باب في أحكام التيمم من الشرح الممتع سؤال وجواب
أم محمد الظن
باب في أحكام التيمم
المتن
وهُو بَدَلُ طهارَةِ الماءِ إِذا دخلَ وقتُ فريضةٍ أو أُبيحَت نافلةٌ وعَدِمَ الماء أو زادَ على ثَمَنه كثيراً، أو ثَمَنٍ يُعْجِزُهُ، أَوْ خَافَ باسْتِعْمَالِهِ أو طَلَبِهِ ضَرَرَ بَدَنِهِ .. أو رفيقه، أو حرمته، أو مالِه بعطش، أَوْ مَرَضٍ، أو هلاكٍ، ونَحْوه شُرعَ التَّيمُّمُ، ومَنْ وَجَدَ مَاءً يَكْفي بعضَ طُهرِه تيمَّم بعد اسْتِعمالِه،. وَمَنْ جُرِحَ تَيَمَّمَ لَهُ وَغَسَلَ البَاقي ويَجبُ طلبُ الماءِ في رَحْلِه، وقُرْبِه، وبِدلالةٍ، فإن نَسِيَ قدرتَه عليه وتيمَّم أعادَ، وإِن نَوى بتيمُّمِهِ أَحداثاً .. أَوْ نَجَاسَةً على بدنِه تضُرُّهُ إزالتُها، أوْ عَدِمَ ما يُزيلها،. أوْ خَافَ بَرْداً، أَوْ حُبسَ في مِصْرٍ فَتَيَمَّم، أو عَدِم الماءَ والترابَ صلَّى، ولم يُعِدْ. ويَجبُ التيمُّمُ بِتُرابٍ طَهُورٍ غير محتَرقٍ له غُبار وفُرُوضُه: مَسْحُ وَجْههِ، ويَديْه إِلى كُوعَيْه، وكذا التَّرتيبُ والمُوالاةُ في حَدَثٍ أصْغَر. وتُشْتَرطُ النيةُ لما يَتَيَمَّمُ له مِنْ حَدَثٍ، أو غَيْرِه. فإِن نَوَى أحدَها لم يُجْزئه عَنْ الآخر، وإِن نَوى نَفْلاً، أو أطلقَ لم يُصَلِّ به فَرْضاً، وإِن نواه صلَّى كُلَّ وقتِهِ فُرُوضاً ونَوافلَ. ويبْطُلُ التيمُّمُ بخروجِ الوَقْتِ،.. وبمبطلات الوُضُوء، وبوجُودِ الماءِ، ولو في الصَّلاَةِ،. لا بَعْدَهَا والتَّيمُّمُ آخِرَ الوقتِ لراجِي الماءِ أَوْلَى.
وصِفَتُه: أَنْ يَنْوِيَ ثُمَّ يُسَمِّيَ، ويَضرِب التُّرابَ بِيَدَيْه ...
______________________________ __________________
وهُو بَدَلُ طهارَةِ الماءِ..............
س" مالمقصود بالتيمم لغة وشرعا؟
التَّيمُّم لغةً: القصد.
وشرعاً: التَّعبُّد لله تعالى بقصد الصَّعيد الطَّيِّب؛ لمسْحِ الوجه واليدين به.
مالدليل علي أن التيمم من خصائص أمة محمد _صلي الله عليه وسلم؟
التيمم من خصائص هذه الأمَّة لِمَا رواه جابر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «أُعطيتُ خمساً لم يُعْطَهُنَّ نبيٌّ من الأنبياء قَبْلي: نُصِرت بالرُّعب مسيرة شَهْر، وجُعِلتْ لي الأرضُ مسجداً وطَهوراً، فأيّما رَجُلٍ مِنْ أُمَّتي أَدْرَكَتْه الصَّلاةُ فَلْيُصلِّ...»، متفق عليه،
س ماسبب نزول آية التيمم؟
سببُ نزول آية التيمُّم ضياعُ عِقْد عائشة رضي الله عنها التي كانت تتجَمَّل به للنَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وكان هذا العِقد عارية، فلما ضاع بقيَ الناس يطلبونه، فأصبحوا ولا ماء معهم، فأنْزَلَ الله آية التَّيمُّم، فلما نَزَلَتْ بَعَثُوا البعير، فوجدوا العِقد تحته؛ فقال أُسيد بن حضير رضي الله عنه: «ما هي بأوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يا آل أبي بكر»[( رواه البخاري، كتاب التيمم].
س" هل التيمم أصل أم بدل ومالدليل؟
التيمم ليس أصْلاً؛ لأن الله تعالى يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة:6] فهو بدلٌ عن أصلٍ، وهو الماء.
س"مافائدة قولنا: «إِنه بدل» ومالدليل؟
أنه لا يُمكن العمل به مع وجود الأصل؛ وإلا فهو قائم مقامه، ولكن هذه الطَّهارة إِذا وُجِدَ الماء بطلت، وعليه أن يغتسل إِن كان التَّيمُّم عن غُسْل، وأن يتوضَّأ إِن كان عن وُضُوء،.
والدَّليل على ذلك:
1- حديث عمران بن حُصين رضي الله عنه الطَّويل، وفيه قوله صلّى الله عليه وسلّم للذي أصابته جنابة ولا ماء: «عليك بالصَّعيد فإنه يكفيك»، ولمَّا جاء الماءُ قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «خُذْ هذا وأفرغْه عليك.) فدلَّ على أنَّ التَّيمُّم يَبْطُلُ بوجود الماء.
2- قوله صلّى الله عليه وسلّم: «الصَّعيد الطيّب وُضُوء المسْلم، وإِن لم يَجِد الماء عَشر سنين، فإِذا وجَدَ الماء فَلْيَتَّقِ الله ولْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ، فإِن ذلك خيرٌ»[( رواه ـ بهذا اللفظ والسِّياق ـ البزار [«مختصر زوائد البزار» لابن حجر، رقم (193)] من حديث ابن سيرين، عن أبي هريرة.)].
س"هل التيمم رافِع للحَدَثِ، أو مُبيح لما تَجِبُ له الطَّهارة؟
اختُلِف في ذلك:
1-فقال بعض العلماء: إِنه رافع للحَدَثِ.
وهو ماصوبه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله. الدليل
1- لقوله تعالى لمَّا ذكر التيمم: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } [المائدة: 6] .
2- وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «وجُعِلَت لي الأرضُ مسجداً وطَهوراً»، والطَّهور بالفتح: ما يُتَطَهَّر به.
3- ولأنَّه بَدَل عن طهارة الماء، والقاعدة الشَّرعيَّة أنَّ البَدَل له حُكْم المُبْدل، فكما أنَّ طهارة الماء تَرفعُ الحَدَثَ فكذلك طهارة التَّيمُّم.
2-وقال آخرون: إِنه مُبيح لما تجب له الطَّهارة
ِإذا دخلَ وقتُ فريضةٍ أو أُبيحَت نافلةٌ ............
س" عددي شروط التيمم؟
1-دخول الوقت، أو إِباحة النَّافلة،: وهذا هو الشَّرط الأول لِصِحَّة التَّيمُّم، وهذا مبنيٌّ على القول بأنه مبيح لا رافع وهو المذهب، فيقتصر فيه على الضَّرورة، وذلك بأن يكون في وقت الصَّلاة.
س: مالمراد بقوله أو أُبيحت نافلة؟
وقوله: «أو أبيحَت نافلةٌ». أي: صار فِعْلها مباحاً، وذلك بأن تكون في غير وقت النَّهي، فإِذا كان في وقت نَهْيٍ، فلا يتيمَّم لصلاة نَفْل لا تجوز في هذا الوقت.
وقولنا: «لا تجوز في هذا الوقت»، احترازاً مما يجوز في هذا الوقت من النَّوافل كَذَوات الأسباب ـ على القول الرَّاجح ـ وهذا مبنيٌّ على القول بأنَّه مبيح لا رافع.
والصَّواب: أنه رافع، فمتى تيمَّم في أيِّ وقتٍ صحَّ، وقد سبق بيانه.
وعَدِمَ الماء أو زادَ على ثَمَنه كثيراً، أو ثَمَنٍ يُعْجِزُهُ، أَوْ خَافَ باسْتِعْمَالِهِ أو طَلَبِهِ ضَرَرَ بَدَنِهِ .
2--«عدم الماء» ، أن يكون غيرَ واجِدٍ للماء لا في بيته، ولا في رَحْلِه، إن كان مسافراً، ولا ما قَرُبَ منه.
3- «أو زاد على ثَمَنه كثيراً» ، أي: إِذا وجد الماء بثمن زائد على ثمنه كثيراً عَدَل إِلى التَّيمُّم، ولو كان معه آلاف الدَّراهم. وعلَّلوا: أن هذه الزِّيادة تجعله في حُكْم المعدوم.
والصَّواب: أنه إِذا كان واجداً لثمنه قادراً عليه وَجَبَ عليه أن يشتريه بأيِّ ثمن،
والدَّليل على ذلك: قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة: 6] ، فاشترط الله تعالى للتَّيمُّم عَدَم الماء، والماء هنا موجود، ولا ضرر عليه في شِرائه لِقُدْرَته عليه، وأمَّا كون ثمنه زائداً فهذا يرجع إلى العَرْض والطَّلب، أو أن بعض النَّاس ينتَهِز حاجَةَ الآخرين فيرفع الثَّمن.
4- «أو ثَمَن يعجزه» ، أي لا يَقْدر على بَذْلِه بحيث لا يكون معه ثَمنه، أو معه ثَمن ليس كاملاً، فَيُعتبر كالعَادِم للماء فيتيمَّم.
5- «أو خاف باسْتِعْمالِه: فإذا تضرَّر بَدَنُه باستعماله الماءَ صار مريضاً، فيدخل في عموم قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} الآية [المائدة: 6] .
كما لو كان في أعضاء وُضُوئه قُروح، أو في بَدَنِه كُلِّه عند الغُسْل قُروح وخاف ضَرَر بَدَنِه فله أن يتيمَّم.
وكذا لو خاف البرْد، فإِنه يُسخِّن الماء، فإِن لم يَجِد ما يسخِّن به تيمَّم؛ لأنَّه خَشِيَ على بَدَنِه من الضَّرر، وقد قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] . واستدلَّ عمرو بن العاص رضي الله عنه بهذه الآية على جواز التَّيمُّم عند البَرْد إِذا كان عليه غُسْل[(رواه البخاري تعليقاً بصيغة التمريض، كتاب التيمم: باب «إذا خاف الجنب على نفسه المرض...» رقم (345)،)].
6- «أو طلبِه ضرَرَ بدنِهِ»، أي: خاف ضَرَرَ بَدَنِه بطلَبِ الماء، لبُعْدِه بعض الشيء، أو لِشدَّة برودة الجَوِّ، فيتيمم.
والدَّليل على هذا:
قوله سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] وقوله: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] ، وقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] :
وخَوْفُ الضَّرر حَرَجٌ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا ضَرَرَ، ولا ضِرَار»( رواه أحمد (5/326 ـ 327)،).
أو رفيقه، أو حرمته، أو مالِه بعطش، أَوْ مَرَضٍ، أو هلاكٍ، ونَحْوه ........
7- «أو رفيقه» ، أي: خاف باستعمال الماء أو طَلَبِه ضَرَرَ رفيقه.
مثال ذلك: أن يكون معه ماء قليل ورُفْقَة، فإِن استعمل الماء عطِشَ الرُّفْقَة وتضرَّروا، فنقول له: تيمَّم، ودَع الماء للرُّفْقَة.
وظاهر قوله: «أو رفيقه» أنه يشْمل الكافر والمسلم، لكن بِشَرط أن يكون الكافر معصوماً، وهو الذِّمِّي، والمُعَاهد، والمُسْتَأْمِن.
8-- «أو حرمته» ، أي: خاف باستعمال الماء أو طلبِه ضرر امرأته، أو من له ولاية عليها من النِّساء.
9- «أو مالِه» ، أي: خاف باستعمال الماء أو طلبه تضرُّر ماله، كما لو كان معه حيوان، وإِذا استعمل الماء تضرَّر، أو هَلَكَ.
قوله: «بِعَطَشٍ» ، متعلِّق بـ«ضَرر»، أي: ضرر هؤلاء بعطش.
قوله: «أو مَرَضٍ» ، مثاله: أن يكون في جِلْدِه جروح تتضرَّر باستعمال الماء.
قوله: «أو هَلاكٍ» ، كما لو خاف أن يموت من العَطَشِ.
قوله: «ونَحْوه» ، أي: من أنواع الضَّرر.
شُرعَ التَّيمُّمُ، ومَنْ وَجَدَ مَاءً يَكْفي بعضَ طُهرِه تيمَّم بعد اسْتِعمالِه،...... ....
س: مالمراد بقوله شُرِعَ؟
أي وجب التيمم لما تجب له الطَّهارة بالماء كالصَّلاة،و يستُحبَّ لما تستحبُّ له الطَّهارة بالماء؛ كقراءة القرآن دون مَسِّ المصحَف.
س" مالحكم «فيمن وجدَ ماءً يكْفي بعضَ طُهره مع التمثيل ؟
1- المؤلِّف: يَجمع بين الطَّهارة بالماء والتَّيمُّم.
مثاله: عنده ماء يكفي لغَسْل الوَجْه واليدين فقط؛ فيجب أن يستعمل الماء أولاً؛ فيغسِل وجهه ويديه، ثم يتيمَّم لما بَقِيَ من أعضائه.
2- بعض العلماء: لا يجمع بين طهارة الماء وطهارة التَّيمُّم،
3-آخرون: إِنه يستعمل الماء مطلقاً، فيما يقدر عليه ولا يتيمَّم .
والصَّواب: ما ذهب إِليه المؤلِّف، وربما يُسْتَدلُّ له بما رُويَ عن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم في حديث صاحب الشُّجَّةِ الذي قال فيه الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم: «إِنما كان يكفيه أن يتيمَّم، ويَعْصِبُ على جُرْحِه خِرْقَة، ثم يمسَحُ عليها،) قال الألباني هذا الحديث ضعفه البيهقي والعسقلاني وغيرهما ولكنه له شاهد من حديث ابن عباس يرتقي به إلي درجة الحسن لكن ليس قيه قولهويعصر أو يعصب فهي زيادة ضعيفة منكرة انظر تمام المنة (131_133)
وَمَنْ جُرِحَ تَيَمَّمَ لَهُ وَغَسَلَ البَاقي..........
س ماحكم من كان بأعضائه جُرح يضرُهُ الماء؟
من كان في أعضائه جُرْح، والمراد جُرْح يَضرُّه الماء، تيمَّم لهذا الجُرح وغَسَل باقي الأعضاء، والتَّيمُّم للجُرح لا يُشترَط له فُقدان الماء، فلا حَرَجَ أن يتيمَّم مع وجود الماء.
ماكيفية التيمم والغسل لمن به جُرح؟
إذا كان التيمم في الحدث الأكبر
المذهب: إِذا كان الجُرح في غُسْل الجنابة، فإِنه يجوز أن يتيمَّم قبل الغُسْل، أو بعده مباشرة، أو بعد زَمَنٍ كثيرٍ.لأنهم يَرَون أن الغُسْل لا يُشْترَط له ترتيب ولا مُوالاة فلو بَدَأَ بِغَسْل أعلى بَدَنِه، أو أَسْفَلِه، أو وَسَطِه صَحَّ.
واستدلُّوا بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وهذا يشْمَل البَداءة بأعلى الجِسْم، أو وَسَطِه أو أسْفَلِه. وهو واضح. أما الموالاة في الغُسْل فقد سَبَق الكلام فيها.
وإِذا كان التَّيمُّم في الحَدَثِ الأصغر :
1- المذهب:يُشْترَط فيه التَّرتيب والموالاة.فإِذا كان الجُرْح في اليَدِ وَجَبَ أن تَغْسِل وجهك أولاً، ثم تتيمَّم، ثم تَمْسَح رأسك، ثم تغسِل رجليك.
وقال بعض العلماء: إِنه لا يُشترط التَّرتيب ولا الموالاة، كالحَدَثِ الأكبر, وعلى هذا يجوز التَّيمُّم قَبْل الوُضُوء، أو بعده بِزَمن قليل أو كثير، وهذا الذي عليه عمل النَّاس اليوم، وهو الصَّحيح. اختاره الموفَّق والمجدُ وشيخ الإِسلام ابن تيمية، وَصوَّبه في «تصحيح الفروع».
ويَجبُ طلبُ الماءِ ...........
س" عرف الواجب وماحكمه؟
الواجب: ما أَمَرَ به الشَّارع على سبيل الإِلزام بالفعل.
حكمه: أن فاعله مُثَاب، وتارِكَه مستحِقٌّ للعِقاب، ولا نقول يعاقَب تارِكُه؛ لأنه يجوز أن يعفوَ الله عنه قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 116] .
س: هل طلب الماء واجب ومالدليل؟
نعم طلب الماء واجب والدَّليل على وجوب طلب الماء قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] ، ولا يُقال: لم يَجِد إِلا بعد الطَّلب.
في رَحْلِه، وقُرْبِه، وبِدلالةٍ، فإن نَسِيَ قدرتَه عليه وتيمَّم أعادَ، وإِن نَوى بتيمُّمِهِ أَحداثاً
س" ماهي الأماكن التي يجب عليه طلب الماء فيها؟
1-«في رَحْلِه» ، أي: عند الجماعة الذين معه
2- «وقُرْبِه» ، والقُرب ليس له حَدٌّ محدَّد، فيُرْجَع فيه إِلى العُرْف، والعُرْف يختلف باختلاف الأزمنة. ففي زمَننا وُجِدَت السيَّارات فالبعيد يكون قريباً. وفي الماضي كان الموجود الإِبل فالقريب يكون بعيداً.
فيبحث فيما قَرُبَ بحيث لا يشقُّ عليه طلبه، ولا يفوته وقت الصَّلاة.
3-«وبِدلالةٍ» ، يعني: يجب عليه أن يطلب الماء بدليل يَدُلُّهُ عليه.
فإِذا كان ليس عنده ماء في رحْلِه، ولا يستطيع البحث لِقِلَّةِ معرفته، أو لكونه إِذا ذهب عن مكانه ضاع، فهذا فرضُه الدِّلالة؛ فيَطلُب من غيره أن يَدُلَّه على الماء سواء بمال، أم مجاناً.
س" مالعمل إذا لم يَجِد الماء في رحَلْهِ، ولا في قُرْبِه، ولا بدلالة ومالدليل؟
شُرِعَ له التَّيمُّم.
الدَّليل :على ذلك قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] .
فإن نَسِيَ قدرتَه عليه وتيمَّم أعادَ، وإِن نَوى بتيمُّمِهِ أَحداثاً ....
س:إذا نسي الإنسان قدرته علي الماء وتيمم؟
1- قيل: يُعيد الصَّلاة.
فإِن قيل: كيف يعيد الصلاة وقد قال الله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] .
فالجواب: أن هذا تحصيل شَرْط، والشَّرط لا يسقط بالنِّسيان، ولأنه حَصَلَ منه نوع تفريط، فَلَوْ أنه فكَّر جيداً؛ وتروَّى في الأمْرِ لَتَذكَّر.
2-وقيل: لا يُعيد[(انظر: «الإِنصاف» (2/202))]، لأنَّه لم يقصد مخالفة أمْرِ الله تعالى، فهو حينما صلَّى كان منتهى قدرته أنَّه لا ماء حَوْلَه.
والأَحْوَط: أن يُعيد.
مالمراد بقول العلماء الأحوط؟
العلماء إِذا قالوا الأَحْوَط لا يَعْنُون أنه واجب، بل يَعْنُون أنَّ الورَعَ فعلُه أو تَرْكه؛ لئلاَّ يُعرِّض الإِنسان نفْسَه للعقوبة، وهنا يُفرِّقون بين الحُكْمِ الاحتياطيِّ، والحُكْمِ المجزوم به. ذكر هذا شيخ الإِسلام[(انظر: «مجموع الفتاوى» (21/62)، (25/100، 110).)] رحمه الله.
وإِن نَوى بتيمُّمِهِ أَحداثاً ....
س" مالحكم إِن نَوى بتيمُّمِه أحداثاً؟
أجزأ هذا التَّيمُّم الواحد عن جميع هذه الأحداث، ولو كانت متنوِّعة؛ لأنَّ الأحداث إِمَّا أن تكون من نوع واحد؛ كما لو بال عِدَّة مرَّات فهذه أحداث نَوْعُها واحد وهو البول. أو تكون من أنواع من جِنْس واحد كما لو بال، وتغوَّط، وأكل لحم جَزور، فهذه أنواع من جِنْس واحد وهو الحَدَث الأصغر.
فإِنه يجزئُ، والدَّليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّما الأعمال بالنِّيَّات، وإِنما لكلِّ امرئ ما نَوَى.، والتَّيمُّم عَمَل؛ وقد نَوَى به عِدَّة أحداث فله ما نَوى.
َأوْ نَجَاسَةً على بدنِه تضُرُّهُ إزالتُها، أوْ عَدِمَ ما يُزيلها،......
س:إذا كان علي بدنه نجاسة تضره إزالتها أو عدم مايزيلها؟
1-المؤلف: فيتيمَّم عن نجاسة البَدَن.إذا لم يَقْدِر على إِزالتها، وأما النَّجاسة في الثَّوب، أو البقعة فلا يتيمَّم لها.
والصَّحيح: أنه لا يتيمَّم عن النَّجاسة مطلقاً، .
ومثال نجاسة البُقْعة: كما لو حُبِسَ في مكان نَجِسٍ كالمرحاض، فيتوضَّأ ويصلِّي على حسب حاله، ولا يتيمَّم للنَّجاسة.
أوْ خَافَ بَرْد أو عَدِم الماءَ والترابَ صلَّى، ولم يُعِدْ.
س" إذا خَافَ بَرْداً، باستعماله للماء ؟
قوله: «أو خافَ برْداً» ، يعني: خاف من ضَرَرِ البرد لو تطهَّر بالماء، إِما لكون الماء بارداً ولم يَجِد ما يُسخِّن به الماءَ، وإِما لِوُجود هواء يتضرَّر به، ولم يَجِد ما يتَّقي به فَلَهُ أن يتيمَّم، لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] .
فإِن وَجد ما يُسخِّن به الماءَ، أو يتَّقي به الهواء، وَجَبَ عليه استعمال الماء، وإِنْ خافَ الأذى باستعمال الماء دون الضَّررِ، وجب عليه استعمالُهُ.
أَوْ حُبسَ في مِصْرٍ فَتَيَمَّم،
إذا حُبِسَ في مدينةٍ ولم يجد ماء مع الدليل؟
حبس :أي لم يصل إليه الماء.
المصر: المدينة
وإِن حُبِس في مِصْر، ولم يَجِد ماء، ولا تُراباً صلَّى على حَسَب حاله، ولا إِعادة عليه، ولا يؤخِّر صَلاته حتى يقْدِر على إِحدى الطَّهارتين: الماء، أو التُّراب.
الدَّليل قوله تعالى:
1- {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] ،
2- وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِذا أمَرْتُكم بأمرٍ فأْتوا منه ما استطعتم.)،
3-وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أيُّما رَجُل من أمَّتي أدْرَكَته الصَّلاةُ فلْيُصَلِّ.) لأنَّ هذا عام، ومن هنا نأخذ أهمِّية المحافظة على الوقت، وأنَّ الوقت أَوْلى ما يكون ـ من شروط الصَّلاة ـ بالمحافظة.
أو عَدِم الماءَ والترابَ صلَّى، ولم يُعِدْ..........
س:إذا حُبِسَ ولم يجد ماءاً ولاتُراباً؟.
فإِنْ عَدِم التُّرابَ كما لو كان في بَرٍّ ليس فيه إِلا رَمْل، أو ليس فيه إِلا طِين لكثرة الأمطار فيصلِّي بلا تيمُّم، لأنَّه عادِم للماء والتُّراب. والدَّليل على ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «وجُعِلت تربتُها لنا طَهُوراً»[(رواه مسلم، كتاب المساجد: الباب الأول، رقم (522) من حديث حُذيفة.وفي رواية: «وجُعِل التُّراب لي طَهُوراً»[(رواه ابن أبي شيبة، كتاب الفضائل: ب)].
والصَّحيح: أنَّه لا يختصُّ التَّيمُّم بالتُّراب، بل بِكلِّ ما تصاعد على وجه الأرض،.
والدَّليل على ذلك:
1 ـ قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] ، والصَّعيد: كلُّ ما تصاعد على وجه الأرض، والله سبحانه يَعْلَم أنَّ النَّاس يطْرُقون في أسفارهم أراضي رمليَّة، وحجريَّة، وتُرابيَّة، فلم يخصِّص شيئاً دون شيء.
2 ـ أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم، في غزوة تبوك مَرَّ برِمالٍ كثيرة، ولم يُنقل أنَّه كان يحمِل التُّراب معه، أو يصلِّي بلا تيمُّم.
ويَجبُ التيمُّمُ بِتُرابٍ ............
س: مالذي يجب التيمم به؟
وله: «ويَجبُ التيمُّمُ بتُرابٍ» ، هذا بيان لما يُتيمَّم به. وقد ذكر المؤلِّفُ له شروطاً:
الشرط الأول: كونه تراباً، والتُّراب معروف، وخرج به ما عداه من الرَّمل، والحجارة وما أشبه ذلك.
والصَّحيح: أنَّه لا يختصُّ التَّيمُّم بالتُّراب، بل بِكلِّ ما تصاعد على وجه الأرض، والدَّليل على ذلك:
الشَّرط الثَّاني( الطهور). وهو إِشارة إِلى أن التُّراب ينقسم إِلى ثلاثة أقسام:
1- طَهُور.2- طاهر.3- نجِس.
كما أن الماء عندهم ينقسم إِلى ثلاثة أقسام.
فخرج بقوله: «طَهُور» التُّراب النَّجس كالذي أصابه بَوْل، ولم يَطْهُر من ذلك البول، والدَّليل قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] ، والطَّيب ضدُّ الخبيث، ولا نعلَم خبيثاً يُوصَف به الصَّعيد إِلا أن يكون نجساً.
والصَّحيح: أنه ليس في التُّراب قِسْم يُسمَّى طاهراً غير مطهِّر كما سبق في الماء[(733)].
الشَّرط الثَّالث من شروط المتيمَّم به.(غير محترق): فلو كان محترِقاً كالخَزَفِ والإِسمنت، فلا يجوز التَّيمُّم به. وهذا ضعيف،.
والصَّواب: أنَّ كلَّ ما على الأرض من تُراب، ورَمْل، وحجر محتَرِق أو غير محتَرِق، وطين رطب، أو يابس فإِنه يُتيمَّم به.
الشَّرط الرَّابع: «له غبار» ، من شروط المتيمَّم به
والصَّحيح: أنه ليس بشرط، والدَّليل على ذلك:
1- عموم قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] .
2- أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يسافر في الأرض الرمليَّة، والتي أصابها مطر، ولم ينقل عنه ترك التيمُّم.
______________________________ ___