تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: ما حكم من يقول ( الله كان ولا مكان ).للإمام الألباني رحمه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    582

    افتراضي ما حكم من يقول ( الله كان ولا مكان ).للإمام الألباني رحمه الله

    ما حكم من يقول ( الله كان ولا مكان ).؟
    الشيخ محمد ناصر الالباني
    الشيخ : فمن كان عنده سؤال يرفع إصبعه؛ حتى ينتقل إلى الشخص الثاني الذي يليه، وهكذا دواليك؛ والأيمنون فالأيمنون؛ هكذا القاعدة الشرعيِّة.
    والآن نفتتح الجلسة بخطبة الحاجة، ولو على الوجه المختصر منها؛ فنقول:
    إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُه ُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. أّمَّا بَعدُ:
    فَإِنَّ خَيْرَ الكَلامِ كَلاَمُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّم، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. وقبل إصغائي للأسئلة، أرجو أمرين اثنين في هذه الأسئلة: الأمر الأول: أن تكون أسئلة واقعيَّة من صميم الحياة، ولا تكون نظريَّة قد تقع وقد لا تقع والشيء الثاني -ولعله الأخير-: أن يسأل كلُّ فردٍ منكم عمَّا يهمُّه هو، وليس عمَّا يهمُّ غيره؛ لأن المبدأ الإسلامي يقول: اِبدأ بنفسك؛ ثمَّ بمن تعول. والآن من عنده سؤال من هنا؟ تفضل.

    السائل : ما الحكمُ الشرعيُّ بمن يقول: " الله كان ولاَ مَكان " ؟




  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    582

    افتراضي رد: ما حكم من يقول ( الله كان ولا مكان ).للإمام الألباني رحمه الله

    الشيخ : الجواب: مثل هذا النفي يرد كثيرًا على ألسنة المتكلمين من علماء الكلامِ نفيًا أو إثباتًا؛ فنفي المكان كإثباتِه، كذلك نفي الجهة بالنسبة لله -عزَّ وجلَّ- كإثباتها، والأمثلة في مثلها كثيرة. والجواب الصحيح: أنَّه لا يجوز إنكار شيء من هذه الألفاظ أو إثباتها إلا بعد أن نتبيَّن المعنى الذي يقصده المُثبت لهذه الألفاظ أو نافيها. فنعود بعد هذه التوطئة، وبعد هذه المقدمة الوجيزة إلى الإجابة عن السؤال مباشرة؛ فنقول، بناءً على هذه المقدمة نقول: إن كان الذي يقول: " كان الله ولا مكان " إنما يعني تحقيق أنَّ الله عزَّ وجلَّ- هو الأوَّل، وهو أزليٌّ أبديٌّ لا أول له، وأنَّه كما جاء في الحديث الصَّحيح: كَانَ اللهُ وَلاَ شَيْءَ مَعَهُ؛ ثُمَّ خَلَقَ اللهُ الْعَرْشَ .فقوله عليه السلام في هذا الحديث: كَانَ اللهُ وَلاَ شَيْءَ مَعَهُ ؛ أي: مِن المخلوقات . ومما لا شك فيه أن المكان إنما وُجِدَ بالكونِ؛ أي: بقوله تبارك وتعالى: كُنْ فَيَكُونُ ‏؛ كما قال في القرآن الكريم: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . فإذا كان الله ولا شيء معه؛ ثم قال للعرش: كن؛ فكان؛ فإذن كان الله ولا مكان؛ لأن المكان مشتقٌ من الكون. أمَّا إن كان الذي ينفي هذا المعنى للمكان يعني به ما يُعارض الشَّرع في توهمه من بعض النُّصوص الشرعية المقطوع ثبوتها ودلالتها أنَّها تعني إثبات المكان لله -عزَّ وجلَّ- وقد عرفنا أن المكان كان بعد أن لم يكن، وأنَّ الله غنيٌّ عن العالمين؛ لكن لما جاءت بعض النُّصوص المقطوع ثبوتها، والمقطوع دلالتها، وكل هذه الأدلة تدور حول إثبات العلو للعليِّ الغفَّار؛ فحينئذٍ قد يتوهم بعض النَّاس أننا إذا قلنا بما دلت عليه هذه النصوص القاطعة ثبوتًا ودلالةً أننا أثبتنا لله المكان. وبناءً على هذا التَّوهم؛ أي: بعض النَّاس يتوهمون من إثبات صفة العلو لله -عزَّ وجلَّ- على المخلوقات كلها، يتوهمون من هذا الإثبات أن ذلك يستلزم جعل الله -عزَّ وجلَّ- في مكان. إذن هم يقولون: " كان الله ولا مكان " . هنا نقول: النفي باطلٌ، أمَّا الإثبات السابق؛ فصحيحٌ، وشتَّان بين المعنى الأوَّل: معنى الإثبات، ومعنى النَّفي؛ لأنَّ معنى النَّفي ينفي دلالات قاطعة، ومعنى الإثبات للمكان يثبتُ دلالات قاطعة؛ هي: أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- كان ولا شيء معه، فلما خلق الخلق وُجِدَ مكان؛ ولكن الله -عزَّ وجلَّ- غنيٌّ عن المكان، وغنيٌّ عن الزَّمان، ولا يلزم مُطلقًا أن يكون الله -عزَّ وجلَّ- في مكان؛ حينما يُثبِتُ أهل السنة جميعهم لله -عزَّ وجلَّ- صفة العلو التي نشهد بها في كل سجود نسجده؛ فنقول فيه: " سبحان ربي الأعلى " .إذن ثبت بهذا البيان، وبهذا الجواب عن ذاك السُّؤال: أنَّه لا يجوز نفي أو إثبات معنىً للفظٍ لم يرد عن الله ورسوله؛ وإنما هو اصطلاحٌ بين النَّاس، ففي الحالة هذه ننظر إلى مقصد المتكلِّم؛ فإن كان مقصده يوافق الشَّريعة؛ قلنا: لله مكان بهذا المعنى. وإن كان يعني ما يخالف الشَّريعة؛ قلنا: لا، ليس لله مكان بهذا المعنى. كذلك يُقال: بالنسبة للجهة، بالنسبة للجهة التي قد تُنسَب أو قد تُنفَى، تُنسَب لله، أو قد تُنفَى عنه، كذلك نقول نفس الكلام؛ نقول للذي يقول: إن الله ليس فيه جهة، ماذا تعني بهذا النفي؟ أتعني معارضة قول الله -تبارك وتعالى-: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ‏؟ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ؟ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ‏؟ اِرْحَمُوْا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ؟ والنصوص قاطعة في هذا أيضًا. إن كان الجواب: نعم، أنا أعني نفي هذه الدِّلالات التي دلت عليها هذه النصوص؛ نقول له: أنت مبطلٌ حينما تنفي الجهة بالمعنى الذي أثبته الشَّرع في الآيات وفي الأحاديث.
    وإن كان يعني بذلك حينما يقول قائلٌ ما: "إن لله جهة" أنَّه يعني: أنَّ الله ليس في كل مكان مخلوق، كما يقول القائلون بوحدة الوجود من غلاة الصوفيَّة والمعتزلة وأمثالهم؛ يقولون: "الله موجود في كل مكان" ؛ هذا الكلام -حينئذٍ- باطل؛ لأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- أفهمنا بنصوص قاطعة من أدلَّة الكتاب والسُّنة أنَّ له صفة العلو. فإذا أثبتنا صفة العلو، وسمَّوا هذه الصَّفة بأنها جهة لله؛ قلنا: لا بأس؛ لكن من نفى أنَّ لله هذه الصفة ففيه كل البأس. ولكننا مع ذلك سواء فيما يتعلَّق بالمكان إثباتًا ونفيًا، أو ما يتعلَّق بالجهة إثباتًا ونفيًا، أو ما يتعلَّق -وهذا ترونه في بعض كتب علم الكلام إثباتًا ونفيًا -أيضًا- وهي: إثبات الحد لله تعالى أو نفيه؛ كلُّ هذه الألفاظ الثلاثة من المكان والجهة والحد لا نستعمله إطلاقًا لا بمعنى الإثبات، ولا بمعنى النَّفي. نحن لا نستعمله؛ لأنَّ ذلك لم يرد في الكتاب ولا في السُّنة؛ إلا أنَّنا نتحفَّظُ مع النَّاس الذين قد يستعملون لفظًا من هذه الألفاظ الثلاثة، لا نسارع في الإنكار عليه ابتداءً؛ وإنما نسأله: ماذا تعني؟ فإنْ عنَى معنىً أثبتته الشَّريعة؛ قلنا: أصبت في المعنى، وأخطأت في اللفظ. وإن قصد بمعنى ذلك اللفظ معنىً يخالف الشَّرع؛ نقول له: أخطأت مرتين: المرة الأولى -وهي الأخطر-: أنَّك عنيت بهذا اللفظ معنىً أثبته الشَّرع فنفيته. والشيء الثاني: أنَّك ابتدعت لفظًا استعملته في نفيه عن الله -عزَّ وجلَّ- وذلك يستلزِم نفي ما أثبته في الكتاب وفي السنة.
    هذا جواب ذاك السؤال، ولعله واضح إن شاء الله.

    السائل : في شيء في صلب الموضوع يعني.

    الشيخ : تفضل.


    السائل : يقولون: " إن الله كان ولا مكان، وهو الآن على ما عليه كان " ويوردون كلمة في معنى ذلك ينسبونها إلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-.

    الشيخ : جواب هذا السؤال تمامًا كما سبق إذا قالوا -وهذا الكلام صوفي نعرفه قديمًا-: " كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان " إن كانوا يعنون أنَّه الآن على ما عليه كان غنيٌّ عن المكان الكونيّ المخلوق؛ نقول لهم: أصبتم. أما إن كانوا يعنون بهذه العبارة، وهو الذي يقصده هؤلاء: أن الله -عزَّ وجلَّ- ليس له صفة العلو على العرش؛ حيث جاءت في القرآن الكريم بلفظ: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ . فإذا أرادوا نفي هذا الاستواء الذي جاء التَّصريح به في القرآن؛ نقول: أبطلتم مرتين: المرة الأولى: أنكم قصدتم معنىً يخالف الشريعة. والمعنى الثاني: أنكم ألحقتم بالحديث جملة، لا أصل لها؛ لأن الحديث الذي ذكرناه آنفًا في صحيح البخاري: كَانَ اللهُ وَلاَ شَيْءَ مَعَهُ . انتهى، نقطة فاصلة قوية جدًّا، الحديث إلى هنا؛ ثمَّ هم زادوا عليه زيادة باطلة سندًا ومعنىً. أما سندًا؛ فلأنها لا وجود لها في شيء من كتب الحديث إطلاقًا، وهو الآن على ما عليه كان زيادة باطلةٌ سندًا وباطلةٌ -أيضًا- معنىً بالمعنى السلبي. غيره.

    منقول من موقع الإمام الألباني رحمه الله وجزاه الله خيرا وأسكنه فسيح جناته






  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,629

    افتراضي رد: ما حكم من يقول ( الله كان ولا مكان ).للإمام الألباني رحمه الله

    يعني هذه شبهتهم في نفي العلو والاستواء؟
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,948

    افتراضي رد: ما حكم من يقول ( الله كان ولا مكان ).للإمام الألباني رحمه الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    يعني هذه شبهتهم في نفي العلو والاستواء؟
    بارك الله فيك- أود ان أعلق على بعض العبارات التى وردت فى كلام الشيخ الالبانى وان كان كلامه من حيث الجملة والمضمون صحيح ولكن هل يصح قول الشيخ
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الأحد مشاهدة المشاركة
    الشيخ : -وهذا ترونه في بعض كتب علم الكلام إثباتًا ونفيًا -أيضًا- وهي: إثبات الحد لله تعالى أو نفيه؛ كلُّ هذه الألفاظ الثلاثة من المكان والجهة والحد لا نستعمله إطلاقًا لا بمعنى الإثبات، ولا بمعنى النَّفي. نحن لا نستعمله؛ لأنَّ ذلك لم يرد في الكتاب ولا في السُّنة؛
    هذا الكلام يحتاج الى توضيح لأن السلف اطلقوه فى إعتقاد اهل السنة نفيا واثباتا ولكن بقيد وان إطلاق السلف للحد ليس من باب الصفات وإنما هو من باب الإخبار
    قال ابن القيم رحمه الله :
    " ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته ، كالشيء والموجود والقائم بنفسه ؛ فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا " انتهى ."بدائع الفوائد" (1/169)
    وقال :
    " ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي ، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا ، فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه : هل هي توقيفية ، أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع " انتهى مختصرا .
    "بدائع الفوائد" (1/170)
    قال شيخ الإسلام :
    " اذا أثبت الرجل معنى حقا ، ونفى معنى باطلا ، واحتاج إلى التعبير عن ذلك بعبارة لأجل إفهام المخاطب ، لأنها من لغة المخاطب ونحو ذلك : لم يكن ذلك منهيا عنه ؛ لأن ذلك يكون من باب ترجمة أسمائه وآياته بلغة أخرى ، ليفهم أهل تلك اللغة معاني كلامه وأسمائه ، وهذا جائز ، بل مستحب أحيانا ، بل واجب أحيانا . وإن لم يكن ذلك مشروعا على الإطلاق ؛ كمخاطبة أهل هذه الاصطلاحات الخاصة في أسماء الله وصفاته وأصول الدين باصطلاحهم الخاص ، إذا كانت المعاني التي تبيَّن لهم هي معاني القرآن والسنة ، ... وهذه الترجمة تجوز لإفهام المخاطب ، بلا نزاع بين العلماء " . انتهى .
    بيان تلبيس الجهمية (2/389) .
    قال شيخ الإسلام :
    " ولما كان الجهمية يقولون ما مضمونه : إن الخالقَ لا يتميّز عن الخلقِ ، فيجحدون صفاته التي يتميّز بها ، ويجحدون قدره ، فبيّن ابن المبارك أنّ الرب سبحانه وتعالى على عرشه مباين لخلقه ، منفصلٌ عنه ، وذكر الحدّ لأن الجهمية كانوا يقولون : ليس له حدٌّ ، وما لا حدّ له لا يباينُ المخلوقاتِ ، ولا يكون فوق العالم ، لأن ذلك مستلزم للحدِّ ، فلما سألوا أمير المؤمنين عبد الله بن المبارك : بماذا نعرفه ؟ قال : بأنه فوق سماواته ، على عرشه ، بائن من خلقه ، فذكروا لازم ذلك الذي تنفيه الجهمية ، وبنفيهم له ينفون ملزومه الذي هو وجوده فوق العرشِ ، ومباينته للمخلوقات ، فقالوا له : بحدٍّ ؟ قال : بحدّ ." .
    انتهى باختصار. بيان تلبيس الجهمية (1/443 ) .
    وقال شيخ الإسلام أيضا :
    " هذا اللفظ لم نثبت به صفة زائدة على ما في الكتاب والسنة ؛ بل بيّنّا به ما عطله المبطلون من وجود الرب تعالى ومباينته لخلقه وثبوت حقيقته " .
    "بيان تلبيس الجهمية" (1/445)
    ومن هنا نتبين أن إطلاق جمع من السلف لهذا اللفظ كان ردا على الجهمية والحلولية وأشباههم من أهل البدعة ، وبياناً لمعنى شرعي صحيح في نفس الأمر ، وإن كان الشرع لم يعبر عنه بهذا اللفظ .
    قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله :
    " والله تعالى له حد لا يعلمه أحد غيره ، ولا يجوز لأحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه ، ولكن يؤمن بالحد ، ويَكِل علم ذلك إلى الله .
    ولمكانه أيضا حد ، وهو على عرشه فوق سماواته .
    فهذان حدان اثنان " . انتهى .
    "نقض الدارمي على بشر المريسي" (223-224)
    وقد صرح جماعة من الأئمة بإثبات بالحد، كابن المبارك، وأحمد في رواية، وعثمان بن سعيد الدارمي، والخلال، وحرب الكرماني، وإسحاق بن راهويه، وابن بطة، وأبي إسماعيل الأنصاري الهروي، وأبي القاسم ابن منده، وقوام السنة الأصبهاني، والقاضي أبي يعلى، وأبي الحسن ابن الزاغوني، والحافظ أبي العلاء الهمذاني، وغير هؤلاء.
    سئل ابن المبارك رحمه الله: "بم نعرف ربنا؟
    قال: بأنه على العرش بائن من خلقه.
    قيل: بحد؟
    قال: بحد".
    رواه الدارمي في "النقض على بشر المريسي"، ص 57 وفي رده على الجهمية، ورواه عبد الله بن أحمد في "السنة" رقم (216)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2/335).
    قال شيخ الإسلام رحمه الله مبيناً وجه تكلم السلف بلفظ الحد: "ولما كان الجهمية يقولون ما مضمونه: أن الخالق لا يتميز عن الخلق، فيجحدون صفاته التي تميز بها، ويجحدون قَدْره ... ويقولون: إنه لا يباين غيره، بل إما أن يصفوه بصفة المعدوم فيقولوا: لا داخل العالم ولا خارجه، ولا كذا ولا كذا، أو يجعلوه حالاً في المخلوقات، أو وجودَ المخلوقات = فبيّن ابن المبارك أن الرب سبحانه وتعالى على عرشه مباين لخلقه، منفصل عنه، وذكر الحد لأن الجهمية كانوا يقولون: ليس له حد، وما لا حد له، لا يباين المخلوقات، ولا يكون فوق العالم لأن ذلك مستلزم للحد" انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (3/42).

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,948

    افتراضي رد: ما حكم من يقول ( الله كان ولا مكان ).للإمام الألباني رحمه الله

    فنقول قال العلماء أن باب الإخبار اوسع من باب الصفات]وهذه الألفاظ كما أسلفنا إنما تستعمل في باب الإخبار ولا تستعمل في باب الأسماء والصفات.
    ولذلك لما اعترض الخطابي على استعمالها بقوله: "وزعم بعضهم أنه جائز أن يقال له تعالى حد لا كالحدود كما نقول يد لا كالأيدي فيقال له: إنما أُحْوِجْنَا إلى أن نقول يد لا كالأيدي لأن اليد قد جاء ذكرها في القرآن وفي السنة فلزم قبولها ولم يجز رَدُّها. فأين ذكر الحد في الكتاب والسنة حتى نقول حد لا كالحدود، كما نقول يد لا كالأيدي؟! فرد شيخ الإسلام ابن تيمية على قول الخطابي من وجوه منها:
    "أن هذا الكلام الذي ذكره إنما يتوجه لو قالوا: إن له صفة هي الحد، كما توهمه هذا الراد عليهم.وهذا لم يقله أحد، ولا يقوله عاقل؛فإن هذا الكلام لا حقيقة له؛ إذ ليس في الصفات التي يوصف بها شيء من الموصوفات -كما وصف باليد والعلم- صفة معينة يقال لها الحد، وإنما الحد ما يتميز به الشيء عن غيره من صفته وقدره"
    و إطلاق السلف للحد لهم فيه استعمالان:
    الاستعمال الأول: في حال الإثبات.
    ومن الآثار الواردة في ذلك ما رواه الخلال بسنده عن محمد بن إبراهيم القيسي، قال: "قلت لأحمد بن حنبل: يحكى عن ابن المبارك -وقيل له: كيف نعرف ربنا؟ - قال: في السماء السابعة على عرشه بحد. فقال أحمد: هكذا هو عندنا".
    وعن حرب بن إسماعيل قال: "قلت لإسحاق -يعني ابن راهويه-: هو على العرش بحد؟ قال: نعم بحد".
    وذكر عن ابن المبارك قال: "هو على عرشه بائن من خلقه بحد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن كثيراً من أئمة السنة والحديث1 أو أكثرهم يقولون إنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه بحد".
    الاستعمال الثاني: في حال النفي.
    قال حنبل: "قلت لأبي عبد الله: ما معنى قوله {وَهُوَ مَعَكُم} ، و {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ} ؟. قال: علمه محيط بالكل، وربنا على العرش بلا حد ولا صفة"
    وفي رسالة الإصطخري قال الإمام أحمد: "والله عز وجل على عرشه ليس له حد، والله أعلم بحده".
    "توضيح المسألة"
    أما الاستعمال الأول: فهو استعماله في حال الإثبات.
    فقد استعمل في مسألة إثبات علو الله على خلقه وتميزه وانفصاله عنهم وعدم اختلاطه بهم أو حلوله فيهم، فلما زعم الجهمية أن الخالق في كل مكان وأنه غير مباين لخلقه ولا متميز عنهم، قال بعض أئمة السلف: إن الله سبحانه عالٍ على خلقه، مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، وذكروا الحد، لأن الجهمية زعموا أنه ليس له حد وما لا حد له لايباين المخلوقات ولا يكون فوق العالم.
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
    "ولما كان الجهمية يقولون ما مضمونه إن الخالق لا يتميز عن الخلق فيجحدون صفاته التي تميز بها، ويجحدون قَدْرَهُ؛ حتى يقول المعتزلة إذا عرفوا أنه حي، عالم، قدير: قد عرفنا حقيقته وماهيته، ويقولون إنه لا يباين غيره. بل إما أن يصفوه بصفة المعدوم؛ فيقولوا: لا داخل العالم ولا خارجه، ولا كذا ولا كذا. أو يجعلوه حالاً في المخلوقات أو وجوده وجود المخلوقات.
    فبين ابن المبارك أن الرب سبحانه وتعالى على عرشه مباين لخلقه منفصل عنه، وذكر الحد. لأن الجهمية كانوا يقولون ليس له حد، وما لا حد له لا يباين المخلوقات ولا يكون فوق العالم لأن ذلك مستلزم للحد".
    وبناءً على ما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية فقد أثبت السلف الحد لما في إثبات هذا اللفظ من رد على الجهمية فيما زعموا، ولما في معنى (الحد) من إثبات مباينة الله لخلقه، وعلوه عليهم، واستوائه على عرشه.
    وإن كان السلف يقولون إنه حد لا يعلمه إلا الله.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن نقل الآثار الواردة عن السلف في إثبات الحد:
    "فهذا وأمثاله مما نقل عن الأئمة، كما قد بسط في غير هذا الموضع، وبينوا أن ما أثبتوه له من الحد لا يعلمه غيره، كما قال مالك وربيعة وغيرهما: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، فبين أن كيفية استوائه مجهولة للعباد، فلم ينفوا ثبوت ذلك في نفس الأمر، ولكن نفوا علم الخلق به، وكذلك مثل هذا في كلام عبد العزيز بن عبد الله بن الماجشون وغير واحد من السلف، والأئمة ينفون علم الخلق بقدره وكيفيته"
    الاستعمال الثاني: استعماله في حال النفي
    وذلك في مسألة نفي الإحاطة بالله علماً وإدراكاً، فلا منازعة بين أهل السنة بأن الله تعالى غير مدرك الإحاطة والخلق عاجزون عن الإحاطة به، فهم لا يستطيعون أن يحدوا الخالق جل وعلا، أو يُقَدِّرُوه، أو يبلغوا صفته، فمن نفى الحد على هذا المعنى فهو مصيب.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "المحفوظ عن السلف والأئمة إثبات حد لله في نفسه، وقد بينوا مع ذلك أن العباد لا يحدونه ولا يدركونه، ولهذا لم يتناف كلامهم في ذلك كما[ يظنه بعض الناس،][وكأن شيخ الاسلام بن تيمية يصف بعض اهل عصرنا] فإنهم نفوا أن يَحُد أحدٌ الله".
    وقال أيضاً: "وقوله بلا حد ولا صفة" نَفَى به إحاطة علم الخلق به، وأن يحدوه أو يصفوه على ما هو عليه، إلا بما أخبر عن نفسه، ليبين أن عقول الخلق لا تحيط بصفاته، كما قال الشافعي في خطبة "الرسالة": "الحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه" ولهذا قال أحمد: "لا تدركه الأبصار بحد ولا غاية" فنفى أن يدرك له حد أو غاية".
    وهذا [المحفوظ] عن السلف والأئمة من إثبات حد لله في نفسه قد بينوا مع ذلك أن العباد لا يحدونه ولا يدركونه؛[هذا الكلام من شيخ الاسلام مهم جدا] ولهذا لم يتناف كلامهم في ذلك [كما يظنه بعض الناس،] فإنهم نفوا أن يحد أحد الله كما ذكره حنبل عنه في كتاب السنة والمحنة.
    وقد رواه الخلال في "كتاب السنة" أخبرني عبد الله بن حنبل حدثني حنبل بن إسحاق، قال: قال عمي: "نحن نؤمن بالله عز وجل على عرشه كيف شاء وكما شاء بلا حد ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد، فصفات الله عز وجل منه وله، وهو كما وصف نفسه، لا تدركه الأبصار بحد ولا غاية، وهو يدرك الأبصار، وهو عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، ولا يدركه وصف واصف، وهو كما وصف نفسه، وليس من الله شيء محدود، ولا يبلغ علمه وقدرته أحد، غلب الأشياء كلها بعلمه وقدرته وسلطانه، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وكان الله قبل أن يكون شيء، والله الأول، وهو الآخر، ولا يبلغ أحد حد صفاته، فالتسليم لأمر الله والرضا بقضائه، نسأل الله التوفيق والسداد، إنه على كل شيء قدير.
    وذلك أن لفظ (الحد) عند كل من تكلم به يراد به شيئان:
    يراد به حقيقة الشيء في نفسه
    ويراد به الوجود العيني أو الوجود الذهني
    فأخبر أبو عبد الله أنه على العرش بلا حد يحده أحد أو صفة يبلغها واصف، وأتبع ذلك بقوله: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} بحد ولا غاية،[ وهذا التفسير الصحيح للإدارك:] أي لا تحيط الأبصار بحده ولا غايته؛ ثم قال: {وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} وهو عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، ليتبين أنه عالم بنفسه وبكل شيء.
    وقال الخلال: "وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلا حدثهم، قال: سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى "أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا" و"أن الله يضع قدمه" وما أشبه هذه الأحاديث، فقال أبو عبد الله: نؤمن بها، ونصدق بها ولا كيف، ولا معنى، ولا نرد منها شيئاً، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق إذا كانت بأسانيد صحاح، ولا نرد على الله قوله، ولا يوصف بأكثر مما وصف به نفسه ولا حد ولا غاية، ليس كمثله شيء.
    قال: وقال حنبل في موضع آخر قال: ليس كمثله شيء في ذاته، كما وصف به نفسه، فقد أجمل تبارك وتعالى بالصفة لنفسه فحد لنفسه صفة، ليس يشبهه شيء، فيعبد الله بصفاته غير محدودة ولا معلومة إلا بما وصف نفسه، قال تعالى {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير} .
    قال: وقال حنبل في موضع آخر: قال: فهو سميع بصير بلا حد ولا تقدير، ولا يبلغ الواصفون صفته، وصفاته منه وله، ولا يتعدى القرآن والحديث، فنقول كما قال، ونصفه كما وصف نفسه، ولا يتعدى ذلك، ولا تبلغه صفة الواصفين، نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت،[مهم جدا] وما وصف به نفسه من كلام ونزول وخلوه بعبده يوم القيامة ووضعه كنفه عليه، هذا كله يدل على أن الله يُرى في الآخرة،[ والتحديد في هذا بدعة،][مهم جدا] والتسليم لله بأمره بغير صفة ولا حد إلا ما وصف به نفسه، سميع بصير، لم يزل متكلماً، عالماً غفوراً، عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، فهذه صفات وصف بها نفسه لا تدفع ولا ترد، وهو على العرش بلا حد، كما قال {ثُمَّ اسْتَوى عَلَى العَرْش} كيف شاء، المشيئة إليه عز وجل، والاستطاعة له {لَيْسَ كَمِثلِهِ شَيء} وهو خالق كل شيء، وهو كما وصف نفسه، سميع بصير بلا حد ولا تقدير، قول إبراهيم لأبيه: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ} فثبت أن الله سميع بصير صفاته منه، لا تعدى القرآن والحديث والخبر، يضحك الله ولا نعلم كيف ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيت القرآن، ولا يصفه الواصفون، ولا يحده أحد، تعالى الله عما يقول الجهمية والمشبهة".

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,948

    افتراضي رد: ما حكم من يقول ( الله كان ولا مكان ).للإمام الألباني رحمه الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الأحد مشاهدة المشاركة
    فإذن كان الله ولا مكان؛ لأن المكان مشتقٌ من الكون.
    قال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله :

    " إِنَّ قُصَارَى مَا يَقُولُهُ الْمُتَحَذْلِقُ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ وَلَا مَكَانَ، ثُمَّ خَلَقَ الْمَكَانَ، وَهُوَ الْآنَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْمَكَانِ".
    فَمَاذَا يَعْنِي هَذَا المُخَرِّف بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ؟!
    هَلْ يَعْنِي بِهِ تِلْكَ الْأَمْكِنَةَ الْوُجُودِيَّةَ الَّتِي هِيَ دَاخِلُ مُحِيطِ الْعَالَمِ؟!
    فَهَذِهِ أَمْكِنَةٌ حَادِثَةٌ، وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِوُجُودِ اللَّهِ فِي شيءٍ مِنْهَا؛ إِذْ لَا يَحْصُرُهُ وَلَا يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ.
    وَأَمَّا إِذَا أَرَادَ بِهَا الْمَكَانَ العَدَميَّ ، الَّذِي هُوَ خلاءٌ محضٌ لَا وُجُودَ فِيهِ؛ فَهَذَا لَا يُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ ، ثم خُلِق ؛ إِذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْخَلْقُ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ عدميٌّ .
    فَإِذَا قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ فِي مَكَانٍ بِهَذَا الْمَعْنَى؛ كَمَا دلَّت عَلَيْهِ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ ؛ فَأَيُّ محذورٍ فِي هَذَا؟!
    بَلِ الْحَقُّ أَنْ يُقَالَ: كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، ثم خلق السموات وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، وَثُمَّ هُنَا لِلتَّرْتِيبِ الزَّمَانِيِّ لَا لمجرَّد الْعَطْفِ " انتهى من
    "شرح العقيدة الواسطية" (ص 141)



    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
    (فلفظ الجهة قد يراد به شيء موجود غير الله؛ فيكون مخلوقاً، كما إذا أريد بالجهة نفس العرش أو نفس السماوات، وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى؛ كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم.
    ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه؛ كما فيه إثبات العلو، والاستواء، والفوقية، والعروج إليه... ونحو ذلك، وقد علم أنَّ ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق سبحانه وتعالى مباين للمخلوق، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته.
    فيقال لمن نفى الجهة: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلاً في المخلوقات، أم تريد بالجهة ما وراء العالم؟ فلا ريب أنَّ الله فوق العالم مباين للمخلوقات. وكذلك يقال لمن قال: الله في جهة، أتريد بذلك أنَّ الله فوق العالم؟ أو تريد به أنَّ الله داخلٌ في شيء من المخلوقات؟ فإن أردت الأول؛ فهو حقٌّ، وإن أردت الثاني؛ فهو باطل) (2) .
    ويقـول: (فإذا قـال القائل: هو في جهة أو ليس في جهة؟ قيل له: الجهة أمر موجود أو معدوم، فإن كان أمراً موجوداً، ولا موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق بائن عن المخلوق؛ لم يكن الرب في جهة موجودة مخلوقة، وإن كانت الجهة أمراً معدوماً؛ بأنْ يُسَمَّى ما وراء العالم جهة، فإذا كان الخالق مبايناً العالم، وكان ما وراء العالم جهة مسماة، وليس هو شيئاً موجوداً؛ كان الله في جهة معدومة بهذا الاعتبار. لكن لا فرق بين قول القائل: هو في معدوم، وقولـه: ليس في شيء غيره؛ فإنَّ المعدوم ليس شيئاً باتفاق العقلاء.
    ولا ريب أنَّ لفظ الجهة يريدون به تارة معنىً موجوداً، وتارة معنىً معدوماً، بل المتكلم الواحد يجمع في كلامه بين هذا وهذا، فإذا أزيل الاحتمال؛ ظهرت حقيقة الأمر.
    فإذا قال القائل: لو كان في جهــة؛ لكانت قديمة معه. قـيل له: هذا إذا أريد بالجهة أمرٌ موجود سواه؛ فالله ليس في جهة بهذا الاعتبار.
    وإذا قال: لو رُئِيَ؛ لكان في جهة، وذلك محال. قيل له: إن أردت بذلك: لكان في جهة موجودة؛ فذلك محال؛ فإنَّ الموجود يمكن رؤيته، وإن لم يكن في موجود غيره؛ كالعالم، فإنه يمكن رؤية سطحه وليس هو في عالم آخر. وإن قال: أردت أنه لابدَّ أنَّ يكون فيما يسمى جهة، ولو معدوماً؛ فإنه إذا كان مبايناً للعالم؛ سمي ما وراء العالم جهة. قيل له: فلم قلت: إنه إذا كان في جهة بهذا الاعتبار كان ممتنعاً؟ فإذا قال: لأنَّ ما باين العالم ورُئي لا يكون إلا جسماً أو متحيزاً؛ عاد القول إلى لفظ الجسم والمتحيز كما عاد إلى لفظ الجهة. فيقال له: المتحيز يراد به ما حازه غيره. ويراد به ما بان عن غيره فكان متحيزاً عنه، فإن أردت بالمتحيز الأول؛ لم يكن سبحانه متحيزاً؛ لأنه بائن عن المخلوقات، لا يحوزه غيره، وإن أردت الثاني؛ فهو سبحانه بائن عن المخلوقات، منفصل عنها، ليس هو حالاً فيها، ولا متحداً بها؛ فبهذا التفصيل يزول الاشتباه والتضليل)

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,629

    افتراضي رد: ما حكم من يقول ( الله كان ولا مكان ).للإمام الألباني رحمه الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    فنقول قال العلماء أن باب الإخبار اوسع من باب الصفات]وهذه الألفاظ كما أسلفنا إنما تستعمل في باب الإخبار ولا تستعمل في باب الأسماء والصفات.
    ولذلك لما اعترض الخطابي على استعمالها بقوله: "وزعم بعضهم أنه جائز أن يقال له تعالى حد لا كالحدود كما نقول يد لا كالأيدي فيقال له: إنما أُحْوِجْنَا إلى أن نقول يد لا كالأيدي لأن اليد قد جاء ذكرها في القرآن وفي السنة فلزم قبولها ولم يجز رَدُّها. فأين ذكر الحد في الكتاب والسنة حتى نقول حد لا كالحدود، كما نقول يد لا كالأيدي؟! فرد شيخ الإسلام ابن تيمية على قول الخطابي من وجوه منها:
    "أن هذا الكلام الذي ذكره إنما يتوجه لو قالوا: إن له صفة هي الحد، كما توهمه هذا الراد عليهم.وهذا لم يقله أحد، ولا يقوله عاقل؛فإن هذا الكلام لا حقيقة له؛ إذ ليس في الصفات التي يوصف بها شيء من الموصوفات -كما وصف باليد والعلم- صفة معينة يقال لها الحد، وإنما الحد ما يتميز به الشيء عن غيره من صفته وقدره"
    و إطلاق السلف للحد لهم فيه استعمالان:
    الاستعمال الأول: في حال الإثبات.
    ومن الآثار الواردة في ذلك ما رواه الخلال بسنده عن محمد بن إبراهيم القيسي، قال: "قلت لأحمد بن حنبل: يحكى عن ابن المبارك -وقيل له: كيف نعرف ربنا؟ - قال: في السماء السابعة على عرشه بحد. فقال أحمد: هكذا هو عندنا".
    وعن حرب بن إسماعيل قال: "قلت لإسحاق -يعني ابن راهويه-: هو على العرش بحد؟ قال: نعم بحد".
    وذكر عن ابن المبارك قال: "هو على عرشه بائن من خلقه بحد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن كثيراً من أئمة السنة والحديث1 أو أكثرهم يقولون إنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه بحد".
    الاستعمال الثاني: في حال النفي.
    قال حنبل: "قلت لأبي عبد الله: ما معنى قوله {وَهُوَ مَعَكُم} ، و {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ} ؟. قال: علمه محيط بالكل، وربنا على العرش بلا حد ولا صفة"
    وفي رسالة الإصطخري قال الإمام أحمد: "والله عز وجل على عرشه ليس له حد، والله أعلم بحده".
    "توضيح المسألة"
    أما الاستعمال الأول: فهو استعماله في حال الإثبات.
    فقد استعمل في مسألة إثبات علو الله على خلقه وتميزه وانفصاله عنهم وعدم اختلاطه بهم أو حلوله فيهم، فلما زعم الجهمية أن الخالق في كل مكان وأنه غير مباين لخلقه ولا متميز عنهم، قال بعض أئمة السلف: إن الله سبحانه عالٍ على خلقه، مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، وذكروا الحد، لأن الجهمية زعموا أنه ليس له حد وما لا حد له لايباين المخلوقات ولا يكون فوق العالم.
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
    "ولما كان الجهمية يقولون ما مضمونه إن الخالق لا يتميز عن الخلق فيجحدون صفاته التي تميز بها، ويجحدون قَدْرَهُ؛ حتى يقول المعتزلة إذا عرفوا أنه حي، عالم، قدير: قد عرفنا حقيقته وماهيته، ويقولون إنه لا يباين غيره. بل إما أن يصفوه بصفة المعدوم؛ فيقولوا: لا داخل العالم ولا خارجه، ولا كذا ولا كذا. أو يجعلوه حالاً في المخلوقات أو وجوده وجود المخلوقات.
    فبين ابن المبارك أن الرب سبحانه وتعالى على عرشه مباين لخلقه منفصل عنه، وذكر الحد. لأن الجهمية كانوا يقولون ليس له حد، وما لا حد له لا يباين المخلوقات ولا يكون فوق العالم لأن ذلك مستلزم للحد".
    وبناءً على ما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية فقد أثبت السلف الحد لما في إثبات هذا اللفظ من رد على الجهمية فيما زعموا، ولما في معنى (الحد) من إثبات مباينة الله لخلقه، وعلوه عليهم، واستوائه على عرشه.
    وإن كان السلف يقولون إنه حد لا يعلمه إلا الله.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن نقل الآثار الواردة عن السلف في إثبات الحد:
    "فهذا وأمثاله مما نقل عن الأئمة، كما قد بسط في غير هذا الموضع، وبينوا أن ما أثبتوه له من الحد لا يعلمه غيره، كما قال مالك وربيعة وغيرهما: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، فبين أن كيفية استوائه مجهولة للعباد، فلم ينفوا ثبوت ذلك في نفس الأمر، ولكن نفوا علم الخلق به، وكذلك مثل هذا في كلام عبد العزيز بن عبد الله بن الماجشون وغير واحد من السلف، والأئمة ينفون علم الخلق بقدره وكيفيته"
    الاستعمال الثاني: استعماله في حال النفي
    وذلك في مسألة نفي الإحاطة بالله علماً وإدراكاً، فلا منازعة بين أهل السنة بأن الله تعالى غير مدرك الإحاطة والخلق عاجزون عن الإحاطة به، فهم لا يستطيعون أن يحدوا الخالق جل وعلا، أو يُقَدِّرُوه، أو يبلغوا صفته، فمن نفى الحد على هذا المعنى فهو مصيب.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "المحفوظ عن السلف والأئمة إثبات حد لله في نفسه، وقد بينوا مع ذلك أن العباد لا يحدونه ولا يدركونه، ولهذا لم يتناف كلامهم في ذلك كما[ يظنه بعض الناس،][وكأن شيخ الاسلام بن تيمية يصف بعض اهل عصرنا] فإنهم نفوا أن يَحُد أحدٌ الله".
    وقال أيضاً: "وقوله بلا حد ولا صفة" نَفَى به إحاطة علم الخلق به، وأن يحدوه أو يصفوه على ما هو عليه، إلا بما أخبر عن نفسه، ليبين أن عقول الخلق لا تحيط بصفاته، كما قال الشافعي في خطبة "الرسالة": "الحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه" ولهذا قال أحمد: "لا تدركه الأبصار بحد ولا غاية" فنفى أن يدرك له حد أو غاية".
    وهذا [المحفوظ] عن السلف والأئمة من إثبات حد لله في نفسه قد بينوا مع ذلك أن العباد لا يحدونه ولا يدركونه؛[هذا الكلام من شيخ الاسلام مهم جدا] ولهذا لم يتناف كلامهم في ذلك [كما يظنه بعض الناس،] فإنهم نفوا أن يحد أحد الله كما ذكره حنبل عنه في كتاب السنة والمحنة.
    وقد رواه الخلال في "كتاب السنة" أخبرني عبد الله بن حنبل حدثني حنبل بن إسحاق، قال: قال عمي: "نحن نؤمن بالله عز وجل على عرشه كيف شاء وكما شاء بلا حد ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد، فصفات الله عز وجل منه وله، وهو كما وصف نفسه، لا تدركه الأبصار بحد ولا غاية، وهو يدرك الأبصار، وهو عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، ولا يدركه وصف واصف، وهو كما وصف نفسه، وليس من الله شيء محدود، ولا يبلغ علمه وقدرته أحد، غلب الأشياء كلها بعلمه وقدرته وسلطانه، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وكان الله قبل أن يكون شيء، والله الأول، وهو الآخر، ولا يبلغ أحد حد صفاته، فالتسليم لأمر الله والرضا بقضائه، نسأل الله التوفيق والسداد، إنه على كل شيء قدير.
    وذلك أن لفظ (الحد) عند كل من تكلم به يراد به شيئان:
    يراد به حقيقة الشيء في نفسه
    ويراد به الوجود العيني أو الوجود الذهني
    فأخبر أبو عبد الله أنه على العرش بلا حد يحده أحد أو صفة يبلغها واصف، وأتبع ذلك بقوله: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} بحد ولا غاية،[ وهذا التفسير الصحيح للإدارك:] أي لا تحيط الأبصار بحده ولا غايته؛ ثم قال: {وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} وهو عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، ليتبين أنه عالم بنفسه وبكل شيء.
    وقال الخلال: "وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلا حدثهم، قال: سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى "أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا" و"أن الله يضع قدمه" وما أشبه هذه الأحاديث، فقال أبو عبد الله: نؤمن بها، ونصدق بها ولا كيف، ولا معنى، ولا نرد منها شيئاً، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق إذا كانت بأسانيد صحاح، ولا نرد على الله قوله، ولا يوصف بأكثر مما وصف به نفسه ولا حد ولا غاية، ليس كمثله شيء.
    قال: وقال حنبل في موضع آخر قال: ليس كمثله شيء في ذاته، كما وصف به نفسه، فقد أجمل تبارك وتعالى بالصفة لنفسه فحد لنفسه صفة، ليس يشبهه شيء، فيعبد الله بصفاته غير محدودة ولا معلومة إلا بما وصف نفسه، قال تعالى {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير} .
    قال: وقال حنبل في موضع آخر: قال: فهو سميع بصير بلا حد ولا تقدير، ولا يبلغ الواصفون صفته، وصفاته منه وله، ولا يتعدى القرآن والحديث، فنقول كما قال، ونصفه كما وصف نفسه، ولا يتعدى ذلك، ولا تبلغه صفة الواصفين، نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت،[مهم جدا] وما وصف به نفسه من كلام ونزول وخلوه بعبده يوم القيامة ووضعه كنفه عليه، هذا كله يدل على أن الله يُرى في الآخرة،[ والتحديد في هذا بدعة،][مهم جدا] والتسليم لله بأمره بغير صفة ولا حد إلا ما وصف به نفسه، سميع بصير، لم يزل متكلماً، عالماً غفوراً، عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، فهذه صفات وصف بها نفسه لا تدفع ولا ترد، وهو على العرش بلا حد، كما قال {ثُمَّ اسْتَوى عَلَى العَرْش} كيف شاء، المشيئة إليه عز وجل، والاستطاعة له {لَيْسَ كَمِثلِهِ شَيء} وهو خالق كل شيء، وهو كما وصف نفسه، سميع بصير بلا حد ولا تقدير، قول إبراهيم لأبيه: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ} فثبت أن الله سميع بصير صفاته منه، لا تعدى القرآن والحديث والخبر، يضحك الله ولا نعلم كيف ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيت القرآن، ولا يصفه الواصفون، ولا يحده أحد، تعالى الله عما يقول الجهمية والمشبهة".
    بارك الله فيكم، فباب الإخبار تكون فيه ألفاظ لم ترد في الشرع ولكن لتأكيد المعنى الشرعي الصحيح.
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,948

    افتراضي رد: ما حكم من يقول ( الله كان ولا مكان ).للإمام الألباني رحمه الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم، فباب الإخبار تكون فيه ألفاظ لم ترد في الشرع ولكن لتأكيد المعنى الشرعي الصحيح.
    نعم أحسنت بارك الله فيك
    قال شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله
    فالفرق بين مقام المخاطبة ومقام الإخبار فرق ثابت بالشرع والعقل، وبه يظهر الفرق بين ما يدعى الله به من الأسماء الحسنى، وبين ما يخبر به عنه عز وجل مما هو حق ثابت، لإثبات ما يستحقه سبحانه من صفات الكمال، ونفي ما تنزه عنه عز وجل من العيوب والنقائص، فإنه الملك القدوس السلام، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً . الدرء(1/298)،

    وقال شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله
    وَأَمَّا الْإِخْبَارُ
    فَهُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ؛ فَإِذَا احْتِيجَ فِي تَفْهِيمِ الْغَيْرِ الْمُرَادَ إِلَى أَنْ يُتَرْجَمَ أَسْمَاؤُهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، أَوْ يُعَبَّرَ عَنْهُ بِاسْمٍ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُحَرَّمًا)). الجواب الصحيح (5/7-8) .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •