تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 10 من 12 الأولىالأولى 123456789101112 الأخيرةالأخيرة
النتائج 181 إلى 200 من 223

الموضوع: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

  1. #181
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (178)
    صـ 51 إلى صـ 58




    وهذا معنى قول أهل الإثبات، الذي يذكره مثل القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى وغيرهما: لا خلاف بيننا وبين المعتزلة أن المصحح لكون الفاعل فاعلا هو كونه قادرا، ووجدنا كل مصحح لأمر من الأمور فإنه يستحيل ثبوت ذلك الأمر والحكم مع عدم المصحح له. (* ألا ترى أنه لما ثبت أن المصحح لكون القادر العالم كونه حيا، استحال كونه عالما قادرا مع [عدم] (1) كونه حيا وكذلك لما كان *) (2) المصحح لكون المتلون متلونا (3) وكونه متحركا كونه جوهرا، استحال كونه متلونا ومتحركا (4) وليس بجوهر.
    وكذلك يستحيل كونه فاعلا في حال ليس هو فيها قادرا.
    قالوا: وهذا من الأدلة المعتمدة. وهذا الدليل يقتضي أنه لا بد من وجود القدرة على الفعل، ولكن لا ينفى وجودها قبل الفعل (5) ، فإن المصحح يصح وجوده قبل وجود المشروط (6) وبدون ذلك، كما يصح وجود الحياة بدون العلم، والجوهر بدون الحركة.
    وهذا مما يحتج به على الفلاسفة في مسألة (7) حدوث العالم، فإنهم إذا قالوا: العلة القديمة تحدث الدورة الثانية بشرط انقضاء الأولى.
    قيل لهم: لا بد عند وجود المحدث من العلة التامة، وكون الفاعل قادرا (8)

    **_________
    (1) عدم: ساقط من (ن) .
    (2) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
    (3) ن، م: المتكون متكونا.
    (4) ب: متحركا متلونا ; ن: متكونا ومتحركا ; م: مكونا ومتحركا.
    (5) ب، أ، م، ن: قبل ذلك.
    (6) ن، م: الشرط.
    (7) ع: مسائل.
    (8) ب: وكونه قادرا ; أ: وكون قادرا
    ============================== ===
    تام القدرة مريدا تام الإرادة، فلا يكفي في الإحداث مجرد وجود شيء متقدم (1) على الإحداث، فكيف يكفي مجرد عدم شيء يتقدم عدمه على الإحداث؟ بل لا بد حين الإحداث من المؤثر التام، ثم كذلك عند حدوث المؤثر التام لا بد له من مؤثر تام، فإذا لم يكن إلا علة تامة أزلية يقارنها معلولها، لزم حدوث الحوادث بلا محدث أصلا.
    وهذا يدل على أن الرب تعالى يتصف بما به يفعل الحوادث المخلوقة من الأقوال القائمة به الحاصلة بقدرته ومشيئته، (2) كما قد بسط في موضعه.
    وهذا التفصيل في الإرادة والقدرة (3) ، وتقسيمها إلى نوعين، يزيل الاشتباه والاضطراب الحاصل في هذا الباب.
    وعلى هذا ينبني تكليف ما لا يطاق، فإن (4) من قال: القدرة لا تكون إلا مع الفعل، يقول: كل كافر وفاسق قد كلف ما لا يطيق (5) . وليس هذا الإطلاق قول جمهور أهل السنة وأئمتهم، بل يقولون: إن الله تعالى قد أوجب الحج على المستطيع، حج أو لم يحج، وكذلك أوجب صيام الشهرين في الكفارة على المستطيع، كفر أو لم يكفر، وأوجب العبادات على القادرين دون العاجزين، فعلوا أو لم يفعلوا.
    وما لا يطاق يفسر بشيئين: يفسر بما لا يطاق (6) للعجز عنه ; فهذا لم يكلفه

    **_________
    (1) ب، أ: مقدم.
    (2) م (فقط) : من الأفعال القائمة بقدرته ومشيئته.
    (3) ع: الإرادة والمشيئة.
    (4) ب، أ: وأن.
    (5) ع، ن، م: ما لا يطاق.
    (6) ب، أ: يفسر بشيئين ما لا يطاق
    ==============================
    الله أحدا. ويفسر بما لا يطاق (1) للاشتغال بضده ; فهذا هو الذي وقع فيه التكليف (2) كما في أمر العباد بعضهم بعضا، فإنهم يفرقون بين هذا وهذا، فلا يأمر السيد عبده الأعمى بنقط المصاحف، ويأمره إذا كان قاعدا أن يقوم، ويعلم الفرق بين هذا وهذا بالضرورة.
    وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع، وإنما نبهنا على نكتها بحسب ما يليق بهذا الموضع (3) .
    وعلى هذا فقوله (4) : " لم يخلق فيه قدرة على الإيمان " (5) ليس [هو] (6) قول جمهور أهل السنة، بل يقولون خلق له (7) القدرة المشروطة في التكليف المصححة للأمر والنهي، كما في العباد (8) إذا أمر بعضهم بعضا، فما يوجد من (9) القدرة في ذلك الأمر، فهو موجود في أمر الله لعباده، بل تكليف الله أيسر، ورفعه (10) للحرج أعظم. والناس يكلف بعضهم بعضا أعظم مما أمرهم الله به ورسوله، ولا يقولون: إنه تكليف ما لا يطاق. ومن تأمل أحوال من يخدم الملوك والرؤساء ويسعى في طاعتهم، وجد عندهم من ذلك ما ليس عند المجتهدين في العبادة لله (11) .

    **_________
    (1) ب، أ: أحدا وما لا يطاق.
    (2) ن: وقع بالتكليف ; م: وقع به التكليف.
    (3) بهذا الموضع: ساقط من (ب) ، (أ) وفي (م) : عند الموضع، وهو تحريف.
    (4) ب، أ: وعلى هذا قوله ; م: فعلى هذا قوله.
    (5) على: ساقطة من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : للإيمان.
    (6) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (8) ع، م: العبادات.
    (9) ن، م: كما يوجد في ; ع: فما يوجد في.
    (10) ع، أ، ب: ودفعه.
    (11) ب، أ: في عبادة الله سبحانه وتعالى
    ============================== =====
    **[فصل كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر إفحام الأنبياء وانقطاع حجتهم والرد عليه]
    (فصل) قال الرافضي (1) : " ومنها إفحام الأنبياء وانقطاع حجتهم، لأن النبي إذا قال للكافر: آمن بي وصدقني، يقول (2) قل للذي بعثك يخلق في الإيمان أو القدرة (3) المؤثرة فيه حتى أتمكن من الإيمان وأومن بك (4) ، وإلا فكيف تكلفني الإيمان ولا قدرة لي عليه؟ بل خلق في الكفر (5) ، وأنا لا أتمكن من مقاهرة (6) الله تعالى، فينقطع النبي ولا يتمكن من جوابه ".
    فيقال: هذا مقام يكثر فيه خوض النفوس (7) ، فإن كثيرا من الناس إذا أمر بما يجب عليه تعلل بالقدر، وقال: حتى يقدر الله لي (8) ذلك، أو يقدرني الله (9) على ذلك، أو حتى يقضي الله ذلك (10) ، وكذلك إذا نهي عن فعل ما حرم الله قال: الله قضى (11) علي بذلك، أي حيلة لي في هذا؟ ونحو (12) هذا الكلام.

    **_________
    (1) م، ن: الإمامي. والعبارات التالية في ك 86 (م) .
    (2) ب، أ، ن: يقول له.
    (3) م: والقدرة.
    (4) بك: ليست في (ك) .
    (5) ك: بل خلق الله تعالى في الكفر.
    (6) ن: ما أمكن من معارفة، وهو تحريف.
    (7) ب، أ، ن، م: يكثر خوض النفوس فيه.
    (8) لي: زيادة في (م) ، (ن) .
    (9) لفظ الجلالة ليس في (م) .
    (10) ن، م: أو حتى يقضي الله له ذلك.
    (11) ن، م: قضى الله.
    (12) ب، أ: أي خيلة لي ونحو
    ============================== =======
    والاحتجاج بالقدر حجة باطلة داحضة (1) باتفاق كل ذي عقل ودين من جميع العالمين، والمحتج به لا يقبل من غيره مثل هذه الحجة إذا احتج بها في (2) ظلم ظلمه إياه، أو ترك (3) ما يجب عليه من حقوقه، بل يطلب منه (4) ما له عليه، ويعاقبه على عدوانه عليه، وإنما هو (5) من جنس شبه السوفسطائية التي تعرض في العلوم، فكما أنك تعلم فسادها بالضرورة، وإن كانت تعرض كثيرا لكثير من الناس (6) حتى قد يشك في وجود نفسه وغير ذلك من المعارف (7) الضرورية، فكذلك هذا يعرض في الأعمال حتى يظن أنها شبهة (8) في إسقاط الصدق والعدل الواجب وغير ذلك، وإباحة الكذب والظلم وغير ذلك، ولكن تعلم القلوب بالضرورة أن هذه شبهة باطلة، ولهذا لا يقبلها أحد من أحد (9) عند التحقيق، ولا يحتج بها أحد إلا مع عدم علمه بالحجة بما فعله، فإذا كان معه علم بأن ما فعله هو المصلحة، وهو المأمور به (10) وهو الذي ينبغي فعله، لم يحتج بالقدر، وكذلك إذا كان معه علم بأن الذي لم يفعله (11) ليس عليه أن يفعله، أو ليس بمصلحة أو ليس هو مأمورا به، لم يحتج بالقدر، بل إذا كان متبعا لهواه بغير علم احتج بالقدر.
    **_________
    (1) داحضة: ساقطة من (ع) .
    (2) ن، م: على.
    (3) ب، أ: وترك.
    (4) منه: ساقطة من (ع) .
    (5) هو: ساقطة من (ع) .
    (6) ن: وإن كانت كثيرا تعرض لكثير من الناس. والعبارة محرفة في (م) .
    (7) ب (فقط) : المعارض، وهو تحريف.
    (8) ن، م: أن هذا شبهة.
    (9) من أحد: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (10) به: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (11) ن: أن الذي لم يفعله ; م: أن الذي لا يفعله
    ============================== =====
    ولهذا لما قال المشركون: {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} [سورة الأنعام: 148] ، قال الله تعالى: {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون - قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} [سورة الأنعام: 148، 149] ، فإن هؤلاء المشركين يعلمون بفطرتهم وعقولهم أن هذه الحجة داحضة باطلة (1) .
    فإن أحدهم لو ظلم الآخر في ماله، أو فجر بامرأته (2) أو قتل ولده، أو كان مصرا على الظلم فنهاه الناس عن ذلك، فقال لو شاء الله لم أفعل هذا، لم يقبلوا منه هذه الحجة، ولا هو يقبلها من غيره، وإنما يحتج بها المحتج دفعا للوم بلا وجه، فقال الله لهم: هل (3) عندكم من علم فتخرجوه لنا بأن هذا الشرك والتحريم من أمر الله وأنه مصلحة (4) ينبغي فعله، إن تتبعون إلا الظن، فإنه لا علم عندكم، بذلك إن تظنون ذلك إلا ظنا، وإن أنتم إلا تخرصون: تحرزون (5) وتفترون، فعمدتكم في نفس الأمر ظنكم وخرصكم، ليس عمدتكم (6) في نفس الأمر كون الله شاء ذلك وقدره، فإن مجرد المشيئة والقدر لا يكون (7) عمدة لأحد في الفعل، ولا حجة لأحد على أحد، ولا

    **_________
    (1) ب، أ: وباطلة.
    (2) ب، أ: لو ظلم الآخر أو حرج في ماله أو فرج امرأته، وهو تحريف.
    (3) ن: قل هل. . . .
    (4) مصلحة: ساقطة من (ع) .
    (5) تحرزون: ساقطة من (ب) ، (أ) . وحرز الشيء يحرزه (بضم زاي المضارع وكسرها) : قدره بالحدس.
    (6) ب، أ: ليس في عمدتكم.
    (7) ب، أ: فإن مجرد المشيئة والقدرة لا تكون، م، ن: فإن مجرد القدر والمشيئة لا يكون
    ============================== ========
    عذرا لأحد (1) ، إذ الناس كلهم مشتركون في القدر (2) ، فلو كان هذا حجة وعمدة، لم يحصل فرق بين العادل والظالم، والصادق والكاذب، والعالم والجاهل، والبر والفاجر، ولم يكن فرق بين ما يصلح الناس من الأعمال وما يفسدهم، وما ينفعهم وما يضرهم.
    وهؤلاء المشركون المحتجون (3) بالقدر على ترك ما أرسل [الله] به رسله (4) من توحيده والإيمان به، لو (5) احتج به بعضهم على بعض في إسقاط (6) حقوقه ومخالفة أمره لم يقبله منه، بل كان هؤلاء المشركون يذم بعضهم بعضا، ويعادي بعضهم بعضا، [ويقاتل بعضهم بعضا] (7) على فعل ما يرونه (8) تركا لحقهم أو ظلما، فلما جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى حق الله على عباده وطاعة أمره احتجوا بالقدر، فصاروا يحتجون بالقدر على ترك حق ربهم ومخالفة أمره بما لا يقبلونه ممن ترك حقهم (9) وخالف أمرهم.
    وفي الصحيحين عن معاذ [بن جبل رضي الله عنه] (10) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (11) «يا معاذ " أتدري (12) ما حق الله على عباده؟ حقه على

    **_________
    (1) م (فقط) : ولا عمدة لأحد.
    (2) ع: إذا كان الناس كلهم مشتركين في القدر.
    (3) ن، م: إنما يحتجون.
    (4) ن: ما يرسل به رسله ; م: ما أرسل الله رسله.
    (5) ن، م: ولو.
    (6) ب، أ: سقوط.
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (8) ب: من يريد ; أ: ما يريد.
    (9) م (فقط) : ممن ترك بعضهم.
    (10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (11) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (12) ب، أ: قال: يا معاذ بن جبل أتدري ; ن: قال له: أتدري
    ============================== ======
    عباده (1) أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ [حقهم عليه] أن لا يعذبهم» " (2) .
    فالاحتجاج بالقدر حال أهل الجاهلية الذين لا علم عندهم بما يفعلون ويتركون، إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون. وهم إنما يحتجون به في ترك حق ربهم ومخالفة أمره، لا في ترك ما يرونه حقا لهم [ولا في مخالفة أمرهم] (3) .
    ولهذا تجد [كثيرا من] (4) المحتجين به (5) والمستندين إليه من النساك والصوفية والفقراء، والعامة والجند والفقهاء وغيرهم، يفرون إليه عند اتباع الظن وما تهوى الأنفس، فلو كان معهم علم وهدى لم يحتجوا بالقدر أصلا، بل يعتمدون عليه لعدم الهدى والعلم (6) .

    **_________
    (1) ن، م: حقه عليهم.
    (2) م، ن: إذا فعلوا ذلك ألا يعذبهم. والحديث عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - في: البخاري 8/105 (كتاب الرقاق، باب من جاهد نفسه في طاعة الله) وأوله: بينما أنا رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل فقال: " يا معاذ " قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة ثم قال: " يا معاذ " قلت: لبيك رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة، ثم قال: " يا معاذ بن جبل " قلت: لبيك رسول الله وسعديك. قال: " هل تدري ما حق الله على عباده. . . . الحديث. وهو أيضا في: البخاري 9/114 (كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى) ; مسلم 1/58 - 59 (كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا) ; سنن الترمذي 4/135 - 136 (كتاب الإيمان، باب افتراق هذه الأمة) ; سنن ابن ماجه 2/1435 - 1436 (كتاب الزهد، باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة) ; المسند (ط. الحلبي) 3/260 - 261 (عن أنس بن مالك) .
    (3) ولا في مخالفة أمرهم: هذه العبارة ساقطة من (م) ، (ن) .
    (4) كثيرا من: في (ع) فقط.
    (5) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) ن، م: العلم والهدى
    ============================== ========




  2. #182
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (179)
    صـ 59 إلى صـ 66




    وهذا أصل شريف من اعتنى به علم (1) منشأ الضلال والغي لكثير من الناس (2) . ولهذا تجد المشايخ والصالحين (3) المتبعين للأمر والنهي كثيرا ما يوصون أتباعهم باتباع العلم والشرع لأنه كثيرا (4) ما يعرض لهم إرادات في أشياء ومحبة لها، فيتبعون فيها أهواءهم ظانين أنها دين الله (5) ، وليس معهم إلا الظن والذوق والوجد (6) الذي يرجع إلى محبة النفس وإرادتها، فيحتجون تارة بالقدر (7) ، وتارة بالظن والخرص، وهم متبعون أهواءهم في الحقيقة، فإذا اتبعوا العلم، وهو ما جاء به الشارع صلى الله عليه وسلم، خرجوا عن الظن وما تهوى الأنفس، واتبعوا ما ما جاءهم من ربهم، وهو الهدى.
    كما قال تعالى: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} [سورة طه: 123] .
    وقد ذكر الله تعالى هذا المعنى عن المشركين في سورة الأنعام والنحل والزخرف، كما قال تعالى: {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون} [سورة الزخرف: 20] فبين (8) أنه لا علم لهم بذلك إن هم إلا يخرصون.

    **_________
    (1) ع، ن: من اعتنى به عرف، م: من اعتمد به عرف.
    (2) ع: والغى بين الناس.
    (3) ع: المشايخ الصالحين.
    (4) ب: يوصون أتباعهم بالعلم بالشرع فإن كثيرا، أ: يوصون أتباعهم بالعلم بالشرع فإن كثيرا، م: يوصفون أتباعهم باتباع العلم والشرع لأنهم كثيرا، ن: يوصفون أتباعهم باتباع العلم والشرع لأنه كثيرا
    (5) م فقط: أهواءهم ميراثهم دين الله، وهو تحريف.
    (6) ب: والوجدان، أ: والواجد
    (7) ن: بالقدرة.
    (8) ب، أ: ن: فتبين
    ============================== ===========
    وقال في سورة الأنعام: {قل فلله الحجة البالغة} [سورة الأنعام: 149]
    [أي] (1) بإرسال الرسل وإنزال الكتب، كما قال تعالى: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [سورة النساء: 165] ، ثم أثبت القدر بقوله: {فلو شاء لهداكم أجمعين} [سورة الأنعام: 149] ، فأثبت الحجة الشرعية، وبين المشيئة القدرية، وكلاهما حق.
    وقال في النحل: {وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين} [سورة النحل: 35] ، بين (2) سبحانه أن هذا الكلام تكذيب للرسل فيما جاءوهم به ليس حجة لهم، فإن هذا لو كان حجة (3) لاحتج به على تكذيب كل صدق وفعل كل ظلم، ففي فطرة (4) بني آدم أنه ليس حجة صحيحة، بل من احتج به احتج لعدم العلم واتباع الظن (5) ، كفعل الذين كذبوا الرسل بهذه المدافعة، بل الحجة البالغة لله بإرسال الرسل وإنزال الكتب.
    كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " «لا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك مدح نفسه، ولا أحد أغير

    **_________
    (1) أي ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ب، أ: فبين.
    (3) ب، أ: فيما جاءوهم به ليس حجة لهم فلو كان حجة، م، ن: فيما جاءوا به ليس حجة لهم فإن هذا لو كان حجة.
    (4) م، ن: فطر.
    (5) م، ن: بل من احتج به يحتج به لعدم العلم واتباع الحق، ع: بل من احتج به لعدم العلم واتباع الظن
    ============================== ======
    من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن» ". (1) . فبين أنه سبحانه يحب أن يمدح (2) وأن يعذر ويبغض الفواحش، فيحب أن يمدح بالعدل والإحسان، وأن لا يوصف بالظلم (3) .
    ومن المعلوم أنه من تقدم (4) إلى أتباعه بأن افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا (5) وبين لهم وأزاح علتهم، ثم تعدوا حدوده وأفسدوا أموره (6) كان له أن يعذبهم وينتقم منهم.
    فإذا قالوا: أليس الله قدر علينا هذا؟ لو شاء الله ما فعلنا هذا.
    قيل لهم: أنتم لا حجة لكم، ولا عندكم ما تعتذرون به، يبين (7) أن ما فعلتموه كان حسنا أو كنتم معذورين فيه، فهذا الكلام غير مقبول منكم، وقد قامت الحجة عليكم بما تقدم من البيان والإعذار.

    **_________
    (1) الحديث مع اختلاف في الألفاظ وفي أوله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في البخاري 6/57 (كتاب التفسير؛ تفسير سورة الأنعام، باب ولا تقربوا الفواحش) 7/35 (كتاب النكاح باب الغيرة) 9/120 (كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: ويحذركم الله نفسه) ، مسلم 4/2113 - 2114 (كتاب التوبة باب غيرة الله تعالى) ، سنن الترمذي 5/200 - 201 (كتاب الدعوات باب حدثنا محمد بن بشار) ، المسند ط المعارف 5/219 - 220، 6/56 - 57، 59 سنن الدارمي 2/149 (كتاب النكاح، باب في الغيرة) ، وسيرد هذا الحديث مرة أخرى في هذا الجزء، ص [0 - 9] 60.
    (2) ب، أ: يحب المدح.
    (3) ن، م: بالظلم ويبغض الفواحش، وهو خطأ.
    (4) ب، أ: قدم.
    (5) كذا: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (م) .
    (6) م: أمره ; ن: أوامره، ب، أ: أمورهم.
    (7) ن: تبين
    ============================== ======
    ولو أن ولي الأمر أعطى قوما مالا ليوصلوه إلى بلد (1) آخر (2) فسافروا به وتركوه في البرية ليس عنده أحد، وباتوا في مكان بعيد منه، وكان ولي الأمر قد أرسل جندا [له] (3) يغزون بعض الأعداء، فاجتازوا تلك، الطريق فرأوا ذلك المال فظنوه لقطة ليس له أحد فأخذوه وذهبوا، لكان يحسن منه أن يعاقب الأولين على تفريطهم (4) وتضييعهم حفظ ما أمرهم بحفظه (5) .
    ولو قالوا له: أنت لم تعلمنا أنك تبعث خلفنا جندا حتى نحترز المال منهم. قال لهم (6) : هذا لا يجب علي، ولو فعلته لكان زيادة إعانة لكم، لكن كان عليكم أن تحفظوا ذلك، كما تحفظ (7) الودائع والأمانات. وكانت حجته عليهم قائمة، ولم يكن إن عاقبهم ظالما (8) وإن كان لم يعنهم بالإعلام بذلك الجند، لكن عمل المصلحة في إرسال الأولين والآخرين.
    والله تعالى وله المثل الأعلى حكيم (9) عدل في [كل] ما يفعله (10) ، ولا

    **_________
    (1) م (فقط) محله.
    (2) آخر: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (3) له: زيادة في (ع) فقط.
    (4) ب، أ: لتفريطهم.
    (5) ب، أ: ما أمرهم به.
    (6) ع: ولو قالوا له لم تعلمنا أنك تبعث خلفنا جندا حتى نحترز، لقال لهم ; م، ن ولو قالوا له أنت، (م: إنك) ، لم تعلمنا أنك ترسل خلفنا جندا حتى نحترز لقال لهم ; ب، أ: ولو قالوا له: أنت لم تعلمنا أنك تبعث بعدنا جندا حتى نحترز، (ب: يحترز) ، المال منهم قال: ولعل الصواب ما أثبته.
    (7) ب: كما تحفظون، أ: كما تحفظوا.
    (8) ب: ولم يكن يدعى فيهم ظالما ; أ: ولم يكن إذ عافيهم ظالما، وهو تحريف.
    (9) ب، أ: حكم.
    (10) ب، أ: كل ما جعله ; ن، م: فيما يفعله
    ============================== ==
    يخرج شيء عن مشيئته وقدرته. فإذا أمر الناس بحفظ الحدود وإقامة الفرائض لمصلحتهم، كان ذلك من إحسانه إليهم، وتعريفهم ما ينفعهم. وإذا خلق أمورا أخرى، فإذا فرطوا واعتدوا بسبب خلقه لأمور أخرى (1) أوجبت (2) الضرر الحاصل من تفريطهم وعدوانهم، وكان له في خلق المخلوق الثاني حكمة ومصلحة أخرى (3) ، كان عادلا حكيما (4) في خلق هذا وخلق هذا، والأمر بهذا والأمر بهذا. وإن كان لم يمد الأولين بزيادة يحترسون (5) بها من التفريط والعدوان، لا سيما مع علمه بأن تلك الزيادة لو خلقها للزم منها تفويت مصلحة أرجح منها (6) ، فإن الضدين لا يجتمعان.
    والمقصود هنا أنه لا يحتج أحد بالقدر إلا حجة تعليل، لعدم اتباع الحق الذي بينه العلم (7) ، فإن الإنسان حي حساس متحرك بالإرادة.
    ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " «أصدق الأسماء الحارث وهمام» " (8) فالحارث الكاسب العامل، والهمام الكثير الهم، والهم مبدأ

    **_________
    (1) ب، أ: الأمور الأخرى.
    (2) ساقط من (ب) ، (أ) وفي (م) فقط: من تفريطهم وعداوتهم.
    (3) ساقط من (ب) ، (أ) وفي (م) فقط: من تفريطهم وعداوتهم.
    (4) ب، أ: حكما.
    (5) م فقط: يحترزون.
    (6) منها: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (7) م، ن: منه العلم.
    (8) ع: والهمام. والحديث جزء من حديث مطول عن أبي وهب الجشمي رضي الله عنه في: سنن أبي داود 4/394 (كتاب الأدب، باب في تغيير الأسماء) ونصه فيه: تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة. والحديث عنه أيضا في المسند ط الحلبي 4/345
    ============================== ======
    الإرادة [والقصد، فكل إنسان حارث همام، وهو المتحرك بالإرادة] (1) وذلك لا يكون إلا بعد الحس والشعور، فإن الإرادة مسبوقة بالشعور بالمراد، فلا يتصور إرادة ولا حب ولا شوق ولا اختيار ولا طلب إلا بعد الشعور، وما هو [من] جنسه (2) ، كالحس والعلم والسمع والبصر والشم والذوق واللمس ونحو هذه الأمور. فهذا الإدراك والشعور هو (3) مقدمة الإرادة والحب والطلب.
    والحي مفطور على حب ما يلائمه وينفعه (4) ، وبغض ما يكرهه ويضره، فإذا تصور الشيء الملائم النافع أراده وأحبه (5) وإذا (6) تصور الشيء الضار أبغضه ونفر عنه، لكن ذلك التصور قد يكون علما، وقد يكون ظنا وخرصا، فإذا كان عالما بأن مراده هو النافع، وهو المصلحة، وهو الذي يلائمه، كان على الهدى والحق، وإذا لم يكن معه علم بذلك (7) ، كان متبعا للظن وما تهوى نفسه، فإذا جاءه العلم والبيان بأن هذا ليس مصلحة، أخذ يحتج بالقدر حجة لدد وتعريج (8) عن الحق (9) ، لا حجة اعتماد على الحق والعلم، فلا يحتج أحد في باطنه أو ظاهره بالقدر، إلا لعدم العلم بأن ما هو عليه هو الحق (10) .

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ن: وما هو جنسه، م: وما هو حقه.
    (3) أ، ع: هي، ن: وهي.
    (4) م، ع، أ، ب: ما ينفعه ويلائمه.
    (5) ع: أراده وحبه.
    (6) ب، أ: وإن.
    (7) ن: وإذا لم يكن معه بذاك علم.
    (8) ب (فقط) : لدد وتفريج.
    (9) عن الحق: ساقط من (ب) ، (أ) .
    (10) ب، أ: لعدم العلم بما هو عليه الحق ; ن، م: لعدم علمه بأن ما هو عليه هو الحق
    ============================== ======
    وإذا كان كذلك كان من احتج بالقدر على الرسل مقرا بأن ما هو عليه ليس معه به علم، [وإنما تكلم بغير علم] (1) ، ومن تكلم بغير علم كان مبطلا في كلامه، ومن احتج بغير علم كانت حجته داحضة، فإما أن يكون جاهلا فعليه أن يتبع العلم، وإما أن يكون قد عرف الحق واتبع هواه فعليه أن يتبع الحق ويدع هواه.
    فتبين أن المحتج بالقدر متبع لهواه بغير علم، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله.
    وحينئذ فالجواب في هذا المقام من وجوه: أحدها: أن هذا إنما يكون انقطاعا لو كان الاحتجاج بالقدر سائغا (2) ، فأما إذا كان الاحتجاج بالقدر باطلا بطلانا ضروريا مستقرا (3) في [جميع] (4) الفطر والعقول، لم يكن هذا السؤال متوجها، وذلك (5) أنه (6) من المستقر في فطر الناس وعقولهم أنه من طلب منه فعل من الأفعال الاختيارية (7) لم يكن له أن يحتج بمثل هذا، ومن طلب دينا له (8) على آخر لم يكن له أن يقول: لا أعطيك (9) حتى يخلق الله في العطاء، ومن أمر عبده بأمر (10) لم يكن له أن يقول: لا أفعله حتى يخلق الله في فعله، ومن

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: سابقا، وهو تحريف.
    (3) ع: متقررا.
    (4) جميع: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ب (فقط) : ولذلك.
    (6) ساقط من (أ) ، (ب) وفي هذه العبارات تحريف في (ن) ، (م) .
    (7) ساقط من (أ) ، (ب) وفي هذه العبارات تحريف في (ن) ، (م) .
    (8) له: ساقطة من (ع) .
    (9) ب، أ: ما أعطيك.
    (10) ب (فقط) : بشيء
    ============================== =====
    ابتاع شيئا وطلب (1) منه الثمن، لم يكن له أن يقول: لا أقضيه حتى يخلق الله في القضاء أو القدرة (2) على هذا.
    وهذا أمر جبل [الله] عليه الناس كلهم (3) ، مسلمهم وكافرهم، مقرهم بالقدر ومنكرهم له، ولا يخطر ببال أحد منهم الاعتراض بمثل هذا، مع اعترافهم بالقدر، فإذا كان هذا الاعتراض (4) معروف الفساد في بدائه (5) العقول، ولم يكن لأحد أن يحتج به على الرسول.
    الثاني: أن الرسول (6) يقول له: أنا نذير لك إن فعلت ما أمرتك به نجوت وسعدت، وإن لم تفعله عوقبت. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما صعد على الصفا ونادى: " «يا صباحاه " (7) فأجابوه، فقال: " أرأيتم (8) لو أخبرتكم أن عدوا مصبحكم أكنتم مصدقي؟ " قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» " (9) وقال: " «أنا النذير العريان» " (10) .

    **_________
    (1) ن، م: فطلب.
    (2) ع، م: والقدرة.
    (3) ن، أ، ب: جبل عليه الناس كلهم. وجاءت نفس العبارة في (م) ولكن سقطت منها كلمة (كلهم) .
    (4) م (فقط) الأمر.
    (5) ن، م، أ، ب: بداية.
    (6) ب، أ: الرسول صلى الله عليه وسلم.
    (7) ع: يا صاحباه.
    (8) م فقط: أرأيتكم.
    (9) الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما مع اختلاف في الألفاظ في البخاري 6/111 (كتاب التفسير سورة الشعراء، 6/122 \ (كتاب التفسير سورة سبأ 6/179 - 180 (كتاب التفسير سورة تبت يدا أبي لهب وتب) ، سنن الترمذي 5/121 \ كتاب التفسير ومن سورة تبت) ، المسند ط المعارف 4/186 - 286.
    (10) الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في البخاري 8/101 - 102 (كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي) ، وأوله: مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوما فقال: رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجا النجاء. . . . . الحديث، وهو في البخاري 9/93 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله) ، مسلم 4/1788 - 1789 كتاب الفضائل، باب شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته
    ============================== =========




  3. #183
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (180)
    صـ 67 إلى صـ 74






    ومن المعلوم أن من أنذر بعدو يقصده لم يقل لنذيره: قل لله يخلق في قدرة على الفرار حتى أفر، بل يجتهد في الفرار، والله هو الذي يعينه على الفرار.
    فهذا الكلام لا يقوله إلا مكذب للرسل، إذ ليس في الفطرة مع تصديق النذير الاعتلال بمثل هذا. وإذا كان هذا تكذيبا حاق به ما حاق بالمكذبين.
    الوجه الثالث: أن يقول له: أنا ليس لي أن أقول لربي [مثل] (1) هذا الكلام، بل علي أن أبلغ رسالاته، وإنما علي ما حملت وعليك ما حملت، وليس علي إلا البلاغ المبين، وقد قمت به (2) .
    الرابع: أن يقول: ليس لي ولا لغيري أن يقول له: لم لم [تجعل] (3) في هذا كذا وفي هذا كذا، فإن الناس على قولين: من يقول (4) : إنه لا حكمة إلا محض المشيئة، يقول إنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. ومن يقول: [إن] له حكمة (5) ، يقول: لم يفعل شيئا إلا لحكمة، ولم يتركه (6) إلا لانتفاء الحكمة فيه.

    **_________
    (1) مثل: زيادة في (ع) فقط.
    (2) أ، ب: وقد تمت به.
    (3) تجعل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ب، أ: منهم من يقول، وهو خطأ.
    (5) ب، أ: ومنهم من يقول أن له حكمة، ن، م: ومن يقول له حكمة.
    (6) ن، م: ولا تركه
    ============================== =====
    وإذا كان كذلك لم يكن للعبد أن يقول له (1) مثل ذلك. ولهذا قال تعالى: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} [سورة الأنبياء: 23] .
    الوجه الخامس: أن يقول: إعانتك على الفعل هو من أفعاله هو، فما فعله فلحكمة، وما لم يفعله فلانتفاء الحكمة، وأما نفس الطاعة فمن أفعالك التي تعود مصلحتها عليك (2) ، فإن أعانك كان فضلا [عليك] منه (3) وإن خذلك كان عدلا منه، فتكليفك ليس لحاجة (4) له إلى ذلك ليحتاج إلى إعانتك، كما يأمر السيد عبده بمصلحته.
    فإذا كان العبد غير قادر أعانه حتى يحصل مراد الآمر الذي يعود إليه نفعه، بل التكليف إرشاد وهدى وتعريف للعباد بما (5) ينفعهم في المعاش والمعاد ومن عرف أن هذا الفعل ينفعه وهذا الفعل يضره، وأنه يحتاج (6) إلى ذلك الذي ينفعه، لم يمكنه أن يقول: لا أفعل الذي أنا محتاج إليه، وهو ينفعني (7) حتى يخلق في الفعل، بل مثل هذا يخضع ويذل لله حتى يعينه على فعل ما ينفعه، كما لو قيل: هذا العدو قد قصدك (8) ، أو هذا السبع، أو هذا السيل (9) المنحدر، فإنه لا يقول: لا أهرب وأتخلص

    **_________
    (1) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (2) ب، أ، ن: إليك.
    (3) ن: كان ذلك فضلا منه. وعليك في (ع) فقط.
    (4) ن، م: بحاجة.
    (5) بما في (م) فقط. وفي سائر النسخ: ما.
    (6) يحتاج في (ع) فقط، وفي سائر النسخ: محتاج.
    (7) ب، أ: ينفعه.
    (8) ع: هذا عدو وقد قصدك.
    (9) ن، م: وهذا السبع، أو السيل
    ============================== =
    [منه] (1) حتى يخلق [الله] (2) في الهرب، بل يحرص على الهرب ويسأل الله الإعانة على ذلك، ويفر منه إذا عجز. وكذلك إذا كان محتاجا إلى طعام أو شراب أو لباس (3) ، فإنه لا يقول: لا آكل ولا أشرب ولا ألبس حتى يخلق الله (4) في ذلك، بل يريد ذلك ويسعى فيه ويسأل الله تيسيره [عليه] (5) .
    فالفطرة مجبولة على حب ما تحتاج إليه، ودفع ما يضرها، وأنها تستعين الله عز وجل على ذلك. هذا [هو] موجب الفطرة (6) التي فطر [الله] (7) عليها عباده، وإيجابها ذلك، ولهذا أمر الله العباد أن يسألوا الله أن يعينهم على فعل ما أمر.
    الوجه السادس: أن يقال: مثل هذا الكلام إما أن يقوله من يريد الطاعة، ويعلم أنها تنفعه، أو من لا يريدها ولا يعلم أنها تنفعه، وكلاهما يمتنع [منه] (8) أن يقول مثل هذا الكلام. أما الأول فمن أراد الطاعة وعلم أنها تنفعه أطاع قطعا إذا (9) لم يكن عاجزا، فإن نفس الإرادة الجازمة

    **_________
    (1) منه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) لفظ الجلالة ساقط من (ن) .
    (3) ع، ن، م وشراب ولباس.
    (4) لفظ الجلالة ساقط من (ع) ، (أ) ، (ب) .
    (5) عليه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ب، أ: تستعين بالله على ذلك وهذا موجب الفطرة ; ن، م: تستعين بالله على ذلك. هذا موجب الفطرة. والمثبت من (ع) .
    (7) لفظ الجلالة ساقط من (ن) ، (م) .
    (8) منه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (9) ع: فإذا
    ============================== ========
    للطاعة مع القدرة (1) توجب الطاعة، [فإنها مع وجود القدرة والداعي التام توجب وجود المقدور] (2) فإذا كانت الطاعة بالتكلم (3) بالشهادتين، فمن أراد ذلك [إرادة جازمة] فعله قطعا [لوجود القدرة والداعي التام] ، ومن (4) لم يفعله علم أنه لم يرده، وإن كان (5) لا يريد الطاعة فيمتنع أن يطلب من الرسول (6) أن يخلقها الله فيه فإنه، إذا طلب من الرسول (7) أن يخلقها الله فيه كان مريدا لها (8) ، فلا يتصور أن يقول مثل ذلك إلا مريد، ولا يكون مريدا للطاعة المقدورة (9) إلا ويفعلها.
    وهذا يظهر بالوجه السابع: (10) وهو أن يقال: أنت متمكن من الإيمان قادر عليه، فلو أردته فعلته، وإنما لم تؤمن لعدم إرادتك له، لا لعجزك وعدم قدرتك عليه. وقد بينا أن القدرة التي هي شرط في الأمر تكون موجودة قبل الفعل في المطيع والعاصي، [وتكون موجودة مع الأمر في المطيع] (11) بخلاف المختصة بالمطيع، فإنها لا توجد إلا مع الفعل.

    **_________
    (1) ن: فإن نفس الإرادة للطاعة مع القدرة ; م: فإن نفس الإرادة للطاعة مع القوة.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (م) ، (ن) .
    (3) ن، م: التكلم.
    (4) ن، م: فمن أراد ذلك فعله ن: فعليه قطعا ومن.
    (5) ب، أ: أنه لا يريده فإن كان إلخ.
    (6) ب، أ: أن يكون بطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم.
    (7) ب، أ: من الرسول صلى الله عليه وسلم.
    (8) لها: ليست في (ع) .
    (9) ب، أ: المقدور وهو خطأ.
    (10) ب، أ: وهذا يظهر. الوجه السابع ; ن: وهذا يظهر فالجواب السابع، م: وهذا يظهر بالجواب السابع.
    (11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    ============================== =====
    وقد بينا (1) أن من جعل القدرة نوعا واحدا: إما مقارنا للفعل (2) ، وإما سابقا عليه، فقد (3) أخطأ. هذا إذا عني بأحد النوعين مجموع ما يستلزم الفعل، كما هو اصطلاح كثير من النظار. وأما إذا لم يرد بالقدرة إلا المصحح فهي نوع واحد.
    فإن للناس في القدرة: هل هي مع الفعل أو قبله؟ عدة أقوال (4) : أحدها: أنها لا تكون إلا مع الفعل، وهذا بناء على أنها المستلزمة للفعل، وتلك لا تكون إلا معه، وقد يبنونه على (5) أن القدرة عرض، والعرض لا يبقى زمانين.
    والثاني: [أنها] (6) لا تكون إلا قبله، بناء على أنها المصححة فقط، وأنها لا تكون مقارنة.
    الثالث: أنها تكون قبله ومعه، وهذا أصح الأقوال.

    ثم من هؤلاء من يقول: القدرة نوعان: مصححة، ومستلزمة. فالمصححة قبله والمستلزمة معه.
    ومنهم من يقول: بل القدرة هي المصححة فقط، وهي تكون معه وقبله. وأما الاستلزام فإنما يحصل بوجود الإرادة مع القدرة لا بنفس (7)

    **_________
    (1) ع: وقد ثبت.
    (2) ع: للفاعل.
    (3) فقد: زيادة في (م) فقط.
    (4) ب: أقوالا، أ: قولان، وسقطت كلمة " عدة ".
    (5) ب، أ: وقد سبق أيضا.
    (6) أنها في (ع) فقط.
    (7) ب، أ: نفس
    ============================== ======
    ما يسمى قدرة والإرادة ليست جزءا من مسمى القدرة، وهذا القول [هو] الموافق للغة القرآن (1) ، بل ولغات سائر الأمم هو أصح الأقوال.
    وحينئذ فنقول: أنت قادر متمكن خلق فيك القدرة على الإيمان، ولكن أنت لا تريد الإيمان، فإن قال [له:] قل (2) له يجعلني مريدا للإيمان. قال [له] : (3) إن كنت تطلب منه ذلك فأنت مريد للإيمان، وإن لم تطلب ذلك فأنت كاذب في قولك، قل له: يجعلني مريدا للإيمان. فإن قال: فكيف تأمرني (4) بما لم يجعلني مريدا له، لم يكن هذا طلبا للإرادة، بل [كان] (5) هذا مخاصمة، وهذا ليس على الرسول جوابه، [بل] ولا (6) في ترك جوابه انقطاع، فإن القدر ليس لأحد أن يحتج به (7) .
    [الوجه الثامن: أن يقال: كل من دعاه غيره إلى فعل وأمره به، فلا يخلو أن يكون مقرا بأن الله خالق أفعال العباد وإرادتهم (8) وأنهم لا يفعلون إلا ما شاءه، (أو لا يكون مقرا بذلك، بل يقول: إنهم يفعلون ما لا يشاؤه) (9) ، وهم يحدثون إرادات أنفسهم بلا إرادته. (10)

    **_________
    (1) ب، أ: وهو القول الموافق للغة القرآن.
    (2) له: في (ع) فقط.
    (3) أ، ب: قل له ; ن، م: قال.
    (4) أ، ب: يأمرني.
    (5) كان: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) أ، ب: ليس على الرسول صلى الله عليه وسلم بل ولا ; ع، ن، م، ليس على الرسول جوابه، ولعل الصواب ما أثبته.
    (7) بعد عبارة ((يحتج به)) يوجد سقط في نسختي (م) ، (ن) ، وسنشير إلى نهايته بإذن الله.
    (8) ب، أ: وإرادتهم.
    (9) ما بين القوسين في (ع) فقط.
    (10) ب، أ: أو هم يجذبون إرادة أنفسهم بلا إرادته، وهو تحريف
    ============================== ===
    فإن كان من القسم الأول فهو يقر بأن كل ظالم له أو لغيره (1) قد خلقت إرادته للظلم فظلمه (2) ، وهو لا يعذر الظالم في ذلك. فيقال له: أنت مقر بأن مثل هذا ليس بحجة (3) لمن خالف ما أمر به كائنا ما كان، فلا يسوغ لك الاحتجاج به وإن كان (4) منكرا للقدر امتنع أن يحتج بهذا، فثبت أن الاحتجاج بالقدر لإفحام الرسل لا يسوغ (5) لا (6) على قول هؤلاء ولا على قول هؤلاء.
    فإن قال قائل: المدعي ليس له مذهب يعتقده بل هو ساذج.
    قيل له: هب أن الأمر كذلك، ففي نفس الأمر إما أن يكون (الحق) (7) قول هؤلاء وإما أن يكون قول هؤلاء، وعلى التقديرين فالاحتجاج بالقدر باطل. فثبت بطلان الاحتجاج به باتفاق الطائفتين: المثبتة والنفاة.
    الوجه التاسع: أن يقال مقصود الرسالة هو الإخبار بالعذاب لمن كذب وعصى، كما قال موسى وهارون عليهما السلام لفرعون: {إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى} [سورة طه: 48] .
    وحينئذ فإذا قال: هو خلق في الكفر ولم يخلق في إرادة الإيمان.

    **_________
    (1) ع: ولغيره.
    (2) ب (فقط) : فظلم.
    (3) ع: حجة.
    (4) ب، أ: فلا يسوغ ذلك الاحتجاج وإن كان. . . إلخ.
    (5) ب، أ: لا يجوز.
    (6) لا: ساقطة من (ع) .
    (7) الحق: في (ع) فقط
    ============================== =======
    قيل له: هذا لا يناقض وقوع العذاب بمن كذب وتولى، فإن كان لم يخلق فيك الإيمان فأنت ممن يعاقبه، وإن جعلك مؤمنا فأنت ممن يسعده (1) ونحن رسل مبلغون لك منذرون لك، فقد حصل مقصود الرسول (2) وبلغ البلاغ المبين، وإنما المكلف يخاصم ربه حيث أمره بما لم يعنه عليه، وهذا لا يتعلق بالرسول ولا يضره (3) ، والله سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
    الوجه العاشر: أن يقال هذا السؤال وارد على (هذا) المصنف (4) وعلى غيره من محققي المعتزلة والرافضة الذين اتبعوا أبا الحسين البصري (5) حيث قال إنه مع وجود الداعي والقدرة يجب وجود المقدور، وذلك أن الله خلق الداعي في العبد. وقول أبي الحسين ومتبعيه في القدر (6) وهو قول محققي أهل السنة الذين يقولون: إن الله خلق قدرة العبد وإرادته، وذلك مستلزم لخلقه (7) فعل العبد، ويقولون: إن العبد فاعل لفعله حقيقة (ومحدث لفعله) (8) ، والله سبحانه جعله فاعلا له (9) محدثا له، وهذا قول جماهير

    **_________
    (1) ب، أ: أسعده.
    (2) ب، أ: الرسالة.
    (3) ع: ولا يضره شيئا.
    (4) ب، أ: على المصنف.
    (5) وهو أبو الحسين محمد بن علي الطيب البصري المتوفى سنة 436 هـ، سبق الكلام عنه 1/395، 2/125، 283.
    (6) في القدر: ليست في (ع) .
    (7) ب، أ: لحقيقة.
    (8) ومحدث لفعله: في (ع) فقط.
    (9) له: ساقطة من (ع)
    ============================== ====




  4. #184
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (181)
    صـ 75 إلى صـ 82






    أهل السنة من جميع الطوائف، وهو قول كثير من أصحاب الأشعري كأبي إسحاق الإسفراييني وأبي المعالي والجويني الملقب بإمام الحرمين وغيرهما (1) .
    وإذا كان هذا قول محققي المعتزلة والشيعة، وهو قول (2) جمهور أهل السنة وأئمتهم بقي الخلاف بين القدرية الذين يقولون: إن الداعي يحصل في قلب العبد بلا مشيئة من الله ولا قدرة، وبين الجهمية المجبرة الذين يقولون: إن قدرة العبد لا تأثير لها في فعله بوجه من الوجوه، وأن العبد ليس فاعلا لفعله، كما يقول ذلك الجهم بن صفوان إمام المجبرة ومن اتبعه (3) ، وإن أثبت أحدهم (4) كسبا لا يعقل، كما أثبته الأشعري ومن وافقه. وإذا كان (5) هذا النزاع في هذا الأصل بين القدرية النفاة لكون الله يعين المؤمنين على الطاعة ويجعل فيهم داعيا إليها ويختصهم (6) بذلك دون الكافرين، وبين المجبرة الغلاة الذين يقولون: إن العباد لا يفعلون (7) شيئا ولا قدرة لهم على شيء، أو لهم قدرة لا يفعلون بها شيئا ولا تأثير لها في شيء فكلا القولين باطل، مع أن كثيرا من الشيعة يقولون بقول المجبرة.
    وأما السلف والأئمة القائلون بإمامة الخلفاء الثلاثة فلا يقولون لا بهذا

    **_________
    (1) ب، أ: وغيرهم.
    (2) ع: وقول.
    (3) ومن اتبعه: ليست في (ع) .
    (4) ع: بعضهم.
    (5) ب، أ: وإن كان.
    (6) ب، أ: ويخصهم.
    (7) ع: لم يفعلوا
    =============================
    ولا بهذا. فتبين أن قول أهل السنة القائلين بخلافة (1) الثلاثة هو الصواب، وأن من أخطأ من أتباعهم في شيء فخطأ الشيعة أعظم من خطئهم (2) .
    وهذا السؤال إنما يتوجه على من يسوغ الاحتجاج بالقدر ويقيم عذر نفسه أو غيره إذا عصى بكون هذا مقدرا علي (3) ، ويرى أن شهود هذا هو شهود الحقيقة، أي الحقيقة الكونية. وهؤلاء كثيرون في الناس، وفيهم (4) من يدعي أنه من الخاصة العارفين أهل التوحيد الذين فنوا في [توحيد] (5) الربوبية، ويقول (6) إن العارف إذا فني (7) في شهود توحيد الربوبية لم يستحسن حسنة ولم يستقبح سيئة، ويقول بعضهم (8) : من شهد الإرادة سقط عنه الأمر، ويقول بعضهم: الخضر (9) إنما سقط عنه التكليف لأنه شهد الإرادة، وهذا الضرب كثير في متأخري الشيوخ والنساك (10) [والصوفية] (11) والفقراء، بل وفي (12) الفقهاء والأمراء والعامة.
    ولا ريب أن هؤلاء شر من المعتزلة والشيعة الذين يقرون بالأمر والنهي

    **_________
    (1) ع: بإمامة.
    (2) هنا ينتهي السقط في نسختي (ن) ، (م) ، وبدأ في ص 72.
    (3) ب: بأن هذا مقدر علي، م: بأن هذا مقدرا علي، وهو خطأ.
    (4) ن، م: ومنهم.
    (5) توحيد: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ب، أ: ويقولون.
    (7) إذا فني: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) ن: وبعضهم يقول.
    (9) ب، أ: الخضر عليه السلام.
    (10) أ، ب: الشيوخ النساك.
    (11) والصوفية: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (12) ب، أ، م، ن: بل في
    ============================== ======
    وينكرون القدر، وبمثل هؤلاء طال لسان المعتزلة والشيعة في المنتسبين إلى السنة، فإن من أقر بالأمر والنهي والوعد والوعيد، وفعل الواجبات وترك المحرمات، ولم يقل: إن الله خلق أفعال العباد ولا يقدر على ذلك ولا شاء [المعاصي] هو قد قصد (1) تعظيم الأمر وتنزيه الله عن الظلم وإقامة حجة الله على نفسه، لكن ضاق عطنه فلم يحسن الجمع بين قدرة الله التامة ومشيئته (2) العامة وخلقه الشامل، وبين عدله وحكمته، وأمره ونهيه، ووعده ووعيده (3) ، فجعل لله الحمد ولم يجعل له تمام الملك.
    والذين أثبتوا قدرته ومشيئته وخلقه وعارضوا بذلك أمره ونهيه ووعده ووعيده (4) ، شر من اليهود والنصارى كما قال هذا المصنف. فإن قولهم يقتضي إفحام الرسل، ونحن إنما نرد من أقوال هذا وغيره ما كان باطلا. وأما الحق فعلينا أن نقبله من كل قائل، وليس لأحد أن يرد بدعة ببدعة، ولا يقابل باطلا بباطل، والمنكرون للقدر وإن كانوا في بدعة فالمحتجون به على الأمر أعظم بدعة، وإن كان أولئك يشبهون المجوس فهؤلاء يشبهون المشركين المكذبين للرسل (5) الذين قالوا: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء.
    وقد كان في أواخر عصر الصحابة [رضي الله عنهم أجمعين] (6) جماعة من هؤلاء القدرية، وأما المحتجون بالقدر على الأمر فلا تعرف لهم طائفة

    **_________
    (1) م، ن: وقد قصد.
    (2) أ، ب، ع: وبين مشيئته.
    (3) ساقط من (م) فقط
    (4) ساقط من (م) فقط.
    (5) المكذبين للرسل، ساقطة من (ع) .
    (6) رضي الله عنهم أجمعين: ساقطة من (ن) ، (م)
    ============================== ========
    من طوائف المسلمين معروفة، وإنما كثروا في المتأخرين، وسموا هذا حقيقة، وجعلوا الحقيقة تعارض الشريعة، ولم يميزوا بين الحقيقة الدينية الشرعية التي تتضمن تحقيق أحوال القلوب كالإخلاص والصبر والشكر والتوكل والمحبة لله، وبين الحقيقة الكونية القدرية التي يؤمن بها ولا يحتج بها على المعاصي لكن يسلم إليها عند المصائب.
    فالعارف يشهد القدر في المصائب فيرضى ويسلم ويستغفر ويتوب من الذنوب والمعايب، كما قال تعالى: {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك} [سورة غافر: 55] ، فالعبد مأمور بأن يصبر على المصائب ويستغفر من المعايب.

    **[حديث احتجاج آدم وموسى عليهما السلام]

    ومن هذا الباب حديث احتجاج آدم وموسى عليهما السلام، قد أخرجاه في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، وروي بإسناد جيد عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " «احتج آدم وموسى» " وفي لفظ «أن موسى قال: " يا رب أرني (1) آدم الذي أخرجنا من الجنة بخطيئته، فقال موسى: يا آدم (2) أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال له آدم (3) : أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه، وكتب لك التوراة بيده، فبكم تجد فيها مكتوبا: " {وعصى آدم ربه فغوى} " قبل أن

    **_________
    (1) ع: أرنا.
    (2) يا آدم: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (3) آدم: ساقطة من (ب) ، (أ)
    ============================== ====
    أخلق؟ قال: بأربعين سنة (1) قال: فحج آدم موسى، فحج آدم موسى ".» (2) .
    فهذا الحديث ظن فيه (3) طوائف أن آدم احتج بالقدر على الذنب، وأنه حج موسى بذلك، فطائفة من هؤلاء يدعون التحقيق والعرفان يحتجون بالقدر على الذنوب مستدلين بهذا الحديث، وطائفة يقولون: الاحتجاج بهذا سائغ (4) في الآخرة لا في الدنيا، [وطائفة يقولون: هو حجة للخاصة المشاهدين للقدر دون العامة] (5) ، وطائفة كذبت هذا الحديث (6) كالجبائي وغيره، وطائفة تأولته تأويلات فاسدة (7) مثل قول بعضهم: إنما حجه لأنه كان

    **_________
    (1) ب: فكم تجد فيها مكتوبا فعصى آدم ربه فغوى. قال قبل أن يخلقك بأربعين سنة، أ: فبكم تجد فيها مكتوبا فعصى آدم ربه فغوى قبل أن يخلقك بأربعين سنة ; ع: فبكم تجد فيها مكتوب وعصى آدم ربه فغوى قبل أن أخلق بأربعين سنة ; ن، م: فكم تجد فيها مكتوبا وعصى آدم ربه فغوى قبل أن أخلق. قال: بأربعين سنة، ولعل الصواب ما أثبته.
    (2) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 9/148 (كتاب التوحيد باب وكلم الله موسى تكليما) مسلم 4/2042 - 2044 (كتاب القدر باب حجاج آدم وموسى) ، سنن ابن ماجه (المقدمة باب في القدر، 1/31 - 32 المسند ط المعارف 13، 177، 14/23، 56، 245، والحديث عن أبي هريرة وعن عمر رضي الله عنهما في سنن أبي داود 4/311، 312 (كتاب السنة باب في القدر) .
    (3) فيه: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (4) ب: الاستدلال به سائغ، أ: الاستدلال به شائع ; ن: الاحتجاج به سائغ ; م: الاحتجاج سائغ.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (م) ، (ن) .
    (6) م، ن: وطائفة كذبت به ; ع: وطائفة كذبت بهذا الحديث.
    (7) ب، أ: تأويلا فاسدا، ونقل مستجى زاده في هامش (ع) ، كلام ابن تيمية الذي يبدأ بعبارة ((وطائفة كذبت بهذا الحديث)) وينتهي عند هذا الموضع ثم علق قائلا: قلت: وذلك دأب القدرية إذا ورد حديث يخالف قواعدهم التي اخترعوها يردون ذلك الحديث وينكرون وروده، وإن كان مما اتفق عليه الشيخان: البخاري ومسلم، أو يؤولونه. ومنشأ ذلك كله أن الأدلة العقلية متقدمة على الأدلة النقلية، فشكر الله تعالى سعي أهل الحق، وأيدهم ونصرهم حيث لا يردون حديثا ثبت عن صاحب الشرع لاستبعاد عقولهم، اللهم إلا ما شذ من الماتريدية، لكن الأشاعرة والحنابلة سداهم ولحمتهم قبول الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مخبتين عن إنكارها وإن كانت مخالفة لعقولهم وقياساتهم
    ============================== ===
    قد تاب (1) ، وقول آخر: كان أباه (2) والابن لا يلوم أباه، وقول بعضهم: كان الذنب في شريعة (3) واللوم في أخرى.
    وهكذا كله تعريج عن مقصود الحديث، فإن الحديث إنما تضمن التسليم للقدر عند المصائب، فإن موسى لم يلم آدم لحق الله الذي في الذنب، وإنما (4) لامه لأجل ما لحق الذرية من المصيبة ; ولهذا قال أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة. وقال: لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ وهذا (5) روي في بعض طرق الحديث وإن لم يكن في جميعها.
    وهو حق (6) ، فإن آدم كان قد تاب من الذنب، وموسى أعلم بالله من

    **_________
    (1) ن: إنها حجة لأنه كان تاب ; م: إنها حجة لأنه قد كان تاب ; ب، أ: إنها حجة لأنه كان قد تاب.
    (2) ب، أ: والقول الآخر إنه كان أباه ; م: وقول آخر لأنه كان أباه.
    (3) ب، أ: وقال الآخرون الذنب كان في شريعته، م: وقول آخر كان الذنب في شريعته، ن: وقول بعضهم كان الذنب في شريعته.
    (4) م: لحق الله في الذنب إنما ; ن: بحق الله في الذنب إنما ; ع: لخلق الله الذي في الدنيا إنما. وفي رسالة الاحتجاج بالقدر (مجموعة الرسائل الكبرى 2/100، مجموعة فتاوى الرياض 8/262 - 272) يقول ابن تيمية: ((الصواب في قصة آدم وموسى أن موسى لم يلم آدم إلا من جهة المصيبة التي أصابته وذريته بما فعل، لا لأجل أن تارك الأمر مذنب عاصي)) .
    (5) أ، ب: هكذا.
    (6) ع: فهو حق
    ============================== ===

    أن يلوم تائبا، وهو أيضا قد تاب حيث قال: {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي} [سورة القصص: 16] وقال: {سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} [سورة الأعراف: 143] ، وقال: {فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك} [سورة الأعراف: 155، 156] ، وأيضا فإن المذنبين من الآدميين كثير، فتخصيص (1) آدم باللون دون الناس لا وجه له.
    وأيضا فآدم وموسى أعلم بالله من أن يحتج أحدهما على الذنب بالقدر ويقبله الآخر، فإن هذا لو كان مقبولا لكان لإبليس الحجة بذلك أيضا (2) ، ولقوم نوح وعاد وثمود وفرعون.
    وإن كان من احتج على موسى بالقدر لركوب الذنب قد حجه، ففرعون أيضا يحجه بذلك (3) . وإن كان آدم إنما حج موسى لأنه رفع اللوم (4) عن المذنب (5) لأجل القدر فيحتج بذلك (6) عليه إبليس من امتناعه من السجود لآدم، وفي الحقيقة هذا إنما هو احتجاج على الله (7) ، وهؤلاء هم خصماء الله القدرية الذين يحشرون (8) يوم القيامة إلى النار حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد.

    **_________
    (1) ن، م: فتخصص.
    (2) أ، ب: وأيضا.
    (3) بذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ب (فقط) : دفع اللوم.
    (5) أ، ب: عن الذنب.
    (6) بذلك: ساقطة من (ع) .
    (7) أ، ب: وفي الحقيقة إنما احتج على الله، والعبارة في (م) غير مستقيمة.
    (8) أ، ب: يجرون
    ============================== ===
    والآثار المروية في ذم القدرية تتناول هؤلاء أعظم من تناولها المنكرين للقدر تعظيما للأمر وتنزيها عن الظلم، ولهذا يقرنون (1) القدرية بالمرجئة لأن المرجئة تضعف أمر الإيمان والوعيد (2) ، وكذلك هؤلاء القدرية تضعف أمر الله بالإيمان والتقوى ووعيده، ومن فعل هذا كان ملعونا في كل شريعة كما روي: لعنت القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبيا.
    والخائضون في القدر بالباطل (3) ثلاثة أصناف: المكذبون به، والدافعون للأمر والنهي [به] (4) ، والطاعنون على الرب عز وجل بجمعه بين الأمر والقدر، وهؤلاء شر الطوائف ويحكى (5) في ذلك مناظرة عن إبليس والدافعون به للأمر (6) بعدهم في الشر، والمكذبون به بعد هؤلاء.
    وأنت إذا رأيت تغليظ السلف على المكذبين بالقدر فإنما ذاك لأن الدافعين للأمر لم يكونوا يتظاهرون بذلك، ولم يكونوا موجودين كثيرين، وإلا فهم شر منهم، كما أن الروافض شر من الخوارج في الاعتقاد، ولكن الخوارج أجرأ على السيف والقتال منهم، فلإظهار القول ومقاتلة المسلمين عليه (7) جاء فيهم ما لا يجيء فيمن هم (8) من جنس المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.

    **_________
    (1) أ، ب: يقربون، وهو خطأ.
    (2) أ، ب:. . . . . . . . بالمرجئة بضعف أمر الإيمان والوعيد.
    (3) ع، أ: والخائضون بالقدر في الباطل.
    (4) به: زيادة في (ع) .
    (5) أ، ب: وحكى.
    (6) أ، ب: والدافعون وللأمر به ; ن، م: فالدافعون به للأمر.
    (7) عليه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) أ، ب: فيمن هو، م: في غيرهم
    ==============================




  5. #185
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (182)
    صـ 83 إلى صـ 90




    فتبين أن آدم احتج على موسى بالقدر من جهة المصيبة التي لحقته ولحقت الذرية، والمصيبة تورث نوعا من الجزع يقتضي لوم من كان سببها، فتبين له أن هذه المصيبة وسببها كان مقدورا مكتوبا، والعبد مأمور أن يصبر على قدر الله ويسلم لأمر الله (1) فإن هذا من جملة ما أمره (2) الله به، كما قال تعالى: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} [سورة التغابن: 11] قالت (3) طائفة من السلف كابن مسعود: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.
    [فهذا الكلام الذي قاله هذا المصنف وأمثال] هذا الكلام يقال لمن احتج بالقدر (4) على المعاصي، ثم يعلم أن هذه الحجة باطلة بصريح العقل عند كل أحد مع الإيمان بالقدر.
    وبطلان هذه الحجة لا يقتضي التكذيب بالقدر، وذلك أن بني آدم مفطورون على احتياجهم إلى جلب (5) المنفعة ودفع المضرة، لا يعيشون ولا يصلح لهم دين ولا دنيا إلا بذلك، فلا بد أن يأتمروا (6) وإنما فيه تحصيل (7) منافعهم ودفع مضارهم، سواء بعث إليهم رسول أو لم يبعث، لكن علمهم بالمنافع والمضار بحسب عقولهم وقصودهم، والرسل (8) صلوات الله عليهم

    **_________
    (1) ع، ن، م: لأمره.
    (2) ع، م: ما أمر.
    (3) ع، ن، م: قال.
    (4) ن، م: ويسلم، وهذا الكلام يقال لمن يحتج بالقدر.
    (5) ن، م: طلب.
    (6) ب: يتآمروا، م: يأمروا.
    (7) أ، ب: محصل.
    (8) أ، ب: وقصورهم فالرسل. . . إلخ
    ==========================
    بعثوا بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها فأتباع الرسل أكمل الناس في ذلك، والمكذبون للرسل انعكس الأمر في حقهم، فصاروا يتبعون المفاسد ويعطلون المصالح، فهم شر الناس، ولا بد لهم مع ذلك من أمور يجتلبونها، وأمور يجتنبونها، وأن يتدافعوا جميعا ما يضرهم (1) من الظلم والفواحش ونحو ذلك. فلو ظلم بعضهم بعضا في دمه وماله وعرضه وحرمته (2) فطلب المظلوم الاقتصاص والعقوبة، لم يقبل أحد من ذوي العقول احتجاجه بالقدر. ولو قال: اعذروني فإن هذا كان مقدرا علي. لقالوا له (3) : وأنت لو فعل بك هذا (4) فاحتج عليك ظالمك بالقدر لم تقبل منه.
    وقبول هذه الحجة يوجب الفساد الذي لا صلاح معه، وإذا كان الاحتجاج بالقدر مردودا في فطر جميع الناس وعقولهم، مع أن جماهير الناس مقرون بالقدر، علم أن الإقرار بالقدر لا ينافي دفع الاحتجاج به، بل لا بد من الإيمان به، ولا بد من رد الاحتجاج به.
    ولما كان الجدل (5) ينقسم إلى حق وباطل، والكلام ينقسم إلى حق وباطل (6) ، وكان من لغة العرب أن الجنس إذا انقسم إلى نوعين أحدهما أشرف من الآخر، خصوا الأشرف باسمه الخاص (7) وعبروا عن الآخر

    **_________
    (1) ع: وإن تدافعوا جميعا ما يضرهم ; م، ن: وأن يتدافعوا ما يضرهم جميعا.
    (2) ب: في دمه أو ماله أو حرمه ; أ: في دمه وماله وحرمته ; م: في ذمته وماله وعرضه وحرمته.
    (3) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) أ، ب: ذلك.
    (5) ن، م: الجدال.
    (6) ساقط من (ع) .
    (7) أ، ب: بالاسم الخاص
    ============================
    بالاسم العام (1) ، كما في لفظ الجائز العام والخاص (2) ، والمباح العام والخاص، وذوي الأرحام العام والخاص ولفظ الحيوان (3) العام والخاص، فيطلقون (4) لفظ الحيوان على (5) غير الناطق لاختصاص الناطق باسم الإنسان.
    وعملوا في لفظ الكلام والجدل كذلك، فيقولون (6) : فلان صاحب كلام ومتكلم (7) إذا كان قد يتكلم (8) بلا علم، ولهذا ذم السلف أهل الكلام. وكذلك الجدل إذا لم يكن (9) الكلام بحجة صحيحة لم يك إلا جدلا محضا.
    والاحتجاج بالقدر من هذا الباب، كما في الصحيح عن علي رضي الله عنه، قال: " «طرقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة فقال: " ألا تقومان تصليان؟ " (10) فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء يبعثنا بعثنا. قال فولى وهو يقول: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} » (11) [سورة الكهف: 54] فإنه لما أمرهم بقيام الليل فاعتل علي

    **_________
    (1) م فقط: باسمه العام.
    (2) م فقط: كما في اسم الجائز الخاص والعام.
    (3) أ، ب: ولفظ الجواز.
    (4) أ، ب: ويطلقون.
    (5) ن، م: عن.
    (6) ب: غلبوا في لفظ الكلام والجدل فلذلك يقولون ; أ: علوا في لفظ الكلام والجدل فكذلك يقولون ; م، ن: وكذلك فعلوا في لفظ الكلام والجدل فيقولون.
    (7) ع: ويتكلم.
    (8) م (فقط) : قد تكلم.
    (9) ب: أهل الكلام والجدل فإذا لم يكن. . . ; م: أهل الكلام وكذلك أهل الجدل إذا لم يكن. . .
    (10) ن: فتصليان.
    (11) الحديث عن علي رضي الله عنه في: البخاري 6/88 (كتاب التفسير، سورة الكهف، 2/50 (كتاب التهجد، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل. . .) ، المسند (ط المعارف) 2/89، 172
    ============================== =====
    [رضي الله عنه] (1) بالقدر، وأنه لو شاء الله لأيقظنا (2) . (3) ، فقال وكان الإنسان أكثر شيء جدلا.
    **[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر تجويز أن يعذب الله سيد المرسلين على طاعته]

    (فصل) قال [الرافضي] (4) : " ومنها تجويز أن يعذب الله سيد المرسلين على طاعته (5) ، ويثيب إبليس على معصيته، لأنه يفعل لا لغرض، فيكون فاعل الطاعة سفيها لأنه يتعجل بالتعب في الاجتهاد في العبادة، وإخراج ماله في عمارة المساجد والربط والصدقات، من غير نفع يحصل له، لأنه قد يعاقبه على ذلك، ولو فعل عوض ذلك ما يلتذ به ويشتهيه من أنواع المعاصي قد يثيبه، فاختيار الأول يكون (6) سفها عند كل عاقل. والمصير إلى المذهب يؤدي إلى خراب العالم واضطراب أمور الشريعة (7) المحمدية وغيرها " (8) .
    والجواب (9) من (10) وجوه: أحدها (11) : أن هذا الذي قاله باطل باتفاق

    **_________
    (1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: وأن الله لو شاء لأيقظنا
    (3) علم النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا ليس فيه إلا مجرد الجدل الذي ليس بحق
    (4) الرافضي: في (ع) فقط، والكلام التالي في (ك) 1/86 (م) .
    (5) في (ك) : ومنها تجويز أن يعذب الله تعالى الأنبياء عليهم السلام ويعاقب على طاعتهم ويعاقب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وآله على طاعته.
    (6) م: فاختيار الأول قد يكون ; ن: واختيار الأول يكون.
    (7) أ، ب: الأمور الشرعية.
    (8) وغيرها: ليست في (ك) ، وفي (م) : وغيره.
    (9) م: فيقال الجواب ; ن: فيقال والجواب.
    (10) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (11) ساقط من (أ) ، (ب)
    ============================== =======
    المسلمين، فلم يقل أحد منهم أن الله قد يعذب أنبياءه (1) ولا أنه قد يقع منه عذاب أنبيائه، بل هم متفقون على أنه يثيبهم لا محالة (2) [لا يقع منه غير ذلك] (3) ، لأنه وعد بذلك وأخبر به، وهو صادق الميعاد، وعلم ذلك بالضرورة.
    ثم من (4) متكلمة أهل السنة المثبتين للقدر من يقول: إنما علم ذلك بمجرد خبره الصادق (5) ، وهي الدلالة السمعية المجردة.
    ومنهم من يقول: بل قد يعلم ذلك بغير الخبر ويعلم بأدلة عقلية. وإن كان الشارع قد نبه عليها وأرشد إليها، كما إذا علمت حكمته ورحمته وعدله علم أن ذلك يستلزم إكرام من هو متصف بالصفات المناسبة لذلك، [كما] قالت: خديجة [رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم] قبل (6) أن تعلم أنه نبي: والله لا يخزيك الله أبدا (7) ، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق (8) .

    **_________
    (1) أ، ب: فلم يقل أحد منهم: الله يعذب نبيا.
    (2) أ، ب: على أن الله يثيبهم لا محالة ; ن: على أنه لا بد أن يثيبهم لا محالة، م: على أنه لا بد أن يثيبهم على محاله.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ب: بالضرورة إذ من. . . . إلخ، أ: بالضرورة من. . إلخ.
    (5) ن، م: خبر الصادق.
    (6) أ، ب: كما قالت خديجة رضي الله عنها قبل. . . . . . ; ن: قالت خديجة قبل أن تعلم ; م: قالت خديجة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل. . . . ; ع: كما قالت خديجة قبل. . . . .، ولعل الصواب ما أثبته.
    (7) أبدا: في (ن) ، (م) فقط.
    (8) هذا جزء من حديث طويل عن عائشة رضي الله عنها، وأوله وهذا لفظ البخاري: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي. . . . .، الحديث. والحديث في: البخاري 1/3 - 4 (كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي) ، وتكرر الحديث في البخاري في مواضع كثيرة، انظر فتح الباري ط السلفية: الأرقام: 3392، 4953، 4955، 4956، 4957، 6982، والحديث عن عائشة رضي الله عنها في مسلم 1/139 - 142 (كتاب الإيمان باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، المسند ط الحلبي 6/223، 233
    ============================== ==
    وقد قال الله تعالى: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} [سورة الجاثية: 21] وهذا استفهام إنكار (1) يقتضي الإنكار على من يحسب (2) ذلك ويظنه، وإنما ينكر على من ظن أو حسب (3) ما هو خطأ باطل يعلم بطلانه، لا من ظن ظنا ما (4) ليس بخطأ ولا باطل.
    فعلم أن التسوية بين أهل الطاعة [وبين] أهل (5) المعصية مما يعلم بطلانه، وأن ذلك من الحكم السيئ (6) الذي ينزه الله عنه.
    ومثله قوله تعالى (7) : {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} [سورة ص: 28] ، وقوله تعالى (8) : {أفنجعل المسلمين كالمجرمين - ما لكم كيف تحكمون} [سورة القلم: 35، 36] ، وفي الجملة التسوية (9) بين الأبرار

    **_________
    (1) أ، ب: إنكاري.
    (2) ن، م: على من يقول يحسب.
    (3) أو حسب: في (ع) ، وفي سائر النسخ: وحسب.
    (4) ما: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) ع، ن، م: وأهل.
    (6) أ، ب: من أظلم الشيء، وهو تحريف.
    (7) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (8) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (9) ن، م: وبالجملة فالتسوية
    ============================== ==
    والفجار، والمحسنين والظالمين وأهل الطاعة، وأهل المعصية حكم باطل يجب تنزيه الله عنه، فإنه ينافي عدله وحكمته (1) وهو سبحانه كما ينكر التسوية بين المختلفات (2) فهو يسوي بين المتماثلات، كقوله سبحانه وتعالى: {أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر} [سورة القمر: 43] ، وقوله: {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم} الآية [سورة آل عمران: 11] ، وقوله: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} [سورة يوسف: 111] ، وقوله: {فاعتبروا ياأولي الأبصار} [سورة الحشر: 2] ، وقوله: {ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم} [سورة النور: 43] ، وقوله: {وتلك الأمثال نضربها للناس} [سورة العنكبوت: 43] .
    الوجه الثاني: أن قوله (3) : " ومنها تجويز تعذيب الأنبياء وإثابة الشياطين "، إن أراد به أنهم يقولون إن الله قادر على ذلك فهو لا ينازع في القدرة. وإن أراد أنا هل (4) نشك: هل يفعله (5) أو لا يفعله؟ فمعلوم أنا لا نشك في ذلك، بل نعلم انتفاءه، وعلمنا بانتفائه (6) مستلزم لانتفائه (7) .

    **_________
    (1) ع: وحكمه.
    (2) أ، ب: المخلوقات.
    (3) أن قوله: ساقطة من (ع) .
    (4) هل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م: فعله.
    (6) أ، ب: انتفاءه، م: لانتفائه.
    (7) في (أ) ، (ب) : بعد كلمة " لانتفائه "، توجد عبارة: " وأنه لو فعل ذلك لم يكن ظالما ". ومكان هذه الجلمة بعد سطر آخر، والظاهر أن الناسخ كتبها في هذا الموضع سهوا
    ============================== ==
    وإن أراد أن من قال إنه يفعل لا لحكمة يلزمه تجويز وقوع ذلك [منه] (1) وإمكان وقوعه منه (2) وإنه لو فعل ذلك لم يكن ظالما، فلا ريب أن هذا قول هؤلاء. وهم يصرحون بذلك (3) ، لكن أكثر أهل السنة لا يقولون بذلك، بل عندهم أن الله منزه عن ذلك ومقدس عنه، ولكن على هذا لا يلزم (4) أن تكون الطاعة سفها، فإنها إنما تكون سفها إذا كان وجودها كعدمها، والمسلمون متفقون على أن وجودها نافع وعدمها مضر، وإن كانوا متنازعين: هل يجوز أن يفعل (5) الرب خلاف ذلك، فإن نزاعهم في الجواز لا في الوقوع.
    الوجه الثالث: أن يقال: لو قدر أن ذلك جائز الوقوع لم تكن الطاعة سفها، فإن هؤلاء الإمامية مع أهل السنة والجماعة (6) يجوزون الغفران لأهل الكبائر، والمعتزلة مع أهل السنة يجوزون تكفير الصغائر باجتناب الكبائر، ومع هذا فلم يكن اجتناب الكبائر والصغائر سفها، بل هذا الاجتناب واجب بالاتفاق.
    الوجه الرابع: أن يقال: فعل النوافل ليس سفها بالاتفاق، وإن جاز أن يثيب الله (7) العبد بدون ذلك لأسباب (8) أخر فالشيء الذي علم نفعه

    **_________
    (1) منه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) عبارة وإمكان وقوعه منه، ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) أ، ب: وهم لا يصرحون بذلك ; ن: وهم يصرحون به ; م: وهم مصرحون به.
    (4) أ، ب: لم يلزم.
    (5) ن: يجعل.
    (6) والجماعة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) ن، م، ع: أن الله يثيب.
    (8) ن: تلك لأسباب ; م: تلك الأسباب
    ==============================




  6. #186
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (183)
    صـ 91 إلى صـ 98




    يكون فعله حكمة محمودة، وإن جوز المجوز أن يحصل النفع بدون ذلك: كاكتساب الأموال وغيرها من المطالب بالأسباب المقتضية لذلك في العادة، فإنه ليس سفها، وإن جاز أن يحصل المال بغير (1) سعي كالميراث.
    الوجه الخامس: قوله: " لأنه يفعل لا لغرض " (2) قد تقدم جوابه، وبينا أن أكثر أهل السنة يقولون: (3) إنه يفعل لحكمة وهو مراد هذا بالغرض، [وبعض أهل السنة يصرح بأنه يفعل لغرض] (4) ، ومن قال من المثبتين للقدر: إنه يفعل لا لحكمة، فإنه يقول: وإن كان يفعل ما يشاء فقد يعلم ما يشاؤه (5) مما لا يشاؤه: إما باطراد العادة، وإما بإخبار الصادق، وإما بعلم ضروري يجعله في قلوبنا، وإما بغير ذلك.

    **[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر لا يتمكن أحد من تصديق أحد من الأنبياء]

    (فصل) قال [الرافضي] (6) : " ومنها أنه لا يتمكن أحد من تصديق أحد من الأنبياء، لأن التوصل إلى ذلك والدليل عليه إنما يتم (7) بمقدمتين: إحداهما: أن الله [تعالى] فعل المعجز على يد النبي [صلى الله عليه وسلم] (8) لأجل التصديق. والثانية: أن

    **_________
    (1) بغير: ساقطة من (ع) .
    (2) م فقط: لأنه لا يفعل إلا لغرض.
    (3) أ، ب: أهل السنة أنهم يقولون. . . إلخ.
    (4) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (5) ع، ن، م: ما شاءه.
    (6) الرافضي في (ع) فقط، والكلام التالي في (ك) 1/86 (م) 87 (م) .
    (7) إنما يتم: ساقطة من (ع) ، (م) .
    (8) الله تعالى. . . . . . . . النبي صلى الله عليه وسلم: كذا في (ع) ، (ك) إلا أنه في (ك) : النبي عليه السلام، وفي (ن) : أن الله فعل المعجزة على يد النبي، م، أ، ب: أن الله فعل المعجزة على يد النبي
    ==============================

    كل من صدقه (1) الله فهو صادق، وكلتا (2) المقدمتين لا تتم على قولهم، لأنه إذا استحال أن يفعل لغرض (3) استحال أن يظهر المعجز (4) لأجل التصديق، وإذا كان فاعلا للقبيح ولأنواع الإضلال والمعاصي (5) والكذب وغير ذلك جاز أن يصدق الكذاب، فلا يصح الاستدلال على صدق أحد من الأنبياء ولا المنذرين بشيء من الشرائع والأديان ".
    الجواب من وجوه.
    [أحدها: أن يقال] (6) : إنه قد (7) تقدم أن أكثر (8) القائلين بخلافة الخلفاء الثلاثة يقولون: إن الله يفعل لحكمة، بل أكثر أهل السنة المثبتين للقدر يقولون بذلك أيضا.
    وحينئذ فإن (9) كان هذا القول هو الصواب فهو من أقوال أهل السنة، وإن كان نفيه هو الصواب فهو من أقوال أهل السنة [أيضا] (10) ، فعلى

    **_________
    (1) ن، م: صدق.
    (2) وكلتا: كذا في (ك) 1/87 (م) ، وفي سائر النسخ: وكلا وهو خطأ.
    (3) ع: لا لغرض، وهو خطأ.
    (4) أ، ب: أن يظهر المعجزة ; م: أن يفعل المعجزة.
    (5) أ، ب، ع: الضلال والمعاصي ; ن، م: المعاصي والإضلال. والمثبت عن (ك) .
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) إنه: ساقطة من (ع) ، قد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) أكثر: ساقطة من (ع) .
    (9) ن، م: أحدها فإنه، وهو خطأ.
    (10) أ، ب: كان من أقوال أهل السنة أيضا، وسقطت أيضا من (ن) ، (م)
    ============================
    التقديرين [لا] (1) يخرج الحق عن قولهم، بل قد يوجد في كل مذهب من المذاهب الأربعة النزاع بين أصحابه في هذا الأصل، مع اتفاقهم على إثبات خلافة الخلفاء [الثلاثة] (2) ، وعلى إثبات القدر وأن الله خالق أفعال العباد، ونزاع أصحاب (3) أحمد في هذا الأصل معروف، وغير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم كابن عقيل والقاضي أبي خازم (4) وغيرهما يثبتون المعجزات بأن الرب حكيم لا يجوز في حكمته (5) إظهار المعجزات على يد الكذاب، وكذلك قال أبو الخطاب (6) وغيره وكذلك أصحاب مالك والشافعي، ولعل أكثر أصحاب أبي حنيفة يقولون بإثبات الحكمة في أفعاله أيضا.
    الوجه الثاني: أن يقال: لا نسلم (7) أن تصديق الرسول (8) لا يمكن إلا بطريق الاستدلال بالمعجزات، بل الطرق الدالة (9) على صدقه طرق (10) متعددة غير طريق المعجزات. كما [قد] (11) بسط في غير هذا الموضع. ومن

    **_________
    (1) لا: ساقطة من (ن) .
    (2) الثلاثة: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (3) أصحاب: ساقطة من (ع) .
    (4) في كل النسخ: أبي حازم. وسبقت ترجمة أبي خازم محمد بن محمد بن الحسين الفراء المتوفى سنة 527: 1/143، 2/286.
    (5) أ، ب، م: في حكمه ; ن: في إظهار حكمته.
    (6) وهو أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد الكلوذاني المتوفى سنة 510 وسبقت ترجمته 1/144.
    (7) م فقط: لا يعلم.
    (8) ن، م: النبي.
    (9) ب: بل طريق الدلالة، أ: بل الطريق الدلالة.
    (10) طرق: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (11) قد ساقطة من (ن) ، (م)
    ==============================
    قال: إنه لا طريق إلا ذلك كان عليه الدليل، (1) فإن النافي عليه الدليل كما على المثبت الدليل، (2) وهو لم يذكر دليلا على النفي.
    الوجه الثالث: أن يقال: لا نسلم أن دلالة المعجزة على الصدق موقوفة على أنه لا يجوز أن يفعل ما ذكر، بل دلالة المعجزة (3) على الصدق دلالة ضرورية لا تحتاج إلى نظر، فإن اقتران المعجزة (4) بدعوى النبوة يوجب علما ضروريا بأن الله أظهرها لصدقه، كما أن من قال لملك من الملوك: إن كنت أرسلتني إلى هؤلاء فانقض عادتك وقم واقعد ثلاث مرات، ففعل ذلك الملك علم بالضرورة أنه فعل ذلك لأجل تصديقه.
    الوجه الرابع: قول من يقول (5) لو لم تدل المعجزة (6) على الصدق للزم عجز البارئ عن تصديق رسوله، والعجز ممتنع عليه لأنه لا طريق إلى التصديق إلا بالمعجزة. وهذه طريقة كثير من أصحاب الأشعري ومن وافقهم، وهي طريقة القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى وغيرهما، والأولى طريقة كثير منهم أيضا، وهي طريقة أبي المعالي ومن اتبعه وكلاهما طريقة للأشعري (7) وعلى هذا فإظهار المعجزة (8) على يد الكذاب المدعي للنبوة: هل هو ممكن مقدور أم لا؟ على القولين.
    الوجه الخامس: أن يقال: قوله: إنها موقوفة على أن كل من صدقه

    **_________
    (1) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (2) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (3) ع: المعجز.
    (4) ع، م: المعجز.
    (5) ن: أن قول من يقول ; م: أن قوله من يقول.
    (6) ن، م: لو لم يدل المعجز.
    (7) ع، ن، م: طريقة الأشعري.
    (8) م فقط: المعجز
    ============================
    الله (1) فهو صادق، إنما يصح أن لو كان المعجز (2) بمنزلة التصديق بالقول، وهذا فيه نزاع. فمن الناس من يقول: بل هي بمنزلة إنشاء الرسالة، والإنشاء لا يحتمل (3) التصديق والتكذيب، فقول القائل لغيره: أرسلتك أو وكلتك أو نحو (4) ذلك إنشاء، وإذا كانت دلالة المعجزة على إنشاء الرسالة (5) لم يكن ذلك موقوفا على أنه لا يفعل إلا لغرض، ولا على أنه لا يفعل القبائح، فإن الإنشاء كالأمر والنهي (6) ونحو ذلك.
    الوجه السادس: أن يقال: قوله: لأنه إذا استحال أن يفعل لغرض استحال أن يظهر المعجز (7) لأجل التصديق، يجيب عنه من يقول: إنه لا يفعل شيئا لأجل شيء بأنه (8) قد يفعل المتلازمين كما يفعل سائر الأدلة المستلزمة لمدلولاتها، فيفعل (9) المخلوقات الدالة على وجوده وقدرته وعلمه ومشيئته (10) ، وهو قد أراد خلقها وأراد أن تكون مستلزمة لمدلولها دالة عليه لمن نظر فيها، كذلك خلق المعجزة هنا فأراد خلقها (11) وأراد أن تكون

    **_________
    (1) لفظ الجلالة ساقط من (ع) .
    (2) ب: إنما يصح لو كانت المعجزة ; أ، م: إنما يصح لو كان المعجز.
    (3) أ، ب: والإنسان لا يجهل، وهو تصحيف.
    (4) ع، ن، م: ونحو.
    (5) أ، ب: وإذا كانت دلالة المعجزة على الإنشاء للرسالة ; ن: فإذا كانت دلالة المعجزة على إنشاء إرساله ; م: فإذا كانت دلالة المعجزة على إنشاء رسالة.
    (6) ب: كالإنشاء بالأمر والنهي ; أ: فإن الإنسان كالأمر والنهي.
    (7) أ، ب: استحال أن يظهر المعجزة ; م: استحال أن يفعل المعجز.
    (8) ن: يجيب عنه من يقول إنه لا يفعل شيئا لأجل آخر، فإنه م: يجب عند من يقول إنه لا يفعل شيئا لأجل آخر بأنه.
    (9) أ، ب: لمدلولها ففعل.
    (10) ع: ومشيئته وعلمه.
    (11) أ، ب: كذلك هنا خلق المعجزة وأراد خلقها ; م: كذلك هنا خلق المعجزة قد أراد خلقها، ن: كذا هاهنا خلق المعجزة وأراد خلقها
    =============================
    مستلزمة لمدلولها الذي هو صدق الرسول، دالة على ذلك لمن نظر فيها (1) ، وإذا أراد خلقها وأراد هذا التلازم حصل المقصود من دلالتها على الصدق، وإن لم يجعل أحد المرادين (2) لأجل الآخر، إذ المقصود يحصل بإرادتهما (3) جميعا.
    فإن قيل: المعجز لا يدل بنفسه وإنما يدل للعلم (4) بأن فاعله أراد به التصديق.
    قيل: هذا موضع النزاع. ونحن ليس مقصودنا نصر قول من يقول إنه يفعل لا لحكمة، بل هذا القول مرجوح (5) عندنا، وإنما المقصود (6) أن نبين حجة القائلين بالقول الآخر، وأرباب هذا القول خير من المعتزلة والشيعة.
    وأما قوله: " إذا كان فاعلا للقبيح جاز أن يصدق الكذاب "، هذه حجة ثانية (7) ، وجواب ذلك أن يقال: ليس في المسلمين من يقول إن الله يفعل ما هو قبيح منه، ومن قال إنه خالق أفعال العباد، يقول: إن ذلك الفعل قبيح (8) منهم لا منه كما أنه ضار لهم (9) لا له.
    ثم منهم من يقول: إنه فاعل ذلك الفعل، والأكثرون يقولون:

    **_________
    (1) فيها: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) ن: وإن لم يحصل أحد المرادين ; م: وإن لم يحصل أحد الأمرين.
    (3) م: إذا المقصود ويحصل بإزائهما.
    (4) أ، ب: العلم.
    (5) ع: بل هذا مرجوح ; ن: بل هذا القول مرجوع ; م: بل هذا القول بمرجوح.
    (6) أ، ب: والمقصود.
    (7) ب: هذه الحجة ثانية ; أ: هذه الحجة ثابتة ; ن: وهذه حجة ثابتة ; م: وهذه حجة ثانية.
    (8) أ، ب: القبيح.
    (9) أ، ب، ن، م: كما أنه صار لهم
    ============================== ====
    [إن] (1) ذلك الفعل مفعول له وهو فعل للعبد (2) ، وأما نفس خرق العادة فليست فعلا للعباد (3) حتى يقال: إنها قبيحة منهم، فلو قدر (4) فعل ذلك لكان (5) قبيحا منه لا من العبد، والرب منزه عن فعل القبيح.
    فمن قال: إذا خلق الله ما هو ضار للعباد جاز أن يفعل ما هو ضار (6) كان قوله باطلا. كذلك إذا جاز أن يخلق فعل العبد [الذي] (7) هو قبيح من العبد وليس (8) خلقه قبيحا منه، لم يستلزم أن يخلق ما هو قبيح منه لا فعل للعبد فيه.
    وتصديق الكذاب إنما يكون بإخبار (9) أنه صادق، سواء كان ذلك بقول أو فعل (10) يجري مجرى القول، وذلك ممتنع منه لأنه صفة نقص، والله سبحانه منزه عن النقائص بالعقل (11) وباتفاق العقلاء.
    ومن قال: إنه لا يتصور منه فعل قبيح، بل كل ما يمكن فعله فهو حسن إذا فعله، يقول: إن ما يستلزم سلب صفات الكمال وإثبات النقص له، فهو ممتنع عليه: كالعجز والجهل ونحو ذلك، والكذب صفة نقص

    **_________
    (1) إن: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: وهو فعل العبد.
    (3) ع، أ،: للعبد، م: لعباده.
    (4) قدر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) أ، ب: كان.
    (6) ن: ما هو ضارا، م: ما هو ضار لهم.
    (7) الذي ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) أ، ب، ليس.
    (9) ن، م: بإخباره.
    (10) ن، م: سواء كان ذلك القول بقول أو عمل.
    (11) أ، ب: بالنقل ; م: بالفعل
    ==============================

    بالضرورة، والصدق صفة كمال، وتصديق (1) الكذاب (2) نوع من الكذب، [كما أن تكذيب الصادق نوع من الكذب] (3) ، وإذا كان الكذب صفة نقص امتنع من الله ما هو نقص.
    وهذا المقام (4) له بسط مذكور في غير هذا الموضع (5) ، [ونحن لا نقصد تصويب قول كل (6) من انتسب إلى السنة بل نبين الحق، والحق أن أهل السنة لم يتفقوا قط على خطأ، ولم تنفرد الشيعة عنهم قط (7) بصواب، بل كل ما خالفت فيه الشيعة جميع أهل السنة فالشيعة فيه مخطئون، كما أن ما خالفت فيه اليهود والنصارى لجميع المسلمين فهم فيه ضالون، وإن كان كثير من المسلمين قد يخطئ. ومن وافق (8) جهم بن صفوان من المثبتين للقدر على أن الله لا يفعل شيئا لحكمة ولا لسبب، وأنه لا فرق بالنسبة إلى الله بين المأمور والمحظور، ولا يحب بعض الأفعال ويبغض بعضها، فقوله فاسد (9) مخالف للكتاب والسنة واتفاق السلف. وهؤلاء قد يعجزون عن بيان امتناع كثير من النقائص عليه، لا سيما إذا قال من قال منهم: إن تنزيهه عن النقص لا يعلم (10) بالعقل بل بالسمع.

    **_________
    (1) أ: والتصديق.
    (2) ن، م، ب: الكاذب ; أ: للكاذب.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) المقام: ساقط من (ع) .
    (5) الكلام بعد كلمة الموضع ساقط من (ن) ، (م) وسأشير إلى نهايته في موضعه بإذن الله.
    (6) كل: ساقطة من (ع) .
    (7) قط: ساقطة من (ع) .
    (8) أ: ومن وافقهم ; ب: وممن وافقهم.
    (9) فاسد: ساقطة من (ع) .
    (10) أ، ب: لم يعلم
    =====================




  7. #187
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (184)
    صـ 99 إلى صـ 106






    فإذا قيل لهم: لم قلتم إن الكذب ممتنع عليه؟ .
    قالوا: لأنه نقص، والنقص عليه محال.
    فيقال لهم: إن تنزيهه عندكم عن النقص (1) لم يعلم إلا بالإجماع، ومعلوم أن الإجماع منعقد على تنزيهه عن الكذب، فإن صح الاحتجاج على هذا بالإجماع فلا حاجة إلى هذا التطويل.
    وأيضا فالكلام إنما هو في العبارة الدالة على المعنى، وهذا كما قاله بعضهم: إن الله لا يجوز (2) أن يتكلم بكلام ولا يعني به شيئا.
    وقال: خلافا للحشوية.
    ومعلوم أن هذا القول لم يقله أحد من المسلمين، وإنما النزاع: هل (3) يجوز أن ينزل كلاما لا يعلم العباد معناه، لا أنه هو في نفسه لا يعني به شيئا. ثم بتقدير أن يكون في هذا نزاع، فإنه احتج على ذلك بأن هذا عبث، والعبث (4) على الله تعالى ممتنع، وهذا المحتج يجوز على الله فعل كل شيء، لا ينزهه عن فعل، فهذا (5) وأمثاله من تناقض الموافقين لقول الجهمية الجبرية في القدر كثير، لكن ليس هذا قول أئمة السنة ولا جمهورهم] (6) ، [والله أعلم] (7) .

    **_________
    (1) أ، ب: عندكم أن تنزيهه عن النقص.
    (2) أ، ب: كما قاله بعضهم إنه لا يجوز. . . . . .
    (3) أ، ب: وإنما النزاع في هل.
    (4) أ، ب: بأن هذا عيب، والعيب. . . إلخ، وهو تصحيف.
    (5) أ، ب: عن فعل هذا.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وأشرت إلى بداية السقط في موضعه من قبل.
    (7) والله أعلم: زيادة في (ع) فقط
    ==============================
    **[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر لا يصح أن يوصف الله أنه غفور حليم عفو]
    (فصل) قال [الرافضي] (1) : " ومنها أنه لا يصح أن يوصف الله أنه (2) . (3) (4) ; لأن الوصف بهذه (5) إنما يثبت لو كان الله مستحقا للعقاب في حق الفساق، بحيث إذا أسقطه (6) عنهم كان غفورا عفوا رحيما (7) . وإنما يستحق العقاب لو كان العصيان من العبد لا من الله تعالى " (8) .
    فيقال: الجواب من وجوه:.
    أحدها: أن كثيرا من أهل السنة يقولون (9) : لا نسلم أن الوصف بهذه (10) إنما يثبت لو كان مستحقا، بل الوصف بهذه (11) يثبت إذا كان قادرا على العقاب مع قطع النظر عن الاستحقاق، فإن تخصيص الاستحقاق بهذه الأمور يقتضي أنه يستحق شيئا دون شيء، وهذا ممنوع عند هؤلاء، بل له أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فإذا (12) كان قادرا على أن يعذب العصاة وهو يفعل ما يشاء، صح منه مغفرته وحلمه وعفوه (13) .

    **_________
    (1) الرافضي: زيادة في (ع) فقط.
    (2) ع: أن يوصف الرب أنه ; ك: أن يوصف الله تعالى بأنه
    (3) غفور حليم عفو
    (4) ك: بأنه غفور حليم عفو رحيم.
    (5) ك: بهذه الصفات.
    (6) ع: إذا سقط، ب: إذا أسقط.
    (7) ن، م: حليما.
    (8) تعالى: ليست في (أ) ، (ب) (ع) .
    (9) ع، ن: يقول.
    (10) أ، ب: بهذا.
    (11) أ، ب: بهذا.
    (12) ع، ن، م: وإذا.
    (13) ع: مغفرته وعفوه وحلمه ; م: مغفرته وحكمته ورحمته وعقوبته ; ن: مغفرته وحكمته وعفوه
    ========================
    الثاني: [أن يقال] (1) : إن قول القائل: " يستحق العقاب " يعني به أن عقابه للعصاة عدل منه، أو يعني به (2) أنه محتاج إلى ذلك. أما الأول فهو متفق عليه، فإن عقوبته للعصاة عدل منه باتفاق المسلمين. وإذا كان كذلك كان عفوه ومغفرته إحسانا منه وفضلا.
    وهذا يقول به من يقول: إنه خالق أفعالهم والقائلون بأنها أفعال لهم مخلوقة له (3) ، والقائلون بأنها أفعال له كسب لهم متفقون (4) ، على أن العقاب عدل منه، [وإن عني به كونه محتاجا إليه فهذا باطل باتفاق المسلمين] (5) .
    الثالث: أن يقال: المغفرة والرحمة والعفو إما أن يوصف بها وإن كان العقاب قبيحا على قول القائلين بذلك، وإما أن لا يوصف بها إلا إذا كان العقاب سائغا غير قبيح (6) . فإن كان الأول لزم أن لا يكون غفارا لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، لأن عقاب هؤلاء قبيح، والمغفرة لهم واجبة عند أهل هذا القول، ويلزم أن لا يكون رحيما بمن (7) . يستحق الرحمة من الأنبياء والمؤمنين، ويلزم أن لا يكون غفورا رحيما لمن ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء. ولما كان قد ثبت بالقرآن (8) أنه غفار للتائبين (9) رحيم بالمؤمنين،

    **_________
    (1) أن يقال: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (2) به: ساقطة من (ب) .
    (3) أ: والقائلون بأنها أفعال الله مخلوقة ; ب: فالقائلون بأنها أفعال لله مخلوقة.
    (4) ن، م: فهم متفقون.
    (5) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (6) ن: سائغا عنده قبيح ; م: شائعا عنده (وسقطت كلمة: قبيح) .
    (7) أ، ب: لمن
    (8) ب: ولما كان القرآن قد أثبت، أ: ولما كان القرآن قد ثبت.
    (9) ن، م: للتوابين
    ============================== ====
    علم أنه موصوف بالمغفرة والرحمة، (1) وإن كان العقاب منه ممتنعا بتقدير (2) أن يكون مستحقا للعقاب، فلا يمتنع أن يوصف بالمغفرة والرحمة (3) كما في مغفرته ورحمته لمن لا يحسن عقابه عندهم.
    الرابع: أن العصيان من العبد بمعنى أنه فاعله عند الجمهور، وبمعنى أنه كاسبه لا فاعله عند بعضهم، وبهذا القدر (4) يستحق الإنسان (5) أن يعاقب الظالم (6) أولى بذلك، وأما كونه خالقا لذلك فذاك أمر يعود إليه، وله في ذلك حكمة عند الجمهور القائلين بالحكمة، وذلك لم (7) يصدر إلا لمحض المشيئة عند من لا يعلل بالحكمة، [والله أعلم] والله أعلم: (8) .

    **[فصل كلام الرافضي عن تكليف ما لا يطاق عند أهل السنة والرد عليه من وجوه]

    (فصل) قال [الرافضي] (9) : " ومنها أنه يلزم (10) تكليف ما لا يطاق لأنه تكليف للكافر (11) بالإيمان ولا قدرة له عليه، وهو قبيح عقلا،

    **_________
    (1) ساقط من (ع) ، (م) .
    (2) ن: فبتقدير.
    (3) ساقط من (ع) ، (م) .
    (4) ن، م: وبهذا القول.
    (5) ن، م: الآدمي.
    (6) أ، ب: عقاب الظالم ; ن، م: لعقاب الظالم.، فاستحقاق الله أن يعاقب الظالم أ، ب: عقاب الظالم ; ن، م: لعقاب الظالم.
    (7) أ، ب: وذاك لا.
    (8) زيادة في (ع) فقط.
    (9) الرافضي: في (ع) فقط، والكلام التالي في (ك) 87 (م) .
    (10) ك: يلزم منه.
    (11) ب: لأنه كلف الكافر ; لأنه تكليف الكافر ; ك: لأنه يكلف الكافر
    ============================== ==
    والسمع قد منع منه. وقال الله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [سورة البقرة: 286] ".
    والجواب عنه (1) من وجوه: أحدها: أن المثبتين للقدر لهم في قدرة العبد قولان: أحدهما أن قدرته لا تكون إلا مع الفعل، وعلى هذا فالكافر الذي سبق في علم الله أنه لا يؤمن لا يقدر على الإيمان أبدا، وما ذكره (2) وارد على هؤلاء.
    والثاني: أن القدرة نوعان: فالقدرة المشروطة في التكليف تكون قبل الفعل وبدون الفعل، وقد تبقى (3) إلى حين الفعل. والقدرة المستلزمة للفعل لا بد أن تكون موجودة عند وجوده.
    وأصل قولهم إن الله خص المؤمنين بنعمة يهتدون بها (4) لم يعطها الكافر، وأن العبد لا بد أن يكون قادرا حين الفعل، خلافا لمن زعم أنه لا يكون قادرا إلا قبل الفعل، وأن النعمة على الكافر والمؤمن سواء، وإذا كان لا بد من قدرته (5) . حال الفعل فإذا كان قادرا قبل الفعل وبقيت القدرة إلى حين الفعل لم ينقض (6) هذا أصلهم، لكن مجرد القدرة الصالحة للضدين (7) يشترك فيها المؤمن والكافر، فلا بد للمؤمن مما (8) يخصه الله به من الأسباب التي بها يكون

    **_________
    (1) عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) ، (م) : الجواب عنه.
    (2) ع: وما ذكروه.
    (3) ع: وتبقى.
    (4) ن، م: يهتدى بها.
    (5) أ، ب، م: قدرة
    (6) أ، م، ن: لم ينقص ; ع: لم ينتقص
    (7) م فقط: للعبدين.
    (8) أ، ب: ما
    ==========================

    مؤمنا، وهذا يدخل فيه إرادته للإيمان (1) ، وهذه الإرادة يدخلونها في جملة القدرة المقارنة للفعل، وهو نزاع لفظي، وقد بين هذا في غير هذا (2) الموضع كما تقدم.
    وحينئذ فعلى قول الجمهور من أهل السنة الذين يقولون: إن الكافر يقدر على الإيمان يبطل هذا الإيراد، وعلى قول الآخرين (3) فإنهم يلتزمونه، وأي القولين كان هو الصواب فهو غير خارج عن أقوال أهل السنة (4) ولله الحمد.
    الوجه الثاني (5) : أن يقال: تكليف ما لا يطاق ينقسم إلى قسمين أحدهما: (6) ما لا يطاق للعجز عنه، كتكليف الزمن المشي وتكليف الإنسان الطيران ونحو ذلك (7) فهذا غير واقع في الشريعة عند [جماهير] (8) أهل السنة المثبتين للقدر: وليس فيما ذكره ما يقتضي لزوم (9) وقوع هذا.
    والثاني: ما لا يطاق للاشتغال بضده، كاشتغال الكافر بالكفر (10) ، فإنه هو الذي صده عن الإيمان، وكالقاعد في حال قعوده، فإن اشتغاله بالقعود (11)

    **_________
    (1) ن، م: وهذا يدخل في إرادته للإيمان، أ، ب: وهذا يدخل فيه إرادة الإيمان.
    (2) أ، ب: وقد سبق هذا.
    (3) ن (فقط) : الأكثرين.
    (4) ن، م: فأي القولين كان هو الصواب، وهو خارج عن أقوال أهل السنة، وهو خطأ.
    (5) ن، م: الثالث وهو خطأ.
    (6) أ، ب: ما لا يطاق على وجهين الأول ; ن: ما لا يطاق في تقسيم قسمين أحدهما.
    (7) ونحو ذلك: ساقطة من (ع) .
    (8) جماهير: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (9) ع: وليس فيما مضى يقتضي لزوم ; م: وليس فيما ذكره لزوم ما يقتضي.
    (10) ن، م: بكفره.
    (11) ن، م: بقعوده
    ============================== ===
    يمنعه أن يكون قائما. والإرادة الجازمة لأحد الضدين تنافي إرادة الضد (1) الآخر، وتكليف الكافر الإيمان من هذا الباب.
    ومثل هذا ليس بقبيح عقلا [عند أحد من العقلاء] (2) ، بل العقلاء متفقون على أمر الإنسان ونهيه بما (3) لا يقدر عليه حال الأمر والنهي لاشتغاله بضده، إذا أمكن أن يترك ذلك الضد (4) ويفعل الضد المأمور به.
    وإنما النزاع هل يسمى هذا تكليف ما لا يطاق لكونه تكليفا بما (5) انتفت فيه القدرة المقارنة للفعل، فمن المثبتين للقدر من يدخل هذا في تكليف ما لا يطاق، كما يقوله القاضي أبو بكر والقاضي أبو يعلى وغيرهما، ويقولون: ما لا يطاق على وجهين: منه ما لا يطاق للعجز عنه، وما لا يطاق (6) للاشتغال بضده.
    ومنهم من يقول: هذا لا يدخل فيما لا يطاق، وهذا هو الأشبه بما في الكتاب والسنة وكلام السلف، فإنه لا يقال للمستطيع المأمور بالحج إذا لم يحج إنه كلف بما لا يطيق (7) ، ولا يقال لمن أمر بالطهارة والصلاة فترك ذلك كسلا أنه كلف (8) ما لا يطيق.
    وقوله تعالى: {وكانوا لا يستطيعون سمعا} [سورة الكهف: 101] لم يرد

    **_________
    (1) ن: ضده.
    (2) ن، م: ومثل هذا لا تسلم أنه قبيح عقلا، وسقطت عبارة " عند أحد من العقلاء ".
    (3) ن: مما.
    (4) ع: إذا أمكن أن يترك الضد ; ن، م: فإذا أمكن أن يترك ذلك الضد.
    (5) ع، ن، م، أ: لما.
    (6) ع: ومنه ما لا يطاق.
    (7) أ، ب: كلف ما لا يطيق ; ن، م: بما لا يطيق.
    (8) ن، م: يكلف
    ==============================

    به هذا، فإن جميع الناس قبل الفعل ليس معهم القدرة الموجبة للفعل، فلا يختص بذلك العصاة، بل المراد أنهم يكرهون سماع الحق كراهة شديدة لا تستطيع أنفسهم [معها] سماعه (1) . لبغضهم لذلك (2) لا لعجزهم عنه، كما أن الحاسد لا يستطيع الإحسان إلى المحسود لبغضه لا لعجزه عنه (3) .
    وعدم هذه الاستطاعة لا يمنع (4) الأمر والنهي فإن الله يأمر الإنسان بما يكرهه، وينهاه عما يحبه. كما قال تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم} [سورة البقرة: 216] ، وقال: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى} [سورة النازعات: 40] ، وهو قادر على فعل ذلك إذا أراده (5) ، وعلى ترك ما نهى عنه، وليس من شرط المأمور به أن يكون (6) العبد مريدا له، ولا من شرط المنهي عنه أن يكون العبد كارها له، فإن الفعل يتوقف على القدرة والإرادة (7) ، والمشروط في التكليف أن يكون العبد قادرا على الفعل لا أن يكون مريدا له، لكنه لا يوجد إلا إذا كان مريدا له، فالإرادة (8) شرط في وجوده لا في وجوبه.
    الوجه الثالث: (9) أن تكليف ما لا يطاق إذا فسر بأنه الفعل الذي ليس له

    **_________
    (1) أ، ب لا تستطيع أنفسهم سمعه ; ن: لا تستطيع أنفسهم لسماعها ; م: لا تستطيع أنفسهم معهم سماعا
    (2) ن، ع: ذلك.
    (3) أ، ب: لا يعجز عنه.
    (4) أ، ب، ن، ع: لا تمنع. والكلمة غير منقوطة في (م) .
    (5) أ، ب: إذا أراد.
    (6) ن، م: وليس من شرط المأمور أنه يكون.
    (7) ع: على الإرادة والقدرة.
    (8) أ، ب: مريدا له والإرادة ; ع: مريدا فالإرادة.
    (9) ن، م: الرابع، وهو خطأ
    ===========================




  8. #188
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (185)
    صـ 107 إلى صـ 114






    قدرة عليه تقارن مقدورها كان دعوى (1) امتناعه بهذا التفسير مورد النزاع فيحتاج نفيه إلى دليل.
    الوجه الرابع (2) : أن من أهل الإثبات للقدر (3) من يجوز تكليف ما لا يطاق للعجز عنه، بل من غاليتهم من يجوز تكليف الممتنع لذاته، وبعضهم يدعي أن ذلك واقع في الشريعة، كتكليف أبي لهب الإيمان مع تكليف تصديق خبر الله أنه لا يؤمن، وهذا القول وإن كان مرجوحا لكن (4) هذا القدري لم يذكر دليلا على إبطال ذلك ولا على جواب معارضته، بل اكتفى بمجرد قوله وهو قبيح عقلا.
    وهؤلاء يقولون: لا مجال للعقل في تحسين ولا تقبيح، فإن لم يكمل البحث في هذه اللوازم (5) لم يكن ما ذكره حجة عليهم، فضلا عن أن يكون حجة على غيرهم من أهل الإثبات للقدر، أو على المثبتين لخلافة أبي بكر وعمر [رضي الله عنهما] . رضي الله عنهما: (6)
    **[فصل كلام الرافضي على الأفعال الاختيارية عند أهل السنة والرد عليه]
    (فصل) قال [الرافضي] (7) : " ومنها أنه يلزم أن تكون أفعالنا (8)

    **_________
    (1) أ، ب: معنى.
    (2) ن، م: الخامس، وهو خطأ.
    (3) للقدر، ساقطة من (ع) .
    (4) ع: ليس، وهو تصحيف.
    (5) م فقط: فيما ذكر في هذه اللوازم.
    (6) زيادة في (أ) ، (ب) .
    (7) الرافضي: زيادة في (ع) ، والكلام التالي في (ك) 87 (م) 88 (م) .
    (8) ن، م: أفعاله، وهو تحريف
    =========================
    الاختيارية [الواقعة] (1) بحسب قصودنا (2) ودواعينا، مثل حركتنا يمنة ويسرة، وحركة البطش باليد والرجل (3) في الصنائع المطلوبة لنا، كالأفعال الاضطرارية مثل حركة النبض وحركة الواقع من شاهق (4) بإيقاع غيره، لكن الضرورة قاضية بالفرق بينهما، فإن كل عاقل يحكم بأنا [قادرون على الحركة الاختيارية] (5) وغير قادرين على الحركة إلى السماء [من الطيران وغير ذلك] (6) .
    قال أبو الهذيل العلاف: حمار بشر أعقل من بشر ; لأن حمار بشر لو أتيت به إلى جدول صغير وضربته للعبور (7) فإنه يطفره (8) ولو أتيت به إلى جدول كبير لم يطفره (9) ; لأنه يفرق (10) بين ما يقدر على طفره (11) وما لا يقدر عليه (12) وبشر لا يفرق بين المقدور عليه وغير المقدور [عليه] (13)

    **_________
    (1) الواقعة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ك: تصورنا.
    (3) ن، م: بالرجل واليد.
    (4) أ، ب: النبض والوقوع من شاهق.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (7) ب (فقط) : لعبوره.
    (8) ع، ن: يظفره، وهو تصحيف.
    (9) ع، ن: يظفره، وهو تصحيف.
    (10) ك: لأنه فرق.
    (11) ع، ن: ظفره، وهو تصحيف.
    (12) م فقط: وما لا يقدر على ظفره.
    (13) عليه: زيادة في (ع) ، وفي (ك) : وغير المقدور، وعلق مستجى زاده في هامش (ع) على هذا الكلام بقوله: يفهم من هذا الكلام أن بشر المريسي لم يوافق المعتزلة في الأفعال الاختيارية للعباد بأنها بخلقهم وإيجادهم، بل بخلق الله تعالى وحده مثل قول الأشعري، إلا أنه يقول في القرآن مثل قول المعتزلة بأنه مخلوق، والشائع منه أنه ملتزم لأصول أهل السنة جميعا سوى هذا القول، ومثله ضرار الذي هو رئيس الضرارية أنه على أصول أهل الحق إلا أنه ينكر عذاب القبر مثل أكثر أهل الاعتزال، فنسب إلى الاعتزال بسبب هذا القول مثل بشر نسب إلى الاعتزال بسبب القول بخلق القرآن، مع أن رئيس أهل الاعتزال وهو أبو الهذيل يطعنه ويذمه لمخالفته مذهبه. "
    ============================== ==
    والجواب: أن هذا إنما يلزم من يقول إن العبد لا قدرة له على أفعاله الاختيارية، وليس هذا قول إمام معروف ولا طائفة معروفة من طوائف أهل السنة (1) ، بل ولا من طوائف المثبتين للقدر، إلا ما يحكى (2) عن الجهم بن صفوان وغلاة المثبتة أنهم سلبوا العبد قدرته، وقالوا: إن حركته كحركة الأشجار بالرياح، إن صح النقل عنهم (3) .
    وأشد الطوائف قربا من هؤلاء هو الأشعري ومن وافقه من الفقهاء من (4) أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، وهو مع هذا يثبت للعبد قدرة محدثة واختيارا، ويقول إن الفعل كسب للعبد، لكنه يقول: لا تأثير لقدرة العبد في إيجاد المقدور.
    فلهذا قال من قال: إن هذا الكسب الذي أثبته الأشعري غير معقول. وجمهور أهل الإثبات على أن العبد فاعل لفعله حقيقة (5) ، وله قدرة واختيار، وقدرته مؤثرة في مقدورها، كما تؤثر القوى والطبائع (6) وغير ذلك من الشروط والأسباب.

    **_________
    (1) أ، ب: من الطوائف من أهل السنة.
    (2) ن: ما حكي.
    (3) عنهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) الفقهاء من: زيادة في (ن) .
    (5) م فقط: جميعه.
    (6) ب (فقط) : القوى الطبائع
    ==============================
    فما ذكره لا يلزم جمهور أهل السنة، وقد قلنا غير مرة: نحن لا ننكر أن يكون في بعض أهل السنة من يقول الخطأ، لكن لا يتفقون على خطأ، كما تتفق الإمامية على خطأ، بل كل مسألة خالفت فيها الإمامية أهل (1) السنة فالصواب فيها مع أهل السنة. وأما ما تنازع فيه أهل السنة وتنازعت فيه الإمامية، فذاك لا اختصاص له بأهل السنة ولا بالإمامية.
    وبالجملة فجمهور أهل السنة من السلف والخلف يقولون: إن العبد له قدرة وإرادة وفعل، وهو فاعل حقيقة، والله خالق ذلك كله كما هو خالق كل شيء، كما دل على ذلك الكتاب والسنة.
    قال تعالى عن إبراهيم: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [سورة البقرة: 128] ، وقال [تعالى عن إبراهيم] (2) : {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [سورة إبراهيم: 40] ، وقال [تعالى] (3) : {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا} [سورة السجدة: 24] (4) وقال [تعالى] (5) : {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين} [سورة الأنبياء: 73] وقال: {إن الإنسان خلق هلوعا - إذا مسه الشر جزوعا - وإذا مسه الخير منوعا} [سورة المعارج: 19، 21] فأخبر أن الله يجعل المسلم مسلما، والمقيم للصلاة مقيم الصلاة، والإمام الهادي إماما هاديا.

    **_________
    (1) ع، ن: لأهل.
    (2) تعالى عن إبراهيم: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) سقطت آية 24 من سورة السجدة من (ن) ، (م) .
    (5) تعالى زيادة في (أ) ، (ب)
    ============================
    وقال عن المسيح [صلى الله عليه وسلم] (1) : {وجعلني مباركا أين ما كنت} إلى قوله: {وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا} [سورة مريم: 31، 32] ، فبين أن الله هو الذي جعله برا بوالدته ولم يجعله جبارا شقيا. وهذا صريح قول أهل السنة في أن الله [عز وجل] (2) خالق أفعال العباد.
    وقال تعالى عن فرعون وقومه: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} [سورة القصص: 41] . وقد قال تعالى (3) : {لمن شاء منكم أن يستقيم - وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} [سورة التكوير: 28، 29] ، وقال تعالى: {إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا - وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما} [سورة الإنسان: 29، 30] ، وقوله (4) : {كلا إنه تذكرة - فمن شاء ذكره} [سورة المدثر: 54، 55] فأثبت مشيئة العبد، وأخبر أنها لا تكون إلا بمشيئة الرب [تعالى] (5) . (6) . وهذا صريح قول أهل السنة في إثبات مشيئة العبد، وأنها لا تكون إلا بمشيئة الرب (7) .
    وقد أخبر أن العباد يفعلون ويصنعون ويعملون ويؤمنون ويكفرون

    **_________
    (1) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) ، وفي (ن) : عليه السلام.
    (2) عز وجل: زيادة في (ع) .
    (3) أ، ب: وقال تعالى.
    (4) أ، ب: وقال.
    (5) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (7) ساقط من (أ) ، (ب)
    =============================
    ويتقون ويفسقون ويصدقون ويكذبون ونحو ذلك في مواضع كثيرة (1) ، وأخبر أن لهم استطاعة وقوة في غير موضع.
    وأئمة أهل السنة وجمهورهم يقولون إن الله خالق (2) هذا كله. والخلق عندهم ليس هو المخلوق، فيفرقون بين كون أفعال (3) العباد مخلوقة مفعولة للرب، وبين أن يكون (4) نفس فعله الذي هو مصدر فعل يفعل فعلا، فإنها فعل للعبد بمعنى المصدر، وليست فعلا للرب [تعالى] (5) بهذا الاعتبار، بل هي مفعولة له، والرب تعالى لا يتصف بمفعولاته.
    ولكن هذه الشناعات لزمت من لا يفرق بين فعل الرب ومفعوله، ويقول مع ذلك إن أفعال العباد فعل لله (6) ، كما يقول ذلك الجهم [بن صفوان] (7) وموافقوه، والأشعري وأتباعه ومن وافقهم من أتباع الأئمة (8) ولهذا ضاق بهؤلاء (9) البحث في هذا الموضع، كما قد بسط في موضعه.
    وكذلك أيضا لزمت من لا يثبت في المخلوقات (10) أسبابا وقوى وطبائع، ويقول (11) : إن الله يفعل عندها لا بها، فلزمه (12) أن لا يكون فرق بين القادر

    **_________
    (1) كثيرة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) أ، ب: خلق.
    (3) أفعال: ساقطة من (ع) .
    (4) ب (فقط) : تكون.
    (5) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) ب (فقط) : فعل الله.
    (7) بن صفوان: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (8) ع: ومن وافقه من الأئمة، ن، م: ومن وافقه من أتباع الأئمة.
    (9) أ، ب: لهؤلاء.
    (10) ع (فقط) : للمخلوقات.
    (11) أ، ب: ويقولون.
    (12) أ، ب: فلزم
    ==============================
    والعاجز، وإن أثبت قدرة وقال إنها مقترنة بالكسب، قيل له (1) : لم تثبت فرقا معقولا بين ما تثبته من الكسب وتنفيه من الفعل (2) ، ولا بين القادر والعاجز، إذا كان مجرد الاقتران لا اختصاص له بالقدرة، فإن [فعل] (3) العبد يقارن حياته وعلمه (4) وإرادته وغير ذلك من صفاته، فإذا لم يكن للقدرة تأثير إلا مجرد الاقتران فلا فرق بين القدرة وغيرها.
    وكذلك [قول] (5) من قال: إن (6) القدرة مؤثرة في صفة الفعل لا في أصله، كما يقول القاضي أبو بكر ومن وافقه، فإنه إن أثبت تأثيرا بدون خلق الرب، لزم (7) أن يكون بعض الحوادث لم يخلقه الله [تعالى] (8) ، وإن جعل ذلك معلقا بخلق الرب، فلا فرق بين الأصل والصفة.
    وأما أئمة أهل (9) السنة وجمهورهم فيقولون بما دل عليه الشرع والعقل.
    قال الله تعالى: {سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات} [سورة الأعراف: 57] (10) ، وقال: {وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها} [سورة البقرة: 164] ، وقال:

    **_________
    (1) له: ساقطة من (ع) .
    (2) ع، ن، م: بين ما أثبته من الكسب ونفيته من الفعل.
    (3) فعل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ع: وعمله.
    (5) قول: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (6) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) ب (فقط) : فإنه أثبت تأثيرا بدون خلق الرب فلزم. . . إلخ.
    (8) ع (فقط) : لزم أن لا يكون بعض الحوادث لم يخلقه الله تعالى، وهو تحريف، وسقطت تعالى من (ن) .
    (9) أهل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (10) في جميع النسخ جاءت الآية محرفة هكذا: فسقناه إلى بلد ميت فأنزلنا. . . إلخ
    ============================== ===
    {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام} [سورة المائدة: 16] ، وقال: {يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا} [سورة البقرة: 26] ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة يخبر الله تعالى أنه يحدث (1) الحوادث بالأسباب.
    وكذلك [دل] الكتاب والسنة على إثبات القوى والطبائع (2) التي جعلها الله في الحيوان وغيره، كما قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [سورة التغابن: 16] ، وقال: {أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} [سورة فصلت: 15] ، وقال: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء} [سورة الروم: 54] .
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم «لأشج عبد القيس: " إن فيك لخصلتين (3) يحبهما الله: الحلم والأناة " فقال: أخلقين تخلقت بهما (4) أم خلقين جبلت عليهما؟ فقال: " بل خلقين جبلت عليهما " فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله» (5) . ومثل هذا كثير ليس هذا موضع بسطه.
    وهؤلاء يثبتون للعبد قدرة (6) ويقولون: إن تأثيرها في مقدورها كتأثير

    **_________
    (1) ن، م: أحدث.
    (2) ن، م: وكذلك دل (سقطت دل من (ن)) الكتاب والسنة على مثل إثبات القوى والطبائع.
    (3) أ، ب: خصلتين.
    (4) ع: فيهما، م: بهذا.
    (5) سبق الكلام على هذا الحديث في هذا الجزء ص 36 وجاء فيه هناك: إن فيك لخلقين. . . إلخ.
    (6) م فقط: القدرة
    =============================



  9. #189
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (186)
    صـ 115 إلى صـ 120




    [سائر] الأسباب في مسبباتها (1) . والسبب ليس مستقلا بالمسبب (2) بل يفتقر إلى ما يعاونه، فكذلك (3) قدرة العبد ليست مستقلة بالمقدور. وأيضا فالسبب له ما يمنعه ويعوقه، وكذلك قدرة العبد (4) والله تعالى خالق السبب وما يعينه وصارف عنه ما يعارضه ويعوقه، وكذلك قدرة العبد (5)
    وحينئذ فما ذكره هذا الإمامي من الفرق الضروري (6) بين الأفعال الاختيارية الواقعة بحسب قصودنا (7) ودواعينا وبين الأفعال الاضطرارية، مثل حركة النبض وحركة الواقع من شاهق بإيقاع غيره حق (8) يقوله [جميع] (9) أهل السنة وجماعة أتباعهم، لم ينازع (10) في ذلك أحد من أئمة المسلمين الذين لهم في الأمة (11) لسان صدق من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، والفقهاء المشهورين كمالك وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه (12) وأمثال هؤلاء الذين هم أهل الاجتهاد في الدين وخلفاء المرسلين (13) .

    **_________
    (1) أ، ب: كتأثير سائر الأشياء في مسبباتها، ن، م: كتأثير الأسباب في مسبباتها.
    (2) ن: للمسبب.
    (3) ن، م، ع: وكذلك.
    (4) ساقط من (م) فقط، وفي (ب) :. . . . . السبب وما يمنعه، (أ) : السبب وما يضعه، والصواب ما أثبته من (ن) ، (ع) .
    (5) ساقط من (م) فقط، وفي (ب) :. . . . . السبب وما يمنعه، (أ) : السبب وما يضعه، والصواب ما أثبته من (ن) ، (ع) .
    (6) ع: الصوري.
    (7) أ، ب: تصورنا.
    (8) ع (فقط) : حتى، وهو تصحيف.
    (9) جميع: ساقطة من (ن) .
    (10) ع: يقوله جميع أئمة السنة وجماهير أتباعهم لم يتنازع. . ن: يقوله أهل السنة وجماهيرهم وأتباعهم لم ينازع، م: يقوله جمع أهل السنة وجماهيرهم وأتباعهم لم ينازع.
    (11) ع: في الإسلام.
    (12) سقط من (أ) ، (ب) : " بن حنبل "، و " بن راهويه "، وتكرر في (ن) ، (م) اسم الشافعي مرتين.
    (13) أ، ب: الذين لهم اجتهاد في الدين وخلف للمرسلين
    ============================== =
    وإذا كان في المثبتين للقدر من يلزمه بطلان (1) الفرق كان قوله باطلا، ومع هذا فقول (2) نفاة القدر أبطل منه، فهذا (3) القدري رد باطلا بما هو أبطل منه، وأهل السنة (4) لا يوافقونه لا على هذا ولا على هذا، لكن يقولون الحق ويعلمون أن قوله أبطل (5) .
    وذلك أن أفعال العباد حادثة كائنة بعد أن لم تكن، فحكمها حكم سائر الحوادث، وهي ممكنة من الممكنات فحكمها حكم سائر الممكنات فما من دليل يستدل به على أن بعض الحوادث والممكنات (6) مخلوقة لله إلا وهو يدل على أن أفعال العباد مخلوقة لله، فإنه قد علم أن المحدث لا بد له من محدث، وهذه المقدمة ضرورية عند جماهير العقلاء، وكذلك الممكن لا بد له من مرجح تام، فإذا كان فعل العبد (7) حادثا بعد أن لم يكن (8) فلا بد له من محدث (9) وإذا قيل (10) : المحدث هو العبد، فيكون العبد صار محدثا له بعد أن لم يكن، هو أيضا أمر حادث (11) فلا بد له من محدث، إذ لو كان العبد

    **_________
    (1) ن، م: إبطال.
    (2) أ، ب: قول.
    (3) ن، م: وهذا.
    (4) أ، ب: وأهل الشيعة، وهو تحريف.
    (5) أ، ب: باطل.
    (6) ن: الحوادث ممكنة ; م: الحوادث (وسقطت كلمة: الممكنات) .
    (7) العبد: ساقطة من (ع) .
    (8) ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (9) ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (10) أ، ب، م: فإذا قيل.
    (11) ع (فقط) :. . . هو العبد. فكون العبد محدثا له بعد أن لم يكن هو أيضا أمر حادث. وفي (أ) ، (ب) :. . . فهو أيضا أمر حادث
    ============================== =
    لم يزل محدثا له لزم دوام ذلك الفعل الحادث، وإذا كان إحداثه (1) له حادثا فلا بد له من محدث.
    وإذا قيل: المحدث إرادة العبد. قيل: فإرادته أيضا حادثة، فلا بد لها من محدث. وإن قيل: حدثت (2) بإرادة من العبد (3) . قيل: تلك الإرادة (* أيضا لا بد لها من محدث، فأي محدث فرضته في العبد (4) إن كان حادثا فالقول فيه كالقول في الحادث الأول *) (5) ، وإن جعلته قديما أزليا كان هذا ممتنعا، لأن ما يقوم بالعبد لا يكون قديما أزليا.
    وإن قلت: هو وصف للعبد (6) وهي قدرته المخلوقة فيه مثلا، لم ينفعك (7) هذا لوجوه: أحدها: أن يقال: فإذا كانت (8) . [هذه] (9) القدرة المخلوقة فيه موجودة قبل حدوث الفعل وحين حدوثه، فلا بد (10) من سبب آخر حادث ينضم إليها (11) ، وإلا لزم ترجيح أحد المثلين على الآخر (12) بلا مرجح، وحدوث الحوادث بلا سبب حادث، وإلا فإذا كان (13) حال العبد قبل أن

    **_________
    (1) ب: إعادته، أ: إجادته، وهو تحريف.
    (2) ن، م: حدث.
    (3) ع: بإرادة العبد.
    (4) ع: في العبد فرضته.
    (5) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
    (6) أ، ب: وصف العبد.
    (7) ب: لم يتعقل، أ: لم ينفعل وهو تصحيف.
    (8) أ، ب: إذا كانت
    (9) هذه في (ع) فقط.
    (10) أ، ب: فلا بد له.
    (11) ن، م: يضم إليها.
    (12) على الآخر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (13) ب: فإنه إذا كان، أ: قال إذا كان، وهو تحريف
    ==============================
    يفعل وحاله حين الفعل سواء لا مزية (1) لأحد الحالين على الآخر (2) ، وكان تخصيص هذه الحال بكونه فاعلا فيها دون الأخرى ترجيحا لأحد المتماثلين (3) بدون (4) مرجح.
    وهكذا إذا قيل: فعله يمكن أن يكون وأن لا يكون، والممكن لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح تام، والمرجح إذا (5) . كان من العبد فالقول فيه كالقول في الفعل، فلا بد أن يكون المرجح التام من الله تعالى، وأن يستلزم وجوده وجود الفعل، وإلا لم يكن تاما.
    ولأجل هذا اتفق أهل السنة المثبتون للقدر على أن الله خص المؤمنين بنعمة دون الكافرين (6) بأن هداهم للإيمان، ولو كانت نعمته على المؤمنين مثل نعمته على الكافرين لم يكن المؤمن مؤمنا.
    كما قال تعالى: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون} [سورة الحجرات: 7] ، وقال تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} [سورة الحجرات: 17] ، وقال تعالى: {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [سورة البقرة: 212] ، وقال تعالى:

    **_________
    (1) ن: ولا مزية، م: أو لا مزية.
    (2) ن، م: على الأخرى.
    (3) ن، م: المثلين.
    (4) م: بلا.
    (5) ن، م، ع: إن
    (6) ن، م، ع: الكفار
    ============================== ===
    {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه} [سورة المجادلة: 22] ، وقال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} [سورة الأنعام: 125] .
    والقدرية جعلوا نعمته الدينية (1) على الصنفين سواء، وقالوا: إن العبد أعطي (2) قدرة تصلح للإيمان والكفر، ثم إنه يصدر عنه أحدهما بدون سبب حادث يصلح للترجيح، وزعموا أن القادر المختار يرجح أحد طرفي مقدوره (3) على الآخر بلا مرجح وادعوا هذا في قدرة الرب وقدرة العبد.
    وقد وافقهم على هذا في قدرة الرب (4) كثير من المثبتين للقدر القائلين بأن الرب لا يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته، [بل ووافقهم فيها كثير من المثبتين للقدر] (5) ، وصار الرازي (6) وأمثاله ممن يحتج على القدرية (7) بتلك الحجة يتناقضون، فإذا ناظروهم في مسألة خلق الأفعال احتجوا عليهم بتلك، وقالوا: إن الممكن لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح تام، سواء صدر عن قادر مختار أو غيره، (8) تكلموا في مسألة حدوث العالم، وقيل لهم: الحادث لا بد له من سبب حادث حادث: (9) أجابوا بجواب (10) القدرية، فقالوا:

    **_________
    (1) الدينية: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) أ، ب: يعطى.
    (3) أ، ب: أحد مقدوريه.
    (4) ع: العبد، وهو خطأ.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) أ، ب: وصار الرافضي، وهو تحريف.
    (7) أ (فقط) : على القدرة، وهو تحريف.
    (8) وإذا ن: أو غيره إذا ; م: أو غيره فإذا.
    (9) ساقطة من (ع) .
    (10) أ، ب: جواب
    ============================== =
    القادر المختار يرجح أحد طرفي مقدوره (1) بلا مرجح، وفرقوا بين القادر وغيره كما قالت القدرية، وقد يفرقون (2) بين فعل الرب وفعل العبد بأن الرب يرجح بمشيئته (3) القديمة التي هي من لوازم ذاته، بخلاف العبد فإن إرادته حادثة من غيره.
    ولكن قال أكثر الناس: هؤلاء الذين يقولون إن الإرادة القديمة الأزلية هي المرجحة من غير تجدد شيء قولهم من جنس قولهم، فإن الإرادة نسبتها إلى جميع ما يقدر وقتا للحوادث نسبة واحدة، ونسبتها إلى جميع الممكنات نسبة واحدة، فترجح أحد المتماثلين على الآخر ترجيحا بلا مرجح، وإذا قدر حال الفاعل قبل الفعل وحين الفعل سواء، ثم قدر اختصاص أحد الحالين بالفعل لزم الترجيح بلا مرجح، وهذا منتهى نظر هؤلاء الطوائف.
    ولهذا كان من لم يعرف كلامهم كالرازي وأمثاله مترددين (4) بين علة الدهرية وقادر القدرية ومريد الكلابية، (5) لا يجعلون الرب قادرا في الأزل على الفعل والكلام بمشيئته وقدرته (6) . ولما كانت الجهمية والقدرية بهذه الحال [لا يجعلون الرب قادرا في الأزل على الفعل والكلام بمشيئته] (7) جعلت (8) الفلاسفة الدهرية كابن سينا وأمثاله (9) هذا (10) عمدتهم في امتناع حدوث العالم

    **_________
    (1) أ، ب: أحد مقدوريه.
    (2) أ، ب: القدرية وفرقوا.
    (3) ن: مشيئته، وهو خطأ.
    (4) ب: ولهذا كان من لم يعرف إلا كلام الرازي وأمثاله مترددا، ولهذا كان من لم يعرف إلا كلام الرازي وأمثاله متردد.
    (5) ساقط من (ع) فقط.
    (6) ساقط من (ع) فقط.
    (7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (8) ع: جعلته.
    (9) ع: وأمثالهم.
    (10) أ، ب: هذه
    ============================== =====




  10. #190
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (187)
    صـ 121 إلى صـ 128






    ووجوب قدمه، ولكن لا حجة لهم في ذلك (1) على مذهبهم، فإن غاية هذا أن يستلزم دوام فاعلية الرب تعالى، لا يدل (2) على قدم الفلك ولا غيره من أعيان العالم.
    ولكن هؤلاء قالوا: هذا يستلزم التسلسل، [والتسلسل محال] (3) .
    ومرادهم التسلسل في تمام التأثير كما تقدم، وأما التسلسل في الآثار فهو قولهم.
    وقد ذكرنا أن التسلسل الممتنع (4) هنا هو من جنس الدور الممتنع (5) ، فإنه إذا قيل: لا يفعل (6) هذا الحادث حتى يحدث ما به به: (7) يصير فاعلا له ويكون ذلك حادثا مع حدوثه، وكذلك الثاني، صار هذا تسلسلا في تمام التأثير (8) وإذا قيل: لا يحدث شيئا حتى يحدث شيئا كان هذا دورا ممتنعا، فهو تسلسل إذا أطلق الكلام في الحوادث، ودور (9) إذا عين الحادث.
    وهي (10) حجة إلزامية لأولئك المتكلمين من الجهمية والقدرية، ومن تبعهم من الأشعرية والمعتزلة والكرامية، ومن وافقهم من الفقهاء وغيرهم،

    **_________
    (1) ب (فقط) : على ذلك.
    (2) ب (فقط) : ولا يدل.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، وسقطت كلمة " محال " من (م) .
    (4) ب (فقط) : ممتنع.
    (5) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (6) ع: لا تفعل.
    (7) ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) ع (فقط) : في دوام التأثير.
    (9) ع: إذا أطلق الجواب ودور.
    (10) ع: وهو
    ============================== =
    [ودوامها عند من جعله لم يكن يمكنه أن يتكلم ولا يفعل بمشيئته وقدرته ثم صار ذلك ممكنا له] (1) يستلزم (2) الترجيح بلا مرجح، أو التسلسل [المتفق على امتناعه والدور الممتنع] (3) ، وكل ذلك ممتنع (4) والتسلسل المتفق على امتناعه هو التسلسل في المؤثرات [وفي تمام التأثير] (5) ، فأما التسلسل في الآثار فهو مورد النزاع.
    وأولئك يبطلون القسمين بناء على أن ما لا يتناهى يمتنع فيه التفاوت.
    وجماهير الفلاسفة مع أئمة أهل الملل (6) فإنهم لا ينكرون القسم الثاني.
    وحينئذ فيقال لهؤلاء المتفلسفة: (7) إن كان التسلسل [في الآثار] (8) ممتنعا بطل قولكم، وإذا بطل القول بطلت حجته بالضرورة ; لأن القول الباطل لا تقوم عليه حجة صحيحة. وإن كان ممكنا بطلت حجتكم [لإمكان أن تكون كلماته لا نهاية لها، وأنه لم يزل متكلما بمشيئته أو فعالا بمشيئته، فعلا بعد فعل من غير قدم شيء بعينه من الأفعال والمفعولات] (9) ، فالحجة باطلة على التقديرين، فإنه إذا كان تسلسل (10) الآثار ممكنا أمكن حدوث الأفلاك بأسباب قبلها حادثة.

    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (أ) ، (ب) : من جعل أنه لم يكن يمكنه من أن يتكلم. . إلخ، وفي (ن) ، (م) بدل السقط: وإلا إذا قيل لكم قولكم. . . إلخ.
    (2) ن، م: مستلزم.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، م. وفي (ع) : أو التسلسل المتفقون. . . إلخ.
    (4) ن، م: وكلاهما ممتنع.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) ن، م: أهل الكلام.
    (7) ن، م: الفلاسفة.
    (8) في الآثار: في (ع) فقط.
    (9) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (10) ن، م: وأيضا فإذا كان تسلسل. . . إلخ
    ============================== ==
    والرسل صلوات الله عليهم أجمعين أخبرت بأن (1) الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وأن عرشه كان على الماء قبل ذلك، وهذا مما علم (2) بالاضطرار والنقل المتواتر من دين الرسل (3) ، وأدلتكم ليس فيها ما يوجب قدم السماوات فقولكم بقدمها ليس فيه (4) حجة عقلية، فهو تكذيب للرسل بلا سبب.
    وأيضا فالعقل الصريح يبطل قولكم، فإن الأفلاك وغيرها من العالم مستلزم (5) للحوادث، فلو كان قديما للزم أن يكون صادرا عن موجب له قديم، فحينئذ يكون الموجب مستلزما (6) لموجبه ومقتضاه لا يتأخر عنه، إذ لو جاز تأخر موجبه عنه [لم تكن (7) علة تامة لاستلزام العلة التامة معلولها وإذا لم تكن (8) علة تامة امتنع أن يقارنه موجبه لامتناع قدم المعلول بدون علة تامة. وأيضا فلو جاز تأخر موجبه] (9) مع جواز مقارنته له في الأزل لافتقر تخصيصه (10) بأحدهما إلى مرجح غير الموجب بذاته (11) ، وليس هناك مرجح غيره فامتنع

    **_________
    (1) ن، م: والرسل خبرت بأن، وفي (ب) : أخبرت أن.
    (2) ع: مما يعلم.
    (3) أ، ب: من دين الإسلام.
    (4) ن، م، ع: ليس له.
    (5) أ، ب، م: مستلزمة.
    (6) ن: قديم فكون الموجب مستلزما، م: فيكون الرب مستلزما.
    (7) أ، ب: لم يكن.
    (8) أ، ب: لم يكن.
    (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (10) بعد كلمة تخصيصه جاء سطران في نسختي (أ) ، (ب) كلماتهما هي نفس كلمات الجمل الساقطة من النسخ كلها والموجودة في نسخة (ع) والمشار إليها في تعليق سابق مع بعض الاختلاف اليسير، وقد جاءت هذه العبارات في غير مكانها الصحيح.
    (11) أ، ب: غير الواجب بذاته
    ============================== =
    وجود الأفلاك وغيرها، وهذا باطل فإنها موجودة مشهودة عيانا، وهم يسلمون هذا، ويقولون بأنها معلول علة قديمة، وهو موجب بالذات لا يتأخر عنه موجبه.
    وإذا كان هذا معلوما بالعقل الصريح وهم يوافقون عليه، بل هو أصل قولهم، قيل لهم: فما يستلزم الحوادث يمتنع أن يصدر عن موجب بالذات ; لأن الحوادث تحدث شيئا بعد شيء (1) ، وما يحدث شيئا فشيئا لا تكون أجزاؤه قديمة أزلية، فلا تكون صادرة عن موجب بالذات، [فامتنع أن تكون الحوادث صادرة عن موجب بالذات] (2) ، وامتنع صدور شيء من العالم بدون الحوادث اللازمة له ; لأن وجود الملزوم بدون اللازم ممتنع. فتبين أنه يمتنع أن يكون الفلك قديما أزليا، ولا يمكن أن يقال: كان خاليا عن الحوادث في الأزل ثم حدثت فيه ; لأنه يقال حينئذ: فلا بد (3) لتلك الحوادث من سبب، فالقول فيها كالقول في غيرها، فإن جاز أن يحدث بدون سبب حادث، أمكن ذلك في الفلك، وبطلت حجتهم، ولزم من ذلك ترجيح أحد المتماثلين بلا مرجح، وإن كان لا بد لها من سبب لزم التسلسل ودوام الحوادث، وأن الفلك وكل ما سوى الله لم يزل مقارنا للحوادث (4) ، وكل ممكن قارن الحوادث امتنع أن يكون صادرا عن موجب بالذات، فامتنع أن يكون قديما.

    **_________
    (1) ع: لأن الحوادث لا تحدث إلا شيئا بعد شيء.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (3) ن، ع: لأنه يقال: فحينئذ لا بد.
    (4) ن، م، ع: للحادث
    ============================== ==
    والناس قد تنازعوا فيما يستلزم الحوادث، وهو ما لا يخلو عن الحوادث (1) وما لا بد أن تقارنه الحوادث، هل يجب أن يكون حادثا أو لا يجب حدوثه بل يجوز قدمه، سواء كان هو الواجب الغني عما سواه، أو كان ممكنا، أو يفرق بين الواجب بنفسه الغني عما سواه وبين الممكن الفقير (2) إلى غيره؟ على ثلاثة أقوال: فالأول: قول من يقول من طوائف النظار وأهل الكلام بامتناع دوام فاعلية الرب (3) وامتناع فعل الرب وتكلمه بمشيئته وقدرته (4) في الأزل وأن (5) ذلك غير ممكن، وهؤلاء متنازعون في إمكان (6) دوام فاعليته في المستقبل على قولين.
    و [القول] الثاني (7) : قول الفلاسفة الذين يقولون بقدم ما سوى الله: إما الأفلاك وإما العقول وإما غير ذلك، ويجعلون الرب [سبحانه] (8) موجبا بذاته، لا يمكنه إحداث شيء ولا تغيير شيء من العالم، بل حقيقة قولهم: إن الحوادث لم تصدر عنه، بل [صدرت] وحدثت (9) بلا محدث.
    و [القول] الثالث: (10) قول أئمة أهل الملل الذين يقولون: إن الله خالق

    **_________
    (1) ن: وهؤلاء خلوا عن الحوادث، م: وهو لا يخلو عن الحوادث.
    (2) ن: المتمكن المفتقر، م: الممكن المفتقر.
    (3) م: دوام عليه الرب، أ، ب: دوامها عليه.
    (4) ع (فقط) : بقدرته ومشيئته.
    (5) ن، م: فإن.
    (6) م: في إنكار.
    (7) ن، م: والثاني.
    (8) سبحانه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (9) ن، م: بل حدثت.
    (10) ن، م: والثالث
    =============================
    كل شيء، وكل ما سوى الله كائن بعد أن لم يكن، مع دوام قادرية الله، وأنه لم يزل متكلما إذا شاء، بل لم يزل فاعلا أفعالا تقوم بنفسه (1) .
    وأقوال أئمة الفلاسفة (2) وأساطينهم الذين كانوا قبل أرسطو توافق (3) قول هؤلاء، بخلاف أرسطو (4) وأتباعه الذين قالوا بقدم الأفلاك (5) ، فإن قول هؤلاء معلوم الفساد بصحيح المنقول وصريح المعقول (6) .
    وأيضا فإن كون المفعول المعين لازما للفعل قديما بقدمه دائما بدوامه (7) ممتنع لذاته، وإن قدر أن الفاعل غير مختار فكيف إذا ثبت أنه يفعل بمشيئته وقدرته؟ .

    **_________
    (1) ع: أفعالا لا تقوم بنفسه، م: فعالا بعد تقوم بنفسه.
    (2) أ، ب: وأقوال أئمة أهل الفلاسفة، ن، م: وأقوال الأئمة الفلاسفة.
    (3) ب، ع: يوافقون، ن: يوافق، أ: يوافقوا.
    (4) ع: قبل أرسطو.
    (5) ن، م، ع: الفلك.
    (6) ن: وبصريح المعقول، وكتب مستجى زاده في هامش (ع) أمام هذا الموضع ما يلي: ((وقد نقل محمد الشهرستاني في كتابه في الكلام المسمى " بنهاية الإقدام " عن الحكماء الأقدمين قبل أرسطو أن العالم حادث أحدثه الله بعد أن لم يكن مثل أهل الملل والشرائع. وهؤلاء مثل سقراط وتاليث الملطي وأفلاطون وأندقيس وغيرهم من أساطين الحكمة. وذكر مثله سيف الدين الآمدي في " الأبكار "، وحكى الإمام في الأربعين عن سقراط سبب قيام القيامة الكبرى وانحلال السماوات والأرضين، وأن تمور السماوات مورا، وتسير الجبال سيرا. والحاصل أن أرسطو ومن تابعه من بين الحكماء له الغلو التام والمبالغة الأكيدة في إنكار حدوث العالم وإثبات قدمها مع زعمهم أنهم أثبتوا النبوات والشرائع، مع أنه أصعب من خرط القتاد مع ادعاء قدم العالم. وقد قال الشارح في أوائل الكتاب مخالفا لما قاله هاهنا، حيث قال هناك: إن أرسطو وأتباعه لم يقولوا بقدم العالم وإنما اخترع ذلك ابن سينا، وما قاله هناك غير واقع، وما قاله هاهنا هو الواقع)) . قلت: وكلام مستجى زاده عن الشارح (ويقصد به ابن تيمية) غير صحيح. فابن تيمية لا يقول إلا أن أرسطو وأتباعه يقولون بقدم العالم.
    (7) أ، ب: كائنا بدوامه
    ============================== ==
    وما (1) يذكرونه من تقدم العلة على المعلول بالذات دون الزمان لا يعقل ولا يوجد (2) إلا فيما يكون شرطا، فإن الشرط قد يقارن المشروط، أما العلة التي هي فعل فاعل للمعلول فهذه لا يعقل (3) فيها مقارنتها للمعلول في الزمان.
    وهم يمثلون تقدم العلة على المعلول بالذات دون الزمان بتقدم حركة اليد على حركة الخاتم، وتقدم الحركة على الصوت (4) وغير ذلك، وجميع ما يمثلون به إما أن يكون شرطا لا فاعلا، وإما أن يكون متقدما بالزمان، وأما فاعل غير متقدم فلا يعقل قط (5) .
    وليس هذا موضع بسط [هذه] (6) الأمور، فإنها أضل مقالات (7) أهل الأرض، وقد بسط الكلام عليها في غير هذا (8) .
    والمقصود هنا التنبيه على أصل القدرية، فإن حقيقة قولهم أن أفعال الحيوان تحدث بلا فاعل، كما أن أصل قول الفلاسفة الدهرية (9) أن حركة الفلك وجميع الحوادث تحدث (10) بلا سبب حادث، وكذلك من وافق

    **_________
    (1) ن، م: ومما.
    (2) أ، ب: دون الزمان لا يوجد.
    (3) أ: فعل فاعل المعلول فهل لا يعقل، م: فعل فاعل المعلول فهذه لا يعقل، ب: فعل فاعل المعلول فهي لا يعقل.
    (4) ع: وتقديم الحركة على الصوت ; أ، ب: وتقدم حركة الصوت ; ن، م: وتقدم الحركة على الصواب، وهو تحريف، وأرجو أن يكون ما أثبته هو الصواب.
    (5) ن: ولا يفعل قط، وهو تحريف.
    (6) هذه ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) أ، ب، ن، م: أصول مقالات.
    (8) الموضع ساقطة من (أ) ، (ب) . وفي (ع) : وقد بسطنا عليه الكلام. . . إلخ.
    (9) أ، ب، ن: الدهرية الفلاسفة.
    (10) ب: محدثة، أ: محدث
    ============================== ====
    القدرية (1) من أهل الإثبات على أن الرب تعالى لا تقوم به الأفعال، وقالوا (2) : إن الفعل هو المفعول والخلق هو المخلوق، كما تقوله الأشعرية ومن وافقهم (3) فإنه يلزمه في فعل الرب (4) ما لزم القدرية.
    ولهذا عامة شناعات هذا الرافضي (5) هي (6) على هؤلاء. وهؤلاء طائفة من طوائف (7) المثبتين لخلافة أبي بكر وعمر وعثمان (8) ، وقد وافقهم في ذلك كثير من الشيعة الزيدية والإمامية وغيرهم. وقولهم على كل حال (9) أقل خطأ (10) من قول القدرية، بل أصل خطئهم (11) موافقتهم للقدرية في بعض خطئهم (12) ، وأئمة أهل السنة لا يقولون بشيء من هذا الخطأ (13) ، وكذلك جماهير أهل السنة من أهل الحديث والفقه والتفسير والتصوف لا يقرون (14) بهذه الأقوال المتضمنة للخطأ (15) ، بل هم متفقون على أن الله خالق أفعال العباد، وعلى أن العبد قادر مختار يفعل بمشيئته وقدرته (16) ، والله خالق ذلك

    **_________
    (1) أ، ب: وكذلك قول من وافق القدرية.
    (2) أ، ب، ن، م: وقال.
    (3) أ، ب: كما يقوله الأشعري ومن وافقه، م: كما يقوله الأشعري ومن وافقهم.
    (4) أ، ب: في فعل الذم، وهو تحريف.
    (5) القدري أ، ب، ن، م: هذا القدري الرافضي.
    (6) هي: ساقطة من (ع) .
    (7) طوائف: ساقطة من (أ) ، (ب) وفي (ن) ، (م) : الطوائف.
    (8) ع: لخلافة أبي بكر وعمر، أ، ب: لخلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
    (9) ن، م، ع: بكل حال.
    (10) ع: خطاء.
    (11) ع: خطايهم، أ، م، ن: خطأهم.
    (12) ع: خطايهم.
    (13) ع: الخطاء.
    (14) ن، م: والصوفية والتفسير لا يقرون أ، ب: والتفسير والتصوف لا يقولون.
    (15) ع: للخطاء.
    (16) م: بقدرته ومشيئته
    ============================== =====




  11. #191
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (188)
    صـ 129 إلى صـ 136




    كله، وعلى الفرق بين الأفعال الاختيارية والاضطرارية، وعلى أن الرب يفعل بمشيئته وقدرته، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لم يزل قادرا على الأفعال موصوفا بصفات الكمال، متكلما إذا شاء، وأنه موصوف بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (1) من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فيثبتون علمه المحيط، ومشيئته النافذة، وقدرته الكاملة، وخلقه لكل شيء.
    ومن هداه الله إلى فهم قولهم، علم أنهم جمعوا محاسن الأقوال، وأنهم وصفوا الله بغاية الكمال، وأنهم هم المستمسكون (2) بصحيح المنقول وصريح المعقول، وأن قولهم هو القول السديد السليم من التناقض (3) الذي أرسل الله به رسله (4) وأنزل به كتبه.
    **[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر أنه لا فرق بين الإحسان والإساءة لأنهما صادران من الله والرد عليه]
    (فصل) قال [الرافضي] (5) : " ومنها أنه يلزم أن لا يبقى (6) عندنا فرق بين من أحسن إلينا غاية الإحسان طول عمره، و [بين] من أساء (7) إلينا غاية الإساءة طول عمره، ولم يحسن منا

    **_________
    (1) ن، م، ع وبما وصفه به رسوله.
    (2) ع، ن، م: المتمسكون.
    (3) ن: والسليم من المتناقض.
    (4) ن، م: رسوله.
    (5) الرافضي: زيادة في (ع) . الإمامي القدري النص التالي في (ك) منهاج الكرامة ص [0 - 9] 8 (م) .
    (6) أ، ب: ومنها أنه يلزم أنه لا يبقى ع: ومنها أنه لا يبقى، ك: ومنها يلزم أن لا يبقى.
    (7) أ، ب، ن، م: ومن أساء
    ============================== ==
    شكر الأول وذم الثاني، لأن الفعلين صادران من الله [تعالى] عندهم (1) ".
    فيقال: هذا باطل، فإن اشتراك الفعلين في كون الرب خلقهما لا يستلزم اشتراكهما في سائر الأحكام، فإنه من المعلوم بصريح العقل (2) أن الأمور المختلفة تشترك في أمور كثيرة (3) لا سيما في مثل هذا المقام، فإن جميع ما سوى الله مشترك (4) في أن الله خلقه، وأنه ربه ومليكه.
    ثم من المعلوم (5) أن المخلوقات بينها من الافتراق ما لا يحصيه إلا الخلاق، فالله تعالى جعل الظلمات والنور، [وقال] (6) : {وما يستوي الأعمى والبصير - ولا الظلمات ولا النور} [سورة فاطر: 19، 20] والله خالق الجنة والنار، ولا تستوي الجنة و [لا] النار (7) ، (8 والله خالق الظل والحرور، ولا يستوي الظل ولا الحرور (8 - 8) (8) 8) ، والله خالق الأعمى والبصير ولا يستوي الأعمى والبصير، والله خالق الحي والميت، والقادر والعاجز، والعالم والجاهل، ولا يستوي هذا وهذا، والله خالق ما ينفع وما يضر، وما يوجب اللذة وما يوجب الألم، ولا يستوي هذا وهذا، فإذا كان الله خالق الأطعمة

    **_________
    (1) أ، ب: صادران من الله، م: صادران من الله تعالى، ك: صادران من الله تعالى لا منهما عندهم.
    (2) ن: تصريح المعقول ; م: بصريح (غير منقوطة) المعقول.
    (3) أ، ب: يشترك فيها أمور كثيرة.
    (4) ن، م: يشترك.
    (5) ع: ومن المعلوم، م: ثم إن من المعلوم.
    (6) وقال: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (7) أ، ب، م، ن: الجنة والنار.
    (8) ساقط من (م)
    ============================== ==
    الطيبة والخبيثة، ثم إن الطيب يحب ويشتهى، ويمدح ويبتغى، والخبيث يذم ويبغض (1) ويجتنب، والله خالق هذا وهذا، والله خالق الملائكة والأنبياء (2) ، وخالق [الشياطين و] الحيات والعقارب وغيرها (3) من الفواسق، فهذا (4) محمود معظم، وهذا فاسق يقتل في الحل والحرم، وهو سبحانه وتعالى خالق (5) في هذا طبيعة كريمة تقتضي الخير والإحسان، وفي هذا طبيعة خبيثة توجب الشر والعدوان، مع ما بينهما من الفرق في الحب والبغض، والمدح والذم ونحو ذلك (6) .
    وإذا (7) كان الشرع والعقل متطابقين على أن ما جعل الله فيه منفعة للناس ومصلحة لهم يحب ويمدح [ويطلب] (8) ، وإن كان جمادا أو حيوانا بهيميا (9) ، فكيف لا يكون من جعله محسنا للناس يحصل لهم به منافع ومصالح أحق بأن يحب ويمدح ويثنى عليه، وكذلك في جانب الشر.
    والقدري يقول: لا يكون العبد محمودا ومشكورا على إحسانه، ومذموما على إساءته، إلا بشرط أن لا يكون الله جعله محسنا إلينا ولا من به علينا إذا فعل الخير، ولا ابتلانا به إذا فعل الشر، وهذا حقيقة ما قاله هذا الرافضي القدري (10) .

    **_________
    (1) ن، م: يبغض ويذم.
    (2) ن، م: الأنبياء والملائكة.
    (3) ن، م: وخالق الحيات والعقارب وغيرها.
    (4) ن، م، ع: وهذا.
    (5) ع: وهو سبحانه خلق، ن، م: والله سبحانه خالق.
    (6) ونحو ذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) أ، ب: فإذا.
    (8) ويطلب: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (9) ع: وإن كان حيوانا بهيما أ، ب: وإن كان حمارا أو حيوانا بهيما.
    (10) ن، م: القدري الرافضي
    ============================== ==
    ومعلوم فساد هذا القول شرعا وعقلا، فإن حقيقته أنه حيث يشكر العبد لا يشكر الرب وحيث يشكر الرب لا يشكر العبد.
    وحقيقته أنه (1) لا يكون لله علينا منة في تعليم الرسول وتبليغه إلينا رسالات (2) ربه. وقد قال تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} [سورة آل عمران: 164] وعلى قول القدري يكون إرسال الله [له] (3) من جنس إرسال مخلوق إلى مخلوق (4) ، فذاك تفضل بنفس الإرسال لا بأن جعل الرسل تتلوا وتعلم وتزكي، بل هذه الأفعال منتسبة (5) عندهم فيها للرسول (6) الذي خلقها [عندهم] دون المرسل الذي (7) لم يحدث شيئا منها.
    والقدري يقول الرسول نطق بنفسه، لم ينطقه الله ولا أنطق الله شيئا، بل جعل فيه قدرة على أن ينطق وأن لا ينطق، وهو يحدث أحدهما مع استواء الحال قبل الإحداث وبعده، بدون معونة الله له على إحداث النطق وتيسيره له.
    وعلى قول القدري لا يكون لله نعمة على عباده باستغفار الملائكة لهم،

    **_________
    (1) ن، م: أن.
    (2) أ، ب: رسالة.
    (3) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ع: مخلوق لمخلوق، ن، م: المخلوق لمخلوق.
    (5) ن، م: المثبتة، أ: المنتسبة، ع: المشبهة، وهو تحريف.
    (6) ب: للمرسل، أ: للرسل، م: الرسول.
    (7) ن، م: الذي خلقها دون الرسل التي
    ============================== =
    وتعليم العلماء لهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وعدل ولاة الأمور عليهم، ولا يكون الله مبتليا لهم إذا ظلمهم ولاة [الأمور] (1) .
    وفي الأثر [المعروف] (2) : " «يقول الله [عز وجل] (3) : " أنا الله (4) مالك الملوك، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي، من أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشتغلوا بسب الملوك وأطيعوني أعطف قلوبهم عليكم» (5) . وعند القدري لا يقدر الله أن يجعل الملوك لا (6) عادلين ولا جائرين، ولا محسنين ولا مسيئين، ولا يقدر أن يجعل أحدا محسنا إلى أحد، ولا مسيئا إلى أحد، ولا يقدر أن [ينعم] (7) على أحد بمن (8) يحسن إليه ويكرمه، ولا يقدر [على] (9) أن يبتليه بمن يعذبه ويهينه ".
    وعلى قول القدري لم يبعث (الله) عبادا له أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار، فإنه لم يأمرهم بذلك ولا جعلهم فاعلين، بل أعطاهم قدرة، وكذلك عندهم لم يرسل الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا (10) .

    **_________
    (1) ب: ولاة المأمور، ع، ن، م: الولاة.
    (2) المعروف زيادة في (ع) .
    (3) عز وجل: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي (ع) الله تعالى.
    (4) م: أنا الملك.
    (5) أورد هذا الحديث القدسي الشيخ محمد المدني في كتابه الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية ص [0 - 9] 6 - 77 ط حيدر آباد سنة 1358 هـ مع اختلاف في الألفاظ، وقال في آخره: رواه أبو نعيم في الحلية عن أبي الدرداء.
    (6) لا: ساقطة من (م) ، (أ) (ب) .
    (7) ينعم، ساقطة من (ن) ، وفي (م) يحسن.
    (8) أ، ب، ن، م: ممن.
    (9) على: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (10) ساقط من (أ) (ب) (ع) وفي (ن) : وعلى قول القدري لم يبعث عبادا له. . . إلخ
    =============================
    وقد قال بعضهم إنه على قول القدري (1) لا يستحق [الله] أن يشكر بحال (2) ، فإن الشكر إنما يكون على النعم، والنعم إما دينية وإما دنيوية وإما أخروية، فالنعم الدنيوية هي عنده واجبة على الله، وكذلك ما يقدر عليه من الدينية كالإرسال وخلق القدرة، وأما نفس الإيمان والعمل الصالح فهو عنده لا يقدر أن يجعل أحدا مؤمنا ولا مهتديا ولا صالحا ولا برا ولا تقيا، فلا يستحق أن يشكر على شيء من هذه الأمور التي لم يفعلها ولا يقدر عليها عنده (3) وأما النعم الأخروية فالجزاء واجب (4) [عليه] (5) عنده، كما يجب على المستأجر أن يوفي الأجير أجره (6) ، ومعلوم أن هذا عنده (7) من باب العدل المستحق لا من باب الفضل (8) والإحسان، بمنزلة من قضى دينا كان عليه فلا يستحق الشكر على فضل ولا إحسان.
    ومن هذا حقيقة قوله كيف يعيب أهل الإيمان (9) الذين يشكرون الله على كل [حال و] نعمة (10) ، ويشكرون من أجرى الله الخير على يديه،

    **_________
    (1) أ، ب، ن: القدرية، م: القدر، وهو تحريف.
    (2) ع: لا يستحق الله أن يشكر الله بحال ; ن: لا يستحق أن يشكر محال، م: يلزم أن لا يشكر لحال.
    (3) أ، ب: ولم يقدر عليها عبيده، م: ولم يقدر عليها عنده.
    (4) أ، ب: وجب.
    (5) عليه ساقطة من (ن) .
    (6) بعد كلمة أجره توجد في (أ) ، (ب) عبارة: فالجزاء واجب عليه وهي عبارة مكررة.
    (7) أ، ب: ومعلوم عنده أن هذا.
    (8) ن: التفضيل، م: التفضل.
    (9) أ، ب: قوله يعيب أهل الإيمان، ع: قوله كيف يعذب أهل الإيمان.
    (10) ن، م، ع: على كل نعمة
    ==========================
    فإنه من لم يشكر الناس لم يشكر الله (1) ، ومن أساء إليهم يعتقدون جواز مقابلته بالعدل (2) ، وأن العفو عنه أفضل إذا لم يكن في عقوبته حق لله، ويرى أحدهم أن الله أنعم عليه بإحسان الأول (3) ليشكره عليه، وأنه ابتلاه بإساءة هذا إليه كما يبتليه بأنواع البلاء ليصبر ويستغفر من ذنوبه ويرضى بقضائه.
    كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " «لا يقضي الله لمؤمن (4) قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، وإن أصابته ضراء (5) فصبر كان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن» " (6)

    **_________
    (1) أ، ب: فإن من لا يشكر الناس لم يشكر الله، وفي (ع) سقطت عبارة لم يشكر الله، وفي (م) قاله من لم يشكر الناس. . .، وهو تحريف.
    (2) ع: ومن أسيء إليهم يعتقدون جواز مقاتلته بالعدل، م: ومن أثنى عليهم يعتقدون جزاء ومقابلته بالعدل، وهو تحريف.
    (3) ن، م: بالإحسان الأول.
    (4) ع، ن: للمؤمن، م: المؤمن.
    (5) ب: إن أصابه خير، أ: إن أصابته شرا، وهو تصحيف.
    (6) أ، ب: إلا للمؤمنين، والحديث عن صهيب رضي الله عنه في مسلم 4/2295 كتاب الزهد، باب المؤمن أمره كله خير، ولفظه فيه: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر. الحديث. وهو في المسند 4/332، 333، 6/15، 16، وأول الحديث في الموضعين الأولين، عجبت من أمر (لأمر) المؤمن، وفي الموضع الأخير: عجبت من قضاء الله للمؤمن. على أن القسم الأول من كلام ابن تيمية جاء في حديث آخر عن أنس رضي الله عنه في المسند ط الحلبي 3 117 ولفظه: عجبت للمؤمن، إن الله لم يقض قضاء إلا كان خيرا له، 3/184، ولفظه: عجبت للمؤمن، إن الله لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له. وقال الألباني عن الحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/28 إنه صحيح
    ============================== ===
    وقد قال تعالى: {أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} [سورة مريم: 83] (1) ، وقال تعالى: {فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا} [سورة الإسراء: 5] فإرساله الشياطين وبعثه لهؤلاء المعتدين على بني إسرائيل أهو (2) أمر شرعي أمرهم به، كما أرسل (3) رسله بالبينات والهدى، وكما بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم (4) ؟ أم هو تقدير وتسليط، وإن كان المسلط ظالما معتديا (5) عاصيا لدين الله وشرعه (6) .
    ثم من المعلوم أن عامة أهل الأرض مقرون بالقدر، وهم مع هذا (7) يمدحون المحسن ويذمون المسيء فطروا على هذا وعلى هذا، فيقرون أن الله (تعالى) خالق كل شيء وربه، وأنه قدر ذلك كله وسلط هذا ويسر هذا، ويمدحون هذا ويذمون هذا، وأهل الإثبات المقرون بالقدر يمدحون المحسن ويذمون المسيء، (8) ، مع اتفاقهم على أن الله خالق الفعلين.
    فقولهم: إنه يلزمهم (9) أن لا يفرقوا بين هذا وهذا - لزوم ما لا يلزم (10)

    **_________
    (1) هذه الآية ليست في (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: هو.
    (3) أ، ب: أمر.
    (4) ويزكيهم: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) : ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة.
    (5) ن، م: متعديا.
    (6) ع: أو شرعه.
    (7) أ، ب: ومع هذا.
    (8) ساقط من (أ) ، (ب) تعالى زيادة في (ع) .
    (9) ع: فقولهم إنهم يلزمهم، م: وقوله يلزمهم.
    (10) ع: لزوما لا يلزم
    ===========================




  12. #192
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (189)
    صـ 137 إلى صـ 144






    وغاية الأمر أن يكون يكون: (1) الله جعل هذا مستحقا للمدح والثواب، وهذا مستحقا للذم والعقاب فإذا كان قد جعل هذا مستحقا وهذا مستحقا، لم يمتنع أن يمدح هذا ويذم هذا (2) ، لكن خلقه لهذين الزوجين كخلقه لغير ذلك، وهذا يتعلق بالحكمة الكلية في خلق (3) المخلوقات، كما قد ذكر في غير هذا الموضع.
    وعلى رأي القدري لا يستحق المدح والثناء والشكر إلا من لم يجعله الله محسنا، ولا يستحق الذم إلا من لم يجعله الله مسيئا (4) ، بل من لا يقدر [الله] أن (5) يجعله محسنا ولا مسيئا فعنده (6) لا مدح ولا ذم إلا بشرط عجز الله [تعالى] (7) وقصور مشيئته وخلقه، وحدوث الحوادث بدون محدث.

    **[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر المعصية إما من العبد أو من الله أو منهما]

    (فصل) قال [الرافضي] (8) : " ومنها التقسيم الذي ذكره سيدنا ومولانا الإمام موسى بن جعفر الكاظم (9) ، وقد سأله أبو حنيفة وهو صبي، فقال: المعصية ممن؟ فقال الكاظم (10) : المعصية إما

    **_________
    (1) ساقطة من (ب) فقط.
    (2) ع: لم يمنع أن يذم هذا ويمدح هذا.
    (3) أ، ب: في حق.
    (4) أ، ب: من لم يجعله مسيئا
    (5) ن، م: من لا يقدر أن.
    (6) أ، ب: فعندهم.
    (7) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (8) الرافضي: في (ع) فقط. والنص التالي في (ك) ص [0 - 9] 8 (م) .
    (9) ك: مولانا وسيدنا موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام.
    (10) ك: الكاظم عليه السلام
    ============================== ===============
    من العبد أو من الله (1) أو منهما (2) ، فإن كانت من الله فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويؤاخذه (3) بما لم يفعله، وإن كانت المعصية منهما فهو شريكه، والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف، وإن كانت المعصية من العبد (4) وحده فعليه وقع الأمر (5) وإليه توجه (6) المدح والذم. وهو أحق بالثواب والعقاب، ووجب له (7) الجنة أو النار (8) فقال أبو حنيفة: " {ذرية بعضها من بعض} ".
    فيقال: أولا: هذه الحكاية لم يذكر لها إسنادا فلا تعرف صحتها، فإن المنقولات (9) إنما تعرف صحتها بالأسانيد الثابتة، لا سيما مع كثرة الكذب في هذا الباب، كيف والكذب عليها ظاهر، فإن أبا حنيفة (10) من المقرين بالقدر باتفاق أهل المعرفة به وبمذهبه، وكلامه في الرد على

    **_________
    (1) ك: أو من ربه ; ن، م: وإما من الله.
    (2) ن، م: وإما منهما.
    (3) ك: ويأخذه.
    (4) ن، م: وقعت من العبد.
    (5) ك: وقع الأمر والنهي.
    (6) أ، ب، ع: وإليه يتوجه، ن: وعليه توجه.
    (7) أ، ب، ع: ووجبت له، م: فوجبت له.
    (8) ع، ن، م: والنار.
    (9) أ، ب: فالمنقولات.
    (10) ع: فإن أبا حنيفة رضي الله عنه
    ==============================
    القدرية (1) معروف في الفقه الأكبر (2) وقد بسط (3) الحجج في الرد عليهم بما لم يبسطه على غيرهم في هذا الكتاب، وأتباعه متفقون على أن هذا هو (4) مذهبه، وهو مذهب الحنفية المتبعين له، ومن انتسب إليه في الفروع وخرج عن هذا (5) من المعتزلة ونحوهم فلا يمكنه (6) أن يحكي هذا القول عنه، بل هم عند أئمة الحنفية الذين يفتى بقولهم مذمومون معيبون من (7) أهل البدع والضلالة (8) ، فكيف يحكى عن أبي حنيفة أنه استصوب قول من يقول إن الله لم يخلق أفعال العباد؟
    وأيضا فموسى بن جعفر وسائر علماء أهل البيت متفقون على إثبات القدر، والنقل بذلك عنهم (9) ظاهر معروف. وقدماء الشيعة كانوا متفقين على إثبات القدر والصفات، وإنما شاع فيهم رد (10) القدر من حين اتصلوا بالمعتزلة في دولة بني بويه (11) .

    **_________
    (1) ع: وبكلامه في القدرية.
    (2) كتب مستجي زاده في هامش (ع) أمام هذا الموضع ما يلي: كتاب الفقه الأكبر قال بعض الناس إنه ليس بتأليف لأبي حنيفة، بل ألفه رجل يقال له أبو حنيفة غيره، وهو مخالف لما قاله العظماء الأقدمون مثل الأستاذ أبي منصور عبد القاهر البغدادي وفخر الإسلام علي البزدوي، وهذا ابن تيمية صاحب الإحاطة التامة، وهو مصرح بما صرح به هؤلاء الأقدمون مع أن الأستاذ من الشافعية وفخر الإسلام من الحنفية وابن تيمية من الحنابلة. وقال الأستاذ عبد القاهر البغدادي في كتاب التبصرة: إن أول من رد وأبطل قول أهل الاعتزال من الفقهاء الأقدمين هو أبو حنيفة النعمان إمام الحنفية.
    (3) أ، ب، م: وبسط.
    (4) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
    (5) ب (فقط) : بهذا.
    (6) ب فقط: فلا يمكن.
    (7) ب معدودون من، أ: معيوبون من، م: متعبون من.
    (8) أ، ب: والضلال.
    (9) أ، ب: عنهم بذلك، ن: فذلك عنهم، وهو تحريف.
    (10) ع: إنكار.
    (11) علق مستجي زاده في هذا الموضع بقوله: وهذا المحل من المهمات، ولم أر من باحث مع الإمامية مثل ابن تيمية، شكر الله سعيه، حيث أحاط بمقالاتهم ومذاهبهم ومللهم ونحلهم وقدمائهم، ومتأخريهم إحاطة تامة، وبعض المتأخرين تصدر لرد الإمامية ردا عنيفا، إلا أنه أين من هذا البحر الحبر المحيط بمذاهبهم وفرقهم من الأولين والآخرين ولولا أنه كان راجلا في مذاهب الفلاسفة لكان هو في غاية من الإحاطة والإتقان إلا أن الكمال لله تعالى لكن مع ذلك أين مثله في التتبع والإحاطة
    ============================== ==
    وأيضا، فهذا الكلام المحكي عن موسى بن جعفر يقوله أصاغر القدرية وصبيانهم، وهو معروف من حين حدثت القدرية قبل أن يولد موسى بن جعفر، فإن موسى بن جعفر ولد بالمدينة سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة قبل الدولة العباسية بنحو ثلاث سنين، وتوفي ببغداد سنة ثلاث وثمانين ومائة. قال أبو حاتم: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين (1) والقدرية حدثوا قبل هذا التاريخ، بل حدثوا في أثناء المائة الأولى من زمن الزبير وعبد الملك (2) .
    [وهذا مما يبين أن هذه الحكاية كذب، فإن أبا حنيفة إنما اجتمع بجعفر بن محمد، وأما موسى بن جعفر فلم يكن ممن سأله (3) أبو حنيفة ولا اجتمع به، وجعفر بن محمد هو من أقران أبي حنيفة، ولم يكن أبو حنيفة (ممن) (4) يأخذ عنه مع شهرته بالعلم، فكيف يتعلم من موسى بن جعفر] (5) ؟

    **_________
    (1) سبقت ترجمة موسى الكاظم 2/460.
    (2) يقول ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل 5/244: والمرجئة والقدرية حدثوا في أواخر عصر الصحابة، ويقول ابن طاهر البغدادي في الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 7: ثم حدث في زمان المتأخرين من الصحابة خلاف القدرية في القدر والاستطاعة من معبد الجهني وغيلان الدمشقي والجعد بن درهم. وقد خرج معبد الجهني مع ابن الأشعث وقتل بعد سنة ثمانين.
    (3) ع: ممن يسأله.
    (4) ممن: في (ع) فقط.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وهو في (ع) ، (أ) ، (ب) ، وفي آخر هذه العبارات في (أ) ، (ب) كلمة انتهى وهي ليست في (ع) ، وعلق مستجي زاده عند هذا الموضع في (ع) بتعليق جاء فيه فإن قلت: إن أبا نعيم صاحب الحلية ذكر فيه أن جعفر الصادق لما اجتمع بأبي حنيفة نهاه عن القياس، فقال: أول من قاس إبليس، فقال أبو حنيفة مثنيا عليه وقبولا لهذا الكلام: " ذرية بعضها من بعض "، مع أن أبا حنيفة ممن يقول بالقياس وصحة الاحتجاج به، وإن أبا نعيم ذكر هذه القصة بسندها المسرودة على جعفر، والجواب أن القياس الذي قال به أبو حنيفة هو في الأحكام والفروع التي تختلف باختلاف الملل والأديان فهو مذموم ومدار الفرق الضالة من الفرق الإسلامية من المعتزلة وغيرها على هذه المقالة الخبيثة، ومن ثم اتفق عظماء الأمة وكبراء الملة على ذم القياس في الأصول الدينية، والحكاية التي يشير إليها مستجي زاده في حلية الأولياء 3/196 - 197 وهي لا تدل على أن أبا حنيفة كان يتعلم من جعفر الصادق، ولا يمنع إن صحت الحكاية أن يكون قد استفاد منه بعض العلم. وانظر كتاب " الإمام الصادق " لمحمد أبي زهرة، ص \ 252 - 255 - 291 - 293 ط. دار الفكر العربي بدون تاريخ
    ============================== ====
    وما ذكره (1) في هذه الحكاية من قول القائل: هو أعدل من أن يظلم عبده ويؤاخذه بما لم يفعله، هو أصل كلام القدرية الذي يعرفه عامتهم وخاصتهم، وهو أساس مذهبهم وشعاره (2) ; ولهذا سموا أنفسهم العدلية، فإضافة هذا إلى موسى بن جعفر لو كان حقا ليس فيه فضيلة [له] ولا مدح (3) ، إذا كان صبيان القدرية يعرفونه، فكيف إذا كان كذبا مختلقا عليه؟
    ويقال: ثانيا: الجواب عن هذا التقسيم أن يقال: هذا التقسيم ليس بمنحصر (4) . وذلك أن قول القائل: " المعصية ممن؟ " لفظ

    **_________
    (1) ن، م: وما ذكر.
    (2) أ، ب: وشعارهم.
    (3) ن، م: ليس فيه فضيلة ولا مدح ; ع: ليس فيه مدح له ولا فضيلة.
    (4) ن، م: بمختصر، وهو تصحيف
    ============================
    مجمل، فإن المعصية والطاعة عمل وعرض قائم بغيره (1) ، فلا بد له من محل يقوم به، وهي قائمة بالعبد لا محالة، وليست قائمة بالله [تبارك وتعالى] (2) بلا ريب.
    ومعلوم أن كل مخلوق يقال: هو من الله، بمعنى أنه خلقه بائنا عنه لا بمعنى أنه قام به واتصف به، كما في قوله [تعالى] (3) : {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} [سورة الجاثية: 13] (4) ، وقوله تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله} [سورة النحل: 53] .
    والله تعالى وإن كان خالقا لكل شيء فإنه خلق الخير والشر لما له في ذلك من الحكمة التي باعتبارها كان فعله حسنا متقنا، كما قال: {الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين} [سورة السجدة: 7] وقال: {صنع الله الذي أتقن كل شيء} [سورة النمل: 88] فلهذا لا يضاف إليه الشر مفردا، بل إما أن يدخل في العموم، وإما أن يضاف إلى السبب، وإما أن يحذف فاعله.
    فالأول: كقول [الله تعالى] (5) {الله خالق كل شيء} [سورة الزمر: 62] والثاني: كقوله: {قل أعوذ برب الفلق - من شر ما خلق} [سورة الفلق: 1، 2] والثالث كقوله فيما حكاه عن الجن: {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا} [سورة الجن: 10] و [قد]

    **_________
    (1) أ، ب: بغير، وفي (ع) والطاعة عرض. . . إلخ.
    (2) تبارك وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) آية سورة الجاثية ليست في (ع) .
    (5) ن، م، ع: كقوله
    ============================== =
    قال ن، م: قال. في أم القرآن: {اهدنا الصراط المستقيم - صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [سورة الفاتحة: 6، 7] فذكر أنه فاعل النعمة، وحذف فاعل الغضب، وأضاف الضلال إليهم. وقال الخليل [عليه السلام] (1) {وإذا مرضت فهو يشفين} [سورة الشعراء: 80] ، ولهذا كان لله الأسماء الحسنى، فسمى (2) نفسه بالأسماء الحسنى المقتضية للخير.
    وإنما يذكر الشر في المفعولات، كقوله: {اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم} [سورة المائدة: 98] (3) ، وقوله في آخر سورة (4) الأنعام: {إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم} [سورة الأنعام: 165] (* وقوله في الأعراف: (5) {إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم} [سورة الأعراف: 167] . *) (6) وقوله: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم - وأن عذابي هو العذاب الأليم} [سورة الحجر: 49، 50] وقوله: {حم - تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم - غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو} [سورة غافر: 13] .
    وهذا لأن ما يخلقه من الأمور التي فيها شر (7) بالنسبة إلى بعض الناس

    **_________
    (1) عليه السلام: زيادة في (ع) .
    (2) ع: فيسمى.
    (3) ع: كقوله: اعلموا أن الله شديد العقاب، وقوله: إن الله غفور رحيم.
    (4) سورة: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
    (5) ن، م: وفي الأعراف.
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (7) ن، م: الشر
    ============================== ==
    فله فيها (1) حكمة، هو بخلقه لها (2) حميد مجيد، له الملك وله الحمد، فليست بالإضافة إليه شرا ولا مذمومة، فلا يضاف إليه ما يشعر بنقيض ذلك، كما أنه سبحانه خالق (3) الأمراض والأوجاع والروائح الكريهة والصور المستقبحة والأجسام الخبيثة كالحيات والعذرات (4) لما له في ذلك من الحكمة البالغة.
    فإذا قيل: هذه العذرة وهذه الروائح الخبيثة من الله، أوهم ذلك أنها خرجت منه، والله منزه عن ذلك. وكذلك إذا قيل: القبائح من الله [أو المعاصي من الله] (5) ، قد يوهم ذلك أنها خارجة من ذاته، كما تخرج من ذات العبد، وكما يخرج الكلام من المتكلم، والله منزه عن ذلك، أو يوهم [ذلك] أنها (6) منه قبيحة وسيئة، والله منزه عن ذلك.
    بل جميع خلقه خلقه له حسن على قولي (7) التفويض والتعليل. وكذلك إذا قيل للطعوم والألوان والروائح ونحوها من الأعراض: هذا الطعم الحلو والمر من الله أو من هذا النبات، وهذه الروائح الطيبة أو الخبيثة من الله أو من هذه العين (8) ، وأمثال ذلك. وقد يوهم إذا قيل:

    **_________
    (1) أ، ب، م: له فيها.
    (2) أ، ب: هو يخلقها لها، ن: هو يخلقه لها ; م: فهو يخلقه لها.
    (3) ن، م: خلق.
    (4) ن، م: والعذرة.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (6) ن: ويوهم أنها، م: وتوهم أنها.
    (7) ع، م: بل جميع خلقه له حسن على قول. . . إلخ، وفي (ن) : بل جميع خلقه خلقه له حسن على قول. . . إلخ.
    (8) ن: أو من هذا العين ; م: أو الغيرة
    ============================== ====



  13. #193
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (190)
    صـ 145 إلى صـ 152






    إنها من الله أنه أمر بها، والله لا يأمر بالفحشاء، ولا يحب الفساد (1) ، ولا يرضى لعباده الكفر.
    وهذا مثل قول (2) ابن مسعود لما سئل عن المفوضة: أقول (3) فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه. وكذلك قال أبو بكر (4) في الكلالة، وقال عمر نحو ذلك. ومرادهم أن الصواب قد أمر الله به وشرعه وأحبه (5) ورضيه، والخطأ لم يأمر به ولم يحبه ولم يشرعه، بل هو مما زينه الشيطان لنفسي ففعلته بأمر الشيطان، فهو مني ومن الشيطان.
    وحينئذ فالجواب من وجوه:
    أحدها: أن يقال: الأعمال والأقوال والطاعات والمعاصي من العبد، بمعنى أنها قائمة به وحاصلة بمشيئته وقدرته، وهو المتصف بها المتحرك بها، الذي يعود حكمها عليه (6) ، فإنه قد يقال لما اتصف به المحل وخرج منه (7) : هذا منه وإن لم يكن له اختيار، كما يقال: هذه الريح (8) من هذا الموضع، وهذه الثمرة من هذه الشجرة، وهذا الزرع من

    **_________
    (1) ن، م: ولا يحب الفحشاء.
    (2) ع، م: وهذا كقول.
    (3) ع: لما سئل أقول ; أ، ب: لما سئل عن الفريضة أقول، م: لما سئل عن المفوضة لما أقول.
    (4) ع: أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
    (5) أ، ب: وأوجبه.
    (6) ع: الذي حكمها يعود عليه.
    (7) منه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) أ، ب: هذا الريح، ن، م: هذه الروائح
    ============================== ==
    هذه الأرض، فلأن يقال ما صدر من الحي (1) باختياره: هذا منه بطريق الأولى، وهي من الله، بمعنى أنه خلقها قائمة بغيره وجعلها عملا له وكسبا وصفة (2) ، وهو خلقها بمشيئة نفسه وقدرة نفسه بواسطة خلقه لمشيئة العبد وقدرته (3) ، كما يخلق المسببات بأسبابها، فيخلق السحاب بالريح، [والمطر بالسحاب] (4) ، والنبات بالمطر.
    والحوادث تضاف إلى خالقها باعتبار، وإلى أسبابها باعتبار، فهي من الله مخلوقة له في غيره، كما أن جميع حركات المخلوقات وصفاتها منه، وهي من العبد صفة قائمة به، كما أن الحركة من المتحرك المتصف بها وإن كان جمادا، فكيف إذا كان حيوانا (5) ؟
    وحينئذ فلا شركة بين الرب وبين العبد (6) لاختلاف جهة الإضافة، كما [أنا] (7) إذا قلنا: هذا الولد من هذه (8) المرأة بمعنى أنها ولدته، ومن الله بمعنى أنه خلقه (9) لم يكن بينهما تناقض. وإذا قلنا هذه الثمرة من (10) الشجرة، وهذا الزرع من الأرض، بمعنى أنه حدث فيها، ومن الله بمعنى أنه خلقه منها (11) ، لم يكن بينهما تناقض.

    **_________
    (1) أ: لما صدر منه من حي، ب: لما صدر من حي، ن، م: لما صدر من الحق.
    (2) وصفة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) أ، ب: بمشيئة العبد وقدرته، م: لقدرة العبد ومشيئته.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) ع: فكيف بالحيوان ; ن: فكيف إذا كان حيوانيا.
    (6) أ، ب: فلا شركة بين العبد وبين الرب ; ن: فلا نشركه بين الرب وبين العبد.
    (7) أنا: ساقطة من (ن) .
    (8) هذه ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
    (9) ع، ن، م: بمعنى أن الله خلقه.
    (10) هذه هذه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
    (11) منها ساقطة من (أ) ، (ب)
    ============================== ======
    وقد قال تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} [سورة الطور: 35] فالمشهور: أم خلقوا من غير رب؟ وقيل أم خلقوا من غير عنصر؟
    وكذلك قال موسى (1) . لما قتل القبطي: {هذا من عمل الشيطان} [سورة القصص: 15] .
    وقال تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} [سورة النساء: 79] مع قوله فيما تقدم: {قل كل من عند الله} [سورة النساء: 78] . فالحسنات والسيئات المراد بها هنا (2) النعم والمصائب ; ولهذا قال: ما أصابك، ولم يقل: ما أصبت.
    كما في قوله: {إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها} [سورة آل عمران: 120] ، وقوله: {إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون} [سورة التوبة: 50] فبين أن النعم والمصائب من عند الله، فالنعمة من الله ابتداء والمصيبة بسبب من نفس الإنسان، وهي معاصيه (3) .
    كما قال في الآية الأخرى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} [سورة الشورى: 30] ، وقال في الآية] (4) الأخرى: (5)

    **_________
    (1) ن، م: لما قال موسى
    (2) ن، م، ع: والحسنات والسيئات هنا المراد بها.
    (3) أ، ب: وهي معاقبة وهو تصحيف.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .
    (5) الأخرى: ساقطة من (أ) ، (ب)
    ============================== =====
    {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} [سورة آل عمران: 165] ، وهذا لأن الله محسن عدل، كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل، فهو محسن إلى العبد بلا سبب منه تفضلا وإحسانا، ولا يعاقبه إلا بذنبه، وإن كان قد خلق الأفعال كلها لحكمة له في ذلك، فإنه حكيم عادل يضع الأشياء مواضعها، ولا يظلم ربك أحدا.
    وإذا كان غير الله يعاقب عبده (1) على ظلمه وإن كان (2) مقرا بأن الله خالق أفعال العباد، وليس ذلك ظلما منه، فالله أولى أن لا يكون ذلك ظلما منه، وإذا كان الإنسان قد (3) يفعل مصلحة اقتضتها حكمته، لا تحصل إلا بتعذيب حيوان، ولا يكون ذلك ظلما منه (4) ، فالله أولى أن لا يكون ذلك ظلما منه.

    الوجه الثاني: أن يقال: هي من الله خلقا لها (5) في غيره وجعلا لها عملا لغيره، وهي من العبد فعلا [له] قائما به وكسبا يجر به منفعة إليه (6) أو يدفع به مضرة، وكون العبد هو الذي قام به الفعل، وإليه يعود حكمه الخاص انتفاعا به أو تضررا (7) ، جهة لا تصلح لله، فإن الله لا تقوم
    **_________
    (1) ع، ن، م: العبد.
    (2) ن، م: فإن كان.
    (3) ن، م: وإن كان الإنسان قد، أ، ب: وإذا كان الإنسان، وسقطت قد.
    (4) منه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
    (5) ن، م: خلقه لها.
    (6) ع: وهي من العبد فعلا قام به وكسبا يجر إليه بعد منفعة، ن، م: وهي من العبد فعلا قام به وكسبا يجر به إليه منفعة.
    (7) ن، م: من انتفاع به أو تضرر
    ============================== ==
    به أفعال العباد، ولا يتصف بها، ولا تعود إليه أحكامها، التي تعود إلى موصوفاتها. وكون الرب هو الذي خلقها وجعلها عملا لغيره بخلق قدرة العبد ومشيئته (1) وفعله جهة لا تصلح للعبد، ولا يقدر على ذلك إلا الله، ولهذا قال أكثر المثبتين للقدر: إن أفعال العباد مخلوقة لله، وهي فعل العبد وإذا قيل هي فعل (2) الله فالمراد أنها (3) مفعولة له، [لا أنها] (4) هي الفعل الذي هو مسمى المصدر.
    وهؤلاء هم الذين يفرقون بين الخلق والمخلوق، وهم أكثر الأئمة، وهو آخر قولي القاضي أبي يعلى وقول أكثر أصحاب [الإمام] (5) أحمد (6) وهو قول [ابنيه يعني ابني القاضي أبي يعلى] (7) : القاضي أبي حازم (8) و [القاضي] أبي الحسين (9) وغيرهما.
    الوجه الثالث: أن قول القائل: الله أعدل من أن يظلم عبده ويؤاخذه بما لم يفعل، [فنحن] (10) نقول بموجبه، فإن الله لم يظلم عبده ولم يؤاخذه

    **_________
    (1) ن، م: يخلق مشيئة العبد وقدرته.
    (2) ساقطة من (ع) .
    (3) ع، أ: بها.
    (4) لا أنها: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) الإمام: زيادة في (ع) .
    (6) علق مستجي زاده في هذا الموضع بقوله: قلت كأنه احترز بقوله " وهم أكثر الأئمة " الأشعري ومن تابعه، فإنهم قالوا: التكوين عين المكون والخلق عين المخلوق.
    (7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط، وفي (ن) ، (م) : وهو قول ابني القاضي أبي حازم. . . إلخ.
    (8) في جميع النسخ: القاضي أبي حازم، والصواب ما أثبته.
    (9) ن، م: وأبي الحسين.
    (10) فنحن: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع)
    ==============================
    إلا بما فعله العبد باختياره وقوته (1) لا بفعل غيره من المخلوقين. وأما كون الرب خالق كل شيء فذلك لا يمنع كون العبد هو الملوم على ذلك، كما أن غيره من المخلوقين يلومه على ظلمه وعدوانه، مع إقراره بأن الله خالق أفعال العباد.
    وجماهير الأمم مقرة بالقدر، وأن الله خالق كل شيء، وهم مع هذا يذمون الظالمين (2) ويعاقبونهم لدفع ظلمهم وعدوانهم، كما أنهم (3) يعتقدون أن الله خالق (4) الحيوانات المضرة والنباتات المضرة (5) وهم مع هذا يسعون في دفع ضررها وشرها. وهم أيضا متفقون على أن الكاذب والظالم مذموم بكذبه وظلمه، وأن ذلك وصف سيئ (6) فيه، وأن نفسه (7) المتصفة بذلك خبيثة ظالمة لا تستحق الإكرام الذي يناسب أهل الصدق والعدل، وإن كانوا مقرين بأن كل ذلك مخلوق.
    وليس في [فطر] (8) الناس أن يجعلوا مقابلة الظالم على ظلمه ظلما له، وإن كانوا مقرين بالقدر، فالله أولى أن لا ينسب إلى الظلم لذلك (9) ، وهذا على طريقة أهل الحكمة والتعليل [من أهل السنة] (10) . وأما على

    **_________
    (1) ع: وقدرته.
    (2) أ، ب: الظلمة ; ن: الظالم.
    (3) أنهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) أ، ب: خلق.
    (5) ع: الحيوانات والنباتات المضرة.
    (6) أ، ب: مسيء، ن، م: شيء، وهو تصحيف.
    (7) ع: وأن وصفه نفسه.
    (8) فطر: ساقطة من (ن) .
    (9) ن: بذلك.
    (10) من أهل السنة، ساقطة من (ن) ، (م)
    ============================== =
    طريقة أهل المشيئة والتفويض فالظلم ممتنع منه لذاته ; لأنه تصرف في ملك الغير، أو تعدى ما حد له، وكلاهما ممتنع في حق الله تعالى، وبكل حال (1) فالرب تعالى لا يمثل بالخلق (2) لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل له المثل الأعلى فما ثبت لغيره من الكمال فهو أحق به، وما تنزه عنه من النقص فهو أحق بتنزيهه، وما كان سائغا للقادر الغني فهو أولى أن يكون سائغا له، وليس كل ما قبح ممن يتضرر منه يكون قبيحا منه (3) ، فإن العباد لن يبلغوا ضره فيضروه ولن يبلغوا نفعه فينفعوه.
    الوجه الرابع: أن يقال: لا نزاع بين المسلمين أن الله عادل ليس ظالما (4) ، لكن ليس كل ما كان ظلما من العبد يكون ظلما من الرب، ولا ما كان قبيحا من العبد يكون قبيحا من الرب، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
    تحقيق (5) ذلك أنه لو كان الأمر كذلك كما يقوله من يقوله من القدرية للزم أن يقبح منه أمور فعلها فإن الواحد من العباد إذا أمر غيره بأمر لا ينتفع به الآمر وتوعده عليه بالعقاب وهو يعلم أن المأمور لا يفعله (6) بل يعصيه فيستحق (7) العقاب، كان (8) ذلك منه عبثا وقبيحا لعدم الفائدة في ذلك للآمر والمأمور.

    **_________
    (1) أ، ب: وهم ممتنعان في حق الله بكل حال.
    (2) ع: بالمخلوق.
    (3) ن: وليس كل ما قبح من من يتصور منه يكون قبيحا منه ; م: وليس كل ما قبح مما يتصور منه القبح يكون قبيحا منه.
    (4) ن، م، ع: ليس بظالم.
    (5) ن، م، ع: تحقق.
    (6) ن، م: فإن الواحد من العباد إذا أمر غيره بأمره وتوعده عليه بالعقاب لا ينتفع به الآمر وهو يعلم أن المأمور لا يفعله.
    (7) أ، ب: وأنه يستحق.
    (8) ن، م: لكان
    ============================
    وكذلك لو قال: مرادي (1) مصلحة المأمور، وهو يعلم أنه لا يترتب عليه مصلحة بل مفسدة، لكان ذلك قبيحا [منه] (2) . وكذلك إذا فعل فعلا لمراد وهو يعلم أن ذلك المراد لا يحصل، لكان (3) ذلك قبيحا منه.
    والقدرية يقولون: إن [الله] خلق (4) الكفار لينفعهم ويكرمهم (5) وأراد ذلك بخلقهم، وأمرهم مع علمه بأنهم يتضررون لا ينتفعون، وكذلك الواحد من العباد لو رأى عبيده أو إماءه (6) يزنون ويظلمون، وهو قادر على منعهم، ولم يمنعهم، لكان مذموما مسيئا، والله منزه عن أن يكون مذموما مسيئا.
    والقدري يقول: هو أراد بخلقه لهم أن يطيعوه ويثيبهم، فخلقهم للنفع، مع علمه أنهم (7) لا ينتفعون. ومعلوم أن مثل هذا قبيح من الخلق ولا يقبح من الخالق. ومن المعلوم أن المخلوق إذا كان قادرا على منع عبيده من القبائح، فمنعه لهم خير من أن يعرضهم للثواب مع علمه أنه لا يحصل لهم إلا العقاب، كالرجل الذي يعطي ولده أو غلامه مالا ليربح فيه (8) ، وهو يعلم أنه يشتري به سما يأكله (9) ، فمنعه له من المال خير من أن يعطيه إياه مع علمه أنه يتضرر به.

    **_________
    (1) ن: من مرادي.
    (2) منه: زيادة في (ع) .
    (3) أ، ب: كان.
    (4) ع، ن: إنه خلق.
    (5) ن: ويلزمهم، وهو تصحيف.
    (6) ع، ن، م: وإماء.
    (7) ع، ن: بأنهم.
    (8) ب فقط: مالا يربح فيه.
    (9) أ، ب: يشتري شيئا يأكله
    ============================== ==




  14. #194
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (191)
    صـ 153 إلى صـ 160




    وكذلك إذا أعطى غيره سيفا ليقاتل به الكفار، وهو يعلم أنه لا يقاتل به إلا الأنبياء والمؤمنين، لكان ذلك قبيحا منه. وإن قال: قصدت تعريض هذا للثواب، والله لا يقبح ذلك منه (1) ، وهذا (2) حال قدرة العبد عند القدرية، والقدرية مشبهة الأفعال: قاسوا أفعال الله على أفعال خلقه، وعدله على عدلهم، وهو من أفسد القياس.
    [الوجه] (3) الخامس: أن يقال المعصية من العبد كما أن الطاعة من العبد، ومعلوم أنه إذا كانت الطاعة منه بمعنى أنه فعلها بقدرته ومشيئته، لم يمتنع أن يكون الله هو الذي جعله فاعلا لها بقدرته ومشيئته، بل هذا هو الذي يدل عليه الشرع والعقل.
    كما قال الخليل: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [سورة البقرة: 128] ، وقال: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [سورة إبراهيم: 40] ، وقال تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا} [سورة السجدة: 24] .
    ولأن كونه فاعلا بعد أن لم يكن أمر حادث فلا بد له من محدث، والعبد يمتنع أن يكون هو الفاعل لكونه فاعلا ; لأن كونه فاعلا (4) إن كان حدث بنفس كونه فاعلا، لزم أن يكون الشيء حدث (5) بنفسه من غير إحداث، وهو ممتنع.

    **_________
    (1) أ، ب، م: والله لا يقبح منه ذلك.
    (2) ع، ن، م: وهذه.
    (3) الوجه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ع: لأن يكونه فاعلا.
    (5) ع: يحدث
    ==============================
    وإن كان بفاعلية أخرى، فإن كانت هذه حدثت بالأولى (1) لزم الدور القبلي، وإن كانت حدثت (2) بغيرها لزم التسلسل في الأمور المتناهية، وكلاهما باطل ; فعلم أن كون الطاعة والمعصية من العبد يستحق عليها المدح والذم والثواب والعقاب، لا يمنع أن يكون العبد فقيرا إلى الله في كل شيء، لا يستغني عن الله في شيء قط (3) ، وأن يكون الله خالق جميع أموره، وأن يكون نفس فعله من الحوادث والممكنات المستندة إلى قدرة الله ومشيئته.
    **[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر أن الكافر يكون مطيعا بكفره لأنه فعل مراد الله تعالى]

    (فصل)
    قال [الرافضي] (4) : " ومنها أنه يلزم أن يكون الكافر مطيعا بكفره ; لأنه قد فعل ما هو مراد الله تعالى لأنه أراد منه الكفر، وقد فعله ولم يفعل الإيمان الذي كرهه الله منه (5) فيكون قد أطاعه لأنه فعل مراده ولم يفعل ما كرهه (6) ، ويكون النبي عاصيا لأنه يأمره بالإيمان الذي يكرهه الله [منه] (7) وينهاه عن الكفر الذي يريده الله منه " (8) .

    **_________
    (1) ن، م: حدثت بالأول.
    (2) ع، ن، م: وإن حدثت.
    (3) ع: لا يستغني عن شيء قط.
    (4) الرافضي في (ع) فقط. والنص التالي في (ك) ص [0 - 9] 8 (م) 189 (م) .
    (5) ساقط من (ع) .
    (6) ن، م: ما يكرهه.
    (7) منه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) م: يريده الله ; ك: يريده منه
    ============================== ===
    الجواب [من وجوه: الأول] : أن هذا (1) مبني على أن الطاعة: هل هي موافقة الأمر؟ أو موافقة الإرادة؟ وهي مبنية على أن الأمر هل يستلزم الإرادة أم لا؟ وأن نفس الطلب والاستدعاء هل هو الإرادة أو مستلزم للإرادة أو ليس واحدا منهما؟
    ومن المعلوم (2) أن كثيرا من نظار أهل الإثبات (3) للقدر يطلقون القول بأن الطاعة موافقة الأمر لا موافقة الإرادة، وأن الأمر لا يستلزم الإرادة، والكلام في ذلك مشهور. وإذا كان كذلك فهذا القدري لم يبين صحة قوله ولا فساد قول منازعيه، بل أخذ ذلك دعوى مجردة بناء على أن الطاعة موافقة الإرادة، فإذا قال له منازعوه: لا نسلم ذلك، كفى في هذا المقام لعدم الدليل.
    الثاني: أنهم يستدلون على أن الأمر لا يستلزم الإرادة بما تقدم (4) من أن الله خالق أفعال العباد، وإنما يخلقها بإرادته، وهو لم يأمر بالكفر (5) والفسوق والعصيان، فعلم بأنه قد (6) يخلق بإرادته ما لم يأمر به.
    وأيضا فقد ثبت بالكتاب والسنة (7) وإجماع العلماء أنه لو حلف ليقضينه (8) حقه في غد (9) إن شاء الله تعالى، فخرج الغد ولم يقضه، مع

    **_________
    (1) ن، م: الجواب أن هذا، ع: والجواب أن هذا.
    (2) ع: ومعلوم.
    (3) أ، ب: من نظار الإثبات ; ن، م: من النظار أهل الإثبات.
    (4) أ، ب: بما قدم.
    (5) م: لم يأمر بإرادة الكفر.
    (6) قد ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) ن، م: ثبت بالسنة.
    (8) أ، ب: لو حلف أنه ليقضيه.
    (9) ن، م: حقه غدا
    ============================== ===
    قدرته على القضاء من غير عذر، وطالبه المستحق له (1) ، لم يحنث، ولو كانت المشيئة بمعنى الأمر لحنث (2) لأنه مأمور بذلك، وكذلك سائر (3) الحلف على فعل مأمور إذا علقه بالمشيئة.
    وأيضا فإنه قد قال تعالى: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا} [سورة يونس: 99] مع أنه قد أمرهم بالإيمان، فعلم أنه قد أمرهم بالإيمان ولم يشأه، وكذلك قوله: {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} [سورة الأنعام: 125] دليل على أنه أراد ضلاله (4) وهو لم يأمره (5) بالضلال.

    الوجه الثالث: طريقة أئمة الفقهاء (6) وأهل الحديث وكثير من أهل النظر وغيرهم أن الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة (7) تتعلق بالأمر، وإرادة تتعلق بالخلق. فالإرادة المتعلقة بالأمر أن يريد من العبد فعل ما أمره به (8) وأما إرادة الخلق فأن يريد ما يفعله هو. فإرادة الأمر هي المتضمنة للمحبة والرضا وهي الإرادة الدينية. والثانية المتعلقة (9) بالخلق هي المشيئة وهي الإرادة الكونية القدرية.

    **_________
    (1) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) أ، ب: يحنث.
    (3) سائر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ن، م: إضلاله.
    (5) أ، ب، ع: لم يأمر.
    (6) أ، ب: الأئمة الفقهاء.
    (7) ع، ن، م: نوعان أحدهما إرادة.
    (8) ع: ما أمر به ; أ، ب: ما أمره.
    (9) ب فقط: والإرادة المتعلقة
    ============================
    فالأولى كقوله تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [سورة البقرة: 185] وقوله تعالى: {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم} [سورة النساء: 26] إلى قوله: {يريد الله أن يخفف عنكم} [سورة النساء: 28] ، وقوله: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم} [سورة المائدة: 6] وقوله {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [سورة الأحزاب: 33] .
    والثانية كقوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} [سورة الأنعام: 125] وقول نوح: {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم} [سورة هود: 34] .
    ومن هذا النوع قول المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ومن النوع الأول قولهم لمن يفعل القبائح (1) : هذا يفعل ما لا يريده الله. وإذا (2) كان كذلك فالكفر والفسوق والعصيان ليس مرادا للرب بالاعتبار الأول، والطاعة موافقة تلك الإرادة أو موافقة للأمر (3) المستلزم لتلك الإرادة، فأما موافقة مجرد النوع الثاني فلا يكون به مطيعا، وحينئذ فالنبي يقول [له] (4) : بل الرب يبغض كفرك (5) ولا يحبه ولا يرضاه لك

    **_________
    (1) ن: قولهم: لن يفعل الله القبائح، وهو تحريف.
    (2) أ، ب: فإذا.
    (3) ب: موافقة لتلك الإرادة أو موافقة للأمر، أ: موافقة لتلك الإرادة أو موافقة الأمر.
    (4) له ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) أ، ب: إن الله يبغض الكفر
    ============================== ======
    أن تفعله ولا يريده بهذا الاعتبار، والنبي يأمره بالإيمان الذي يحبه الله ويرضاه له (1) ويريده بهذا الاعتبار.
    الوجه الرابع: أن يقال هذه المسألة (2) مبنية على أصل: وهو (3) أن الحب والرضا هل هو الإرادة أو هو صفة مغايرة للإرادة؟ فكثير من أهل النظر من المعتزلة والأشعرية ومن اتبعهم من الفقهاء من أصحاب [الإمام] (4) أحمد والشافعي وغيرهما يجعلونهما (5) جنسا واحدا. ثم القدرية يقولون: بل هو لا يحب الكفر والفسوق والعصيان فلا يريده (6) ، والمثبتة يقولون: بل هو يريد ذلك فيكون قد أحبه ورضيه.
    وأولئك يتأولون الآيات المثبتة لإرادة هذه الحوادث، كقوله تعالى: {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} [سورة الأنعام: 125] ، و [قوله] (7) : {إن كان الله يريد أن يغويكم} [سورة هود: 34] .
    وهؤلاء يتأولون الآيات النافية لمحبة الله ورضاه بها (8) ، كقوله تعالى: {والله لا يحب الفساد} [سورة البقرة: 205] ، {ولا يرضى لعباده الكفر} [سورة الزمر: 7] ، وقوله (9) : {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} [سورة النساء: 108] .

    **_________
    (1) له: ساقطة من (ع) ، (م) .
    (2) المسألة: ساقطة من (ع) .
    (3) أ، ب، م: هو.
    (4) الإمام: زيادة (أ) ، (ب) .
    (5) ن، أ، ب: يجعلونها.
    (6) ن، م: ولا يريده.
    (7) قوله: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (8) أ، ب: ورضاه لها.
    (9) وقوله: ساقطة من (ن) ، (م)
    ============================
    وأما جماهير الناس من أهل الكلام والفقه والحديث والتصوف فيفرقون بين النوعين، وهو قول أئمة الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم، [وهو قول المثبتين للقدر قبل الأشعري، مثل ابن كلاب كما ذكره (1) أبو المعالي الجويني] ما (2) ، فإن النصوص (3) قد صرحت بأن الله لا يرضى الكفر والفسوق والعصيان ولا يحب ذلك، مع كون الحوادث كلها بمشيئة الله تعالى. وتأويل ذلك بمعنى (4) لا يرضاها من المؤمنين (5) أو لا يرضاها ولا يحبها (6) دينا بمعنى: لا يريدها - يقتضي أن يقال: لا يرضى الإيمان أي من الكافر (7) أو لا يريده غير دين.
    والله تعالى قد أخبر أنه يكره المعاصي بقوله: {كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها} [سورة الإسراء: 38] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " «إن الله تعالى كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» " (8) .

    **_________
    (1) أ، ب: المثبتين للقدر مثل الأشعري كما ذكره.
    (2) بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) أ، ب: فالنصوص.
    (4) بمعنى: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م: لا يرضاها للمؤمنين.
    (6) ع: أو لا يحبها ولا يرضاها، ن: ولا يحبها ويرضاها، م: أو لا يحبها ويرضاها.
    (7) ب: يقال يرضى الإيمان من الكافة، أ: يقال يرضى الإيمان أي من الكافر ; ع: يقال لا يرضى الإيمان من الكافر.
    (8) الحديث مع اختلاف في الألفاظ عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه في: البخاري 2 124 كتاب الزكاة باب قول الله تعالى: لا يسألون الناس إلحافا 3 120 كتاب الاستقراض، باب ما ينهى عن إضاعة المال، مسلم 3 1341 كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل، المسند ط الحلبي 4 246، 249، 254، والحديث بمعناه عن أبي هريرة رضي الله عنه في: المسند ط المعارف، 16 144، رقم 8316. 16 292 - 293 رقم 7803، الموطأ 2 990 كتاب الكلام، باب ما جاء في إضاعة المال. وأوله في الموطأ: إن الله يرضى لكم ثلاثا. . . الحديث
    ============================== =

    والأمة (1) متفقة على أن الله يكره المنهيات دون المأمورات، ويحب المأمورات، دون المنهيات، وأنه يحب المتقين والمحسنين والصابرين، ويحب التوابين ويحب المتطهرين، ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وأنه يمقت الكافرين ويغضب عليهم.
    وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " «ما أحد أحب إليه المدح من الله، وما أحد أحب إليه العذر من الله» ". (2) وقال: " «ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته» ". (3) ، وقال: " «إن الله وتر يحب الوتر» " (4) ،

    **_________
    (1) م: فالأمة ; ن: فالآية، وهو تصحيف.
    (2) الحديث مع اختلاف في الألفاظ واختلاف في أوله، فجاء أحيانا بلفظ: لا أحد أحب، وأحيانا " ليس أحد أحب ". عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وسبق في هذا الجزء 60 - 61.
    (3) أ، ب: أنه يرى عبده يزني بأمته، والحديث عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في البخاري 7 35 كتاب النكاح باب الغيرة، ولفظه فيه: يا أمة محمد ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته يزني، يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا. وجاء الحديث عنها مطولا وأوله: خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنه: فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله. ثم قال: يا أمة محمد، والله ما من أحد أغير من الله. الحديث وهو مع اختلاف يسير في البخاري 2 34 كتاب الكسوف باب الصدقة في الكسوف مسلم 2 618 كتاب الكسوف باب صلاة الكسوف، سنن النسائي 3 108 كتاب الكسوف باب نوع آخر منه، المسند ط الحلبي 6 164.
    (4) جاءت أحاديث عديدة بهذه الألفاظ عن عدد من الصحابة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لله تسعة وتسعون اسما، مائة إلا واحدا، لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، وإن الله وتر يحب الوتر. وهذا لفظ مسلم 4 2062 - 2063 كتاب الذكر والدعاء. باب في أسماء الله تعالى. وهو بألفاظ مقاربة في البخاري 8 87 كتاب الدعوات باب لله مائة اسم غير واحد، المسند ط المعارف 13 244 رقم 7493 وتكرر في أرقام: 7612، 8131، 9509، 10486، 10539، 10696، والحديث أيضا في سنن ابن ماجه 2 1269 كتاب الدعاء، باب أسماء الله عز وجل، وجاء حديث آخر عن علي رضي الله عنه في سنن أبي داود 2 83 كتاب الوتر باب استحباب الوتر، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أهل القرآن أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر. وهو في سنن الترمذي 1 282 كتاب الوتر باب ما جاء في الوتر ليس بحتم. سنن النسائي 3 187، كتاب قيام الليل باب الأمر بالوتر، سنن ابن ماجه 1 370 كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الوتر. المسند ط المعارف 2 124، 164 وفي مواضع أخرى. وجاء حديث ثالث عن ابن عمر رضي الله عنه في المسند ط المعارف 8 177 بلفظ: وإن الله وتر يحب الوتر. وتكرر 9 216
    ============================== =====




  15. #195
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (192)
    صـ 161 إلى صـ 168




    " « [إن] الله جميل يحب الجمال» " (1) ، وقال: " «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته» " (2) .
    وقال: " «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي» " (3) ، " «إن الله يرضى لكم

    **_________
    (1) إن: ساقطة من (ن) ، (م) والحديث مع اختلاف في بعض الألفاظ عن عبد الله بن مسعود وغيره من الصحابة رضي الله عنهم في: مسلم 1 93 كتاب الإيمان باب تحريم الكبر وبيانه، وأوله: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. الحديث وهو في المسند ط الحلبي 4 133، 134، 151.
    (2) أ، ب: كما تؤتى عزائمه. والحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما في المسند ط المعارف 8 170 وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح. . والحديث في مجمع الزوائد 3 162 وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، والبزار والطبراني في الأوسط، وإسناده حسن. وأورده الألباني في صحيح الجامع الصغير 2 146 وقال السيوطي: (حم) أحمد (حب) ابن حبان في صحيحه، (هب) البيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عمر وصحح الألباني الحديث.
    (3) مضى هذا الحديث من قبل 2 65 ت [0 - 9]
    =============================
    ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» " (1) .
    وقال: " «لله أشد فرحا بتوبة عبده [المؤمن] (2) من رجل أضل راحلته بأرض دوية مهلكة عليها طعامه وشرابه فطلبها فلم يجدها، فاضطجع ينتظر الموت، فلما أفاق إذا أ، ب: فإذا. بدابته عليها طعامه وشرابه، فالله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا [الرجل] (3) براحلته» " وهذا الحديث في الصحاح من وجوه متعددة، وهو مستفيض عن النبي صلى الله عليه وسلم متفق على صحته وثبوته (4) ، وكذلك أمثاله.
    وإذا (5) كان كذلك فالطاعات يريدها من العباد الإرادة (* المتضمنة

    **_________
    (1) هذا الحديث هو الذي سبق التعليق عليه في ص 159 ونصه في الموطأ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويسخط لكم قيل وقال، وإضاعة المال وكثرة السؤال. وذكرت فيما سبق أن الحديث جاء في المسند ط. المعارف 16 144، 292 - 293 وجاء القسم الأخير من الحديث بمعناه في حديث آخر عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه في البخاري ومسلم والمسند.
    (2) المؤمن: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (3) الرجل: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (4) الحديث عن عبد الله بن مسعود وغيره من الصحابة رضي الله عنهم بألفاظ مختلفة في البخاري 8 68 كتاب الدعوات باب التوبة، مسلم 4 2102 - 2105 كتاب التوبة باب في الحض على التوبة والفرح بها، المسند ط. المعارف 5 225 ط. الحلبي 4 275 جامع الأصول لابن الأثير 3 65 - 67.
    (5) م، ن: فإذا
    ============================== ==
    لمحبته لها ورضاه بها إذا وقعت وإن لم يفعلها، والمعاصي يبغضها ويمقتها ويكره من العباد *) (1) أن يفعلوها وإن أراد (2) أن يخلقها هو لحكمة اقتضت ذلك (3) ولا يلزم إذا كرهها (4) للعبد لكونها تضر العبد [ويبغضها أيضا] (5) - أن يكره أن يخلقها هو لما له فيها (6) من الحكمة، فإن الفعل قد يحسن من أحد المخلوقين ويقبح من الآخر لاختلاف حال الفاعلين الفاعلين: (7) ، فكيف يلزم أنه ما قبح من العبد قبح (8) من الرب مع أنه لا نسبة للمخلوق مع الخالق (9) وإذا كان المخلوق قد (10) يريد ما لا يحبه، كإرادة المريض لشرب (11) الدواء الذي يبغضه (12) ، ويحب ما لا يريده كمحبة المريض الطعام الذي يضره، [ومحبة الصائم الطعام والشراب الذي لا يريد أن يأكله، ومحبة الإنسان للشهوات التي يكرهها بعقله ودينه] (13) .
    فقد عقل ثبوت أحدهما دون الآخر، وأن أحدهما ليس بمستلزم

    **_________
    (1) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (2) أ، ب: من يفعلها إن شاء.
    (3) ن، م: ذلك بها.
    (4) ن فقط: ولا يلزم ذلك إذا كرهها.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (ع) وأبغضها أيضا.
    (6) أ، ب: لما له فيه، ع: لما فيها.
    (7) ساقطة من (ع) .
    (8) أ، ب: أن ما قبح من العبد يقبح.
    (9) ن، م، ع: إلى الخالق وحرفت (نسبة) في (ن) إلى يشبه.
    (10) قد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (11) أ، ب: ليشرب.
    (12) م: يكرهه ولا يريده.
    (13) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (أ) ، (ب) : الشهوات، وفي (ع) حرفت بعقله إلى بفعله
    ============================== =
    للآخر في المخلوقات في المخلوقات: (1) . فكيف لا يمكن ثبوت أحدهما دون الآخر في حق الخالق تعالى؟
    وقد يقال: كل هذه الأمور مرادة محبوبة (2) ، لكن فيها ما يراد لنفسه، فهو مراد بالذات محبوب لله (3) مرضي له، وفيها (4) ما يراد لغيره، وهو مراد بالعرض لكونه وسيلة إلى المراد المحبوب لذاته.
    فالإنسان يريد العافية لنفسها (5) ويريد شرب الدواء لكونه وسيلة إليها، وهو (6) يريد ذلك من هذه الجهة وإن لم يكن محبوبا (7) في نفسه، وإذا كان المراد ينقسم إلى مراد لنفسه وهو المحبوب لنفسه، وإلى مراد لغيره لكونه وسيلة إلى غيره، وهذا قد لا يحب لنفسه، أمكن أن يجعل الفرق بين المحبة والإرادة (8) من هذا الباب.
    والإرادة نوعان: فما كان محبوبا فهو مراد لنفسه، وما كان في نفسه غير محبوب فهو (9) مراد لغيره. وعلى هذا تنبني مسألة محبة الرب [عز وجل] (10) نفسه ومحبته لعباده، فإن الذين جعلوا المحبة والرضا هو

    **_________
    (1) ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) ، (ع) : في المخلوق.
    (2) محبوبة: زيادة في (ن) ، (م) .
    (3) م: للرب، ن: بالرب.
    (4) ن، م: ومنها.
    (5) ن، م: لنفسه، أ: بنفسها.
    (6) ب فقط: فهو.
    (7) ن، م: وإن لم تكن محبوبة.
    (8) أ، ب، ع: والمشيئة.
    (9) ن، م: فهذا.
    (10) عز وجل: زيادة في (أ) ، (ب)
    ==============================
    الإرادة (1) العامة، قالوا: إن الرب لا يحب في الحقيقة ولا يحب، وتأولوا محبته [تعالى] (2) لعباده بإرادته (3) ثوابهم ومحبتهم له بإرادة طاعتهم (4) له والتقرب إليه، و [منهم] طائفة (5) كثيرة قالوا: هو محبوب يستحق أن يحب، ولكن محبته لغيره بمعنى مشيئته.
    وأما السلف والأئمة [وأئمة] أهل (6) الحديث [وأئمة] (7) التصوف، وكثير من أهل الكلام والنظر، فأقروا بأنه محبوب لذاته، بل لا يستحق أن يحب لذاته إلا هو.
    وهذا (8) حقيقة الألوهية، وهو حقيقة ملة إبراهيم، ومن لم يقر بذلك لم يفرق بين الربوبية والإلهية (9) ولم يجعل الله معبودا لذاته، ولا أثبت التلذذ بالنظر إليه، ولا أنه أحب إلى أهل الجنة من كل شيء.
    وهذا القول في الحقيقة هو من أقوال الخارجين عن ملة إبراهيم من المنكرين لكون الله هو المعبود دون ما سواه، ولهذا لما ظهر هذا القول في أوائل الإسلام قتل من أظهره، وهو الجعد بن درهم يوم الأضحى، قتله خالد بن عبد الله القسري برضا علماء الإسلام، وقال: " ضحوا أيها

    **_________
    (1) أ، ب، ع: المشيئة.
    (2) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) أ، ب: بإرادة.
    (4) ن، م، ع: طاعته.
    (5) ن، م: وطائفة.
    (6) وأئمة: ساقطة من (ن) ، (م) ، و " أهل " ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) وأئمة: ساقطة من (أ) ، (م) .
    (8) ع: وهذه.
    (9) ن، م: والألوهية
    ============================

    الناس، تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا " ثم نزل فذبحه.
    وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " «إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا، ويثقل موازيننا ويدخلنا الجنة، ويجرنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه، وهو الزيادة» ". (1) .
    وقد روي في السنن من غير وجه (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول [في دعائه] (3) : " «وأسألك (4) لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك» " (5) .
    وروى [الإمام] أحمد والنسائي [وغيرهما] عن (6) عمار بن ياسر أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان [يقول في] دعائه (7) : " «أسألك

    **_________
    (1) الحديث عن صهيب رضي الله عنه في مسلم: 1 163 كتاب الإيمان باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى. الحديث رقم 298، سنن الترمذي 4 92 كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في رؤية الرب تبارك وتعالى، 4 349 كتاب التفسير تفسير سورة يونس، سنن ابن ماجه 1 67 المقدمة باب فيما أنكرت الجهمية.
    (2) ع: من وجوه متعددة.
    (3) في دعائه: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي (ع) : في الدعاء.
    (4) ن، م، ع: أسألك.
    (5) انظر الكلام على هذا الحديث في تعليق \ 2 في الصفحة التالية.
    (6) ن، م: وروى النسائي وأحمد عن.
    (7) ن، م: كان يدعو، ع: كان يدعو ويقول في دعائه
    =============================

    لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، من ع، م: في. غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة» " (1) .
    وأما الذين أثبتوا أنه محبوب، وأن محبته لغيره بمعنى (2) مشيئته، فهؤلاء ظنوا أن كل ما خلقه فقد أحبه. وهؤلاء قد يخرجون إلى مذاهب الإباحة (3) ، فيقولون: إنه يحب الكفر والفسوق والعصيان [ويرضى ذلك] (4) ، وأن العارف إذا شهد هذا المقام (5) لم يستحسن حسنة ولم يستقبح سيئة لشهوده القيومية العامة، وخلق الرب لكل شيء، وقد وقع في هذا [طائفة من الشيوخ الغالطين] (6) من شيوخ الصوفية والنظار (7) ، وهو غلط عظيم.
    والكتاب والسنة و [اتفاق] سلف (8) الأمة يبين أن الله يحب أنبياءه

    **_________
    (1) هذا جزء من حديثين طويلين: الأول عن عمار بن ياسر رضي الله عنه في سنن النسائي 3 46 - 47 كتاب السهو، باب الدعاء بعد الذكر، نوع منه. وأول الحديث: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق. الحديث، وهو في المسند ط. الحلبي 4 264 والحديث الثاني بمعنى الأول مع اختلاف الألفاظ عن زيد بن ثابت رضي الله عنه في: المسند ط الحلبي 5 191.
    (2) ن، م: يعني.
    (3) ن، م: الإباحية.
    (4) ويرضى ذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن، م: عند الحاكم، ع: هذا الحكم، أ: هذا الحاكم، وما أثبته عن (ب) هو الصواب.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) ن، م، ع: والنظر.
    (8) أ، ب: وسلف
    ============================== ====
    وأولياءه، ويحب ما أمر به، ولا يحب الشياطين ولا ما نهى عنه، وإن [كان] (1) كل ذلك بمشيئته.
    وهذه المسألة وقع النزاع فيها بين الجنيد [بن محمد] (2) وطائفة من أصحابه، فدعاهم إلى الفرق الثاني، وهو أن يفرقوا في المخلوقات بين ما يحبه وما لا يحبه، فأشكل هذا عليهم لما رأوا أن كل مخلوق فهو مخلوق بمشيئته، ولم يعرفوا أنه قد يكون فيما خلقه بمشيئته ما لا يحبه ولا يرضاه، وكان ما قاله الجنيد وأمثاله (3) هو الصواب.
    الوجه الخامس: أن يقال: الإرادة نوعان: أحدهما [بمعنى المشيئة وهو] (4) أن يريد الفاعل أن يفعل فعلا، فهذه الإرادة المتعلقة بفعله. والثاني: أن يريد من غيره أن يفعل فعلا (5) فهذه إرادة (6) لفعل الغير.
    وكلا النوعين معقول (7) في الناس، لكن الذين قالوا: [إن] (8) الأمر لا (9) يتضمن الإرادة، لم يثبتوا إلا النوع (10) الأول من الإرادة، والذين

    **_________
    (1) كان ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) بن محمد: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: وأصحابه.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) فعلا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) أ، ب: فهذا الإرادة، ن، م: وهذه إرادة.
    (7) أ، ب: مفعول.
    (8) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (9) لا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (10) ن، م: الأنواع، وهو تحريف
    ==============================



  16. #196
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (193)
    صـ 169 إلى صـ 176






    قالوا: إن الله لم يخلق أفعال العباد، لم يثبتوا إلا النوع الثاني.
    وهؤلاء (1) القدرية يمتنع عندهم أن يريد الله خلق أفعال العباد بالمعنى الأول ; لأنه لا يخلقها عندهم وأولئك المقابلون لهم (2) يمتنع عندهم الإرادة من الله إلا بمعنى إرادة أن يخلق، فما لم يرد أن يخلقه لا يوصف بأنه مريد له، فعندهم هو مريد لكل ما خلق وإن كان كفرا، ولم يرد ما لم يخلقه (3) وإن كان إيمانا.
    وهؤلاء، وإن كانوا أقرب إلى الحق، لكن التحقيق إثبات النوعين، كما أثبت ذلك السلف والأئمة ; ولهذا قال جعفر: " أراد بهم وأراد منهم "، فالواحد من الناس يأمر غيره وينهاه مريدا لنصحه، وبيانا لما ينفعه وإن كان مع ذلك لا يريد أن يعينه على ذلك الفعل، إذ ليس كل ما يكون مصلحتي في أن آمر به غيري وأنصحه يكون مصلحتي (4) في أن أعاونه [أنا] (5) عليه، بل تكون (6) مصلحتي إرادة ما يضاده.
    كالرجل الذي يستشيره (7) غيره في خطبة امرأة، يأمره أن يتزوجها، لأن ذلك مصلحة المأمور، والآمر يرى (8) أن مصلحته في أن يتزوجها هو دونه، فجهة أمره لغيره نصحا - غير جهة فعله لنفسه.

    **_________
    (1) أ، ب، ع: فهؤلاء.
    (2) أ، ب، ن: القائلون لهم، وهو تصحيف.
    (3) أ، ب: ما لم يخلق.
    (4) ن: وتكون مصلحتي، وهو تحريف.
    (5) أنا: ساقطة من (ن) .
    (6) ب فقط: بل قد تكون.
    (7) يستشيره: كذا في (ع) فقط، وفي سائر النسخ: يستشير.
    (8) أ: وإلا يرى، ب: وإلا فهو يرى
    ============================== =====
    وإذا أمكن الفرق في حق المخلوقين فهو في حق الله أولى بالإمكان. فهو (1) سبحانه أمر الخلق على ألسن رسله بما ينفعهم، ونهاهم عما يضرهم، ولكن (2) منهم من أراد أن يخلق فعله، فأراد هو سبحانه أن يخلق ذلك الفعل ويجعله فاعلا له.
    ومنهم من لم يرد أن يخلق فعله. فجهة خلقه سبحانه لأفعال العباد وغيرها من المخلوقات - غير جهة أمره للعبد على وجه البيان لما هو (3) مصلحة للعبد أو مفسدة.
    وهو سبحانه إذا أمر فرعون وأبا لهب وغيرهما بالإيمان، كان قد بين (4) لهم ما ينفعهم ويصلحهم (5) إذا فعلوه ولا يلزم (6) إذا أمرهم أن يعينهم، بل قد يكون في خلقه لهم ذلك الفعل وإعانتهم عليه وجه مفسدة، من حيث هو فعل له، فإنه يخلق ما يخلق لحكمة له (7) ، ولا يلزم (8) إذا كان الفعل المأمور به مصلحة للمأمور إذا فعله، أن يكون مصلحة للآمر إذا فعله [هو] (9) ، أو جعل المأمور فاعلا له (10) ، فأين جهة الخلق من جهة الأمر؟

    **_________
    (1) ن، م: وهو.
    (2) ن: وليكن، وهو تحريف.
    (3) أ: على وجه البيان الظاهر، ب: وعلى وجه بيان ظاهر، وهو تصحيف.
    (4) أ، ب، ن: تبين.
    (5) ن: ما يصلحهم وينفعهم.
    (6) ب فقط: ولا يلزمه.
    (7) له: ساقطة من (ب) فقط.
    (8) ن، م: فلا يلزم.
    (9) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (10) له: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع)
    ============================== ======
    والقدرية تضرب مثلا فيمن أمر غيره بأمر (1) ، فإنه لا بد (2) أن يفعل ما يكون المأمور أقرب إلى فعله، كالبشر والطلاقة وتهيئة المقاعد والمساند ونحو ذلك.
    فيقال لهم: هذا يكون على وجهين: أحدهما: أن يكون الآمر أمر غيره (3) لمصلحة تعود إليه، كأمر الملك جنده (4) بما يؤيد ملكه، وأمر السيد (5) عبده بما يصلح ماله (6) ، وأمر الإنسان شريكه (7) بما يصلح الأمر المشترك بينهما، ونحو ذلك.
    والثاني: أن يكون الآمر يرى الإعانة (8) للمأمور مصلحة [له] (9) ، كالأمر بالمعروف [إذا] (10) أعان المأمور على البر والتقوى، فإنه قد علم أن الله يثيبه على إعانته على الطاعة، وأن الله في عون (11) العبد ما كان العبد في عون أخيه، فأما إذا قدر أن الآمر (12) إنما أمر المأمور لمصلحة المأمور لا لنفع يعود عليه من فعله كالناصح المشير (13) وقدر أنه إذا (14) أعانه

    **_________
    (1) ن: أمر عبده بأمره، م: أمر عنده بأمره، ع: أمر غيره بأمره.
    (2) أ: لا بد، ب: فلا بد.
    (3) م: عبده.
    (4) ن، م: عبده.
    (5) ن، م: الآمر.
    (6) ن، م، ع: ملكه.
    (7) ن، م، ع: شركاءه.
    (8) ن، م: إعانة.
    (9) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (10) ع: وإذا.
    (11) ع: وأنه في عون.
    (12) أ، ب: فإذا كان الآمر.
    (13) أ: كالناصح للمشير، ب: كالناصح للمستشير.
    (14) إذا: ساقطة من (أ) ، (ب)
    ============================== ====
    لم يكن ذلك مصلحة له (1) ، لأن في حصول مصلحة المأمور مضرة على الآمر] (2) كمن يأمر (3) مظلوما أن يهرب من ظالمه، وهو لو أعانه حصل بذلك ضرر لهما أو لأحدهما، مثل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى وقال (4) لموسى: {إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين} [سورة القصص: 20] فهذا مصلحته في أن يأمر موسى بالخروج لا في أن يعينه على ذلك، إذ لو أعانه لضره قومه.
    ومثل هذا كثير (5) كالذي يأمر غيره بتزويج امرأة يريد أن يتزوجها، أو شراء سلعة يريد شراءها أو استئجار مكان يريد استئجاره، أو مصالحة قوم ينتفع بهم وهم أعداء الآمر يتقوون بمصالحته، ونحو ذلك، فإنه في مثل هذه الأمور لا يفعل ما يعين المأمور، وإن (6) كان ناصحا له [بالأمر] (7) مريدا لذلك.
    ففي الجملة أمر المأمور بالفعل لكون (8) الفعل مصلحة له - غير كون الآمر يعينه عليه إن (9) كان من أهل الإعانة [له] (10) .

    **_________
    (1) له: ساقطة من (ع) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، ومكان هذه السطور عبارة (لمصلحة المأمور) .
    (3) ن: أمر.
    (4) أ، ب: قال، ن، م: فقال.
    (5) بعد كلمة " كثير " توجد عبارات في (ن) ، (م) من الكلام السابق الذي سقط منهما.
    (6) ن: فإن، وهو خطأ.
    (7) له: ساقطة من (م) بالأمر: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) ع: كون.
    (9) ع: وإن.
    (10) له: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع)
    =============================
    فإذا (1) قيل: إن الله أمر العباد بما يصلحهم وأراد مصلحتهم عبارة (2) بالأمر، لم يلزم من ذلك أن يعينهم هو على ما أمرهم [به] (3) ، لا سيما وعند القدرية (4) لا يقدر أن يعين أحدا على ما به يصير فاعلا، فإنه إن (5) لم يعلل أفعاله بالحكمة، فإنه يفعل ما يشاء من غير تمييز مراد عن مراد، ويمتنع على هذا أن يكون لفعله لمية (6) ، فضلا عن أن يطلب الفرق.
    وإن عللت أفعاله بالحكمة، وقيل إن اللمية (7) ثابتة في نفس الأمر وإن كنا نحن لا نعلمها فلا يلزم إذا كان في نفس الأمر له حكمة في الأمر، أن (8) يكون في الإعانة على المأمور [به] (9) حكمة، بل قد تكون الحكمة تقتضي أن لا يعينه على ذلك، فإنه إذا أمكن (10) في المخلوق أن يكون مقتضى الحكمة (11) والمصلحة أن يأمر غيره بأمر لمصلحة المأمور، وأن تكون الحكمة والمصلحة للآمر أن لا يعينه على ذلك، فإمكان (12) ذلك في حق الرب أولى وأحرى.

    **_________
    (1) ن، م: إذا، ع: وإذا.
    (2) وأراد مصلحتهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ن، م: لا سيما عند القدرية، ع: لا سيما وعند القدرة.
    (5) ن، م، ع: إذا.
    (6) ن، م: كمية وهو تحريف، والمعنى: لفعله سبب، أي: لم فعله.
    (7) ن: الكمية ; م: الحكمة، وهو تحريف.
    (8) ن، م، ع: بأن.
    (9) به: زيادة في (ع) .
    (10) ع: وأنه إذا أمكن ; م: فإذا أمكن.
    (11) أ، ب: أن تكون الحكمة.
    (12) ع: وإن كان، وهو تحريف
    ============================== =
    فالله تعالى (1) أمر الكفار بما هو مصلحة لهم لو فعلوه، وهو لم يعنهم على ذلك، ولم يخلق ذلك، كما لم يخلق غيره من الأمور التي يكون من تمام الحكمة والمصلحة أن لا يخلقها.
    والمخلوق إذا رأى أن مصلحة بعض رعيته أن يتعلم (2) الرمي وأسباب الملك لينال (3) الملك، ورأى هو أن مصلحة ولده أن لا يتقوى ذلك الشخص (4) لئلا يأخذ [ذلك] (5) الملك من ولده، أو يعدو (6) عليه، أمكن أن يأمر ذلك (7) [الشخص] (8) بما هو مصلحة له (9) ويفعل هو ما هو مصلحة ولده (10) ورعيته.
    والمصالح والمفاسد بحسب ما يلائم النفوس وينافيها، فالملائم للمأمور ما (11) أمره به الناصح له، والملائم للآمر أن لا يحصل لذلك مراده، لما في ذلك من تفويت مصالح الآمر ومراداته.
    وهذا نظر شريف، وإنما يحققه من علم جهة حكمة الله في خلقه

    **_________
    (1) ن، م، ع: والله تعالى.
    (2) ن: أن يعلم.
    (3) ن: لسان، م: لسار، وهو تحريف.
    (4) ن: أن لا تقوى مصلحة ذلك الشخص، م، ع: أن لا يقوى ذلك الشخص.
    (5) ذلك: زيادة في (ع) .
    (6) م: أو يعد.
    (7) أ، ب: عليه أمر ذلك.
    (8) الشخص: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (9) أ: بما هو مصلحة، ب: بما هو مصلحته.
    (10) ع: مصلحة له بحسب مصلحة ولده.
    (11) ن: وما، وهو خطأ
    ============================== ====
    [وأمره] (1) ، واتصافه سبحانه بالمحبة والفرح ببعض الأمور دون بعض، وأنه قد لا يمكن حصول المحبوب (2) ، إلا بدفع ضده ووجود لازمه، لامتناع اجتماع الضدين، وامتناع وجود الملزوم بدون اللازم.
    ولهذا كان الله سبحانه محمودا على كل حال له الملك وله الحمد في الدنيا والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون.
    فكل ما في الوجود (3) فهو محمود عليه، وكل ما يعلم ويذكر فهو محمود عليه، له الحمد على ما هو متصف به في ذاته من أسمائه وصفاته (4) ، وله (5) الحمد على خلقه وأمره، فكل ما خلقه فهو محمود عليه، وإن كان في ذلك نوع ضرر لبعض الناس لما له في (6) ذلك من الحكمة، وكل ما أمر به فله الحمد عليه، لما له في ذلك من الهداية والبيان.
    ولهذا كان له الحمد ملء السماوات (7) وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شاء من (8) شيء بعد. فإن هذا كله مخلوق [له] (9) ، وكل ما يشاؤه بعد ذلك مخلوق [له] (10) ، له الحمد على كل ما خلقه.

    **_________
    (1) وأمره ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: لا يكون حصول محبوب.
    (3) ن، م: ما هو في الوجود.
    (4) ساقط من (أ) ، (ب) ، (ع) .
    (5) أ، ب، ع: له.
    (6) ن: فقط لما فيه في، وهو تحريف.
    (7) ن: السماء.
    (8) ع: ما شاء الله من.
    (9) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (10) ساقط من (أ) ، (ب) ، وسقطت له من (ن) ، (م)
    ============================
    والأمثلة التي تذكر (1) في المخلوقين، وإن لم يكن ذكر نظيرها في حق الرب، فالمقصود [هنا] (2) أنه يمكن في حق المخلوق الحكيم أن يأمر غيره بأمر ولا يعينه [عليه] (3) ، فالخالق أولى بإمكان (4) ذلك في حقه مع حكمته، فمن أمره وأعانه على فعل المأمور كان ذلك المأمور به تعلق به خلقه وأمره، فشاءه خلقا ومحبة، فكان (5) مرادا لجهة الخلق ومرادا لجهة الأمر. ومن لم يعنه على فعل المأمور، كان ذلك المأمور قد تعلق به أمره ولم يتعلق به خلقه (6) ، لعدم الحكمة المقتضية لتعلق الخلق به، ولحصول الحكمة المتعلقة بخلق ضده.
    وخلق أحد الضدين ينافي خلق الضد الآخر، فإن خلق المرض الذي يحصل به ذل العبد لربه، ودعاؤه لربه، وتوبته من ذنوبه، وتكفيره خطاياه، ويرق [به] (7) قلبه، ويذهب عنه الكبرياء والعظمة والعدوان، يضاد خلق الصحة التي لا يحصل معها هذه المصالح.
    وكذلك خلق ظلم الظالم الذي يحصل به للمظلوم من جنس ما يحصل بالمرض، يضاد خلق عدله الذي لا يحصل به هذه المصالح، وإن كانت مصلحته [هو] في (8) أن يعدل.

    **_________
    (1) ن، م: ذكرت.
    (2) هنا: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
    (3) عليه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) أ، ب: لإمكان.
    (5) فكان: كذا في (ب) فقط، وهو الصواب، وفي سائر النسخ: كان.
    (6) أ: قد تعلق به خلقه، ب: قد تعلق به أمره دون خلقه.
    (7) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) ع: وإن كانت مصلحته في، ن، م: وإن كان مصلحة في
    =============================




  17. #197
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (194)
    صـ 177 إلى صـ 184




    وتفصيل حكمة الله في خلقه وأمره يعجز عن معرفتها عقول البشر. والقدرية دخلوا في التعليل على طريقة فاسدة مثلوا الله فيها بخلقه، ولم يثبتوا (1) حكمة تعود إليه فسلبوه قدرته وحكمته (2) ومحبته وغير ذلك من صفات كماله، فقابلهم خصومهم [الجهمية المجبرة] (3) ببطلان التعليل في نفس الأمر.
    كما تنازعوا في مسألة الحسن والقبح، فأولئك أثبتوه على طريقة سووا فيها بين الله وخلقه (4) ، وأثبتوا حسنا وقبحا لا يتضمن محبوبا ولا مكروها، وهذا لا حقيقة له، كما أثبتوا تعليلا لا يعود إلى الفاعل حكمه.
    وخصومهم سووا بين [جميع] (5) الأفعال، ولم يثبتوا لله محبوبا ولا مكروها، وزعموا أن الحسن لو كان صفة ذاتية للفعل لم يختلف حاله. وغلطوا، فإن الصفة الذاتية للموصوف قد يراد بها اللازمة له (6) والمنطقيون يقسمون اللازم إلى ذاتي وعرضي، وإن كان هذا التقسيم خطأ. وقد يراد بالصفة الذاتية ما تكون ثبوتية قائمة بالموصوف، احترازا عن الأمور النسبية الإضافية.
    ومن هذا الباب اضطربوا في الأحكام الشرعية، فزعم (7) نفاة الحسن

    **_________
    (1) ع: ولم يبينوا.
    (2) ن فقط: فسلبوه حكمته وقدرته وحكمته.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ن: وبين خلقه.
    (5) جميع ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) أ، ب: اللازم له.
    (7) وزعموا، ب: وزعم، م: فوهم، وهو تحريف
    ============================== ======
    والقبح العقليين أنها ليست صفة ثبوتية للأفعال ولا مستلزمة صفة ثبوتية للأفعال، بل هي من الصفات النسبية الإضافية، فالحسن هو المقول فيه: افعله أو لا بأس بفعله، والقبيح هو المقول فيه: لا تفعله (1) .
    قالوا: وليس لمتعلق القول من القول صفة ثبوتية، وذكروا عن منازعيهم أنهم قالوا: الأحكام صفات ذاتية (2) للأفعال، ونقضوا ذلك بجواز تبدل أحكام الفعل مع كون الجنس (3) واحدا.
    وتحقيق الأمر أن الأحكام للأفعال ليست من الصفات اللازمة، بل [هي] (4) من العارضة للأفعال بحسب ملاءمتها ومنافرتها، فالحسن والقبح بمعنى كون الشيء محبوبا ومكروها ونافعا وضارا، وملائما ومنافرا. وهذه صفة ثبوتية للموصوف، لكنها تتنوع بتنوع أحواله فليست لازمة له.
    ومن قال: إن الأفعال ليس فيها صفات تقتضي الحسن والقبح، فهو بمنزلة قوله: ليس في الأجسام صفات تقتضي التسخين والتبريد والإشباع والإرواء، فسلب صفات الأعيان المقتضية للآثار، كسلب صفات الأفعال المقتضية للآثار.
    وأما جمهور المسلمين الذين يثبتون طبائع الأعيان وصفاتها، فهكذا (5) ، يثبتون ما في الأفعال من حسن وقبح باعتبار ملاءمتها ومنافرتها، كما

    **_________
    (1) أ، ن: لا يفعله، م: لا تفعل.
    (2) أ، ب: أزلية، وهو تحريف.
    (3) ع: الحسن، وهو تحريف.
    (4) هي ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) م: فكذلك، ب: فإنهم
    ============================== ==
    قال تعالى: {يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} [سورة الأعراف: 107] ، فدل ذلك على أن الفعل في نفسه معروف ومنكر، والمطعوم طيب وخبيث.
    ولو كان لا صفة للأعيان والأفعال إلا بتعلق الأمر والنهي، لكان التقدير: يأمرهم بما يأمرهم وينهاهم عما ينهاهم، ويحل لهم ما يحل لهم ويحرم عليهم ما يحرم عليهم، والله منزه عن مثل هذا الكلام.
    وكذلك قوله تعالى: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا} [سورة الإسراء: 32] وقال: {إن الله لا يأمر بالفحشاء} [سورة الأعراف: 28] ونظائر هذا كثيرة (1) .

    **[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر يلزم نسبة السفه إلى الله تعالى لأنه يأمر الكافر بالإيمان ولا يريده منه]
    (فصل) .
    قال [الرافضي] الإمامي (2) : " ومنها أنه يلزم نسبة السفه (3) إلى الله تعالى لأنه يأمر الكافر بالإيمان ولا يريده منه، وينهاه عن المعصية وقد أرادها منه (4) ، وكل عاقل ينسب من يأمر (5) بما لا يريد (6) وينهى عما يريد (7) إلى السفه، تعالى الله عن ذلك ".

    **_________
    (1) أ، ب: كثير.
    (2) الرافضي: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي (ع) : قال الإمامي الرافضي، والكلام التالي في (ك) 89 (م) .
    (3) ك: السفه والحمق.
    (4) منه: ساقطة من (ك) .
    (5) ع: يأمره.
    (6) ع، ن، م: بما لا يريده.
    (7) ع، ن، م: بما لا يريده
    ===========================
    فيقال له: قد تقدم أن المحققين من أهل السنة يقولون: [إن] (1) الإرادة، نوعان: إرادة الخلق وإرادة الأمر (2) فإرادة الأمر أن يريد من المأمور (3) فعل ما أمر به، وإرادة الخلق أن يريد هو خلق ما يحدثه من أفعال العباد وغيرها. والأمر مستلزم للإرادة الأولى دون الثانية.
    والله تعالى أمر الكافر بما أراده منه بهذا الاعتبار، وهو ما (4) يحبه ويرضاه، ونهاه عن المعصية التي لم يردها منه، [أي لم يحبها ولم يرضها بهذا الاعتبار] (5) ، فإنه لا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد. وقد قال تعالى: {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} [سورة النساء: 108] وإرادة (6) الخلق هي المشيئة المستلزمة لوقوع المراد، فهذه الإرادة لا تتعلق إلا بالموجود، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وفرق بين أن يريد هو أن يفعل، فإن هذا يكون لا محالة لأنه قادر على ما يريده، فإذا (7) اجتمعت الإرادة والقدرة وجب وجود المراد، وبين أن يريد من غيره أن يفعل ذلك الغير فعلا (8) لنفسه، فإن هذا (9) لا يلزم أن يعينه عليه.

    **_________
    (1) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: الأمر كما تقدم.
    (3) ن، م: من المأمور به.
    (4) ن، م: مما.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) ن، م، ع: فإرادة.
    (7) أ، ب: ما يريد وإذا.
    (8) ع: فلا، وهو تحريف.
    (9) أ، ب: فهذا
    ============================
    وأما طائفة من المثبتين للقدر فظنوا أن الإرادة نوع واحد، [وأنها (1) هي المشيئة] (2) فقالوا: يأمر بما لا يريده (3) .
    ثم هؤلاء على قسمين: فقسم قالوا: يأمر بما يحبه ويرضاه وإن لم يرده، أي لم يشأ وجوده، وهذا مذهب جمهور القائلين بهذا القول من الفقهاء وغيرهم.
    وقسم قالوا: بل المحبة والرضا هي الإرادة وهي المشيئة، فهو يأمر بما لم يرده ولم يحبه ولم يرضه، وما وقع من الكفر والفسوق عند (4) هؤلاء أحبه ورضيه (5) ، كما أراده وشاءه، ولكن يقولون (6) : لا يحبه ولا يرضاه دينا، كما لا يريده دينا [ولا يشاؤه دينا] (7) ، ولا يحبه ولا يرضاه ممن لم يقع منه، [كما لم يرده ممن لم يقع منه، ولم يشأه ممن لم يقع منه] (8) وهذا قول الأشعري وأكثر أصحابه، وحكاه هو عن طائفة من أهل الإثبات، وحكي عنه كالقول (9) الأول.

    وأصحاب هذا القول هم القدرية (10) من المعتزلة والشيعة وغيرهم
    **_________
    (1) أ، ب: وإنما هو تصحيف.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: بما لا يريد.
    (4) ن، م: فعند.
    (5) أ، ب: يحبه ويرضاه.
    (6) ن، م: ولكن لا يقولون.
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (9) م: مثل القول.
    (10) ن، م: هم القدرية، وسقطت " هم " من (أ) ، (ب)
    =============================
    يجعلون الرضا والمحبة بمعنى الإرادة، ثم قالت القدرية النفاة: والكفر والفسوق والمعاصي لا يحبها ولا يرضاها (1) بالنص وإجماع الفقهاء، فلا يريدها ولا يشاؤها (2) .
    وقال هؤلاء المثبتة: هو شاء ذلك بالنص وإجماع السلف، فيكون قد أحبه ورضيه وأراده. وأما جمهور الناس فيفرقون بين المشيئة والإرادة (3) وبين المحبة والرضا، كما يوجد الفرق بينهما في الناس، فإن الإنسان قد يريد شرب الدواء ونحوه من الأشياء الكريهة التي يبغضها ولا يحبها، ويحب أكل (4) الأشياء التي يشتهيها، كاشتهاء المريض لما حمي عنه (5) ، واشتهاء الصائم الماء البارد مع عطشه ولا يريد فعل ذلك (6) ، فقد تبين أنه يحب ما لا يريده ويريد ما لا يحبه (7) ، وذلك أن المراد قد يراد لغيره، فيريد الأشياء المكروهة لما في عاقبتها من الأشياء المحبوبة (8) ويكره فعل بعض ما يحبه (9) لأنه يفضي إلى ما يبغضه.
    والله تعالى له الحكمة (10) فيما يخلقه، وهو سبحانه يحب المتقين

    **_________
    (1) ن، م، ع: لا يحبه ويرضاه.
    (2) ن، م، ع: فلا يريده ولا يشاؤه.
    (3) والإرادة ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
    (4) ن: كل، وسقطت الكلمة من (م) .
    (5) أ، ب: المريض الماء إذا حمي عنه، ن، ع: المريض لما حمي منه.
    (6) أ، ب: ولا يريد فعله.
    (7) ن، م: ما لا يريد ويريد ما لا يحب.
    (8) ن: كما في عاقبتها من الأمور المحبوبة، م: لما في عاقبتها المحمودة من الأمور المحبوبة.
    (9) ن، م: ما لا يحبه، وهو خطأ.
    (10) ن، م: حكمة
    ==============================
    والمحسنين والتوابين، ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ويفرح بتوبة التائب أعظم من فرح الفاقد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في مهلكة إذا وجدها بعد الإياس (1) منها كما استفاضت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما من غير وجه، كقوله: " «لله أشد فرحا بتوبة أحدكم من رجل أضل راحلته (2) بأرض دوية (3) مهلكة عليها طعامه وشرابه، فطلبها فلم يجدها، فنام ينتظر الموت، فلما استيقظ إذا بدابته عليها طعامه وشرابه، فالله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا براحلته» " (4) .
    والمتفلسفة (5) يعبرون بلفظ البهجة واللذة (6) والعشق ونحو ذلك عن الفرح والمحبة وما يتبع ذلك، وإذا كان كذلك فهو سبحانه يريد وجود [بعض] الأشياء (7) لإفضائها إلى ما يحبه ويرضاه، وهو سبحانه قد لا يفعل بعض ما يحبه لكونه يستلزم وجود ما يكرهه ويبغضه، فهو سبحانه قادر على أن يخلق من كل نطفة رجلا يجعله مؤمنا به (8) يحبه ويحب إيمانه، لكنه لم يفعل ذلك لما له في ذلك (9) من الحكمة، وقد يعلم أن ذلك يفضي إلى ما يبغضه ويكرهه.

    **_________
    (1) ن، م، ع: اليأس.
    (2) ن، ع: دابته.
    (3) دوية: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (م) : دونه، وهو تصحيف.
    (4) مضى الحديث من قبل 2 430، 3 162.
    (5) ع: والمتفلسفون.
    (6) أ: بلفظ المحبة واللذة، ب: بلفظ اللذة.
    (7) ع: يريد وجود الأشياء، ن: يريد وجود أشياء، م: يريد الأشياء.
    (8) به: زيادة في (ن) .
    (9) أ، ب، م: لما فيه
    ============================== ==
    وإذا قيل: فهلا يفعل هذا ويمنع ما يبغضه.
    قيل: من الأشياء ما يكون ممتنعا لذاته، ومنها ما يكون ممتنعا لغيره، واللذة (1) الحاصلة بالأكل لا تحصل هي ولا نوعها (2) بالشرب (3) والسماع والشم، وإنما تحصل لذة أخرى.
    ووجود لذة الأكل في الفم تنافي حصول لذة الشرب في تلك الحال، وتلذذ العبد بسماع بعض (4) الأصوات يمنع تلذذه بسماع صوت آخر في تلك الحال، فليس كل ما هو محبوب للعبد ولذيذ له يمكن اجتماعه في آن (5) واحد، بل لا يمكن حصول (6) أحد الضدين إلا بتفويت الآخر، وما من شيء (7) مخلوق إلا له لوازم وأضداد، فلا يوجد إلا بوجود لوازمه ومع عدم أضداده (8) والرب تعالى إذا كان يحب من عبده أن يسافر للحج ويسافر للجهاد، فأيهما فعله (9) كان محبوبا له، لكن لا يمكن في حال واحدة (10) أن يسافر العبد إلى الشرق وإلى الغرب (11) ، بل لا يمكن (12) حصول هذين المحبوبين جميعا في وقت واحد، فلا يحصل

    **_________
    (1) أ، ب: فاللذة.
    (2) أ، ب: هي وأنواعها.
    (3) ع: بالشراب.
    (4) ن: تلك.
    (5) ن: لون، م: أوان.
    (6) حصول: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
    (7) شيء: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) ن: ومنع عدم أضداده، م: ومنع أضداده.
    (9) أ، ب: فعل.
    (10) م: في وقت واحد، أ: في واحدة، ب: في آن واحد.
    (11) ع، ن: إلى الشرق والغرب.
    (12) ن، م، ع: فلا يمكن، أ: بل يمكن، وهو خطأ
    ============================




  18. #198
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (195)
    صـ 185 إلى صـ 192






    أحدهما إلا بتفويت الآخر، فإن كان الحج فرضا معينا، والجهاد تطوعا (1) ، كان الحج أحبهما إليه (2) ، وإن كان كلاهما تطوعا أو فرضا، فالجهاد أحبهما إليه، فهو [سبحانه] (3) يحب هذا المحبوب المتضمن تفويت ذلك المحبوب. وذلك [أنه] (4) لو قدر وجوده بدون تفويت هذا المحبوب (5) لكان أيضا محبوبا، ولو قدر وجوده بتفويت ما هو أحب إليه منه لكان محبوبا من وجه مكروها من وجه آخر (6) أعلى منه.
    وهو سبحانه إذا لم يقدر طاعة بعض الناس كان له في ذلك حكمة، كما أنه إذا لم (7) يأمر هذا بأدنى (8) المحبوبين كان له في ذلك حكمة، والله تعالى على كل شيء قدير. لكن اجتماع الضدين لا يدخل في عموم الأشياء، فإنه محال لذاته.
    وهذا بمنزلة أن يقال: هلا أقدر (9) هذا العبد أن يسافر في هذه الساعة إلى الغرب للحج وإلى (10) الشرق للجهاد؟
    فيقال: لأن (11) كون الجسم الواحد في مكانين محال لذاته (12) ، فلا

    **_________
    (1) ن، م، ع: تطوع.
    (2) أ، ب: أحب إليه تعالى.
    (3) سبحانه زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) أنه: زيادة في (ب) .
    (5) المحبوب: ساقطة من (ع) .
    (6) آخر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) ن، م: لو لم.
    (8) ب: بأحد، أ: بإحدى.
    (9) أ: هل أقدر.
    (10) ن: أو إلى، وهو خطأ.
    (11) لأن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (12) بعد كلمة " لذاته " وردت عبارات في غير مكانها في (أ) ، (ب) ، وستتكرر بعد قليل في موضعها الصحيح
    =============================
    يمكن هذان السفران (1) في آن (2) واحد، وليس هذا بشيء حتى يقال: إنه مقدر، بل هذا لا حقيقة له، وليس بشيء، بل هو أمر يتصوره (3) الذهن كتصوره (4) لنظيره في الخارج، ليحكم (5) عليه بالامتناع في الخارج، وإلا فما يمكن الذهن أن يتصور هذا [في] (6) الخارج، ولكن الذهن يتصور [اجتماع] (7) اللون والطعم في محل واحد، كالحلاوة البيضاء [والبياض] (8) ، ثم يقدر الذهن في نفسه (9) : هل يمكن أن يجتمع السواد والبياض في محل [واحد] (10) ، كاجتماع اللون والطعم (11) ، فيعلم أن هذا الاجتماع ممتنع في الخارج، ويعلم أنه يمكن أن زيدا قد يكون (12) في الشرق وعمرا في الغرب (13) ، ويقدر في ذهنه: هل يمكن أن يكون زيد نفسه في هذين المكانين، كما كان هو وعمرو؟ فيعلم أن هذا ممتنع.
    فهذا (14) ونحوه كلام من جعل الإرادة نوعين ويفرق بين أحد نوعيها

    **_________
    (1) السفران: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: أوان، وهو تحريف.
    (3) ن، م: يتصور، ب: يقدره.
    (4) أ، ب: لتصوره.
    (5) أ، ب: فيحكم.
    (6) في: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) اجتماع: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) والبياض: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (9) ن، م: في الذهن في نفسه.
    (10) واحد: زيادة في (ع) .
    (11) ن، م، ع: الطعم واللون.
    (12) قد يكون: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (13) ع: في المشرق وعمرا في المغرب.
    (14) ن، م: وهذا
    ============================== ===
    وبين المحبة والرضا. وأما من يجعل الجميع نوعا واحدا فهو بين أمرين: إن جعل الحب والرضا من هذا النوع لزمته (1) تلك المحاذير الشنيعة، وإن جعل الحب والرضا نوعا لا يستلزم الإرادة، وقال (2) : إنه قد يحب ويرضى ما لا يريده بحال، وحينئذ فيكون مقصوده بقوله: " لا يريده " (3) أي لا يريد كونه ووجوده، وإلا فهو عنده يحبه ويرضاه.
    فهذا يجعل الإرادة هي المشيئة لأن يخلق. وهذا، وإن كان اصطلاح طائفة من المنتسبين إلى السنة من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد، فهو خلاف (4) استعمال الكتاب والسنة. وحينئذ فيكون النزاع معه لفظيا. وأحق الناس بالصواب في المنازعات اللفظية من كان لفظه موافقا للفظ القرآن.
    وقد تبين أن القرآن (5) جعل هذا النوع مرادا، فلا حاجة إلى إطلاق (6) القول بأن الله يأمر بما لا يريده، ثم تبين (7) أن الإرادة نوعان، وأنه يأمر [بما يشاؤه (8) فيأمر] (9) بما لا يريد أن يخلقه هو، ولا يأمر إلا بما يحبه لعباده (10) ويرضاه لهم أن يفعلوه.

    **_________
    (1) أ، ب: لزمه
    (2) ن، م: فيقال.
    (3) ب فقط: بقوله ما لا يريد.
    (4) ن، م: بخلاف.
    (5) أ، ب: أن لفظ القرآن وعند كلمة القرآن يوجد نقص في أوراق مصورة (م) إذ فقدت ورقة منها، ولذلك ستتوقف المقابلة حتى أول الورقة التالية.
    (6) أ، ب: لإطلاق.
    (7) أ، ب: بل يبين.
    (8) أ، ب: بما يشاء.
    (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
    (10) أ: لعبده ; ب: لعبيده
    ============================== =====
    ولو قال رجل (1) : " والله لأفعلن ما أوجب الله علي أو ما يحبه [الله] لي (2) إن شاء الله " ولم يفعل، لم يحنث باتفاق الفقهاء. ولو قال: " والله لأفعلن ما أوجب (3) الله علي إن كان الله يحبه ويرضاه " حنث إن (4) لم يفعله بلا نزاع نعلمه (5) .
    وعلى هذا فقد ظهر بطلان حجة المكذبين بالقدر، فإنه إذا قال: كل عاقل ينسب من يأمر بما لا يريد وينهى عما يريد إلى السفه. قيل له: إذا أمر غيره بأمر لم (6) يرد أن يفعله له: هل يكون سفيها (7) أم لا؟
    ومن المعلوم باتفاق العقلاء أن من أمر غيره بأمر، ولم يرد أن يفعل هو ذلك الأمر (8) ولا يعينه عليه، لم يكن سفيها، بل أوامر الحكماء والعقلاء (9) كلها من هذا الباب.
    والطبيب إذا أمر المريض بشرب الدواء، لم يكن عليه أن يعاونه على شربه، والمفتي إذا أمر المستفتي بما يجب عليه، لم يكن عليه أن يعاونه، والمشير إذا أمر المستشير بتجارة أو فلاحة [أو نكاح] (10) ، لم يكن عليه أن يفعل هو ذلك (11) .

    **_________
    (1) ع، ن: الرجل.
    (2) ن: وما يحبه لي، أ، ب: أو ما يحبه لي
    (3) ن: ما أوجبه.
    (4) ن، ع: إذا.
    (5) أ: هلا نزاع بعلمه، وهو تحريف، ن: بلا نزاع.
    (6) أ، ب: ولم.
    (7) ع: سفها.
    (8) أ: ولم يرد أن يفعله هو ذلك الأمر ; ب: ولم يرد أن يفعل ذلك الأمر.
    (9) ع، ن: العقلاء والحكماء.
    (10) أو نكاح: ساقطة من (ن) .
    (11) أ، ب: لم يكن عليه هو أن يفعل ذلك
    ============================== ===
    ومن كان يحب من غيره أن يفعل أمرا فأمره به، والآمر لا يساعده عليه، لما في ذلك من المفسدة له، لم يكن سفيها (1) .
    فظهر بطلان ما ذكره هذا وأمثاله من القدرية. وكذلك من نهى غيره عما يريد أن يفعله هو، لم يلزم أن يكون سفيها، فإنه [قد] (2) يكون مفسدة لذلك مصلحة للناهي. فالمريض الذي يشرب المسهلات إذا نهى ابنه (3) الصغير عن شربها لم يكن سفيها.
    والحاوي (4) الذي يريد إمساك الحية إذا نهى ابنه عن إمساكها لم يكن سفيها، والسابح في البحر إذا نهى العاجز عن السباحة لم يكن سفيها، والملك الذي خرج لقتال عدوه إذا نهى نساءه عن الخروج معه لم يكن سفيها، ونظائر هذا لا تحصى (5) .
    [ولو نهى الناهي غيره عن فعل ما يضره فعله نصحا له، إذ لو كان مصلحة الناهي (6) أن يفعله هو به؛ حمد على فعله، وحمد على نصحه، كما يوجد كثير من الناس ينهون من ينصحونه عن فعل أشياء، وقد يطلبون فعلها منهم لمصلحتهم.

    **_________
    (1) ن، ع: سفها.
    (2) قد: ساقطة من (ن) .
    (3) ابنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ع: والحوى، أ، ب: والحواء، وفي لسان العرب، والحاوي: صاحب الحيات، وهو فاعل، ومن قال لصاحب الحيات حاي فهو فاعل من هذا البناء، ومن قال حواء فهو على بناء فعال.
    (5) بعد عبارة لا تحصى يوجد سقط في (ن) سأشير إلى نهايته في موضعه بإذن الله.
    (6) أ، ب: إذا كان مصلحة للناهي
    ============================== ===
    لكن المثل المطابق لفعل الرب من كل وجه لا يمكن في حق المخلوق، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. وقد سئل بعض الشيوخ عن مثل (1) هذه المسائل فأنشد:
    ويقبح من سواك الفعل عندي ... فتفعله فيحسن منك ذاكا
    لكن المقصود أنه يمكن في المخلوق أمر الإنسان بما لا يريد أن (2) يعين عليه المأمور، ونهيه عما يريد الناهي أن يفعله هو لمصلحته] (3) .
    فتبين أن هذا القدري وأمثاله تكلموا بلفظ مجمل. فإذا قالوا: من أمر بما لا يريد كان سفيها، أوهموا الناس أنه أمر بما لا يريد للمأمور أن يفعله. والله لم يأمر العباد بما لم يرض لهم أن يفعلوه، [ولم يحب لهم أن يفعلوه] (4) ، ولم يرد لهم أن يفعلوه بهذا المعنى، وإنما أمر بعضهم بما لم يرد هو أن يخلقه لهم بمشيئته و [لم] يجعلهم فاعلين له (5) . ومن المعلوم أن الآمر ليس عليه أن يجعل المأمور فاعلا للمأمور به، بل هذا (6) ممتنع عند القدرية.
    وعند غيرهم هو قادر عليه، لكن له أن يفعله وله ألا يفعله. فعلى قول من يثبت المشيئة دون الحكمة الغائية، يقول: هذا كسائر (7) الممكنات

    **_________
    (1) ع: نحو.
    (2) أ، ب: وأن، وهو خطأ.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
    (4) ما بين المعقوفتين زيادة في (ع) فقط.
    (5) ن، ع: ويجعلهم فاعلين له.
    (6) أ، ب: هو.
    (7) ن: فقول هؤلاء كسائر
    ============================== =====
    إن شاء فعله وإن شاء لم يفعله، ومن أثبت الحكمة قال: له في أن لا يحدث هذا حكمة، كما له في سائر ما لم يحدثه، وقد يكون في إحداث هذا مفسدة لغير هذا المأمور أعظم من المصلحة الحاصلة له (1) ، وقد يكون في فعل هذا المأمور تفويت مصلحة أعظم من المصلحة الحاصلة له، والحكيم هو الذي يقدم أعلى (2) المصلحتين، ويدفع أعظم المفسدتين.
    وليس على العباد أن يعلموا تفصيل حكمة الله تعالى، بل يكفيهم العلم العام والإيمان التام (3) .
    ومن جعل الإرادة نوعا واحدا، وإن كان [قوله] (4) مرجوحا، فهو خير من قول نفاة القدر الذين يجعلون (5) الإرادة والمشيئة والمحبة شيئا واحدا، وزعموا أنه يكون ما لا يشاؤه (6) [ويشاء ما لا يكون] (7) ، وذلك لأنه يقول: السفه إنما يجوز على من يجوز عليه الأغراض، والأغراض (8) مستلزمة للحاجة إلى الغير وللنقص (9) بدونها، وذلك على الله ممتنع، وهي في حق الله مستلزمة للتسلسل وقيام الحوادث به، وهو ممتنع عند هذا الخصم.
    فإذا كانت المعتزلة - والشيعة الموافقون لهم - يسلمون هذه الأصول

    **_________
    (1) ن: أعظم مما يحصل به من المصلحة له.
    (2) ن: أغلى.
    (3) أ: العلم التام والإيمان التام ; ع: العلم العام والإيمان العام.
    (4) قوله: ساقطة من (ن) .
    (5) ن، ع: الذين جعلوا.
    (6) ن: أنه لا يكون ما لا يشاؤه، وهو خطأ.
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
    (8) ن، ع، أ: الأعراض والأعراض، وهو تصحيف.
    (9) ن، ع: والنقص
    ============================== ===
    انقطعوا، وذلك ; لأنهم (1) إذا قالوا: يفعل لغرض. قيل لهم: نسبة وجود الغرض (2) وعدمه إليه على السواء، أو وجود الغرض (3) أولى به. فإن قالوا: هما على السواء، امتنع مع هذا أن يفعل لما وجوده وعدمه بالنسبة إليه سواء. وهذا معدود من السفهاء فينا، وهذا هو العبث فينا.
    فإن قالوا: فعل لنفع العباد.
    قيل: الواحد من الناس إنما ينفع غيره لما له في ذلك من المصلحة في الدين أو الدنيا. أما التذاذه بالإحسان إليه (4) ، كما يوجد في النفوس الكريمة (5) التي إنما تلتذ (6) وتبتهج بالإحسان إلى غيرها، وهذا مصلحة ومنفعة لها.
    وأما دفع ألم الرقة (7) عن نفسه، فإن الواحد إذا رأى جائعا بردان تألم له فيعطيه، فيزول الألم عن نفسه. وزوال الألم منفعة [له] (8) ومصلحة، دع ما سوى هذا من رجاء المدح والثناء والمكافأة، أو الأجر من الله [تعالى] (9) فتلك مطالب منفصلة (10) ، ولكن هذان أمران موجودان في نفس الفاعل، فمن نفع غيره، وكان (11) وجود النفع وعدمه بالنسبة إليه سواء من

    **_________
    (1) ن: بأنهم أ، ب: أنهم.
    (2) أ: العرض، وهو تصحيف.
    (3) أ: العرض، وهو تصحيف.
    (4) إليه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) الكريمة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) أ: اللهم إنما يلتذ، ع: له تلتذ، ن: أنها تلتذ.
    (7) ن: الرقبة، وهو تحريف.
    (8) له: ساقطة من (ن) .
    (9) تعالى: ليست في (ن) .
    (10) أ: متصلة، وهو خطأ.
    (11) ن: ولو كان
    =============================




  19. #199
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (196)
    صـ 193 إلى صـ 200






    كل وجه، كان هذا من أسفه السفهاء لو وجد (1) ، فكيف إذا كان ممتنعا؟ فإنه يمتنع أن يفعل المختار شيئا حتى يترجح عنده، فيكون أن يفعله أحب إليه من أن لا يفعله، وترجيح الأحب لذة ومنفعة.
    فهؤلاء القدرية الذين يعللون بالغرض (2) هم (3) الذين يذكرون ما يمتنع أن يكون غرضا (4) ، ولا يكون (5) إلا ممتنعا أو سفها، وإن أثبتوا (6) غرضا قائما به، لزم أن يكون محلا للحوادث، وهم يحيلون ذلك. ثم الغرض إن كان لغرض آخر لزم التسلسل، وهم يحيلونه في الماضي. ولهم في المستقبل قولان. وإن لم يكن لغرض آخر جاز أن يحدث لا لغرض. فهذه الأصول التي اتفقوا عليها - هم والمثبتون للقدر - هي حجة لأولئك عليهم (7) .

    **[فصل من نفى قيام الأمور الاختيارية بذات الرب تعالى لا بد أن يقول أقوالا متناقضة فاسدة]
    [ (فصل) (8)
    وفي الجملة من نفى قيام الأمور الاختيارية بذات الرب تعالى لا بد أن يقول أقوالا متناقضة فاسدة. ولما (9) كانت الجهمية المجبرة والقدرية المعتزلة

    **_________
    (1) أ، ب: أسفه الناس إذا وجد.
    (2) ن: يعللون بالقدر بالغرض.
    (3) هم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) أ: عرضا، وهو تحريف.
    (5) ع: أو لا يكون.
    (6) ب فقط: إن أثبتوا.
    (7) أ، ب: عليهم، والله أعلم.
    (8) عند كلمة " فصل " يوجد سقط طويل في نسخة (ن) سأشير إلى نهايته في موضعه إن شاء الله.
    (9) ب فقط: ولذا
    ============================== ===
    قد اشتركوا في أنه لا يقوم بذاته شيء من ذلك، ثم تنازعوا بعد ذلك في تعليل أفعاله وأحكامه (1) ، كان كل واحد من القولين يستلزم ما يبين فساده وتناقضه.
    فمثبتة التعليل تقول: من فعل لغير حكمة كان سفيها. وهذا إنما يعلم فيمن (2) فعل لغير حكمة تعود إليه، وهم يزعمون أن البارئ فعل لا لحكمة تعود إليه، فإن كان من (3) فعل لا لحكمة سفيها (4) لزمه (5) إثبات السفه، وإن لم يكن سفيها تناقضوا، فإن ما أثبتوه من فعله لحكمة لا تعود إليه لا يعقل، فضلا عن أن يكون حكيما.
    وهذا نظير قولهم في صفاته وكلامه، فإنهم قالوا: لا يتكلم إلا بمشيئته (6) وقدرته، ويمتنع أن يكون القرآن قديما، لما فيه من الأمور المنافية لقدمه. وقالوا: المتكلم لا يعقل (7) إلا من تكلم بمشيئته وقدرته، دون من يكون الكلام لازما لذاته لا يحصل بقدرته ومشيئته (8) .
    فيقال لهم: وكذلك لا يعقل متكلم إلا من يقوم به الكلام. أما متكلم لا يقوم به الكلام، أو مريد لا تقوم به الإرادة، أو عالم لا يقوم به العلم فهذا لا يعقل، بل هو خلاف المعقول.

    **_________
    (1) أ: وأحرامه، ب: وآخر أمره.
    (2) أ، ب: ممن.
    (3) ب فقط: منه، وهو خطأ.
    (4) سفيها ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) أ، ب: لزم.
    (6) أفقط: قالوا إلا بمشيئته.
    (7) ب: لا يعقل المتكلم ; وسقطت " لا يعقل " من (أ) .
    (8) ع: بمشيئته وقدرته
    ============================== ====
    بل قولهم في الكلام يتضمن أن من قام به الكلام لا يكون متكلما ; لأن المتكلم (1) هو الذي أحدث في غيره الكلام، وهذا خلاف المعقول. وكذلك قولهم في رضاه وغضبه ومحبته وإرادته وغير ذلك: أنها لا تقوم بذاته، وإنما هي أمور منفصلة عنه (2) ، فجعلوه موصوفا بأمور لا تقوم به، بل هي منفصلة عنه (3) ، وهذا خلاف المعقول، ثم هو تناقض، فإنه (4) يلزمهم أن يوصف بكل ما يحدثه من المخلوقات (5) ، حتى يوصف بكل كلام خلقه، فيكون ذلك كلامه. فإذا أنطق (6) ما ينطقه من مخلوقاته، كان ذلك كلامه لا كلام من ينطقه (7) وهذا مبسوط في موضعه.
    والمقصود هنا أن كلامهم أنه يفعل لحكمة، يستلزم أن يكون وجود الحكمة أرجح عنده من عدمها، أو أنها (8) تقوم به، وغير ذلك من اللوازم التي لا يعقل من يفعل لحكمة إلا من يتصف بها. وإلا فإذا قدر أن نسبة جميع الحوادث إليه سواء، وامتنع (9) أن يكون بعضها أرجح عنده من بعض، امتنع (10) أن يفعل بعضها لأجل بعض.
    ثم الجهمية المجبرة لما رأت فساد قول هؤلاء القدرية، وقد شاركوهم (11)

    **_________
    (1) أ، ب: والمتكلم.
    (2) عنه: ساقطة من (ب) فقط.
    (3) عنه: ساقطة من (ب) فقط.
    (4) ب فقط: وإنه.
    (5) ع: المحدثات.
    (6) أ، ب: نطق، وهو تحريف.
    (7) أ، ب: من ينطق.
    (8) أ، ب: وأنها.
    (9) أ، ب: امتنع.
    (10) ب فقط: وامتنع.
    (11) أفقط: شاركوا
    ============================== ====
    في ذلك الأصل، قالوا: يمتنع أن يفعل شيئا لأجل شيء أصلا، ويمتنع أن يكون بعض الأشياء أحب إليه من بعض، ويمتنع أن يحب شيئا من مخلوقاته دون بعض، أو يريد منها شيئا دون شيء، بل كل ما حدث فهو مراد له محبوب مرضي، سواء كان كفرا أو إيمانا، أو حسنات أو سيئات، أو نبيا أو شيطانا. وكل ما لم يحدث فهو ليس (1) محبوبا له ولا مرضيا له ولا مرادا، كما أنه لم يشأه، فعندهم ما شاء الله كان وأحبه ورضيه وأراده، وما لم يشأه لم يكن ولا يحبه ولا يرضاه ولا يريده.
    وأولئك القدرية يقولون: كل ما أمر به فهو يشاؤه ويريده، كما أنه يحبه ويرضاه، وما لم يأمر به لا يشاؤه (2) ولا يريده كما لا يحبه ولا يرضاه، بل يكون في ملكه ما لا يشاء، ويشاء ما لا يكون.
    ثم إن الجهمية المجبرة (3) إذا تلي عليهم قوله تعالى: {والله لا يحب الفساد} [سورة البقرة: 205] ، {ولا يرضى لعباده الكفر} [سورة الزمر: 7] ، قالوا: معناه لا يحبه ولا يريده ولا يشاؤه ممن لم يوجد منه، أو لا يحبه ولا يشاؤه ولا يريده دينا، بمعنى أنه لا يشاء أن يثيب صاحبه.
    وأما ما وقع من الكفر والفسوق والعصيان فعندهم أنه يحبه ويرضاه كما يشاؤه لكن لا يحب أن يثيب صاحبه، كما لا يشاء أن يثيبه، وعندهم يشاء تنعيم أقوام وتعذيب آخرين لا بسبب ولا لحكمة (4) ، وليس في بعض

    **_________
    (1) ع: فليس.
    (2) ع: فإنه يشاؤه.
    (3) ع: الجبرية.
    (4) أ: كما لا يشاء أن يثيبه عندهم نفعا ينعم أقواما ويعذب آخرين لا بسبب ولا بحكمة، ب: لا يشاء أن يثيبه عندهم، بل ينعم أقواما ويعذب آخرين لا بسبب ولا بحكمة، والمثبت من (ع)
    ============================== =
    المخلوقات قوى ولا طبائع كان بها الحادث، ولا فيها حكمة لأجلها كان الحادث، ولا أمر بشيء لمعنى، ولا نهى عنه لمعنى، ولا اصطفى أحدا من الملائكة والنبيين لمعنى فيه (1) ، ولا أباح الطيبات وحرم الخبائث لمعنى أوجب كون هذا طيبا وهذا خبيثا، ولا أمر بقطع يد السارق لحفظ (2) أموال الناس، ولا أمر بعقوبة قطاع الطريق المعتدين لدفع ظلم العباد بعضهم عن بعض، ولا أنزل المطر لشرب الحيوان ولإنبات (3) النبات.
    وهكذا يقولون في سائر ما خلقه، لكن يقولون إنه إذا وجد مع شيء منفعة أو مضرة، فإنه خلق هذا مع هذا لا لأجله ولا به. وكذلك وجده (4) المأمور مقارنا لهذا لا به ولا لأجله. والاقتران أجرى به العادة من غير حكمة ولا سبب، ولهذا لم تكن الأعمال عندهم إلا مجرد علامات محضة وأمارات، لأجل ما جرت به العادة من الاقتران، لا لحكمة ولا لسبب (5) ، وفي كل من القولين من التناقض ما لا يكاد يحصى.
    ولكن هذا الإمامي القدري لما أخذ يذكر تناقض أقوال أهل السنة مطلقا، بين له (6) أن القدرية كلهم يعجزون عن إقامة الحجة على (7) مقابليهم من المجبرة، كما تعجز الرافضة (8) عن إقامة الحجة على مقابليهم

    **_________
    (1) فيه: زيادة في (ع) .
    (2) أ: بحفظ، وهو تحريف.
    (3) ب فقط: وإنبات.
    (4) أ، ب: وجد.
    (5) ب فقط: ولا سبب.
    (6) أ، ب: تبين له.
    (7) ع: عن.
    (8) أ، ب: كما يعجز الرافضي
    =============================
    من الخوارج والنواصب، فضلا عن أن يقيموا الحجة على أهل الاستقامة والاعتدال المتبعين للكتاب والسنة] (1) .
    ولهذا نبهنا على [بعض] (2) ما في أقوالهم من التناقض والفساد (3) الذي لا يكاد ينضبط (4) . والأشعري وغيره من متكلمة أهل (5) الإثبات انتدبوا لبيان تناقضهم في أصولهم (6) وأوعبوا (7) في بيان تناقض أقوالهم (8) .
    وحكاية الأشعري مع الجبائي في الإخوة الثلاثة مشهورة، فإنهم يوجبون على الله أن يفعل بكل عبد ما هو الأصلح له (9) في دينه. وأما في الدنيا فالبغداديون من المعتزلة يوجبونه أيضا، والبصريون لا يوجبونه.
    فقال له: إذا خلق الله ثلاثة إخوة، فمات أحدهم صغيرا، وبلغ الآخران: أحدهما آمن، والآخر كفر، فأدخل المؤمن الجنة ورفع درجته، وأدخل الصغير الجنة وجعل منزلته تحته. قال له الصغير: يا رب ارفعني إلى درجة أخي. قال: إنك لست مثله ; إنه آمن وعمل الصالحات (10) ،

    **_________
    (1) والسنة، ساقطة من (ع) ، وهنا ينتهي السقط الطويل في نسخة (ن) .
    (2) بعض: ساقطة من (ن) .
    (3) أ، ب، ع: من الفساد.
    (4) أ، ب: يضبط.
    (5) أهل: زيادة في (ن) .
    (6) أ، ب: أصلهم.
    (7) أ: وأذعنوا، وهو تحريف، وفي لسان العرب: وعب الشيء وعبا وأوعبه واستوعبه، أخذه أجمع.
    (8) أ، ب: الأقوال.
    (9) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (10) أ، ب: وعمل صالحا
    ============================
    وأنت صغير (1) لم تعمل عمله. قال: يا رب أنت (2) أمتني، فلو [كنت] أبقيتني كنت أعمل (3) مثل عمله (4) . فقال: عملت مصلحتك ; لأني علمت أنك لو بلغت لكفرت، فلهذا اخترمتك. فصاح الثالث من أطباق النار، وقال يا رب هلا اخترمتني (5) قبل البلوغ كما اخترمت أخي الصغير؟ فإن هذا كان مصلحة (6) في حقي أيضا.
    فيقال (7) : إنه لما أورد عليه هذا انقطع (8) . وذلك أنهم يوجبون عليه العدل بين المتماثلين وأن يفعل بكل واحد منهما ما هو أصلح (9) ، وهنا (10) قد فعل [بأحدهما ما هو] (11) الأصلح عندهم دون الآخر. وليس هذا موضع بسط ذلك.
    وإذا كان الأمر كذلك بطل تشبيههم لله بخلقه، وقال لهم هؤلاء:

    **_________
    (1) عبارة " وأنت صغير " ساقطة من (ع) .
    (2) ن: فأنت.
    (3) ن: فلو أبقيتني لكنت أعمل.
    (4) أ، ب: أعمل مثله.
    (5) أ: لم لا اخترمتني ; ب: لم ما اخترمتني.
    (6) ن: لمصلحة.
    (7) أ: فقال ; ب: يقال.
    (8) روى هذه المناظرة السبكي في ترجمة الأشعري في طبقات الشافعية 3 356 وقال في آخرها: قلت: هذه مناظرة شهيرة، وقد حكاها شيخنا الذهبي، وانظر كتاب الأشعري للدكتور حمودة غرابة رحمه الله، ص [0 - 9] 5 - 66 ط، مطبعة الرسالة، القاهرة، 1953.
    (9) ع: بكل منهم الأصلح أ، ب: لكل منهما الأصلح.
    (10) ع: وهذا.
    (11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن)
    ============================== =======
    نحن وأنتم قد اتفقنا على أن فعل الله لا يقاس (1) على فعل (2) خلقه، وإنا وإياكم نثبت فاعلا يفعل شيئا منفصلا عن نفسه، بدون شيء حادث في نفسه، وهذا غير معقول في الشاهد (3) ، (* ونثبت (4) فاعلا لم يزل غير فاعل حتى فعل من غير تجدد شيء، وهذا غير معقول في الشاهد *) (5) .
    وأنتم تثبتون من الغرض ما ثبت فاعلا لم يزل غير فاعل حتى فعل من غير تجدد شيء، وهذا غير معقول في الشاهد. وأنتم تثبتون من الغرض ما لا يعقل في الشاهد، وتدعون بذلك أنكم (6) تنفون عنه (7) السفه وتجعلونه حكيما، والذي تذكرونه هو السفه (8) المعقول في الشاهد المخالف للحكمة.
    وإذا كان كذلك فقولكم (9) : إن كل عاقل ينسب من يأمر بما لا يريده وينهى عما يريده - إلى السفه، تعالى الله عن ذلك.
    فيقال لكم (10) : إن كان هذا الفاعل من المخلوقين، فلم قلتم: إن الخالق كذلك، مع ما اتفقنا عليه من الفرق بينهما؟ والمخلوق محتاج إلى

    **_________
    (1) أ، ب: لا ينقاس.
    (2) أ، ب، ن: بفعل.
    (3) أ، ب: في المشاهدة.
    (4) ع، ن: ويثبت وهو تحريف.
    (5) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (6) ن: أنكم بذلك.
    (7) عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (9) ب فقط: كذلك وقلتم.
    (10) أ، ب: قيل لكم، ع: يقال لكم
    =========================




  20. #200
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثالث
    الحلقة (197)
    صـ 201 إلى صـ 208




    جلب المنفعة ودفع المضرة، والله تعالى [منزه] (1) عن ذلك، والعبد مأمور منهي، والله منزه عن ذلك.
    فهذه (2) القضية إن أخذتموها كلية يدخل فيها الخالق، منعنا الإجماع (3) المحكي عن العقلاء. وإن أخذتموها في المخلوق لتقيسوا به الخالق، كان هذا قياسا فاسدا، فلا يصح معكم هذا القياس، لا على أنه قياس شمول ولا على أنه قياس تمثيل.
    وقد أجابهم الأشعري بجواب آخر (4) ، فقال: لا نسلم أن أمر الإنسان بما لا يريده (5) سفه (6) مطلقا، بل قد يكون حكمة، إذا كان مقصوده امتحان المأمور ليبين (7) عذره عند الناس في عقابه، مثل من يكون له عبد يعصيه فيعاقبه، فيلام على عقوبته، فيعتذر (8) بأن هذا يعصيني، فيطلب (9) منه تحقيق ذلك، فيأمر أمر امتحان، وهو [هنا] (10) لا يريد أن يفعل المأمور به، بل يريد أن يعصيه ليظهر عذره في عقابه.
    وأثبت بهذا أيضا كلام النفس الذي يثبته، وأن الطلب القائم بالنفس

    **_________
    (1) منزه: ساقطة من (ن) .
    (2) ن: وهذه.
    (3) ن: منعنا الاجتماع، أ: منعتنا بالإجماع، ب: منعنا بالإجماع.
    (4) آخر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) أ، ب: بما لا يريد.
    (6) أ، ب: سفها.
    (7) ن: ليتبين.
    (8) ن: فيتعذر، وهو تحريف.
    (9) ن: ويطلب.
    (10) هنا: ساقطة من (ن)
    ============================== =
    ليس هو الإرادة ولا مستلزما لها، كما أثبت معنى الخبر: أنه ليس هو العلم بإخبار الكاذب، فاعتمد على أمر الممتحن وخبر الكاذب.
    لكن جمهور أهل السنة لم يرضوا بهذا الجواب، فإن هذا في الحقيقة ليس هو أمرا، وإنما هو إظهار أمر. وكذلك خبر الكاذب هو قال بلسانه (1) ما ليس في قلبه، فخبر الكاذب ليس خبرا عما في نفسه، بل هو إظهار الخبر [عما] (2) في نفسه، فصار (3) أمر الممتحن كأمر الهازل الذي لا يعلم المأمور هزله (4) ، ونظائر ذلك.
    ولهذا إذا عرف المأمور حقيقة (5) أمر الممتحن [ليعاقبه] (6) ، وأنه ليس مراده إلا أن يعصيه، فإنه يطيعه في هذه الحال.
    والممتحن نوعان: نوع قصده أن يعصيه المأمور ليعاقبه، مثل هذا المثال (7) . ونوع مراده طاعة المأمور وانقياده (8) لأمره، لا نفس (9) الفعل المأمور به، كأمر الله سبحانه وتعالى (10) للخليل صلى الله عليه وسلم بذبح ابنه، وكان المراد طاعة إبراهيم وبذل ذبح ابنه في محبة الله (11) ، وأن يكون

    **_________
    (1) أ، ب: هو قال يثبت أنه، وهو تحريف.
    (2) عما: ساقطة من (ن) .
    (3) أ، ب، ع: وصار.
    (4) عبارة الذي لم يعلم المأمور هزله، ساقطة من (أ) ، (ب) وفي (ع) : أمر الممتحن الهازل الذي لم يعلم المأمور أنه هازل.
    (5) ن: حقيقته، وهو تحريف.
    (6) ليعاقبه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ن) .
    (7) ن: ليعاقبه بمثل هذه الحال.
    (8) أ، ب: وإنفاذه.
    (9) أ، ب: لا لنفس.
    (10) ن: كأمر الله تعالى، أ، ب: كأمره سبحانه وتعالى.
    (11) ع: في محبته أ، ب: في محبة الله تعالى
    ===========================
    طاعة الله ومحبوبه ومراده (1) أحب إليه من الابن، فلما حصل هذا المراد، فداه الله بالذبح العظيم.
    كما قال تعالى: {فلما أسلما وتله للجبين - وناديناه أن ياإبراهيم - قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين - إن هذا لهو البلاء المبين - وفديناه بذبح عظيم} [سورة الصافات: 103، 107] .
    وتصور هذه المعاني نافع جدا في هذا الباب، الذي كثر فيه الاضطراب (2) .
    **[فصل كلام الرافضي على الرضا بقضاء الله وقدره والرد عليه]
    (فصل) قال الإمامي القدري (3) : " ومنها أنه يلزم عدم الرضا بقضاء الله تعالى، والرضا بقضائه وقدره (4) واجب، فلو كان الكفر بقضاء الله تعالى وقدره (5) وجب علينا الرضا به (6) ، لكن لا يجوز الرضا بالكفر ".
    والجواب عن هذا من وجوه:
    أحدها: جواب كثير من أهل الإثبات أنا لا نسلم بأن الرضا (7)

    **_________
    (1) أ: وأن تكون طاعة الله محبوبه مراد، ب: وأن تكون طاعة الله محبوبة مرادة.
    (2) بعد كلمة " الاضطراب "، في (أ) ، (ب) والله أعلم.
    (3) ع: قال الرافضي الإمامي القدري، والكلام التالي في (ك) ص [0 - 9] 9 (م) .
    (4) ن: بقدره وقضائه، ك: بقضاء الله تعالى وقدره.
    (5) أ، ب، ع: بقضاء الله، ك: بقضاء الله وقدره.
    (6) أ، ب: وجب علينا الرضا، ع، ن: واجب علينا الرضا به. والمثبت من (ك) .
    (7) ن، ع: فإنا لا نسلم أن الرضا
    ============================== =
    واجب بكل المقضيات (1) ، [ولا دليل على وجوب ذلك] (2) .
    وقد تنازع الناس في الرضا بالفقر والمرض والذل [ونحوها] (3) ، هل هو مستحب أو واجب؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره. وأكثر العلماء على أن الرضا بذلك مستحب وليس بواجب، لأن الله أثنى على أهل الرضا بقوله: {رضي الله عنهم ورضوا عنه} [سورة البينة: 8] ، وإنما أوجب الله الصبر (4) ، فإنه أمر به في غير آية، ولم يأمر بالرضا بالمقدور، ولكن أمر بالرضا بالمشروع.
    فالمأمور به يجب الرضا به، كما في قوله تعالى: {ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون} [سورة التوبة: 59] .
    والقول الثاني: إنه واجب ; لأن ذلك من تمام رضاه بالله (5) ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، ولما روي: " «من لم يرض (6) بقضائي، ولم يصبر على بلوائي (7) ، فليتخذ ربا سوائي» (8) ".

    **_________
    (1) أ: لكل المقتضيات، ب: لكل المقتضيات.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
    (3) ونحوها: ساقطة من (ن) .
    (4) أ، ب، ع: وإنما أوجب الصبر.
    (5) ع: لأنه من تمام الرضا بالله.
    (6) أ، ب: يؤمن.
    (7) أ: ويصبر على بلوائي، ن: ويصبر على بلائي، ع: ولم يصبر على بلائي.
    (8) ن: فليتخذ ربا سواي ; ع: فليتخذ له ربا سوائي
    =============================
    لكن هذا لا تقوم به الحجة ; لأن هذا لا يعرف (1) ثبوته عن الله [عز وجل] (2) . وأما الرضا بالله [ربا] (3) ، وبالإسلام دينا، وبمحمد [صلى الله تعالى عليه وسلم] (4) نبيا فهو واجب. وهذا هو الرضا الذي دل عليه الكتاب والسنة.
    وأما الرضا بكل ما يخلقه الله ويقدره فلم يدل عليه كتاب ولا سنة، ولا قاله أحد من السلف، بل قد أخبر الله تعالى أنه لا يرضى بأمور مع أنها مخلوقة، كقوله: {ولا يرضى لعباده الكفر} [سورة النساء:] ، وقوله (5) : {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} [سورة النساء: 108] .
    وقد بسطنا الكلام [على هذا] (6) في مصنف مفرد في الرضا بالقضاء، وكيف تحزب الناس فيه أحزابا، حزب زعموا (7) أنهم يرضون بما حرم الله لأنه من القضاء، وحزب ينكرون قضاء الله وقدره لئلا يلزمهم الرضا به، وكلا الطائفتين بنت ذلك على أن (8) الرضا بكل ما خلقه الله مأمور به. وليس الأمر كذلك، بل هو سبحانه يكره [ويبغض] (9) ويمقت كثيرا من الحوادث، وقد أمرنا الله أن نكرهها ونبغضها.

    **_________
    (1) ن: حجة فإنه لا يعرف.
    (2) عز وجل: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) ربا: ساقطة من (ن) .
    (4) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) وقوله: ساقطة من (ن) .
    (6) على هذا: ساقطة من (ن) .
    (7) أ، ب: أحزابا وزعموا.
    (8) أن: ساقطة من (ع) .
    (9) ويبغض: ساقطة من (ن)
    ==========================
    الوجه الثاني: أن يقال: الرضا يشرع بما يرضى الله به، والله قد أخبر أنه: {لا يحب الفساد} [سورة البقرة: 205] ، {ولا يرضى لعباده الكفر} [سورة النساء:] ، وقد قال تعالى: {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} [سورة النساء: 108] ، وهذا أمر موجود من أقوال العباد، وقد أخبر الله أنه لا يرضاه، فإذا لم يرضه كيف يأمر العبد بأن (1) يرضاه؟ بل الواجب أن العبد يسخط ما يسخطه الله (2) ، ويبغض ما يبغضه (3) الله، ويرضى بما يرضاه الله.
    قال الله تعالى: {ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم} [سورة محمد: 28] فذم (4) من اتبع مساخطه (5) وكره مراضيه، ولم يذم من كره مساخطه واتبع مراضيه.
    فإذا قال: فكيف (6) يكون الله ساخطا مبغضا (7) لما قدره وقضاه؟ قيل: نعم كما تقدم (8) . أما على طريقة الأكثرين [فلأن المقضي شيء كونه (9) ، وعندهم البغض مغاير للإرادة. وأما على طريقة الأقلين] (10) فإنهم يقولون:

    **_________
    (1) أ، ب، ع: أن.
    (2) ن: يسخط بما يسخط الله.
    (3) ن، ع: ما أبغضه.
    (4) أ، ب: وقد ذم.
    (5) ن: مساخط الله.
    (6) أ، ب: كيف.
    (7) مبغضا: ساقطة من (ب) .
    (8) أ، ب: نعم على ما تقدم.
    (9) أ، ع: شيئا كونه، وهو خطأ.
    (10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن)
    ============================== ==========
    سخطه له وبغضه (1) هو إرادته عقوبة (2) فاعله، فقد أراد أن يكون سببا لعقوبة فاعله. وأما نحن فمأمورون بأن نكره ما ينهى عنه (3) . لكن الجواب على هذا [القول] (4) يعود إلى (5) الجواب الأول، فإن نفس ما أراده الله وأحبه ورضيه عند هؤلاء، قد أمر العبد بأن يكرهه ويبغضه ويسخطه (6) ، فهؤلاء يقولون: ليس كل مقدور مقضي مأمورا يرضى به (7) .
    الوجه الثالث: أن يقال: قد تقدم أن الله سبحانه وتعالى يفعل ما يفعله لما له في ذلك من الحكمة، وأن ما يضر الناس من المعاصي والعقوبات يخلقها لما له في ذلك من الحكمة (8) والإنسان قد يفعل ما يكرهه، كشربه (9) الدواء الكريه لما [له] (10) فيه من الحكمة التي يحبها كالصحة والعافية، فشرب الدواء مكروه من وجه محبوب من وجه، فالعبد يوافق ربه فيكره (11)

    **_________
    (1) ن: سخطه الله وبغضه، م: بسخط الله وبغضه، وعند هذه العبارة نعود إلى المقابلة مع نسخة (م) بعد الصفحة المفقودة من المصورة وهي ص 83.
    (2) أ، ب: الإرادة لعقوبة، م: إرادة عقوبة.
    (3) أ، ب: ما نهي عنه.
    (4) القول: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن: على.
    (6) أ: قد أمر الله أن يكرهه ويبغضه ويسخطه، ب: قد أمر الله أن نكرهه ونبغضه ونسخطه.
    (7) أ: ليس كل مقدور مقضي برضاه، ب: ليس كل مقدور مقضي نرضاه، ع: ليس كل مقدور مرضي يرضى به.
    (8) ساقط من (أ) ، (ب) وفي (ن) ، (م) وأن ما (م: وأما ما) ، يضر الإنسان من المعاصي والعقوبات يفعله لما له فيها من الحكمة.
    (9) ع، م: كشرب.
    (10) له: ساقطة من (ن) ، (أ) ، (ب) .
    (11) ن، م: ويكره
    ============================== =====
    الذنوب ويمقتها ويبغضها ; لأن الله يبغضها ويمقتها، ويرضى بالحكمة التي خلقها الله لأجلها، فهي من جهة فعل العبد لها مكروهة مسخوطة، ومن جهة خلق الرب لها محبوبة مرضية ; لأن الله خلقها لما له في ذلك من الحكمة. والعبد فعلها وهي ضارة له موجبة له العذاب، فنحن ننكرها ونكرهها وننهى عنها كما أمرنا (1) الله بذلك، إذ كان هو أيضا [سبحانه] (2) ، يسخطها ويبغضها، ونعلم أن الله أحدثها لما له في ذلك من الحكمة، فنرضى (3) بقضائه وقدره. فمتى لحظنا أن الله قضاها وقدرها رضينا عن الله وسلمنا لحكمه (4) . وأما من جهة كون العبد يفعلها، فلا بد أن نكره ذلك وننهى عنه ونجتهد (5) في دفعه (6) بحسب إمكاننا، فإن هذا هو الذي يحبه الله منا.
    والله تعالى إذا أرسل الكافرين على المسلمين (7) ، فعلينا أن نرضى بقضاء الله في إرسالهم، وعلينا أن نجتهد في دفعهم وقتالهم. وأحد الأمرين لا ينافي الآخر وهو سبحانه خلق الفأرة والحية والكلب العقور، وأمرنا بقتل ذلك، فنحن نرضى عن الله إذ خلق ذلك، ونعلم أن له في ذلك حكمة، ونقتلهم (8) كما أمرنا، فإن الله يحب ذلك ويرضاه.

    **_________
    (1) ن، م، ع: كما أمر.
    (2) أ، ب: هو سبحانه، ن، م: هو أيضا.
    (3) ن، م: ويرضى، ع: فترضى.
    (4) أ، ب: لحكمته.
    (5) ن: أن يكره ذلك وينهى عنه ويجتهد، والكلمات غير منقوطة في (م) وفي (أ) : أن يكره ذلك وينهى عنه ونجتهد.
    (6) أ، ب: في ذلك.
    (7) ن: الكفار على المؤمنين م: الكفار على المسلمين.
    (8) ب: ونقتلها، م: ونقتلهن
    =============================




الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •