[ الكاتبة / رغداء بكور الياقتي عفا الله عنها ]
[ مؤلف كتاب " تحريرالمرأة " ]
ذكرهم الشيخ الألباني في " الضعيفة " (ج13 / ص 458- 464 )
عند تعليقه على حديث " (أَدْرَكْتُ (الْقَوَاعِدَ) وَهُنَّ يُصَلِّيَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الفرائضَ) .
ضعيف.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(25/130/315) ، و"الأوسط "
(4/204/2/8143) عن أبي شهاب عن ابنأبي ليلى عن عبد الكريم عن عبد الله
ابن فلان (وفي الأوسط: ابن الطيب) عنأم سلمة (وفي الكبير: أم سليم) بنت
أبي حكيم قالت: ... فذكره. وقال:
"لا يُروى عن أم سلمة بنت [أبي]حكيم إلا بهذا الإسناد".
قلت: وهو ضعيف، مسلسل بالعلل:
الأولى: أم سلمة هذه؛ فإني لم أعرفهاإلا في هذا الحديث؛ والإسناد الواهي
عنها، وإن مما يدلك على ذلك اضطرابرواته في ضبط كنيتها، فقيل: أم سلمة،
وقيل: أم سليم؛ كما رأيت، وقيل: أمسليمان؛ كما يأتي. وذكرها ابن عبد البر
في "الاستيعاب" بهذه الكنىالثلاث ولم يزد! وكذلك الحافظ في "الإصابة
ولكنه ساق لها هذا الحديث فقط برواية الطبراني في"الأوسط" وابن منده بالإسناد
الأول، وقال: "أم سليمان بنت أبي حكيم". وفيرواية له: وأم سليمان بن أبي
حثمة" من طريق أخرى كما يأتي، في "الكبير"كما في "المجمع" (2/34) فقال:
"وعن سليمان بن أبي حثمة عن أمه قالت:
رأيت النساء القواعد يصلين مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد".
وقال:
"رواه الطبراني في "الكبير" وفيه عبدالكريم بن أبي الخارق وهو ضعيف ".
قلت: ولم أره في "المعجم الكبير" المطبوع مستعيناًعليه بالفهارس الموضوعة
في آخر كل مجلد من محققه، ثم في فهارسه التي وضعها أخيراًالأخ عدنان
عرعور - وأهدى إلي نسخة منها جزاه الله خيراً - لا في"فهرس الحديث " ولا في
"فهرس مسانيد الرواة"، فلعله فيما لم يطبع منه بعد. والله أعلم.
هذا، وقد تبع ابن عبد البر ابن الأثير في "أسد الغابة"في إيراد هذه المختلف
في كنيتها بكناها الثلاثة، وزاد فقال:
"لا يوقف على اسمها".
فكأنه أشار إلى جهالتها وعدم ثبوت صحبتها. والله أعلم.
هذه هي العلة الأولى.
والثانية: عبد الله ابن فلان أو ابن الطيب؛ مجهول لايعرف في شيء من
كتب الرجال التي عندي.
والثالثة والرابعة: ضعف ابن أبي ليلى وعبد الكريم، وبهماأعله الهيثمي
مفرقاً، والحافظ، فقال في "الإصابة ":
والسند ضعيف من أجل ابن أبي ليلى؛ وهو: محمد، وشيخه عبدالكريم؛
وهو: ابن أبي الخارق".
قلت: وأبو شهاب (ووقع في "الإصابة" ابن شهاب). اسمه: عبدربه بن نافع،
وهو من رجال البخاري، قال في "التقريب":
"صدوق يهم ".
لكن تابعه أبو محصن حصين بن نمير عند ابن منده، وأبي نعيم كما ذكر في
"الإصابة"، قال الحافظ:
"لا بأس به؛ روى له البخاري ".
ثم رأيته في "المعجم الكبير" (24/317/799 و800)من طريق قيس بن
الربيع وحصين بن نمير كلاهما عن ابن أبي ليلى بسنده المتقدم عن أم سليمان بن
أبي خثمة قالت:
"رأينا النساء ... ".
وله شاهد واهٍ بمرة، فقال البزار في "مسنده" (1/222/446) : حدثنا خالد
ابن يوسف: ثنا أبي عن الأعمش عن أنس بن مالك:
أنه سئل عن العجائز: أكن يشهدن مع رسول اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة؟ قال: نعم؛
والشواب.
ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/36/2 - مجمع البحرين)
وقال:
"لم يروه عن الأعمش إلا يوسف ".
قلت: وهو: ابن خالد السمتي البصري،متروك، قال ابن عدي (7/162) :
"قد أجمع على كذبه أهل بلده". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 131) :
"كان يضع الحديث على الشيوخ،ويقرأ عليهم، ثم يرويها عنهم، لا تحل
الرواية عنه، ولا الاحتجاج به بحال.قال ابن معين: كان يكذب ". وكذبه غيره
أيضاً. وقال الحافظ في "التقريب":
"تركوه، وكذبه ابن معين، وكانمن فقهاء الحنفية".
وألان القول فيه الهيثمي، فقال بعدأن عزاه للبزار والطبراني:
"وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف "!
وقلَّده الشيخ الأعظمي في تعليقه على "البزار"! كما هي عادته، ولعل من
العوامل على ذلك العصبية المذهبية،فإنه حنفي مر!
واعلم أنه كان الباعث على تخريجهذا الحديث أموراً:
الأول: تحقيق القول في مرتبته، وبيانحال رجال إسناده، حسبما جرينا في
تخاريجنا كلها في "السلسلتين".،
الثاني: بيان حال أم سليم بنت أبيحكيم هذه، وأنها لا تثبت لها صحبة،
رغم أنهم ذكروها في الصحابيات!
الثالث: الرد على مؤلفة جاهلة أو كاذبة متعصبة على بنات جنسها، من نمط
تلك الجامعية المسصاة بـ "رغداء بكور الياقتي " في كتيبها "حجابك أختي المسلمة"
التي ذكرت في مقدمتهأن كشف الوجوه من النساء في الشوارع مثل مصافحة
الرجال الأجانب، والاختلاطمع الغرباء!! ضاربة بذلك كل الأدلة الصحيحة من
الكتاب والسنة وأقوالالصحابة والتابعين وأقوال الأئمة المجتهدين المذكورة في
كتابي "حجاب المرأة"عرض الحائط.
أقول: فهذه كتلك المؤلفةالتي لم أقف على كتابها، يجمعهما الجهل
بالشرع، والتعصب الأعمى،والهوى الأصم؛ فقد قالت - والعهدة على من أنقل
عنه (1) -: قال:
"وقالت مؤلفة فاضلة(!) :
أورد الهيثمي في"مجمع الزوائد" عدة أحاديث كلها ضعاف، ولكن
مجموعها يقويها، ويجعلها حسنة لغيرهاتفيد أن القواعد من النساء فقط كن
يصلين مع رسول الله صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون الشابات ".
قلت:
وهذا القول من هذه(الفاضلة!) فيه عدة أكاذيب وجهالات:
الأولى: كذبها على الهيثمي؛فإنه لم يذكر ما ادعته من الإفادة إلا حديثاً
مرفوعاً واحداً هو حديثالترجمة، ولكنها لجهلها توهمت أنه ثلاثة أحاديث؛ لأن
الهيثمي أورده من حديثأم سلمة، وأم سليمان، وأم سُليم، وهي في الحقيقة
حديث واحد اضطرب أحد رواته الضعفاءفي إسناده كما تقدم بيانه.
الثانية: قولها: "ولكن مجموعهايقويها ... " يشعر بأنها جاهلة بشرط التقوية،
وهو أن لا يشتد الضعف في مفرداتها،فكيف وليس هنا إلا طريق واحدة وسند
واحد؟!
الثالثة: قولها: "فقط"؛ فهو كذب محض، وجهل مطبق بالأحاديث الأخرى
التي يأتي الإشارة إليها، أما الكذب،فيبينه أن الهيثمي أورد أيضاً حديث أنس
المتقدم وفيه "والشواب"، وإن كنا بينا وهاءه، ولكن المقصود أن ذلك يبطل قولها:
"فقط ".
ومن الغريب حقاً أن حضرة الناقللهذه الجهالات عنها وصفها بقوله: "مؤلفة
فاضلة"! فمن أين جاء الفضلوهي بهذه المثابة من الجرأة اللا أدبية التي لا تليق
بالرجال الأقوياء، فضلاً عن النساءالقوارير! أقول هذا، وإن كان الفاضل المشار
إليه قد رد عليها تقويتها للحديث،ولكن على طريقة الفقهاء المتأخرين فقال:
"الأحاديث الصحيحة في البخاريومسلم تؤكد حضور الشواب للمسجد. ومن
أولئك: أسماء بنت أبي بكر، وعاتكة بنت زيد (زوج عمربن الخطاب) وفاطمة بنت
تيس، وأم الفضل، وزبنب امرأة مسعود، والرُّبَيِّعبنت معوِّذ، وغيرهن كثير".
قلت: وهذا مسلم لا غبار عليه، ولكن كان الأولى بهأن يبين ضعف
حديثها على طريقة المحدثين أولاً، على نحو ما فعلنا،ثم أن يصفها بما فيها من
الجهل الذي ينافي الفضل؛ لأنذلك من علم الجرح والتعديل كما هو معروف
عند العلماء، ولكن يبدو أنالرجل مع فضله وغلبة الصواب على "تحريره " لا
معرفة له بهذا العلم تصحيحاًوتضعيفاً ، وتوثيقاً وتجريحاً، كما بدا لي ذلك من
عدة مواطن من كتابه، كما يدلعلىذلك الحديث الآتي بعد حديث، وإنكان
أثنى علي خيراً، وذكر أنه تتلمذعلي زمناً مباركاً في مقدمة كتابه (ص 28) ،
ولكن سرعان ما تغلب عليه غلوهفي "تحرير المرأة"؛ فانتقدني (ص 35) تلميحاً لا
تصريحاً؛ لأنني بعد أن أثبتأن وجه المرأة ليس بعورة، قيدت ذلك بأن لا يكون
عليه من الزينة المعروفة اليومبـ"الميكياج " من الحمرةوالبودرة وغيرها، ونقل
كلامي مبتوراً، سامحه الله.
وكذلك في تعليقه على حديث برقم ( 6215) في " الضعيفة" " ان محرم الحلال كمحلل الحرام "
منكر
اخرجه الطبراني في " المعجم الاوسط" والقضاعي في " مسند الشهاب "
وقال ابن ابي حاتم :
" سألت أبي عن هذا الحديث ؟ قال :حديث منكر "
وعلته عاصم فقد ضعفوه ولم يوثقه أحد منأئمة الجرح والتعديل المعروفين والبخاري قال فيه :" فيه نظر " واقرهالعقيلي " في " الضعفاء "
وأما الهيثمي فقدوهم في قوله في " المجمع " ( 1/ 176 ) :
" رواه الطبراني في "الأوسط " ورجاله رجال الصحيح "
فإن عاصماً هذا - مع ضعفه - لم يذكرأحد من مترجميه أنه من رجال
"الصحيح".
وقلده في ذلك مؤلف"تحرير المرأة" (1/ 50 و 64) ؛ فأخطأ مرتين:
الأولى: هذا الذي ذكرتهمن ضعف هذا الراوي، وأنه ليس من رجال "الصحيح ".
والأخرى: ظنه أن عبارةالهيثمي هذه - ولو تعّرَّت عن الخطأ - تعني: أن الحديث
صحيح! ولذلك جزم المومىإليه بنسبة الحديث إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله في الموضع الأول،
وهو ينصح - بحق - الذينيحرمون سفور الوجه ... :
"أدْعوهم إلى تبينأحكام الشرع، والحذر مما حذر منه الحديث الشريف: "إن
محرم ... "؛ أي: كلاهمامعتدٍ على شرع الله ".
قلت: وهو كما قال - جزاه اللهخيراً -، ولكن هل استجاب هو لدعوته ولم
يقع فيما حذر منه غيره؟ والجوابما تقدم أولاً، ثم في ظنه المذكور ثانياً؛ فإن ذلك
لا يعني التصحيح - كما نبهتعليه مراراً في بعض كتبي -. ولذلك فإني أنصحه
أن لا يعود إلى ما كان عزم عليهمن تحقيق أسانيد السيرة النبوية وتمييز الصحيح
فيها من الضعيف - كما ذكر(1/28) -؛ فإن لهذا العلم رجالاً صاروا كما قيل:
لقد كانوا إذا عُدُّوا قليلاً*** وقد صاروا أقلَّ من القليلِ
ولذلك فإنك في الوقت الذي تجدفي كل علم العشرات بل المئات من
المؤلفين، لا تجد من المؤلفين في تخريج الأحاديث وتمييز صحيحها من ضعيفها إلا
أقل من القليل، وأما في السيرة فهو مما لم يطرق بابه أحد فيما علمت. ولقد كان
قدر لي أنني شرعت في هذا المشروعالعظيم وأنا بعيد عن بلدي وكتبي ومَراجعي،
وقطعت فيه شوطأ جيداً؛ نحو الثلث(*) ، ثم لما تيسر لي العودة إلى بلدي؛ صرفني
عنه مشاريعي العلمية الأخرى،ولسان حالي يقول: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو
خير لكم} .