تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 11 من 12 الأولىالأولى ... 23456789101112 الأخيرةالأخيرة
النتائج 201 إلى 220 من 223

الموضوع: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

  1. #201
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (198)
    صـ 209 إلى صـ 216






    وقد أجاب بعضهم بجواب آخر: وهو أنا نرضى بالقضاء لا بالمقضي. وقد أجاب بعضهم [بجواب آخر] : أنا نرضى بها من جهة كونها (1) خلقا، ونسخطها من جهة (2) كونها كسبا.
    وهذا يرجع إلى الجواب الثالث، لكن إثبات الكسب إذا لم يجعل العبد فاعلا - فيه كلام قد ذكر في غير هذا الموضع (3) .
    فالذين جعلوا العبد كاسبا غير فاعل من أتباع الجهم [بن صفوان] (4) وحسين النجار، وأبي الحسن [الأشعري] وغيرهم (5) ، كلامهم متناقض ; ولهذا لم يمكنهم أن يذكروا في بيان هذا الكسب والفرق بينه وبين الفعل كلاما معقولا، بل تارة يقولون: هو (6) المقدور بالقدرة الحادثة، وتارة يقولون: ما قام بمحل القدرة أو بمحل القدرة (7) الحادثة.
    وإذا قيل لهم: ما القدرة الحادثة؟
    قالوا: ما قامت بمحل الكسب، ونحو ذلك (8) من العبارات التي

    **_________
    (1) ن: فأجاب بعضهم بأنا نرضى بها من حيث كونها ; وأجاب بعضهم بأن نرضى بها من حيث كونها، ع: وقد أجاب بعضهم بجواب آخر وهو أنا نرضى من حيث كونها.
    (2) ن: من حيث.
    (3) ن، م: فيه كلام ليس هذا موضعه.
    (4) بن صفوان: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) أ، ب: كأبي الحسن وغيره، ع: وأبي الحسن وغيره، ن: وأبي الحسن وغيرهم، والمثبت من (م) .
    (6) ن، م: هذا.
    (7) ساقط من (ب) فقط.
    (8) ن، م: ونحوه
    ============================== =
    تستلزم الدور. ثم يقولون: معلوم (1) بالاضطرار الفرق بين حركة المختار وحركة المرتعش. وهذا كلام صحيح، لكنه حجة عليهم لا لهم، فإن هذا الفرق يمتنع أن يعود إلى كون أحدهما مرادا دون الآخر، إذ يمكن الإنسان أن يريد فعل غيره، فرجع الفرق إلى أن للعبد على أحدهما قدرة يحصل بها الفعل دون الآخر، والفعل هو الكسب، لا يعقل شيئان في المحل، أحدهما فعل، والآخر كسب.
    **[فصل من كلام الرافضي عن القدر عند أهل السنة " ومنها أنه يلزم أن نستعيذ بإبليس من الله تعالى " والرد عليه]

    (فصل)
    قال [الرافضي] : (2) " ومنها أنه يلزم (3) أن نستعيذ (4) بإبليس من الله تعالى، ولا يحسن قوله تعالى: {فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [سورة النحل: 98] لأنهم نزهوا إبليس (* والكافر من (5) المعاصي، وأضافوها إلى الله تعالى. فيكون الله تعالى على المكلفين شرا من إبليس *) (6) عليهم، تعالى الله عن ذلك ".
    فيقال: هذا كلام ساقط (7) ، وذلك من وجوه:

    **_________
    (1) ن، م: الدور ومعلوم.
    (2) الرافضي: زيادة في (ع) ، والكلام التالي في (ك) ، ص [0 - 9] 9 (م) .
    (3) أ، ب: يلزمه ; ن: يستلزم.
    (4) ن، أ: يستعيذ، وهو تحريف.
    (5) ن، م: عن.
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) .
    (7) أ، ب: متناقض
    ============================== ==========
    أحدها: إما أن يكون لإبليس فعل، وإما أن لا يكون له (1) فعل. فإن لم يكن له فعل امتنع أن يستعاذ به، فإنه حينئذ لا يعيذ أحدا ولا يفعل شيئا. وإن كان له فعل بطل تنزيهه عن المعاصي، فعلم أن هذا الاعتراض ساقط على قول مثبتة القدر ونفاته، وهو إيراد من غفل عن القولين، وكذلك (2) بتقدير أن لا يكون لإبليس فعل، فلا يكون منه (3) شر حتى يقال: إن غيره شر منه، فضلا عن أن (4) يقال: إن الله [تعالى] (5) شر من إبليس (6) .
    فدعوى هذا أن هؤلاء يلزمهم أن يكون (7) الله شرا عليهم من إبليس - دعوى باطلة، إذ غاية ما يقوله القائل هو الجبر المحض (8) ، كما يحكى عن الجهم وشيعته، وغاية ذلك أن لا يكون (9) لإبليس ولا غيره قدرة ولا مشيئة ولا فعل، بل تكون حركته كحركة الهواء (10) ، وعلى هذا التقدير فلا يكون منه لا خير ولا شر، والله تعالى هو الخالق لهذا كله، فكيف يقال على هذا التقدير (11) إن بعض مخلوقاته شر منه.

    **_________
    (1) أ، ب: لإبليس.
    (2) أ، ب: وذلك.
    (3) أ، ب: له.
    (4) أن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (6) أ، ب: شر منه.
    (7) أ، ب: فدعوى هؤلاء أن يكون.
    (8) أ: القائل هو الخبر المحض، ن: القائل الخير المحض، م: القائل بالجبر المحقق، ع: القائل بالجبر المحض.
    (9) ن: أن لا يكونوا، م: لا يكون.
    (10) أ: الهوى ; ب: الهوي.
    (11) ساقط من (أ) ، (ب)
    ==========================
    الثاني: أن يقال إنما تحسن الاستعاذة بإبليس لو كان يمكنه أن يعيذهم من الله، سواء كان الله خالقا لأفعال العباد أو لم يكن. وهؤلاء القدرية، كالمصنف وأمثاله هم (1) مع قولهم: إن إبليس يفعل ما لا يقدره الله (2) ، ويفعل بدون مشيئة الله ويكون في ملك الله ما لا يشاؤه (3) ، وإن الله لا يقدر (* على أن يحرك إبليس ولا غيره من الأحياء، ولا ينقلهم من عمل إلى عمل: لا من خير إلى شر، ولا من شر إلى خير، فهم مسلمون (4) مع هذا *) (5) القول والفعل والتسليط الذي أثبتوه لإبليس (6) من دون الله - أن إبليس لا يقدر أن يجير (7) على الله، ولا يعيذ أحدا منه، فامتنع على هذا أن يستعاذ به، ولو قدر - والعياذ بالله - ما ألزموه من كون غير إبليس شرا منه على الخلق لكنه مع هذا عاجز عن دفع (8) قضاء الله وقدره، فكان المستعيذ به، بل بسائر المخلوقين مخذولا.
    كما قال تعالى: {لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا} [سورة الإسراء: 22] وقال تعالى: {قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون - سيقولون لله قل فأنى تسحرون} [سورة

    **_________
    (1) هم زيادة في (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: يقدره الله عليه.
    (3) ن، م: ما لا يشاؤه الله.
    (4) ن: يسلمون.
    (5) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (6) ن، م: ولإبليس وهو خطأ.
    (7) ع، أ: يجبر.
    (8) ب فقط: رفع
    ============================== ==
    المؤمنون: 88، 89] ، وقال تعالى: {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون} [سورة العنكبوت: 41] .
    [الوجه] (1) الثالث: أنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول [في سجوده] (2) : " «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» ". (3) . [وروي أنه كان يقول هذا في الوتر أيضا] (4) فإذا كان صلى الله عليه وسلم قد استعاذ ببعض صفاته وأفعاله من بعض، حتى استعاذ به منه، فأي امتناع أن (5) يستعاذ به من بعض مخلوقاته؟
    الوجه الرابع: أن يقال: أهل السنة لا ينكرون أن يكون دعاء العبد

    **_________
    (1) الوجه ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) في سجوده: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) الحديث عن عائشة رضي الله عنها في: مسلم 1 352 كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود وأوله: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: اللهم أعوذ برضاك. الحديث. وهو في: سنن أبي داود 1 322 كتاب الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود، سنن الترمذي 5 187 كتاب الدعوات باب رقم 78، سنن ابن ماجه 1 273 كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء في القنوت في الوتر، المسند ط. الحلبي 6 58، 201.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) ن: فأي امتناع من أن، م: فأي مانع من أن
    =============================
    لربه واستعاذته به سببا لنيل المطلوب ودفع المرهوب، كالأعمال الصالحة التي أمروا بها، فهم إذا استعاذوا بالله (1) من الشيطان، كان نفس استعاذتهم به سببا (2) لأن يعيذهم من الشيطان. وقد يوجد في بعض (3) المخلوقين من الظلمة القادرين (4) من يأمر بضرر (5) غيره ظلما وعدوانا، فإذا استجار به مستجير وذل له؛ دفع عنه ذلك الظالم الذي أمره هو بظلمه. ولله المثل الأعلى، وهو المنزه عن الظلم، وهو أرحم الراحمين، [وهو أرحم بعباده] (6) من الوالدة بولدها، فكيف يمتنع أن يستعاذ به من شر أسباب الشر التي قضاها بحكمته؟
    الوجه الخامس: أن يقال: هذا الاعتراض باطل على طريقة الطائفتين. أما من لا يقول بالحكمة والعلة، فإنه يقول: إن الله خلق إبليس الضار لعباده، وجعل استعاذة العباد (7) به منه طريقا إلى دفع ضرره، كما جعل إطفاء النار طريقا إلى دفع حريقها، وكما جعل الترياق طريقا إلى دفع ضرر السم. وهو سبحانه خلق النافع والضار (8) ، وأمر العباد أن يستعملوا ما ينفعهم، ويدفعوا به ما يضرهم. ثم إن أعانهم على فعل ما أمرهم به كان محسنا إليهم، وإلا فله أن يفعل ما يشاء، ويحكم

    **_________
    (1) ن، م، ع: به.
    (2) عبارة به سببا، ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) بعض: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
    (4) ب فقط: الغادرين.
    (5) ن، م: بضرب.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) أ، ب: العائذ.
    (8) ن: الضار والنافع
    ============================== =
    ما يريد، إذ لا مالك فوقه، ولا آمر له، ولم يتصرف في ملك غيره، ولم يعص أمرا مطاعا.
    وأما على الطريقة الثانية المثبتة للحكمة، فإنهم يقولون: خلق الله إبليس كما خلق الحيات والعقارب والنار وغير ذلك، لما في خلقه ذلك من الحكمة. وقد أمرنا أن ندفع الضرر عنا بكل ما نقدر عليه، ومن أعظم الأسباب استعاذتنا به [منه] ، فهو الحكيم (1) (2 في خلق إبليس وغيره، وهو الحكيم في أمرنا بالاستعاذة به [منه] (2) ، وهو الحكيم (3) 2) إذ (4) جعلنا نستعيذ به، وهو الحكيم في إعاذتنا منه، وهو الحكيم بنا في ذلك كله، المحسن إلينا المتفضل علينا، إذ هو أرحم بنا من الوالدة بولدها (5) إذ هو (6) الخالق لتلك الرحمة، فخالق الرحمة أولى بالرحمة من الرحماء.
    الوجه (7) السادس: قوله: " لأنهم نزهوا إبليس والكافر (8) من المعاصي، وأضافوها إلى الله، [إلى آخره] " (9) - فرية عليهم، فإنهم متفقون على أن العاصي هو المتصف بالمعصية، المذموم عليها

    **_________
    (1) ن، م: استعاذتنا وهو الحكيم.
    (2) منه: ساقطة من (ن) .
    (3) ساقط من (م) فقط.
    (4) ن، م، ع: إن.
    (5) ع: من الوالد بولده.
    (6) أ، ب: هو.
    (7) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) أ، ب: والكفار وسبق النص وفيه: والكافر.
    (9) إلى آخره: زيادة في (أ) ، (ب)
    ============================== =
    المعاقب عليها. والأفعال يتصف (1) بها (* من قامت به لا من خلقها، وإذا كان ما لا يتعلق بالإرادة، كالطعوم والألوان، يوصف بها *) (2) محالها لا خالقها في محالها، فكيف تكون الأفعال الاختيارية؟
    والله تعالى إذا خلق الفواسق: كالحية والعقرب والكلب العقور، وجعل هذه الفواسق فواسق، هل يكون هو سبحانه موصوفا بذلك؟ وإذا خلق الخبائث: كالعذرة والدم والخمر، وجعل الخبيث خبيثا، هل يكون متصفا بذلك؟ وأين (3) إضافة الصفة إلى الموصوف بها التي قامت به، من إضافة المخلوق إلى خالقه؟ فمن لم يفهم هذا الفرقان (4) فقد سلب خاصية الإنسان.
    [الوجه] (5) السابع: أن الله تعالى قد أمرنا أن نستعيذ من عذاب جهنم، وعذاب (6) القبر، وغير ذلك من مخلوقاته التي هي مخلوقاته (7) باتفاق المسلمين، فعلم أنه لا يمتنع أن نستعيذ (8) مما خلقه من الشر (9) كما قال تعالى: {قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق} [سورة الفلق: 1، 2] ، ولا فرق [في ذلك] (10) بين إبليس وغيره.

    **_________
    (1) ن، م: توصف.
    (2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (3) ن: ولأن، م: لأن.
    (4) أ، ب: هذين الفرقين.
    (5) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ن، م: ومن عذاب.
    (7) عبارة: التي هي مخلوقاته: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) ، (م) التي هي مخلوقات.
    (8) أ، ب: المسلمين فلم يمنع ذلك أن نستعيذ.
    (9) أ، ب: من البشر، وهو تحريف.
    (10) في ذلك: ساقطة من (ن) ، (م)
    ============================== =




  2. #202
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (199)
    صـ 217 إلى صـ 224






    **[فصل من كلام الرافضي قوله: لا يبقى وثوق بوعد الله ووعيده]
    (فصل)
    قال [الرافضي] : (1) " ومنها أنه (2) لا يبقى وثوق بوعد الله ووعيده، لأنهم إذا جوزوا استناد (3) الكذب في العالم إليه، جاز أن يكذب في إخباراته كلها، فتنتفي فائدة بعثة الأنبياء (4) ، بل (5) وجاز منه إرسال الكذاب (6) ، فلا يبقى لنا طريق إلى تمييز الصادق من الأنبياء والكاذب ".
    والجواب عن هذا من وجوه:
    أحدها (7) : أنه تقدم غير مرة أنه فرق (8) بين ما خلقه صفة لغيره، وبين ما اتصف هو [به] (9) في نفسه، وفرق بين إضافة المخلوق إلى خالقه، وإضافة الصفة إلى الموصوف بها.
    وهذا الفرق معلوم باتفاق العقلاء، فإنه إذا خلق (10) لغيره حركة لم يكن

    **_________
    (1) الرافضي: زيادة في (ع) ، والكلام التالي في (ك) ص [0 - 9] 9 (م) .
    (2) ن، ع، أ، ب: أن.
    (3) ن، م: إسناد.
    (4) أ، ب، ع: البعثة للأنبياء.
    (5) بل: ساقطة من (ب) فقط.
    (6) ك: الكذابين.
    (7) أحدها: ساقطة من (أ) ، وفي (ب) : الأول.
    (8) ن: أنه لا فرق ; م: أن لا فرق، وكلاهما خطأ.
    (9) به: ساقطة من (ن) ، وفي (م) : به هو.
    (10) ع: فإذا خلق، ب: فإنه إذ خلق
    ==============================
    هو المتحرك بها (1) ، وإذا خلق للرعد صوتا لم يكن هو المتصف بذلك الصوت، وإذا خلق الألوان في النباتات والحيوانات والجمادات لم يكن هو المتصف بتلك الألوان، وإذا خلق في غيره علما وقدرة وحياة لم تكن تلك المخلوقات في غيره صفات له، وإذا خلق في غيره عمى وصمما وبكما لم يكن هو الموصوف بذلك العمى (2) والبكم والصمم، وإذا خلق في غيره خبثا أو فسوقا لم يكن هو المتصف بذلك الخبث والفسوق، وإذا خلق في غيره كذبا وكفرا لم يكن هو المتصف بذلك الكذب وبذلك الكفر، كما أنه إذا قدر أنه (3) خلق فيه طوافا وسعيا ورمي جمار وصياما وركوعا وسجودا، لم يكن هو الطائف الساعي الراكع الساجد الرامي بتلك الحجارة (4) .
    وقوله تعالى: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} [سورة الأنفال: 17] معناه: ما أصبت إذ حذفت ولكن الله هو الذي أصاب، فالمضاف إليه الحذف باليد، والمضاف إلى الله تعالى الإيصال إلى العدو وإصابتهم به، وليس المراد بذلك ما يظنه بعض الناس أنه لما خلق الرامي [والرمي] (5) ، قالوا (6) : كان هو الرامي في الحقيقة، فإن ذلك لو كان صحيحا لكونه خالقا لرميه لاطرد ذلك في سائر الأفعال، فكان يقول:

    **_________
    (1) بها ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) ب: هو الموصوف بالعمى، أ: هذا الموصوف العمى
    (3) عبارة " قدر أنه " ساقطة من (ب) ، وفي (أ) : قد خلق فيه، وفي (ع) : قدر أنه إذا.
    (4) ن، م: والساعي والراكع والساجد والرامي بتلك الجمار.
    (5) والرمي: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) قالوا: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع)
    ============================
    وما مشيت [إذا مشيت] (1) ولكن الله مشى، وما لطمت ولكن الله لطم، وما طعنت ولكن الله طعن، وما ضربت بالسيف ولكن الله ضرب، وما ركبت الفرس (2) ولكن الله ركب، وما صمت، وما صليت، وما حججت (3) ، ولكن الله صام وصلى وحج.
    ومن المعلوم بالضرورة (4) بطلان هذا كله، وهذا (5) من غلو المثبتين للقدر. ولهذا يروى عن عثمان بن عفان [رضي الله عنه] (6) أنهم (7) كانوا يرمونه بالحجارة لما حصر (8) ، فقال لهم: لماذا ترمونني؟ (9) فقالوا: ما رميناك ولكن الله رماك. فقال: لو أن الله رماني لأصابني، ولكن أنتم ترمونني وتخطئونني.
    وهذا مما احتج به القدرية النفاة على أن الصحابة لم يكونوا يقولون: إن الله خالق أفعال العباد. كما احتج بعض المثبتة (10) بقوله تعالى: {ولكن الله رمى} [سورة الأنفال: 17] وكلاهما خطأ. فإن الله إذا خلق في

    **_________
    (1) عبارة إذا مشيت: زيادة في (ع) .
    (2) ن، م: الفرس إذ ركبت.
    (3) ن، م: ولا صليت ولا حججت.
    (4) بالضرورة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) وهذا: ساقطة من (أ) ، ب.
    (6) رضي الله عنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) أنهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) ن، م: لما حصر بالحجارة.
    (9) أ، ب: لماذا ترمونني وتخطئونني.
    (10) أ: كما احتج به المثبتة ; ب: كما احتج المثبتة
    ============================== =======
    عبد (1) فعلا، لم يجب أن يكون ذلك المخلوق صوابا من العبد، كما أنه إذا خلق في الجسم طعما أو ريحا، لم يجب أن يكون [ذلك] (2) طيبا، وإذا خلق للعبد عينين (3) ولسانا، لم يجب أن يكون بصيرا ناطقا. فاستناد الكذب الذي في الناس، كاستناد جميع ما يكون في المخلوقين (4) من الصفات القبيحة والأحوال المذمومة وذلك لا يقتضي أنه في نفسه مذموم، ولا أنه موصوف بتلك الصفات. ولكن لفظ " الاستناد " لفظ مجمل. أتراه [أنه] (5) إذا استند إليه العجز المخلوق في الناس لكونه خالقه، يكون هو عاجزا؟ فهذا مما يبين فساد هذه الحجة (6) .
    [الوجه] (7) الثاني: أنهم يجوزون أنه يخلق القدرة على الكذب مع علمه بأن (8) صاحبها يكذب، ويخلق القدرة على الظلم والفواحش مع علمه أن صاحبها يظلم ويفحش. ومعلوم أن الواحد منا (9) يجري تمكينه من القبائح وإعانته عليها مجرى فعله لها، فمن أعان غيره على الكذب بإعطاء أمور (10) يستعين بها على الكذب، كان بمنزلة الكذب (11) في القبح،
    **_________
    (1) أ، ب، م: عبده.
    (2) ذلك: ساقطة من (ن) ، (ع) .
    (3) أ: عينان، ن، م، ع: عينا.
    (4) أ، ب: المخلوقات.
    (5) أنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) أ، ب: هذه الحجة، والله أعلم.
    (7) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) أ، ب: أن.
    (9) منا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (10) ن: أعان على غيره من الكذب وأعطاه أمورا
    (11) ن، م: الكذاب
    ==============================
    فلا يجوز لنا أن نعين على إثم و [لا] عدوان (1) ، كما نهى (2) الله عن ذلك. فإن كان ما قبح منه قبح منا، فيلزم أن يجوزوا عليه إذا أعان على الكذب أن يكذب، ويلزمهم (3) المحذور.
    فإن قالوا: إنما أعطاه القدرة ليطيع لا ليعصي.
    قيل: إذا كان عالما بأنه يعصي كان بمنزلة من يعطي (4) الرجل سيفا ليقاتل به الكفار مع علمه بأنه يقتل به نبيا، وهذا لا يجوز في حقنا، فإن من فعل فعلا لغرض مع علمه بأن الغرض (5) لا يحصل به كان سفيها فينا، والله تعالى منزه عن ذلك. فعلم أن حكمه في أفعاله مخالف لأفعال عباده (6) ، وإن عللوا ذلك بعلة يمكن استقامتها. قيل لهم: وكذلك ما يخلقه في غيره له حكمة، كما للإعانة عليه بالقدرة حكمة.
    الوجه الثالث: أن يقال: ليس كل ما كان قادرا عليه وهو ممكن نشك في وقوعه، بل نحن نعلم بالضرورة أنه لا يفعل أشياء مع أنه قادر عليها وهي ممكنة. فنعلم أنه لا يقلب البحار أدهانا، ولا الجبال يواقيت، ولا يمسخ جميع الآدميين (7) ثعالب، ولا يجعل الشمس والقمر عودي ريحان، وأمثال هذه الأمور التي لا تحصى. وعلمنا بأن الله منزه عن الكذب وأنه يمتنع عليه - أعظم من علمنا بهذا.

    **_________
    (1) ن، م: وعدوان.
    (2) ن، م: كما نهانا.
    (3) ن، م: ويلزم.
    (4) ن، ع: أن أعطى، م: أن يعطى.
    (5) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (6) ن، م: العباد.
    (7) أ، ب: العالمين
    ============================== ==
    [الوجه] (1) الرابع: أنا نقول: نحن نعلم أن الله موصوف (2) بصفات الكمال، وأن كل كمال ثبت (3) لموجود فهو أحق به، وكل نقص تنزه (4) عنه موجود فهو أحق بالتنزيه عنه. ونحن نعلم (5) أن الحياة والعلم والقدرة صفات كمال، فالرب تعالى أحق أن يتصف بها من العباد. وكذلك الصدق هو صفة كمال، فهو أحق بالاتصاف به من كل من اتصف به، كما قال تعالى: {الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا} [سورة النساء: 87] . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: " «إن أصدق الكلام كلام الله» " (6) .
    [الوجه] (7) الخامس: أن يقال: [قد] (8) اتفق السلف وأتباعهم على أن كلام الله غير مخلوق بل قائم به. ثم تنازعوا: هل يتكلم بمشيئته وقدرته؟

    **_________
    (1) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) أ، ب: يوصف.
    (3) ن: يثبت.
    (4) أ، ب: ينزه.
    (5) ن، م: ونعلم.
    (6) في سنن النسائي 3 53 كتاب صلاة العيدين، باب كيف الخطبة. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: من يهده الله فلا مضل له، ومن يضله فلا هادي له، إن أصدق الحديث كتاب الله. . . الحديث. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فيما رواه ابن ماجه في سننه 1 18 المقدمة، باب اجتناب البدع والجدل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما هما ثنتان: الكلام والهدى، فأحسن الكلام كلام الله.
    (7) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) قد: ساقطة من (ن) ، (م)
    ============================== =
    على قولين [معروفين] . فالأول (1) : قول السلف والجمهور. والثاني: قول ابن كلاب ومن تبعه (2) .
    ثم تنازع أتباع ابن كلاب هل القديم الذي لا يتعلق بمشيئته (* وقدرته معنى قائم [بذاته] (3) ، أو حروف (4) ، أو حروف وأصوات أزلية؟ على قولين. [كما قد بسط في موضعه] (5) .
    وإذا كان كذلك فمن قال: إنه لا يتعلق بمشيئته امتنع أن يقوم به غير *) (6) ما اتصف به، والصدق عندهم هو العلم أو معنى يستلزمه العلم (7) . ومعلوم أن علمه من لوازم ذاته، ولوازم العلم من لوازم ذاته، فيكون الصدق من لوازم ذاته (8) ، فيمتنع اتصافه بنقيضه، فإن لازم الذات القديمة الواجبة بنفسها يمتنع (9) عدمه كما يمتنع عدمها، فإن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم. وأيضا فالصدق والكذب حينئذ مثل البصر والعمى، والسمع والصمم، والكلام والخرس، وكما وجب أن يتصف بالبصر دون العمى، وبالسمع دون الصمم، وبالكلام دون الخرس (10) ، وجب أيضا أن يتصف (11) بالصدق دون الكذب.

    **_________
    (1) ن، م: على قولين، الأول.
    (2) ن، م: تابعه.
    (3) بذاته: ساقطة من (ن) .
    (4) عبارة أو حروف ساقطة من (ب) فقط، وفي (ن) : قائم حروف.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (7) العلم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) ساقط من (أ) ، (ب) وسقطت عبارة " ولوازم العلم من لوازم ذاته " من (ع) .
    (9) أ، ب: ممتنع.
    (10) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (11) وكما وجب أن يتصف ب: فوجب أن يتصف
    ==========================
    وأما من قال: الكلام يتعلق بمشيئته وقدرته، فهؤلاء عامتهم يقولون: إنه يتكلم لحكمة ويفعل لحكمة، وأنه سبحانه منزه عن فعل القبيح. وأدلة هؤلاء على تنزيهه عن فعل (1) القبائح أعظم من أدلة المعتزلة وأقوى، فإن كل دليل يدل على تنزيهه عن فعل قبيح منفصل عنه - فإنه يدل على تنزيهه عن فعل قبيح يقوم به بطريق الأولى والأحرى، فإن كون ما يقوم به من القبائح نقصا هو أظهر من كون فعل المستقبحات المنفصلة نقصا، فإذا امتنع هذا فذاك أولى بالامتناع.
    [الوجه] : السادس (2) أن يقال: الأدلة العقلية دلت على امتناع اتصافه سبحانه بالنقائص والقبائح وإنما يتصف بما يقوم به منها. والكلام قائم بالمتكلم، فيمتنع أن يتكلم بكذب ; لأن كلامه قائم به، فيمتنع أن يقوم به القبيح الذي اختاره. وهذا طريق يختص به أهل الإثبات لتنزيهه عن الكذب. والمعتزلة لا يمكنهم ذلك ; لأن كلامه منفصل عنه عندهم. فإذا قال لهم [هؤلاء] (3) المثبتة: الدليل إنما دل على تنزيهه عن الاتصاف في نفسه بالقبائح وعن فعله لها، والفعل ما قام بالفاعل، وأما المنفصل فهو مفعول له، لا فعل له، وأنتم لم تذكروا دليلا على امتناع وقوع ذلك في مفعولاته، وهو محل النزاع كانت (4) حجة هؤلاء حجة ظاهرة على القدرية.

    **_________
    (1) فعل: زيادة في (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: فذاك أولى، السادس. . . . .
    (3) هؤلاء: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) أ، ب: كان
    ===========================




  3. #203
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (200)
    صـ 225 إلى صـ 232




    [الوجه] (1) السابع: أن كلامه القائم بذاته غير مخلوق عند أهل السنة، فإن الكلام صفة كمال، فلا بد أن يتصف (2) بها، سواء قالوا (3) : إنه لا يتعلق بمشيئته وقدرته، وهو معنى قائم بالنفس، أو هو حروف وأصوات قديمة. أو قالوا: (4) إنه يتعلق بمشيئته [وقدرته] ، أو إنه تكلم بعد أن لم يكن متكلما، أو إنه لم يزل متكلما إذا شاء.
    فعلى الأقوال كلها هو قائم بذاته، والكذب صفة نقص كالصمم والبكم والعمى (5) ، والله منزه (6) عن قيام النقائص به، مع أنه يخلق خلقه متصفين بالنقائص، فيخلق العمى والصمم والبكم ولا يقوم به ذلك، فكذلك (7) يخلق الكذب في الكاذب ولا يقوم به الكذب (8) .
    [الوجه] (9) الثامن أن [يقال] (10) : هذا السؤال وارد عليهم، فإنهم يقولون: إن الله يخلق في غيره كلاما يكون هو كلامه، مع كونه قائما بغيره، وهو محدث مخلوق. والكلام الذي يتكلم به العباد هو عندهم

    **_________
    (1) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: يوصف.
    (3) أ، ب: قال.
    (4) ن، م: بمشيئته وأنه يتكلم، ع: بمشيئته وقدرته أو أنه يتكلم.
    (5) والعمى: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) ن، م: وأنه منزه.
    (7) أ، ب: فلذلك، ن، م: وكذلك.
    (8) ن، م، ع: كذب.
    (9) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (10) يقال: ساقطة من (ن) ، (م)
    ============================== ===
    ليس مخلوقا له ولا هو كلامه، فإذا (1) كان هذا صدقا وهذا صدقا، فلا بد أن يعرفوا أن هذا كلامه وليس هذا بكلامه.
    **[الرد على قول الرافضي: وجاز منه إرسال الكذاب والرد عليه]
    وأما قوله: " وجاز [منه] (2) إرسال الكذاب " فجوابه من وجوه.
    أحدها: أنه لا ريب أن الله يرسل الكذاب، كإرسال الشياطين في قوله: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} [سورة مريم: 83] ، و [يبعثهم] كما في قوله (3) تعالى: {بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد} [سورة الإسراء: 5] ، لكن هذا لا يكون إلا مقرونا بما يبين كذبهم، كما في مسيلمة الكذاب والأسود العنسي. ولكن ليس (4) في مجرد إرسال الكذاب ما يمنع التمييز بينه وبين الصادق، كما أنه يرسل الظالم، وليس في إرساله ما يمنع التمييز بينه وبين العادل، ويرسل الجاهل والفاجر (5) والأعمى والأصم، وليس في إرسال هؤلاء ما يمنع التمييز بينهم وبين غيرهم. ولفظ " الإرسال " يتناول إرسال الرياح وإرسال الشياطين وغير ذلك.

    الثاني: أن يقال: هم يجوزون أن يخلق من يعلم أنه كاذب وإعطاءه القدرة على الكذب، كما خلق مسيلمة [الكذاب] (6) والعنسي. فإن كان
    **_________
    (1) ن، م: فإن.
    (2) منه: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) ، (أ) .
    (3) ن، م: وكما في قوله.
    (4) أ، ب: وليس.
    (5) م، أ، ب: ويرسل العاجز، ن: يرسل العاجز والجاهل.
    (6) الكذاب: زيادة في (أ) ، (ب)
    =========================
    خلقه لهذا جائزا، مع أنه ميز بينه وبين الصادق. كذلك خلق الكذاب بكذبه (1) .
    الثالث: أنه إذا خلق من يدعي النبوة وهو كاذب، فإن قالوا: يجوز إظهار أعلام الصدق عليه، كان هذا ممنوعا، وهو باطل بالاتفاق. وإن قالوا: لم يجز ذلك، لم يكن مجرد دعوى النبوة بلا علم على الصدق ضارا (2) ، فإن الشخص لو ادعى أنه طبيب أو صانع (3) بلا دليل يدل على صدقه لم يلتفت إليه، فكيف بمدعي (4) النبوة؟
    وإن قالوا: (5) إذا جوزتم عليه أن يخلق الكذب في الكذاب، فجوزوا عليه أن يظهر على يديه أعلام الصدق.
    قيل: هذا ممتنع ; لأن أدلة الصدق تستلزم الصدق، لأن الدليل مستلزم للمدلول، فإظهار أعلام الصدق على [يد] الكذاب (6) ممتنع لذاته، فلا يمكن بحال.
    وإن قالوا: فجوزوا أن يظهر على يديه خارق.
    قلنا: نعم، فنحن (7) نجوز أن يظهر الخارق على [يد من] يدعي (8)

    **_________
    (1) أ: الكذاب به، ب: الكذب به.
    (2) ن، م: ضارة.
    (3) ن: صايع.
    (4) أ، ب: يدعي، ن: مدعي، م: من يدعي.
    (5) أ، ب: وإذا قيل، م: فإذا قالوا.
    (6) ن، ع: على الكذاب، م: للكذاب.
    (7) ن، م، ع: ونحن.
    (8) ن: على مدعي، ع: على يد مدعي، أ، ب: على يدي من يدعي
    ==============================
    الإلهية كالدجال ; لأن (1) ذلك لا يدل على صدقه، لظهور (2) كذبه في دعوى الإلهية، والممتنع ظهور دليل الصدق على الكذاب.
    فإن قالوا: فجوزوا ظهور الخوارق (3) على [يد] مدعي (4) النبوة مع كذبه.
    قلنا: [نعم] (5) ، ويجوز ذلك على وجه لا يدل على صدقه، مثل ما يظهر السحرة والكهان من الخوارق المقرونة بما يمنع صدقهم. والكلام على هذا مبسوط في موضعه (6) .
    [الوجه] الرابع: (7) أن دليل النبوة وأعلامها (8) وما به يعرف صدق النبي ليست محصورة (9) في الخوارق، بل طرق معرفة الصدق متنوعة، كما أن طرق معرفة الكذب متنوعة، كما قد بسط في موضعه (10) .

    **[فصل من كلام الرافضي قوله في مسألة القدر عند أهل السنة يلزم تعطيل الحدود والزواجر عن المعاصي]

    (فصل)
    قال [الرافضي] (11) : " ومنها أنه يلزم تعطيل الحدود والزواجر عن

    **_________
    (1) أ، ب: فإن.
    (2) أ: في ظهور، ب: مع ظهور.
    (3) ن، م، ع: الخارق.
    (4) ن: على من يدعي، أ، ب: على يدي المدعي، م: على يد من يدعي.
    (5) نعم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) أ، ب: في مواضعه، والله أعلم.
    (7) ن: الرابع، م: فصل، وهو خطأ.
    (8) ن، م: دلائل النبوة وعلائمها.
    (9) ن، م: منحصرة.
    (10) أ، ب: في موضعه، والله أعلم.
    (11) الرافضي: زيادة في (ع) ، والكلام التالي في (ك) ص [0 - 9] 0 (م)
    ============================== ==
    المعاصي، فإن الزنا إذا كان واقعا بإرادة الله تعالى، والسرقة إذا صدرت عن الله، وإرادته هي المؤثرة (1) [لم يجز] (2) للسلطان (3) المؤاخذة عليها ; لأنه يصد السارق عن مراد الله، ويبعثه على ما يكرهه الله. ولو صد الواحد منا غيره عن (4) مراده، وحمله على ما يكرهه، استحق منه اللوم. ويلزم أن يكون الله مريدا للنقيضين ; لأن المعصية مرادة لله، والزجر عنها مراد له أيضا ".
    فيقال: فيما قدمناه ما يبين الجواب عن هذا، لكن نوضح جواب هذا [إن شاء الله تعالى] (5) من وجوه:
    أحدها: أن الذي قدره وقضاه من ذلك هو ما وقع، دون ما لم يكن [بعد] (6) . وما وقع لا يقدر (7) أحد أن يرده، وإنما يرد بالحدود والزواجر (8) ما لم يقع بعد، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
    فقوله: " لأنه يصد السارق عن مراد الله " (9) [كذب منه ; لأنه إنما

    **_________
    (1) ك: من الله تعالى وإرادته المؤثرة.
    (2) لم يجز: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: لسلطان.
    (4) ك: من.
    (5) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) بعد: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ن، م: لم يقدر.
    (8) ن، م: بالحدود الزواجر.
    (9) بعد عبارة " عن مراد الله " يوجد سقط طويل في نسختي (ن) (م) سأشير إلى نهايته عند موضعه بإذن الله
    ============================== =====
    يصده عما لم يقع بعد وما لم يقع لم يرده الله. ولهذا لو حلف: ليسرقن هذا المال إن شاء الله، ولم يسرقه لم يحنث باتفاق المسلمين ; لأن الله لم يشأ سرقته.
    ولكن القدرية عندهم الإرادة (1) لا تكون إلا بمعنى الأمر فيزعمون أن السرقة إذا كانت مرادة كانت مأمورا بها.
    وقد أجمع المسلمون، وعلم بالاضطرار من دينهم، أن الله لم يأمر بالسرقة. ومن قال: إن ما وقع منها مراد، يقول: إنه مراد غير مأمور به، فلا يقول أنه مأمور به إلا كافر. لكن هذا قد (2) يقال للمباحية المحتجين (3) بالقدر على المعاصي، فإن منهم من لا يرى أن يعارض الإنسان فيما يظنه مقدرا عليه (4) من المعاصي، ومنهم من يرى أن يعاونه على ذلك معاونة، لما ظن أنه مراد، وهذا الفعل (5) - وإن كان محرما ومعصية - فهم لم يصدوا عن مراد الله. فتبين أن الصد عن مراد الله ليس واقعا على كل تقدير.
    الوجه الثاني: أن يقال: قد تقدم (6) أن تناهي الناس عن المعاصي، والقبائح، والظلم، ودفع الظالم (7) ، وأخذ حق المظلوم منه، ورد احتجاج

    **_________
    (1) أ، ب: الإرادة عندهم.
    (2) قد: زيادة في (ع) .
    (3) أ، ب: للمباحثة للمحتجين، وهو تحريف، والمقصود بهم أهل الإباحة الذين يحتجون بالقدر على المعاصي ويبيحون المحرمات.
    (4) ع: مقدورا عليه.
    (5) أ: أنه مريد وهذا الفعل، ب: أنه مريد هذا الفعل.
    (6) ع: أنه قد تقدم.
    (7) ع: الناس عن القبائح والمظالم ودفع المظالم
    ============================== ======
    من احتج على ذلك بالقدر أمر مستقر في فطر جميع الناس وعقولهم مع إقرار جماهيرهم (1) بالقدر، وأنه لا يمكن صلاح حالهم ولا بقاؤهم في الدنيا إذا مكنوا كل أحد أن يفعل ما يشاء من مفاسدهم ويحتج بالقدر، وقد بينا (2) أن المحتجين بالقدر على المعاصي إذا طردوا قولهم كانوا أكفر من اليهود والنصارى، وهم شر من المكذبين بالقدر (3) .
    الوجه الثالث أن الأمور المقدورة بالاتفاق إذا كان فيها فساد يحسن ردها وإزالتها بعد وقوعها (4) ، كالمرض ونحوه فإنه من فعل الله بالاتفاق مراد لله، ومع هذا يحسن من الإنسان أن يمنع وجوده بالاحتماء واجتناب أسبابه، ويحسن منه السعي في إزالته بعد حصوله، وفي هذا (5) إزالة مراد الله.
    وإن قيل: إن قطع السارق يمنع مراد الله كان شرب الدواء لزوال المرض مانعا (6) لمراد الله، وكذلك دفع (7) السيل الآتي من صبب، والنار التي تريد أن تحرق الدور، وإقامة الجدار الذي يريد أن ينقض، كما أقام الخضر ذلك الجدار. وكذلك إزالة الجوع الحاصل بالأكل وإزالة البرد الحاصل (8) بالاستدفاء، وإزالة الحر بالظل.

    **_________
    (1) أ، ب: جميعهم.
    (2) ع: وبينا.
    (3) أ، ب: بالقدر، والله أعلم.
    (4) أ، ب: يحسن رده وإزالته بعد وقوعه.
    (5) أ، ب: وفي هذه.
    (6) ع: منعا.
    (7) دفع: زيادة في (ب) فقط.
    (8) الحاصل: ساقطة من (ع)
    ============================== =
    وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله أرأيت أدوية نتداوى بها ورقى نسترقي بها وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: " هي من قدر الله» ". (1) .
    فبين صلى الله عليه وسلم أنه يرد قدر الله بقدر الله إما دفعا وإما رفعا، إما دفعا لما انعقد سبب لوجوده، وإما رفعا لما وجد كرفع المرض ودفعه، ومن هذا قوله تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} [سورة الرعد 11]] قيل: معقبات من أمر الله يحفظونه (2) وقيل: يحفظونه من أمر الله الذي ورد ولم يحصل (3) يحفظونه أن يصل إليه (4) وحفظهم بأمر الله.
    الوجه الرابع قوله: ويلزم أن يكون الله مريدا للنقيضين ; لأن المعصية مرادة لله، والزجر عنها مراد الله. كلام ساقط فإن النقيضين ما لا يجتمعان ولا يرتفعان، أو ما لا يجتمعان وهما المتضادان.

    **_________
    (1) الحديث مع اختلاف في الألفاظ عن ابن أبي خزامة عن أبيه في سنن الترمذي 3 270 كتاب الطب باب ما جاء في الرقى والأدوية، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، 3 308 كتاب القدر باب ما جاء لا ترد الرقى ولا الدواء من قدر الله شيئا. وانظر تعليق الترمذي، سنن ابن ماجه 2 1137 كتاب الطب، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء. المسند ط الحلبي 3 421، المستدرك للحاكم بمعناه عن حكيم بن حزام رضي الله عنه 1 32، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ثم لم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
    (2) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (3) ع: ولم يصل.
    (4) أ: إليهم، وهو خطأ
    ============================== ===




  4. #204
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (201)
    صـ 233 إلى صـ 240



    والزجر ليس عما وقع وأريد، بل هو عقوبة على الماضي وزجر عن المستقبل، والزجر الواقع بإرادته إن حصل مقصوده [١] لم يحصل المزجور عنه فلم يرده فيكون المراد الزجر فقط، وإن لم يحصل مقصوده لم يكن زجرا تاما بل يكون المراد فعل هذا الزاجر [٢] وفعل ذاك، كما يراد ضرب هذا لهذا بهذا السيف [٣] وحياة هذا، وكما يراد المرض المخوف [٤] الذي قد يكون سببا للموت، ويراد معه الحياة.
    فإرادة [٥] السبب ليست موجبة لإرادة المسبب، إلا إذا كان السبب تاما موجبا. [٦] والزجر سبب للانزجار والامتناع كسائر الأسباب، كما أن المرض المخوف سبب للموت، وكما أن الأمر بالفعل والترغيب فيه سبب لوقوعه، ثم قد يقع المسبب [٧] وقد لا يقع، فإن وقع كانا مرادين، وإلا كان المراد ما وقع خاصة [٨] .
    الوجه الخامس أنه قد تقدم أن الإرادة نوعان: نوع بمعنى المشيئة لما خلق، فهذا متناول [٩] لكل حادث دون ما لا [١٠] يحدث، ونوع بمعنى المحبة لما أمر به فهذا إنما يتعلق [١١] بالطاعات، وإذا كان كذلك فما
    ---------------------------------------------------------------

    (١)

    أ: بإرادة أن يحصل مقصوده.

    (٢)

    أ، ب: الزجر.

    (٣)

    ع: لهذا بالسيف.

    (٤)

    أ: المرض للخوف.

    (٥)

    أ، ب: وإرادة.

    (٦)

    أ، ب: موجودا.

    (٧)

    أ: السبب، وهو تحريف.

    (٨)

    ع: خاصة، والله أعلم.

    (٩)

    ع: فهذه متناولة.
    (١٠) ع: ما لم.
    (١١) ع: فهذه إنما تتعلق.
    ****************************** ********************
    وقع من المعاصي فهو مراد بالمعنى الأول، فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فكل ما وقع فقد شاء كونه، والزجر عنها مراد بالمعنى الثاني فإنه يحب النهي عن المنكر ويرضاه ويثيب فاعله، بخلاف المنكر نفسه فإنه لا يحبه ولا يرضاه ولا يثيب فاعله، ثم الزجر إنما يكون عما لم يقع، والعقوبة تكون على ما [١] وقع، فإذا وقعت سرقة بالقضاء والقدر وقد أمر الله سبحانه بإقامة الحد [٢] فيها فإقامة الحد مأمور به يحبه ويرضاه ويريده إرادة أمر لا إرادة خلق، فإن أعان عليه كان قد أراده خلقا، وكان حينئذ إقامة الحد مرادة شرعا وقدرا، خلقا وأمرا، قد شاءها وأحبها [٣] .
    وإن لم يقع كان ما وقع من المعصية قد شاءه خلقا ولم يرده ولم يحبه شرعا.
    ويذكر أن رجلا سرق فقال لعمر: سرقت بقضاء الله وقدره، فقال له: وأنا [٤] أقطع يدك بقضاء الله وقدره.
    وهكذا يقال لمن تعدى حدود الله وأعان العباد على عقوبته الشرعية كما يعين المسلمين على جهاد الكفار: إن الجميع [٥] واقع بقضاء الله وقدره لكن ما أمر به يحبه ويرضاه ويريده شرعا ودينا كما شاءه خلقا وكونا بخلاف ما نهى عنه.
    ============================== ======

    (١)

    ع: عما.

    (٢)

    أ: الحدود.

    (٣)

    أ: مرادة شرعا وقدرا خلقا، ومرادا قد شاءها وأحبها، ب: مرادة شرعا، وقد أرادها خلقا وأمرا، وقد شاءها وأحبها.

    (٤)

    ع: فقال أنا.

    (٥)

    ب فقط: الكفار مع أن الجميع.
    ****************************** *********
    [فصل كلام الرافضي على دلالة العقل عنده على الأفعال الاختيارية والرد عليه]
    فصل
    قال الرافضي [١] : ومنها أنه يلزم مخالفة [٢] المعقول والمنقول، أما المعقول [٣] فلما تقدم من العلم الضروري باستناد أفعالنا الاختيارية [٤] إلينا، ووقوعها بحسب إرادتنا، فإذا أردنا الحركة [٥] يمنة لم تقع يسرة وبالعكس، والشك في ذلك عين [٦] السفسطة.
    فيقال: الجواب من وجوه.
    أحدها: أن جمهور أهل السنة قائلون بهذا، وأن أفعال الإنسان الاختيارية مستندة إليه، وأنه فاعل لها ومحدث لها. وإنما ينازع [٧] في هذا من يقول إنها ليست فعلا للعبد، ولا لقدرته تأثير فيها، ولا أحدثها العبد. وهؤلاء طائفة من متكلمي أهل الإثبات. والجمهور من أهل السنة [٨] لا يقولون بذلك، كما جاءت به النصوص فإن [٩] الله ورسوله وصف العبد بأنه يعمل ويفعل.
    ==============================

    (١)

    الرافضي: زيادة في (ع) ، والكلام التالي في (ك) ، ص [٠ - ٩] ٠ (م) .

    (٢)

    ك: أنه يلزم منه مخالفة.

    (٣)

    أ: فالمعقول.

    (٤)

    أ، ب: الضرورية الاختيارية، وهو خطأ.

    (٥)

    أ: فإذا أراد بالحركة، وهو تحريف.

    (٦)

    أ: غير، وهو تحريف.

    (٧)

    أ، ب: تنازع.

    (٨)

    لا: ساقطة من (أ) ، (ب) .

    (٩)

    أ، ب: بأن.
    ****************************** ********
    الوجه الثاني أن يقال: بل النفاة خالفوا العلم الضروري [١] فإن كون العبد مريدا فاعلا بعد أن لم يكن فاعلا [٢] أمر حادث بعد أن لم يكن، فإما أن يكون له محدث [٣] وإما أن لا يكون له محدث، فإن لم يكن له محدث لزم حدوث الحوادث بلا محدث، وإن كان له محدث فإما أن يكون هو العبد أو الرب تعالى أو غيرهما.
    فإن كان هو [٤] العبد فالقول في إحداثه لتلك الفاعلية كالقول في إحداث أحداثها، ويلزم التسلسل، وهو هنا باطل بالاتفاق، لأن العبد كائن بعد أن لم يكن فيمتنع أن تقوم به حوادث لا أول لها.
    وإن كان غير الله فالقول فيه كالقول في العبد فتعين أن يكون الله هو الخالق لكون العبد مريدا فاعلا وهو المطلوب.
    وأهل السنة يقولون بهذا العلم الضروري فيقولون [٥] : إن العبد فاعل والله خلقه فاعلا [٦] والعبد مريد مختار والله جعله مريدا مختارا.
    قال الله تعالى: {إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا - وما تشاءون إلا أن يشاء الله} [سورة الإنسان ٢٩، ٣٠] وقال تعالى: {لمن شاء منكم أن يستقيم - وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} [سورة التكوير ٢٨، ٢٩] .
    ============================== =====


    (١)

    ع: العلوم الضرورية.

    (٢)

    فاعلا: ساقطة من (ع) .

    (٣)

    له محدث: زيادة في (أ) ، (ب) .

    (٤)

    هو: زيادة في (ع) .

    (٥)

    ع: بهذا العلم الضروري وبذلك العلم الضروري فيقولون.

    (٦)

    أ: والله خالقه فاعل، ب: والله خالق فعله.
    ****************************** ****
    فأثبت مشيئة العبد، وجعلها لا تحصل إلا بمشيئة الله تعالى، وقال الخليل صلى الله عليه وسلم: [١] {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [سورة إبراهيم: ٤٠] .
    وقال: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} [سورة إبراهيم: ٣٧] .
    وقال هو وإسماعيل صلى الله عليهما وسلم [٢] : {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [سورة البقرة ١٢٨] .
    وقال: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا} [سورة الأنبياء: ٧٣] .
    وقال: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} [سورة القصص ٤١] ، وأمثال ذلك في الكتاب والسنة.
    فدليلهم [٣] اقتضى مشيئة العبد وأنه فاعل بالاختيار [٤] وهذا الدليل اقتضى أن هذه المشيئة والاختيار حصلت بمشيئة الرب فكلا [٥] الأمرين حق.
    فمن قال: إن العبد لا مشيئة له ولا اختيار، أو قال: إنه لا قدرة [له] [٦] أو أنه لم يفعل ذلك الفعل أو لا [٧] أثر لقدرته فيه ولم يحدث تصرفاته [٨] فقد أنكر موجب الضرورة الأولى.
    ============================== ==


    (١)

    صلى الله عليه وسلم: ليست في (ع) .

    (٢)

    صلى الله عليهما وسلم: ليست في (ع) .

    (٣)

    عند كلمة "فدليلهم" ينتهي السقط الطويل في نسختي (ن) ، (م) الذي أشرت إليه من قبل، ص [٠ - ٩] ٢٩

    (٤)

    ع: فعل بالاختيار.

    (٥)

    أ، ب: وكلا.

    (٦)

    له: ساقطة من (ن) ، (م) .

    (٧)

    ن، م، ع: ولا.

    (٨)

    ب فقط: ولم تحدث تصرفا به.
    ****************************** ****************


    ومن قال: إن إرادته وفعله حدثت بغير سبب اقتضى حدوث ذلك وأن العبد أحدث ذلك وحاله عند إحداثه كما كان قبل إحداثه، بل خص أحد الزمانين بالإحداث من غير [١] سبب اقتضى تخصيصه، وأنه صار مريدا فاعلا محدثا بعد أن لم يكن كذلك [٢] ، من غير شيء جعله كذلك، فقد قال بحدوث الحوادث بلا فاعل.
    وإذا قالوا: الإرادة لا تعلل كان [هذا] [٣] كلاما لا حقيقة له، فإن الإرادة أمر حادث فلا بد له من محدث، وهذا كما قالوا: إن البارئ يحدث إرادة لا في محل بلا سبب اقتضى حدوثها ولا إرادة فارتكبوا [٤] ثلاث محالات: حدوث حادث [٥] بلا إرادة من الله، وحدوث حادث بلا سبب حادث، وقيام الصفة بنفسها لا في محل.
    وإن شئت قلت: كونه مريدا أمر ممكن، والممكن [٦] لا يترجح [وجوده على عدمه ولا يترجح] [٧] أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح تام.
    وهذا مما يحتج به الرازي عليهم وهو صحيح في نفسه لكنه تناقض في مسألة حدوث العالم [٨] .
    ==========================


    (١)

    م: من دون.

    (٢)

    كذلك، ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .

    (٣)

    هذا: ساقطة من (ن) ، (م) .

    (٤)

    ن، م: فأثبتوا.

    (٥)

    أ، ب: حوادث.

    (٦)

    والممكن: ساقطة من (أ) ، (ب) .

    (٧)

    ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .

    (٨)

    أ: في نفسه يناقض في مسألة حدوث العالم، ب: يناقض مسألة حدوث العالم، ع: في نفسه لكنه تناقض في نفس حدوث العالم.
    ****************************** **************
    والحجة التي ذكرها هذا الإمامي مذكورة عن أبي الحسين البصري [١] وهي صحيحة كما أن الأخرى صحيحة فيجب القول [٢] بهما جميعا، [مع أن جمهور [٣] القدرية يقولون: العلم بكون العبد محدثا لأفعاله نظري لا ضروري، وهؤلاء يخالفون أبا الحسين.
    وأبو الحسين يقول مع ذلك: إن الفعل يتوقف على الداعي والقدرة وعندهما يجب الفعل، وهو حقيقة قول أهل الإثبات، ولهذا يعبر غير واحد منهم بنحو ذلك كأبي المعالي والرازي وغيرهما.
    لكن إذا قيل مع ذلك: إن الله خالق أفعال العباد أمكن الجمع بينهما عند من يقول إن الله خلق الأشياء بالأسباب.
    ومن لم يقل ذلك يقول: خلق الفعل عند هذه الأمور لا بها، وهو قول من لم يجعل للقدرة أثرا في مقدورها كالأشعري وغيره] [٤] .
    فإن قيل: كيف يكون الله محدثا لها والعبد محدثا لها.
    قيل: إحداث الله لها بمعنى أن خلقها [منفصلة عنه قائمة بالعبد] [٥] فجعل العبد فاعلا لها بقدرته ومشيئته [٦] التي خلقها الله [تعالى] ،
    ============================== ===


    (١)

    ن: مأخوذة عن الحسن البصري، م: مأخوذة من أبي الحسين.

    (٢)

    ن، م: فصح القول.

    (٣)

    عند عبارة مع أن جمهور القدرية، يوجد سقط في نسختي (ن) ، (م) .

    (٤)

    هنا ينتهي السقط في نسختي (ن) ، (م) .

    (٥)

    ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .

    (٦)

    ن، م: بمشيئته وقدرته.
    ****************************** ***************
    وإحداث العبد لها [١] بمعنى أنه حدث منه هذا الفعل [القائم به] [٢] بالقدرة والمشيئة التي خلقها الله فيه.
    وكل من الإحداثين مستلزم للآخر وجهة الإضافة مختلفة [فما أحدثه الرب فهو مباين له قائم بالمخلوق وفعل العبد الذي أحدثه قائم به] [٣] فلا يكون العبد فاعلا للفعل بمشيئته وقدرته حتى يجعله الله كذلك فيحدث [٤] قدرته ومشيئته والفعل الذي كان بذلك وإذا جعله الله فاعلا وجب [٥] وجود ذلك.
    فخلق الرب لفعل العبد يستلزم وجود الفعل، وكون العبد فاعلا له بعد أن لم يكن يستلزم كون الرب خالقا له، بل جميع الحوادث بأسبابها هي من هذا الباب [٦] .
    [فإن قيل: هذا قول من يقول هي فعل للرب وفعل للعبد.
    قيل: من قال هي فعل لهما بمعنى الشركة فقد أخطأ، ومن قال: إن فعل الرب هو ما انفصل عنه، وقال: إنها فعل لهما كما قاله أبو إسحاق الإسفراييني، فلا بد أن يفسر كلامه بشيء يعقل.
    وأما على قول جمهور أهل السنة الذين يقولون: إنها مفعولة للرب
    ============================== =====


    (١)

    ن، م: التي خلقها الله بغير إحداث العبد لها.

    (٢)

    القائم به: ساقطة من (ن) ، (م) .

    (٣)

    ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .

    (٤)

    ع: فتحدث.

    (٥)

    أ، ب: وإذا جعله الفاعل.

    (٦)

    بعد عبارة من هذا الباب يوجد سقط طويل في نسختي (ن) ، (م) سأشير إلى نهايته في موضعها إن شاء الله.






  5. #205
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (202)
    صـ 241 إلى صـ 248





    لا فعل له إذا فعله ما قام به والفعل عندهم غير المفعول، فيقولون إنها مفعولة للرب لا فعل له (1) وإنها فعل للعبد.
    كما يقولون في قدرة العبد: إنها قدرة للعبد مقدورة للرب لا إنها نفس قدرة الرب.
    وكذلك إرادة العبد هي إرادة للعبد مرادة للرب.
    وكذلك سائر صفات العبد هي صفات له وهي (2) مفعولة للرب مخلوقة له ليست بصفات له.
    ومما يبين ذلك أن الله تعالى قد أضاف كثيرا من الحوادث إليه وأضافه إلى بعض مخلوقاته، إما أن يضيف عينه أو نظيره.
    كقوله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} [سورة الزمر 42]] .
    وقال تعالى: {هو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار} [سورة الأنعام 60] .
    مع قوله تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم} [سورة السجدة 11] .
    وقوله: {توفته رسلنا وهم لا يفرطون} [سورة الأنعام 61] .
    وكذلك قوله تعالى في الريح: {تدمر كل شيء بأمر ربها} [سورة الأحقاف: 25] .

    **_________
    (1) عبارة " لا فعل له "، ساقطة من (ع) .
    (2) ع: هي صفات العبد وهي
    ============================== ===
    وقال: {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون} [سورة الأعراف 137] .
    وقال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} [سورة الإسراء 9] .
    وقال: {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام} [سورة المائدة 16] .
    وقال: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [سورة يوسف 3] .
    وقال: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون} [سورة النمل 76] .
    وقال: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} [سورة النساء 127] .
    أي: ما يتلى عليكم في الكتاب يفتيكم فيهن.
    وقال: {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج} [سورة الحج: 5] ، فأضاف الإنبات (1) إليها.
    وقال تعالى: {والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج} [سورة الحجر 19] .
    وقال تعالى: {هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون - ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات} [سورة النحل 10، 11] .
    وقال تعالى: {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا} [سورة يونس 24] .

    **_________
    (1) أ: النبات، وهو تحريف
    ==============================
    وقال تعالى: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} [سورة الكهف 7] .
    وقال تعالى: {إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب} [سورة الصافات 6] .
    وقال تعالى: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها} [سورة الحديد: 4] .
    وقال تعالى: {ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء} [سورة النحل: 2] .
    وقال: {نزل به الروح الأمين} [سورة الشعراء: 193] .
    وقال: {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل} [سورة الإسراء: 105] .
    وقال: {وأنزلنا من السماء ماء} [سورة المؤمنون: 18] .
    وقال تعالى: {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} [سورة فصلت: 21] ، وقال سليمان عليه الصلاة والسلام: {ياأيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء} [سورة النمل: 16] .
    وقال تعالى: {فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون} [سورة الذاريات: 23] ، فهم نطقوا وهو أنطقهم، وهو الذي أنطق كل شيء.
    فإذا كان [تبارك وتعالى] (1) قد جعل في الجمادات قوى تفعل، وقد أضاف الفعل إليها ولم يمنع ذلك أن يكون خالقا لأفعالها، فلأن لا

    **_________
    (1) تبارك وتعالى ليست في (ع)
    ===========================
    يمنع إضافة الفعل إلى الحيوان وإن كان الله خالقه - بطريق الأولى.
    فإن القدرية لا تنازع في أن الله خالق ما في الجمادات من القوى والحركات وقد أخبر الله (1) أن الأرض تنبت، وأن السحاب يحمل الماء كما قال تعالى: {فالحاملات وقرا} [سورة الذاريات: 2] .
    والريح تنقل السحاب كما قال تعالى: {وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت} [سورة الأعراف: 57] ، وأخبر أن الريح تدمر كل شيء، وأخبر أن الماء طغى بقوله تعالى: {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية} [سورة الحاقة: 11] .
    بل قد أخبر بما هو أبلغ من ذلك من سجود هذه الأشياء وتسبيحها كما في قوله تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب} [سورة الحج: 18] .
    وهذا التفصيل يمنع حمل ذلك على أن المراد كونها مخلوقة دالة على الخالق وأن المراد شهادتها بلسان الحال فإن هذا عام لجميع الناس.
    وقد قال تعالى: {ياجبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد} [سورة سبأ: 10] .
    وقال: {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق - والطير محشورة كل له أواب} [سورة ص: 18، 19] .

    **_________
    (1) ع: والله قد أخبر
    ============================
    فأخبر أن الجبال تئوب معه والطير، وأخبر أنه سخرها تسبح.
    وقال: {ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه} [سورة النور: 41] .
    وقال تعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [سورة الإسراء: 44] .
    وقال: {ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها} [سورة الرعد: 15] .
    وقال: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله} [سورة البقرة: 74] .
    وبسط الكلام على سجود هذه الأشياء وتسبيحها مذكور في غير هذا الموضع (1) .
    والمقصود هنا أن هذا كله مخلوق لله بالاتفاق مع جعل ذلك فعلا لهذه الأعيان في القرآن، فعلم أن ذلك لا ينافي كون الرب تعالى خالقا لكل شيء.

    فإن قيل: قولكم إذا جعلنا الله فاعلا وجب وجود ذلك الفعل (2) وخلق الفعل يستلزم وجوده، ونحو ذلك من الأقوال يقتضي الجبر، وهو قول باطل.

    **_________
    (1) وهو في " رسالة في قنوت الأشياء كلها لله تعالى " وهي التي حققتها ونشرتها في المجموعة الأولى من " جامع الرسائل " ص [0 - 9]- 45 ط المدني القاهرة، 1389 1969.
    (2) الفعل: زيادة في (ب) فقط
    =========================

    قيل: لفظ الجبر لم يرد في كتاب ولا سنة لا بنفي ولا إثبات، واللفظ إنما يكون له حرمة إذا ثبت عن المعصوم، وهي ألفاظ النصوص، فتلك علينا أن نتبع معانيها، وأما الألفاظ المحدثة مثل لفظ الجبر فهو مثل لفظ الجهة والحيز ونحو ذلك.
    ولهذا كان المنصوص عن أئمة الإسلام مثل الأوزاعي والثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وغيرهم أن هذا اللفظ لا يثبت ولا ينفى مطلقا، فلا يقال مطلقا: جبر، ولا يقال: لم يجبر، فإنه لفظ مجمل.
    ومن علماء السلف (1) من أطلق نفيه، كالزبيدي صاحب الزهري، وهذا نظر إلى المعنى المشهور من معناه في اللغة، فإن المشهور إطلاق لفظ الجبر والإجبار على ما يفعل بدون إرادة المجبور بل مع كراهته كما يجبر الأب ابنته على النكاح.
    وهذا المعنى منتف في حق الله تعالى فإنه سبحانه لا يخلق فعل العبد الاختياري بدون اختياره، بل هو الذي جعله مريدا مختارا، وهذا لا يقدر عليه أحد إلا الله.
    ولهذا قال من قال من السلف: الله أعظم وأجل (2) من أن يجبر، إنما يجبر غيره من لا (3) يقدر على جعله مختارا، والله تعالى يجعل العبد مختارا فلا يحتاج إلى إجباره.

    **_________
    (1) ع: السنة.
    (2) وأجل: ساقطة من (ع) .
    (3) لا: ساقطة من (أ)
    =========================

    ولهذا قال الأوزاعي والزبيدي وغيرهما: نقول جبل ولا نقول جبر، لأن الجبل جاءت به السنة كما في الحديث الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبد القيس: إن فيك خلقين يحبهما الله الحلم والأناة. فقال: أخلقين تخلقت بهما أم خلقين جبلت عليهما؟ فقال: بل خلقين جبلت عليهما. فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله» (1) .
    فقد يراد بلفظ الجبر (2) نفس فعل ما يشاؤه، وإن خلق اختيار العبد؛ كما قال محمد بن كعب القرظي: الجبار هو الذي جبر العباد على ما أراده (3) .
    وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في الدعاء المأثور عنه: اللهم داحي المدحوات، وسامك المسموكات، جبار (4) القلوب على فطرتها (5) شقيها وسعيدها.
    فإذا أريد بالجبر هذا فهذا حق (6) وإن أريد به الأول فهو باطل، ولكن الإطلاق يفهم منه الأول، فلا يجوز إطلاقه، فإذا قال السائل: أنا أريد بالجبر المعنى الثاني، وهو أن نفس جعل الله للعبد (7) فاعلا قادرا

    **_________
    (1) مضى هذا الحديث من قبل في هذا الجزء، ص [0 - 9] 6
    (2) ع: فقد يراد بالجبر.
    (3) أ، ب: على ما أراد.
    (4) ع: جابر.
    (5) ع: فطراتها.
    (6) أ، ب: فالجبر حق.
    (7) أ، ب: العبد
    ===========================
    يستلزم الجبر، ونفس كون الداعي والقدرة يستلزم وجود الفعل " جبر ".
    قيل: هذا المعنى حق، ولا دليل لك على إبطاله، وحذاق المعتزلة كأبي الحسين البصري وأمثاله يسلمون هذا فيسلمون أن مع وجود الداعي والقدرة يجب وجود الفعل.
    وصاحب هذا الكتاب قد سلك هذه الطريقة فلا يمكنه مع هذا إنكار الجبر بهذا التفسير، ولهذا (1) نسب أبو الحسين إلى التناقض في هذه المسألة، فإنه وأمثاله من حذاق المعتزلة إذا سلموا أنه مع الداعي والقدرة، يجب وجود الفعل، وسلموا أن الله خلق الداعي والقدرة لزم أن يكون (2) الله خالق أفعال العباد.
    فحذاق المعتزلة سلموا المقدمتين ومنعوا النتيجة، والطوسي الذي قد عظمه هذا الإمامي ذكر في تلخيص المحصل لما ذكر احتجاج الرازي: بأن الفعل يجب عند وجود المرجح التام ويمتنع عند عدمه، فبطل (3) قول المعتزلة بالكلية (4) يعني الذين يقولون إنه يفعل على وجه

    **_________
    (1) أ، ب: وبهذا.
    (2) يكون ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) ب فقط: فقد بطل.
    (4) يقول الرازي في " المحصل " ص 141: وزعم الجمهور من المعتزلة أن العبد موجد لأفعاله لا على نعت الإيجاب بل على صفة الاختيار. لنا وجوه: الأول: أن العبد حال الفعل إما أن يمكنه الترك أو لا يمكنه، فإن لم يمكنه الترك فقد بطل قول المعتزلة، وإن أمكنه، فإما أن لا يفتقر ترجيح الفعل على الترك إلى مرجح، وهو باطل، لأنه تجويز لأحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح، أو يفتقر ذلك المرجح، إن كان من فعله عاد التقسيم، وإلا يتسلسل، بل ينتهي لا محالة إلى مرجح لا يكون من فعله، ثم عند حصول ذلك المرجح إن أمكن أن لا يتحصل ذلك الفعل فلنفرض ذلك، وحينئذ يحصل الفعل تارة، ولا يحصل أخرى، مع أن نسبة ذلك المرجح إلى الوقتين على السواء، فاختصاص أحد الوقتين بالحصول، ووقت الآخر بعدم الحصول، يكون ترجيحا لأحد طرفي الممكن المتساوي على الآخر من غير مرجح، وهو محال، وإن امتنع أن لا يحصل فقد بطل قول المعتزلة بالكلية، لأنه متى حصل المرجح وجب الفعل، ومتى لم يحصل امتنع، فلم يكن العبد مستقلا بالاختيار، فهذا كلام قاطع
    ======================



  6. #206
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (203)
    صـ 249 إلى صـ 256





    الجواز وهو المشهور من مذهبهم، فاعترض (1) عليه الطوسي وقال: إنه قد ذكر (2) فيما مر أن المختار متمكن (3) من ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر، (4) بلا مرجح وهنا حكم بأن ذلك (5) محال، (6) ثم على تقدير الاحتياج إلى المؤثر (7) وامتناع عدم حصول الأثر (8) ، قال: فقد بطل قول المعتزلة بالكلية.
    قال (9) : وذلك غير وارد، لأنه قد ذكر أن أبا الحسين من المعتزلة

    **_________
    (1) أ: المعترض، ب: اعترض.
    (2) أ، ب: فقال إنه ذكر.
    (3) أ، ب: ممكن
    (4) على الآخر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) أ، ب: ذاك.
    (6) لم أجد هذا الكلام في " تلخيص المحصل " للطوسي مع طول بحثي عنه، ولكن الطوسي يقرر أن الرازي متناقض في هذه المسألة وذلك في موضع آخر ص [0 - 9] 22 عند تعليقه على كلام الرازي على أنه تعالى مريد، إذ يقول: وقوله: المخصص ليس القدرة، مناقض لما ذهب إليه فيما مر، وهو أن المختار يمكنه الترجيح من غير مرجح.
    (7) أ، ب: المرجح.
    (8) ع: المؤثر.
    (9) لم أجد هذا الكلام للطوسي في " تلخيص المحصل "، ولعله في كتاب آخر له، وانظر: كتاب (فخر الدين الرازي وآراؤه الكلامية والفلسفية) ، للأستاذ محمد صالح الزركان رحمه الله ص [0 - 9] 29 - 536 ط. دار الفكر، بيروت، بدون تاريخ
    ============================== ==
    وقال في موضع آخر: إنه رجل المعتزلة (1) وقال هنا (2) : إنه قد ذهب إلى أن القدرة والإرادة يوجبان وجود المقدور فكيف بطل قولهم بالكلية.
    وبيانه أنهم يقولون: إن معنى الاختيار هو استواء الطرفين بالنسبة إلى القدرة وحدها ووجوب وقوع أحدهما بحسب الإرادة، فمتى حصل المرجح التام (3) وهو الإرادة وجب الفعل ومتى لم يحصل امتنع ذلك، وذلك غير مناف لاستواء الطرفين بالقياس إلى القدرة وحدها، فإذا اللزوم الذي ذكره غير قاطع في إبطال قولهم.
    قلت: القول الذي قطع بطلانه الرازي هو القول (4) المشهور عنهم، وهو أن الفعل لا يتوقف على الداعي بل القادر يرجح أحد مقدوريه (5) على الآخر بلا مرجح فيحدث الداعي له الفعل كالإرادة بمجرد كونه قادرا مع استواء القدرة بالنسبة إلى وجود ذلك وعدمه.
    والداعي قد يفسر بالعلم أو الاعتقاد أو الظن (6) وقد يفسر بالإرادة وقد يفسر بالمجموع وقد يفسر بما اشتمل عليه المراد مما يقتضي إرادته.
    والرازي يقول: إن أبا الحسين متناقض فإن الرازي ذكر في الأقوال

    **_________
    (1) ع: إنه رجل من المعتزلة.
    (2) ع: وهنا قال.
    (3) ع: فمتى حصل حصل المرجح التام.
    (4) القول ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) أ: أحد مقدوراته.
    (6) ع: والاعتقاد والظن
    =========================
    قول الذين يقولون: إن الفعل موقوف على الداعي، فإذا حصلت القدرة وانضم إليها الداعي صار مجموعهما علة لوجوب الفعل.
    قال (1) : وهذا قول جمهور الفلاسفة واختيار أبي الحسين البصري من المعتزلة، وهو وإن كان يدعي الغلو في الاعتزال، حتى ادعى أن العلم بأن العبد موجد لأفعاله ضروري، إلا أنه كان من مذهبه أن الفعل موقوف على الداعي، فإذا كان عند الاستواء يمتنع وقوعه، فحال المرجوحية أولى بالامتناع، وإذا امتنع المرجوح وجب الراجح لأنه لا خروج عن النقيضين وهذا عين القول بالجبر، لأن الفعل (2) واجب الوقوع عند حصول المرجح، وممتنع الوقوع عند عدم المرجح، فثبت أن أبا الحسين كان عظيم الغلو في القول بالجبر، وإن كان يدعي في ظاهر الأمر أنه عظيم الغلو في الاعتزال.
    قلت: هذا القول هو (3) قول جماهير أهل السنة وأئمتهم (4) ويقرب منه قول أبي المعالي الجويني والقاضي أبي خازم (5) ابن القاضي أبي يعلى، وقول الكرامية، وهو حقيقة القول بأن الله خالق فعل العبد وهو ظاهر على (6) قول جمهور أهل السنة المثبتين للأسباب الذين يقولون: لقدرة العبد تأثير في الفعل.

    **_________
    (1) لم أتمكن من العثور على النص التالي من كلام الرازي فيما هو مطبوع من كتبه.
    (2) أ، ب: لأن المراد.
    (3) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ع: وأئمتها.
    (5) في النسخ الثلاث: أبي حازم، وهو حازم.
    (6) على: ساقطة من (أ) ، (ب)
    =======================
    وأما من قال: لا تأثير لها كالأشعري، فإذا فسر الوجوب بالوجوب العادي لم يمتنع ذلك، وإن فسر (1) بالعقلي امتنع.
    وأما لفظ الجبر فالنزاع فيه لفظي كما تقدم، وليس هو في اللغة ظاهرا في هذا المعنى، ولهذا أنكر السلف إطلاقه، فإذا قالت القدرية: هذا ينافي كونه مختارا لأنه لا معنى للمختار إلا كونه قادرا على الفعل والترك، وأنه إذا شاء فعل هذا وإذا شاء فعل هذا.
    قيل لهم: هذا مسلم ولكن يقال: هو قادر على الفعل والترك على سبيل البدل أو على سبيل الجمع، والثاني باطل فإنه في حال كونه فاعلا لا يقدر أن يكون تاركا مع كونه فاعلا، وكذلك حال كونه تاركا لا يقدر على كونه فاعلا مع كونه تاركا، فإن الفعل والترك ضدان، واجتماعهما ممتنع، والقدرة لا تكون على ممتنع.
    فعلم أن قولنا قادر على الفعل والترك، أي يقدر أن يفعل في حال عدم الترك، ويقدر أن يترك في حال عدم الفعل، وكذلك قول القائل: القادر (2) إن شاء فعل وإن شاء ترك، هو على سبيل البدل، لا يقدر أن يشاء الفعل والترك معا، بل حال مشيئته للفعل لا يكون مريدا للترك (3 وحال مشيئته للترك لا يكون مريدا للفعل (3) 3) .
    وإذا كان كذلك فالقادر الذي (4) إن شاء فعل وإن شاء ترك؛ حال كونه

    **_________
    (1) ب فقط: فسره.
    (2) القادر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) (3 - 3) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (4) الذي: ساقطة من (ع)
    =====================
    شاء الفعل (1) مع القدرة التامة يجب وجود الفعل، وحال وجود الفعل يمتنع أن يكون مريدا للترك مع الفعل، وأن يكون قادرا على وجود الترك مع الفعل، بل قدرته على الفعل (2) بمعنى أنه يكون بعد الفعل تاركا له، فيكون قادرا على الترك في الزمن الثاني من وجود الفعل، لا حال وجود الفعل.
    وإذا قال القائل: (3) هذا يقتضي أن يكون الفعل واجبا لا ممكنا، فإن أراد به أنه يصير (4) واجبا بغيره بعد كونه ممكنا في نفسه، فهذا حق كما أنه يصير موجودا بعد أن كان معدوما، وفي حال وجوده يمتنع أن يكون معدوما.
    وكل ما خلقه الله تعالى فهو بهذه المثابة فإنه ما شاء كان (5) ، فوجب وجوده بمشيئة الله وقدرته، وما لم يشأ لم يكن فيمتنع وجوده لعدم مشيئة الله له، مع أن ما شاءه مخلوق محدث مفعول له، وكان قبل أن يخلقه يمكن (6) أن يوجد ويمكن أن لا يوجد، فأما بعد أن صار موجودا بمشيئة الله وقدرته فلا يمكن أن يكون معدوما مع كونه موجودا، (* وإنما يمكن أن يعدم بعد وجوده، وليس في الأشياء ما يمكن وجوده وعدمه معا في حال واحدة، بل يمكن وجوده بدلا عن عدمه وعدمه بدل عن وجوده

    **_________
    (1) ع: شاء للفعل.
    (2) ب فقط على الترك.
    (3) ب فقط: قائل.
    (4) أ: فإن أراد به يصير، ب: فإن أراد أنه يصير.
    (5) ع: فإن ما شاء كان.
    (6) أفقط: قبل أن يخلقه لم يكن يمكن
    ========================
    فإذا وجد كان وجوده ما دام موجودا واجبا بغيره، وإذا سمي ممكنا بمعنى أنه مخلوق ومفعول وحادث فهو صحيح، لا بمعنى أنه حال وجوده يمكن عدمه مع وجوده *) (1) فإنه إذا أريد (2) أنه حال وجوده يمكن عدمه مع وجوده فهذا باطل فإنه جمع بين النقيضين.
    وإن أراد (3) أنه يمكن عدمه بعد هذا الوجود فهو صحيح، ولكن هذا لا يناقض وجوب وجوده بغيره ما دام موجودا وهذا موجود (4) بالقادر لا بنفسه وهو ممكن (5) في هذه الحال بمعنى أنه محدث مخلوق مفتقر إلى الله تعالى لا بمعنى كونه (6) يمكن أن يكون معدوما حال وجوده.
    ومن فهم هذا انحلت عنه إشكالات كثيرة أشكلت على كثير من الناس في مسائل القدر، بل وفي إثبات كون الرب قادرا مختارا ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
    والقدر يتعلق بقدرة الله تعالى ولهذا قال الإمام أحمد: (7) القدر قدرة الله تعالى يشير إلى أن من أنكر القدر فقد أنكر قدرة الله تعالى (8) وأنه يتضمن إثبات قدرة الله تعالى على كل شيء.
    ولهذا جعل الأشعري وغيره أخص وصف الرب تبارك وتعالى قدرته على الاختراع.

    **_________
    (1) الكلام بين النجمتين في (ع) فقط.
    (2) ع: فإذا أريد.
    (3) ب فقط: وإن أريد.
    (4) أ، ب: وهذا وجود.
    (5) ب: فهو.
    (6) ع: لا بمعنى أنه.
    (7) ع: أحمد رضي الله عنه.
    (8) تبارك وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب)
    =====================
    وأيضا فقول القائل: القادر (1) هو الذي إن شاء فعل وإن شاء ترك بمعنى أنه قبل الفعل والترك إن شاء وجود الفعل في الزمن الثاني وإن شاء الترك فيه، وهذا التخيير بينهما إنما يكون عند عدمهما جميعا، فأما حال الفعل فيمتنع الترك، وحال الترك فيمتنع الفعل، وحينئذ فالفعل واجب حال وجوده لا في الحال التي يكون (2) مخيرا فيها بين الفعل والترك، فحال التخيير لم يكن واجبا وحال وجوبه لم يكن مخيرا.
    نعم قد يكون حال الفعل شائيا للترك بعد الفعل، وهذا ترك ثان ليس (3) هو ترك ذلك الفعل في حال وجوده، فالقادر قط لا يكون مخيرا بين الشيئين في حال وجود أحدهما (4 إلا بمعنى التخيير في الزمن الثاني وإلا ففي حال وجود أحدهما لا (4) 4) يكون (5) مخيرا بين وجوده وعدمه مع وجوده، وحالما يكون الفاعل فاعلا يمتنع أن يكون تاركا فيمتنع أن يكون هذا الترك مقدورا له، لأن الممتنع لا يكون مقدورا، والقدرة على الضدين قدرة على كل واحد منهما على سبيل البدل ليست قدرة على جمعهما، (6) وهذا كما يقال: إنه قادر على تسويد الثوب وتبييضه ويسافر إلى الشرق والغرب ويذهب يمينا وشمالا وقادر على أن يتزوج هذه الأخت وهذه الأخت (7) .

    **_________
    (1) أ: القدر، وهو تحريف.
    (2) ع: التي كان.
    (3) أ: وهذا ترك بأن ليس، ب: وهذا الترك ليس.
    (4) (4 - 4) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (5) ب فقط: فلا يكون.
    (6) ع: على جميعها.
    (7) ع: وهذه الأخت والله أعلم، وعند هذا الموضع ينتهي السقط الطويل في نسختي (ن) ، (م) وهو الذي بدأ في ص [0 - 9] 40
    ========================
    **[فصل كلام الرافضي على دلالة النقل على الأفعال الاختيارية والرد عليه]
    فصل.
    قال الرافضي (1) : وأما المنقول فالقرآن (2) مملوء من استناد (3) أفعال البشر إليهم (4) كقوله تعالى: (5) .
    {وإبراهيم الذي وفى} [سورة النجم 37] (6) [ {فويل للذين كفروا} [سورة مريم 37] {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [سورة الأنعام 164] (7) {ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} [سورة النحل 32] {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} [سورة غافر 17] {اليوم تجزون ما كنتم تعملون} [سورة الجاثية 28] {لتجزى كل نفس بما تسعى} [سورة طه 15] {هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} [سورة النمل 90]] (8) {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها} [سورة الأنعام 160] {ليوفيهم أجورهم} [سورة فاطر: 30] (9) {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}

    **_________
    (1) أ، ب: قال الإمامي والكلام التالي في (ك) ، ص [0 - 9] 0 (م) ، 91 (م) .
    (2) ك: فإن القرآن.
    (3) ب فقط: إسناد.
    (4) ع: الفعل إلى البشر.
    (5) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (6) أ، ب، ع: الذي وفى. . الآية.
    (7) ما بين المعقوفتين في (ب) ، (ك) وسقط من النسخ الأخرى.
    (8) ما بين المعقوفتين زيادة في (ك) فقط.
    (9) آية سورة فاطر في (ك) ، (ب) فقط
    ============================




  7. #207
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (204)
    صـ 257 إلى صـ 264





    {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات} [سورة النساء: 160] (1) {كل امرئ بما كسب رهين} [سورة الطور: 21] {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها} [سورة فصلت: 46] {ذلك بما قدمت يداك} [سورة الحج: 10] {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} [سورة الشورى: 30] إلخ (2) .
    فيقال: الجواب (3 من وجوه أحدها 3) (3) أن يقال (4) : كل هذا حق، وجمهور أهل السنة قائلون [بذلك وهم قائلون] (5) إن العبد فاعل لفعله حقيقة لا مجازا، وإنما نازع في ذلك طائفة من متكلمة (6) أهل الإثبات كالأشعري ومن اتبعه.

    (7 الثاني: أن يقال 7) : (7) : والقرآن مملوء بما يدل (8) على أن أفعال العباد حادثة بمشيئة الله [وقدرته] (9) وخلقه، فيجب الإيمان بكل ما في القرآن، ولا يجوز أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض.

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) اختصر ابن تيمية كلام ابن المطهر وترك أكثر من ستة أسطر من كلامه انظر (ك) ، ص 91 (م) .
    (3) (3 - 3) ساقط من (ب) فقط.
    (4) ن: أن يقول. وسقطت العبارة من (م) .
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) ن، م، ع: من متكلمي.
    (7) (7 - 7) ساقط من (ب) فقط.
    (8) ن، ع: مما يدل، أ: مما دل، ب: بما دل.
    (9) وقدرته: ساقطة من (ن) ، (م)
    ========================
    قال الله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد} [سورة البقرة: 253] .
    وقال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} [سورة الأنعام: 125] .
    وقال تعالى: {ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون} [سورة الأنعام: 112] .
    وقال تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا - إلا أن يشاء الله} [سورة الكهف: 23، 24] وأجمع علماء المسلمين (1) على أن الرجل لو قال: لأصلين الظهر غدا إن شاء الله، أو: لأقضين الدين الذي علي، وصاحبه مطالبه، أو: لأردن هذه الوديعة (2) ، ونحو ذلك، ثم لم يفعله - أنه لا يحنث في يمينه، ولو كانت المشيئة بمعنى الأمر لحنث (3) .
    وقال عن إبراهيم: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا} [سورة البقرة: 128] .
    وقال تعالى: {يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا} [سورة البقرة: 26] .
    وقال تعالى: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} [سورة الأنفال: 24] .

    **_________
    (1) ن، م، ع: وأجمع المسلمون.
    (2) هذه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) أ، ب: يحنث
    =============================
    وقال تعالى: {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون - وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون} [سورة يس: 8، 9] (* (1) .
    وقال تعالى: {وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا} [سورة الأنبياء: 73] .
    وقال تعالى: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا} [سورة الأنبياء: 73] .
    وقال عن بني إسرائيل: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [سورة السجدة: 24] .
    وقال عن آل فرعون {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون} [سورة القصص: 41] .
    وقال عن الخليل - صلى الله عليه وسلم -: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء} [سورة إبراهيم: 40] .
    وقال: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} .
    وقال تعالى: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون - وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} [سورة يس: 41، 42] والفلك من مصنوعات بني آدم.
    وهذا مثل قوله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات: 96]

    **_________
    (1) بعد آيتي سورة يس يوجد سقط في نسختي (ن) ، (م) سأشير إلى موضعه عند نهايته إن شاء الله
    ==========================
    فإن طائفة من المثبتة (1) للقدر قالوا: إن " ما " هاهنا مصدرية، وإن المراد: خلقكم وخلق أعمالكم، وهذا ضعيف جدا.
    والصواب أن " ما " هاهنا بمعنى الذي، وأن المراد: والله خلقكم (2) والأصنام التي تعملونها.
    كما في حديث حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (3) : " «إن الله خلق كل صانع وصنعته» ". (4)
    وأنه (5) قال: {أتعبدون ما تنحتون - والله خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات: 95، 96] فذمهم وأنكر عليهم عبادة ما ينحتونه (6) من الأصنام، ثم ذكر أن الله خلق العابد والمعبود والمنحوت.
    وهو سبحانه الذي يستحق أن يعبد، ولو أريد: والله خلقكم

    **_________
    (1) ع: من المثبتين.
    (2) أ، ب: وأن المراد: خلقكم.
    (3) قال: زيادة في (ع) .
    (4) الحديث عن حذيفة رضي الله عنه، وذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير (2 - 116) ونقل عن السيوطي قوله: خ البخاري في خلق أفعال العباد ك الحاكم في المستدرك، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن حذيفة، ولفظ الحديث: إن الله تعالى صانع كل صانع وصنعته. وعلق الألباني بأن لفظ الحاكم وابن منده وغيرهما: " خالق "، وصحح الألباني الحديث، وأشار إلى كلامه عنه في الأحاديث الصحيحة (1637) : ابن منده. المحاملي. عد. والحديث في كتاب خلق أفعال العباد للبخاري ص 137 ضمن كتاب عقائد السلف، وذكره ابن كثير في تفسيره ط الشعب 7 - 22، والسيوطي في الدر المنثور 5 - 279، والحديث في الأسماء والصفات للبيهقي ص 26 ط مطبعة السعادة، سنة 1358 هـ، المستدرك للحاكم 1 - 31، 32 وقال الحاكم: وهذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
    (5) أ، ب: فإنه.
    (6) أ، ب: ما يتخذونه
    ==========================
    وأعمالكم كلها، لم يكن هذا مناسبا، فإنه قد ذمهم على العبادة، وهي من أعمالهم، فلم يكن في ذكر كونه خالقا لأعمالهم ما يناسب الذم بل هو إلى العذر أقرب.
    ولكن هذه الآية تدل على أنه خالق لأعمال (1) العباد من وجه آخر، وهو أنه إذا خلق المعمول الذي عملوه وهو الصنم المنحوت فقد خلق التأليف القائم به، وذلك مسبب من (2) عمل ابن آدم وخالق المسبب (3) خالق السبب بطريق الأولى.
    وصار هذا كقوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} [سورة يس: 42] .
    ومعلوم أن السفن إنما ينجر (4) خشبها ويركبها بنو آدم، فالفلك معمولة لهم (5) كما هي (6) الأصنام معمولة لهم وكذلك سائر ما يصنعونه من الثياب (7) والأطعمة والأبنية، فإذا كان الله قد أخبر أنه خلق الفلك المشحون وجعل ذلك من آياته ومما أنعم الله به على عباده - علم أنه خالق أفعالهم.
    وعلى قول القدرية لم يخلق إلا الخشب الذي يصلح أن يكون سفنا وغير سفن، ومعلوم أن مجرد خلق المادة لا يوجب خلق الصورة التي حصلت بأفعال بني آدم إن لم يكن خالقا (8) للصورة.

    **_________
    (1) ع: أعمال.
    (2) ع: عن.
    (3) ع: خالق لسببه.
    (4) ع: ينحت.
    (5) ع: له.
    (6) ب فقط: كما أن.
    (7) ع، أ: النبات.
    (8) ع: خلقا
    ==============================
    ومثل هذا قوله تعالى: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم} [سورة النحل: 80] إلى قوله: {والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} [سورة النحل: 81] (1) .
    ومعلوم أن خلق البيوت المبنية والسرابيل المصنوعة هو كخلق السفن المنجورة (2) ، وقد أخبر الله (3) أن الفلك صنعة بني آدم مع إخباره أنه خلقها كما قال تعالى عن نوح عليه السلام: {ويصنع الفلك} .
    وأيضا ففي القرآن من ذكر (4) وأنه هو تبارك وتعالى يحدث من ذلك ما يطول وصفه كقوله تعالى: {فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة} [سورة الأعراف: 30] ، وقوله تعالى: {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه} [سورة البقرة: 213] ، وقوله: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون} [سورة الحجرات: 7] ومعلوم أنه لم يرد بذلك الهداية المشتركة بين المؤمن والكافر، مثل إرسال الرسل والتمكين (5) من الفعل وإزاحة العلل، بل أراد ما يختص به المؤمن.

    **_________
    (1) في (ع) الآيات كلها متصلة.
    (2) ع: المنحوتة.
    (3) الله: ليست في (أ) ، (ب) .
    (4) ذكر: زيادة في (ع) . تفصيل أفعال العباد التي بقلوبهم وجوارحهم
    (5) أ: والمتمكن، ب: والتمكن
    ===========================
    كما دل عليه القرآن في مثل (1) قوله تعالى: {واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم} [سورة الأنعام: 87] وقوله: {وآتيناهما الكتاب المستبين - وهديناهما الصراط المستقيم} [سورة الصافات: 117، 118] .
    ومنه قولنا (2) في الصلاة: {اهدنا الصراط المستقيم - صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [سورة الفاتحة: 6، 7] فإن الهداية المشتركة حاصلة لا تحتاج أن تسأل (3) ، وإنما تسأل الهداية التي خص بها المهتدين، ومن تأول ذلك بمعنى زيادة الهدى والتثبيت وقال (4) : كان ذلك جزاء - كان متناقضا.
    فإنه يقال: هذا المطلوب إن لم يكن حاصلا (5) باختيار العبد لم يثب عليه، فإنه إنما يثاب على ما فعله باختياره (6 وإن كان باختياره 6) (6) فقد ثبت أن الله يحدث الفعل الذي يختاره العبد، وهذا مذهب أهل السنة.
    وكذلك ما أخبر الله في القرآن من إضلال وهدى ونحو ذلك، فإنهم قد يتأولون ذلك بأنه جزاء على ما تقدم، وعامة تأويلاتهم مما يعلم بالاضطرار أن الله ورسوله لم يردها بكلامه مع أن هذا الجزاء مما يثاب الفاعل عليه وإن جوزوا أن الله يثيب العبد على ما ينعم به على العبد (7)

    **_________
    (1) ع: القرآن ومثله.
    (2) ع: قوله.
    (3) أ: حاصلة أن تسأل، ب: حاصلة دون أن تسأل.
    (4) ع: أو التثبيت أو قال.
    (5) أ، ب: خالصا.
    (6) (6 - 6) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (7) أ، ب: على ما ينعم الله به على العبد
    ==========================
    من فعله الاختياري جاز أن ينعم عليه ابتداء باختياره الطاعة، وإن لم يجز عندهم الثواب والعقاب على ما يجعل العبد فاعلا له بطل أن يريد (1) هدى أو ضلالة يثاب عليها أو يعاقب عليها، وامتنع أن يكون ما أخبر أنه فعله من جعل الأغلال في أعناقهم وجعله من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا ونحو ذلك هو مما يعاقبون عليه. (2) وقد قال تعالى: {إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل} [سورة النحل: 37] فأخبر أنه من أضله (3) الله لا يهتدي.
    وفي الجملة ففي القرآن من الآيات المبينة أن الله خالق أفعال العباد، وأنه هو الذي يقلب قلوب العباد (4) فيهدي من يشاء ويضل من يشاء، وأنه هو المنعم بالهدى على من أنعم عليه، ما يتعذر استقصاؤه في هذه المواضع (5) .
    وكذلك فيه ما يبين عموم (6) خلقه لكل شيء كقوله: {الله خالق كل شيء} [سورة الرعد: 16] وغير ذلك، وفيه ما يبين أنه فعال لما يريد، وفيه ما يبين أنه لو شاء لهدى الناس جميعا، وأمثال ذلك مما يطول وصفه.
    وإذا قيل: هذه متأولة عند (7) القدرية لأنها من المتشابه عندهم.

    **_________
    (1) ع: أن يزيد.
    (2) أ، ب: ونحو ذلك مما يعاقبون عليه، ع: ونحو ذلك هو مما يعاقبون على ذلك، ولعل الصواب ما أثبته.
    (3) ع: أنه من يضله، ب: أن من أضله.
    (4) أ، ب: يقلب القلوب والأبصار.
    (5) ع: في هذا الموضع.
    (6) ع: ما يبين أن عموم.
    (7) أ: عن
    ==============================




  8. #208
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (205)
    صـ 265 إلى صـ 272





    كان الجواب من وجهين؛ أحدهما: أن هذا مقابل بتأويلات الجبرية لما احتجوا به، وبقولهم هذا متشابه وهو (1) لم يذكر إلا مجرد النصوص، فذكرنا النصوص من الطرفين.
    الثاني: أن نبين فساد تأويلاتهم واحدا واحدا كما بسط في موضع آخر، وفي تأويلاتهم من تحريف الكلم عن مواضعه ومخالفة اللغة وتناقض المعاني ومخالفة إجماع سلف الأمة وأئمتها - ما يبين بعضه بطلان تحريفاتهم، ويبين أنه ليس في القرآن محكم يناقض هذا حتى يقال: إن هذا متشابه وذلك محكم، بل القرآن يصدق بعضه بعضا.
    ومن فتح هذا الباب من أهل البدع لم يكن له ثبات، فإن خصمه يفعل كما يفعل، فلا يبقى في يده (2) حجة سليمة عن المعارضة بمثلها، كيف وعامة تأويلاتهم مما يعلم بالاضطرار أن الله ورسوله لم يردها بكلامه] (*) (3) .

    **[فصل من كلام الرافضي على الأفعال الاختيارية " القادر يمتنع أن يرجح مقدوره " والرد عليه]
    فصل.

    قال الرافضي (4) : قال الخصم: القادر يمتنع أن يرجح مقدوره (5) من غير مرجح، ومع الترجيح (6) يجب الفعل فلا قدرة

    **_________
    (1) أ، ب: وهذا.
    (2) ع: فلا يبقى بيده.
    (3) هنا ينتهي السقط الطويل في نسختي (ن) ، (م) وهو الذي بدأ في ص [0 - 9] 59.
    (4) أ، ب، ن، م: الإمامي.
    (5) أ، ب، ع: القادر يمتنع أن يرجح أحد مقدوريه، والمثبت من (ن) ، (م) ، (ك) .
    (6) ك: ومع المرجح
    ==========================
    ولأنه يلزم أن يكون الإنسان شريكا لله (1) ؛ ولقوله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات: 96] .
    قال: (2) والجواب عن الأول المعارضة بالله تعالى، فإنه تعالى (3) قادر، فإن افتقرت القدرة إلى المرجح، وكان المرجح موجبا للأثر لزم أن يكون الله (4) موجبا لا مختارا، فيلزم (5) الكفر. والجواب عن الثاني (6) : أي شركة هنا والله هو القادر على قهر العبد وإعدامه، ومثل (7) هذا أن السلطان إذا ولى شخصا بعض البلاد (8) فنهب وظلم وقهر (9) فإن السلطان متمكن (10) من قتله والانتقام منه واستعادة ما أخذه (11) ، وليس (12) يكون شريكا للسلطان. والجواب عن الثالث (13) أنه إشارة إلى الأصنام التي كانوا ينحتونها ويعبدونها، فأنكر عليهم وقال: {أتعبدون ما تنحتون - والله خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات: 95، 96] .

    **_________
    (1) ن، م: شريكا، ك: شريكا لله تعالى.
    (2) بعد الكلام السابق مباشرة في (ك) ، ص 91 (م) ، 92 (م) .
    (3) تعالى: ليست في (ك) .
    (4) ك: الله تعالى.
    (5) ن، م: فلزم.
    (6) ك: وعن الثاني.
    (7) ك: ص 92 م: ومثال.
    (8) ع: ومثل هذا إذا ولى السلطان شخصا ببعض البلاد.
    (9) ك: وقهر وظلم.
    (10) ك: يتمكن.
    (11) ن، م، ع: ما أخذ.
    (12) ك: فليس.
    (13) ك: وعن الثالث
    ===================
    فيقال: لم يذكر (1) إلا شيئا يسيرا، ولم يذكر تقرير أدلتهم على وجهها، ومع هذا فالأدلة الثلاثة التي ذكرها لهم (2) ليس عنها جواب صحيح.
    أما الأول فإن المستدل بذلك الدليل لا يقول [إنه] (3) إذا وجب الفعل فلا قدرة، فإن أهل الإثبات يقولون: إن العبد له قدرة.
    وهذا مذهب عامة (4) أهل السنة حتى غلاة المثبتين (5) للقدر كالأشعرية، فإنهم متفقون على أن العبد له قدرة.
    وهذا الدليل المذكور قد احتج به أبو عبد الله الرازي وغيره، وهو يصرح بأنه يقول بالجبر، ومع هذا فإنه يقول: إن (6) للعبد قدرة، وإن كانوا متنازعين هل هي مؤثرة في مقدورها (7) ، أو في بعض صفاته، أو لا تأثير لها.
    [قال أبو الحسين البصري وغيره من المعتزلة (8) : إن الفعل لا يكفي فيه مجرد القدرة، بل يتوقف على الداعي، فيقولون: إن القادر المختار لا

    **_________
    (1) أ: من لم يذكر، ب: هو لم يذكر. من أدلة أهل الإثبات
    (2) أ، ب: عنهم.
    (3) إنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) عامة: ساقطة من (ع) .
    (5) ن، م: المثبتة.
    (6) ن: فإن، م: بأن.
    (7) بعد عبارة " مؤثرة في مقدورها " يوجد في نسختي (ن) ، (م) كلام طويل مكرر سبق إيراده في 2 - 46 وينتهي هذا الكلام المكرر بالعبارة التالية وهي " أو في بعض صفاته أو تأثير " ثم يوجد بعدها سقط في النسختين سأشير إلى نهايته بإذن الله.
    (8) ع: بل أبو الحسين البصري وغيره من المعتزلة يقولون
    =========================
    يرجح بمجرد القدرة، بل بداع يقرن مع القدرة، كما يقول ذلك أكثر المثبتين للقدر، فإنهم يقولون: إن الرب تعالى لا يرجح بمجرد القدرة، بل بإرادة مع القدرة.
    وكذلك يقول كثير منهم في حق العبد: لا يرجح بمجرد القدرة، (1 بل بداع مع القدرة. 1) (1) وقد قال هذا كثير من أصحاب الأئمة الأربعة، وقاله من أصحاب أحمد القاضي أبو خازم (2) بن القاضي أبي يعلى] (3) .
    وقد تقدم أن القول الوسط في ذلك أن لها تأثيرا من جنس تأثير (4) الأسباب في مسبباتها ليس لها تأثير الخلق والإبداع ولا وجودها كعدمها.
    وتوجيه هذا الدليل (5) أن القادر يمتنع أن يرجح أحد مقدوريه (6) إلا بمرجح [وذلك أنه (7) إذا كان الفعل والترك نسبتهما إلى القادر سواء كان ترجيح أحدهما على الآخر ترجيحا لأحد المتماثلين على الآخر بلا مرجح، وهذا ممتنع في بدائه (8) العقول.
    وهذا مبسوط في موضع آخر، وتبين فيه (9) خطأ من زعم أن القادر

    **_________
    (1) (1 - 1) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (2) في النسخ الثلاث: أبو حازم، وهو خطأ.
    (3) هنا ينتهي السقط في نسختي (ن) ، (م) .
    (4) أ، ب: تأثير مثل تأثير.
    (5) أ: ويوجبه هذا الدليل، ب: ويوجب هذا الدليل.
    (6) ن، م: أن يرجح مقدوره.
    (7) ع: لأنه.
    (8) أ، ع: بداية.
    (9) ع: وبين فيه
    ============================
    يرجح أحد المقدورين المتماثلين بلا مرجح] (1) وذلك المرجح لا يكون من العبد؛ لأن القول فيه كالقول في فعل العبد، فإن كان المرجح له قدرة العبد، فالقادر لا يرجح إلا بمرجح، فلا بد أن يكون المرجح [من الله، وعند وجود المرجح] (2) يجب وجود الفعل (3) وإلا لم يكن مرجحا تاما، فإنه إذا كان بعد وجود المرجح يجوز (4) وجود الفعل وعدمه كما كان قبل المرجح كان ممكنا، والممكن لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح، فلا بد من مرجح تام يجب عنده وجود الفعل.
    وإذا كان العبد لا يحصل فعله إلا بمرجح من الله تعالى، وعند وجود ذلك المرجح يجب وجود (5) الفعل - كان فعله كسائر الحوادث التي تحدث بأسباب يخلقها الله تعالى يجب وجود الحادث عندها.
    وهذا معنى كون الرب [تبارك وتعالى] خالقا (6) لفعل العبد، ومعنى ذلك أن الله تعالى يخلق في العبد القدرة التامة والإرادة الجازمة، وعند وجودهما (7) يجب وجود الفعل؛ لأن (8) هذا سبب تام للفعل، فإذا وجد السبب التام وجب وجود المسبب.

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (3) ن (فقط) يجد وجود العقل، وهو تحريف.
    (4) ن، م، ع: يمكن.
    (5) وجود: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
    (6) ن، م: كون الله تعالى، ع: كون الرب خالقا.
    (7) أ: القدرة التامة والقدرة الجازمة عند وجودها، أ: القدرة التامة والقدرة التامة عند وجودها.
    (8) أ: يجب لأن، ب: يجب الفعل لأن
    ========================
    والله هو الخالق للمسبب (1) أيضا، كما أنه إذا خلق النار في الثوب فإنه لا بد (2) من وجود الحريق عقيب (3) ذلك، والكل مخلوق لله تعالى.

    وأما معارضة ذلك (4) بفعل الله تعالى فالجواب عن ذلك (5) من وجوه:
    أحدها: أن هذا برهان عقلي يقيني، واليقينيات لا يمكن أن يكون لها معارض يبطلها، وقدر أن المحتج بهذا من يقول بالموجب بالذات، (6) فهذا لا ينقطع بما ذكرته، لا سيما وعندهم هذه المسألة من العقليات التي تعلم بدون السمع، فلا بد فيها من جواب عقلي.

    الثاني: أن يقال: قدرة الرب * (7) [لا يفعل بها إلا مع وجود مشيئته، فإن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وليس كل ما كان قادرا عليه فعله.
    قال تعالى: {بلى قادرين على أن نسوي بنانه} [سورة القيامة: 4] .
    وقال تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} [سورة الأنعام: 65] .
    وقد ثبت في الصحيحين «عن جابر - رضي الله عنه - أنه لما نزلت هذه الآية {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} قال

    **_________
    (1) ن، م: خالق المسبب.
    (2) ن، م: فلا بد.
    (3) أ، ب: عقب، ن، م: عند.
    (4) أ، ب: وأما معارضته.
    (5) ن، م: عن هذا.
    (6) أ، ب: من يقول بالذات.
    (7) بعد عبارة قدرة الرب يوجد سقط في نسختي (ن) ، (م)
    ============================
    النبي صلى الله عليه وسلم: " أعوذ بوجهك "، {أو من تحت أرجلكم} قال: " أعوذ بوجهك "، {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: " هاتان أهون» " (1) .
    وقال تعالى: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا} [سورة يونس: 99] ، وقد قال تعالى: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة} [سورة هود: 118] ، وقال: {ولو شاء الله ما اقتتلوا} [سورة البقرة: 253] ومثل هذا متعدد في القرآن.
    وإذا كان لو شاءه لفعله، دل على أنه قادر عليه؛ فإنه لا يمكن فعل غير المقدور، وإذا كان كذلك علم أن الفعل لو وجد بمجرد كونه قادرا لوقع كل مقدور، بل لا بد مع القدرة من الإرادة.
    وحينئذ قول القائل: فقدرة الرب] (*) (2) تفتقر إلى مرجح، لكن المرجح هو إرادة الله تعالى، وإرادة الله لا يجوز أن تكون من غيره، بخلاف إرادة العبد، وإذا كان المرجح إرادة الله، كان فاعلا باختياره لا موجبا بذاته بدون اختياره، وحينئذ فلا يلزم الكفر.

    الثالث أن يقال: ما تعني بقولك يلزم أن يكون الله موجبا بذاته؟ أتعني به (3) أن يكون موجبا للأثر بلا قدرة ولا إرادة (4) ، أو تعني

    **_________
    (1) مضى هذا الحديث من قبل في هذا الكتاب 2 - 290
    (2) هنا ينتهي السقط في (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: بذلك.
    (4) أ، ب: بلا قدرة وإرادة
    ===========================
    به أن يكون الأثر واجبا عند وجود (1) المرجح الذي هو الإرادة مثلا مع القدرة.
    فإذا (2) عنيت الأول لم يسلم التلازم، (3) فإن الفرض (4) أنه قادر، وأنه مرجح [بمرجح] (5) فهنا شيئان: قدرة وأمر آخر، وقد فسرنا ذلك بالإرادة، فكيف يقال: إنه مرجح بلا قدرة ولا إرادة.
    وإن أردت أنه يجب وجود الأثر إذا حصلت الإرادة مع القدرة فهذا حق، وهذا مذهب المسلمين، وإن سمى مسم هذا موجبا بالذات كان نزاعا لفظيا، والمسلمون يقولون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فما شاء الله وجوده وجب وجوده بمشيئته وقدرته، وما لم يشأ وجوده امتنع وجوده لعدم مشيئته وقدرته، (6) فالأول واجب بالمشيئة، والثاني ممتنع لعدم المشيئة، وأما ما يقوله القدرية من أن الله يشاء ما لا يكون ويكون ما لا يشاء (7) فهذا الذي أنكره أهل السنة والجماعة عليهم.

    والرابع أن يقال له: (8) إنه هو سبحانه قادر، فإذا أراد حدوث مقدور (9) ، فإما أن يجب وجوده، وإما أن لا يجب، فإن وجب حصل

    **_________
    (1) ن، م: أن يكون موجبا للأثر بلا قدرة الأثر واجبا عند وجود. . .، وهو تحريف.
    (2) ن، م، ع: فإن.
    (3) ع: لا نسلم التلازم، أ، ب: لم نسلم التزامه.
    (4) ن، م، أ: الغرض.
    (5) بمرجح: ساقطة من (ن) .
    (6) وقدرته: ساقطة من (ب) فقط.
    (7) ن، م: ما لم يكن ويكون ما لم يشأ.
    (8) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (9) ع: وجود مقدور، أ: بحدوث مقدور
    ======================




  9. #209
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (206)
    صـ 273 إلى صـ 280





    المطلوب وتبين وجوب (1) الأثر عند المرجح، سواء (2) سميت هذا موجبا بالذات أو لم تسمه (3) ، وإن لم يجب وجوده كان وجوده ممكنا قابلا للوجود والعدم، (4 فوجوده دون عدمه ممكن 4) (4) فلا بد له من مرجح، وهكذا هلم (5) جرا، كل ما قدر قابلا للوجود ولم يجب (6) وجوده كان وجوده (* ممكنا محتملا للوجود والعدم، فلا يوجد حتى يحصل المرجح التام الموجب بالذات (7) لوجوده، فتبين أن كل ما وجد فقد وجب وجوده *) (8) بمشيئة الله وقدرته، وهو المطلوب.
    وهذا قول طائفة من المعتزلة (9) . كأبي الحسين البصري وغيره، وطائفة من القدرية في هذا الباب يقولون: عند وجود المرجح صار الفعل أولى به، ولا تنتهي الأولوية (10) إلى حد الوجوب [كما يقول ذلك محمود الخوارزمي الزمخشري ونحوه] (11)

    **_________
    (1) م: وجود.
    (2) أ، ن، م، ع: وسواء.
    (3) أ، ب: ولم تسم.
    (4) (4 - 4) ساقطة من (ب) ، وفي أ: دون عدمه ممكن.
    (5) أ، ب، ع: وهلم.
    (6) ن، م: لم يجب.
    (7) بالذات: زيادة في (ع) .
    (8) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (9) ن، م: القدرية
    (10) أ، ب: الألوهية وهو تحريف.
    (11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (أ) : الخوارزمي والزمخشري ونحوه. وهو أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشري، من أئمة متأخري المعتزلة، ومن علماء اللغة والتفسير، وهو صاحب الكشاف في التفسير، ولد سنة 476 وتوفي سنة 538. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 4 - 254، 260، لسان الميزان 6/4 شذرات الذهب 4 - 118، 121، العبر 4 - 106، الأعلام 8 - 55
    ==========================
    وهو (1) باطل، فإنه إذا لم ينته إلى حد الوجوب كان ممكنا فيحتاج إلى مرجح، فما ثم إلا واجب أو ممكن، والممكن يقبل الوجود والعدم.
    وطائفة ثالثة من القدرية [والجهمية ومن اتبعهم من أصحاب أبي الحسين (2) وغيرهم من المتكلمين، وطوائف من أصحاب الأئمة الأربعة والشيعة وغيرهم] (3) يقولون: القادر يرجح بلا مرجح، فيجعلون الإرادة حادثة بلا مرجح لحدوثها، ويجعلون إرادة الله حادثة لا في محل، ويجعلون الفعل معها ممكنا لا واجبا، وهذا من أصولهم التي اضطربوا فيها في مسألة فعل الله، وحدوث العالم، وفي مسألة فعل (4) العبد والقدر.
    الوجه الخامس: أن يقال: لفظ الموجب (5) بالذات لفظ فيه إجمال، فإن عني به ما يعنيه الفلاسفة (6) من أنه علة تامة مستلزمة (7) للعالم فهذا باطل ; لأن العلة التامة تستلزم معلولها، ولو كان العالم معلولا لازما لعلة أزلية لم يكن فيه حوادث، فإن الحوادث لا تحدث (8) عن علة تامة أزلية، وهذا خلاف المحسوس.

    **_________
    (1) ن، م: وهذا.
    (2) ع: أبي الحسن.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) أ، ب: وفي حدوث فعل.
    (5) ن، م: فالجواب أن يقال: لفظ الواجب.
    (6) أ، ب: ما يعني به الفلاسفة.
    (7) أ، ب: مستلزم.
    (8) ن، م: لا تخلو
    =============================
    وسواء قيل: إن تلك العلة التامة ذات مجردة عن الصفات، كما يقوله نفاة الصفات من المتفلسفة كابن سينا وأمثاله، أو قيل: إنه ذات (1) موصوفة بالصفات لكنها مستلزمة لمعلولها - فإنه باطل أيضا (2) .
    وإن (3) فسر الموجب بالذات بأنه يوجب (4) بمشيئته وقدرته كل واحد [واحد] (5) من المخلوقات في الوقت الذي أحدثه فيه (6) ، فهذا دين المسلمين وغيرهم من أهل الملل ومذهب أهل السنة. فإذا قالوا: إنه بمشيئته وقدرته يوجب (7) أفعال العباد وغيرها (8) من الحوادث [فهو] (9) موافق لهذا المعنى لا للمعنى الذي قالته الدهرية.

    الوجه السادس أن يقال: (10) ما ذكرته أنت من الحجة العقلية وهو استناد أفعالنا الاختيارية إلينا، ووقوعها بحسب اختيارنا - معارض بما ليس من أفعالنا مثل الألوان، فإن الإنسان يحصل اللون الذي يريد حصوله في الثوب بحسب اختياره، وهو مستند إلى طبيعته وصنعته، (11) ومع هذا فليس اللون مفعولا له.

    **_________
    (1) ع: إن ذاته.
    (2) في كل النسخ: لكنه باطل أيضا، ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته لتستقيم العبارة.
    (3) أ، ب: فإن.
    (4) أ، ب، ن، م: موجب.
    (5) واحد: زيادة في (ع) .
    (6) فيه: زيادة في (ن) ، (م) .
    (7) ن، م: موجب.
    (8) أ، ب: أو غيرها.
    (9) فهو: زيادة في (ب) فقط.
    (10) ن، م: الدهرية فالجواب أن يقال.
    (11) ع: إلى طبيعته وصبغته، ن: إلى صنيعته، م: إلى صنعته
    ===========================
    وأيضا فما ينبت من الزرع والشجر قد يحصل بحسب (1) اختياره، وهو مستند إلى ازدراعه (2) ، وليس الإنبات من فعله، فليس كل ما استند إلى العبد ووقع بحسب اختياره كان مفعولا له، وهذه المعارضة (3) أصح من تلك، فإنها معارضة عقلية بنفس ألفاظ الدليل، (4 وتلك ليست معارضة عقلية (4) ولا هي بنفس ألفاظ الدليل 4) (5) .

    [الوجه (6) السابع: أن يقال: هذا الإمامي وأمثاله متناقضون، فإنه قد ذكر في غير هذا الموضع أنه مع الداعي والقدرة (7 يجب الفعل، وهنا قال: إنه مع الداعي والقدرة 7) (7) لا يجب الفعل، فعلم أن القوم يتكلمون بحسب ما يرونه (8) ناصرا لقولهم، لا يعتمدون على حق يعلمونه، ولا يعرفون حقا (9) يقصدون نصره.

    **[فصل الكلام على قول الرافضي أي شركة هنا والرد عليه]
    فصل] (10) .
    وأما قوله: أي شركة هنا؟ (11) .
    فيقال: إذا كانت الحوادث حادثة (12) بغير فعل الله ولا قدرته (13) فهذه

    **_________
    (1) ع: بسبب.
    (2) ن: إلى ذراعه، م: اذرادعه، وكلاهما تحريف.
    (3) أ، ب: المعارضات.
    (4) ن: فعلية.
    (5) (4 - 4) ساقط من (م) .
    (6) الوجه: ساقطة من (ع) .
    (7) (7 - 7) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (8) أ، ب: بما يرونه.
    (9) أ: خفاء، وهو تحريف.
    (10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (11) ن: أي شركة هاهنا، م: أي شرك هاهنا. وفي (ب) : أي شركة هنا إلى آخره.
    (12) ن، م: حدثت.
    (13) أ، ب: وقدرته
    =============================
    مشاركة لله (1) صريحة [ولهذا شبه هؤلاء بالمجوس الذين يجعلون فاعل الشر غير فاعل الخير، فيجعلون لله شريكا آخر] (2) وما ذكره من التمثيل بالسلطان يقرر المشاركة، فإن [نواب] (3) السلطان شركاء له [في ملكه] (4) ، وهو محتاج إليهم، ليس هو خالقهم ولا ربهم، [بل ولا خالق قدرتهم] (5) بل هم معاونون له على تدبير الملك بأمور خارجة عن قدرته، ولولا ذلك لكان عاجزا عن الملك.
    فمن جعل أفعال العباد مع الله بمنزلة أفعال نواب السلطان معه فهذا (6) صريح الشرك الذي لم يكن يرتضيه عباد الأصنام؛ لأنه (7) شرك في الربوبية لا في الألوهية، فإن عباد الأصنام كانوا يعترفون بأنها (8) مملوكة لله، فيقولون: لبيك لا شريك لك، إلا شريكا (9) هو لك تملكه وما ملك.
    وهؤلاء يجعلون ما يملكه (10) العبد من أفعاله ملكا لله (11)

    **_________
    (1) لله: ليست في (ع) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) نواب: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) في ملكه: زيادة في (ع) .
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) أ، ب: مع الله بمنزلة نواب السلطان معه، ن: مع الله بمنزل أو قال: نواب السلطان معه، م: مع الله بمنزلة أفعاله بواسطة السلطان معه.
    (7) ن، م: لكنه.
    (8) أ، ب: يعرفون أنها، م: يعتقدون أنها.
    (9) ن، م: لك لبيك إلا شريكا.
    (10) أ، ب: ما ملكه، ع: ما يملك.
    (11) أ: ملكا له، ب: ملكا لله تعالى، فعلا لله، م: فعلا منه
    ==========================
    ولهذا قال ابن عباس [رضي الله عنهما] : (1) الإيمان بالقدر نظام التوحيد، فمن (2) وحد الله وآمن بالقدر تم توحيده، ومن وحد الله وكذب بالقدر نقص تكذيبه توحيده (3) .
    وقول القدرية يتضمن (4) الإشراك والتعطيل، فإنه يتضمن إخراج بعض الحوادث عن أن يكون لها فاعل، ويتضمن إثبات فاعل مستقل غير الله.
    وهاتان شعبتان من شعب (5) الكفر، فإن أصل كل كفر التعطيل أو الشرك (6) ، وبيان ذلك أنهم يقولون: إن الإنسان صار مريدا فاعلا بإرادته بعد أن لم يكن كذلك بدون محدث أحدث ذلك، فإنه لم يكن مريدا للفعل ولا فاعلا له، (7 ثم صار مريدا للفعل فاعلا له 7) (7) .
    وهذا الأمر (8) حادث بعد أن لم يكن، وهو عندهم حادث بلا إحداث أحد، وهذا أصل التعطيل، فمن جوز أن يحدث حادث بلا إحداث أحد، وأن يترجح وجود الممكن على عدمه بلا مرجح، وأن يتخصص أحد المتماثلين بلا مخصص - كان هذا تعطيلا لجنس الحوادث والممكنات

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (ع) : رضي الله عنه.
    (2) ن، م: ومن.
    (3) أ، ب: نقض توحيده تكذيبه، ع: نقص توحيده تكذيبه، م: بعض تكذيبه توحيده.
    (4) ن، م، ع: متضمن.
    (5) ن، م: شعبة.
    (6) ن، أ، ب: التعطيل والشرك.
    (7) (7 - 7) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (8) ن، م، ع: أمر
    ========================
    أن يكون (1) لها فاعل، والله فاعلها بلا شك، فهو (2) تعطيل له (3) أن يكون خالقا لمخلوقاته.
    وأما الشرك فلأنهم يقولون: العبد مستقل بإحداث هذا الفعل من غير أن يكون الله جعله محدثا له، كأعوان الملوك الذين يفعلون أفعالا بدون أن يكون الملوك جعلتهم فاعلين لها، وهذا إثبات شركاء مع الله يخلقون كبعض (4) مخلوقاته.
    وهذان المحذوران - التعطيل والإشراك في الربوبية - لازمان (5) لكل من أثبت فاعلا مستقلا غير الله، كالفلاسفة الذين يقولون: إن الفلك يتحرك (6) حركة اختيارية، بسببها تحدث الحوادث من غير أن يكون قد حدث من جهة الله ما يوجب حركته، ولا كان فوقه متجدد (7) يقتضي حركته، وذلك لأن حركة الفلك حينئذ باختياره تكون كحركة الإنسان باختياره.
    فيقال: مصير الفلك متحركا باختياره وقدرته (8) أمر ممكن لا واجب بنفسه، فلا بد [له] (9) من مرجح تام، وما من وقت إلا وهو يتحرك فيه

    **_________
    (1) ع: وأن يكون.
    (2) ن، م: وهو.
    (3) أ: به، ب: لله.
    (4) أ، ع: لبعض ب: بعض.
    (5) م: لازما، ن، ع، أ، ب: لازم.
    (6) ن: متحركة.
    (7) أ: محدود، ب: محدد، ن، م: متحدد.
    (8) ن: بقدرته واختياره.
    (9) له: ساقطة من (ن) ، (م)
    ========================
    باختياره وقدرته، فلا بد لكونه متحركا من أمر أوجب ذلك، وإلا لزم حدوث الحوادث (1) بلا محدث.
    فإن قيل: الموجب بذاته هو المرجح أو الفاعل (2) : سواء كان بواسطة أو بلا واسطة، وهي (3) ما صدر عنه من العقل أو العقول (4) .
    قيل: هذا باطل؛ لأن الموجب بذاته على حال (5) واحدة عندهم من الأزل إلى الأبد، فيمتنع أن يصدر عنه حادث بعد أن لم يكن ذلك الحادث صادرا عنه، وكل جزء من أجزاء الحركة حادث بعد أن لم يكن، (6) فيمتنع أن يكون [ذلك الحادث] ثابتا (7) في الأزل، فامتنع أن يكون فاعله علة تامة في الأزل، (8 فعلم امتناع صدور هذه الحوادث عن علة تامة في الأزل 8) (8) .
    وأيضا فمرجح الحوادث إن كان مرجحا تاما (9) في الأزل لزمه المفعول، ولم يحدث عنه بعد ذلك شيء، وإن لم يكن مرجحا تاما (10) في الأزل، فقد صار مرجحا بعد أن لم يكن، ويمتنع أن يكون غيره جعله مرجحا، فيكون المرجح له ما يقوم به من إرادته ونحو ذلك، وتلك (11) الأمور لم تكن
    **_________
    (1) أ، ب: حوادث.
    (2) ن، م: والفاعل.
    (3) ن، م: وهو.
    (4) ن: الفعل أو القول ; م: الفعل أو العقل، أ، ب: الفعل أو المفعول.
    (5) ن، م: حالة.
    (6) أ، ب: صارت بعد أن لم تكن.
    (7) ن، م: ممتنع أن يكون ثابتا، ع: فيمتنع أن يكون ثابتا.
    (8) (8 - 8) ساقط من (أ) ، (ب) ، وهي في (ن) ، (م) إلا أن فيهما " عن علة ثابتة ".
    (9) أ، ب: ثابتا.
    (10) أ، ب: ثابتا.
    (11) أ، ب: فتلك
    ===========================




  10. #210
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (207)
    صـ 281 إلى صـ 288






    مرجحا تاما في الأزل، وإلا لبطلت (1) الحوادث، فامتنع أن يكون صدر عن المرجح في الأزل شيء [مقارن له] (2) فامتنع قدم الفلك.
    وأيضا صار مرجحا لما يرجحه بعد أن لم يكن كذلك فوجب إضافة الحوادث إليه؛ لوجوب إضافة الحوادث (3) إلى المرجح التام، فثبت أن فوق الأفلاك مؤثرا يتجدد تأثيره وهو المطلوب.
    وهؤلاء إذا لم يثبتوا ذلك كانوا معطلين لحركة الفلك والحوادث (4) أن يكون لها فاعل، وهذا التعطيل أعظم من تعطيل أفعال العباد [أن يكون لها محدث] (5) .
    وأيضا فقد جعلوا الفلك [يفعل] (6) بطريق الاستقلال، كما جعلت القدرية الحيوان يفعل بطريق الاستقلال من غير أن يخلق الله له عند كل حركة قدرة (7) مقارنة للحركة؛ لأن الفلك عندهم تحدث عنه الثانية بعد الأولى، فشرط الثانية انقضاء الأولى، كالذي يقطع (8) مسافة شيئا بعد شيء، ولكن ذاك الذي يقطع المسافة إنما قطع الثانية بقدرة وإرادة قامت به وحركات قطع بها الثانية، فالفاعل تجدد له من الإرادة والقوة ما قطع به المسافة الثانية، فكان يجب أن يتجدد للفلك في كل وقت من

    **_________
    (1) أ: فبطلت، ب: بطلت.
    (2) مقارن له: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م، ع: الحادث.
    (4) ب فقط: وللحوادث.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) يفعل: ساقطة من (ن) .
    (7) أ، ب: عند ذلك حركة وقدرة.
    (8) ن، م: قطع
    ===========================
    الإرادة والقدرة ما يتحرك به، (1) لكن المجدد له [ذلك] (2) لا بد أن يكون غيره؛ لأنه ممكن لا واجب، فالحوادث (3) فيه لا يجوز أن تكون منه؛ لأنه إن أحدث (4) الثاني بعد الأول لزم أن يكون المؤثر التام موجودا عند الثاني، وإن كان حصل له كمال التأثير [في] (5) الثاني بعد انقضاء الأول فلا بد لذلك الكمال من فاعل، وهؤلاء يجوزون أن يكون فاعله ما تقدم (6) فوجب أن يكون له في كل حال من الأحوال فاعل يحدث ما به يتحرك، وهذا بخلاف الواجب بنفسه، فإن ما يقوم به من الأفعال لا يجوز أن يصدر عن غيره.
    **[شرك الفلاسفة وتعطيلهم أعظم بكثير من شرك القدرية وتعطيلهم]

    وشرك هؤلاء المتفلسفة وتعطيلهم أعظم بكثير من شرك القدرية وتعطيلهم، فإن هؤلاء يجعلون (7) الفلك هو المحدث للحوادث التي في الأرض كلها، فلم يجعلوا لله شيئا أحدثه، (8) بخلاف القدرية فإنهم أخرجوا عن إحداثه أفعال الحيوان وما تولد عنها. فقد لزمهم التعطيل من إثبات حوادث بلا محدث وتعطيل الرب عن (9) إحداث شيء من الحوادث، وإثبات شريك فعل جميع الحوادث.

    **_________
    (1) أ، ب: والقوة ما يتحول به.
    (2) ذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) أ، ب: والحوادث.
    (4) إذا حدث، ب: ذا حدث، ن، م: لما أحدث.
    (5) في: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ن، م، ع: وهؤلاء يجوز أن يكون فاعله لما تقدم.
    (7) ن، م: جعلوا.
    (8) أحدثه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ع) : فلم يجعلوا الله أحدثه.
    (9) ن، م: على
    =============================
    ومن العجب أنهم ينكرون على القدرية [وغيرهم] (1) قولهم: إن الرب ما زال عاطلا عن الفعل حتى أحدث العالم، وهم يقولون: ما زال ولا يزال معطلا عن الإحداث، بل عن الفعل، فإن ما لزم ذاته كالعقل (2) والفلك ليس هو في الحقيقة فعلا له؛ إذ الفعل لا يفعل (3) إلا شيئا بعد شيء، فأما ما لزم الذات (4) فهو من باب الصفات بمنزلة لون (5) الإنسان وطوله، فإنه يمتنع أن يكون فعلا له، بخلاف حركاته (6) فإنها فعل له، وإن قدر أنه لم يزل متحركا كما يقال في نفس الإنسان (7) : إنها لم تزل تتحول (8) من حال إلى حال، وإن القلب أشد تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانا (9) - فكون (10) الفاعل الذي هو في نفسه يقوم به فعله (11) يحدث شيئا بعد شيء معقول، (12) بخلاف ما لزمه لازم يقارنه في الأزل، فهذا لا يعقل أن يكون مفعولا له.
    فتبين أنهم في الحقيقة لا يثبتون للرب فعلا أصلا، فهم معطلة حقا

    **_________
    (1) وغيرهم: ساقطة من (ن) .
    (2) أ، ن: كالفعل، وهو تحريف.
    (3) ن، م: لا يعقل، وهو تحريف.
    (4) ن، م: الإرادات، وهو تحريف.
    (5) ن، م: كون، وهو تحريف.
    (6) ع: تحركاته.
    (7) ن، م: في نفسه.
    (8) أ، ب، ن، م: تتحرك.
    (9) ن، م: عليا.
    (10) ب فقط: يكون.
    (11) ب فقط: فعل.
    (12) أ: مفعول، ب: مفعولا
    ==========================
    وأرسطو وأتباعه إنما أثبتوا (1) العلة الأولى من جهة كونها (2) علة غائية، (3) كحركة الفلك، فإن حركة الفلك عندهم بالاختيار كحركة الإنسان، والحركة الاختيارية لا بد لها من مراد، فيكون هو مطلوبها.
    [ومعنى ذلك عندهم أن الفلك يتحرك للتشبه (4) بالعلة الأولى كحركة المؤتم بإمامه والمقتدي (5) بقدوته، وهذا معنى تشبيهه بحركة المعشوق للعاشق، ليس المعنى أن ذات الله محركة للفلك، إنما مرادهم أن مراد الفلك أن يكون مثله بحسب الإمكان، وهذا باطل من وجوه لبسطها موضع آخر] (6) .
    فقالوا: إن العلة الأولى وهي (7) التي يتحرك الفلك لأجلها (8) علة له تحركه (9) كما تحرك العاشق للمعشوق (10) بمنزلة الرجل الذي اشتهى طعاما (11) ، فمد يده إليه أو رأى من يحبه، فسعى إليه - فذاك (12) المحبوب هو المحرك؛ لكون المتحرك أحبه، لا لكونه أبدع الحركة ولا فعلها.

    **_________
    (1) ع: أثبت، أ، ب: يثبتون.
    (2) أ، ب: أنها.
    (3) ن: عامة، وهو تحريف.
    (4) أ، ب: بالتشبيه.
    (5) أ، ب: والجندي.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) وهي: كذا في (ب) فقط، وفي سائر النسخ: هي.
    (8) بعد كلمة " لأجلها " توجد في نسختي (ن) ، (م) عبارات جاءت في غير موضعها.
    (9) أ، ب: محركة.
    (10) أ، ب: كما يحرك المعشوق العاشق ; ع: كما تحرك المعشوق للعاشق.
    (11) م: طعاما وشرابا.
    (12) ن، م: فكذلك ; ع: فذلك
    ==========================
    وحينئذ فلا يكون (1) قد أثبتوا لحركة الفلك محدثا أحدثها غير الفلك، كما [لم] (2) تثبت القدرية لأفعال الحيوان محدثا أحدثها (3) غير الحيوان؛ ولهذا كان الفلك عندهم حيوانا كبيرا، بل يقولون: إن الفلك يتحرك للتشبه (4) بالعلة الأولى؛ لأن (5) العلة الأولى معبودة له محبوبة له.
    ولهذا قالوا: إن الفلسفة هي التشبه بالإله (6) على حسب الطاقة. ففي الحقيقة ليس عندهم الرب: لا إلها للعالم (7) ولا ربا للعالمين [بل (8) غاية ما يثبتونه أنه (9) يكون شرطا في وجود العالم] (10) وأن كمال المخلوق في أن يكون متشبها به، (11) فهذا هو الألوهية عندهم، وذلك هو الربوبية (12) ؛ ولهذا كان قولهم شرا من قول اليهود والنصارى، وهم أبعد عن المعقول والمنقول منهم، كما قد بسط في غير هذا الموضع (13) .

    **_________
    (1) أ: فحينئذ لا يكون، ب: فحينئذ لا يكونوا، ن، م: فحينئذ لا يكونون.
    (2) لم: ساقطة من (ن) ، وفي (م) : لا.
    (3) أحدثها: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) أ، ب: للتشبيه.
    (5) أ، ب: لا لأن. . . إلخ، وهو خطأ.
    (6) أ، ب: إن الفلاسفة هي المثبتة للإله، ن: هي النسبة بالآية، م: هي النسبة تالاله، وكل ذلك تحريف.
    (7) ن، م: ليس للرب عندهم إلا إلها للعالم، ع: ليس عندهم لا إلها للعالم.
    (8) بل: زيادة في (ع) .
    (9) أ، ب: أن.
    (10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (11) ن: أن يكون متشابه، وهو تحريف.
    (12) أ، ب: وهذا هو الإله عندهم، وذاك هو الربوبية، ن، م: وهذا هو إله عندهم، وهذا هو الربوبية.
    (13) أ، ب: كما بسط في غير هذا الموضع، والله أعلم
    ==========================
    فتبين أن هؤلاء المتفلسفة قدرية في جميع حوادث العالم، وأنهم من أضل بني آدم؛ ولهذا يضيفون الحوادث إلى الطبائع التي في الأجسام، فإنها (1) بمنزلة القوى التي في الحيوان، فيجعلون كل محدث فاعلا مستقلا، كالحيوان عند القدرية، ولا يثبتون محدثا للحوادث (2) .
    وحقيقة قول القوم (3) الجحود لكون الله رب العالمين، (4) (4 فلا يثبتون أن يكون الله رب العالمين 4) (5) ، بل غايتهم (6) أن يجعلوه (7) شرطا في وجود العالم، وفي التحقيق هم معطلة لكون الله رب العالمين، كقول من قال: إن الفلك واجب الوجود [بنفسه] (8) منهم.
    لكن هؤلاء أثبتوا علة (9) إما غائية عند قدمائهم، وإما فاعلية عند متأخريهم، وعند التحقيق لا حقيقة لما أثبتوه (10) ؛ ولهذا أنكره الطبائعيون (11) منهم.
    وإذا قدر أن الفلك يتحرك باختياره من غير أن يكون الله خالقا لحركته، فلا دليل على (12) أن المحرك له علة (13) معشوقة يتشبه بها، بل يجوز

    **_________
    (1) ن، م: وأنها.
    (2) ن، م: ولا يثبتون محدث الحوادث.
    (3) أ: قول القائل، ب: قولهم.
    (4) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (5) (4 - 4) : ساقط من أ، ب
    (6) ن، م: بل غايته.
    (7) أ: أن يجعلون.
    (8) بنفسه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (9) أ، ب: يثبتون العلة.
    (10) أ: لما يثبتوه، ب: لما يثبتونه.
    (11) أ: ولهذا أنكر الطبائعيون، ب: ولهذا أنكر ذلك الطبائعيون.
    (12) على: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (13) علة: ساقطة من (أ) ، (ب)
    =========================
    أن يكون المتحرك هو المحرك، كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وتبين (1) الكلام على [بطلان] ما ذكره (2) أرسطو في العلم الإلهي من وجوه متعددة، وأن هؤلاء من أجهل الناس بالله [عز وجل] . (3)
    ومن دخل في أهل الملل [منهم] (4) كالمنتسبين إلى الإسلام كالفارابي وابن سينا ونحوهما من ملاحدة (5) المسلمين، وموسى بن ميمون ونحوه من ملاحدة اليهود، ومتى ويحيى بن عدي ونحوهما من ملاحدة النصارى - فهم مع كونهم من ملاحدة أهل الملل، فهم أصح عقلا (6) ونظرا في العلم الإلهي من المشائين كأرسطو وأتباعه، وإن كان لأولئك من تفصيل الأمور الطبيعية والرياضية أمور كثيرة سبقوا هؤلاء إليها (7) .
    فالمقصود هنا أن الأمور الإلهية أولئك أجهل بها وأضل فيها، (8) فإن هؤلاء حصل لهم نوع ما من نور أهل الملل وعقولهم (9) وهداهم، فصاروا به أقل ظلمة من أولئك؛ ولهذا عدل ابن سينا عن طريقة سلفه في إثبات العلة الأولى، وسلك الطريقة المعروفة له [في تقسيم الوجود إلى واجب وممكن، وأن الممكن مستلزم للواجب.
    **_________
    (1) ع، ن: وبين.
    (2) أ، ن، م: على ما ذكره، ع: على ما قاله.
    (3) عز وجل زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) منهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) أ: وأمثالهم عن ملاحدة، ب: وأمثالهم من ملاحدة، ع: وأمثالهما ملاحدة.
    (6) أ: الملل فهم أقبح عقلا، ب: الملل أقبح عقلا.
    (7) أ: سبقوا بها هؤلاء إليها، ب: سبقوا بها هؤلاء.
    (8) فيها: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (9) ن، م: وعقلهم
    ========================
    وهذه الطريقة هي المعروفة له] (1) ولمن اتبعه كالسهروردي (2) المقتول ونحوه من الفلاسفة، [وأبي حامد] والرازي (3) والآمدي وغيرهم (4) من متأخري [أهل] الكلام، (5) الذين خلطوا الفلسفة بالكلام.
    [وهؤلاء المتكلمون المتأخرون الذين خلطوا الفلسفة بالكلام] (6) : (* كثر (7) اضطرابهم وشكوكهم وحيرتهم بحسب ما ازدادوا به من ظلمة هؤلاء (8) المتفلسفة الذين خلطوا الفلسفة بالكلام *) (9) فأولئك قلت ظلمتهم بما دخلوا فيه من كلام أهل الملل، وهؤلاء كثرت ظلمتهم بما دخلوا فيه من كلام أولئك المتفلسفة.
    هذا مع أن في المتكلمين من أهل الملل من الاضطراب والشك في أشياء، والخروج عن الحق في مواضع، واتباع الأهواء (10) في مواضع، والتقصير في الحق في مواضع - ما ذمهم لأجله علماء الملة وأئمة الدين، (11) فإنهم قصروا في (12) معرفة الأدلة العقلية التي ذكرها الله في كتابه، فعدلوا

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    (2) أ: كالشهرستاني، ع: كالسهرزمدي، وكلاهما تحريف.
    (3) ن، م: من الفلاسفة والرازي، ع: من الفلاسفة وأبو حامد والرازي، أ، ب: من الفلاسفة وأبي حامد الرازي.
    (4) ن، م: وغيرهما.
    (5) ن: من متأخرة الكلام، ع، م: من متأخرة أهل الكلام.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (7) أ، ب: أكثر.
    (8) ن: ما أرادوا به من ظلمة، أ: ما أرادوا به ظلمة هؤلاء، ب: ما ازدادوا به ظلمة من هؤلاء.
    (9) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (10) أ، ب: الهوى.
    (11) أ، ب: علماء الملة والدين، ن: علماء الأئمة والسلف وأئمة الدين.
    (12) أ، ب: عن
    ====================




  11. #211
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (208)
    صـ 289 إلى صـ 296



    عنها إلى طرق (1) أخرى مبتدعة فيها من الباطل ما لأجله خرجوا عن بعض الحق المشترك [بينهم وبين غيرهم] (2) ، ودخلوا في بعض الباطل المبتدع، (3) وأخرجوا من (4) التوحيد ما هو منه كتوحيد الإلهية، وإثبات حقائق أسماء الله وصفاته، ولم يعرفوا من التوحيد إلا توحيد الربوبية، وهو الإقرار بأن الله خالق كل شيء وربه (5) .
    وهذا التوحيد كان يقر به المشركون الذين قال الله عنهم: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} [سورة لقمان: 25] وقال تعالى: {قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم - سيقولون لله} الآيات (6) [سورة المؤمنون: 86، 87] .
    وقال عنهم {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [سورة يوسف: 106] .
    قال طائفة من السلف: يقول لهم (7) من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله، وهم مع هذا (8) يعبدون غيره.
    وإنما التوحيد الذي أمر الله به العباد هو توحيد الألوهية، المتضمن

    **_________
    (1) ن، م: طريق.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من ن، م.
    (3) أ، ب: المبدع.
    (4) ن، م: عن.
    (5) وربه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) أ، ب: فالطائفة من السلف تقول لهم.
    (8) أ، ب: ذلك
    ============================== ==
    لتوحيد (1) الربوبية، بأن يعبد الله وحده لا يشركون به شيئا، (2) فيكون الدين كله لله، ولا يخاف إلا الله، ولا يدعى (3) إلا الله، ويكون الله أحب إلى العبد (4) من كل شيء، فيحبون لله، ويبغضون لله، ويعبدون الله ويتوكلون عليه (5) .
    والعبادة تجمع غاية الحب وغاية الذل، (6) فيحبون الله بأكمل محبة، ويذلون له (7) أكمل ذل، ولا يعدلون به، ولا يجعلون له أندادا، ولا يتخذون من دونه أولياء ولا شفعاء.
    كما قد بين القرآن هذا التوحيد في غير موضع، وهو قطب رحى القرآن الذي يدور عليه [القرآن] (8) وهو يتضمن التوحيد في العلم والقول، والتوحيد في الإرادة والعمل.
    فالأول كما في قوله تعالى: {قل هو الله أحد - الله الصمد - لم يلد ولم يولد - ولم يكن له كفوا أحد} [سورة الإخلاص] . ولهذا كانت هذه السورة تعدل ثلث القرآن؛ لأنها صفة الرحمن.
    والقرآن ثلثه توحيد، وثلثه قصص، وثلثه أمر ونهي؛ لأنه كلام الله، والكلام إما إنشاء وإما إخبار، والإخبار إما عن الخالق وإما عن

    **_________
    (1) أ، ب: توحيد.
    (2) أ، ب: بأن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، ع: بأن يعبد الله وحده لا يشرك به شيء.
    (3) أ، ب، م: ولا يدعوا.
    (4) ن، م: أحب إليهم.
    (5) ع: على الله.
    (6) أ، ب: وما به الذل، وهو تحريف.
    (7) له: ساقطة من (ب) فقط.
    (8) ن، م: رحى الحيوان الذي يدور عليه
    =========================
    المخلوق، فصار ثلاثة أجزاء: جزء أمر ونهي وإباحة وهو الإنشاء، وجزء إخبار عن المخلوقين (1) ، وجزء إخبار عن الخالق، ف " {قل هو الله أحد} " صفة الرحمن [محضا] (2) .
    [وقد بسطنا الكلام على تحقيق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إنها تعدل ثلث القرآن» (3) في مجلد (4) ، وفي تفسيرها في مجلد آخر (5) ] (6) .
    و [أما] التوحيد في [العبادة و] الإرادة والعمل (7) فكما في سورة: {قل ياأيها الكافرون - لا أعبد ما تعبدون - ولا أنتم عابدون ما أعبد - ولا أنا عابد ما عبدتم - ولا أنتم عابدون ما أعبد - لكم دينكم ولي دين} [سورة.

    **_________
    (1) ع: عن المخلوقات، ن، م: عن المخلوق.
    (2) محضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) الحديث عن جماعة من الصحابة منهم: أبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وأبو الدرداء، وأنس بن مالك في البخاري 6 - 189 كتاب فضائل القرآن، باب فضل قل هو الله أحد 9 - 114 - 115 كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، مسلم 556 - 557 كتاب صلاة المسافرين، باب فضل قراءة قل هو الله أحد، سنن أبي داود 2 - 97، 98 كتاب الوتر، باب في سورة الصمد، سنن الترمذي 4 - 240، 243 كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة الإخلاص، وفي سورة إذا زلزلت، باب ما جاء في سورة الإخلاص، سنن ابن ماجه 2 - 1244 كتاب الأدب باب ثواب القرآن، المسند، ط المعارف 18 - 152، 153.
    (4) لابن تيمية كتاب جواب أهل العلم والإيمان في تفسير أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وقد طبع أكثر من مرة؛ فطبع في المطبعة الخيرية، سنة 1325، وأعيد نشره في مجموع فتاوى الرياض 17 - 5، 213.
    (5) وهو كتاب " تفسير سورة الإخلاص " ونشر مرتين في القاهرة، ثم في مجموع فتاوى الرياض 17 - 214، 503.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) ن، م: والتوحيد في الإرادة والعمل، ع: وأما التوحيد في الإرادة والعبادة والعمل
    =======================
    الكافرون] . فالتوحيد [الأول] (1) يتضمن إثبات نعوت الكمال لله بإثبات أسمائه الحسنى وما تتضمنه من صفاته، و [الثاني] : يتضمن (2) إخلاص الدين له كما قال: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} [سورة البينة: 5] فالأول براءة من التعطيل، والثاني براءة من الشرك (3) وأصل الشرك (4) : إما التعطيل (5) مثل تعطيل (6) فرعون موسى، والذي حاج إبراهيم في ربه خصم إبراهيم، (7) والدجال مسيح الضلال خصم مسيح الهدى عيسى بن مريم [صلى الله عليه وسلم] (8) ، وإما الإشراك وهو كثير في الأمم أكثر من التعطيل، وأهله خصوم جمهور (9) الأنبياء.
    وفي خصوم إبراهيم ومحمد - صلى الله عليه وسلم - معطلة ومشركة، لكن التعطيل المحض [للذات] (10) قليل، وأما الكثير فهو تعطيل صفات الكمال، وهو مستلزم لتعطيل الذات، فإنهم يصفون واجب الوجود بما يوجب (11) أن يكون ممتنع الوجود.

    **_________
    (1) الأول: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: ويتضمن.
    (3) ن، م: الإشراك.
    (4) ن، م: الكفر.
    (5) أ، ب: إما تعطيل.
    (6) ن، م: مثل كفر.
    (7) خصم إبراهيم: زيادة في (ن) ، (م) .
    (8) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (9) ن، م: جميع.
    (10) للذات: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (11) أ، ب: يجب، ع: وجب
    ========================
    ثم إنه [كل] من كان (1) إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] (2) وأصحابه والتابعين لهم بإحسان أقرب، كان أقرب إلى كمال التوحيد والإيمان والعقل والعرفان، وكل من كان عنهم أبعد كان عن ذلك أبعد، (3) فمتأخرو متكلمة الإثبات الذين (4) خلطوا الكلام بالفلسفة كالرازي والآمدي ونحوهما هم [دون أبي المعالي الجويني وأمثاله في تقرير التوحيد وإثبات صفات الكمال، وأبو المعالي وأمثاله دون القاضي أبي بكر بن الطيب (5) وأمثاله] (6) في ذلك، وهؤلاء دون أبي الحسن الأشعري في ذلك، والأشعري في ذلك دون أبي محمد (7) بن كلاب، وابن كلاب دون السلف والأئمة في ذلك.
    ومتكلمة أهل الإثبات الذين يقرون بالقدر هم خير في التوحيد وإثبات صفات [الكمال] (8) من القدرية من المعتزلة والشيعة وغيرهم؛ (9) لأن أهل الإثبات يثبتون لله كمال القدرة وكمال المشيئة وكمال الخلق وأنه منفرد

    **_________
    (1) ب: ثم إن كل من كان، ن، م: ثم إنه من كان.
    (2) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) ع: وكل من كان عن ذلك أبعد كان عن ذلك أبعد. أ، ن: وكل من كان عن ذلك أبعد، م: ومن كان عن ذلك أبعد فهو أبعد.
    (4) ب: الذي.
    (5) ع: بن أبي الطيب، وهو خطأ.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) ع: دون محمد، وهو خطأ.
    (8) ن، م: وإثبات الصفات.
    (9) ن، م: ونحوهم
    ====================
    بذلك، فيقولون: إنه وحده (1) خالق كل شيء من الأعيان والأعراض؛ ولهذا جعلوا أخص صفة الرب القدرة على الاختراع، والتحقيق أن القدرة على الاختراع من جملة خصائصه، ليست هي وحدها أخص (2) صفاته.
    وأولئك يخرجون أفعال (3) الحيوان عن أن تكون مخلوقة له، وحقيقة قولهم (4) تعطيل هذه الحوادث عن خالق لها، وإثبات شركاء لله يفعلونها [وكثير من متأخرة القدرية يقولون: إن العباد خالقون لها، ولم يكن سلفهم يجترئون على ذلك (5) ] (6) .
    وأيضا فمتكلمة أهل [الإثبات] (7) يثبتون لله صفات الكمال كالحياة (8) والعلم والقدرة والكلام (9) والسمع والبصر.
    وهؤلاء يثبتون (10) ذلك لكن قصروا في بعض صفات الكمال، وقصروا في التوحيد، فظنوا أن كمال التوحيد هو توحيد الربوبية، ولم يصعدوا إلى توحيد الإلهية الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب.

    **_________
    (1) ن، م: فيقولون الله وحده.
    (2) أ، ب: ليس هي وحدها أخص، ن، م: ليست وحدها هي أخص.
    (3) أ، ب: أحوال.
    (4) ع: مخلوقة لله وتحقيق قولهم.
    (5) أ، ب: ولكن سلفهم يحترزون أ: يحترون، عن ذلك.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) الإثبات: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) أ، ب: الحياة.
    (9) ن: والكمال، وهو تحريف.
    (10) أ، ب، م، ع: ينفون، وهو خطأ، وكلام ابن تيمية هنا على الأشاعرة الذين أثبتوا بعض الصفات ولكن قصروا في بعض صفات الكمال. . . إلخ
    ==========================
    وذلك أن كثيرا من كلامهم أخذوه من كلام المعتزلة، والمعتزلة مقصرون في هذا الباب، فإنهم لم يوفوا توحيد (1) الربوبية حقه، فكيف بتوحيد الإلهية.
    ومع هذا فأئمة المعتزلة وشيوخهم وأئمة الأشعرية والكرامية ونحوهم خير في تقرير توحيد الربوبية من متفلسفة الأشعرية كالرازي والآمدي وأمثال هؤلاء، فإن هؤلاء خلطوا ذلك بتوحيد الفلاسفة كابن سينا (2) وأمثاله، وهو أبعد الكلام عن التحقيق في التوحيد، وإن كان خيرا من كلام قدمائهم أرسطو وذويه.
    وذلك أن غايتهم أنهم أثبتوا (3) واجب الوجود، وهذا حق لم ينازع (4) فيه لا معطل ولا مشرك، (5) بل الناس متفقون على إثبات وجود واجب، اللهم إلا ما يحكى عن بعض الناس، قال: إن هذا العالم حدث (6) بنفسه، وكثير من الناس يقولون: [إن] هذا (7) لم تقله طائفة معروفة، وإنما يقدر تقديرا كما تقدر الشبه (8) السوفسطائية ليبحث عنها، (9) وهذا مما يخطر (10) في قلوب

    **_________
    (1) أ، ب: بتوحيد، وهو تحريف.
    (2) ن، م: الفلاسفة، كلام ابن سينا.
    (3) أ، ب: يثبتون.
    (4) ن، م: لم يتنازع.
    (5) ن: إلا معطل ولا مشكوك م: إلا معطل ولا مسلوك، وكلاهما تحريف.
    (6) ن، م: حادث.
    (7) ع: يقول إن هذا، ن، م: يقولون هذا.
    (8) ن، م: شبه.
    (9) ن: لمنتحب فيها، م: لمستحت فيها، وكلاهما تحريف، أ، ب: فيبحث عنها.
    (10) أ، ب: خطر
    =============================
    بعض الناس، كما يخطر أمثاله من السفسطة، لا أنه قول معروف لطائفة [معروفة] (1) يذبون عنه، فإن ظهور فساده أبين من أن يحتاج إلى دليل، إذ حدوث الحوادث بلا محدث من أظهر الأمور امتناعا، والعلم بذلك من أبين العلوم الضرورية.
    ثم إنهم لما قرروا واجبا [بذاته] (2) أرادوا أن يجعلوه واحدا وحده، لا يوجد (3) إلا في الأذهان لا في الأعيان، وهو وجود مطلق بشرط الإطلاق، ليس له حقيقة [في الخارج؛ لأن] الوجود (4) المطلق بشرط الإطلاق [لا يوجد إلا في الأذهان لا في الأعيان] (5) أو مقيدا (6) بالسلوب والإضافات، كما يقوله ابن سينا وأتباعه [وهذا أدخل في التعطيل من الأول] (7) .
    وزعموا أن هذا هو محض التوحيد (8) مضاهاة للمعتزلة الذين شاركوهم في نفي الصفات، وسموا ذلك توحيدا، فصاروا يتباهون في التعطيل الذي سموه (9) توحيدا أيهم فيه أحذق (10) حتى فروعهم تباهوا بذلك، (11)

    **_________
    (1) معروفة: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) بذاته: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ب فقط: لا يوحد، وهو خطأ مطبعي.
    (4) ن، م: ليس حقيقة والوجود.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) أ، ب، م: أو مقيد.
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، ومكانه الجملة الساقطة قبل ذلك وهي: لا يوجد إلا في الأذهان لا في الأعيان. وهو خطأ.
    (8) أ، ب، ع: وزعموا أن هذا محض التوحيد، م: وجعلوا هذا محض التوحيد.
    (9) ن، م: يسمونه.
    (10) ن، م: أيهم أحذق فيه.
    (11) أ، ب، ع: تباهوا في ذلك
    ==========================




  12. #212
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (209)
    صـ 297 إلى صـ 304





    كتباهيهم: كابن سبعين وأمثاله من أتباع الفلاسفة، وابن التومرت (1) وأمثاله من أتباع الجهمية، [فهذا يقول بالوجود المطلق] (2) وهذا يقول (3) بالوجود المطلق، وأتباع كل منهما يباهون [أتباع] الآخرين (4) في الحذق في هذا التعطيل.
    كما [قد] اجتمع بي (5) طوائف من هؤلاء وخاطبتهم في ذلك وصنفت لهم مصنفات في كشف أسرارهم ومعرفة توحيدهم وبيان فساده، فإنهم يظنون أن الناس لا يفهمون كلامهم، فقالوا لي: إن لم [تبين و] تكشف (6) لنا (7) حقيقة هذا الكلام الذي قالوه، ثم تبين فساده وإلا لم

    **_________
    (1) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت المصمودي البربري، الملقب بالمهدي، أو بمهدي الموحدين، مؤسس دولة الموحدين التي قامت على أنقاض دولة المرابطين، اختلف في سنة مولده، ولكنه توفي سنة 524 وعمره يتراوح ما بين 51 عاما، 55 عاما، من كتبه كتاب " أعز ما يطلب "، وقد نشره جولد تسيهر (الجزائر 1903) وكتاب " كنز العلوم "، وهو مخطوط، و " المرشدة " وهي رسالة صغيرة طبعت عدة مرات آخرها ضمن كتاب " نصوص فلسفية مهداة إلى الدكتور إبراهيم مدكور " ط القاهرة 1967 م. انظر عن حياة ابن التومرت ومذهبه: بحثا للأستاذ عبد الله كنون ضمن كتاب " نصوص فلسفية "، المشار إليه ص 99 - 115 كتاب تاريخ فلسفة الإسلام في القارة الأفريقية، للدكتور يحيى هويدي، 1 - 223، 243، وانظر أيضا: وفيات الأعيان 4 - 137، 146 الكامل لابن الأثير 10 - 201، 205، الأعلام 7 - 104، 105.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) ب فقط: وهذا لا يقول، وهو خطأ، وانظر قول ابن تيمية في " درء تعارض العقل والنقل "، عن ابن التومرت: " ولهذا كان حقيقة قوله موافقا لحقيقة قول ابن سبعين وأمثاله من القائلين بالوجود المطلق ".
    (4) ن، م: يباهون الآخرين، أ: يباهي أتباع الآخرين، ب: تباهي أتباع الآخرين.
    (5) أ: كما قد أجمع في. . .، ب: كما قد اجتمعت في. . .، ن: كما اجتمع بي.
    (6) ن، م: إن لم تكشف.
    (7) لنا: ساقطة من (أ) ، (ب)
    =========================
    نقبل (1) ما يقال من رده، فكشفت لهم حقائق مقاصدهم، فاعترفوا بأن ذلك هو المراد، ووافقهم على ذلك رءوسهم، ثم بينت ما في ذلك من الفساد والإلحاد، حتى رجعوا وصاروا يصنفون في كشف باطل سلفهم الملحدين، الذين كانوا عندهم أئمة التحقيق والتوحيد، والعرفان واليقين.

    **[أدلة الوحدانية عند الفلاسفة]
    وعمدة هؤلاء الفلاسفة [في توحيدهم] (2) الذي هو تعطيل [محض] في الحقيقة (3) حجتان:
    إحداهما أنه (4) لو كان واجبان (5) لاشتركا في الوجوب وامتاز أحدهما عن الآخر بما يخصه، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز، فيلزم أن يكون واجب الوجود مركبا، والمركب مفتقر إلى أجزائه [وأجزاؤه غيره] (6) والمفتقر إلى غيره لا يكون (7) واجبا بنفسه.
    والثانية أنهما إذا اتفقا في الوجوب (8) ، وامتاز كل منهما عن الآخر بما يخصه، لزم أن يكون المشترك معلولا للمختص، كما إذا اشترك اثنان في الإنسانية، وامتاز كل منهما عن الآخر بشخصه، فالمشترك معلول للمختص (9) [وهذا باطل هنا.

    **_________
    (1) أ، ب: يقبل، وفي باقي النسخ الكلمة غير منقوطة، ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته.
    (2) في توحيدهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: الذي هو في الحقيقة تعطيل، ع: الذي هو تعطيل في الحقيقة.
    (4) أنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) أ، ع: واجبا.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) أ، ب: لم يكن.
    (8) م: في الوجود، وهو خطأ.
    (9) ع: معلول المختص
    ==========================
    وذلك] (1) لأن كلا من (2) المشترك والمختص إن كان أحدهما عارضا [للآخر لزم أن يكون الوجوب عارضا] (3) للواجب أو معروضا له، وعلى التقديرين فلا يكون الوجوب (4) صفة لازمة للواجب، وهذا محال؛ لأن الواجب لا يمكن أن يكون غير واجب.
    وإن كان أحدهما لازما للآخر لم يجز أن يكون المشترك علة للمختص؛ لأنه حيث وجدت العلة وجد المعلول، فيلزم أنه حيث وجد المشترك [وجد المختص والمشترك] (5) في هذا وهذا، فيلزم أن يكون ما يختص بهذا في هذا، وما يختص بهذا في هذا، وهذا محال يرفع الاختصاص.
    وهذا ملخص ما ذكره ابن سينا في إشاراته (6) هو وشارحو الإشارات كالرازي (7) والطوسي (8) وغيرهما.
    وهاتان الحجتان ملخص ما ذكره الفارابي (9) والسهروردي (10) وغيرهما من

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) عبارة " كلا من " ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) الوجوب: ساقطة من (ع) .
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) انظر " الإشارات والتنبيهات " لابن سينا 3، 4 - 456، 457.
    (7) انظر: " شرح الإشارات " للرازي، هامش ص 301 هامش ص 303 ط المطبعة العامرة، استانبول 1290 هـ.
    (8) انظر هامش الإشارات والتنبيهات شرح الطوسي 3، 4 - 456، 457.
    (9) انظر: " آراء أهل المدينة الفاضلة " للفارابي، ص 4 - 6، ط مكتبة الحسين التجارية، القاهرة 1368، 1948.
    (10) انظر كتاب " حكمة الإشراق " للسهروردي ص 125 - 127 ضمن مجموعة من مؤلفات السهروردي، تحقيق هنري كربين ط إيران 1331، 1952
    ==============================
    الفلاسفة، وقد ذكرهما بمعناهما أبو حامد الغزالي في " تهافت الفلاسفة " (1) .
    وقد أجاب عنهما الرازي (2) والآمدي (3) بمنع كون الوجوب صفة ثبوتية، ونحو ذلك من الأجوبة التي نرضاها.
    لكن الجواب من وجهين.
    أحدهما: المعارضة وذلك أن الوجود ينقسم إلى واجب وممكن، وكل واحد من الوجودين يمتاز عن الآخر بخاصته، (4) فيلزم أن يكون (5) الواجب مركبا مما به الاشتراك، ومما به الامتياز، وأيضا فيلزم أن يكون الوجود الواجب معلولا، والمعارضة أيضا بالحقيقة، فإن الحقيقة تنقسم إلى واجب وممكن، والواجب يمتاز عن الممكن بما يخصه، فيلزم أن تكون الحقيقة الواجبة مركبة من المشترك والمختص، ويلزم أن تكون الحقيقة الواجبة معلولة، والمعارضة بلفظ الماهية، فإنها تنقسم إلى واجب وممكن إلى آخره.
    والثاني حل الشبهة وذلك أن الشيئين الموجودين (6) في الخارج سواء كانا واجبين أو ممكنين، وسواء قدر التقسيم في موجودين، أو جوهرين أو جسمين أو حيوانين أو إنسانين أو غير ذلك - لم يشرك

    **_________
    (1) انظر: " تهافت الفلاسفة " للغزالي، ص 158 - 160 تحقيق الدكتور سليمان دنيا، الطبعة الثالثة، دار المعارف، القاهرة 1958.
    (2) انظر: " المباحث المشرقية للرازي " 2 - 451، 456، ط حيدر آباد، 1343 هـ.
    (3) انظر: " غاية المرام في علم الكلام " للآمدي، تحقيق الدكتور حسن محمود عبد اللطيف ص [0 - 9] 53 - 155 ط. القاهرة 1391، 1971.
    (4) م: بخاصية.
    (5) ن، م: أن كون.
    (6) أ، ب: الوجوديين
    ===========================
    أحدهما الآخر (1) في الخارج في شيء من خصائصه، لا في وجوبه، ولا في وجوده، ولا في ماهيته، ولا غير ذلك، وإنما شابهه في ذلك.
    والمطلق الذي اشتركا فيه لا يكون كليا (2) مشتركا فيه إلا في الذهن، وهو في الخارج ليس بكلي عام مشترك فيه، بل إذا قيل: الواجبان إذا اشتركا (3) في الوجوب (4) فلا بد أن يمتاز كل منهما (5) عن الآخر بما يخصه، فهو (6) مثل أن يقال: إذا اشتركا في الحقيقة فلا بد أن يمتاز كل منهما عن الآخر (7) بما يخصه، فالحقيقة توجد عامة وخاصة كما أن الوجوب (8) يوجد عاما وخاصا، فالعام لا يكون عاما مشتركا فيه إلا في الذهن، ولا يكون في الخارج إلا خاصا لا اشتراك فيه، فما فيه الاشتراك لا امتياز فيه، وما فيه الامتياز لا اشتراك فيه، فلم يبق في الخارج شيء واحد فيه مشترك ومميز (9) لكن فيه وصف يشابه الآخر فيه (10) ووصف لا يشابهه فيه.
    وغلط هؤلاء في هذه الإلهيات من جنس غلطهم (11) في المنطق في

    **_________
    (1) ن: لم يشر إلى أحدهما الآخر، م: لم يشارك إلى أحدهما الآخر، وكلاهما تحريف.
    (2) أ: شابهه في ذلك المطلق الذي اشتركا فيه لا يكون كليا، ب: شابهه في ذلك المطلق الذي اشتركا فيه، ولا يكون كليا.
    (3) أ: الواجبان يشتركا. ب: الواجبان يشتركان.
    (4) م: في الوجود، وهو خطأ.
    (5) أ، ب: أن يمتاز أحدهما.
    (6) ن، م: وهو.
    (7) عن الآخر: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (8) ع: الواجب.
    (9) أ، ب: واحد مشترك فيه ومميز.
    (10) ن: وصف شابه في الآخر، م: وصف مشابه فيه الآخر، أ، ب: وصف يشابه الآخر.
    (11) ع: هؤلاء في الإلهيات من جنس غلطهم، ن، م: في هذه إلهيات من غلطهم
    ===========================
    الكليات: الجنس، والنوع، والفصل، والخاصة، والعرض العام - حيث توهموا أنه يكون في الخارج كلي (1) مشترك فيه.
    وقد قدمنا التنبيه على هذا وبينا أن الكلي المشترك فيه لا يوجد في الخارج إلا مختصا لا اشتراك فيه، والاشتراك والعموم والكلية إنما تعرض له إذا كان ذهنيا لا خارجيا.
    وهم قسموا الكلي ثلاثة أقسام: طبيعي، ومنطقي، وعقلي.
    فالطبيعي: هو المطلق لا بشرط، كالإنسان من حيث هو هو، مع قطع النظر عن جميع قيوده.
    والمنطقي: كونه عاما وخاصا، وكليا وجزئيا، فنفس وصفه بذلك منطقي ; لأن المنطق (2) يبحث في القضايا من جهة كونها كلية وجزئية.
    والعقلي: هو مجموع الأمرين، وهو الإنسان الموصوف بكونه عاما ومطلقا، وهذا لا يوجد (* إلا في الذهن عندهم، إلا ما يحكى عن شيعة أفلاطون من إثبات المثل الأفلاطونية، ولا ريب في بطلان هذا، فإن الخارج لا يوجد *) (3) فيه عام.
    وأما المنطقي: فهو كذلك في الذهن.
    وأما الطبيعي: فقد يقولون إنه ثابت في الخارج، فإذا قلنا: هذا الإنسان، ففيه الإنسان من حيث هو هو لكن يقال: هو ثابت في الخارج لكن (4) بقيد التعيين والتخصيص لا بقيد الإطلاق، ولا مطلقا لا

    **_________
    (1) ن، م: كل، وهو خطأ.
    (2) أ، ب، ن، م: لأن المنطقي.
    (3) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
    (4) لكن: ساقطة من (ب) فقط
    ==============================
    بشرط، فليس في الخارج مطلق لا بشرط ولا مطلق بشرط الإطلاق، بل إنما فيه المعين المخصص، فالذي (1) يقدره الذهن مطلقا لا بشرط التقييد يوجد في الخارج بشرط التقييد.
    وهؤلاء اشتبه عليهم ما في الأذهان بما في الأعيان. وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع وبينا من غلط المنطقيين ما هو سبب الضلال في الأمور الإلهية والطبيعية كاعتقاد الأمور العقلية التي لا تكون إلا في العقل أمورا موجودة في الخارج، وغير ذلك مما ليس هذا موضع بسطه.
    [وهؤلاء المنطقيون الإلهيون منهم وغيرهم يقولون أيضا: إن الكليات لا تكون إلا في الأذهان لا في الأعيان، فيوجد من كلامهم في مواضع ما يظهر به خطأ كلامهم في مواضع، فإن الله فطر عباده على الصحة والسلامة وفساد الفطرة عارض، فقل من يوجد له (2) كلام فاسد إلا وفي كلامه ما يبين فساد كلامه الأول ويظهر به تناقضه.] (3) .
    والمقصود هنا التنبيه على توحيد هؤلاء (4) الفلاسفة. وهؤلاء أصابهم في لفظ الواجب ما أصاب المعتزلة في لفظ القديم، فقالوا: الواجب لا يكون إلا واحدا، فلا يكون له صفة ثبوتية، كما قال أولئك: لا يكون القديم إلا واحدا، فلا يكون له صفة ثبوتية (5) .
    وبهذا وغيره ظهر الزلل في كلام متأخري المتكلمين الذين خلطوا الكلام

    **_________
    (1) ن، م: والذي.
    (2) أ: فيه، ب: منه.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    (4) ن، م: وإنما المقصود هنا التنبيه على هؤلاء.
    (5) بعد كلمة " ثبوتية " يوجد في نسختي (ن) ، (م) كلام معاد
    ============================== =======
    بالفلسفة كما ظهر أيضا الغلط في كلام من خلط التصوف بالفلسفة، كصاحب " مشكاة الأنوار " و " الكتب المضنون بها على غير أهلها " (1) وأمثال ذلك (2) مما قد بسط (3) الكلام عليها (4) في غير هذا الموضع.

    **[الكلام على دليل التمانع عند المتكلمين]
    حتى أن هؤلاء المتأخرين لم يهتدوا إلى تقرير متقدميهم لدليل التوحيد، وهو دليل التمانع واستشكلوه. وأولئك ظنوا أن هذا [الدليل هو الدليل المذكور في القرآن، في قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} .
    وليس الأمر.] (5) كذلك بل أولئك قصروا في معرفة ما في القرآن، وهؤلاء قصروا في معرفة كلام (6) أولئك المقصرين، فلما قصروا (7) في معرفة ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - (8) عدلوا (9) إلى ما أورثهم الشك والحيرة والضلال، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع، لكن ننبه (10) عليه هنا.
    وذلك أن دليل التمانع المشهور عند المتكلمين: أنه لو كان للعالم صانعان لكان أحدهما إذا أراد أمرا (11) وأراد الآخر خلافه، مثل أن

    **_________
    (1) وهو الغزالي.
    (2) أ، ب: وغير ذلك.
    (3) ع: بسطنا.
    (4) أ، ب: عليه.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) كلام: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) أ: فيما قصروا ب: كما قصروا.
    (8) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (9) أ، ب: وعدلوا.
    (10) م: ولكن ننبه، ع: لكن نبهنا.
    (11) أ: صانعان لكان أحدهما أمرا، ب: صانعان أراد أحدهما أمرا
    ============================== =




  13. #213
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (210)
    صـ 305 إلى صـ 312



    يريد أحدهما إطلاع (1) الشمس من مشرقها، ويريد الآخر إطلاعها من مغربها [أو من جهة أخرى] (2) . امتنع أن يحصل مرادهما ; لأن ذلك جمع بين الضدين، فيلزم إما (3) أن لا يحصل مراد واحد منهما، فلا يكون واحد منهما ربا (4) (5 وإما أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر 5) (5) فيكون الذي حصل مراده هو الرب دون الآخر.
    وقد يقرر ذلك بأن يقال (6) : إذا أراد ما لا يخلو المحل عنهما، مثل أن يريد أحدهما تحريك جسم ويريد الآخر تسكينه، امتنع حصول مرادهما، (7 وامتنع عدم مرادهما 7) (7) جميعا ; لأن الجسم لا يخلو عن الحركة والسكون، فتعين أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر فيكون هو الرب.
    وعلى هذا سؤال مشهور، وهو أنه يجوز أن تتفق الإرادتان فلا يفضي إلى الاختلاف. وقد أجاب كثير من المتأخرين عن ذلك بوجوه عارضهم فيها غيرهم (8) كما قد (9) بسط في موضعه، ولم يهتد هؤلاء إلى تقرير القدماء، كالأشعري والقاضي أبي بكر، وأبي الحسين البصري، والقاضي أبي يعلى، وغيرهم.

    **_________
    (1) أ، ب: طلوع.
    (2) أو من جهة أخرى: ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (ع) : إطلاعها من الجهة الأخرى
    (3) إما: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
    (4) أفقط: منها ربا دون الآخر.
    (5) (5 - 5) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (6) ن، م: ذلك ما يقال.
    (7) (7 - 7) ساقط من (ع) .
    (8) ن، م: عارضه فيها غيره.
    (9) قد: زيادة في (ع)
    =========================
    فإن هؤلاء علموا أن وجوب اتفاقهما في الإرادة يستلزم عجز كل منهما، [كما أن تمانعهما يستلزم عجز كل منهما] ، (1) فمنهم من أعرض عن ذكر هذا التقرير (2) ; لأن مقصوده أن يبين أن (3) فرض اثنين يقتضي عجز كل منهما. فإذا قيل: إن أحدهما لا يمكنه مخالفة الآخر، كان ذلك أظهر في عجزه.
    ومنهم من بين ذلك، كما بينوا (4) أيضا امتناع استقلال كل منهما، وذلك أنه يقال: إذا فرض ربان فإما أن يكون كل منهما قادرا بنفسه أو لا يكون قادرا إلا بالآخر.
    [فإن لم يكن قادرا إلا بالآخر] (5) ، كان هذا ممتنعا لذاته مقتضيا للدور في العلل والفاعلين، فإنه يستلزم أن يكون (* كل منهما جعل الآخر قادرا، ولا يكون أحدهما فاعلا حتى يكون الآخر (6) قادرا، فإذا كان كل منهما جعل الآخر قادرا فقد جعله فاعلا، ولا يكون *) (7) كل منهما جعل الآخر ربا (8) ; لأن الرب لا بد أن يكون قادرا (9) ، فيكون هذا جعل هذا قادرا فاعلا ربا وكذلك الآخر.

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) أ، ب، ن، م: التقدير.
    (3) ن، م: لأن مقصوده كان أنه كان.
    (4) ن، م: ذلك فأثبتوا.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (6) الآخر: زيادة في (ع) .
    (7) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (8) ع: ويكون منهما جعل الآخر ربا، وهو تحريف.
    (9) ب فقط: قادرا ربا
    ==============================
    وهذا ممتنع في الربين الواجبين بأنفسهما القديمين ; لأن هذا (1) لا يكون قادرا (2) ربا فاعلا حتى يجعله الآخر كذلك، وكذلك الآخر. فهو بمنزلة أن يقال: لا يكون هذا موجودا حتى يجعله الآخر موجودا.
    وهذا ممتنع بالضرورة، كما تقدم فيما قبل بالإشارة (3) إلى ذلك، وهو أن الدور القبلي ممتنع لذاته باتفاق العقلاء، كالدور في الفاعلين والعلل، فيمتنع أن يكون كل من الشيئين علة للآخر وفاعلا له، أو جزءا من العلة والفاعل. فإذا كان كل منهما لا يكون قادرا أو فاعلا إلا بالآخر لزم أن يكون كل منهما علة فاعلة، أو علة (4) لتمام ما به يصير (5) الآخر قادرا فاعلا، وذلك ممتنع بالضرورة واتفاق العقلاء، فلزم أن الرب لا بد أن يكون قادرا بنفسه، وإذا كان قادرا بنفسه، فإن أمكنه إرادة خلاف ما يريد الآخر (6) أمكن اختلافهما، وإن لم يمكنه أن يريد إلا ما يريده الآخر (7) لزم العجز.
    فإذا فرض أن هذا لا يمكنه أن يريد ويفعل إلا ما يريده الآخر ويفعل (8) ، لزم عجز كل منهما، بل هذا (9) أيضا ممتنع لنفسه، كما أنه إذا كان [هذا لا يقدر حتى يقدر هذا، كان] (10) ذلك ممتنعا لذاته. [فإذا كان هذا

    **_________
    (1) أ، ب: هنا.
    (2) قادرا ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) .
    (3) ع: كما تقدم فيما إذا قيل بالإشارة. . . . .، ن: كما تقدم فيما قيل بالإشارة. . . .
    (4) ن، م: وعلة.
    (5) ع، م: ما يصير به.
    (6) أ، ب: إرادة غير مراد الآخر.
    (7) أ، ب: وإن لم يمكنه إلا ما يريد الآخر.
    (8) ن، م: ويفعله.
    (9) ن، م: هو.
    (10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    ============================== =
    لا يكون ممكنا إلا بتمكين الآخر، فهو بمنزلة أن يقال: لا يكون قادرا إلا بإقدار الآخر.
    وأيضا فإنه في هذا التقدير يكون المانع لكل منهما من الانفراد هو الآخر، فيكون كل منهما مانعا ممنوعا، وهذا (1) لا يكون مانعا إلا إذا كان قادرا على المنع ومن كان قادرا على منع غيره من الفعل، فقدرته على أن يكون فاعلا أولى، فصار كل منهما لا يكون فاعلا (2) حتى يكون قادرا على الفعل، وإذا (3) كان قادرا على الفعل امتنع أن يكون ممنوعا منه، فامتنع كون كل واحد منهما مانعا ممنوعا، (4) وذلك لازم لوجوب اتفاقهما على الفعل، فعلم امتناع وجوب اتفاقهما على الفعل، وثبت إمكان اختلافهما] (5) فمتى فرض لزوم اتفاقهما (6) كان ذلك ممتنعا لذاته، وإنما يمكن (7) هذا في المخلوقين ; لأن القدرة لهم مستفادة من غيرهما.
    فإذا قيل: لا يقدر هذا حتى يقدر هذا، كان يمكن أن يكون هناك ثالث (8) يجعلهما قادرين، ومن هنا أمكن المخلوق أن يعاون المخلوق، وامتنعت المعاونة على خالقين (9) ; لأن المخلوقين المتعاونين لكل منهما قدرة

    **_________
    (1) ع: وهو.
    (2) ع: مانعا.
    (3) أ، ب: فإذا.
    (4) ع: مانعا وممنوعا.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) ن: أفعالهما، م: أحدهما.
    (7) أ: يكن، ب: يكون.
    (8) ع: كان يمكن هناك ثالث، م: كان ممكنا أن يكون هناك ثالث، أ: كان يمكن أن يكون ثالثا، ب: كان يمكن أن يكون ثالث.
    (9) أ، ب: الخالقين
    ============================
    من غير الآخر أعانه بها وجعله بها قادرا ; لأن كلا منهما كان قبل إعانة الآخر له قدرة، وعند اجتماعهما زادت قوة كل منهما بقوة الآخر، بمنزلة اليدين اللتين ضمت إحداهما إلى الأخرى، فإن كلا منهما كان لها (1) قوة، وبالاجتماع زادت قوتهما ; لأن هذا زاد ذلك تقوية وذاك زاد هذا تقوية (2) فصار كل منهما معطيا للآخر وآخذا منه فزادت (3) القوة بالاجتماع.
    وهذا ممتنع في الخالقين؛ [فإن قدرة الخالق القديم الواجب بنفسه من لوازم ذاته لا يجوز أن تكون مستفادة من غيره] (4) ; لأن كلا منهما إن كان قادرا عند الانفراد أمكنه (5) أن يفعل عند الانفراد ما يقدر عليه، ولم يشترط في فعله معاونة الآخر، وحينئذ فيمكن أحدهما أن يفعل ما يريده الآخر (6) أو ما يريد خلافه، وإن لم يكن قادرا عند الانفراد امتنع أن يحصل عند الاجتماع لهما قوة لما في ذلك من الدور ; لأن هذا لا يقدر حتى يقدر ذاك، ولا يقدر ذاك حتى يقدر هذا، وليس هنا ثالث غيرهما يجعلهما قادرين فلا يقدر أحد منهما.
    والمخلوقان اللذان لا قدرة (7) لهما عند الانفراد لا يحصل (8) لهما قدرة عند

    **_________
    (1) أ، ب: له.
    (2) أ، ب: لأن هذا زاد ذلك بقوته وذاك زاد هذا بقوته، ن، م: لأن هذا زاد ذاك وذاك زاد هذا بقوته.
    (3) ن: وزادت.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: قادرا عند الآخر إذا أمكنه، وهو تحريف.
    (6) أ، ع، ن، م: ما لا يريده الآخر.
    (7) ن، م: لا مقدرة.
    (8) ن، م: ولا يحصل
    =========================
    الاجتماع إلا من غيرهما. والخالقان لا يمكن أن يكون لهما ثالث يعطيهما قدرة، فلا بد أن يكونا قادرين عند الانفراد.
    (* وإذا قيل: أحدهما يقدر على ما يوافقه الآخر عليه (1) لم يكن قادرا إلا بموافقته، وإذا قيل: يقدر على *) (2) ما لا يخالفه الآخر فيه (3) كان كل منهما مانعا للآخر من مقدوره فلا يكون واحد منهما قادرا.
    وأيضا فإن منع هذا لذاك لا يكون إلا بقدرته، ومنع ذاك لهذا لا يكون إلا بقدرته، فيلزم (4) أن يكون كل منهما قادرا حال التمانع، وهو حال المخالفة، فيكونان قادرين عند الاتفاق وعند الاختلاف.
    وأيضا فلا يكون هذا ممنوعا حتى يمنعه الآخر وبالعكس (5) ، فلا يكون أحدهما ممنوعا [إلا بمنع الآخر.] (6) .
    وأيضا فيكون هذا مانعا لذاك، وذاك مانعا لهذا، فيكون كل منهما مانعا ممنوعا، وهذا جمع بين النقيضين.
    وهذه الوجوه وغيرها (7) مما يبين (8) امتناع ربين كل منهما معاون للآخر أو كل منهما مانع للآخر، فلم يبق إلا أن يكون كل منهما قادرا مستقلا،
    **_________
    (1) ن، م: يوافقه عليه الآخر.
    (2) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (3) فيه ساقطة من (ع) .
    (4) ن، م: فلزم.
    (5) وبالعكس: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (7) بعد كلمة " وغيرها " توجد ورقة كاملة لم تصور من (م) وهي ظ 88، ص [0 - 9] 9.
    (8) أ: وغيرها يبين، ب: وغيرها تبين
    ===========================
    وحينئذ فيمكن اختلافهما، وإذا اختلفا لزم أن لا يفعل واحد منهما شيئا، ولزم عجزهما ولزم كون كل واحد (1) منهما مانعا ممنوعا.
    فتبين امتناع ربين، سواء فرضا متفقين أو مختلفين. وأما إذا فرضا مستقلين، وفرض كل منهما مستقلا بخلق العالم فهذا أظهر امتناعا ; لأن استقلال أحدهما يمنع أن يكون له فيه شريك، فكيف إذا كان الآخر (2) مستقلا به؟ فتقدير استقلال كل منهما يقتضي أن يكون كل منهما فعله كله وأن لا يكون واحد منهما فعل منه شيئا، فيلزم اجتماع النقيضين مرتين.
    ولهذا امتنع أن يكون مؤثران تامان مستقلان يجتمعان على أثر واحد. فإن مثال ذلك أن نقول: هذا خاط الثوب وحده، وهذا خاط ذلك (3) الثوب بعينه وحده، أو أن (4) نقول: هذا أكل جميع الطعام ونقول: هذا أكل جميع ذاك الطعام بعينه. (5) .
    وهذا كله مما يعرف امتناعه ببديهة العقل بعد تصوره، ولكن بعض الناس لا يتصور هذا تصورا جيدا، بل يسبق إلى ذهنه المشتركان من الناس في فعل من الأفعال، والمشتركان لا يفعل (6) أحدهما جميع ذلك الفعل ولا كانت قدرته حاصلة بالاشتراك، بل بالاشتراك زادت قدرته وكان كل
    **_________
    (1) واحد: ساقطة من (ع) .
    (2) الآخر: ساقطة من (ع) .
    (3) أ، ب: ذاك.
    (4) أ، ب، م: وأن.
    (5) ن: ويقول ذاك أكل جميع الطعام بعينه.
    (6) ن، ع: لم يفعل
    ==========================
    منهما يمكنه حال الانفراد (1) أن يفعل شيئا من الأشياء ويريد خلاف ما يريد الآخر، وإذا أراد خلافه فإن تقاومت قدرتهما تمانعا فلم يفعلا شيئا، وإن قوي أحدهما قهر الآخر، وإن (2) لم يكن لأحدهما قدرة حال الانفراد، لم تحصل له حال الاجتماع إلا من غيرهما، مع أن هذا لا يعرف له وجود، بل المعروف أن يكون لكل منهما حال الانفراد قدرة ما (3) فتكمل عند الاجتماع.
    وأيضا فالمشتركان في الفعل والمفعول (4) لا بد أن يتميز فعل كل منهما عن الآخر، لا يكون الشيء الواحد (5) بعينه مشتركا (6) فيه، بحيث يكون هذا فعله والآخر فعله، فإن هذا ممتنع كما تقدم.
    فلو كان ربان لكان مخلوق كل واحد (7) منهما متميزا عن مخلوق الآخر (8) كما قال تعالى: {إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} [سورة المؤمنون: 91] فذكر سبحانه وجوب امتياز المفعولين، ووجوب قهر أحدهما للآخر، كما تقدم تقريره، وكلاهما ممتنع.
    فهذه الطرق وأمثالها مما يبين (9) بها أئمة النظار (10) توحيد الربوبية، وهي طرق صحيحة عقلية لم يهتد هؤلاء المتأخرون إلى معرفة توجيهها وتقريرها.
    **_________
    (1) ب (فقط) : وكان لكل منهما حال الانفراد.
    (2) ن، ع: وإذا.
    (3) ما: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) أ: فالمشترك كان حال الفعل والمفعول، ب: فالمشتركان حال الفعل في المفعول.
    (5) أ: واحد
    (6) مشتركان: ساقطة من (ع) .
    (7) واحد: زيادة في (ع) .
    (8) أ، ب: مميزا عن خلق الآخر.
    (9) أ: تبين به، ب: تبين بها، ن: بين به.
    (10) ن: المتكلمين
    =========================




  14. #214
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (211)
    صـ 313 إلى صـ 320







    ثم إن أولئك المتقدمين من المتكلمين ظنوا أنها هي (1) طرق القرآن، وليس الأمر كذلك.
    بل القرآن قرر (2) فيه توحيد الإلهية المتضمن توحيد الربوبية، وقرره أكمل من ذلك. واعتبر ذلك بقوله تعالى: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} [سورة المؤمنون: 91] فهذه الآية ذكر فيها برهانين يقينيين على امتناع أن يكون مع الله إله [آخر] (3) بقوله: {إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} ، وقد عرف أنه لم يذهب كل إله بما خلق ولا علا بعضهم على بعض، وترك ذكر هذا لعلم المخاطبين به (4) وأن ذكره تطويل (5) بلا فائدة.
    وهذه طريقة القرآن وطريقة الكلام الفصيح البليغ، بل وطريقة (6) عامة الناس في الخطاب، يذكرون المقدمة التي تحتاج إلى بيان ويتركون ما لا يحتاج إلى بيان.
    مثل أن يقال: لم قلتم إن كل مسكر حرام؟ فيقال ; لأنه قد (7) صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: كل مسكر خمر وكل خمر

    **_________
    (1) هي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) ن: نور.
    (3) آخر: ساقطة من (ن) .
    (4) ن: وترك علم ذكر هؤلاء المخاطبين به، وهو تحريف.
    (5) أ: وإن ذكره تطويلا، ب: فكان ذكره تطويلا.
    (6) أ، ب، ن: بل طريقة
    (7) قد: زيادة في (ن)
    ============================
    حرام "، (1) وقد علم أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة يجب اتباعها فلا يحتاج أن نذكر هذا. (2)
    ومثل هذا قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} [سورة الأنبياء: 22]
    [أي: وما فسدتا، فليس فيهما آلهة (3) إلا الله] (4) ، وهذا بين لا يحتاج إلى أن يبين بالخطاب (5) فإن المقصود من الخطاب (6) البيان، وبيان البين قد يكون من نوع العي، وبيان الدليل قد يكون محتاجا إلى مقدمة واحدة (7) وقد يكون محتاجا إلى مقدمتين، وإلى ثلاث وأكثر، فيذكر المستدل (8) ما يحتاج إلى بيان (9 دون ما لا يحتاج إلى بيان 9) (9) .

    وأما ما يقوله المنطقيون من أن كل دليل نظري فلا بد فيه من مقدمتين، لا يحتاج إلى أكثر ولا يجزئ أقل، وإذا اكتفي بواحدة قالوا: حذفت

    **_________
    (1) ن: كل مسكر حرام، وكل خمر حرام، ع، أ: كل مسكر خمر وكل مسكر حرام. وجاء الحديث أحيانا في كتب السنة بلفظ: " كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ". والحديث عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في: مسلم 3 - 1587 كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر، سنن أبي داود 3 - 447 كتاب الأشربة، باب النهي عن المسكر. سنن الترمذي 3 - 192 كتاب الأشربة، باب ما جاء في شارب الخمر، سنن ابن ماجه 2 - 1223 كتاب الأشربة باب كل مسكر حرام، المسند ط المعارف الأرقام 4644، 4645، 4830، 4831، 4863، 5730، 5731، 5820، 6179، 6218.
    (2) ن، أ: فلا يحتاج أن يذكر هذا، ب: ولا يحتاج أن يذكر هذا.
    (3) أ، ب: إله.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) ن: لا يحتاج أن يتبين بالخطاب.
    (6) ن، ع: بالخطاب.
    (7) واحدة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) أ: فهذا المستدل.
    (9) (9 - 9) ساقط من (أ) ، (ب)
    =============================
    الأخرى، ويسمونه قياس الضمير، وإن كان (1) ثلاثا أو أربعا قالوا: هذه (2) قياسات لا قياس واحد فهذا مجرد وضع ودعوى، لا يستند إلى أصل عقلي ولا عادة عامة. وقد بسطنا الكلام على هذا في الكلام على المنطق (3) وغيره] (4) .
    فقال سبحانه: {إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} [سورة المؤمنون: 91] وهذا اللازم منتف، فانتفى الملزوم، وهو ثبوت إله مع الله.
    وبيان التلازم أنه إذا كان معه إله امتنع أن يكون مستقلا بخلق العالم، مع أن الله تعالى (5) مستقل بخلق العالم، كما تقدم أن (6) فساد هذا معلوم بالضرورة لكل عاقل، وأن هذا جمع بين النقيضين.
    وامتنع أيضا أن يكون مشاركا للآخر معاونا له ; لأن ذلك يستلزم عجز كل منهما، والعاجز لا يفعل شيئا، فلا يكون لا ربا (7) ولا إلها ; لأن أحدهما إذا لم يكن قادرا إلا بإعانة الآخر، لزم عجزه حال الانفراد، وامتنع أن يكون قادرا حال الاجتماع ; لأن ذلك دور قبلي، فإن هذا لا يكون قادرا حتى يجعله الآخر قادرا، أو حتى يعينه الآخر وذاك (8) ، لا يجعله قادرا ولا

    **_________
    (1) أ، ب: وإن ذكر.
    (2) أ: هذا.
    (3) أ، ب: وقد بسطنا الكلام في هذا في موضع الكلام على المنطق وغيره، والله أعلم.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
    (5) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) أ، ب، ن: كما تقدم وأن.
    (7) لا: ساقطة من (ب) فقط.
    (8) ن: وذلك
    ==============================
    يعينه حتى يكون هو قادرا، وهو لا يكون قادرا حتى يجعله ذاك أو يعينه، فامتنع إذا كان كل منهما محتاجا إلى إعانة الآخر في الفعل، أن يكون أحدهما قادرا، فامتنع أن يكون لكل واحد (1) منهما فعل (2) حال الانفراد وحال الاجتماع (3) فتعين أن يكون كل واحد (4) منهما قادرا عند الانفراد، فلا بد إذا فرض معه إله أن يكون كل منهما قادرا عند انفراده.
    وإذا كان كذلك ففعل أحدهما إن كان مستلزما لفعل الآخر، بحيث (5) لا يفعل شيئا حتى يفعل الآخر فيه شيئا، لزم أن لا يكون أحدهما قادرا على الانفراد، وعاد احتياجهما (6) في أصل الفعل إلى التعاون، وذلك ممتنع بالضرورة.
    فلا بد أن يمكن أحدهما أن يفعل فعلا لا يشاركه الآخر فيه، وحينئذ فيكون مفعول هذا متميزا (7) عن مفعول هذا، ومفعول هذا متميزا (8) عن مفعول هذا، فيذهب كل إله بما خلق، هذا بمخلوقاته وهذا بمخلوقاته. (9) .
    فتبين أنه لو كان معه إله لذهب كل إله بمخلوقاته (10) وهذا غير

    **_________
    (1) واحد ساقطة من (ن) ، (ع) .
    (2) فعل: ساقطة من (ب) فقط.
    (3) ب فقط: وحال الاجتماع فعل.
    (4) واحد: ساقطة من (ن) ، (ع) .
    (5) أ: كيف، ب: كأن.
    (6) ع: احتجاجهما.
    (7) ن: مميزا.
    (8) ن، أ، ب: مميزا.
    (9) ن: هذا بمخلوقه وهذا بمخلوقه.
    (10) ن: بمخلوقه
    =============================
    واقع (1) ؛ فإنه ليس في العالم شيء إلا وهو مرتبط بغيره من أجزاء العالم، كما تقدم التنبيه عليه.
    ولهذا إذا فعل المتعاونان شيئا كان فعل كل منهما الذي يقوم به متميزا عن فعل الآخر، وأما ما يحدث عنه في الخارج، فلا يمكن أحدا أن يستقل بشيء منفصل عنه، بل لا بد له فيه من معاون عند من يقول: إن فعل العبد ينقسم إلى مباشر وغير مباشر.
    وأما من يقول: إن فعله لا يخرج عن محل قدرته، فليس له مفعول منفصل عنه، (2) ثم إذا اختلط مفعول هذا بمفعول هذا كالحاملين للخشبة (3) كان كل منها مفتقرا إلى الآخر حال الاجتماع، ولكل منهما قدرة يختص بها (4) حال الانفراد وحال الاجتماع يمكنه أن يفعل (5) بها فعلا منفردا به عن الآخر ويمتاز به عن الآخر، فلا بد أن يكون لكل منهما فعل يختص به متميز (6) عن فعل الآخر، فلا (7) يتصور إلهان حتى يكون مفعول هذا متميزا عن مفعول ذاك (8) فيذهب كل إله بما خلق، واللازم منتف فانتفى الملزوم.

    **_________
    (1) أ: وهذا ليس واقع ; ب: وهذا ليس بواقع.
    (2) عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) عبارة " كالحاملين للخشبة " ساقطة من (ب) ، وهي في (أ) إلا أن كلمة كالحاملين غير كاملة.
    (4) أ، ب: تختص به.
    (5) ن: أن يفعله.
    (6) ن: يتميز، أ: متميزا
    (7) ن: ولا.
    (8) ع: هذا
    ==============================
    وأما البرهان الثاني وهو قوله: {ولعلا بعضهم على بعض} [سورة المؤمنون: 91] فإنه (1) يمتنع أن يكونا متساويين في القدرة ; لأنهما إذا كانا متساويين في القدرة، كان مفعول (2) كل منهما متميزا عن مفعول الآخر، وهو باطل كما تقدم، (3) ولأنهما (4) إذا كانا متكافئين في القدرة لم يفعلا شيئا لا حال الاتفاق ولا حال الاختلاف، سواء كان الاتفاق لازما لهما أو كان الاختلاف هو اللازم، أو جاز الاتفاق وجاز الاختلاف.
    لأنه إذا قدر أن الاتفاق لازم لهما فلأن أحدهما لا يريد ولا يفعل حتى يريد الآخر ويفعل، وليس تقدم أحدهما أولى من تقدم الآخر؛ لتساويهما، فيلزم أن لا يفعل واحد منهما.
    وإذا قدر أن إرادة هذا وفعله مقارن لإرادة الآخر وفعله، فالتقدير أنه لا يمكنه أن يريد ويفعل إلا مع الآخر، فتكون إرادته وفعله مشروطة بإرادة الآخر وفعله، فيكون بدون ذلك عاجزا عن الإرادة والفعل، فيكون كل منهما عاجزا حال الانفراد، ويمتنع مع ذلك أن يصيرا قادرين حال الاجتماع كما تقدم.
    وإذا (5) كان الاختلاف لازما لهما امتنع مع تساويهما أن يفعلا شيئا ; لأن هذا يمنع هذا وهذا يمنع هذا لتكافؤ القدرتين، فلا يفعلان شيئا.
    وأيضا فإن امتناع أحدهما مشروط بمنع الآخر، فلا يكون هذا ممنوعا

    **_________
    (1) أ: فإنما، ب، ع: فإنهما.
    (2) ن: فعل.
    (3) عبارة " كما تقدم " ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ب: لأنهما.
    (5) ن، ع: وإن
    ===========================
    حتى يمنعه ذاك، (1) ولا يكون ذاك ممنوعا حتى يمنعه هذا، فيلزم أن يكون كل منهما مانعا ممنوعا وهذا ممتنع.
    ولأن زوال قدرة كل منهما حال التمانع إنما هي بقدرة الآخر، فإذا كانت قدرة هذا لا تزول حتى تزيلها قدرة ذاك، وقدرة ذاك لا تزول حتى تزيلها قدرة هذا، (2) فلا تزول واحدة من القدرتين فيكونان قادرين.
    وكونهما قادرين على الفعل مطيقين (3) ، في حال كون كل منهما ممنوعا بالآخر عن الفعل عاجزا عنه بمنع (4) الآخر له محال ; لأن ذلك كله جمع بين النقيضين.
    وأما إذا قدر إمكان اتفاقهما وإمكان اختلافهما، كان تخصيص (5) الاتفاق بدون الاختلاف وتخصيص الاختلاف بدون الاتفاق محتاجا (6) إلى من يرجح أحدهما على الآخر ولا مرجح (7) إلا هما، وترجيح أحدهما بدون الآخر محال، وترجيح أحدهما مع الآخر هو اتفاق فيفتقر تخصيصه إلى مرجح آخر، فيلزم (8) التسلسل في العلل وهو ممتنع باتفاق العقلاء.
    وأيضا فاتفاقهما في نفسه ممتنع، واختلافهما في نفسه ممتنع، سواء قدر لازما أو لم يقدر ; لأنهما إذا اتفقا لم يمكن أحدهما حال الاتفاق أن يفعل إلا
    **_________
    (1) ع: ذلك.
    (2) أ: حتى يزيلها هذا.
    (3) ن، ع: مطلقين.
    (4) أ، ب: فمنع، ن: يمنع.
    (5) أ: كان يخصص، ب: فإن تخصيص.
    (6) ب فقط: محتاج.
    (7) ن: ولا يرجع.
    (8) ن: ويلزم
    ============================
    أن يفعل الآخر معه، (1) فيكون كل منهما عند الاتفاق عاجزا عن فعل شيء يستقل به (2) .
    وإذا كان كل منهما عند الاتفاق عاجزا عن فعل شيء يستقل به كان عاجزا عند الانفراد (3) ، ومن كان عاجزا عند الانفراد (4) عن كل شيء، كان عاجزا أيضا عند الاجتماع.
    والناس المتشاركون كل منهم (5) لا بد أن ينفرد عن الآخر بفعل حال الاشتراك، فإن الحركة التي يفعلها أحدهما يستقل بها دون الآخر حال تمكنه، وكذلك يمكنه (6) حال الانفراد أن يؤثر أثرا دون الآخر (7) فيمتنع اتفاق اثنين كل منهما عاجز عند الانفراد في مخلوق أو خالق سواء كان الاتفاق لازما أو ممكنا.

    [وإن قدر في المخلوقين أنهما لا يكونان قادرين إلا عند الاجتماع فذلك ; لأن هناك ثالثا غيرهما (8) يجعل لهما قوة عند الاجتماع، وهنا يمتنع أن يكون للخالق القديم الواجب بنفسه فوقه من يجعله قادرا، فيمتنع أن يكون فوقهما من يجعل لهما قوة عند الاجتماع دون الانفراد، إذ كل ما سواهما مخلوق (9) ، فيمتنع أن يجعل الخالق قادرا.] (10) .
    **_________
    (1) أ، ب: إلا بفعل الآخر.
    (2) ن: شيء مستقل.
    (3) ع: عن الانفراد به.
    (4) ع: عن الانفراد.
    (5) ن: المشاركون كل منهما.
    (6) عبارة " وكذلك يمكنه "، ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
    (7) ع: أن يؤثروا دون الآخر، وهو تحريف.
    (8) ع: لأنه هناك ثالث غيرهما، أ: لأن هناك ثالث غيرهما.
    (9) أ: وإن كل ما سواه مخلوق، ب: وأن كل ما سواهما مخلوق.
    (10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن)
    ========================




  15. #215
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (212)
    صـ 321 إلى صـ 328





    وأما امتناع اختلافهما وإن لم يكن لازما فهو أظهر، فإنه عند الاختلاف يحصل التمانع. وهذه المعاني كيفما عبرت عنها تجدها معاني صحيحة: يمتنع وجود اثنين متفقين أو مختلفين، إلا أن يكون كل منهما قادرا عند انفراده، وإذا كان كل منهما قادرا عند الانفراد كان (1) لكل منهما فعل ومفعول يختص به منفردا عن الآخر، فلا يكونان متفقين في كل فعل وكل (2) مفعول، ولا يمكن أن يتفقا في شيء واحد أصلا ; لأن ذلك الفعل الحادث لا يكون ما يقوم بأحدهما نفس ما يقوم بالآخر (3) ، فإن هذا ممتنع لذاته.
    والمخلوق المنفصل لا يكون نفس أثر هذا فيه هو نفس أثر الآخر فيه، بل لا بد من أثرين فإن كان أحدهما شرطا في الآخر كان كل منهما مفتقرا إلى الآخر، فلا يكون قادرا عند الانفراد (4) ، وإن لم يكن كذلك كان مفعول هذا ليس هو مفعول الآخر ولا بلازم (5) له، فلا يكون هناك اتفاق في مفعول واحد أصلا.
    وهذا من جنس ما تقدم من ذهاب كل إله بما خلق، لكن الذي يختص به (6) هذا أن الشيئين اللذين يشترط في كل واحد (7) منهما أن يكون مع الآخر لا بد أن يكون لهما ثالث غيرهما يحدثهما (8) كما في

    **_________
    (1) أ، ب: عند انفراده وكان.
    (2) ن: ولا كل.
    (3) بالآخر: ساقطة من (أ) .
    (4) بعد كلمة الانفراد توجد عدة أسطر معادة في نسخة (ن) .
    (5) ن: ولا يلازم له، أ: ولا ملازم له، ب: ولا ملازما له.
    (6) به: ساقطة من (ن) .
    (7) واحد: ساقطة من (ن) .
    (8) يحدثهما ساقطة من (أ) ، (ب) وفي (ن) محدثهما
    ============================
    الأجيرين لمعلم واحد، والمفتيين الراجعين إلى النصوص، والمتشاورين الراجعين (1) إلى أمر يوجب اجتماعهما، فلا بد أن يكون بين المتشاركين ثالث يجمعهما.
    وأما الخالقان فلا شيء فوقهما. ولو قيل: إنهما (2) يفعلان ما هو (3) المصلحة أو غير ذلك فكل (4) هذه المحدثات تابعة لهما وعنهما (5) ، ولا يكون شيء إلا بعلمهما (6) وقدرتهما، بخلاف المخلوق الذي يحدث أمورا بدونه فيعاونه على ما هو المصلحة له.
    وإذا قيل: علما (7) ما سيكون، فالعلم بالحادث تابع للمعلوم الحادث، والحادث (8 تابع لإرادة محدثه 8) (8) ، والإرادة تابعة لهما (9) .
    وأما الخالقان فإنه لا بد أن تكون إرادة كل منهما من لوازم نفسه أو تكون نفسه مستقلة بإرادته. وحينئذ (10) لا تكون إرادته موقوفة على شرط إرادة غيره، فإنها إذا توقفت على ذلك لم يكن مستقلا بالإرادة (11) ولا كانت

    **_________
    (1) الراجعين: ساقطة من (ن) .
    (2) ن: أيهما، وهو تحريف.
    (3) ن: ما فيه.
    (4) ع: وكل.
    (5) ن: المخلوقات تابعة لما عنهما.
    (6) ع: ولا يكون الشيء إلا بعلمهما، ن: ولا يكون شيء إلا بفعلهما.
    (7) أ، ب: العلما، وهو تحريف.
    (8) (8 - 8) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (9) أ، ب: تابع لهما.
    (10) وحينئذ: ساقطة من (ن) .
    (11) ع: بالإرادات
    ============================== =
    من لوازم نفسه ; لأنه إذا كان هذا لا يريد ويفعل إلا مع إرادة الآخر وفعله كانت إرادة كل منهما وفعله جزءا من المقتضي لكون الآخر مريدا فاعلا.
    وهذا دور في جزء العلة. والدور في جزء المقتضي ممتنع كالدور في نفس المقتضي، وإذا (1) جوز في المتضايفين كالأبوة والبنوة أن يتلازما فلأن المقتضي التام لهما غيرهما (2) فلو كانت الإرادتان والفعلان متلازمين (3) لكان المقتضي التام لهما غير هذا وغير هذا.
    وذلك ممتنع، إذ لا شيء فوقهما يجعلهما كذلك، فيلزم أن لا يكون كل (4) واحد منهما مريدا ولا فاعلا.
    وهذه كلها أمور معقولة محققة مبرهنة، كلما تصورها المتصور تصورا صحيحا علم صحتها وهي مبسوطة في غير هذا الموضع.
    فتبين (5) أنه لو قدر إلهان متكافئان (6) في القدرة لم يفعلا شيئا لا حال الاتفاق ولا حال الاختلاف، فلا بد حينئذ إذا قدر إلهان أن يكون أحدهما أقدر من الآخر، والأقدر عال على من دونه في القدرة بالضرورة، فلو كان ثم آلهة لوجب علو بعضهم على بعض، (7 ولو علا بعضهم على بعض 7) (7) لم

    **_________
    (1) ن: فإذا، ب: وإنما.
    (2) ن: والبنوة أن يتلازما فلأن المقتضي به لهما غيرهما، أ: والبنوة متلازمين فلأن المقتضي التام لهما غيرهما، ب: والبنوة وكل متلازمين لأن المقتضي التام لهما غيرهما
    (3) ن: فلو كانت الإرادة، فإن الفعل متلازمين، وهو تحريف.
    (4) كل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) أ، ب: فتعين.
    (6) أ: إلها لكان متكافيا، ب: إلهان وكانا متكافئين، وكلاهما تحريف.
    (7) (7 - 7) ساقط من (أ) ، (ب)
    ============================== =
    يكن (1) المستقل بالفعل إلا العالي (2) وحده، فإن المقهور (3) إن كان محتاجا في فعله إلى إعانة الأول (4) كان عاجزا بدون الإعانة، وكانت قدرته من غيره، وما كان هكذا (5) لم يكن إلها بنفسه. والله تعالى (6) لم يجعل من مخلوقاته إلها (7) ، (8 فامتنع أن يكون المقهور (8) إلها 8) (9) ، وإن كان المقهور يستقل بفعل (10) بدون الإعانة من العالي (11) لم يمكن العالي (12) إذا أن يمنعه مما هو مستقل به، فيكون العالي عاجزا عن منع المقهور، فلا يكون عاليا، وقد فرض أنه عال. هذا خلف، وهو (13) جمع بين النقيضين.
    فتبين أنه مع علو بعضهم على بعض لا يكون المغلوب إلها بوجه، بل يمتنع أن يكون إلها مع إعانة الآخر له، ويمتنع أن يكون إلها منفردا غنيا عن الآخر، إذ كان الغني عن غيره لا يعلو غيره عليه ولا يقدر (14) أن

    **_________
    (1) أ: لم يكن ; ب: ولم يكن.
    (2) ن: الأعلى.
    (3) أ: فإن فلان المقهور، ب: فإن الثاني المقهور.
    (4) ن: إذ كان وحده يحتاج فعله إلى إعانة الأول.
    (5) عند عبارة " وما كان هكذا "، تعود نسخة (م) .
    (6) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (7) أ، ب: لم يجعل إلها من مخلوقاته.
    (8) المقهور: ساقطة من (ن) .
    (9) (8 - 8) ساقط من (م) .
    (10) أ: وإن كان المقهور مستقل بفعل، ب: وإن كان المقهور مستقلا يفعل.
    (11) ن، ع: بدون إعانة العالي، م: دون إرادة العالي.
    (12) أ: لم يكن العالي، ب: لم يكن للعالي.
    (13) أ، ب: وهذا.
    (14) ن، م: إذ لو كان الغني عن غيره لا يعلو غيره عليه ولا يقدر، أ: إذا كان الغني عن غيره لا يعلو غيره عليه ولا يقدر، ب: إذا الغني عن غيره لا يقدر
    ============================== =====
    يعلو غيره عليه، [ومتى قدر أن يعلو عليه (1) كان مفتقرا إليه (2) محتاجا إلى امتناعه من علوه عليه، وانكفافه عن ذلك العلو، ومن غلبه غيره (3) لا يكون عزيزا منيعا يدفع عن نفسه، فكيف يدفع عن غيره؟ .
    والعرب تقول: عز يعز بالفتح (4) إذا قوي وصلب (5) ، وعز يعز بالكسر (6) إذا امتنع، وعز يعز بالضم (7) إذا غلب، فإذا (8) قويت الحركة قوي المعنى، والضم أقوى من الكسر، والكسر أقوى من الفتح.
    فإذا كان مغلوبا (9) لم يكن منيعا، وإذا لم يكن منيعا (10) لم يكن قويا بطريق الأولى، ومن لا يكون قويا لا يكون (11) ربا فاعلا.
    فتبين أنه لو كان معه إله لعلا بعضهم على بعض، كما تبين (12) أنه كان يذهب كل إله بما خلق.
    وهذا (13) بعض تقرير البرهانين (14) اللذين في القرآن. ومما يوضح ذلك أنك

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، وفي (أ) : ومتى إن قدر عليه، وفي (ب) : ومتى قدر عليه، وفي (م) : ولا يقدر أن يعلو عليه.
    (2) أ، ب: فقيرا إليه.
    (3) ن، م: وانكفافه عليه من ذلك الامتناع ومن عليه غيره، وهو تحريف.
    (4) بالفتح: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: وغلب.
    (6) بالكسر: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) بالضم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) ن، م، ع: إذا.
    (9) ن، م معلوما، وهو تحريف.
    (10) ن، م: ممتنعا.
    (11) أ، ب: لم يكن.
    (12) ن، ع: كما بين.
    (13) ع: فهذا.
    (14) ن: الزمانين
    ==============================
    لا تجد في الوجود شريكين متكافئين إن لم يكن فوقهما ثالث يرجعان إليه، فإذا قدر ملكان متكافئان في الملك لم يرجع أحدهما إلى الآخر ولا ثالث لهما (1) يرجعان إليه كان ذلك ممتنعا.
    بل إذا قدر طباخان (2) لقدر واحدة (3) متكافئان في العمل، لا يرجع أحدهما إلى الآخر، ولا فوقهما ثالث يرجعان إليه، لم يمكن ذلك (4) .
    وكذلك البانيان لدار واحدة، وكذلك الغارسان لشجرة واحدة، وكذلك كل آمرين بمأمور واحد (5) كالطبيبين والمفتيين، وكذلك الخياطان لثوب واحد.
    فلا يتصور في جميع هذه المشاركات اتفاق اثنين، إلا أن يكون أحدهما فوق الآخر، وأن يكون (6) لهما ثالث فوقهما، وذلك لأن فعل كل واحد (7) منهما إذا كان مشروطا بفعل الآخر لم يرد هذا ولم يأمر ولم يفعل حتى يريد هذا ويأمر ويفعل الآخر (8) كذلك، فلا يريد واحد منهما ولا يأمر ولا يفعل، فلا (9) يفعلان شيئا.
    فاشتراك اثنين متكافئين ليس فوقهما ثالث ممتنع، وإذا اشترك شريكان

    **_________
    (1) ن، م: ولا لهما ثالث.
    (2) م: طيافان، ب: صانعان، وسقطت الكلمة من (أ) .
    (3) ن، م: واحد.
    (4) ن، م، أ: لم يكن ذلك.
    (5) م: آمر بأمر واحد، ن: آمرين بأمر واحد، أ: آمرين بما هو واحد، ب: آمرين لمأمور واحد.
    (6) ب فقط: أو يكون.
    (7) واحد: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) الآخر: كذا في (أ) فقط، وفي سائر النسخ: والآخر.
    (9) ع: ولا
    ==============================
    شرعيان (1) كان ما يفعلانه من الأفعال راجعا إلى أمر (2) الشارع الذي هو (3) فوقهما، أو راجعا (4) إلى قول أهل الخبرة بالتجارة التي اشتركا فيها، فعليهما أن يريدا (5) ذلك، فإن (6) تنازعا فصل بينهما الشارع أو أهل الخبرة الذين عليهما أن يرجعا إليهم (7) وعلى ذلك تشاركا وتشارطا. وأما إن (8) لم يرجعا إلى ثالث أو لم يكن (9) أحدهما تابعا للآخر فيمتنع اشتراكهما، لكن قد يرجع هذا إلى هذا تارة، وهذا إلى هذا تارة كالمتعارضين، وحينئذ فكل واحد (10) منهما حال رجوع الآخر إليه (11) هو الأصل، والآخر فرع له.
    ولهذا وجب نصب الإمارة في أقصر مدة وأقل اجتماع، كما قال: النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «لا يحل لثلاثة أن يكونوا (12) في سفر حتى يؤمروا أحدهم» ". رواه الإمام (13) أحمد (14) فإن الرأس (15) ضروري في الاجتماع.

    **_________
    (1) أ: شريكين عنان ; ب: شريكان شركة عنان، وسقطت كلمة شرعيان من (ع) .
    (2) أمر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ن، ع: وراجعا، م: وراجعان.
    (5) ب فقط: أن يديرا، وهو خطأ مطبعي.
    (6) ن، م، ع: فإذا.
    (7) ن فقط: إليهما، وهو خطأ.
    (8) ن، م، ع: إذا.
    (9) ن، م، ع: ولا يكون.
    (10) واحد: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (11) ن، م: له.
    (12) ن: لثلاثة يكونون، م: لثلاثة أن يكونون، ع: لثلاثة يكونوا.
    (13) الإمام: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (14) مضى هذا الحديث من قبل في هذا الكتاب 1 - 527 - 528.
    (15) ن: الترأس، م: التأمر
    ==============================
    فلا بد (1) للناس من رأس، وإذا لم يكن لهم رأس امتنع الاجتماع، فإذا كان لهما رأسان متكافئان يشتركان في رياسة جماعة بطل الاجتماع.
    وهذا مما هو مستقر (2) في فطر الناس كلهم. فإذا كان ولاة الأمر اثنين، فلابد أن يتناوبا (3) في الأمر بحيث يطيع هذا هذا (4) تارة، وهذا هذا (5) تارة، كما يوجد في أعوان الملوك ووزرائهم، إذا بدأ هذا بأمر (6) أعانه الآخر عليه، فإن (7) لم يتفقا رجع الأمر إلى من فوقهما، وإلا فالأمر الواحد لا يصدر عن اثنين معا إلا أن يكونا تابعين فيه لثالث.
    فالتمانع حاصل بين الأصلين المتكافئين، سواء قدر (8) اتفاقهما أو اختلافهما، ولكن التمانع مع الاختلاف أظهر، وكذلك هما يتمانعان (9) مع الاتفاق، فإن أحدهما لا يمكنه (10) أن يفعل حتى يفعل الآخر، (10 وذاك لا يمكنه حتى يفعل الآخر 10) (11) وليس لهما ثالث يحركهما إلى الفعل، وليس تقدم أحدهما أولى من تقدم الآخر، ووقوع الفعل منهما مع كون (12) فعل كل منهما لا بد له من قدرة عليه (13) ، وهو لا يقدر إلا

    **_________
    (1) ن، م: لا بد.
    (2) ع: مما استقر.
    (3) ن، م: يتقاربا، وهو تحريف.
    (4) أ، ب: لهذا.
    (5) أ، ب: لهذا.
    (6) ن، م: إذا ابتدا، ن: اقتدا أحدهما بأمر.
    (7) ع، م: وإذا، ن: وإن.
    (8) قدر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (9) أ: ممانعان، ب: متمانعان.
    (10) أ، ب: لا يمكن.
    (11) (10 - 10) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (12) كون: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (13) عليه، ساقطة من (أ) ، (ب)
    =========================




  16. #216
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (213)
    صـ 329 إلى صـ 336





    بالآخر ممتنع، فإن هذا لا يقدر حتى يعينه الآخر، وهذا لا يقدر حتى يعينه الآخر، فتكون إعانة كل منهما سابقة (1) مسبوقة [وقدرة كل منهما سابقة مسبوقة.] (2) إذ كان لا إعانة لهذا إلا بقدرته، (3) ولا قدرة له إلا بإعانة ذاك، ولا إعانة لذاك إلا بقدرته، ولا قدرة له إلا بإعانة هذا، (* فتكون إعانة هذا موقوفة على قدرته الموقوفة على إعانة ذاك، الموقوفة على قدرة هذا *) (4) ، فيكون الشيء قبل قبل قبل نفسه وعلة علة علة نفسه.
    فتبين امتناع اجتماع ربين متوافقين أو متخالفين، وأنه إذا فرض مع الله إله (5) لزم أن يذهب كل إله بما خلق، وأن يعلو بعضهم على بعض.
    وأحد البرهانين ليس مبنيا على الآخر، بل كل منهما مستقل، وكل منهما لازم على تقدير إله آخر، ليس اللازم أحدهما، فإنه لما امتنع الاشتراك في فعل واحد ومفعول واحد على سبيل الاستقلال وعلى سبيل التعاون، لزم أن يذهب كل إله بما خلق. ولما امتنع اجتماع ربين (6) متكافئين لزم علو بعضهم على بعض، وكل منهما منتف ; لأن المخلوقات مرتبط بعضها ببعض (7) ؛ ولأن المقهور ليست قدرته من نفسه بل من غيره، فيكون مربوبا لا ربا.

    **_________
    (1) ن: ستافية، م: منافية، وكلاهما تحريف.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .
    (3) ن، م: إلا بقدرة هذا.
    (4) ما بين النجمتين ساقط من (ع) ، والجملة الأخيرة في (م) : على إعانة هذا.
    (5) ن، م، ع: آلهة.
    (6) ن، م: اثنين.
    (7) ن: مرتبط بعضها على بعض، م: مرتبط بعضهم على بعض
    =======================
    والمشركون كانوا يقرون بهذا التوحيد الذي هو (1) نفي خالقين، لم يكن مشركو العرب تنازع (2) فيه؛ ولهذا قال الله لهم (3) : {أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون} [سورة النحل: 17] فكانوا يعترفون بأن (4) آلهتهم لا تخلق.
    ولهذا ذكر الله [تعالى هذا] (5) التقرير بعد قوله: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون - سيقولون لله قل أفلا تذكرون - قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم - سيقولون لله قل أفلا تتقون - قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون - سيقولون لله قل فأنى تسحرون - بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون - ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون} عالم {الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون} [سورة المؤمنون: 84 - 92] ولم يكن إشراكهم أنهم جعلوهم خالقين، بل أن جعلوهم وسائط في العبادة فاتخذوهم شفعاء، وقالوا: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى.
    كما قال الله تعالى عنهم: (6) {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في
    **_________
    (1) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) أ، ب: تتنازع.
    (3) ن، م، ع: ولهذا قال تعالى.
    (4) أ، ب: فكانوا يعرفون أن.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) عنهم: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع)
    ======================
    السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون} [سورة يونس: 18] .
    فالذين أثبتوا فاعلا مستقلا غير الله كالفلك والآدميين وجعلوا هذه الحركات الحادثة (1) ليست مخلوقة لله - فيهم من الشرك والتعطيل ما ليس في مشركي العرب، فإن مشركي العرب كانوا يقرون بالقدر وأن الله وحده خالق كل شيء.
    ولهذا قال في الآية الأخرى: {قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا} [سورة الإسراء: 42] فهم كانوا يقولون: [إنهم] (2) وسائل ووسائط وشفعاء، لم يكونوا (3) يقولون: إنهم يخلقون كخلقه، فقال تعالى: {لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا} ، كما قال في الآية الأخرى: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا - أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا} [سورة الإسراء: 56، 57] .
    فتبين أن ما يدعى من دونه من الملائكة والأنبياء وغيرهم يبتغى به (4) الوسيلة إلى الله والتقرب إليه، وذلك لأنه هو الإله المعبود الحق الذي كل ما سواه مفتقر إليه من جهة أنه ربه ليس له شيء إلا منه، ومن جهة أنه إلهه لا منتهى لإرادته (5) دونه، فلو لم يكن هو (6) المعبود لفسد
    **_________
    (1) ن: الجارية.
    (2) إنهم: ساقطة من (ن) .
    (3) ن، م: ما كانوا.
    (4) به: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (5) أ، ب: ومن جهته وأن إلهه لا ينتهي لإرادته، ن، م: ومن جهة أنه إله لا منتهى لإرادته.
    (6) ن، م: هذا
    ============================
    العالم، إذ لو (1) كانت الإرادات ليس لها مراد لذاته (2) والمراد إما لنفسه وإما لغيره، والمراد لغيره (3) لا بد أن يكون ذلك الغير مرادا حتى ينتهي الأمر إلى مراد لنفسه.
    فكما أنه يمتنع التسلسل في العلل الفاعلية، فيمتنع (4) التسلسل في العلل الغائية. وقد يظن أنه بهذا الطريق أثبت قدماء الفلاسفة - أرسطو وأتباعه - الأول (5) لكنهم أثبتوه من جهة كونه (6) علة غائية فقط، لكن أولئك جعلوه علة غائية بمعنى التشبه به (7) ؛ ولهذا قالوا: الفلسفة هي التشبه (8) بالإله على قدر الطاقة، لم يجعلوه معبودا محبوبا لذاته كما جاءت الرسل بذلك.
    ولهذا كان من تعبد وتصوف على طريقتهم من المتأخرين يقعون في دعوى الربوبية والإلهية (9) ، وهم في نوع من الفرعونية، بل قد يعظم بعضهم فرعون ويفضلونه على موسى - عليه السلام - (10) كما يوجد ذلك في كلام طائفة منهم.

    **_________
    (1) لو: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) أ، ب: ليست له مرادة لذاته، ن، م: ليس لها مرادا لذاته.
    (3) عبارة " والمراد لغيره " ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) أ، ب: يمتنع.
    (5) ب فقط: الإله.
    (6) أ، ب: لكونه.
    (7) أ، ب: التشبيه به.
    (8) أ: كما يقولون الفلاسفة هو التشبيه، ب: كما يقول الفلاسفة هو التشبيه، ع: كما يقولون: الفلسفة من التشبيه.
    (9) ن، م، ع: الإلهية والربوبية.
    (10) عليه السلام: زيادة في (ن) ، (م)
    =============================
    والواجب إثبات الأمرين: أنه سبحانه رب كل شيء، وإله كل شيء، فإذا كانت الحركات الإرادية لا تقوم إلا بمراد لذاته، (1 وبدون ذلك يفسد (1) ولا يجوز أن يكون مرادا لذاته إلا الله 1) (2) ، كما لا يكون موجودا بذاته إلا الله - علم (3) أنه لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا.
    وهذه الآية فيها بيان أنه (4) لا إله إلا الله (5) ، وأنه لو كان فيهما آلهة غيره لفسدتا. وتلك الآية (6) قال فيها: {إذا لذهب كل إله بما خلق} [سورة المؤمنون: 91] .
    ووجه بيان لزوم الفساد أنه إذا (7) قدر مدبران، (8 ما تقدم من أنه 8) (8) يمتنع أن يكونا غير متكافئين؛ لكون المقهور مربوبا لا ربا وإذا كانا متكافئين امتنع التدبير منهما لا على سبيل الاتفاق ولا على سبيل الاختلاف، فيفسد العالم بعدم (9) التدبير، لا على سبيل الاستقلال، ولا على سبيل الاشتراك كما تقدم.
    وهذا (10) من جهة امتناع الربوبية لاثنين (11) ، ويلزم من امتناعهما (12) امتناع
    **_________
    (1) أ: وبذلك يفسد، ب: وبذلك يقصد، م: وبذلك يفتك.
    (2) (1 - 1) ساقط من (ع) .
    (3) أ، ب: فعلم.
    (4) ب، ع: أن.
    (5) ن، م: إلا هو.
    (6) الآية: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) ب فقط: فيما إذا.
    (8) (8 - 8) : ساقط من (ع) .
    (9) ن، م: لعدم.
    (10) ن، م: فهذا.
    (11) أ: لا يتبين، ب: لغير الله.
    (12) أ: ويلزم امتناعها، ب: ويلزم من امتناعها
    ======================
    الإلهية (1) فإن ما لا يفعل شيئا لا يصلح أن يكون ربا (2) يعبد ولم يأمر الله أن يعبد؛ ولهذا بين الله امتناع الإلهية (3) لغيره تارة ببيان أنه ليس بخالق، وتارة (4) أنه لم يأمر بذلك لنا (5) كقوله تعالى: {قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين} [سورة الأحقاف: 4] .
    وذلك لأن (6) عبادة ما سوى الله تعالى (7) قد يقال: إن الله أذن فيه لما فيه من المنفعة (8) ، فبين سبحانه أنه لم يشرعه، كما قال تعالى: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} [سورة الزخرف: 45] وهذا مبسوط في موضع آخر.
    والمقصود هنا أن في هذه الآية بيان امتناع الألوهية من جهة الفساد الناشئ عن (9) عبادة ما سوى الله تعالى ; لأنه لا صلاح للخلق إلا بالمعبود المراد لذاته، من جهة غاية أفعالهم ونهاية حركاتهم، وما سوى الله

    **_________
    (1) ن، م: الألوهية.
    (2) يكون ربا: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (3) ن، م: الألوهية.
    (4) أ، ب: بخالق وتارة بأنه، ن: بخالق زيادة أنه، م: بخالق وتارة زيادة أنه.
    (5) لنا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) أ، ب: بأن.
    (7) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (8) ن، م: من المصلحة.
    (9) ن: والناشئ عن ; م: والناشئ من
    =========================
    لا يصلح، فلو كان فيهما معبود غيره لفسدتا من هذه الجهة، فإنه سبحانه هو المعبود المحبوب لذاته، كما أنه هو الرب خالق بمشيئته.
    [وهذا معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد» :
    ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل
    ] (1) ؛ ولهذا قال: الله في فاتحة الكتاب: {إياك نعبد وإياك نستعين} وقدم اسم الله على اسم (2) الرب في أولها حيث قال: {الحمد لله رب العالمين} فالمعبود هو المقصود المطلوب المحبوب لذاته، وهو الغاية والمعين (3) ، وهو البارئ المبدع الخالق، ومنه ابتداء كل شيء، والغايات تحصل بالبدايات، والبدايات (4) بطلب (5) الغايات، فالإلهية هي الغاية (6) ، وبها تتعلق حكمته، وهو الذي يستحق لذاته أن يعبد (7) ويحب ويحمد ويمجد، وهو سبحانه يحمد نفسه، ويثني على نفسه، ويمجد نفسه، ولا أحد أحق بذلك منه حامدا ومحمودا.

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، ولم يرد الشطر الثاني من البيت في (ع) ، والحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في البخاري 5 - 42، 43 كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية 8 - 35 كتاب الأدب، باب ما يجوز من الشعر، مسلم 4 - 1768، 1769 كتاب الشعر، الأحاديث 1 - 6، سنن ابن ماجه 2 - 1236، كتاب الأدب، باب الشعر، المسند ط المعارف 13 - 110، 17/141، 19/18، 120
    (2) ن: اسمه الله على اسمه. م: اسم الله على اسمه.
    (3) أ، ب: والمعنى.
    (4) والبدايات: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م، ع: تطلب.
    (6) ن، م: والإلهية هي العالية، وهو تحريف.
    (7) أن يعبد: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي (أ) : أن نعبده
    =======================
    وهذه الأمور مبسوطة في غير هذا الموضع، وقد تبين بما ذكرناه أن من جعل عباد الله (1) كأعوان السلطان (2) فهو من أعظم المشركين بالله.
    **[التعليق على كلام الرافضي عن قوله تعالى والله خلقكم وما تعملون]
    وأما جوابه (3) عن احتجاجهم بقوله تعالى (4) : {والله خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات: 59 - 96] بأن (5) المراد بذلك الأصنام، فلا ننازعه (6) في أن المراد بذلك الأصنام، فإن هذا هو أصح القولين. و " ما " بمعنى الذي، ومن قال: إنها مصدرية والمراد والله خلقكم وعملكم فهو ضعيف (7) ، فإن سياق الكلام إنما يدل على الأول ; لأنه قال: {أتعبدون ما تنحتون - والله خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات: 95 - 96] فأنكر عليهم عبادة المنحوت، فالمناسب أن يذكر ما يتعلق بالمنحوت وأنه مخلوق لله.
    والتقدير (8) والله خلق العابد والمعبود، ولأنه لو قال: والله خلقكم وعملكم لم يكن في هذا ما يقتضي ذمهم على الشرك، بل قد يقال: إنه إقامة عذر لهم.
    وذلك لأن الواو في قوله: {والله خلقكم وما تعملون} واو

    **_________
    (1) أ، ب: عبادة الله.
    (2) أ، ب: الملك.
    (3) أ، ب: وأما الجواب، والكلام هنا عن الرافضي ابن المطهر.
    (4) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م: فإن.
    (6) م: فلا منازعة.
    (7) ن، م: وهو ضعيف.
    (8) ن، م: فالتقدير
    =========================




  17. #217
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (214)
    صـ 337 إلى صـ 344





    الحال. والحال هنا شبه الظرف، كلاهما قد يتضمن (1) معنى التعليل كما يقال: أتذم فلانا (2) وهو رجل صالح وتسيء إليه وهو محسن (3) إليك؟ فتقرر بذلك ما يوجب ذمه ونهيه عما أنكرته عليه.
    وهو سبحانه ينكر عليهم عبادة ما ينحتون، فذكر (4) قوله: {والله خلقكم وما تعملون} متضمنا ما يوجب ذمهم على ذلك ونهيهم عنه، وذلك كون الله تعالى خلق معمولهم، ولو أريد والله خلقكم وعملكم الذي هو الكفر وغيره، لم يكن في ذلك ما يناسب ذمهم، ولم يكن في بيان خلق الله تعالى لأفعال عباده ما يوجب ذمهم على الشرك] (5) .
    لكن يقال: هذه الآية تدل على أن أعمال العباد مخلوقة ; لأنه قال: والله خلقكم والذي تعملونه من الأصنام، والأصنام كانوا ينحتونها، فلا يخلو: إما أن يكون المراد خلقه لها قبل النحت والعمل، أو قبل ذلك وبعده.
    فإن كان المراد ذكر كونها مخلوقة قبل ذلك لم يكن فيها حجة على أن المخلوق هو المعمول المنحوت. لكن المخلوق ما لم يعمل ولم ينحت.
    وإن كان المراد خلقها بعد (6) العمل والنحت، فمن المعلوم أن النحت الذي فيها هو أثرهم وعملهم (7) .
    **_________
    (1) أ، ب: وكلاهما يتضمن.
    (2) أ، ب: أيذم فلان.
    (3) ع: يحسن.
    (4) أ، ب: وذكر.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) أ، ب: بهذا.
    (7) أ: النحت الذي هو أثرهم وعلمهم، ب: النحت هو أثرهم وعملهم، م، ن، ع: النحت الذي فيها أثرهم وعملهم، ولعل الصواب ما أثبته
    =====================
    وعند القدرية أن المتولد عن فعل العبد فعله لا فعل الله، فيكون هذا النحت والتصوير فعلهم لا فعل الله. فإذا ثبت أن الله خلقها بما فيها من التصوير والنحت، ثبت أنه خالق ما تولد عن (1) فعلهم [والمتولد لازم للفعل (2) المباشر وملزوم له، وخلق أحد المتلازمين يستلزم خلق الآخر، فدلت (3) الآية أنه خالق أفعالهم القائمة بهم، وخالق ما تولد عنها، وخالق الأعيان التي قام بها المتولد (4) ، ولا يمكن أن يكون أحد المتلازمين عن (5) الرب والآخر عن (6) غيره، فإنه يلزم افتقاره إلى غيره.] (7) .
    وأيضا فنفس حركاتهم تدخل في قوله تعالى (8) : {والله خلقكم} ، فإن أعراضهم داخلة في مسمى أسمائهم، فالله تعالى خلق الإنسان بجميع أعراضه، وحركاته من أعراضه، فقد تبين أنه خلق أعمالهم بقوله: {والله خلقكم} وما تولد (9) عنها

    **_________
    (1) أ، ب: من.
    (2) أ، ب: لفعل.
    (3) ع: فثبت أن.
    (4) ب فقط: التولد.
    (5) ع: من.
    (6) ع: من.
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (8) ن، م: وأما نفس حركاتهم فدخلت في قوله.
    (9) ن، م: وخلق ما تولد
    =======================
    من النحت والتصوير بقوله: {وما تعملون} فثبت أنها دالة على أنه خالق هذا وهذا، وهو المطلوب. مع أن الآيات الدالة على خلق أعمال العباد كثيرة، كما تقدم التنبيه عليها (1) [لكن خلقه للمصنوعات (2) مثل الفلك والأبنية واللباس هو نظير خلق المنحوتات، كقوله تعالى: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون - وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} [سورة يس: 41، 42] وقوله تعالى: {والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} [سورة النحل: 81]] (3) .
    **_________
    (1) ن، م، ع: عليه.
    (2) أ، ب: المصنوعات.
    (3) ما بين المعقوفتين من (ن) ، (م) ، وفي (ع) بعد ذلك عبارة: " والله أعلم "، وهنا تنتهي نسخة (ع) ، وكتب بعد عبارة " والله أعلم " ما يلي: آخر الجزء الثاني من منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيع القدرية لشيخ الإسلام ابن تيمية تغمده الله برحمته، أنهاه كتابة العبد علي بن محمد بن علي بن عباس البعلي الحنبلي، غفر الله له ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين، آمين يا رب العالمين، وكتب في سابع عشر من ذي حجة الحرام من سنة سبع وسبعين وسبعمائة، أحسن الله تعالى خاتمتها بخير في عافية، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد نبي الرحمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، وانظر مقدمة الجزء الأول
    ========================

    **[فصل كلام الرافضي على إثبات الأشاعرة لرؤية الله تعالى والرد عليه]

    فصل
    قال الرافضي (1) : وذهبت (2) الأشاعرة إلى أن الله يرى (3) بالعين، مع أنه مجرد من الجهات. وقد قال الله تعالى (4) : {لا تدركه الأبصار} [سورة الأنعام: 103] وخالفوا الضرورة من أن المدرك (5) بالعين يكون مقابلا أو في حكمه، وخالفوا جميع العقلاء في ذلك، وذهبوا إلى تجويز أن يكون بين أيدينا جبال شاهقة من الأرض إلى السماء مختلفة الألوان لا (6) نشاهدها، وأصوات (7) هائلة لا نسمعها، وعساكر مختلفة متحاربة بأنواع الأسلحة، بحيث تماس (8) أجسامنا أجسامهم (9) ، لا (10) نشاهد صورهم ولا حركاتهم (11) ، ولا نسمع أصواتهم الهائلة، وأن نشاهد

    **_________
    (1) الرافضي: ساقطة من (م) ، والكلام التالي في (ك) ص [0 - 9] 2 (م) .
    (2) ن، م: وذهب.
    (3) ك: الله تعالى مرئي.
    (4) ن: وقد قال تعالى، م: وقال تعالى.
    (5) أ: الضرورة فقالوا: إن المدرك، ب: الضرورة لأن المدرك.
    (6) ب فقط: ولا.
    (7) ن: وألوان وأصوات.
    (8) أ، ب: يمس، ك: يماس.
    (9) ن، أ، ب: أجسادهم.
    (10) ب فقط: ولا.
    (11) أ، م، ن: وحركاتهم
    ==========================
    جسما أصغر الأجسام كالذرة في المشرق ونحن في المغرب، مع كثرة الحائل بيننا وبينها، وهذا هو السفسطة (1) .
    فيقال له: (2) الكلام على هذا من وجوه:
    أحدها: أن يقال: أما (3) إثبات رؤية الله تعالى بالأبصار في الآخرة فهو قول سلف الأمة وأئمتها، وجماهير المسلمين من أهل المذاهب الأربعة وغيرها. وقد تواترت فيه الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند علماء الحديث، وجمهور القائلين بالرؤية يقولون: يرى عيانا مواجهة، كما هو المعروف بالعقل.
    كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «إنكم سترون ربكم - عز وجل (4) - يوم القيامة كما ترون الشمس والقمر (5) لا تضامون في رؤيته.» " وفي لفظ (6) : " «كما ترون الشمس والقمر صحوا» "، وفي لفظ: " «هل تضارون في رؤية الشمس صحوا ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا. قال: فهل تضارون في رؤية القمر صحوا ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا. قال: فإنكم ترون (7) ربكم كما ترون الشمس والقمر» (8) .
    **_________
    (1) ك: وهذا عين السفسطة.
    (2) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) أ: إن.
    (4) عز وجل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) والقمر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) م: وفي رواية.
    (7) م: سترون.
    (8) مضى هذا الحديث من قبل في هذا الكتاب 2/325
    ======================
    وإذا كان كذلك فتقدير أن يكون بعض أهل السنة المثبتين للرؤية (1) أخطأوا في بعض أحكامها، لم يكن ذلك قدحا في مذهب أهل السنة والجماعة، فإنا لا ندعي العصمة لكل صنف منهم، وإنما ندعي أنهم لا يتفقون على ضلالة، وأن كل مسألة اختلف فيها أهل السنة والجماعة والرافضة (2) فالصواب فيها مع أهل السنة، وحيث تصيب الرافضة فلا بد أن يوافقهم على الصواب بعض أهل السنة، وللروافض خطأ (3) لا يوافقهم أحد عليه من أهل السنة، وليس للرافضة مسألة واحدة لا يوافقهم فيها أحد انفردوا بها عن جميع أهل السنة والجماعة (4) إلا وهم مخطئون فيها (5) كإمامة الإثني عشر (6) وعصمتهم.
    والجواب الثاني أن الذين قالوا: إن الله يرى (7) بلا مقابلة هم الذين قالوا: إن الله ليس فوق العالم، فلما كانوا مثبتين للرؤية نافين للعلو احتاجوا إلى الجمع بين هاتين المسألتين. وهذا قول طائفة من الكلابية والأشعرية، وليس هو قولهم كلهم (8) بل ولا قول أئمتهم، بل أئمة القوم يقولون: إن الله بذاته فوق العرش، ومن نفى ذلك منهم فإنما نفاه
    **_________
    (1) للرؤية: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: اختلف أهل السنة والجماعة والرافضة.
    (3) أ: وللرافضة خطأ، ب: وليس للرافضة خطأ.
    (4) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (5) ب فقط: فيه.
    (6) أ، ب: اثني عشر.
    (7) ن، م: إنه يرى.
    (8) أ، ب: قول كلهم
    ============================
    لموافقته (1) المعتزلة في نفي ذلك ونفي ملزوماته، فإنهم لما وافقوهم على صحة الدليل الذي استدلت به المعتزلة على حدوث العالم، وهو أن الجسم لا يخلو عن (* الحركة والسكون، وما لا يخلو عنهما فهو حادث، لامتناع حوادث لا أول لها.
    قالوا: فيلزم حدوث كل جسم، فيمتنع أن يكون *) (2) البارئ جسما ; لأنه قديم، ويمتنع أن يكون في جهة ; لأنه لا يكون في الجهة إلا جسم (3) ، فيمتنع أن يكون مقابلا للرائي ; لأن المقابلة لا تكون إلا بين جسمين (4) .
    ولا ريب أن جمهور (5) العقلاء من مثبتي الرؤية ونفاتها يقولون: إن هذا القول معلوم الفساد بالضرورة؛ ولهذا يذكر الرازي أن جميع فرق الأمة تخالفهم في ذلك.
    لكن هم يقولون لهذا المشنع عليهم: نحن أثبتنا الرؤية ونفينا الجهة، فلا يلزم ما ذكرته (6) ، فإن أمكن رؤية المرئي (7) لا في جهة من الرائي صح قولنا، وإن لم يكن لزم خطؤنا في إحدى المسألتين: إما في نفي (8) الرؤية وإما في نفي مباينة الله لخلقه وعلوه عليهم.
    **_________
    (1) أ، ن، م: لموافقتهم.
    (2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (3) أ، ب: الجسم.
    (4) ن: إلا من جسمين، م: لا يكون بين جسمين.
    (5) جمهور: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) أ، ب: فلزم ما ذكرته.
    (7) أ، ب: الرائي، وهو خطأ.
    (8) أ، ب: ثبوت، وهو خطأ
    ============================
    وإذا لزم الخطأ في إحداهما، لم يتعين الخطأ في نفي الرؤية، بل يجوز (1) أن يكون الخطأ في نفي العلو والمباينة، وليست موافقتنا لك حجة (2) لك، فليس تناقضنا دليلا على صواب قولك في نفي علو الله على خلقه، بل الرؤية ثابتة بالنصوص المستفيضة (3) وإجماع السلف، مع دلالة العقل عليها.
    وحينئذ فلازم الحق حق. ونحن إذا أثبتنا هذا الحق ونفينا بعض لوازمه، كان هذا (4) التناقض أهون من نفي الحق (5) ولوازمه. وأنتم نفيتم الرؤية ونفيتم العلو والمباينة، فكان (6) قولكم أبعد عن المعقول والمنقول من قولنا، وقولنا أقرب من قولكم، وإن كان في قولنا تناقض فالتناقض في قولكم أكثر ومخالفتكم (7) لنصوص الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة (8 أظهر، وهذا بين؛ فإن ما في النصوص الإلهية ونصوص سلف الأمة 8) (8) من إثبات الصفات والرؤية (9) وعلو الله متواتر (10) مستفيض.
    والنفاة لا يستندون لا إلى كتاب ولا إلى سنة ولا إلى

    **_________
    (1) أ، ب: يحسبون، وهو تحريف.
    (2) أ: لك هناك حجة، ب: لك هنا حجة.
    (3) ن، م: بالنص المستفيض.
    (4) هذا: ساقطة من (ن) فقط.
    (5) ن فقط: الخلق.
    (6) ن، م: كان.
    (7) ب فقط: مع مخالفتكم.
    (8) (8 - 8) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (9) م: من إثبات الرؤية.
    (10) أ، ب: وعلو الله على العرش متواتر
    ============================




  18. #218
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (215)
    صـ 345 إلى صـ 352




    إجماع (1) بل عارضوا برأيهم الفاسد (2) ما تواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان (3) .
    وأما التناقض فإن هؤلاء النفاة للرؤية يقولون: إنه موجود لا داخل العالم ولا خارجه (4) ولا مباين له، ولا يقرب من شيء، ولا يقرب منه (5) شيء، ولا يراه أحد، ولا يحجب عن رؤيته (6) شيء دون شيء (7) ، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل من عنده شيء، إلى أمثال ذلك.
    وإذا قيل لهم (8) : هذا مخالف للعقل، وهذا صفة المعلوم المعدوم الممتنع وجوده.
    قالوا: هذا النفي من حكم الوهم.
    فيقال لهم: إذا عرض على العقل موجود ليس بجسم قائم بنفسه يمكن رؤيته كان العقل قابلا لهذا لا ينكره. فإذا قيل مع ذلك: إنه يرى بلا مواجهة، فإن قيل: هذا ممكن، بطل قولهم. وإن قيل: هذا مما يمنعه العقل. قيل: منع العقل لما جعلتموه موجودا واجبا (9) أعظم.

    **_________
    (1) ن، م: لا يستندون إلى كتاب ولا سنة ولا إجماع.
    (2) أ: بروايتهم الفاسدة، ب: برويتهم الفاسدة.
    (3) ن، م: عن رسل الله وأتباعهم من المهاجرين والأنصار.
    (4) عبارة " ولا خارجه ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) أ، ب: إليه.
    (6) ن فقط: ربوبيته، وهو تحريف.
    (7) دون شيء: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (8) لهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (9) ن، م: موجودا أو واجبا
    ==========================
    فإن (1) قلتم: إنكار ذلك من حكم الوهم.
    قيل لكم: وإنكار هذا حينئذ (2) أولى أن يكون من حكم الوهم.
    وإن قلتم: بل (3) هذا الإنكار من حكم العقل.
    قيل لكم: وذلك الإنكار من حكم العقل بطريق الأولى.
    فإنكم تقولون: حكم الوهم الباطل أن يحكم فيما ليس بمحسوس بحكم المحسوس، وحينئذ إذا قلتم: إن البارئ تعالى غير محسوس يمكن أن تقبلوا فيه الحكم الذي يمتنع في المحسوس (4) وهو امتناع الرؤية بدون (5) المقابلة.
    وإن قلتم: إنه محسوس أي يمكن الإحساس به لم يبطل (6) فيه حكم الوهم، فامتنع أن يكون لا داخل العالم ولا خارجه، وحينئذ فيجوز (7) رؤيته.
    وإن قلتم: إذا كان غير محسوس فهو غير مرئي.
    قيل: إن أردتم بالمحسوس الحس المعتاد فالرؤية التي يثبتها
    **_________
    (1) أ، ب: وإن.
    (2) حينئذ: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) بل: زيادة في (ن) .
    (4) أ: محسوس لم يكن الإحساس لم يبطل، ب: محسوس لم يمكن الإحساس لم يبطل.
    (5) ن، م: دون.
    (6) ن: ممكن أن تقبلوا فيه الحكم الذي يمنع فيه المحسوس، أ: لم يمكن أن يقبلوا فيه الحكم الذي يمتنع في المحسوس، ب: لم يمكن أن يقبل فيه الحكم الذي في المحسوس.
    (7) أ: فحينئذ فيجوز، ب: فحينئذ يجوز
    =============================
    مثبتة الرؤية (1) بلا مقابلة ليست هي الرؤية المعتادة، بل (2) هي رؤية لا نعلم صفتها، كما أثبتم وجود موجود (3) لا نعلم صفته، فكل ما تلزمونهم به من الشناعات والمناقضات يلزمكم أكثر منه.
    الجواب الثالث: أن يقال: أهل الحديث والسنة المحضة متفقون على إثبات العلو والمباينة وإثبات الرؤية، وحينئذ فمن أثبت أحدهما ونفى الآخر أقرب إلى الشرع والعقل (* ممن نفاهما جميعا (4) .
    فالأشعرية الذين أثبتوا الرؤية ونفوا الجهة أقرب إلى الشرع والعقل *) (5) من المعتزلة والشيعة الذين نفوهما. أما كونهم أقرب إلى الشرع فلأن (6) الآيات والأحاديث والآثار المنقولة عن الصحابة في دلالتها على العلو وعلى الرؤية (7) أعظم من أن تحصر، وليس مع نفاة الرؤية والعلو ما يصلح أن يذكر من الأدلة الشرعية، وإنما يزعمون أن عمدتهم (8) العقل.
    فنقول: قول (9) الأشعرية المتناقضين خير من قول هؤلاء، وذلك
    **_________
    (1) ن: فالرؤية التي مثبتة، م: فالرؤية التي يثبتها مثبتها.
    (2) ن: مثل، وهو تحريف.
    (3) ن: كما أثبتم موجودا، م: كما أنتم موجودا.
    (4) ن: من نفاتهما جميعا.
    (5) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
    (6) أ، ب: فإن.
    (7) أ، ب: العلو والرؤية.
    (8) أ، ب: أن علتهم، وهو تحريف.
    (9) ن، م: وقول
    ===========================
    أنا إذا عرضنا على العقل وجود موجود لا يشار إليه ولا يقرب منه شيء، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل منه شيء، ولا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا ترفع إليه الأيدي، ونحو ذلك - كانت الفطرة منكرة لذلك. والعقلاء جميعهم الذين لم تتغير فطرتهم ينكرون ذلك، ولا يقر بذلك إلا من لقن أقوال النفاة وحجتهم (1) وإلا فالفطر (2) السليمة متفقة على إنكار ذلك أعظم من إنكار خرق العادات ; لأن (3) العادات يجوز انخراقها باتفاق أهل الملل وموافقة عقلاء الفلاسفة لهم على ذلك.
    فنقول: إن كان قول النفاة حقا مقبولا (4) في العقل فإثبات وجود الرب على العرش من غير أن يكون جسما أقرب إلى العقل وأولى بالقبول. وإذا ثبت أنه فوق العرش، فرؤية ما هو فوق الإنسان وإن لم يكن جسما أقرب إلى العقل وأولى (5) بالقبول. من إثبات قول النفاة. فتبين أن الرؤية على قول هؤلاء أقرب إلى العقل من قول (6) النفاة، وإذا قدر أن هذا خلاف المعتاد، فتجويز انخراق العادة أولى من قول النفاة (7) ، فإن قول النفاة ممتنع في فطر العقلاء لا يمكن جوازه، وأما انخراق العادة (8) فجائز.

    **_________
    (1) أ، ب: ولا يقرون إلا (ثم بياض في النسختين) الأقول النفاة وحجتهم، ولا يقر بذلك إلا من لعن أقوال النفاة وحجتهم، والمثبت من (م) .
    (2) ن، م: فالفطرة.
    (3) ن، م: فإن.
    (4) عبارة في العقل ساقطة من (أ) ، (ب) وفي (م) حقا موجودا في العقل.
    (5) ن، م: جسما أولى.
    (6) أ، ب: أقوال.
    (7) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (8) أ، ب: العادات
    ===========================
    الجواب الرابع: أن الأشعرية تقول (1) : إن الله قادر على أن يخلق بحضرتنا ما لا نراه ولا نسمعه من الأجسام والأصوات، وأن يرينا ما بعد منا، لا يقولون: إن هذا واقع، بل يقولون: إن الله قادر عليه وليس كل ما كان قادرا عليه يشكون في وقوعه، بل يعلمون أن هذا ليس واقعا (2) الآن، وتجويز الوقوع غير الشك في الوقوع.
    وعبارة هذا الناقل تقتضي أنهم يجوزون أن يكون هذا الآن موجودا ونحن لا نراه، وهذا لا يقوله عاقل، ولكن هذا قيل لهم بطريق الإلزام. قيل [لهم] (3) : إذا جوزتم الرؤية في غير جهة، فجوزوا هذا. فقالوا: نعم نجوز. كما أنهم يقولون: رؤية الله جائزة في الدنيا، أي: هو قادر على أن يرنا نفسه، وهم يعلمون مع هذا أن أحدا من الناس لا يرى الله في الدنيا إلا ما تنوزع فيه من رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه، ومن شك منهم في وقوع الرؤية في الدنيا فلجهله (4) بالأدلة النافية لذلك.
    وقد ذكر الأشعري في وقوع الرؤية بالأبصار في الدنيا لغير النبي - صلى تعالى عليه وسلم - قولين؛ لكن الذي عليه أهل السنة قاطبة (5) أن الله لم يره أحد بعينيه (6) في الدنيا.
    وقد ذكر الإمام أحمد (7) وغيره اتفاق السلف على هذا
    **_________
    (1) ن، م: يقولون.
    (2) أ، ب: ليس بواقع.
    (3) لهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) أ، ب: فلجهلهم.
    (5) قاطبة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) بعينيه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ن، م: وذكر أحمد
    =========================
    [النفي] (1) وأنهم لم يتنازعوا إلا في النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة. وقد ثبت في صحيح مسلم (2) وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «واعلموا أن أحدا منكم لن يرى (3) ربه حتى يموت» ". مضى هذا الحديث من قبل في هذا الكتاب 2 - 516، 612.
    وقد سأل موسى - عليه السلام - (4) الرؤية فمنعها، فلا يكون آحاد الناس أفضل من موسى. وفي الجملة ليس كل ما قال قائل: " إنه ممكن مقدور " يشك في وقوعه.
    فالأشعرية ومن وافقهم (5) من أتباع الشافعي ومالك (6) وأحمد - وإن كانوا يقولون بجواز أمور ممتنعة في العادة في الرؤية - فيقولون: إنه لا حجاب بين الله وبين العبد إلا عدم خلق الرؤية في العين (7) ، وكذلك يقولون في سائر المرئيات.
    فكانوا ينفون أن يكون في العين قوة امتازت بها فحصلت بها الرؤية، ويمنعون أن يكون بين الأسباب ومسبباتها ملازمة، وأن يكون بين (8)

    **_________
    (1) النفي: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: وسلم في صحيح مسلم.
    (3) أ، ب: لم ير.
    (4) عليه السلام: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) أ، ب: يشك في وقوعه الأشعرية ومن وافقهم، م: فشك في وقوعه الأشعري ومن وافقهم.
    (6) ن، م: مالك والشافعي.
    (7) أ، ب: بالعين.
    (8) ن، م: وبين
    ============================
    الموانع وممنوعاتها ممانعة، ويجعلون ذلك كله عادة محضة (1) استندت إلى محض المشيئة، ويجوزون خرقها بمحض المشيئة.
    فهم يقولون: إنا نعلم انتفاء كثير مما يعلم (2) إمكانه كما نعلم أن البحر لم ينقلب دما، ولا الجبال ياقوتا، ولا الحيوانات أشجارا، بل يجعلون العلم بمثل هذا من العقل الذي يتميز به (3) العاقل عن المجنون، وهم وإن كانوا يتناقضون [وفي قولهم ما هو باطل عقلا ونقلا] (4) فأقوالهم في القدر والصفات والرؤية (5) خير من أقوال المعتزلة وموافقيهم من الشيعة (6) وإن كان الصواب هو ما عليه السلف وأئمة السنة وهو (7) قول الأئمة الأربعة وجمهور كبار أصحابهم (8) [والنصوص المأثورة في ذلك عن الأئمة المذكورين في غير هذا الموضع] (9) .
    والبيان التام هو (10) ما بينه الرسول [صلى الله عليه وسلم] (11) ؛ فإنه أعلم

    **_________
    (1) محضة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن: نعلم.
    (3) أ، ب، م: يميز به.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (أ) ، (ب) يتناقضون في قولهم، وزدت الواو حتى يستقيم الكلام.
    (5) أ، ب: والربوبية، وهو تحريف.
    (6) من الشيعة: ساقطة من (ن) ، (م)
    (7) ن، م: الصواب ما عليه السلف وهو.
    (8) أ، ب: وجمهور الأكابر من الصحابة، وهو خطأ.
    (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (10) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (11) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (ن)
    =============================
    الخلق بالحق وأنصح الخلق للخلق (1) ، وأفصح الخلق في بيان الحق، فما بينه (2) من أسماء الله وصفاته وعلوه ورؤيته هو الغاية في هذا الباب، [والله الموفق للصواب] (3) .
    **[فصل كلام الرافضي على مقالة الأشاعرة في كلام الله تعالى والرد عليه]
    فصل

    قال الرافضي (4) : وذهبت الأشاعرة (5) إلى أن الله أمرنا ونهانا في الأزل (6) - ولا مخلوق عنده - قائلا: {ياأيها النبي اتق الله} [سورة الأحزاب: 1] {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله} [سورة البقرة: 278] {ياأيها الناس اتقوا ربكم} [سورة النساء: 1] (7) ، ولو جلس شخص في مكان خال (8) ولا غلام عنده فقال: يا سالم قم، يا غانم كل، يا نجاح (9) ادخل، قيل: (10) لمن تنادي؟ قال: لعبيد أريد أن (11) أشتريهم بعد عشرين سنة (12) ، نسبه كل عاقل

    **_________
    (1) عبارة وأنصح الخلق للخلق ساقطة من (م) ، وسقطت للخلق من (أ) ، (ب) .
    (2) ن: فيما بينه
    (3) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) الكلام التالي في (ك) ص 92 (م) 93 (م) .
    (5) أ، ب، ن: الأشاعرة أيضا، ك: وذهبوا.
    (6) ك: إلى أنه تعالى آمر وناه في الأزل.
    (7) في (أ) ، (ب) جاءت آية سورة النساء قبل آيتي سورة الأحزاب والبقرة.
    (8) ك: شخص في منزله.
    (9) م: كل ما تحتاج، ك: كل ويا نجاح.
    (10) ن: قال، م: فقيل.
    (11) أريد أن: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) وزدتها من (ك) .
    (12) م: أسير بهم عشرين سنة، وهو تحريف
    ============================




  19. #219
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (216)
    صـ 353 إلى صـ 360





    إلى السفه والحمق فكيف يحسن منهم أن ينسبوا إلى الله ذلك في الأزل؟ (1) ".
    والجواب عن هذا من وجوه:
    أحدها أن يقال: هذا قول الكلابية وهم طائفة من الذين يقولون: (2 كلام الله غير مخلوق، وهؤلاء طائفة من الذين يقولون بإمامة الخلفاء الثلاثة، فقولهم سواء كان حقا أو باطلا لا يقتضي صحة مذهب الرافضة، ولا بطلان قول أهل السنة والجماعة، فهذا القول الذي ذكره إذا كان باطلا فأكثر القائلين بإمامة الخلفاء الثلاثة لا يقولون به، لا من يقول 2) (2) : القرآن مخلوق، كالمعتزلة، ولا (3) من يقول: هو كلام الله غير مخلوق، كالكرامية والسالمية والسلف وأهل الحديث من أهل (4) المذاهب الأربعة وغيرهم، فليس في ذكر مثل هذا (5) حصول مقصود الرافضي.
    الوجه الثاني أن يقال: (6) أكثر أئمة الشيعة يقولون: " القرآن غير مخلوق " وهو الثابت عن أئمة أهل البيت. وحينئذ فهذا قول من أقوال هؤلاء، فإن لم يكن حقا أمكن أن يقال: بغيره من أقوالهم.

    **_________
    (1) م: فكيف لحيوان أن ينسبوا ذلك إلى الله في الأزل، وهو تحريف، ك ص [0 - 9] 2 (م) ص 93 (م) فكيف يحسن منهم أن ينسبوا الله تعالى إليه في الأزل.
    (2) (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) وسقطت كلمات قليلة من هذه العبارات من (م) .
    (3) ب فقط: كالمعتزلة لا.
    (4) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) هذا: ساقطة من (أ) ، وفي (ب) هؤلاء.
    (6) ن، م: نقول
    ==============================
    الوجه الثالث أن يقال: إن كان (1) الكلابية والأشعرية إنما قالوا هذا لموافقتهم المعتزلة في الأصل الذي اضطرهم إلى ذلك، فإنهم وافقوهم كما تقدم على صحة دليل حدوث الأجسام، فلزمهم أن يقولوا بحدوث ما لا يخلو عن الحوادث. ثم قالوا: وما يقوم به الحوادث لا يخلو منها.
    فإذا قيل: الجسم لم يخل عن الحركة والسكون، فإن الجسم إما أن يكون متحركا وإما أن يكون ساكنا.
    قالوا: والسكون الأزلي يمتنع زواله ; لأنه موجود أزلي (2) وكل موجود أزلي يمتنع زواله، وكل جسم يجوز عليه الحركة، فإذا جاز عليه الحركة وهو (3) أزلي وجب (4) أن تكون حركته أزلية، لامتناع زوال السكون الأزلي (5) ولو جاز أن تكون حركته أزلية (6) لزم حوادث لا أول لها، وذلك ممتنع، فلزم من ذلك أن الباري لا تقوم به الحوادث ; لأنها (7) لو قامت به لم يخل منها ; لأن القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده، وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، لامتناع حوادث لا أول لها.
    وقد علموا بالأدلة اليقينية أن الكلام يقوم بالمتكلم، كما يقوم العلم

    **_________
    (1) إن كان: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) : إن.
    (2) أزلي: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن: فهو.
    (4) م: لزم.
    (5) أ، ب: الأول.
    (6) أ، ب: ولو جاز عليه الحركة.
    (7) أ: لكنها، ب: لكونه
    =============================
    بالعالم والقدرة بالقادر، والحركة بالمتحرك، وأن الكلام الذي يخلقه الله في غيره ليس كلاما له، بل لذلك المحل الذي خلقه فيه. فإن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل، ولم يعد (1) على غيره، واشتق لذلك المحل منه اسم (2) ولم يشتق لغيره.
    فلو (3) كان الكلام المخلوق في غيره كلاما له، لزم أربعة أمور باطلة: [ثبوت حكم الصفة والاسم المشتق منها لغير الله، وانتفاء الحكم والاسم عن الله لازمان عقليان ولازمان سمعيان يلزمان] (4) بكون (5) الكلام (6) صفة لذلك المحل لا لله، فيكون هو المنادي بما يقوم به (7) فتكون الشجرة التي خلق فيها (8) نداء موسى هي القائلة " إنني (9) أنا الله، لا يكون الله هو المنادي بذلك، ويلزم أن تسمى هي متكلمة منادية لموسى، ويلزم أن لا يكون الله متكلما ولا مناديا ولا مناجيا (10) .
    **_________
    (1) ب، م: ولم تعد، والكلمة غير منقوطة في (أ) .
    (2) اسم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) أ، ب: ولو.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) ب فقط: كون.
    (6) ن، م: أربعة أمور باطلة لزم أن يكون الكلام.
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (8) م: خلق الله فيها.
    (9) إنني: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (10) ن، م: لموسى ولا يكون الله مناديا ولا مناجيا
    ============================
    وهذا خلاف ما علم بالاضطرار من دين المسلمين، [وهذا قد بسط في غير هذا الموضع] (1) .
    وقالوا أيضا: لو لم يكن متكلما في الأزل لزم اتصافه بنقيض الكلام من السكوت أو الخرس (2) وقالوا أيضا (3) : لو كان كلامه مخلوقا لكان إن خلقه في محل كان كلاما لذلك المحل، وإن خلقه قائما بنفسه لزم أن تقوم الصفة والعرض بنفسها، وإن خلقه في نفسه لزم أن تكون نفسه محلا للمخلوقات.
    (4 وهذه اللوازم الثلاثة باطلة تبطل كونه مخلوقا 4) (4) ، كما هو مبسوط (5) في غير هذا الموضع.
    فلما ثبت عندهم أن الكلام لا بد أن يقوم بالمتكلم، وقد وافقوا المعتزلة على أن الحوادث لا تقوم بالقديم (6) ، لزم من هذين الأصلين أن يكون الكلام قديما.
    قالوا: وقدم الأصوات ممتنع ; لأن الصوت لا يبقى زمانين، فتعين أن يكون القديم معنى ليس بحرف ولا صوت، وإذا كان كذلك كان معنى واحدا ; لأنه لو زاد على واحد لم يكن له حد محدود، ويمتنع وجود معان لا نهاية لها.

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: من السكوت والخرس.
    (3) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) (4 - 4) مكان هذه العبارات في (ن) ، (م) : إلى غير ذلك من الأدلة.
    (5) ن، م: المبسوط.
    (6) ن: بالقدم
    ============================== =
    فهذا أصل قولهم، فهم يقولون: نحن وافقناكم على امتناع أن يقوم (1) بالرب ما هو مراد له مقدور، وخالفناكم في كون كلامه مخلوقا منفصلا عنه، فلزم ما ذكرتموه من مناقضتنا (2) ، فإن كان الجمع بين هذين ممكنا لم نكن متناقضين، وإن تعذر ذلك لزم خطؤنا (3) في إحدى المسألتين، ولم يتعين الخطأ فيما خالفناكم فيه، بل قد نكون مخطئين (4) فيما وافقناكم فيه (5) من كون الرب لا يتكلم بمشيئته وقدرته بكلام يقوم به، مع أن إثبات هذا القول هو قول جمهور (6) أهل الحديث وطوائف من أهل الكلام من المرجئة والكرامية والشيعة وغيرهم، بل لعله قول أكثر أهل الطوائف.
    وإن لزم خطؤنا (7) في إحدى المسألتين لا بعينها لا يلزم صوابكم أنتم (8) ، بل نحن إذا اضطررنا إلى موافقة إحدى الطائفتين، كانت موافقتنا لمن يقول: إن الرب يتكلم بكلام يقوم به (9) بمشيئته وقدرته خيرا من موافقتنا لمن يقول: إن كلامه إنما هو ما يخلقه في غيره، فإن فساد
    **_________
    (1) ن، م: أن يقول.
    (2) أ، ب: من تناقضنا.
    (3) أ: خطاؤنا، ن، م: خطأنا، وهو خطأ.
    (4) أ: تكونوا مخطئين.
    (5) ن، م: عليه.
    (6) أ: مع إثبات هذا القول قول الجمهور. ب: مع ثبوت هذا القول عن جمهور.
    (7) ن، م: وإذا لزم خطأنا ; أ: وإن لزم خطأنا، وهو خطأ.
    (8) ن، م: لم يلزم صوابكم.
    (9) به: ساقطة من (أ) ، (ب)
    ============================== =
    هذا القول في الشرع والعقل (1) أظهر من فساد القول بكونه يتكلم بكلام يقوم به يتعلق بمشيئته وقدرته.
    ثم القائلون بأنه يتكلم بمشيئته وقدرته بكلام يقوم به وهم جمهور المسلمين اختلفوا على قولين: منهم قال: إنه يتكلم بمشيئته وقدرته (2) بكلام (3) بعد أن لم يكن الكلام موجودا فيه، كما تقوله الكرامية وموافقوهم.
    ومنهم من يقول (4) : لم يزل متكلما إذا شاء وكيف شاء، كما تقوله أئمة أهل (5) السنة والحديث، كعبد الله بن المبارك (6) ، وأحمد بن حنبل، وغيرهما من أئمة أهل السنة (7) .
    والكلابية (8) يقولون: لو اضطررنا إلى موافقة من يقول: كلامه مخلوق ومن يقول: كلامه قائم بذاته، وجنس الكلام حادث في ذاته (9) بعد أن لم يكن، كان كلام (10) هؤلاء أخفى فسادا من قول المعتزلة، وقول

    **_________
    (1) ن، م: في العقل والشرع.
    (2) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (3) بكلام، ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) أ، ب: قال.
    (5) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ن، م: كابن المبارك.
    (7) ن، م: وغيرهما وهو قول، وبعدها بياض في النسختين.
    (8) ن: فالكلابية، م: فالكلامية، وهو تحريف.
    (9) أ: قائم في ذاته، ب: قائم بذاته.
    (10) ن، م: قول
    ============================== ===
    المعتزلة أظهر فسادا، فإن الحجة النافية لهذا وهو أن القابل للشيء (1) لا يخلو منه ومن (2) ضده حجة ضعيفة اعترف بضعفها حذاق الطوائف واعترف منصفوهم (3) أنه لا يقوم لهم دليل عقلي - بل ولا سمعي - على نفي قيام (4) الحوادث به، إلا ما ينفي الصفات مطلقا، وذلك في غاية الفساد، فكيف يمكن أن يصير (5) إلى القول الآخر، قول السلف وأهل الحديث؟ .
    وبالجملة فكون الرب لم يزل متكلما إذا شاء، كما هو قول أهل الحديث مبني على مقدمتين: على أنه تقوم به (6) الأمور الاختيارية وأن كلامه لا نهاية له.
    قال الله تعالى: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا} [سورة الكهف: 109] وقال: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم} [سورة لقمان: 27] .
    وقد قال: غير واحد من العلماء: إن مثل هذا الكلام (7) يراد به الدلالة
    **_________
    (1) ن، م: لهذا، وهذا قول القائل للشيء، وهو تحريف.
    (2) ب: أو من.
    (3) أ، ب: متصوفهم.
    (4) ن: ولا سمعي عقلي يغني قيام، م: ولا سمعي عقلي يعني قيام، وكلاهما تحريف.
    (5) يصير: ساقطة من (ن) فقط.
    (6) أ: لا يقوم به، وهو خطأ، ب: يقوم به.
    (7) أ: إن مثل هذا كلام الله، ب: إن مثل هذا من كلام الله
    =========================
    على أن كلام (1) الله لا ينقضي ولا ينفد، بل لا نهاية له (2) ومن قال: إنه يتكلم (3) بمشيئته وقدرته بكلام يقوم بذاته، يقولون: إنه لا نهاية له (4) في المستقبل.
    وأما في الماضي فلهم قولان: منهم من يقول: لها بداية في الماضي (5) ، وأئمتهم يقولون: لا بداية لها في الماضي (6) [كما لا نهاية لها في المستقبل] (7) وهذا يستلزم وجود ما لا نهاية له أزلا وأبدا من الكلمات.
    والكلام صفة كمال (8) ، والمتكلم بمشيئته وقدرته أكمل ممن لا يتكلم بمشيئته وقدرته، بل لا يعقل متكلم إلا كذلك. ولا يكون الكلام صفة كمال إلا إذا قام بالمتكلم. وأما الأمور المنفصلة عن الذات فلا يتصف بها ألبتة، فضلا عن أن تكون صفة كمال أو نقص.
    قالوا: ولم نعرف عن أحد من السلف لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان ولا غيرهم من أئمة المسلمين من أنكر هذا الأصل، ولا قال: إنه يمتنع وجود كلمات لا نهاية لها لا في الماضي ولا في المستقبل، ولا قالوا: ما يستلزم امتناع هذا.

    **_________
    (1) ن، م: كلمات.
    (2) ن، م: لها.
    (3) ن، م: متكلم، ب: لا يتكلم.
    (4) ن، م: لها.
    (5) أ: لا نهاية لها بذاته، ب: لا نهاية له بذاته، وهو خطأ.
    (6) أ: لا نهاية لها في الماضي، ب: لا نهاية له في الماضي، وهو خطأ.
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (ب) : كما لا نهاية له في المستقبل.
    (8) ن، م: صفة لله
    ===========================




  20. #220
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (217)
    صـ 361 إلى صـ 368



    وإنما قال ذلك أهل الكلام المحدث المبتدع المذموم عند السلف والأئمة الذين أحدثوا في الإسلام نفي صفات الله وعلوه على خلقه ورؤيته في الآخرة، وقالوا: إنه (1) لا يتكلم، ثم قالوا: إنه يتكلم بكلام مخلوق منفصل عن الله.
    قالوا: وإنما (2) قلنا ذلك ; لأنا استدللنا على حدوث العالم بحدوث الأجسام، وإنما استدللنا على حدوثها بقيام الحوادث بها، وأن ما لا ينفك (3) عن الحوادث فهو حادث، لامتناع حوادث لا أول لها. فلو قلنا: إنه تقوم به الصفات والكلام، لزم قيام الحوادث به ; لأن هذه أعراض (4) حادثة.
    فقال لهم أهل السنة: أحدثتم بدعا تزعمون (5) أنكم تنصرون بها الإسلام، فلا للإسلام نصرتم (6) ولا لعدوه كسرتم، بل سلطتم عليكم أهل الشرع والعقل، فالعالمون (7) بنصوص المرسلين يعلمون أنكم خالفتموها، وأنكم أهل بدعة وضلالة، والعالمون بالمعاني المعقولة يعلمون أنكم قلتم ما يخالف المعقول، وأنكم أهل خطأ وجهالة.

    **_________
    (1) إنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) أ، ب: وقال إنما.
    (3) أ: وأنها لا تنفك، م: وإنما تنفك، وكلاهما خطأ.
    (4) أ، ب: الأعراض.
    (5) أ: أحدث (ثم بياض) تزعمون. ب: أحدثتم مقالة تزعمون، م: أحدثتم بدعا زعمتم.
    (6) أ: فلا الإسلام لها نصرتم، ب: فلا الإسلام بها نصرتم.
    (7) أ، ب: فالقائلون
    ===========================
    والفلاسفة الذين زعمتم أنكم تحتجون عليهم (1) بهذه الطريق تسلطوا (2) عليكم بها، ورأوا أنكم خالفتم (3) صريح العقل. والفلاسفة أجهل منكم بالشرع [والعقل في الإلهيات، لكن لما ظنوا أن ما جئتم به هو الشرع، وقد رأوه يخالف العقل - صاروا أبعد عن الشرع والعقل منكم] (4) لكن (5) عارضوكم بأدلة عقلية - بل وشرعية - ظهر (6) بها عجزكم في هذا الباب عن بيان حقيقة الصواب.
    وكان ذلك مما زادهم ضلالا في أنفسهم وتسلطا عليكم، ولو سلكتم معهم طريق (7) العارفين بحقيقة المعقول والمنقول، لكان ذلك أنصر لكم وأتبع لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - (8) ولكنكم كنتم بمنزلة من جاهد الكفار بنوع من الكذب والعدوان، وأوهمهم (9) أن هذا يدخل في حقيقة الإيمان، فصار ما عرفه أولئك من كذب هؤلاء وعدوانهم مما يوجب القدح فيما ادعوه من إيمانهم، ولما رأى أولئك في الملك (10) والرياسة والمال، من جنس هذه المخادعة والمحال - سلكوا
    **_________
    (1) عليهم: ساقطة من (أ) .
    (2) أ، ب: سلطوا.
    (3) أ: تخالفوا، ب: تخالفون.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) أ، ب: ولكن.
    (6) ن، م: وظهر.
    (7) أ، ب: طريقة.
    (8) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (9) أ، ب: وأوهمتهم.
    (10) ن: ولما رأوا أنه في الملك، م: ولما رأوا في الملك
    ==============================
    طريقا أبلغ في المخادعة (1) والمحال من طرق أولئك المبتدعين الضالين (2) ، فسلطوا عليهم عقوبة لهم على خروجهم عن الدين.
    قال الله تعالى: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} [آل عمران: 165] وقال: (3) : {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم} [آل عمران: 155] وقال: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين} ] (4) [آل عمران: 166] .
    فما جاء به الرسول حق محض يتصادق عليه صريح المعقول وصحيح المنقول، والأقوال المخالفة لذلك وإن كان كثير من أصحابها (5) مجتهدين مغفورا لهم خطؤهم، فلا يملكون (6) نصرها بالأدلة العلمية، ولا الجواب عما يقدح فيها بالأجوبة العلمية، فإن الأدلة العقلية (7) الصحيحة لا تدل إلا على القول الحق، والأجوبة الصحيحة المفسدة (8) لحجة الخصم لا تفسدها إلا إذا كانت باطلة، فإن ما هو باطل (9) لا يقوم عليه دليل صحيح، وما هو حق لا يمكن دفعه بحجة صحيحة.

    **_________
    (1) ن، م: سلكوا طرقا في المخادعة.
    (2) أ، ب: الظالمين.
    (3) ب فقط: وقال الله تعالى.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) أ، ن: أصحابنا، وهو تحريف.
    (6) ن، م: فلا يمكنهم.
    (7) العقلية: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
    (8) ن، م: المفيدة.
    (9) أ، ب: فإن ما بطل
    =============================
    والمقصود هنا أن من قال: قولا أصاب فيه من وجه، وأخطأ فيه من وجه آخر حتى تناقض في ذلك القول، بحيث جمع فيه (1) بين أمرين متناقضين، يقول [لمن يناقضه بمقدمة جدلية سلمها له] (2) : تناقضي (3) إنما (4) يدل على خطئي في أحد القولين: إما القول الذي سلمته لك، وإما القول الذي ألزمتني بالتزامه (5) وهذا لا يدل على صحة قولك، بل يمكن أن يكون القول الآخر هو الصواب.
    فالأشعرية (6) العارفون بأن كلام الله غير مخلوق، وبأن هذا قول السلف والأئمة، وبما دل (7) على ذلك من الأدلة الشرعية والعقلية إذا قيل لهم: القول بقدم القرآن ممتنع، أمكنهم أن يقولوا: هنا قولان آخران لمن يقول: إنه غير مخلوق كما تقدم، ولا يلزم واحدا من القولين لازم (8) إلا ولازم قول من يقول إنه مخلوق أعظم فسادا.
    فالعاقل لا يكون مستجيرا من الرمضاء بالنار، بل إذا انتقل ينتقل من قول مرجوح (9) إلى راجح، والذين قالوا: إنه (10) يتكلم بمشيئته وقدرته
    **_________
    (1) ن، م: به.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وسقطت لمن من (أ) .
    (3) أ، ب: سأقضي، وهو تحريف.
    (4) ب فقط: أن ما.
    (5) أ، ب: ألزمتني التزامه.
    (6) ن، م: والأشعرية.
    (7) ن، م، أ: وما دل.
    (8) م، أ: ولا يلزم واحد من القولين لازم.
    (9) ن: بل إذا انتقل من مرجوح، م: بل إذا انتقل انتقل من مرجوح.
    (10) إنه: ساقطة من (أ) ، (ب)
    =============================
    بعد أن لم يكن متكلما، لا حجة للمعتزلة ونحوهم عليهم، إلا حجة نفي الصفات، وهي حجة داحضة، ولا حجة للكلابية عليهم، إلا أن ذلك يستلزم (1) دوام الحوادث ; لأن القابل للشيء لا يخلو عنه وعن (2) ضده؛ ولأن القابلية للحوادث تكون من لوازم ذاته.
    وهذه الحجج (3) مما قد التزم هؤلاء ما هو (4) أضعف منها كما قد بسط في مواضعه (5) ، واعترف حذاقهم بضعف (6) جميع هذه (7) الحجج العقلية في هذا الباب، وأما السمعيات فهي مع المثبتة لا مع النفاة.
    والقول بدوام كونه متكلما إذا شاء وأن الكلام لازم لذات الرب، معه من الحجج (8) ما يضيق هذا الموضع عن استقصائها، وأي القولين صح أمكن الانتقال إليه.
    والرازي وغيره يقولون: إن جميع طوائف (9) العقلاء يلزمهم القول بقيام الحوادث به، فإن صح هذا أمكن القول بأنه يتكلم بمشيئته وقدرته. وقد بسطنا الكلام على نهايات عقول العقلاء في هذه المسائل، [وما دل عليه الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة] (10) في كتاب " درء تعارض العقل والنقل " (11) وغير ذلك.
    **_________
    (1) ن، م: مستلزم.
    (2) ب فقط: أو عن.
    (3) ب فقط: وهذه الحجة.
    (4) ما هو ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: في موضعه.
    (6) أ: تضعيف، وهو تحريف.
    (7) هذه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) ن، م: في الحجج.
    (9) أ، ب: الطوائف.
    (10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (11) أ: درء تعارض العقل والنقل، ب: رد تعارض العقل والنقل ; ن: ردء يعارض العقل والشرع، م: ذكره تعارض الشرع والعقل
    =======================
    وبالجملة فما ذكر من الحجة مبني على أن السكون أمر وجودي (1) ، (2 وعلى أن الله يصير فاعلا بعد أن لم يكن كذلك، فتكون الحوادث غير دائمة 2) (2) ، ومن المعلوم أن فساد (3) هذين القولين ليس ظاهرا، لا سيما وعند التحقيق يظهر صحتهما (4) أو صحة أحدهما، وأيهما صح (5) أمكن معه القول بأن الله يتكلم بكلام يقوم به بمشيئته وقدرته.
    قال (6) الأشعرية: وإذا كان هذا هو الحق فنحن إذا قلنا: إن كلامه يقوم به، فليس متعلقا بمشيئته وقدرته، قلنا ببعض الحق وتناقضنا، فكان (7) هذا خيرا ممن يقول: إنه ليس لله كلام إلا ما يخلقه في غيره؛ لما في هذا القول من مخالفة الشرع والعقل.

    الوجه الرابع: أن يقال: الخطاب لمعدوم لم يوجد بعد بشرط وجوده أقرب إلى العقل من متكلم لا يقوم به كلامه، ومن كون الرب مسلوب صفات الكمال لا يتكلم، ومن أن (8) يخلق كلاما في غيره فيكون ذلك ليس كلاما لمن خلقه فيه (9) بل لخالقه، وهو إذا خلق في غيره حركة كانت الحركة حركة للمحل المخلوقة فيه (10) لا للخالق لها، وكذلك سائر

    **_________
    (1) أ: على كون السكون أمرا وجوديا، ب: على كون السكوت أمرا وجوديا.
    (2) (2 - 2) في (أ) ، (ب) بدلا من هذه العبارات: وأن الله تعالى يقوم به ما يكون بمشيئته بعد أن لم يكن كذلك، فتكون كلماته إذا كانت بمشيئته غير دائمة.
    (3) أ، ب: أن نقيض.
    (4) أ، م: صحتها.
    (5) أ، ب: وأيهما يصح.
    (6) ن، م: وقالت.
    (7) أ، ب: وكان.
    (8) أ، ب: ومن أين.
    (9) أ، ب: لمن خلق فيه.
    (10) ن، م: حركة المحل المخلوق فيه
    ============================
    الأعراض، فما خلق الله من عرض في جسم (1) إلا كان صفة لذلك الجسم لا لله تعالى.
    وأما خطاب من لم يوجد (2) بشرط وجوده، فإن الموصي قد يوصي بأشياء ويقول: أنا آمر الوصي بعد موتي أن يعمل كذا ويعمل كذا، فإذا بلغ ولدي فلان (3) يكون هو الوصي وأنا آمره بكذا وكذا، بل يقف وقفا يبقى سنين، ويأمر الناظر الذي يخلفه بعد بأشياء (4) .
    وأما القائل: يا " سالم " ويا " غانم " فإن قصد به خطاب حاضر ليس بموجود، فهذا قبيح بالاتفاق (5) ، وأما إن (6) قصد به خطاب من سيكون، مثل أن يقول: قد أخبرني الصادق أن أمتي تلد غلاما ويسمى غانما، فإذا ولدته فهو حر، وقد جعلته وصيا على أولادي وأنا آمرك يا غانم بكذا وكذا (7) لم يكن هذا ممتنعا.
    وذلك لأن (8) الخطاب هنا هو لحاضر في العلم، وإن كان مفقودا في العين، والإنسان يخاطب من يستحضره في نفسه، ويتذكر (9) أشخاصا قد أمرهم بأشياء، فيقول: يا فلان أما قلت لك كذا.

    **_________
    (1) ن، م: سائر المخلوقات فما خلق الله عرضا في جسم.
    (2) أ: من لم يريده، ب: من لم يره.
    (3) فلان: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ن: الناظر الذي لم يخلق بعد بأشياء، م: الناظر الذي لم يخلق بعدنا شيئا.
    (5) أ: فهذا فسخ بالأعيان ; ب: فهذا نسخ بالأعيان.
    (6) ن، م: وإن.
    (7) وكذا ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) أ، ب: أن.
    (9) ن، م: ويذكر
    =============================
    والشيعة والسنية يروون عن علي - رضي الله عنه - أنه لما مر بكربلاء قال: صبرا أبا عبد الله، صبرا أبا عبد الله، يخاطب الحسين لعلمه بأنه سيقتل، وهذا قبل أن يحضر الحسين بكربلاء ويطلب قتله.
    والنبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الدجال وخروجه وأنه قال: " «يا عباد الله اثبتوا» " (1) وبعد لم يوجد عباد الله أولئك.
    والمسلمون يقولون في صلاتهم: " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " وليس هو حاضرا عندهم ولكنه حاضر في قلوبهم.
    وقد قال تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [سورة يس: 82] وهذا عند أكثر العلماء هو خطاب يكون (2) لمن يعلمه الرب تعالى في نفسه، وإن لم يوجد بعد. ومن قال: إنه عبارة عن شرعة التكوين فقد خالف مفهوم الخطاب، وحمل الآية على ذلك يستدعي استعمال الخطاب في مثل هذا المعنى، وأن هذا من اللغة التي نزل بها القرآن، وإلا فليس لأحد أن يحمل خطاب الله ورسوله على ما يخطر له.

    **_________
    (1) هذه العبارة جزء من حديث طويل عن النواس بن سمعان الكلابي - رضي الله عنه - في: سنن ابن ماجه 2 - 1356، 1359 كتاب الفتن باب فتنة الدجال، وأوله: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدجال الغداة، فخفض فيه ورفع حتى ظننا أنه في طائفة النخل، فلما رحنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرف ذلك فينا، فقال: وما شأنكم؟ . . . الحديث، وفيه: إنه يخرج من خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالا، يا عباد الله اثبتوا، ووردت هذه العبارة في حديث آخر عن الدجال عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - في سنن ابن ماجه 2 - 1359، 1363 الكتاب والباب السابقان في ص 1360.
    (2) ن، م: تكوين، وهو تحريف
    ===========================



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •