الواحد القهار



من أسماء الله الحسنى ما يدل على العظمة والكبرياء والوحدانية، يقول ابن باز -رحمه الله عز وجل- في هذه الأسماء في معنى الإحصاء: «والحذر من مثل الجبار والقهار»، فكما تبعث بعض الأسماء على الاطمئنان والحب مثل (الودود والعفو والرحيم)، تبعث الأسماء الأخرى على الخوف، فيحقق العبد غاية الحب مع غاية الخوف من الله عز وجل.
- «الواحد» كم مرة ورد في كتاب الله؟!
- ورد اسم الله (الواحد) ست مرات في كتاب الله مقترنا دائما بـ(القهار)، يقول تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } (يوسف:39).
{وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (إبراهيم:48).
{أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ۚ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} (الرعد:16).
{وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} (ص:65).
{هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} (الزمر:4).
{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (غافر:16).
ووحدته وقهره سبحانه متلازمان، فالواحد لا يكون إلا قهارا، والقهار لا يكون إلا واحدا، وذلك ينفي الشريك له من كل وجه.
كان صاحبي يبحث في معاجم اللغة قبل أن أطلب إليه.
- اسمع ما ورد في كتب اللغة.
«قهر» غلب و(القهر) الغلبة والأخذ من فوق، فهو سبحانه الغالب لجميع المخلوقات و(القهار)، صيغة مبالغة من اسم الفاعل «القاهر» والفرق بين (القاهر) و(القهار) أن (القاهر)هو الذي له علو القهر الكلي المطلق على جميع المخلوقات وعلى اختلاف تنوعهم، فهو قاهر فوق عباده له علو القهر مقترنا بعلو الشأن والفوقية.
و(الواحد) اسم فاعل للموصوف بالواحدية أو الوحدانية، فعله وحد يوحد وحادة وتوحيدا ووحده توحيدا جعله واحدا، والواحد سبحانه هو المنفرد الذي لا يفتقر إلى غيره فهو سبحانه كان ولا شيء قبله، ووجود المخلوقات لم يزده كمالا كان مفقودا أو يزيل نقصا كان موجودا.
و«الأحد» هو اسم بُني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول: ما جاء بي «أحد». والهمزة فيه بدل الواو وأصله (وحد).
كان صاحبي يقرأ مستمتعا بتفصيل اللغة، مع أني على يقين أنه لم يفهم بعض المصطلحات، استوقفته:
- وماذا عن كتب التفسير؟
يقول الله تعالى في ذلك اليوم -يوم القيامة- بعد فناء الخلق «لمن الملك اليوم؟» فلا أحد يجيبه فيجيب نفسه «لله الواحد القهار» الذي قهر الخلق بالموت.
والملك لله في الدنيا والآخرة؛ لكن في ذلك اليوم يظهر ملكوت الله عزّ وجلّ وأمره، ويتبين أنه ليس هناك آمر في ذلك اليوم إلاّ الله عزّ وجلّ.. (ابن عثيمين).
{وما من إله إلا الله الواحد القهار}، وما من معبود تصلح له العبادة وتنبغي له الربوبية إلا الله الذي يدين له كل شيء، ويعبده كل خلق، الواحد الذي لا ينبغي أن يكون له في ملكه شريك، القهار لكل ما دونه بقدرته. (الطبري).



اعداد: د. أمير الحداد