حدود العلاقة بين المسلم والمشرك
قال الله عز و جل في سورة الممتحنة :
"يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِٱلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا۟ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلْحَقِّ يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا۟ بِٱللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَـٰدًۭا فِى سَبِيلِى وَٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِى ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِٱلْمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ1
يظن البعض أنّ الموده مثل البر و الصحيح أنه يجب التفريق بين المودة والبر
في نفس السورة قال الله عز و جل:
" لَّا يَنْهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَـٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوٓا۟ إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِين َ "8
فمنعنا الله عز وجل من إلقاء المودة للنصارى و أباح لنا برّهم فالآية الأولى نزلت في الصحابي حاطب بن أبي بلتعه حين أوحى الله عز و جل الى الرسول صلى الله عليه و سلم أن بعث حاطب برساله مع امرأة ليفشي سر غزو الرسول عليه الصلاة و السلام لقريش فأرسل علياً رضي الله عنه لجلب الرسالة, وأتى بها الى الرسول صلى الله عليه و سلم فتفاجأ حاطب رضي الله عنه بانكشاف أمره فقال يا رسول الله والله ما فعلت هذا كفرا و لا رضا بالكفر بعد الايمان و لكن أردت ان اتخذ يدا عند هؤلاء يحفظون بها قرابتي "باطنه مؤمن وظاهره نفاق و مودّة للمشركين " فرد النبي صلى الله عليه و سلم : صدق
و أراد عمر أن يضرب عنق حاطب و قال أنّه خان الله و رسوله و خان المؤمنين فقال الرسول صلى الله عليه و سلم: يا عمر لعل الله اطلع على اهل بدر وقال اعملوا ما شئتم فاني قد غفرت لكم
آية (تلقون اليهم بالمودة) ممكن أن يقول أحدهم أن المودة عمل قلبي ولا يعلم ما في القلوب الا الله اذن لننظر الى القرائن في الخارج التي تدل على المودة مثل حضور أفراح الكافرين و حضور جنائزهم و حضور المناسبات السعيده عندهم وتهنئتهم بأعيادهم، وبذلك أنكر الله على المؤمنين أن يلقوا المودة و لو بالظاهر وهذا ما فعله حاطب رضي الله عنه
و قال القرطبي وغيره : تلقون اليهم بالمودة (أي بالظاهر) قال تعالى في سورة النساء :
" وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا۟ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا۟ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِۦٓ ۚ إِنَّكُمْ إِذًۭا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَـٰفِقِ نَ وَٱلْكَـٰفِرِين فِى جَهَنَّمَ جَمِيعًا "140
فان جالس رجل مسلم رجل مشرك يستهزئ بالله ورسوله سوّى الله بينهما في الحكم لان الظاهر من الامر الاستهزاء والسكوت عليه
أمّا البرّ فلا يشترط فيه المحبة القلبية والود، فمن الممكن أن تكره احدهم و تحسن اليه، قال الله عز و جل في سورة المجادلة :
لَّا تَجِدُ قَوْمًۭا يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوْ كَانُوٓا۟ ءَابَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَ*ٰنَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلْإِيمَـٰنَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍۢ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّـٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا۟ عَنْهُ ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ ۚ أَلَآ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُون َ22
و ذكر الآباء أيضا في سورة لقمان (وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما و صاحبهما في الدنيا معروفا)15 و هذه المصاحبه هي البرّ دون المحبّة، و قد امر الله الاحسان و البر حتى مع الحيوانات حين قال الرسول عليه الصلاة و السلام اذا ذبحتم فأحسنوا الذبحه
جاء رجل الى عمر رضي الله عنه و بعد حوار دار بينهما قال له عمر : اني لا احبك فقال : يا أمير المؤمنين أينقصني ذلك من حقي شيأ قال : لا
نقلا بتصرف من كلام الشيخ أبو اسحق الحويني