شيخ الاسلام الامام ابو عبد الله محمد بن عبد الوهاب مجدد دين هذه الأمة في القرن الثاني عشر الهجري
يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله -:
وفي أثناء القرن الثاني عشر ظهر بنجد مِن أحبار الأمة وساداتها مَن يدعو إلى توحيد الله بالعمل والعبادة،
وإفراده بالقصد والإرادة،
ويجدِّد ما اندرس من أصول الملَّة وقواعد الدين،
ودعا إلى مذهب السلف والأئمة السابقين، في إثبات صفات الله رب العالمين،
ونفى عن آيات الصفات وأحاديثها تأويل الجاهلين، وإلحاد المحرِّفين، وزيغ المبطلين.
قرَّر ذلك بأدلته وقوانينه الشرعية،
وحكى نصوص الأئمة وإجماع الأمة؛ بالنقل عن العدول الأثبات، الذين عليهم مدار أحكام الدين في نقل أصوله وفروعه،
وأجمعت الأمة على هدايتهم ودرايتهم
، حتى ظهر المذهب وانتشر، وعرَفه كثير من أهل الفقه وحذَّاق البشر، ومن له نهمة في طلب العلم والأثر،
وقد كان قبل ذلك مهجورًا بين الناس، لا يعرفه منهم إلاَّ النُّزَّاع من الأكياس
. وقرَّر توحيد العبادة بأدلته القرآنية، وبراهينه النبوية،
ونهى عن التعلُّق على غيرالله محبةً وإنابةً، وتعظيمًا وخوفًا، ورجاءً وتوكلاً، ونحو ذلك من أنواع التعلقات
. وقرَّر أن هذا حق الله لا يصلح لسواه من نبي أو ملك أو صالح أو غيرهم، وبسط القول في ذلك وأطنب وعلَّل، ومثَّل وجادل وناضل،
حتى ظهرت الحجَّة، واستبانت المحجَّة،
فاستجاب له من أراد الله هدايته، وسبقت له السعادة،
وصدّ عنه آخرون وعارضوه بشبهات ترجع إلى شبهات إخوانهم وأشباههم الذين كفروا من قبل،
وعارضوا الرسل بجهلهم
كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ
فمحا الله بدعوته شعار الشرك ومشاهِده،
وهدم بيوت الكفر والشرك ومعابده،
وكبت الطواغيت والملحدين،
وألزم مَن ظهر عليه من البوادي وسكان القرى بماجاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -
من التوحيد والهدى،
وكفَّر من أنكر البعث واستراب فيه من أهل الجهالة والجفاء،
وأمر بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وترك المنكرات والمسكرات،
ونهى عن الابتداع في الدين،
وأمر بمتابعة سيد المرسلين والسلف الماضين، في الأصول والفروع من مسائل الدين،
حتى ظهر دين الله واستعلن،
واستبان بدعوته منهاج الشريعة والسنن،
وقام قائم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
وحُدَّت الحدود الشرعية،
وعزرت التعازير الدينيَّة،
وانتصب عَلَمُ الجهاد،
وقاتل لإعلاء كلمة الله أهلَ الشرك والفساد،
حتى سارتْ دعوته، وثبت نصحه لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم،
وجمع الله به القلوب بعد شتاتها، وتألَّفت بعد عداوتها،
وصاروا بنعمة الله إخوانًا،
فأعطاهم الله بذلك من النصر والعزِّ والظهور ما لا يعرف مثله لسكان تلك الفيافي والصخور،
وفتح عليهم الأحساء والقطيف،
وقهروا سائر العرب من عمان إلى عقبة مصر، ومن اليمن إلى العراق والشام،
دانت لهم عربُها وأعطوا الزكاة،
فأصبحت نجد تُضْرب إليها أكباد الإبل في طلب الدين والدنيا،
وتفتخر بما نالها من العزّ والنصر والإقبال والسنا،
كما قال عالم صنعاء وشيخها:
قِفِي وَاسْأَلِي عَنْ عَالِمٍ حَلَّ سُوحَهَا بِهِ يَهْتَدِي مَنْ ضَلَّ عَن مَنْهَجِ الرُّشْدِ
مُحَمَّدٌ الهَادِي لِسُنَّةِ أَحْمَدٍ فَيَا حَبَّذَا الهَادِي وَيَا حَبَّذَا المَهْدِي
لَقَدْ سَرَّنِي مَا جَاءَنِي مِنْ طَرِيقَةٍ وَكُنْتُ أَرَى هَذِي الطَّرِيقَةَ لِي وَحْدِي
وقال عالم الأحساء وشيخها:
لَقَدْ رَفَعَ المَوْلَى بِهِ رُتْبَةَ العُلَى بِوَقْتٍ بِهِ يَعْلُو الضَّلاَلُ وَيُرْفَعُ
تَجُرُّ بِهِ نَجْدٌ ذُيُولَ افْتِخَارِهَا
وَحُقَّ لَهَا بِالأَلْمَعِيِّ تَرَفُّعُ وهذا في أبيات لانطيل بذكرها،
وقد شهد غيرهما بمثل ذلك واعترفوا بعلمه وفضله وهدايته
"مصباح الظلام"