قال البخاري: «*مَنْ *زَعَمَ *أَنِّي *قُلْتُ: *لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ ، فَهُوَ كَذَّابٌ ، فَإِنَّى لَمْ أَقُلْهُ». شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (2/ 396)
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: «*بَعْضُ *أَهْلِ *الْغَرَضِ نَسَبَ الْبُخَارِيَّ إلَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَرَضِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَالَ عَنِّي أَنِّي قُلْت لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَذَبَ». مجموع الفتاوى (12/ 572)
قال أبو عبد الله: حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب، فهو كلام الله ليس بخلق قال الله {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت:٤٩]، ... قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور:١ - ٣]، وَقَالَ: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج:٢١ - ٢٢]، فَذَكَرَ أَنَّهُ يُحْفَظُ وَيُسْطَرُ قَالَ: {وَمَا يَسْطُرُونَ}خلق أفعال العباد (ص: ٤٧).
قال الامام ابن القيم:
"وأبو عبد الله البخاري ميّز وفصل وأشبع الكلام في ذلك، وفرّق بين ما قام بالرب وبين ما قام بالعبد، وأوقع المخلوق على تلفّظ العباد وأصواتهم وحركاتهم وأكسابهم، ونفى اسم الخلق عن الملفوظ وهو القرآن الذي سمعه جبرائيل من الله تعالى، وسمعه محمد من جبرائيل، وقد شفى في هذه المسألة في كتاب (خلق أفعال العباد) وأتى فيها من الفرقان والبيان بما يزيل الشبهة، ويوضح الحق، ويبين محله من الإمامة والدين، وردّ على الطائفتين أحسن الرد"مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: ٥١٣)
قال الحافظ الذهبي:
"وأما البخاري، فكان من كبار الأئمة الأذكياء، فقال: ما قلتُ: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، وإنما حركاتهم وأصواتهم وأفعالهم مخلوقة، والقرآن المسموع المتلو الملفوظ المكتوب في المصاحف كلام الله، غير مخلوق. وصنف في ذلك كتاب (أفعال العباد) مجلد، فأنكر عليه طائفة، وما فهموا مرامه كالذهلي، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وأبي بكر الأعين، وغيرهم" سير أعلام النبلاء (١١/ ٥١١).
قال الحافظ الذهبي:
«وقد قال *البخاري في الحكاية التي *رواها *غنجار في (تاريخه) حدثنا خلف بن محمد بن إسماعيل، سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر النيسابوري الخفاف ببخارى يقول: كنا يوما عند أبي إسحاق القيسي، ومعنا محمد بن نصر المروزي، فجرى ذكر محمد بن إسماعيل *البخاري، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله». سير أعلام النبلاء – ط الرسالة (12/ 457)
قال الحافظ ابن حجر:
«*قَدْ *صَحَّ *عَنْهُ أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ فَقَالَ كُلُّ مَنْ نَقَلَ عَنِّي أَنِّي قُلْتُ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَذَبَ عَلَيَّ وَإِنَّمَا قُلْتُ أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ أَخْرَجَ ذَلِكَ *غُنْجَارٌ *فِي تَرْجَمَةِ الْبُخَارِيِّ من تَارِيخ بخارا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ». فتح الباري لابن حجر (13/ 535)
قال القسطلاني:
«وقد *ثبت *عن *البخاري *أنه *قال من نقل عني أني قلت *لفظي بالقرآن مخلوق فقد كذب، وإنما قلت إن أفعال العبادة مخلوقة». شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (10/ 458)
قال ناصر الدين ابن المنير:
«وَالَّذِي *صَحَّ *عَن *البُخَارِيّ – رَحمَه الله – أَنه سُئِلَ عَن اللَّفْظ، وضايقه السَّائِل فَقَالَ: *أَفعَال *الْعباد كلهَا مخلوقة. وَكَانَ يَقُول مَعَ ذَلِك: الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق». المتواري على أبواب البخاري (ص46)
نقل ابن أبي يعلى عن البخاري:
«القرآن من أوله إلى آخره: كلام الله، ليس شئ منه مخلوق. ومن قال: إنه مخلوق، أو شئ منه مخلوق: فهو كافر. ومن زعم أن لفظه بالقرآن مخلوق: فهو *جهمى *كافر». طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (1/ 279 ت الفقي)
ثناء العلماء على االامام البخارى
قال يحيى بن جعفر: لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموته ذهاب العلم.
سئل قتيبة مرة عن طلاق السكران فقال: هذا أحمد بن حنبل وابن المديني وابن راهويه قد ساقهم الله إليك، وأشار إلى محمد بن إسماعيل البخاري. قال نعيم بن حماد: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة. وقال أبو سهل الشافعي: دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة ورأيت علماءها، كلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم، وقال سمعت أكثر من ثلاثين عالـمًا من علماء مصر يقولون: حاجتنا من الدنيا النظر في تاريخ محمد بن إسماعيل. قال سليم بن مجاهد: لو أن وكيعًا وابن عيينة وابن المبارك كانوا في الأحياء لاحتاجوا إلى محمد بن إسماعيل. قال إمام الأئمة ابن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحفظ له من محمد بن إسماعيل. قال الإمام مسلم للبخاري مرة: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله. قال أبو عيسى الترمذي: لم أر بالعراق، ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ، ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل. قال الحافظ أبو عمرو الخفاق: محمد بن إسماعيل أعلم بالحديث من إسحاق بن راهوية، وأحمد بن حنبل، وغيرهما بعشرين درجة، ومن قال فيه شيئًا فمني عليه ألف لعنة، فإن محمدًا هو التقي النقي العالم، الذي لم أر مثله. قال عبد الله بن حماد: وددت أني شعرة في صدر محمد بن إسماعيل.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: «ولو فتحت باب ثناء الأئمة عليه ممن تأخّر عن عصره، لفنى القرطاس، ونفدت الأنفاس، فذاك بحر لا ساحل له».
عقيدة الإمام البخاري رحمه الله هي عقيدة السلف الصالح القائمة على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.
وهذا يُعلم من كتبه كصحيح البخاري، وخلق أفعال العباد، ومجمل الاعتقاد الذي رواه عنه اللالكائي وغيره.
لأجـاهــدن عـــداك مــــا أبقـيـتـنـي **ولأجــعــلــن قـتـالــهــم ديـــدانـــي
ولأفضحنـهـم عـلـى رؤوس الـمـلا **ولأفــريـــن أديــمــهــم بـلـســانــي
ولأكشـفـن سـرائـر خـفـيـت عـلــى **ضـعـفـاء خـلـقــك مـنـهــم بـبـيــان
ولأتبعـنـهـم الـــى حـيــث انـتـهــوا **حــتـــى يــقـــال أبــعـــد عــبـــادان
ولأرجـمـنـهـم بــأعـــلام الــهـــدى **رجــم الـمـريـد بـثـاقـب الشـهـبـان
ولأقـعـدن لـهــم مـراصــد كـيـدهـم **ولأحـصـرنــهــ م بـــكـــل مـــكــــان
ولأجـعـلــن لـحـومـهــم بـعـسـاكــر **ليـسـت تـفـر اذا التـقـى الـزحـفـان
بعـسـاكـر الـوحـيـيـن والـفـطــرات **والمعـقـول والمنـقـول بـالاحـسـان
حين يبين لمن له عقل من الأولى **بــحــكــم الــعــقــول والــبــرهـــان
ولأنـصــحــن الله ثـــــم رســـولـــه** وكــتــابــه وشـــرائـــع الايـــمـــان
ان شــاء ربــي ذا يـكـون بـحـولـه **ان لـــم يـشــأ فــالأمــر لـلـرحـمـن
قال ابن عثيمين رحمه الله فى الشرحولأفضحنـهـم عـلـى رؤوس الـمـلا **ولأفــريـــن أديــمــهــم بـلـســانــي
أفضحهم على رؤوس الملا، وأفري أديمهم يعني جلودهم بلساني، يعني بما أبينه من الحق الذي يدحض باطلهم.