون صلى وهو جنب، إذا كان حصل، أو تذكر في النوم أنه حصل له احتلام، ثم بعد ذلك وجد الماء فإن عليه الاغتسال، يجب عليه أن يغتسل، وصلاته التي صلاها عليه أن يعيدها بعد الاغتسال، مثل ما لو صلى الإنسان وهو على غير وضوء فإن عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة.
    صلاة الفريضة على الطائرة لمن خشي خروج وقتها

    السؤال: فضيلة الشيخ، أحسن الله إليك، عندما تكون مسافراً بالطائرة وخشيت فوات وقت الفجر هل تصلي وأنت على المقعد على حالك، أم تنتظر حتى تنزل من الطائرة وتصليها بعد طلوع الشمس؟ رأيت كثيراً من الناس يفعل ذلك أفيدونا.

    الجواب: أنا أجبت على هذا السؤال، وقلت: إذا كان أن الإنسان سيعلم من حيث الزمن أن الطائرة لا تصل للمطار الذي هو متجه إليه إلا بعد خروج الوقت فإنه لا يؤخر الصلاة عن وقتها بل يؤديها على حسب حاله، فإن كان في الطائرة مكان يركع فيه ويسجد فإنه يصلي في ذلك المكان، وإن كان ما فيه إلا مقعده فإنه يصلي على مقعده بالإيماء على حسب حاله.. فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وليس له أن يؤخر الصلاة عن وقتها بحجة أنه لا يستطيع أن يركع ويسجد، بل عليه أن يصلي على حسب حاله.
    حكم الوضوء للطواف
    السؤال: فضيلة الشيخ، هل يشترط الوضوء للطواف؟
    الجواب: نعم، الطواف يشترط فيه الوضوء، الإنسان يكون على طهارة؛ لأن الطواف عبادة وصلاة، إلا أنه حل للناس أن يتكلموا فيه ليس كالصلاة، ثم في ختامه ركعتان ركعتا الطواف.
    حكم الوتر

    السؤال: نرجو من سماحتكم أن تعيدوا لنا خلاف أهل العلم في حكم الوتر، هل هو الوجوب أم مستحب؟

    الجواب: بعض أهل العلم قال بوجوبه، وجمهور العلماء قالوا: إنه ليس بواجب، وقد مر بنا حديث علي رضي الله عنه أنه قال: (إن الوتر ليس بحتم كهيئة الفريضة ولكنه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثم أيضاً ما جاء في الحديث حديث الصلوات الخمس، يعني: كونها كانت خمسين، ثم خففت إلى خمس فقال: مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ [ق:29] قال: هن خمس في العمل وخمسون في الأجر، فالذي فرضه الله عز وجل في اليوم والليلة، خمس صلوات ليس أكثر من ذلك، والوتر على قول الجمهور أنه سنة مؤكدة، بل هو من آكد السنن، والنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يتركه لا في حضر، ولا السفر هو وركعتا الفجر، وبعض أهل العلم قال بوجوبه، والصحيح أنه ليس بواجب، ولكنه مؤكد، يعني: سنة مؤكدة من آكد السنن، ومن العلماء من قال: (إن الذي لا يصلي الوتر رجل سوء) وهو الإمام أحمد رحمة الله عليه.
    المفاضلة بين البقاء بعد الفجر في المسجد لصلاة الضحى أو الذهاب مع الجنازة
    السؤال: فضيلة الشيخ، أيهما أفضل الجلوس بعد صلاة الفجر لصلاة ركعتي الضحى أم الذهاب مع الجنازة؟

    الجواب: على كل كلها خير، وكلها فيها أجر عظيم، والأمر في ذلك واسع.

    تأخير الوتر إلى ما بعد طلوع الشمس إذا أذن الفجر والشخص لم يوتر
    السؤال: فضيلة الشيخ، إذا شخص سمع أذان الفجر هل يوتر بعده أم ينتظر حتى تطلع الشمس؟

    الجواب: لا، إذا وجد الأذان وهو لم يأت بركعة الوتر فإنه يؤخر ذلك إلى ما بعد طلوع الشمس.

    حكم صلاة النافلة على الراحلة جماعة

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل يجوز صلاة النافلة على الراحلة جماعة مثل قيام الليل؟

    الجواب: صلاة النافلة على الرواحل كما هو معلوم لا تتأتى جماعة، وإنما كل يصلي على حدة.

    هل مني الإنسان طاهر أم نجس؟

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل مني الإنسان طاهر أم نجس؟

    الجواب: مني الإنسان طاهر، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يصيبه في ثوبه فيفركه إذا احتاج الأمر إلى ذلك.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #306
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (303)


    - كتاب قيام الليل وتطوع النهار - باب كيف الوتر بواحدة - باب كيف الوتر بثلاث

    صلاة الليل مثنى مثنى، فإن خشي الإنسان الصبح أوتر بواحدة، ويجوز له أن يصلي ثلاث ركعات مسرودة بتسليمة واحدة، ويجوز أن يسلم بعد ركعتين ويصلي واحدة ويسلم، وهذا كله فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
    كيف الوتر بواحدة


    شرح حديث: (... فاركع بواحدة توتر لك ما قد صليت)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف الوتر بواحدة.أخبرنا الربيع بن سليمان، حدثنا حجاج بن إبراهيم، حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن القاسم، حدثه عن أبيه، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا أردت أن تنصرف فاركع بواحدة توتر لك ما قد صليت)].
    يقول النسائي رحمه الله: كيف الوتر بواحدة، أي: كيف يكون الوتر بواحدة، ومن المعلوم أن الوتر يكون بركعة، ويكون أكثر من ذلك، وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا أردت أن تنصرف فاركع واحدة توتر لك ما صليت)، وهذا فيه بيان أن الركعة التي يكون بها الوتر، والتي تختم بها صلاة الليل، تكون واحدة، أي: أنها بعدما يسلم من الركعتين اللتين قبلها، يقوم فيصليها ثم يسلم، فتكون تلك الركعة مستقلة عما قبلها، أي: ركعة منفردة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (صلاة الليل مثنى مثنى)، أي: اثنتين اثنتين، فإذا أردت أن تنصرف، يعني: تنتهي من صلاة الليل، تأتي بركعة توتر لك ما قد صليت، يكون ما صليته بعد أن كان شفعاً يكون وتراً بهذه الركعة الواحدة التي أوترت بها ما مضى، أو جعلت بها ما مضى من الشفع وتراً.
    وقد جاء أيضاً بيان ذلك من فعله عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عباس الذي تقدم، والذي فيه مبيته عند خالته ميمونة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وأنه لما قام النبي عليه الصلاة والسلام يصلي من الليل، وقام وصلى معه، قال: فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، حتى عد ست مرات ركعتين، ثم قال: ثم صلى ركعة.
    إذاً: الوتر بركعة واحدة مستقلة قبله سلام، وفي نهايتها سلام، جاء من فعله، ومن قوله، من فعله عليه الصلاة والسلام كما جاء في حديث ابن عباس عندما بات عند خالته ميمونة، ومن قوله في هذا الحديث الذي هو حديث عبد الله بن عمر: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا أردت أن تنصرف فاركع واحدة توتر لك ما قد صليت).

    تراجم رجال إسناد حديث: (... فاركع بواحدة توتر لك ما قد صليت)

    قوله: [أخبرنا الربيع بن سليمان ].هو ابن عبد الجبار المرادي المصري، صاحب الإمام الشافعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه. وهذا هو ربيع بن سليمان المرادي، وهو ابن عبد الجبار، وهو المصري، ويتفق معه في الاسم واسم الأب، ربيع بن سليمان بن داود، وهو أيضاً مصري من أهل بلده، وهو من شيوخ النسائي أيضاً، لكن الذي يبدو أنه عند الإطلاق يريد المرادي صاحب الإمام الشافعي، ابن عبد الجبار، بدليل أنه أحياناً عندما يذكر الأول يذكر جده فيقول: الربيع بن سليمان بن داود، كما سيأتي في بعض الأسانيد.

    [حدثنا حجاج بن إبراهيم].

    ثقة، فاضل، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.

    [حدثنا ابن وهب].

    هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عمرو بن الحارث].

    هو عمرو بن الحارث المصري، وهو ثقة، فقيه أيضاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الرحمن بن القاسم].

    هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [يروي عن أبيه].

    هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة المشهورين في عصر التابعين، هو أحد الستة الذين متفق على عدهم في الفقهاء السبعة؛ لأن السابع فيهم فيه ثلاثة أقوال، ومنهم القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والفقهاء السبعة هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير بن العوام، والقاسم بن محمد، هؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: أنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.

    [عن ابن عمر ].

    رضي الله تعالى عنهما هو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر، وأنس وأم المؤمنين عائشة، هؤلاء سبعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، تميزوا عن غيرهم من الصحابة بكثرة الحديث عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

    شرح حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة واحدة) من طريق ثانية

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة، حدثنا خالد بن زياد، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة واحدة)].أورد النسائي رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: [(صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة واحدة)]، يعني: في آخر صلاة الليل، مثنى مثنى، والوتر ركعة واحدة يأتي بها الإنسان مضمومة إلى ما قبلها، ويكون ذلك العدد وتراً، ويجوز أن يوتر بركعة واحدة ليس قبلها شيء، لكن لا ينبغي للإنسان أن يقتصر على ركعة واحدة، مع أنه سائغ، لكن الأولى الزيادة عليها.
    تراجم رجال إسناد حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة واحدة) من طريق ثانية

    قوله:
    [أخبرنا قتيبة].
    هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا خالد بن زياد ].

    هو خالد بن زياد الأزدي الترمذي، وهو صدوق، أخرج له الترمذي، والنسائي، وقد بلغ عمره مائة سنة، وهو من المعمّرين، وقتيبة أيضاً مثله من المعمرين بلغ عمره تسعين سنة، ولهذا فالإسناد رباعي، بين النسائي فيه وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام أربعة أشخاص.

    [عن نافع].

    و نافع هو مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [ عن ابن عمر ].

    مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
    وهذا الحديث هو من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأن النسائي ليس عنده ثلاثيات، أعلى ما عنده الرباعيات، فالرباعيات كثيرة عند النسائي وهذا الإسناد رباعي، قتيبة يروي عن خالد بن زياد، وخالد يروي عن نافع، ونافع يروي عن ابن عمر.
    وأصحاب الكتب الستة ثلاثة منهم عندهم ثلاثيات، وثلاثة أعلى ما عندهم الرباعيات، فالذين عندهم ثلاثيات البخاري عنده في صحيحه اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث ثلاثية، ولكنها كلها بإسناد واحد وهو ضعيف.
    أما مسلم، وأبو داود، والنسائي، فأعلى ما عندهم الرباعيات، وليس عندهم شيء من الثلاثيات.

    شرح حديث: (فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة) من طريق ثالثة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن القاسم، حدثني مالك، عن نافع وعبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)].أورد حديث ابن عمر رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر له ما قد صلى)، أي: يكون العدد وتراً بعد أن كان شفعاً.

    تراجم رجال إسناد حديث: (فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة ...) من طريق ثالثة


    قوله:
    [أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين].
    محمد بن سلمة، هو المرادي المصري، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وهناك محمد بن سلمة، وهو من طبقة شيوخ شيوخ النسائي، وهو يروي عنه بواسطة، فإذا جاء محمد بن سلمة يروي عنه مباشرة فهو المصري، وإذا جاء يروي عنه بواسطة فهو الباهلي، وقد توفي سنة مائتين وأربع، أي: أنه لا يروي عنه إلا بواسطة.
    والحارث بن مسكين المصري، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.

    [قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له].

    وكثيراً ما يأتي النسائي في روايته عن الحارث بن مسكين أن يقول: قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، فسماعه أو روايته أو أخذه عن الحارث بن مسكين وهو يسمع القارئ يقرأ عليه، ثم أيضاً يجعل اللفظ له، عندما يروي عنه وعن غيره يقول: واللفظ له، أي: للحارث بن مسكين، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.

    [عن ابن القاسم].

    هو عبد الرحمن بن القاسم المصري، وهو ثقة، فقيه، حديثه أخرجه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.

    [حدثني مالك].

    هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن نافع].

    هو مولى عبد الله بن عمر، وقد مر ذكره.

    [وعبد الله بن دينار].

    هو عبد الله بن دينار العدوي مولى عبد الله بن عمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    وعندكم (وعبدُ الله)، وهي: خطأ، بل هي (عبدِ الله) يعني: معطوف على نافع، يعني: أن مالكاً يروي عن شخصين هما: نافع، وعبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر، أي: شيخ مالك فيه شخصان، وكل منهما يروي عن ابن عمر، نافع وعبد الله بن دينار، وهي: مذكورة (عبد الله) بالضم، أي: معناه كأنه معطوف على مالك، وأن عبد الرحمن بن القاسم يروي عنه، وليس الأمر كذلك، بل مالك يروي عن نافع وعبد الله، فتكون (عبد الله) مجرورة وليست مرفوعة، معطوفة على نافع.
    والحديث في البخاري، مالك عن نافع، وعبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر.

    [عن عبد الله بن عمر].

    وقد مر ذكره.

    شرح حديث: (صلاة الليل ركعتين ركعتين فإذا خفتم الصبح فأوتروا بواحدة) من طريق رابعة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم، حدثنا محمد يعني: ابن المبارك، حدثنا معاوية وهو ابن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ونافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول: (صلاة الليل ركعتين ركعتين، فإذا خفتم الصبح فأوتروا بواحدة)].ثم أورد النسائي رحمه الله حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو نفس الذي قبله، (صلاة الليل ركعتين ركعتين)، وهو بمعنى: (مثنى مثنى)، تصلي ثنتين ثم ثنتين ثم ثنتين، وإذا أرد أن ينتهي أو خشي الصبح، فإنه يوتر بركعة واحدة، سواء أراد أن ينتهي كما مر في الحديث الذي يقول: فإذا أردت أن تنصرف، أو خشي الصبح، فإنه يأتي بركعة يضيفها إلى ما مضى، فيكون العدد وتراً بعد أن كان شفعاً.

    تراجم رجال إسناد حديث: (صلاة الليل ركعتين ركعتين فإذا خفتم الصبح فأوتروا بواحدة) من طريق رابعة


    قوله:

    [أخبرنا عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم ].

    هو النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [عن محمد يعني: ابن المبارك].
    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة (يعني: ابن المبارك) هذه قالها من دون عبيد الله، وهو النسائي أو من دون النسائي؛ لأن كلمة (يعني) فعل مضارع فاعله ضمير مستتر يرجع إلى تلميذ ذلك الرجل، وهو هنا عبيد الله، أما قائلها فهو النسائي أو من دونه، وهو يريد أن يبين أن محمداً الذي ذكره عبيد الله غير منسوب، أن المراد به محمد بن المبارك، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن معاوية وهو ابن سلام].

    أيضاً محمد بن المبارك قال (عن معاوية) فقط، وما زاد عليها (ابن سلام) فهي ممن دونه، أي: من دون محمد بن المبارك إما عبيد الله أو من دونه هو الذي قال: هو، فهذا الإسناد فيه العبارتان اللتان يؤتى بهما للتوضيح، وهما: كلمة (يعني)، وكلمة (هو ابن فلان)؛ لأنهم يأتون بهاتين العبارتين، إما بكلمة (يعني)، أو بكلمة (هو ابن فلان)، إذا أرادوا أن يوضحوا اسم شخص، ويزيدوا على كلام التلميذ، أتوا بكلمة (يعني)، أو كلمة (هو)، فإذاً الإسناد الواحد هذا جمع فيه بين اللفظين اللذين هما: (يعني)، و(هو ابن فلان).
    ومعاوية بن سلام بن أبي سلام أبو سلام، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [ عن يحيى بن أبي كثير اليمامي ].

    وهو ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [حدثني أبو سلمة].

    هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، فقيه، ومن فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال في السابع كما أشرت آنفاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [و نافع عن ابن عمر ].

    قد مر ذكرهما.

    شرح حديث: (كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور، أخبرنا عبد الرحمن، حدثنا مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، ثم يضطجع على شقه الأيمن)].أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: [(أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة)]. أي: يصلي ركعة واحدة في آخرها يوتر بها ما مضى، (ثم يضطجع على شقه الأيمن)، محل الشاهد منه قوله: (ثم يوتر منها بركعة واحدة، ثم يضطجع على شقه الأيمن)، وكيفية هذه الإحدى عشرة ركعة جاء بيانها في حديث ابن عباس: ركعتين ثم ركعتين. ثم ركعتين، وجاء في حديث عائشة الذي سيأتي: (يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً)، إلا أنه هنا قال: أنه يوتر منها بواحدة، أي: مستقلة منفردة، بعدما يسلم من الركعتين قبلها، يقوم فيصلي ركعة واحدة ثم يسلم منها، فيكون العدد بهذه الركعة مضمومة إلى ما سبق، يكون وتراً بعد أن كان شفعاً.
    وقوله: [(ثم يضطجع على شقه الأيمن)]، قال الشيخ الألباني: إن هذه الزيادة شاذة، وأن المحفوظ أنها بعد صلاة الصبح، بعد ركعتي الصبح، أنه كان يضطجع، لكن إذا كان المقصود بالاضطجاع هو ما جاء في حديث عائشة الذي جاء في حديث مضى قريباً، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام ينام ثم يقوم فيصلي، ويوتر ثم يضطجع، فإن كان له حاجة لأهله ألم بها، ثم إذا جاء الصبح وثب، فإن كان عليه جنابة اغتسل، وإلا توضأ وخرج للصلاة، فإن كان المقصود من ذلك النوم الذي يكون منه بعد الصلاة، وأنه يضطجع بعد ما ينتهي من صلاة الليل، وبعد ما ينتهي من الوتر، فهو على بابه، وهو متفق مع الرواية الأخرى، وأما قضية الاضطجاع فهو مشهور في الروايات بعد صلاة الصبح، ويحتمل أن يكون شاذاً إذا كان يراد به أنه خطأ عن صلاة الصبح، وإذا كان المقصود منه النوم الذي يكون بعد الوتر كما جاء مبيناً في الأحاديث، فلا يكون شاذاً.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة)


    قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].هو الكوسج المروزي، لقبه الكوسج، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود. وفي رجال الكتب الستة شخص آخر اسمه إسحاق بن منصور السلولي، ولكنه متقدم عن هذا بطبقة، وهو من طبقة شيوخ شيوخ النسائي، فهذا من جنس محمد بن سلمة المرادي، والباهلي، يعني: إسحاق بن منصور الكوسج والسلولي، والكوسج من شيوخه، والسلولي من شيوخ شيوخه.

    [أخبرنا عبد الرحمن].

    هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، ثقة ثبت، عارف بالرجال والعلل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا مالك].

    وهو مالك بن أنس، وقد مر ذكره قريباً.

    [عن الزهري].

    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبيد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، ينسب إلى جده زهرة بن كلاب، وينسب إلى جده شهاب، فيقال: ابن شهاب، ويقال: الزهري، وهو ثقة، فقيه، مكثر من رواية رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن عروة].

    هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه، أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين الذين ذكرتهم قريباً، وأشرت إليهم قريباً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن عائشة ].

    هي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ستة رجال وامرأة واحدة وهي عائشة، وقد مر ذكرهم قريباً.
    كيف الوتر بثلاث


    ‏ شرح حديث: (... ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف الوتر بثلاث.أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن القاسم، حدثني مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه أخبره، أنه سأل عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها: (كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً، قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: فقلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة إن عيني تنام ولا ينام قلبي)].
    أورد النسائي رحمه الله كيف الوتر بثلاث؟ لما ذكر كيف الوتر بواحدة، وأنه يؤتى بها مستقلة، بعدما يسلم من الركعتين قبلها، يدخل في تلك الركعة، ثم يسلم منها، فالوتر بواحدة يكون بأن يصليها مفردة، ثم بعد ذلك قال: كيف الوتر بثلاث، والمقصود أنه يصلي ثلاثاً متصلة لا يسلم بينها، ولا يجلس بينها، ليس كهيئة المغرب، وإنما ثلاث مسرودة متوالية على نسق لا يجلس إلا في آخرهن ثم يسلم.
    وقد أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها أنها (سئلت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ قالـت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً، لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً)، ومحل الشاهد قوله: (ثم يصلي ثلاثاً)، فيحتمل أن تكون مسرودة، وهذا هو الذي عقد النسائي له الترجمة، ويحتمل أن تكون اثنتين على حدة، ثم واحدة على حدة، ومثل ذلك أيضاً قولها: (يصلي أربعاً ثم يصلي أربعاً)، فمعناه: أن الأربع الأولى متماثلة، ثم الأربع الثانية متماثلة، ولا ينفي أنه كان يسلم بينهن؛ لأنها ذكرت أربعاً في تشابهها وتماثلها، ثم أربعاً في تشابهها وتماثلها، ثم ثلاثاً، لكن على أحد الاحتمالين أن الثلاث مسرودة، هذا هو مراد النسائي بالترجمة، (كيف الوتر بثلاث؟) ولأنه جاء حديث في النهي عن أن تشبه الصلاة بصلاة المغرب، يعني: بحيث أنه يصلي ركعتين ثم يجلس للتشهد، ثم يقوم للركعة الثالثة، فتكون الهيئة كهيئة المغرب، لكن إذا أتى بها الثلاث متصلة، فهذا هو الذي عناه النسائي، وأراده النسائي بقوله: كيف الوتر بثلاث.
    مع أن فيه احتمالاً آخر كما أشرت، في الثلاث أن يسلم من ركعتين، ثم يقوم للركعة الثالثة، وإنما ذكر الثلاث لتشابهها، والأربع التي قبلها لتشابهها، والأربع التي قبلها لتشابهها، ويحتمل أن تكون الأربع مسرودة مع بعض، وأن يكون فيه سلام بين كل ركعتين، وكذلك الأربع الثانية يحتمل أن تكون مسرودة، وأن يكون سلام بعد الركعتين الأوليين.
    وقول عائشة رضي الله عنها: [(ما كان يزيد في رمضان ولا غيره)]، هذا يدل على أن هذا الذي كان يفعله عليه الصلاة والسلام في رمضان وغيره، وأنه لا يزيد على إحدى عشرة ركعة، وجاء أنها ثلاث عشرة ركعة، وجاء أنه لم ينقص عن سبع ركعات عليه الصلاة والسلام، لكن هذا الحديث لا يدل على عدم جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة، بل قوله عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر ما مضى)، فإن هذا يدل على جواز الزيادة؛ لأنه يدل على أن الإنسان يصلي ما شاء من الليل، ركعتين ركعتين وهكذا، فإذا خشي الصبح أتى بركعة، فمعنى هذا أنه يمكن أن يزيد على إحدى عشرة ركعة، وعلى هذا فإن الإنسان في رمضان عندما يصلي الإمام أكثر من إحدى عشرة ركعة، فإن الذي ينبغي له أن يستمر معه حتى ينتهي، سواء صلى عشرين أو ثلاثين أو أقل أو أكثر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة)، فهذا هو الذي ينبغي للإنسان، أن يتابع الأئمة عندما يصلون أكثر من إحدى عشرة ركعة؛ لأن الزيادة على إحدى عشرة ركعة سائغة وجائزة؛ لهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح)، ولا شك أن الأولى هو ما فعله رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن إذا فعل أمراً فإنه جائز ولا مانع منه، فإن الأولى للإنسان أن يتابع الإمام حتى يحصل الأجر الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة).
    تراجم رجال إسناد حديث: (... ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً ...)
    قوله:

    [أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين].

    قد مر ذكرهما قريباً.

    [عن ابن القاسم].

    قد مر ذكره أيضاً.

    [حدثني مالك].

    كذلك مر ذكره.

    [عن سعيد بن أبي سعيد].

    هو سعيد بن أبي سعيد المقبري، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي سلمة].

    هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقد مر ذكره قريباً.

    [أنه سأل عائشة].

    وقد مر ذكرها قريباً.

    شرح حديث: (كان عليه الصلاة والسلام لا يسلم في ركعتي الوتر)

    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، أن عائشة رضي الله تعالى عنها حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يسلم في ركعتي الوتر].أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها: [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يسلم في ركعتي الوتر]، أي: حتى يضم إليها الثالثة، يعني: إذا أوتر بثلاث، فإنه لا يسلم بعد الركعتين حتى يضم الثالثة، فيصلي ثلاثاً مسرودة، ويسلم بعد الثالثة، فيكون الوتر بثلاث، وهذا هو وجه إيراد الحديث في هذه الترجمة، كان لا يسلم من ركعتي الوتر، بل يضيف إليها الثالثة ويسلم بعد الثالثة؛ لأنه لو سلم بعد ركعتي الوتر، فإنه يكون بذلك قد أوتر بواحدة، والمقصود من الترجمة هو الإيتار بثلاث، وهذا في بعض الأحوال، فلا ينافي ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه يصلي واحدة، وأنه يصلي ركعتين ثم يسلم ثم واحدة ثم يسلم، كما جاء في حديث ابن عباس لما بات عند خالته ميمونة، وأنه صلى ثنتين ثم ثنتين ثم واحدة، المقصود من هذا أنه إذا أوتر بثلاث لا يسلم بعد الركعتين، وإنما يسلم بعد الثالثة، أما إذا أوتر بواحدة، فإنه يكون قد سلم من ركعتين قبلها، ثم صلى الركعة الأخيرة التي هي الوتر مستقلة.
    والشيخ الألباني قال: إن هذا الحديث شاذ، وقال: ليس المقصود منه ركعتي الوتر، أي: الركعتين اللتين قبل الوتر، وإنما المقصود من ذلك الركعتان الأوليان كما جاء مبيناً في بعض الروايات، وأنه كان يواصل الثمان، يعني: ثمان ركعات بتسليم واحد، ثم يجلس في الركعة الأخيرة، يعني: بعد الثامنة، ثم يأتي بالركعة الأخيرة التي هي التاسعة التي يكون بها الوتر.
    ومن المعلوم أن قوله في الحديث: (لا يسلم بعد الاثنتين)، هو من جنس قوله: (ثم ثلاثاً)، التي هي قبلها، وعلى هذا فلا يكون من قبيل ما هو شاذ، بل هو مثل الرواية السابقة التي قبل هذه الرواية، والإيتار بواحدة جاءت به السنة، والإيتار بثلاث مسرودة جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فبعض أحواله أنه يصلي واحدة، وهو الغالب، وبعض أحواله أنه يصلي ثلاثاً.
    تراجم رجال إسناد حديث: (كان عليه الصلاة والسلام لا يسلم في ركعتي الوتر)

    قوله:

    [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].

    هو إسماعيل بن مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.

    [حدثنا بشر بن المفضل].

    وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا سعيد].

    هو ابن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو من أثبت الناس في قتادة.

    [عن قتادة ].

    هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن زرارة].

    هو زرارة بن أوفى البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي توفي وهو يصلي بالناس الصبح، وقد قال عنه ابن حجر: مات فجأة في الصلاة، وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره، عند قول الله عز وجل: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ [المدثر:8-9]، قال: إن زرارة بن أوفى كان أميراً على البصرة، وكان يصلي بالناس الصبح، وعندما جاء عند هذه الآية: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ [المدثر:8]، شهق، ثم وقع مغشياً عليه فمات رحمة الله عليه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعد بن هشام].
    هو سعد بن هشام بن عامر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [أن عائشة].

    قد مر ذكرها.
    الاسئلة

    أنواع الإلحاد في أسماء الله تعالى ومعانيه

    السؤال: فضيلة الشيخ، ما هو الإلحاد في أسماء الله تعالى وما أنواعه؟

    الجواب: الإلحاد في أسماء الله عز وجل يكون بصرفها عما تدل عليه إلى ما لا تدل عليه، الذي هو تأويلها، وتأويل معانيها، وصرفها عما تدل عليه إلى معان لا تدل عليها، ويكون أيضاً بتسمية أو اشتقاق أسماء للآلهة منها، مثل اللات من الإله، والعزى من العزيز، فإن هذه من الإلحاد في أسماء الله عز وجل، وهناك أيضاً أنواع أخرى فسر بها الإلحاد في أسماء الله عز وجل ما أتذكرها، لكن أذكر منها هذين الاثنين.

    معنى اسم الجبار المسمى به الله تعالى

    السؤال: هل الجبار اسم من أسماء الله تعالى، وما معنى هذا الاسم؟

    الجواب: الجبار جاء في القرآن: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ [الحشر:23]، فهو من أسماء الله عز وجل، والجبار هو الذي عظم وقصم المتجبرين الذين يتطاولون على مقامه سبحانه وتعالى وعلى صفاته.

    معنى حديث: (لا يمنعن أحدكم جاره أن يغرز خشبه في جداره)

    السؤال: حديث: (لا يمنعن أحدكم جاره أن يغرز خشبه في جداره)، هل المعنى أنه لا يمنعه من إلصاق جداره بجداره؟ أرجو بيان صورة المعنى.
    الجواب: لا، ليس المعنى أنه لا يلصق جداره بجداره، وإنما المقصود أن الجار الذي بنى من قبل، واحتاج جاره إلى أن يضع الخشبة على جدار جاره، أنه لا يمنعه من أن يضع خشبه عليه، أما إذا بنى هذا جداراً، وهذا بنى جداراً، فأي مانع يمنع؛ فكونه يبني بجواره، ليس هناك إلا البناء بجواره إذا بنى، لكن إذا لم يبن فالحديث يدل على أنه إذا ما بنى، وأراد أن يغرز الخشب في جداره، أن له ذلك، لكن هذا يحمل على ما إذا كان الجدار يتحمل، أما إذا كان الجدار لا يتحمل، فلا يغرز الخشب به، ويترتب على ذلك سقوط الجدار وانهدامه، فإذا كان الجدار يتحمل ويطيق أن يوضع عليه خشب الجار، فهذا هو معنى الحديث.
    والنهي هنا للتحريم، المنع طبعاً هو نهي للإنسان، ولهذا أبو هريرة جاء عنه التأكيد في ذلك والتشديد في ذلك، قال: ما لي أراكم عنها معرضين.

    قيمة الدية بالإبل وتقديره بالعملة العصرية

    السؤال: الإبل التي تكون ديات للجروح والقتل، كيف تقدر بالفلوس؟ وكم قيمة الواحد من الإبل في هذا الوقت؟

    الجواب: ما أدري كيف يقدرونها، هذا يرجع إلى أهل الخبرة، وإلى أهل الاختصاص، أنا ما أدري كيف تقوم، وكيف تقدر، وما قوامها.

    الفرق بين الحمر الأهلية والحمر الوحشية

    السؤال: ما الفرق بين الحمر الأهلية والحمر الوحشية؟ وهناك حمير تعيش في الجبال، ما إن ترى الإنسان حتى تفر منه.

    الجواب: الحمر الأهلية كما هو معلوم هي الإنسية التي يعرفها الناس، وأما الوحشية فهي التي من صيد البر، يعني: نوع من الصيد يكون في الجبال، ويكون في غيرها، لكن إذا كانت الحمر الأهلية صارت في الجبال، وتوحشت ما يقال: إنها حمر وحشية، وإنما المقصود تلك الحمر التي لا تألف الناس، ولا تعيش مع الناس.

    كيفية زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والسلام عليه


    السؤال: فضيلة الشيخ، ما الكيفية الصحيحة لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم والسلام عليه؟الجواب: يقف عند القبر الشريف مستقبل القبر مستدبر القبلة، فيسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، وإن أضاف إلى ذلك قوله: صلى الله وسلم وبارك عليك، وجزاك أفضل ما جزى نبياً عن أمته، فإن ذلك سائغ؛ لأن المزور يدعى له ولا يدعى، والسلام دعاء، والصلاة دعاء.
    فإن قال قائل: وهل يشرع تكرار زيارته صلى الله عليه وسلم؟

    فالجواب: لا تشرع؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)، يعني: المقصود من هذا أنها لا تكرر الزيارة؛ لأن ذلك من اتخاذه عيداً، ثم أيضاً هناك شيء يغني عن تكرار الزيارة، وهو أن الإنسان يصلي ويسلم عليه في أي مكان، والملائكة تبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم السلام كما جاء في هذا الحديث.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #307
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (304)


    كتاب قيام الليل وتطوع النهار - باب ذكر الاختلاف في خبر أبي بن كعب في الوتر - باب ذكر الاختلاف على أبي إسحاق في حديث ابن عباس في الوتر



    حض الشارع على المحافظة على النوافل، ورتب الأجور العظيمة عليها، ومن أعظمها وآكدها الوتر، وقد داوم الرسول صلى الله عليه وسلم عليه، فلم يتركه في سفر أو حضر، وقد ورد فصل الوتر ووصله مع ما قبله.

    ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر أبي بن كعب رضي الله عنه في الوتر


    شرح حديث: (أن رسول الله كان يوتر بثلاث ركعات كان يقرأ في الأولى: (سبح اسم ربك الأعلى)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر أبي بن كعب رضي الله عنه في الوتر.أخبرنا علي بن ميمون حدثنا مخلد بن يزيد عن سفيان عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات كان يقرأ في الأولى بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، وفي الثانية: بـ(قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، وفي الثالثة: بـ(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، ويقنت قبل الركوع، فإذا فرغ قال عند فراغه: سبحان الملك القدوس، ثلاث مرات يطيل في آخرهن].
    يقول النسائي رحمه الله: ذكر اختلاف الناقلين لحديث أبي بن كعب في الوتر، وهو تابع للباب المتعلق بالإيتار بثلاث، وقد مر الوتر بواحدة، ثم بثلاث، وسيأتي فيما هو أكثر من ذلك، والمقصود من الثلاث التي يؤتى بها مسرودة، أو يؤتى بها مفصولة، اثنتين وبعدهما تشهد وسلام، ثم بعد ذلك الركعة الثالثة المفردة المستقلة، وقد جاء في بعض الروايات للحديث: أنه لا يسلم إلا في آخرهن، أي: في آخر الثلاث، فعلى هذا يكون من قبيل الإيتار بثلاث مسرودة، متصل بعضها ببعض يكون السلام في آخرها.
    وأورد النسائي حديث أبي بن كعب من طرق، أولها هذه الطريق التي فيها أنه كان يوتر بثلاث يقرأ في الأولى: بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، وفي الثانية: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، وفي الثالثة: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، ويقنت قبل الركوع، يعني: في الوتر، والقنوت يكون قبل الركوع، ويكون بعده، وكان بعد فراغه من الوتر يقول: سبحان الملك القدوس، ثلاث مرات ويطيل في آخرهن، أي: المرة الأخيرة من الثلاث يمدها، ويطيل فيها فيقول: سبحان الملك القدوس، يعني: يطيل فيها عن الأولى والثانية.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يوتر بثلاث ركعات كان يقرأ في الأولى: (سبح اسم ربك الأعلى)

    قوله:
    [أخبرنا علي بن ميمون].
    هو الرقي، وهو ثقة، أخرج له النسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا مخلد بن يزيد].
    صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
    [عن سفيان].
    هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، حجة، إمام، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن زبيد ].
    هو ابن الحارث اليامي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، عابد، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعيد بن عبد الرحمن].
    هو سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب الكتب الستة.
    [عن أبيه].
    هو عبد الرحمن بن أبزى، وهو صحابي صغير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي بن كعب].
    صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، والحديث من رواية صحابي عن صحابي، صحابي صغير هو عبد الرحمن بن أبزى، وصحابي كبير مشهور هو أبي بن كعب، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (كان رسول الله يقرأ في الركعة الأولى من الوتر بـ(سبح اسم ربك الأعلى) من طريق ثانية

    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى من الوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، وفي الثانية: بـ(قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، وفي الثالثة: بـ(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]].أورد النسائي حديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه، من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبلها من حيث أنه يقرأ في الأولى بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، وفي الثانية: بـ)قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، وفي الثالثة: بـ(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، وهو: مختصر عن الذي قبله؛ لأن الذي قبله في ذكر القنوت، وفي ذكر: سبحان الملك القدوس بعد السلام والفراغ من الوتر، وفيه أيضاً: أنه يطيل في آخرهن، أي: آخر التسبيحات الثلاث، وهذا مختصر ليس فيه إلا ذكر ما يقرأ في الركعة الأولى، والثانية، والثالثة.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يقرأ في الركعة الأولى من الوتر بـ(سبح اسم ربك الأعلى) من طريق ثانية

    قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه المروزي، ثقة، ثبت، حجة إمام فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
    [حدثنا عيسى بن يونس].
    هو عيسى بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعيد بن أبي عروبة].
    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن قتادة].
    هو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب].
    وقد مر ذكرهم.

    شرح حديث: (كان رسول الله يقرأ في الوتر: سبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق ثالثة

    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن موسى أخبرنا عبد العزيز بن خالد حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، وفي الركعة الثانية: بـ(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، وفي الثالثة: بـ(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، ولا يسلم إلا في آخرهن ويقول يعني: بعد التسليم: سبحان الملك القدوس ثلاثاً].أورد النسائي حديث أبي بن كعب من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله من حيث القراءة في الأولى بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، وفي الثانية: بـ(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، وفي الثالثة: بـ(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، وفيه أنه لا يسلم إلا في آخرهن، أي: أنها ثلاث مسرودة، وفيه أنه يقول بعد الفراغ من الصلاة: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يقرأ في الوتر: سبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق ثالثة

    قوله:
    [أخبرنا يحيى بن موسى].
    هو يحيى بن موسى البلخي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

    [أخبرنا عبد العزيز بن خالد].
    هو عبد العزيز بن خالد بن زياد الترمذي، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي، وأبوه مر ذكره في الإسناد الرباعي الذي فيه قتيبة يروي عن خالد بن زياد الترمذي، فذاك ثقة، وهذا مقبول.
    [حدثنا سعيد بن أبي عروبة].
    وقد مر ذكره.
    [عن قتادة].
    وقد مر ذكره.
    [عن عزرة].
    هو عزرة بن تميم البصري، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب].
    وقد مر ذكرهم.
    وفي الإسناد مقبولان أحدهما: عبد العزيز بن خالد بن زياد، والثاني: عزرة بن تميم البصري، وقد عرفنا أن المقبول هو الذي يعتمد حديثه عند المتابعة، وإذا لم يتابع فإنه لا يعتمد حديثه، ومن المعلوم أنه مر طريقان هما مثل هذه الطريق، من حيث ما اشتملت عليه، فالحديث له ما يعضده، أو هذا الإسناد له ما يعضده من الأسانيد الأخرى التي جاءت للحديث نفسه، وهو: حديث أبي بن كعب من طريق سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عبد الرحمن بن أبزى.


    ذكر الاختلاف على أبي إسحاق في حديث سعيد بن جبير


    شرح حديث: (كان رسول الله يوتر بثلاث يقرأ في الأولى: (سبح اسم ربك الأعلى) ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر الاختلاف على أبي إسحاق في حديث سعيد بن جبير.أخبرنا الحسين بن عيسى حدثنا أبو أسامة حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث يقرأ في الأولى بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، وفي الثانية: بـ(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، وفي الثالثة: بـ(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]. أوقفه زهير].
    أورد النسائي اختلاف الناقدين، أو ذكر الاختلاف على أبي إسحاق في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في الوتر، أي: الوتر بثلاث، ومن المعلوم أن الثلاث في هذا الحديث وفي الذي قبله، أنها تابعة لركعات قبلها، مثل ما جاء في حديث عائشة المتقدم: لما سئلت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ قالت: ما كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً. هذه الثلاث التي هي آخر الصلاة هي التي يحصل الإيتار بها، إن كانت مسرودة، أو كانت مفرقة اثنتين ثم سلام ثم واحدة، فتكون الواحدة هي التي توتر ما مضى.
    وحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه، مثل حديث أبي بن كعب المتقدم، من حيث أنه يقرأ في الأولى بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، وفي الثانية: بـ(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، وفي الثالثة: بـ(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1].
    ثم أشار إلى أن زهيراً وقفه على ابن عباس، وذكر الطريق التي فيها كون زهير أوقفه، وهي الطريق التي تليها، فإنه ذكر الإسناد وفيه زهير، وفيه أن ذلك من فعل ابن عباس، أنه هو الذي أوتر بثلاث، والأول موصول إلى رسول الله ومرفوع إلى رسول الله، هذه الطريقة التي معنا مرفوع فيها إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، والطريقة الثانية موقوفة.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يوتر بثلاث يقرأ في الأولى: (سبح اسم ربك الأعلى) ...)

    قوله:
    [أخبرنا الحسين بن عيسى].

    صدوق، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
    [حدثنا أبي أسامة].
    هو حماد بن أسامة، أبو أسامة حماد بن أسامة، مشهور بكنيته، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وقد مر بنا جملة من الأسماء، أو من الرواة الذين توافق كنيتهم أسماء آبائهم، ومنهم: هناد بن السري، ومنهم: الأوزاعي، ومنهم: إسماعيل بن مسعود، أشخاص كثيرون توافق كناهم أسماء آبائهم، وفائدة معرفة هذا النوع أن لا يظن التصحيف فيما إذا أتي بـ(أبي) بدل (ابن)، فإن من لا يفهم يظن أن (أبا) قد صحفت عن (ابن).
    وحماد بن أسامة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا زكريا بن أبي زائدة].
    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي إسحاق].
    هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، همدان نسبة عامة، وسبيع نسبة خاصة؛ لأن سبيع جزء من همدان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعيد بن جبير].
    هو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن ابن عباس].
    هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، وهو: أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعبادلة الأربعة هم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، فهم يطلق عليهم لقب العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين يسمون بعبد الله من أصحابه كثيرون، ولكن الذين اشتهروا بلقب العبادلة هؤلاء الأربعة، وهم من صغار الصحابة، وإلا فإن الذين يسمون بعبد الله كثيرون، منهم: عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن أبي بكر، وعبد الله أبو بكر عبد الله بن عثمان، وعبد الله بن زيد بن عاصم، وعبد الله بن زيد بن عبد ربه، وقد كانوا في سن واحد متقارب، وأدركهم من لم يدرك كبار الصحابة الذين تقدمت وفاتهم.

    شرح أثر ابن عباس: (أنه كان يوتر بثلاث ...)

    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا أبو نعيم حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه كان يوتر بثلاث: بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1] و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]].ثم أورد النسائي الأثر عن ابن عباس، وأن ابن عباس كان يوتر بثلاث، يقرأ في الأولى: بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، وفي الثانية: بـ(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1] وفي الثالثة: بـ(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1] والطريقة الأولى فيها رفعه من ابن عباس إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وطريق فيها وقفه على ابن عباس، والذي أوقفه زهير يروي عن أبي إسحاق، والذي وصله زكريا بن أبي زائدة يروي عن أبي إسحاق، والرفع ثابت كما في هذا الحديث نفسه، وكما في حديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه، فإنه مثل حديث ابن عباس المرفوع.

    تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (أنه كان يوتر بثلاث ...)

    قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
    هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا أبو نعيم].
    هو أبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة، متقن، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ومشهور بكنيته أبو نعيم، واسمه: الفضل بن دكين، ووصف بأنه يتشيع، ولكن جاء عنه عبارة تدل على سلامته من ذلك المذهب الذي هو التشيع، وهي قوله: (ما كتبت عليَّ الحفظة أني سببت معاوية)، وهذا يدلنا على سلامته مما نسب إليه من البدعة التي هي التشيع؛ لأن من يقول هذا الكلام بعيد غاية البعد أن ينسب إلى هذا المذهب؛ لأن لعن معاوية، وسب معاوية، وشتم معاوية من أسهل الأشياء عند أولئك القوم الذين ضلوا عن سواء السبيل، بل إن الزيدية الذين هم أخص الشيعة، وأسهل الشيعة، يسبون معاوية، ويشتمون معاوية، فسب معاوية، وشتم معاوية من أسهل الأشياء، وأبو نعيم يقول: (ما كتبت علي الحفظة أني سببت معاوية).
    [حدثنا زهير].
    هو ابن معاوية بن حديج الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي إسحاق].
    هو أبو إسحاق السبيعي، وقد مر ذكره.
    [عن سعيد بن جبير عن ابن عباس].
    وقد مر ذكرهما.


    الأسئلة


    كيفية السلام في الوتر بثلاث

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل السلام في ثلاث ركعات من الوتر بسلام واحد، في وسطها قعدة؟

    الجواب: لا، ما فيه، متصلة، لا تشبه بالمغرب، ورد حديث على أنها لا تشبه بالمغرب، والمغرب فيه تشهد بين الثنتين والثالثة.


    مدى أفضلية الطهارة لدراسة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل يشترط لدراسة حديث النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء أم هو أفضل؟

    الجواب: ما يشترط، لكن لا شك أن الإنسان إذا كان على طهارة لا شك أنه أحسن، وأكمل، وأفضل.


    معنى حديث عائشة: (أتنام قبل أن توتر)


    السؤال: فضيلة الشيخ، في حديث عائشة: (ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً، قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: فقلت يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟) الحديث. السؤال: ما معنى قول عائشة: ثم يصلي ثلاثاً، ثم سؤالها: أتنام قبل أن توتر؟

    الجواب: قوله: يصلي ثلاثاً التي هي الوتر، يعني: إما مسرودة، أو أنها مفرقة ثنتين وواحدة، إلا أنها خفيفة ليست مثل الأربع الأولى والأربع الثانية التي يحصل بها الإيتار ويقرأ فيها بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، وقُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1].

    أما إن كان سؤالها: أتنام قبل أن توتر؟ تقصد بهذا كونه ينام أول بعد صلاة العشاء، ثم يقوم ويصلي، قالت: (أتنام قبل أن توتر؟ قال: إن عيني تنام ولا ينام قلبي)؛ لأنه مر في بعض الأحاديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العشاء ثم ينام، ثم يقوم.

    معنى قول عائشة: (لا يسلم في ركعتي الوتر)

    السؤال: ما معنى حديث عائشة في قولها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يسلم في ركعتي الوتر، فهل في ركعتي الوتر سلام؟

    الجواب: المقصود الركعتين اللتين بعدهما الثالثة، والمقصود من ذلك أنها تكون مسرودة الثلاث، لا يسلم إلا في آخرهن، لكن هذا في بعض الأحوال، وبعض الأحوال أنه كان يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يصلي واحدة، كما جاء عن ابن عباس في قوله: أنه صلى اثنتين ثم اثنتين ثم اثنتين ثم واحدة.


    معنى: (إن عيني تنام وقلبي لا ينام)

    السؤال: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إن عيني تنام ولا ينام قلبي)؟

    الجواب: أنه ليس كغيره، هذه من خصائصه عليه الصلاة والسلام، أنه عندما تنام عيناه لا ينام قلبه، ومعنى ذلك أنه لا يحصل منه الحدث في حال النوم مثلما يحصل من غيره؛ لأنه عنده إحساس، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام.


    حكم دعاء (سبحان الملك القدوس) بعد الوتر


    السؤال: دعاء (سبحان الملك القدوس) بعد الوتر مستحب؟

    الجواب: نعم هو مستحب، وهو ذكر ليس دعاء؛ لأن الدعاء طلب وسؤال، وهذا ما فيه طلب ولا سؤال، وإنما هو ثناء وذكر لله عز وجل.


    كيفية صلاة الأربع في قيام الليل في حديث عائشة


    السؤال: هل معنى قول عائشة رضي الله عنها: (كان يصلي أربعاً لا تسأل عن حسنهن وطولهن) أنها متصلة؟

    الجواب: يحتمل أن تكون الأربع مسرودة، ويحتمل أن تكون ثنتين ثنتين، ولكن هذه الأربع متماثلة، وأنها تختلف عن الأربع التي بعدها، يعني: فالوصل والفصل، الوصل ثابت من فعله عليه الصلاة والسلام، والفصل ثابت من قوله وفعله، والفصل أولى من الوصل، ثنتين ثنتين ثنتين ثم واحدة، هذا هو الأولى؛ لأنه الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه، وأما الوصل فقد فعله وما أرشد إليه، وكل ذلك سائغ إلا أن الفصل أولى من الوصل.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #308
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله


    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (305)


    باب ذكر الاختلاف على حبيب بن أبي ثابت في حديث ابن عباس في الوتر - باب ذكر الاختلاف على الزهري في حديث أبي أيوب في الوتر




    ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي الليل سبعاً، وتسعاً، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وكان غالب أحواله إحدى عشرة، ولما أسن صار يصلي سبعاً.


    ذكر الاختلاف على حبيب بن أبي ثابت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الوتر


    شرح حديث: (أنه صلى الله عليه وسلم قام من الليل فاستن ... ثم أوتر بثلاث وصلى ركعتين ..)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر الاختلاف على حبيب بن أبي ثابت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الوتر.أخبرنا محمد بن رافع حدثنا معاوية بن هشام حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي عن أبيه عن جده رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه قام من الليل فاستن ثم صلى ركعتين، ثم نام ثم قام فاستن ثم توضأ فصلى ركعتين، حتى صلى ستاً، ثم أوتر بثلاث وصلى ركعتين)].
    ثم ذكر النسائي اختلاف الناقلين على حبيب بن أبي ثابت، في حديث ابن عباس في الوتر، وأورد فيه حديث ابن عباس من طرق، أولها هذه الطريق الذي فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من نومه فاستن، أي: استاك وصلى ركعتين، ثم نام ثم قام، واستن، وتوضأ وصلى ركعتين حتى صلى ستاً، ثم صلى ثلاثاً، وصلى ركعتين، وفيه ذكر أنه صلى ثلاثاً التي أوتر بها.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أنه صلى الله عليه وسلم قام من الليل فاستن ... ثم أوتر بثلاث وصلى ركعتين ...)

    قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].
    هو محمد بن رافع النيسابوري القشيري شيخ الإمام مسلم، وقد أكثر مسلم من الرواية عنه، وهو من بلده ومن قبيلته؛ لأن مسلم قشيري، ونيسابوري، ومحمد بن رافع نيسابوري قشيري، فهو من أهل بلد الإمام مسلم، ومن قبيلة الإمام مسلم التي هي: قشير، ولهذا عندما يذكرون الإمام مسلم ونسبته إلى قبيلته فيقولون: القشيري من أنفسهم، يعني: أن نسبته إلى قشير نسبة أصل ونسب، بخلاف البخاري، فإنهم إذا قالوا: الجعفي قالوا: مولاهم، ليست نسبته نسبة نسب، ولكنها نسبة ولاء؛ لأن أحد أجداد البخاري أسلم على يدي أحد الجعفيين، فقيل له: الجعفي، أي: جده، نسبة إلى ذلك الشخص الذي أسلم على يديه، فكان ينسب إليهم، فهو ونسله يقال لهم: الجعفيين ولاء، فإذا ذكروا نسبة البخاري إلى الجعفيين قالوا: مولاهم، يعني نسبته نسبة ولاء، والولاء يكون بالحلف، ويكون بالإسلام، ويكون بالعتق، فيقال: مولى للمولى بالحلف، والمولى بالإسلام، ومنه نسبة البخاري إلى الجعفيين، فإنها ولاء بالإسلام، ونسبة إلى العتق، رقيق يعتق فينسب إلى من أعتقه ولاء، فيقال: مولاه أو مولى آل فلان. وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
    [حدثنا معاوية بن هشام].
    صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [حدثنا سفيان].
    هو الثوري، وقد مر ذكره.
    [عن حبيب بن أبي ثابت].
    ثقة يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن محمد بن علي].
    هو محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن أبيه].
    هو علي بن عبد الله بن عباس، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن أبيه عبد الله بن عباس].
    وقد مر ذكره.

    شرح حديث: (... فقام فتوضأ واستاك ... وصلى ركعتين وأوتر بثلاث) من طريق ثانية

    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا حسين عن زائدة عن حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنهما قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام فتوضأ واستاك وهو يقرأ هذه الآية حتى فرغ منها: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ [آل عمران:190]، ثم صلى ركعتين، ثم عاد فنام حتى سمعت نفخه، ثم قام فتوضأ واستاك، ثم صلى ركعتين، ثم نام، ثم قام فتوضأ واستاك، وصلى ركعتين وأوتر بثلاث].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهي مثل الذي قبلها، يعني: صلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين، ثم صلى ثلاثاً، والطريق الأولى أنه صلى ركعتين يعني: بعد الوتر بثلاث، صلى ركعتين، وفيه أنه نام بعد الركعتين، ثم نام مرة أخرى بعد الركعتين، ثم نام، ثم أوتر بثلاث.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... فقام فتوضأ واستاك ... وصلى ركعتين وأوتر بثلاث) من طريق ثانية

    قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
    هو الرهاوي، ثقة، حافظ، أخرج له النسائي وحده، وقد مر ذكره آنفاً.
    [حدثنا حسين].
    هو حسين بن علي الجعفي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن زائدة].
    هو زائدة بن قدامة البصري، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [ عن حصين ].
    هو حصين بن عبد الرحمن الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن حبيب عن محمد بن علي عن أبيه عن ابن عباس].
    وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.

    طريق ثالثة لحديث: (استيقظ رسول الله صلى الله فاستن) وتراجم رجال إسنادها


    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن جبلة حدثنا معمر بن مخلد ثقة حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستن. وساق الحديث].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وفيه الإحالة على الطريق التي قبلها: أنه استيقظ واستن، ثم ساق الحديث الذي هو كونه قام، واستاك، وتلا الآيات من آخر سورة آل عمران، وصلى ركعتين ثم نام، ثم صلى ركعتين ثم نام، ثم صلى ركعتين ثم نام، ثم قام وصلى ثلاثاً، يعني: هذا الحديث الطريق الأخرى: أنه قام واستن، وساق الحديث، أي: كالرواية التي قبله.
    قوله: [أخبرنا محمد بن جبلة].

    صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا معمر بن مخلد].

    ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا عبيد الله بن عمرو].

    هو الرقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن زيد].
    هو زيد بن أبي أنيسة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي عن ابن عباس].

    وقد مر ذكرهم.

    شرح حديث: (كان رسول الله يصلي من الليل ثمان ركعات ويوتر بثلاث ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر الاختلاف على حبيب بن أبي ثابت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الوتر.أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا يحيى بن آدم حدثنا أبو بكر النهشلي عن حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثمان ركعات، ويوتر بثلاث، ويصلي ركعتين قبل صلاة الفجر). خالفه عمرو بن مرة فرواه عن يحيى بن الجزار عن أم سلمة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم].
    فهذا الحديث حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي ثمان، ثم يوتر بثلاث، ثم يصلي ركعتين قبل صلاة الصبح. فيه أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي إحدى عشرة ركعة، يصلي ثمانياً ثم يصلي ثلاثاً، فيكون مجموع صلاته في الليل إحدى عشرة ركعة، ثمان منها، إما متصلة، وإما مفصولة، وثلاث منها إما متصلة بحيث لا يسلم إلا في آخرها، وإما أنه يسلم بعد الاثنتين، ثم يأتي بالركعة على حدة، وكل ذلك جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يأتي بثلاث لا يسلم إلا في آخرها، وليس هناك تشهد بين الثانية والثالثة، وإنما هي ثلاث مسرودة، وكذلك يأتي باثنتين يتشهد ويسلم، ثم يأتي بركعة مستقلة، فهذا من هديه عليه الصلاة والسلام، وعمله في قيام الليل، والوتر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يصلي من الليل ثمان ركعات ويوتر بثلاث)


    قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].
    هو البغدادي الحمال، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.

    [يروي عن يحيى بن آدم].
    هو ابن سليمان الكوفي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي بكر النهشلي].
    هو عبد الله بن قطاف أبو بكر النهشلي، وهو صدوق، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، لم يخرج له البخاري، ولا أبو داود.
    [عن حبيب بن أبي ثابت].
    هو حبيب بن أبي ثابت الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو يرسل ويدلس.
    [عن يحيى الجزار].
    وصدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن ابن عباس].
    هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، هؤلاء هم العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وجابر، وأبو سعيد، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة، رضي الله تعالى عن الجميع.

    شرح حديث: (كان رسول الله يوتر بثلاث عشرة ركعة ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن حرب حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة ركعة، فلما كبر وضعف أوتر بتسع). خالفه عمارة بن عمير فرواه عن يحيى بن الجزار عن عائشة رضي الله تعالى عنها].وهذا أيضاً حديث عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة ركعة، أي: جملة صلاة الليل التي نهايتها الوتر، ويطلق الوتر على الثلاث، وعلى الركعة الأخيرة، وعلى صلاة الليل كلها؛ لأنها وتر وليست بشفع؛ لأنها قد ختمت بوتر، فتقول أم سلمة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة ركعة، فلما كبر وضعف أوتر بتسع)، وقوله: [(ثلاثة عشرة ركعة)] مع أن المعروف، أو الكثير في الروايات أنه يصلي إحدى عشرة ركعة، وقيل: إن التوفيق بين الروايتين أن المراد بهاتين الثنتين التي هي مكملة للثلاث عشرة ركعة بعد الحادية عشرة، هي ركعتان خفيفتان يبدأ بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل، وقيل غير ذلك، والثلاث عشرة ركعة هي أكثر ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه يفعله، فأكثر ما روي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فعله في قيام الليل ثلاث عشرة ركعة، وأقل ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه صلى في الليل سبع ركعات، وهذا عندما كبر صلى تسعاً، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه صلى سبعاً.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يوتر بثلاث عشرة ركعة ...)

    قوله: [أخبرنا أحمد بن حرب].
    هو أحمد بن حرب الموصلي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا أبو معاوية].
    هو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أحفظ الناس لحديث الأعمش، وهو مشهور بكنيته أبو معاوية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن الأعمش].
    هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن عمرو بن مرة].
    هو عمرو بن مرة الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن يحيى الجزار عن أم سلمة].
    وقد مر ذكرهما.

    شرح حديث: (كان رسول الله يصلي من الليل تسعاً ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا حسين عن زائدة عن سليمان عن عمارة بن عمير عن يحيى بن الجزار عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل تسعاً، فلما أسن وثقل صلى سبعاً)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وأنه كان يصلي تسعاً، يعني: في بعض أحواله، ويصلي إحدى عشرة، ويصلي ثلاث عشرة، ويصلي سبعاً، في بعض أحواله، فأقل شيء جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى من الليل سبعاً، وأكثر شيء جاء عنه أنه صلى ثلاث عشرة، وأكثر ما ورد عنه أنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة، وجاء عنه أنه يصلي تسعاً، كما جاء في هذا الحديث، والمقصود أن هذا في بعض أحواله أنه يصلي تسعاً، ويصلي إحدى عشرة، ويصلي ثلاث عشرة، ولما أسن كان يصلي سبعاً.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يصلي من الليل تسعاً ...)

    قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
    هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا حسين].
    هو ابن علي الجعفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن زائدة].
    هو زائدة بن قدامة، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سليمان].
    هو الأعمش، سليمان بن مهران الكاهلي، يأتي ذكره باسمه كما هنا، ويأتي ذكره باللقب الأعمش، يأتي أحياناً هكذا وأحياناً هكذا، ومعرفة ألقاب المحدثين هي نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدة معرفة هذا النوع ألا يظن الشخص الواحد شخصين، فيما إذا ذكر باسمه مرة وبلقبه أخرى، يظن أن هذا شخص وهذا شخص، مثلما هنا جاء ذكر الأعمش في الإسناد الذي قبل هذا، وجاء ذكر سليمان في هذا الإسناد، وسليمان هو: الأعمش، والأعمش هو: سليمان، ذكر باسمه مرة وذكر بلقبه مرة، فمن لا يعرف يظن أن الشخص الواحد شخصين، الأعمش شخص، وسليمان شخص، والذي يعلم بأن الأعمش لقب، وصاحب اللقب هو سليمان بن مهران، يذكر باسمه أحياناً، ويذكر بلقبه أحياناً، لا يلتبس عليه الأمر.
    [عن عمارة بن عمير].
    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن يحيى عن عائشة].
    وقد مر ذكرهما.


    ذكر الاختلاف على الزهري في حديث أبي أيوب رضي الله عنه في الوتر


    شرح حديث: (الوتر حق فمن شاء أوتر بسبع ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر الاختلاف على الزهري في حديث أبي أيوب رضي الله عنه في الوتر.أخبرنا عمرو بن عثمان، حدثنا بقية، حدثني ضبارة بن أبي السليك، حدثني دويد بن نافع، أخبرني ابن شهاب، حدثني عطاء بن يزيد عن أبي أيوب : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الوتر حق، فمن شاء أوتر بسبع، ومن شاء أوتر بخمس، ومن شاء أوتر بثلاث، ومن شاء أوتر بواحدة)].

    أورد النسائي ذكر الاختلاف على الزهري في حديث أبي أيوب في الوتر، وقد جاء من طرق متعددة، منها ما هو مرفوع، ومنها ما هو موقوف على أبي أيوب، والطريق الأولى من هذه الطرق هي هذه الطريق التي يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الوتر حق، فمن شاء أوتر بسبع، ومن شاء أوتر بخمس، ومن شاء أوتر بثلاث، ومن شاء أوتر بواحدة)، وهذا يدلنا على أن أمر الوتر واسع، وأنه يمكن للإنسان أن يوتر بواحدة، وهي أقل شيء، ويمكن أن يوتر بثلاث، ويمكن أن يوتر بخمس، ويمكن أن يوتر بسبع.
    وقوله: [(الوتر حق)]، استدل بعض أهل العلم بهذا القول على وجوب الوتر، وأما جمهور العلماء، يقولون: أن المقصود بقوله (حق)، أي: أنه مشروع ثابت، وهو من آكد السنن المستحبة، وقد عرفنا في الدروس الماضية جملة من النصوص الدالة على أنه ليس بواجب، وإنما هو مستحب، ومنها: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يوتر على الراحلة، وكان من هديه ألا يصلي الفرائض إلا وهو نازل على الأرض، لا يصلي الفرض وهو راكب على الدابة، بل كان ينزل إذا أراد أن يصلي الفريضة، وأما بالنسبة للنوافل ولصلاة الليل والوتر، فإنه يوتر وهو على دابته وعلى راحلته صلى الله عليه وسلم.
    وفيه أن الوتر أمره واسع، من شاء أن يوتر بسبع، ومن شاء أن يوتر بخمس، ومن شاء أن يوتر بثلاث، ومن شاء أن يوتر بواحدة، والسبع تكون متصلة، وكذلك الخمس تكون متصلة، والثلاث تكون متصلة، وكلها يقال لها: وتر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (الوتر حق فمن شاء أوتر بسبع ...)

    قوله: [أخبرنا عمرو بن عثمان].
    هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا بقية].
    هو بقية بن الوليد، وهو صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [حدثني ضبارة بن أبي السليلك].
    قد قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مجهول، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثني دويد بن نافع].
    مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي ، وابن ماجه.
    [أخبرني ابن شهاب].
    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة، فقيه، تابعي من صغار التابعين، مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [حدثني عطاء بن يزيد].
    هو عطاء بن يزيد الليثي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي أيوب].
    هو أبو أيوب الأنصاري، وهو خالد بن زيد الأنصاري، مشهور بكنيته أبي أيوب، صحابي جليل مشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    والإسناد فيه شخص مجهول، وفيه شخص مقبول، لكن الحديث قد جاء من طرق متعددة، فهو ثابت، يعني: كونه من شاء أن يوتر بسبع، ومن شاء أن يوتر بخمس، ومن شاء أن يوتر بثلاث، ومن شاء أن يوتر بواحدة.

    شرح حديث (الوتر حق فمن شاء أوتر بخمس ...) من طريق ثانية

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد أخبرني أبي حدثنا الأوزاعي حدثني الزهري حدثنا عطاء بن يزيد عن أبي أيوب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الوتر حق، فمن شاء أوتر بخمس، ومن شاء أوتر بثلاث، ومن شاء أوتر بواحدة)].أورد النسائي حديث أبي أيوب من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله إلا أنه ليس فيه ذكر الإيتار بسبع، إنما فيه الإيتار بخمس، والإيتار بثلاث، والإيتار بواحدة، وهو مثل الذي قبله دال على أن الوتر يكون بخمس، ويكون بثلاث، ويكون بواحدة، وهو دال على أن الوتر يكون ركعة واحدة ليس معها شيء، وهذا هو أقل ما يكون من الوتر، يكون واحدة ثم يكون ثلاث، ثم يكون بخمس، ثم يكون بسبع، ثم يكون بتسع، ثم يكون بإحدى عشرة، ثم يكون بثلاثة عشرة، ويكون بأكثر من ذلك.

    تراجم رجال إسناد حديث (الوتر حق فمن شاء أوتر بخمس ...) من طريق ثانية

    قوله: [أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد].
    صدوق، عابد، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
    [أخبرني أبي الوليد بن مزيد]

    ثقة، ثبت، أخرج حدثه أبو داود، والنسائي.
    [حدثنا الأوزاعي].

    هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وكنيته أبو عمرو، فقيه الشام، ومحدثها، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه.
    [حدثني الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي أيوب].
    وقد مر ذكرهم.

    شرح أثر أبي أيوب: (الوتر حق فمن شاء أوتر بخمس ..) من طريق ثالثة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الربيع بن سليمان بن داود حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الهيثم بن حميد حدثني أبو معيد عن الزهري حدثني عطاء بن يزيد: أنه سمع أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه يقول: الوتر حق، فمن أحب أن يوتر بخمس ركعات فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل].أورد النسائي هذا الأثر عن أبي أيوب رضي الله عنه، وهو من قوله، وموقوف عليه، ليس مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قال: الوتر حق، فمن شاء أن يوتر بخمس فليفعل، ومن شاء أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن شاء أن يوتر بواحدة فليفعل.

    تراجم رجال إسناد أثر أبي أيوب: (الوتر حق فمن شاء أوتر بخمس ..)


    قوله: [أخبرنا الربيع بن سليمان بن داود].
    هو الربيع بن سليمان بن داود الجيزي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وهو غير الربيع بن سليمان بن عبد الجبار، صاحب الشافعي الذي مر ذكره قريباً، والذي يكون عند الإطلاق يراد به صاحب الشافعي؛ ولهذا فإنه هنا ذكر جده الذي هو: الربيع بن سليمان الجيزي فقال: الربيع بن سليمان بن داود ؛ لأن الغالب عليه عندما يطلق الربيع بن سليمان، وكلاهما من شيوخه الجيزي وابن عبد الجبار، ينسب الجيزي كما هنا، حيث ذكر جده داود، الربيع بن سليمان بن داود، وهو الجيزي المصري، ثقة أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
    [حدثنا عبد الله بن يوسف].
    هو عبد الله بن يوسف التنيسي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
    [حدثنا الهيثم بن حميد].
    صدوق، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
    [حدثني أبو معيد].
    هو حفص بن غيلان، وهو صدوق، أخرج له النسائي، وابن ماجه، وهو مشهور بكنيته أبو معيد.
    [عن الزهري عن عطاء عن أبي أيوب].
    وقد مر ذكرهم.

    شرح أثر أبي أيوب: (من شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ....) من طريق ثالثة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن سفيان عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: من شاء أوتر بسبع، ومن شاء أوتر بخمس، ومن شاء أوتر بثلاث، ومن شاء أوتر بواحدة، ومن شاء أومأ إيماء].أورد النسائي هذا الأثر عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله، إلا أن الذي قبله من شاء أوتر بخمس، وهنا بسبع وخمس وثلاث وواحدة وإيماء.
    قال في هذا الأثر: [من شاء أوتر بسبع، ومن شاء أوتر بخمس، ومن شاء أوتر بثلاث، ومن شاء أوتر بواحدة، ومن شاء أومأ إيماء]. فهو مثل ما تقدم من كون الإنسان يوتر بما شاء، إما سبعاً، وإما خمساً، وإما ثلاثاً، وإما واحدة.
    وفي هذا يقول في آخره: [ومن شاء أومأ إيماء]، ولا أدري ما المراد بهذا لأن الوتر سواء يكون سبعاً أو خمساً أو ثلاثاً أو واحدة إذا كان الإنسان راكباً، فإنه ليس أمامه إلا الإيماء، وليس عنده إلا الإيماء، فلا أدري ما المقصود من قوله: [ومن شاء أومأ إيماء].
    فإذا كان المقصود في حالة المرض، فكذلك الفرض يومئ إيماء، وهذا ما يرجع إلى المشيئة، هذا يعني ليس أمام الإنسان إلا هذا.

    تراجم رجال إسناد أثر أبي أيوب: (من شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ...)

    قوله: [أخبرنا الحارث بن مسكين].
    هو الحارث بن مسكين المصري، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.

    [عن سفيان].
    هو ابن عيينة الهلالي المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    يروي عن الزهري، والذي يروي عن الزهري هو: ابن عيينة ؛ لأن سفيان الثوري ليس معروفاً بالرواية عن الزهري، وقد أكثر عنه هو ابن عيينة، وقد قال الحافظ ابن حجر في بعض المواضع في فتح الباري: أن الثوري لا يروي عن الزهري إلا بواسطة.
    [عن الزهري عن عطاء عن أبي أيوب].

    وقد مر ذكرهم.


    الأسئلة


    مدى تأثير مخالفة عمرو بن مرة في حديث ابن عباس: (يصلي من الليل ثمان ركعات)

    السؤال: من قولهم في حديث ابن عباس في السواك خالفه عمرو بن مرة هل الاختلاف عموماً مذموم هنا أم لا؟
    الجواب: ليست القضية قضية الاختلاف المذموم، وإنما قضية أن هذا رواه في هذا الطريق، وهذا رواه بهذا الطريق، وهذا الاختلاف لا يؤثر، لأن كل الطرق صحيحة، الطريق التي هي من طريق عمرو بن مرة صحيحة، والطريق التي قبلها صحيحة، وكل الطرق صحيحة ثابتة، وهذا الخلاف لا يؤثر، وإنما بيان أن هذا رواه من هذا الطريق، وهذا رواه من هذا الطريق، فهذا رواه عن الزهري من طريق، وهذا رواه عن الزهري من طريق آخر.
    ويقول ابن حجر: رمي بالغلو في التشيع، ومن المعلوم أن هذا ليس له علاقة بالبدعة، هذا المروي ليس له علاقة بالتشيع.

    الكلام حول عزرة بن عبد الرحمن

    السؤال: يا شيخ بالنسبة لـعزرة؟
    الجواب: هو عزرة بن عبد الرحمن، هو الذي روى عن قتادة، وروى عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، أما عزرة بن تميم، فقد روى عنه قتادة، ولم يرو عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، فعلى هذا الذي كتب منكم عن عزرة بن تميم، يبدل بـعزرة بن عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

    الضابط في ثوب الشهرة

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما هو الضابط في ثوب الشهرة؟ وهل يعتمد على نية الشخص أم على نوع اللباس، جزاكم الله خيراً؟
    الجواب: ما أعرف هذا إلا أن يكون شيئاً اشتهر وتميز وصار له ميزة على غيره؛ لأن هذا هو معنى الشهرة.

    أكثر وأقل ما ورد عن رسول الله في صلاة الوتر

    السؤال: ما أقل الوتر الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتر بثلاث عشرة ركعة؟
    الجواب: نعم أنا قلت: أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه سبع، وجاء عنه تسع، وجاء عنه إحدى عشرة، وجاء ثلاث عشرة، أقل شيء جاء عنه سبع، وأكثر شيء جاء عنه ثلاث عشرة، هذا هو الذي ثبت من فعله، وأما الذي ثبت من قوله: فهو واحدة، أقل شيء واحدة؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (من شاء أن يوتر بسبع، ومن شاء أن يوتر بخمس، ومن شاء أن يوتر بثلاث، ومن شاء أن يوتر بواحدة)، فأقل شيء جاء من قوله: واحدة، وأقل شيء في فعله سبع.

    معنى قولهم: فلان أثبت الناس في فلان والمراد بالسفيانين


    السؤال: ما معنى قولهم: فلان أثبت الناس في فلان؟ وهل يوجد سفيانان أقران غير الثوري وابن عيينة يحصل بينهما التباس؟
    الجواب: ما أعرف، المعروف أنه إذا قيل: السفيانان، أو روى عنه السفيانان، هما: الثوري، وابن عيينة، أيضاً يقال: الحمادان، والسفيانان، كثيراً ما يأتي ذكرهما في التلاميذ والشيوخ: روى عن السفيانين وعن الحمادين، أو: روى عنه السفيانان، والحمادان، سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، هذان هما اللذان يأتي ذكرهما مثنيان في التلاميذ والشيوخ، عندما يأتي في تراجم بعض الرجال.
    وأما قولهم: فلان أثبت الناس في فلان فمعناه أن روايته لحديث فلان متقن، وهو أثبت الناس في حديثه، وأحفظ الناس لحديثه.

    حكم الجلوس على مشط القدم (الإقعاء)

    السؤال: هل يجوز الجلوس على مشط القدم في الصلاة؟ وهل في ذلك سنة؟

    الجواب: الجلوس على مشط القدم، ما المقصود بمشط القدم؟

    إذا قصد الإقعاء الذي يكون بين السجدتين، بحيث يجلس على عقبيه، يعني: يضع أصابعه على الأرض موجهة إلى القبلة، والقدمان منصوبتان وإليته عليهما، فهذا نوع من الإقعاء، وقد جاء في بعض الأحاديث: أن الجلوس بين السجدتين يكون بهذه الكيفية.

    تخصيص الاستسقاء بيوم الإثنين والخميس

    السؤال: هل هناك شيء في تخصيص الاستسقاء في الاثنين والخميس؟
    الجواب: ما أعلم شيئاً يخصص الاستسقاء بيوم الاثنين ويوم الخميس، بل كل الأيام هي أوقات للاستسقاء.

    أنواع العلل التي يعل بها الحديث

    السؤال: كيف يمكن بالطرق معرفة علة الحديث إذا كان صحيح السند، فهل تكون العلة في المتن أو ماذا؟
    الجواب: العلة كما هو معلوم هي علة عامة وعلة خاصة، العلة العامة كل أنواع الضعف يقال له: علة، ولهذا يأتي في بعض الأحيان: أعل بالإرسال أعل بالوقف أعل بالانقطاع، أعل بكذا أعل بكذا، هذه علة عامة، وهناك علة خاصة، وهي: التي يكون الحديث معها غير ثابت مع ظهور قوة الإسناد واتصاله وسلامته في الظاهر، وهي التي تأتي في تعريف الصحيح، ما روي بنقل عدل تام الضبط، متصل الإسناد، غير معلل ولا شاذ، يعني: علة خفية يطلع عليها بعض الجهابذة النقاد، بأن يكون فيه وهم أو خطأ، مع أن ظاهر الإسناد السلامة، لكن يكون في نفس السند علة خفية، وكذلك الشذوذ أيضاً فإنه يكون مع سلامة الإسناد فيه شذوذ، وهذا يكون في المتن؛ لأن رواية تخالف رواية؛ فرواية تحكي شيئاً معيناً، ثم تأتي رواية ثقة مخالفة لرواية ثقات، فيكون الإسناد ظاهره الصحة، ولكنه من حيث المتن شاذ غير محفوظ، وهذا مثل قصة صلاة الكسوف، فإنها جاءت من طرق ثقات: أن كل ركعة فيها ركوعان، وجاء من طريق بعض الثقات أن كل ركعة فيها ثلاثة ركوعات، مع أن الكل يحكي صلاة واحدة معينة، صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات ابنه إبراهيم، فالإسناد الذي فيه الثلاث صحيح من حيث الرجال، لكن فيه وهم، وفيه خطأ، وهو ذكر الثلاثة الركوعات، فالمحفوظ الركوعان، والشاذ الثلاثة الركوعات.

    ومثل حديث: السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فإن أكثر الطرق فيها: (ولا يسترقون)، وفي طريق عند مسلم: (لا يرقون)، فرواية (يرقون) هذه شاذة، والمحفوظة رواية: (يسترقون)، ومما يوضح عدم صحتها، بالإضافة إلى أن فيه ثقة خالف ثقات، يعني: ثقات رووها: يسترقون، وثقة رواها: يرقون، يضاف إلى ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم رقي عليه الصلاة والسلام، فقوله: (لا يرقون)، الرسول صلى الله عليه وسلم قد رقي.

    ذم التعصب للشيوخ

    السؤال: ما رأيكم فيمن يتعصب لشيخه؟
    الجواب: التعصب مذموم، فلا يتعصب لأحد من الناس، وإنما الذي يعول على كلامه، ويؤخذ بكلامه، ويعظ على كلامه بالنواجذ، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، والذي هو معصوم فيما يبلغه عن الله عز وجل، أما غيره من الناس، فإنه يخطئ ويصيب، لكنه لا يعدم الأجر أو الأجرين، إذا اجتهد وأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد، فالتعصب لشيخ أو لإمام أو لأحد من الناس مذموم، وصاحبه مذموم.

    ضابط النوم الذي ينقض الوضوء


    السؤال: رجل أغمض عينيه ولكنه يشعر بنفسه وهو مستلقي، فهل ينتقض وضوءه؟

    الجواب: إذا كان شعر بأنه قد نام وهو مضطجع فوضوءه انتقض.


    حكم تلقيح الخنزير للبقرة

    السؤال: إذا حصل تلقيح بين البقرة والخنزير -وهذا موجود في بعض الدول- فما حكم أكل لحمها وشرب لبنها وغير ذلك من المنافع منها، وقد ظهر هذا في بعض البلاد؟
    الجواب: اللقاح من الخنزير للبقرة، أو من الثور إلى الخنزير ما ندري عنه.

    قتل الحشرات المؤذية بالمبيدات

    السؤال: هل على قتل الحشرات بفليت أو غيره جناح أم لا؟
    الجواب: أبداً، ليس فيه شيء، التي تؤذي لا مانع من قتلها بهذه المبيدات التي تبيد، وليس فيه بأس.

    سبب النكارة أو الشذوذ في متن الحديث مع صحة الإسناد

    السؤال: ما السبب في نكارة متن أو شذوذه مع صحة الإسناد؟
    الجواب: السبب هو الخطأ، يعني: كونه غير محفوظ فحصل فيه وهم وخطأ، هذا هو سببه، يعني: كونه ثقة خالف ثقات، أو ضعيف خالف ثقة؛ لأن المنكر مخالفة الضعيف للثقة، والشاذ مخالفة الثقة للأوثق.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #309
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (306)


    - كتاب قيام الليل وتطوع النهار - باب كيف الوتر بخمس - باب كيف الوتر بسبع



    حث النبي صلى الله عليه وسلم على المحافظة على صلاة الوتر التي هي من آكد السنن، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يحافظ عليها في السفر والحضر، وأقلها ركعة ولا حد لأكثرها، والنبي عليه الصلاة والسلام ما زاد على إحدى عشرة ركعة.

    كيف الوتر بخمس وذكر الاختلاف على الحكم في حديث الوتر


    شرح حديث: (كان رسول الله يوتر بخمس وبسبع ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف الوتر بخمس وذكر الاختلاف على الحكم في حديث الوتر.أخبرنا قتيبة حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن مقسم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بخمس وبسبع لا يفصل بينها بسلام ولا بكلام)].
    يقول النسائي رحمه الله: باب كيف الوتر بخمس، وذكر الاختلاف على الحكم في حديث الوتر. وأورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها وأرضاها: [أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يوتر بخمس، وبسبع]، وهذا الحديث يدل على أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يوتر بخمس وبسبع لا يفصل بينها بسلام ولا بكلام؛ أي: أنه يصليها مسرودة متصل بعضها ببعض، لا يسلم إلا في آخرها، ولا يجلس إلا في آخرها، وهذا مما جاء عنه عليه الصلاة والسلام، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم من كل ركعتين، فجاء عنه الفصل، وجاء عنه الوصل في صلاة الليل، فكان يصلي اثنتين اثنتين، وفي بعض الأحيان يصلي هذا العدد مسروداً لا يفصل بين شيء منه بسلام ولا بكلام.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يوتر بخمس وبسبع ...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].
    هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا جرير].
    هو جرير بن عبد الحميد الضبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن منصور].
    هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن الحكم].
    هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، فقيه، ربما دلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن مقسم]
    هو مقسم بن بجرة مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له: مولى ابن عباس للزومه إياه، وهو صدوق يرسل، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة، وليس له في صحيح البخاري إلا حديث واحد.
    [عن أم سلمة].
    هي أم سلمة هند بنت أبي أمية أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (كان رسول الله يوتر بسبع أو بخمس ...) من طريق أخرى

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن منصور عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع أو بخمس لا يفصل بينهن بتسليم)].هنا أورد النسائي حديث ابن عباس عن أم سلمة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بسبع أو بخمس لا يفصل بينهن بتسليم)، أي: أنه يصلها، وأنها متصلة، والسلام إنما هو في آخرها، وليس بين شيء منها، وإنما يكون في آخرها، وهو مثل الذي قبله، أو الطريق التي قبله؛ أنه كان لا يفصل لا بسلام ولا بكلام.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يوتر بسبع أو بخمس ...) من طريق أخرى

    قوله: [أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار].
    ثقة، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وما خرج له البخاري ولا أبو داود .
    [حدثنا عبيد الله].
    هو عبيد الله بن موسى الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن إسرائيل].
    هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
    [عن منصور].
    هو منصور بن المعتمر، وقد مر ذكره.
    [عن الحكم].
    الحكم بن عتيبة قد مر ذكره.
    [عن مقسم].
    مقسم قد مر ذكره.
    [عن ابن عباس].
    هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    [عن أم سلمة].
    قد مر ذكرها.

    شرح حديث: (الوتر سبع فلا أقل من خمس)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن يزيد حدثنا سفيان بن الحسين عن الحكم عن مقسم قال: الوتر سبع فلا أقل من خمس، فذكرت ذلك لـإبراهيم فقال: عمن ذكره؟ قلت: لا أدري. قال الحكم: فحججت فلقيت مقسماً، فقلت له: عمن؟ قال: عن الثقة عن عائشة، وعن ميمونة رضي الله تعالى عنهما].هنا أورد النسائي هذا الأثر عن مقسم أنه قال: [الوتر سبع ولا أقل من خمس]، ثم إن الحكم قال [فذكرت ذلك لـإبراهيم، يعني: النخعي، فقال: عمن أخذ؟ قلت: لا أدري، ثم حججت فلقيت مقسماً] الذي روى عنه، يعني: الحكم بن عتيبة روى عن مقسم، يعني: من قوله، ثم قال له: [عمن؟ قال له إبراهيم، فقال: لا أدري، ثم حج فلقي مقسماً فسأله، فقال: عن الثقة، عن عائشة وعن ميمونة]، أي: هذا الكلام الذي ذكره أن الوتر سبع ولا أقل من خمس، أسنده إلى عائشة، وميمونة، أي: من قولهما، ولم يسم الذي روى عنه مقسم، وإنما قال: الثقة، ولكن الحديث ثابت بالطرق المتقدمة الدالة على ما دل عليه هذا الأثر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (الوتر سبع فلا أقل من خمس)

    قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].
    هو المعروف أبوه بـابن علية، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [عن يزيد].
    هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا سفيان بن الحسين].
    هو سفيان بن الحسين الواسطي، وهو ثقة إلا في حديث الزهري، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم في المقدمة، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن الحسن عن مقسم].
    قد مر ذكرهما.
    [عن عائشة وميمونة].
    وعائشة، وميمونة هما من أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن وعائشة واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وميمونة أم المؤمنين بنت الحارث الهلالية رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (... كان يوتر بخمس ولا يجلس إلا في آخرهن)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور أخبرنا عبد الرحمن عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بخمس ولا يجلس إلا في آخرهن)].أورد النسائي هذا الحديث؛ وهو حديث عائشة رضي الله عنها: [أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بخمس ولا يجلس إلا في آخرهن]، وهو مثل الذي قبله، وهذا لا ينافي ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام: (ما صلى أقل من سبع، ولا زاد على أكثر من ثلاثة عشرة ركعة)؛ لأنه يمكن أن يكون المقصود من قوله: [يوتر بخمس]، أنه يأتي بها مسرودة في آخر الوتر، وأن يكون قبلها شيء؛ لأنه جاء أن النبي عليه الصلاة والسلام ما نقص عن سبع، وما زاد على ثلاث عشرة ركعة فأقل شيء صلاه في ليلة واحدة من صلاة الليل سبع، وأعلى شيء صلاه ثلاث عشرة ركعة، وهنا قال: [يوتر بخمس]، فمعنى هذا أنه يصليها مسرودة، ولا ينفي أن يكون قبلها ركعتان أو أربع، وبهذا يوفق بين ما جاء من أنه ما نقص عن سبع، وبين ما جاء هنا من أنه كان يوتر بخمس لا يجلس إلا في آخرها.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... كان يوتر بخمس ولا يجلس إلا في آخرهن)


    قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].
    هو ابن بهرام الكوسج المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود فإنه لم يخرج له شيئاً.

    [أخبرنا عبد الرحمن].
    هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، ثبت، عارف بالرجال والعلل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سفيان].
    هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، وهو ثقة، ثبت، حجة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن هشام بن عروة].
    هو هشام بن عروة بن الزبير، وهو ثقة، ربما دلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبيه].
    هو عروة بن الزبير بن العوام، ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين؛ وهم: عبيد الله بن عبد الله بن مسعود وعروة بن الزبير هذا، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، هؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: إن السابع أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: إن السابع: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أن السابع: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، والذي معنا في الإسناد هو أحد الستة المتفق على عدهم في الفقهاء السبعة.
    [عن عائشة أم المؤمنين].
    هي خالته؛ لأن عروة بن الزبير أمه أسماء بنت أبي بكر، وهو يروي عن خالته عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها.


    كيف الوتر بسبع


    شرح حديث: (لما أسن رسول الله وأخذه اللحم صلى سبع ركعات ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف الوتر بسبع.أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا شعبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم صلى سبع ركعات لا يقعد إلا في آخرهن، وصلى ركعتين وهو قاعد بعد ما يسلم، فتلك تسع يا بني، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها). مختصر خالفه هشام الدستوائي].
    أورد النسائي هذه الترجمة؛ وهي: كيف الوتر بسبع؟ وأورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها: [أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسن صلى سبعاً لم يجلس إلا في آخرها، ثم صلى بعدها ركعتين]، فتكون تسعاً؛ أي: الوتر، إنما هو سبع، وركعتان بعد الوتر التي جاء في بعض الروايات: [أنه كان يصليها وهو جالس]، وهذا العدد الذي هو سبع ركعات يوتر بها، هي أقل ما صلاه رسول الله عليه الصلاة والسلام من صلاة الليل، وكما قلت: هذا هو الأقل، والأكثر هو ثلاث عشرة ركعة، والغالب بل الذي جاء عن عائشة أنه ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، فأقل شيء هو سبع وأكثر شيء هو ثلاثة عشرة، وأغلب شيء هو إحدى عشرة ركعة.
    (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها) أي: كان عليه الصلاة والسلام يداوم على العمل، ويرشد إلى المداومة على العمل؛ لأنها أحب العمل إلى الله، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل)، والأحب إلى الله هو الأحب إلى رسول الله، فكان يحب أن يداوم على الشيء، وأحب شيء إلى رسول الله العمل الدائم كما جاء ذلك في حديث سابق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث: (لما أسن رسول الله وأخذه اللحم صلى سبع ركعات ...)

    قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].
    هو إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
    [حدثنا خالد].
    هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا شعبة].
    هو شعبة بن الحجاج الواسطي البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن قتادة].
    هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن زرارة بن أوفى].
    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي مات فجأة في الصلاة وهو يصلي بالناس، وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره لسورة المدثر، قال: إن زرارة بن أوفى كان يصلي بالناس الصبح، فقرأ سورة المدثر، فلما جاء عند: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ [المدثر:8-9]، شهق ثم وقع مغشياً عليه فمات رحمة الله عليه.
    [عن سعد بن هشام].
    هو سعد بن هشام بن عامر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
    [عن عائشة].
    قد مر ذكرها.

    شرح حديث: (كان رسول الله إذا أوتر بتسع ركعات لم يقعد إلا في الثامنة ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوتر بتسع ركعات لم يقعد إلا في الثامنة، فيحمد الله ويذكره ويدعو، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، فيجلس فيذكر الله عز وجل ويدعو، ثم يسلم تسليمة يسمعنا، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فلما كبر وضعف أوتر بسبع ركعات لا يقعد إلا في السادسة، ثم ينهض ولا يسلم، فيصلي السابعة ثم يسلم تسليمة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس)].هنا أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، [أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع لا يجلس إلا بعد الثامنة، فيجلس فيذكر الله عز وجل، ثم ينهض دون أن يسلم، ثم يصلي التاسعة، ثم يجلس فيذكر الله عز وجل، ثم يسلم تسليمة يسمعنا]، وجاء في بعض الروايات: (تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فتكون إحدى عشر)، فيكون إيتاره إنما هو بتسع، وما بعد ذلك ركعتان خارجة عن الوتر، أو بعد الوتر، يصليهما وهو جالس.
    [فلما أسن رسول الله عليه الصلاة والسلام أوتر بسبع يجلس بعد السادسة، ثم ينهض فيصلي السابعة، ثم يجلس ويتشهد ويسلم، ثم بعد ذلك يصلي ركعتين وهو جالس]، فآخر أمره عليه الصلاة والسلام: أنه لما كبر كان يوتر بسبع، ويصلي بعدها ركعتين اللتين كان يصليهما وهو جالس صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا أوتر بتسع ركعات لم يقعد إلا في الثامنة ...)

    قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].
    هو السجزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا إسحاق بن إبراهيم].
    هو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه الحنظلي المروزي، ثقة، ثبت، إمام، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وقد مر كثيراً أن النسائي يروي عنه مباشرة وبدون واسطة، ولكنه يروي عنه أحياناً بواسطة، وهذا منه، فإنه النسائي روى عن إسحاق بن إبراهيم بن راهويه بواسطة، مع أنه كثير الرواية عنه بدون واسطة.
    [حدثنا معاذ بن هشام].
    هو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو صدوق ربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثني أبي].
    هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة].

    قد مر ذكرهم.


    الأسئلة


    الفرق بين الحديث القدسي والقرآن

    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله تعالى، ما الفرق بين الحديث القدسي والقرآن الكريم؟ هل هما كلام الله تعالى؟

    الجواب: الحديث القدسي والقرآن، الله تعالى هو المتكلم بهما، لكن القرآن متعبد بتلاوته ومتحد به ومعجز، والحديث القدسي ليس كذلك، والحديث القدسي إذا سلم من الرواية بالمعنى، فيكون لفظه ومعناه من الله عز وجل، أما إذا دخلته الرواية بالمعنى، فإنه لا يكون لفظه من الله؛ لأن الرواية بالمعنى معناها أن الراوي رواه بالمعنى وليس بلفظه، ومن المعلوم أن الراوي إذا عرف المعنى ولكنه لم يحفظ اللفظ، فإنه يرويه بالمعنى، فيكون لفظه ليس لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعناه هو المعنى الذي جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والأحاديث القدسية تأتي بألفاظ متعددة مما يدل على روايتها بالمعنى، وإذا كان الحديث مروياً بالمعنى لا يصلح أن يقال: إنه كلام الله لفظاً ومعنى، لكن لو علم بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذا لفظه، ولم يرو بالمعنى، فإنه يقال: لفظه ومعناه من الله عز وجل.
    ومن المعلوم أن الضمائر فيه ترجع إلى الله عز وجل؛ مثل (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي)، (الصوم لي وأنا أجزي به)، فالضمائر ترجع إلى الله، وما أحد يقول هذا غير الله عز وجل، لكن هل اللفظ هو كلام الله عز وجل، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، وما دخلته رواية بمعنى، لو كان الأمر كذلك فيقال: لفظه ومعناه من الله، لكن وقد دخلت الرواية بالمعنى لاختلاف الألفاظ، مما يوضح أنه مروي بالمعنى، فعند ذلك لا يقال: إن لفظه من الله عز وجل.

    حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بصيغ متعددة وواردة

    السؤال: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جاءت على صيغ كثيرة، فهل يصح أن تقال جميعها في الصلاة بالتناوب؟


    الجواب: يصح، كل ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال؛ هذا في بعض الأحيان، وهذا في بعض الأحيان، لكن إذا أتي بالأكمل والأتم منها فإنه يكون أولى، وإذا أتي بها في أوقات مختلفة يؤتى بهذا الذي ثبت في بعض الأحيان، فهذا حسن، لكن إذا أتي بالأكمل فهذا حسن، مثل: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، فهذه هي الصيغة التي جمع فيها بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم وآله وإبراهيم صلى الله عليه وسلم وآله، وهذه هي الأكمل.

    أيهما أصح يُكنى أو يُكنّى بالتشديد

    السؤال: هل الفعل يُكنى ويكنّى يصحان كليهما-مسألة في اللغة- لفظاً؟

    الجواب: ما أدري، يكنّى، يعني: كناه كذا هذا واضح، لكن هل يُكنى ما أدري.

    مدى دخول مارية القبطية في زوجات النبي عليه الصلاة والسلام

    السؤال: هل مارية هي إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهل تعد من أمهات المؤمنين؟


    الجواب: ليست زوجة، وإنما هي سرية من السرايا، وليست من الزوجات، أما أمهات المؤمنين فهن زوجاته عليه الصلاة والسلام، وأما السريات فلا أدري، ما أعرف شيئاً عن إطلاق هذا الوصف عليهن، فهي ليست زوجة وإنما هي سرية.

    من هم أهل الفترة

    السؤال: من هم أهل الفترة، وهل يمكن وجودهم في هذا العصر؟

    الجواب: يمكن أن يوجد في هذا العصر أحد ما تبلغه الرسالة؛ إذا كان الناس في مكان لا يسمعون شيئاً عن العالم، ولا يتصلون بالعالم، يمكن وليس بمستحيل، وأهل الفترة هم الذين ما بلغتهم الرسالة، لكن لا يعني هذا أن الذين كانوا قبل النبي عليه الصلاة والسلام أنهم ما بلغتهم الرسالة، فإن رسالات الأنبياء بلغتهم، ودين إبراهيم كان موجوداً، وفيه من يتعبد بدين إبراهيم، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يتحنث ويتعبد قبل أن يوحى إليه، وقبل أن يبعث صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    مدى اعتبار المذهب الظاهري من المذاهب المعتبرة وحال أهله

    السؤال: هل الظاهرية من مذاهب أهل السنة المعتبرة؟ وما حال أهل هذا المذهب ومعتقدهم حفظكم الله؟


    الجواب: الظاهرية هم الذين يأخذون بالظاهر، أو يجمدون على الظاهر، وهو من المذاهب المشهورة، لكن المذاهب المعروفة عند أهل السنة هي مذاهب الأئمة الأربعة: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، والظاهرية يذكرون أقوالهم في الكتب كثيراً، ولكن جمودهم على الظاهر، وعدم أخذهم بالقياس، يدل على مخالفتهم للمنهج الذي دل عليه الكتاب والسنة؛ لأن الشريعة كما هو معلوم جاءت باعتبار القياس بنصوص عديدة، ومسائل متعددة، وإلحاق الشبيه بالشبيه، والنظير بالنظير، والتسوية بين المتماثلات، هذا مما جاءت به الشريعة، وهم لا يقولون بهذا، وممن اشتهر بهذا المذهب ابن حزم الظاهري رحمه الله، ولكنه كان ظاهرياً في الفروع ومؤولاً في الأصول، ولو عكس القضية لكان خيراً.

    ترجمة خلاس بن عمرو الذي يروي عن أبي هريرة

    السؤال: جاء ذكر خلاس في إحدى الأسانيد روى عنه عوف وهو يروي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، ولم أعثر عليه في التقريب، فمن هو خلاس هذا؟


    الجواب: أولاً: خلاس بن عمرو موجود في التقريب. وروى له الجماعة، وقد صح أنه سمع من عمار. إذاً: يصح سماعه من أبي هريرة؛ لأن عماراً متقدم قبل أبي هريرة.

    وقد جاء أظن بعض الأسانيد من رواية خلاس عن أبي هريرة. وأظنه في البخاري أيضاً، يعني: خلاس عن أبي هريرة من حيث الزمن هو مدرك، لكن هل سمع أو ما سمع؟ ما أدري، هو جاء في بعض الأسانيد، لكن هل هو مقرون خلاس مع غيره أو غير مقرون؟ لا أتذكر، وخلاس بن عمرو كان على شرطة علي.

    الرد على من قال بعدم تفسير النبي عليه الصلاة والسلام للقرآن الكريم في بعض الأحيان

    السؤال: جاء في رد لأحد المشايخ في إحدى الصحف على سؤال فحواه: سميت تفسيركم للقرآن خواطر إيمانية، لماذا؟ رغم أن كلمة تفسير هي أقرب إلى الذهن. فأجابه: إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أنزل عليه القرآن لم يقل أنه فسره، فكيف لي أن أقولها، فهل يصح هذا القول فضيلة الشيخ؟


    الجواب: على كل الرسول صلى الله عليه وسلم نقل عنه التفسير، وأحسن التفسير وأصح التفسير وأولى التفسير وأفضل التفسير: تفسير القرآن بالقرآن، ثم تفسيره بالسنة، وكتب التفسير المبنية على الآثار مليئة من بيان تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن، وكان يسأل عن معاني أشياء فيجيب عنها، وكان كثيراً ما يسأل عن ذلك فيجيب، والرسول صلى الله عليه وسلم بين للناس ما يحتاجون إليه في أمور دينهم، فبين القرآن وبين السنة، وهو الله عز وجل قال: لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44]، والسنة مبينة للقرآن، ومفسرة له ودالة عليه.


    توضيح المقصود بابن أبي زائدة الذي يروي عن أبي إسحاق

    السؤال: محمد بن آدم عن ابن أبي زائدة عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي -لا أدري هو حية أم حبة- عن علي رضي الله عنه، من هو ابن أبي زائدة هذا، هل هو زكريا بن خالد الهمداني؟


    الجواب: لا، ابن أبي زائدة غير، ابن أبي زائدة زكريا وولده يحيى، يعني: اثنان يقال لهم: ابن أبي زائدة.
    أما قولك: أهو زكريا بن خالد الهمداني؟
    فلا، ابن أبي زائدة هم هؤلاء الاثنين زكريا، وولده يحيى، هؤلاء الذين يقال لهم: ابن أبي زائدة.

    المقصود بالمقبري إذا روى عنه ابن جريج

    السؤال: أتى بإسناد آخر قال: محمد بن العلاء عن ابن إدريس عن عبد الله، ومالك، وابن جريج عن المقبري عن عبيد بن جريج عن ابن عمر، من المقبري هذا؟ أهو: كيسان أم ابنه سعيد أم غيرهما؟ وكيف أعرف ذلك؟


    الجواب: ما أدري، لكنه المقبري إذا هو سعيد بن أبي سعيد المقبري فإنه يأتي ذكره كثيراً، وهو مشهور بهذه النسبة.

    كيفية التسليم في الصلاة

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما هي السنة في كيفية التسليم في صلاة الفريضة والنافلة، سواء كان في حال الجماعة أو الانفراد؟ هل يجهر به أو يسر؟

    الجواب: مثل ما يكبر يسلم؛ سلامه مثل تكبيره، وتنقلاته عندما يقول: الله أكبر يسلم مثلها.

    توجيه حديث القرطاس الذي في صحيح البخاري

    السؤال: ما رأيكم في حديث القرطاس المتفق عليه؟ وهل للرافضة فيه حجة؟


    الجواب: هذا حديث في صحيح البخاري موجود، ولا حجة فيه للرافضة؛ لأنه لو كان على قولهم أن الرسول كتم شيئاً من الحق ولم يبين، مع أنه قد بين عليه الصلاة والسلام، ولم يترك الناس بدون أن يبين، ولكن الذي أراده ابن عباس أنه ما ذكر هذا الذي يريد أن يقوله، لكن لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما بينه، علم بأنه قد بينه من قبل، والحديث هو ذاك الذي قال: (ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تختلفون بعده أبداً)، فقال عمر: إن الرسول قد غلبه الوجع، وبعضهم قال: لا، ائتوا له بكذا، فحصل اللغط والأصوات، فقال: قوموا عني، ثم بعد ذلك قال ابن عباس: الرزية، الرزية من حال بين الرسول وبين الكتاب، وابن حجر فسر الحديث ووضحه وبين أن الذي أرد أن يبينه الرسول صلى الله عليه وسلم، إما أنه يتعلق بأمر الخلافة، أو أنه يتعلق بأمور أخرى في بيان شيء من أمور الدين، ولما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لم يبين شيئاً، علم بأنه لم يأت بشيء جديد، وإنما تأكيد لشيء قد سبق، وإذا كان يتعلق بالخلافة، فقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال في أول مرضه لـعائشة: (ادعي لي أباك وأخاك لأكتب كتاباً لـأبي بكر، فإني أخشى أن يتمنى متمن أو يقول قائل، ثم قال: يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر)، فترك الكتابة لأنه قد علم بأن الله يأبى والمسلمون يأبون إلا أبا بكر، وقد حصل أن اتفق المسلمون على خيرهم، ولم يرض الرافضة بهذا الاتفاق الذي اتفق عليه المسلمون، والذي يأبى الله سواه، والمسلمون يأبون سواه، فهم الذين يأبون خلاف ما أرده الله والمسلمون.

    معنى قول عمر: حسبنا كتاب الله

    السؤال: قول عمر رضي الله عنه في الحديث هجر الرجل: (حسبنا كتاب الله تعالى)، هذا الحديث يتمسك به الرافضة، وبعض علماء السنة، قال: إن الحديث موضوع ولا يصح، لأجل أنه يفهم من الحديث عدم إطاعة أمر النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة؟


    الجواب: أقول: هذا كلام العقلانيين الذين يبادرون إلى رد الأحاديث المتفق على صحتها، ويصفونها بالوضع؛ لأنها لا تتفق مع عقولهم، ولأنهم لم يفهموها كما فهمها سلف هذه الأمة، فصار التعويل عندهم أن الشيء إذا وجدوا فيه شيئاً ما يتمشى مع العقول، من السهل عليهم أن يقولوا: هو موضوع، ولو كان في صحيح البخاري أو صحيح مسلم، والحديث في الصحيحين.
    أما قول عمر رضي الله عنه في الحديث هجر الرجل: (حسبنا كتاب الله تعالى) فهو موجود في نفس الصحيح، أما كلمة هجر الرجل. فما أدري.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #310
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (307)


    (باب كيف الوتر بتسع) إلى (باب الوتر بثلاث عشرة ركعة)



    ورد الوتر بصور متعددة وهيئات مختلفة كي يقوم بها كل على حسب طاقته، وقد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم جميعاً، فأكثره ثلاث عشرة ركعة، وغالبه إحدى عشرة، ولم يصل صلى الله عليه وسلم أقل من سبع ركعات.

    كيف الوتر بتسع


    شرح حديث: (... فيستاك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [كيف الوتر بتسع.أخبرنا هارون بن إسحاق عن عبدة عن سعيد عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره، فيبعثه الله عز وجل لما شاء أن يبعثه من الليل، فيستاك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات، لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، ويحمد الله ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم، ويدعو بينهن ولا يسلم تسليماً، ثم يصلي التاسعة ويقعد، وذكر كلمة نحوها، ويحمد الله ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ويدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين وهو قاعد].
    يقول النسائي رحمه الله: كيف الوتر بتسع ركعات، أورد فيه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يوتر بتسع لا يجلس إلا بعد الثامنة، فيذكر الله عز وجل، ويصلي على النبي عليه الصلاة والسلام، ويدعو، ثم يقوم دون أن يسلم، ثم يأتي بالتاسعة، ويجلس بعدها (يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعهم، ثم يصلي ركعتين وهو جالس) بعد ذلك، فهذا وتره بتسع، ثمان ركعات متصلة، ويجلس بعدها، ولا يسلم في ذلك الجلوس، وإنما ينهض دون سلام، ثم يأتي بالتاسعة، ثم يجلس ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، ثم يسلم، فهذه تسع ركعات أوتر بها صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك صلى ركعتين وهو جالس.
    والحديث سبق أن مر، وفي أوله تقول عائشة: (أنهم كانوا يعدون له سواكه وطهوره)، أي: الماء الذي يتطهر به، والسواك الذي يستاك به عندما يقوم من النوم، تقول: (فيبعثه الله عز وجل ما شاء أن يبعثه)، أي: يوقظه في الوقت الذي شاء أن يوقظه فيه، وعبرت بالبعث؛ لأن النوم هو أخو الموت، ولهذا جاء في القرآن: اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا [الزمر:42]، يعني: يتوفاها في منامها، ثم ما شاء الله عز وجل أنه تقبض بتلك المفارقة قبضت، وما شاء الله عز وجل أنها تعود، وبقي في العمر بقية، فإن الروح تعود، فعبرت بالبعث لأنه شبيه بالبعث بعد الموت؛ لأن هذا موت أصغر، و(النوم أخو الموت) كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهذا قالت: (فيبعثه الله ما شاء الله أن يبعثه من الليل)، أي: الوقت الذي يشاء الله عز وجل أن يستيقظ فيه، يستيقظ، ويبعثه الله عز وجل من نومه صلى الله عليه وسلم.
    فالحديث دال على الوتر بتسع، والنبي عليه الصلاة والسلام جاء عنه أنه أوتر بتسع، وجاء أنه أوتر بإحدى عشرة، وجاء أنه أوتر بثلاثة عشر، وجاء أنه أوتر بسبع، وجاء أنه أوتر بخمس، لكن المعروف عنه أنه صلى الله عليه وسلم ما نقص عن سبع، يصليها من الليل، وما جاء عنه الزيادة عن ثلاثة عشر، فيكون ما جاء من ذكر الخمس، أي: أن قبلها شيء، ولكنها خمس متصلة مسبوقة بشيء من الصلاة.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... فيستاك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات ...)

    قوله: [أخبرنا هارون بن إسحاق].
    صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
    [عن عبدة].
    هو عبدة بن سليمان البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعيد].
    هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن قتادة].
    هو ابن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن زرارة بن أوفى].
    ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي ذكر أنه مات فجأة في الصلاة، وكان يصلي بالناس الفجر وهو إمامهم، فقرأ المدثر، ولما جاء عند: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ [المدثر:8-9]، شهق فوقع مغشياً عليه فمات، وقد ذكر ذلك الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية من سورة المدثر.
    [عن سعد بن هشام].
    هو سعد بن هشام بن عامر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [أن عائشة].
    هي عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق التي أنزل الله عز وجل براءتها مما رميت فيه من الإفك في آيات تتلى من سورة النور، ومن قذفها بالإفك وقد جاء القرآن ببراءتها، فهو مكذب بالقرآن، فيكون كافراً بالله عز وجل، وهي واحدة من سبعة أشخاص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوا بكثرة الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، ستة رجال هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وامرأة واحدة هي: أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.

    شرح حديث: (... ثم يصلي تسع ركعات لا يقعد فيهن إلا في الثامنة ...) من طريق ثانية

    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا إسحاق حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن قتادة عن زرارة بن أوفى: أن سعد بن هشام بن عامر لما أن قدم علينا أخبرنا أنه أتى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فسأله عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ألا أدلك، أو إلا أنبئك بأعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: من؟ قال: عائشة رضي الله تعالى عنها، فأتيناها فسلمنا عليها، ودخلنا فسألناها فقلت: أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله عز وجل ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ، ثم يصلي تسع ركعات لا يقعد فيهن إلا في الثامنة، فيحمد الله ويذكره ويدعو، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، فيجلس فيحمد الله ويذكره ويدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني، فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ اللحم أوتر بسبع، ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعدما يسلم، فتلك تسعاً أي بني، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها].ثم أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، هي مثل التي قبلها من جهة أنهم كانوا يعدون له سواكه وطهوره، فيقوم ويستاك ويتوضأ، فيصلي ثمانياً لا يجلس إلا في آخرها، فيتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، وينهض دون أن يسلم، ثم يأتي بالتاسعة، فيجلس بعدها يتشهد، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، (ويدعو ثم يسلم تسليماً يسمعهم، ثم يصلي بعد ذلك ركعتين وهو جالس) ثم إنه في آخر أمره عليه الصلاة والسلام كان يصلي ستاً، ثم يجلس بعد السادسة، فيأتي إلى السابعة ويصلي ويجلس بعدها، ثم يتشهد ويسلم ويصلي بعد ذلك ركعتين، وكان عليه الصلاة والسلام إذا عمل عملاً أحب أن يداوم عليه.
    وفي أوله أن ابن عباس لما سأله سعد بن هشام بن عامر عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، عائشة) فذهب إليها وسألها وأجابته بهذا الجواب، وفي صنيع ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، بيان ما كان عليه الصحابة الكرام من الدلالة على من عنده علم، ومن عنده معرفة بالشيء المسئول عنه، فدل هذا الرجل على عائشة، ومهد لذلك بقوله: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ أم المؤمنين عائشة، فذهب إليها وسألها، وأجابته بهذا الجواب الذي هو كونه يوتر بتسع، ثمان متصلة، ويجلس بعدها ويتشهد، ويدعو ثم يقوم للتاسعة، ويجلس بعدها ويتشهد ويدعو، ثم يسلم تسيلماً، ثم يصلي ركعتين، فتلك إحدى عشرة ركعة، ولما كبر عليه الصلاة والسلام، ولما أسن عليه الصلاة والسلام صلى ستاً يجلس بعد السادسة ويتشهد ويدعو، ثم يأتي بالسابعة ويتشهد بعدها ويدعو ويسلم تسليماً يسمعهم، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فتلك تسع، أي: السبع مع الاثنتين اللتين صلاهما صلى الله عليه وسلم وهو جالس.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... ثم يصلي تسع ركعات لا يقعد فيهن إلا في الثامنة ...) من طريق ثانية

    قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].
    ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا إسحاق].
    هو ابن إبراهيم بن راهويه بن مخلد الحنظلي المشهور بابن راهويه، وهو ثقة، ثبت، فقيه، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
    وهذا الإسناد مما رواه النسائي عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي بواسطة، وكثيراً ما يروي عنه مباشرة وبدون واسطة، أكثر الروايات التي مرت بنا عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يرويها النسائي عنه مباشرة، وأحياناً يروي عنه بواسطة كما هنا، فإنه روى عنه بواسطة زكريا بن يحيى، وزكريا بن يحيى متأخر، وهو من أقران النسائي.
    [حدثنا عبد الرزاق].
    هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني، وهو ثقة، حافظ، مصنف، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا معمر].
    هو معمر بن راشد الأزدي البصري، نزيل اليمن، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة].
    وقد مر ذكر الأربعة.
    [أن ابن عباس].
    هو ليس من رجال الإسناد، وإنما هو الذي دل، والذي ذهب، وسألها هو: سعد بن هشام روى عنها مباشرة، وقد سبق أن مر في الحديث نفسه: أن ابن عباس قال: إذا أخبرتك فارجع إلي وأخبرني، فرجع إليه وأخبره، فالإسناد مكون من ثمانية، وابن عباس ليس من رجال الإسناد؛ لأنه هنا دال ومرشد إلى من عنده علم عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
    وهو من الأسانيد النازلة عند النسائي، وأنزل منه التساعيات والعشاري؛ لأنه سبق أن مر بنا حديث في فضل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وكان بين النسائي فيه وبين رسول الله عليه الصالة والسلام عشرة أشخاص، وقال: لا أعلم إسناداً أطول من هذا، أو هذا أطول إسناد، فأنزل ما عند النسائي ذلك الإسناد العشاري، وأما التساعي فهو كثير، وكذلك الثماني.

    حديث: (إن النبي كان يوتر بتسع ركعات ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن قتادة عن الحسن أخبرني سعد بن هشام عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنه سمعها تقول: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع ركعات، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فلما ضعف أوتر بسبع ركعات، ثم صلى ركعتين وهو جالس)].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى وهي مختصرة، وفيها أنه كان يصلي تسعاً، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، ولما أسن كان يصلي سبعاً، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فهو مثل الذي قبله إلا أنه مختصر، وهو مطابق للترجمة من حيث الإيتار بتسع.
    قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن قتادة].
    وقد مر ذكرهم في الإسناد السابق.
    [عن الحسن].
    هو الحسن بن أبي الحسن البصري، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [أخبرني سعد بن هشام عن عائشة رضي الله تعالى عنها].
    وقد مر ذكرهما.
    وهذا الحديث ثماني، يعني: فيه ثمانية أشخاص بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم: زكريا بن يحيى عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة.

    شرح حديث: (أن رسول الله كان يوتر بتسع ...) من طريق رابعة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا حجاج حدثنا حماد عن قتادة عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع ويركع ركعتين وهو جالس)].ثم أورد حديث عائشة رضي الله عنها من طريق مختصرة أخصر من التي قبلها، الذي فيه الاختصار على أنه يوتر بتسع ويصلي ركعتين وهو جالس، وقد جاء تفصيل الإيتار بتسع بالروايات السابقة أنه يجلس بعد الثامنة، ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، ثم ينهض دون أن يسلم، ثم يأتي بالتاسعة، ثم يجلس ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعهم إياه، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فيكون المجموع إحدى عشرة ركعة.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يوتر بتسع ...) من طريق رابعة


    قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].
    هو محمد بن بشار البصري، الملقب بـندار، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.

    [حدثنا حجاج].
    هو ابن المنهال البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا حماد].
    هو حماد بن سلمة بن دينار، وهو ثقة، عابد، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن قتادة].
    وقد مر ذكره.
    [عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة].
    وقد مر ذكرهم.

    شرح حديث: (... كان يصلي من الليل ثمان ركعات ويوتر بالتاسعة ...) من طريق خامسة

    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله الخلنجي حدثنا أبو سعيد يعني: مولى بني هاشم حدثنا حصين بن نافع حدثنا الحسن عن سعد بن هشام: (أنه وفد على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فسألها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كان يصلي من الليل ثمان ركعات، ويوتر بالتاسعة، ويصلي ركعتين وهو جالس). مختصر].ثم أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى مختصرة، فيها أنه كان يوتر بتسع، يصلي ثمان ثم يوتر بالتاسعة، يعني: يوتر بهذا العدد الذي مضى، فتكون وتراً بعد أن كانت شفعاً، وهي الثمان، بإضافة التاسعة إليها صارت وتراً، ويصلي ركعتين وهو جالس.
    وقال: مختصر، أي: هذا حديث عائشة، فذكرت هذه القطعة منه باختصار، وإلا فإنه مطول، وقد سبق أن مر بنا بطوله، وأورده مفرقاً مقطعاً مختصراً، وهذه من المواضع التي روي فيها مختصراً، أو رواه فيها مختصراً.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... كان يصلي من الليل ثمان ركعات ويوتر بالتاسعة ...) من طريق خامسة


    قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله الخلنجي].
    صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا أبو سعيد يعني: مولى بني هاشم].
    هو عبد الرحمن بن عبد الله أبو سعيد مولى بني هاشم، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في فضائل الأنصار، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا حصين بن نافع].
    لا بأس به، أخرج حديثه النسائي وحده، وكلمة: (لا بأس به) أو (ليس به بأس) هي: بمعنى صدوق، إلا عند يحيى بن معين فإنها بمعنى: ثقة، لأن هذا اصطلاح خاص به، وغيره يريد بالصدوق الذي دون الثقة، الذي خف ضبطه، وحديثه من قبيل الحسن، وأما يحيى بن معين، فهو يطلق (لا بأس به) على الثقة، ولهذا يقولون: لا بأس به عند يحيى بن معين توثيق.
    [حدثنا الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة].
    وقد مر ذكرهم.

    حديث: (كان رسول الله يصلي من الليل تسع ركعات) من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده


    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن الأعمش أراه عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل تسع ركعات)].ثم أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها مختصر، وأنه كان يصلي من الليل تسع ركعات، فحديث عائشة هذا جاء بصيغة مختصرة جداً.
    قوله: [أخبرنا هناد بن السري].
    هو أبو السري الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، وهو من المعمرين، توفي سنة 238هـ وعمره إحدى وتسعون سنة، ولهذا أدرك المتقدمين، فهو في الطبقة العاشرة، ويروي عن أبي الأحوص، وهو في الطبقة السابعة، وتوفي سنة 179هـ، فهو مثل قتيبة يروي عن أبي الأحوص، وعن مالك، وعن هؤلاء المتقدمين، فيكون هو في العاشرة ويروي عمن في السابعة؛ لأنه معمر، عمره واحد وتسعين سنة.
    [عن أبي الأحوص].
    هو سلام بن سليم الحنفي الكوفي، وهو ثقة، متقن، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو الأحوص.
    [عن الأعمش].
    هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهذا لقب اشتهر به سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ومعرفة ألقاب المحدثين نوع من أنواع علوم الحديث، فائدة معرفتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر باسمه مرة، وذكر بلقبه مرة أخرى، فإن من لا يعرف يظن أن الأعمش شخص، وأن سليمان شخص آخر، ومن يعرف أن الأعمش لقب لـسليمان لا يلتبس عليه الأمر.
    [أراه عن إبراهيم].

    أراه يعني: أظنه أنه قال: عن إبراهيم والشك هنا هو من الأعمش أو من دونه، لكنه لا يؤثر على صحة الحديث؛ لأنه جاء من طرق كثيرة، وإبراهيم هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، فقيه، إمام مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي اشتهر عنه الكلمة المشهورة التي يقول فيها: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه)، هذه الكلمة قال ابن القيم في زاد المعاد: إن أول من عبر بهذه العبارة إبراهيم النخعي، وعنه تلاقها الفقهاء من بعده، يقصد بذلك: مثل الجراد، والذباب، والحيوانات التي ما فيها دم، إذا ماتت في الماء فإنها لا تنجسه، وقد ذكروا ذلك عند حديث الذباب، لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ثم ليستعمله)، يعني: يغمسه وينزعه، قالوا: إنه قد يكون الماء حاراً هذا الذي وقع فيه الذباب، فكونه أمر بغمسه يترتب على ذلك موت الذباب، يترتب على ذلك موته، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى استعماله، مع أنه غمس فيه، ومن لازم غمسه والماء حار أن يموت، فقال إبراهيم النخعي: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه)، استدلالً بهذا الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن الأسود].
    هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة مكثر مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عائشة].
    وقد مر ذكرها.


    كيف الوتر بإحدى عشرة ركعة


    شرح حديث: (أن النبي كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر بواحدة منها ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف الوتر بإحدى عشرة ركعة.أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن حدثنا مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، ويوتر منها بواحدة، ثم يضطجع على شقه الأيمن)].
    ثم أورد النسائي كيف الوتر بإحدى عشرة ركعة، وقد أورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، يعني: أن هذه الركعة الواحدة الأخيرة، يكون العدد بها وتراً بعد أن كان عشراً وهو شفع، أضيف إليه ركعة فصار ذلك العدد وتراً، يوتر منها بواحدة، ويمكن أن يكون المقصود بالوتر هو الركعة الأخيرة وحدها، أو أنه يطلق على العدد كله الذي قبلها وتر؛ لأنه إحدى عشر، وإحدى عشر وتر؛ ليس شفعاً.
    ثم قالت: [(ثم يضطجع على شقه الأيمن)]، وقد قال الشيخ الألباني: إن هذه الرواية شاذة التي فيها قضية الاضطجاع، قال: إن هذا المحفوظ أنه بعد ركعتي الفجر، كان يضطجع، لكن إذا كان المقصود بالاضطجاع على شقه الأيمن: كونه ينام بعد ما يوتر، فقد جاء في بعض الأحاديث: أنه ينام، وقد جاء في حديث عائشة نفسها: إن كان له حاجة بأهله ألم بها ثم نام، وإذا أذن للفجر وثب واغتسل إن كان عليه جنابة، وإلا توضأ وخرج وصلى.
    فإذا كان المراد بالاضطجاع هذا النوم، فلا يكون شاذاً، بل يكون محفوظاً، ويكون المقصود من ذلك غير النوم الذي بعد ركعتي الفجر؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث: أنه كان ينام بعد الوتر، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إن أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه)، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي من آخر الليل ثم ينام، فإذا كان المقصود بهذا الاضطجاع على اليمين هذا النوم، فتكون الرواية ما فيها شذوذ.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر بواحدة منها ...)

    قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].
    هو إسحاق بن منصور بن بهرام المروزي، الملقب الكوسج، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.

    [حدثنا عبد الرحمن].
    هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، ثقة، ثبت، عارف، بالرجال، والعلل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا مالك عن الزهري].
    هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن الزهري].
    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، ينتهي نسبه إلى جده زهرة بن كلاب، ولهذا يقال له: الزهري، ومشهور بالنسبة إليه، ومشهور أيضاً بالنسبة إلى جد جده شهاب، ومحمد بن مسلم الزهري، ثقة، فقيه، وإمام مشهور، مكثر من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار التابعين الذين لقوا صغار الصحابة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن عروة].
    هو عروة بن الزبير بن العوام المدني، ثقة، فقيه، أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، وهو أحد السبعة باتفاق؛ لأن السبعة ستة منهم متفق عليهم، والسابع فيه أقوال ثلاثة، فإما الستة هم: عروة بن الزبير هذا، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسعيد بن المسيب، والسابع قيل فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، الحاصل أن عروة بن الزبير بن العوام أحد هؤلاء الستة المتفق على عدهم في الفقهاء السبعة.
    [عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها].

    وقد مر ذكرها.


    الوتر بثلاث عشرة ركعة


    شرح حديث: (كان رسول الله يوتر بثلاث عشرة ركعة ...)


    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الوتر بثلاث عشرة ركعة.أخبرنا أحمد بن حرب حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة ركعة، فلما كبر وضعف أوتر بتسع)].
    ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: كيف الوتر بثلاثة عشر ركعة؟، أورد فيه حديث أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث عشرة ركعة، فلما أسن أوتر بتسع، وهذا العدد الذي هو ثلاثة عشر هو أكثر ما روي عنه عليه الصلاة والسلام، والمشهور عنه والذي قالت فيه عائشة رضي الله عنها: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة)، يحمل على أن هذا هو الغالب من فعله الذي هو إحدى عشر، وأنه أحياناً يصلي ثلاثة عشر، وهي أعلى شيء فعله، وأحياناً يصلي تسعا، وأحياناً يصلي سبعا، والسبع هي أقل شيء فعله صلى الله عليه وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يوتر بثلاث عشرة ركعة ...)

    قوله: [أخبرنا أحمد بن حرب].
    هو أحمد بن حرب الموصلي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا أبو معاوية].
    أبو معاوية، هو: محمد بن خازم الضرير الكوفي، ثقة، أحفظ الناس في حديث الأعمش، وهو مشهور بكنيته أبو معاوية، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن الأعمش].
    وقد مر ذكره.
    [عن عمرو بن مرة].
    هو عمرو بن مرة الهمداني الكوفي، وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن يحيى بن الجزار].
    هو يحيى بن الجزار الكوفي، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن أم سلمة].
    هي هند بنت أبي أمية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.


    الأسئلة


    الدعاء بالمغفرة للنبي وأفضل الدعاء له صلى الله عليه وسلم

    السؤال: فضيلة الشيخ حفظكم الله، هل يجوز أن نقول: اللهم اغفر لمحمد صلى الله عليه وسلم؟


    الجواب: نعم يجوز، يعني: اللهم ارحم محمداً، اللهم اغفر لمحمد، لكن الذي ينبغي أن يقال: اللهم صل على محمد.


    حكم الصلاة بعد الوتر

    السؤال: فضيلة الشيخ، أداء الرسول صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد الوتر، ألا يخالف قوله صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم وتراً)؟

    الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد الوتر، قيل: ليبين أن ذلك جائزاً، وأن كون الإنسان الذي يصلي بعد الوتر، فأنه جائز، مثلما لو أن إنساناً من عادته أنه يصلي وتره قبل أن ينام، ولكنه استيقظ، فماذا يصنع؟ هل يجلس بدون صلاة أو يصلي ويوتر؟ لا يجلس بدون صلاة، بل يصلي ما شاء، ولكنه لا يوتر مرة أخرى، ففعله هذا يدل على الجواز، وكان من هديه أنه إذا فعل شيئاً داوم عليه، فكان يصلي هاتين الركعتين بعد الوتر.


    موقف الصبيان في الصفوف

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل الصبي يؤمر بالرجوع من الصف إلى الصفوف المتأخرة؟


    الجواب: إي نعم، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ليلني منكم أولي الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، لكن إذا كان رجوعه سيترتب عليه مفسدة، ويترتب عليه مضرة، يعني من جهة كونه مثلاً لا يتصل بأبيه، أو لا يكون تحت إشراف أبيه، أو أنه يحصل لعب أو ما إلى ذلك، ما فيه بأس، السنة هي أن صفوف الصبيان تكون في الآخر، ما تكون في الأول، لكن لو صلى في الصفوف المتأخرة، أو الصفوف المتقدمة، لا بأس به، وقد مر بنا حديث أبي بن كعب في قصة الصبي الذي كان في الصف الأول، فجاء وجذبه وصلى مكانه، فقال ذلك الرجل: إنني ما عقلت صلاتي، يعني: صار مشغولاً ومشوشاً في صلاته، ولما فرغ قال له أبي رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا.


    مدى التأثير على الحديث الذي في إسناده مدلس وجاء من طرق متعددة


    السؤال: فضيلة الشيخ، ورد في بعض الأحاديث رواية قتادة عن الحسن، وكلامهما مدلس، فهل يعتبر هذا من قبيل الضعيف؟

    الجواب: المدلس إذا كان في غير الصحيحين يحتاج إلى أن يصرح بالسماع، أو يكون الراوي عنه ممن هو معروف بأن لا يأخذ عن الثقات المدلسين إلا ما أؤمن تدليسهم فيه، لكن الحديث إذا كان جاء من طرق متعددة، فإن ذلك التدليس لا يؤثر؛ لأنه وجد شيء يدل على ثبوت هذا الذي روي، لو كان ما جاء إلا من هذا الطريق، هذا هو الذي يحتاج إلى الثبوت، لكن الحديث جاء من طرق متعددة عن غير هؤلاء المدلسين، فالحديث يعتبر ثابت عن طريقهم أو من غير طريقهم.


    التفريق بين الحمادين والسفيانين

    السؤال: فضيلة الشيخ، كيف نفرق بين الحمادين والسفيانين في الرواية؟


    الجواب: الحمادين والسفيانين هما في طبقة واحدة، ويمكن أن يعرف ذلك بالشيوخ والتلاميذ، وقد ذكر في بعض التراجم أن فلاناً مثلاً لا يروي إلا عن فلان، وفي بعضها يوجد مثلاً في تهذيب الكمال كونه يذكر أحد الحمادين الذي روى عن الشخص الفلاني مثلاً أو أحد السفيانين، لكن من الطرق التي يعرف بها معرفة التلاميذ والشيوخ، وقد ذكر في آخر ترجمة حماد بن سلمة؛ لأن حماد بن زيد، وحماد بن سلمة متجاوران؛ لأن الزاي بعدها السين، فترجمة حماد بن سلمة بعد ترجمة حماد بن زيد في كتب الرجال، فبعد ترجمة حماد بن سلمة ذكر المزي في تهذيب الكمال فصلاً ذكر فيه الذين إذا جاء يروي عن حماد، فالمراد به حماد بن زيد، أو فلان، فالمراد به حماد بن سلمة، يعني: ذكر جملة من الأشخاص ممن يروي عن حماد بن زيد فقط، وممن يروي عن حماد بن سلمة فقط.


    حكم اختصار الصلاة على رسول الله بكتابة

    السؤال: فضيلة الشيخ، بعض الكتاب يكتفي عند الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بحرف ، فما رأيكم في ذلك؟


    الجواب: هذا من النقص والتقصير، وهذا قصور وتقصير، العلماء في علم المصطلح عندما يأتون لكتابة الحديث، يذكرون الوصايا التي يوصى بها في كتابة الحديث، يقولون: إذا مر ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فليصل ويسلم عليه كتابة، ويحذر أن تكون كتابته الصلاة مقصورة معنى أو صورة، مقصورة معنى بأن يذكر الصلاة دون السلام، أو السلام دون الصلاة، فيقول: صلى الله عليه، ولا يقول: وسلم، أو يقول: عليه السلام، ولا يقول: عليه الصلاة والسلام، فهذه منقوصة معنى؛ لأنه ما أتي بها كاملة، أتي بالصلاة دون التسليم، أو بالتسليم دون الصلاة، وإنما يجمع بين الصلاة والسلام عليه، عليه الصلاة والسلام فيقول: صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام، أما الصورة فهي أن يرمز لها بـ أو بـ(صلعم)، يعني بـ أو بحروف مجمعة تشير إلى الكلمات التي هي: صلى الله عليه وسلم، مثل (صلعم)، قالوا: فيجتنب الرمز لها بالحروف، ويكتبها كاملة صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام، وقد ذكر ذلك ابن الصلاح، وذكر ذلك أيضاً الفيروزآبادي في كتابه: الصلاة والبشر في الصلاة على خير البشر، فإنه قال: ولا يرمز لها بـ(صلعم) كما يفعله بعض الكسالى وعوام الطلبة؛ لأن هذا يدل على الكسل والخمول وعدم النشاط في الكتابة.


    حكم صوالين الحلاقة

    السؤال: فضيلة الشيخ، ما حكم صالون الحلاقة؟


    الجواب: صالون الحلاقة إذا كان سيحلق على الطريقة الشرعية، يحلق الرءوس ويقص الشوارب، ولا يحلق اللحى، فهذا طيب، أما إذا كان لحلق اللحى، فهذا حرام، لا يجوز للحلاق أن يحلق اللحى، ولا يجوز لصاحب الدكان أن يؤجره على من يحلق اللحى؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #311
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (308)


    - (باب القراءة في الوتر) إلى (باب ذكر الاختلاف على شعبة في القراءة في الوتر)




    قيام الليل الأصل فيه الإطالة؛ لأن هذه الساعات فيها قربة إلى الله، وخاصة الثلث الأخير، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المئين في قيام الليل كما جاء ذلك عن ابن عباس عندما قام مع النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ البقرة والنساء وآل عمران.

    القراءة في الوتر


    شرح حديث: (... فصلى ركعة أوتر بها فقرأ فيها بمائة آية من النساء ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب القراءة في الوتر.أخبرنا إبراهيم بن يعقوب، حدثنا أبو النعمان، حدثنا حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، عن أبي مجلز: أن أبا موسى رضي الله تعالى عنه كان بين مكة والمدينة فصلى العشاء ركعتين، ثم قام فصلى ركعة أوتر بها، فقرأ فيها بمائة آية من النساء، ثم قال: ما ألوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدميه، وأنا أقرأ بما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم].
    يقول النسائي رحمه الله: القراءة في الوتر. مراد النسائي رحمه الله من هذه الترجمة هو القراءة في الركعة الأخيرة التي تختم بها صلاة الليل إذا كان الإنسان صلى من الليل ركعات، أو الركعة التي هي الوتر إذا لم يسبقها شيء، وكذلك أيضاً إذا تعددت الركعات، الركعة الأخيرة والركعتين قبلها، حيث جاءت الأحاديث بالقراءة في هذه الثلاث الركعات، وكذلك بالركعة الأخيرة، أو الركعة الوحيدة إذا حصل الإيتار بركعة واحدة، كما جاء في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه: أنه كان في طريقه في سفر بين مكة والمدينة، فصلى العشاء ركعتين قصرها، ثم صلى ركعة واحدة هي الوتر، وهذا يدلنا على أن الإيتار يكون بركعة واحدة لم يسبقها شيء، كما جاء عن أبي موسى أنه صلى ركعة واحدة بعد أن صلى العشاء، ومن المعلوم أن ذلك كان في سفر، والسنة هي عدم الإتيان بالرواتب التي هي رواتب الصلوات، ولكن الوتر وركعتا الفجر يحافظ عليهما، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يحافظ في شيء في السفر إلا على ركعتي الفجر والوتر، فإنه ما كان يتركهما لا في حضر، ولا في سفر، والوتر يكون ركعة واحدة، ويكون أكثر من ذلك، وهذا الحديث فيه الإيتار بركعة واحدة، فأبو موسى رضي الله عنه، أوتر بركعة واحدة بعد أن صلى العشاء ركعتين، وقال: (ما ألوت) أي: ما قصرت في أن أضع قدمي كما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدميه، فأقرأ بما قرأ، فهذه المائة آية من سورة النساء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بها، فهو يقول: إنه يفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من الاتباع للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وحرصهم على ترسم خطاه، والاقتداء به، والاتساء به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
    (ما ألوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدميه، وأنا أقرأ بما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم).
    قوله: (وأنا أقرأ بما قرأ به) يعني: هذه الآيات وهي المائة آية من سورة النساء، الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ بها.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... فصلى ركعة أوتر بها فقرأ فيها بمائة آية من النساء)

    قوله: [أخبرنا إبراهيم بن يعقوب].
    هو الجوزجاني، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
    [حدثنا أبو النعمان].
    هو محمد بن الفضل السدوسي، لقبه عارم، وهو مشهور بلقبه، ومشهور بكنيته أبي النعمان، واسمه محمد بن الفضل السدوسي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا حماد بن سلمة].

    هو حماد بن سلمة البصري، وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن عاصم الأحول].

    هو عاصم بن سليمان الأحول، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي مجلز].

    هو لاحق بن حميد السدوسي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
    [أن أبا موسى].
    هو عبد الله بن قيس، مشهور بكنيته ونسبته أبي موسى الأشعري، وهو صحابي مشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.


    نوع آخر من القراءة في الوتر


    شرح حديث: (كان رسول الله يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى ...)

    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر من القراءة في الوتر.أخبرنا محمد بن الحسين بن إبراهيم بن أشكاب النسائي حدثنا محمد بن أبي عبيدة، حدثنا أبي، عن الأعمش، عن طلحة، عن ذر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، فإذا سلم قال: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات].
    أورد النسائي هذه الترجمة وهي نوع آخر من القراءة في الوتر؛ لأنه ذكر ذلك النوع الأول الذي هو قراءة مائة آية من سورة النساء، ثم ذكر نوعاً آخر من القراءة في الوتر، أي: في الركعة الأخيرة والركعتين قبلها، وهو القراءة بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، يقرأ بها في هذه الركعات الثلاث التي هي آخر صلاة الليل.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى ...)

    قوله: [أخبرنا محمد بن الحسين بن إبراهيم بن أشكاب النسائي].
    صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
    [حدثنا محمد بن أبي عبيدة].
    هو محمد بن عبد الملك بن معن المسعودي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [عن أبيه].
    هو عبد الملك بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود المسعودي، وهو ثقة أيضاً، وأخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، مثل ابنه، فالذين خرجوا له هم الذين خرجوا لابنه.
    [عن الأعمش].
    هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن طلحة].
    هو طلحة بن مصرف، وهو ثقة، فاضل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن ذر].
    هو ذر بن عبد الله المرهبي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى].
    ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبيه].
    هو عبد الرحمن بن أبزى، وهو كذلك ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي بن كعب].
    صحابي مشهور، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (كان رسول الله يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق ثانية

    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن موسى، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الأعمش، عن زبيد وطلحة، عن ذر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]. خالفهما حصين، فرواه عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم].أورد النسائي رحمه الله حديث أبي بن كعب من طريق أخرى، وهو مثل التي قبلها من حيث أنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقرأ في الوتر بالسور الثلاث: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، أي: في الثلاث الركعات الأخيرة من صلاة الليل التي كان يصليها صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، يقرأ في الثلاث الركعات الأخيرة بهذه السور الثلاث.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق ثانية

    قوله: [أخبرنا يحيى بن موسى].
    ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
    [حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد].
    ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
    [حدثنا أبو جعفر الرازي].
    هو عيسى بن أبي عيسى، وهو صدوق، سيء الحفظ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن الأعمش].
    وقد مر ذكره.
    [عن زبيد].
    هو زبيد بن الحارث اليامي الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [وطلحة].
    هو ابن مصرف الذي مر ذكره.
    [عن ذر].
    وقد مر ذكره أيضاً.
    [عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب].
    وقد مر ذكرهم.
    والإسناد فيه أبو جعفر الرازي، ولكن كما هو معلوم أن الحديث قد جاء من طرق متعددة، فهو ثابت، ولو كان فيه ذلك الشخص الذي هو سيء الحفظ.

    شرح حديث: (كان رسول الله يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسن بن قزعة، عن حصين بن نمير، عن حصين بن عبد الرحمن، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]].ثم أورد حديث أبي، وهو مثل الذي قبله، وهو القراءة في الركعات الأخيرة بهذه السورة الثلاث.
    قوله: [أخبرني الحسن بن قزعة].
    صدوق، أخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
    [عن حصين بن نمير].
    لا بأس به، وهي بمعنى صدوق، وحديثه أخرجه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وقال فيه الحافظ في التقريب: (لا بأس به) أو (ليس به بأس) وهي تعادل (صدوق)، إلا عند يحيى بن معين فله اصطلاح خاص فيها، وهي بمعنى ثقة عنده، ولهذا يقولون: لا بأس به عند يحيى بن معين توثيق، ولهذا يقول عن الأئمة الكبار الثقات الأثبات، يقول عن الشخص الواحد منهم: لا بأس به، فلا يظن أن هذا تهوين لشأن من قيلت فيهم، مع أنهم ثقات؛ لأن اصطلاح يحيى بن معين أنه يطلق: (لا بأس به) على الثقة.
    [عن حصين بن عبد الرحمن].
    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن ذر، عن سعيد بن أبزى، عن أبيه].
    وقد مر ذكرهم.
    [عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه].
    هو سعيد بن عبد الرحمن، يروي عن أبيه.
    ليس فيه أبي، فإذاً هو مرسل، لكن كما هو معلوم أن هذا المرسل قد عرف الواسطة فيه بالطرق الأخرى.


    ذكر الاختلاف على شعبة فيه


    شرح حديث: (أن رسول الله كان يوتر بسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق رابعة


    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على شعبة فيه.أخبرنا عمرو بن يزيد، حدثنا بهز بن أسد، حدثنا شعبة، عن سلمة وزبيد، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، وكان يقول إذا سلم: سبحان الملك القدوس ثلاثاً ويرفع صوته بالثالثة)].
    ذكر النسائي رحمه الله هذه الترجمة، وهي: ذكر الاختلاف على شعبة في حديث الوتر، وأورد فيه حديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه، وهو مثل الذي قبله، كان يقرأ في الوتر بهذه السور الثلاث: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، ثم يقول: سبحان الملك القدوس ويمد صوته ويرفعه في الثالثة منها، ويرفع بها صوته عليه الصلاة والسلام.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يوتر بسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق رابعة

    قوله: [أخبرنا عمرو بن يزيد].
    هو عمرو بن يزيد الجرمي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا بهز بن أسد].
    هو بهز بن أسد العمي الكوفي، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا شعبة].
    هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن سلمة].
    هو سلمة بن كهيل، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [وزبيد، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه].
    فهو مرسل مثل الذي قبله، وهؤلاء مر ذكرهم.

    شرح حديث: (أن رسول الله كان يقرأ في الوتر بـسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا خالد، حدثنا شعبة، أخبرني سلمة وزبيد، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن عبد الرحمن: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، ثم يقول إذا سلم: سبحان الملك القدوس، ويرفع بسبحان الملك القدوس صوته بالثالثة). رواه منصور، عن سلمة بن كهيل ولم يذكر ذراً].أورد النسائي رحمه الله طريقاً أخرى مرسلة عن عبد الرحمن بن أبزى، وهي مثل التي قبلها، قراءة ثلاث سور في ركعات الوتر، وبعدها يقول: سبحان الملك القدوس، ويمد صوته بسبحان الملك القدوس.
    قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].
    هو محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا خالد].
    هو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا شعبة].
    وقد مر ذكره.
    [أخبرني سلمة وزبيد].
    وقد مر ذكرهما.
    [عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه].
    وقد مر ذكرهم.

    شرح حديث: (أن رسول الله كان يقرأ في الوتر بـسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق سادسة


    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن قدامة، عن جرير، عن منصور، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وكان إذا سلم وفرغ قال: سبحان الملك القدوس ثلاثاً، طول في الثالثة. ورواه عبد الملك بن أبي سليمان، عن زبيد ولم يذكر ذراً].قوله: (طول في الثالثة)، يعني: مدها، أي: سبحان الملك القدوس يطيل بها، فتختلف عن الأولى والثانية، ويرفع بها صوته ويمد بها، وهذا هو معنى طولها، يعني: معناه مد بها حتى طالت.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يقرأ في الوتر بـسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق سادسة

    قوله: [أخبرنا محمد بن قدامة].
    هو محمد بن قدامة المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
    [عن جرير].
    هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن منصور].
    هو منصور بن المعتمر الكوفي، ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه].
    وهؤلاء قد مر ذكرهم.
    وكما ذكرت أن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى صحابي صغير، ومراسيل الصحابة لو لم يعرف وصله، وأن هناك صحابي روى عنه، فإنها من قبيل ما يعول عليه؛ لأن مراسيل الصحابة حجة؛ لأنهم لا يأخذون إلا عن الصحابة، لكن هنا معروف أنه جاء من طرق متعددة، وأن الواسطة بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب، فالواسطة معروفة، ولو لم تذكر الواسطة، فإنه يقال: مرسل صحابي، ومرسل الصحابي حجة.

    شرح حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق سابعة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن زبيد ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]). ورواه محمد بن جحادة، عن زبيد ولم يذكر ذراً].ثم أورد النسائي رحمه الله الحديث من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله تماماً.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يوتر بـسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق سابعة

    قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
    هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا محمد بن عبيد].
    هو محمد بن عبيد الطنافسي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان].
    صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن زبيد].
    وقد مر ذكره.
    [عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه].
    وقد مر ذكرهم.

    حديث: (كان رسول الله يوتر بسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق ثامنة وتراجم رجال إسناده

    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمران بن موسى ، حدثنا عبد الوارث، حدثنا محمد بن جحادة ، عن زبيد ، عن ابن أبزى ، عن أبيه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، فإذا فرغ من الصلاة قال: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات)].ثم أورد النسائي رحمه الله الحديث من طريق أخرى وهي مرسلة، يعني: مرسل صحابي صغير، وهي مثل الطرق التي تقدمت.
    قوله: [أخبرنا عمران بن موسى].

    صدوق، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا عبد الوارث].
    هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا محمد بن جحادة].
    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن زبيد، عن ابن أبزى، عن أبيه].
    وقد مر ذكرهم.


    الأسئلة

    سبب خصوصية جواز النافلة على الراحلة في السفر دون الحضر

    السؤال: فضيلة الشيخ، حفظكم الله، صلاة النافلة على الراحلة، هل هي مخصوصة بالسفر أم تكون أيضاً في الحضر؟


    الجواب: لا، مخصوصة بالسفر؛ لأن الحضر يمكن للإنسان أن ينزل ويصلي، ولا يفوته شيء، بخلاف المسافر؛ لأنه لو نزل يصلي بقي المسافة والطريق أمامه، فلا يستطيع أن يمشي ويقطع الطريق، لكنه حيث يصلي وهو راكب، يجمع بين مصلحتين بين الصلاة وبين قطع الطريق، فالنافلة على الراحلة إنما جاءت في السفر؛ لأن الحاجة تدعو إليها، ولو نزل الإنسان يصلي ويطيل الصلاة، بقي الطريق أمامه، وأما بالنسبة لمن يسير في البلد، فيمكنه أن ينتهي سيره ويصلي.


    مدى تأثر استحقاق المرأة لميراث زوجها إذا هي سحرته

    السؤال: فضيلة الشيخ، حفظكم الله، إذا سحرت الزوجة زوجها ليكون مطيعاً لها، فهل هذا العمل يكون سبباً في حرمانها من الميراث بعد وفاته؟


    الجواب: يعني هل السحر هو سبب الموت؟ إذا كان السحر سبب الموت، يمكن أن يقال هذا، لكن كونها سحرته وآذته، وحصل له أذى، ومات بسبب آخر، فما له علاقة، ما هو قتل هذا؛ لأن سبب منع الميراث هو القتل.

    أما من جهة الكفر فالسحر قد عُدّ من نواقض الإسلام العشرة، لكن من هذا الاعتبار يمكن أن يكون على اعتبار أنها مرتدة، لكن كما هو معلوم أنه لا يبقى الزواج بين المسلم وبين المرتدة، هذا إذا كان كفر، ومن العلماء من يقول: أن السحر إذا حصل بسببه قتل أو ما إلى ذلك، فإنه يجازى بما يستحقه، لكن على اعتبار أن السحر كفر، معناه أنه ما فيه توارث، بل ما فيه زوجية باقية، مع وجود الردة إذا ما حصلت التوبة، والرجوع إلى الإسلام. أما إن كانت المرأة هي طلبت السحر فلم تكن هي الساحرة يعني: ذهبت إلى ساحر لتسحره فالذي يبدو أن هناك بين طلبه والذهاب للسحرة وبين السحر.

    ما يلزم الإمام إذا شك في عدد ركعات الصلاة

    السؤال: فضيلة الشيخ، إذا صلى الإمام وفي الركعة الأخيرة لم يدر أهي الثالثة أم الرابعة، وسجد وسلم، وتبين له بعد السلام أنها الرابعة فعلاً، هل يلزمه سجود السهو بعد الصلاة وكذلك المأمومين؟


    الجواب: إذا كانت الصلاة رباعية، فقد أدى ما عليه، وإن كانت ثلاثية التي هي المغرب فتلك الركعة زائدة، والسجود للسهو يكون بعد السلام فيما إذا كان هناك زيادة.


    حكم القراءة في الصلاة أثناء التثاؤب

    السؤال: ما حكم القراءة في الصلاة أثناء التثاؤب؟ هل تجزئ أم يعيدها؟


    الجواب: ليس للإنسان أن يقرأ أثناء التثاؤب، أثناء كون الإنسان يتثاءب يغطي فمه ولا يقرأ، الذي يبدو أنها إذا كانت في الفاتحة، فعليه أن يعيدها، وأما إذا كانت في غير الفاتحة، فالأمر في ذلك سهل، ولكن عليه أن يعيد، بعد ما ينتهي التثاؤب.


    مدى إجزاء غسل الجنابة عن غسل يوم الجمعة

    السؤال: فضيلة الشيخ، سمعت أن بعض العلماء يقول: إن غسل الجنابة لا يجزئ عن غسل الجمعة، فهل هذا القول صحيح؟

    الجواب: ما أعلم أنه لا يجزئ، وإنما الإنسان إذا اغتسل للجنابة يوم جمعة، فإنه يجزئ عن الجمعة وعن الجنابة، فينوي الاثنين، ينوي أنه اغتسل لإزالة الحدث الأكبر، وينوي أنه أيضاً فعل ذلك للجمعة، ما أعلم أحداً يقول بهذا لا أدري، لكنه يجزئ غسل الجنابة، لكن غسل الجمعة ما يجزئ عن الجنابة؛ لأنه لابد من نية الجنابة، ولابد أن يرفع الحدث الأكبر، يعني: العكس لا يجزئ، كونه نوى غسل الجمعة ما يكفي عن غسل الجنابة.


    مدى تعليل الحديث بوروده موصولاً وتارة مرسلاً

    السؤال: فضيلة الشيخ، إذا كان الحديث روي مرة موصولاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروي من طريق أخرى أحسن من الطريق الأولى مرسلاً، فهل يعد ذلك من العلة في الحديث؟


    الجواب: لا يعتبر ذلك إذا كان الذي رفع ثقة، والذي وصل ثقة، فإن العبرة بالوصل.


    صلاة الضحى في السفر

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يترك صلاة الضحى في السفر؟

    الجواب: لا أدري، ومما جاء في صلاة الضحى في السفر عام الفتح حديث أم هانئ (أنها جاءته وهو يصلي ثمان ركعات، وذلك ضحى)، والعلماء يوردون ذلك في صلاة الضحى، فيقولون: أن هذا أعلى صلاة الضحى، فقد جاء عنه ركعتين، وجاء عنه أربع وزيادة، وجاء عنه ثمان، وهي أعلى شيء، فيوردون حديث أم هانئ في صلاة الضحى، وكان ذلك في سفر في عام الفتح، فهذا مما يدل على أنه فعلها في السفر، لكن هل كان يداوم عليها؟ لا أدري.

    الحديث الذي أشرت إليه أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يحافظ في الحضر والسفر على شيء محافظته على الوتر وركعتي الفجر.

    صلاة الوتر بعد أذان الفجر

    السؤال: فضيلة الشيخ، بالنسبة لصلاة الوتر بعد أذان الفجر، هل يكون وتراً؟


    الجواب: حديث عبد الله بن مسعود الذي سبق أن مر بنا أنه قال: أنه بعد الأذان يدل على ذلك، لكن الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا كان كما في صحيح مسلم (أنه إذا لم يصلِ صلاته من الليل لمرض أو وجع، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة)، فيكون ذلك في الضحى إذا فات الإنسان، فليصل في الضحى.

    مداخلة: يقول: إذا فاته من الضحى، فهل يصليه بعد ذلك؟
    الشيخ: ممكن بعد الظهر.

    معنى حديث: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة)

    السؤال: فضيلة الشيخ، عفا الله عنكم، روى البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة)، فما معنى هذا الحديث؟


    الجواب: فسر بتفسيرين: أحدهما: أن يكون ذلك في زمنه عليه الصلاة والسلام، وأن من رآه في المنام فسيراه في اليقظة، بحيث أنه يأتي إليه ويراه، ويجد مطابقة ما رآه لما رأى في منامه، وفسر بأنه من رآني فسيراني، يعني: يراه في الدار الآخرة، فسر بهذين التفسيرين.


    معنى حديث: (ماء زمزم لما شرب له)

    السؤال: فضيلة الشيخ، ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ماء زمزم لما شرب له)؟


    الجواب: الحديث ما أدري عن صحته، ولكن معنى الحديث أن الإنسان إذا أراد شيئاً، وشربه لأمر من الأمور، فهو لما شرب له، يعني: كون الإنسان شربه من أجل أن يستشفي به، فيكون لذلك الشيء الذي شربه له، وهكذا، والحديث ما أدري عن صحته، لكنه موجود، ولا أتذكر من خرجه.


    ما على من ترك التشهد الأول وقام للثالثة ثم جلس

    السؤال: فضيلة الشيخ، من ترك التشهد الأول وقام للثالثة ولم يقرأ الفاتحة ثم جلس، هل عليه سجود سهو أم لا، وإن سجد فهل عليه شيء؟


    الجواب: نعم عليه سجود سهو، ولكنه ما دام أنه قام وانتصب، فعليه أن يواصل الركعة، لكن عليه سجود سهو، سواء رجع أو لم يرجع.


    حقيقة الدابة التي تخرج قرب يوم القيامة

    السؤال: فضيلة الشيخ، ما هي الدابة التي تخرج عند قرب القيامة وتكلم الناس؟الجواب: الدابة مخلوق من مخلوقات الله عز وجل ما أدري عن شكلها، وأيش هي.

    حكم استيطان مكان معين في المسجد

    السؤال: فضيلة الشيخ، ما حكم استيطان مكان معين في المسجد؟ وهل يلحق به استيطان مكان معين عند حلقة العلم؟


    الجواب: قضية المسجد وقضية الصلاة ورد فيه حديث ما أدري شيء عن صحته، يعني: كون الإنسان يستوطن إيطاناً كإيطان البعير، بحيث أنه لا يصلي فرضه إلا في ذلك المكان، ما أذكر الآن ما صحته، وما عندي علم عنه وأما فيما يتعلق بمجالس العلم وما إلى ذلك، فتختلف عن هذا، كونه يصير له مكان معين، أو الإنسان يكون له مكان معين، إما بقعة أو كرسي، فهذا ما فيه بأس.


    مدى اشتراط النية في الغسل من الحيض والجنابة

    السؤال: فضيلة الشيخ، امرأة رأت العادة الشهرية أول مرة لها، ولم تعلم أن هناك غسلاً يجب عليها، وإنما اغتسلت اغتسالاً عادياً بدون أي نية، فما الحكم فيما فعلت؟ ثم لم تغتسل إلا في المرة الثانية.

    الجواب: العمل لا بد فيه من النية، كونه اغتسالاً ما نوت به غسل الجنابة، وإنما هو غسل عادي تبرد أو ما إلى ذلك، ما يعتبر غسل الجنابة حتى ينوى، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات) فالذي عليه جنابة واغتسل للتبرد ما يقال: أنها رفعت الجنابة عنه؛ لأن النية ما وجدت.

    مداخلة: خلال تلك الفترة التي اغتسلت فيها هي ما اغتسلت اغتسالاً إلا بعد الحيضة الثانية، علمت أن عليها غسلاً، فاغتسلت بعد الحيضة الثانية، ما حكم الصلاة والصيام في الغسل الأول؟
    الشيخ: ما أستطيع أن أقول فيها شيئاً، لا أدري.

    مدى اعتبار الصف الأول الممتد إلى خارج المسجد من المسجد

    السؤال: فضيلة الشيخ، إني أدرك بعض الركعات في هذا المسجد، ولكن ممتد الصف إلى خارج المسجد، فهل تكون الصلاة في المسجد أو أدخل في الصفوف الخلفية؟


    الجواب: الصلاة خارج المسجد إذا كان ما دام أنه ما وجدت أسوار تحيط بالساحات، فإنه لا يعتبر مسجداً، وإنما يعتبر خارج المسجد، وإذا وجدت الأسوار التي تحيط به، ويعتبر ما كان داخل تلك الأبواب والأسوار فهو مسجد، فامتداد الصفوف التي تحاذي باب السلام تعتبر من المسجد، وقبل ذلك لا يعتبر من المسجد؛ لأنه خارج المسجد، والإنسان إذا جاء لا يصلي، وإنما عليه أن يدخل المسجد ويصلي حيث أمكنه أن يصلي في الصف الأول، فالذي يليه وهكذا.


    ما يلزم المسبوق فيما إذا نسي الإمام ركعة

    السؤال: فضيلة الشيخ، إذا نسي الإمام وزاد ركعة، وجاء رجل متأخر قد فاتته ركعة ودخل مع الإمام. فما الحكم؟


    الجواب: لا تعتبر، تلك الركعة الزائدة لا عبرة بها؛ لأنها ليست معتبرة للإمام ولا لغير الإمام، فلا يعتد بتلك الركعة الزائدة المسبوق أو المأموم، المسبوق لا يعتد بالزائدة.

    حتى لو لم يعلم أنها زائدة إلا بعد انتهائه من الصلاة، عليه أن يأتي بركعة، لأنه أصلاً المسبوق لا يدري ما الزائد والذي لم يزاد.

    حكم صلاة الحاقن

    السؤال: رجل صلى وهو حاقن، فهل صلاتها صحيحة أم باطلة؟


    الجواب: إذا كان الإنسان وجدت منه الصلاة، وقد أدى أعمالها وأفعالها، فصلاته صحيحة، وإذا حصل منه تشوش في الصلاة، وشغله عن شيء منها، فهذا هو الذي لا يجوز، أو لا تصح الصلاة معه، إذا كان أخل بها بسبب هذا التشوش، أما إذا لم يحصل تشوش، ولكنه أدى الصلاة في أفعالها، وما هو مطلوب منها، ولو كان يحس أنه محتاج إلى قضاء الحاجة، فالصلاة صحيحة.


    حكم الوضوء من ماء زمزم

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز الوضوء من ماء زمزم والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (طعام طعم)؟

    الجواب: يجوز، وكونه طعام طعم، فلا يدل على أنه لا يتوضأ منه، وإنما يجوز أن يتوضأ منه، وقد جاء في بعض الأحاديث: أن الرسول توضأ منه، والحديث الذي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم لما انصرف من عرفة إلى مزدلفة، وعرج وقضى حاجته وتوضأ، قيل: إن هذا الماء كان من زمزم، وهذا ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري.


    العلاقة بين رؤية السارق عبر المنديل وبين السحر


    السؤال: فضيلة الشيخ، المنديل يُرى فيه السارق، هل هذا يعتبر من السحر؟


    الجواب: لا شك أن هذا من السحر أو من الشعوذة، يعني: ليس لازماً أن يكون سحراً، بل يمكن أن يكون شعوذة وليس سحراً.


    حكم استخدام الجن المسلم

    السؤال: هل يجوز استخدام الجني المسلم؟


    الجواب: كيف يستخدم الجني المسلم؟ الجن لا يستخدمون في شيء، الجن سخرهم الله لسليمان عليه الصلاة والسلام، وأما استخدام الجن فيمكن أن يكون هذا الاستخدام فيه مضرة، ثم أيضاً الجني إذا قال: أنه مسلم، هل يقبل كلامه؟ والإنس ما فيه منافقون، والجن أيضاً أليس يكون فيهم أيضاً مثل الإنس، ليست القضية قضية فقط واحد قال: أنه مسلم وانتهى.


    حكم الاستغاثة بأهل البيت

    السؤال: الرافضي الذي يستغيث بأهل البيت هل يكفر؟

    الجواب: الذي يستغيث بغير الله عز وجل ويطلب حاجاته من الأموات، هذا كفر بالله عز وجل.


    الفرق بين الشعوذة والسحر

    السؤال: ما الفرق بين الشعوذة والسحر؟

    الجواب: أصحاب الشعوذة هم المنجمون، والكهان الذين يستخدمون الجن في أمور الاطلاع على أمور مغيبة، والسحر هو: شيء يوضع ويؤثر على المسحور، فالشعوذة والسحر كلها تلتقي عند استخدام الشياطين.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #312
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (309)

    كتاب قيام الليل وتطوع النهار
    - باب ذكر الاختلاف على ابن مغول في القراءة في الوتر - باب ذكر الاختلاف على شعبة عن قتادة في القراءة في الوتر



    لقد حث النبي صلى الله عليه وسلم الأمة على الخير، لا سيما فيما يتعلق بنوافل الصلوات، ثم أكد على بعض النوافل كصلاة الوتر، التي حث عليها وأمر بها أمر استحباب وتأكيد، حتى كان عليه الصلاة والسلام لا يتركها سفراً ولا حضراً، وورد عنه أنه كان يقرأ في آخرها بـ (سبح اسم ربك الأعلى)، والكافرون، و(قل هو الله أحد).

    ذكر الاختلاف على مالك بن مغول في القراءة في الوتر


    شرح حديث: (كان عليه الصلاة والسلام يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق تاسعة

    قال المصنف رحمه الله تعالى في باب القراءة في الوتر: [ذكر الاختلاف على مالك بن مغول فيه.أخبرنا أحمد بن محمد بن عبيد الله، حدثنا شعيب بن حرب، عن مالك، عن زبيد، عن ابن أبزى، عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]].
    فهذه ترجمة تتعلق بالقراءة في الوتر، وهي: ذكر الاختلاف على مالك بن مغول في حديث القراءة في الوتر، أي: قراءة (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، وقد مرت طرق عديدة للحديث، وأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقرأ هذه الثلاث السور: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1] و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1] و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1] في وتره، أي: في الركعات الثلاث الأخيرة من صلاة الليل.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان عليه الصلاة والسلام يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق تاسعة

    قوله:
    [أخبرنا أحمد بن محمد بن عبيد الله].
    هو أحمد بن محمد بن عبيد الله الطرسوسي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا شعيب بن حرب].
    ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
    [عن مالك].
    هو مالك بن مغول، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن زبيد].
    هو زبيد بن الحارث اليامي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن ابن أبزى].
    هو سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبيه]
    وهو عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه وهو صحابي صغير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث ابن أبزى في القراءة في الوتر وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا مالك، عن زبيد، عن ذر، عن ابن أبزى مرسل. وقد رواه عطاء بن السائب، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه].أورد النسائي رحمه الله هذا الحديث وأسنده إلى ابن أبزى وهو مرسل، والمقصود أنه مرسل من سعيد بن عبد الرحمن، وإلا فإن رواية عبد الرحمن بن أبزى قد مرت من طرق عديدة، وهو صحابي صغير، ولكن هذه الطريق قال: (عن ابن أبزى مرسل)، لأنه أضافه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يذكر أباه، فيكون من قبيل المرسل أي: المنقطع، ولكن هذا الإرسال كما هو معلوم لا يؤثر؛ لأن الحديث ثابت من طرق كثيرة، ومعروف الواسطة وهو أبوه، وذلك بالطرق المتعددة الكثيرة التي مرت والتي ستأتي، فمثل هذا الإرسال لا يؤثر إلا لو كان الحديث ما جاء إلا من هذا الطريق، فإنه يؤثر، ويكون مرسلاً ولا يعول عليه، وهي التي يروي سعيد بن عبد الرحمن، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيكون منقطعاً، لكن الحديث جاء من طرق كثيرة عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه، وفي بعضها (عن أبيه عن أبي بن كعب)، والحديث ثابت بالطرق الكثيرة المختلفة المتعددة المتنوعة.
    قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
    هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [عن يحيى بن آدم].
    هو الكوفي، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا مالك].
    هو مالك بن مغول، وقد مر ذكره.
    [عن زبيد].
    وقد مر ذكره.
    [عن ذر].
    هو ذر بن عبد الله المرهبي، وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن ابن أبزى مرسل].
    هو سعيد بن عبد الرحمن، قوله: مرسل، أي: أنه أضافه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهو من قبيل المرسل، لكن هذا الإرسال لا يؤثر؛ لأن الحديث ثابت بالطرق التي قبله والتي بعده.

    شرح حديث: كان عليه الصلاة والسلام يقرأ في الوتر بـ (سبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق حادية عشرة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الله بن الصباح، حدثنا الحسن بن حبيب، حدثنا روح بن القاسم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله من حيث المتن، أي: النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1].

    تراجم رجال إسناد حديث: كان عليه الصلاة والسلام يقرأ في الوتر بـ (سبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق حادية عشرة

    قوله: [أخبرنا عبد الله بن الصباح].ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
    [حدثنا الحسن بن حبيب].
    لا بأس به، و(لا بأس به) تعادل صدوق، وحديثه أخرجه أبو داود في القدر، والنسائي.
    [حدثنا روح بن القاسم].
    ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
    [عن عطاء بن السائب].
    صدوق اختلط، وحديثه أخرجه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة، ولا يؤثر اختلاطه؛ لأن الحديث ما جاء من طريقه فقط، بل جاء من طرق عديدة، فالحديث ثابت بالطرق التي قبله والتي بعده، وإلا لو كان ما جاء إلا من هذا الطريق، فإنه لا يعول عليه، إلا إذا كان قد سمع منه قبل الاختلاط، لكن الذين سمعوا منه قبل الاختلاط، ذكرهم الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب، وليس فيهم روح بن القاسم، ولكن لا يؤثر كون الذي روى عنه ليس معروفاً بالرواية عنه قبل الاختلاط؛ لأن الحديث ثابت من طرق متعددة قبل هذا الحديث وبعده.
    [عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه].
    وقد مر ذكرهما.


    ذكر الاختلاف على شعبة عن قتادة في هذا الحديث



    شرح حديث: أنه عليه الصلاة والسلام كان يوتر بـ(سبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق ثانية عشرة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على شعبة عن قتادة في هذا الحديث.أخبرنا محمد بن بشار، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن قتادة قال: سمعت عزرة يحدث عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، فإذا فرغ قال: سبحان الملك القدوس ثلاثاً].
    أورد النسائي ذكر الاختلاف على شعبة في هذا الحديث، أي: حديث القراءة في الوتر، قراءة: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، وأورد الطرق التي من طريق شعبة، وفيها الاختلاف من حيث الإسناد، ومن المعلوم أن مثل هذا الاختلاف لا يؤثر على الحديث شيئاً، فالحديث ثابت، وكونه جاء عن شعبة من طرق متعددة إلى عبد الرحمن بن أبزى لا يؤثر ذلك على الحديث شيئاً، فالحديث ثابت.

    تراجم رجال إسناد حديث: أنه عليه الصلاة والسلام كان يوتر بـ(سبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق ثانية عشرة

    قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].محمد بن بشار هو الملقب بندار البصري، ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، ومثل محمد بن بشار في كونه شيخاً لأصحاب الكتب الستة، وأيضاً كونه مات سنة مائتين واثنين وخمسين، شخصان آخران هما: محمد بن المثنى العنزي الملقب الزمن، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء ثلاثة ماتوا في سنة واحدة، وهي: سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وكل واحد منهم شيخ لأصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي داود].
    أبو داود، هو: سليمان بن داود الطيالسي، مشهور بكنيته، ويروي عنه النسائي بواسطة، وهو ممن تقدمت وفاته؛ لأنه ما أدركه النسائي، ولهذا يروي عنه النسائي بواسطة، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [حدثنا شعبة].
    شعبة، وهو: ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن قتادة].
    وهو: قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ومما يشار إليه هنا أن شعبة معروف أنه إذا روى عن شيوخه المدلسين، لا يروي عن شيوخه المدلسين إلا ما أمن تدليسهم فيه، وقتادة من المدلسين.
    [سمعت عزرة يحدث].
    وهنا قتادة صرح بالسماع، فتدليسه مأمون بتصريحه هو، لكن شعبة إذا روى عنه وقد روى بالعنعنة، فإن عنعنته لا تؤثر؛ لأن شعبة يروي عن شيوخ المدلسين الشيء الذي هو سماع لهم، ولا يروي عنهم الشيء الذي هو مدلس، فتدليسهم مأمون فيما إذا روى عنهم شعبة.
    وعزرة هو عزرة بن عبد الرحمن الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
    [عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه].
    وقد مر ذكرهما.

    حديث: (كان يوتر بسبح اسم ربك الأعلى) من طريق ثالثة عشرة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن زرارة، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، فإذا فرغ قال: سبحان الملك القدوس ثلاثاً، ويمد في الثالثة].أورد النسائي رحمه الله حديث ابن أبزى من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله أنه كان يوتر بالثلاث السور: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1]، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، وإذا فرغ قال: سبحان الملك القدوس، ويمد بالثالثة من هذه التسبيحات الثلاث صوته.
    قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].
    هو إسحاق بن منصور المروزي الكوسج، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا أبا داود.
    [حدثنا أبو داود].
    هو أبو داود الطيالسي الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
    [حدثنا شعبة عن قتادة].
    وقد مر ذكرهما.
    [عن زرارة].
    هو زرارة بن أوفى، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عبد الرحمن بن أبزى].
    يعني: هنا لا يروي عن سعيد، وإنما يروي عن عبد الرحمن الصحابي الصغير.

    شرح حديث أن رسول الله كان يوتر بـ (سبح اسم ربك الأعلى) من طريق رابعة عشرة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد، حدثنا شعبة، سمعت قتادة، يحدث عن زرارة، عن عبد الرحمن بن أبزى رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]. خالفهما شبابة، فرواه عن شعبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن عمران بن حصين].أورد النسائي حديث ابن أبزى من طريق أخرى، وفيه: أنه يوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، وهذا فيه ذكر: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1] وحدها ليس معها شيء، فيحتمل أن يكون مختصراً، ويحتمل أن يكون ذلك في الركعة الأخيرة مثلما جاء في حديث أبي موسى الأشعري الأول، الذي فيه أنه صلى العشاء ركعتين، ثم صلى الوتر ركعة واحدة، وقرأ بها بمائة آية من سورة النساء، فيحتمل أن يكون الحديث مختصراً، وأن الروايات السابقة فيها التفصيل والبيان، ويحتمل أن يكون قرأ في الركعة الأخيرة: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، كما أنه كان قد قرأ في ركعة الوتر مائة آية من سورة النساء.


    تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يوتر بسبح اسم ربك الأعلى) من طريق رابعة عشرة


    قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
    هو الملقب الزمن، العنزي البصري، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهو أحد الثلاثة الذين ذكرت آنفاً: أنهم شيوخ لأصحاب الكتب الستة، وأنهم ماتوا في سنة واحدة، وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، أي: قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، وهم من صغار شيوخ البخاري.

    [حدثنا محمد].
    هو ابن جعفر الملقب غندر، وإذا جاء محمد يروي عن شعبة، ويروي عن محمد بن المثنى أو محمد بن بشار، ومحمد غير منسوب، فالمراد به غندر، الذي هو محمد بن جعفر البصري الملقب غندر، ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا شعبة].
    وقد مر ذكره.

    [سمعت قتادة يحدث عن زرارة عن عبد الرحمن بن أبزى].

    وقد مر ذكرهم.

    شرح حديث: (أن النبي أوتر بسبح اسم ربك الأعلى ..) من طريق خامسة عشرة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا بشر بن خالد، أخبرنا شبابة، عن شعبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]. قال أبو عبد الرحمن: لا أعلم أحداً تابع شبابة على هذا الحديث، خالفه يحيى بن سعيد].ذكر مخالفة شبابة بن سوار في هذا الحديث، وأنه رواه عن طريق عمران بن حصين، وأنه أوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، يعني: فهو مثله من حيث المتن، وأنه أوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1]، والكلام هو مثل الذي قبله، يعني: من حيث أنه يمكن أن يكون مختصراً، أو أنه غير مختصر، ولكنه قرأ في الركعة الأخيرة بهذه السورة.


    تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر بسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق خامسة عشرة


    قوله: [أخبرنا بشر بن خالد].
    ثقة يغرب، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
    [أخبرنا شبابة].
    هو شبابة بن سوار، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن شعبة، عن قتادة، عن زرارة].
    وقد مر ذكرهم.
    [عن عمران بن حصين].
    هو أبو نجيم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.


    شرح حديث: (أنه صلى عليه الصلاة والسلام الظهر فقرأ رجل بسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق سادسة عشرة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى، حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن قتادة، عن زرارة، عن عمران بن حصين قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فقرأ رجل بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، فلما صلى قال: من قرأ بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]؟ قال رجل: أنا، قال: قد علمت أن بعضهم خالجنيها)].أورد النسائي حديث عمران بن حصين المتعلق بصلاة الظهر، وقد ذكر النسائي أن شبابة لا يعلم أحداً تابعة على تلك الرواية، يعني: عن عمران بن حصين، وقال: إنه خالفه يحيى بن سعيد القطان فرواه، لكنه بلفظ آخر، وهو أنه صلى الظهر فقرأ رجل: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، يعني: ممن وراءه، فلما فرغ من صلاته قال: أيكم قرأ بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]؟ فقال رجل: أنا، فقال: قد علمت أن بعضهم خالجنيها. يعني: أنه قرأ وأنا أقرأ، فهذه المخالفة كما هو معلوم لا تؤثر؛ لأنهما حديثان، وليسا حديثاً واحداً؛ لأن ذاك الحديث الذي من طريق شبابة بن سوار يتعلق بالوتر، وهو قراءة: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، وأما هنا فيتعلق بالقراءة وراء الإمام في صلاة الظهر، فهو حديث غير الحديث الذي قبله، وليس هذا من قبيل الاختلاف المؤثر، بل هما حديثان، حديث يتعلق بالوتر، وحديث يتعلق بالقراءة في صلاة الظهر، وأحدهما من طريق شبابة بن سوار، والثاني من طريق يحيى بن سعيد القطان، فوجود رواية يحيى بن سعيد القطان، ليست مخالفة لرواية شبابة بن سوار؛ لأن تلك تتعلق بصلاة معينة التي هي الوتر، وأما هذه فتتعلق بصلاة أخرى، وهي صلاة الظهر خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن أحد المصلين وراءه كان يقرأ بهذه السورة، فلا إشكال ولا مخالفة مؤثرة بين الحديثين؛ لأنهما ليسا حديثاً واحداً، بل هما حديثان كل واحد منهما منفصل عن الآخر، وصحابيهما عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أنه صلى عليه الصلاة والسلام الظهر فقرأ رجل بسبح اسم ربك الأعلى ...) من طريق سادسة عشرة


    قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
    هو الملقب الزمن، وقد مر ذكره.

    [حدثنا يحيى بن سعيد].
    هو يحيى بن سعيد القطان البصري، ثقة، ثبت، ناقد، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن شعبة عن قتادة عن زرارة عن عمران بن حصين].

    وقد مر ذكرهم.


    الأسئلة


    معنى عبارة بعض علماء الجرح والتعديل: (هو ممن يكتب حديثه)

    السؤال: فضيلة الشيخ، قال ابن عدي في إسماعيل بن يعلى الثقفي أبو أمية البصري، قال: هو في جملة الضعفاء، وهو ممن يكتب حديثه. فما معنى هذه العبارة: ممن يكتب حديثه؟
    الجواب: يعني: ممن يكتب حديثه للاستئناس، يعني: يعتضد به، أي: حديثه للاعتضاد.

    تعريف جهالة العين وجهالة الحال ومعيار انتفائها

    السؤال: فضيلة الشيخ، ما هي جهالة العين وجهالة الحال؟ ومتى تنتفي كل منهما؟

    الجواب: جهالة العين أظنه: من روى عنه شخص واحد، وأما جهالة الحال: فهو من روى عنه شخصان أو أ كثر ولم يوثق، فهذا هو الذي يقال له: مجهول الحال، ومجهول الحال تنتفي جهالته، فيما إذا عرف توثيقه من جهة أخرى، أو من أناس معتمدين في التوثيق، فعند ذلك تنتفي، ولهذا يقولون في بعض الأشخاص: إنه مجهول الحال، قال: وثقه فلان، فلا يعتبر مجهول الحال؛ لأنه وثقه فلان، فزالت جهالته، وأما مجهول العين، فكذلك إذا وثق فإنها تنتفي الجهالة عنه.

    المفاضلة بين مكة والمدينة

    السؤال: فضيلة الشيخ، أيهما أفضل: مكة أم المدينة؟

    الجواب: مكة أفضل من المدينة؛ لأنه أولاً الرسول صلى الله عليه وسلم بين أنها أحب بلاد الله إلى الله، وأيضاً بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف، وفي مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بألف، وأيضاً الرسول صلى الله عليه وسلم قال كما في الحديث الصحيح: (إنك أحب بلاد الله إلى الله، ولولا أني أخرجت لما خرجت)، يعني: لولا أن الكفار اضطروه إلى أن يخرج، وأن يهاجر لما خرج منها، وبقي فيها، فهذا يدل على تفضيلها، وأما الحديث الذي يذكر، وهو (أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما خرج قال: إنك أحب بلاد الله إلى الله، ثم قال: اللهم إنك أخرجتني من أحب البلاد إلي، فأسكني أحب البلاد إليك)، فهذا حديث باطل موضوع، أولاً من جهة الإسناد، يعني: فيه من هو متهم، ولا أذكره الآن، وأيضاً من حيث المتن هو باطل؛ لأن فيه بيان أن الأحب إلى الله، غير الأحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن الأحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام غير الأحب إلى الله، ومن المعلوم أن محبة الرسول عليه الصلاة والسلام تابعة لمحبة الله، لا يكون الأحب إلى الله شيئاً والأحب إلى رسوله شيئاً آخر، بل الأحب إلى الله هو الأحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، والحديث الصحيح الثابت عنه عليه الصلاة والسلام قوله: (إنك أحب البلاد إلى الله، ولولا أني أخرجت لما خرجت).

    المفاضلة في صلاة النوافل بين المسجد النبوي والبيت

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل السنن النوافل أو الرواتب أفضل في المسجد النبوي أم في البيت؟


    الجواب: كل ما عدا الفرائض فإنها في البيوت أفضل، إلا في الشيء الذي تشرع له الجماعة مثل التراويح، فإنها في المسجد أفضل؛ لأنها تشرع لها الجماعة، وإلا فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة)، كما سبق أن مر بنا الحديث في هذا، وهذا إنما يكون في حق من يصلي في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يرجع إلى بيته ويصلي فيه، مثل ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، فإنه يصلي في بيته، ثم يخرج ويصلي بالناس، وإذا فرغ رجع إلى بيته وصلى النوافل في بيته، لكن من لم يصل في المسجد النبوي، ولكنه صلى في مسجد آخر، لا يقال: أن صلاته في بيته أفضل من صلاته في المسجد النبوي؛ لأن صلاته أفضل في المسجد الذي صلى فيه، وإنما تكون أفضل من المسجد النبوي لمن تمكن أن يصلي فيه؛ لأنه صلى الفرض، ولكنه من أجل قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة)، لم يصل في المسجد النبوي وصلى في بيته، فعند ذلك تكون صلاته في بيته أفضل من صلاته في المسجد النبوي لهذا الحديث، ولفعله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يصلي النافلة في بيته، ثم يخرج ويؤم الناس، ثم عندما يفرغ يرجع إلى بيته ويصلي النافلة في بيته.

    مدى شمول مضاعفة أجر الصلاة في المسجد النبوي لصلاة النافلة

    السؤال: فضل الصلاة في المسجد النبوي، هل يشمل المكتوبة فقط أم والنوافل؟

    الجواب: تضعيف الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يشمل الفرائض والنوافل؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة)، مطلق يشمل الفرض والنفل.

    التمييز بين كبار التابعين وصغارهم وكبار شيوخ النسائي وصغارهم

    السؤال: فضيلة الشيخ، ما هو الضابط في التفريق بين كبار التابعين وصغارهم، وبين كبار شيوخ المصنف وصغار شيوخه؟


    الجواب: كبار الصحابة هم المتقدمون الذين لم يلقهم صغار التابعين وأوساط التابعين، وإنما لقيهم كبار التابعين، كبار التابعين هم الذين لقوا كبار الصحابة، فهذا هو التمييز بين الكبار والمتوسطين والصغار؛ لأن هناك كباراً ومتوسطين وصغاراً، كبار الصحابة أو كبار التابعين، وأوساط التابعين وصغار التابعين، كبار التابعين هم الذين لقوا كبار الصحابة، وأوساط التابعين هم الذين لقوا الذين هم قبل صغار الصحابة الذين هم متوسطون، أوساط الصحابة، وصغار التابعين هم الذين أدركوا صغار الصحابة.
    أما كبار شيوخ المصنف، فشيوخه الذين أدركهم في أواخر أعمارهم وأول حياته، هو في أول حياته، وأدركهم في أواخر حياتهم، وأما صغار شيوخه الذين أدركهم، ووفاتهم قريبة من وفاته، مثل الثلاثة الذين ذكرناهم وهم: محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، الذين ماتوا قبل البخاري بأربع سنوات، أما كبار شيوخ البخاري فهم الذين ما أدركهم النسائي؛ لأن البخاري أدركهم، والنسائي ما أدركهم، ولهذا يروي عنهم بواسطة، مثل أبي عاصم النبيل، فـالنسائي يروي عنه بواسطة، والبخاري يروي عنه مباشرة؛ لأنه من كبار شيوخه الذين لقيهم في أواخر أعمارهم، وهو في أول حياته، والنسائي ما أدركهم؛ لأن البخاري متقدم عليه فأدرك هؤلاء الكبار، والنسائي ما أدركهم، ولهذا يروي عنهم بواسطة، يأتي أبو عاصم النبيل فيروي عنه النسائي بواسطة، وأبو نعيم الفضل بن دكين، فيروي عنه النسائي بواسطة؛ لأنه من كبار شيوخ النسائي وهكذا.

    تقييم كتاب معاني القرآن لعبد الله يوسف

    السؤال: فضيلة الشيخ، سؤال عن ترجمة معاني القرآن لعبد الله يوسف علي؟


    الجواب: ترجمة معاني القرآن لعبد الله يوسف علي فيها أغلاط كثيرة، وقد ذكرها أهل الاختصاص، ولا أذكر شيئاً منها، لكن الذي أذكر أن هناك كتابة عن الأغلاط التي فيه، وأنها أخطاء، ومنها ما هو أخطاء فاحشة.

    حال الحديث الوارد في المدينة: (غبارها شفاء)

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه قال في المدينة: غبارها شفاء)؟


    الجواب: لم يصح في ذلك حديث، يعني: كون المدينة غبارها شفاء، والذي ورد في ذلك هو ضعيف غير ثابت إن لم يكن موضوعاً، ولا أتذكر ما درجته، لكنه غير ثابت.

    صفة الحد بين إثباتها لله تعالى ونفيها عنه

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل من عقائد أهل السنة إثبات الحد لله سبحانه وتعالى؟


    الجواب: الحد هذه من الألفاظ المحدثة التي لم ترد في نصوص الكتاب والسنة، ويحتاج الكلام فيها إلى معرفة المراد منها، فإن أريد بالحد أنه يكيف، وأنه يعرف كنهه، فالله عز وجل ليس كذلك، وإن أريد به أنه مباين للخلق، وأنه متميز عن الخلق، مباين لهم، فالله عز وجل كذلك؛ لأنه ليس حالاً في الخلق، ولا المخلوقات حالة فيه، فكلمة الحد هل تضاف إلى الله عز وجل أو لا تضاف؟ يستفسر فيها، إن أريد بها التحديد الذي هو التكييف، ومعرفة الكنه، فالله عز وجل لا يحد، ولا يحده أحد، وإنما يوصف بما وصف به نفسه، ووصفه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تكييف أو تشبيه، وإن أريد بالحد أنه مباين للخلق، وأن الله تعالى وجوده قائم بنفسه، والمخلوقات مباينة له، فليست المخلوقات حالة فيه، وليس حالاً في المخلوقات، فهذا المعنى حق، لكن اللفظ موهم، ومحتمل للحق والباطل.


    ما يترتب على طلب المرأة الطلاق من زوجها


    السؤال: فضيلة الشيخ، ما الذي يترتب على المرأة إذا طلبت من زوجها الطلاق؟


    الجواب: إذا كان لسبب وأمر يقتضي ذلك، فلا بأس به، وإلا فإنها تأثم.
    مداخلة: ويلزمها شيء يا شيخ من ناحية المهر أو شيء من هذا؟
    الشيخ: يعني هو إذا طلقها بناء على طلبها، ولم يطالبها بشيء، ولم يطالبها بأن تعيد إليه شيء، فإنه يعتبر طلاقاً، وأما إن طلب منها شيئاً، وافتدت نفسها، ودفعت شيئاً يطلقها، فهذا يقال له: خلع.


    مدى ثبوت مسح الوجه بعد الدعاء في السنة


    السؤال: فضيلة الشيخ، مسح الوجه بعد الدعاء، هل هو ثابت؟ وكذلك مسح الجسد كله، هل هو ثابت أم بدعة؟


    الجواب: مسح الوجه باليدين بعد الدعاء لم يثبت، فقد ورد فيه حديثان ضعيفان كما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، والحافظ في بلوغ المرام قال: أن في مجموع طرقه يرتقي إلى الحسن، لكن شيخ الإسلام قال: إنه ضعيف، وإنه لا يثبت، وأنه ورد فيه حديثان ضعيفان. فلا تمسح الوجوه بالأيدي بعد الدعاء، وإنما تنزل بدون مسح، وكذلك كونه يمسح الجسد أيضاً من باب أولى، لكن مسح اليدين فيما إذا كان الإنسان يرقي نفسه، ينفث في يديه، ثم يمسح جسده، أو كذلك عند النوم كما جاء في الحديث: (ينفث في يديه ويقرآ آية الكرسي، ويمسح جسده)، هذا جاءت به السنة، وهذا ليس من قبيل رفع اليدين في الدعاء ثم يمسح بهما؛ لأن ذاك مسح رقية ينفث في يديه ويمسح بهما، وأما رفع اليدين فهو يدعو ثم ينزلهما.

    مدى اشتراط استقبال القبلة لسجود التلاوة والشكر

    السؤال: هل يجوز سجود التلاوة أو الشكر إلى غير القبلة؟


    الجواب: لا، ما يسجد إلى غير القبلة، لكن يجوز أن يكون على غير طهارة؛ لأن الإنسان يقرأ القرآن وهو على غير وضوء، فإذا مر بسجدة تلاوة يسجد وهو على غير وضوء، ويسجد إلى القبلة.

    الفرق بين زيادة الثقة والحديث الشاذ

    السؤال: كيف نفرق بين زيادة الثقة المحفوظة وبين الشاذ؟


    الجواب: زيادة الثقة المحفوظة هي التي بمثابة الحديث المستقل، وأما الشاذة فهي التي تقابل رواية من هو أوثق، فلابد من تقديم رواية على رواية، مثل حديث صلاة الكسوف بثلاث ركوعات، فإن المحفوظة صلاتها بركوعين، وكلها تتعلق بصلاة واحدة، وهي يوم مات ابنه إبراهيم، فلا شك أن صلاة الثلاث ركوعات بركعة واحدة شاذة؛ لأنها معارضة لرواية الركوعين، وأما زيادة الثقة، فهي بمثابة الحديث المستقل.

    اسم السند المنقطع من أوله أو وسطه

    السؤال: إذا كان الانقطاع من أول السند أو وسطه فماذا يسمى؟


    الجواب: إذا كان الانقطاع من أول الإسناد فيقال له: معلق، وأما إذا كان من وسطه، فإن كان اثنين فأكثر، فإنه يقال له: معضل، وإن كان واحداً أو أكثر من واحد، ولكن متفرقين في السند، فإنه يقال له: منقطع، وكلمة (منقطع) يعني أشمل؛ لأن المعلق منقطع، والمعضل منقطع، والمرسل منقطع، وهكذا كله يقال له: منقطع، لكن عندهم في الاصطلاح يطلقون ما كان الساقط واحداً أو اثنين فأكثر، بشرط عدم التوالي فيقولون: إنه منقطع، على المعضل وعلى المرسل.

    اتخاذ حبة البركة لدفع العين

    السؤال: اتخاذ حبة البركة أو غيرها في دفع العين، هل هو شرك؟


    الجواب: والله الذي يبدو أن مثل هذا العمل عمل منكر؛ لأنه الحبة السوداء التي يقال لها: حبة البركة، المقصود منها هو استعمالها وأكلها، أما قضية أن كون الإنسان يحملها لدفع العين أو لتمنع العين، فهذا مثل الجماعة الذين يضعون في السيارات شيئاً، إما مصحف أو شيء يتدلى أو ما إلى ذلك، كل هذا من الأمور المنكرة، واعتقاد أن هذه متصرفة، وهذا لا شك أنه شرك، وأما اعتقاد أن الإنسان إذا نظر إليها، فإنه ينشغل بها، وينشغل عما هو أهم منها، فهذا أمر منكر، واعتقاد فاسد، لكن لا يقال: إنه شرك.


    مدى ثبوت لبس النبي عليه السلام القلنسوة بدون عمامة

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس القلنسوة بدون العمامة؟


    الجواب: لا أدري.

    اتخاذ الكتاب سترة للمصلي

    السؤال: هل تجزئ السترة بالحذاء إذا جعلها المصلي أمامه، وكذلك الكتاب؟


    الجواب: نعم، يعني: كون الإنسان يجعل كتاباً، لكنه يجعله على الأرض، ما يجعله منصوباً، وإنما يجعله على وضعه المعتاد، بحيث أن الإنسان إذا رآه يعرف أن هذا الذي يصلي فلا يمر بينه وبين الكتاب، وكذلك الإنسان إذا ما وجد شيئاً؛ لأنه كما جاء في الحديث يخط خطاً، وهذه أرفع من الخط، وأوضح من الخط إذا لم يكن هناك إلا هذا.

    حكم قراءة سبح اسم ربك الأعلى في صلاة الظهر

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل تستحب قراءة سورة: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، في صلاة الظهر، وما سبب قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (قد علمت أن بعضكم خالجنيها)؟

    الجواب: قوله: (خالجنيها)، يعني: أنا كنت أقرأ وقد رفع صوته، يعني: حصل منه رفع صوت، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أيكم قرأ بـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1])، يعني: واحد منهم، طلع صوته في شيء من سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، فمعناه أنه شغله، مثل ما يكون الإنسان يقرأ وبعدين يسمع واحداً يقرأ، فيتنبه له ويشوش عليه.

    الجمع بين رواية القراءة في الوتر بالسور الثلاث والقراءة بسبح فقط

    السؤال: كيف نجمع بين الأحاديث التي وردت بقراءة: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1] وحدها، وقراءة السور الثلاث؟


    الجواب: أنا قلت: إما أن يكون هذا مختصراً، وإما أن يكون المقصود أنه قرأ فيها في ركعة الوتر التي هي آخر الركعة من الركعات، يحتمل هذا ويحتمل هذا.


    مدى حجية مراسيل الصحابة


    السؤال: فضيلة الشيخ، قيل: إن مرسل الصحابي لا يحتج به؛ لأنه قد يروي عن تابعي، وقد يكون التابعي ضعيفاً؟


    الجواب: لا، مراسيل الصحابة حجة عند العلماء؛ لأنهم في الغالب لا يروون إلا عن الصحابة.

    علاقة تعدد صلاة الخوف بصلاة النبي عليه السلام لها أكثر من مرة

    السؤال: فيما يتعلق بصلاة الخوف وتعددها: هل يعني ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها أكثر من مرة؟


    الجواب: أي نعم يعني ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام صلاها أكثر من مرة، كل الصفات التي ثبتت عنه.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #313
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله


    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (310)

    كتاب قيام الليل وتطوع النهار - باب الدعاء في الوتر

    لقد جاءت الأحاديث الثابتة عن رسول الله والتي تحث على المحافظة على الوتر، وبين النبي صلى الله عليه وسلم لأمته الدعاء بعد الوتر، كما علم الحسن بن علي أن يقول: (اللهم اهدني فيمن هديت ...)، وفيه طلب الهداية من الله، واليقين بأن كل شيء يكون بمشيئته وقدرته.
    الدعاء في الوتر

    شرح حديث الحسن بن علي: (علمني رسول الله كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الدعاء في الوتر.أخبرنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن بريد عن أبي الحوراء قال الحسن: (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر في القنوت: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضي عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت)].
    يقول النسائي رحمه الله: الدعاء في الوتر، أي: في القنوت في ركعة الوتر، أو الركعة الأخيرة من الوتر، إذا كان بعدة ركعات متصلة، فالركعة الأخيرة هي التي يكون بها العدد المتقدم وتراً، بعد أن كان شفعاً، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يقنت أحياناً في وتره، وقد أرشد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما إلى كلمات يقولهن في الوتر، أو في القنوت في الوتر، وهذا الذي علمه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم هو أصل في الدعاء في الوتر، أي: في القنوت في الوتر، وهو هذه الكلمات التي علم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، علمه هذه الكلمات: (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت).
    قوله: [(اللهم اهدني فيمن هديت)].
    طلب الهداية، وأن يكون في جملة المهديين؛ لأن الله عز وجل جعل الناس منهم من هو مهتدي ومن هو ضال، وفي السؤال أن يجعله في جملة من اهتدى، وأن يكون من المهتدين، وأن يكون واحداً منهم، ويكون من أهل السعادة، وليس من أهل الضلالة المخالفين لطريق الهداية.
    وقوله: [(اهدني فيمن هديت)].
    اهدني، طلب الهداية، المقصود من ذلك التثبيت على الهداية الحاصلة، وطلب المزيد من الهداية على ما هو حاصل، مثل قول الله عز وجل: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]، هذا الدعاء الذي اشتملت عليه سورة الفاتحة، فإن الذي وفقه الله عز وجل وكان من المهتدين، يطلب الهداية، كيف يطلب الهداية وهو مهتدي؟ يطلب أن يثبت على الهداية، وأن يحصل مزيداً من الهداية؛ لأن الناس يتفاوتون في الهداية إلى الصراط المستقيم، والله عز وجل جعل من الجزاء على الاهتداء الزيادة في الهداية، كما قال: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ [محمد:17]، فهم مهتدون، ولكن الله زادهم هدى على هداهم، واستقامة على استقامتهم، والتزاماً على التزامهم، فزادهم هدى.
    فطلب الهداية تثبيت على ما هو حاصل، وطلب المزيد على ذلك من الهداية، (اللهم اهدني فيمن هديت)، فهو يسأله الهداية، وأن يجعله في جملة المهتدين.
    قوله: [(وعافني فيمن عافيت)].
    أيضاً يسأل الله عز وجل المعافاة، وأن يجعله في جملة من حصلت له العافية والمعافاة.
    قوله: [(وتولني فيمن توليت)].
    أي: يطلب منه أن يتولاه، وأن يجعله في جملة من تولاه الله عز وجل.
    قوله: [(وبارك لي فيما أعطيت)].
    ما أعطاه الله عز وجل من الخير ومن الفضل، ينزل الله فيه البركة، ويجعل البركة، في ما أعطى وتفضل، فيسأل الله عز وجل أن ينزل البركة فيما تفضل به وأعطاه إياه، ولهذا قال: (وبارك لي فيما أعطيت)، يعني: يبارك له في المال، يبارك له في الولد، يبارك له في الصحة والعافية، يبارك له في كل خير يحصل له فيجعل في ذلك البركة.

    توضيح كيفية دعاء الله بالوقاية من شر ما قضاه

    قوله: [(وقني شر ما قضيت)]، يسأل أن يقيه الشر والشرور، ومن المعلوم أن الخير بقضاء وقدر، والشر بقضاء وقدر، وكل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكسل، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل شيء بقدر حتى العجز والكسل، حتى نشاط النشيط وكسل الكسلان وخمول الخامل، كل ذلك مقدر، فكل شيء يقع في الوجود فهو بقضاء الله وقدره، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فالإنسان يسأل من الله أن يقيه شر ما قضاه، ومن المعلوم أنه لا شر إلا وقد قضي، ولكن الله عز وجل جعل من أسباب تحصيل الخير، والسلامة من الشر، أعمالاً وأقوالاً، ومن الأقوال: الدعاء، وكون الإنسان يدعو الله عز وجل أن يقيه الشرور، وأن يسلمه من البلاء، وأن يحول بينه وبين الشر، لا يعني أن المقدر يغير، فالمقدر لا يغير، لكن الله عز وجل قدر الغايات، وقدر الأسباب التي تؤدي إلى الغايات، فجعل هذا يحصل خيراً بسبب شيء قدر الله تعالى أنه يفعله، وقدر أنه يسلم من شر بسبب فعل يفعله، أو قول يقوله، أو دعاء يدعوه، فكل ذلك بقضاء الله وقدره، ولا يقال: أنه إذا كان الشيء مقدراً فلماذا يدعو الإنسان؟ لا، بل الله تعالى قدر أن هذا يحصل، وقدر أنه يدعو، وأن يحصل السبب، ويحصل المسبب، فلا يقال: إن الله تعالى قدر سواء دعا الإنسان أو ما دعا؛ لأن الله تعالى قدر له أن يحصل هذا الشيء، وقدر أن الإنسان يدعو، فيكون السبب مقدر وهو الدعاء، والنتيجة مقدرة، وهو الذي يحصل له من الخير، أو السلامة من الشر، (وقني شر ما قضيت).قوله: [(إنك تقضي ولا يقضى عليك)].
    الله عز وجل يقضي ويحكم ولا معقب لحكمه، ويقضي ولا معقب لقضائه، فهو سبحانه وتعالى الذي إذا قضى شيئاً قدراً فلا بد أن يكون، وإذا أمر أو قضى أمراً شرعياً، فإنه يجب أن يفعل، وإذا لم يفعل فإن من لم يحصل منه الفعل للأمر الواجب، فإنه يحصل الإذن من الله على تركه فيكون قضى الله تعالى به شرعاً، أي: أمر به ووصاه.
    القضاء يأتي لمعنى كوني، ويأتي لمعنى شرعي، يأتي لمعنى كوني الذي هو الكتابة في اللوح المحفوظ، والذي قضى الله تعالى أن يكون في القدر وفي اللوح المحفوظ كتب، وهذا لا يتأخر.
    وهناك قضاء بمعنى الأمر والوصية، مثل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، يعني: أمر ووصى؛ لأنه لو قضى قدراً أنه لا يعبد إلا إياه، ما أحد تأخر عن عبادته، قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [الأنعام:149]، لكن هذا قضى بمعنى القضاء الشرعي، وليس القضاء الكوني القدري، القضاء الكوني القدري لا يتأخر أبداً، فكل شيء قد قضاه الله لابد أن يوجد؛ لأن القضاء الكوني بمعنى المشيئة.
    وهناك عدة ألفاظ تأتي لمعنى كوني، ولمعنى شرعي، ومنها القضاء، والأمر، والإذن، والكلمات، والإرادة، كل هذه تأتي لمعنى كوني ولمعنى شرعي، والمشيئة لا تأتي إلا لمعنى كوني، ولا تأتي لمعنى شرعي.
    إذاً: [(وقني شر ما قضيت)]، أي: ما قدره الله عز وجل يسأله أن يقيه شره، وهذه الوقاية تكون بشيء مقدر يقوم به الإنسان، إما فعل، وإما قول، ومن القول الدعاء.
    قوله: [(إنك تقضي ولا يقضى عليك)]، فالله تعالى يحكم ولا معقب لحكمه، وقضاؤه الكوني هو الذي لا بد من وجوده، وقضاؤه الشرعي هو الذي لا بد من التزامه، لكن قد يحصل وقد لا يحصل؛ لأن الناس كلهم مأمورون باتباع الشريعة، لكن ليس كلهم يمتثلون، فيهم من يمتثل فيكون من أهل السعادة، وفيهم من يكون بخلاف ذلك فيكون من أهل الشقاوة والضلالة والغواية.
    قوله: [(إنه لا يذل من واليت)].
    يعني: من تولاه الله عز وجل فإنه يعز ولا يذل، لا يلحقه الذل، وإنما يكون له العز وله الغلبة، من تولاه الله عز وجل ونصره وأيده فهو المنصور العزيز، إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ [آل عمران:160]، فمن نصره الله عز وجل فهو المنصور، ومن خذله الله تعالى فهو المخذول، ومن أذله فهو الذليل، وكل شيء يرجع إلى قضاء الله وقدره، ولكن الناس مأمورون بفعل الأسباب الشرعية التي أمروا بها، وهي أن يستجيبوا لأمر الله، ويمتثلوا ما جاء عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام من الأوامر حيث يفعلونها، ومن النواهي حيث يتركونها ويجتنبونها، ويبتعدون عنها.
    قوله: [(تباركت ربنا وتعاليت)].
    (تباركت) هذا ثناء على الله عز وجل، بأنه تبارك وأنه تعالى، فهو الذي يقال فيه هذا الكلام ولا يقال لغيره، يقال: تبارك الله، تعالى الله، سبحان الله، فهذه كلمات لا تقال إلا لله، هو الذي تبارك وعبده المبارك، فهو الذي يجعل من أراد أن يجعله مباركاً، لكنه هو الذي تبارك، وهو الذي عز، وهو الذي تعالى؛ ولهذا هذه الكلمات إنما يخاطب بها الله، وتقال لله عز وجل، فلا يقال لغيره: تبارك فلان، وتعالى فلان، وسبحان فلان، وإنما هذه من خصائص الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يوصف بها، وهو الذي يخاطب بذلك.
    والحديث جاء بروايات أخرى، وفيها أيضاً: (ولا يعز من عاديت)، مقابلة لـ(ولا يذل من واليت)، فهذه كلمات عظيمة علمها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لسبطه الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وهو من صغار الصحابة رضي الله عنهم؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام إنما زوج فاطمة بعد الهجرة في السنة الثانية، وولد الحسن ثم ولد الحسين رضي الله تعالى عنهما، فهما من صغار الصحابة، وقد رويا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا مما رواه الحسن عن رسول الله، حيث قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات التي يقولها في الوتر، أو في القنوت في الوتر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (علمني رسول الله كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت ...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].
    هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا أبو الأحوص].
    أبو الأحوص وهو: سلام بن سليم الحنفي الكوفي، وهو ثقة متقن، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو: من المتقدمين، توفي سنة مائة وتسع وسبعين، في السنة التي مات فيها الإمام مالك، وقد روى عنه قتيبة وهو من الطبقة العاشرة، وهذا من الطبقة السابعة، ففرق طبقتين بين العاشرة والسابعة ولكن الذي يجعل من في العاشرة يروي عن من في السابعة، كونه عمّر، وقتيبة عمره تسعون سنة، وولد في السنة التي مات فيها أبو حنيفة، وولد فيها الشافعي، وهي سنة مائة وخمسين، وأبو الأحوص توفي مائة وتسع وسبعين، أي: أن عمر قتيبة لما مات أبو الأحوص، خمس وعشرون سنة، وعاش بعد ذلك خمساً وستين سنة، فمن أجل هذا كان من في العاشرة يروي عن من في السابعة؛ لأن هذا عمر الذي هو قتيبة.
    وأبو الأحوص الكوفي مشهور بكنيته أبو الأحوص.
    [عن أبي إسحاق].
    هو عمرو بن عبد الله الكوفي الهمداني السبيعي، ينسب إلى همدان قبيلة كبيرة في اليمن نسبة عامة، وينسب إلى سبيع، وهو مشهور بهذه النسبة وهي نسبة خاصة؛ لأن سبيع بطن من همدان، فهو ينسب إلى سبيع فيقال: أبو إسحاق السبيعي.
    [عن بريد].
    هو بريد بن أبي مريم، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن أبي الجوزاء].
    أبو الجوزاء، وهو: ربيعة بن شيبان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
    وفي بعض النسخ ضبط، أبو الحوراء بمهملتين، فيكون أبو الحوراء، ربيعة بن شيبان أبو الحوراء، ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة، وهنا في الكتاب أبو الحوراء.
    [قال الحسن].
    هو الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبطين الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما، وهما سيدا شباب أهل الجنة، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بأن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، حيث حمله وهو يخطب وقال: (إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)، وقد حصل ذلك في عام واحد وأربعين من الهجرة، حيث تنازل الحسن لـمعاوية، فاجتمع أهل الشام وأهل العراق على إمرة معاوية، وعلى ولاية معاوية رضي الله تعالى عن الجميع، فتحقق ما أخبر به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، من هذا الأمر المغيب الذي يقع في حياة الحسن، وفي هذا الحديث إشارة إلى أن الحسن سيبقى، وأنه سيكبر، وأنه سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، وهذا إخبار عن أمر مغيب قريب من زمنه عليه الصلاة والسلام، وقد حصل ذلك بعد وفاته بثلاثين سنة، وسمي عام الجماعة، وهو عام واحد وأربعين؛ ولهذا يقول سفيان بن عيينة: إن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من المسلمين) يعجبنا جداً؛ لأنه حكم على الطائفتين بأنهما مسلمتان، الذين مع علي، والذين مع معاوية، وحدهم الله، وجمع الكلمة على يد الحسن بن علي بن أبي طالب، وتحقق قوله عليه الصلاة والسلام في هذا: (وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين).
    والحسن رضي الله تعالى عنه كما قلت: هو سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مع الحسين سيدا شباب أهل الجنة، وقد تحقق على يديه ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الصلح، وجمع الكلمة بعد الفرقة التي كانت بين أهل الشام وأهل العراق، وحديث الحسن عند أصحاب السنن الأربعة.
    والحسن بن علي بن أبي طالب خرج غازياً ومر بأصبهان، ولهذا جاءت ترجمته في تاريخ أصبهان؛ لأنه مر بها غازياً، وفي تاريخ البلدان أحياناً يؤرخون وينسبون إليها من مر بها، وإن لم يكن من أهلها، فمجرد المرور أو كونه دخلها في سفر فإنه ينسب إليها، ويجعلونه ضمن تراجم أهل ذلك البلد، وهكذا جاء في تاريخ أصبهان: بأن الحسن مرها غازياً فنسب إليها، وهذه طريقة لبعض المحدثين، بحيث يتوسعون في تراجم أهل البلاد فتشمل من سكنها ومن مر بها مجرد المرور، وهذا مثل تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، فإنه ذكر أنه يترجم لأهلها ولمن مر بها، أو لمن قدم إليها، وإن لم يكن من أهلها.

    شرح حديث: (اللهم اهدني فيمن هديت ...) من طريق ثانية


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن علي عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر، قال: (قل: اللهم أهدني فيمن هديت، وبارك لي فيما أعطيت، وتولني فيمن توليت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضي عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت، وصلى الله على النبي محمد)].أورد النسائي هذا الحديث من طريق أخرى، عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه زيادة: الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر الدعاء، والألباني قال عن هذا: أنه ضعيف، والضعف إنما هو من أجل ما يتعلق بالصلاة، وإلا فإن الروايات الأخرى أو الألفاظ الأخرى كلها وردت في الرواية السابقة التي صححها، لكن الانفراد بهذه الرواية إنما هو بذكر الصلاة على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكونها ختم بها القنوت، هذا هو الذي اعتبر الحديث أو الإسناد ضعيف من أجله، لكن ما عدا الصلاة على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فإنها موجودة في الرواية السابقة.
    وفي الإسناد شخص هو عبد الله بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهذا قال عنه: مقبول، يعني: أنه يعتمد حديثه إذا توبع، ومن المعلوم أن المتابعة موجودة في غير الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، أما الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم فهو مما انفرد بها ولم يتابع عليها، فالشيخ الألباني حكم بضعف الإسناد، فيما يتعلق بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنها ما جاءت إلا من هذا الطريق، وأما الألفاظ الأخرى فإنها ثابتة بالطريق السابقة، فيكون متابع فيما يتعلق بالألفاظ التي هي غير الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم.


    تراجم رجال إسناد حديث: (اللهم اهدني فيمن هديت ...) من طريق ثانية


    قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].
    هو محمد بن سلمة المرادي المصري وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا ابن وهب].
    هو عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن يحيى بن عبد الله بن سالم].
    هو يحيى بن عبد الله بن سالم المدني، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
    [عن موسى بن عقبة].
    هو ثقة فقيه، إمام في المغازي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عبد الله بن علي].
    هو عبد الله بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب، وهو مقبول، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
    [عن الحسن بن علي].
    وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.

    شرح حديث: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثنا سليمان بن حرب وهشام بن عبد الملك قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عمرو الفزاري عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك)].أورد النسائي هذا الحديث، وهو حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في آخر وتره، أي: قنوته في الوتر: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)، هذا دعاء من الأدعية التي يدعى بها في الوتر، وهي من جوامع أدعيته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وفيه الاستعاذة بصفات الله عز وجل من صفاته، أو من بعض صفاته، فإنه استعاذ بصفة الرضا من صفة السخط: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك)، والرضا صفة من صفات الله، والسخط صفة من صفات الله، هما كغيرهما من الصفات، يجب إثباتهما على ما يليق بالله عز وجل وبكماله وجلاله سبحانه وتعالى.
    (وبمعافاتك من عقوبتك)، وهذه من أفعال الله عز وجل، المعافاة والعقوبة من أفعال الله عز وجل، والاستعاذة بالمعافاة من العقوبة استعاذة بفعل من فعل، فعل المعافاة من فعل العقوبة.
    ثم بعد ذلك قال: (وأعوذ بك منك)؛ لأنه لما كانت هناك أمور متضادة، وهي الرضا يقابلها السخط، والمعافاة يقابلها العقوبة، وانتهى إلى الذات، وليس لها مقابل، قال: (وأعوذ بك منك)، وذلك أن كل شيء هو من الله، فهو مثل: (لا ملجأ منك إلا إليك، ولا مفر منك إلا إليك)، فكل شيء من الله، الخير من الله، والشر بقضاء الله وقدره، فهو يستعيذ به منه.
    وهذا الحديث العظيم شرحه ابن القيم شرحاً وافياً في كتابه: شفاء العليل، وعقد له باباً خاصاً من جملة أبوابه الثلاثين، وهو الباب السادس والعشرون من تلك الأبواب، المتعلقة بالقدر، فبيّن ما فيه من فوائد، وما فيه من أسرار، وما اشتمل عليه من القضاء والقدر، وأن كل شيء بقضاء الله وقدره، وأنه يستعاذ بالصفات كما يستعاذ بالذات، وأنه يدل على أن تلك الصفات تابعة للذات؛ وأنها ليست مخلوقة، فيستعاذ بالرضا، ويستعاذ بالكلمات، ويستعاذ بالعزة، وما إلى ذلك من النصوص التي وردت مشتملة على التعوذ بصفات الله عز وجل، وذلك أن صفات الله عز وجل تابعة لذاته، وهي قائمة بذاته، فالمتعوذ بها متعوذ بالله عز وجل، وليس متعوذاً بغيره سبحانه وتعالى، والاستعاذة لا تكون بمخلوق، وإنما تكون بالخالق وصفات الخالق وأسماء الخالق سبحانه وتعالى.


    تراجم رجال إسناد حديث: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ...)


    قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].
    هو محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي البغدادي، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
    [حدثنا سليمان بن حرب].
    ثقة إمام حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [وهشام بن عبد الملك].
    يعني: سليمان بن حرب وهشام، كليهما شيخين لـمحمد بن عبد الله بن المبارك، والمراد بـهشام بن عبد الملك: أبو الوليد الطيالسي، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [قالا: حدثنا حماد بن سلمة].
    هو حماد بن سلمة البصري ثقة عابد، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن هشام بن عمرو الفزاري].
    مقبول، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام].
    قال الحافظ: له رؤية، وهو من كبار ثقات التابعين، وحديثه عند أصحاب السنن الأربعة، والذين لهم رؤية، يعني: رأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهم صغار غير مميزين، ولم يأخذوا عنه، هؤلاء معدودون في الصحابة من حيث الرؤية، ولكنهم معدودون من كبار التابعين من حيث الرواية، أما الذين لهم رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهؤلاء معدودون في الصحابة من حيث الصحبة والرؤية، ومن حيث الرواية، لكن الذي رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو أحضر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحنكه، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير، يعني: عمره ما زال سنتين أو سنة أو ثلاث أو ما إلى ذلك، فيقال له: رؤية، ولكنه من حيث الرواية يعتبر من كبار التابعين، وأما الذين لهم رواية مثل الحسن والحسين، والنعمان بن بشير الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرهم ثمان سنوات، أو سبع سنوات، أو تسع سنوات، فهؤلاء معدودون في الصحابة من حيث الرواية، ومراسيلهم حجة؛ لأنهم يروون عن الصحابة ما لم يسمعوه، ولهذا ابن عباس من صغار الصحابة وهو من المكثرين؛ لأنه عام حجة الوداع ناهز الاحتلام ناهز البلوغ، ومع ذلك هو من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكثيراً من الأحاديث سمعها، وكثيراً منها أخذه عن الصحابة.
    [عن علي بن أبي طالب].
    رضي الله تعالى عنه، رابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة الذين بشرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل هو أفضل العشرة بعد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره على ابنته فاطمة وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    وعلي رضي الله عنه صحابي هذا الحديث، وابنه الحسن صحابي الحديث الذي قبله، وهما من أئمة أهل السنة، ومن أئمة أهل البيت، وأهل السنة يحبون الصحابة جميعاً، ويجلون أهل البيت لا سيما الصحابة منهم، فهم يحبون أهل البيت المؤمنين المتقين، بقربهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولإيمانهم وتقواهم، فيحبونهم للأمرين: للفضل والنبل والتقى، وللقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا الصديق رضي الله عنه يقول كما روى البخاري في صحيحه: (والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أن أصل قرابتي)، فهذا هو موقف أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من أهل البيت، يحبونهم ويجلونهم ويقدرونهم، ويعرفون فضلهم وينزلونهم منازلهم، والصديق يقول هذه المقالة، ويقول: (ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته). وعمر رضي الله عنه يقول للعباس: (والله لإسلامك أحب إلي من إسلام الخطاب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب إسلامك)، فهذه من كلمات سادات هذه الأمة، سيدا هذه الأمة، وأفضل هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر، يقولان هذه المقالة، وأهل السنة كلهم على منهاجهما، وعلى منوالهما، يتولون الجميع، ويحبون الجميع، ويقدرون الجميع، فالمؤمن التقي من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبونه لإيمانه وتقواه، ويحبونه لقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعتبرون علياً رضي الله عنه هو رابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، ويعرفون له فضله ونبله، ويذكرون ما جاء في فضله ومناقبه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ولكن لكل منزلته وفقاً لما جاءت به النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا موقف أهل السنة من أهل البيت، وفي مقدمتهم: علي وابنه الحسن، كما جاء في هذين الحديثين، حديث علي وحديث الحسن، رضي الله عنهما وأرضاهما.
    بخلاف الرافضة الذين يغلون فيهم، ويجعلون أئمة اثني عشر من أولاد علي، وهما: الحسن والحسين، ثم البقية من أولاد الحسين، يغلون فيهم وينزلونهم منازل لا يرضون هم أنفسهم بها لو سمعوها، فـالخميني يقول في كتابه المطبوع الحكومة الإسلامية، يقول: (وإن من ضروريات مذهبنا -من الضروريات البديهيات المسلمات- أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل).

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #314
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (311)

    كتاب قيام الليل وتطوع النهار
    - (باب ترك رفع اليدين في الدعاء في الوتر) إلى (باب إباحة الصلاة بين الوتر وبين ركعتي الفجر)


    ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في الدعاء في عدة مواطن، أما في القنوت فقد ورد عن أبي هريرة ذلك، وكان صلى الله عليه وسلم يسجد بقدر قراءة خمسين آية، ويسبح بعد السلام ثلاثاً رافعاً بها صوته.
    ترك رفع اليدين في الدعاء في الوتر

    شرح حديث: (كان النبي لا يرفع يديه في شيء من دعائه ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ترك رفع اليدين في الدعاء في الوتر.أخبرنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن عن شعبة عن ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء).
    قال شعبة: فقلت لـثابت: أنت سمعته من أنس؟ قال: سبحان الله، قلت: سمعته؟ قال: سبحان الله].
    ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ترك رفع اليدين في الدعاء في الوتر، يعني: أنها لا ترفع الأيدي، بل يترك رفعها، هذه هي الترجمة، وأورد تحتها حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، (أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء)، فاستدل النسائي بعموم هذا الحديث على ترك رفع اليدين في الدعاء في الوتر، وهذا الحديث لا يدل على ذلك؛ لأن قوله: (لا يرفع يديه في شيء إلا في الاستسقاء)، قد ثبت غيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه في أمور كثيرة غير الاستسقاء، ولكن لعل مراد أنس بن مالك الرفع الشديد، أو المبالغة في الرفع، وإلا فإنه ثبت في مواضع عديدة ترفع فيها الأيدي في الدعاء، وهو استدل بهذا العموم أو بهذا النفي مع استثناء الاستسقاء على عدم الرفع في الدعاء في الوتر، لكن الحديث لا يدل على الترجمة؛ لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مواضع عديدة كان يرفع يديه بها، وهي غير الاستسقاء.
    فإذاً: يحمل هذا النفي والإثبات على أنه الرفع الشديد أو المبالغة في الرفع، وأن رفع اليدين في الاستسقاء له وضع خاص يحمل على ذلك، وعلى هذا فالحديث لا يدل على أن الأيدي لا ترفع في الوتر، ولا أعلم أنه ورد في ذلك حديث بأنها ترفع الأيدي، ولكن جاء عن بعض الصحابة مثل: أبي هريرة رضي الله عنه أنه يرفع يديه في دعاء القنوت.
    أما رفع اليدين في القنوت في النوازل، فهذا جاء فيه حديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان يرفع يديه في القنوت في النوازل، وأما القنوت في الوتر فلا نعلم أو لا أعلم فيه شيئاً يدل على ثبوته، وإنما جاء عن بعض الصحابة مثل أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
    وقول شعبة: قلت لـثابت: أسمعت هذا من أنس؟ قال: سبحان الله، يعني: يتعجب من هذا السؤال وأنه قد سمعه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان النبي لا يرفع يديه في شيء من دعائه ...)

    قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].
    هو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
    [حدثنا عبد الرحمن].
    هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، ثبت، عالم بالرجال والعلل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن شعبة]
    هو ابن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن ثابت].
    هو ثابت بن أسلم البناني البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن أنس بن مالك].
    صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وخادمه الذي خدمه عشر سنوات، وهو من صغار الصحابة، وروى الكثير من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأنس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأم المؤمنين عائشة، هؤلاء سبعة؛ ستة رجال، وامرأة واحدة تميزوا على غيرهم من الصحابة بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


    قدر السجدة بعد الوتر

    شرح حديث: (... ويسجد قدرما يقرأ أحدكم خمسين آية)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب قدر السجدة بعد الوتر.أخبرنا يوسف بن سعيد حدثنا حجاج حدثنا الليث حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة ركعة فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر بالليل سوى ركعتي الفجر، ويسجد قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية)].
    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب قدر السجدة بعد الوتر، هنا قال: قدر السجدة بعد الوتر، والحديث الذي أورده ليس واضح الدلالة على الترجمة؛ لأنه ليس فيه شيء يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسجد سجدة مستقلة ليست متصلة بالصلاة، وإنما يسجد السجدة في صلاته في الليلة، وفي وتره كان يسجد السجدة مقدار خمسين آية، وليس المقصود من ذلك أنه عندما ينتهي من صلاة الليل يسجد سجدة مستقلة بهذا المقدار؛ لأن الحديث لا يدل على هذا، فلا يدل على الترجمة من حيث أنه يسجد سجدة مستقلة، إلا أن يكون في الركعتين بعد الوتر الذي كان يصليهما وهو جالس وأنه يسجد تلك السجدة بهذا المقدار، فيمكن أن يكون، بأن يسجد بعد الوتر سجدة مستقلة لا علاقة لها، فالحديث لا يدل عليها، ولكن الحديث يدل على أنه كان في صلاته في الليل يطيل القراءة، ويطيل الركوع، ويطيل السجود، وأن السجدة الواحدة تكون بهذا المقدار الذي هو مقدار خمسين آية، فالتقييد بكونه بعد الوتر غير واضح، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يسجد السجدة في صلاة الليل في هذا المقدار أمر واضح؛ لأنه كان يطيل القراءة بحيث أنه أحياناً يقرأ البقرة، والنساء، وآل عمران في ركعة واحدة في قيام واحد، ويطيل الركوع، ويطيل السجود كما سبق أن مر بنا أنه كان يطيل في سجوده، وقيامه، وركوعه، وجلوسه، وأنها قريبة من قيامه، فهذا هو المقصود فيما يظهر ويبدو.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... ويسجد قدرما يقرأ أحدكم خمسين آية)

    قوله: [أخبرنا يوسف بن سعيد].

    هو يوسف بن سعيد المصيصي، وهو ثقة، حافظ أخرج حديثه النسائي وحده.
    [عن حجاج].
    هو حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا الليث].
    هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عقيل].
    هو ابن خالد بن عقيل المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن الزهري].
    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة، فقيه، من صغار التابعين، مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه عن أصحاب الكتب الستة.
    [عن عروة].
    هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن عائشة].
    هي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرتهم آنفاً.


    شرح حديث: (... ويقول بعدما يسلم: سبحان الملك القدوس ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [التسبيح بعد الفراغ من الوتر وذكر الاختلاف على سفيان فيه.أخبرنا أحمد بن حرب حدثنا قاسم عن سفيان عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان يوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1] و(قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1] و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1] ويقول بعد ما يسلم: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات يرفع بها صوته)].
    يقول النسائي رحمه الله: التسبيح بعد الفراغ من الوتر، وذكر الاختلاف على سفيان في ذلك.
    هذه الترجمة تتعلق بمشروعية التسبيح بعد الانتهاء من صلاة الليل التي آخرها الوتر، بعد ما يفرغ من الوتر يأتي بركعة الوتر التي بها ختام صلاة الليل يسبح، وصفة التسبيح أن يقول: سبحان الملك القدوس، في هذا جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاءت الروايات المتعددة والأحاديث في هذا، وأنه يقول: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات، ويمد صوته في الأخيرة، يرفع صوته ويمده في الأخيرة، أي: سبحان الملك القدوس عندما يأتي للمرة الثالثة يمد بها صوته ويرفع صوته، فهذا فيه مشروعية التسبيح بعد الوتر، وأن يكون بهذه الصيغة أي: سبحان الملك القدوس، وأن تكون بهذا العدد الذي هو ثلاث مرات، وأن تكون المرة الأخيرة يمد بها، ويرفع صوته كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    فالحديث سبق أن مر من طرق متعددة، وقد أورد النسائي هذه الطرق تحت هذه الترجمة وهي التسبيح بعد الفراغ من الوتر، وقبل ذلك كان يأتي ضمن الركعات التي تكون في الوتر، والتي يوتر الإنسان بها فإنه جاء في بعضها أنه يسبح هذا التسبيح، وهنا عقد هذه الترجمة وأورد طرق متعددة مشتملة على التسبيح بعد الفراغ من الوتر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... ويقول بعدما يسلم: سبحان الملك القدوس ...)


    قوله: [أخبرنا أحمد بن حرب].

    هو أحمد بن حرب الموصلي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [عن القاسم].
    هو ابن يزيد الموصلي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [عن سفيان].
    هو ابن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، وهو ثقة، ثبت، حجة، إمام، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن زبيد].
    هو ابن الحارث اليامي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
    [عن سعيد بن عبد الرحمن]
    هو سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبيه عبد الرحمن بن أبزى]
    هو صحابي صغير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (... ويقول بعدما يسلم: سبحان الملك القدوس ...) من طريق ثانية


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن يحيى حدثنا محمد بن عبيد عن سفيان الثوري وعبد الملك بن أبي سليمان عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1] و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1] و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1] ويقول بعد ما يسلم: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات يرفع بها صوته).خالفهما أبو نعيم فرواه عن سفيان عن زبيد عن ذر عن سعيد].
    ثم أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، (يوتر) أي: يقرأ في الوتر بهذه الثلاث السور (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )[الأعلى:1] و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1] و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1] ويقول بعد الفراغ من الوتر: سبحان الملك القدوس يكررها ثلاثاً، فيه يمد بها صوته في الرواية؟
    (ويقول بعد ما يسلم: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات يرفع بها صوته)، هنا لفظ مطلق ولكنه جاء في بعض الروايات أنه يمد في الأخيرة أي: المرة الثالثة أنه يرفع صوته ويمده في المرة الثالثة.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... ويقول بعدما يسلم: سبحان الملك القدوس ...) من طريق ثانية


    قوله: [أخبرنا أحمد بن يحيى].
    هو الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [عن محمد بن عبيد].
    هو الطنافسي الكوفي، وهو ثقة، يحفظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، توفي في السنة التي مات فيها الشافعي، مائتين وأربعة.
    [عن سفيان].
    هو الثوري، وقد تقدم ذكره.
    [وعبد الملك بن أبي سليمان].
    صدوق له أوهام، وأخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن زبيد عن سعيد عن أبيه].
    وقد مر ذكرهم.

    شرح حديث: (... فإذا أراد أن ينصرف قال: سبحان الملك القدوس ...) من طريق ثالثة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن أبي نعيم عن سفيان عن زبيد عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] فإذا أراد أن ينصرف قال: سبحان الملك القدوس ثلاثاً يرفع بها صوته).قال أبو عبد الرحمن: أبو نعيم أثبت عندنا من محمد بن عبيد، ومن قاسم بن يزيد، وأثبت أصحاب سفيان عندنا والله أعلم يحيى بن سعيد القطان، ثم عبد الله بن المبارك، ثم وكيع بن الجراح، ثم عبد الرحمن بن مهدي، ثم أبو نعيم، ثم الأسود في هذا الحديث، ورواه جرير بن حازم عن زبيد فقال: يمد صوته في الثالثة ويرفع].
    ثم أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن أبزى من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، أنه يوتر بالثلاث السور ويقول بعد الفراغ من الوتر: (سبحان الملك القدوس يرفع صوته بها)، وقال النسائي عقب ذلك: إن أبا نعيم أثبت من القاسم بن يزيد الذي هو صاحب الإسناد الأول، ومن محمد بن عبيد الذي هو صاحب الإسناد الثاني، يعني: أن هذا الذي في الإسناد الثالث وهو أبو نعيم، أثبت من الاثنين المتقدمين في الطريقين السابقتين: الطريق الأولى التي فيها القاسم بن يزيد، والطريق الثانية التي فيها محمد بن عبيد الطنافسي، والطريق الثالثة التي فيها أبو نعيم الفضل بن دكين هو أثبت، ثم ذكر ترتيب أصحاب سفيان الثوري عند النسائي وتقديمهم، وأن أولهم يحيى بن سعيد القطان، ثم عبد الله بن المبارك، ثم وكيع بن الجراح، ثم عبد الرحمن بن مهدي، ثم أبو نعيم، ثم الأسود، الأسود ما أدري من هو لأنه ما مر، ليس في الحديث ذكر الأسود من أصحاب الثوري، وفي ترجمة الثوري ما رأيت في تلامذته شخص يقال له: الأسود، اللهم إن لم يكن اللفظ فيه شيء من التحريف أو أنه ليس في تهذيب الكمال، الأسود هذا الذي هو من أصحاب الثوري.
    أما الباقون فهم معروفون، يحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم، كل هؤلاء أئمة مشهورون.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... فإذا أراد أن ينصرف قال: سبحان الملك القدوس ...) من طريق ثالثة


    قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].هو المشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، ومحمد بن إبراهيم هذا ثقة ابن ثقة، محدث ابن محدث، ولـإسماعيل بن علية ابن آخر اسمه: إبراهيم، وهذا ضال عن طريق الحق في أسماء الله وصفاته، قال عنه الذهبي في الميزان: إنه جهمي هالك، ويأتي ذكره في مسائل الفقه الشاذة، التي فيها شذوذ يذكر فيها ابن علية الذي هو إبراهيم، ويطلق ذكره فيقال: ابن علية، فقد يظن من لا يعرف أنه إسماعيل الإمام المشهور أو ابنه محمد هذا والواقع أنه ليس هذا ولا ذاك، وإنما هو إبراهيم الذي قال عنه الذهبي في الميزان: جهمي هالك، ويأتي ذكره أحياناً مع الأصم الذي هو: أبو بكر بن كيسان وهو معتزلي، وقد جاء ذكرهما في مسألة الإجارة في بداية المجتهد لـابن رشد وغيره أنه قال: خالف في جواز الإجارة أو في مشروعية الإجارة، والمراد بـابن علية هذا: إبراهيم الذي هو على غير طريق الحق والهدى بخلاف أبيه إسماعيل، وأخيه محمد بن إسماعيل فإن هذان ثقتان محدثان من أهل السنة وليس من أهل الضلالة.
    ومحمد بن إسماعيل بن إبراهيم ثقة أخرج حديثه النسائي وحده.
    [عن أبي نعيم].
    هو الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبي نعيم، يأتي ذكره كثيراً بالكنية، وهو من كبار شيوخ البخاري، والنسائي لا يروي عنه إلا بواسطة، وهو من كبار شيوخ البخاري، وقد ذكر أو نسب إليه التشيع، لكن جاء عنه كلمة عظيمة تدل على سلامته من البدعة، وأنه على طريقة أهل السنة، وهذه الكلمة الدالة على سلامته من ذلك قوله: (ما كتبت علي الحفظة أنني سببت معاوية) معناه: أن الله تعالى حفظ لسانه عن أن يتكلم في أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه طريقة أهل السنة بخلاف أهل البدعة، فإنهم يتكلمون في الصحابة ويقدحون فيهم، ويذمونهم، ويعيبونهم، وعلى الأخص معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فإن معاوية رضي الله عنه المبتدعة من الشيعة -سواء كانوا رافضة أو زيدية- كلهم يسبونه، ومشهور عنهم سبه، حتى الزيدية الذين هم أخف من الرافضة يسبون معاوية، ويشتمون معاوية، وأبو نعيم يقول: (ما كتبت علي الحفظة أنني سببت معاوية) الملائكة الذين يكتبون أقوال الإنسان وأعماله يقول عن نفسه: [ما كتبت علي الحفظة أنني سببت معاوية]، يعني: أن الله تعالى سلمه من أن يتكلم في أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام بكلام لا ينبغي، بل كلامه فيهم حسن وقد سلمه الله من الكلام الذي لا ينبغي، فهذه كلمة عظيمة، وكلمة جميلة، وتدل على سلامة صاحبها وقائلها من البدعة، ومن النسبة إلى البدعة؛ لأنه كما قلت: سب معاوية هذا من أسهل الأشياء عند المنحرفين عن منهج أهل السنة والجماعة الذين هم الرافضة والزيدية.
    [عن سفيان].
    هو الثوري، وقد مر ذكره.
    [عن زبيد].
    وقد مر ذكره.
    [عن ذر].
    هو ابن عبد الله المرهبي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه].
    وقد مر ذكرهما.

    حديث: (... وإذا سلم قال: سبحان الملك القدوس ...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا حرمي بن يونس بن محمد حدثنا أبي حدثنا جرير سمعت زبيداً يحدث عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وإذا سلم قال: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات يمد صوته في الثالثة ثم يرفع)].أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن أبزى من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، يعني: كان يوتر بالثلاث السور، يقرأ بها في الثلاث الركعات الأخيرة، ثم يقول: (سبحان الملك القدوس ويمد صوته) ويرفعه في التسبيحة الأخيرة فيحصل منه أمران وهما: المد ورفع الصوت.

    قوله: [أخبرنا حرمي بن يونس].

    هو ابن محمد البغدادي نزيل طرطوس، وحرمي لقب، واسمه: إبراهيم بن يونس بن محمد البغدادي، صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [عن أبيه].
    هو يونس بن محمد البغدادي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا جرير].
    هو ابن حازم البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن زبيد عن ذر عن سعيد عن أبيه عبد الرحمن].

    وهؤلاء الأربعة مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.

    حديث: (... فإذا فرغ قال: سبحان الملك القدوس) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد حدثنا سعيد عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، فإذا فرغ قال: سبحان الملك القدوس).أورد النسائي هذا الحديث عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه، وهو مثل الذي قبله، يعني: متنه مثل الذي قبله: كان يوتر بالثلاث السور ويأتي بهذا التسبيح بعد الفراغ من الصلاة بعد الركعة الأخيرة التي هي الوتر.
    قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
    هو محمد بن المثنى العنزي البصري، الملقب الزمن، وكنيته أبو موسى، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري، كانت وفاته قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، وابن المثنى توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وممن شاركه في سنة الوفاة وكونه شيخاً لأصحاب الكتب الستة اثنان آخران وهما: محمد بن بشار الملقب بندار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء ثلاثة من صغار شيوخ البخاري وكل منهم مات في سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وكلهم أخرج لهم أصحاب الكتب الستة مباشرة وبدون واسطة.
    [حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد].
    هو عبد العزيز بن عبد الصمد البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا سعيد].
    هو ابن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن قتادة].
    هو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عزرة].
    هو عزرة بن عبد الرحمن الكوفي وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
    [عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه].
    وقد مر ذكرهما.

    طريق سادسة لحديث: (أن النبي كان يوتر ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن أبي عامر عن هشام عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر) وساق الحديث].أورد النسائي الحديث من طريق مرسلة، فيها سعيد بن عبد الرحمن يضيف ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وما يذكر أباه، وهذا هو المرسل؛ لأنه تابعي أسند الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أما أبوه عبد الرحمن بن أبزى، فهو صحابي صغير، فلا يقال له مرسل، ولو قيل إنه مرسل فهو مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة حجة، لكن مراسيل التابعين هي التي توصف بالانقطاع، لكن هذا المرسل جاء في الطرق الكثيرة بيان من هو الواسطة بين سعيد ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو: أبوه عبد الرحمن بن أبزى، فالإسناد ثابت، والحديث ثابت وإن كان مرسلاً؛ لأنه قد جاء في الطرق الكثيرة تسمية الصحابي الذي يروي عنه سعيد بن عبد الرحمن وهو: أبوه عبد الرحمن بن أبزى.

    تراجم رجال إسناد الطريق السادسة لحديث: (أن النبي كان يوتر)

    قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].
    هو ابن علية وقد مر ذكره قريباً.
    [عن أبي عامر].
    أبو عامر العقدي وهو: عبد الملك بن عمرو، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن هشام].
    هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن قتادة عن عزرة عن سعيد].
    وقد مر ذكرهم.

    إباحة الصلاة بين الوتر وبين ركعتي الفجر


    شرح حديث: (كان يصلي ثلاث عشرة ركعة؛ تسع ركعات قائماً يوتر فيها وركعتين جالساً... ويفعل ذلك بعد الوتر ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إباحة الصلاة بين الوتر وبين ركعتي الفجر.أخبرنا عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم حدثنا محمد يعني: ابن المبارك الصوري حدثنا معاوية يعني: ابن سلام عن يحيى بن أبي كثير أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن (أنه سأل عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقالت: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، تسع ركعات قائماً يوتر فيها، وركعتين جالساً، فإذا أراد أن يركع قام فركع وسجد ويفعل ذلك بعد الوتر، فإذا سمع نداء الصبح قام فركع ركعتين خفيفتين)].
    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: إباحة الصلاة بين الوتر وركعتي الفجر، يعني: كون الإنسان بعد ما يوتر قبل أن يصلي ركعتي الفجر، يتنفل وذلك سائغ وجائز، بل جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الإنسان الأولى له أن يختم صلاة الليل بالوتر، وأن تكون صلاة آخرها وتراً، ولكنه إذا احتاج إلى أن يصلي بأن كان أوتر قبل أن ينام ثم استيقظ فإنه يصلي ما يشاء ولكنه لا يوتر مرة أخرى، أو أنه أوتر لأنه يحس بتعب ثم وجد نشاطاً وأراد أن يصلي بعد الوتر فلا بأس بذلك؛ لأن هذا جاءت به السنة فهو مباح، وقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يصلي تسع يوتر فيها وركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع، قام، يكون ركوعه عن قيام، فهذا فيه بيان كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم لتلك الركعتين التي كان يصليهما وهو جالس، وأنه كان جالس يصليهما ولكنه إذا أراد أن يركع، قام ثم ركع وسجد فيكون ركوعه وسجوده فيهما عن قيام، وهذا هو محل الشاهد للترجمة، يعني: ذكر الركعتين بعد الوتر، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم كونه صلى ركعتين بعد ما أوتر دال على أن التنفل بعد الوتر سائغ؛ لأنه جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين التي هي ركعتي الفجر، وهذا فيه بيان من عائشة رضي الله عنها وتفسير للثلاث عشرة ركعة، وأن فيها ركعتي الفجر، وهذا على أحد الأقوال في تفسير، وفيه بيان المراد بالثلاث عشرة ركعة، فإنه قيل: إن فيها ركعتي الفجر، وقيل: إن الثلاث عشرة فيها الركعتين بعد الوتر، وقيل: إنها الركعتان الخفيفتان اللتان يبتدئ بهما صلاة الليل.
    والحديث ساقه المصنف للاستدلال به على جواز إباحة التنفل، أو الصلاة بين الوتر وبين ركعتي الفجر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان يصلي ثلاث عشرة ركعة؛ تسع ركعات قائماً يوتر فيها وركعتين جالساً... ويفعل ذلك بعد الوتر ...)


    قوله: [أخبرنا عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم].

    ثقة، ثبت، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا محمد يعني: ابن المبارك الصوري].

    ومحمد بن المبارك الصوري، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    وكلمة (يعني): ابن المبارك هذه التي قالها هو النسائي أو من دون النسائي، ولا يقولها عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم، الذي قالها هو تلميذ محمد بن المبارك؛ لأن التلميذ لا يحتاج إلى أن يقول (يعني) أو (هو)، بل الذي يقولها من دون التلميذ، أراد أن يوضح هذا الرجل المهمل الذي أهمله التلميذ؛ لأن تلميذ عبيد الله بن فضالة لم يقل إلا محمد فقط، ما زاد على محمد شيئاً، لكن من دونه أو من دون النسائي هو الذي أتى بكلمة (يعني)؛ ليبين بها من هو هذا الشخص المهمل الذي أهمله عبيد الله بن فضالة، وعلى هذا فالذي قالها هو النسائي أو من دون النسائي، وكلمة (يعني) هذه فعل مضارع فاعله ضمير مستتر يرجع إلى عبيد الله بن فضالة، يعني عبيد الله بن فضالة بقوله: محمد ابن المبارك مفعول (يعني) وفاعلها ضمير مستتر يرجع إلى التلميذ الذي هو عبيد الله بن فضالة.
    فإذاً: كلمة (يعني) لها قائل ولها فاعل، ففاعلها ضمير مستتر يرجع للتلميذ الذي هو: عبيد الله بن فضالة هنا، وقائلها النسائي، أو من دون النسائي قالها ليوضح من هو هذا الشخص المهمل الذي اكتفى تلميذه بذكر اسمه فقط دون أن ينسبه.
    [حدثنا معاوية يعني: ابن سلام].
    هو ابن سلام أبو سلام، وهو مثل الذي قبله، القائل: (يعني) هو عبيد الله بن فضالة أو من دونه، ولا يقال: إن محمد بن المبارك هو الذي قال (يعني) وإنما قال: أخبرنا معاوية فقط، فجاء عبيد الله بن فضالة أو من دونه فقالوا: (يعني) يعني: أن محمد بن المبارك يعني بقوله معاوية بن سلام، ومعاوية بن سلام أبو سلام، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن يحيى بن أبي كثير].
    هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهذا الشخص هو الذي قال الكلمة المشهورة التي رواها الإمام مسلم في صحيحه عنه بإسناده أنه قال: (لا يستطاع العلم براحة الجسم) فهو قائل هذه الكلمة الدالة على أن العلم إنما يحصل بالتعب والنصب والمشقة، ولا يحصل بالكسل والخمول، والإخلاد إلى الراحة والبطالة، وعدم الجد والاجتهاد، وهذا كلام أهل الخبرة وأهل المعرفة، ولا ينبئك مثل خبير، فهم المختصون، وهم المجربون، وهم الذين عرفوا قدر العلم، فبذلوا له ما يستطيعون من الجهد والجد والاجتهاد، وهو الذي قال: (لا يستطاع العلم براحة الجسم) عن تجربة، وعن خبرة، فهي كلمة عظيمة ذكرها الإمام مسلم يرحمه الله بإسناده إليه في صحيحه، مبيناً عظم شأن العلم، وأهميته، وأن طالب العلم لا يحصله إلا إذا تعب، وإلا إذا حصل له النصب، والمشقة.
    [أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن].
    هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال في السابع؛ لأن الفقهاء السبعة المشهورين في عصر التابعين في المدينة، ستة منهم متفق على عدهم في الفقهاء، وواحد منهم مختلف فيه، فالمتفق على عدهم هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، والسابع فيه ثلاثة أقوال، قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن، الذي معنا في الإسناد، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
    [عن عائشة].
    هي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، التي حفظ الله تعالى بها سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانت من أوعية السنة وحفاظها، وهي: الصحابية الوحيدة التي اشتهرت بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين اشتهروا بالكثرة من أصحابه الكرام سبعة، ستة رجال وامرأة واحدة، وهؤلاء السبعة هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وعائشة، فهؤلاء سبعة عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة رجال وامرأة واحدة، والمرأة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #315
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (312)


    كتاب قيام الليل وتطوع النهار
    - (باب المحافظة على ركعتين قبل الفجر) إلى (باب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر على الشق الأيمن)


    جاءت السنة تبين حرص النبي عليه الصلاة والسلام على ركعتي الفجر؛ وأنه كان لا يدعهما في حضر ولا سفر؛ وذلك لعظم شأنهما وأجرهما، فهما أعظم من الدنيا وما فيها، وكان إذا صلاهما اضطجع على شقه الأيمن.
    المحافظة على الركعتين قبل الفجر

    شرح حديث: (أن النبي كان لا يدع أربع ركعات قبل الظهر وركعتين قبل الفجر)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [المحافظة على الركعتين قبل الفجر.أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر حدثنا شعبة عن إبراهيم بن محمد عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين قبل الفجر).
    خالفه عامة أصحاب شعبة ممن روى هذا الحديث فلم يذكروا مسروقاً].
    يقول النسائي رحمه الله: المحافظة على ركعتين قبل الفجر.
    والركعتان قبل الفجر هما من آكد السنن الراتبة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحافظ عليهما في الحضر والسفر، وكان لا يترك ركعتي الفجر والوتر لا في حضر، ولا في سفر، فهاتان الركعتان هما آكد الصلوات الرواتب المتصلة بالصلاة، أو التي تكون قبل الصلاة أو بعدها، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على شيء من الرواتب مثل ما كان يحافظ على ركعتي الفجر وكذلك الوتر، فكان يحافظ على هاتين الركعتين، وهذا يدلنا على عظم هاتين الركعتين وأهميتهما، فقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها؛ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربع ركعات قبل الظهر وركعتين قبل الفجر)، وهذا بالإضافة إلى ركعتي الفجر للتنبيه على أهمية الأربع الركعات قبل الظهر، وقد جاء في الحديث ذكر الركعات التي هي الصلوات الرواتب، وأنها اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل الفجر، فهذه اثنتا عشرة ركعة هي من الرواتب التي جاءت السنة فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن آكد هذه الاثني عشرة ركعة هاتان الركعتان اللتان هما ركعتا الفجر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان لا يدع أربع ركعات قبل الظهر وركعتين قبل الفجر)

    قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
    هو الملقب الزمن العنزي أبو موسى البصري، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، ومثله في كونه شيخاً لأصحاب الكتب الستة، وكونه مات في سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وكونه من صغار شيوخ البخاري يوافقه في ذلك شخصان آخران هما: محمد بن بشار الملقب بندار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وكل واحد من هؤلاء الثلاثة شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهم جميعاً ماتوا في سنة واحدة؛ وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
    [حدثنا عثمان بن عمر].
    هو عثمان بن عمر البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا شعبة].
    هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر].
    هو إبراهيم بن محمد بن المنتشر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبيه].
    هو محمد بن المنتشر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أيضاً أصحاب الكتب الستة.
    [عن مسروق].
    هو ابن الأجدع، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عائشة].
    هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، التي حفظت الكثير من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا سيما ما يتعلق في أمور البيت، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهم ستة رجال وامرأة واحدة؛ فالستة هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، والسابع امرأة؛ وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، فهؤلاء سبعة أشخاص من أصحاب النبي الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم عرفوا بكثرة الحديث عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

    شرح حديث: (كان رسول الله لا يدع أربعاً قبل الظهر وركعتين قبل الفجر) من طريق أخرى

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني أحمد بن عبد الله بن الحكم حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن إبراهيم بن محمد أنه سمع أباه يحدث أنه سمع عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعاً قبل الظهر وركعتين قبل الصبح).قال أبو عبد الرحمن: هذا الصواب عندنا، وحديث عثمان بن عمر خطأ. والله تعالى أعلم].
    أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى؛ من طريق إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن عائشة، وليس فيه مسروق بين أبيه وبين عائشة، والمتن هو مثل الذي قبله تماماً، والإسناد قال فيه النسائي: هذا هو الصواب؛ أي: رواية محمد بن جعفر عن شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن عائشة يعني: بدون ذكر مسروق، قال: هذا هو الصواب، ورواية عثمان بن عمر خطأ، يعني: معنى هذا أنها تكون من قبيل المزيد في متصل الأسانيد، والمزيد في متصل الأسانيد مما يعل، أو مما تضعف به الرواية، أو تعل به الرواية، وقالوا: شرط ذلك أن يكون الذي لم يزد أتقن ممن زاد، وأن يصرح في موضع الزيادة، وهنا كذلك من لم يزد أتقن ممن زاد؛ لأن كل أصحاب شعبة رووه عن إبراهيم عن أبيه عن عائشة، وعثمان بن عمر هو الذي رواه من طريق شعبة، وفيه زيادة مسروق بين محمد بن المنتشر، وبين عائشة، وقد صرح محمد بن المنتشر في السماع من عائشة، وهذا في موضع الزيادة، لكن بعض العلماء يقول: إن مثل هذا يمكن أن يكون من قبيل ما رواه الشخص من طريقين: من طريق نازلة، ومن طريق عالية، فيكون رواه بواسطة، ثم إنه أدرك المروي عنه فرواه عنه مباشرة وبدون واسطة، فيكون محمد بن المنتشر رواه من طريق نازلة عن مسروق عن عائشة، ثم ظفر به عالياً حيث لقي عائشة وسمع منها هذا الحديث، وكثيراً ما يأتي في الروايات وجود الإسناد النازل ثم يكون جاء بإسناد عالي ويكون الراوي ظفر به أولاً نازلاً فرواه كما ظفر به، ثم بعد ذلك ظفر به عالياً فرواه كما ظفر به عالياً، فيكون ليس هناك لبس وليس هناك إشكال فيما يتعلق بين تلك الزيادة -زيادة الراوي- وبين عدم زيادتها، يكون من هذا القبيل، وكثير من الأحاديث التي انتقدت على البخاري هي من هذا القبيل؛ كونه يروى بواسطة ثم يحصل عالياً بدون تلك الواسطة، ومثل هذا لا يعتبر قدحاً، ولا يعتبر عيباً، بل يمكن أن يكون محمد بن المنتشر ظفر به من طريق مسروق عن عائشة فكانت الطريق نازلة، ثم لقي عائشة فسمع منها الحديث فكان يحدث به على هذه الحال ويحدث به على هذه الحال.
    وعلى كل فالحديث صحيح وثابت، وهو سواء كان الزيادة فيها من قبيل المزيد في متصل الأسانيد، أو كانت من قبيل ما رواه التلميذ بطريق نازلة، ثم حصله بطريق عالية، فيكون صحيحاً على الوجهين.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله لا يدع أربعاً قبل الظهر وركعتين قبل الفجر) من طريق أخرى


    قوله: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم].
    ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي.
    [حدثنا محمد بن جعفر].
    هو الملقب غندر، يأتي ذكره بالاسم، ويأتي ذكره باللقب غندر، وهنا جاء ذكره باسمه واسم أبيه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا شعبة].
    قد مر ذكره.
    [عن إبراهيم بن محمد عن أبيه عن عائشة].
    قد مر ذكرهم أيضاً.

    شرح حديث: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هارون بن إسحاق حدثنا عبدة عن سعيد عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)].هنا أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها في بيان عظم شأن ركعتي الفجر، والمشهور عند الإطلاق عندما يقال: ركعتي الفجر المراد بها النافلة، ويحتمل أن يكون المراد بها الفريضة، والنسائي رحمه الله أورد الحديث فيما يتعلق بالنافلة، وهي الركعتان اللتان تسبقان صلاة الفجر، وهي من النوافل، وهي آكد النوافل كما أشرت إلى ذلك آنفاً، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: [ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها]، أي: هاتان الركعتان اللتان يركعهما الإنسان أجرهما وثوابهما خير من الدنيا وما فيها، فكل ما يحصل في الدنيا من نعيم ومن لذة، فإن ذلك لا يساوي الإتيان بهاتين الركعتين اللتين أجرهما عظيم عند الله عز وجل؛ [ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها]، وهذا يدلنا على أهمية هاتين الركعتين وعظم شأنهما، وعظيم ثوابهما عند الله عز وجل، ومما يوضح عظم شأنهما ما أشرت إليه من قبل؛ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتركهما لا في حضر ولا في سفر)، مع أنه كان لا يصلي النوافل الرواتب التي مع الصلوات ولكنه كان لا يترك ركعتي الفجر، وهذا يدلنا على عظم شأنها وأهميتها.

    تراجم رجال إسناد حديث: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)

    قوله: [أخبرنا هارون بن إسحاق].
    صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا عبدة].
    هو عبدة بن سليمان الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعيد].
    هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن قتادة].
    هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن زرارة بن أوفى].
    هو زرارة بن أوفى وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
    [عن سعد بن هشام].
    هو سعد بن هشام بن عامر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عائشة].
    قد مر ذكرها.


    وقت ركعتي الفجر

    شرح حديث: (كان إذا نودي لصلاة الصبح ركع ركعتين خفيفتين قبل أن يقوم إلى الصلاة)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب وقت ركعتي الفجر.أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن حفصة رضي الله تعالى عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنه كان إذا نودي لصلاة الصبح ركع ركعتين خفيفتين قبل أن يقوم إلى الصلاة).
    هنا ذكر النسائي وقت ركعتي الفجر؛ وأنه بين الأذان والإقامة، يعني: عندما يسمع الإنسان النداء فإن هذا هو وقتها، يصلي ركعتين سواء في البيت أو في المسجد، أي: إن صلى في البيت فذلك أفضل، وإن جاء إلى المسجد وصلى الركعتين فتكون هاتان الركعتان هما تحية المسجد، فيجمع فيهما بين الأمرين؛ بين ركعتي الفجر وبين تحية المسجد؛ أي: ركعتان للاثنين، وليس تحية المسجد لها ركعتان، وسنة الفجر لها ركعتان، وإنما هما ركعتان ينوي فيهما الاثنين؛ كونه يؤدي ركعتي الفجر، وكونه يؤدي تحية المسجد، فوقت هاتين الركعتين بين الأذان والإقامة، وأورد النسائي حديث حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم (إذا نودي للصلاة صلى ركعتين خفيفتين قبل أن يقوم إلى الصلاة)، ففيه بيان وقت صلاة ركعتي الفجر وأنهما تكونان خفيفتين، وقد مر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيهما أحياناً بـقُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] وأحياناً بالآيتين من سورة البقرة وآل عمران قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا [البقرة:136] وقوله: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ [آل عمران:64] فقد سبق أن مرت الأحاديث في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهاتين السورتين أحياناً، وأحياناً بهاتين الآيتين؛ آية من سورة البقرة وآية من سورة آل عمران، ففيه أنهما خفيفتان.


    تراجم رجال إسناد حديث: (كان إذا نودي لصلاة الصبح ركع ركعتين خفيفتين قبل أن يقوم إلى الصلاة)


    قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].
    هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا الليث].
    هو ابن سعد المصري، وهو ثقة، ثبت، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكانت وفاته سنة مائة وتسع وسبعين، في السنة التي مات فيها الإمام مالك، وقتيبة يروي عنه وعن الإمام مالك وعن المتقدمين؛ لأنه قد عُمّر؛ لأن ولادته كانت سنة مائة وخمسين، وهي السنة التي مات فيها أبو حنيفة وولد فيها الشافعي، وكانت وفاته سنة مائتين وأربعين، فعمره تسعون سنة، ولهذا أدرك المتقدمين، فـالليث في الطبقة السابعة، وقتيبة في الطبقة العاشرة، ومع ذلك يروي من في العاشرة عمن في السابعة؛ وذلك لطول عمره وكونه أدرك المتقدمين، والليث بن سعد فقيه مصر ومحدثها، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن نافع].
    هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن ابن عمر].
    هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو من العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، هؤلاء أربعة من صغار الصحابة، أطلق عليهم لقب العبادلة الأربعة، مع أن الذين يسمون بعبد الله كثيرون منهم: عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري، وعبد الله بن زيد بن عبد ربه، وعبد الله بن زيد بن عاصم، وعبد الله أبو بكر الصديق، وعبد الله بن عثمان، وابنه عبد الله بن أبي بكر، وخلق كثير من الصحابة يسمون بعبد الله.
    وأيضاً هو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين ذكرتهم آنفاً عند ذكر أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
    [عن حفصة].
    هي أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنها، وعن أبيها، وعن الصحابة أجمعين، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين) من طريق أخرى

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان حدثنا عمرو عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أخبرتني حفصة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين)].هنا أورد النسائي حديث حفصة رضي الله عنها من طريق أخرى؛ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين) ومعناه: بعد طلوع الفجر الذي تحل معه الصلاة، ويحرم معه الأكل بالنسبة للصائم؛ الفجر الثاني إذا طلع ونودي للصلاة فإنه الذي تحل معه صلاة الفجر، ويحرم معه الأكل والشرب في حق من يريد أن يصوم؛ لأن بدء الصيام بطلوع الفجر، ودخول الصلاة بطلوع الفجر، فهذا فيه: أن الإنسان لو صلى قبل الأذان وبعد دخول الصبح وبعد تحقق ذلك فإن الركعتين وقعت موقعها، لكن كون الإنسان يصلي بعد الأذان -لأنه فيه التحقق من طلوع الفجر- هذا هو الذي ينبغي؛ أي: عندما يسمع الإنسان النداء، ويسمع الأذان كما جاء في الحديث السابق: (إذا نودي لصلاة الصبح صلى ركعتين خفيفتين). فلو أنه صلاهما بعد طلوع الفجر وبعد تحقق طلوع الفجر، وكون الأذان تأخر فإنهما وقعتا موقعهما.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين) من طريق أخرى


    قوله: [أخبرنا محمد بن منصور].
    هو الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
    [حدثنا سفيان].
    هو ابن عيينة المكي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا عمرو]
    هو ابن دينار المكي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن الزهري].
    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    وسفيان بن عيينة يروي عنه مباشرة وبواسطة، وكثيراً ما يروي عنه مباشرة وبدون واسطة، وأحياناً يروي عنه بواسطة كما في هذا الحديث الذي معنا، فإنه يرويه عن الزهري بواسطة عمرو بن دينار، مع أنه معروف بكثرة الرواية عنه، وهذا كما هو معلوم يكون الشخص يروي عن شيخه مباشرة ويروي عنه بواسطة؛ بمعنى: أنه يكون حصل الحديث عنه بواسطة وقد يحصله بطريق عالية فيرويه على الوجهين، وقد لا يحصله إلا بطريق نازلة.
    والزهري كما قلت: ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سالم].
    هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عن ابن عمر وعن الصحابة أجمعين، ورحم الله سالماً، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، على أحد الأقوال في السابع؛ لأن فقهاء المدينة السبعة ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة؛ وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، فهؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، أما السابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: السابع سالم بن عبد الله بن عمر الذي معنا في الإسناد، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
    [عن ابن عمر عن حفصة].
    قد مر ذكرهما.


    الاضطجاع بعد ركعتي الفجر على الشق الأيمن

    شرح حديث: (... فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يتبين الفجر ثم اضطجع على شقه الأيمن)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [الاضطجاع بعد ركعتي الفجر على الشق الأيمن.أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا علي بن عياش حدثنا شعيب عن الزهري أخبرني عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يتبين الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن)].
    هنا أورد النسائي الاضطجاع بعد ركعتي الفجر على الشق الأيمن، وأورد فيه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها [أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر ركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقة الأيمن]، وهذا هو محل الشاهد، أنه يضطجع على شقه الأيمن.
    وقوله: (بالأولى) أي: بالأذان الأول وهو أول بالنسبة للإقامة؛ لأن ركعتي الفجر إنما تكون بعد الأذان الثاني وبعد تحقق طلوع الفجر، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بين كل أذانين صلاة) فالمقصود بالأذانين: الأذان الثاني والإقامة، هذا هو المقصود بقوله: (بين كل أذانين صلاة) والإقامة يقال لها: أذان، وقد جاء ذلك في حديث زيد بن ثابت أو زيد بن أرقم الذي قال: (تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة، قيل: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية) أي: بين الأذان والإقامة قدر خمسين آية، يعني: بين الإقامة وبين الأذان الثاني الذي يكون عنده الامتناع عن السحور، ويكون عنده انتهاء السحور، قدر خمسين آية، فقوله: (بالأولى) أي: بالأذان الأول الذي هو الأذان الثاني بالنسبة للإقامة، وهذا فيه أن الأذان الثاني يطلق عليه أنه أذان أول، والأذان الثاني هو الذي لابد منه، وأما الأذان الأول فإنه ليس بلازم؛ أي: لا يلزم الناس أن يؤذنون الأذان الأول، وأن كل مسجد يؤذن أذان أول، لكن الأذان الثاني لا بد منه، فكل مسجد لا بد أن يؤذن.
    وفي الحديث مشروعية الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، لكن الاضطجاع الخفيف الذي لا يكون معه نوم، فإن وجد معه نوم فإنه ينتقص الوضوء؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (العين وكاء السه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)، هذا إذا وجد النوم، أما إذا كان الاضطجاع لا نوم معه فالوضوء على ما هو عليه، والمقصود بالاضطجاع الذي يكون خفيفاً ليس معه نوم، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه قد جاء عنه: (تنام عيناي ولا ينام قلبي) صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يتبين الفجر ثم اضطجع على شقه الأيمن)


    قوله: [أخبرنا عمرو بن منصور].
    هو عمرو بن منصور النسائي، ثقة، ثبت، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا علي بن عياش].
    ثقة، ثبت، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
    [حدثنا شعيب].
    هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن الزهري].
    قد مر ذكره.
    [عن عروة].
    هو عروة بن الزبير بن العوام، أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، الذين مر ذكرهم قريباً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن عائشة].
    قد مر ذكرها.


    الأسئلة

    حكم الاضطجاع بعد الفجر في المسجد

    السؤال: إذا صلى الشخص ركعتي الفجر في المسجد فهل يضطجع؟


    الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا في البيت؛ لأنه كان يصلي النافلة في البيت، فكان يضطجع على شقه الأيمن في البيت.

    قول: الصلاة خير من النوم في الأذان الأول من الفجر

    السؤال: يا شيخ! بالنسبة لقول: الصلاة خير من النوم في الأذان الأول؟


    الجواب: الصلاة خير من النوم قال بعض العلماء: إن المقصود بالأذان الأول هو الأذان الثاني كما جاء في بعض الأحاديث ومنها هذا الحديث، يعني: أن هذا الأذان الأول بالنسبة للإقامة الذي لا بد منه في كل مسجد، ولا بد منه في كل أذان، هو هذا الذي هو الأذان الأول، الذي هو بالنسبة للإقامة، وأما الأذان فإنه لا يلزم أن يؤتى به، ولو ترك ما يؤثر، لكن الأذان الذي يكون عند طلوع الفجر لا يجوز تركه أبداً، وأما الأذان الأول يجوز تركه، وبعض العلماء يقول: إن المقصود بالأذان الأول هو الأذان الأول الذي يكون قبل طلوع الفجر، لكن هذا الحديث يدل على أن الأذان الثاني يقال له: أذان أول.

    مدى ثبوت أن الرسول صلى أربع ركعات بعد العشاء

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى أربع ركعات بعد العشاء؟


    الجواب: ما أعلم، ولكنه يصلي ركعتين، ويصلي صلاة الليل، وأما راتبة خاصة بصلاة العشاء ما أعلم، الذي جاء ركعتان، لكن صلاة الليل الأمر فيها واسع، يصلي الإنسان ما شاء، من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر يصلي الإنسان ما شاء وهي صلاة الليل.

    وقت الإتيان بأذكار الصباح والمساء

    السؤال: فيما يتعلق بأذكار الصباح والمساء متى يكون وقت الصباح والمساء؟


    الجواب: كما هو معلوم الصباح يبدأ بطلوع الفجر، فإذا فعل ذلك في هذا الوقت فإنه فعله في الصباح؛ لأن الليل ينتهي بطلوع الفجر ويبدأ النهار بطلوع الفجر.

    مدى وجود الفرق بين الإحرام وإنشاء بنية للحج والعمرة

    السؤال: هل يوجد فرق بين إنشاء النية للحج والإحرام بالحج بحيث يكفي أحدهما عن الآخر؟


    الجواب: الإحرام هو النية وليس لبس الإحرام، فلبس الإحرام ليس إحراماً، وإنما الإحرام هو النية، أي: إذا قيل: الإحرام فالمقصود به النية.

    حكم وضع المسجل قريباً من الحمام للاستماع أثناء قضاء الحاجة

    السؤال: هل يجوز تعمد سماع القرآن والأشرطة الدينية أثناء قضاء الحاجة بوضع المسجل بجانب الباب أو كذا؟


    الجواب: لا ينبغي للإنسان أن يضع المسجل قريباً الحمام من أجل يسمع، وإنما في هذه الحال يمسك، والوقت عنده واسع، ليس أنه ما بقي معه إلا دقائق يقضيها في بيت الماء، فيحرص على ذلك في غير هذه الحال.

    مدى اعتبار الصور الفوتوغرافية من ذوات الأرواح

    السؤال: هل الصور الفوتوغرافية تعتبر من ذوات الأرواح، وكذلك صور الفيديو والتليفزيون؟


    الجواب: إذا كان من ذوات الأرواح فهي صور، وأما إذا كانت من غير ذوات الأرواح فذلك سائغ الفوتوغرافية وغير الفوتوغرافية، يعني: رسمها سواء كان بالرسم باليد أو عن طريق التصوير كل ذلك سائغ في غير ذات الأرواح، وأما ذوات الأرواح فسواء كان باليد أو بالتصوير الفوتوغرافي كله يقال له صور.
    فإن قال قائل: بالنسبة لأشرطة الفيديو والتليفزيون أنها ليست صورة ترسم على الأشرطة نفسها، وإنما عبارة عن ذبذبات ترسل.
    نقول له: هي موجودة تطلق في الوقت الذي يريدون إطلاقها، وفي غير الوقت الذي لا يراد إطلاقها موجودة في الشريط الذي سجلت عليه الصور.

    اشتراط النية في جميع الأعمال

    السؤال: هل لا بد من النية في جميع الأعمال؟ وهل يجوز أن تكون النية قبل فعل الشيء بفترة طويلة مثل يوم؟


    الجواب: النية كما هو معلوم لا بد من العمل في النية، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات) وما فيه بأس أن الإنسان ينوي أنه يعمل الشيء غداً ثم إذا جاء الغد فعله، وعندما يبدأ به ينويه، ويمكن أن الإنسان في أثناء رمضان يكون عنده نية لصيام رمضان كله، ولو أنه نام بعد العصر، واستيقظ في الضحى فإن صومه صحيح، ولا يقال أن ما كان صاحي عند طلوع الفجر حتى ينوي صيام ذلك اليوم، لكن أول يوم من رمضان لا يعتبر صومه إلا إذا علم عند طلوع الفجر فأمسك، وإلا فإنه لو نوى إن كان غداً من رمضان فأنا صائم ثم نام واستيقظ وقد تبين أنه من رمضان فإن ذلك لا ينفعه.

    معنى خلق الله آدم على صورته

    السؤال: فضيلة الشيخ! عند شرح فضيلتكم لحديث: (خلق الله آدم على صورته) قلتم: أي صفته سميعاً عليماً، وقال البعض بأن هذا تأويل، وإنما صورته بما يليق بجلال الله سبحانه، فما رأي فضيلتكم؟


    الجواب: الصورة معناها الصفة، وصفة الله عز وجل منها كونه سميعاً بصيراً، متكلماً، وإن كان ما يضاف إلى الله عز وجل يليق بكماله وجلاله، وما يضاف إلى المخلوقين من تلك الصفات يليق بضعفهم وافتقارهم، فالصورة معناها الصفة، فصورة الرحمن يعني: صفة الرحمن، صورته على صفته. هذا هو معناها، وليس ذلك تأويل، بل هذا هو الذي يدل عليه المعنى أو يقتضيه المعنى، لكن ما يضاف إلى الله عز وجل من الصفات كونه سميعاً، بصيراً، متكلماً يليق به، وما يضاف إلى العباد يليق بهم، ولا يقال أن كونه متكلماً، وسميعاً، وبصيراً أنه يلزم المشابهة، لا، بل المعنى معلوم، والكيف مجهول بالنسبة لله عز وجل، وأما بالنسبة لنا فإنه معلوم المعنى والكيف، فالصفات بالنسبة لنا معلوم معناها وكيفيتها، وبالنسبة لله معلوم معناها لكن مجهول لنا كيفيتها.


    الأولى بين الصلاة منفرداً في المسجد النبوي أو الجماعة في غيره


    السؤال: هل الأفضل أن ألحق صلاة الجماعة بمسجد بجوار المنزل أو أن أصلي منفرداً بالمسجد النبوي إذا لم أدرك الجماعة؟


    الجواب: إذا كان الإنسان لن يدرك الجماعة فإن عليه أن يصلي في المسجد الذي يدرك فيه الجماعة، وأما إذا كان الإنسان من عادته أنه ما يترك الصلاة في المسجد النبوي وأنه قام متأخراً وأراد أن يذهب إلى المسجد النبوي ويصلي فيه على عادته المستمرة التي هو مداوم عليها فهذا له شأن، وأما إنسان ما هو محافظ على الصلاة وإنما يعلم بأن الصلاة ستفوته والمسجد الذي بجواره يمكنه أن يصلي فيه، وليس من عادته المداومة على الصلاة في المسجد النبوي، فإن الذي ينبغي له أن يدرك الجماعة.

    حكم صلاة تحية المسجد لمن صلى سنة الفجر في البيت

    السؤال: شخص صلى في البيت ركعتي الفجر ثم جاء المسجد قبل إقامة الصلاة فهل يصلي ركعتي تحية المسجد؟


    الجواب: نعم يصلي تحية المسجد، لا يجلس إلا وقد صلى ركعتين تحية المسجد.

    أفضل كتب أصول الفقه من وجهة نظر الشيخ العباد

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما هي أسلم كتب أصول الفقه وأجردها من المباحث المنطقية والمقدمات الكلامية، مع ذكر المؤلف؟


    الجواب: كتب أصول الفقه كثيرة، وفيها المطول وفيها المختصر، وأذكر أن من أحسنها، وأجمعها، وأوسعها، الكتاب الذي طبع في جامعة أم القرى، وهو شرح الكوكب المنير، هذا من أحسن ما كتب في أصول الفقه وأوسعه.

    مناسبة ذكر ركعتي الفجر بقيام الليل

    السؤال: فضيلة الشيخ! مر علينا ذكر الركعتين قبل صلاة الفجر وهي سنة الفجر، فما المناسبة بين هذه الأحاديث وكتاب قيام الليل؟الجواب: يبدو أنها لما كان يأتي كما مر في الحديث الذي قبل ذكر ركعتي الفجر أنه كان يصلي ثلاث عشرة ركعة حديث عائشة ثم عدتها ومنها: ركعتي الفجر من الثلاث عشرة ركعة يعني: كأنه لهذا، وكونها لها علاقة، وبعض العلماء يقول: إن الثلاث عشرة يدخل فيها ركعتا الفجر وقد جاء ذلك في حديث عائشة نفسها، ومن أجل هذا جاء ذكر ما يتعلق بركعتي الفجر.

    أوقات إجابة الدعاء

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما هي الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء؟


    الجواب: بين الأذان والإقامة من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء، سواء المغرب أو غير المغرب، إذا كان المقصود من ذلك قبل صلاة المغرب فكل الأوقات بين الأذان والإقامة هو من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء، وقد جاء في ذلك الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأما قبل المغرب فيوم الجمعة فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #316
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (313)

    كتاب قيام الليل وتطوع النهار
    - باب ذم من ترك قيام الليل - باب وقت ركعتي الفجر




    جاءت الشريعة الغراء بتحفيز المسلم على العمل الصالح، والمداومة عليه، وذم من عمل عملاً صالحاً ثم تركه، ومن العمل الصالح: المداومة على الرواتب ومنها ركعتا الفجر، فقد داوم عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتركهما هما والوتر في حضر أو سفر.

    ذم من ترك قيام الليل

    شرح حديث: (لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذم من ترك قيام الليل.أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل)].
    يقول النسائي رحمه الله: باب ذم من ترك قيام الليل. المقصود من هذه الترجمة هو: التنبيه على أن ترك قيام الليل بعد أن يكون الإنسان قد عمله، وصار من عادته أن يصلي من الليل، ثم ترك ذلك، فإن هذا مذموم، والمقصود من قيام الليل، يعني قيام بعضه، وليس قيام كله، فإن قيام كل الليل يؤدي إلى المشقة، ويؤدي إلى الترك، وكذلك القيام الطويل الكثير الذي يحصل معه الملل ثم الترك، أيضاً هذا لا ينبغي، وإنما الذي ينبغي هو: المداومة على صلاة الليل ولو كانت قليلة ،كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث قد مضى: (إن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل)، و(سئلت عائشة رضي الله عنها عن أحب العمل إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ فقالت: الدائم)، وهذا يدلنا على أن المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، فإن هذا شيء مستحب ومطلوب، وأما الإقدام على الشيء الكثير الذي يترتب معه الإملال ثم الترك، فهذا مذموم.
    وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لـعبد الله بن عمرو (يا عبد الله، لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك الليل)، (كان يقوم الليل)، أي: يقوم غالبه أو كثيراً منه، فترتب على ذلك الملل ثم الترك، فإن هذا مذموم، ولهذا فإنه كون الإنسان يشدد على نفسه، ويكثر العمل الذي يترتب عليه الترك، هذا لا ينبغي للإنسان؛ لأن النتيجة هي الترك، ولكنه إذا داوم على شيء يقدر عليه، ولا يشق عليه، واستمر على ذلك وداوم على ذلك، فهذا هو الذي ينبغي، وهو الذي أحب إلى الله، وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )[آل عمران:102]، يعني: داوموا على الطاعة وعلى الإسلام؛ لأنكم إذا كنتم كذلك، يوافيكم الأجل على حالة حسنة، وعلى حالة طيبة.
    ويقولون: قليل تداوم عليه خير من كثير تنقطع عنه، وقوله عليه الصلاة والسلام: (يا عبد الله، لا تكن مثل فلان)، لم يسم الرجل، ولم تذكر تسميته، فقال الحافظ ابن حجر: أنه لا يعلم أو أنه لم يقف على تسمية ذلك الشخص، ولعله ترك؛ لأن المقصود هو التنبيه على العمل الذي حذر منه، وليس المقصود ذكره، ويحتمل أنه لم يذكر شخص باسمه، ولكنه كني عنه للإشارة إلى سوء صنيعه، ويحتمل أن يكون سمي، ولكنه لم يذكر، يعني لم يذكره عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه؛ ستراً عليه، ولكون المقصود هو الحث على المداومة على قيام الليل، أو على ما يجعله الإنسان لنفسه من قيام الليل، بحيث يدوم على ذلك ولو كان قليلاً.
    وكان عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه من المحافظين على قيام الليل، وقد أرشده النبي صلى الله عليه وسلم أن أحب الصيام صيام داود، وأنه كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، وأنه كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وفي الحديث الدلالة على أن قيام الليل ليس بواجب، وذلك أنه لو كان واجباً لما اكتفي بالإشارة إلى قوله: (لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل)، ومن المعلوم أنه لا يجب شيء من الصلوات إلا الصلوات الخمس في اليوم والليلة، لكن الوتر آكد السنن، وكذلك ركعتا الفجر آكد السنن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليهما، أي: الوتر وركعتي الفجر في الحضر والسفر، (يا عبد الله، لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل)، وفي هذا ذم ترك العمل الصالح بعد أن يكون الإنسان قد عمله أو قام به، ثم بعد ذلك يحصل منه الترك، وهذا إذا كان المقصود من ذلك الإعراض، أما إذا حصل عنده يعني شيء من الموانع التي تقتضي ذلك، فإنه كما فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام، كان إذا ترك أو إذا لم يتمكن من أداء صلاته التي كان يصليها بليل، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة.

    تراجم رجال إسناد حديث: (لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل)

    قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].
    هو المروزي، وهو راوية عبد الله بن المبارك، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.

    [حدثنا عبد الله بن المبارك المروزي].
    ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، قال عنه الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر جملة من صفاته في التقريب: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وإذا جاء سويد بن نصر يروي عن عبد الله غير منسوب، فالمراد به ابن المبارك؛ لأنه هو راويته، وهو: مروزي كما أن عبد الله بن المبارك مروزي.
    [عن الأوزاعي].
    هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، فقيه الشام ومحدثها، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وهو أبو عمرو واسم أبيه عمرو، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، وهو معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة هذا النوع، ألا يظن التصحيف فيما إذا ذكر بالكنية بدل ذكره بالنسبة، أو منسوباً إلى أبيه، وإنما ذكر اسمه وكنيته، فإن من لا يعرف أن الكنية موافقةً لاسم الأب، يظن أن (ابن) صحفت إلى (أبو)، فصار بدل عبد الرحمن بن عمرو عبد الرحمن أبو عمرو، مع أن الكل صحيح، فهو عبد الرحمن بن عمرو، وهو عبد الرحمن أبو عمرو، ولا تصحيف ولا إشكال، فمن يعرف ذلك لا يلتبس عليه الأمر، ولا يظن أن في اللفظ تصحيفاً من ابن إلى أب، بل ذكره منسوباً إلى أبيه عمرو صحيح، وذكره مكنىً، أي: عبد الرحمن أبو عمرو هو صحيح، ولا إشكال على من يعرف الحقيقة والأمر في ذلك، وهو أن الكنية وافقت اسم الأب، وقد مر بنا جملة من الأشخاص من هذا القبيل، منهم: الأوزاعي، وإسماعيل أبو مسعود البصري، وهناد بن السري، وجماعة كثيرون مر بنا ذكرهم وهم من هذا القبيل، وافقت كناهم أسماء آبائهم.
    [عن يحيى بن أبي كثير].
    هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، ثبت، يرسل، ويدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي سلمة].
    هو أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، من فقهاء التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال في السابع منهم؛ لأن فقهاء المدينة السبعة كما ذكرت ذلك مراراً وتكراراً: ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع منهم فيه ثلاثة أقوال، الستة هم: عبيد الله بن عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن الزبير بن العوام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف هذا الذي معنا في الإسناد، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
    [عن عبد الله بن عمرو].
    هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، صحابي، ابن صحابي، وهو من صغار الصحابة، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين اشتهروا بهذا اللقب، وهم من صغار الصحابة، وهم: عبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن الزبير بن العوام، وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
    ومما يذكر عند ذكر عبد الله بن عمرو أنه أكبر أولاد أبيه، وقد ولد عبد الله بن عمرو لأبيه وعمره، أي: عمر والده ثلاثة عشر سنة، يعني: أنه احتلم وهو صغير، وتزوج وهو صغير، وولد له وهو صغير، أي: عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه، وحديث عبد الله بن عمرو عند أصحاب الكتب الستة.

    حديث: (.. لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحارث بن أسد حدثنا بشر بن بكر حدثني الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير عن عمرو بن الحكم بن ثوبان حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكن يا عبد الله مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل)].ذكر النسائي حديث عبد الله بن عمرو من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله تماماً.
    قوله: [أخبرنا الحارث].
    هو الحارث بن أسد المصري، ثقة، أخرج له النسائي.
    [حدثنا بشر بن بكر].
    هو بشر بن بكر المصري أيضاً، وهو ثقة، يغرب، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، ما خرج حديثه لا مسلم، ولا الترمذي.
    [حدثني الأوزاعي].
    وقد مر ذكره.
    [حدثني يحيى بن أبي كثير].
    وقد ذكره.
    [عن عمر بن الحكم بن ثوبان].
    صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثني أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو].
    وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.


    وقت ركعتي الفجر، وذكر الاختلاف على نافع

    شرح حديث: (أنه كان صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر ركعتين خفيفتين)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب وقت ركعتي الفجر، وذكر الاختلاف على نافع.أخبرنا محمد بن إبراهيم البصري حدثنا خالد بن الحارث قرأت على عبد الحميد بن جعفر عن نافع عن صفية عن حفصة رضي الله تعالى عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يصلي ركعتي الفجر ركعتين خفيفتين)].
    ثم أورد النسائي وقت ركعتي الفجر، وذكر الاختلاف على نافع مولى ابن عمر في هذا الحديث، وقد أورد النسائي هذا الحديث من طرق متعددة، أولها هذه الطريق التي يقول فيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم.
    قوله: [(كان يصلي ركعتي الفجر ركعتين خفيفتين)]، أي: ركعتي السنة، وليس المقصود من ذلك الفريضة، وإنما المقصود من ذلك بهذه الركعتين السنة التي تسبق صلاة الفجر، وهما: ركعتان خفيفتان يخففهما كثيراً، وجاء كما مر في الأحاديث: أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ فيهما: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، كثيراً ما كان يقرأ هاتين السورتين، وأحياناً يقرأ آيتين إحداهما في سورة البقرة: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا [البقرة:136]، الآية، والثانية في سورة آل عمران وهي قوله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ [آل عمران:64]، الآية. فكان يقرأ هاتين السورتين أحياناً كثيرة، وأحياناً هاتين الآيتين من سورة البقرة وآل عمران.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أنه كان صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر ركعتين خفيفتين)

    قوله: [أخبرنا محمد بن إبراهيم].
    هو محمد بن إبراهيم بن صدران، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.

    [حدثنا خالد بن الحارث].
    هو خالد بن الحارث البصري وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [قرأت على عبد الحميد بن جعفر].
    صدوق ربما وهم أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن نافع].
    هو مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن صفية].
    هي صفية بنت أبي عبيد الثقفية زوجة عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقيل: إنها لها إدراك، وقال بعض العلماء: إنها ثقة، أي: أنها تابعية، وحديثها أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [عن حفصة].
    هي حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وأم المؤمنين، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (أن رسول الله كان يركع ركعتين خفيفتين ...) من طريق ثانية

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا شعيب بن شعيب بن إسحاق حدثنا عبد الوهاب أخبرنا شعيب حدثنا الأوزاعي حدثني يحيى حدثني نافع حدثني ابن عمر رضي الله تعالى عنهما حدثتني حفصة رضي الله تعالى عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الفجر)، قال أبو عبد الرحمن: كلا الحديثين عندنا خطأ، والله تعالى أعلم]. ثم أورد النسائي حديث حفصة رضي الله تعالى عنها من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، (كان يركع ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الفجر)، يعني: بذلك سنة الفجر وهما: ركعتان خفيفتان بين الأذان والإقامة، فهو مثل الذي قبله، وكذلك هذه الطرق كلها تتعلق بصلاة ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر، هما سنة الفجر، وهما آكد السنن الرواتب المتعلقة بالصلاة، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على شيء من الرواتب إلا على ركعتي الفجر، وعلى الوتر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يركع ركعتين خفيفتين ...) من طريق ثانية


    قوله: [أخبرنا شعيب بن شعيب بن إسحاق].
    هو شعيب بن شعيب بن إسحاق بن عبد الرحمن البصري الدمشقي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده، وقيل: إنه توفي أبوه وهو حمل فسمي باسم أبيه، فهو شعيب بن شعيب.

    [حدثنا عبد الوهاب].
    هو عبد الوهاب بن سعيد، لقبه وهب، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
    [أخبرنا شعيب].
    هو شعيب بن عبد الرحمن الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
    [حدثنا الأوزاعي].
    هو عبد الرحمن بن عمرو، وقد مر ذكره قريباً، وهؤلاء كلهم شاميون، الذين مروا الأربعة شاميون.
    [حدثني يحيى].
    هو ابن أبي كثير اليمامي، وقد تقدم ذكره.
    [حدثني نافع].
    نافع مولى ابن عمر، وقد مر ذكره.
    [عن ابن عمر عن حفصة].
    عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    [عن حفصة رضي الله تعالى عنها].
    وقد مر ذكرها.
    ثم قال المصنف: كلا الحديثين عندنا خطأ، يعني: مما يتعلق بالإسناد، والحديثان صحيحان وثابتان.

    حديث: (كان رسول الله يركع بين النداء والصلاة ركعتين خفيفتين ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور حدثني يحيى حدثنا الأوزاعي حدثنا يحيى عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن حفصة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بين النداء والصلاة ركعتين خفيفتين)].ثم ذكر النسائي الحديث من طريق أخرى عن حفصة رضي الله تعالى عنها، و(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركع بين النداء والصلاة ركعتين خفيفتين)، المتن هو نفس المتن، وكل الأحاديث أو كل هذه الطرق، تدور على هذا المتن الذي هو: ركوع ركعتين خفيفتين بين الأذان والإقامة قبل صلاة الفجر.
    قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].
    هو الكوسج المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
    [حدثني يحيى].
    هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، ثبت، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا الأوزاعي].
    وقد مر ذكره.

    [حدثنا يحيى بن أبي كثير عن نافع عن ابن عمر عن حفصة].

    وقد مر ذكرهم.
    ثم قول المصنف في الإسناد المتقدم: كلا الحديثين عندنا خطأ، ما أدري ما وجهه، مع أن الإسناد الثاني هو مثل هذا الإسناد من حيث أنه كل فيه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن ابن عمر عن حفصة، ما أدري أيش وجه الخطأ؛ لأن ذاك طبعاً فيه صفية بدل ابن عمر، يعني قد يكون يعني مثلاً: يصير فيه هذا، لكن من حيث الرواية، ومن حيث يحيى بن أبي كثير روى عن نافع عن ابن عمر.
    يعني: نافع يروي عن صفية وعن ابن عمر، فالإسناد لا أدري ما وجه الخطأ الذي فيه، الذي هو الإسناد الثاني من الإسنادين المتقدمين، الذي هو الإسناد الأول، والإسناد الثاني، هذا الإسناد مثله تماماً، يعني من حيث أنه فيه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن نافع عن عبد الله بن عمر عن حفصة.
    الحديثين الذي مر إسنادهما أولاً: في أول الباب، الإسناد الأول والإسناد الثاني هذا المقصود بقوله: كلا الحديثين عندي خطأ، لكن الإسناد الذي بعده فيه يحيى بن أبي كثير عن نافع عن ابن عمر عن حفصة، لا أدري ما وجه الخطأ فيه.


    حديث: (أن النبي كان يصلي بين النداء والإقامة ركعتين خفيفتين) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هشام بن عمار حدثنا يحيى - هو ابن حمزة - حدثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة قال: هو ونافع عن ابن عمر عن حفصة (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي بين النداء والإقامة ركعتين خفيفتين ركعتي الفجر)]. قوله:
    [أخبرنا هشام بن عمار].
    صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
    [حدثنا يحيى هو ابن حمزة]
    هو ابن واقد الحضرمي الدمشقي، ثقة، رمي بالقدر، أخرج حديثه الجماعة. وكلمة (يعني ابن حمزة) قالها من دون هشام بن عمار، أما النسائي، أو من دون النسائي.

    [حدثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة وهو نافع عن ابن عمر عن حفصة].

    وقد مر ذكر هؤلاء جميعاً.

    شرح حديث: (أن رسول الله كان يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني نافع: أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما حدثه: أن حفصة رضي الله تعالى عنها حدثته: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح)].ثم أورد النسائي الحديث من طريق أخرى.

    قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].

    هو الكوسج الذي مر ذكره قريباً.

    [حدثنا معاذ بن هشام].

    هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وهو صدوق، ربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثني أبي].

    هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني نافع عن ابن عمر عن حفصة ].

    وقد مر ذكرهم.


    حديث: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الصبح ركعتين) من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن محمد حدثنا محمد بن جهضم قال إسماعيل: حدثنا عن عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: أخبرتني حفصة رضي الله تعالى عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الصبح ركعتين)].ثم أورد حديث حفصة من طريق أخرى، والمتن هو نفس المتن.

    قوله: [أخبرنا يحيى بن محمد].

    هو ابن السكن البزار البصري، وهو صدوق، أخرج له البخاري، وأبو داود ، والنسائي.
    [عن محمد بن جهضم].
    صدوق، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
    [قال إسماعيل : حدثنا].
    هذا مما قدم فيه الاسم على الصيغة، يعني بدل ما يقول: قال: حدثنا إسماعيل عن عمر بن نافع، قال إسماعيل: حدثنا، وهذا يأتي في بعض الأسانيد أحياناً أنه يقدم الاسم على الصيغة، يقدم اسم الراوي على الصيغة التي قالها، أو التي قالها من دونه، وإسماعيل هو: ابن جعفر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عمر بن نافع].
    هو عمر بن نافع مولى ابن عمر، عمر بن نافع يعني أبوه مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب إلا الترمذي.
    [عن أبيه نافع عن ابن عمر عن حفصة]
    وقد مر ذكرهم.

    حديث: (أن الرسول كان إذا نودي لصلاة الصبح سجد سجدتين قبل الصبح) من طريق سابعة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا إسحاق بن الفرات عن يحيى بن أيوب حدثني يحيى بن سعيد أخبرنا نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن حفصة رضي الله تعالى عنها أنها أخبرته: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نودي لصلاة الصبح سجد سجدتين قبل صلاة الصبح)].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر، وفيه التعبير بالسجدتين، والمراد بالسجدتين الركعتين؛ لأنه يطلق على الركعة أنها سجدة، فقوله: سجد سجدتين، يعني: ركع ركعتين، والمتن هو نفس المتن، إلا أن فيه ذكر السجدتين، ولا فرق بين ذكر السجدتين والركعتين.


    تراجم رجال إسناد حديث: (أن الرسول كان إذا نودي لصلاة الصبح سجد سجدتين قبل الصبح) من طريق سابعة


    قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم].
    ثقة، حافظ، أخرج له النسائي وحده.

    [أخبرنا إسحاق بن الفرات].
    هو إسحاق بن الفرات التجيبي المصري، وهو صدوق فقيه، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [عن يحيى بن أيوب].
    أيضاً المصري، صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب.
    [حدثني يحيى بن سعيد].
    هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [أخبرنا نافع عن ابن عمر عن حفصة].
    وقد مر ذكرهم.

    حديث: (أن رسول الله كان إذا سكت المؤذن صلى ركعتين خفيفتين) من طريق ثامنة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الله بن إسحاق عن أبي عاصم عن ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن حفصة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أنها أخبرته: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذن صلى ركعتين خفيفتين)].ثم أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
    قوله: [أخبرنا عبد الله بن إسحاق]
    هو عبد الله بن إسحاق البصري، وهو مستملي أبي عاصم، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
    [عن أبي عاصم].
    هو الضحاك بن مخلد النبيل أبو عاصم النبيل، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من كبار شيوخ البخاري، النسائي لا يروي عنه إلا بواسطة، النسائي ما أدركه، وإنما يروي عنه بواسطة، وهو من كبار شيوخ البخاري.
    [عن ابن جريج].
    هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [أخبرني موسى بن عقبة].
    ثقة، فقيه، إمام في المغازي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن نافع عن ابن عمر عن حفصة].
    وقد مر ذكرهم.

    حديث: (أن رسول الله كان إذا سكت المؤذن من صلاة الصبح ...) من طريق تاسعة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن القاسم عن مالك حدثني نافع عن عبد الله بن عمر: أن حفصة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أخبرته: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح وبدا الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة)].ثم أورد النسائي حديث حفصة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
    قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].
    هو المرادي المصري، ثقة، ثبت، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا ابن القاسم].
    هو عبد الرحمن بن القاسم، ثقة، فقيه، صاحب الإمام مالك، وقد أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
    [عن مالك].
    هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة المشهورة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [حدثني نافع عن عبد الله بن عمر عن حفصة].
    وقد مر ذكرهم.


    الأسئلة

    مدى قبول رواية من علمت عدالته الظاهرة دون الباطنة

    السؤال: يا شيخ! الله يحفظكم، هل تقبل رواية الراوي المستور الذي علمت عدالته ظاهراً ولم تعلم باطناً؟

    الجواب: هو كما هو معلوم، العدالة الباطنة لا يعملها إلا الله عز وجل، ما يطلع على البواطن إلا الله، وإنما هو التعديل على حسب ما يظهر للناس، فالذي علمت عدالته وظهرت عدالته، أي: ما بقي مستوراً.


    حكم قبول التعديل المبهم

    السؤال: إذا روى الثقة المعروف بالرواية عن الثقات حديثاً عن شيخ لم يعدل ولم يجرح، فهل هذا توثيق لذلك الشيخ وإن لم يسمه؟الجواب: هو إذا كان أنه لا يروي إلا عن ثقة، يعني: يمكن أن يكون تعديلاً، أو توثيقاً من ذلك الشخص، لكن كما هو معلوم الراوي إذا قال: حدثني الثقة، فإنه لا يعول على كلامه؛ لأنه قد يكون ثقة عنده ومجروحاً عند غيره.
    مداخلة: الآجري هل هو من المتساهلين؟

    الجواب: لا أدري.

    الكيفية الصحيحة لزيارة قبر النبي عليه السلام

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما الكيفية الصحيحة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والسلام عليه؟


    الجواب: يقف عند القبر الشريف مستقبل القبر مستدبر القبلة، فيسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، وإن أضاف إلى ذلك قوله: صلى الله وسلم وبارك عليك، وجزاك أفضل ما جزى نبياً عن أمته، فإن ذلك سائغ؛ لأن المزور يدعى له ولا يدعى، والسلام دعاء، والصلاة دعاء.


    تكرار زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

    السؤال: هل يشرع تكرار زيارته صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: لا، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)، يعني المقصود من هذا: أنها لا تكرر الزيارة؛ لأن ذلك من اتخاذه عيداً، ثم أيضاً هناك شيء يغني عن تكرار الزيارة، وهو أن الإنسان يصلي ويسلم عليه في أي مكان، والملائكة تبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم السلام كما جاء في هذا الحديث: (وصلوا عليّ فإن سلامكم يبلغني حيث كنتم)، يعني: بواسطة الملائكة كما جاء في الحديث الآخر: (إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام)، ولهذا علي بن الحسين رحمة الله عليه، لما رأى رجلاً يأتي إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ويقف عند فرجة عند قبره عليه الصلاة والسلام، دعاه وقال: (ألا أحدثك حديثاً سمعته عن أبي عن جدي؟ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم، ثم قال: ما أنت ومن بالأندلس إلا سواء)، أي: الكل يبلغ للرسول صلى الله عليه وسلم بواسطة الملائكة.


    فضل الصلاة في الروضة الشريفة

    السؤال: هل هناك فضيلة للصلاة في الروضة؟

    الجواب: نعم لها فضيلة، وذلك بالنسبة للنافلة، أما الفريضة فالصفوف الأول أفضل من الصلاة فيها، وكذلك ميامن الصفوف التي تحاذيها أفضل من الصلاة فيها، وأما بالنسبة للنافلة فلها ميزة؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)، يدل على تميزها، ومن المعلوم أن النافلة هي التي يكون لها تميز فيها، وأما الفريضة كما قلت: الصفوف الأول وميامن الصفوف التي تحاذيها أفضل منها.


    شروح سنن النسائي

    السؤال: هل لسنن النسائي شروح وما هي؟ وجزاكم الله خيراً.


    الجواب: ما نعلم له شروحاً، وإنما فيها المشهور، هو هاتان الحاشيتان للسيوطي والسندي.


    دعاء المريض

    السؤال: أنا رجل مريض أرجو أن تدعو لي بالشفاء لعل الله أن يشفيني، وجزاكم الله خيراً.

    الجواب: شفاكم الله وعافاكم، نسأل الله أن يشفيك وأن يعافيك.


    مدى مشروعية نقض الوتر إذا صلى مع الإمام والوتر آخر الليل

    السؤال: الذي يصلي مع الإمام الوتر، ويضيف إليه ركعة، ويوتر آخر الليل من العشر الأواخر من رمضان، هل هذا سائغ أم لا؟


    الجواب: نعم سائغ، الذي يصلي مع الإمام صلاة التراويح، ثم يوتر الإمام، فإنه يشفع ركعة حتى لا يكون أوتر، وإذا حصلت الصلاة في آخر الليل يصلي معهم، ثم يوتر في آخر الصلاة آخر صلاة الليل.


    موضع دعاء الاستفتاح من صلاة الليل

    السؤال: هل يقال دعاء الاستفتاح في كل ركعتين من صلاة الليل؟

    الجواب: لا، ما يقال إلا في الركعة الأولى من الركعتين الأوليين، يعني: إذا شرع في صلاة الليل يستفتح، ثم بعد ذلك لا يستفتح بعد ذلك، وإنما يستعيذ بالله ويقرأ.


    علاقة راتبة العشاء بقيام الليل

    السؤال: هل راتبة العشاء تدخل في قيام الليل؟


    الجواب: لا ما تدخل، لا تدخل راتبة العشاء في قيام الليل، بل هي مستقلة عن صلاة الليل؛ لأن هذه من السنن الراتبة التي هي خارجة عن صلاة الليل.


    مدى صحة تخصيص صلاة الاستسقاء بأيام مخصوصة

    السؤال: هل هناك أفضلية في صلاة الاستسقاء في يومي الإثنين والخميس؟


    الجواب: ما نعلم شيئاً إلا ما جاء من أن يومي الإثنين والخميس يشرع صيامهما ويستحب صيامهما، وأما كونه يصلى فيهما صلاة الاستسقاء أو تخصص، ما نعلم شيئاً يدل على هذا، بل صلاة الاستسقاء تفعل في جميع الأيام.


    السنة في القراءة في ركعتي الفجر القبلية

    السؤال: هل الأفضل المداومة على القراءة في سنتي الفجر والمغرب بسورة: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ؟


    الجواب: السنة جاءت بقراءة هاتين السورتين، وجاءت أيضاً بقراءة آيتين من سورة البقرة وآل عمران: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا [البقرة:136]، وقوله: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ [آل عمران:64]، جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا وبهذا.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #317
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (314)

    كتاب قيام الليل وتطوع النهار
    - تابع باب وقت ركعتي الفجر




    كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم المحافظة على ركعتي الفجر حضراً وسفراً، وكان يصليهما خفيفتين ولا يزيد عليهما بعد أذان الفجر.
    تابع وقت ركعتي الفجر، وذكر الاختلاف على نافع

    شرح حديث: (أن النبي كان يصلي قبل الفجر ركعتين خفيفتين)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [في باب وقت ركعتي الفجر، وذكر الاختلاف على نافع.أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد بن الحارث حدثنا عبيد الله عن نافع عن عبد الله حدثتني أختي حفصة رضي الله تعالى عنها: (أنه كان يصلي قبل الفجر ركعتين خفيفتين)].
    فهذا الحديث والأحاديث التي بعده، هي من جملة الأحاديث التي سبق أن مر عدد منها، وهي كلها عن حفصة رضي الله تعالى عنها، وقد مر جملة من الطرق المتعددة في حديث ركعتي الفجر، وأن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين، وقد مرت تلك الطرق، وهذه طرق أخرى لهذا الحديث عن نافع عن عبد الله بن عمر عن حفصة رضي الله تعالى عنها وعن الصحابة أجمعين.
    وقد عرفنا أن ركعتي الفجر هي آكد الرواتب التي تتعلق بالصلوات، ولم يكن النبي عليه الصلاة والسلام يحافظ على شيء من الرواتب إلا على ركعتي الفجر، وكذلك على الوتر، فإنه ما كان يتركهما لا في حضر ولا في سفر، أي: أنه يداوم عليهما ويفعلهما، أي: ركعتي الفجر والوتر، سواءً كان حاضراً أو مسافراً صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا يدلنا على تأكدها، وكذلك أيضاً على أن الركعتين تكون خفيفتين، لا تطول فيها القراءة، بل تقصر فيها القراءة، والذي جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام فيما يقرأ في هاتين الركعتين، كثيراً ما كان يقرأ بـ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وأحياناً يقرأ بآيتين إحداهما من سورة البقرة والثانية من سورة آل عمران، آية البقرة قوله عز وجل: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا [البقرة:136]، الآية، وآية آل عمران: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ [آل عمران:64]، أي: أنه كان يفعل ذلك في بعض الأحيان صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان يصلي قبل الفجر ركعتين خفيفتين)

    قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].
    هو البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، فأبوه إسماعيل، وكنيته أبو إسماعيل، ومعرفة هذا النوع من أنواع علوم الحديث، فائدتها: ألا يظن التصحيف فيما لو ذكر بالكنية مع الاسم بدل النسبة مع الاسم، فيظن من لا يعرف أن هذا شخص آخر، أي: أنه مشهور بـإسماعيل بن مسعود، فإذا جاء في بعض الروايات: إسماعيل أبو مسعود، من لا يعرف يظن أن ابن صحفت إلى أبو، والواقع أنه لا تصحيف، بل هذا صواب، ولا تصحيف في شيء من ذلك.

    [حدثنا خالد بن الحارث].
    هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا عبيد الله].
    هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدني العمري المصغر، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وهو ثقة، أما أخوه عبد الله بن عمر بن حفص المكبر فهو ضعيف.
    [عن نافع].
    نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم].
    صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، هؤلاء أربعة اشتهروا بلقب العبادلة الأربعة من الصحابة رضي الله عنهم، وكذلك أيضاً هو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عن الجميع.
    [عن حفصة].
    أم المؤمنين، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.


    حديث: (أن رسول الله كان يصلي ركعتين إذا طلع الفجر) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا أبي حدثنا جويرية بن أسماء عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن حفصة رضي الله تعالى عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين إذا طلع الفجر)].ثم أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو: مثل الذي قبله يتعلق بصلاة الركعتين إذا طلع الفجر، صلى ركعتي الفجر السنة الراتبة التي هي تكون قبل صلاة الفجر، والتي هي: ركعتان خفيفتان.
    قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد].
    هو المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا أبي].
    هو عبد الله بن يزيد المكي المقرئ، تعمّر ما يقارب المائة، وهو من كبار شيوخ البخاري. النسائي يروي عنه بواسطة، والبخاري يروي عنه مباشرة، وقد أقرأ القرآن نيفاً وسبعين سنة، ولهذا يقال له: المقرئ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا جويرية بن أسماء].
    صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، واسمه واسم أبيه مما اتفق مع أسماء النساء؛ لأن جويرية من أسماء النساء، وأسماء من أسماء النساء.
    [عن نافع عن عبد الله عن حفصة].
    وقد مر ذكرهم.


    شرح حديث: (كان رسول الله إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين) من طريق ثالثة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن زيد بن محمد سمعت نافعاً عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن حفصة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين)].ثم أورد النسائي حديث حفصة رضي الله عنها من طريق أخرى، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي بعد طلوع الفجر إلا ركعتين خفيفتين، معناه: أنه بعد أن يطلع الفجر، فالذي يصلى هو ركعتا الفجر فقط، ولا يتنفل في ذلك الوقت، لكن لو أن الإنسان صلى الركعتين في بيته، ثم جاء إلى المسجد والصلاة لم تقم، فإنه يصلي تحية المسجد؛ لأن هذه تحية المسجد، ومتعلقة بدخول المسجد، ولكن كونه يتنفل، ويأتي بركعات قبل صلاة الفجر فلا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يأتي إلا بركعتين، وهما ركعتا الفجر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين) من طريق ثالثة


    قوله: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم].
    ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي.
    [حدثنا محمد بن جعفر].
    هو غندر البصري ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا شعبة].
    هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن زيد بن محمد].
    هو زيد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي.
    [عن نافع عن ابن عمر عن حفصة].
    وقد مر ذكرهم.

    شرح حديث: (أن النبي كان إذا نودي لصلاة الصبح ركع ركعتين خفيفتين ...) من طريق رابعة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر عن حفصة رضي الله تعالى عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه كان إذا نودي لصلاة الصبح، ركع ركعتين خفيفتين قبل أن يقوم إلى الصلاة)، وروى سالم عن ابن عمر عن حفصة].ثم أورد الحديث من طريق نافع عن عبد الله بن عمر عن حفصة رضي الله تعالى عن الجميع، وهو مثل ما تقدم، كان إذا طلع الفجر أو نودي لصلاة الفجر، ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة، أي: أنه بين الأذان والإقامة، أو بعد طلوع الفجر والإقامة، لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان إذا نودي لصلاة الصبح ركع ركعتين خفيفتين ...) من طريق رابعة


    قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].
    هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وبلخ من مدن خراسان، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا الليث].
    هو ابن سعد المصري، ثقة، فقيه، فقيه مصر ومحدثها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن نافع عن ابن عمر عن حفصة].
    وقد مر ذكرهم.


    شرح حديث: (أن رسول الله كان يركع ركعتين قبل الفجر ...) من طريق خامسة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن سالم قال ابن عمر: أخبرتني حفصة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين قبل الفجر، وذلك بعد ما يطلع الفجر)].ثم أورد النسائي حديث حفصة، وهو من طريق سالم عن عبد الله بن عمر، ليس من طريق نافع بل من طريق أخرى غير الطرق التي تقدمت عن نافع، فهذا من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، والطرق المتقدمة من طريق نافع مولى ابن عمر، والمتن هو مثل المتن السابق يتعلق بالصلاة ركعتين خفيفتين بعد طلوع الفجر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يركع ركعتين قبل الفجر ...) من طريق خامسة


    قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
    هو ابن مخلد بن راهويه الحنظلي، ثقة، ثبت، مجتهد، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وهو المشهور بـابن راهويه، وهذا اللفظ الذي هو راهويه المحدثون ينطقون به هكذا فيقولون: راهويه، يعني: تكون الواو ساكنة والهاء قبلها مضمومة، والياء التي بعد الواو مفتوحة، والهاء الأخيرة تكون ساكنة، وأما أهل اللغة فيقولون: راهويه، فتكون الواو مفتوحة، والياء ساكنة، وبعدها هاء، يقولون: راهويه، يعني مختوم بويه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.

    [أخبرنا عبد الرزاق].
    هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، حافظ، مصنف، وصاحب كتاب المصنف"مصنف عبد الرزاق"، وهو مليء بالآثار عن الصحابة والتابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا معمر].
    هو معمر بن راشد الأزدي البصري، نزيل اليمن، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن الزهري].
    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، ينتهي نسبه إلى زهرة بن كلاب، ويلتقي نسبه مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم بـكلاب، وزهرة هو أخو قصي بن كلاب، والزهري منسوب إلى جده زهرة، وهو ثقة، إمام، فقيه، من صغار التابعين، مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. وهو الذي ذكر في ترجمته أنه كان يكب على الكتب يشتغل بها، فكانت زوجته تقول له: والله لهذه الكتب أشد عليّ من ثلاث ضرائر، أي: أن الكتب شغله الشاغل رحمة الله عليه.
    [عن سالم].
    هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو تابعي، فقيه من فقهاء المدينة السبعة المشهورين في المدينة في عصر التابعين، هو أحدهم على أحد الأقوال في السابع؛ لأن الفقهاء السبعة ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه خلاف، فالمتفق على عدهم هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعروة بن الزبير بن العوام، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: سالم بن عبد الله بن عمر الذي معنا، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وسالم حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [قال ابن عمر : أخبرتني حفصة رضي الله تعالى عن الجميع].
    وقد مر ذكرهما.


    حديث: (أن رسول الله كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين) من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسين بن عيسى حدثنا سفيان عن عمرو عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال: أخبرتني حفصة رضي الله تعالى عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين)].ثم أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.

    قوله: [أخبرنا الحسين بن عيسى].

    صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، وابن ماجه.
    [حدثنا سفيان].
    هو سفيان بن عيينة الهلالي المكي، وهو ثقة، ثبت، حجة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عمرو].
    هو عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: أخبرتني حفصة].

    وقد مر ذكرهم.

    حديث: (أن النبي كان يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح) من طريق سابعة وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمود بن خالد حدثنا الوليد عن أبي عمرو عن يحيى حدثني أبو سلمة عن عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الفجر)].ثم أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهو مثل حديث حفصة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء وبين صلاة الصبح، يعني بين الأذان والإقامة يصلي ركعتين خفيفتين، فهو مثل حديث حفصة المتقدم.
    قوله: [أخبرنا محمود بن خالد].
    هو محمود بن خالد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا الوليد].
    هو ابن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، كثير التدليس والتسوية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي عمرو].
    هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وهنا ذكر بكنيته فقط، وكنيته أبو عمرو، واسم أبيه أيضاً عمرو، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، مثل إسماعيل بن مسعود الذي مر بنا قريباً، ومثل هناد بن السري، كل هؤلاء أسماء آبائهم تتفق مع كناهم، أو كناهم تتفق مع أسماء آبائهم، وهنا ذكر بالكنية دون الاسم والنسب، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي الدمشقي وهو ثقة، فقيه الشام ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    ومعرفة كنى المحدثين من أنواع علوم الحديث، وفائدة معرفتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر باسمه في موضع، وذكر بكنيته في موضع آخر، فمن لا يعرف يظن أن هذا شخص وهذا شخص آخر.
    [عن يحيى].
    هو ابن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، ثبت، يرسل، ويدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [حدثني أبو سلمة].
    هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وقد مر ذكرهم قريباً، أي: الثلاثة الذين هم كل واحد قيل فيه: إنه سابع الفقهاء السبعة، وهم: أبو سلمة هذا، وسالم الذي مر ذكره قريباً، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
    [عن عائشة].
    هي عائشة أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، التي حفظ الله بها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي من أوعية السنة، وممن حفظ الله تعالى بها السنة، ولا سيما الأمور التي تتعلق بالبيت، وبين الرجل وأهل بيته، وهي التي أنزل الله تعالى فيها آيات تتلى من سورة النور في براءتها مما رميت به من الإفك رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي واحدة من السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ستة رجال وامرأة واحدة هي عائشة، وقد مر ذكرهم آنفاً.


    شرح حديث: (... ويصلي ركعتين بين الأذان والإقامة في صلاة الصبح) من طريق ثامنة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا هشام حدثنا يحيى عن أبي سلمة: (أنه سأل عائشة رضي الله تعالى عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل؟ قالت: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة؛ يصلي ثمان ركعات ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ويصلي ركعتين بين الأذان والإقامة في صلاة الصبح)].ثم أورد النسائي حديث عائشة الذي فيه أنه كان يصلي ثلاث عشرة ركعة؛ ثمان ركعات ثم يوتر بالتاسعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، وإذا أراد أن يركع قام وركع عن قيام، ثم سجد، ثم بعد ذلك يصلي ركعتين بعد طلوع الفجر، أي: ركعتي الفجر، فيكون المجموع ثلاث عشرة ركعة، وهذا الحديث قد مر قريباً في باب إباحة الصلاة بين الوتر وركعتي الفجر، إباحة الصلاة، أي: النافلة، بين الوتر وبين ركعتي الفجر، وهنا أورده من أجل الدلالة أو الاستدلال به على الإتيان بركعتي الفجر بين الأذان والإقامة من صلاة الصبح.


    تراجم رجال إسناد حديث: (... ويصلي ركعتين بين الأذان والإقامة في صلاة الصبح) من طريق ثامنة


    قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].
    وقد مر ذكره قريباً.
    [حدثنا خالد].
    هو ابن الحارث، وقد مر ذكره قريباً.
    [حدثنا هشام].
    هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا يحيى].
    هو ابن أبي كثير.
    [عن أبي سلمة أنه سأل عائشة].
    وقد مر ذكرهم.

    شرح حديث: (كان النبي يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ...) من طريق تاسعة وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن نصر حدثنا عمرو بن محمد حدثنا عثام بن علي حدثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان، ويخففهما)، قال أبو عبد الرحمن: هذا حديث منكر].ثم أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما المتعلق بركعتي الفجر،وأنه (كان يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما)، وهذا مثل ما تقدم.

    قوله: [أخبرنا أحمد بن نصر]
    هو النيسابوري، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
    [حدثنا عمرو بن محمد].
    هو العنقزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [حدثنا عثام بن علي].
    صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن.
    [حدثنا الأعمش].
    هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والأعمش لقب لـسليمان بن مهران.
    [عن حبيب بن أبي ثابت].
    ثقة، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعيد بن جبير].
    ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن ابن عباس].
    هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، وهو أحد العبادلة الأربعة الذين مر ذكرهم قريباً من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والحديث ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو مثل ما تقدم، وقول النسائي: إنه حديث منكر، لا أدري ما وجهه.


    شرح حديث: (لا يتوسد القرآن)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن الزهري أخبرني السائب بن يزيد: (أن شريحاً الحضرمي ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يتوسد القرآن)].ثم أورد النسائي حديث السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه (أن شريحاً الحضرمي ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا يتوسد القرآن)، وهذا الحديث أورده النسائي في هذا الباب، ولا يظهر دخوله تحت هذا الباب، ولا أدري ما وجه إيراد النسائي له في باب وقت ركعتي الفجر، فليس له تعلق بركعتي الفجر، وليس فيه ذكر لوقت ركعتي الفجر، ولا تعرض لركعتي الفجر، وإنما فيه أن السائب بن يزيد قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم شريح الحضرمي، فقال عليه الصلاة والسلام: (لا يتوسد القرآن).
    وقوله: [(لا يتوسد القرآن)]، فسر بأنه يحتمل المدح والذم، وفسر بتفسيرين: فقيل: إنه لا يتوسد بالقرآن، أي: أنه لا ينام عن القرآن فيشتغل به، ويقرأه ويصلي من الليل، ثم ينام وقد اشتغل بالقرآن، فهو لا يتوسد بالقرآن، بمعنى أنه لا ينام عنه، وإنما يشتغل به ويُعنى به، ويقرأه، وهذا احتمال المدح، ويقابله احتمال الذم، فقوله: [(لا يتوسد بالقرآن)]، يعني: لا يحفظ شيء من القرآن، وفسر بتفسير آخر وهو أنه (لا يتوسد بالقرآن)، يعني: لا يمتهنه، بل يجله ويحترمه ويعظمه، وهذا هو احتمال جانب المدح، والثاني (لا يتوسد القرآن)، لا يكب على تلاوته، ولا يشتغل بتلاوته فيكون ذماً، يعني فسر عدم التوسد باحتمال المدح والذم، واحتمال المدح فيه معنيين، واحتمال الذم فسر بمعنيين.

    تراجم رجال إسناد حديث: (لا يتوسد القرآن)

    قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].
    هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
    [أخبرنا عبد الله].
    هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، قال عنه الحافظ بعد أن ذكر جملةً من صفاته في التقريب: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [أخبرنا يونس].
    هو يونس بن يزيد الأيلي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن الزهري].
    وقد مر ذكره.
    [أخبرني السائب بن يزيد].
    صحابي صغير له أحاديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب السته، وهو الذي قال عن نفسه: حج بي أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمري سبع سنوات، يعني أنه في حجة الوداع وعمره سبع سنوات، فهو صحابي صغير، ولكنه سمع من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وروى عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقال: ذكر عنده شريح الحضرمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وشريح ليس من رواة الحديث، وليس من رجال الإسناد، وإنما جاء ذكره من أجل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذه المقالة عندما ذكر له شريح.


    الأسئلة

    قضاء صلاة الوتر

    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، هل يجوز صلاة ركعة الوتر قبل صلاة الفجر بعد الأذان؟

    الجواب: سبق أن مر بنا الحديث الذي فيه أن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: إنه يمكن بعد الأذان، قال: وبعد الإقامة. لكنه ليس فيه دلالة على صلاة الوتر بعد طلوع الفجر.
    الحديث الذي فيه: إنه كان تأخر وكانوا ينتظرونه فأقيمت الصلاة، فقال: إني كنت أصلي، فقيل له كذا، قال: حدث عن عبد الله بن مسعود أنه قال كذا. على كل؛ الحديث ما فيه دلالة على قضاء، وإنما فيه أنه كان يقضي صلاة الليل، لكنه ليس فيه القضاء في هذا الوقت، وإنما جاء أنه إذا لم يتمكن من صلاته في الليل لوجع أو غيره أو مرض، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة، والحديث سبق أن مر بنا أنه كان لا يصلي بعد الأذان إلا ركعتين خفيفتين.
    الملقي: لفظ الحديث: (أنه كان في... عمرو بن شرحبيل، فأقيمت الصلاة، فجعلوا ينتظرونه، فجاء فقال: إني كنت أوتر، قال: وسئل عبد الله: هل بعد الأذان وتر؟ قال: نعم، وبعد الإقامة)، وحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ثم صلى).
    الشيخ: نعم، نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس فصلى، يعني: أنه قضى الصلاة بعد خروج وقتها، فإذاً: الوتر يقضى بعد خروج وقته، لكن جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه يصلي الوتر في النهار، وعلى هذا من فاته الوتر فإنه يقضيه في النهار كما كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك، والمسألة عن طريق القياس، وقد جاء نص عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بأن من فاته صلاة الليل فإنه يصليها في النهار، ولكنه يصليها مشفوعة، لا يصليها على هيئة الوتر، بل يضيف ركعة حتى يكون أتى بصلاة الليل مع وترها وزيادة ركعة، يكون العدد بها شفعاً لا وتراً.

    حكم تسمية الذكور بأسماء النساء

    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، مر علينا أحد الرواة اسمه جويرية بن أسماء، هل يؤخذ جواز تسمية الذكور بأسماء الإناث؟


    الجواب: هذا ما يؤخذ منه دليل، فكون شخص سمي بـجويرية وأبوه سمي بـأسماء هذا لا يدل على جواز ذلك، لكن أسماء النساء ما ينبغي التسمية بها؛ حتى يتميز الرجال عن النساء.

    زكاة الأرض المعروضة للبيع

    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، توفي والدي وله أرض قصد بيعها قبل وفاته، ونحن ورثته كذلك نرغب ببيعها، فهل عليها زكاة؟ وإذا كان عليها زكاة، فهل تدفع عن كل سنة منذ قصد البيع، أم أن قيمتها تستخرج منه الزكاة فقط؟

    الجواب: إذا كان أبوهم أعدها للبيع ومعروضة للبيع، فإنها تزكى، والواجب أنها تزكى عندما تنتهي كل سنة، تقوم وتخرج الزكاة ربع عشر القيمة، هذا إذا كانت معروضة للبيع. أما إذا كان مجرد أنه فكر بأن يبيعها، أو قال لهم: أنه سيبيعها، وقال ذلك في وقت متأخر، فإنها لا يكون عليها زكاة إذا كان أنه ما مضى حول على إعدادها للبيع.

    نصيحة لرجل غارق في الذنوب والمعاصي

    السؤال: فضيلة الشيخ! جزاكم الله خيراً، رجل غارق في ذنوبه، مع أنه محافظ على الصلوات، فيرجو من فضيلتكم الدعاء له بالهداية والإقلاع عن المعاصي.


    الجواب: نسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق، وأن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومن نزغات الشيطان، والإنسان الذي يحافظ على الصلاة عليه أن يتذكر، وأن يعرف أنه لماذا يصلي؟ فهو يصلي يرجو ثواب الله عز وجل، وما دام أنه يرجو ثواب الله، فعليه أن يخشى عقاب الله؛ لأنه بحمد الله يصلي، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، فعلى هذا الذي يصلي أن يتأمل في صلاته، ويعرف أنه إنما صلى يريد وجه الله، ويرجو ثواب الله، ويخشى عقاب الله، والله عز وجل الذي يرجى ويخشى، كذلك يخاف منه عندما يعصيه الإنسان في أي معصية من المعاصي، على الإنسان أن يكون خائفاً من الله عز وجل، وأن يتذكر عندما يهم بالمعصية وعندما يفكر بالمعصية أنه يصلي يرجو ثواب الله ويخشى عقابه، فكيف يصلي يرجو الثواب ويخشى العقاب، ثم بعد ذلك يقدم على المعاصي؟! وإنما عليه أن تكون صلاته تنهاه عن الفحشاء والمنكر، كما أخبر الله عن ذلك في قوله عز وجل: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45].


    وجه قول النسائي عن حديث ابن عباس في ركعتي الفجر: إنه حديث منكر

    السؤال: فضيلة الشيخ! في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان)، وقول النسائي: إنه منكر، هل يمكن أن تكون نكارته من جهة أنه ذكر في الحديث أنه يصليها إذا سمع الأذان وليس بعد الأذان؟

    الجواب: أظن أنه جاءت أحاديث عديدة أنه يصلي بعد الأذان، من ذلك حديث ابن عمر وحديث حفصة.


    حكم تكثير الركعات بسلام واحد

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز شفع الصلوات بأن يصلي ثمان أو عشرين أو أكثر، ولا يجلس إلا في آخرها، أم لا يشرع هذا؟


    الجواب: إطالة الصلوات وتكثيرها الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء عنه أنه يسردها ويأتي بها، وإنما كان يصلي ثمانية، ولا يجلس إلا في آخرها، لكن كونه يصلي عشرين أو يصلي كذا ما جاء عنه ذلك، والصلاة ركعتين ركعتين هو الأفضل والأولى؛ لأنه أولاً أرفق، ولكونه المطابق لإرشاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفعله، فهو أولى من أن يجمع الركعات المتعددة بسلام واحد، لكن إذا كان مثل ما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثل ما جاء عن الرسول ثمان ركعات، فهذا جاءت به السنة، أما كون الإنسان يطيل ويأتي بركعات كثيرة، فذلك لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالأولى عدم فعله؛ لأنه أولاً أرفق بالإنسان، ولكونه أيضاً قد يحتاج إلى شيء من الراحة بين الصلوات، فيرتاح ثم يقوم للصلاة.


    حكم صلاة من نزع الجوارب بعد لبسهما على طهارة

    السؤال: شخص توضأ ولبس الشراب أو الجوربين، فلما وصل المسجد نزعهما من رجليه، فما الحكم؟


    الجواب: إذا كان على وضوء فلا يؤثر نزعهما؛ لأن لبسهما وجوده مثل عدمه، ما دام أنه توضأ ولبسهما ولم ينقض الوضوء، فخلعهما أو عدم لبسهما، النتيجة واحدة، يعني كأنه ما لبسهما ما دام أنه على وضوء، وإنما الذي يؤثر لو خلعهما بعد نقض الوضوء، هذا هو الذي يؤثر، أما كونه على وضوء وقد خلعهما، فذلك لا يؤثر، سواءً خلعهما أو لبسهما ما دام على طهارة، النتيجة واحدة.

    حكم من ترك صلاة حتى خرج وقتها

    السؤال: من ترك صلاةً واحدة وصلاها بعد أن خرج وقتها، فهل يكفر بذلك؟


    الجواب: عليه أن يتوب إلى الله عز وجل من هذا الفعل، ومن هذا التأخير الذي قد حصل، وأما كونه يكفر بهذا العمل لا أدري، والله تعالى أعلم.

    حكم إخراج الرز في كفارة اليمين

    السؤال: هل يجزئ إخراج الرز فقط نيئاً في كفارة اليمين؟

    الجواب: نعم يجزي، يجزي إخراج الرز غير مطبوخ في كفارة اليمين، أو في سائر الكفارات، ويمكن أن يكون الطعام مطبوخاً، ويمكن أن يقدم غير مطبوخ.

    كفارة من خلف عدة مرات في موضوع واحد

    السؤال: رجل حلف عدة مرات ولم يكفر وحنث، فكم كفارة تكون عليه؟


    الجواب: إذا كان الموضوع واحداً، والحلف كله على شيء واحد، يعني كلها تتعلق بموضوع واحد، لكنه حلف ولم يكفر، ثم حلف ولم يكفر، فإذا كان الموضوع واحداً، والحلف على شيء واحد، فعليه كفارة واحدة. مثلاً: حلف على شيء واحد وكرر. لكنه إن كفر ثم حلف، فإنه يتعين عليه كفارة جديدة؛ لأن الحلف ذاك والحنث حصل له كفارة، أما إذا كان وجد الحنث، ثم حلف مرةً أخرى وهو يتعلق بنفس الموضوع، ليس بموضوع آخر، فيكفيه كفارةً واحدة، أما إن تعددت الموضوعات فكل يمين مستقلة، وعليها كفارتها.

    زكاة الأرض الممنوحة من الدولة

    السؤال: الأرض الممنوحة من الدولة إذا أراد بيعها، هل يزكيها؟


    الجواب: إذا كانت عرضت للبيع، فإنها إذا مضى عليها حول وهي معروضة للبيع، فإنها تزكى قيمتها، سواءً تم بيعها أو لم يتم بيعها، تقوم وتزكى قيمتها إذا كانت معروضة للبيع.

    كيفية التعامل مع من يغضب ويثور من النصيحة

    السؤال: رجل أراد نصح شخص فقال له: لا أريد النصيحة، ويغضب ويثور إذا نصحه، فهل يتركه؟


    الجواب: نسأل الله السلامة والعافية، أولاً: عليه -أنه إذا سمع منه مثل هذا الكلام، وأنه يترتب على ذلك إعراض- أن يوصي بعض الناس الآخرين الذين يمكن أن يكون لهم تأثير عليه، بأن ينصحوه، ولعل ذلك يفيد أما إذا كان يقابل بهذا الكلام ويقول له: لا أريد النصيحة، وقد يحصل منه زيادة في الشر، وزيادة في الابتعاد والنئ عن الحق، فيدعو له ولكن لا يتركه، بل يوصي من يرى أنه قد يؤثر عليه، فينصحه.

    طلاق امرأة المجنون

    السؤال: من مرض مرض الجنون وطالت المدة، فهل تطلق امرأته؟


    الجواب: هذه القضية يرجع فيها للقضاة.

    كيفية القراءة بصلاة الفجر إذا صلاها بعد طلوع الشمس

    السؤال: من فاتته صلاة الصبح وصلاها بعد طلوع الشمس، فهل يجهر بالقراءة أم لا؟

    الجواب: نعم له أن يجهر بالقراءة، وله أن يسر.

    مدى وجود كتاب أوسع من كتاب المغني في الفقه

    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، هل هناك كتاب أوسع وأحسن من كتاب المغني في المذهب الحنبلي؟ وما رأيكم في كتاب الشرح الكبير؟


    الجواب: ما أعلم كتاباً أوسع من كتاب المغني؛ ولأن كتاب المغني هو أوسع كتاب يتعلق بالفقه العام الذي يشمل فقه الحنابلة، وغير فقه الحنابلة، يذكر أقوال الصحابة والتابعين، والأئمة الأربعة وغيرهم، فهو كتاب واسع ومفيد، فهو أوسع كتاب في الفقه، ومثله في السعة كتاب المجموع شرح المهذب للنووي؛ لأنه كتاب واسع، وليس مقتصراً على مذهب الشافعية، وإنما هو مثل كتاب المغني أو كتاب المغني مثله؛ لأن كلاً منهما كتاب واسع، ومعني بذكر أقوال الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ولا يقتصر على مذهب معين.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #318
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (315)

    كتاب قيام الليل وتطوع النهار
    - (باب من كان له صلاة بالليل فغلبه عليها النوم) إلى (باب متى يقضي من نام عن حزبه من الليل)




    من فضل الله ورحمته بعباده أن من كانت له صلاة من الليل فنام وهو ينويها كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه، ويصليها في النهار شفعاً، وهكذا من كان له حزب من القرآن فإنه يقرؤه ما بين صلاة الفجر إلى الظهر.
    من كان له صلاة بالليل فغلبه عليها النوم

    شرح حديث: (ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من كان له صلاة بالليل فغلبه عليها النوم.أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن محمد بن المنكدرعن سعيد بن جبير عن رجل عنده رضي أخبره أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من امرئٍ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه)].
    يقول النسائي رحمه الله: باب من كان له صلاة بالليل فغلبه عليها النوم، مراد النسائي بهذه الترجمة: أن من كان له صلاة يصليها من الليل، فحصل في بعض الأحيان أنه غلبه عليها نوم، فلم يؤدها، وطلع الفجر دون أن يصليها، فإن الله تعالى يكتب له الأجر على تلك الصلاة التي كان قد اعتادها، وإن كان قد نام عنها، ويكون نومه هذا عليه صدقة، أنه حصل له الأجر، فإذا كان قد اعتاد ذلك الشيء، وكان ينوي ويريد أن يصليها، ولكن غلبه النوم، فإن الله تعالى يأجره مثل لو أنه فعله، ويكون هذا النوم الذي حصل له صدقة من الله عز وجل عليه، وهذا يدلنا على عظيم كرمه سبحانه وتعالى وفضله وإحسانه، وأنه يثيب الإنسان على حسب نيته، وعلى حسب قصده، وقد جاء في الحديث في غزوة تبوك قال: (إن في المدينة رجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم العذر)، أي: أنهم بقلوبهم، وبنياتهم حصلوا الأجر والثواب.
    ومما يذكر هنا: أن هناك حديث مشهور عند الناس وهو: (نية المؤمن خير من عمله). وهو غير صحيح، هذا حديث ضعيف، فلم يثبت ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
    [(ما من امرئٍ تكون له صلاةٌ بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه)].
    حديث عائشة رضي الله عنها واضح في الترجمة، وهي: أنه ما من امرئ تكون له صلاة من الليل، فيغلبه عليها نوم، إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقةً من الله عليه، فهو مأجور على نيته، ويحصل الأجر مثل ما لو كان عمل؛ لأن هذا الذي تركه إنما تركه مغلوب عليه بسبب النوم، أما إذا كان تركه متثاقلاً، وكسلاً وخمولاً، فهذا الحديث لا يتعرض له وليس له علاقة بما جاء في الحديث، وإنما الذي كان عنده نية، ثم غلب عليه النوم وهو لا يريد النوم، بل غلبه من دون قصده فإن الله تعالى يأجره على نيته، ويثيبه على ذلك وذلك النوم الذي حصل صدقة من الله عز وجل عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم ...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].
    هو ابن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن مالك].
    هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن محمد بن المنكدر].
    هو محمد بن المنكدر المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعيد بن جبير].
    ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن رجل عنده رضي]
    أي أنه مرضي عنده، معناه: أن هذا الرجل الذي لم يسم في الرواية مرضي عند سعيد بن جبير رحمة الله عليه، وهو مبهم، وقد جاء بيانه في الإسناد الذي بعد هذا، وأنه الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الذي سيأتي في الإسناد الذي بعد هذا، وهو ثقة، مخضرم، مكثر، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن عائشة].
    أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي الصديقة بنت الصديق، من أوعية سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن أشخاص سبعة عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وأرضاهم، ستة رجال وامرأة واحدة، والمرأة هي: أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.


    اسم الرجل الرضي

    شرح حديث: (من كانت له صلاة صلاها من الليل فنام عنها...) من طريق ثانية


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [اسم الرجل الرضي.أخبرنا أبو داود حدثنا محمد بن سليمان حدثنا أبو جعفر الرازي عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير، عن الأسود بن يزيد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت له صلاة صلاها من الليل فنام عنها، كان ذلك صدقةً تصدق الله عز وجل عليه، وكتب له أجر صلاته)].
    ثم أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وفيها تسمية الرجل الرضي عند سعيد بن جبير، وهو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، والحديث متصل، وتحت الباب الذي قبله، وأما هذه الترجمة وهي: اسم الرجل الرضي، فهذه الذي يظهر أنها من بعض النساخ، وليست من النسائي؛ لأن الترجمة هي تتعلق بمن كان له صلاةً من الليل فنام عنها، فأورد النسائي حديثاً لـعائشة من طريق فيه رجل مبهم، عن سعيد بن جبير ثم أتى بالطريقة الثانية التي فيها تسمية ذلك الرجل، والباب هو واحد، ولعل النسائي كعادته عندما يريد أن يذكر شيئاً يتعلق بإسناد بعد، يذكر بعد الحديث كلمة، ثم يذكر الإسناد الذي بعده، فلعل النسائي قال بعدما فرغ من الحديث: اسم الرجل الرضي وهو متصل به، يريد أن الإسناد الآتي يبين اسم ذلك الرجل الرضي، ثم ساق الإسناد الذي فيه اسم ذلك الرجل الرضي، فعمد أو جاء بعض النساخ فجعله عنوان ترجمة وباب، وهو في الحقيقة ليس باباً؛ لأن الباب هو من كان له صلاة ونام عنها، والحديث الأول، والثاني كلاهما يتعلق بهذا الموضوع.


    تراجم رجال إسناد حديث: (من كانت له صلاة صلاها من الليل فنام عنها...) من طريق ثانية


    قوله: [أخبرنا أبو داود].
    هو سليمان بن سيف الحراني، وهو ثقة، حافظ، أخرج له النسائي وحده.

    [عن محمد بن سليمان].
    هو محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني، وهو صدوق، أخرج له النسائي وحده.
    [عن أبي جعفر الرازي].
    هو عيسى بن أبي عيسى، وهو صدوق سيئ الحفظ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة، وقال: عنه النسائي: ليس بالقوي كما سيأتي.
    [عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير].
    وقد مر ذكرهما.

    [عن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي].

    هو الرجل الرضي عند سعيد بن جبير، وهو ثقة، فقيه، مخضرم، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن عائشة].
    وقد مر ذكرها.


    طريق ثالثة لحديث: (ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم ...) وتراجم رجال إسنادها


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن نصر حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا أبو جعفر الرازي عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكر نحوه. قال أبو عبد الرحمن: أبو جعفر الرازي ليس بالقوي في الحديث].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى مسنداً إلى عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
    فذكر نحوه، أي: نحو المتن المتقدم، وكلمة (نحوه) معناها أنه يوافقه في المعنى، وإذا قيل: (مثله) يوافقه في اللفظ والمعنى، وهنا قال: فذكر نحوه يعني: نحو المتن المتقدم، أي: ما يشابهه، ويقاربه، ويتفق معه في المعنى، فهذا هو الفرق بين مثله ونحوه، إذا قيل: مثله، يعني: اللفظ مثل اللفظ. وإذا قيل: نحوه، أي: مشابهاً له ومقارباً.

    قوله: [أخبرنا أحمد بن نصر].

    هو النيسابوري، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
    [حدثنا يحيى بن أبي بكير].
    ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا أبو جعفر الرازي].
    قد مر ذكره.

    [عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن عائشة].

    وقد مر ذكرهم.
    لكن هذا الإسناد فيه إرسال؛ لأن سعيد بن جبير لم يسمع من عائشة، وروايته عنها مرسلة كما ذكر ذلك الحافظ في التقريب، عند ذكر سعيد بن جبير قال: وروايته عن أبي موسى، وعائشة ونحوهما مرسلة، يعني: فهو من قبيل المرسل، لكنه معلوم الواسطة في الإسناد الذي قبل هذا، فالحديث يعتبر ثابتاً؛ لأنها عرفت الواسطة المحذوفة التي بين سعيد بن جبير وبين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.


    من أتى فراشه وهو ينوي القيام فنام

    شرح حديث: (من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه ...) من طريق رابعة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من أتى فراشه وهو ينوي القيام فنام.أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن سليمان عن حبيب بن أبي ثابت عن عبدة بن أبي لبابة عن سويد بن غفلة عن أبي الدرداء يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل، فغلبته عيناه حتى أصــبح كتـب له مـا نوى، وكـان نومـه صـدقةً عليه من ربه عـز وجل)، خـالفـه سفيان].
    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب من أتى فراشه وهو ينوي القيام فنام، وهذه الترجمة قريبة من التي قبلها.
    فالحديث الوارد فيها أعم مما دل عليه الحديث السابق؛ لأن هناك، من كان له صلاة فنام عنها، وأما هنا من أتى فراشه وهو يريد، فهذا يشمل ما إذا كان له عادة، أو كان ليس له عادة، ولكنه أراد في تلك الليلة أن يصلي صلاةً، فإن الله تعالى يكتب له ما نواه، ويكون نومه صدقةً عليه، فيحصل الأجر بنيته وقصده، ويكون هذا النوم الذي نامه صدقةً من الله عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه ...) من طريق رابعة


    قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].
    هو هارون بن عبد الله البغدادي الحمال، لقبه الحمال، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن حسين بن علي].
    هو حسين بن علي الجعفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن زائدة].
    هو زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن سليمان].
    هو سليمان بن مهران الكاهلي الأعمش، ذكر هنا باسمه، ويذكر أحياناً بلقبه، ومعرفة ألقاب المحدثين من أنواع علوم الحديث؛ لأن من لا يعرف ذلك، قد يظن الشخص الواحد شخصين، فإذا ذكر باسمه أحياناً وبلقبه أحياناً، يظن أن هذا شخص وهذا شخص، وسليمان هنا غير منسوب، وهو: سليمان بن مهران الأعمش الكاهلي الكوفي.
    [عن حبيب بن أبي ثابت].
    هو حبيب بن أبي ثابت الكوفي، وهو ثقة، يدلس، ويرسل، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن عبدة بن أبي لبابة].
    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود فإنه لم يخرج له في السنن بل في المسائل.
    [عن سويد بن غفلة].
    ثقة، من كبار التابعين، وقيل: إنه قدم المدينة في اليوم الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مسلماً في حياته، ولكنه ما ظفر بصحبته، ولا برؤيته عليه الصلاة والسلام، وهذا الذي يصلح أن يقال فيه: كاد أن يكون صحابياً، وقد قالوا في ترجمة الصنابحي: كاد أن يكون صحابياً، وكان قدم من اليمن، ولما صار في الجحفة، جاء ركب من المدينة وأخبروه وأصحابه بأن رسول صلى الله عليه وسلم قدمات، فبلغهم الخبر وهم في الطريق إلى المدينة، وأما هذا فإنه قدم المدينة في اليوم الذي دفن فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من كبار التابعين، ومن المعمرين، قيل: إن عمره مائةً وثلاثين سنة، وذكر أبو نعيم في الحلية في ترجمته: أنه كان يصلي بالناس التراويح في رمضان وعمره مائة وخمس وعشرون سنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي الدرداء].
    هو عويمر بن قيس الأنصاري، صحابي جليل، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.


    طريق خامسة لحديث: (من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل ...) وتراجم رجال إسنادها


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن سفيان الثوري عن عبدة سمعت سويد بن غفلة عن أبي ذر، وأبي الدرداء: موقوفاً].أورد النسائي هذا الحديث من طريق أخرى إلى أبي ذر، وإلى أبي الدرداء، وهي موقوفة عليهما، والمتن هو نفس المتن، ولكن مثل هذا لا يقال بالرأي، فله حكم الرفع، والحديث الذي راح عن الصحابي أبي الدرداء، فهذا عن أبي الدرداء وعن أبي ذر، فهو موقوف عليهما، وجاء في الأول رفعه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، أي: عن طريق أبي الدرداء المتقدمة، ومثل هذا له حكم الرفع؛ لأن مثل ذلك لا يقال من قبل الرأي، كون أن الله تعالى يتفضل عليه بأن يكتب له أجر الصلاة التي نواها، ونومه صدقةً عليه، فلو لم يأت مرفوعاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام في الطريق السابقة، أو في الطرق المتقدمة، فإنه له حكم الرفع؛ لأن الشيء الذي فيه تحديث ثواب، وبيان أجور، أو إخبار عن أمور مغيبة، أو ما إلى ذلك، لا تقال من قبل الرأي، فلها حكم الرفع إذا كانت موقوفةً على الصحابة.
    قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].
    هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
    [عن عبد الله].
    هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سفيان الثوري].
    هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ثقة، ثبت، حجة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن عبدة].
    هو ابن أبي لبابة الذي تقدم في الإسناد الذي قبل هذا.
    [عن سويد بن غفلة عن أبي ذر].
    سويد بن غفلة، وأبي الدرداء وقد مر ذكرهما، وأما أبو ذر فهو: جندب بن جنادة، صحابي، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.


    كم يصلي من نام عن صلاة أو منعه وجع

    شرح حديث: (كان إذا لم يصل من الليل ... صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة)


    وقال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كم يصلي من نام عن صلاة أو منعه وجع.[أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل من الليل منعه من ذلك نوم أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة)].
    ثم أورد النسائي هذه الترجمة: كم يصلي من نام عن صلاة أو منعه وجع؟ يعني: إذا لم يتمكن من الصلاة، كم يصلي من النهار قضاءً إذا أراد أن يقضي؟ الأحاديث المتقدمة تدل على حصول الثواب، وإن لم يحصل قضاء، لكنه إذا حصل القضاء، فإن الإنسان يؤجر على كونه عمل ذلك العمل الذي هو القضاء، ثم أيضاً القضاء فيه المحافظة على الأعمال الصالحة، وكون الإنسان يعود نفسه أنه لا تفوته، وأنه إذا فاتته يقضيها، أي: النوافل، فإن هذا هو الفرق بين كونه يقضي وبين كونه لا يقضي، أول الذي كان ينوي، فإنه يؤجر وإن لم يقض، ولكنه لو قضى فإنه يؤجر على قضائه وعلى نيته، ثم أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها (إذا لم يصل من الليل -يعني صلاته من الليل- منعه من ذلك نومٌ أو وجع، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة)، أي: أنه كان يصلي في الليل إحدى عشرة ركعة، فصلاته ووتره إحدى عشرة ركعة، فكان إذا قضاها يقضيها من النهار، ولكن يقضيها ثنتي عشرة ركعة؛ لأنه لا يصليها كما هي وتراً؛ لأن الوتر لا يكون في النهار، ولكن المقدار التي يؤتى به في الليل، يؤتى به في النهار وزيادة ركعة مشفوعة، فيكون إحدى عشر صلاها وزيادة ركعة، وهكذا الإنسان الذي له صلاة اعتادها، بأن يصلي خمساً فنام عنها يصلي ستاً، وإذا كان يصلي ثلاثاً يصلي أربعاً، وإذا كان يصلي سبعاً يصلي ثمان، وإذا كان يصلي تسعاً يصلي عشراً، أي: يضيف إليها ركعة، فيقضيها مشفوعة، ولا يؤديها كما هي في الليل؛ لأنه لا يؤتى بالوتر في النهار، ولكن يؤتى بصلاة الليل، وركعة الوتر مشفوعةً يعني: في النهار.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان إذا لم يصل من الليل ... صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة)

    قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].
    قد مر ذكره قريباً.
    [حدثنا أبو عوانة].
    هو الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو عوانة.
    [عن قتادة].
    هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن زرارة].
    هو زرارة بن أوفى، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعد بن هشام].
    هو سعد بن هشام بن عامر، وهو ثقة أيضاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عائشة].
    وقد مر ذكرها.


    متى يقضي من نام عن حزبه من الليل

    شرح حديث: (من نام عن حزبه أو عن شيء منه ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب متى يقضي من نام عن حزبه من الليل.أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان عن يونس عن ابن شهاب: أن السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه، وعبيد الله أخبراه أن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نام عن حزبه أو عن شيءٍ منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل)].
    أورد النسائي باب متى يقضي من نام عن حزبه، المراد بالحزب هنا: الشيء الذي اعتاده من قراءة القرآن، بحيث يخصص له مقداراً من القرآن يقرأه بالليل، سواءً في الصلاة أو في غير الصلاة، فإنه إذا قضاه من طلوع الفجر إلى الظهر، فكأنما قرأه من الليل، وإذا أراد أن يقضي، هذا الحزب الذي يأتي به، في الصلاة، فإنه يفعل ذلك في الضحى في النهار، مثلما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل، إذا غلبه وجع عن صلاته صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة، ولا يصلي ذلك في وقت النهي، يعني: بعد صلاة الفجر؛ لأن بعد طلوع الفجر، ليس هناك إلا ركعتي الفجر وليس للإنسان أن يتنفل، وإنما يصلي في الضحى، مثل ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما إذا كان قراءة قرآن، فإنه يقرأه في أي وقت من طلوع الفجر إلى الظهر، وهذا هو الذي يبدو ويظهر، والمقصود من الحزب هو: مقدار من القرآن يقرأه أو يخصصه الإنسان لنفسه، وليس المقصود بالحزب ما هو مشهور على المصحف أنه ثمنين أو ربع جزء، فإن المقصود مقدار من القرآن اعتاد أن يقرأه، فإنه إذا قرأه من طلوع الفجر إلى الظهر، فكأنما قرأه من الليل، معناه: أنه لو كان قد فاته من الليل، فإن فعله في ذلك الوقت فهو كفعله في الليل.
    والصحابة رضي الله عنهم كانوا يحزبون القرآن سبعة أحزاب، كما جاء عن أوس بن أوس: سئل أصحاب محمد كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاثاً. وقد مر بنا هذا فيما مضى: ثلاثاً، وخمساً، وسبعاً، وتسعاً، وإحدى عشرة، وثلاثة عشرة، وحزب المفصل واحد وأوله (ق)، أي: أنهم يجعلون سبعة أقسام، يعني: ثلاث سور هي حزب، البقرة والنساء وآل عمران، ثم بعدها خمس سور حزب، التي هي: المائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة، ثم سبع حزب، التي هي: يونس، وهود، ويوسف، والرعد، وإبراهيم، والحجر، والنحل، ثم بعد ذلك تسع تبدأ من الإسراء، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء، والحج، والمؤمنون، والنور، والفرقان، ثم بعد ذلك إحدى عشرة، الشعراء، ثم النمل، ثم القصص، ثم العنكبوت، ثم الروم، ثم لقمان، ثم السجدة، ثم الأحزاب، ثم سبأ، ثم فاطر، ثم يس، إحدى عشر، ثم من الصافات ثلاث عشرة الصافات، وص، والزمر، وغافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، ومحمد، والفتح، والحجرات، ثم الحزب السابع، أوله ق، الحزب المفصل أوله ق.
    فحزبه يعني: المقدار الذي كان يخصصه لنفسه، سواءً يكون سبع القرآن أو أقل أو أكثر، فالمقصود أنه إذا كان قراءةً بدون صلاة، فمن طلوع الفجر إلى الزوال، كله مكان للقراءة، أما إذا كان بالصلاة فإنه يكون في الضحى، ووقت النهي لا يقضى فيه الفوائت، وإنما تقضى فيه الفرائض، لكن ما تقضى فيها الفوائت من النوافل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته سنة الظهر، فصلاها بعد العصر، ثم داوم على ذلك، فسألته أم سلمة قالت: (أفنقضيهما كذلك إذا فاتتنا؟ قال: لا).

    تراجم رجال إسناد حديث: (من نام عن حزبه أو عن شيء منه ...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].
    قد مر ذكره.

    [حدثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد].

    هو أبو صفوان عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
    [عن يونس].
    هو يونس بن يزيد الأيلي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن ابن شهاب].
    هو الزهري محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث ابن زهرة بن كلاب، ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن صغار التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [أن السائب بن يزيد وعبيد الله].
    السائب بن يزيد، صحابي صغير، هو الذي قال: حج بي أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمري سبع سنوات، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    وعبيد الله هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهو من فقهاء المدينة السبعة المشهورين في عصر التابعين، وعبيد الله هذا هو أحدهم، وهم ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال، الستة هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وحديث عبيد الله هذا عند أصحاب الكتب الستة.

    [أن عبد الرحمن].

    هو عبد الرحمن بن عبد القاري بتشديد الياء نسبة إلى القارة، وهم قبيلة من القبائل يقال لهم: القارة ينسب إليها فيقال: القاري مشدد، وليس نسبة إلى القراءة يقال: القارئ نسبة إلى القراءة، وإنما هي: نسبة للقارة، وهو ابن عبد يعني: غير منسوب وغير مضاف، مقطوع عن الإضافة، قيل: له رؤية، وقيل: إنه ثقة من كبار التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن عمر بن الخطاب].
    رضي الله تعالى عنه، أبو حفص، فاروق هذه الأمة، ثاني الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وذو المناقب الجمة والفضائل، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    حديث: (من نام عن حزبه ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد القاري: أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نام عن حزبه أو قال: جزئه من الليل، فقرأه فيما بين صلاة الصبح إلى صلاة الظهر، فكأنما قرأه من الليل)].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، عن عمر بن الخطاب.
    قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].
    هو القشيري النيسابوري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
    [حدثنا عبد الرزاق].
    هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني، وهو ثقة، حافظ، مصنف، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [أخبرنا معمر].
    هو معمر بن راشد الأزدي البصري، نزيل اليمن، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن الزهري].
    وقد مر ذكره.
    [عن عبد الرحمن عن عمر].
    وقد مر ذكرهما.

    حديث: (من فاته حزبه من الليل ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن داود بن الحصين عن الأعرج عن عبد الرحمن بن عبد القاري: أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: (من فاته حزبه من الليل، فقرأه حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر، فإنه لم يفته، أو كأنه أدركه)، رواه حميد بن عبد الرحمن بن عوف موقوفاً].ثم أورد النسائي الحديث موقوفاً على عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وفيه: أن من فاته حزبه من الليل فقرأه من الزوال إلى صلاة الظهر، فكأنما قرأه من الليل. يعني: هذا فيه تقليل المدة، وأما الذي قبله فهو أوسع؛ لأنه من الفجر إلى صلاة الظهر، ومن المعلوم أن هذا جزء من تلك المدة، التي هي من الفجر إلى صلاة الظهر، فهذا جزء من ذلك، وهو موقوف، وله حكم الرفع؛ لأن مثل ذلك لا يقال من قبل الرأي.
    قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].
    وقد مر ذكره.
    [عن مالك].
    وقد مر ذكره.
    [عن داود بن الحصين].
    ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو ثقة إلا في عكرمة.
    [عن الأعرج].
    هو عبد الرحمن بن هرمز المدني، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. والأعرج لقب اشتهر به عبد الرحمن بن هرمز، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الرحمن بن عبد القاري: أن عمر بن الخطاب].

    وهو موقوف على عمر رضي الله تعالى عنه، وهو لا يقال من قبل الرأي.

    شرح حديث: (من فاته ورده من الليل ...) من طريق رابعة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن قال: (من فاته ورده من الليل فليقرأه في صلاة قبل الظهر، فإنها تعدل صلاة الليل)].أورد النسائي هذا الأثر، وهنا موقوف على حميد بن عبد الرحمن، وهو تابعي، والمشهور أن الموقوف على التابعين ومن دونهم يقال له: مقطوع، والموقوف يطلقونه على الموقوف على الصحابة، وأما من دون الصحابة يقال له: مقطوع، أي: أن المتن الذي ينتهي سنده إلى التابعي أو من دونه يقال له: مقطوع، وعلى كل حال ففي تحفة الأشراف أن كلاً من حميد بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن عبد القاري، يروون عن عمر، فعلى هذا يكون موقوفاً على عمر، فيكون قول النسائي: موقوفاً، يعني: أنه مثل الذي قبله أيضاً موقوف على عمر رضي الله تعالى عنه، لكن على ما هو موجود، في المتن هنا بدون ذكر عمر، يعتبر من قبيل المقطوع؛ وإذا كان ينتهي إلى الصحابي يقال له: موقوف، وإذا كان ينتهي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يقال له: مرفوع، لكن الموقوف على الصحابة إذا كان من الأمور التي لا مجال للرأي فيها، فهو من قبيل المرفوع حكماً، ولا يقال بالنسبة للتابعين، إذا كان المتن ينتهي إليهم، وهو من قبيل الأمور التي ليس للرأي فيها مجال، أن يكون من قبيل المرفوع حكماً، ليس كذلك؛ لأن الواسطة بين ذلك التابعي وبين الرسول صلى الله عليه وسلم غير معروفة؛ لأنه قد يكون أخذه عن تابعي، وهكذا، فلا يقال: أنه مرفوع.

    تراجم رجال إسناد حديث: (من فاته ورده من الليل ...) من طريق رابعة

    قوله: [أخبرنا سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك].

    وقد مر ذكرهما.

    [عن شعبة].
    هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن سعد بن إبراهيم].
    هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن حميد بن عبد الرحمن].
    هو حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #319
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (316)

    كتاب قيام الليل وتطوع النهار
    - باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد فيه [1]



    شرع الله تعالى النوافل مكملة للفرائض، ورتب عليها الأجر العظيم، فمن حافظ على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة بنى الله له بيتاً في الجنة كما ورد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد فيه


    شرح حديث: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وذكر اختلاف الناقلين فيه بخبر أم حبيبة في ذلك، والاختلاف على عطاء. أخبرنا الحسين بن منصور بن جعفر النيسابوري حدثنا إسحاق بن سليمان حدثنا مغيرة بن زياد عن عطاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعةً في اليوم والليلة دخل الجنة: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر)].
    يقول النسائي رحمه الله: باب ثواب من ثابر على صلاة اثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وذكر الاختلاف في رواية حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، والاختلاف على عطاء في ذلك الحديث. المقصود من الترجمة هو: بيان أن المداومة على ثنتي عشرة ركعة، من الرواتب المتعلقة بالصلوات، وأن ذلك سبب في دخول الجنة، وأنه من الأعمال التي يثيب الله عز وجل عليها بالجنة، وقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أن النبي علي الصلاة والسلام قال: (من ثابر على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة)، ثم بينها في قوله: (أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر)، فهذه اثنتا عشرة ركعة من النوافل الراتبة التي يداوم عليها، ويحرص على المداومة عليها؛ لأن فيها هذا الثواب العظيم، وهو دخول الجنة لمن فعل ذلك، وهي متعلقة بالصلوات، وتابعة للصلوات، منها ما هو قبل الصلاة، ومنها ما هو بعد الصلاة، فقبل الصلوات ست: أربعاً قبل الظهر، وثنتين قبل الفجر، وست بعد الصلوات، ثنتين بعد الظهر، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، هذا الحديث يدل على ثواب هذا العمل، وعلى عظم ثواب هذا العمل عند الله عز وجل، وينبغي للإنسان أن يداوم عليها وأن يحافظ عليها، وهذا هو معنى (ثابر)، يعني: أنه يحافظ ويداوم عليها، ويكون ذلك في الحضر.
    أما بالنسبة للسفر، فإن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه ما كان يداوم منها إلا على ركعتين، وهما الركعتان قبل الفجر، في السفر والحضر، وأما الركعات الأخرى فإنه ليس من هديه عليه الصلاة والسلام أن يصليها، وإنما الذي كان يداوم عليها ركعتان قبل الفجر والوتر، هذا هو الذي كان يفعله في الحضر والسفر، والحديث فيه عظم الثواب لمن عمل هذا العمل، والحديث فيه ذكر العدد إجمالاً: وهو اثنتي عشرة ركعة، وتفصيل العدد: وأنه أربعاً قبل الظهر وثنتين بعدها وثنتين بعد المغرب وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل الفجر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة ...)

    قوله: [أخبرنا الحسين بن منصور بن جعفر النيسابوري].
    ثقة، أخرج حديثه البخاري، والنسائي.
    [حدثنا إسحاق بن سليمان].
    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا مغيرة بن زياد].
    صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
    [عن عطاء].
    هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عائشة رضي الله تعالى عنها].
    أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي ممن حفظ الله بها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي واحدة من سبعة أشخاص، عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله الأنصاري، هؤلاء ستة رجال، وامرأة واحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.

    شرح حديث: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة ...) من طريق ثانية

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن يحيى حدثنا محمد بن بشر حدثنا أبو يحيى إسحاق بن سليمان الرازي عن المغيرة بن زياد عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة رضي الله تعالى عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة؛ أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أن بدل (دخل الجنة)، (بنى الله له بيتاً في الجنة)، والحديثان مؤداهما واحد، والمتنان مؤداهما واحد، وهما: حديث واحد عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها جاء من طريقين.

    تراجم رجال إسناد حديث: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة ...) من طريق ثانية

    قوله: [أخبرنا أحمد بن يحيى].
    هو ابن زكريا الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا محمد بن بشر].
    هو محمد بن بشر العبدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا أبو يحيى إسحاق بن سليمان الرازي].
    وقد مر ذكره.
    [عن المغيرة بن زياد عن عطاء عن عائشة].
    مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.

    حديث: (من ركع ثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته سوى المكتوبة ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى حدثنا الحسن بن أعين حدثنا معقل عن عطاء قال: أخبرت أن أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من ركع ثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته سوى المكتوبة، بنى الله له بها بيتا في الجنة)].أورد النسائي حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، وهو مثل حديث عائشة إلا أنه ليس فيه التفصيل، فحديث أم حبيبة رضي الله عنها مثل حديث عائشة؛ لأن من عمل هذا العمل فإن الله تعالى يثيبه على ذلك أن يبني له بيتاً في الجنة، وهو مثل حديث عائشة من حيث الإجمال، وليس فيه ذكر التفصيل.
    قوله: [أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى].
    هو محمد بن معدان بن عيسى الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا الحسن بن أعين].
    صدوق، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.
    [حدثنا معقل].
    هو معقل بن عبيد الله الرقي، وهو صدوق يخطئ، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
    [عن عطاء].
    هو عطاء بن أبي رباح، وقد مر ذكره.
    [أن أم حبيبة].
    هي رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، مشهورة بكنيتها أم حبيبة، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة رضي الله عنها وأرضاها، وقوله: (أخبرت)، هذا فيه انقطاع، يعني معناه أنه بلغه ذلك عن أم حبيبة؛ لأنه لم يذكر الواسطة، لكنه جاء في بعض الأسانيد الآتية، بيان تلك الواسطة، والحديث صحيح؛ لأنه لم يأت من هذه الطريق وحده، بل جاء من طرق أخرى، وفيها التصريح بالواسطة.

    حديث: (من ركع ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني إبراهيم بن الحسن حدثنا حجاج بن محمد قال ابن جريج: قلت لـعطاء بلغني: أنك تركع قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة، ما بلغك في ذلك؟ قال: أُخبِرتُ أن أم حبيبة، حدثت عنبسة بن أبي سفيان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ركع اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة سوى المكتوبة بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة)].أورد النسائي حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، وهو مثل الذي قبله: (من ركع ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله له بيتاً في الجنة)، وهو مثل المتن الذي قبله، وفيه ذكر تلك الركعات مجملة، وذكر ثواب ذلك، وأن الله تعالى يبني له بيتاً في الجنة، فهو مثل الذي قبله تماماً.
    قوله: [أخبرني إبراهيم بن الحسن].
    هو إبراهيم بن الحسن المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
    [حدثنا حجاج بن محمد].
    هو المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن ابن جريج].
    هو عبد الملك بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [قلت لـعطاء]
    هو عطاء بن أبي رباح، وقد مر ذكره.
    قلت لـعطاء: (بلغني أنك تركع قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة، ما بلغك في ذلك؟ قال: أخبرت أن أم حبيبة).
    يعني: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج يسأل عطاء بن أبي رباح، قال: إنك تركع قبل الجمعة ثنتي عشرة ركعة، ما بلغك في ذلك، أي: ما هو مستندك الذي بنيت عليه هذا العمل؟ فقال: أُخبرت أن أم حبيبة، حدثت عنبسة بن أبي سفيان: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من ركع ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة سوى المكتوبة بنى الله له بيتاً في الجنة)، فهو مثل الذي قبله، إلا أن عطاء بن أبي رباح رآه عبد الملك بن جريج يصلي ثنتي عشرة ركعة قبل الجمعة، فلعله فهم من ذلك أن الإنسان يأتي بثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة في يومه وليلته، فأتى بها قبل الجمعة.
    ومن المعلوم أن طريقة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك من كان بعدهم من التابعين، كان الواحد منهم إذا دخل المسجد يوم الجمعة صلى ما أراد أن يصلي، والأمر في ذلك واسع، ليس فيه تقييد، وإنما يصلون ما أمكنهم أن يصلوا، ثم يجلسون ولا يقومون إلا للصلاة، فلعل عبد الملك بن جريج رأى عطاء بن أبي رباح يصلي ثنتي عشرة ركعة قبل الجمعة، فسأله عن هذا العدد: ما بلغك في ذلك؟ فذكر له العدد المجمل، الذي (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، بنى الله له بيتاً في الجنة)، يعني: كأنه فهم أن الإنسان إذا أتى بثنتي عشرة ركعة مطلقاً، سواءً كانت متصلة بالصلوات، أو مجتمعة في موضع واحد، أو في زمن واحد، فإنها تدخل تحت هذا الحديث، لكن الأظهر هو: ما جاء في حديث عائشة مفصلاً، أنها رواتب، وأنها متصلة بالصلوات، ومتعلقة بالصلوات، أربعاً قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل الفجر.
    ومن المعلوم أن الجمعة ليس لها سنة راتبة قبلها معلومة، ولم يرد في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحديد، ولكن جاء بعد الجمعة، من صلى في المسجد صلى أربعاً، ومن صلى في بيته صلى ركعتين، وأما قبل الجمعة فلم يأت فيها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام شيء، وإنما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم كانوا إذا دخلوا يوم الجمعة صلوا ما أرادوا أن يصلوا، يعني: يصلون ما شاءوا من الصلوات، ثم إذا فرغوا من الصلاة جلسوا، ثم لا يقومون إلا للصلاة، فلعل عطاء بن أبي رباح، فهم من هذا الحديث أن الإتيان بهذا العدد في أي وقت من الأوقات، سواءً كانت مجتمعة أو متفرقة في اليوم والليلة، فإن من يفعل ذلك يبني الله له بيتاً في الجنة، ولكن الأظهر أن المراد بهذه الثنتي عشرة ركعة هي التي جاءت في حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها، مفصلة بالسنن الرواتب التي هي قبل الصلوات وبعدها.
    [أن أم حبيبة حدثت عنبسة بن أبي سفيان].
    أما عنبسة بن أبي سفيان فهو أخو أم حبيبة رضي الله عنها وأرضاها، وقيل: إن له رؤية، ومن العلماء من قال: إنه تابعي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    حديث: (من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

    [أخبرني أيوب بن محمد أخبرنا معمر بن سليمان حدثنا زيد بن حبان عن ابن جريج عن عطاء عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة)، قال أبو عبد الرحمن: عطاء لم يسمعه من عنبسة].أورد النسائي حديث أم حبيبة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله: (من صلى في يومٍ ثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً في الجنة).
    قوله: [أخبرني أيوب بن محمد].
    هو أيوب بن محمد الوزان مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [أخبرنا معمر بن سليمان].
    هو النخعي، ثقة فاضل، أخرج له البخاري، والنسائي، وابن ماجه.
    [حدثنا زيد بن حبان].
    صدوق يخطئ كثيراً، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
    [عن ابن جريج].
    وقد مر ذكره.
    [عن عطاء عن عنبسة عن أم حبيبة].
    وقد مر ذكرهم.
    ثم قال النسائي: إن عطاء لم يسمعه من عنبسة، قال: إنه لم يسمعه، يعني لم يسمع هذا الحديث؛ لأنه قال فيما مضى: أخبرت عن أم حبيبة، وسيأتي أنه هناك بينه وبين عنبسة واسطة، ومعنى هذا أنه لم يسمع هذا الحديث من عنبسة بن أبي سفيان.

    شرح حديث: (من صلى ثنتي عشرة ركعة بالنهار أو بالليل ...) من طريق سادسة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن رافع حدثنا زيد بن الحباب حدثني محمد بن سعيد الطائفي حدثنا عطاء بن أبي رباح عن يعلى بن أمية قال: (قدمت الطائف فدخلت على عنبسة بن أبي سفيان وهو بالموت، فرأيت منه جزعاً، فقلت: إنك على خير، فقال: أخبرتني أختي أم حبيبة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى ثنتي عشرة ركعة بالنهار أو بالليل بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة)، خالفهم أبو يونس القشيري].أورد النسائي حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها وأرضاها وهو مثل الذي قبله: (من صلى ثنتي عشرة ركعة في النهار أو في الليل)، معناه: أنه سواء أتى بها بالليل أو بالنهار، والرواية التي قبلها قال: في اليوم، وهنا قال: في الليل أو في النهار، لكن لا إشكال فيه؛ لأنه قد يذكر اليوم والليلة تبع له، وقد تذكر الليلة والنهار تبع لها، وهنا قال: في الليل أو في النهار، يعني معناه أنه إذا أتى بها، إما في هذا أو في هذا، فإنه يكون قد حصل المقصود، ولعل هذا هو الذي جعل عطاء بن أبي رباح رحمة الله عليه يصلي قبل الجمعة ثنتي عشرة ركعة، فيأتي بها كلها بالنهار.

    تراجم رجال إسناد حديث: (من صلى ثنتي عشرة ركعة بالنهار أو بالليل ...) من طريق سادسة

    قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].
    هو القشيري النيسابوري، ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
    [حدثنا زيد بن الحباب].
    صدوق يخطئ في حديث الثوري، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [حدثني محمد بن سعيد الطائفي].
    صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
    [حدثنا عطاء بن أبي رباح].
    وقد مر ذكره.
    [عن يعلى بن أمية].
    صحابي مشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عنبسة بن أبي سفيان].

    وقد مر ذكره.
    [عن أم حبيبة].
    وقد مر ذكرها، وهذا فيه بيان الواسطة التي بين عطاء، وبين عنبسة بن أبي سفيان، أو ذكر الشخصين اللذي بين عطاء، وبين أم حبيبة؛ لأنه قال: أخبرت أن أم حبيبة، فإذاً: بينه وبينها واسطتان هما: يعلى بن أمية، وعنبسة بن أبي سفيان، وفي بعض الطرق أنه قال: عن عطاء عن عنبسة، وقال النسائي: لم يسمعه، وذلك أن فيه واسطة بينه وبينه وهو يعلى بن أمية، والحديث من رواية صحابي عن تابعي؛ لأن يعلى بن أمية صحابي، وعنبسة بن أبي سفيان هو من التابعين، وهو ثقة، فالحديث من رواية صحابي عن تابعي، وهو قليل؛ لأن رواية الصحابة عن التابعين هي قليلة جداً؛ لأن غالب رواية الصحابة عن الصحابة، وروى يعلى بن أمية عن عنبسة بمناسبة، وهو أنه زاره وهو مريض، فرأى جزعاً فقال: إنك على خير، فقال: حدثتني أختي أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى في اليوم أو الليلة ثنتي عشرة ركعة بنا الله له بيتاً في الجنة)، يعني: أن تحديثه إياه بهذا الحديث بمناسبة زيارته إياه في مرضه.
    وقوله: (إنك على خير)، فأخبره بما سمعه من أخته أم حبيبة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهذا من الروايات القليلة التي هي رواية الصحابة عن التابعين، وإلا فإن الأصل هو رواية التابعين عن الصحابة، رواية الأصاغر عن الأكابر، وأما رواية الأكابر عن الأصاغر فهي قليلة في رواية الصحابة عن التابعين.


    الأسئلة

    علاقة اختلاف الروايات عن أم حبيبة بالاضطراب

    السؤال: فضيلة الشيخ! الله يحفظكم، هذا الاختلاف في المتن ما يعد اضطراباً؛ لأنه قال مرة: في اليوم والليلة وفي الرواية الأخرى في الليل أو في النهار؟

    الجواب: أبداً ما يعد اضطراباً؛ لأنه يمكن الجمع بينهما بأن اليوم تتبعه الليلة، وذكر اليوم والليلة على التفصيل، وكما هو معلوم، يعني: عطاء فهم منه أنه يمكن أن يأتي بها في النهار، ولهذا رآه ابن جريج يصليها قبل الجمعة مجتمعة.

    المقصود بالمداومة على ثنتي عشرة ركعة لحصول الأجر

    السؤال: بالنسبة للبيت في الجنة، يا شيخ! هل هو كل يوم أو مرة في العمر على من يداوم على هذا؟
    الجواب: لا أدري الله أعلم، هو طبعاً المداومة، فالإنسان الذي يداوم على هذا، يثيبه الله عز وجل بأن يبني له بيتاً في الجنة.

    فسخ عقد الإجارة من قبل المستأجر

    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، رجل استأجر من رجل شقة لمدة ستة أشهر، ودفع له المال، ثم بدا له، أي: المستأجر، أن يغير الشقة، فطلب من المؤجر أن يعيد له ماله فأبى، فالسؤال: من المحق منهما، علماً بأنه لم يكن أثناء العقد شهود؟

    الجواب: على كل ما دام أنهم متفقون، وهذا مقر بأنه استأجر منه، وعقد الإجارة من العقود اللازمة التي لا يمكن فسخها إلا برضا الطرفين، فإذا لم يرض أحد الطرفين، فإن العقد مستمر على ما هو عليه، وليس لأحد منهما أن يفسخه بمفرده، إلا إذا حصل هناك أمر يقتضي، مثل حصول عيب يمنع من الاستمرار فيه؛ فهذا الفسخ بسبب العيب، وبسبب الخلل، أما مع عدم وجود عيب فعقد الإجارة من العقود اللازمة التي لا يستطيع أحد الطرفين التخلص من العقد بمفرده، بل لا بد من رضا الطرف الثاني.

    مدى تعدد الثواب ببناء بيت في الجنة بتعدد المداومة على النوافل

    السؤال: هل تكفي ثنتي عشرة ركعة كل يوم بيت في الجنة؟


    الجواب: الله أعلم، حديث عائشة هو: (من ثابر)، وهذا يقول: (من صلى)، فيحتمل والله تعالى أعلم أنه مثل حديث عائشة، أن الذي يثابر يبني الله تعالى له بيتاً في الجنة.

    مدى حصول الأجر لمن يداوم على النوافل لكنه يقصر فيها أحياناً

    السؤال: حفظكم الله يا شيخ! من قصر في بعض الأحيان في هذه الرواتب بأن نقص منها في بعض الأحيان بسبب أو بغير سبب، فهل له هذا الأجر؟

    الجواب: على كل الأجر علمه عند الله عز وجل، المهم أن الإنسان يفهم الحديث، ويحرص على تطبيقه، والمقصود من ذلك المثابرة والمداومة، والإنسان إذا حصل منه نسيان أو ما إلى ذلك فإنه يقضي؛ لأن الإنسان إذا عود نفسه القضاء إذا فات، فإنها تكون منه المثابرة، بخلاف الإنسان الذي يتساهل فيها إذا فاتت، فإنه قد يكثر الفوات فيكثر التساهل.

    حكم القبلة للمتوضئ

    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، هل القبلة تنقض الوضوء؟ مع ذكر الأدلة في ذلك.

    الجواب: القبلة لا تنقض الوضوء، إلا إذا حصل مذي وخرج شيء فإنه ينقض الوضوء بهذا الخارج ليس بالقبلة. والرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه أنه قبل بعض نسائه وصلى ولم يتوضأ.

    كيفية أخذ العلم من العلماء أو الكتب

    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، ما هي الطريقة السليمة الصحيحة في أخذ العلم من العلماء ومن الكتب؟

    الجواب: أخذ العلم من العلماء -كما هو معلوم- يكون بالمثابرة والمداومة، والحرص على الاستفادة، وحفظ الوقت، والسؤال عما يشكل، وأما بالنسبة للكتب، فالإنسان يقتني الكتب النافعة المفيدة ويقرأها، ولكنه لا يعتمد على القراءة المجردة؛ لأن الإنسان قد يقرأ الشيء وهو خطأ، لكنه إذا كان معنياً بالقراءة على الشيوخ، ويعرف تصويبات الألفاظ فإن هذا يسهل عليه معرفة الكلمات على الصواب، وعندما يقرأ وحده فالحاصل أنه يقرأ ولكن لا يكون تعويله على القراءة، يعني يستفيد، فلا بد من القراءة، ولكن مجرد القراءة قد ينطق بالشيء على خلاف ما هو عليه، وإنما الذي يمكنه أن يعرف حقيقة اللفظ وصيغه إذا سمعه من الشيوخ، وبالقراءة على الشيوخ الذين يسددونه ويقومون كلامه، ويصححون خطأه إذا أخطأ، ويكون باختيار الكتب النافعة، وليس كل كتاب يقرأ، فعمر الإنسان لا يتسع لقراءة كل شيء، وإنما يقرأ ويستعمل زمانه في قراءة ما هو نافع.

    حكم تزيين البيوت بالأثاث وخاصة من طلاب العلم

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل في تزيين البيوت وشراء الأثاث الذي قد لا يستعمل طول الحياة محظور؟ وهل على طالب العلم أن يتنزه عن ذلك؟

    الجواب: لا يستعمل طول الحياة؟ كيف يزين بشيء لا يستعمل؟ يعني الفرش تستعمل.
    مداخلة: قد يقصد أنه ما يدوم مدة طويلة، يعني سريع التلف.
    الشيخ: على كل الإنسان عندما يشتري فإنه يشتري على حسب طاقته، إذا كان يستطيع أنه يشتري شيئاً يدوم مدة أكثر فهذا هو الذي ينبغي، وإذا كان الذي مدته قصيرة أرخص ولا يستطيع أن يشتري الذي هو أغلى منه، فالإنسان على قدر طاقته يتصرف؛ لأن من الناس من لا يستطيع إلا الشيء الرديء، وهذا الشيء الرديء تطول مدته عنده؛ لأنه يصبر.

    حكم التنفل قبل الجمعة


    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، ذكرتم أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يصلون قبل الجمعة ما شاء الله أن يصلوا، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في ذلك؟


    الجواب: عمل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم حجة، ما دام أنه لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء وجاء عن الصحابة أنهم كانوا يفعلون ذلك، وهذه طريقتهم، فيفعل كما فعل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
    مداخلة: لكن ورد في قول النبي صلى الله عليه وسلم في فضل التبكير إلى الجمعة، أنه قال: (وصلى ما شاء الله له أن يصلي)، أليس هذا دليل لفعل...؟
    الشيخ: هذا هو مستند الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، (يصلي ما شاء الله أن يصلي)، فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يفعلون هذه الطريقة، وهذا هو دليلهم.

    كيفية المسح على الجوربين

    السؤال: ما هي طريقة المسح المشروعة على الجوربين؟

    الجواب: طريقة المسح هو أن يمسح ظاهر الجوربين أو ظاهر الخفين، بأن يجعل الماء بيده، أو يصير يده وهي مبلولة، ولا يحمل معه ماءً يذهب به، وإنما تكون اليد مبلولة، فيمسح على ظاهر قدمه، لا يمسح الجوانب ولا يمسح الأسفل، وإنما الظاهر. ويقول علي رضي الله عنه: لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه.

    رد السلعة بالعيب بعد الافتراق

    السؤال: فضيلة الشيخ! من اشترى سلعةً ثم وجد بها عيباً، وقد افترق عن البائع، فهل يردها؟


    الجواب: نعم، إذا كانت معيبة يردها وإن حصل الافتراق؛ لأن هذا بسبب العيب، إذا كان هذا العيب موجوداً فيها من قبل، وإلا فقد يحصل العيب فيها بعدما يقبضها، فيما إذا كان زجاجاً أو شيئاً يمكن أن ينكسر بعد ذهابه به، أما إذا كان شيئاً العيب فيه موجود من قبل فإنه يرده.

    أفضلية صلاة المرأة بين الصلاة في بيتها أو في المسجد النبوي

    السؤال: فضيلة الشيخ! أيهما أفضل صلاة المرأة في المسجد النبوي أو في بيتها؟


    الجواب: صلاة النساء في بيوتهن أفضل من صلاتهن في المساجد مطلقاً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أن صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، ومن المعلوم أن ذلك يشمل مسجد رسول الله ويشمل غيره.

    حكم غسل اليدين سبعاً من لمس الكلب

    السؤال: هل من لمس كلباً يغسل يديه سبعاً؟

    الجواب: لا؛ لأن النجاسة ليست في جسد الإنسان فإذا لمس الإنسان شعر كلب لا تنجس جسده أبداً، وإنما ذاك في ولوغ الكلب في الإناء، ريقه ولعابه.

    حكم الإنجاب عن طريق الأنابيب

    السؤال: فضيلة الشيخ! هذا رجل أخبره الأطباء بأنه مريض بالسرطان، وأخبروه أنه سيموت بعد فترة، فهل يجوز أخذ الحيوانات المنوية منه والاحتفاظ بها، ثم بعد وفاته تلقح منها الزوجة؟


    الجواب: لا، أقول: مثل هذا لا يجوز أبداً، وإنما الحيوانات المنوية تكون من الزوج لزوجته، أما كونه يؤخذ شيء ويحتفظ به فيما بعد ثم يجعل في الزوجة، هذا ليس صحيحاً.
    أصل التلقيح هذا الذي يسمونه طفل الأنابيب، والذي يكون للزوجة من الزوج عن طريق الواسطة، هذا فيه كلام للعلماء المعاصرين، والذي ينبغي هو الابتعاد عن مثل ذلك، وإنما الإنسان يسلك الطريقة المشروعة، وتترك مثل هذه الطرق.

    الكلام حول الرافضة مذهبهم واعتبارهم من الفرقة الناجية


    السؤال: فضيلة الشيخ! هناك مجموعة من الأسئلة حول الرافضة، ويوجد بعضهم طبعاً في المسجد الآن وفي الحلقة، فالسؤال عن حكمهم، وحكم موالاتهم، وما يتعلق بذلك؟


    الجواب: الواجب على كل مسلم يؤمن بالله ورسوله، أن يتبع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الحق والهدى، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء بالحق والهدى من الله، تلقى ذلك عنه أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، فهم الواسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نعرف شيئاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا عن طريق الصحابة، القرآن ما جاء إلا عن طريق الصحابة، والسنة ما جاءت إلا عن طريق الصحابة، فالحق والهدى إنما كان عن طريق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والواجب على كل من ينتمي للإسلام أن يتبع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، واتباعه إنما يكون عن طريق ما جاء عن أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، فالقرآن الكريم الذي بأيدي الناس جمعه أبو بكر، وعثمان رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، فـأبو بكر جمع الجمعة الأولى، وعثمان جمع الجمعة الثانية التي هي المصحف الموجود بأيدينا الآن، فالحق جاءنا عن طريق أبي بكر، وعثمان رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، والرافضة يعتبرون هذين الرجلين، وكذلك عمر أنهم ظلمة، وأنهم غير محقين فيما وصلوا إليه من الولاية، وأن الحق إنما هو لـعلي، وهذا كما هو معلوم خلاف ما أطبق عليه أهل الحق، وأطبق عليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، والقرآن إنما جاء عن طريق هذين الخليفتين الراشدين أبو بكر، وعثمان رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم جاءت عن طريق الذين لهم رواية من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فهم الذين رووا ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم الواسطة بيننا وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يصل إلينا حق وهدى إلا عن طريق الصحابة، ومن نفض يده من الصحابة، ولم يتلق الحق منهم، فإنه ليس على حق بل هو على باطل، ونحن نقول هذه المقالة، والرافضة يقولون بعكس هذه المقالة، يقولون: أنه ليس شيء من الحق إلا ما خرج من عند الأئمة، وكل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل، فنحن نقول: إن الحق هو ما جاء عن طريق أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي والصحابة جميعاً، أهل البيت وغير أهل البيت، كل من جاءت عنه رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي على العين والرأس، ونحن نحب جميع الصحابة سواء كانوا من أهل البيت، أو ليسوا من أهل البيت، ومن كان من أهل البيت فنحن نحبه لصحبته، ولقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو العدل، وهذا هو الإنصاف، أما من يكون في قلبه حقد وغيظ على الصحابة، فهذا إنما ضر نفسه، ولم يضر الصحابة شيئاً، وإنما جنى على نفسه.
    والله عز وجل بين في القرآن الكريم مناقبهم وفضائلهم، والميزات التي تميزوا بها، وأخبر أنهم حتى في التوراة، والإنجيل، جاء وصفهم فيها، وأن الله تعالى أثنى عليهم بالكتب السابقة، وبين صفاتهم في الكتب السابقة، كما جاء ذلك في آخر سورة الفتح، وقد قال الله عز وجل بعد ذكر مناقبهم: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29]، فالذي يغيظه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فهو على خطر، أن يكون له نصيب من هذه الآية، وهي أن يكون كافراً؛ لأن الله قال: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29]، هذه حال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والواجب على كل من يريد الخير لنفسه أن يعرف الحق، وألا يتبع الضلال، فإنه إذا جاء يوم القيامة سيقول التابعون في حق المتبوعين: رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا [الأحزاب:67-68].
    واختلف أهل العلم هل هم من الفرقة الناجية أو لا؟
    فمنهم من قال: إنهم منها، ومنهم من قال: إنهم ليسوا منها.
    هذا يقوله عامر الشعبي، حين قال: إن الرافضة فاقوا اليهود والنصارى بخصلة؛ اليهود لو قيل لهم: من خير أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب موسى، والنصارى لو قيل لهم: من خير أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب عيسى، والرافضة لو قيل لهم: من شر أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب محمد، وهذه الكلمة التي قالها الشعبي قالها رافضي في قصيدة له طويلة اسمها القصيدة الأزرية، هذه القصيدة فيها بيت يتفوه بهذا الكلام الذي قاله الشعبي، يقول:
    أهم خير أمة أخرجت للناس هيهات ذاك بل أشقاها
    يعني: أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام.
    ويذكر في جملة ما ذكر، وهو دال على وقاحته وخسته أن سورة براءة لم تبدأ بالبسملة؛ لأن أبا بكر ذكر فيها، ثم الرد على هذا الكلام الوقح نقول: بأي شيء ذكر أبو بكر رضي الله عنه؟ ذكر بالثناء، وبأنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #320
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
    (317)

    لقد امتن الله تعالى على عباده المؤمنين بأن يسر لهم سبل الخير والأجر، وذلك من خلال فعل اليسير من الطاعات التي يترتب عليها الكثير من الأجور ورفع الدرجات، ومن ذلك ما ورد في أن من صلى ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله له بيتاً في الجنة.
    تابع ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد فيه


    شرح حديث: (من صلى ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق سابعة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وذكر اختلاف الناقلين فيه بخبر أم حبيبة في ذلك، والاختلاف على عطاء. أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم حدثنا حبان، ومحمد بن مكي أنبأنا عبد الله عن أبي يونس القشيري عن ابن أبي رباح عن شهر بن حوشب حدثه عن أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله تعالى عنها قالت: (من صلى ثنتي عشرة ركعةً في يوم، فصلى قبل الظهر، بنى الله له بيتاً في الجنة)].
    فهذه روايات عديدة من روايات حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها في بيان فضل وثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وقد مر جملة من الروايات عن أم حبيبة رضي الله عنها في ذلك، وسيأتي جملة من الروايات لحديثها تتعلق بهذا الموضوع وهذه منها، وهي أنها قالت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة قبل الظهر بنى الله له بيتاً في الجنة)، وهذه الرواية تشبه أو تدل على ما جاء من قبل بأن عطاء بن أبي رباح صلى قبل الجمعة ثنتي عشرة ركعة، فلما قيل له في ذلك؟ فذكر حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، (وأن من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله له بيتاً في الجنة)، وهذا الحديث فيه الإشارة، أو فيه الدلالة على أن ذلك يكون قبل الظهر، وهو الذي فعله عطاء بن أبي رباح رحمه الله، وقد مر في بعض الروايات: أنه في اليوم، وفي بعضها: أنها في اليوم أو الليلة، وهذا فيه أنه في اليوم وقبل الظهر.
    وظاهر هذه الرواية أنه موقوف، لكن كما عرفنا من قبل أن الذي يكون من هذا القبيل ولو كان موقوفاً فله حكم الرفع، والروايات المتقدمة، أو التي مرت روايات عديدة مرفوعة، إذاً: فالوقف لا يؤثر؛ لأنه لو لم يأت إلا من طريق واحد وكان موقوفاً على الصحابي، وهو من الأمور التي لا مجال للاجتهاد فيها، فإن هذا له حكم الرفع، ومن المعلوم أن بيان الثواب والعقاب، وذكر أمور غيبية وما إلى ذلك، هو مما لا مجال للرأي فيه، مثل قوله: (بنى الله له بيتاً في الجنة)، فإن هذا لا يقوله الصحابي من تلقاء نفسه، وإنما يقوله بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو وإن كان موقوفاً إلا أنه في حكم المرفوع، وقد جاء حديث أم حبيبة من طرق كثيرة فيه ذكر صلاة اثنتي عشرة ركعة، وأن من أداها أو فعلها في اليوم والليلة سوى المكتوبة، فإن الله تعالى يبني له بيتاً في الجنة.

    تراجم رجال إسناد حديث: (من صلى ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق سابعة

    قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم].
    ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا حبان ومحمد بن مكي].
    هو ابن موسى المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي ومحمد بن مكي مروزي أيضاً، وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
    [أنبأنا عبد الله].
    هو عبد الله بن المبارك المروزي، هو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير كما قال: ذلك الحافظ ابن حجر في التقريب. وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن أبي يونس القشيري].
    هو حاتم بن أبي صغيرة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن ابن أبي رباح].
    هو عطاء بن أبي رباح المكي، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن شهر بن حوشب].
    هو شهر بن حوشب المدني وهو صدوق، كثير الإرسال والأوهام، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن أم حبيبة].
    هي أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان، اسمها رملة وكنيتها أم حبيبة، وهي مشهورة بكنيتها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (اثنتا عشرة ركعة من صلاهن ...) من طريق ثامنة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الربيع بن سليمان أنبأنا أبو الأسود حدثني بكر بن مضر عن ابن عجلان عن أبي إسحاق الهمداني عن عمرو بن أوس عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اثنتا عشرة ركعةً من صلاهن بنى الله له بيتاً في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين قبل صلاة الصبح)].أورد النسائي حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، وفيه ذكر صلاة ثنتي عشرة ركعة غير المكتوبة، وأن من فعلها وأداها بنى الله له بيتاً في الجنة، ثم ذكر تفصيلها، وأنها أربع قبل الظهر وثنتين بعدها، وثنتين قبل العصر، وثنتين بعد المغرب، وثنتين قبل الفجر، وليس فيه ذكر ثنتين بعد العشاء، وهو الذي جاء في حديث عائشة وغيرها مما هو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: اثنتا عشرة ركعة، وهو مثل هذا الترتيب، إلا أن فيه بدل قبل العصر اثنتين، بعد العشاء اثنتين، وهذه الرواية فيها مثل ما جاء في حديث عائشة، إلا أنه بدل بعد العشاء ركعتين، قبل العصر ركعتين.
    وقد جعل الألباني هذه الرواية من قبيل ما هو ضعيف الإسناد، ولا أدري وجه الضعف!، هل هو من جهة شهر بن حوشب أو عنعنة أبي إسحاق السبيعي وهو مدلس، أو من جهة غيرهما؟ لكن الإشكال فيه هو في التفصيل، وليس في ذكر أوله؛ لأن أوله متفق مع بقية الروايات الصحيحة الثابتة، ولكن الإشكال إنما هو في التفصيل، حيث جاء في التفصيل ما، يخالف ما قد جاء من ذكرها مجملة وغير مفصلة، وفي بعض الروايات أنها تكون قبل الظهر، وفيه أيضاً كونه بدل بعد العشاء ركعتين، قبل العصر ركعتين، والروايات الأخرى الثابتة فيها مثل هذا التفصيل، ولكن بدل قبل العصر ركعتين: بعد العشاء ركعتين، وقد جاء فيما يتعلق بصلاة العصر ذكر فضل أربع ركعات قبل العصر، ولكن ذكر الركعتين في هذا الحديث الذي فيه التفصيل، وهو مخالف لما جاء في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، ولا أدري وجه تضعيفه عند الشيخ الألباني، هل هو من جهة شهر بن حوشب في الإسناد.
    أو لأن فيه ابن عجلان، هو صدوق يخطئ، وأخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وقد مر له أحاديث صحيحة، مر له أحاديث ثابتة.

    تراجم رجال إسناد حديث: (اثنتا عشرة ركعة من صلاهن ...) من طريق ثامنة

    قوله: [أخبرنا الربيع بن سليمان].
    هو ابن داود الجيزي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
    [أنبأنا أبو الأسود].
    هو النضر بن عبد الجبار المصري، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
    [حدثني بكر بن مضر].
    هو بكر بن مضر المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، إلا ابن ماجه.
    [عن ابن عجلان].
    هو محمد بن عجلان المدني، وهو صدوق، اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن أبي إسحاق الهمداني].
    هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، يأتي ذكره كثيراً بنسبته الخاصة السبيعي، ويأتي أحياناً بالنسبة العامة الهمداني، وسبيع بطن من همدان؛ ولهذا أحياناً وكثيراً ما يقال له: أبو إسحاق السبيعي، وبعض الأحيان يقال له: أبو إسحاق الهمداني كما هنا، والنسبتان واحدة، إلا أن همدان نسبة عامة لقبيلة في اليمن، والنسبة نسبة عامة، وسبيع بطن من همدان، وينسب إليها نسبة خاصة، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عمرو بن أوس].
    تابعي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عنبسة بن أبي سفيان].
    هو أخو أم حبيبة، وهو تابعي ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
    [عن أم حبيبة].
    وقد مر ذكرها.

    شرح حديث: (من صلى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً ...) من طريق تاسعة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري حدثنا يونس بن محمد حدثنا فليح عن سهيل بن أبي صالح عن أبي إسحاق عن المسيب عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى اثنتي عشرة ركعةً بنى الله له بيتاً في الجنة: أربعاً قبل الظهر، واثنتين بعدها، واثنتين قبل العصر، واثنتين بعد المغرب، واثنتين قبل الصبح)، قال أبو عبد الرحمن: فليح بن سليمان ليس بالقوي].أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهو مثل الطريق السابقة، ذكر (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة -سوى المكتوبة- بنى الله له بيتاً في الجنة) ثم فصلها مثل التفصيل السابق، أربع قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين قبل العصر، وثنتين بعد المغرب، وثنتين قبل الفجر، وليس فيه ذكر ثنتين بعد العشاء، وهذا أيضاً مما ضعفه الألباني، ولا أدري أيضاً ما وجه تضعيفه هل هو من جهة الإسناد، أو من جهة ما فيه من المخالفة للطرق السابقة.

    تراجم رجال إسناد حديث: (من صلى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً ...) من طريق تاسعة

    قوله: [أخبرنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر]
    هو النيسابوري، وهو صدوق، أخرج حديثه ابن ماجه، والنسائي، كان يحفظ ثم كبر فصار كتابه أتقن من حفظه، وحديثه أخرجه أبو داود، والنسائي.
    [حدثنا يونس بن محمد].
    هو البغدادي، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا فليح].
    هو فليح بن سليمان، وهو صدوق كثير الخطأ، وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن سهيل بن أبي صالح].
    هو سهيل بن أبي صالح السمان، أبوه أبو صالح ذكوان السمان، وسهيل بن أبي صالح، صدوق روى له البخاري تعليقاً ومقروناً، وحديثه رمز له بأنه أخرج له أصحاب الكتب؛ لأنه ما دام أنه أخرج له مقروناً، معناه: في الأسانيد المتصلة، وهو يرمز له ولأمثاله برمز الصحيح، وأما الذي يكون فيه تعليق فقط، وليس فيه ذكره في الأسانيد المتصلة، فإنه يرمز له بالخاء والتاء، وهنا لما ذكر أنه مقرون وتعليق، جعل نسبته أصحاب الكتب الستة، على أن البخاري خرج له في الأصول، لكن مقروناً بغيره، وكونه خرج له في التعاليق، يعني أن العبرة بما هو أعلى من ذلك، وهو كونه روي له مقروناً، فاكتفى بذلك، ولا يشير إلى الرواية تعليقاً إلا إذا كان لم يخرج له في الأصول، سواءً كان استقلالاً أو متابعةً ومقروناً بغيره، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    ولهذا حديث: (الدين النصيحة)، الذي رواه مسلم في صحيحه، البخاري ما رواه في الصحيح، ولكنه أورده في ترجمة باب، فقال: [باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة. قالوا: لمن يا رسول الله؟! قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم)] ذكر المتن في الترجمة؛ لأن الحديث صالح للاستدلال عنده إلا أنه لم يذكره بالإسناد؛ لأنه لم يحتج به مفرداً، وإنما احتج به مقروناً أو تعليقاً.
    [عن أبي إسحاق].
    هو الهمداني السبيعي، وقد مر قريباً.
    [عن المسيب].
    هو المسيب بن رافع، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة].
    وقد مر ذكرهما.

    حديث: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق عاشرة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا أبو نعيم حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن المسيب بن رافع عن عنبسة أخي أم حبيبة عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعةً سوى المكتوبة بني له بيت في الجنة: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وثنتين قبل العصر، وثنتين بعد المغرب، وثنتين قبل الفجر)].ثم أورد النسائي هذا الحديث، حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهو مثل الطريقين السابقتين، فإن المتن مثل المتن في الطريقين السابقتين، وذكر الإجمال وذكر التفصيل، وأيضاً الحديث مما ضعفه الألباني من هذه الطريق.
    قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
    هو الرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [عن أبو نعيم].
    هو الفضل بن دكين الكوفي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد ذكر أنه يتشيع أو أنه وصف بالتشيع، ولكن ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمته: في مقدمة الفتح كلمةً جميلةً تدل على سلامته مما نسب إليه من البدعة، وهي قوله: (ما كتبت عليّ الحفظة أنني سببت معاوية (، ما كتبت عليّ الحفظة، أي: الملائكة الذين يكتبون السيئات، ما كتبوا عليه أنه سب معاوية، وهذا يدل على سلامته من بدعة التشيع؛ لأن سب معاوية هذا من أسهل الأشياء عند الشيعة مطلقاً، حتى الزيدية الذين هم أخف من الرافضة، يشتمون معاوية، ويسبون معاوية، وإن كانوا يجلون أبا بكر، وعمر ويترضون عنهما، إلا أنهم يسبون معاوية، فـالفضل بن دكين رحمة الله عليه يقول: ما كتبت عليّ الحفظة أنني سببت معاوية، معنى هذا: أنه بريء من هذه البدعة غاية البراءة؛ لأن من يقول هذه المقالة: أن الملائكة ما كتبوا عليه أنه سب معاوية، معناه: أنه سليم، وأنه ليس صاحب بدعة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا زهير].
    هو زهير بن معاوية بن حديج الكوفي، وهو ثقة، ثبت، وسماعه من أبي إسحاق بآخره، وهنا يروي عن أبي إسحاق، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي إسحاق عن المسيب عن عنبسة عن أم حبيبة].

    وقد مر ذكر الأربعة.


    الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد في خبر ثواب من صلى ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة


    حديث: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة) من طريق حادية عشرة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد. أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا إسماعيل عن المسيب بن رافع عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة)].
    ثم ذكر الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد في حديث أم حبيبة المتعلق بصلاة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وقد أورد فيه الحديث على سبيل الإجمال، وليس التفصيل كما مر في الروايات السابقة، وهو: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة)، وهذا متفق مع الروايات السابقة الكثيرة، التي فيها ذكر بيان ثواب من صلى ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وليس فيه التفصيل الذي مر في الروايات السابقة.
    قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].
    المشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا يزيد بن هارون].
    هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، متقن، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [أخبرنا إسماعيل].
    هو ابن أبي خالد الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [عن المسيب بن رافع عن عنبسة عن أم حبيبة].
    وقد مر ذكرهم.

    حديث: (من صلى في الليل والنهار ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق ثانية عشرة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يعلى حدثنا إسماعيل عن المسيب بن رافع عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: (من صلى في الليل والنهار ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بني له بيت في الجنة)].ثم أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم من الطرق التي فيها ذكر الفضل والثواب دون ذكر التفصيل.
    قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
    هو الرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
    [حدثنا يعلى].
    هو يعلى بن عبيد الطنافسي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن المسيب بن رافع عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة].
    وقد مر ذكر الأربعة.

    حديث: (من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة..) من طريق ثالثة عشرة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم حدثنا محمد بن مكي وحبان حدثنا عبد الله عن إسماعيل عن المسيب بن رافع عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: (من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة)، لم يرفعه حصين، وأدخل بين عنبسة وبين المسيب ذكوان].ثم أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهي مثل ما تقدم من الطرق التي فيها ذكر ثواب ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وليس فيه ذكر التفصيل، ورجال الإسناد مر ذكرهم، محمد بن حاتم بن نعيم مر ذكره قريباً آنفاً، وكذلك حبان بن موسى ومحمد بن مكي مر ذكرهم قريباً، وكذلك عبد الله، وهو ابن المبارك المروزي مر ذكره ومن ثم إسماعيل بن أبي خالد والمسيب وأم حبيبة، وقد مر ذكرهم.


    الأسئلة

    حكم إضحاك الناس في المسجد من قبل بعض الدعاة

    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، يوجد بعض الدعاة في أسلوبهم في الدعوة إلى الله عز وجل وعند تحديثهم الناس، أو المدعوين في المساجد والمحاضرات يثيرون الضحك، فهل هذا الفعل لهم فيه من سلف؟ وما الدليل على ذلك؟


    الجواب: الإضحاك في المسجد الأولى عدم فعله، وأما الشيء الذي فيه تبسم أو إظهار شيء فيه تبسم، هذا لا يؤثر، وإنما الشيء الذي فيه إضحاك يحصل في المسجد، الأولى عدم فعله، لا نقول: أنه حرام، لكن نقول: الأولى عدم فعله.

    معنى سقوط القمر لثالثة

    السؤال: فضيلة الشيخ! روي عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء لسقوط القمر لثالثة، فما معنى سقوط القمر لثالثة؟


    الجواب: يعني: غيبة القمر ليلة الثالث من الشهر.

    مدى صحة ما ورد في فضل رجب

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل ورد أثر صحيح في فضل رجب، وأن العبادة فيه تضاعف؟


    الجواب: لم يرد في فضله شيء، والحافظ ابن حجر ألف في ذلك رسالة خاصة تتعلق بشهر رجب، وأنه لم يثبت فيه شيء يتعلق بفضله، إلا أنه من الأشهر الحرم، وفي السنة أربعة أشهر حرم، رجب وحده، وثلاثة أشهر متصلة، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ثلاثة سرد وواحد فرد، ولهذا يقال لرجب: الفرد؛ لأنه وحده من الأشهر الحرم، ليس بجواره شهر حرام، فليس في فضله ما يخصه من صلاة أو من عبادة أو ما إلى ذلك، ليس هناك شيء، بل حتى ليلة المعراج ما ثبت أنها في شهر رجب، ما هناك شيء يدل على ثبوتها في شهر رجب، حتى لو ثبتت لم يكن له أن يحييها بعبادة، لا بصلاة ولا بغيرها؛ لأن العبادات مبناها على التوقيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    أجمع الكتب في العقيدة

    السؤال: يا شيخ! ما هي أجمع كتب العقيدة وأحسنها؟


    الجواب: كتب العقيدة متنوعة متعددة، ما نستطيع أن نقول عن كتاب معين: أنه أجمع، وأنه أحسن، لكن نستطيع أن نقول: أن هناك كتباً هي من أحسن الكتب، ومن أفيدها، كتب كثيرة، وكتب العقيدة هي تؤلف على طريقتين: طريقة المتقدمين، وطريقة المتأخرين، طريقة المتقدمين الذين يروون بالأسانيد، ويذكرون الآثار والأحاديث بالأسانيد، حدثنا فلان قال: حدثنا فلان، فهذه من أهم كتب العقيدة، وهي تأتي على عدة مسميات، وكل مسمى يأتي تحته عدة كتب، فمن الأسماء التي تأتي كثيراً في العقيدة باسم السنة، بلفظ (كتاب السنة)، مثل: كتاب السنة للإمام أحمد، السنة لـابن أبي عاصم، السنة للطبراني، السنة لـمحمد بن نصر المروزي، السنة للالكائي، وغيرها كثيرة، وهي تتعلق بالعقيدة، ويريدون بالسنة ما يقابل البدعة، ولهذا أبو داود رحمه الله في كتابه السنن ذكر كتاباً اسمه كتاب السنة يشتمل على مائة وستين حديث تقريباً كلها تتعلق بالعقيدة، وسماه كتاب السنة، وهو موجود ضمن كتاب السنن، ولكنه جاء باسم السنة، (كتاب السنة)؛ وهي: العقيدة أو الأحاديث والآثار التي جاءت في العقيدة على وفق السنة التي هي مقابل للبدعة، ومن الأسماء التي تأتي وهي عامة كتب الإيمان باسم الإيمان، مثل: كتاب الإيمان لـابن أبي شيبة، والإيمان لـأبي عبيد القاسم بن سلام، والإيمان لـابن أبي عمر العدني، وعدة مؤلفات باسم الإيمان، وهي للمتقدمين، وكلها في العقيدة، وتروي بالأسانيد، تكون مبنية على الأسانيد، وهي باسم الإيمان، وكذلك أيضاً يأتي بلفظ التوحيد مثل: كتاب التوحيد لـابن خزيمة، كتاب التوحيد لـابن مندة، ويأتي أيضاً عنوان باسم الرد على الجهمية تحته عدة كتب مثل: الرد على الجهمية للإمام أحمد، الرد على الجهمية للدارمي، والرد على الجهمية لـابن مندة، والرد على الجهمية لـابن أبي حاتم، كتب متعددة باسم الرد على الجهمية، وكلها في العقيدة، وفيه أيضاً كتب باسم الحجة في بيان المحجة، والحجة على تارك المحجة، وهما: كتابان أحدهما لـنصر المقدسي، والثاني لـإسماعيل الأصبهاني التيمي، وكلها في العقيدة، فهذه على طريقة المتقدمين، كتب مؤلفة في العقيدة على طريقة المتقدمين، وهو أنهم يروون بالأسانيد.
    أما المتأخرون الذين يؤلفون في العقيدة، فهم يعنون بكتابة مباحث العقيدة بدون ذكر الأسانيد، ولكنهم يبنون على ما في كتب المتقدمين من الأحاديث والآثار التي جاءت بأسانيد، وهم يذكرون فيها مباحث العقيدة، ويذكرون الأدلة من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه طريقة المتأخرين، وممن كتب في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية مؤلفات عديدة، مثل: التدمرية، والحموية، والواسطية، وغيرها من الكتب العديدة في العقيدة، وكذلك ابن القيم كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، وكذلك الذهبي في علو العلي الغفار، وكذلك غيرهم من العلماء الذين كتبوا في العقيدة على طريقة السلف، لكنهم لبعدهم عن زمن الرواية، لا يعنون بذكر الأسانيد، ولكنهم يكتفون بأن يضيفوا الكتب إلى مصادرها التي هي فيها كـالبخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم من العلماء، ومثل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في كتاب التوحيد؛ لأن كتاب التوحيد هو كتاب ليس للشيخ محمد بن عبد الوهاب فيه كلام، إلا المسائل التي تكون في نهاية كل باب، وأما الباقي فهو آيات وأحاديث وآثار، فهو كتاب في العقيدة على طريقة السلف، آيات، وأحاديث، وآثار، مثل ما يفعل البخاري، ويفعل غيره، يعني يأتون بكتاب التوحيد ويجمعون آيات وأحاديث وآثار، فهو يأتي بآيات وأحاديث، وآثار عن السلف، وليس له كلام إلا ما يذكره في نهاية كل باب من المسائل التي تستنبط من الآيات والأحاديث، فيقول فيه مسائل الأولى كذا، والثانية كذا وكذا إلى آخره، وكلها استنباط من الآيات والأحاديث، ومن أحسن الكتب أيضاً شرح الطحاوية التي هي عقيدة أهل السنة التي ألفها أبو جعفر الطحاوي، عقيدة أهل السنة والجماعة، وشرحها ابن أبي العز الحنفي في كتابه المشهور شرح الطحاوية، وهو كتاب واسع ومفيد.

    مرور الرجل بين يدي المرأة في الصلاة

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم مرور الرجل أمام المرأة في الصلاة؟


    الجواب: المرور لا يجوز بين يدي المصلي، لا أمام رجل، ولا أمام امرأة، فالمرور لا يجوز، ولكن من حيث القطع، الذي ورد فيه القطع المرأة، والحمار، والكلب، هذا هو الذي ورد أن مرورهم يقطع الصلاة.

    الحل المناسب لمن به سلس البول ويكثر الجلوس في الحمام

    السؤال: فضيلة الشيخ! شخص مريض بكثرة التبول، ويدخل الحمام كل ربع ساعة، فكيف يفعل؟


    الجواب: إذا كان وسوسة فليحذر منها، وإذا دخل الحمام لا يجلس فيه ويطول، يعني: لا يظن أنه ما انتهى، ويتعب نفسه ويلعب عليه الشيطان، وإنما عليه أن يقضي حاجته ويخرج؛ لأن الحمام الجلوس فيه غير طيب إلا للضرورة، والإنسان إذا كان هناك وسواس يطرحه، وإذا انتهى فليستنجي وليخرج. وأما إذا كان فيه سلس بول، فهذا شيء آخر، هذا له حكم يخصه، وهو أنه يصلي على حسب حاله، ويتوضأ لكل صلاة، ويرش على ثوبه أو على ما يلي ذكره على ثيابه الماء؛ حتى لا يكون هناك وسواس، أي: يأتي في باله أنه من هذا الماء.
    وبعض الناس يكون ابتلي بمرض السكر فليتبول كل فترة قصيرة يحتاج إلى أن يذهب إلى الحمام، فهذا أحياناً يكون جالساً في المسجد بانتظار صلاة الجمعة، أو صلاة العشاء بعد المغرب، فيحصل البول هذا يخرج يتوضأ وإلا يأتي متأخراً.

    نقض ضفائر شعر المرأة التي تريد الغسل الواجب

    السؤال: هل يجب على المرأة أن تنقض ضفائرها عند الغسل من الجنابة أو تبله كله؟


    الجواب: عند الغسل من الحيض هو الذي تنقض ضفائرها، وأما عند الجنابة فإنها يكفي أن تصب عليه الماء حتى تروي أصوله ولو لم تنقضه.

    الشرب لمن دخل المسجد النبوي قبل أن يصلي ركعتين

    السؤال: ما حكم من يدخل المسجد النبوي فيشرب من زمزم قبل أن يصلي ركعتين؟


    الجواب: السنة أن يصلي ركعتين ثم يشرب، حتى يسلم من الدخول تحت قوله: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، فيصلي ركعتين ثم يشرب.

    حكم تخصيص توزيع الأطعمة في ليلة النصف من شعبان

    السؤال: فضيلة الشيخ! الأطعمة التي توزع في كل سنة في منتصف شعبان بالذات، هل هي بدعة؟


    الجواب: نعم، كل ما يتعلق بشهر شعبان أو شهر رجب، ما ثبت في ذلك شيء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، لا في ليلة النصف من شعبان، ولا ليلة سبع وعشرين من رجب ولا غيرهما، كل هذه الأمور محدثة بدعة.
    على الإنسان أنه ينهى الناس عن أن يفعلوا ذلك.

    حكم صيام رمضان لمن رأى الهلال وحده

    السؤال: من رأى الهلال وحده، فهل يصوم دون الجماعة؟


    الجواب: من رأى الهلال وحده وتحقق رؤية الهلال عنده فإنه يصوم.

    معنى أوفوا بالعقود

    السؤال: ما معنى قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1]؟


    الجواب: (أوفوا بالعقود)، أي عقد من العقود؛ لأن هذا مطلق، هذه من الآيات التي فيها العموم والشمول، أي عقد من العقود المشروعة التي يجوز إبرامها، فعلى من أبرمها أن يوفي بها، سواءً كان عقد بيع أو عقد زواج، كل ما يتعلق بهذه العقود يجب الوفاء بحقوقها، وبما هو مطلوب منها مطلقاً، (أوفوا بالعقود)، أي عقد شرعي يسوغ عقده في المعاملات بين الناس، فإنه يجب الوفاء به، إلا أن بعض العقود تكون جائزة، يعني: للإنسان أن يفسخ بمفرده، ومن العقود ما هو لازم.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •